الثلاثاء، 29 نوفمبر 2011

11 ème année, N°4170 du 29 .11.2011


التونسية:جلسة محاكمة المتهمين في قضية شهداء تالة و القصرين: تاجيل القضية الى 12 ديسمبر ورفض مطالب الافراج المؤقت عن المتهمين رويترز:قوات الامن التونسية تحتج مع بدء اولى محاكمات مسؤولين أمنيين

المصدر:رجال أمن للمصدر: هناك مخاطر أمنية تحدق باستقرار تونس

كلمة:وقفة احتجاجية لعمال قناة حنبعل

بناء نيوز:وقفة احتجاجية ضد « بقايا رموز الفساد » أمام بلدية حمّام الأنف

السبيل:هنية يدعو رئيس الوزراء التونسي لزيارة غزة

التونسية:هل يشهد مؤتمر إتحاد الشغل رقما قياسيا في الترشحات؟

التونسية:الإستماع إلى شهادة « عبد السلام جراد » في قضية تمويلات رئاسية

بيان من الدكتور محمد الهاشمي الحامدي للإعلان عن تكوين تيار سياسي مستقل ينشط في تونس يحمل اسم « تحالف تونس الجميلة »

التونسية: »الشابي » ينافس « المرزوقي  » على رئاسة الجمهورية ؟

كلمة:قوى الأغلبية في التأسيسي تتفق على صلاحيات رئيس الجمهورية

نورالدين المباركي:حركة النهضة بن الانفتاح و الهيمنة

محفوظ البلدي:حجيج تونس, من القرصنة والتبييض إلى الانتقام والتشفي

منير حداد:د. مصطفى بن جعفر كما عرفته

نصرالدين السويلمي:الجمهوريّة الأولى ام الثانية…؟

يسري الساحلي:الوجع العربي الواحد و الفرح العربي القادم

يسرى بن ساسي:نحو دور انساني أشمل للمرأة

منتدى الكرامة لحقوق الإنسان:بيان عام حول ملاحظة الإنتخابات التشريعية ل25-11-2011

عبد الباري عطوان:سورية والذي تريد اخفاءه

الدكتور الحبـــيــــب الجنحانــــي:المواطـــنــــة والحــــريــــة

بلال الحسن:الدبلوماسية العربية التي تحتاجها فلسطين

عريب الرنتاوي:قطار المصالحة على السكة… حذار من الانزلاق

د. فيصل القاسم:الثقافة العربية عائق أمام دولة القانون (2)


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


تابعواجديد أخبارتونس نيوزعلى الفايسبوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141



*- انكار المتهمين: تواصلت الجلسة الى الساعة الخامسة مساء و شهدت استنطاق كل المتهمين الحاضرين من مسؤولين و قيادات امنية و ركز خلالها رئيس الجلسة على مسؤولية كل واحد منهم و موقع تواجده اثناء احداث تالة و القصرين و مرجع نظره و من هو تحت امراته و من الذين يحملون السلاح الذي اطلق منه الرصاص الحي على الشهداء و الجرحى .. فانكروا جميعهم التهم المنسوبة اليهم و تمسكوا بانهم لا يعرفون بالتحديد من اطلق النار و انه لم تكن لديهم اوامر باستعمال الرصاص الحي .. من ذلك ان وزير الداخلية السابق رفيق الحاج قاسم قال ان دوره اداري بحت و مهمته التنسيق بين مختلف المديرين العامين و القادة الامنيين و انه تراس ثلاثة اجتماعات لخلية الازمة التي أنشئت لمتابعة الاحتجاجات التي عرفتها الجهة في تلك الفترة و فيها ممثلون عن الداخلية و الدفاع و الامن الرئاسي و الحماية المدنية .. و قال انه لم يكن على الميدان و لم يعط أي تعليمات باطلاق النار على المتظاهرين . *- تقديم اعلام نيابة: قام محامو جهة القصرين بتقديم اعلام نيابة عن المتضررين و طالبوا بتاجيل القضية من اجل الاطلاع على الوثائق و اعداد محاضر الدفاع. *- تاجيل القضية الى يوم 12 ديسمبر: كما طالب محامو المتهمين بالتاجيل و قدموا مطلبا شكليا في الافراج المؤقت عن موكليهم فقررت المحكمة تاجيل القضية الى يوم 12 ديسمبر القادم .. ثم رفعت الجلسة و دخلت هيئة المحكمة في مشاورات للنظر في مطلب الافراج المؤقت عن المتهمين و الى حد هذه اللحظة قبل ان تقرر رفض جميع مطالب الافراج عن المتهمين. (المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<



تونس (رويترز) – تظاهر يوم الاثنين مئات من قوات الشرطة في تونس للضغط على الحكومة المقبلة لتحسين ظروف عملهم وضمان اجراء محاكمات عادلة لمسؤولين في جهاز الامن تبدأ يوم الاثنين محاكماتهم بتهم قتل متظاهرين اثناء الثورة التونسية التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وبدأت يوم الاثنين في مدينة الكاف اولى جلسات محاكمة عسكرية لمسؤولين أمنيين كبار على رأسهم بن علي واخرين رهن الاحتجاز من بينهم وزير الداخلية الاسبق رفيق بلحاج قاسم وعلي السرياطي مدير أمن الرئيس السابق بن علي بتهم قتل متظاهرين.
وتجمع منذ الصباح مئات من قوات الشرطة بالزي الرسمي امام مقر المحكمة العسكرية بباب سعدون بالعاصمة للمطالبة بمحاكمات عادلة. ورفعوا لافتات كبرى كتبوا عليها « لا لكبش الفداء لا للمحاكمات الشعبية » و »شهداء الامن من يأخذ حقهم » ورددوا شعار « قناصة قناصة » في اشارة على ما يبدو الى ان القناصة الذين قتلوا ثوارا هم من جهاز الجيش وليس من الامن.
وتوجه المتظاهرون الى ساحة القصبة قرب مقر وزارة الدفاع في اكبر اشارة على الخلاف بين الجهاز الامني والجهاز العسكري في البلاد. واستمر احتجاج اعوان الامن لنحو ساعة وامتنعوا عن حماية محاكم العاصمة طيلة المدة الاحتجاجية قبل ان يعودوا الى عملهم بعد ذلك.
وقالت النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي ان هذا الاحتجاج يأتي « استنكارا منها لاشكال التهميش والتعاطي السلبي الذي توخته كل الاطراف الفاعلة في البلاد وعلى رأسها رئيس المجلس الوطني التأسيسي وكافة أعضاء هذه المؤسسة التشريعية والسلطة القضائية مع مشاغل هذا السلك. » ويعتبر ملف محاسبة قتلة شهداء الثورة التونسية من اهم التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



أعادت المحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بالكاف النظر في قضية ما يعرف بشهداء تالة والقصرين، والتي أحيل بمقتضاها 22 متهما من ضمنهم الرئيس المخلوع ووزيرين سابقين للداخلية ومجموعة من أعوان الأمن الداخلي والذين ينتمون إلى أصناف ورتب مختلفة.
وكانت المحكمة قد نظرت في هذه القضية يوم 17 نوفمبر الحالي ورفضت الطعن بالتعقيب الذي تقدم به المتهمون في قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالكاف. وتزامنا مع إعادة النظر في هذه القضية اليوم 28 نوفمبر 2011، قررت نقابة قوات الأمن الداخلي الدخول في احتجاج أمام كامل المحاكم العسكرية والمدنية بالتراب التونسي. كما قررت عدم تأمين الجلسات بالمحاكم المدنية للمطالبة بمقاضاة عادلة لزملائهم الموقوفين وضبط إطار قانوني يوضح بكل دقة صلاحياتهم ويضمن لهم حقوقهم عند قيامهم بواجبهم. واحتشد عدد غفير من رجال الشرطة اليوم الاثنين أمام المحكمة العسكرية بتونس، في إشارة قوية إلى أنهم لن يتنازلوا عن الدفاع عن حق زملائهم الموقوفين للتمتع بمحاكمة عادلة. وصرحت للمصدر مصادر أمنية تنمي لقوات الأمن الداخلي (البوب) بأنّ هذا الاحتجاج سيتواصل إذا ما لم يحظ زملائهم بالعدالة الكافية أثناء محاكمتهم العسكرية.
وحذّر أحدهم من أنّ الأجواء الأمنية بالبلاد قد تتأزم أكثر إذا تمّ مقاضاة زملائهم أمام المحاكم العسكرية مقاضاة سياسية وغير مرتكزة على براهين موثوقة.
وأشار نفس المصدر، رافضا ذكر إسمه، إلى أنّ تواصل احتجاج قوات الأمن الداخلي سيكون له عواقب وخيمة على أمن البلاد وسيكون له استتباعات خطيرة على استقرارها.
ويحمل العديد من رجال الأمن شارات حمراء في أيديهم في احتجاج اليوم والذي قد يتواصل إذا ما لم تشعر النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي بقية الإطارات والأعوان بأنّ الأمور ماضية نحو الانفراج. مع العلم أنّ رجال الأمن قاموا بتأمين حدّ أدنى من الخدمة وباشروا عملهم كالمعتاد في مراقبة الأوضاع الأمنية وحماية المنشآت العمومية التي تشهد بعض الاعتصامات والاحتجاجات.
واليوم قامت وحدات أمنية بالعاصمة بحماية مقرّ فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي التونسي، بعدما احتشد أمامهما مئات المعتصمين من جهتي المظيلة وأم العرائس للمطالبة بإلغاء نتائج المناظرة، التي أوقدت أعمال عنف كبيرة بولاية قفصة منذ أيام.
من جهة أخرى، طالب بعض أعوان الأمن في هذا الاحتجاج بضرورة مراجعة قانون عدد 4، الذي يحدد مسؤوليات رجال الأمن وكيفية معالجتهم للحالات التي تتطلب التدخل.
وقال أحدهم للمصدر إنّ أعوان الأمن لا يشعرون بالأمان أثناء عملهم، مشيرا إلى أنّ قانون عدد 4 لم يقع تفعيله ولا يعطي ضمانة كافية لرجال الأمن للقيام بواجبهم الأمني دون ملاحقتهم فيما بعد. ويقول « يجب تفعيل قانون عدد 4 حتى يتسنى لنا كرجال أمن معرفة واجباتنا بكل دقة وضبط حدودنا حتى لا نتعرض عند معالجتنا في الحالات التي تقتضي التدخل للمحاسبة بتهمة تجاوز السلطة ». واقترح أحدهم بأن يصاحب حاكم التحقيق كل فرقة أمنية تقوم بتغطية الاحتجاجات أو المظاهرات، حتى يتسنى له مراقبة نشاطها باعتباره يمثل القضاء وتسجيل كل ما يدور على أرض الواقع تجنبا لأي تأويل أو تهم قد تلصق باطلا فيما بعد برجال الأمن، حسب قوله.
إلى ذلك، اشتكى العديد من رجال الأمن من أوضاعهم المادية المتردية التي لا تكفيهم حسب قولهم لمجابهة ارتفاع كلفة المعيشة ولا تعكس المخاطر التي يتعرضون إليها خلال عمليات التمشيط التي يقومون بها عند ملاحقة المجرمين والفارين من السجون…
كما انتقدوا بعض سلوكيات المواطنين الذين مازال بعضهم لا ينظرون بايجابية إلى رجل الأمن ويتعاملون معه وكأنه مجرد أداة لقمع المظاهرات وفض الاعتصامات… وتنذر الاعتصامات والاحتجاجات الأخيرة التي تفجرت في تونس في العديد من المناطق بمخاطر حقيقية في فترة استثنائية وحساسة تمرّ بها تونس بعد الانتخابات. وستواجه الحكومة المقبلة الكثير من التحديات العاجلة أهمها إعادة الهدوء والاستقرار الأمني للبلاد، التي فرّ منها العديد من المستثمرين الأجانب وتدهور فيها قطاع السياحة وتكاثر فيها المعطلين عن العمل.  
خميس بن بريك (المصدر: موقع المصدرالإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



نظم اليوم كل العاملين بقناة حنبعل من صحفيين و تقنيين وقفة احتجاجية أمام مقر القناة للمطالبة بتحسين وضعياتهم المهنية و التنديد بسياسة التهميش والإقصاء التي يعانون منها. و انطلقت الوقفة على الساعة العاشرة صباحا لتتواصل إلى السادسة مساءا من هذا اليوم أمام تهديد المحتجين بمواصلة احتجاجهم إن لم تتحقق مطالبهم مع اعتذارا رسميا من مدير القناة. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



حمّام الأنف – بناء نيوز. نفّذ اليوم الاثنين 28 نوفمبر عدد من أهالي مدينة حمّام الأنف وقفة احتجاجية ومطلبية أمام قصر بلدية المكان.
أغلب المحتجين كانوا من الشبان، بعضهم من سكان بعض الأحياء المهمشة وبعضهم الآخر من تجار السوق البلدية الذين يعانون أوضاعا مهنية ومعيشية صعبة. وتمثل المطلب المركزي لهؤلاء في هذا الشعار « لا لرموز الفساد في بلدية حمام الأنف ». وانتقد المحتجون عناصر من البلدية ذكروهم بالاسم مع التركيز على الكاتب العام للبلدية (ف. ع.).
وعبّر ممثلون للمحتجين من المتساكنين ومن تجار السوق عن نفاد صبرهم من « الوعود الفارغة » من قبل رئيس البلدية ومن ضياع « مشاورات طويلة » سدى.
وبلور الغاضبون مطالبهم في خمسة أساسية: استرجاع ممتلكات البلدية المنهوبة من عقارات ومقرات وأراضي مفوت فيها من مجهولين؛ مراجعة معلوم الكراء البلدي من سوق أسبوعية وسوق بلدية وغيرهما؛ فتح تحقيق حول كل ملفات الفساد والرشوة والمحسوبية بالبلدية؛ إقالة رموز الفساد بالبلدية وعلى رأسهم الكاتب العام؛ منح الأولوية في التشغيل لأبناء حمام الأنف بعيدا عن المحسوبية.
وأكد المحتجون أنهم سائرون في التصعيد السلمي إلى ان تتحقق مطالبهم ويتم إنقاذ مدينتهم التي تدهورت أحوالها لسنوات طويلة وتحولت، كما قال البعض، « من مدينة البايات إلى مدينة الفضلات ».  
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



غزة ـ (قدس برس)
دعا إسماعيل هنية، رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة، رئيس الوزراء التونسي، حمادي الجبالي، إلى زيارة قطاع غزة.
جاء ذلك خلال اتصال أجراه هنية مع الجبالي، حيث هنأه بـ « انتصار الإرادة الشعبية التونسية من خلال نجاح الانتخابات وتشكيل حكومة برئاسته »، مشيداً بروح التوافق التي تعم تونس. وأكد على العلاقات التي تجمع بين فلسطين وتونس آملاً تطورها، ومتمنياً الخير لتونس وشعبها، داعياً في الوقت ذاته الجبالي لزيارة فلسطين.
ومن جهته؛ شكر الجبالي هنية على اتصاله، مشيداً بصمود شعب فلسطين الذي قال إنه « كان ملهماً لشعب تونس وكل الشعوب العربية للتحرر من الظلم والطغيان »، وهنأ رئيس الحكومة في غزة بصفقة التبادل، وداعياً إياه لزيارة تونس. (المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 2011)

<



تشهد ساحة محمد علي حركية كبيرة مرتبطة بموعد مهم في تاريخ الإتحاد العام التونسي للشغل والمتمثل في المؤتمر العادي الذي سينعقد من 26 إلى 28 ديسمبر القادم بطبرقة . وبحسب المعطيات الأولية فإن المؤتمر سيشهد ترشحات قياسية أمام خروج تسعة أعضاء من المكتب التنفيذي الوطني وقد علمنا أن العمل جاري الآن للبحث عن قائمة وفاقية تكون محل إجماع اهم الحساسيات الفكرية داخل إتحاد الشغل. ويبدو أن الوفاق مازال غير مطروحا لحد الآن رغم المساعي التي تقوم بها عدة جهات من اجل تقريب وجهات النظر خصوصا وان المرحلة القادمة تتطلب وحدة نقابية لمواجهة تحديات المرحلة القادمة.  
غازي بن مبروك
(المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<



تولى ظهر هذا اليوم قاضي التحقيق بالمكتب الثالث بالمحكمة الإبتدائية بتونس الإستماع إلى شهادة الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل عبد السلام جراد في قضية تمويلات من مؤسسة الرئاسة وكانت إدارة رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس المخلوع قد خصصت مبالغ مالية هامة إلى قطاعات حيوية بالبلاد التونسية يجهل مصيرها إلى أشخاص آخرين ولذويهم وتكفلها بمصاريف علاجهم وأقتنيت لهم سيارات ويجدر التذكير أن المتهم الرئيسي في هذه القضية هو الرئيس المخلوع . (المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<


بسم الله الرحمن الرحيم لندن: السبت 1 محرم 1433 هجرية الموافق 26 نوفمبر 2011 ميلادي

بيان من الدكتور محمد الهاشمي الحامدي للإعلان عن تكوين تيار سياسي مستقل ينشط في تونس يحمل اسم « تحالف تونس الجميلة »


يسرني أن أعلن، متكلا على الله سبحانه وتعالى ومستعينا به، اليوم السبت 1 محرم 1433 هجرية، الموافق لـ26 نوفمبر 2011 ميلادي، عن تأسيسي لتيار سياسي جديد، أو بعبارة أكثر دقة: تحالف سياسي جديد، ينشط في الساحة السياسية التونسية، يسعى للمساهمة في تحقيق أهداف الثورة التونسية وتعزيز مبادئ الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية في البلاد، ويشارك في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية المقبلة، والمواعيد الإنتخابية الأخرى التي تليها في المستقبل إن شاء الله، ويحمل هذا التيار الجديد اسم « تحالف تونس الجميلة ».
إن « تحالف تونس الجميلة » هو الإطار السياسي الجديد التي أقترحه على الشعب التونسي العزيز بوجه عام، وعلى أنصار تيار العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية بوجه خاص، وأؤكد أن باب الإنضمام إليه والمشاركة فيه مفتوح أمام الشخصيات الوطنية المستقلة، والأحزاب والجمعيات السياسية، التي ترغب في المشاركة في خدمة تونس وبناء مستقبلها بالمبادئ الفكرية والبرامج العملية لهذا التيار. ويسرني، في هذا السياق، أن أعرّف الرأي العام التونسي بمبادئ « تحالف تونس الجميلة ». إنها كما يلي:
1 ـ يستمد « تحالف تونس الجميلة » مبادئه وبرامجه من تعاليم الإسلام، ومن أشواق الحرية التي تغنى بها الشاعر الفذ أبو القاسم الشابي صاحب قصيدة « تونس الجميلة »، ومن التقاليد البريطانية في احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان وضمان الرعاية الإجتماعية للمواطنين.
2 ـ يعبر « تحالف تونس الجميلة » عن الأهداف والشعارات التي نادى بها برنامج « الحلم العربي » في قناة المستقلة، وهي: انتخابات حرة، كرامة، عدالة، ديمقراطية، حرية، اتحاد، شورى، والسعي لإنشاء الولايات العربية المتحدة.
3 ـ يترجم « تحالف تونس الجميلة » هذه المرجعيات والشعارات في برنامج عملي يحقق أهداف الثورة التونسية، أهم عناصره: 1 ـ الدفاع عن التقاليد الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والمساواة بين جميع المواطنين امام القانون. 2 ـ احترام الهوية العربية الإسلامية لتونس وكفالة الحريات الدينية لجميع المواطنين. 3 ـ اعتماد نظام الصحة المجانية. 4 ـ اعتماد نظام صرف منحة البطالة للعاطلين عن العمل. 5 ـ كفالة التنقل المجاني للمسنين. 6 ـ إنشاء ديوان المظالم. 7 ـ إنشاء ديوان الزكاة. 8 ـ إعادة العمل بنظام الأوقاف. 9 ـ إنشاء وزارة للعمال التونسيين في الخارج. 10 ـ إنشاء مؤسسة عالمية في القيروان لخدمة السيرة النبوية. 11 ـ إنشاء مؤسسة في القصرين لصناعة الحاسوب والسيارات والطائرات. 12 ـ وإنشاء مؤسسة وطنية لمساعدة الشباب على الزواج وتشجيع مؤسسة العائلة ومكارم الأخلاق.
4 ـ العناصر الأساسية في برنامج « تحالف تونس الجميلة » المذكورة في البنود السابقة من هذا الإعلان، هي العناصر التي تعطي التحالف شخصيته وهويته المستقلة في الساحة السياسية. وتضاف إليها بالطبع برامج وأهداف عملية واضحة في مجالات التشغيل والإستثمار والتنمية والتعليم والبيئة وضمان الأمن والأمان في جميع ربوع البلاد، وفي بقية المجالات التي تهم الدولة والمجتمع.
5 ـ « تحالف تونس الجميلة » موجه بالأساس إلى جميع أفراد الشعب التونسي العزيز بدون استثناء، من بنزرت إلى تطاوين، وهم وحدهم بعد الله عز وجل، شرط نجاحه في المستقبل. ولمزيد من التوضيح أقول لجميع أفراد الشعب التونسي العزيز إنهم ليسوا بحاجة للإنضمام إلى أي حزب أو جمعية كشرط للإنتماء لـ »تحالف تونس الجميلة ». هذه المبادرة الجديدة هي ثمرة تواصلي معكم في الشهور الماضية، وهدفها الأول خدمة البلاد، وتمكين كل مواطن تونسي، من خدمة البلاد بواسطة هذا التحالف ومن خلال برنامجه. في بريطانيا، عدد أعضاء حزب المحافظين الحاكم أقل من 300 ألف شخص، بينما تعداد السكان أكثر من 60 مليون نسمة، والذين أعطوا أصواتهم للحزب في الإنتخابات يعدون بالملايين. إذن، يا ابن بلدي، ويا بنت بلدي: لستما بحاجة لدخول أحزاب، ودفع اشتراكات، وتمويل مكاتب حزبية، لتكونا عضوين وشريكين في « تحالف تونس الجميلة ». كل فرد، كل رجل أو امرأة في تونس، يمكنه أن يكون عنصرا أصيلا في « تحالف تونس الجميلة » إذا آمن بمبادئه وأهدافه، وسعى للتعريف به وكسب الأنصار له، ومنحه صوته في الإنتخابات.
6 ـ بصفتي صاحب هذه المبادرة الجديدة، مبادرة « تحالف تونس الجميلة »، أوجه الدعوة لجميع الشخصيات الوطنية والأحزاب والجمعيات السياسية التونسية، التي تتفق مع مبادئ هذا التحالف، المبينة بوضوح في البنود السابقة، والراغبة في الإنضمام إليه، إلى أن تتصل بي بشكل مباشر لتأكيد رغبتها هذه، إما عبر الفاكس ورقمه (00442088382997) أو عبر البريد الإلكتروني وهو (info@alhachimi.net). وسأعلن في الفترة المقبلة إن شاء الله عن أسماء هيئة تنسيق وطنية تطوعية، تعمل تحت قيادتي، للتنسيق بين الراغبين في العمل ضمن « تحالف تونس الجميلة ».
كما سأعلن أيضا، في وقت قريب إن شاء الله، وبناء على التفويض الشعبي الذي عبرت عنه الإنتخابات السابقة، عن تشكيل حكومة ظل، تضم كفاءات وطنية قادرة على إدارة البلاد بشكل فوري إذا فاز « تحالف تونس الجميلة » بالأغلبية في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة.
ـ أخيرا أقول: إنه لضمان توفير فرص نجاح أقوى وأكبر لهذا التحالف الجديد، ولتجنب أخطاء وقعت في مسيرة تيار العريضة الشعبية في الفترة الماضية، وحتى لا ينضم أناس مغرضون للتحالف الجديد لفترة من الزمن للإستفادة من شعبيته، ويترشحون باسمه في الإنتخابات، ثم ينشقون عنه ويزعمون للرأي العام أنهم أصحاب مبادرة « تحالف تونس الجميلة » أو شركاء في تأسيسها، وحرصا مني على سد أبواب الفرقة والإنقسام والتنازع منذ البداية، وحماية أصوات الشعب من أن تضيع منه في الإنتخابات المقبلة كما جرى في الأسابيع القليلة الماضية، أوضح لجميع المواطنين والأحزاب والجمعيات السياسية، الراغبين في الإنضمام لـ »تحالف تونس الجميلة »، أوضح لهم منذ البداية أنني أسست هذه المبادرة وأعلنت عنها بطلب وإلحاح من كثير من التونسيين الذين يحسنون الظن بي، ويطلبون مني الترشح لقيادة البلاد في الإنتخابات المقبلة وتنفيذ برنامج المبادرة. إن هذه المبادرة هي آلية سياسية تتيح الفرصة لتحقيق هذا الطلب الشعبي، وهذه الرغبة الشعبية، وهي رغبة أكدها فوز برنامج العريضة الشعبية في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
إنني أضع هذه التوضيحات الصريحة في بيان التأسيس والإعلان لـ »تحالف تونس الجميلة »، ليكون كل راغب في الإنضمام إليه على بينة من أمره، وليعلم منذ البداية أنني أسست هذه المبادرة في لندن، وأعلنت عنها من لندن، وسأقودها من لندن بحول الله وبعونه. وأضيف: سيبقى قرار عودتي للبلاد قرارا شخصيا، أختار موعده وحدي، وأعلنه في الوقت الذي أراه مناسبا إن شاء الله.
وضعت كل هذه التوضيحات ليبتعد عن الإنضمام لـ « تحالف تونس الجميلة » كل من يرفض العمل مع الدكتور محمد الهاشمي الحامدي وتحت قيادته لخدمة البلاد بهذا البرنامج، أو يرفض العمل معه لأنه (أي الدكتور محمد الهاشمي الحامدي) مقيم في لندن. الإنضمام لـ « تحالف تونس الجميلة » اختياري وحر وطوعي. لذلك فإنه لا يمكن لفرد أو حزب أو جمعية أن ينضم بإرادته الطوعية واختياره الحر لـ »تحالف تونس الجميلة » ثم ينشق عنه في المستقبل ويقول للناس إنه شريك في تأسيسه، أو إنه يؤيد « تحالف تونس الجميلة » ويؤيد برنامجه وفي نفس الوقت يرفض مؤسسه وقائده الدكتور محمد الهاشمي الحامدي ويعاديه، أو يتجرأ على التحدث باسم « تحالف تونس الجميلة » أو يدعي تمثيله بعد الخروج منه والإنشقاق عليه .
وأعلم الجميع أنني طلبت من الأخ الأستاذ الهاشمي الحذيري المحامي لدى محكمة التعقيب في تونس توثيق الإعلان عن هذه المبادرة بشكل رسمي، وضمان حماية حقوقي في الملكية الفكرية والأدبية والسياسية لمبادرة « تحالف تونس الجميلة ». وقد قام بذلك مشكورا. (انتهى نص بيان الإعلان عن مبادرة « تحالف تونس الجميلة »)

<



من المنتظر أن يعقد المجلس الوطني التأسيسي جلسة عامة أواخر الأسبوع الجاري لتعيين رئيس الجمهورية وتزكيته .
ومن المتوقع أن ينافس السيد أحمد نجيب الشابي (الحزب التقدمي الديمقراطي) .
الدكتور المنصف المرزوقي مرشح حزب المؤتمر من أجل الجمهورية على هذا المنصب .
وبذلك قد يعاد سيناريو الثلاثاء الماضي عندما ترشحت السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للتقدمي لتنافس الدكتور المنصف بن جعفر مرشح حزب التكتل اليمقراطي من أجل العمل والحريات على منصب رئاسة المجلس الوطني التأسيسي الذي تحصل على 145 صوتا مقابل 68 صوتا للسيدة مية الجريبي من جملة 212 صوتا (غياب عضوين وإلغاء ورقتين ) .
(المصدر: صحيفة « التونسية » الإلكترونية(تونس) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<



اتفقت القوى التي تمثل الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي، حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، على أن لا يكون منصب رئيس الجمهورية خاليا من معناه، وذلك بتحديد صلاحياته. وقال عبد الوهاب معطر لموقع « الصباح نيوز » أن الاتفاق تطرق إلى أكثر من ثلاث نقاط أساسية تتعلق بضبط السياسة الخارجية لأن رئيس الجمهورية هو ممثل الدولة خارجيا، وتكفله بممارسة مهمة قائد القوات المسلحة وتعيين المناصب العليا المدنية والعسكرية باقتراح من رئيس الحكومة.
وأضاف عبد الوهاب معطر أن هذا الاتفاق جاء اثر توقع قوى الأغلبية، عدم تطرق لجنة تنظيم السلط العمومية إلى تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى عدم الوقوع في إفراغ منصب رئيس الجمهورية من معناه.
ومن المنتظر أن تقدم اليوم اللجنتين مشروع قانون النظام الداخلي وتنظيم السلط العمومية لتتم المصادقة عليهما، قبل إعلان رئيس المجلس التأسيسي لموعد الجلسة العامة وانتخاب رئيس الجمهورية وتعيين رئيس الحكومة الذي سيتولى تأسيس الحكومة بأمر من رئيس الجمهورية.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



نورالدين المباركي كان بإمكان حركة النهضة باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات أن تؤكد منذ البداية أنها ستقود البلاد في هذه المرحلة المؤقتة بالطريقة التي تراها مناسبة ، دون أن تضطر إلى بعث رسائل اطمئنان و دون أن تؤكد أن الحكومة المؤقتة ستكون حكومة ائتلاف وطني مفتوحة أمام الجميع للمساهمة في إنجاح هذه المرحلة .
لا أحد كان سيلومها على ذلك باعتبارها الحزب الفائز في انتخابات شرعية وبالتالي فإن قيادتها لهذه المرحلة هي قيادة شرعية مصدرها الناخب. لكن أن تدعو حركة النهضة إلى حكومة ائتلاف وطني و إلى الانفتاح على كافة الأطراف ، وفي الوقت ذاته تعمل من أجل الهيمنة على السلطة التنفيذية و التشريعية مما يجعل بقية الأطراف مجرد ديكور ، فهذا غير معقول و غير مقبول.
مؤشرات نزعة الهيمنة المطلقة لحركة النهضة تظهر من خلال ما يلي: – استئثارها بأغلب الوزارات بما في ذلك وزارات السيادة. – السلطة شبه المطلقة لرئيس الحكومة و في المقابل تحديد صلاحيات بقية أعضاء السلطة التنفيذية ( مشروع قانون تنظيم السلط العمومية الذي قدم للمجلس التأسيسي). – نزعة الهيمنة على أشغال المجلس التأسيسي و سيطرتها على اللجان . ربما من حق حركة النهضة أن تستثمر الأغلبية التي حصلت عليها في انتخابات 23 أكتوبر للمحطات المقبلة وهو أمر مشروع و كان يمكن أن يمارسه أي حزب فاز بالأغلبية ، لكن هذا يتناقض مع خطابها الداعي للانفتاح على الجميع و يتناقض مع خصوصية المرحلة التي تمر بها تونس التي تتطلب مشاركة الجميع في إعادة بناء الدولة و مؤسساتها و اقتصادها …مشاركة حقيقية و ليست مشاركة صورية.

<



محفوظ البلدي – كاتب وناشط سياسي كان التبييض أو ما يعرف بغسيل الأموال في تونس ممنهجا، وان اختلفت الإشكال والممرات, رسميا كان أم عبر قنوات عصابات منظمة مدعومة من أعلى هرم السلطة، لم يكن هذا الأمر غريبا على الطواغيت ولكن وجه الغرابة أن تجد قطاعا حيويا قمة في المعاني الروحية وركنا أساسيا مكملا لإسلام التونسي « الحج »، مرتعا ووكرا من أوكار هذه العصابات التي وجدت ضالتها في هذا المواطن الضعيف المتلهف لأداء فريضة الحج، لعله ينعم بفرحة العثور على اسمه في قائمة الفائزين في القرعة أو القائمة المكملة أو ما يعرف بحج العملة الصعبة « دوفيز ». هذا المواطن المقهور لا يفكر أصلا في أمواله التي جمعها فلسا بفلس لسنين طويلة، أين صرفت أو بالأحرى في أي حسابات وضعت ولا في ماهية وطبيعة الخدمات المقدمة إليه، فهو المتعطش لرؤية الكعبة المشرفة ومقام إبراهيم وهو المذنب النادم العائد إلى ربه الراغب في الوقوف بعرفة جبل الرحمة والغفران وهو المتعقب لأثر الرسول وآثاره وزيارة قبره وبيته ومسجده…وما تبقى… عوضا عن هذه الرحلة الروحية الفريدة وفي أغلب الأحيان الوحيدة في حياته، يجد هذا المواطن الضعيف نفسه أمام تحديات كثيرة وشديدة التعقيد، بداية من كبر سنه واستفحال مرضه وجهله وعدم إدراكه لتضاريس المشاعر المقدسة وجغرافيتها، خاصة وهي تعج بالملايين بألوانهم وأجناسهم وثقافاتهم المتعددة والمتباينة، إضافة لعدم توعيته وتكوينه قبل قدومه إلى الأراضي المقدسة وتنبيهه لضرورة التقيد بالبرامج والأنظمة وإتباع الأفواج المحددة لكل حاج. تتحول هذه الرحلة النبيلة، حلم العمر وحصاده إلى معاناة يومية وأتعاب جمّة، بداية من سوء التنظيم والإدارة إلى الإهمال واللامبالاة، إلى غياب التأطير والعناية من « المرافقين » المعنيين بمتابعة الأمييّن والمسنّين التائهين بالضرورة وسط الزحام، إلى تردي سكنهم ونوعية أكلهم وغياب وسائل نقلهم أو تأخرها، ناهيك عن الإذلال و سوء المعاملة، إضافة إلى الفوارق الجهوية والفئوية، مما يجعل الأجواء مشحونة تصل إلى حد التلاسن والتباغض وحتى تبادل العنف في أقدس البقاع. كل هذا عائد, إضافة إلى ما ذكرناه، لسوء الترتيبات والمتطلبات الذاتية لهذه الفريضة، إلى الخدمات المقدمة لحجاجنا من مؤسسات أرباب الطوائف ومكاتب الوكلاء الموحدين والنقابة العامة للسيارات، حيث أن الإجراءات الرتيبة بالمطارات والانتظار الطويل وطريقة نقل الحقائب عبر مكاتب الوكلاء ونوعية الحافلات الحاملة للحجاج وإجراءات التفويج، كلها تسهم في إرهاق الحاج المرهق أصلا من أربع أو خمس ساعات سفر، غالبا ما يكون بالطائرة منكمشا وقليل الحركة، إضافة إلى ضيق المكان بمخيمات منى المحدودة جغرافيا والتي لم تعد تستوعب أعداد الوافدين، خاصة وان غياب التونسيين عن موسم حج 2009 بقرار رئاسي، قد أضاع عنهم جزءا مهما من مخيمهم القديم. وتقع المسؤولية الأكبر على كاهل الحاج نفسه وعائلته ومحيطه الاجتماعي، حيث لا يكلف نفسه أي جهد في البحث والتكوين والاستعداد للتأقلم مع كافة الوضعيات والاحتمالات باعتباره مسافرا في رحلة ليست للتنزه والاستجمام بل للصبر والتضحية وبذل الجهد والعناء في سبيل التوبة والغفران. أما الجوانب التي تتجاوز الحاج والبعثة والسلطات وكل المعنيين، فلا يلام عليها أحد، باعتبارها حالات استثنائية وواقعا مفروضا يتكيف معها الحاج بمقتضى « افعل ولا حرج » كرمي الجمار والإرهاق من المشي طويلا على الأقدام يوم النفرة وباقي أيام التشريق وزحمة الطواف والسعي، حيث للحاج اختيار المسارات وفق ما تمليه لياقته البدنية. هذا تقييم منهجي مبسط وسريع يحتاج مزيدا من التشريح والتوضيح والصراحة والجرأة للخروج بهذا القطاع من طور التهميش والاحتقار إلى الاعتناء والاعتبار، وحتى لا نظلّ باكين على الماضي واقفين على الأطلال، ناقدين ومتكلّمين، دون نظرة متفائلة وعمل بنّاء مباشر يضع الأمور في نصابها والمسؤوليات عند أصحابها. علينا أن نعي أن مجال الحج والعمرة، مجال حيوي بامتياز, تتداخل فيه عديد المعاني، معان روحية وأنماط حياة وتبادل وتجارة، حيث يحجّ الحاج ويعمل العاطل ويتعلّم الجاهل ويتنوّر المنغلق ويتفسّح السّائح ويربح التاجر… علينا أن نعترف بالنقائص ونضع الأمور في مواطنها ونعاين مواقع الخلل، فلا الوفود الرسمية بشكلها الحالي التي لا ترى الحجيج إلا في الاستقبال والتوديع ولا المرافقين »قدامى المنتفعين » الذين تخلّوا عن مهامهم وتركوا الحجيج وشانهم، انتقاما وتشفيا، ولا الوفود الإعلامية المظلّلة التابعة للتلفزة « الوطنية » التي لم تكشف جملة النقائص والثغرات!، تستطيع سد الفراغ وتجاوز الأزمة وتصحيح المسار، وإنما الدولة بخطة واضحة المعالم محددة الأهداف يمكنها أن تجعل الحاج التونسي اقل قدرا في العناء والأنصع صورة و بمظهر يليق بتونس وكل التونسيين، لذا كان لزاما علينا أن نضع هذا المجال ضمن ضوابط ومعايير تحددها وتشرف عليها مؤسسة حكومية مستقلة ومهنية صادقة ومخلصة، باليات علمية وحديثة، وبمنهجية ورؤية واضحة، وهذا ممكن بشرط الإرادة والإخلاص والكفاءة، دون الالتجاء إلى القطاع الخاص من أمثال الجامعة التونسية لوكالات الأسفار التي تطالب باستماتة بالحصول على نصيب من الحج  » السياحي » للميسورين!!!، والتعامل مباشرة مع مقدمي الخدمات في السعودية، بدعوى تقديم أرقى الخدمات وأحسن الأسعار للحجاج والمعتمرين، وكأنّ الحجاج لم يكفهم قهر الدولة وظلمها وهيمنة « الطرابلسية « ، ليحالوا إلى قهر الخواص والتفرد بهم وسلخهم من جديد.

<



منير حداد في أول اجتماع للمجلس التأسيسي التونسي يوم 22 نوفمبر، تم انتخاب د. مصطفى بن جعفر رئيسا له، لذا رأيت أهمية تقديمي لهذه الشخصية للقراء، بناء على معرفتي السابقة بها – و لو لفترة محدودة -. بدأت معرفتي بالدكتور بن جعفر عن طريق الصحافة، في الثمانينات من القرن الماضي، باعتباره احد أهم قيادات حركة الديمقراطيين الاشتراكين، و هي الحركة الرئيسية للمعارضة التونسية في تلك الفترة. و نظرا لطبيعته التي لا تقبل المساومة على المبادئ، استقال من هذه الحركة في سنة 1991 بعد أن أصبحت مجرد ديكور يساعد على تحسين وجه النظام، ليتفرغ للنضال صلب الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، و لتأسيس حزب « التكتل الديمقراطي من اجل العمل و الحريات » الذي أوصله إلى ما هو عليه اليوم.
تعرفت شخصيا على د. مصطفى بن جعفر في السنوات 1996-2000، كأمين عام ثم كرئيس لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية. و زادت معرفتي به في سنة 2000 عندما قمنا بتكوين لجنة الدفاع عن د, منصف المرزوقي، اثر سلسلة من الاجتماعات التي كنا نعقدها بشقة تابعة للمناضلة سهام بن سدرين و زوجها عمر المستيري، و التي كانت تأوي مقر المجلس الوطني للحريات.
بالرغم من محدودية العلاقة بيننا، كان من السهل بالنسبة لي اكتشاف الشخصية المتميزة للرجل، الذي كان رصينا في تحليله للقضايا المطروحة، يحسن الإصغاء للآخرين و يجلب احترامهم، و هو ما يفسر على الأرجح التقدم الكبير الذي حققه حزبه خلال الأشهر الأخيرة، من حزب صغير إلى حزب يمثل رابع أهم كتلة بالمجلس التأسيسي. و هي ميزات لم تكن لتغيب عن قيادة النهضة، التي بادرت منذ البداية بتشريكه في التحالف الحكومي الجديد، بهدف تعزيز مصداقية التحالف، بينما كان في مقدورها الاكتفاء بضم حزب د. منصف المرزوقي أو عدد من المستقلين، لضمان الأغلبية المطلقة في المجلس.
و اعتقادي أن دور د. بن جعفر سوف يكون في الفترة المقبلة شبيها بدور رئيس الدولة الجديد د. المرزوقي، أي دور الراصد لعملية الإصلاح و صياغة الدستور و قضايا الحرية و حقوق الإنسان، التي أخذت حيزا كبيرا من نضاله السابق في الرابطة التونسية لحقوق الإنسان. و تجدر الإشارة هنا إلى أن الرجل بدا عمله في هذا الشأن، دون انتظار انعقاد الدورة الافتتاحية للمجلس التأسيسي و تشكيل الحكومة، حين وقف بقوة ضد تكليف قياديين من حركة النهضة بوزارتي التربية و الثقافة « نظرا لخصوصيتهما الإستراتيجية و خوفا من تغيير منهجهما الحداثي الذي يعتبر د. بن جعفر من أقوى المدافعين عنه » كما ورد في وسائل الإعلام الوطنية و الأجنبية، مع التنويه بان هذا المطلب قد لاقى المساندة المتوقعة من محامي الدولة المدنية و الديمقراطية، د. منصف المرزوقي، كما لاقى التفهم من قيادة حركة النهضة.
في أول تصريح له بعد تنصيبه رئيسا للمجلس التأسيسي، قال بن جعفر انه سيكون « وفيا للثورة العظيمة التي عاشتها تونس، ولأهداف الثورة كلفني ذلك ما كلفني »، وتعهد بـ » تجسيم التغيير وطي صفحة الماضي، صفحة الاستبداد والمنظومة الاستبدادية التي ما تزال قائمة في عديد الأجهزة ». و الأرجح أن يتحقق هذا بالتنسيق الجيد مع منافسه السابق على رئاسة الدولة، على اعتبار إن نقاط اللقاء بينهما تفوق نقاط الفرقة، بحكم ماضيهما الحقوقي المشترك، و بمباركة من قيادة حركة النهضة التي لن ترى أهمية التصدي لمطالبهما في مجالات الحرية و الحداثة و التقدم، ما دامت تمثل في الحقيقة خيارات المجتمع المدني التونسي برمته.
إن النجاح الذي حققته الثورة التونسية حتى هذه المرحلة يتطلب المزيد من الجهد مع بدء العمل الفعلي لإعداد الدستور و إدارة البلاد، ما يستوجب توخي الجميع الواقعية السياسية و روح الوفاق، مع تغليب المصالح العليا للوطن. والعقل ولي التوفيق… M5432112@hotmail.com http://www.elaph.com/Web/opinion/2011/11/697907.html (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 25 نوفمبر 2011)

<



نصرالدين السويلمي إذا ما سلّمنا بأنّ مصطلح الجمهورية لا يستوفي شروطه إلا إذا توفّرت فيه خاصيّة ذلك النظام الذي يحكم بلادا ما ويدير دواليب دولتها انطلاقا من إرادة ورغبة سكّانها، فهل يمكن إطلاق اسم الجمهوريّة على بلد يحكمه العامل الوراثي أو الشرعيّة الثوريّة والتاريخيّة التي تستمد بقاءها وقوّتها من المؤسسات العسكريّة والأمنيّة أو من شرعيّة الإنقلابات والحركات التصحيحيّة..
تلك تساؤلات مشروعة لم تطرح من فراغ بل فرضت نفسها حين فرض نفسه الربيع العربي وخاصّة مع صعود شخصيّة مثل الدكتور المنصف المرزوقي إلى الحكم ليصبح بذلك أول أو ثاني أو ثالث أو ربما حتى رابع رئيس للجمهوريّة التونسيّة، فالرجل القادم لتوّه من ساحات النضال لم يستغل فرصة تواجده في الرئاسة لينفي صفة الجمهوريّة عن مرحلة حكم بورقيبة وبن علي لأنّه بكّر بذلك، فهو نفسه من ابتدع قديما كلمة الجملوكيّة « وفي رواية ابتدعها سعد الدين إبراهيم » عندما كان بن علي راعي الوطن يحكم قبضته على تونس منتصبا فوق جماجم رعيّته، لذلك لا يمكن اتهام المرزوقي بمحاولة انتزاع السبق واحتكار صفة أول رئيس للجمهوريّة التونسيّة في تاريخها لأنّ الرجل سبق وأعلن أنّ النظام في تونس جملوكيّا لا يمت للجمهوريّة بصلة وشدّد على ذلك في مناسبات عدّة، ومن الإجحاف اتهامه بمحاولة الاحتكار، كما لا يمكن اعتبار أنّه يعاني من شراهة مفرطة للحضور في صفحات التاريخ بشكل منفرد وعلى حساب الآخرين. إذا اشترطنا استيفاء جميع العناصر والخصائص التي تسمح بإطلاق مصطلح الجمهوريّة على طبيعة الحكم وشدّدنا عليه فإنّه يصعب إسقاط هذا المصطلح على مرحلة بورقيبة ومرحلة بن علي التي تلتها وكمّلتها لا بل وأجهزت على فلول الأمل وفُتاة الجمهورية المتفلت من قبضة « المجاهد الأكبر »،وبإطلالة بسيطة على حقبة الحاكمين سوف نُوَاجَه بإخلالات مسقطة لمعاني الجمهوريّة، فمرحلة بورقيبة كانت أقرب إلى الحلول منها إلى الحكم ، لأنّ الزعيم حلّ في تونس وتونس حلّت في الزعيم حتى أنّ بعض وزرائه صرّحوا بأنّه كان يستغرب وجود معارضين له، ولا هو صدّق ولا ذهنه استوعب أنّ في تونس من لا يرضى بحكمه، وكان لا يؤمن بالاستفتاءات واستشارات الشعب حول شخصه لقناعة منه أنّ المسلّمات لا تخضع للرأي، وأنّ استشارة شعب في حكم زعيم يعشقه إلى حدّ الجنون ومستعد أن يفنى من أجله عن بكرة أبيه يعدّ ضربا من ضروب العبث ومضيعة لجهد ووقت عجلة الإنتاج الأولى بهما.
أمّا نظام بن علي فليس أسهل من كشف كوارثه إبّان حكمه فما بالك اليوم وقد زالت كل المساحيق وتكشّفت الهوّة السحيقة بين الجمهوريّة في معانيها الساميّة وبين المُلكيّة في أبشع صورها، فحاشية الجنرال كانت تملك وتعلم يقينا أنّ ملكها زائل غير ثابت عناصر الفناء فيه اخصب بكثير من عناصر البقاء يستند على الغشّ والتمويه « والهف »، الشيء الذي جعلها لا تحافظ على ثروات البلاد لتنهبها على التراخي ولا هي مارست النهب المنظم إنّما لجأت لمنهجيّة النهب المدمر الذي يسابق الزمن والذي يغتاظ من أيّة مصلحة في يد العامّة ليس له فيها حظ. نكون قد قدّمنا خدمة مجانيّة في غير موضعها إذا ما أطلقنا صفة الجمهوريّة على حكم أولئك الذين نصّبوا أنفسهم وتحكّموا دون أن يأخذوا رأي المحكومين وحكموا بأحكامهم وتحاكموا في أمر الشعوب إلى أنفسهم وسنّوا قوانين هم مصادرها وأسّسوا مجالس هم روّادها وجعلوا شرعيّتها من شرعيّتهم وكانوا قضاة فوق القضاء كما كانوا قضاء مستعجلا على شعوبهم، هل كان مئات الشهداء وآلاف المضطهدين وملايين المظلومين ضحايا للجمهوريّة أم ضحايا لأنظمة مخضرمة يتجاذبها الفساد والإفساد لم يستقر لها الخبراء على مسميّات تليق بما اقترفت، هل نعمد إلى خليط من الإجرام والقتل والنهب والانقلابات والتصفيات الجسديّة والخيانة والقوانين الجائرة والأحكام الموجّهة والقرارات الفردية الصادرة تحت مفعول النرجسية والنوايا المبيّتة والسّياسات المثمونة .. فنرشّها بمزيل للروائح ثم نسربلها برداء الجمهورية، هل تضطرنا مصلحة البلاد العليا أن نحبس عقولنا ونغمض أعيننا ثم نسمى ونمرّ.. يبدو أنّ كلا الأمرين مرّ..!

<



الإهداء إلى الدكتور عادل إن العرب كما إعتقدت ذلك دائما هم أمة واحدة و دولة واحدة,أهدافهم واحدة و همومهم واحدة و ذلك على الرغم مما يعكسه الواقع من تشرذم و تباعد واضح بينهم و رغم الحدود التي يجدّون في إقامتها و التي إن نجحت في أن تفصل بين التراب فإنها لم تنجح في أن تفصل بين الإنسان العربي و أخيه الإنسان العربي.
كان هذا إعتقادي دائما و زادته الثورات العربية يقينا لأن ما رأيناه طوال الأشهر الماضية لم يكن إلا تأكيدا على أن الدول العربية و إن كان لها عديد الأعلام فإن الإنسان فيها يبقى واحدا رغم كل شيء…واحد بآلامه و أحلامه و طموحاته و أوجاعه..لا أدري لماذا ينظر إلينا الغرب ككتلة واحدة و ننظر نحن إلى أنفسنا كمجموعات متنافرة و متحاربة و متمايزة عن بعضها البعض رغم أن الواقع يشهد بخلاف ذلك.
نحن كثيرا ما نستعمل عبارة « الأنظمة » العربية و الحقيقة أنها ليست أنظمة و لكنه « نظام » واحد فالملك في السعودية أو البحرين له نفس « الصلاحيات » التي تتوفّر للرئيس في سوريا أو اليمن مثلا…كلاهما (الرئيس أو الملك) لا يختلفان سوى في التسمية أما الأساس فواحد (وهو الإستبداد طبعا و ليس الشرعية)..هل رأيتم في أوروبا « رئيسا » ينصّب مدى الحياة ( المثال التونسي) ؟ هل سمعتم عن جمهورية أوروبية يتوارث فيها الحكم الأب و الإبن (المثال السوري)؟ هل عجزت مصر و تونس على إنجاب رجال أفذاذ حتى يحكمها حسني مبارك 30 سنة و زين العابدين بن علي 23 سنة ؟ ما الفرق بين الرئيس العربي و الملك العربي؟ كلاهما يلتصق بكرسيه فلا « يقتلع » منه إلا بملك الموت أو بالدبابات؟ لقد ثار الشعب في تونس (وهي جمهورية بالإسم) كما ثار في البحرين ذات النظام الملكي..النظام العربي ليس إلا نسخا مشوّهة تتكرّر على إمتداد الرقعة العربية فذلك الجاثم على شعب المغرب مثله مثل ذلك الجاثم على شعب البحرين لا تكاد تجد بينهما فروقا تذكر..قد تختلف التسميات نعم لكن المضمون واحد لا يتغيّر.
الحكومات العربية أيضا واحدة فهي تعيّن حسب الولاء و ليس حسب الكفاءة و هي مجملا لا تملك صلاحيات ذات بال اللهم إلا قمع الشعوب و تجهيلها و تفقيرها…مؤخرا سرت موضة بين الحكام العرب و هي تعيين رجال من التكنوقراط من ذوي الخبرة في الميدان الإقتصادي و طبعا لم يكن ذلك إلا ضربا من تزيين « التشكيلة الحكومية » و للإستهلاك الإعلامي فقط فخبراء الإقتصاد لا يملكون عصا سحرية يغيّرون بها الواقع المثقل بالأمراض في رمشة عين و الجسد العربي لن يستطيع التحرك خطوة طالما أنه مشلول سياسيا.
رجال الأعمال في الدول العربية أيضا يتشابهون كثيرا و يستمدّون ثراءهم الفاحش و أموالهم الطائلة لا من نبوغهم و أنشطتهم الإقتصادية و لكن من إقترابهم و تزلّفهم لدوائر السلطة و نستطيع أن نجزم أن هذا هو المعنى الصحيح « للمال السياسي » الذي لا يتأتى حسب الجهد و العرق و لكن حسب درجة الإقتراب من السلطة السياسية الحاكمة و الخضوع لها. إن آل الطرابلسي (و على رأسهم بلحسن) و صخر الماطري في تونس و أحمد عزّ في مصر و رامي مخلوف في سوريا و حميد الأحمر في اليمن و غيرهم من « رجال السلطة و الأعمال » المنتشرين في كل رقعة من وطننا الكبير ليسوا سوى الوجه « المالي » الجشع و القبيح للإستبداد حيث يسود النهب و السلب و الظلم لتعيش أقلية في ترف و أغلبية في قرف…إنه لمن المؤسف أن إقتصاد البلدان العربية مازال يبنى على الولاء و الطاعة و درجة القرب من دوائر الحكم و ليس على التنافس الحقيقي و الدراسات المختصّة و الإستراتيجية و الرغبة الحقيقية في النهوض و التقدم بالبلد كلّه و ليس فقط بفرد أو عائلة أو طائفة. في مثل هكذا مناخ و عوض أن يكون رجال الأعمال القاطرة التي ستدفعنا للأمام نجد أن أغلبهم (و لا أقل كلهم) السبب الرئيسي لتفقير الشعب و نشر الفساد و الرشوة و المحسوبية و دفع رجال الأعمال الشرفاء إلى الهجرة و المستثمرين الخارجيين إلى الفرار و العمال إلى البطالة و البلاد إلى الهاوية.
الشرطة في البلاد العربية أيضا كأنها جهاز واحد رغم تعدّد الأقطار فوزارة الداخلية العربية تمتاز بسمعة سيّئة للغاية و يخاف الناس منها أكثر من خوفهم من اللصوص و المجرمين…الشرطة في بلادنا ليست هنا لتوفير أمن المواطن و لكن لإرهابه و هي ليست هنا لحمايته و لكن لقمعه… إن الواجب الأول للشرطة هو أن تحرص على أن يكون المواطن بلا لسان وهو ما نجحت فيه بشكل كبير حتى إعتقدنا أن فتح « بيت المقدس » أسهل بكثير من أن يفتح العربي فمه و يتكلم كلمة حقّ…سواء تعلق الأمر « ببوليس سياسي » كما في تونس أو « بالبلطجية » كما في مصر أو « بالشبيحة » كما في سوريا أو « بالكتائب » كما في ليبيا فالنتيجة دائما واحدة ووحيدة و هي حماية الأسرة الحاكمة ولو كانت الوسيلة إستعمال القتل…
السجون في البلدان العربية لها تقريبا نفس الخصائص فهي ضيقة جدا و مكتظة بالنزلاء الذين يحشرون فيها بعضهم فوق بعض في ظلمات إذا أخرج السجين يده لم يكد يراها , أعوان السجون لا يفقهون معنى لحقوق الإنسان عند معاملة السجناء الذين ليس من بينهم -طبعا- سجين واحد يقبع في تلك الزنازين بسبب آرائه أو أفكاره..إن السجن هو مكان للإصلاح و ليس للإنتقام و العقوبة المسلطة تحد من الحرية و ليس من الكرامة و لكن السلطات السجنية في دولنا حوّلت السجون إلى محتشدات و معتقلات أبشع من « أوشفيتز » النازي و يكفي أن أذكر هنا « برج الرومي » و 9 أفريل (سابقا) و « ورزازات « في المغرب و « سركاجي » في الجزائر و غيرها من السجون التي لا تقلّ بشاعة عن سجن « إيفين » الإيراني الرهيب.
الإعلام في البلدان العربية واحد لا لون له و لا طعم…كله يهلّل و يمجّد في شخص الحاكم و يغدق عليه ألقابا ما أنزل الله بها من سلطان…صانع التغيير و حامي الوطن و الحكيم و القيادة البصيرة و غيرها من الأوسمة التي لا تسند إلا في بلاد العرب أما في الغرب فلا تسمع أبدا أشياء من هذا القبيل و ربما تسمع من عبارات النقد أكثر بمليون مرة من عبارات المديح.. التلفيزيون الرسمي يعاني من الرتابة و من سلطة الأوامر العليا و لذا نرى فيه صحافيين صفراء وجوههم لا تسرّ المشاهدين يعملون بلا تفاعل و لا تلقائية و سواء أكنت تشاهد تلفيزيون الجزائر أو تلفيزيون قطر أو تلفيزيون الأردن فالأمر سيان و إنه من الواجب عليك أن تشكّ حتى في أخبار الطقس التي يوردونها في نشراتهم…الصحافة بدورها غارقة في بحر السلطة المظلم فغدت مجرد أوراق يملئها المحرّرون بالأخبار التافهة و التمجيد للسلطان و ربما ذلك ما يفسّر عزوف القارىء العربي عن الجرائد التي تعاني من قلة الإقبال و يكفي أن أذكر هنا أنه في اليابان توزّع يوميا 50 مليون نسخة من الصحف وهو رقم أخجل من مقارنته مع البلدان العربية مجتمعة.
القضاء في وطننا الكبير واحد فأن تعارض النظام الحاكم سيقودك إلى سلسلة من التضييقات و التهم الكيدية التي ستنتهي بك إلى أحكام بالسجن مهما كان البلد الذي أنت فيه مصرأو ليبيا أو الكويت أو غيرها…لا فرق في مكان المحاكمة و لا في القاضي الذي سينطق بالحكم (وهو معروف سلفا) لأن القضاء ليس إلا سلاحا بيد السلطة التنفيذية لترهب الخصوم و المعارضين.
و ما دمت ذكرت المعارضة فينبغي أن أؤكّد أنها هي أيضا نسخة مكرّرة من بلد عربي إلى آخر..بين علماني يحاول إستمالة الغرب لكسب القضيّة و يساري يهوي بمنجله و مطرقته على صخرة النظام لعلّها تتحطم في عمل « سيزيفي » متواصل و بين إسلامي يؤمن أن الحائل الوحيد بينه و بين السلطة هو النظام القائم ..هذاهو المشهد العام للمعارضة العربية…في كل جزء من وطننا الكبير هناك معارضون في السجون و معارضون منفيّون و مشرّدون و في جميع الأحوال فإن السلطة تعاملهم كمشبوهين و قد بذلت كل الجهود لتقطع صلاتهم بالشعب فصاروا منبوذين بلا ذنب إقترفوه سوى أنهم قالوا لا.
المواطن العربي هو أيضا نفسه من بلاد مراكش إلى حدود صنعاء فالفقر و الجهل و الحاجة و الفاقة هي السمة المشتركة بيننا..لن أتحدث عن فئة محظوظة أو أقلّية « معزولة » (التعبير المفضّل لبن علي) بحكم الجاه و الثراء و النفوذ عن بقية الشعب الكادح… هؤلاء ليسوا سوى جزء صغير من الصورة أما الجزء الأكبر فهو أنا و أنت و غيرنا كثير ممن لم نجد ما يكفي من المال لندخل المدرسة و ممن تخرّجنا من الجامعة و لم نجد عملا و ممن إجتهدنا في العمل فلم نجن سوى الفتات و ممن لبسنا ثياب الرهبان بعد أن فاتنا قطار الزواج و ممن سبحنا على طول البحر « الأسود » المتوسّط للوصول إلى جزيرة « لامبادوزا » الإيطالية هربا من وضع بائس و مزر..إن ما تأكله قطة في دبي يشبع عائلة في عدن كما قال مظفّر النواب و ما نقاسيه نحن في يوم قد لا يعرفه ثري طوال حياته و هذا الوضع هو الذي قاد إلى الإنفجار في الأخير فبدأت ثورة في تونس لم تلبث أن إنتشرت كالنار في الهشيم إلى كافة الأقطار العربية الأخرى.
إن هذا المشهد الواحد و إن كان اليوم بائسا و تعيسا فإن ملامح التغيير الإيجابي التي بدأت تشرق أنواره من تونس ستعمّ حتما بقية الأقطار الأخرى…صحيح أنني قلت أن وجعنا واحد..لكنني مؤمن كذلك أن فرحنا واحد…وهو قريب جدا. يسري الساحلي yosri1909@yahoo.fr

<



يؤثث البتر بين انسانية المرأة و بين كونها جنسا مختلفا عن الرجل مع ما يفرضه هذا الاختلاف من تداعيات اجتماعية ليست هي إلا ما نسميه بقضايا المرأة مجمل تفاعلاتنا الفكرية في هذا المضمار و هذا البتر نجد أصوله حتى في أكثر النصوص دعوة لتحررها بمعنى أن تضطلع بدور حقيقي في المجتمع.. و انعكاس ذلك أننا أمعنا في الحديث عن ضرورة عدم إقصاء المرأة حتى انحصرت كل الجهود بما فيها جهودها في التصدي لهذا الإقصاء و لكن ذلك إذا ما استحكمنا إلى مجهر أفضل هو المجهر الانساني و ليس المجهر الجنسي لم يعدو سوى توصلنا إلى إخراجها من سجن إلى سجن أكبر..
إن تعاملنا مع قضايا المرأة مرق إلى زمن كبير من ردهة اختلافها الجنسي عن الرجل فكان لابد و لسنا لننكر ذلك من خطوات لتحقيق حضورها إثباتا لكون هذا الاختلاف اختلاف تكامل و ليس اختلاف هيمنة لكننا الآن و إن كنا نرى بشكل واضح حضورها فإننا لا نلمس بارزا فعلها الخلاق و المغير في مختلف نواحي الحياة أي أن صوت المرأة يكاد دائما يكون ارتدادات و أصداء لصوت الرجل ومنه من قد اقتنع بذلك مثلما قد يبدو أنها قانعة أيضا غير أن في المسألة غمرا كبيرا لدورها في الدفق الانساني المبدع..
ليس على المرأة أن تكون مجرد راقنة لأفكار الرجل على صفحات الفعل البشري حتى و إن ضمن لها ذلك تحقق حضورها فالمطلب أعظم من مجرد الحضور بل هو الإسهام الفكري الانساني المرجو من الرجل و المرأة على حد سواء و بذات الدرجة على أساس انسانيتهما و هذا فوق أي أساس ..
لكننا ندرك حتى و إن لم يبدو ذلك معلنا في غالب الأحيان أن السائد-و يوجد طبعا بعض الاستثناءات- هو الحض على إبراز تواجد المرأة في مختلف الميادين و الساحات و احتلالها لربما أوقاتا مراتب مقدمة دون الحض على أن تضيف أو تجدد أو تبتكر في هذه الأخيرة لا لعدم قدرة و لكن لتراكمات في نفسيتها من جهة و في نفسية الرجل من جهة أخرى مأتاها توريثات معرفية و مفاهيمية خاطئة لكينونة المرأة في المجتمعات البشرية و لابد طبعا من الإقرار بأن الدين براء من ذلك فالأصل فيه دعوة الانسان الى عمارة الارض لم يفرق في ذلك بين امرأة و رجل و لم يرد فيه أن ما تختص به الأنثى من حمل و إنجاب يعفيها من هذه الرسالة فالحمل و الإنجاب مجبولة عليه بحكم تركيبتها أما رسالتها في تعمير الأرض –و هو ليس مجرد التناسل كما قد يتبادر إلى ذهن البعض –فالعقل الذي حباها به الله كما الرجل هو المتوكل بذلك و ليس في العقل و التفكير كما نعلم وكالة فلماذا توكل المرأة الفكر بما في رحمه من خلق و استنباط و تجديد و ابتكار الى الرجل أو لماذا تربى أو تنشئ على مثل هذه المفاهيم الخاطئة و ما ينجر عن ذلك من ضمور في حراكها الفكري قد يصل حد الشلل ..
من منا لا يتبين كم أن المجال الفكري بما حازه من نظريات و اختراعات و كشوفات في متعدد الاختصاصات من فلسفة و رياضيات و فيزياء و كيمياء و علم اقتصاد و علم اجتماع و غيرها و غيرها من علوم هو في غالبه ابداع و ابتكار الرجل المحض و إنه لمن الإسفاف و السطحية التملص من محاولة معرفة أسباب ذلك و معالجتها بالقول ان الرجل ابن لامرأة و اخ لامرأة و زوج لامرأة و انه مدين لها بالمساندة و المعاضدة و ان في ذلك اسهامها ..ما كل رجل مبدع في الحقل الانساني سندته امرأة و ما كل من سندته كان رجلا مبدعا لنخلص في النهاية الى ان الابداع مسألة ذاتية تجد من الظروف ما يمضيها و ما يثنيها على حد سواء و تتجلى عبقريتها في تفتقها في النهاية و في إلحاق كل مد بشري لها بركب عظمتها..
لقد أدت هذه الإسقاطات المضللة إلى اقتضاب حقيقي لدور المرأة الانساني و اختصاره- على ما في ظاهرالأمر من سعي كل مؤسسات المجتمع إلى توسعة رحابه و إمكاناته- اختصاره دائما الى الاتباع بدل التجديد و الانقياد الفكري بدل القيادة الفكرية و كأن على دور المرأة كربة بيت و أم أن يحسم من دورها كعقل انساني مفكر و هذا يبدو ثقافة لا مخصوصة ببلداننا العربية و لكنها تبدو ثقافة عالمية و ان اختلفت درجات نشوبها في المجتمعات و تكريسها او محاولة ايجاد بدائل ثقافية مخلصة..
علينا أن نتجاوز اليوم –و إن كانت بعض الأقطار لم تتوصل بعد حتى إلى تدعيم حضور المرأة لكن نرجو أنها في الطريق إلى ذلك-مسألة التنويه بخوض المرأة في بلداننا لمختلف الميادين أو تركيز جهودنا على دعم حضورها في ميدان أو في آخر و إنما حث المرأة على مجاراة النسق الفكري و الابداعي للرجل و تربية النشئ على هذا الحفز المتواصل لكل الطاقات الابداعية بغض النظر عن جنسها كي لا تغبن أي موهبة من جهة و كي لا تستهين المرأة بإمكاناتها الفكرية أو تستسهل رسالتها فيما تفضي إلى الرجل حل القضايا الانسانية المعقدة و إيجاد الحلول لما يطرأ من مآزق فيما تكتفي هي بالتطبيق  
الكون مسؤوليتنا جميعا و عمارة الأرض رسالة كل واحد فينا… يسرى بن ساسي

<


منتدى الكرامة لحقوق الإنسان الدار البيضاء في 27 نونبر 2011 بيان عام

حول ملاحظة الإنتخابات التشريعية ل25-11-2011


في إطار مواكبته للانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر، قام منتدى الكرامة لحقوق الإنسان بملاحظة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها بدءا بتقييم الإطار القانوني ومرورا بالأعمال التمهيدية والحملة الانتخابية ويوم الاقتراع وانتهاء بإعلان النتائج.
وقد استند المنتدى في هذه العملية على المقتضيات الدستورية التي تضمن الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات وعلى القانون رقم 30.11 القاضي بتحديد شروط وكيفيات الملاحظة المستقلة والمحايدة للانتخابات، وعلى إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات ومدونة قواعد السلوك الصادر عن قسم المساعدة الانتخابية للأمم المتحدة بتاريخ 27 أكتوبر 2005.
وتفعيلا لهذه المهمة شارك المنتدى بمائة وخمسة ملاحظين وقعوا الميثاق الخاص بملاحظة العمليات الانتخابية وخضعوا لتكوين يتضمن تقنيات جمع المعلومات وملأ الاستمارات ورصد الخروقات.
وقد توزع ملاحظو المنتدى على جميع جهات المملكة باستحضار معايير التمثيلية وذلك باختيار عينة من الدوائر الإنتخابية القروية والحضرية القابلة لتعميم نتائجها على باقي الدوائر الانتخابية.
إن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان إذ يرصد مجموعة من الخروقات الانتخابية، يسجل أن التأطير القانوني للملاحظة الانتخابية يساهم في تعزيز معايير الانتخابات الحرة والنزيهة، غير أن كثرة مكاتب التصويت التي وصلت إلى حوالي تسعة وثلاثين ألف حد من تحقيق دقة الملاحظة الانتخابية وحرم العديد من الأحزاب المتنافسة من تعيين ممثلي وكلائها في جميع مكاتب التصويت.
وإذا كانت طبيعة الإنتخابات تعتبر إحدى أهم المعايير لتقييم مستوى التطور الديمقراطي ، فإنها أيضا من أهم وسائل بناء المؤسسات الديمقراطية والتعبير عن إرادة الأمة لسيادتها ، لذلك فقد نص الدستور المغربي الجديد على أن الإنتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي مع إلتزام السلطات العمومية بالحياد التام إزاء المترشحين وبعدم التمييز بينهم .وقد تم إصدار قانون تنظيمي لمجلس النواب رقم 11.27 والذي كرس أكثر القواعد التي كان معمولا بها في القانون التنظيمي لمجلس النواب القديم .
وقد وقف منتدى الكرامة لحقوق الإنسان على بعض ما تضمنه هذا القانون وقدم قراءة نقدية من ذلك : · إن ضمان نزاهة الإنتخابات وحريتها على الوجه المطلوب ، يتطلب اعتماد هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الإنتخابات مع إسناد مهمة التنظيم للإدارة الترابية على خلاف ما جرى به العمل في اقتراع 25 نونبر والإقتراعات السابقة . · إن العمل بالإنتخاب بالتمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر بقية يؤدي إلى المس بالعدالة الإنتخابية ، ذلك أنه وجدت دوائر انتخابية بثلاث أعضاء حصلت بها بعض اللوائح على أكثر من 20 ألف صوت وأخرى بأقل من 600 ألف صوت ومع ذلك فإن اللوائح الأول لم تحصل إلا على مقعدين مقابل مقعد واحد للثانية وهو ما يتطلب اعتماد الإنتخاب بالتمثيل النسبي حسب قاعدة أكبر المعدلات باعتباره أكثر عدالة . · إن العدالة الإنتخابية تقضي بتحديد الدوائر الإنتخابية على أساس توازن ديمغرافي ، إلا أن هذا المبدأ الهام لم يتم احترامه في تحديد التقطيع الإنتخابي في بعض الدوائر . · لا مبرر لحرمان بعض الفئات من التصويت ومن ذلك فئة حاملي السلاح باعتبار التصويت حق أساسي من حقوق المواطنة .
· إن ما تم التنصيص عليه في المادة 50 من منع إدخال الهاتف النقال أو أي جهاز معلوماتي أو أي وسيلة أخرى للتصوير أو للإتصال السمعي البصري إلى القاعة المخصصة لمكتب التصويت ، ما كان ينبغي التوسع فيه ليشمل المكتب المركزي أو لجنة الإحصاء أو اللجنة الوطنية للإحصاء لأن ذلك من شأنه ان يحرم ممثلي الأحزاب من وسيلة هامة لضبط صحة الإحصاء وشفافيته ونزاهته . · إن الطريقة المتبعة في مراجعة اللوائح الإنتخابية لم تحقق سلامتها المطلوبة من الشوائب كما حرمت العديد من المواطنين من حقهم في التقييد وبالتالي التصويت وهو ما كان يتطلب وضع لوائح انتخابية جديدة على قاعدة بيانات البطائق الوطنية يتم إعدادها في زمن مناسب .
· إن عدم اعتماد مكاتب التصويت بالخارج لفائدة الناخبين والناخبات المقيدين في اللوائح الإنتخابية العامة المقيمين خارج تراب المملكة وفتح المجال أمامهم للتصويت بالوكالة يعتبر مسا بحق هذه الفئة من المواطنين في التصويت بطريقة غير مباشرة فضلا عن مسه بسرية التصويت .
· إن ضمان نزاهة العملية الإنتخابية يتطلب عدم إقحام موظفي وأعوان الجماعات الترابية في تنظيمها، خاصة وأنه تم تعيين عديدين من هذه الفئة رؤساء لمكاتب في الوقت الذي يكونون مرؤوسين لأحد المرشحين في ذات الدائرة. وقد سجل ملاحظو منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أثناء الحملة الإنتخابية ويوم الإقتراع حصول الخروقات التالية : · عدم احترام ما يتعلق بالملصقات و الإعلانات الانتخابية . · استعمال الممتلكات العمومية . · استعمال الهبات العينية و النقدية بشكل واسع أثر على إرادة الناخبين في كثير من الدوائر. · عدم احتر ام كل اللوائح الآجال القانونية لإنتهاء الحملة الانتخابية. · استعمال العنف من طرف أنصار المتنافسين لبعض الأحزاب السياسية . · نزع الملصقات . · استمرار الحملة الإنتخابية يوم الإقتراع بنقل الناخبين إلى المكاتب، وتوظيف ذلك للتاثير على الناخبين بالمال وغيره . · عدم توصل العديد من المواطنين بإشعارات، فضلا عن عدم تطابق الرقم الانتحابي في الإشعار مع الرقم الانتخابي في اللوائح الانتخابية. · استعمال أوراق ثبوتية كرخصة السياقة وجواز السفر. · عدم استعمال المداد لبعض الناخبين. · عدم إحصاء أوراق التصويت التي تسلمها بعض رؤساء المكاتب. · مغادرة أعضاء المكتب قبل التوقيع على محاضر بعض مكاتب التصويت. · استعمال الهواتف النقالة من طرف ممثلي وكلاء اللوائح داخل مكاتب التصويت. · ضعف عدد اللوائح التي خصصت ممثلين عنها بمكتب التصويت. · دخول رئيس المكتب مع بعض الناخبين إلى المعزل. · وجود عناصر مؤثرة في محيط بعض مكاتب التصويت. · ضعف التكوين لدى بعض رؤساء المكاتب، وهو ما أدى إلى عدم التفريق بين أوراق التصويت الملغاة وأوراق التصويت الصحيحة. · رفض أو الإمتناع عن تسليم المحاضر في بعض مكاتب التصويت. · التضييق على بعض الصحفيين. هذا ويعلن منتدى الكرامة لحقوق الإنسان أنه سيصدر تقريرا مفصلا عما لاحظه عن سير انتخابات 25 نونبر 2011 يتضمن تقييما وتوصيات . عن المكتب التنفيذي الرئيس : المصطفى الرمي توجد داخله نسخة موقعة — مع كامل الإحترام والمودة الإدارة التنفيذية محمد حقيقي 0606952233

<



عبد الباري عطوان 2011-11-24 الأزمة السورية ذاهبة الى الامم المتحدة حتما، فمن الواضح ان وزراء الخارجية العرب الذين اختتموا اجتماعهم امس عاقدون العزم على فرض عقوبات اقتصادية، وتبني الاقتراح الفرنسي بفرض ممرات آمنة لحماية المدنيين. ومن الواضح ايضا ان السلطات السورية ما زالت تبحث عن وسائل لتعطيل وصول مراقبين وصحافيين عرب حسب بروتوكول الجامعة الاخير للتأكد من حماية المدنيين. آلان جوبيه وزير الخارجية الفرنسي صاحب مشروع هذه الممرات قال انه يريد دعم الدول العربية، قبل ان يذهب الى قمة الاتحاد الاوروبي مطلع الشهر المقبل لمناقشة هذه المسألة، ولا نستغرب ان يكون قد حصل عليها فعلا.
النظام السوري يتعرض الى مسلسل من الاهانات من جهات عديدة، فرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يتهم بشار الاسد بالجبن، ويعايره بان عليه توجيه بنادق جيشه الى هضبة الجولان وليس الى ابناء شعبه، بينما تطالبه الولايات المتحدة الامريكية على لسان رئيسها بالرحيل، اما الجامعة العربية، فتمهله 24 ساعة لتوقيع البروتوكول المتعلق بالمراقبين، بعد ان جمدت عضوية سورية الدولة المؤسسة في الجامعة.
لا نعرف كيف ستواجه السلطات السورية هذه الاهانات والضغوط الاقتصادية المرافقة لها، ولا نعرف ايضا كم ستصمد في مواجهتها، ولكن ما نعرفه ان الخناق يضيق عليها، وان الحلول الامنية التي اصرت على استخدامها منذ بداية الاحتجاجات الشعبية المشروعة المطالبة بالتغيير الديمقراطي بدأت تعطي نتائج عكسية،
فإلقاء نظرة على اعداد القتلى في الاسابيع الاخيرة نجد انهم لم يعودوا مدنيين بالكامل، مثلما كان عليه الحال في بداية الانتفاضة، وانما هناك عسكريون من بينهم، سواء كانوا من منتسبي الجيش وقوات الامن السورية، او الجماعات العسكرية والامنية المنشقة.
بالأمس سقط ثلاثون قتيلا بينهم تسعة قضوا برصاص الامن (اي من المدنيين)، فيما قتل 11 عنصرا امنيا وعسكريا خلال اشتباكات مع منشقين، سقط من بينهم اثنان في محافظة حمص، كذلك قتل سبعة طيارين عسكريين في هجوم شنه مسلحون على حافلة تقلهم من مدينة تدمر، وتبنى الجيش السوري الحر الذي يضم آلاف الجنود المنشقين الهجوم في بيان جرى نشره على الانترنت، اكد مقتل الطيارين السبعة وثلاثة عسكريين مرافقين لهم.
والاهم من ذلك ان العقيد رياض الاسعد الذي تبنى الهجوم على حافلة الطيارين السوريين ، اعلن تأييده لفرض حظر جوي على سورية وضرب اهداف استراتيجية للنظام السوري، مؤكدا في الوقت نفسه رفضه دخول قوات اجنبية الى البلاد عن طريق البر، وهذا يعني الاستعانة بالنموذج الليبي حرفيا، اي ان يقوم حلف الناتو بتوفير الحماية، وربما القصف الجوي لمثل هذه الاهداف الاستراتيجية (مواقع الجيش السوري ودفاعاته الجوية والارضية). ‘ ‘ ‘ اقوال العقيد الاسعد هذه تتعارض مع تصريحات الدكتور برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري، التي حث فيها الجيش السوري الحر على حماية المدنيين فقط وعدم مهاجمة القوات العسكرية التابعة للنظام. اذا لم تكن هذه الاشتباكات المسلحة بين الجيش السوري والمنشقين عنه هي بداية اندلاع شرارة الحرب الاهلية، وانتقال الانتفاضة من الطابع السلمي الكامل الى ‘العسكرة’ او احد جوانبها، فإنها يمكن ان توصف بأنها بداية تمرد مسلح، والممرات الآمنة التي يريد وزير الخارجية الفرنسي فرضها، بالتنسيق او بغطاء من جامعة الدول العربية، تريد تشجيع المزيد من الانشقاقات في الجيش، وربما في اركانمؤسسات النظام السوري،المدنية والأمنية ايضا.
وفي ظل هذه التطورات يصعب علينا ان نفهم معارضة النظام السوري، او بالاحرى تردده، في السماح لمراقبين عرب بالاطلاع على ما يجري فعلا على الارض، فالنظام ظل يتحدث، ومنذ بداية انطلاق الاحتجاجات،عن ان هناك عصابات مسلحة هي التي تهاجم الجيش وقوات الأمن، والمرصد السوري لحقوق الانسان، أكد في بيانات عديدة سقوط قتلى من رجال الجيش برصاص مسلحين، والمنطق يقول بأن وجود مراقبين عرب تحت علم الجامعة العربية، وبحضور عدسات محطات التلفزة العربية والاجنبية، قد يضيف تأكيداً آخر على هذه الحقائق ويسلط الأضواء عليها.
لا نعتقد ان هناك شيئاً يمكن ان يخفيه النظام السوري عن اعين المراقبين، فالفضائيات لم تترك حجراً دون ان تقلبه بحثاً عن طفل أو صبي شهيد برصاص قوات الأمن، وأعمال القتل الدموية البشعة التي لم تتوقف قوات الأمن عن ممارستها باتت معروفة للجميع، ولذلكفإن وجود المراقبين قد يكشف ما يروج النظام بان الفضائيات تغطي عليه، وهو وجود جماعات مسلحة ومنشقة عن الجيش تستخدم الأسلحة لمقاومة النظام وقواته تحت عنوان حماية المدنيين، أو ضرب أهدافه الاستراتيجية مثلما قال العقيد الأسعد.
ربما يجادل البعض بأن النظام السوري يريد كسب الوقت، أو المزيد منه، من خلال المماطلة في قبول شروط وانذارات وتهديدات وإهانات وزراء الخارجية العرب، ولكن السؤال هو كم من الوقت سيكسب شهراً أم ثلاثة أم أكثر قليلاً؟ ‘ ‘ ‘ نشعر بالألم الشديد ونحن نرى الأوضاع في سورية تنجرف الى هذا المنزلق الدموي الخطير، ونشعر بالألم أكثر عندما نرى طيارين من المفترض ان يستشهدوا دفاعاً عن الارض السورية ومن ثم العربية يقتلون بالطريقة التي شاهدناها، فجميع هؤلاء الضحايا هم في الجانبين ابناء سورية، وهذا ما يدمي القلب اكثر.
لا نتردد لحظة في القول ان الادارة الدموية للأزمة في سورية من قبل السلطات السورية تتحمل المسؤولية الأكبر عما حدث وسيحدث، ولكن من الواضح ان التدخل الخارجي الذي يرحب به البعض، ربما يؤدي الى احتراق المنطقة بأسرها، وإغراقها في حرب أهلية، أو عسكرية، أو الاثنتين معاً، لا تبقي ولا تذر.
البعض يتحدث عن الحرب، والممرات الآمنة، والتدخل الخارجي ومناطق الحظر الجوي، والنظام متمسك بالحلول الامنية ومصرّ عليها، ولا أحد مطلقاً يتحدث عن حلول سياسية أو مخارج سلمية. حماية المدنيين مهمة انسانية مقدسة، وقد أحسنت جامعة الدول العربية عندما وضعتها على قمة أولوياتها، ولكن من حقنا ان نسأل هذه الجامعة، وبعد ان تنتهي من مهمة حماية المدنيين في سورية من بطش النظام ورصاص قواته الامنية وشبيحته، عما اذا كانت ستحمي مواطنين عربا آخرين، في أماكن عربية اخرى من المجازر نفسها، ونحن هنا، وحتى لا نتهم بأننا نحشر فلسطين في كل شيء، لا نريد ان نقول في قطاع غزة، في حال حدوث عدوان اسرائيلي، وهل سيفرض ساركوزي وجوبيه (فرنسا) وكاميرون (بريطانيا) مناطق حظر جوي في الضفة والقطاع؟! (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<



يقلم الدكتور الحبـــيــــب الجنحانــــي نشر موقع الأوان (http://www.alawan.org/) هذه المقالة المتميزة للأستاذ الدكتور الحبيب الجنحاني التي صدرت في الأصل بمجلة العربي الكويتية في عدد نوفمبر 2011 ولمزيد التعريف بفحواها نعيد نشرها في ركن « المساهمات » إن قضية المواطنة والحرية مطروحة سياسيا وفكريا في الفضاء العربي الإسلامي منذ منتصف القرن التاسع عشر، وقد حاول كثير من رواد الحركات الإصلاحية تنبيت المفهومين بمعناهما الحديث في التربة العربية، مفيدين من التجربة الغربية التي عرفوها عن كثب، وأود قبل تناول الموضوع في أدبيات الفكر السياسي العربي الحديث الإشارة إلى أن مفهوم المواطنة قد برز في المجتمع الغربي (عام 1783) في أوج نضج فلسفة الأنوار، وعاشه الناس في عالم الفعل أيام الثورة الفرنسية، وقد ألغت ألقاب عصر الإقطاع، وقلصت من سيطرة الكهنوت الكنيسي، وأصبح الناس يخاطبون بمواطن، أومواطنة، ثم تطور المفهوم عبر ثورات متعددة، وفي خضم صراع سياسي واجتماعي عاشه القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، وأسهمت في ذلك تيارات سياسية واجتماعية، وفكرية متعددة، وبخاصة التيار الليبرالي، والتيار الماركسي. ولا يمكن فهم هذا التطور إلا بربطه بالدعائم الصلبة التي قامت عليها حداثة عصر الأنوار في القرن الثامن عشر، ويمكن تلخيص قيمها في أربع مقولات: – مقولة لا سلطان على العقل إلى العقل نفسه. – المقولة الثانية: تدمج العقل في ثالوث يقوم على العقلانية والحرية، والعدل السياسي الاجتماعي. – المقولة الثالثة: تحرير التاريخ والإنسان من أسطورة الحتمية. – المقولة الرابعة: تتعلق بشرعية السلطة، فلم تنشأ حركة الأنوار باعتبارها تيارا فلسفيا أو فكريا مجردا، بل ولدت، وشقت طريقها في خضم صراع مع الواقع المعقد، وهو واقع سيطرت عليه قوتان رجعيتان: قوة الكهنوت الكنيسي وقوة النظم السياسية الاستبدادية، فليس من الصدفة إذن أن يكون أخطر سؤال طرحه فلاسفة عصر الأنوار، وأبلغه أثرا في الأحداث التاريخية التي عرفها القرنان الثامن عشر والتاسع عشر هو: من أين تستمد السلطة السياسية شرعيتها للتحكم في مصير الشعوب؟ وجاء الجواب فيما طرحه روسو من نظريات في « العقد الاجتماعي » فليس من الصدفة أن يوليه أحد رواد النهضة العربية الحديثة رفاعة الطهطاوي (1801-1873) عناية خاصة، فمن المعروف أن ايمانويل كنت (1724-1804) لم يقر أي تناقض بين الإيمان والعقل في فلسفته، وفي حياته، ولكنه يقول عن مؤسسات الكهنوت الديني، وعن السلطة الاستبدادية أنها مؤسسات « تدوس بأرجلها حقوق البشر المقدسة ». ونعود لنؤكد أن هذه المقولات قد انعكست بدرجات متفاوتة في كتابات المفكرين العرب ابتداء من الطهطاوي إلى فرح أنطون (1877-1922)، وأديب اسحق (1856-1885)، وسلامة موسى (1887- 1922)، وأحمد لطفي السيد (1871-1963)، وطه حسين (1889-1973)، فالحداثة التي تأثر بها التنويريون هي حداثة عصر الأنوار التي دشنت عصر الإنسان، وحررت إرادته ليعي أنه صانع تاريخه، وبالتالي فهو مسؤول عن اختياره، وهي التي أزالت طابع القداسة عن الحكم بعد أن افترى زبانيته على الشعوب قرونا طويلة، فالسلطة شأن إنساني دنيوي، فالإنسان وحده، وعبر نضاله الطويل له الحق في اختيار أفضل أنماط الحكم لتسيير شؤونه، وله وحده الحق في تغييرها، إذا لم تستجب لمصالحه، والحداثة المطلة من عباءة فلسفة الأنوار تعني العلاقة الوثيقة التي لا انفصال لها بين مفهومين: العقلانية والتحرر، فالعقلانية لا معنى لها دون أن تكون في خدمة التحرر، ويضحي التحرر، وما يقارن به من حريات، وحقوق، وديمقراطية ومواطنة بدون عقلانية مستحيلا. وهكذا أصبحت ممارسة الفكر العقلاني هي المحك، وحجر الزاوية، وبرزت وظيفته النبيلة في قيادة التقدم والتحرر، فلا حداثة دون تحرير الإنسان من كل المسلمات والبديهيات، والميتافيزيقيات، والأساطير، وتحرير التاريخ من مقولة الحتمية. ولعله من المفيد في هذا الصدد الإشارة إلى أن رواد الحركات الإصلاحية في القرن التاسع عشر قد ميزوا تمييزا واضحا بين وجهي الغرب: الغرب الاستعماري الذي قاوموه داخل أوطانهم، وغرب التقدم الذي حاولوا الاقتباس منه، فتحدثوا عن الحريات العامة في أوروبا، وعن الدساتير، وعن حقوق المواطنة، وعن دولة المؤسسات، وتبين أن حديثهم في رحلاتهم إلى أوروبا عن هذه القضايا لم يأت صدفة، بل كان هادفا إلى إطلاع الرأي العام العربي والإسلامي يومئذ على مظاهر التقدم التي يتمتع بها الغرب، وهي مظاهر أفرزها عصر الحداثة. وعندما نعود إلى الفضاء العربي نجد أن المفهوم السائد إلى مطلع القرن العشرين هو مفهوم الرعية، ولم يكن الناس رعايا الدولة، بل هم رعايا الخليفة، أو السلطان، أو الإمام، أو الأمير، وبعد ميلاد النظم الجمهورية بقوا رعايا السلطة، ورعايا الحاكم بأمره رغم المظاهر الشكلية من دساتير، ومجالس نيابية، وانتخابات. برز مفهوم الوطن والمواطن بالمعنى الحديث في أدبيات الفكر الإصلاحي العربي ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر، فلم يتحدث رواد الإصلاح عن المواطنة، ولكنهم استعملوا مفهوم حب الوطن وربطوه بالحرية، وبالحكم المطلق الاستبدادي الذي زهد في الوطن بالأمس، ويزهّد في المواطنة اليوم. كتب أحمد بن أبي الضياف (1802-1874) في كتابه « إتحاف أهل الزمان … » منددا بالحكم المطلق، ومعللا ضعف الممالك الإسلامية قال: « ومن المعلوم أن شدة الملك القهري تفضي إلى نقص في بعض الكمالات الإنسانية من الشجاعة، وإباءة الضيم، والمدافعة عن المروءة، وحب الوطن والغيرة عليه حتى صار بعض الجهات من المسلمين عبيد جباية ليس لهم من مسقط رؤوسهم وبلادهم، ومنبت آبائهم وأجدادهم إلا إعطاء الدرهم والدينار على مذلة وصغار، والربط على الخسف ربط الحمار حتى زهدوا في حب الوطن والدار، وانسلخوا من أخلاق الأحرار، وهذا أعظم الأسباب في ضعف الممالك الإسلامية وخرابها ». وما أشبه الليلة بالبارحة! إن المواطنة مرتبطة بحب الوطن والذود عنه، ولا يتم ذلك إلى إذا شعر المواطن أنه يتمتع بحقوقه، والتي هي متلازمة مع الواجبات. إن لمفهوم المواطنة علاقة متينة بمفاهيم ثلاثة: التمدن، والحقوق السياسية والمدنية، ومرتبطة بالخصوص بالحرية فلا مواطنة بدون حرية كما سنرى لا حقا. وأود الإشارة في هذا الصدد إلى أن المواطنة مرتبطة بالقدوة والنموذج كذلك، فلا يمكن أن تطالب السلطة المواطن باحترام قيم المواطنة، والدفاع عن المصلحة العامة وهي غارقة إلى الأذقان في الفساد والسمسرة، وقاطعة أرزاق الناس ورقابهم، إذ أن المقولة القديمة « الناس على دين ملوكهم » ما تزال مؤثرة في المجتمعات العربية. ومن المعروف أن ضعف الشعور بالانتساب إلى الوطن، أو إلى الأمة يفرز الالتجاء إلى الجماعة، وإلى العشيرة، وإلى الطائفة. من المنطقي والمؤمل أن يتجذر الشعور بالمواطنة، وتتوارى عندئذ النعرات العشائرية والأثنية، والطائفية بعد مرور قرن ونصف على نص ابن أبي الضياف، ثم بروز حركات تحرر وطنية عارمة في الوطن العربي طيلة النصف الأول من القرن العشرين مرتكزة أساسا على الشعور بحب الوطن، والاستماتة في الذود عنه، ثم تلت ذلك موجة السياسات التربوية، وتنشئة أجيال جديدة من المتعلمين، وما ارتبط بذلك من التدرج في السلم الاجتماعي، كل هذه العوامل كان من المؤمل أن تفضي إلى تعمق الشعور بالمواطنة، ولكن هذه النتيجة المنطقية لم تتحقق في جل الحالات، كما يشهد على ذلك الواقع العربي اليوم، وهنا يطرح نفسه السؤال التالي: ماهي الأسباب؟ لا شك أنها متعددة ومتنوعة، ولكنني أميل إلى الاعتقاد بأن السبب الحاسم هو تحول الدولة الوطنية البنت الشرعية لحركات التحرر الوطني إلى دولة قامعة همشت المواطن العربي، وتفاقم الأمر لما سيطرت المؤسسة العسكرية، ونظام الحزب الواحد على السلطة فأممت الدولة والمجتمع. إن وقوع الأقطار العربية في كثير الحالات تحت نير المحنتين معا: العسكر، ونظام الحزب الواحد لم يلحق الضرر بالمواطنة في مستوى الوطن الصغير فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الوطن الكبير، فقد حلم عدد كبير في صفوف النخبة المثقفة العربية أن يتحول الشعور بالمواطنة في المستوى القطري بعد المد العارم الذي عرفه التيار القومي في الخمسينات إلى ترسخ ظاهرة المواطنة العربية، خصوصا وأن أسسها السياسية والحضارية عريقة في التربة العربية، ولكن انعدام المواطنة السياسية للأسباب التي ألمعت إليها عصف بالأسس، وأدى إلى ضعف الشعور بالهوية القومية، بل أفسح المجال لبروز هويات ضيقة متناقضة مع الهوية الوطنية والقومية معا، وأعني الهويات القبلية، والإثنية، والطائفية. لا أريد أن أنهي هذا النص دون الإشارة إلى القضايا التالية: أ- المواطنة وثيقة الصلة بالتضامن، فلا مواطنة حقيقية بدون وجود روح تضامن قوية تذود عن الوطن عندما يهدده خطر خارجي، وتذود في الداخل عن المصلحة العامة التي تجمع بين سكان الوطن الواحد، وهنا يبرز حاليا في الوطن العربي أخطر عائق أمام نشر روح المواطنة، فمن المعروف أن الطبقة الوسطى مثلت الدعامة الصلبة لحركات التحرر العربية، ثم كان لها أثر بعيد المدى في بناء الدولة الوطنية غداة الاستقلال، هذه الطبقة تدحرجت نحو الأسفل منذ مطلع الثمانينات بصفة خاصة، وبرزت فئة اجتماعية من كبار الأثرياء أصبح لها دور خطير في صنع القرار السياسي، وارتبطت برأس المال العالمي حماية لمصالحها في الداخل، ودعما لنفوذها، بل أصبحت في بعض الحالات متحالفة مع قوى أجنبية ضد المصلحة الوطنية. إنه من الطبيعي أن يحتد في هذا الوضع الجديد الصراع الاجتماعي ليصبح معوقا خطير الشأن لفكرة المواطنة، فمن الصعب في هذه الحالة أن يركب نفس السفينة سكان أحياء الصفيح وسكان أرخبيل الأثرياء في المدن العربية، وهذا الصنف هو أقرب إلى سكان أحياء الأثرياء في العواصم الغربية منه إلى سكان أحياء الفقراء المتاخمة لهم. ويحق للمرء أن يتساءل عن مستقبل أية مواطنة قطرية كانت، أم عربية بعد أن هبت عواصف انتفاضات الجوع؟ ب- تتصل القضية الثانية بالمواطنة والكونية، فمن الجوانب الإيجابية للعولمة سقوط الحدود والمسافات، وتحول العالم إلى قرية كونية بفضل الثورة الاتصالية، فليس من المبالغة القول: إن صنفا جديدا من صنوف المواطنة قد ولد، وأعني المواطنة الكونية والسمة الأساسية لمحتوى المواطنة الكونية هي حقوق الإنسان بشتى أصنافها، إذ أن الإنسان في هذه الحالة يتجاوز الحدود الجغرافية الضيقة إلى فضاء أرحب نتيجة التمسك بهذه المواطنة، ويصبح حينئذ المس بهذه الحقوق في أي منطقة من مناطق العالم مهما كانت نائية وقصية يجد رد الفعل في مستوى العالم. إن مفهوم الجماعة الكونية يمثل الملامح الجنينية لمفهوم المواطنة العالمية المطروحة اليوم سياسيا وفكريا. ج- أما القضية الثالثة، وهي بيت القصيد في هذا النص فهي علاقة المواطنة بالحرية، فلا مواطنة بدون حرية، كما أنه لا حداثة حقيقية بدون حرية، وقد تفطن إلى ذلك أحد رواد الحركة الإصلاحية العربية خير الدين التونسي لما تحدث في كتابه « أقوم المسالك » عن العدل السياسي، واعتبر الحرية هي العامل الحاسم فيما عرفته الممالك الأوروبية من تقدم، فقد أدرك صاحب « أقوم المسالك » ومعه زمرة من رجال الإصلاح في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أن الأوضاع لا يمكن أن تتغير، وأن يخطو المجتمع العربي الإسلامي خطوات ثابتة فوق درب الحداثة الحقيقية بدون تغيير الأوضاع السياسية، وبعث مؤسسات دستورية قائمة على العدل السياسي والحرية، فليس من الصدفة أن يقف خير الدين وقفة طويلة عند مفهوم الحرية، ودورها فيما حققه المجتمع الأوروبي من تقدم، ولا غرو في ذلك، وهو الذي لمس عن كثب ويلات الحكم المطلق الاستبدادي وآثاره الوخيمة، « مؤكدا أن الحرية هي منشأ سعة نطاق العرفان والتمدن بالممالك الأورباوية »، فتحدث عن الحرية الشخصية، وعن الحرية السياسية، وعن حرية النشر والتعبير، وعن علاقة الحرية بالاقتصاد، مستنجدا بابن خلدون في المقدمة في إبراز علاقة الحكم الاستبدادي بخراب العمران في فصله بعنوان « الظلم مؤذن بخراب العمران ». وبلغ الأمر بصديقه الشيخ الزيتوني المعمم أحمد بن أبي الضياف أن يعتبر أن الوطن الحقيقي ليس الوطن الجغرافي، بل الوطن الذي يستنشق فيه الإنسان نسائم الحرية، فنقل لنا في رحلته إلى فرنسا ضمن كتابه « إتحاف أهل الزمان … » هذا الحوار الذي دار بينه وبين أحمد باي، وهما يتجولان عام 1846 في شارع الشانزلزي بباريس: » فقال لي (يعني أحمد باي): ما أشوقني للدخول من باب عليوة (أحد أبواب مدينة تونس) وأشتم رائحة الزيت من حانوت الفطايري داخله، فقلت له مداعبا، وأنا أتنفس في هواء الحرية، وأرد من مائها، وقدماي بأرضها: يحق لك ذلك إن دخلت من هذا الباب تفعل ما تشاء، أما الآن فأنت رجل من الناس، فقال لي: لا سامحك الله، لم لا تحملني على حب الوطن لذاته، وعلى أي حالاته؟ فقلت له: إن هذا البلد ينسي الوطن والأهل كما الشاعر: « ولا عيب فيهم غير أن نزيلهم يعاب بنسيان الأحبة والأهل ». فقد تجاوز الشعور بالحرية، والأمان من الظلم لدى هذا الشيخ الزيتوني المستنير، وهو يتجول في باريس قبل ما يربو عن قرن ونصف حدود الوطن، وما ارتبط به من هوية منغلقة، متمنيا أن تمتزج الأنا بهوية الآخر ليتنفس هواء الحرية في وطنه. إن المشكلة الأساسية في الوطن العربي منذ كتابات الطهطاوي، وخير الدين، وفرح انطون، وولي الدين يكن، وسليم سركيس، والكواكبي، وأحمد لطفي السيد، وسلامة موسى، وطه حسين، وغيرهم من التنويريين العرب هي الحرية، والحرية هي الحل. مجلة العربى الكويتية نوفمبر 2011 من هو الحبيب الجنحاني: الحبيب الجنحاني: مؤرخ وجامعي تونسي معاصر، أصيل مدينة منزل تميم من ولاية نابل. تلقى تعليمه في جامعة الزيتونة ثم أكمله بألمانيا بالحصول على دكتوراه في الأدب. تخصص في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي. انتدب للتدريس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة للجامعة التونسية، وقد تولى تدريس تاريخ المغرب الإسلامي، كما كان أستاذا زائرا بعدد من الجامعات العربية والأجنبية [1]. انتمى الحبيب الجنحاني إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم، وهو ما خول له الاتصال بالدوائر العليا للدولة، غير أن مواقفه كانت ليبرالية بحيث أنه دافع على زملائه الذين تعرضوا لمضايقات من قبل السلطات، كما كان من مؤسسي نقابة التعليم العالي والبحث العلمي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل. وإلى جانب هذا الدور السياسي والنقابي ساهم كذلك في تنشيط الحياة الجمعياتية والثقافية، من خلال مساهمته في تأسيس وعضوية عدة هيئات وجمعيات بتونس والبلاد العربية، ومن تلك الهيئات: – اتحاد الكتاب التونسيين – الجمعية التونسية للتاريخ والآثار – اتحاد المؤرخين العرب – كما أنه عضو عامل بمنتدى الفكر العربي بعمان وعضو بكل من الشبكة العربية للمنظمات الأهلية والمجلس العربي للطفولة والتنمية بالقاهرة والمجلس القومي للثقافة العربية بباريس. نشر الحبيب الجنحاني المئات من البحوث والدراسات في الدوريات التونسية والعربية، ومن أهم مؤلفاته: – في التاريخ: – القيروان عبر ازدهار الحضارة الإسلامية في المغرب العربي، تونس 1968. – المغرب الإسلامي: الحياة الاقتصادية والاجتماعية، تونس 1978. – المجتمع العربي الإسلامي: الأسس الاقتصادية والاجتماعية، الكويت 2005. – محمد باش حانبه: رائد الحركة الوطنية التونسية، تونس 1989. – دراسات مغربية، بيروت 1980. – في الفكر: – من قضايا الفكر، تونس 1975. – دراسات في الفكر العربي الحديث، بيروت 1990. – العولمة والفكر العربي المعاصر، القاهرة 2002. – المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي، تونس 2005. – دراسات في الفكر والسياسة، تونس 2006. – الحداثة والحرية، تونس 2007. (المصدر: موقع المصدر الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

<



بلال الحسن
منذ أسابيع، ومنذ أشهر، وكل شيء هادئ على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية. حدثت ربما أزمة دبلوماسية من العيار الخفيف، كانت تتعلق بخطاب الرئيس محمود عباس في الأمم المتحدة، وهل يلقيه من منبر مجلس الأمن أم من منبر الجمعية العامة. وقد تصدت « إسرائيل » والولايات المتحدة الأميركية، لمنع الرئيس عباس من مخاطبة مجلس الأمن، ونجحتا في ذلك، وكان أن شهدنا توتراً دبلوماسياً خلال أيام، ثم عاد الهدوء، بل وعاد الصمت، ليصبح سيد المكان. يصر الرئيس عباس على أن يقدم نفسه كرجل سلام، وهو يعمل بدأب لتكريس هذه الصفة حول شخصه، معتقداً أن فوائد إيجابية كثيرة تقف وراء هذه الفكرة وتسندها. ومن حق أي سياسي أن يختار لنفسه الصورة التي يريد أن يظهر بها. والظهور بمظهر رجل السلام أمر إيجابي لا يمكن التقليل من شأنه، لولا أن المسألة هنا لا تقتصر على الفلسطينيين وحدهم، بل تتعلق أيضاً بعدو إسرائيلي شرس لا يراعي أي نوع من الاعتبارات المادية أو المعنوية. وتتعلق أيضا بحليف داعم ل »إسرائيل » هو الولايات المتحدة الأميركية، التي لديها قدرة هائلة على «البلادة الدبلوماسية»، بحيث لا تكترث بما يجري حولها. وقد قام محمود عباس حتى الآن بأكثر من محاولة دبلوماسية لوضع هذه الصفة في مقدمة عمله السياسي، وفهمت كثير من دول العالم الهدف الذي يريد الوصول إليه، أي مناخ السلام، ومناخ عدم استخدام السلاح. لكن طرفين وحيدين أصرا على حالة عدم الفهم لما يريده عباس، هما « إسرائيل » والولايات المتحدة الأميركية، رغم أنهما تتحدثان صباح مساء عن دبلوماسية السلام، وعن دبلوماسية عدم اللجوء إلى العنف، الأولى لأنها الدولة المعتدية على أرض الشعب الفلسطيني وعلى كل حقوقه، والثانية المتحمسة دائما لدعم الموقف الإسرائيلي، أكثر من « إسرائيل » نفسها. وكنتيجة لهذا التقارب في المواقف، يقال كلام كثير، ويسيل حبر كثير، من دون حصول أي تقدم على صعيد «التفاوض» الفلسطيني – الإسرائيلي، ولا نقول على صعيد «الصراع» العربي – الإسرائيلي. فكلمة «الصراع» كما يبدو لم تعد محبذة في أوساط الدبلوماسية العربية. وحين نحاول أن نفهم موقف الرئيس عباس لا نجد صعوبة في ذلك، فهو يريد أن يبرز للعالم مبدأ السلام الذي يستند إليه الموقف الفلسطيني في الصراع مع « إسرائيل ». وهو يريد أن يؤكد للعالم أنه رجل سلام وليس رجل حرب، لعل ذلك يحرك دول العالم للدفع باتجاه إنجاز ما على صعيد الصراع العربي – الإسرائيلي في أروقة الأمم المتحدة. لكن النتيجة كما تبدو حتى الآن لا تبشر بأي تطور يوحي بذلك، فكل اعتدال فلسطيني يواجهه استمرار في التصلب الإسرائيلي الذي يكذب على العالم ويقول إنه يؤيد الانسحاب من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، إنما من خلال التفاوض، وليس من خلال أي شيء آخر. ونحن نشهد في عهد نتنياهو تصاعداً في التصلب الإسرائيلي ينسف مبدأ التفاوض نفسه، فإذا كانت صيغة التفاوض في فترة سابقة تقوم على قاعدة الانسحاب من أراضي 1967، فإن صيغة التفاوض الحالية تقوم على صيغة الانسحاب من أراض متفق عليها، مما يعني ومن دون ذكاء خارق أن حكومة نتنياهو لا تريد الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلت عام 1967، وهي ترفع في وجه ذلك شعار الانسحاب إلى حدود توفر الأمن ل »إسرائيل ». وهذا شعار مطاط، قد يبدأ بإعلان رفض الانسحاب من القدس، وقد ينتهي بطلب بقاء الجيش الإسرائيلي عند حدود نهر الأردن. ويعني الأمران معا فشل أي تفاوض فلسطيني – إسرائيلي محتمل. إن نقطة الضعف الأساسية في هذا الوضع تكمن في الموقف الفلسطيني. ولا نعني بقولنا هذا إدانة أو اتهاماً بالتقصير في المطالب التفاوضية الفلسطينية، فهي مواقف واضحة وتعبر تماماً عما يطلبه الفلسطينيون في هذه المرحلة. لكن المشكلة تكمن في طبيعة التفاوض القائم الآن.. ومنذ زمن أيضاً. التفاوض القائم مع « إسرائيل » حول الانسحاب من الأراضي التي احتلت عام 1967، هو تفاوض «فلسطيني». وهنا نقطة ضعفه الكبرى. فالكل يقر ويعترف، بما في ذلك الفلسطينيون أنفسهم، بأن الفلسطينيين هم أضعف طرف في عملية التفاوض، فهم محتلون ومعرضون للقمع، ومعرضون للطرد، ولكل أشكال الاضطهاد الإسرائيلي. وطالما بقي التفاوض فلسطينياً – إسرائيلياً سيبقى الموقف الإسرائيلي على حاله، وسيبقى التعنت الإسرائيلي على حاله، ولا مخرج من هذا الوضع إلا بطرح صيغة جديدة للتفاوض تقوم على مبدأ التفاوض العربي – الإسرائيلي، بحيث يشكل الوجود العربي، والوزن العربي، عامل ضغط مطلوب لإحداث تغيير في مجرى المفاوضات. ولا يعني التفاوض العربي – الإسرائيلي أن يشارك العرب في مفاوضات الفلسطينيين مع « إسرائيل »، إنما يعني أن يكونوا موجودين، بعددهم، وموقفهم، ووزنهم، إلى جانب المفاوض الفلسطيني. إن الصورة القائمة الآن، ومنذ سنوات، أن الفلسطيني يطلب والعرب يدعمون مطلبه. إنها سياسة تأييد وليست سياسة مشاركة. والمرجو هو أن يصبح المطلب الفلسطيني مطلباً عربياً، لا يعبر عن نفسه بالبيانات، بل يعبر عن نفسه باستراتيجية سياسية، يحملها العرب أنفسهم إلى كل الدول الغربية الفاعلة في موضوع التفاوض، والقادرة على أن تضغط على « إسرائيل ». وهو ما يمكن أن يوصف في النهاية بأنه تفاوض عربي – فلسطيني مع « إسرائيل »، وليس تفاوضاً فلسطينياً فقط. إن الدبلوماسي الفلسطيني يتصرف حتى الآن من منطلق أنه المسؤول الوحيد عن الملف الفلسطيني، وهو لا يطلب بالتالي إلا تأييد العرب لما يطالب به. ولقد نبعت هذه السياسة أصلاً من شعار «القرار الفلسطيني المستقل»، وهو شعار صحيح، لكن جرت الاستفادة منه بطريقة خاطئة. لقد رفع هذا الشعار أصلاً في وجه « إسرائيل »، التي كانت تقول في حينه إنها تتفاوض مع العرب لا مع الفلسطينيين، ولكن الذي جرى بعد ذلك هو أن الشعار أصبح يرفع فلسطينياً – ولو أحياناً – ضد العرب أنفسهم. لا بد أن يعترف المفاوض الفلسطيني بأنه الطرف الأضعف أثناء التفاوض مع « إسرائيل »، ولسبب مادي مباشر، وهو أنه محتل من قبل « إسرائيل ». ويجب أن يعترف المفاوض الفلسطيني بأنه يحتاج إلى الدعم العربي لمواجهة التعنت الإسرائيلي من جهة، ومواجهة الصلف الأميركي في دعم « إسرائيل » من جهة أخرى. ولا بد أن يعترف المفاوض الفلسطيني بأن فلسطين قضية عربية مثلما هي قضية فلسطينية. إن «القرار الفلسطيني المستقل» هو أصلاً قرار عربي وليس قراراً فلسطينياً، وقد تم اتخاذه في قمة فاس العربية عام 1974 لدعم توجه الفلسطينيين حينذاك إلى مخاطبة الأمم المتحدة، ولا يجوز الآن استخدامه في وجه العرب، وبما يضعف قوة الموقف الفلسطيني الدولية. وقد استراح بعض العرب لهذا الموقف الفلسطيني المغلق، وبدأوا يتصرفون انطلاقاً من قاعدة «حددوا ما تريدون ونحن ندعمكم»، ووصلنا بسبب ذلك إلى دبلوماسية فلسطينية، وخسرنا بسبب ذلك دبلوماسية عربية شاملة من أجل فلسطين. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 28 نوفمبر 2011)

<



عريب الرنتاوي
يمكن النظر إلى لقاء القاهرة الذي جمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، بوصفه « قفزة مهمة في الاتجاه »… فقد أعاد اللقاء مناخات الأمل والتفاؤل في إمكانية استرداد الوحدة وطي صفحة الانقسام… وأسس لحوار نأمل أن يتخطى « تقاسم السلطة » إلى وضع استراتيجيات للعمل الوطني الفلسطيني في المرحلة المقبلة.
مما قرأنا وسمعنا، يبدو أن اللقاء لامس ثلاثة محاور رئيسة، كنا نرى فيها أعمدة لثلاث للاستراتيجية الوطنية الفلسطينية الجديدة: وحدة البرنامج، وحدة الأداة والتوافق على أشكال النضال… وهنا لفت انتباهنا توافق الرجلين على برنامج العودة وتقرير المصير وبناء الدولة فوق الأراضي المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس… واتفاقهما على إعادة هيكلة وبناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الأداة التنظيمية المُوحِدة للشعب الفلسطيني بوصفها ممثله الشرعي الوحيد… وتوحدهما خلف شعار المقاومة الشعبية السلمية المستلهمة لربيع العرب وروح ميدان التحرير وشارع الحبيب بورقيبة وساحة التغيير في صنعاء.
لا أريد أن أتناول لقاء المصالحة من باب الرابح والخاسر، فلسنا أبداً أمام لعبة « الخيارات الصفرية »، أو ما يسمى بالإنجليزية – Zero sum game – فالجميع خرج من لقاء القاهرة رابح، من شارك فيه ومن غاب عنه، والأهم أن الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وكفاحه المشروع والعادل، هم أول الرابحين من هذا اللقاء… إنها « وضعية رابح – رابح »، أو ما يسمى بالإنجليزية Win-win situation – –
حماس في القاهرة اقتربت خطوة إضافية من برنامج فتح والمنظمة… وفتح في القاهرة اندفعت خطوة نحو « مقاومة حماس »… حماس كانت بدأت مسيرة القبول بدولة الضفة والقطاع والقدس منذ سنوات، وهي أرسلت بهذا الصدد العشرات من الرسائل والتلميحات، التي لا تخلو من الدلالات والاشتراطات و »اللاكنات » – جمع لكن- فيما فتح والسلطة والرئاسة لم تقرر لأول مرة اللجوء لخيار المقاومة الشعبية بعد لقاء عباس – مشعل، فقد فعلت ذلك من قبل وإن لم تنتقل بهذا الشعار خطوات جدية للأمام… في لقاء القاهرة تبلورت مواقف الطرفين في سياق توافقي حول البرنامج وأشكال النضال، مثلما تم التوافق على برنامج زمني للشروع في إعادة بناء السلطة والمنظمة.
ليس الطريق إلى استرداد الوحدة الوطنية الفلسطينية سالكاً وآمناً، ولا هو مفروش بالورود… وليس الاتفاق حول العناوين الرئيسة وحده الكفيل بتجاوز الاستعصاءات وتفكيكها، فكل شياطين الأرض، تكمن في التفاصيل وتقبع وراءها… ومشوار الوحدة الذي له كثرة كاثرة من الأصدقاء والداعمين، يواجه أيضاً جبهة متحدة من الخصوم والمتربصين والمتآمرين، من مختلف العيارات والأوزان، لكننا مع ذلك نؤمن بأن الوضع « مختلف هذه المرة »، وأن حاجة كل طرف من طرفي المعادلة للوحدة والمصالحة، لا تقل عن حاجة الطرف الآخر، ولا نريد هنا أن نكرر عبارات من نوع « وحدة المأزومين »، فالجميع مأزوم على الساحة الفلسطينية، والانقسام هو ذروة التعبير عن أزمة العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، والجميع يأتي لمائدة المصالحة لحاجته وحاجة الشعب والقضية إليها، من دون منّة لأحد على أحد، ومن دون ميزة لأحد على أحد.
ستواجه هذه المسيرة الكثير من التحديات، من الرفض الإسرائيلي إلى « الفيتو » الأمريكي، مروراً بتحفظات أوروبية متفرقة، وحذر عربي متفاوت… على أن العراقيل الأهم، ستنتصب في وجه المصالحة عندما تحين لحظة الترتيبات العملية، من نوع العلاقة بين اللجنة التنفيذية والإطار القيادي الفلسطيني الانتقالي… مقر الحكومة وصلتها بشطري الوطن المحتل والمحاصر، مصائر الأجهزة الأمنية وفرص دمجها وإعادة هيكلتها، التنسيق الأمني مع « إسرائيل »، مستقبل حماس في الضفة وفتح في غزة، قضايا التوظيف وموظفي الدرجة الأولى والمحاصصات وغيرها… ناهيك عن « الحمولة الزائدة » التي أثقلت كاهل الفصيلين الرئيسين من فصائل كرتونية تم الاحتفاظ بها لغايات عد الأصابع والأيدي في الاجتماعات العامة، إلى بعض « المستقلين » الذين لم يكن لهم يوما قيمة بذواتهم، بل بأدوارهم ومهامهم القذرة في إذكاء الانقسام وتسعير إواره.
لهذه الأسباب وكثير غيرها، نقول للذين ذهبوا بعيداً في التفاؤل، إن التفاؤل مطلوب إن كان تعبيراً عن الإرادة… إرادة النضال من أجل الاحتفاظ بزخم المصالحة ودفع قطار الوحدة الذي وضع على السكة لأول مرة منذ سنوات… لكن العقل ما زال يراوح ما بين التفاؤل والتشاؤم، أنه « متشائل » إن جاز التعبير، فالعراقيل التي تعترض طريق الوحدة ما زالت كبيرة، والقطار يمكن أن ينزلق عن قضبانه مرة أخرى، ما لم يحظ بقوة دفع جماهيرية قوية، تعزز سيره الواثق إلى محطته النهائية… وحكمة المؤمن أن يجمع بين تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة، حتى لا يؤتى من مأمنه، ولا يبيتنّ على حرير الأوهام من جهة، ولكي لا يترك مصائر الشعب والقضية من جهة ثانية، نهباً لنزعة « قدرية » لا تؤمن بطاقات الشعب الخلّاقة القادرة على صنع التغيير وكتابة التاريخ… ألسنا في ذروة الانتفاض على « القدرية » البالغة حد الاستسلام للأمر الواقع… ألسنا في ذروة ربيع العرب، ربيع الإرادة الشعبية المتفائلة؟.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 2011)

<



د. فيصل القاسم
كما أن التواصل الاجتماعي في عالمنا العربي فيه جانب إنساني عظيم افتقدته مجتمعات أخرى، إلا أنه ساهم ويساهم بشكل مرعب أيضاً في عرقلة وإفساد دولة القانون التي وصلت إليها المجتمعات الغربية وغيرها، وأصبحت بفضلها في طليعة العالم.
صحيح أن الاحتكاك الاجتماعي أمر إيجابي، ويحافظ على اللحمة الشعبية والإنسانية، إلا أنه أدى إلى التخلف وتأخير بناء دولة القانون في الكثير من بلادنا العربية بفعل الحسب والنسب والمحسوبية وصلات القرابة والصداقة، فقد تم استغلال تلك الأمور الإيجابية لأغراض سلبية للغاية.
ولدينا أمثلة مهولة على ذلك، فإذا كنت مثلاً تعرف الشخص المسؤول عن إدخال المرضى إلى عيادة الطبيب في المستشفى، فإنك ستدخل قبل غيرك حتى لو جئت قبل دقائق فقط، بينما ينتظر غيرك منذ ساعات. وإذا كنت تعرف شرطي المرور فإنه قد يعفيك من غرامة باهظة حتى لو اجتزت الإشارة الحمراء، وكدت أن تتسبب في حادث خطير، لا لشيء إلا لأنه قريبك أو من معارف العائلة القريبة أو البعيدة. وقد عرفت رجال شرطة يأتون إلى بيت ما لتسليم شخص فيه ضبطاً معيناً، لكنهم يمزقونه بعد أن يعرفوا أن أصحاب البيت من أصحاب أصحابهم. لا بل إن عدداً من أفراد الشرطة في إحدى البلدان جاءوا ذات يوم للقبض على شخص، فتبين لهم أن أباه متزوج من عائلة أحد رجال الشرطة المعنيين. فعادوا إلى المخفر وأخبروا الضابط المسؤول بأنهم لم يجدوا الشخص المطلوب في المنزل، هكذا بكل بساطة وخفة لا مثيل لها في العالم الذي يحترم نفسه. ولا ننسى أن الدوائر الرسمية تغص بالتجاوزات التي تحابي شخصاً على حساب آخر في المعاملة والخدمات لمجرد أن الموظف قريبه، أو ابن قريته، أو جاره أو من معارفه.
أتذكر أن شخصاً أوقف على أحد الحواجز، وتبين بعد تفتيشه أنه يحمل مخدرات، فتم وضعه في السجن فوراً، لكنه خرج بعد أيام لأن قريباً له توسط له لدى أحد المعارف في مكان ما، فتم إغلاق ملفه، ويا دار ما دخلك شر. وكم من الناس حصلوا على رخص سواقة زوراً وبهتاناً، مع أنهم يتقنون قيادة السيارة كما أتقن أنا قيادة الطائرة. ومع ذلك، نجحوا في الامتحان بقدرة قادر لأن الضابط المناوب وقتها كان ابن خالة جارتهم أم فلان دون حتى أن يركبوا السيارة.
حتى في عمليات التصويت غالباً ما نصوت للأقربين والمعارف حتى لو كانوا أغبى الأغبياء. ولا داعي للإشارة إلى أن الكثيرين يصوتون لابن العشيرة أو الطائفة أو القبيلة بدل التصويت لمن هو جدير بالمنصب في انتخاباتنا العربية المضحكة. فنحن لا نقدم الكفاءة على القرابة أبداً. المهم أن الذي أصوت له من معارفي أو أنسبائي أو بلدياتي.
على العكس منا، وربما بفضل انعدام التواصل الاجتماعي وعدم وجود لحمة اجتماعية وعائلية قوية، فقد نجح الغربيون وغيرهم في بناء دولة القانون التي يتساوى أمامها الجميع. فلو طلبت من ممرضة بريطانية قريبة لك أن تــُدخلك إلى عيادة الطبيب قبل غيرك لمجرد أنك قريبها، لربما اعتقدت أنك مجنون أو مخبول. فهي لن تـُدخل حتى أمها إلا حسب دورها في الطابور. ولو همست بأذن الشرطي الأوروبي، وقلت له إنك من قريته، وبالتالي لا بد أن يمتنع عن تسجيل مخالفة مرورية بحقك، لربما رفع عليك دعوى قضائية بتهمة الفساد أو عرقلة القانون. ولو وقفت أمام قاض غربي وقلت له إن عمك صديقه في سلك القضاء في المدينة، لربما سخر منك، وزاد لك العقوبة إذا كنت مذنباً. ولو ذهبت إلى إدارة الهجرة والجوازات في عاصمة غربية، وهمست بأذن الشخص الذي يستلم الطلبات بأن أخيك متزوج من قريبته الفلانية، وبالتالي لا بد أن يسرّع لك في إصدار الجواز، لربما ظن أنك تعاني من مرض نفسي خطير، ولربما رفض استلام الطلب كونك مختلاً عقلياً بنظره. ولو طلبت من جارك البريطاني أن يصوت لك في الانتخابات البلدية لمجرد أنك جاره، لربما اشتكاك إلى دائرة التصويت. ومن أجمل ما شاهدت في بريطانيا أن حتى أفراد العائلة الواحدة لا يخبرون بعضهم البعض لمن سيصوتون في الانتخابات. وكم تفاجئت ذات مرة عندما عرفت بطريقة ما أن أحد الأشخاص لم يصوت لصديقه في الانتخابات البلدية، لعلمه أنه غير جدير بالمنصب، مع العلم أنهما يتسامران ويلتقيان أكثر من مرة في الأسبوع. فبينما درجة الخجل والمجاملة السخيفة بيننا نحن العرب تصل إلى مستويات مرتفعة للغاية، نجد أن الإنسان الغربي صريح جداً وبلطف، ولا يجامل، ولا يضيره أن يقول للأعمى إنه أعمى وستين ألف أعمى.
نعم لوجود ترابط اجتماعي وعائلي ومجتمعي في بلادنا العربية، لكن لا وألف لا لأن يؤدي ذلك إلى إبقائنا مجتمعات عشائرية وقبلية وطائفية وعائلية متخلفة لا تعرف للقانون مكاناً في حياتها. من المؤسف جداً أن تكون علاقاتنا الاجتماعية الوطيدة سبباً مباشراً للفساد والإفساد المنتشرين بين ظهرانينا كانتشار النار في الهشيم. وطالما أنه ليس لدينا دولة القانون، سنظل مجتمعات متخلفة ومهزومة ومثاراً للسخرية والتهكم. ألم تقل غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل ذات يوم: «سأخاف من العرب فقط عندما أراهم يصعدون إلى الباص بالدور»؟
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 28 نوفمبر2011)

<

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.