الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

 

في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس  

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3367 du 11.08 .2009

 archives : www.tunisnews.net


حركة التجديد – التكتل الديمقراطي- الديمقراطي التقدمي: بيان مشترك

السبيل أونلاين:أجهزة البوليس تمنع عبد الحليم عروة من التنقل في التراب التونسي

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين:بيـــــــان

الصباح:اتحاد الشغل: مؤتمر ساخن اليوم في جندوبة

كلمة حرّة من « الحوار.نت :بإعتقال وسجن الدكتور أحمد العش يصبح وزير العدل التونسي كذابا

عمــار رويـــبح :آما آن لتونس الحريات أن تعتدل نوعا ما

قدس برس: محكمة تونسية ترجئ النظر في قضية إبطال عقد مؤتمر نقابة الصحافيين

رويترز:أحزاب تونسية معارضة تدعو السلطة لوقف التدخل في نقابة الصحفيين

محمد الحمروني:حملة إعلامية لترشيح زعيم إسلامي للانتخابات الرئاسية في تونس

الصباح:تساؤلات حول مشاركة المنظمة الشغيلة في الانتخابات التشريعية

عبدالحميد العدّاسي: »سياسية » شغوفة بفرحة الحياة

ظافر ناجي:ما أسهل الموعظة.. ما أصعب التضحية

حبيب مقدم:واقع الشيعة في المستنقع الأمني التونسي

الصباح:تلميذ يروّع روّاد مقهى بسكين

الشيخ راشد الغنوشي، :الشورى عصب الحضارة الإسلامية

  توفيق المديني:نجاد الثاني و التحديات المقبلة

عبد الحليم قنديل:’تشفير’الانتخابات

القدس العربي: ليبرمان سيزور 5 دول افريقية لتوفير غطاء سياسي للنشاط الاقتصادي والامني الاسرائيلي هناك

الإعلام الإخواني بمصر.. انكسار في زمن المعارك


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس  

               
    جانفي 2009  https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm        
فيفري 2009    
    مارس 2009     https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm           أفريل 2009      https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm 
    ماي  2009     https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm         
جوان2009


تونس في 11 أوت 2009 بيان مشترك  

  تابعت الأحزاب الديمقراطية بانشغال كبير التطورات الحاصلة في النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وخاصة المناورات التي تحاك منذ فترة لتدجينها عبر الإطاحة بمكتبها التنفيذي الشرعي، المنتخب ديمقراطيا في المؤتمر الأخير، واستبداله بعناصر موالية  للسلطة. وتحمّل الأحزاب الموقعة على هذا البيان السلطة مسؤولية الأزمة الحالية بقطعها الحوار مع المكتب التنفيذي للنقابة ووقف دفع المنحة المقررة للنقابة وفرض حصار إعلامي على مواقف الهيأة الشرعية وبياناتها. كما تدعو إلى الإقلاع عن التدخّل في الشؤون الداخلية للنقابة واحترام نظامها الداخلي بما في ذلك ما يتعلق بتراتيب الدعوة إلى مؤتمر استثنائي وتنظيمه. وتنبه إلى أن الانقلاب المبرمج ليوم 15 أوت الجاري في النقابة يشكل خطوة تصعيدية تذكر بالانقلاب الذي تعرضت له جمعية القضاة التونسيين، والحصار الذي تتعرض له رابطة حقوق الإنسان، وتطالب برفع يد الحكم عن شؤون النقابة واحترام استقلالية منظمات المجتمع المدني. وتتوجّه الأحزاب بنداء إلى الرأي العام الوطني من أحزاب وجمعيات ونقابات وشخصيات وطنية كي تدافع عن استقلالية منظمات المجتمع المدني وترفض الوصاية والتدخل في شؤونها الداخلية.       حركة الجديد           التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات          الحزب الديمقراطي التقدمي أحمد إبراهيم                          مصطفى بن جعفر                                ميّة الجريبي  

أجهزة البوليس تمنع عبد الحليم عروة من التنقل في التراب التونسي


السبيل أونلاين – تونس   قال مصدر مهتم بمتابعة حالة حقوق الإنسان في تونس أن أجهزة البوليس تمارس ضغوطا شديدة على المسرّحين من المساجين السياسيين ، وتصرّ على وضعهم تحت مراقبة أمنية وإدارية تقيّد حركة تنقلهم بين المدن التونسية .   وأفادت « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين » ، في بلاغ تلقى السبيل أونلاين نسخة منه مساء الإثنين 10 أوت 2009 ، بأن السجين السياسي السابق عبد الحليم بن شعبان بن مهنّي عروة ، تقدم (بتاريخ 14 جويلية 2009) ، بطلب لدى إدارة منطقة الأمن الوطني بنزرت للتنقل إلى مدينة جربة بغرض قضاء بعض الشؤون العائلية، فجُوبهَ طلبه بالرفض، فأعاد عرض طلبه يوم الخميس 16 جويلية 2009 على إدارة إقليم أمن بنزرت، فلم يجد منها إلا تأكيد الرفض .   وكان عروة قد اُطلق سراحه في 13 ديسمبر 2008 بعد أن قضى حكماً بالسجن لمدة 3 أعوام و 6 أشهر، وهو يقضي الآن عقوبة تكميلية ممثلة في المراقبة الإدارية لمدة 3 أعوام في القضية عـ1/721/11089/12894/10602ـدد وخطية مالية قدرها 2000 د. ت،تبلغ مع توظيف الأداءات ما قدره 3200 د.ت .   واشارت الجمعية إلى أن نصّ قرار المراقبة الإدارية الصادر عن وزير الداخلية والتنمية المحلية بتاريخ 10 فيفري 2009 تحت عدد 18327 لم يرد في أيّ من فصوله الأربعة ما يَنصّ صراحة أوما يُستنتج من منطوقه أن المعني بقرار المراقبة يتوجب عليه الحصول على إذن للتنقل خارج منطقة سكناه .   وأكدت « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين » ، أن الأجهزة الأمنية ببنزرت، التى تضطلع بتنفيذ قرار المراقبة الإدارية على عدد من المساجين المسرحين، « تصرّ على ممارسة حق ليس لها، والتضييق على شباب كان يفترض بها وجوبًا توفير فرص إندماجه في المجتمع بعد سنين السجن وذلك بتمكينه من حق الدراسة والشغل والزواج… وجميعها حقوق لا تتاح بدون حق التنقل » حسب نصّ البلاغ.    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 11 أوت 2009)  

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تونس في 11 أوت 2009 بيـــــــان

 


يعبّر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن أسفه العميق لامتناع أعضاء المكتب الموسع الذين يسعون لإنجاز مؤتمر انقلابي يوم 15 أوت 2009، عن حضور الاجتماع الذي دعا له صباح الثلاثاء 11 أوت 2009 في مقر النقابة للقيام بمحاولة أخيرة بهدف التوصل إلى اتفاق على موعد موحّد يحافظ على الوحدة الهيكلية للنقابة ويمنع تقسيم صفوف الصحفيين التونسيين. وكان المكتب التنفيذي تجاوب بشكل كامل مع وساطات الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب فضلا عن المساعي الحميدة التي قام بها الزميلان يونس مجاهد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، والزميل محمد يوسف رئيس جمعية الصحفيين الإماراتيين، لكن تعنّت بعض زملائنا الذين تدفعهم وتسندهم جهات غير مهنية في حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم والحكومة، أطاح بهذه المساعي. وبلغ أمر التدخل في الخلاف الحاصل في النقابة حد تصريح أحد الأعضاء المستقيلين من المكتب التنفيذي لرئيس نقابة عربية عشية نظر الدائرة الاستعجالية في المحكمة الابتدائية بتونس في القضية التي رفعتها النقابة يوم الإثنين 10 أوت 2009 لإبطال مؤتمر 15 أوت الانقلابي، بأن الحكم القضائي محسوم لفائدته ومن معه ممّن يحظون بدعم من جهات رسمية في الدولة. وقد استخدم بعض هؤلاء اسم رئيس الدولة لترهيب الداعين للوفاق، وهو ما سبق لنا أن أشرنا إليه في بيان سابق وظل دون جواب. وفي الوقت الذي يهيب فيه المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بسيادة الرئيس زين العابدين بن علي، باعتباره رئيس الدولة الضامن لعلوية الدستور وإنفاذ القانون ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، التدخل لضمان حيادية الحكومة التي تعود له بالنظر دون سواه والمؤسسة القضائية في المشاكل الداخلية بين الصحفيين التونسيين في صلب نقابتهم، يؤكد بأنه لن يتخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن الشرعية في إطار القانون، ولن يرضخ لمنطق القوة انتصارا لقيم الجمهورية ومبادئ دولة القانون ولإرادة الصحفيين التونسيين المتمسكين بالاستقلالية. ومن هذا المنطلق يعلن المكتب التنفيذي عن فشل كل المحاولات الصلحية والالتقاء على الحد المهني الأدنى في النزاع القائم بين الهيكل القانوني والشرعي ممثّلا في المكتب التنفيذي للنقابة من جهة وعدد من الزملاء أعضاء المكتب الموسع المنخرطين في عمل انقلابي ضد النقابة من جهة ثانية، وذلك رغم كل التنازلات التي قدمها من أجل التوصل إلى حل وفاقي للحفاظ على وحدة النقابة ولمّ شمل الصحفيين التونسيين. ويجدد المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين دعوته لعقد المؤتمر الاستثنائي الشرعي والقانوني في 12 سبتمبر 2009 مع دعوته كافة الزميلات والزملاء للالتفاف حول نقابتهم ومقاطعة المؤتمر الانقلابي المقرر يوم 15 أوت 2009 وعدم الاعتراف بنتائجه. عاشت نضالات الصحفيين التونسيين عاشت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عن المكتب التنفيذي الرئيس ناجي البغوري  

اتحاد الشغل: مؤتمر ساخن اليوم في جندوبة


تونس ـ الصباح يعقد اليوم الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة مؤتمره العام وسط توقعات بمؤتمر ساخن، بالنظر إلى التنافس الشديد الذي يهيمن على المرشحين للمكتب التنفيذي الجهوي، حيث ناهز عدد المرشحين الثلاثين نقابيا، غالبيتهم من قطاعي التعليم الأساسي والثانوي اللذين يعدّان الأكثر تمثيلا في المؤتمر (32 نائبا للقطاعين)..  لكن التنافس لن يقتصر على عضوية التشكيلة الجديدة للمكتب التنفيذي، وإنما يشمل الكتابة العامة التي باتت مطمح أكثر من طرف نقابي، على خلفية ما يتردد من تقييمات مثيرة للجدل حول المدة النيابية الحالية للكاتب العام الحالي للاتحاد الجهوي، السيد عياد الترخاني.. وعلمت « الصباح » أن قائمتان تتنافسان خلال هذا المؤتمر، الأولى يقودها الكاتب العام الحالي، وتتألف من عدة أطراف يسارية تمثل حجر الزاوية في المكتب التنفيذي الحالي منذ أكثر من عقد من الزمن، إلى جانب كون بعضها أصبح يحظى باحترام النقابيين في جهة جندوبة، وبالتالي من غير المستبعد أن يتم التجديد لهم في أعقاب هذا المؤتمر.. فيما يمثل القائمة الثانية، تيارات قومية ويسارية توصف بـ « المعتدلة » في سياق تحالف نقابي واسع، من المرجح أن يثير اهتمام النقابيين ونواب المؤتمر.. وتفيد معلومات نقابية أن هذا التجاذب قد لا يستمر، في ضوء ما يتردد بشأن إمكانية التحاق أطراف يسارية إلى القائمة الثانية التي بدأت تستقطب أنظار النقابيين.. ويرى مراقبون، أن المعركة الأساسية في مؤتمر جندوبة، ستتمحور حول الكتابة العامة التي ستعرف تجاذبا كبيرا وصراعا شديدا بين رئيسي القائمتين المرشحتين، وسط مؤشرات بأن تحسم تحالفات اللحظات الأخيرة مسألة الكتابة العامة التي تتجه إليها جميع الأنظار.. الجدير بالذكر، أن مؤتمر الاتحاد الجهوي بجندوبة، سيحضره ما يزيد عن 100 مؤتمر، يمثلون ما يزيد عن 10 آلاف منخرط في ولاية تتميز بنشاطها الفلاحي والسياحي.. المؤتمر الأكثر حساسية من ناحية أخرى، تنظر المركزية النقابية إلى مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بتونس بكثير من الترقب، ليس باعتبار ثقله بين المؤتمرات الجهوية الأخرى، ولكن بالنظر إلى جمعه لكثير من الحساسيات السياسية والاجتماعية والنقابية، حيث يضم النقابات والقطاعات والجامعات الهامة المتمركزة في العاصمة، وبخاصة منها التعليم والنقل والصحة، بوصفها القطاعات التي تستقطب أكبر عدد ممكن من المنخرطين والنقابيين، إلى جانب التجاذبات السياسية والنقابية التي يختزنها الاتحاد الجهوي بتونس منذ عقود.. ووفق معلومات موثوقة من مصادر نقابية، فإن من المرجح أن لا يتأجل مؤتمر تونس إلى تاريخ جديد، وسيكون يوم الخامس عشر من أوت الجاري، الموعد المفترض للمؤتمر الذي سيحضره نحو 125 نائبا، في اتحاد جهوي يضم في صفوفه أكثر من 80 ألف منخرط..     وعلمنا أن أكثر من قائمة ستدخل المؤتمر القادم، لكن أوساطا نقابية عليمة، رجحت إمكانية الاقتصار على قائمتين قبيل انطلاق المؤتمر.. واستبعدت أطراف عديدة وجود ما يعرف بـ « قائمة الأمين العام » التي كانت تتسلل إلى مؤتمر تونس بالخصوص، سيما في ضوء تنظيم الترشحات التي باتت من أنظار قسمي النظام الداخلي والإدارة والمالية، لكن ذلك قد لا يمنع من وجود مرشحين محسوبين على الأمين العام، وهو الأمر الذي تنفيه مصادر نقابية نفيا قاطعا.. وكانت القيادة النقابية، تحركت في الآونة الأخيرة بشكل مكثف من أجل ترتيب الأجواء صلب الاتحاد الجهوي، وضمان قوائم « معقولة » يكون تنافسها على أجندة نقابية وليس سياسية.. فهل ينجح المؤتمرون في فرض مطالبهم النقابية؟ أم تكون الكلمة العليا لأجندة التيارات السياسية المختلفة صلب الاتحاد الجهوي؟ صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 أوت 2009)  

كلمة حرّة من « الحوار.نت بإعتقال وسجن الدكتور أحمد العش يصبح وزير العدل التونسي كذابا

 


توالت تصريحات وزير العدل التونسي ( التكاري ) مؤكدة فتح تونس أبوابها لكل أبنائها المهاجرين والمهجرين قبل إنعقاد المؤتمر التأسيسي للمنظمة العالمية للمهجرين التونسيين في 21 يونيو حزيران المنصرم 09 وفي أثنائه وبعد ذلك. ثم تواصلت الوعود الكاذبة ذاتها على لسان الوزير حتى الأسبوع المنصرم من بداية شهر آب أغسطس الجاري 09. الدكتور العش ضحية الكذب.. وفي أول إمتحان لكلام الوزير التونسي سقطت أقنعة الكذب الصراح البواح مرة أخرى وذلك بإعتقال السلطات التونسية في أواخر الأسبوع المنصرم من هذا الشهر الجاري آب 09 للدكتور أحمد العش مباشرة بعد دخوله المطار عائدا إلى البلاد بعد عشرين عاما من التشريد والتهجير. كذب وخديعة مصحوبان بإنتقام وتنكيل..!! لم تكتف السلطات التونسية بإعتقال الدكتور العش بل حكمت عليه في غضون أيام قليلة جدا بأربعة أعوام سجنا نافذا حيث لم يتمكن من العودة إلى منزله لعيادة والده المريض ـ شفاه الله تعالى ـ وهو السبب المباشر الذي جعل الدكتور العش ـ بحسب ما علمنا والله أعلم ـ يعجل بالعودة. بأي جريرة ينتقم من الدكتور العش.؟؟ّ!! صحيح أن الدكتور أحمد العش محاكم غيابيا بالتهمة التقليدية الفاسدة التي سجنت عشرات الآلاف من التونسيين على إمتداد ربع القرن الأخير وشردت آلافا أخرى منهم أي تهمة : الإنتماء إلى جمعية غير مرخص فيها وهي في صورة الحال : حركة النهضة الإسلامية التونسية ( حركة الإتجاه الإسلامي سابقا ) .. ولكن الأصح من ذلك أمور أخرى لم ترع فيها السلطات التونسية إلا ولا ذمة من خلال إعتقال وسجن الدكتور العش  ومنها : 1 ــ أن حركة النهضة التي إنتمى إليها الدكتور العش حركة إصلاحية ديمقراطية سلمية لم تثبت ضدها على إمتداد أربعة عقود كاملة ( في شهر كانون الأول من هذا العام 09 يصبح العمر الحقيقي للحركة : 40 عاما كاملة إذ ولدت في الشهر ذاته من عام 1969 ميلادية قبل أن تتطور حقبة بعد حقبة إلى الجماعة الإسلامية ثم إلى حركة الإتجاه الإسلامي ثم إلى حركة النهضة ).. الحركة التي إنتمى إليها الدكتور العش حركة ديمقراطية بشهادة المراقبين المنصفين من عرب وغربيين لم تثبت ضدها حادثة عنف واحدة رغم صنوف القهر التي سلطت عليها داعية إلى إستدراجها إلى ردود أفعال إرهابية عنيفة ولكنها تحصنت بفضل الله سبحانه بمنهجها المسطر : البلاغ المبين والصبر الجميل.. ظلت عمليات الفعل الحكومي وردود الأفعال  » الإسلامية  » على طريقة العمل الجهادي المعاصر تفتك بالساحات المتاخمة لتونس في غمرة الإنبهار بأداء تلك الجماعات في الجزائر وليبيا ومصر والمغرب الأقصى فضلا عن بعض بلدان الخليج بينما إعتصمت الحركة ـ وهي في يم المحن محنة بعد محنة ـ بالله سبحانه هاديا لها إلى المنهاج الإسلامي الإصلاحي قوامه قوله سبحانه ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) وقوله ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة ) وقوله ( وجاهدهم به جهادا كبيرا ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) إلخ.. 2 ــ أن الدكتور أحمد العش لمن يعرفه عن قرب من أشد الناس دماثة خلق وسماحة معاملة ورحابة لطف وهو داعية خير ورحمة من خلال مهنته ( طبيب نفسي ). طبيب يعالج النفوس بالتي هي أحسن ولا يعرف العنف إليه سبيلا. 3 ــ أن الأحكام التي سلطت على الدكتور أحمد العش غيابيا قد سقطت بمقتضى القانون التونسي نفسه أي بحكم التقادم إذ مضى عليها ما يناهز عقدين كاملين من الزمن سوى أن السلطات التونسية التي إمتلأ صدرها حنقا وغيظا وحقدا ضد كل معارض مهما كان لونه إختارت الشقاء الذي لا يرحم أحدا ولا يعذر كبيرا ولا صغيرا ولا قريبا ولا بعيدا ولا رجلا ولا إمرأة..4 ــ أن الدكتور العش إنما تعجل في رجوعه ـ بحسب ما علمنا ـ بسبب مرض شديد ألم بوالده ـ شفاه الله تعالى ـ ولكن السلطات الحاقدة الكئيبة حالت دونه ودون رؤية والده الذي عاد لأجلها فقبضت عليه مباشرة بعد نزوله بالمطار وإقتادته إلى السجن في حالة إيقاف ثم كثفت من سياستها التنكيلية ضده بالحكم عليه أربعة أعوام سجنا نافذا وكأن الرجل مجرم خطير متورط في قضايا مخدرات أو قتل أو غير ذلك فكان لا بد من التشفي منه بتلك الطريقة الفظة التي لا علاقة لها بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية التي تتشدق بها السلطات التونسية صباح مساء كذبا وزورا.. 5 ــ أن الدكتور العش كان يمكن أن يستفيد من الوعد الكاذب الذي ظل وزير العدل التونسي يشنف به الآذان  بمناسبة وبغير مناسبة حتى ليخيل لمن يسمعه من غير التونسيين أن تونس واحة أمن وسلام وحرية وهناء حرم منها التونسيون المهجرون لأسباب سياسية أو إجتماعية أو علمية.. 6 ــ معلوم أن كل العائدين من المحاكمين غيابيا لأسباب سياسية ( الإنتماء لحركة النهضة ) ـ أو أكثرهم على أقل تقدير ـ بشهادة بعضهم .. معلوم أنهم تمتعوا بتأجيل التنفيذ بعد مثولهم في أثناء عودتهم أمام القضاء فلم يمثل واحد منهم في حالة إيقاف ثم تمكنوا من قضاء عطلة بين ذويهم وعادوا إلى أروبا .. والسؤال هو : لم لم يتمتع الدكتور العش بمثل ما تمتع به أولئك؟ الحقيقة هي أن دوائر المخابرات التي تقتسم السلطة في تونس بغنمها مع ثلاثي المافيا المعروفة ( العائلة الحاكمة + جراثيم اليسار الماركسي التي تحالفت مع الحكم الجديد بعد بورقيبة لتجفيف منابع التدين في البلاد + قوات القمع الحافظة لمصالح بعض الغربيين في تونس ).. الحقيقة أن تلك الدوائر لم تجد في الدكتور العش ما وجدته في غيره ممن إنتفع بالإحالة في حالة سراح والحكم بتأجيل التنفيذ. !!! إنه دليل على أن البلاد محكومة بعصا البوليس والمخابرات التي تعامل كل مواطن بقدر ما يحفظ في نفسه لنفسه من عزة وإباء وكرامة وشهامة أو من حطة ووضاعة ولؤم وسفاهة .. بــــــــــاخــــــتــــصـــــــــار… 1 ــ فإن إعتقال وسجن الدكتور أحمد العش هو أول إمتحان لوزير العدل التونسي ومن ورائه السلطة والحكومة بعد تصريحاته الخادعة الكاذبة. 2 ــ صحيح أن الوطن غريزة في الإنسان تعكس جبلة الحرية فيه ولكن الأصح من ذلك هو أن السلطة التونسية سلطة كذب وغدر وخيانة لا يؤتمن لها جانب. ولا يسع أسرة الحوار.نت في ختام هذه الكلمة الحرة إلا أن تطالب بإطلاق سراح الدكتور أحمد العش وتمكينه من حقه في عيادة والده المريض شفاه الله تعالى .. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 10 أوت 2009)   

آما آن لتونس الحريات أن تعتدل نوعا ما


طالعتنا  مؤخرا بعض وكالات الأنباء عن أخبار من بلد شقيق يتمتع بالكثير من مقومات الاستقرار و يتطّلع للتطور و التقدم و تحقيق الرفاه لمواطنيه، أخبار لا تسّر على الإطلاق تتعلق بإحدى حقوق الإنسان الأساسية آلا و هي الحرية و اعتقال أفراد لمجرد آرائهم السياسية. المقام طبعا لا يتسع لذكر حيثيات الوضع السياسي و قضية حقوق الإنسان في تونس إلا أنه يمكن لنا أن نعطي مقاربة بسيطة مع بعض الدول التي مرّ بها نظامها أو معارضتها بفترات سياسية عصيبة كتركيا التي استطاعت أن  تتعامل و تتفاعل مع معارضة كانت تعتبرها سابقا تهديدا لهوية تركيا العلمانية و خطرا على وحدة الوطن  أو عن تجربة البلد الشقيق الجزائر، التي اُعتمدت فيه المصالحة الوطنية كخيار إستراتيجي لإعادة اللحمة الوطنية و تجّنب مزيد من التمزّق و الانشقاق و حالة التوتر و عدم الاستقرار و كلها شروط ضرورية لتحقيق التنمية و القضاء على الجهل و الفقر و التخلف. لقد كانت الأزمة التي عرفتها الجزائر أكثر عمقا من أي تجربة أخرى و وقعت الكثير من الأخطاء وصلت إلى حد  استباحة الدماء و الأعراض و الممتلكات و لكن بعد سنوات من العنف الأعمى توّصل الفاعلون السياسيون في الجزائر إلى ضرورة تجنب الحل الإستئصالي الذي كشف عن محدوديته في إيجاد مخرج للأزمة يحفظ للمؤسسات هيبتها و للدولة إستمراريتها و غلب صوت الحكمة على نشاز المرجفون في المدينة. إن الأحكام التي نسمعها بين الحين و الآخر من تونس اتجاه بعض المعارضين التونسيين لا تشّرف تونس الحريات و لا تدّل على توّفر إرادة سياسية حقيقية لطي أو قلب صفحة الماضي من تدافع و صراع بين « نظام » بن علي و « نهضة » الغنوشي.  إن دولة القانون تقتضي تحكيم المؤسسات و إصدار الأحكام في إطار الأعراف و التقاليد المتعارف عليها في الاختلافات و النزاعات المتعلقة بقضايا الرأي. إن حالة الأستاذ الدكتور أحمد العش هي إحدى هذه الحالات التي تعبر عن مدى الاحتقان الذي يعرفه المشهد السياسي التونسي، فلقد فوجئنا باعتقاله فور عودته من فرنسا يوم 30 جويلية 2009 و الحكم عليه يوم الجمعة 7 أوث بأربع سنوات مع النفاذ مع نفس التهم التي تتكرّر على مسامعنا و التي دأبنا عليها كلما تعلق الأمر بقضايا الرأي و التوّجهات السياسية من الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها وتكوين عصابة مفسدين. و الدكتور العش، اللاجئ السياسي المقيم بفرنسا منذ سنوات هو الإنسان المشهود له بالاعتدال و التعقل و سعيه لخدمة الجالية المسلمة بفرنسا بالإضافة إلى عمله كطبيب نفساني و أستاذ جامعي.  إن قراره بدخول تونس بعد غياب لعدة سنوات يدل على مدى وطنية الدكتور العش و على مدى ثقته في الخطاب الرسمي و إلا لما غامر بالعودة إلى بلده ليعتقل مباشرة في قضية حوكم فيها غيابيا ضمن 52 من أعضاء حركة النهضة حيث اعترض على حكم غيابي صدر ضده منذ سنة 2000  في إطار ما يعرف بمجموعة ليبيا، ثقة في تعهّد النظام الذي دعا المحكوم عليهم بالعودة إلى أرض الوطن و الاعتراض على الأحكام مع الالتزام بعدم سجنهم و هذا ما يشكل نكثا للتعهد الرسمي و ضربة أخرى لمصداقية النظام في إيجاد حل سياسي و قانوني عادل لهذا الملف.  إن حالة التونسيين المتواجدين في الخارج لأسباب سياسية لأمر يٌؤسف له في عالم يموج بتحولات عديدة تتوّجه للانفتاح و تقبل الآخر و الحوار ومحاولات التأسيس لآليات انتقال السلطة و الحكم الراشد و أولوية المجتمع على السلطة و قيام الأنظمة السياسية على أساس مبدأ المواطنة و حكم القانون و المشاركة و ترقية المجتمع المدني و مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالية القضاء و  احترام حقوق المواطن في العيش الآمن الكريم. إن إرساء دولة القانون و استقرار تونس و رقيها و تطورها في إطار هويتها أكبر من أن يختصر في نظام قائم أو معارضة أزلية و لكن بالتعاطي الإيجابي مع كل المؤشرات التي تدفع إلى التقارب و تحقيق المصالحة بين أفراد الوطن الواحد. أتمنى أن يكون خبر اعتقال الدكتور العش هو آخر الأخبار السيئة التي نسمعها و أن يكون آخر الأشخاص الذين يٌعتقلون لأرائهم السياسية و ميولا تهم الفكرية و أن ينتهي هذا المسلسل الرهيب في اقرب وقت حتى تٌؤكد تونس للعالم أجمع صدق القول و اقترانه بالفعل و أن ملف حقوق الإنسان يعرف تقدما واسعا في إطار احترام القانون و المؤسسات كما أنها دعوة أيضا لكل القيادات من النهضة  و باقي فصائل المعارضة التي ما زالت على خصومة مع النظام القائم للانفتاح أكثر على آليات أخرى للمعارضة و التعاطي مع النظام بعيدا عن سياسة المغالبة و البقاء في نقطة البداية وكأّن تونس توقفت بها الأحداث في سنة 1990 إن 10% من سكان تونس هم مهاجرون يساهمون بقدر وفير في تحقيق التنمية المحلية من خلال تحويلاتهم التي بلغت السنة الماضية 1.9 مليار دولار أي ما يعادل 5% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد و من المنتظر أن تبلغ هذه التحويلات 2.7% نهاية 2009 فلما لا يٌعتبر اللاجئون السياسيون التونسيون كجزء من هؤلاء المهاجرين و اعتبارهم إضافة إيجابية للمشروع الوطني من خلال أفكارهم و مشاريعهم و شبكة العلاقات التي أقاموها خلال كل هذه المدة التي تواجدوا فيها خارج تونس. أملنا كبير في رؤية الدكتور أحمد العش حرا طليقا ليعود إلى أحضان أسرته و إلى عيادته و طلاّبه ونشاطه في صفوف الجالية و أملنا أكبر في تونس الحريات من أن يواكب نظامها التحولات التي يعرفها العالم من أجل تحقيق الاستقرار المؤدي لتنمية مستدامة لتونس الشقيقة التي نحبها و نتمنى لها كل رقي و تطور و استقرار.   عمــار رويـــبح جزائري مقيم بباريس و ناشط جمعوي 10 اوث 2009  

 

محكمة تونسية ترجئ النظر في قضية إبطال عقد مؤتمر نقابة الصحافيين


  تونس – خدمة قدس برس أجّلت محكمة تونس العاصمة، اليوم الاثنين، النظر في قضيّة إبطال عقد المؤتمر الاستثنائي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وذلك إلى يوم الأربعاء (12/8) المقبل. وكان المكتب التنفيذي للنقابة، قد تقدّم بشكوى عاجلة للقضاء التونسي، لمنع المؤتمر الذي تعتزم تنظيمه مجموعة من الصحافيين الموالين للحكومة داخل مجلس النقابة الموسّع، وذلك في الخامس عشر من آب (أغسطس) الجاري. وفي انعقادها اليوم الاثنين، قامت المحكمة بتأجيل الفصل في القضية، بطلب من محامي المشتكى عليهم. ويتنازع فريقان داخل نقابة الصحافيين التونسية، على تحديد موعد المؤتمر، حيث يتمسك المكتب التنفيذي للنقابة بأنّ لوائحها الداخلية تقتضي أن يكون موعد المؤتمر هو الثاني عشر من أيلول (سبتمبر) المقبل، لكنّ المجموعة المحسوبة على الحكومة أصرّت على استباق ذلك التاريخ، رغم دعوات كثيرة للتوافق على موعد موحّد. وأعلن الاتحاد الدولي للصحافيين في وقت سابق، في رسالة وجهها إلى نقيب الصحافيين التونسيين ناجي البغوري، أنّه لن يشارك في المؤتمر المرتقب يوم الخامس عشر من آب (أغسطس) الجاري. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 11  أوت  2009)  

أحزاب تونسية معارضة تدعو السلطة لوقف التدخل في نقابة الصحفيين


تونس (رويترز) – دعت ثلاثة أحزاب تونسية معارضة يوم الثلاثاء السلطات التونسية للكف عن التدخل في تأجيج الصراع داخل نقابة الصحفيين التونسيين من خلال تحريك عناصر موالية لها في النقابة بهدف الاطاحة بالمكتب التنفيذي المنتخب.   وانتخبت العام الماضي أول نقابة مستقلة للصحفيين في تونس وأسفرت عن فوز مكتب تنفيذي أغلب أعضائه من المستقلين في انتخابات وصفها الاتحاد الدولي للصحفيين بأنها شفافة وديمقراطية.   لكن أول نقابة تتجه للحل بسبب خلافات عميقة بين شقين أحدهما مقرب من الحزب الحاكم. ومن المقرر عقد مؤتمر استثنائي خلال الفترة المقبلة لانتخاب مكتب تنفيذي جديد.   وحمل الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل من اجل العمل والحريات وحركة التجديد في بيان مشترك حصلت رويترز على نسخة منه السلطات  » مسؤولية الازمة داخل النقابة بقطعها الحوار مع المكتب التنفيذي للنقابة ووقف دفع المنحة المقررة للنقابة وفرض حصار إعلامي على مواقف الهيئة الشرعية وبياناتها ».   واندلعت شرارة الخلاف بين شقين في النقابة بعد تقرير أصدره المكتب التنفيذي في مايو آيار الماضي وانتقد فيه بشده اوضاع حرية التعبير في البلاد.   ويتهم الشق المقرب من السلطة النقيب بالانفراد بالرأي وافتعال صدام مجاني مع السلطة على حساب الملفات المهنية والنقابية بينما يعتبر النقيب ان السلطة هي التي طبخت هذا الصراع بهدف الاطاحة به واسكات كل صوت مستقل.   وطالبت احزاب التقدمي والتكتل والتجديد المعارضة في بيانها السلطة « بالاقلاع عن التدخل في الشؤون الداخلية للنقابة واحترام نظامها الداخلي بما في ذلك ما يتعلق بتراتيب الدعوة الى مؤتمر استثنائي وتنظيمه ».   ودعا الأعضاء المقربون من السلطة داخل النقابة الى مؤتمر استثنائي في 15 اغسطس الحالي لكن الاحزاب المعارضة وصفت هذا المؤتمر في بيانها « بانه انقلاب يشكل خطوة تصعيدية تذكر بالانقلاب الذي تتعرض له رابطة حقوق الانسان ».   وطالبت برفع يد الحكم عن شؤون النقابة واحترام استقلالية منظمات المجتمع المدني.   وتحاول السلطات ان تنأى بنفسها عن هذا الصراع معتبرة ان الامر يتعلق بخلاف داخلي بين أعضاء النقابة.     (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 11 اوت 2009 )

حملة إعلامية لترشيح زعيم إسلامي للانتخابات الرئاسية في تونس


تونس – محمد الحمروني    في سابقة تاريخية من نوعها بتونس، طالب عدد من المعارضين والمفكرين التونسيين بترشيح الدكتور الصادق شورو ( رئيس حركة «النهضة» الإسلامية المسجون منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي) للمنافسة على منصب رئاسة الجمهورية   في الانتخابات التي ينتظر أن تجري بتونس في أكتوبر المقبل. وتوسعت المطالبة بترشيح الدكتور شورو، التي أطلقها الدكتور خالد الطراولي رئيس «اللقاء الإصلاحي الديمقراطي» لتصبح أشبه بحملة إعلامية يشارك فيها عدد كبير من الكتاب والصحافيين، خاصة في مواقع الانترنت التونسية وعلى رأسها موقع «تونس نيوز»، وهو الموقع الإخباري الأكثر قراءة من قبل النخب والمثقفين التونسيين. وجاءت الدعوة إلى ترشيح شورو بعد «نداء الاستغاثة» الذي وجهته زوجته إلى منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية للوقوف إلى جانب زوجها في محنته التي يعانيها منذ ما يقرب من 20 سنة. وقالت السيدة آمنة شورو في ندائها: إن زوجها مسجون منذ 18 سنة دون أن يرتكب جرما سوى تمسكه بحقه في «أن يفكّر بصوت عال.. وأن يمارس حقه في المواطنة وفي حرية الرأي والتعبير كسائر خلق الله». وذكّرت السيدة شورو في النداء الذي حصلت «العرب» على نسخة منه بالوضعية الصحية التي يعانيها زوجه، قائلة إنه «يشكو آلاما حادة بالمفاصل وصداعا مستمرّا يحرمه من لذة النوم والاسترخاء.. كما أن سوء التغذية سبب له هبوطا خطرا في ضغط الدّم، فاكتسح الشحوب وجهه ولازمته رعشة غير معهودة ليديه، إضافة إلى حالة من الهزال الشديد التي أصبحت بادية عليه». ومما جاء في نداء الاستغاثة أيضا، قولها إنني «أرفع أكف الضراعة إلى الله عزّ وجلّ ليرفع عنّا الضيم والظلم والمعاناة، ويسخّر لنا من أصحاب الهمم العالية والخلق الكريم من ناشطي حقوق الإنسان أفرادا ومؤسسات بالداخل والخارج، ومن المتنافسين في الدفاع عن المظلومين ومساندة المستضعفين، أن يهبوا إلى نجدتنا ويجتهدوا ما في وسعهم لوضع حدّ لمأساة عائلة بأسرها لم تعرف طعما للأمان منذ اعتقال سندها.. والعمل على انتشال زوجي من غياهب السجن لإنقاذه من الموت البطيء، ليسعد هو بالحرية ونسعد نحن بجمع شملنا بعد طول انتظار، حتى يبقى لإنسانية الإنسان معنى». وحرّك النداء الذي وجهته زوجة القيادي الإسلامي مشاعر العديد من المعارضين التونسيين، ونشطاء حقوق الإنسان الذي شبهوا في المقالات التي كتبوها بالمناسبة معاناة الدكتور شورو بما قاساه الزعيم التاريخي للسود في جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا. وعمد بعض الصحافيين لإجراء مقارنة بين معاناة الرجلين من أجل الحرية والعدالة، ومنها فترة السجن الطويلة التي قضياها رهن الاعتقال وظروف إقامتهما وغياب الرعاية الصحية والمعاملة القاسية، علاوة على رفض الرجلين المساومة على حريتهما، إذ رفضا التخلي عن القضايا التي ناضلا من أجلها مقابل إطلاق سراحهما. وتمنّت بعض الأقلام أن تكون نهاية معاناة الدكتور شورو مثل نهاية الزعيم مانديلا، حيث نقل الأخير من زنزانته إلى القصر الرئاسي، وهي النهاية الأكثر عدلا لمعاناة للزعيم الإسلامي على حد تعبير بعض الصحافيين.   (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر) بتاريخ 11 اوت 2009 )  

تساؤلات حول مشاركة المنظمة الشغيلة في الانتخابات التشريعية


برغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع عن قرار الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل، عن موقفها من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، المقررة ليوم 25 أكتوبر 2009 القادم. والمتمثل في المساندة المطلقة وبأغلبية الأصوات لترشح الرئيس زين العابدين بن علي لفترة رئاسية جديدة، وترك حرية اختيار المشاركة في التشريعية للنقابيين، تتواصل تفاعلات هذا القرار، الذي شغل ومايزال حيزا كبيرا من نقاشات المهتمين بالشأن السياسي في تونس. مع حلول كل موعد انتخابي سواء كان رئاسية أو تشريعية او بلدية. تتطلع النخب والناشطون السياسيون في تونس، لمعرفة موقف المنظمة الشغيلة، من خلال طرح جملة من التساؤلات والفرضيات حول طريقة مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل. فما هي أسباب وخلفيات كل هذا الاهتمام؟ إن الاجابة عن مثل هذه التساؤلات، لا يمكن النظر إليها في ارتباطها المباشر بالحدث الانتخابي المرتقب. بل تتجاوزه الى موقع ومكانة الاتحاد في الحياة السياسية، وذلك بالنظر الى الثقل او الوزن الذي يمثله في الحقل والممارسة السياسية الوطنية. كما أن التعاطي معه، يجب ان يستحضر العلاقة التاريخية التي ربطت الاتحاد العام التونسي للشغل بالشأن العام، من مرحلة الحركة الوطنية الى بناء الدولة الوطنية. وبهذا فإن إثارة طبيعة مشاركة الاتحاد في الانتخابات ليست أمرا جديدا او «بدعة» بل هي تتوافق وعلاقة هذا الهيكل بالحياة السياسة في تونس. إن التساؤل حول كيفية مشاركة المنظمة الشغيلة في الانتخابات أملتها السياسة الجديدة التي بدأ يسلكها الاتحاد خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في علاقته بالسلطة، وقد عرفت هذه الفترة بروز مفاهيم سياسية ونقابية جديدة، تقطع مع ما سبقها، تصور يجمع بين البراغماتية النقابية القائمة على المطلبية، وبين الفهم العقلاني للتحولات وموقع الطبقة الشغيلة فيها. فتم استبعاد منطق المعارضة والاحتجاج المطلق، وبالتالي المواجهة والصدام، بأسلوب ومنهج عمل يقدم الحوار ومصلحة المؤسسة وكذلك الحفاظ على مناخ الاستقرار الاجتماعي والسياسي. على قاعدة هذه الأرضية ثم تأطير الحوار والجدل النقابي والسياسي في أروقة ساحة محمد علي حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية فبإعلان الهيئة الادارية الأخيرة عن مساندتها للرئيس زين العابدين بن علي، تكون المنظمة الشغيلة قد انتصرت الى خيار الاستقرار الاجتماعي، الذي تحقق بفضل المكاسب التي حصدها الشغالون وكل فئات المجتمع خلال كامل سنوات التحول، كما انه يعبر عن خيار مبدئى في «مواصلة دعم برامج الاصلاح التي يقودها رئيس الدولة وبخاصة حرصه على ضمان التوازن الاجتماعي وتعزيز المسار الديمقراطي في إطار مجتمع مزدهر ومتضامن..» مثلما ورد في البيان الصادر عن الهيئة الادارية الوطنية الأخيرة. كما أن موقف القيادة النقابية من الانتخابات التشريعية، والداعى الى ترك حرية المشاركة للنقابيين، بصفة شخصية كل حسب ميولاته الفكرية والحزبية ينسجم مع ارادتها في تجنب اجواء التنافس بين الأحزاب السياسية، واختيار أن تكون طرفا معدلا ووفاقيا. ولعل تعيين السيد محمد شندول، عضو المكتب التنفيذي ـ في عضوية المرصد الوطني للإنتخـابات، أرادت من خــلاله القيادة النقابية، التأكيد على استقلاليتها في التشريعــية، والبقاء في موقع الراصد والمتابع. منذر بالضيافي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 أوت 2009)  


« سياسية » شغوفة بفرحة الحياة


عبدالحميد العدّاسي الحديث عن عودة الأخ الكريم عبدالحميد حمدي إلى البلاد بصورة مفاجئة لم يحن بعد، رغم السبق الذي سجّله العنوان البارز على صفحات « السياسية »: [عبد الحميد حمدي: عودتي ردّة فعل على مؤتمر المهجّرين في جنيف]…! فالحديث عن عبدالحميد وعودته يستوجب وجود عبدالحميد ذاته على عين المكان والسماع والاستفسار منه والتثبّت في مغزى الكلمات التي كتبت عنه أو نسبت إليه، ذلك أنّني لا أريد التضحية بعرض أخي استجابة لما ينتابني من غضب أحدثته الكلمات المنقولة عنه، فإنّ العلاقة مع عبدالحميد الذي عرفناه أكبر من أن يؤثّر فيها مسمار نخره السوس والصدأ لكثرة ما رابط في برك المياه الآسنة… ولكنّي أتوقّف اليوم بالسؤال مع « السياسية » وأستوضح منها سبب اكتفائها بالمرابطة في مواقع « الفرحة » دون الانتباه أو الاهتمام بما يدور غير بعيد عنها في زوايا الأحزان والمصائب المسلّطة على النّاس من ذات السلطة التي أسبغت على « الفرحين » فرحتهم!… ففي الوقت الذي عاد فيه الأخ عبدالحميد سالما إلى أرض الوطن وسعت فيه « السياسية » إلى إبراز ما تعتبره حقائق ومفادها بلسانها أو بتطويع ألسنة غيرها أنّ […العودة إلى الوطن هي اليوم واجب على كلّ التونسيّين وذلك بحكم العديد من الرهانات والتحديات مؤكّدا (اللسان الذي أنطقته) الاهتمامات البارزة الّتي لقيها كلّ العائدين بحرص شخصي من سيادة رئيس الدولة زين العابدين بن علي وبتوجيهات سامية منه وهو ما يُفنّد – حسب رأيه (قلت: رأي الذي سألوه، فهم يستعملون دائما « وشهد شاهد من أهلها » تبرئة لذممهم) – ادّعاءات البعض غير الصحيحة عن تونس وعن حق العودة المشروط]…، كان الأخ الدكتور أحمد العشّ يُستقبل من طرف الوجوه الكالحة والعضلات المفتولة والأفواه النتنة والألسنة الحداد والقلوب المختوم عليها والبصائر العمياء والمحاكمة « العادلة » والسجن المضيّق النّافذ، دون اعتبار أو إنفاذ لما جاء على لسان « السياسية » ولا على ألسنة شهودها!… فسيادة رئيس الدولة يولي الاهتمامات لكلّ العائدين (صحيح) ولكنّه ينوّع فيها؛ فيسقي هذا من « رحيقه » ويسقي هذا من سمّه وصدئه.. فهو لِسَادِيتِه المتعاظمةِ فيه يُعذِّبُ الإسلاميين بالإسلاميين، فينفي عن الفَرِح منهم فرحته بتعذيب أخيه ويزيد من عذاب المعذَّب منهم بإدخال « الفرحة » على أخيه، وهو في ذلك ينشد السير على طريق من قال: « أنا أحيي وأميت »!… وهو للؤمه وقصوره في ذات الوقت لم يجد من وسيلة لتلميع صورته التي قذّرها بمعاملة الإسلاميين إلاّ الإسلاميين أنفسهم، حيث اضطرّ مخزيا على استقبال البعض منهم في المطارات بسرادقاته وحيث أخضع وسائل إعلامه العمياء إلى إجراء الاستجوابات (وليس الحوارات) لإنطاقهم بما يحسّن صورته لدى النّاس… فهو وسخ لا يطهّره إلاّ الإسلاميون، فليتّق الإسلاميون الله في اختيار وسائل التطهير!…  كانت « السياسيّة: [سبّاقة في وقت مضى إلى نشر تصريح للسيّد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان في الحكومة التونسيّة أكّد من خلاله أنّ أبواب تونس مفتوحة لكلّ أبنائها دون قيود وأنّ العودة مكفولة بحكم الدستور ولا يُمكن لأحد أن يقف في طريق تحقّقها]، كما سبق لها أن التقت السيّد عبدو معلاوي (الّذي أكنّ له الاحترام وأرجو له الثبات والتوفيق) وأفادت بأنّه [عاد إليها (أي تونس) مكرّما وهو حاليا بصدد تنفيذ عدد من المشاريع الاقتصاديّة الهامة بعدد من جهات البلاد برفقة شركائه الكنديين (قلت: بارك الله في عبدالرحمن وأرجو ألاّ يُكافأ بما درج عليه اللّئام، وقد بيّنت أكثر من مرّة أنّ كلّ الكفاءات التونسية بذات الحرص الذي عند عبدو على المصلحة، غير أنّ المصيبة تكمن في « كيف يقتنع النّظام بذلك »)]..، فلماذا لم نشهد للسياسية سبقا في كشف معاناة التونسيين! أم أنّ حال الجميع على ما يرام! وإذن فمن يعذّبُ الصادق شورو الآن في برج الرّومي؛ أهو الرّمي نفسه؟! ومن ينكّل بالكثير من الشباب التونسي؟! ومن يُعامل أهلنا بالحوض المنجمي بمثل ما يُعلملون به منذ أكثر من سنة ونصف؟! ومن يسجن الدكتور أحمد العشّ العائد إلى تونس وهو الذي يحمل تخصّصا مفيدا لتونس التي نخرها الكثير من الأمراض النفسية؟!..   أرجوكم!.. قولوا خيرا أو اصمتوا قبل أن يتبرّأ منكم صاحب التوجيهات السامية وقبل أن ينقلب سموّكم وسموّه معيشة ضنكا في الدنيا وعمى – عياذا بالله تعالى – في الآخرة!…  

ما أسهل الموعظة.. ما أصعب التضحية


زملاؤنا… هناك في تلك القناة العائمة.. معدل أجرتهم يفوق العشرة آلاف دولار ـ أمريكي طبعا ـ ويعيشون في الاستديوهات المكيفة رغم صيف الجزيرة القائظ.. بعض زملائنا أولئك يطلع علينا بدروس في حرية التعبير ويعلمنا مبادئ الوطنية وشروط الحرفية والتضحيات المهنية.. أهلا وسهلا.. ليس لدينا حرج في التعلم ولا مع هذه المبادئ العامة.. لكن ماذا لو تبادلنا الأماكن.. والأجور طبعا؟.. ظافر ناجي (المصدر: زاوية « صباحيات » بجريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 أوت 2009)   

واقع الشيعة في المستنقع الأمني التونسي

 


أولا السبب الذي دفعني الى الحديث عن تجربتي كفرد شيعي أو كطالب علوم دينية شيعي مع الأجهزة الأمنية في تونس هو كلام دار بيني وبين المناظل الكبيرومدرسة الصبر(السيد علي العريض)(الناطق الرسمي السابق في حركة الاخوان المسلمين في تونس) والذي أكن له كل الاحترام بسبب شدة تمسكه بما يقتنع به  وقوة صبره وهذا كلام دار بيني وبينه في مقر الحزب التقدمي الديمقراطي عندما سألته عن تصريحات الشيخ راشد الغنوشي بما يخص الشيعة في داخل تونس وبعد نقاش كان جميل بيني وبينه وبعد أن ذكرت له عدة أفراد من الشيعة في تونس حالهم حال اخوتهم التونسيين الذين يعانون من جور وظلم الحزب الحاكم لهم من خلال أجهزته الأمنية   قال لي يجب على الشيعة في تونس أن يظهروا لباقي أطياف المجتمع التونسي معاناتهم  والممارسات التعسفية التي يتعرضون اليها وقال كلمة جميلة جدا تنم على وعي كبير جدا تشكل بعد نظال ومعاناة كبيرين وهي انه لابد ان ننتهج منهج الوحدة في بلدنا ونبتعد عن كل مايفرقنا وقال انتم الشباب مستقبل هذه البلد فلا تضيعوا في متاهات الفرقة لان مصيرنا واحد شأنا أم أبينا ولأجل هذه الكلمة أرتأيت أن أوضح لباقي أبناء تونس معاناة الشيعة في تونس من السلطات وأجهزتها الأمنية وتجربتي أنا أحد هذه الأمثلة  فتجربتي مع الأجهزة الأمنية في تونس بدأت قبل خروجي من تونس لدراسة الحوزة العلمية في سورية سنة 2003 والتي بدأت وانا في السن الثامن عشر عندما فوجئت بأفراد أمن دولة يقتحمون بيت أهلي في الساعة الواحدة ليلا لا لشيء الا أني فرد شيعي يتدرب ويدرب رياضة الكارتي وان لي علاقة مع شخص يعتبر من أكبر رموز الشيعة في تونس (الشيخ مبارك بعداش )فبعد مراقبة شديد وتضييق على كل المستويات من قبل جهاز أمن الدولة في سيدي بوزيد والذي يترأسه صالح النصيبي تم اقافي  عن مزاولة تدريب رياضة الكارتي  والذي هو مورد رزقي ثم تم اعلامي أنه يمنع عليا الخروج من ولاية سيدي  بوزيد الا باذن من جهازأمن الدولة وكل هذا جرى وأنا في  سن مابين الثامنة عشر والعشرون وبعد أن غادرت تونس من أجل الدراسة في الحوزة العلمية والتي تمة في ظروف عجيبة غريبة زاد الطين بلة مثل ما يقول المثل الشعبي فكلما كنت أعود الى تونس في العطل الصيفية كان يبدأ معي التحقيق والأعتقال التعسفي من المطار هذا اذا لم يتم تحولي الى وزارة الداخلية تحت ضرائع واهية في أغلب الأحيان من قبيل أني أحمل ممنوعات وهي (كتب وسيديات) وبعد ذالك تبدأ جولتي الثانية بين جهاز أمن الدولة وفرع الأرشادات في المنطقة بسيدي بوزيد ومراكز أمن أخرى تعنون بعناوين يفهم منها أن مقولة الشرطة في خدمة الشعب لها حقيقة واقعية في تونس وهذه الجولة تبدأ بمجرد وصولي الى البيت وهناوللأمانة لا يجب أن أفوت على القارئ أنني كلما أدخل مركز أمن الدولة في سيدي بوزيد ينتابني شعور بالعظمة والسبب هو أني عندما أدخل ينقلب المركز وتصبح هناك حركة نشطة من قبل أفراد أمن الدولة وبسرعة يتم تجمعهم في غرفة لايوجد فيه شيء سوى طاولتان وبضع كراسي والملفت للنظر هو هيأة وشكل هؤلاء الأفراد فهم يمثلون كل شرائح المجتمع الكادح وبعد ذالك يبدأ سين جيم التقلديان والذين لا ينتهيان  وفي صيفية 2007وفي خضم الحمل الامنية على الشعب  التونسي عموما والشباب خصوصا الغير مبررة عدت الى تونس لأسباب عائليةأولا وتجديد جواز سفري ثانيا لأن مدة الزمنية التي تستغرقها السفارة في سورية لتجديد جواز السفرتعد بالسنوات هذا لرجال الدين الشيعة وطلاب الحوزات وليس كلهم أيضا المغضوب عليهم فقط . ففي الصيفية المذكورة دخلت العلاقة بيني وبين أجهزة الأمن مرحلة جديدة من جهتهم هم فأنا موقفي كان من البداية نفسه الا انه تعمق أكثر في نفسي والسبب هو بعض التصريحات التي كانت تنقل لهم من بعض المدسوسين أو الذين يتبنون فكرة التعامل مع اجهزة امن للحفاظ على الكيان الشيعي وهنا أقصد بعض رموز الشيعة في تونس وكما هو معروف أن رموز الشيعة هم رجال الدين المتواجدين في ايران وسورية . ففي هذه الصيفية وعند عودتي الى البلد الذي نار الشوق اليه والى ترابها الذي قدسته تضحيات الأحرار تم استقبالي كالعادة في المطار ولكن الذي اختلف على سابقات الاستقبلات الأخرى هو النزعة الطائفية التي تجلت في تصرفاتهم التي ليست جديدة على الشيعة الا أنه لم تحن ساعتي بعد المهم في هذه الصفية تم اعتقالي في تونس العاصمة في سيدي بوسعيد من قبل الأمن الرئاسي في الساعة السادسة صباحا والسبب أنني زرت وقضية ليلة عند صديق شيعي عان من السجون التونسية وقسوتها وهو سجين سياسي سابق مازال الى حد الأن محروم من حقوقه المدنية مثله مثل باقي اخوته التوانسة المعذبين وهو (حمدة الرفراف)وبعد تحقيق تم تحولي الى منطقة قرطاج وهناك أمضيت ساعات من التحقيق  وبعد ذالك تم اخلاء سبلي ولكن عندما عدت الى سيدي بوزيد في نفس اليوم لم يقصر جهاز أمن الدولة التابع لسيدي بوزيد والغريب الطريقة التي سلكوها في جلبي الى المركز فبعد مراقبة ليوم كامل مراقبة شديدة وفي الساعة الثانية عشر ليلا تقريبا تم أخذي من الشارع بحجة اللحية والمضحك أنه عندما كنت داخل الى مركز صادفة أن وجد عدت أشخاص قرابت الثمانية فتكلم العنصر الذي أخذني الى المركز الى أحدهم قائلا هذا ملتحي وشيعي وعند سماع مقولة شيعي انذهل الحاضرين وبدون مبالغة فوجئ بطريقة وبدت عليهم الغرابة الشديدة وكأنه مثل أمامهم أحد قيادات حزب الله أو جيش المهدي في العراق ومن خلال ردت فعلهم عرفت أنهم عناصر شرطة عاديين وبعد ذالك تم التحقيق معي الى ساعة متأخرة من الليل وفي صباح اليوم الموالي تم ىاعتقالي من المنزل وقادوني الى منطقة سيدي بوزيد وبعد ذالك الى مقر امن الدولة وهناك وجدت تقريبا اغلب العناصر بانتظاري ولكن هناك فردان  لم يكونوا من سيدي بوزيد للهجتهم وطبيعة أسالتهم المهم وفي هذه الجلسة تم تم التهكم اللفظي بمعتقداتي  مما اظطرني عن التوقف عن الكلام وفضلت ان يتم توقفي على الكلام مادام هناك تهكم . المهم وبعد اعتقالات  في أماكن عدة في الجمهورية التونسية وعندما اردت ان اسافر الى سورية لدراسة تم توقفي في المطار ومنعي من السفر ومنعي من العودة الى محافظة سيدي بوزيد لفترة تقارب الشهر ونصف بحجة اني على ذمة التحقيق وبعد تحقيق طويل لأكثر من شهر تم اعلامي اني ممنوع من مغادرة  تونس وأن هذا القرار كان من قبل وزير الخارجية وبعد فترة من المعاناة  غادرت تونس بصعوبة بالغة جدا وانا الآن في سورية محروم من الرجوع الى بلدي واتعرض الى تهديدات من قبل أجهزة أمن في السفارة والسببب هو أني تكلمة على معاناتي في تونس وفضحة مخططاتهم وهنا تصادمة مع بعض رجال الدين التوانسة الذين باعوا دينهم ووطنهم بحجة الحفاض على الكيان وكأنه الكيان الشيعي يكتمل بدون باقي طوائف المجتمع التونسي . وهنا أذكر بعض الأخوة الشيعة الذين يعانون من ممارسات التعسفية والهمجية لأجهزة أمن في تونس أولهم( الشيخ مبارك بعداش) والذي يتبنى فكرة عدم التصادم مع السلطة الى أبعد الحدود فهو عانى من الاعتقال التعسفي في كثير من المناطق في تونس وخاصة في مسقط رأسه ولاية قبلي حتى أنه منع عدت مرات من دخولها .وكذالك (مقداد) وهوأحد أقارب الشيخ مبارك بعداش فقد عانى أيضا من الاعتقالات وسحب جواز سفره عدة مرات ولا أتحدث على المساجين فمثلا (ح.ر)الذي الى يومنا هذا محروم من كل حقوقه المدنية ومفروضة عليه اقامة جبرية بعد سبعة سنوات من السجن وهنا لا يسعني أن أنسى رجل الدين(أبو محمد) الذي منع من مغادرة تونس الى يومنا هذا بعد عملية استدراج قامت بها السفارة التونسية في سورية وبقي لمدة سنة او اكثر وعائلته في سوريا  تعاني من ظروف قاسية وهو والى يومنا هذا ممنوع من الخروج وايضا رجال الدين الممنوعين من تجديد جوازات سفرهم وهم مقمين هنا في سورية منهم وفي ايران.ولأسباب أمنية لم اذكر بعض أسماء . ولا يسعني أن أنسى وقبل أكثر من سنة كنت اتكلم مع صديق عبر الأنترنات فتم اعتقاله من مقهى الأنترنات لمدة ثلاثة أيام وأهله لا يعرفون عنه اين هو وماذا حدث له   والجديد هو أن هناك حملة واسعة تشنها الأجهزة الأمنية في داخل تونس وخارجها لتخويف أفراد الشيعة مني محاولين من ذالك عزلي عن الشيعة والذي أنا فرد منهم فكثير من الاخوة اتصلت بهم في تونس وتم مساءلتهم من قبل الأمن التونسي السيد حبيب مقدم  

تلميذ يروّع روّاد مقهى بسكين


تونس ـ الصباح: خلال شهر جويلية المنقضي غادر تلميذ في العشرين من عمره منزل أسرته وبعد ان تسلح بسكين من الحجم الكبير توجه نحو مقهى بحي شعبي ثم دخل على الزبائن الذين كانوا منهمكين في شرب القهوة والشاي وتدخين «الشيشة» وأشهر في وجوههم سكينه ثم شرع في تهشيم بعض محتويات المقهى من كراسي وكؤوس وبقي بحالة هيجان ولم يتمكن أي أحد سواء من زبائن المقهى او العاملين به من صده إلى أن قدم أعوان الشرطة وحاصروه وألقوا عليه القبض. وباستنطاقه ذكر أنه تخاصم يومها مع والديه فغادر محل سكناه غاضبا بعد ان تسلح بسكين وأثناء تسكعه في الطريق العام خطرت في ذهنه فكرة ظنها كافية للتخفيف من غضبه فدخل مقهى وروع زبائنه وصاحبه وفي خاتمة الأبحاث الأمنية أحيل المتهم على المحكمة الإبتدائية بتونس فقضت بسجنه 6 أشهر مع إسعافه بتأجيل العقاب البدني. مفيدة (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 أوت 2009)


الشورى عصب الحضارة الإسلامية (*)


بقلم: الشيخ راشد الغنوشي تحاول هذه الورقة أن تلقي اضواء على مجتمع الشورى في حياته الاقتصاديه والاجتماعيه من طريق إبراز الاسس والمبادئ والسياسات العامة للنظام الاسلامي في العلاقة الضرورية بين البعد السياسي والبعد الاقتصادي الاجتماعي للشورى. ليست الشورى في الاسلام، أي الاشتراك في الامر العام، بديلا عن الانفراد بالقرار فيه مجرد عنوان للنظام السياسي في الاسلام ، فلقد ورد ذكر ها في القرآن المكي سابقا لولادة النظام السياسي للجماعة في المدينة. فقد وردت باعتبارها وصفا ثابتا للاجتماع الاسلامي في سياق جملة من الأوصاف الثابتة: بالايمان والتوكل واجتناب الفواحش والاستجابة لله بإقامة الصلاة والالتزام بالشورى في كل الامور والانفاق وتنتهي بالانتصار من البغي ، بما يوحي « أن وضع الشورى أعمق في حياة المسلمين من مجرد أن تكون نظاما سياسيا للدولة فهي طابع اساسي للجماعة كلها »(الظلال ج5 ص3160دار الشروق 12) الشورى أول الدروس في لحظة التكوين ويمكن الاستدلال على أهمية الشورى بما ألمع اليه صاحب (التحريروالتنوير) من اعتبار الشورى أول درس تعلمه آدم وزوجه في الملإ الأعلى إذ أشهدهما ربهما إخباره سبحانه لملائكته الخبر الذي ورد في شكل استشارة وتعليم أنه « جاعل في الارض خليفة » « ليسوقهم إلى معرفة فضل الجنس الانساني على وجه يزيل ما في نفوسهم من سوء الظن بهذا الجنس.وعندي أن هذه الاستشارة جعلت لتكون حقيقة مقارنة في الوجود لخلق أول البشر حتى تكون ناموسا أشربته نفوس ذريته « (ج1 ص400الدار التونسية للنشر) الشورى مقصد عام من مقاصد الشريعة لقد ورد  النص على الشورى  وصفا ثابتا للجماعة المسلمة. »وأمرهم شورى بينهم »/الشورى37/ كما ورد النص عليه  في سياق الادارة الاسرية » عن تراض منهما وتشأور »/ البقرة/وورد أمرا للرسول عليه الاسلام بوصفه السلطاني ومن باب أولى الامر لمن بعده من الحكام، ألاّ ينفرد ذو سلطان بالامر دون رعيته.. ومع ذلك  فإن مكان الشورى في البنية الاسلامية أوسع واعمق من أن يستدل عليه بنصوص محدودة معدودة فقد اعتبره علماء مقاصد الشريعة كالعدل مقصدا من مقاصده العظمى(مقاصد الشريعة ابن عاشور)غمط حق وواجب الشورى في الثقافة الإسلامية: ملفت للنظر  أنه لئن تجادل الفقهاء حول إيمان تارك الصلاة  من عدمه تأكيدا لأهميتها فإنه لم يثر جدل مماثل حول إيمان تارك الشورى من عدمه وحول إيمان تارك الزكاة ، مع أن حملة القرآن على فرعون رمز الطغيان وعلى حليفه قارون رمز الجشع الرأسمالي وعلى أعوانهما ، وعلى تحالف رجال الدين معهما  بلغت  من التكرار والشدة أن جاء تعريف الدين تعريفا اجتماعيا (أرأيت الذي يكذب بالدين..). ولقد كان جليا في حروب الردة الوجه الاجتماعي ممثلا في الامتناع عن دفع الزكاة، حق الفقراء، والبعد السياسي ممثلا في رفض السلطة المركزية للدولة ، حتى عد الاسلام أول من شن حربا لا هوادة فيها دفاعا عن حق الفقراء (يوسف القرضأوي)، مع أن معظم الحروب القديمة والحديثة يشنها الاغنياء لسلب أموال الفقراء. والمرجح أن هذا الغمط لحق وواجب الشورى في الثقافة الاسلامية عائد إلى ضغط الواقع في أعقاب انقلاب حكم الخلافة الشورية إلى ملك عضوض خانق للانفاس الحرة، فحظيت مسائل شعائرية جزئية من الاهتمام ما لم يحظ به الركن الأعظم للحكم والحياة الإسلاميين، الشورى. وسرعان ما شرّع لحكم التغلب، وتفرق دم الشورى في الجدل حول الامر بالشورى هل هو للوجوب أم لتطييب الخواطر؟ وهل الأخذ بنتيجتها واجب أم على التخيير، ومن هم أهل الشورى كيف يتم فرزهم في مجتمع مترامي الاطراف كثير النفوس؟ وحتى عندما طور الغرب شورانا ونقلها من مستوى الموعظة كما انتهت اليه إلى نظام يكفل قوامة الشعوب على حكامها واستبدالهم النظام المعروف بالديمقراطية فقد تجهمه بعض أهل الدين وكل الحكام تقريبا. مع أنه ليس في أدوات الديمقراطية ما يصادم إسلامنا كما أوضح المحققون أمثال القرضأوي وبن بية وغيرهما.  الاستخلاف في المال كالاستخلاف في الحكم إن المال فى الاسلام كالحكم لله سبحانه، استخلف فيه الجماعة فيما تحت أيدى الأفراد من مال  وسلطة، وهو مع إقرار ما بين أيدى الأفراد من حكم ومال، اشترط أن يقع التصرف فيهما وفقا لنظرية اسخلاف الله للجماعة عليهما، يديرهما الأفراد نوابا عنها، بما يجعل كل خروج للمال أو الحكم عن حدود الشريعة أو مصلحة الجماعة هو تصرف مردود يقتضى نصحا وارشادا، فإن لم يجد  فالعزل والإبعاد (1) (ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التى جعل الله لكم قياما) (2 ). المال إذن وظيفة اجتماعية اؤتمن عليه الفرد لتنميتها اصلاحا لحاله بالاستعفاف والاسغناء وخدمة للجماعة (يسالونك ماذا ينفقون قل العفو) (3)، أى أن تصرف الجماعة في أموال الأفراد يمكن أن يتجاوز مقادير الزكاة إلى ما زاد عن حاجة الأفراد عند الاقتضاء. وفي الحديث: « في المال حق سوى الزكاة »صحيح مسلم إن حفظ المال مقصد أساسى من مقاصد الشريعة، فالله لم يتعبدنا بالإعراض عن الدنيا، ولكنه تعبدنا بامتلاكها وتطويرها واسثمارها (4 ) . وهذا المقصد يأتى ترتبيه فى قائمة مقاصد الشريعة بعد حفظ الدين والنفس، أى أنه فى خدمتهما، فما يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يضن بمال أونفس من أجل إقامة الدين ولا أن يمسك ماله وفى الناس من يجوع ويعرى ويضحى، ولا أن يتكاسل ويعطل طاقته أو طاقات الطبيعة متواكلا على غيره. لا معنى للشورى حيث المال دولة بين الأغنياء إن تفظيع الاسلام لمنكر الإستبداد والإنفراد بالقرار السياسي في الجماعة وتأكيده واجب وحق  مشاركة الجميع « وأمرهم شورى بينهم » في تقرير الشئون العامة، ما ينبغى أن يكون عملا معزولا عن جملة توجهات المجتمع واختياراته، لأن الشورى ليست أسلوبا في إدارة الشئون السياسية فحسب، بل هي نهج عام في الحياة، ينطلق من أصل الاستخلاف العام للبشر ووحدة الأصل البشري والمصيري وأوليةّ الجماعة على الفرد واعتبار الفرد ضعيفا بنفسه، قويا بأخيه، خطّاء بنفسه، مهديّا إلى أرشد أمره بأخيه. فالحياة الاجتماعية في التصور الإسلامي ذات بنية عضوية، ترتبط كل وظيفة فيها بجملة الوظائف الأخرى التي تقوم بمقامها وتختل باختلالها.  فمن غير الواقعي إذن أن نتصور إمكان قيام مشاركة سياسية في السلطان السياسي مع استمرار السلطان المالي دولة بين صفوة من اللصوص الدوليين القوارين، في شكل احتكارات كبرى صناعية وزراعية وخدمية، سرعان ما تفرز على صعيد كل مجتمع  نمطين متناقضين من  العمارة وأساليب العيش العامة، يغدو معهما الحديث عن الأخوة « إنما المومنون أخوة »، وعن الوحدة الوطنية والقومية  والدينية « وأن هذه أمتكم أمة واحدة ».  كما يغدو معها الحديث عن الشورى بمعناها السياسي أي المشاركة السياسيه في شكل انتخابات أو حريات سياسية عامة، كما تفرز على الصعيد الدولي عالمين متباينين متصارعين متباغضين تنعدم بينهما الوشائج الانسانية، بل الأخوة الانسانية المنبثقة من وحدة الأصل ووحدة الخالق « الذي خلقكم من نفس واحدة »، وذلك هو ما آلت له العلاقات الدولية الاقتصادية لعالمنا،  بما يغدو معه الحديث عن مجتمع دولي إنساني وأخوة دينية أو وطنية أو إنسانية نوعا من الهزل والخداع وغسيلا يوميا  للمخ تقوم به أجهزة الإعلام فى الأنظمة الراسمالية وأذرعها الأخطيوطية التابعة الممتدة في العالم. اتساع المشاركة في الحكم والثروة إن اتساع الشورى فى المجتمع بشكل جاد يقتضى ضرورة اتساع نظام المشاركة فى الحياة المالية والتكافل فى المغنم والمغرم، كما يقتضي طرازا من الحكم والسلطة يقوم على المشاركة في القراريناظر شكل إدارة الشركات التعاونية بحيث لا احتكار في قرار الإدارة ولا ظلم في أنصبة الربح والخسارة (5 )  . إنه ما ينبغي في التصور الاسلامي أن تتمحور فلسفة الاقتصاد حول تحقيق الربح لحفنة من اللصوص ولو على أنقاض البيئة والحاجات الاساسية للجماعة، بل يجب أن تتمحور حول المصلحة العليا للجماعة بل للإنسانية، بما يحفظ كيان أمنا الطبيعة سليما معافى ويوفر الكفاية للجميع فيتحقق التقارب بين كل فئات المجتمع وأعضاء الاسرة البشرية ويقضي  على آفة الفقر قرين الكفر، وعلى التفاوت الذي يحكم العلاقات المحلية والدولية في شكل احتكار تداول المال في فئة قليلة لا تتجأوز2أو3% من السكان على المستوى الاقليمي والدولي، وما يثمره ذلك ضرورة من أحقاد وحروب وأوبئة وتدمير للبيئة وتمزّق في النسيج الاجتماعي وصراعات وحروب في العلاقات الدولية، وانهيارات للإقتصاديات العملاقة فضلا عن الصغرى وانعكاساتها الكارثية على الجميع، وما ذاك إلا بسبب التنكب عن مبادئ العدالة التي جاءت بها النبوات والانسياق مع غرائز الجمع والمنع « وأحضرت الانفس الشح ». إنه في مجتمع الشورى ما يحل  أن يكون مجرد الربح الرأسمالي هو الهدف الأسمى لأي برنامج اقتصادي واجتماعي يحرص على شرف الانتساب إلى الإسلام والالتزام بتعاليمه ومقاصده، ذلك  إذا كنا جادين حقا في بناء أخوة اسلامية ووطنية وإنسانية حقيقية تقوم على المشاركة في المغنم والمغرم، وفي العسر واليسر، أى على الشورى، فقد كان ما يمارسه أثرياء مكة القساة من حيف مشط – بعد الاشراك بالله- أول ما استهدفته رسالة النبي عليه السلام في مكة، بحرب لا هوادة فيها، ذلك أن إشباع الحاجات المادية الروحية والمادية للبشرية يعتبر جوهر الارادة الالهية، ومن ثم جوهر الدين (6 ). لقد كان أول عمل للرسول، صلى الله عليه وسلم، وهو يرسي أول تجربة للشورى في التاريخ، هو بناء المسجد وإصدار الدستور وإقامة المؤاخاة (دراسات في السيرة: عماد الدين خليل)، دلالة على الترابط بين الحياة الاجتماعية والثقافية من جهة، والحياة السياسية من جهة ثانية، والحياة الاقتصادية من جهة ثالثة. وكانت الروح الجماعية الشورية أساسا في كل منها لحياة الأخوة والحرية والعدل. ولذلك يحق لنا أن نشك عظيم الشك في كل شعار ديموقراطي يرفع نفاقا ضمن مجتمعات متفجرة يتجاور فيها الحرمان والبؤس والبطالة والمرض مع الترف الفاجر والاستطالة على الله وعباده.. الامر الذي يجعلنا نوقن أن كل بناء اجتماعي يقوم على مثل هذه الأسس، لا محالة مهما ارتفع مهدوم.  وكم من بناءات اقتصادية عظمى تكشفت حقيقة بيوتها العنكبوتية بسبب قيامها على التنكر لواجب الواجد سبحانه وما تولد عن ذلك من طغيان الجشع والاحتكار والغش ونهب الاقوياء لموارد الضعفاء، وهو ما يفرض على دعاة البناء الجديد أن تكون دعوتهم هدما وبناء، في مستوى شمول الاسلام، وفي وحدة لا تنفصم بين معاني التوحيد على المستوى العقدي والعدل على الصعيد الاجتماعي والشورى على الصعيد السياسي ، اذ كما أنه لا معنى لإيمان لا ينتج عملا , فإنه لا معنى لعقيدة التوحيد إن لم تثمر مجتمع العدل والشورى، مجتمع الاخوة والمشاركة والتكافل في مصادر الرزق الاساسية  » والارض وضعها للأنام » { الرحمن: 10} (سواء للسائلين) {فصلت :10}،  » الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار « /أحمد وأبو دأود/ اى مصادر الرزق الاساسية. ويكفينا هنا التأكيد على أن المشاركة السياسية تقتضي ضرورة مشاركة اجتماعية. إن الشورى والعدالة هما وجهان لعملة واحدة هي التوحيد (7 ) . ودعوة الإسلام المتكررة للأفراد أن ينفقوا في مصالح الجماعة ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى يفترض إباحة التملك الفردي، إذ أن الإسلام يستهدف الإرتفاع بالجميع من خلال التشجيع على عمارة الارض وعلى التكافل المجسّد للأخوة، إلى المساواة في الغنى وليس تردي الجميع في منكر الفقر.. الضمان الاجتماعي بين الرأسمالية والإسلام لم تتضمن الدساتير وقوانين حقوق الإنسان في الغرب مفهوم الضمان الإجتماعي إلا في وقت متأخر، وتحت ضغط الواقع فتحدثت عن ضمان الحقوق الإجتماعية للمواطن من تعليم وصحة وعمل وأسرة. أما غير القادر على العمل أو الذي لا يكفيه عمله لتوفير العيش الكريم فمسكوت عنه. ولذلك يلاحظ الفرق جليا في موضوع الضمانات الاجتماعية بين المجتمعات الاروبية  التي تعرضت لأخطار التهديد الشيوعي والاشتراكي فتصدت له عسكريا بالأحلاف واجتماعيا بالضمانات الاجتماعية في الصحة والتعليم والبطالة والشيخوخة، وبين المجتمعات الرأسمالية التي لم تتعرض لتهديد اشتراكي مما ثل مثل الولايات المتحدة، فلا يزال ملايين محرومين من ضمانات ولو في حدها الادنى بما يؤكد تجرد النظام الرأسمالي من البعد الاخلاقي الإنساني، فهو في أصله لا يعترف بغير حق الاقوياء، الأصلح هو الاقوى.. مجتمع دارويني. وحتى إعلانات حقوق الإنسان لم يتضمن جيلها الأول التنصيص على الحقوق الاجتماعية، وإنما جاء ذلك متأخرا بعد الحرب العالمية الثانية تحت طائلة التهديد الشيوعي، عندئذ جاء التنصيص  على « حق الإنسان في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته وفي تأمين معيشته في حالة البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة »( 8 ). إن ما يسمى بالديمقراطيات الإجتماعية ودولة الرفاه كلها، وهي ثمرة ضغوط أكثر منها ثمرة اعتراف بكرامة الإنسان، جاءت متأخرة جداً في الفكر والممارسة عن الإسلام نظرية وممارسة. لقد أقام الإسلام مجتمعه على أساس الأخوة والمساواة والعدالة وما يقتضيه ذلك من تعاون وتضامن وإيثار (إنما المؤمنون إخوة)( 9)، وفي الصحيح: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله]،  ويعلن ابن حزم في المحلي تعليقاً على هذا الحديث الصحيح يقول فيه: « من تركه يجوع ويعرى وهو قادر على إطعامه وكسوته فقد أسلمه »، إن الأخوة ليست مجرد عاطفة ولكنها قد تكافل تعاون وتآزر، وهو عقد طرفه الأساسي الأمة ممثلة في مستويات متراتبة تبدأ بالأسرة، حيث أوجب على أفرادها التكافل في الإرث والوصية والنفقة وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض »(10 )، ثم أهل الجيرة والجار ذي القربة والجار الجنب( 11 )، وفي الحديث: [ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه]، [ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم]. ثم يأتي أهل الحي ثم المجتمع كله عن طريق الزكاة وهي فريضة ملزمة ثم النفقة التطوعية « في المال حق سوى الزكاة »، وفي الصحيح يرسم النبي القائد نموذجاً لمجتمع مؤمن صغير كيف يتعامل معالأزمات الاقتصادية: [نعم القوم الأشعريون كانوا إذا أرملوا في الغزو أو قل عيلا طعامهم بالمدينة جعلوا ما كان عندهم في ثوب وأحد وقسموه بينهم بالسوية، فهم مني وأنا منهم].مسلم عن جابر. وصيغة الوصف النبوي لهذا المجتمع ناطقة بتحبيذه، والرغبة للمسلمين وللبشرية جمعاء أن تتأسى به في تجسيد الأخوة وقهر الأنانية ومغالبة الأزمات. ويتجاوز النبي القائد هذه الصيغة التي تعتمد الإيحاء إلى الإعلان العام المباشر ذي الصيغة التشريعية » (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل). صحيح أخرجه مسلم وأبو دأود وأحمد من حديث أبي سعيد الخدري، وللمسلم المعاصر أن يعدد من صنوف البيوت والسيارات والمصانع والحقول… الخ. ولقد تقدم حديث النبي صلى الله عليه وسلم [من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه]م/مسلم/، وليس له أن يمسكها أكثر من ثلاث سنوات إذ « ليس لمحتجز حق بعد ثلاث سنوات »، كما ورد في حديث أخر. ولقد تشبع خلفاء النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الروح الاجتماعية الإنسانية، فمنع ابن الخطاب أن يتحول الفاتحون إلى إقطاعيين، فقرر منع توزيع أرض الفتوح على الفاتحين وجعلها ملكاً عاماً للمسلمين إلى يوم القيامة( 12 ). ومع ذلك تبين له في أواخر أيام حكمه وجود تفاوت عزم على القضاء عليه، فقال: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على فقراء المهاجرين ». وكان الخليفة الثائر علي بن أبي طالب واضح الرؤيا في تحليله لمشكل الفقر، أنه ثمرة لأنانية الأغنياء »ما جاع الفقراء إلا بمنع الأغنياء ». « يسألونك ماذا ينفقون قل العفو »  وإذا كان غبار التاريخ المتطاير من حمأة الحضارات الفارسية والرومانية القائمة على الإقطاع والاستقلال قد غشي كثيراً أو قليلاً أنوار العدالة والإنسانية التي أشعت بها نصوص الكتاب والسنة وتجربة التطبيق النموذجي في الصدر الأول للإسلام، فخالطت تلك الأنوار الساطعة ظلمات الجاهلية وتأثر التنظير الفقهي بذلك قليلاً أو كثيراً، فإن تاريخ الإسلام لم يخل من المجددين الثائرين الذين كسروا أطواق التاريخ ونفضوا غباره المتراكم فاتصلوا بالنبع الصافي وأطلقوا أنواره مجدداً. وكان أشهر أولئك علامتنا المغربي الثائر الفقيه السلفي ابن حزم الذي لا يشك أحد في تمسكه الحرفي المتشدد بظواهر النصوص. وكان ذلك كافياً لو صح تحليل خصوم السلفية ليجعل من ابن حزم أكثر فقهاء الإسلام رجعية وجموداً وخصومة لحقوق المستضعفين من الرجال والنساء، ولكن الواقع يشهد بعكس ذلك تماماً لدرجة أن رافعي لواء التحرر من سلطان النصوص لحساب العقل – وذلك شرط التحرر والتقدمية عندهم – إذ التقدم بزعمهم والمنهج النصي (أو السلفي) نقيضان لايجتمعان. ولا يكادون يعثرون خلال تنقيبهم في التراث على مواقف تحررية في مجال الاقتصاد أو المرأة والفن وغيرها أعمق وأجلى وأغزر من مواقف الموغلين في السلفية أمثال ابن تيمية وابن القيم، وابن حزم، وهو زعيم المنهج السلفي بلا منازع… وكان على هؤلاء أن يذعنوا للحقيقة التي كشف عنها تاريخ الحضارة الإسلامية، تلك التي أعلن عنها الفكر الإسلامي المعاصر(13  )، ألا وهي أنه لا تجديد إلا في إطار السلفية. المقصود أنه انطلاقا من الاعتزاز بالذات الحضارية للأمة والاطمئنان  الكامل إلى دينها وتراثها…فإنما انطلق تاريخنا من النص المقدس، فلا تجديد حقيقياً إلا في إطاره وانطلاقاً منه. بل إن التجديد في كل حضارة كان بهذا المعني سلفياً، أي عودة إلى الجذور انطلاقاً منها من أجل تخطي الحاضر الهابط نحو مستقبل أفضل، مع ملاحظة أن السلفية هنا تعني التمسك بنصوص الإسلام ومقاصده في مواجهة محاولات العبث العلماني، وليست بحال رفض التجديد ورفض مقاصد الشريعة، مع التنبيه أيضاً أن مصطلح السلفية لا يحمل دلالة إلزامية، بل يمكن الإستغناء عنه والاستعاضة عنه بغيره، لأن السلفية ليست مفهوماً واحداً(14 ). لنقرأ بانتباه، ونحن بصدد تقرير حق الضمان الاجتماعي في الإسلام، هذا النص الرائع للثائر السلفي ابن حزم: « وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات بهم ولا في سائر أموال المسلمين بهم فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنهم من المطر والشمس وعيون المارة. ومن كان على فضلة، ورأى أخاه جائعاً عريان فلم يغثه فما رحمه بلا شك »، بل يفرض ابن حزم على الجائع أن يأخذ ما يسد به حاجته، ولو مع استعمال القوة( 15 ). ويصل الفقيه السلفي ابن تيمية (في كتابه الحسبة في الإسلام) إلى النتيجة نفسها انطلاقاً من النصوص:  « إذا قدر أن قوماً إلى السكن في بيت إنسان إذا لم يجدوا مكاناً يأوون إليه إلا ذلك البيت،فعليه أن يسكنهم وكذلك إذا احتاجوا إلى أن يعيرهم ثياباً يستدفئون بها من البرد أو إلى آلات يطبخون بها أو يبنون أو يسقون يبذل هذا مجاناً وإذا احتاجوا إلى أن يعيرهم دلواً يسقون به أو قدراً يطبخون فيها أو فأساً يحفرون به » فهل عليه بذله بأجرة المثل أم بزيادة. وهناك قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره. والصحيح وجوب بذل ذلك مجاناً إذا كان صاحبها مستغنياً عن تلك المنفعة كما دل عليه الكتاب والسنة، وقال تعالى: فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون. والذين هم يراؤون. ويمنعون الماعون(16  ). إن مسؤولية الفرد على إخوانه تصل إلى حد مقاضاته إذا فرط ولم يقم بحاجتهم مع القدرة؛ يذكر الفقيه المالكي الدردير: « يضمن من ترك تخليص مستهلك(أي هالك) من نفس أو مال قدراً على تخليصه بقدرته أو جاهه أو ماله فيضمن من النفس الدية وفي المال القيمة »( 17 ). إن تفرد الإسلام بجعل ضمانه الاجتماعي شاملاً للغارمين حتى تسدد ديونهم وتفرج كروبهم، وللرقيق حتى يتحرروا، ولأبناء السبيل من المسافرين والمنقطعين مهما كانت ثرواتهم في بلدانهم التي يقيمون فيها، كما تفرد الإسلام بجعل التزامات الدولة الاجتماعية شاملة لولاية الأطفال القصر الذين لا أولياء لهم ومراقبة أولياء هؤلاء إن وجدوا، وتزويج من لا أولياء لهم أو لا مال لهم. ولقد اتخذ الخليفة عمر بن الخطاب دار السويق فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزيت وما يحتاج إليه المحتاج. الوقف من أعظم مؤسسات الشورى واضح عمق وأصالة الضمان الاجتماعي في مجتمع الشورى على صعيد التطور والتطبيق في الإسلام، وواضح كذلك طابع التفرد في هذا التصور من حيث ارتباط تلك الحقوق بتكريم الله للإنسان باستخلافه له، ومن حيث تعدد مؤسسات ذلك الضمان: الأسرة، الجوار، الحي، أو العشيرة، المسجد ،الوقف ، المجتمع، الدولة… وذلك وفق تصور الإسلام لعلاقة الفرد والمجتمع بالدولة.؟ إن عقيدة التحرر والعبودية لله، وهي أساس التصور الاجتماعي الإسلامي، تأبى حصول وضع اجتماعي تتغول فيه الدولة ويتضاءل الفرد والمجتمع تجاهها فيرتبط مصير المجتمع كله بتلك المؤسسة أو الشخص أحياناً(الدولة). إن الإسلام يحرص على تحقيق قدر كبير من الاستقلال للفرد والمجتمع عن السلطة في الدولة الإسلامية، وذلك من خلال التكريم الإلهي للإنسان بما يكسبه حقوقاً ويفرض عليه واجبات لا سلطان لأحد غير الله عليها، ومن خلال حرصه على إقامة المؤسسات الشعبية المستقلة عن السلطة، كالأسرة والعشيرة وأهل الحي ومؤسسة التعليم والتعبد، وأنواع كثيرة من المؤسسات الاجتماعية الشعبية التي يمولها الشعب عن طريق مؤسسة الوقف التي استوعبت أعظم إبداعات ومؤسسات الحضارة الاسلامية التي بلغت من الاتساع ما استوعبت في كثير من المجتمعيات معظم الملكية. وكان ذلك كله ثمرة لمبادرات المجتمع تقربا إلى الله عز وجل بما أرسى سندا عظيما لاستقلال الأمة عن الدولة، وخاصة في عهود فسادها. إن أشد ما نكبنا به الغزاة الغربيون، هو نهبهم جزءاً كبيراً من المؤسسات الشعبية وتدميرهم البنية التحتية لمجتمعنا، حتى إذا ورثهم المستعمرون الجدد في عهد (الاستقلال) استكملوا الغزو، وأتموا السيطرة والاستيلاء على ما تبقى من تلك البنية التحتية فارتهن الفرد والمجتمع لأهوائهم وتقلباتهم، وضمن مشروعهم التسلطي الشمولي دأبوا على تفكيك بنية المجتمع الفكرية والمؤسساتية الشعبية تيسير السيطرة والتحكم. والخلاصة من ذلك أن الإسلام يسعى جهده لضمان حرية الناس وإخلاصهم عبوديتهم لله، ومن وسائله منع احتكار سلطة الحكم أو سلطة المال في يد فئة قليلة، بل قد يسعى إلى توزيعها على أوسع نطاق ممكن حتى ينحصر تدخل الدولة المباشر في أضيق نطاق ممكن (أنا ولي من لا ولي له) أي حيث يعجز المجتمع ويختل توازنه. في ظل الاسلام لم تعجز مجتمعاته عن انتاج حاجاتها: إن الاسلام الذي قاد اجتماع أمتنا وعصور ازدهارها الحضاري المديدة وظل مرجعيتها العليا التي استوحت منها كل مناهج حياتها الثقافية والتشريعية والاقتصادية وتأسست في ظلها مجتمعات راجت فيها أسواق الدنيا جنبا لجنب مع اسواق الاخرة تجسيما للمثل الاسلامي الجامع بين المادي والروحي، وحتى في عصور انحطاط هذه المجتمعات ظلت منتجة لحاجياتها وزيادة حتى كانت تصدر الاقوات للدول الأوروبية وتسدي لها القروض (مصر أقرضت انجلتر والجزائر أقرضت فرنسا، وكلاهما قبل الاحتلال). إن هذا الاسلام ما عجز طيلة القرون التي حكم فيها، وقبل أن ينحى بقوة السيف عن عرشه ويدفع إلى الهامش ويستبدل بإيدولوجيات أخرى، لا يزال أهم مقوم في هوية الأمة ومحرك لطاقاتها لو أنها وظفت في مشاريع التنمية كما حصل في تجربة ماليزيا. إن الاسلام الذي قاد اجتماع أمتنا وشكل وعيها وضميرها، لايزال رجاله الأقدر على تعبئة شعوبنا لأي مشروع تنموي وتجسير الهوة الشاسعة التي شقتها المناهج التغريبية بين نخبة الحكم والثقافة من جهة وبين جمهرة الناس. ورحمته وسعت كل شيء مع أن الاسلام لا يعطي ثماره اليانعة إلا لمن سلم له قياده بالكلية: « ادخلوا في السلم كافة »، وذلك جوهر ما يحرص عيه دعاته، إلا أن رحمته السابغة لا تستثني أحدا ولا يتوقف عطاؤها عند حد ولا تنتظر شيئا، فهو الريح المرسلة بالخيرات في كل اتجاه وحين. فلم ينتظر النبي يوسف عليه السلام إيمان ملك مصر وقومه وتخليهم عن الشرك حتى يقدم لهم خطته لإتقاذهم من هلاك في الآفاق محقق، بل لإنقاذ الاقتصاد العالمي يومئذ، بل ويطلب الاشراف بنفسه على تنفيذها حرصا على نجاحها: « اجعلني على خزائن الارض إني حفيظ عليم »، وذلك سبيل أقوم من سبل الدعوة إلى الله عبر غمرهم برحمة الله. وتلك سابقة مهمة للأقليات المسلمة أن تجعل نهج دعوتها للاسلام عبر الإسهام في تقديم حلول للمشكلات التي تتخبط فيها مجتمعاتها مثل مشكل تفكك الاسرة ومشكل المخدرات ومشكل الانهيارات الاقتصادية بسبب صنوف المضاربات والمعاملات المنافية لقيم الشريعة مثل المعاملات الربوية. ويقدم نظام المصارف الاسلامية نموذجا حيا للدعوة الإسلامية في الغرب، ما جعل الدول الغربية تتنافس في فتح هذا النوع من المصارف الذي يجمع بين الجدوى الاقتصادية وبين احترام مبادئ العدل وقيم الاخلاق. ولقد سطع نجم الاقتصاد الاسلامي حتى غدت مصارفه ملجأ لرأسمال المذعور في ظل الانهيارات الاقتصادية الرأسمالية الكبرى التي تجتاح عالما يقوده الجشع القاروني.كما أكد ذلك الامين العام لمجلس الخدمات الاسلامية في قوله: « أثبتت المصرفية الإسلامية جدواها وأداءها المالي المتميز بشهادة الكثيرين من خبراء المال والاقتصاد في العالم الغربي والشرقي، فقد بدأت كثير من التحديات التي كانت تواجهها في بداية مسيرتها في طريقها للزوال، غير انه بلا شك هناك تحديات متبقية وقد تكون برزت نتيجة لإفرازات وانعكاسات الأزمة المالية العالمية التي أصبحت فيما بعد أحد أهم أسباب تقديمها للعالم كأحد الحلول الناجعة لمشكلات النظام المالي العالمي. وفي اعتقادي أن أهم هذه التحديات يكمن في كيفية تمكين الصناعة المصرفية الإسلامية في أن يكون لها أثر وحضور قوي في إعادة بناء النظام المالي الدولي الذي يتهأوى الآن، إذ إن الأزمة المالية العالمية أثبتت فشل النظام المالي العالمي، وهناك مشأورات لإعادة بناء هذا النظام، وهذه فرصة حقيقية للمصرفية الإسلامية للمساهمة في عمليات معالجات أبعاد تلك المشكلة، التي أصبحت الآن مطلبا مصرفيا عالميا لإعادة هيكلة النظام المالي العالمي المتهالك، خاصة أن لدى المصرفية الإسلامية الكثير من المقوّمات التي يمكنها أن تقدم نموذجا ماليا عالميا محصنا بموانع الانهيار. السبيل أون لاين28-6-2009. الإسلام قدم عطاءه حيثما توفرت له فسحة من الحرية: ومع أن الإسلام لا يزال مقصى غالبا من شؤون الحكم في وضع المعارض المعترف به أو الذي تدور عليه رحى الطغيان من قبل العلمانيةالحاكمة، فليس مسؤولا عن أوضاع الأنهيارات الاقتصادية والكوارث البيئية ، ومع ذلك ففي الاحوال التي أتيحت فيها للإسلاميين فسح ولو كانت محدودة فقد قدموا رصيدا معتبرا من التجارب التنموية الناجحة، وبالخصوص ضمن مؤسسات المجتمع المدني؛ فقد طوروا على الصعيد الفكري والفلسفي  فكرة الاقتصاد الاسلامي حتى تبلورت في علم تقوم على تدريسه كليات في كثير من الجامعات وبعضها في الغرب مثل جامعة « لافبرا » في انجلترا، وتنعقد له المؤتمرات العلمية وتقوم على خدمته موسوعات ومجلات ومئات من المؤلفات، كما تجسّده في الواقع الاقتصادي المحلي والدولي مالا يقل عن مائتي بنك إسلامي تدير مئات المليارات من الدولارات، وتمثل قطب جذب وإغراء كبير للرأسمال ليس الاسلامي فحسب، بل غير الاسلامي أيضا لما يوفره النظام المالي الاسلامي المتطهر من سوأة الربا من ضمانات بالمقارنة مع الاقتصاد التقليدي أي الربوي. وهو ما دفع بلدا يتوفر على ثالث اقتصاد عالمي « انجلترا » على افتتاح بنك إسلامي بريطاني، كما دفع كبريات البنوك الدولية مثل سيتي بنك وباركليز بنك وغيرها على فتح فروع لها تعمل وفق الشريعةالاسلامية. ومن جهة أخرى أمكن للاسلاميين الذين قادوا كبريات النقابات المصرية مثل نقابات الاطباء والمحامين والصيادلة والجامعيين.. الخ، أن يثبتوا جدارة متميزة في الارتقاء بمستوى الخدمات في تلك النقابات وهوما أكسبهم ثقة في قواعدها، ولولا أن الإخوان حدّوا من مستوى مشاركتهم ونزلوا بها إلى الثلث لوقعت كل النقابات بأيديهم، ولا يختلف ذلك عن مستوى إدارتهم للمدارس الخاصة، وهو ما يفسر شدة التنافس والطلب عليها. أما إدارتهم للبلديات ونهوضهم بها فالمثال التركي ناصع تشهد عليه بلدية استنبول التي رفعهم أداؤهم الراقي فيها، وفي المدن التركية الكبرى التي كانت بلدياتها تعاني حالة البؤس والافلاس زمن القيادات العلمانية اليسارية واليمينية، إلى سدة الحكم بانفراد، ليحققوا في المستوى الاقتصادي نهوضا غير مسبوق أمكنهم به أن يعيدوا للعملة التركية اعتبارها حتى حذف منها ست أسفار لم تكن تعني شيئا مذكورا، وخفضوا ديون تركيا بنسبة الثلث خلال ثلاث سنوات، وكذلك فعلوا مع التضخم والبطالة. وليس وراء هذه النجاحات من سبب واضح غير الإسلام، باعتباره العنصر الفارق. فالاسلاميون مثل زملائهم العلمانيين درسوا في نفس الجامعات متمكنون مثلهم من نفس العلوم والتقنيات والمعارف الحديثة، غير أنهم يتفوقون عليهم بأمرين: خطابهم هو الأقرب لأوسع قطاعات الجماهير، لأنهم يخاطبونهم بمفاهيم وقيم ومواريث متغلغلة في أعماقهم، بينما العلماني كأنه يخاطبهم من مكان بعيد فلا يحرك فيهم شيئا كبيرا وتتقاصر عن الإسلامي قدرته على تعبئتهم وتحريكهم في اتجاه ما يريد من أهداف. والعامل الثاني: أن سلوك الإسلامي يوحي بالثقة أكثر من غيره لأنه يجسم النموذج المستقر في أعماق الجماهير لما ينبغي أن يكون عليه الانسان المسلم، برّا بوالديه وأقاربه وجيرانه صادقا في معاملاته، مؤثرا على نفسه، تقيا ورعا، يؤمهم في المساجد ويشهد جنائزهم وأفراحهم، ويجدونه إلى جوارهم كلما حزبهم أمر وحلّت بهم النكبات وما أكثرها.وكل ذلك راجع إلى الاسلام. والعامل الثالث هو الفارق المنحدر من الإسلام كعامل تربوي قيمي يتمثل فيما يمتلكه من قدرات على ضبط الاندفاع نحو الاستهلاك بما لا يدع نصيبا للادخار الضروري لكل نمو. وغالبا ما لا يقف النهم للاستهلاك عند حد الدخل المتوفر للأفراد بمن فيهم القائمون على مؤسسات الدولة، فتمتد أيديهم لتوظيفها لمنافعم الشخصية وأسرهم وأحزابهم، بينما الاسلام يربي أهله على التقلّل ويلزمهم بالحلال شرطا لقبول عباداتهم، فيكبح جماح الاستهلاك، وينذرهم بأشد العقاب إذا هم ولغوا في الحرام، مما يشكّل عاملا تنمويا مهما جدا لا يمتلكه غير الإسلاميين، إضافة إلى وسائل الرقابة في المجتمعات الديمقراطية، التي لم تجد كثيرا في الحد من كبح الفساد آفة النظم المعاصرة. أما في ظل الانظمة الديكتاتورية، فيجتمع غياب الرقابة القانونية مع غياب الرقابة الدينية فتكون كارثة الانهيار محتمة ولو بعد حين. إن نجاح الشيخ نجم الدين أربكان وتلاميذه غير المسبوق في تركيا في القضاء على آفة الفساد التي اجتاحت طبقة سياسية في جملة أحزابها الفساد المستفحل، سواء أكان ذلك خلال نهوضهم بتنمية بلديات مفلسة أم كان من خلال توليهم سلطة البلاد فرفعوا خلال سنوات معدودات من مستويات الدخول الفردية وحدّوا من مستويات التضخم المتصاعدة ومن البطالة ووضعوا تركيا اقتصاديا وسياسيا وحقوقيا على طريق التمدن الحديث، يمثل شهادة نيرة للاسلام وما حققه من تجديد وتشبيب للنخبة السياسية الهرمة، وهو ما ينجزه في كل مكان اليوم، بما يفرض اعتبار البرنامج الاقتصادي ليس مجرد مخططات أيا كانت دقتها وجماليتها بقدر ما هو قبل كل شيئ مشروع ثقافي تربوي انساني.يجمع بين الثقافة والسياسة والاقتصاد بين الصلاة والزكاة والشورى. رابعا: تحأول حكوماتنا تحت ضغط خارجي صارم إقامةنظام اقتصادي رأسمالي حر، ومعنى هذا في لغة الغربيين إيجاد نظام سياسي ديموقراطي يتسم بحرية الفرد في إبداء رأيه وفي اختيار ممثليه وفي مزاولة مهنته وفي معاملاته الماديه مع غيره، وفي إصدار قراراته الخاصه بانتاجه واستهلاكه. لذلك كان أول ما يتوحب عليها إن كانت جادة في الخروج من وهدة التخلف وكانت منطقية مع نفسها أن تزاوج بين الحرية الاقتصادية والحرية السياسية (الشورى الديمقراطية) وبين الزاد الضروري لكل انطلاق وخوض أي معركة بنجاح « وتزودوا فإن خير الزاد التقوى »، إذ بدون ذلك لن تتمكن من تحقيق ما تعد به الشعب من رخاء اقتصادي وإن قل، فالحرية لا تتجزأ.ومقومات التنمية كذلك لا تتجزأ. لا تنمية مستدامة على أساس البعد الواحد هذا منطق البديهة، وهو ما قال به أصحاب المذهب الليبرالي في القرن التاسع عشر، وهو عين ما يقوله معتنقوا هذا المذهب في هذا القرن، وهو ما قال به الإسلام في القرن السابع، على أن يتأسس المشروع التنموي في سياق فلسفة خلقية تعطي الأولوية للإنسان فردا وجماعة بما يعنيه ذلك من رعاية التوازن بين حاجاته المادية والروحية والخلقية، واعتباره جزء من أسرة وجماعة ومجموع إنساني وفي علاقة ضرورية ومصيرية بالبيئة، فما ينبغي التمركز حول بعد واحد منها في مشروع تنموي جاد مثل الربح المادي مقابل إهمال بقية الأبعاد، كما فعلت وتفعل النماذج الراسمالية أو الاشتراكية. ولأن السياسة الاقتصادية هي في أرفع مفاهيمها مشروع إنساني، فإنها تحتاج مع التخطيط ومع التشريعات ومع الاستثمارات ومع التعليم والتكوين المهنى.. وربما قبل ذلك كله إلى جو سياسى مشجع، ومناخ نفسى مساعد، وظروف اجتماعية هادئة، وقوانين عادلة. ويمكن تلخيص كل ذلك فى ما اصطلح  على الإسلام بالشورى في معناها الواسع: المشاركة والتعاون والعدل والمساواة، وهي المعاني التي انتهت إليها تطور الديمقراطية الاجتماعية فى معناها الواسع والشامل، فعلى قدر ما تكون الحياة السياسية شفافة وواضحة يعرف كل فرد ومؤسسة وتنظيم وهيئة مكانه ووحدوده وواجباته وحقوقه، تكون الحياة الاقتصادية والانشطة المنتجة كذلك. لهذا نقدر أن الشرط الاساسى لنجاح سياسة اقتصادية أن يسود المجتمع جو الجدية والثقة والأمان والطمأنينة، إلا أن ذلك لايكفى وحده لإنتاج القمح والأدب والمواد الاسهلاكية، بل هو مجرد  حافز لاغنى عنه. نحن نكتفى فى السياسات الاقتصادية بالتأكيد على ارتباط الإقتصاد بجملة المفاهيم العقائدية الإسلامية التى تؤطر كل مؤسسات المجتمع الثقافية والتربوية وسياسات الدولة الداخلية والخارجية. سياسات لا تستشار فيها الشعوب مآلها الفشل  إن السياسة الاقتصادية المثلى هي التي تسن لصالح السواد الأعظم من المواطنين وبموافقة غالبيتهم فى جو من الحرية والشفافية، وإن كل ماعدى ذلك استبداد بجمهرة الناس لصالح القلة المسيطرة المدعومة من مراكز القوة الدولية مما يهدد التوازن والسلم الاجتماعى ويدمر مؤسسات المجتمع والبيئة ويضع بلادا عدة فى حرب أهلية أو على حافتها، وهو عين ما يحدث الآن فى معظم بلاد العرب باسم الإصلاح الهيكلي تحت ضغوط منظمات دولية بدعاوى تحرير الاقتصاد.  تلك هي السياسة ذاتها التى اقتضت الدعم الغربي لأشد الانظمة ديكتاتورية وفسادا، فطبقت سياسات الطوارئ – معلنة أو غير معلنة- في أكثر من بلد مثل مصر وتونس وسوريا والعراق والجزائر، وسحقت صناديق الاقتراع ومعها الفائزين مثل جماعة الجبهة في الجزائر والنهضة في تونس والحركة النقابية والجمعياتية والصحافة.. والإعداد لسحق الإخوان في مصر وفي فلسطين وغيرها جار.. من أجل تسهيل تمرير السياسات الرأسمالية الدولية والتسويات الظالمة وسحق أمل الشعوب في تنمية مستقلة لصالح الشعوب وحرياتها وانعتاقها من التبعية. مع أن الكثير من ذلك قد جرب ولم يفض شيء منه لا إلى تنمية حقيقية ولا كان له انعكاس إيجابي على العلاقات الدولية وبالأخص علاقة الاسلام بالغرب، بل كان الوقود الاساسي المفجر لموجات الإرهاب، فليس على غير العدالة الإلهية يمكن أن يرتفع بناء ويدوم ويسعد. الأولوية للحرية المسؤولة ان أولى الإجراءات الواجب اتخاذها في حكومة ديمقراطية، هى إعادة الكلمة للمجتمع والمواطن لتنظيم صفوفه من أجل المساهمة الحقيقية فى تطوير الحياة الاقتصادية وإطلاق المبادرة فى إطار قيم الإسلام وعدالته، وفرض الحريات العامة والخاصة،ودعم مؤسسات المجتمع، والحد من هيمنة الدولة، وتعبئة عناصر المقاومة والتحدى لدى شعوبنا من أجل تنمية مستقلة متوازنة فى أطر وبواعث عقدية وسياسية معبرة عن إرادة وضمير أمتنا، تعيد التوازن بين الدولة والمجتمع لصالح هذ الأخير، واستقلاله واكتفائه واستغنائه عنها فى معظم مقومات حياته.  وبذلك ينهض العمل الاقتصادي ضمن نهضة شاملة، تضمن تحرير الفرد والمجتمع من هيمنةالدولة ومن نهم التنين الرأسمالي العولمي، بما يقصر تدخل الدولة على سد الثغرات، ولكن دون المس بحريةالأفراد ومبادراتهم الفردية والاجتماعية، بل يؤسس ويدعم سلطة الأمة على حكامها وتحريرها من التبعية للخارج، وتحقيق عزتها ووحدتها، وتحرير أراضيها وإرادتها، ونصرة كل مظلوم، وإطعام كل جائع وستر كل عار ودواء لكل مريض وتعليما لكل جاهل.. على أن تتم عملية تحجيم الحكومة بالتدرج على  قدر ما يحققه المجتمع من استقلال واستغناء.. ذلك أن عدم توافر الكفاية للمواطن يفرض وضعا استثنائيا تستباح فيه الملكيه الخاصة – كما سبق–وتعطل الحدود أو بعضها، إذ الأولوية في مثل أوضاعنا وأوضاع العالم هي للحرية المسؤولة (الشورى)، أي المشاركة في اتخاذ القرار على كل المستويات بدء بالاسرة إلى المسجد والنقابة والحزب وانتهاء إلى الدولة وإلى المؤسسات الدولية، الأولوية كذلك للعدالة والوحدة في كل المستويات ومقاومة نزوعات الهيمنة في كل أشكالها. سأل الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه أحد عماله وهو يودعه: (ماذا تفعل إذا جاء سارق)،  قال: (أقطع يده). فرد عليه عمر: (فان جاءني منهم عاطل أوجائع فسوف يقطع عمر يدك ياهذا، إن الله استخلفنا على عباده لنسد جوعتهم ونستر عورتهم ونوفر لهم حرفهم، فاذا أعطيناهم هذه النعم تقاضيناهم شكرها، ياهذا، إن الله خلق الأيدي لتعمل، فاذا لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية أعمالا، فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية).   (1)حسن البنا ، مجموعة الرسائل .  (2)  » سورة النساء  »  الاية 5   (3) » سورة البقرة  » ، الاية 219.   (4)هويدي ،القران والسلطان ،ص 225.   (5) الترابي ،  » الشورى والديموقراصيه : اشكالات المصطلح والمفهوم « .   (6)انظر : اسماعيل الفاروقي في   :المسلم المعاصر، العدد 22 . ولا شك ان الفاروقي لا يتحدث عن اى اشباع وانما الاشباع الطيب لجميع الناس. وتاتي اهميته من انه مما يزيل هم الدنيا والتنافس حولها ويوفر مناخا ملائما  لزرع معاني الاخوة والرحمة والترقي الروحي والفكري والخلقي على أوسع نطاق ممكن.   (7)..الحريات العامة في الدولة الاسلامية للمؤلف… ( 8) فتحي عثمان، أصول الفكر السياسي الإسلامي، ص294. (9 ) القرآن الكريم، « سورة الحجرات » الآية 10. (10 ) المصدر نفسه، « سورة الأنفال » الآية 75. (11 ) المصدر نفسه، « سورة النساء » الآية 36. ( 12) أبو عبيدة، كتاب الأموال، ويعقوب بن إبراهيم أبو يوسف، كتاب الخراج(بولاق: المطبعة السلفية، 1352هـ). ( 13) انظر على سبيل المثال: منير شفيق، أطروحات علمانية(تونس: دار البوارق)، ومحسن الميلي، ظاهرة اليسار الإسلامي(قرطاج: مطبعة تونس، 1985). ( 14) يقول عبد الاله بن كيران: « إن الوهابية ليست إلا سلفية من بين سلفيات أما بالنسبة إلينا فالسلفية هي النظر الموضوعي في نصوص الإسلام ». نقلاً عن: Francois Burgat .ed., L’Islamisme au Maghreb: La Voix dusud, les Ariques (Paris: Kartala, 1988) ,p. 33. (15 ) قال ابن حزم: « من عطش فخاف الموت فرض عليه أن يأخذ الماء حيث وجده، وأن يقاتل عليه، ولا يحل لمسلم اضطر أن يأكلميته أو لحم خنزير وهو يجد طعاماً فيه فضل عن صاحبه، لأنه فرض على صاحب الطعام إطعام الجائع، فإذا كان ذلك كذلك بمضطر إلى الميتة ولا إلى لحم الخنزير، وله أن يقاتل عن ذلك فإن قتل(الجائع) فعلى قاتله القود(أي القصاص) وإن قتل(المانع)فإلى لعنة الله، لأنه منع حقاً وهو طائفة باغية… قال تعإلىفإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ... ومانع الحق باغ على أخيه الذي له الحق، انظر: ابن حزم، المحلى. ( 16)القرآن الكريم، « سورة الماعون » الآيات 4-7. ( 17) أحمد بن محمد الدردير، الشرح الكبير على متن خليل، وعثمان، أصول الفكر السياسي الإسلامي ، ص 300. (*) ورقة تقدم بها الشيخ راشد الغنوشي للمجلس الأوربي للبحوث والافتاء في دورته الأخيرة المنعقدة في بداية شهر جويلية في إستانبول – تركيا (المصدر: بوابة « مدارك » بموقع إسلام أونلاين.نت (القاهرة – الدوحة) بتاريخ 10 أوت 2009) الرابط:http://mdarik.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1248187411060&pagename=Zone-Arabic-MDarik%2FMDALayout

 


 

نجاد الثاني و التحديات المقبلة


 توفيق المديني في الوقت الذي كان فيه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يؤدي اليمين الدستورية  أمام مجلس الشورى لولاية ثانية  مدتها أربع سنوات ،قاطع رموز المعارضة حفلة التنصيب هذه ، ولا سيما أن المرشحين الخاسرين  مير حسين موسوي  ومهدي كروبي يرفضان نتائج الاقتراع متذرعين بعمليات غش،و كذلك الرئيسان السابقان :علي أكبر هاشمي رفسنجاني ممثل طبقة تجار البازار و كبار الملاك ، ورئيس مجلسي الخبراء وتشخيص مصلحة النظام، الذي حذر مؤخرا من «التوجهات التسلطية » للنظام  ، والإصلاحي محمد خاتمي الذي يتبنى فهماً للدين والحكومة يتعارض جوهريا مع الأيديولجيا التيوقراطية للمحافظين .وهي المرة الأولى التي يغيب فيها الرئيسان السابقان عن احتفال  كهذا. و كانت الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي  أعلنوا أنهم لن يرسلوا  برقيات تهنئة  إلى الرئيس  الإيراني  محمود أحمدي نجاد لمناسبة بدءولايته الثانية . وتعتقد الدول الغربية أن أزمة الانتخابات الأخيرة و تداعياتها الكبيرة أضعفت النظام الإيراني، حيث كانت شعبية  الرئيس نجاد السياسية تستند إلى عداوته الشعبوية للغرب، و لما يعتبره فساد رجال الدين و عائلاتهم ، و إلى موقفه  القوي من مسألة  البرنامج النووي الإيراني الذي يشكل إجماعا قوميا. في السابق كان الحوار بين الإيرانيين و الدول الغربية يقوم على  أساس المقايضة بين ملفات إقليمية كبرى ، كالضغط على الغرب للاعتراف بحركات المقاومة في فلسطين و لبنان مقابل خطوات إيجابية في الملف النووي الإيراني. أما في مرحلة ما بعد أزمة الانتخابات الرئاسية ، فإن الدول الغربية تقر معادلة جديدة : في مقابل الاعتراف بالرئيس المنتخب أحمدي نجاد على إيران أن تقوم بخطوات  إيجابية في ملفها النووي. وهذا ماجعل الرئيس نجاد يلقي خطابا ناريا  ضد الغرب في حفلة التنصيب ،إذ قال : «الشعب الإيراني لا يولي أي أهمية، لا إلى غضبكم واستيائكم، ولا إلى تهانيكم وابتساماتكم». تشكل الجبهة الاقتصادية إحدى تحديات المرحلة المقبلة للرئيس نجاد ، الذي أخفق في ولايته الأولى وضع حد لتنامي  البطالة ،وعدم المساواة الاجتماعية في إيران ، اللذين يغذيان  غضب قسم كبير من السكان الذين يعانون من صعوبات الحياة اليومية التي ترهق كاهلهم وتغذي التوترات السياسية. هل من المتوقع في ظل الرئيس الجديد أحمدي نجاد، وبعد أن أحكم المحافظون قبضتهم على زمام السلطة في إيران، أن تشهد العلاقات الإيرانية ـ الأميركية توترات أكبر، وبالتالي حدوث مواجهة بين أيديولوجيا المحافظين الذين يشعرون بالحنين إلى الثورة الإسلامية وبين الأميركيين؟ ماهو مؤكد أن صبر إدارة الرئيس الأميركي  باراك أوباما بشأن الملف النووي الإيراني ليس « …عملية مفتوحة بلا نهاية».ومع أن اجتياحا عسكرياً لإيران لا يبدو وارداً مرحليا على الأقل ،رغم دفع إسرائيل في الاتجاه العسكري، فإن الضغط الأميركي على إيران، يذهب في اتجاه  فرض عقوبات  اقتصادية قاسية على طهران  إذا لم تستجب للدعوة إلى التفاوض بشأن برنامجها النووي، ومنها خفض صادرات البنزين  و المشتقات النفطية الأخرى. وقالت صحيفة «النيويورك تايمس»: إن خيار  العمل ضد شركات من مختلف أنحاء العالم تزود إيران نحو40 في المئة من  منتجات البنزين نوقش مع إسرائيل خلال زيارة مستشار الأمن القومي جيمس جونس الأخيرة لتل أبيب. ويعتقد المحللون المعنيون بالشؤون الإيرانية، أنه إذا كان متوقعا أن تشهد إيران تحولاً في علاقاتها الخارجية، فإن هذا التحول لن يسير في اتجاه التصعيد وفتح جبهات صدام، مع ضرورة التنبه إلى الملفات الحساسة ومنها «الملف النووي» و«العلاقات مع أميركا»، التي تتجاوز الرئيس  نجاد الذي أصبح وضعه ضعيفاً، وتدار من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية. بيد أن علاقات إيران مع المحيط العربي ستأخذ أولوية خاصة. فنجاد بنزعته الإسلامية يريد حدوث تكتل إسلامي يدعم المشروع الذي طرحته إيران من قبل والخاص بإقامة «شرق أوسط إسلامي»، ومن ثم سيسعى لتقديم بعض التنازلات لجيرانه من أجل إقامة هذا التكتل الذي يضعف من تأثير واشنطن في المنطقة ويعزز المصالح الإقليمية الإيرانية. كاتب تونسي    (المصدر: صحيفة البيان (يومية – الإمارات) ، آراء و بتاريخ 11 أوت 2009)


 

‘تشفير’الانتخابات


عبد الحليم قنديل 10/08/2009 ربما لا يصح لأحد عاقل أن يتحدث عن انتخابات ـ بالمعنى المفهوم عالميا ـ سوف تجري في مصر، فقد انتهت قصة الانتخابات في مصر، وتحولت إلى تعيينات بالأمر الإداري المباشر، وانتقلنا من ‘ تزوير’ الانتخابات إلى ‘تشفير ‘ الانتخابات، أي أننا صرنا بصدد انتخابات مشفرة كقنوات التليفزيون المشفرة، لا يراها أحد، وربما بغير اشتراك خاص ووصلة خاصة تربط بالمقار الرئيسية لجهاز مباحث أمن الدولة. وقد كانت الانتخابات العامة دائما صداعا مزمنا في مصر، وظلت الشكوى من ‘التزوير المنهجي’ سيدة الحال، فنحن بصدد بلد خاص جدا، بلد بدت الدولة فيه كمجرى النيل، بينما يبدو المجتمع مصنوعا على عين الدولة، وظلت السلطة من أسرار الكهنوت، ومع ثورة 1919 بدأت القصة الليبرالية على الطريقة المصرية، وجرت عشرات الدورات من الانتخابات بين عامي 1919 وإلى ثورة 1952، ولم يصعد حزب الوفد ـ صاحب الأغلبية الشعبية وقتها ـ إلى منصة الحكم سوى سبع سنوات لا غير، وثبت أن الأصل العام كان التزوير، بينما النزاهة النسبية هي الاستثناء النادر، ومع ثورة 1952 تكونت سلطة ذات أولويات مختلفة، طغت أولويات العدالة والتنمية والنهضة والتوحيد القومي العربي، بينما كانت الانتخابات ووسائلها شبحا باهتا على أطراف الصورة، وكانت ظاهرة عبد الناصر ـ بشعبيته الكاسحة غير المسبوقة ولا الملحوقة ـ فوق نتائج انتخابات واستفتاءات مشكوك في سلامة إجراءاتها، ثم عاد الكلام عن الديمقراطية والانتخابات ملحا بعد الانقلاب على اختيارات عبد الناصر عقب حرب أكتوبر 1973، وتداعت من وقتها عشرات الدورات من الانتخابات والاستفتاءات، وجرى إنفاق المليارات في المواسم الانتخابية، ودون أن نصل لنتائج تستحق الثقة بها، ولو بمثقال خردلة، وبإقبال على التصويت ظل ينحسر إلى ما يقرب من الصفر، ولم تتوافر في دورة انتخابات واحدة أبسط دواعي السلامة، وإن جاز الحديث أحيانا عن نزاهة نسبية في دوائر انتخابات هنا أو هناك، وعلى نحو ما بدا ـ مثلا ـ في انتخابات 1976، والتي فاز فيها 15 نائبا عارضوا اتفاق كامب ديفيد، ثم أطيح بهم في قرار السادات بحل مجلس الشعب، وإجراء انتخابات توافرت فيها دواعي ‘التزوير الأصولي’ الشامل الجامع المانع، وهي القصة ذاتها التي بدا أنها قبلت التكرار في انتخابات 2005، والتي فاز فيها ما يزيد عن مئة نائب معارض أغلبهم من الإخوان، وهم مرشحون لإقصاء شامل في دورة انتخابات يجري تبكيرها، أو تأجيلها إلى الموعد المقدور في 2010، أي أن نزاهة الانتخابات جزئيا في مصر بدت كمجرد خرق موقوت لقانون التزوير المتصل الأثر، والمؤكد سريانه بشهادة آلاف من أحكام القضاء الإداري ومحكمة النقض. وخلال الثلاثة عقود الأخيرة، بدت قطاعات من المعارضة المصرية، وكأنها تتعلق بقشة اسمها الإشراف القضائي على الانتخابات، وهو ليس شرطا لصحة أية انتخابات تجري في العالم، لكنه بدا كشرط خاص جدا في الحالة المصرية، ودعمه نص دستور 1971 في مادته (88) على الإشراف القضائي الكامل، وظلت أجهزة الإدارة والأمن تتحايل على الشرط المذكور، وتوقف تطبيقه عمليا لثلاثين سنة، وبدعوى أن عدد القضاة (8 آلاف تقريبا) لا يكفي للإشراف الكلي على انتخابات تجري في يوم واحد، ثم بدا أن المحكمة الدستورية العليا ـ نشأت في أواخر عهد عبد الناصر ـ تضع الأمر أخيرا في نصابه، وبحكم شهير صدر قبل انتخابات البرلمان سنة 2000، ونص حكم المحكمة العليا على تفسير صريح بديهي لنص المادة (88)، وهو أن الإشراف القضائي المقصود لا يتم بدون وجود قاض فوق رأس كل صندوق انتخابي، بدا الحكم صارما في تفسير نص لا يقبل التأويل، لكن أجهزة الإدارة والأمن ظلت مصممة على المضي في المتاهة، وضمت إلى زمرة القضاة هيئات من غير قضاة الأحكام، ومن نوع أجهزة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وهو ما كان دائما موضع اعتراض نادي القضاة قبل تحطيم استقلاله، ناهيك عن نشر فيروس تخريب الذمم والضمائر بين القضاة ذواتهم، ورئاسة رئيس الجمهورية ـ الذي هو رئيس الحزب الحاكم ـ للهيئات القضائية جميعا، ومع كل هذه الظروف، فقد بدا التوسع في الإشراف القضائي كأنه يفتح الثغرة في جدار التزوير، وبدت ثماره ظاهرة جزئيا في انتخابات 2005، وتلك ‘ثغرة نزاهة’ جرى إغلاقها بجرة قلم في تعديلات الانقلاب على الدستور. وبدلا من التوسع في ضمانات الإشراف القضائي وتعميمه وتدقيقه، وفتح الباب لحل معضلات أخرى من نوع نظام الانتخابات وغباوة الجداول الانتخابية، بدلا من البناء على انجاز بدا محدودا، جرى تجفيف الأقلام وطي الصحف، والإجهاز على القصة كلها بتعديلات دستورية استفتى عليها صوريا في 26 آذار (مارس) 2007، وفي سياق صياغة دستور على مقاس العائلة الحاكمة بالضبط، جرى إلغاء فكرة الإشراف القضائي الكامل في نص المادة (88)، وجرى النص على إشراف صوري في اللجان العامة لا غير، أي في لجان الفرز لا التصويت، وجرى إحلال عملي لإشراف ضباط الشرطة، والانتقال من تعب التزوير إلى سهولة التشفير، وإجراء انتخابات بلا ناخبين تقريبا، وتدبيج نتائج مذهلة بمعرفة كومبيوتر وزارة الداخلية، ومن وراء قناع تعينه الإدارة باسم لجنة الإشراف على الانتخابات من قضاة الزور، وهكذا بدت الصورة ‘كرتونية’ بالجملة، فأعداد الناخبين المصوتين المعلنة تقدر بالملايين، بينما لا يراهم أحد، وكأنهم يركبون بساط الريح، أو يلبسون طاقية الإخفاء، وهم ـ يا سبحان الله ـ يؤيدون الحزب الحاكم مئة بالمئة، ويعطونه كافة المقاعد وزيادة، وعلى نحو ما جرى في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في نيسان (أبريل) 2007، ثم في انتخابات المحليات في نيسان (أبريل) 2008، ثم في انتخابات تكميلية جرت على مقاعد خلت في مجلس الشعب بين التاريخين المذكورين وبعدهما، وهكذا انتهت قصة الانتخابات العامة في مصر، وفي المجالس البرلمانية من كل صنف ونوع. وفي الانتخابات المشفرة ـ على الطريقة المصرية ـ يمنع المرشحون كثيرا حتى من فرصة التقدم بأوراقهم، وبطرق بلطجة سوقية تقوم عليها أجهزة الأمن ‘الشرعية’، وهومنع يصل إلى الذروة في ما يسمى انتخابات الرئاسة، وبطرق تتخطى البلطجة الأمنية إلى البلطجة الدستورية هذه المرة، فقد صيغت المادة 76 من الدستور بطريقة عائلية محكمة، وهذه المادة ـ بنصها الفريد الركيك ـ هي واحدة من عجائب الدنيا السياسية، ومقتضاها المباشر ـ بعد اللف والدوران واللت والعجن في النص المخبوز ـ صريح تماما، وهو أنه لا يحق لأحد أن يرشح نفسه جديا للرئاسة إلا أن يكون واحدا من اثنين، إما الرئيس مبارك نفسه، أو من يرشحه الرئيس مبارك، وحبذا لو كان ابنه، فالمادة تقصر الترشيح للرئاسة حصرا على أعضاء الهيئات العليا للأحزاب المعترف بها رسميا وأمنيا، وتلك شريحة ‘ميكروسكوبية’ من مجتمع السياسة المصرية، والمعنيون عشرات محدودة من ثمانين مليون مصري، ثم أنهم ـ عمليا ـ لا أحد، وأغلب أحزابهم صارت أقرب إلى أكشاك السجائر، وهم مدعوون فقط للعب أدوار الكومبارس، ومقابل نصف مليون جنيه مصري كمصاريف دعاية، ويذكرونك بحكاية المرحوم الحاج أحمد الصباحي، وقد كان واحدا من قراء الكف المشهورين، وخالا لمسؤول كبير في ديوان مبارك، ومنحوه رخصة حزب باسم ‘حزب الأمة’، وترشح في انتخابات الرئاسة منافسا لمبارك في خريف 2005، وقد سأله الصحفيون وقتها لمن سوف يعطي صوته؟، ورد الرجل بعفوية: سوف أعطي صوتي للرئيس مبارك طبعا (!)، وتلك حكاية مسلية تكشف عبث وديكورية وصورية الانتخابات على الطريقة المصرية. ومع وضوح كل هذه الحقائق، لا يصح لعاقل أن يتحدث ـ من الأصل ـ عن انتخابات متوقعة تجري في مصر، ولا أن يدعو ـ من باب أولى ـ للمشاركة فيها، وإن فعل فهو يرتكب خطأين في نفس واحد، خطأ الغفلة عن ما يجري، وخطأ الخداع وتزييف وعي الناس، ثم أنه يرتكب الخطيئة التي لا نشك في كونها من كبائر ذنوب السياسة، وهي الإيحاء بشرعية ما يجري، وخدمة نظام اغتصب السلطة والثروة، ولفت النظر عن الحقيقة الأكثر صلابة، وهي أنه لا أمل في انتخابات ـ تستحق الصفة ـ قبل كنس نظام مبارك وابنه. كاتب مصري (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  10  أوت  2009)  


 ليبرمان سيزور 5 دول افريقية لتوفير غطاء سياسي للنشاط الاقتصادي والامني الاسرائيلي هناك

اسرائيل تسعى لصفقات اسلحة مع دول افريقية والموساد يقيم قاعدة قوية في القارة السوداء


11/08/2009 الناصرة ـ ‘القدس العربي’ ـ من زهير اندراوس: اشار تقرير اسرائيلي ان الدولة العبرية لا تزال تسعى الى عقد المزيد من صفقات الاسلحة في دول افريقيا، حتى لو كان السلاح يستخدم في الحروب الاهلية او من قبل مجموعات مسلحة تمس بالمواطنين. ويأتي ذلك في ظل كون تجارة السلاح احد المركبات الاساسية للاقتصاد الاسرائيلي، علما ان تقريرا كان قد صدر عن منظمة العفو الدولية (امنستي) اكد على الدور الكبير لاسرائيل في تجارة الاسلحة وتغذية الحروب في العالم. وبحسب المصادر الاسرائيلية في تل ابيب فانّ وزير الخارجية الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان، ينوي القيام الشهر المقبل بجولة تشمل اثيوبيا وانغولا ونيجيريا واوغندا وكينيا. وبحسب ليبرمان، وبعد عودته من جولة شملت البرازيل والارجنتين والبيرو وكولومبيا، فانّ اسرائيل غائبة منذ سنوات كثيرة عن امريكا وافريقيا، وحضورها هناك لا يكفي. ولفتت صحيفة ‘هآرتس’ امس الى ان زيارة ليبرمان للبرازيل هي الاولى منذ 23 عاما لوزير خارجية اسرائيلي. كما اشارت الى ان البرازيل دولة كبيرة ومهمة، وذات قدرات نووية، وتبذل جهودا كبيرة في السنوات الاخيرة لتوطيد علاقاتها مع ايران. وبحسب الصحيفة فانه منذ جولات غولدا مئير، قبل خمسين عاما، فان احدا من وزارة الخارجية لم يقم بجولة مماثلة في افريقيا. علما ان افريقيا كانت احد الاهداف المهمة، قبل 60 عاما، في السياسة الخارجية لاسرائيل. وفي حينه استغلت اسرائيل علاقاتها وقامت على المستوى العلني بتزويد المساعدات العسكرية والتقنية، وبعثت مرشدين ومستشارين، كما استوعبت طلابا افارقة. وعلى المستوى السري، وعلى نطاق اضيق، قامت ببيع السلاح وارسال مستشارين عسكريين. ويتضح من التقرير ان اسرائيل استفادت من صناديق سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية (سي اي ايه)، وقامت بتحويل الاموال عن طريق نقابات مهنية في الولايات المتحدة الى الهستدروت (نقابة العمال في الدولة العبرية)، ومنها الى تمويل فعاليات مختلفة في افريقيا، الامر الذي اتاح لممثلي الموساد (الاستخبارات الخارجية) تأسيس قاعدة قوية في القارة. واشار التقرير في هذا السياق الى عدد من ضباط المخابرات الذين بدأوا عملهم في الاجهزة الاستخبارية في افريقيا، ومن بينهم دافيد كيمحي ورؤوبين مرحاف وناحوم ادموني. وساق التقرير قائلا انّ دول اثيوبيا وكينيا والسودان تعتبر مهمة بوجه خاص من الناحية الجيو ـ استراتيجية لاسرائيل، من حيث سيطرتها على مسار الملاحة الى ايلات، وقربها من مصر واليمن والسعودية. وكانت الاعتبارات الامنية تشكل سببا كافيا لعناصر الموساد والمستشارين العسكريين في الجيش للتدخل في الشؤون الداخلية للانظمة في افريقيا. واشارت الصحيفة في هذا السياق الى ما نشرته وسائل اعلام اجنبية بشأن دور اسرائيلي في انقلابين حصلا في اوغندا وزنجبار. وبحسب ليبرمان فان هدف الزيارة هو اظهار حضور اسرائيلي في افريقيا، وانه سيؤكد للقادة الافارقة الذين سيلتقي معهم مدى اهمية افريقيا بالنسبة لاسرائيل. واضاف انه يجب عدم اهمال افريقيا وخاصة في ظل الجهود التي تبذلها ايران للتاثير وبناء قواعد هناك. كما قال ان هذه الزيارة تهدف الى توفير غطاء سياسي للنشاط الاقتصادي والامني الاسرائيلي الحاصل هناك. ويضيف التقرير ان الحقيقة المرة هي انه عدا عن بضعة مشاريع ذات طابع مدني، في مجال الزراعة والاتصال والبنى التحتية والمجوهرات، فان معظم النشاطات الاسرائيلية في دول افريقيا تتصل بتجارة السلاح. حيث تظهر الاجهزة الامنية والاستخبارية بصورة تاجر السلاح الاسرائيلي البشع الذي يحاول اقناع اكبر عدد من الزعماء الافارقة بشراء الاسلحة. ويتضح من التقرير ان بيع الاسلحة والاستشارة الامنية، من قبل الصناعات الامنية وتحت غطاء وزارة الامن، له اثره على صورة اسرائيل، خاصة في الحروب الاهلية في انغولا وليبريا وسيراليون وساحل العاج، علاوة على تقديمها المساعدة لانظمة دكتاتورية مثل غينيا الاستوائية وجمهوريتي الكونغو. واشار ت ‘هآرتس’ الى الصفقة التي عقدت مؤخرا بين شركة ‘مسبنوت يسرائيل’ وبين وزارة الامن في نيجيريا، لانتاج وتزويد سفينتي دورية من طراز ‘شلداغ’. وبحسب ارقام الاسطول النيجيري فان قيمة الصفقة وصلت الى 25 مليون دولار. وقد حصلت نيجيريا على السفينة الاولى، اما الثانية فسوف تحصل عليها قريبا. كما جرى تدريب طواقم نيجيرية في اسرائيل، علاوة على تقديم مرشدين اسرائيليين للطواقم في نيجيريا. كما يتضح ان مثل هذه الصفقات تدخل اسرائيل الى داخل صراعات في الدولة، والتي من الممكن ان تتدهور الى حرب اهلية، حيث سيتم استخدام هذه السفن والعتاد الاستخباري من قبل قوات الامن النيجرية ضد المتمردين في دلتا النيجر. ويتضح ايضا ان وزير الخارجية الاسرائيلي ينوي اصطحاب العشرات من رجال الاعمال معه، غالبيتهم من تجار الاسلحة والمستشارين الامنيين وممثلي الصناعات الامنية. تجدر الاشارة في هذا السياق الى تقرير سابق صدر عن ‘امنستي’ كان قد اكد على دور اسرائيل الكبير في تجارة الاسلحة في العالم وتغذية الحروب، ويصف التقرير العلاقة بين تجارة السلاح وبين المس المتزايد بحقوق الانسان، حيث يسقط نتيجتها اكثر من نصف مليون انسان يوميا في انحاء العالم كنتيجة لاستخدام السلاح، اي بمعدل انسان واحد كل دقيقة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  11 أوت 2009)  

الإعلام الإخواني بمصر.. انكسار في زمن المعارك


أحمد إبراهيم    دون عناء يمكن القول أن جماعة الإخوان تواجه معارك على صعد عدة دون ذراع إعلامي قوي يمكنها من الرد على حملات التشهير والتشويه التي يشنها الإعلام الحكومي يسانده في ذلك بعض الصحف الحزبية والمستقلة . الجماعة ورغم ما تحظى به من ثقل سياسي لاسيما بعد تواجدها في البرلمان من خلال كتلة هي الأكبر في تاريخها عقب الفوز بـ 88 مقعدا في انتخابات 2005 خسرت أكثر من منبر إعلامي في السنوات الأربع الأخيرة وبالتحديد عقب انتصارها المدوي إذ سارعت على ما يبدو جهات أمنية إلى تجريد الجماعة من أذرعها الإعلامية الواحد تلو الآخر مستفيدة من ارتباك يسود الملف الإعلامي داخل الجماعة من السهل رصده من قبل المتابعين والمراقبين . توقف تجربة آفاق عربية  في 6 مارس 2006 كانت الخسارة الفادحة للجماعة بتوقف جريدتها ولسان حالها – آفاق عربية – والتي واصلت صدورها قرابة 11 عاما منذ 1994 وحتى التاريخ المشار إليه ، ولم تدرك قيادة الجماعة حينئذ حجم هذه الخسارة ، وتداعياتها ، إذ فشلت في تطويق أزمات إدارية داخل الجريدة أودت بمنبر اعتبرته مراكز بحثية دولية أحد أذرع الإخوان الإعلامية القوية التي لعبت دورا بارزا في فوز مرشحي الجماعة في انتخابات 2005 ،  ورغم أن الصحيفة كانت تتوجه في كثير من الأحيان لمخاطبة الصف الإخواني إلا أنها كانت بمثابة قناة تواصل بين قيادات الجماعة وأفرادها، ومحضنا لصناعة رموز وكوادر إعلامية داخل الجماعة، كما نجحت في الاستفادة من الفراغ الذي خلفه إغلاق جريدة الشعب ، وأصبحت في غياب وجود إصدارات ذات توجه إسلامي، المتنفس للقارئ ذو التوجه الإسلامي أيا كان انتمائه، وبوقاً للجماعة ونوابها، واقترب توزيعه بحسب مسئولين داخل الصحيفة من حاجز المائة ألف نسخة بنسبة مرتجع لا تتجاوز الـ 3 % ، وهو ما كان سببا حسب قوله في تكميم هذا الصوت عبر استغلال خلافات حزبية وإدارية داخل الجريدة أودت بها، بل وتعنت الدولة ضد حل أزمة صحفييها والتي دخلت عامها الرابع على التوالي . و »الأسرة العربية » و »النهوض »  قبل أن تلقى – آفاق عربية – هذا المصير تمكن مدير تحرير الجريدة السابق والقيادي بالجماعة بدر محمد بدر من ترؤس تحرير جريدة حزبية أخرى تصدر عن حزب الأحرار، وفي غضون أشهر تلقف القارئ الإخواني جريدة (الأسرة العربية ) والتي كانت شبيهة بآفاق في ثوب لا يختلف كثيرا، وانتظم صدورها قبل أن تغلق آفاق أبوابها، وعانت الجريدة في بداياتها توزيعيا بعض الشيء، لكن إغلاق آفاق عربية أوجد فرصة مواتية لها للانطلاق، بل ونيل ثقة القارئ الإخواني باعتبارها بديلا للأخيرة، ومنبرا جديدا للجماعة يتلقف منها أخبارها وآراء قياداتها ونوابها، لكن سرعان ما دبت الخلافات بين نائب رئيس حزب الأحرار ورئيس مجلس إدارة الصحيفة محمود ياسر رمضان، ورئيس تحريرها بدر محمد بدر تم على أثره وقف صدور الجريدة أواخر ديسمبر 2006، وهو ما أرجعه الكثيرون حينئذ إلى ضغوط مورست من جهات أمنية ترفض أن تظهر صحيفة جديدة ناطقة بإسم الإخوان، واستندت في مبتغاها إلى مغازلة الأول بصفقة حزبية ينال على إثرها حسم رئاسة حزب الأحرار لصالحه وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن !! .  على استحياء وفي إطار جهود فردية نجح صحفيون منتمون للجماعة في إصدار جريدة تم صبغها بلمسة شبابية حملت إسم النهوض ، وفي خطأ متكرر سارعت الجريدة بحثا عن انتشار ونجاح سريعين إلى رفع لافتة الجماعة وارتداء الثوب الإخواني، الأمر الذي وصل إلى بث إعلان رئيسي للجريدة على الموقع الرسمي للجماعة كان بمثابة جرس إنذار للجهات المعنية بظهور منبر إعلامي إخواني جديد لا بد من تكميمه بشكل سريع، وهو ما تم بالفعل بعد تهديدات وجهت لصاحب الرخصة حيث تم إيقاف صدور الجريدة بحسب القائمين عليها بأوامر عليا. تقليم إجباري وضعف ذاتي    إزاء جملة من الخسائر تكبدتها الجماعة في فقدانها لأكثر من منبر إعلامي خلال فترة زمنية قصيرة، بدا للجميع أن أظافر الجماعة الإعلامية تخضع لتقليم إجباري، سانده تخبط يسيطر على الملف الإعلامي داخل الجماعة، وغياب رؤية مستقبلية لملف أقل ما يوصف أنه حساس، وحالة ضعف تبدو واضحة للعيان. بدا ذلك في أكثر من معركة سياسية خاضتها الجماعة في السنوات القلائل الأخيرة أشهرها القضية التي عرفت إعلاميا بـ  » ميليشيات الأزهر « ، ونجحت صحيفة   « المصري اليوم » في إثارتها وتهيئة الرأي العام لإصدار قرار جمهوري بإحالة عدد من قيادات الإخوان على رأسهم النائب الثاني لمرشدها خيرت الشاطر لمحاكمة عسكرية، هذا بالإضافة إلى حرب الاتهامات المتوالية للجماعة بعد حرب غزة والتي تحاول الربط بين قيادات بارزة داخلها على رأسهم القيادي الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وبين تهم من عينة غسيل الأموال وتكوين تنظيم دولي لجمع التبرعات لصالح حركة حماس وغير ذلك من اتهامات لم تجد في كثير من الأحيان من يقود حملة إعلامية منظمة للرد عليها، والتأثير في دفة تلقي الرأي العام لمدلولاتها، ومحاولة استجلاء الحقائق، ولم ينجح موقع الجماعة الأم في ملأ الفراغ الذي خلفته آفاق عربية كون طبيعته وتأثيره كموقع على الشبكة العنكبوتية لم يرق بعد – في مجتمع لا زالت الصحافة الورقية تستأثر بحصة كبيرة من اهتمامات مواطنيه – إلى مستوى تأثير صحيفة ورقية تتلقفها الأيادي وأفراد الصف الإخواني بيسر ، ناهيك عن تراجع الموقع الأم في سباق مواقع الكترونية أخرى باتت مؤثرة على الساحة، ومعاناته من مظاهر خلل مهني وتحريري، وانتهاجه في كثير من الأحيان سياسة رد الفعل دون النجاح في توظيف شبكة مراسليه في مختلف المحافظات، ما دفع أفراد الصف الإخواني ذاته للانصراف نحو متابعة مواقع وصحف؛ كثير منها لا يوافق خط الجماعة ولا يحظى برضا قادتها . وانكسار له أسباب داخلية تراجع وانكسار الآلة الإعلامية الإخوانية راجع إلى عدة مسببات منها ما تنطوي عليه نظرة الجماعة باعتبار أنها سلعة مطلوبة ، وبالتالي فإن مختلف وسائل الإعلام تتهافت على تغطية أخبارها وهو ما يعطيها زخما إعلاميا عبر وسائل مملوكة للغير، لكنها إزاء هذا المكسب تتناسى أو ربما لا تدرك أن هذه التغطية لا تخضع لها ولا تخدم أهداف الجماعة بل تضرها في كثير من الأحيان – خذ مثلا تغطية المصري اليوم لقضية ميلشيات الأزهر – والتي أعقبتها حملة أمنية طالت نائب المرشد وانتهت بمحاكمة عسكرية . السبب الثاني حالة التخوف الملازمة من تبني مشروع إعلامي وإنفاق الملايين عليه ثم ينتهي حاله إلى المصادرة والإغلاق ، وهو الهاجس الذي يسيطر بشدة على توجهات الجماعة إزاء هذا الملف دون إدراك أن الفضاء الإعلامي باتساعه الذي يزداد يوما بعد الآخر يصعب على النظام الحاكم فرض السيطرة عليه ، أو حجب ما يريد في ظل تطور أنظمة الاتصال والبث ووسائل تجاوز الحجب ، ومع افتراض تمكن الأخير من ذلك فإن حدود المصادرة ستقف عند حدود الفضاء المصري دون القدرة على تعميم ذلك الإجراء في دول أخرى . ويعد هجرة العديد من كوادر الجماعة الإعلامية والصحفية سببا آخر له وجاهته في تفسير حالة تردي الآلة الإعلامية الإخوانية – المعطلة- إذ تسبب فقدان العديد من منابر الجماعة ، واستمرار حالة توهان الملف الإعلامي بين قيادات ليست متخصصة في رحيل العشرات للعمل في فضائيات ومواقع الكترونية لها ثقلها على الساحة العربية والعالمية ، ناهيك عما يسود من اعتقاد بين الجماعة الصحفية الإخوانية يفيد بتراجع موقع أهل الكفاءة والخبرة في مواجهة أصحاب الحظوة والثقة . إدارة ضعيفة لملف حساس     النظرة للملف الإعلامي داخل جماعة الإخوان يمكن القول أنها لم تواكب حتى الآن مستوى التقدير المناسب لمكون فاعل ترتكز عليه أغلب الحركات السياسية في العالم . وإذا نظرنا على سبيل المثال  إلى حزب الله وقدرته على التأثير في الرأي العام فهي ترجع في الأغلب إلى مواقفه ضد الكيان الصهيوني ، لكن أيضا إلى آلته الإعلامية والدور الذي لعبته قناة المنار إبان حرب تموز / يوليو 2006  فهي خير دليل على فاعلية هذا المكون كجناح للحزب لا يمكن التخلي عنه أو التقليل من أهميته . وربما تكون المقاربة مع حركة حماس كنموذج آخر تبدو أكثر واقعية نظرا لعلاقات الحركة بجماعة الإخوان واعتبارها امتدادا طبيعيا لها من جانب، ونجاحها من ناحية أخرى في امتلاك آلة إعلامية مؤثرة رغم ما تتعرض له من ضغوط تفوق ما تتعرض له الجماعة الأم ، فضلا عن كونها تواجه احتلالا وحربا استخباراتية وعسكرية من إسرائيل وأعوانها . حماس تمتلك صحيفتين إحداهما يومية والثانية أسبوعية ، كما تمتلك قناتين فضائيتين ، وموقعا يبث بسبع لغات ، وآخر لجناحها العسكري ، ومؤخرا أعلنت عن تدشين أول إنتاج سينمائي لها في غزة عن أحد أشهر قادة جناحها العسكري الشهيد عماد عقل، مع تأكيد على رغبتها في إنتاج المزيد من الأفلام عن قادتها في محاولة جادة لامتلاك كافة أدوات الخطاب الإعلامي،  والتأثير في أكبر شريحة ممكنة . إزاء هذا المشهد تواجه جماعة الإخوان معتركا سياسيا صعبا، وتتورط بين حين وآخر في معارك على جبهات عدة دون غطاء إعلامي يؤمن لها الحد الأدنى من القدرة على الدفاع عن آرائها وسياساتها وقادتها ، ويدحض حملة الافتراءات والتهم التي يشنها أكثر من جناح إعلامي يتبع السلطة وأجهزتها الأمنية أو الموالين لها . على المدى القريب لا تلوح في الأفق أية بادرة لتبني اتجاه جديد داخل الجماعة يحقق نقلة نوعية فيما يخص الملف الإعلامي – ربما ترحيلا للملف لحين إشعار آخر – ، وليس مستبعدا تراجع الملف تماما في قائمة أولويات الجماعة إفساحا لملفات تراها قيادات أنها أكثر إلحاحا ، أو انتظارا منها لتغير مستقبلي ما يطرأ على الساحة السياسية في البلاد يتيح لها هامشا من الحرية ما يسمح بتواجد إعلامي لها ، وهو الأمر الذي يعني أن الجماعة ستظل في الميدان وخلال السنوات القلائل المقبلة – على الأقل-  دون جناح إعلامي مؤثر يمتلك أدوات العصر . صحفي من جريدة اُفاق عربية (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 09 أوت 2009)  

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.