الاثنين، 8 يونيو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3303 du 08.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

نهضة انفو:تضامنا مع سجين الرأي الدكتور شورو

اللجنة الوطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :إعلام

محمد الحمروني:استمرار محاولات الانقلاب على المكتب الشرعي تونس: النقيب يدعو الصحافيين للالتفاف حول نقابتهم

عماد الدائمي وسليم بن حميدان :تونس: التغيير القادم ودور المعارضة المنشود

سليم بوخذير :السماح أخيرا بسفر الكاتب والناشط التونسي محمد عبو خارج البلاد 

كلمة:صفاقس: احتجاج لدى البحّارة على أشغال تنقيب عن البترول يتحوّل إلى اعتصام

هند الهاروني:إعـــــــــــلام

عبد السلام بوعائشة:في الذكرى الخمسين لإعلان الدستور:نحو مراجعة دستورية تعزز البناء الديمقراطي و تثبت الهوية

الدكتور نورالدين بنخود:حوار هادئ :معوّقات العمل السياسي في الجهات

محمد مسيليني:التصرف في الموارد البشرية :بين ثقافة العمل الإنساني التطوعي واستغلال المجموعة الوطنية

الصباح الأسبوعي:الجديد: لتخفيف الضغط على المحاكم

الأسبوعي: خـاص: بدعم من الاتحاد الاوروبي :التصرف الآلي في القضايا والملفات بداية من جوان 2010

وات:التوقيع على مذكرة تفاهم بين تونس والعربية السعودية في مجال الشؤون الإسلامية

رويترز:رواية « عاصمة الورود » أو تسع سنوات من الاعتقال بين أحضان الشوك

الشاعر: عادل معيزي:طـُـوبــى

محمد العماري:مراحعة كتاب: الحركات الإسلامية في الوطن العربي دراسة مقارنة بالحالة التونسيّة للدكتور اعليّة علاني

محمد العروسي الهاني:الحلقة -3- عناية الرئيس الموصولة واضحة بالمناضلين و الاجتهاد من طرف المسؤولين ضروري

د. إبراهيم علوش :نبذة عن اقتصاد الاحتلال في مدينة القدس   ومشروع تهويد القدس اقتصادياً

عبدالباقي خليفة : أحسنت أوباما .. أسأت باراك

محمد رضا سويسي:في ذكرى النّكسة: إنّهم يستهدفون أبعد من عبد النّاصر

عبد الكريم عمر:في ذكرى عدوان 05 حزيران (جوان) 1967:المقاومة هي طريق العبور من الهزائم إلى النصر

عبد الكريم بن حميدة:أشرعة الذاكرة :قانون الولاء ويهوديّة الدولة نهاية الوهم الصهيونيّ

صالح النعامي:فياض…. نسخة لحد المشوهة

لها أونلاين:د. هدى درويش: دفاع أوباما عن الحجاب دليل على مسار الإدارة الأمريكية في اتجاه جديد


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 07 جوان 2009

أخبار الحريات في تونس


1)    تواصل اختفاء الشاب كمال صميدة الحائز على جائزة رئاسة الجمهورية في حفظ القرآن: يتواصل اختفاء الشاب كمال بن الطيب بن صالح صميدة أصيل مدينة قصر هلال الذي اعتقله أعوان البوليس السياسي بالمدينة المذكورة يوم 27 ماي 2009 واقتياده إلى منطقة الشرطة بالمنستير أين تم الاعتداء عليه بالعنف صحبة 8 معتقلين آخرين و أطلق سراحه في ذلك اليوم ثم عادوا ليعتقلوه في اليوم الموالي وفتشوا منزل عائلته حيث حجزوا حاسوبه الشخصي و عدد من الكتب الأخرى. علما بأن الشاب كمال بن صميدة حائز على عديد الجوائز الدولية و الوطنية من بينها جائزة رئيس الجمهورية في حفظ القرآن والجائزة الخامسة في مسابقة حفظ القرآن بالمملكة العربية السعودية وأخرى في مصر. 2)    تعرض الشاب ماهر القماطي لمضايقات أمنية: اعتدى عدد من أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الشرطة بضاحية سيدي حسين السيجومي مساء يوم السبت 06 جوان 2009 على الشاب ماهر القماطي بالعنف اللفظي والسب و الشتم بمقر عمله بمحل لبيع الآلات الكهرو-منزلية أمام مرأى ومسمع من الناس وهددوه بالطرد من عمله وذلك بالضغط على مؤجره، علما بأن الشاب المذكور يخضع منذ مدة لمضايقات أمنية متكررة. 3)    استدعاء الشاب مهدي هلال: قام أعوان البوليس السياسي التابعين لمركز شرطة واد سوحيل بنابل يوم الجمعة 05 جوان 2009 باستدعاء الشاب مهدي هلال (24 سنة ، يعمل صانع مرطبات) شفويا للحضور بالمركز المذكور ، علما بأن الشبان المتدينين بالمنطقة المذكورة يتعرضون باستمرار لمثل هذه المضايقات.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


 

تضامنا مع سجين الرأي الدكتور شورو

 


تضامنا مع سجين الرأي الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة والذي صادف مناسبة الذكرى الثامنة والعشرون لتأسيس حركة النهضة انعقد يوم الجمعة 5 جوان الجاري تجمع تضامني في باريس بمشاركة وحضور ممثلين عن جمعيات حقوقية ورؤساء وممثلين عن أغلب احزاب المعارضة الوطنية الجادة. لقد كان التحرك دفاعا عن سجين الرأي الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة وسجناء الحوض المنجمي والمئات من الشباب ضحايا قانون 10 ديسمبر 2003 لما يسمى « مكافحة الإرهاب » اللادستوري و تفاعلا مع كل التحركات السياسية والحقوقية في تونس.   أحيت الأمسية فرقة الزيتونة من سويسرا بأناشيد وألحان عن تونس وعن الحرية.  و ركز الضيوف من جمعيات وأحزاب في كلماتهم على أن تونس تعيش ازمة انغلاق متواصلة وتشهد محاكمات صورية كما تنعدم فيها الحدود الدنيا لاي انتخابات حرة ونزيهة ويتعرض السجناء السابقون والنشطاء الحقوقيون وكل المعارضين السياسيين إلى المضايقات البوليسية. وان القضايا السياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد هي قضايا مترابطة ومعقدة تستوجب العمل المشترك بين كل قوى المجتمع المدني في تونس من اجل ايجاد الحلول لها. وصف الاستاذ المحامي حسين الباردي الذي رافع في قضية الحوض المنجمي وقضية الدكتور الصادق شورو ان في هذه المحاكمات خروقات قانونية بالجملة ولم تحترم حقوق المتقاضين ولا حقوق الدفاع، كما اعتبر محاكمة الدكتور شورو رسالة من السلطة التونسية لكل من يعبر عن رأيه بحرية. اما الاستاذ العربي القاسمي رئيس جمعية الزيتونة ـ سويسرا ـ فركز في كلمته على ان هذه الأمسية تنظم في اطار الذكرى 28 لتاسيس حركة النهضة التي تعرضت الى مشروع استئصالي ولكنها صمدت لانها حركة افكار وان الاختلاف داخل الفضاء التونسي هو تنوع ايجابي وان تونس لكل ابنائها. وجاء في كلمة السيد نورالدين ختروش ان موضوع العودة التقى فيه الفلسطينيون والتونسيون رغم اختلاف المقام وقال ان العودة هي مشروع لا يتحقق الا في اطار العفو التشريعي العام واعلن عن مؤتمر سيعقد للمهجرين ايام 20 و 21 جوان 2009 في جنيف ليرسم السياسات النضالية لتحقيق مطلب العودة. وطالب الدكتور نجيب العاشوري رئيس جمعية صوت حر، السطة الى إطلاق سراح جميع المساجين وفي مقدمتهم الدكتور شورو ومما قاله ان تجمعنا اليوم رسالة لكل ضحايا الانتهاكات باننا لن نتوقف عن الدفاع عنهم. الاستاذ المحامي مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان الذي تحدث في البداية عن قضية الحوض المنجمي التي قتل فيها شخصان على يد قوات البوليس واتهم السلطة باخفاء الجريمة لانها لم تعط نتائج التحقيق ان كان هناك تحقيقا، وقال ان الشباب المتدين يحاكم على نواياه وليس على افعاله وانه يحاكم في اطار » قانون مكافحة الارهاب » وان الممارس الحقيقي للإرهاب هي السلطة الغاشمة، وفي إطار حديثه عن الدكتور الصادق شورو قال انه أعيد إلى السجن لأنه مارس حقه في التعبير وطالب بإطلاق سراحه وتحدث عن معانات المهجرين وطالب بحل قضيتهم في إطار العفو التشريعي العام.    لجنة الحريات في تونس وتكلم عنها السيد طارق بن هيبة الذي قال إن تونس لم تعرف خلال العقدين إلا بالسجون وان المسؤول عن الانغلاق هو النظام وان النضال الوطني لا بد أن يكون موحدا.     اما الحصة الثانية من التحرك التضامني فقد ضمت ممثلي الاحزاب الوطنية المعارضة، وقد تناوب عن كلماتها كل من: الأستاذ نجيب الشابي: الرئيس المؤسس للحزب الديمقراطي التقدمي السيد لطفي الهمامي: ممثل عن حزب العمال التونسي الدكتور المرزوقي: رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية السيد وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة   الذين اجمعوا على ان الانغلاق الذي تعيشه البلاد يتحمل مسؤوليته النظام وان النضال الوطني لا بد ان يكون موحدا في الاهداف وان اختلفت الوسائل. واعتبار ان مناسبة الأمسية تنظم في اطار الذكرى 28 لتاسيس حركة النهضة فقد كانت كل التدخلات محيية للحركة ونضالها وصبرها وتمسكها بخطها السلمي . حي الاستاذ نجيب الشابي: صمود الدكتور شورو، وقال باسمي وباسم زملائي في الحزب أحيي الشيخ عميد السجناء الد.صادق شورو، انه لشرف لنا جميعا كتونسيين ان يكون منا شخص بقيمة شورو وصبره وثباته رغم المكائد والمؤامرات. وقال كذلك « اهنئ حركة النهضة بذكرى تأسيسها ولقد كانت ومازالت وستظل مكونا أساسيا من الحركة السياسية التونسية ونحن ندافع عن حقها في الوجود القانوني، وبعد أن أشار إلى خلفية قرار الحزب المشاركة في الإنتخابات القادمة قال: « هذا اجتهادنا وهو قابل للخطإ والصواب ولا ندّعي امتلاك الحقيقة ونحن متفقون تماما على ان تونس ليس فيها الشروط الدنيا لاجراء انتخابات حرة او تنافسية »….ثم توجه للحضور: »لقد جربت الغربة الاضطرارية ثمان سنوات كاملة وتأكدوا أننا لن نيأس من المطالبة بالعفو التشريعي العام وعودة المغتربين وإطلاق المساجين مهما طال الزمن، وختم تحت تصفيق حار: اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.   السيد  لطفي الهمامي: بدأ كلامه بتحية الد. شورو  وقال إنه التقى به في سنة 96 بسجن 9 أفريل كان نحيف الجسم ولكنه  كان واقفا وسيبقى واقفا كما عبر عن ذلك…قال كذلك: نضالنا نضال مشترك وغبي من يعتقد أن الحرية والديمقراطية تتجزأ (في اشارة الى حرمان الاسلاميين من حرية التنظم والتعبير)… ثم تحدث عن مساجين الحوض المنجمي وطلبة الإتحاد العام لطلبة تونس الذين يتعرضون الى الانتهاكات والعراقيل. وختم كلامه قائلا: » إننا اليوم في أشد الحاجة جميعا وبدون استثناء أن نقول نعم لرحيل بن علي….وعاشت تونس حرة تقدمية »   كلمة الدكتور المرزوقي: بدأ حديثه بتحية شورو هذا الرجل الصامد، الذي يدافع عن الجميع، وقال: الرسالة التي أرادها دكتاتور تونس: هي رسالة تخويف وتركيع الى كل من يرفع رأسه ويريد مقاومة الاستبداد…وقال آن الأوان الى المضي قدما ليس في توصيف الحالة المرضية التي نعيشها بل لا بد من البحث على دواء قادر على معالجة المرض…قال كذلك وقد التفت الى الشابي: »أتوجه الى زميلي الشابي الذي ينافسني على الزعامة الافتراضية: نحترم مقاربتكم ولكن أقول آن الوقت الذي نبحث فيه عن استراتجية مشتركة للخروج من الأزمة »…الد. المرزوقي توجه للاستبداد بالكلام وقال: سنهزمكم مهما طال الزمان، وسنحرر تونس.   الأستاذ وليد البناني: وهو من مؤسسي حركة النهضة حي شهداء الحركة ومناضليها الصامدين خاصة في الداخل وخص بالذكر منهم الدكتور شورو وطالب باطلاق سراحه وسراح مساجين الحوض المنجمي والشباب المتدين ضحايا الحملات الامنية في السنوات الاخيرة، وذكر أن المهندس حمادي الجبالي وضع تحت المتابعة الامنية اللصيقة اليوم، وقال ان النهضة لم تحتفل بعيد ميلادها دون ان يكون من بينها مساجين منذ تأسيسها، وهذا دليل على ما اصاب الحركة من ظلم وتعسف، ودليل على انسداد الواقع السياسي في تونس. وقال ان عنف الدولة يمكن ان يستهدف تنظيما لكنه لن ينتصر على الفكرة. وقد تخللت فقرات الامسية اناشيد فرقة الزيتونة المتميزة.   نهضة انفو   Nahdha info

 


اللجنة الوطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تونس في 08 / 06 / 2009 إعــــــــلام  


أمام تواصل الهجمة على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومنها تواصل الضغط على الصحفيين والإعداد للانقلاب على المكتب التنفيذي المنتخب ديمقراطيا وبعد مشاورات بين عدد من نشطاء وناشطات المجتمع المدني  تقرر تكوين لجنة وطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين  والبحث في سبل تفعيل آليات التضامن معها  وفي هذا الإطار يهم  اللجنة أن تعبر عن : – مساندتها ووقوفها المبدئي والثابت مع النقابة ومع أعضاء مكتبها التنفيذي المتمسكين باستقلاليتهم – مواصلة النضال من اجل  فرض إعلام حر  تعددي ومستقل تحترم فيه مبادئ الحريات الصحفية وتتاح فيه الفرصة للجميع للتعبير عن أرائهم بكل حرية – تلتزم اللجنة بتكثيف الجهود وتفعيل آليات المساندة والتصدي بحزم لكل محاولة لضرب نقابة الصحفيين أو انتهاك استقلاليتها – تبقى اللجنة مفتوحة على كل الطاقات النضالية الراغبة في الانضمام إلى هذه المبادرة او تقديم مقترحات او إضافات ويمكن مراسلتها على العنوان الالكتروني التاليsolidarite.snjt@gmail.com   : اعضاء اللجنة – محمد العيادي – صلاح مسعودي – ليلى بن محمود – محمد بحر – مسعود الرمضاني – بشرى بلحاج حميدة – احلام بن جفال – سعيدة القراش – عبد السلام الككلي – ريم الحمروني – مولدي الزوابي – عبد الجبار الرقيقي – عدنان الحسناوي – خميس الشماري – عبد الستار بن موسى – سامي السويحلي – خليل الزاوية   عن اللجنة المنسق محمد العيادي  


استمرار محاولات الانقلاب على المكتب الشرعي تونس: النقيب يدعو الصحافيين للالتفاف حول نقابتهم


تونس – محمد الحمروني
دعت نقابة الصحافيين التونسيين أبناء القطاع للالتفاف حول نقابتهم والذود عن استقلاليتها والدفاع عن الشرعية ليبقى القرار قرارهم دون سواهم. وأدانت النقابة في بيان لها أمس الأول وقّعه نقيب الصحافيين ناجي البغوري بشدة «حرمان النقابة من حقها في الإعلام ونشر بلاغاتها واعتماد توجه أحادي، الأمر الذي نبهت له النقابة في تقريرها للحريات». وأشار البيان إلى أن هناك مساعي محمومة لبعض الأطراف، لوضع يدها على قرار النقابة المستقل وضرب وحدة الصحافيين، خدمة لأهداف غير مهنية. وتأتي هذه التطورات كحلقة ضمن مسلسل لما عرفته النقابة المذكورة من أزمة منذ 4 مايو الماضي تاريخ تقديم النقابة لتقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة حول وضع الإعلام بتونس. وفي هذا السياق حاول بعض الصحافيين المحسوبين على «الموالاة» إفشال الندوة الصحافية، وتهجموا على نقيب الصحافيين ووصل الأمر حد التطاول عليه ومحاولة ضربه, مما اضطره للتدخل والإعلان عن وقف الندوة الصحافية متهما أطرافا وصفها بـ «أنها مقربة من السلطة» بالعمل على تخريب الندوة، تمهيدا لعقد ندوة صحافية موازية تقدم خلالها تقريرا موازيا لتقرير المكتب التنفيذي. وحاولت الأطراف الصحافية المحسوبة على السلطة الانقلاب على المكتب التنفيذي الشرعي عبر دفع بعض المنتسبين إليها إلى تقديم استقالاتهم، إلا أنها لم تتمكن من إقناع إلا ثلاثة من الأعضاء بالاستقالة, في حين ينص القانون الداخلي للنقابة على ضرورة أن يتقدم 4 أعضاء أو أكثر باستقالتهم من المكتب التنفيذي حتى تتم الدعوة إلى جلسة عامة استثنائية لانتخاب مكتب جديد. ولما فشلت هذه المحاولة سعت هذه المجموعة إلى تقديم عريضة تحوي قرابة مئات الإمضاءات من «الصحافيين» تطالب المكتب التنفيذي الحالي بالاستقالة وتدعو إلى جلسة عامة استثنائية لانتخاب مكتب جديد. وردا على هذه العريضة أكد نقيب الصحافيين أن النقابة قررت عرض التوقيعات الواردة بالعريضة الموجهة لها تحت اسم «عريضة إقالة» على خبير عدلي في الخطوط، بعدما تبين عدم تطابق عدد من التوقيعات الواردة بالعريضة مع التوقيعات في استمارات الانخراط, إضافة إلى تشابه عدد من التوقيعات, بما يشير إلى أن مصدرها واحد، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وكانت آخر محاولات الانقلاب على المكتب الشرعي للنقابة سعي بعض أعضاء المكتب التنفيذي الموسع -الذي تسيطر عليه غالبية من صحافيي الموالاة- للاستحواذ على صلاحيات المكتب التنفيذي بدعوة أن هذا المكتب لم يعد شرعيا. إلى ذلك اتخذت النقابة جملة من القرارات, من بينها الدعوة إلى عقد جلسة عامة يوم 26 يونيو الجاري، والدعوة لعقد اجتماع المكتب التنفيذي الموسع يوم 30 من نفس الشهر. كما قررت النقابة دعوة أعضاء من قيادة الاتحاد الدولي للصحافيين لحضور الجلسة العامة بصفة ملاحظين إلى جانب تجميد عضوية جمال الدين الكرماوي بسبب اتهامات له بتسريب وثيقة داخلية إلى جهات رسمية، وهو التجميد الثاني بعد إفقاد الصحافي كمال بن يونس عضويته في النقابة بسبب محاولته الاعتداء على نقيب الصحافيين. يذكر أن التقرير الصادر يوم 4 مايو الماضي حول حرية الإعلام سجل وجود صعوبات كبيرة يعانيها الصحافيون في تونس في الوصول إلى مصادر الخبر وإلى المعلومة الصحيحة والحينية. وأوضح التقرير أن تونس متخلفة في مجال حرية الإعلام عن عدد من الدول العربية مثل الجزائر والمغرب والأردن التي أكدت وبالنصوص القانونية حق الصحافي في الوصول إلى الخبر.
 
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 7 جوان 2009) http://www.alarab.com.qa/details.php?docId=85143


تونس: التغيير القادم ودور المعارضة المنشود


عماد الدائمي وسليم بن حميدان (*) ينتاب الكثير من التونسيين اليوم شعور قوي بأن البلاد أضحت على أعتاب تغيير جديد يعيد فيه التاريخ نفسه. كما يتملك أغلبهم وعي ثاقب بأن هذا التغيير لن يكون بانتفاضة شعبية ولا بانقلاب عسكري ولا باستفاقة ديمقراطية لحكام البلاد الحاليين، بل لن يكون الا « بيولوجيا »: أي تغيير من داخل الجهاز على اثر وفاة الرئيس الحالي أو ازاحته أو تخليه بسبب المرض في أجل أقصاه آخر الدورة الرئاسية القادمة. شعور ووعي جماعيان يوحدان أغلب التونسيين ويدفعان بهم إلى حالة إحباط وعدمية غير مسبوقة زادها حدة اهتزاز منظومة القيم والمعاني الناظمة لوجودنا وهويتنا كجماعة وطنية تحلم بالحرية والتنمية واللحاق بركب الأمم المتقدمة. حالة من الانتظارية المقيتة ومن انسداد الآفاق والخوف من المستقبل سادت أغلب شرائح المجتمع وخصوصا طاقات البلاد وكفاء اتها ونخبها ومستثمريها. حالة تذكر بقوة بالوضع النفسي للتونسيين في آخر سنوات حكم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، عندما توقفت الحياة أو كادت، وبلغت الأزمة مداها، وأدرك الجميع من داخل أجهزة الدولة ومن أطراف المعارضة ومن عموم الشعب ومن القوى الدولية والإقليمية المؤثرة أن شروط التغيير تحققت وأن اللحظة آنت ليقطف قطاف الحكم في البلاد. فكان أن جاء انقلاب السابع من نوفمبر 1987 متلقفا انتظارات التونسيين ورافعا لشعارات أعادت للكثير منهم الثقة والأمل، لتنطلق دورة جديدة من الحراك والتدافع كشفت في زمن وجيز عن طبيعة النظام الجديد ونواياه، وأفضت بعد أكثر من عشريتين الى الوضع آنف الذكر الذي أضحت عليه البلاد اليوم.  وحري بنا والبلاد تبدو على أعتاب تغيير جديد، قد لا يتأخر كثيرا، أن نتمعن جليا في مسار « التغيير السابق » للنظام الحالي ونتدبر في أسباب انتكاسه وارتكاسه الى ما دون الحالة التي انتفض عليها قبل أكثر من عشرين سنة، لنستخلص معالم الواجب الوطني الملقى اليوم على عاتق قوى البلاد الحية وعلى رأسها أحزاب المعارضة الوطنية وفاعلي المجتمع المدني من أجل كسر تلك الحلقة المفرغة وفرض اطار صارم وضوابط مقيدة وكابحة ومرشدة لأي تغيير قادم. 7 نوفمبر 1987 : تاريخ وعبرة    لم يكن « تغيير » 7 نوفمبر 1987 دستوريا ولا حتى تونسيا. لم يكن دستوريا لأنه وقع ليلا عندما كانت المؤسسات الدستورية نائمة، ولم يكن تونسيا لأن الأمر جاء من الضفة الأخرى للمتوسط.   لقد كان انقلابا فرضته الضرورة البيولوجية المتمثلة في بلوغ الراحل بورقيبة سنا لم يعد فيها قادرا على الاستمرار في الحكم. كانت الأوضاع آنذاك تستعد لقبول  » تغيير »، أي تغيير، بل تستدعيه حثيثا دون أن تكترث كثيرا لمضمونه أو لفاعليه. استقبل الشعب التونسي، نخبة وجماهير، تغيير السابع من نوفمبر بكثير من التفاؤل ممزوج بشئ من الحيرة والتوجس. ومع مرور الأيام سقطت الأقنعة وتبددت الأوهام واستيقظ الجميع على الحقيقة المرة عارية قاسية: رئاسة مؤبدة وديمقراطية مؤجلة وتنمية متعثرة أفقدت التونسيين كل أمل في تحسن أوضاعهم الأمر الذي جعل من الهجرة نحو أوروبا أغلى أمانيهم وقبلة شبابهم. بعض الساسة والمثقفين التونسيين حذر مبكرا من انطلاء الحيلة ودعا للتعقل قبل إسناد الشرعية للنظام الجديد، لكن المشهد العام والتيار الغالب كان في وضع المراقب الذي ينظر و يتابع ، أو « المتفائل » الذي يأمل خيرا ويبارك ولم يكن كما كان ينبغي أن يكون : الفاعل الذي يوجه ويضغط ويؤثر في مجريات الأمور. لم يكن ذلك الدور اختياريا بل هو في تقديرنا ناتج عن قصور في العقل السياسي انعكس بساطة في التحليل وضعفا في الأداء بما ضيع عن الوطن فرصة تاريخية ثمينة للانتقال الديمقراطي أو بالأحرى نحو وضع أفضل.   لقد كانت القوى الوطنية جميعها، في المعارضة كما في الحكم، في حالة من الضعف والانقسام منعتها من لعب أي دور إيجابي في دفع عجلة التغيير نحو وضع أقل سوء. حيث كانت قوى المعارضة منكفئة على نفسها غارقة في أزماتها أو مواجهاتها مع السلطة، تشقها خلافات ايديولوجية وشخصية حادة. أما الحزب الحاكم وأحزاب الموالاة المشاركة معه في بنية الشرعية السياسية للنظام القديم فقد كانت في درجة من الهشاشة والتشتت، بمفعول صراعات الأجنحة داخلها، مما أفقدها المناعة الداخلية ويسر تهميشها عبر ابتلاع قطاع منها وتحييده أو خنقه وتبديده ليستتب « أمنه » بعدها ويتحول إلى « استراتيجيا » جيش لها النظام الجديد كل إمكانيات الدولة. وقد مكنت هذه الأرضية الرخوة النظام الجديد من الانتقال، وبسرعة قياسية، إلى طور المبادرة/المناورة السياسية عبر طرح فكرة « الميثاق الوطني » كأداة لبناء شرعية وطنية مفقودة وضمانة لسلم اجتماعية مهددة ووسيلة لاحداث فرز جديد في الساحة يكرس لهيمنة السلطة القديمة المتجددة ويضمن ولاء الأغلبية. بكل تأكيد، لم تكن الأمور لتؤول إلى ما هي عليه اليوم، من استبداد وفساد، لو كانت القوى الوطنية المعارضة لحكم الرئيس السابق الحبيب بورقيبة مجتمعة حول « عقد سياسي » يوحد مطالبها تجاه أي نظام قادم بغض النظر عن هوية القائمين عليه وحساباتهم ونواياهم. واليوم، بعد أكثر من عشريتين، وإن كنا نعتقد أن الأوضاع في ظل أي نظام آخر يمكن أن تكون أفضل حالا مما هي عليه الآن في ظل النظام الحالي إلا أننا لا نراها ستختلف عنه جذريا، في قضايا التنمية والديمقراطية خصوصا، إذا ما حافظنا على ذات الشروط الموضوعية أي ضعف المعارضة وتشتتها من جهة، فضلا عن الدور المركزي للخارج وهيمنته من جهة أخرى. إن نفس الشروط في نفس الظروف تفضي غالبا إلى نفس النتائج رغم أن علم الاجتماع السياسي يؤكد فرادة الظواهر الاجتماعية والسياسية . تغيير جديد يطرق الأبواب: ما أشبه حال تونس اليوم بحالها في ربيع 1987. طبقة رقيقة من الهدوء الحذر والاستقرار الخادع و »الفرح » المصطنع، الذي يروج له وينفخ فيه خطاب سياسي خشبي واعلام محلي مدجن وقوى ضغط خارجية متواطئة، تغطي بوادر بركان متأجج أبرز تمظهراته: ـ شباب يائس وحانق، قتل فيه الفقر والبطالة روح الانتماء للمجموعة الوطنية، ودفعته سياسات الاقصاء والتهميش نحو الأقصى انطواء على الذات أوتطرفا في كل الاتجاهات أو هروبا من الواقع وتعلقا بغاية المنى: الهجرة الى حيث تزدهر صناعة الحياة (ولو كان الثمن هو الحياة نفسها!) ؛ ـ وأزمة اقتصادية واجتماعية مستفحلة يستعر أوارها مع غلاء المعيشة وانهيار القدرة الشرائية لدى أغلب الفئات الشعبية؛  ـ وساحة سياسية آسنة، يتربع على رأسها رئيس متهالك يحظى بشرعية متآكلة يرممها جهاز أمني اخطبوطي وحزب مليوني غثائي. وتحاصر هذه الساحة قوى الضغط والمصلحة التي استولت على مركز القرار في الكثير من المجالات وافتكت من الدولة الكثير من الامتيازات. كل هذا في ظل تشتت غير مسبوق للمعارضة وضعف وانتظار يبعث على الاحباط والتشاؤم. ولعل الفارق الرئيس بين الوضعين هو حدة الأزمات الراهنة وتعقد الأوضاع الحالية أكثر في ظل أزمة عالمية متصاعدة. زد على ذلك أزمة الثقة التي تضاعفت بسبب وأد حلم التغيير وارتكاس وعود الاصلاح بعد عقدين من الخداع. وهكذا تبدو شروط التغيير قائمة. تغيير استباقي من داخل الجهاز يحول دون انفلات الأوضاع بالكامل أو انفتاحها على المجهول. حيث لن ترضى قوى الضغط والمصلحة والعائلات الحاكمة واللوبيات المتنفذة وكل المنتفعين من الوضع الحالي فقدان مكانتهم وامتيازاتهم، كما لن تقبل القوى الدولية والاقليمية حدوث تغيير غير مرتب له يربك حساباتها ويهدد مصالحها. ترتيب التغيير القادم بين القوى النافذة، المحلية منها والدولية، يبدو السيناريو الأرجح. ولكن ذلك لا يعني أن قوى المصلحة داخل البلاد (وربما خارجها) ستكون متفقة فيما بينها على الخليفه الوارث. ولذلك تبدو البلاد متجهة نحو حرب خلافة ضروس تؤكد بعض المؤشرات اشتعالها منذ مدة، من مثل اضطراب السياسة الأمنية، تطبيعا أوتصعيدا، في التعاطي مع بعض الملفات الساخنة، أو الاشارات المتناقضة في مسائل التدين وعودة المغتربين والانفتاح الاعلامي. وبقطع النظر عن هوية « صانع التغيير » القادم، وعن موعد استلامه للحكم، وعن طريقة ذلك الاستلام، فان ما يعنينا من كل ذلك وقوف البلاد اليوم على مشارف مفترق طرق ينتهي معه شوط لرحلة شعب معذب مؤذنا بانطلاق شوط جديد. وحتى لا تكون الرحلة القادمة هي الأخرى رحلة عذاب فإن الحكمة والصواب تقتضي إعداد العدة وتحسس السبل الآمنة أن نضل الطريق ونتيه في فلاة الاستبداد ربع قرن آخر أو ثلثه (معدل البقاء في السلطة على مستوى الوطن العربي). يحتاج الطريق الوعر إلى دليل، ودليل الشعوب هي نخبها التي تجدد لها الأمل وتشحن حركتها بالمعنى وتضيء لها دروب الخلاص. عجز المعارضة عن التغيير: على الرغم من أننا نقدس سلطان الارادة ونؤمن بقدرة « الفئة القليلة المؤمنة بضرورة التغيير » على جعله حقيقة كما هو جوهر السياسة أصلا فيما هي « فن تحويل اللازم إلى ممكن »، فاننا نقر آسفين بأن المعارضة التونسية عاجزة، بوضعها الحالي، عن صناعة الأمل واحداث التغيير المنشود. عجز اشتركت في احلاله عوامل عديدة أهمها: ـ انقطاع معارضتنا عن شعبها كعمق طبيعي واستراتيجي، بسبب سياسات السلطة المبنية على المحاصرة وعلى كسر الحلقات الوسيطة، تعبئة وتأطيرا، بين النخب وعامة الشعب وبمفعول عوامل الخوف والتشتت وضعف الوازع الوطني للمواطن / الرعية التي تتحمل السياسة الثقافية للاستبداد فيها النصيب الأوفر من المسؤولية. ـ ضعف المعارضة وعدم قدرتها على التجدد أو إبداع استراتيجيات نضالية تتجاوز بناها الحزبية الضيقة وإيديولوجياتها التقليدية المغلقة والتي أضحت عاجزة حتى عن تأطير أعضائها وإقناعهم. ـ انقسامها وتشتتها وعجزها عن تقديم بديل أو حتى خطاب موحد يقنع القوى التي تخشى التغيير الحقيقي أن استمرار الوضع الحالي أو استنساخه لن يقودا لا للاستقرار ولا لحفظ المصالح. وفي هذا الصدد، علينا أن نعترف بكون عجز المعارضة عن صناعة التغيير هو الذي أفقد الأمل لدى كثير من الشخصيات الوطنية ودفعها إلى بؤرة العزوف السياسي والابتعاد عن الشأن العام في تناقض مؤسف ومؤلم مع قناعاتهم الصميمية وضمائرهم وواجبهم الوطني والأخلاقي. كما أن السبب ذاته هو الذي ثبط ولا يزال كثيرا من الإطارات النزيهة للدولة ونخبة عريضة من أعضاء الحزب الحاكم عن القطع مع منظومة الاستبداد وحال دون انتقالهم إلى ضفة التغيير الديمقراطي الحقيقي والمسؤول. إدراكنا لهذه الحقيقة المؤلمة يفرض علينا نقد استراتيجياتنا ومراجعة حساباتنا ورسم أهدافنا بحسب ما يتوفر لدينا من إمكانيات متواضعة. المعارضة التونسية .. الدور الممكن والمسؤولية الوطنية: إن العجز عن صناعة التغيير لا يرفع مسؤولية البدء في توفير شروطه عبر نحت قواعده وضبط مساراته ضمن إطار المصلحة الوطنية العليا. ذلك هو الدور التاريخي الذي تأثم معارضتنا أمام الأجيال القادمة إن هي لم تضطلع به كاملا وبشكل فوري. نعم، ليست المعارضة التونسية قادرة اليوم على صناعة التغيير، ولكنها قادرة قطعا على الالتقاء، معا ومع قطاعات عريضة من النخب التونسية، حول مشروع للتغيير يكون بمثابة « خارطة طريق لحكم وطني رشيد » تفرض على « أي قاطن جديد في قرطاج » احترام شروطها وتنفيذ جميع بنودها فور صدور البيان الأول لـ »عهده الجديد ». مثل هذا المشروع ممكن نظريا وعمليا. نظريا، يمكننا الجزم بأن إجماعا وطنيا قد تحقق منذ أمد في صفوف معارضتنا حول كبريات القضايا والإشكاليات. وإذا ما استثنينا بعض الحالات المصابة بداء الهوس الإيديولوجي، فإن الاختلاف الوحيد الذي يشقها هو من طبيعة مزاجية تتعلق بالطموحات الشخصية و النرجسيات أكثر منه تمايزا فكريا أو سياسيا. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا بأن للاستبداد كل الفضل في توحيد الضحايا ممن جمعتهم السجون والمنافي والمظالم التي لم تكف يوما ولم تستثن حزبا أو نقابة أو قرية أو بيتا. يشهد على هذه الوحدة الإنتاج الأدبي والسياسي للمقاومة المدنية كما سيل البيانات اليومية للجمعيات « التونسية » للدفاع عن حقوق الإنسان داخل البلاد وخارجها. أما عمليا، فإن مبادرات الوفاق الديمقراطي وآكس-مرسيليا و 18 أكتوبر، على هناتها ومآلاتها، شكلت كلها إثباتا  قويا لقدرة المعارضة التونسية، عندما تصمم، على تجاوز خلافاتها وتنسيق جهودها. ودرء للبدايات الصفرية وربحا لوقت ثمين في وضع متحرك، يمكن للمعارضة التونسية أن تنطلق من تجاربها السابقة فتستخرج من مبادراتها الوحدوية معالم وبنود « الميثاق الوطني » الجديد أو ما أسميناه سابقا « خارطة الطريق لحكم وطني رشيد ». ليس المطلوب من الأطراف الوطنية وحدة اندماجية أو جبهة سياسية، لأن ذلك الأمر غير واقعي وغير ممكن اليوم لأسباب ذاتية وموضوعية. ولكن المطلوب، والممكن، الالتقاء على مجموعة من المبادئ العامة والمطالب المشتركة وتدوينها وطرحها للساحة، والعمل على تحقيق أوسع اتفاق وطني ممكن حولها حتى تتحول الى مرجعية تستظل كل أطراف المجتمع المدني تحت ظلها، وتصبح بمثابة « كراس شروط » لن يجد أي نظام قادم بدا من احترامها لتحقيق الشرعية وضمان الاستقرار. إن التنزيل العملي لهكذا مبادرة لا يحمل مختلف أطراف الطيف الوطني سوى حدود دنيا من التنسيق والاعداد المشترك (وحدود عليا من المسؤولية الوطنية وحساب المصلحة)، ويضمن لها مقابل ذلك الحفاظ على استقلالية القرار وحرية المبادرة. ومن هذا المنظور، يصبح الانقسام الحاصل الآن بين مختلف الفرقاء حول الموقف من الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة، سواء بالمشاركة الاحتجاجية أو المقاطعة المبدئية، مجرد حيثية في قرار وطني موحد لإدانة الاستبداد ومقاومته كما تصبح الإصطفافات الإيديولوجية والسياسية مجرد فواصل بسيطة في دفتر المسألة الوطنية. المتأكد لدى كل التونسيين، بما في ذلك النظام الحاكم نفسه، هو كون التحديات التي تواجهها تونس أخطر بكثير من استحقاق انتخابات صورية باردة يعلم الجميع نتائجها حتى قبل أن يتقرر موعدها والمعينون لخوض غمارها. كما أنه من المتأكد لدى المراقبين للشؤون التونسية، بما في ذلك أصدقاء النظام، هو أنه يستحيل حكم المستقبل بذات البنية والآليات السياسية التي حكمت الماضي ولا يزال أصحابها اليوم مصرّين على التجديف بها عكس تيار المجتمع والأمة والعولمة. إن تغييرا وشيكا على رأس السلطة هو فرصة التونسيين الوطنية القادمة، فيما هي مرحلة بناء الشرعية، لفرض شروط الانتقال الديمقراطي. فما من ريب عندنا في أن الرئيس القادم سيحتاج هو الآخر لبعض الوقت حتى يتمكن من تثبيت أركان حكمه الجديد وحمايته من كل الأخطار المحتملة. وفي انتظار ذلك فإنه سيكون مضطرا للمغازلة وتقديم التنازلات تنفيسا للاحتقان وتمايزا عن العهد القديم وتمهيدا لبناء شرعية مستقلة توفر الاستقرار اللازم لضمان تدفق الدعم الأجنبي له. ذلك هو دوره الطبيعي وسيلعبه حتما بحرفية فائقة أما الدور الطبيعي للمعارضة فيجب أن يكون تحويل المغازلة إلى منازلة عبر الضغط الفعال من أجل التحويل الفوري للبيانات والوعود الخشبية إلى قوانين دستورية.  إن القدرة على المنازلة تتطلب تفعيلا لدور قوى المعارضة وتجديدا لهياكلها، كما تتطلب منها رفضا مبدئيا للانخراط في لعبة التحالف المصلحي أو الإيديولوجي مع هذا المرشح للخلافة أو ذاك، لأن الاصطفاف وراء المرشحين المفترضين ومنحهم صكوكا بيضاء أو شهادات براءة وحسن سيرة، يعد أكبر خدمة لآفات التسلط والاستفراد المتمكنة لدى كل من ترعرع في ظل النظام الاستبدادي. إن منطق المسؤولية الوطنية يحفز التونسيين إلى مزيد من اليقظة والثقة والأمل تماما كما تدفعهم التجربة السياسية للعقدين الأخيرين نحو فائض من الحيطة والتوجس والحذر لأن الجحر الذي لدغوا منه ذات ليلة لا زال يأوي الكثير من الأفاعي الغادرة. (*) كاتبان من تونس


السماح أخيرا بسفر الكاتب والناشط التونسي محمد عبو خارج البلاد

 


 تونس – من سليم بوخذير   تأكد اليوم قرار السلطات التونسية رفع الحظر المضروب على  سفر الناشط الحقوقي والكاتب محمد عبو .   وقال محمد عبو في إتصال هاتفي له معي حدود السادسة مساء اليوم الإثنين 8 -6- 2009 : »نعم ،لقد تجاوزت الحاجز بمطار تونس – قرطاج الدولي ودخلت فعلا إلى قاعة إنتظار الطائرة المتوجة بي إلى باريس » .  وبعد دقائق قال عبو « أنا في الطريق إلى الطائرة فعلا » .   وهذه أول مرة تسمح فيها الحكومة التونسية بسفر الحقوقي والمحامي والكاتب محمد عبو منذ الإفراج عنه في 23 جويلية 2007 .   فقد كانت السلطات التونسية منعت السجين السياسي السابق من السفر 7 مرات سابقا كان آخرها بتاريخ الجمعة 6 مارس 2009 .    وفي المرات الأولى كانت السلطات تدعي أن مبرر منعه من السفر هو أن الإفراج عنه تم بموجب سراح مشروط ولا بد من إستيفاء باقي مدة السراح المشروط .  وفي أوت 2008 ، أنهى عبو فترة السراح المشروط ومع ذلك منعته السلطات 3 مرات بعد ذلك من السفر .   وكان عبو أعلن في مارس الماضي عن تلقيه إتصالا من مصدر بوزارة العدل عبر الهاتف أبلعه قيه  بعدم وجود قرار بمنعه من السفر .  


 

صفاقس: احتجاج لدى البحّارة على أشغال تنقيب عن البترول يتحوّل إلى اعتصام


معز الباي
جدّت يوم السبت الماضي بمنطقة سيدي منصور صفاقس مواجهات بين الأمن والمواطنين من متساكني المنطقة وخاصّة منهم البحّارة حيث عمدوا حسب شهود عيان إلى غلق الطريق الرئيسي بواسطة حافلة والاعتصام بالطريق على امتداد كامل اليوم معبّرين عن احتجاجهم على مماطلة شركتي بحث وتنقيب عن البترول كانتا تشتغلان في المنطقة وكان لاستعمالهما تقنيات البحث الارتجاجي تأثيرات بيئيّة سلبية للغاية على الثروة السمكيّة مما أثر على مردودية الصيد البحري بالمنطقة والذي تقتات منه عشرات العائلات، وقد استمرّت التحرّكات الاحتجاجية لأهالي المنطقة إلى حدود صبيحة اليوم وكانت الحكومة قد منحت ترخيصا تحت عنوان « سيدي منصور » للبحث عن المحروقات إلى شركتين إحداهما نمساوية والأخرى إماراتية بمشاركة المؤسسة الوطنية للأنشطة البترولية، ممكنة إيّاهما بذلك من التفتيش في مساحة 6592 كلم مربع في منطقة خليج قابس بموجب اتفاق يدوم لفترة ثلاث سنوات. وقد كانت الشركات المستغلّة للمنطقة وعدت بتقديم تعويضات للأهالي على إثر احتجاج سابق لهم بسب الأضرار الفادحة التي أصابتهم وعلى إثر تدخّل السلط الجهوية، إلاّ أن المماطلة والتسويف كانا التعويض الوحيد الذي ناله هؤلاء البحّارة، هذا إلى جانب مطالبتهم بتدخّل المعاهد العلمية والمؤسسات المختصة لتقييم حجم الأضرار على المدى القصير والمتوسط والبعيد، وهو المطلب الذي يبدو أن السلط لم تستجب له. نذكر في هذا السياق أن نفس القضيّة طرحت في منطقة العوابد التي تبعد بضع كيلومترات عن منطقة سيدي منصور وذلك منذ أكثر من شهر، إذ قام نفس الأطراف بذات الأشغال وتسببوا في أضرار هامة على مستوى حجم الثروة السمكية وإمكانيات الصيد مما أدى بالبحّارة إلى الاحتجاج.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ  8 ماي  2009)


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين

إعلام من تونس هند الهاروني

تونس في 08 جوان 2009 أمام بيتنا تقف سيارة مدنية للأمن من نوع « بيجو بارتنار بيضاء اللون »


الرأي الآخر في الذكرى الخمسين لإعلان الدستور نحو مراجعة دستورية تعزز البناء الديمقراطي و تثبت الهوية


بقلم  عبد السلام بوعائشة تمثل المحطّات التاريخية مناسبة للشعوب حتى تقيم ما أنجزته عبر مسيرة تقدّمها فتراجع الخيارات والسّياسات الكبرى بما يتماشى مع دروس التجربة وحقائق الدراسة التاريخية ومتطلبات التقدم نحو المستقبل,وليس أنسب من احتفال البلاد بذكرى مرور خمسين سنة على إعلان أول دستور للجمهورية لكي نقف عند بعض ما صاحب ذلك الإعلان من أحداث كان لها فيما نعتقد تأثير بالغ على مجمل الخيارات الكبرى للدولة الناشئة أنذاك و تجد صداها الأبرز في القانون الأساسي المنظم لمجمل نشاط الدولة حكومة ومجتمعا ونعني بذلك دستور أول جمهورية  في تاريخ تونس . يوم 1 جوان 1959 , لم يكن مجرد يوم لختم وإصدار دستور الجمهورية في تونس بل تعدى في دلالته ليكون إعلانا عن نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة في تاريخ البلاد وضعت حدا –ولو دستوريا- للصراع بين تيارين داخل الحركة الوطنية ومكنت للنّهج الذي كان يقوده الحبيب بورقيبة من الاستفراد بقيادة البلاد وتنفيذ مشاريعه وبرامجه على الوجه الذي أراده للدولة وللمجتمع خلافا لما يقتضيه الواقع الاجتماعي والتاريخي لتونس وشعبها,ورغم المعارضة  الشديدة التي ووجه بها هذا النهج ووجدت صداها في مجمل الحياة السياسية و في  المداولات الشاقة للمجلس القومي التأسيسي حول وثيقة دستور الجمهورية  وبالأخص في ما يتعلق بالمرجعية الحضارية للدولة إلا أن فريق الحكم البورقيبي وبدعم سياسي من السّلطات الفرنسية تمكّن من ترجيح كفة خياراته في المجلس وفي الساحة السياسية واستصدر وثيقة دستور أعطت لرئيس الدولة من الصلاحيات ما يسمح له بالاستبداد بكل هياكل الدولة ويجعل من سلطة الحكومة أو البرلمان(مجلس الأمة)مجرّد أدوات دستورية تابعة لسلطاته وبالتّالي أفرغ كل المضامين التي جاء بها الدستور من قيمتها التي أكدت على مبادئ الحرية و المساواة والسيادة الشعبية ونظام فصل السلطات وعمل في مراحل متقدمة على إدخال تنقيحات على بعض بنود الدستور وسّعت من دائرة نفوذه وسلطته و لعلّ أبرزها تنقيح 19 مارس 1975 المتعلّق بالرئاسة مدى الحياة والذي كشف عن حقيقة أنّ الحكم البورقيبي لم يكن سوى نسخة « دستورية » من حكم البايات والملوك بل لعلّها كانت أكثر سوءا بحكم الأضرار البالغة التي ألحقتها بفكرة الدساتير ومبدإ فصل السلطات في النظم الجمهورية. إن دستور1 جوان 1959 بقدر ما وضع حدا لنماذج الاستبداد التقليدي وأرسى قواعد دستورية لحكم جمهوري واعد فتح المجال أمام حكم فردي استبدادي لا يقل تخلفا عن سابقه نظرا لتعطل آليات الممارسة الديمقراطية داخله وغياب  أجهزة الرقابة  الدستورية التي تحميه. من جهة أخرى , أعطى دستور 1959 بحكم ما نصّ عليه من طبيعة رئاسية لنظام الحكم وضبابية انتماء وهوية الدولة الناشئة(لغتها العربية ),أعطى للرئيس الحبيب بورقيبة مجالا واسعا للعمل على إعادة صياغة قيم البلاد وهويتها العربية بما يلائم قناعاته و ميولاته الثقافية ووضع قواعد لسياسات ثقافية وتربوية واقتصادية جديدة أبعدت البلاد عن محيطها الحضاري الطبيعي وزرعت بذورا للاغتراب في نسيج المجتمع والأسرة والتعليم قادت إلى نشوء نخب ما تزال تؤدي ذات الدور إلى يومنا هذا متجاهلة تاريخ البلاد ومنظومة قيمها الدينية واللغوية و الثقافية ولسنا نبالغ لو قلنا إن تراجع الأداء العلمي والثقافي واضطراب منظومة قيم المجتمع وخصوصا ذات العلاقة بالأسرة والشباب ترجع جذورها إلى الخيارات الكبرى التي بني عليها المشروع المجتمعي ككل ومن بينها الخيار الدستوري .   إنّ الذّكرى الخمسين لإصدار أول دستور للجمهورية تمرّ على البلاد في ظرف دولي تزداد فيه مشاريع الاستهداف الخارجي حدّة  وشراسة وتستعدّ فيه الحكومة والأحزاب لمرحلة من الاستحقاقات السياسية الوطنية الهامة  قد تكون كلها مناسبة لإجراء مراجعات باتت مطلوبة في دستور البلاد تحقّق تجاوبا أمثل مع التطلّعات الحضارية للشعب والطموحات السياسية لنخبه وأحزابه وتحقّق تقدّما رائدا نحو مزيد تأصيل الخيار المجتمعي ودعم دولة القانون والمؤسّسات وتوسيع المشاركة السياسية للمواطن حتى ينهض بدوره في التقدم بالبلاد.
  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


حوار هادئ

معوّقات العمل السياسي في الجهات


بقلم الدكتور نورالدين بنخود في المجلس الوطني للاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي انعقد في دورته العادية يومي 16 و17 من الشهر الماضي بصفاقس، استمع الحاضرون إلى بعض مناضلي الحزب يحللون العراقيل التي تواجههم عند أداء عملهم الحزبي في مدن ولاياتهم وقراها. ولم تكن المشكلات المطروحة قد حدثت لأول مرة ونخشى ألاّ تكون الأخيرة. ففي مناطق عديدة خارج العاصمة (في الغالب) وخارج بعض المدن الكبرى (في الغالب أيضا) تتكرر ممارسات وتصرفات تبدو في الظاهر صغيرة، بسيطة معزولة بل تافهة. ومع ذلك نتبيّن عند النظر العميق والتحقق، وخاصة مع تواترها وترابطها، أنها دالة دلالة خطيرة على بعض مكونات وضعنا السياسي في هذه المرحلة من التحول الديمقراطي. قد تكون حالات قليلة أن نجد هنا وهناك بعض باعة الجرائد مازالوا على حذر أو خوف من صحيفة الوطن فهم يسارعون عند تسلمها إلى وضعها في مكان آمن لا يرى النور. وقد تكون حالات قليلة أن نجد هنا وهناك بعض أصحاب المحلات السكنية يضطربون اضطرابا وتتلوّن وجوههم عندما يتبينون أن المكتري ليس شخصا عاديا وإنما هو حزب معارض. فتراهم يتراجعون بعد الموافقة الأولى أو بعد كتابة العقد وتسلم الحقوق المالية، وقد تنقلب براءتهم أو خوفهم تحديا – بفعل فاعل – فيغيرون الأقفال ويبطلون الاتفاق من طرف واحد ودون أي وجه قانوني. وقد تكون من الظواهر المعزولة أن يتواصل الاحتراز من ممثلي المعارضة حتى داخل المجالس البلدية والجهوية، وأن نتبين بعض الضغوط على مناضلي حزبنا الاتحاد الديمقراطي الوحدوي وخاصة الجدد منهم، وتخويفهم وتنبيه الآباء أو الأزواج أو الأقارب إلى خطورة الوضع، وقد يصل التهديد غير المصرح به طبعا (أو في الغالب) والمصوغ بأكثر العبارات لطفا ونصحا إلى حدود العمل ولقمة العيش. وليس سرا، بل لم يكن في يوم من الأيام سرا، أن يتردد القول، بصرف النظر عن مدى صحته أو دقته، إن البحث عن اللون الحزبي، أثناء بعض المناظرات المهنية والترقيات، مقدم ومهيمن على المعرفة والثقافة والدرجة العلمية والكفاءة والخبرة المهنية. قد يكون ما ذكرنا، وما لم نذكر، مجرد تفاصيل ومجرد حالات معزولة. ونحن نرجو ذلك صادقين، وخاصة حين نرى المسؤول الجهوي الأول في بعض المناطق يتعامل مع ممثلي المعارضة بمستوى رفيع من التحضر واللياقة السياسية. ومع ذلك كان من الضروري جدا أن نذكّر وننبّه ونعبّر عن احترازنا وتخوفنا من أن تكون هذه الحالات دالة على تواصل عقلية قديمة متصلة بعهد الحزب الواحد الذي لا يقبل أن يقاسمه غيره الاهتمام بشؤون البلاد والفعل السياسي المجسد لهذا الاهتمام. إنه من نافل القول التذكير بأن مشكلة من أهم المشكلات التي تعيق تحولنا الديمقراطي هي استمرار التدخل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة وإدارتها. وإن مختلف الأطراف السياسية على وعي بأن الانتقال من « الحزب الحاكم » إلى « حزب الأغلبية » والتدرج الثابت، على بطئه، في مسار التحول نحو حياة ديمقراطية سليمة، هما مشروطان خاصة بقدر نجاحنا في حل هذه المعضلة، دون الغفلة طبعا عن شروط مترابطة أخرى. ولكن مظاهر التضييق على العمل السياسي في بعض الجهات، ليست متولّدة فحسب من هذه المشكلة التي ذكرنا، وإنما هي علامة على أن بعض قوى الشد إلى الخلف مازالت تأمل في عكس المسار، وهي تؤدي، بوعي من أصحاب تلك الممارسات أو دون وعي، إلى التشكيك في الخطاب الرسمي الذي ما فتئ يؤكد دخولنا عهد التعددية السياسية التي لا يُجَرَّم فيه العمل السياسي القانوني بل يُثمَّن فيه الاختلاف وتُعتبَر وجهات النظر المتنوعة عناصر إيجابية تساهم في دراسة جادة لواقعنا في أبعاده المختلفة. إن خطورة محاولات التضييق والتشكيك لا تكون في القدر الذي تمس به عزيمة مختلف الفاعلين السياسيين وحدهم، وإنما ترتفع درجاتها حين تصل مجالا حساسا وهو مجال الشباب. وهنا تبدو المعادلة بسيطة وعلى درجة كبرى من الأهمية في آن. فإما أن تتحمل مختلف الأحزاب الوطنية والمنظمات المدنية واجبها في توعية الشباب وتأطيره وتعويده على تحمل مسؤولياته إزاء الوطن والشعب ومشاركته في الشؤون العامة تحليلا ونقدا وانتقادا وتصوّرا للحلول ومساهمة في التغيير نحو الأفضل، وهذا لا يكون إلا في إطار عام من احترام شخصيته وتقديس حريته الفكرية والإيمان الفعلي بكونه هو المستقبل، وإما أن نضيّق عليه ونحاصره ونطارده – بوعي أو دون وعي- ليرتمي في أحضان السلبية أو التطرف أو الاغتراب والتعامل مع الدوائر المشبوهة فيكون قنبلة موقوتة أو معوَل هدم.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)

 

التصرف في الموارد البشرية

بين ثقافة العمل الإنساني التطوعي واستغلال المجموعة الوطنية


بقلم محمد مسيليني تابعت مساء الخميس 28/5/2009 باهتمام أحد البرامج الشهيرة الذي تبثه بانتظام قناة فرنسية معروفة، وقد تناول سيرة طبيب فرنسي جرّاح وما يقدمه من أعمال تطوعية لفائدة أطفال الطوغو الذين يولدون حاملين تشوهات في مستوى الفم وهو مرض متداول يعالج عن طريق الجراحة. الرّجل يحمل في جعبته من المعرفة العلمية ومن التجربة الطبية  ما يؤهله للكسب دون حساب، ومع ذلك ينتقل بين الدول الفقيرة في أسيا وإفريقيا للقيام بالعمل التطوعي  لإسعاد الناس والأطفال خاصة من خلال ما يقوم به من عمليات جراحية تطوعية ودون مقابل كما  يعمل على تكوين أطباء من أهل البلد في مجال الجراحة. وأنا أتابع هذا البرنامج انتابني شعور بالاحترام الشديد للرجل وجال في خاطري ما يتعلق بالثقافة التي يحملها والتي لا بدّ أن تكون قد رافقته منذ نعومة أظافره وترعرعت معه في كل مراحل التعليم من خلال ما تعلمه من قيم وجدها تمارس في المجتمع في شكل تصرف سليم في الموارد البشرية والقدرات العلمية. هذه الثقافة لا بد أنها تعلم الإنسان أن المادة وكسب المال على أهميته لا يمكن أن يسبق العمل الإنساني التطوعي. كم تمنيت لو أن الرجل كان تونسيا ولنا في تونس أطباء وجرّاحين كثر، أو عربيا يكتب اسمه بأحرف لغة القرآن، ولكنني تذكرت مقولة لأحد الكتاب العرب » ذهبت إلى الغرب فوجدت مسلمين بلا إسلام وذهبت إلى الشرق فوجدت إسلاما بلا مسلمين ». قد يقول البعض أن وراء العمل التطوعي غاية في نفس يعقوب أو أنها حالات معزولة، ولكنني لست بصدد البحث في النوايا ولا في المعطيات الأخلاقية ولكن الذي يهمني في كل هذا هو الجانب المتعلق بالتصرف في الموارد البشرية من خلال التكوين الثقافي والتربوي. أذكر مقولة لتشي قيفارا مفادها انه كان يعتقد قبل نجاح الثورة الكوبية أن الشيوعي آخر من يأكل وآخر من ينام وأوّل من يستيقظ فاكتشف أن هذه الصفات تتوفر عند العامل والفلاح لا غير. الرابط بين هذا وذاك هو بالتأكيد دور النخب المتعلمة والمثقفة في العمل التطوعي خدمة للوطن والمجموعة حتى من خارج حدوده. العلاقة بين العمل والكسب المادي عندنا وثيقة جدا ولا تكاد تنفصم إلا من رحم ربك فالكل يبحث عن المزيد من المال والقصور والسيارات الفاخرة وتوريث الأبناء لأننا لم نتعلم ثقافة التطوّع والعمل المجاني لا من ديننا ولا من حضارتنا ولا نجد لها اثر في ما نتلقاه من تعليم أو ما نعيشه من ممارسة يومية وحتى حملات التبرّع والتطوّع عادة ما تكون مشفوعة ببهرج إعلامي شعبوي يغلب عليه المنّ الذي يفسد الصدقات حسب علماء الدين. الكل عندنا يبحث عن السبل الضامنة لاستغلال المجموعة الوطنية من خلال التعامل المباشر مع الناس أومن خلال الهياكل الإدارية والسياسية والمهنية، وحتى الجمعيات التي تنشط في المجال الاجتماعي تبحث عن الميزانية وتيسير العمل لذلك نرى القوم يتصارعون حول المسؤوليات في الجمعيات الرياضية وجمعيات المجتمع الأهلي مما يثير التساؤل حول الغرض الحقيقي من تحمل المسؤولية، هل هو فعلا من اجل العمل التطوعي والمجاني أو هو من أجل الكسب المشروع وغير المشروع والاستثمار في أغراض سياسية ومالية ومهنية  وتجارية وغيرها؟ لماذا لا توجد جمعيات عمل علمي تطوعي للكوادر التي بلغت سن التقاعد ولا تزال قادرة على العطاء في مجالات الطب والهندسة والتدريس والإدارة والتصرف والإعلامية وغيرها؟. إن البقاء في الخدمة بعد السن القانونية للتقاعد واستغلال الامتيازات التي يوفرها المركز في ثقافتنا له أولوية ويبذل من أجل الغالي والنفيس وبكل الطرق ومنا من لم يقدم طيلة حياته المهنية  ما يشفع له لصعود السلم الوظيفي وليس  البقاء السنين الطويلة بعد سن التقاعد والاستفادة من علاقاته مع بعض كبار المسؤولين للتمكن من كسب إضافي. لماذا يهرع الكلّ عندنا للبحث عن عمل في القطاع الخاص بمجرد الإحالة على التقاعد إذا لم يحالفه الحظ في البقاء في حالة مباشرة أو كانت علاقاته محدودة؟ انه البحث عن الكسب المادي أما البطالة وبطالة حاملي الشهادات العليا فهي من مشمولات الحكومة  » ودبّر يا وزير…… » لماذا يستمر الطبيب والمحامي والمهندس والمحاسب وغيرهم من العاملين للحساب الخاص في الخدمة إلى سن متقدمة جدا أحيانا وحتى في أرذل العمر ولا يتركون عملهم رغم ما كسبوه من المهنة لهم ولأبنائهم وأحفادهم حتى؟ لماذا لا ترى كوادر عليا تمثل طليعة المجتمع تؤسس جمعيات عمل خيرى ومجاني لفائدة المجموعة والأفراد في الطب والتعليم والهندسة والإدارة؟. كل هذه الأمور مرتبطة بثقافة لا نتلقاها في مدارسنا وجامعاتنا ولا يتناولها إعلامنا إلا إذا كان في حاجة لتقديم نصوص المدح والإطراء والرضا عن الحكومة. لقد أجهزت ثقافة مجتمع الاستهلاك التي فرضت علينا منذ انتهاج ما يسمى بسياسة الانفتاح على ما تبقى من قيم لا مادية وأصبحت المادة هي المقياس للنجاح والقيمة المجتمعية وبذلك يكون التطوع والعمل المجاني شبه تخلف وقد تناسينا أن أغلب المتطوعين في العالم عاشوا وترعرعوا في مجتمعات تسودها اللبرالية لكنهم كسبوا ثقافة العمل الإنساني والتطوعي   . أيها السادة نحن في حاجة لثقافة تندرج في صلبها شروط التصرّف السليم في الموارد البشرية وذلك من خلال : إرساء قواعد التداول على المراكز والمسؤوليات. إن بقاء أي شخص أو ذهابه لا يمكن أن يكون محدد في السير الطبيعي للعمل. إدراج ثقافة التطوع في كل مراحل التعليم . من واجب المجتمع أن يعمل على توفير الحاجيات لكل أفراده وفي رقية كل فرد دين للمجتمع.   بعث جمعيات العمل التطوعي للقدرات العلمية في سن معينة بعيدا عن التوظيف والخطاب الشعبوي الممجوج واللغة الخشبية. التكوين المستمر للجميع وفي كل المجالات. وضع إشكالية توريث بعض المهن موضع الدرس حتى تكون مشاعة بين الجميع ولا تكون محصورة عند عائلة أو مجموعة.
  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)

 

الجديد: لتخفيف الضغط على المحاكم معرفة مآل القضايا عن بعد، أصبح ممكنا للمتقاضي والمحامي

تونس- الأسبوعي: أصبح اليوم بإمكان المحامي أينما كان انطلاقا من مكتبه الحصول، عبر بواّبة E-Justice على العديد من الخدمات القضائية وخصوصا متابعة مختلف أطوار قضاياه المدنية والجزائية المنشورة لدى محكمة التعقيب ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية والمحكمة العقارية دون حاجة للتنقّل إلى مقرّات المحاكم حيث يجب الوقوف في الطوابير والانتظار مدّة زمنية قد تطول أو تقصر حسب ضغوط العمل المسلّطة على الأعوان والكتبة.. وأصبح ذلك متيسّرا إذا ما تولى تسجيل المعطيات الخاصّة به والحصول على مفتاح العبور إلى هذه الخدمة. وسيكون بإمكانه أيضا الإطّلاع بواسطة هذه الخدمة على مختلف قضاياه المنشورة لدى المحاكم على اختلاف درجاتها لمدّة خمس سنوات مضت بمجرّد وضع كلمة العبور الخاصّة به. متابعة القضايا والشكايات كما تتيح نفس المنظومة للمتقاضين إمكانية الاطلاع على القضايا والشكايات والمحاضر الخاصة بهم في كل المحاكم على اختلاف درجاتها وكذلك الشكايات المودعة لدى مصالح الوزارة وذلك وفق قواعد تستوجب استخدام عدد القضية أو الشكاية وتاريخها والمحكمة المنشورة لديها وهو ما سيجنّب عناء التنقل إلى المحاكم ومشاكل الازدحام في المحاكم والتصادمات التي تقع أحيانا بين المتقاضين وأعوان شبابيك الخدمات في المحاكم. وسيجد المتقاضون والمحامون ضالتهم في هذه البوابة التي وضعت على ذمتهم القائمة الكاملة لعدول التنفيذ وعدول الإشهاد والخبراء العدليين المعتمدين لدى المحاكم والأطباء الشرعيين وأطباء تقدير الضرر البدني والمصفين وأمناء الفلسة وتوزيعهم عبر المحاكم وأرقام هواتفهم هو ما سيجنب الجميع عناء البحث المضني عن عناوين الخبراء الذّين يغيّرون عناوينهم وهواتفهم باستمرار. وسيكون بالإمكان أن يستخرج المتقاضون نماذج من التصاريح الخاصة بالمحكمة الابتدائية كالتصريح حول تأسيس ذات معنوية أو تنقيح السجل التجاري أو التصريح حول توقف النشاط الاقتصادي إلى جانب نماذج من مطالب الحصول على شهادة نشر ومضمون حكم جزائي أو استئناف حكم مدني أو تعقيب حكم أو مطالب استخراج نسخ تنفيذية أو مجردة من الأحكام ومطالب الحصول على إذن على عريضة ومطابقة للأصل من تقرير اختبار. خدمات قضائية وأتيحت في هذه البوابة إمكانية الحصول على نماذج من مطالب شهادات التسوية في قضايا الشيك بدون رصيد والتمتع بالعفو والسراح الشرطي أو مطالب التسجيل الاختياري والإجباري للعقارات ومطالب الطعن في قرارات حافظ الملكية العقارية. ويمكن من خلال هذه البوابة التي أطلقتها وزارة العدل وحقوق الإنسان مؤخرا على شبكة الانترنت  الاطلاع على مختلف المراجع القانونية المتعلّقة بالخدمات المقدمة وفقه القضاء التونسي الصادر عن محكمة التعقيب ومحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية منذ سنة 1959 إلى اليوم وعلى أحدث قرارات هذا الفقه دون انتظار نشريّة محكمة التعقيب التي يتأخّر صدورها أحيانا عن مركز الدراسات القانونية والقضائية لأشهر. وسيستفيد الطلبة ورجال القانون من هذه البوابة الالكترونية حيث يمكنهم الإطّلاع على رصيد هام من النصوص القانونية التونسية في مختلف القطاعات والمجالات وكذلك الاتفاقيات القضائية المبرمة بين تونس وسائر البلدان مع إمكانية طبعها على الورق. وتوفرت البوابة على عدد هام من أدلة الإجراءات القانونية والقضائية التي تتيح للمتقاضي فرصة التعرّف على مسالك التقاضي في المحاكم وحقوقه ومختلف الإجراءات التي يجب القيام بها للوصول إلى حقوقه وهو ما سيقطع الطريق أمام سماسرة المحاكم الذين يستغلون جهل المتقاضين بالقانون وبإجراءات التقاضي إلى جانب توفير كل محتويات المجلات القانونية التي تساعد على فهم الحقوق. وحرصت وزارة العدل وحقوق الإنسان في هذه البوابة على ضمان السريّة التامّة للمعطيات الشخصية المتعلقة بالشكايات والمحاضر والقضايا المنشورة بالمحاكم واتخذت كلّ الإجراءات والاحتياطات لتفادي أيّ اختراق الكتروني للبوّابة ومختلف منظوماتها بأن حصرت النفاذ إلى المعلومة القضائية في المحامي أو المتقاضي المعني دون غيره علْى اعتبار ما يتوّفر له من معطيات حول قضيته لا يتوفّر لغيره. (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2009)


خـاص: بدعم من الاتحاد الاوروبي  التصرف الآلي في القضايا والملفات بداية من جوان 2010

تونس – الأسبوعي: وبالتوازي مع بوابة العدل وحقوق الإنسان، تمّ في إطار الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي، في ديسمبر 2005 لدعم الجهود الوطنية الهادفة إلى تعصير الجهاز القضائي الشروع في إحداث نظام معلوماتي قضائي مندمج وموحّد يكفل التصرف الآلي في القضايا والملفات بما في ذلك أرشيف المحاكم وتوفير المعلومة القانونية والقضائية المطلوبة بأيسر السبل وأسرعها مع ضمان حقوق المتقاضين والحفاظ على سرية المعطيات الشخصية طبقا للقوانين المنظمة لها، وينتظر الانتهاء من تركيز هذا النظام في جوان من العام المقبل. ورغبة منها في تطوير مستوى الخدمات القضائية والاستفادة بما توفره تكنولوجيات الاتصال الحديثة من وسائل متطورة لإدخال النجاعة والسرعة المرجوتين بما يحمي المصالح الشرعية للمتقاضين ويدعم ضمانات إيصال الحقوق إلى أصحابها، شرعت الوزارة منذ سنوات في تشبيك المحاكم وتوفير أجهزة الحاسوب ووضع البرمجيّات المعلوماتية ضمانا لسرعة تبادل بين المحاكم وإحداث مواقع واب تفاعلية لفائدة محكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف بتونس والمحكمة العقارية ومركز الدراسات القانونية والقضائية وتطوير موقع المعهد الأعلى للقضاء والمعهد الأعلى للمحاماة ضمانا للحصول على الخدمات القضائية والقانونية الكترونيا والاطلاع على برامجها. ويجري تركيز شبابيك استقبال وتوجيه في بهو كل محكمة بمختلف درجاتها مزودة بحواسيب وبأعوان هم الآن بصدد تلقّي التكوين المتخصّص ضمانا لتمكين المتقاضي من المعلومة والمطبوعات الإدارية القضائية المطلوب تعميرها للحصول على الخدمات من المحاكم وحسن قبوله وتوجيهه وإرشاده، ويتوقّع أن يتمّ الانتهاء من تركيز كل هذه الشبابيك مع مستهلّ السنة القضائية المقبلة. قاعدة معطيات وشُرع في دعم إرساء قواعد معطيات قانونية وقضائية واستغلالها معلوماتيّا إلى جانب دعم المكتبة المركزية للوزارة ومكتبات المحاكم وكذلك مكتبات الجمعيات المهنية بالكتب المراجع القانونية والقضائية وتركيز برمجيات الكترونية تساعد على تقديم الخدمات للعاملين في الحقل الاقتصادي وللمتقاضين عموما. وسعيا لمزيد إضفاء النجاعة على العمل القضائي وتوفير آليات إدارية متطوّرة وعصريّة تضمن سرعة تقديم الخدمات حتى تكون سندا للقضاء ليؤدّي رسالته باقتدار، تمّ الشروع في تمكين كلّ قاض من استخدام الوسائل الإعلامية بواسطة الحاسوب المحمول بعد اكتساب المؤهّلات اللازمة، وقد تمّ إلى حدّ الآن وفي إطار برنامج دعم تعصير الجهاز القضائي  توزيع 1800 حاسوب محمول لفائدة القضاة إلى جانب توزيع حواسيب لفائدة الهيئات المهنية. وللتذكير فإن مشروع دعم تعصير الجهاز القضائي يندرج في إطار دعم التوجه الذي اعتمدته تونس والرامي إلى العمل على الارتقاء بالمنظومة القضائية وبأساليب العمل القضائي والأخذ بأحدث مناهجه حتى تتلاءم مع ما تفرضه مقتضيات التطور الاقتصادي والاجتماعي والعلمي على غرار التجارب التي قام بها الاتحاد الأوروبي في بعض البلدان المغاربية كالمغرب والجزائر والتّي شرعت في استغلال نتائج هذا التعاون. (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 8 جوان 2009)


التوقيع على مذكرة تفاهم بين تونس والعربية السعودية في مجال الشؤون الإسلامية

    


تونس 8 جوان 2009 (وات) تولى السيدان بوبكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية وصالح بن عبد العزيز بن محمد ال الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية خلال موكب انتظم صباح الاثنين بتونس التوقيع على مذكرة تفاهم بين الوزارتين. وتهدف هذه الوثيقة الى تبادل التشريعات والأنظمة والقوانين المتعلقة بالشؤون الإسلامية فضلا عن تبادل الخبرات والمعلومات في مجال عمارة المساجد وإعداد الأئمة والوعاظ. وأكد الطرفان على ضرورة التعاون في إعداد وتبادل المناهج والكتب المقررة في المدارس ومعاهد تعليم القران الكريم وتحفيظه والمشاركة في مسابقات حفظ القران الكريم وتجويده وتفسيره التى تعقد في البلدين فضلا عن تبادل المحكمين والخبراء في تلك المسابقات. وأبرزت مذكرة التفاهم ضرورة إحياء التراث الإسلامي وإعداد الكتب والبحوث والدراسات الإسلامية ونشرها وتبادلها بين المراكز الإسلامية والثقافية بالبلدين وتبادل التجارب في مجال العناية بكتاب الله العزيز والسنة النبوية الشريفة طباعة ونشرا وترجمة الى جانب تنسيق الجهود وتوحيد المواقف بين وفود البلدين في المؤتمرات والندوات الإسلامية وفى المحافل والمنظمات الدولية. وعبر السيد بوبكر الاخزوري عن ارتياحه للعلاقات المميزة القائمة بين تونس والمملكة العربية السعودية بفضل الإرادة السياسية التي تحدو الرئيس زين العابدين بن علي وأخاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. كما أعرب عن الأمل في ان يشكل هذا اللقاء محطة جديدة على درب تطوير التعاون الثنائي في المجال الديني وترسيخ قيم الإسلام السمحة مبرزا المكانة المرموقة التي يحظى بها الدين الإسلامي في تونس والعناية الموصولة التي يوليها رئيس الدولة للحوار بين الحضارات والثقافات والاديان باعتباره السبيل الأنجع للتعايش السلمي بين الشعوب والأمم. وأشاد الوزير السعودي من جهته بما تتسم به العلاقات التونسية السعودية من عمق وتميز مؤكدا العزم المشترك على الارتقاء بها إلى أفضل المستويات والتصدي لكل ما من شأنه أن يشوه صورة الإسلام. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 8 جوان 2009)


رواية « عاصمة الورود » أو تسع سنوات من الاعتقال بين أحضان الشوك

الدار البيضاء (المغرب) (رويترز) – بالرغم من أنه قضى تسع سنوات معتقلا دون محاكمة بين أحضان الورود وأشواكها في قلعة مكونة الشهيرة بموسم الورود السنوي في جنوب المغرب فلم يكره يوما الورود بل يتمنى أن يتلقى دعوة للرقص في مهرجان الورود السنوي الشهير. وقال رسام الكاريكاتير والكاتب المغربي محمد النضراني في مقابلة مع رويترز على هامش اصدار كتابه الجديد (عاصمة الورود) الذي ألفه بالاشتراك مع عبدالرحمان القنوسي زميله في الدراسة والاعتقال « أحب الورود جدا جدا ولم أحملها يوما مسؤولية ما عانيته من سنوات الظلم. » وأضاف « نحن كمجموعة بنوهاشم نتساءل لماذا لا ينادون علينا عند الاحتفال بموسم الورود في قلعة مكونة.. سنحتفل ونرقص مع المجموعات الفولكلورية. شخصيا ليس لدي أي حقد على سنوات الظلم الذي تعرضت له. » ومحمد النضراني هو واحد من خمسة أشخاص « اختطفوا » في العام 1976 وسجنوا وعذبوا بسجن اكدز السري في قلعة مكونة وبقي مصيرهم مجهولا حتى العام 1984 حين أفرج عنهم. واتهم أعضاء المجموعة التي أطلق عليها « مجموعة بنو هاشم » نسبة الى صديقهم التلميذ انذاك عبدالناصر بنوهاشم بالانتماء الى جماعة « الى الامام » الماركسية اللينينية وكان باقي أعضاء المجموعة طلبة. ويسعى العاهل المغربي محمد السادس منذ صعوده الى العرش بعد وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني الى التخلص من انتهاكات حقوق الانسان وأنشأ هيئة  » الانصاف والمصالحة » لطي ماضي هذه الانتهاكات. وأنهت الهيئة أعمالها اواخر العام 2005. ودرست ملفات ما يزيد على 20 ألف شخص تعرضوا لانتهاكات وحصل بعضهم على تعويضات مالية فيما يشتكي اخرون من أنهم لم يتلقوا تعويضا بعد. ويقول حقوقيون ان المغرب شهد انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان في الفترة من 1956 (تاريخ حصول المغرب على استقلاله) الى 1999 تاريخ وفاة الملك الحسن الثاني وتولي ابنه محمد السادس بعده الحكم. ويضيفون ان الاف المعارضين السياسيين وخصوصا اليساريين وكذلك جنود تورطوا في محاولتي انقلاب فاشلتين تعرضوا للخطف والتعذيب حتى الموت. ووقع النضراني كتابه المشترك مع صديقه ورفيق دربه القونسي في العاصمة الرباط في 11 مايو أيار وينتظر أن يوقعه في الدار البيضاء في 28 من هذا الشهر. وصاغ النضراني الكتاب (417 صفحة من الحجم المتوسط) بلغة فرنسية وهو يحكي معاناة المجموعة في معتقل اكدز السري. وكتب عدد من المعتقلين السابقين وممن تعرضوا لانتهاكات في الماضي كتبا تحكي معاناتهم لكن النضراني قال انها « تبقى غير كافية ومحدودة ». وأضاف « فيما يخص أدب السجون وأقصد الكتب التي كتبها معتقلون سياسيون سابقون وسجناء رأي لا تتعدى العشرة والكل أصبح يتحدث عن سيلان فيما يخص هذا اللون من الادب. » وأضاف « بالعكس نفتقر الى التعمق في هذه التجربة لا نستطيع أن نحكي تجربة خمسين سنة من القمع والاضطهاد في عشرة كتب. » وقال « لا يزال الشيء الكثير لنحكيه عن هذه التجربة بأية لغة كانت فأنا مثلا لا أتقن العربية لذلك ارتأيت أن أكتب بالفرنسية وممكن الكتابة حتى بالعامية المغربية ما اللغة الا وسيلة. » ويقول النضراني انه استوحى عنوان الكتاب من سؤال صحافية فرنسية للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني عما اذا كان يوجد معتقل سري بقلعة مكونة فأجابها « قلعة مكونة هي عاصمة الورود ». وكان النضراني قام مع مجموعة من الحقوقيين في العام 2002 بزيارة قلعة مكونة رافعين شعار « من أجل أن تستعيد قلعة مكونة ورودها » وقال في المقابلة « هدفنا أن تسترجع قلعة مكونة بيئتها ووسطها الحقيقي وهو الورود والجمال.. الذين أقحموا فيها سجنا سريا حاولوا اغتيال براءتها. » وأضاف عن المدينة التي تحتفي سنويا بمهرجان عالمي للورود « لكن الجمال والتراث لا يمكن أن يكون على حساب الذاكرة. يجب أن تبقى هذه الاخيرة حاضرة حتى لا يتكرر ما جرى في الماضي. » وعن أوضاع حقوق الانسان في الفترة الحالية قال النضراني انه يعتقد « أن الانتهاكات لا تزال موجودة ولكن ليس بنفس الحجم والفظاعات. » والنضراني هو أيضا رسام كاريكاتير اكتشف موهبته فجأة عندما كان معتقلا حيث صنع ريشة من قماش سرواله ورسم بالقهوة على الجدران وعلى ارضية المعتقل. وسبق أن أصدر كتابين برسوم الكاريكاتير الاول يحكي معاناته منذ « اختطافه » وفترة سجنه والثاني يحكي قصة المقاوم المغربي عبدالكريم الخطابي. كما له عدة لوحات تشكيلية وكتابات. من زكية عبدالنبي (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 7 جوان 2009)


طـُـوبــى للشاعر: عادل معيزي

منذ عشرة أيام اعترضت ، في الحادية عشرة ليلا في حي « لافايات » بتونس ، مجموعة مدجٌجة بالهراوات سبيل الشاعر عادل معيزي و »أدبته » و »اقمعته » بالحجٌة الدٌامغة . ما العلاقة بين الاعتداء وقصيدته الجديدة؟ : الإهداء: إلى الصامدين في انتظار الحرية وان تأخرت خمسين عاما بصحافة ملجومة نمضي إلى.. عشريّة أخرى من القرن السعيدِ في تونس الخضراء، الخضراء، كالصحف الجديدة من فرط ما باحت به أمثولة الأمن المتيّم باللجام حريةٌٌ مجروحةٌ بمديح شأن لا يقالْ حريةٌ مهزومة بأوامر الأبطال طوبى لشيء مُبهم يسري إلى.. بلدي طوبى لأمر غامض يهمي على.. جسدي – لا بدّ من حريّة، قال النقيب، لتستقيمَ مفاتن الكلمات في شرفاتها هذي نقابةُ فتيّةٍ حُنفاء لا تتقدّس الأشياء إلا.. حرّة أقلامهم والوقت لا يحتمل الحريةَ البلهاء في بلد صغير كالبلاد وللصحافي الذي يرنو إلى حريّة حسناء أن يمضي إلى المنفى كل شيء واضح جدا هنا: الأمن مضمون لكل مواطنٍ والخبز تضمنه المخابزُ والأجورُ تعدّل الأسعارَ كي يبقى الفقيرُ على سجيتهِ ويبقى المال في جيب الذي استغنى حديثا ثمّ طوّق سربَ أغنية الصدى ستصير يوما عاصفه لابدّ من قيد إذن حتّى تمرَّ الراجفه لابدّ من شعب يصفّق للبداية والنهاية والوسطْ لابدّ من شعب يصفّق للغلط ويعودُ في الليل البهيم إلى تحرّره الجميل على مشارف جنة قد وعدوه فيها بالبطالة الصحافة حرة في أن تقول كما نريدْ وحرّة في الاختيار كأن تقول على سبيل المدح: نحن معا إلى ابد الأبدْ وكأن تقول على سبيل المزح: شكرا لمن سمّيتُه أحدا أحد ْ وكان تقول على سبيل الفخر: كلّ رعيّة ترعى بلا مرعى والصحافة حرة في أن تغيرَ حُزنَ قارئِها وان تتراقص الأحداثُ في ورقاتها هي حرّة في أن تزيد ولا تزيدْ والرقابة حرة في حذف ما… لا يستقيم مع النشيدْ طوبى إذن طوبى لمن ثابوا كأربابي ومن خابوا كأصحابي ومن ذابوا كأعنابي ومن صَعِدوا إلى شفتي ومن ناموا على بابي ومن جابوا حجارتهم على الوادي ثَمودٌ هُمْ بلا وَتَدٍ أنا وتدٌ لأوتادي ومن باعوا كأترابي ومن خابوا كأحبابي ومن عاجوا إلى غابٍ ومن غابٍ إلى غابِ ومن كتبوا بلا قلمٍ ومن صمتوا بلا سببٍ ومن خانوا لأسبابِ ومن حجبوا رسالتهم ومن قهروا رسولتهم ومن ماحتْ بهم ريحٌ ومن هبّتْ بمحرابي ومن تابوا على لغتي أنا لغةٌ وذي حريّتي سأظل أنْشُدُها وأنشدُها من بابٍ إلى بابِ 12 ماي 2009 (المصدر: مدونة « قصة أون لاين » التونسية بتاريخ 8 جوان 2009) الرابط:http://kissa-online.blogspot.com/2009/06/blog-post_08.html


مراحعة كتاب: الحركات الإسلامية في الوطن العربي دراسة مقارنة بالحالة التونسيّة للدكتور اعليّة علاني

 


بقلم: محمد العماري* ـ باريس الدكتور اعليّة علاني، أستاذ جامعي في مادة التاريخ بتونس وعضو بالمكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين. كتابه الحركات الإسلامية في الوطن العربي »دراسة مقارنة بالحالة التونسية »هو أطروحة دكتوراه نوقشت سنة 1992 بكليّة الآداب والعلوم الإنسانية بتونس. طُبع بالمغرب في شكل كتاب وكذلك بمصر سنة 2008. يحتوي الكتاب على 6 فصول مع مقدمة وخاتمة ومدخل عام لدراسة الظاهرة الإسلامية موزعة على حوالي 280 صفحة. تتخلله عدة جداول توضيحية تخص تنظيم حركة الاتجاه الإسلامي وتمدده داخل البلاد. وكذلك المحاكمات والمستوى الاجتماعي لأفرادها. أهم المحاور: جذور حركة الاتجاه الإسلامي والإطار العام الذي ظهرت فيه، محاكماتها وعلاقتها بالسلطة وبقية التيارات على الساحة، انتشار الحركة وتجذرها الاجتماعي ثم المرحلة في عهد الرئيس بن علي. اعتمد الكاتب عدّة مراجع في بحثه من كتب وصحف وحوارات مع شخصيات. ومن أهمّ هذه المراجع: الشخصيات: الســـادة: حميدة النيفر، عبد القادر الجديدي، نجيب العياري، صلاح الدين الجورشي، عبد الفتاح مورو، حسن الغضبان والوزير الأسبق محمّد الصياح. أهمّ الكتب المعتمدة: كتابا « الاتجاه الإسلامي » و »مقالات » للشيخ راشد الغنّوشي ـ كتـاب « الاتجاه الإسلامي وبورقيبة » لوليد المنصوري ـ كتاب « الإسلام الاحتجاجي بتونس »لعبد الباقي الهرماسي ـ كتاب « الفتنة » لهشام جعيط ـ كتاب  » تنظيمات الإرهاب في العالم الإسلامي: أنموذج النهضة  » لعبد الله عمامي ـ وكتاب « من الجماعة إلى النهضة » لـمنذر عمّار. أهمّ الصحف والمجلاّت: مجلّة المعرفة، مجلّة المغرب العربي، مجلّة المجلّة، صحيفة المجتمع، صحيفة الحبيب، صحيفة الصباح، صحيفة العمل، صحيفة الفجر وصحيفة الشعب. كما اعتمد الكاتب في بحثه على قراري ختم البحث لمحاكمة حركة الاتجاه الإسلامي لسنتي:1981ـ1987 وبعض النشريات الدّاخليّة للحركة. I ـ أهم ما ورد في الكتاب: يرى الكاتب أن الحركة الإسلامية بتونس ـ الاتجاه الإسلامي/النهضة حاليا ـ استطاعت شد الأنظار إليها على مدى ثلاثة عقود كحركة جماهيرية؛ استمدّت قوتها من نفوذها المالي الكبير وأخطاء نظام بورقيبة الذي تعامل مع المسألة الدينية بشكل اعتباطي، وليس من برنامجها السياسي والاجتماعي. كما أن هذه الحركة أيضا لم تفهم طبيعة المجتمع التونسي الذي يمكنه التعاطف مع مجموعة مضطهدة ولكنه لا يجازف من أجلها بالتمرد بسهولة على السلطة القائمة. كما يلاحظ أن المحاكمات التي سلطت على الحركة قيادة وقاعدة طيلة عقدين من الزمن لم تدفع الفئات العمالية للالتحام الفعلي معها أو الانخراط الفكري ضمن منظومتها إلا بشكل محدود، رغم تواجدها في بعض مواقع نقابيّة. وهذا لا يعود لوضعها الأمني فقط كحركة غير معترف بها قانونيّا على الساحة، بل كذلك لغياب البرامج التي تمس مشاغل المواطن في جل مجالات الحياة. فتضخم الجهاز التنظيمي للحركة في رأيه، أعاق تطورها بما سبب لها من ملاحقات أمنية. فالحركة بقيت محدودة التأثير في الرأي العام الوطني بسبب هذه الملاحقات من ناحية، ومن أخرى، بسبب التصدعات التنظيمية لقيادتها في داخل البلاد وخارجها، وكذلك أدبياتها المنشورة مثل كتاب رئيسها حول الدولة الإسلامية وكذلك بعض البيانات التي تثير التداخل بين الديني والسياسي. فوثيقتا الرؤية الفكريّة والمنهج الأصولي ومشروع الأولويات ـ بما تحتويانه من مضمون سلفي محافظ ـ كفيلتان لدى المتابعين لشأنها، بتحديد فلسفة الحركة في الحكم وموقفها من مسألة الديمقراطيّة المتعارض مع موقفها العلني للتعايش مع بقيّة الأطياف. كما تعرّض الكاتب لعلاقة الحركة بالخارج، وتحديدا العلاقة مع تنظيم الإخوان المسلمين والحركة الإسلامية في السودان. وأما العلاقة بإيران فإنه لا يرى فيها علاقة تنظيميّة بحكم التضارب المذهبي، وإنما هي علاقة مساندة في شكلها المادي والأدبي. غير انه لا ينكر في نفس الوقت، تأثير الدعاية الإيرانية آنذاك على تشدد خطاب الحركة وأشكال تحركاتها الميدانيّة. كما تعرض بإطناب لسير الحركة التنظيمي، والعلاقة مع المعارضة والسلطة وأسباب الصدام معها منذ سنة 1981. وبقاءها شبه أسيرة لقواعدها الطلابية في تعاملها مع السلطة وأداءها الميداني. و في هذا السياق، يستخلص المؤلف أن الحركة الإسلامية بتونس (الاتجاه الإسلامي /النهضة حاليا) أوقعت نفسها في خطأين كبيرين أثرا على مردودها وتواجدها التنظيمي منذ أواخر سنة 1986. –   الأول هو تبنيها إستراتيجية العنف والتصعيد التي أقرها مؤتمرها لسنة 1986. –   الثاني اعتمادها طوال فترة السبعينات والثمانيات ازدواجية الخطاب والقيادة (سرية وعلنية) وهو ما يثير تساؤلا لدى الرأي العام وتحفظا من بعض الأطراف السياسية.   كما نقل الكاتب عن الأستاذ الجورشي أن الخطأ الجسيم لحركة الاتجاه الإسلامي، هو تبنّي تنظيمها لجهاز امني خاص. فمجرد اعتماد هذا الأسلوب من طرف الحركة (حسب السيد الجورشي)  ينم عن ضعف الفكر الديمقراطي داخلها وعدم استخلاص قياداتها الدرس من تاريخ حركة الإخوان المسلمين في هذا الصدد.  مرحلة ما بعد بورقيبة: انفراج ومكاسب يعتبر الدكتور العلاني أن نهاية الحكم البورقيبي منذ 7 نوفمبر1987 مثلت متنفسا كبيرا للإسلاميين. وفرصة لم تنجح الحركة في استغلالها بعد الخطوات الهامّة التي خطتها الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس زين العابدين بن علي نحو نزع فتيل الأزمة: فأفرجت عن معظم السجناء بما فيهم القيادات، ويسرت لأتباع الحركة في الخارج المحاكمين غيابيّا، العودة لمن رغب في الرجوع إلى الوطن. كما اعترفت بمنظمة الإتحاد العامّ التونسي للطلبة التي كانت تحت سيطرة الإسلاميين. غير أنّ السلطة حاولت في نفس الوقت، إتباع الحذر في التعامل مع مسألة الاعتراف القانوني بحركة الاتجاه الإسلامي لعدم تأكدها من تخليّ الحركة على أي نشاط سرّي أو تسرّب إلى الأجهزة الأمنية وانتهاج خطاب مزدوج. فهذا الحذر لم يمنعها من تمكين الحركة آنذاك من الانخراط في مشروع المجلس الأعلى للميثاق ممثلة في شخص الأستاذ البحيري ، وتعيين الشيخ عبد الفتاح مورو عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، والسماح لها بالمشاركة في انتخابات أفريل 1989البرلمانية بقوائم مستقلّة. حركة النهضة بين المشاركة والمواجهة ويرى المؤلف في الأخير: أن حركة النهضة لئن نجحت في البداية في طمأنة السلطة والمعارضة من خلال تمثيلها في المجلس الأعلى للميثاق، فإنّ دخولها للانتخابات بقوة ووضع ثقلها المادّي والبشري فيها عاد عليها بالوبال. إذ وجد بعض المناوئين للحركة من داخل السلطة وخارجها الفرصة لدقّ ناقوس الخطر والتصدّي لما اعتبروه بالخطر الأصولي، بسبب ما تخلل الحملة الانتخابيّة من تسويق لخطاب تعبوي ديني من بعض أنصارها ورفعهم لشعارات سلفيّة عامّة: كإقامة الدولة الإسلامية وإمكانية التراجع – فيما يراه بقيّة الفرقاء على الساحة- على مكاسب مدنيّة عديدة. كما أنّ الحركة اعتبرت من جانبها أنّ فشل الانتخابات، وعدم الاعتراف بها قانونيا رغم الوعود، وتعيين بعض الوجوه الإستئصالية في مواقع إدارية في الدّولة ذات تأثير كوزارة التربية، يُضاف إلى ذلك، الخطاب الرّئاسي ليوم 7 نوفمبر 1989 الذي أغلق باب الاعتراف بحزب يقوم على أساس ديني : هي كلّها إجراءات من طرف السلطة تهدف للحدّ من توسّعها. فتأكّدت بذلك أنّ لا سبيل للبحث عن حلول وسطى أو توفيقيّة مع نظام الحكم. فلجأت إلى سياسة « ليّ الذراع » التي انتهت بها إلى اعتقالات واسعة في صفوفها سنة 1991 ومحاكمة عسكرية لـثلاث مائة من أعضائها وقياداتها وأنصارها،( منهم مائة عسكري) باتهامهم من طرف السلطة بالتسرّب إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية والتخطيط للعنف المقصود به قلب نظام الحكم. كما يتساءل في خاتمة الكتاب عن فشل عملية المشاركة بالنسبة لحركة النهضة وعن إمكانية عودة الحركة للعمل السياسي وعن نتائج المواجهة، وعن إمكانية القول بأن الحركة كانت ضحيّة تسييسها للدين الذي هو القاسم المشترك بين كل التونسيين. كما يتساءل كذلك عن علاقة الحركة بالعنف و ما إذا كان نابعا من جوهر فكرها أو هو نتيجة؟ وهل أن غيابها على الساحة كان سببا في ظهور الفكر المتشدد داخل القطر. كما يتساءل عن إمكانية استفادة الحركة من وجود قياداتها في المنفى في رسم علاقات مع الغرب و إمكانية عقلنة الحركة الإسلامية؟ ففشل الحركة حسب رأيه يكمن في عدم تقديرها لاختلاف موازين القوى بينها وبين السلطة عندما اختارت التصعيد. كما يُؤكد أن العنف ليس متأصلا في فكر الحركة وإنما هو نتيجة ردود أفعال. لكنّه يتوقف في نفس الوقت عند الغموض الموجود أحيانا في مواقف الحركة ، إضافة إلى إشكالية ازدواجية الخطاب لديها الذي جعل الصدام أمر حتميا. ومن نتائج هذا الصدام مع السلطة: تفكك جهاز الحركة التنظيمي وتوجه البعض نحو العمل الراديكالي. أما بخصوص حصيلة تجربة المهجر، يؤكد الكاتب أيضا من خلال من استجوبهم بان هذه التجربة سلبية وذلك لانفصالهم عن واقع البلاد اليومي والتطورات الحاصلة في المجتمع هذا من ناحية وعدم تأقلمهم مع الواقع الغربي في اغلب الأحيان. ويختم المؤلف بان ترشيد أو عقلنة الحركة الإسلامية أصبح أمرا ملحا وممكنا في نفس الوقت بشرط ضرورة إسراع قيادة الحركة بمراجعة فكرية وتثبيت الطابع المدني لتوجهها بالحسم مع الخلفية الدينية التي تشكل هاجسا محرجا لدى عديد من التيارات السياسية على الساحة و كذلك العمل على تعميق التجربة والممارسة الديمقراطية من خلال ثوابت تضمن حماية الدولة من أية اهتزازت: كالإيمان بالدولة الوطنية والحفاظ على مكتسبات الحداثة وإعطاء بعد تقدمي للهوية العربية الإسلامية. يكون بعدها المتنكر لهذه الثوابت، قد وضع نفسه موضوعيا خارج إطار المشاركة الوطنية. II ـ ملاحظات: في البداية،  أثني على الدكتور علاني لتناوله موضوع الظاهرة الإسلامية التي عرفتها تونس في بداية السبعينيات والتي تحولت بعد عشرية إلى حركة سياسية كانت محل اهتمام الأنصار والخصوم على حد سواء طيلة ثلاث عقود. فالمكتبة العربية لا شك في حاجة أكيدة إلى مثل هذا العمل. الكتاب أصبح يُعدّ وثيقة لكل باحث، ولكنه بالتأكيد ليس تاريخا، فالتاريخ يكتب كما هو معروف، بتقاطع الشهادات والروايات من أكثر من مصدر. العنوان: الحركات الإسلامية في الوطن العربي: دراسة مقارنة بالحالة التونسية. قد لا يجد قارئ الكتاب المحتوى مطابقا للعنوان. فلقد مر الكاتب على ذكر بعض الحركات الإسلامية ما قبل الاستقلال في مصر وليبيا والجزائر والمغرب وغفل عن الحركات الحالية أو التي ظهرت مع أو بعد قيام الدولة الوطنية المستقلة وتأثيرها (أي هذه الحركات) على واقع بلدانها سواء بالإيجاب أو بالسلب فكرا وتنزيلا، خطابا وممارسة. كما مر الكاتب على بعض المحطات التاريخية لحركة الاتجاه الإسلامي بتونس منذ السبعينات وتفاصيل منها لم تنشر من قبل من خلال بعض وثائقها الداخليّة أو حوارات مع بعض الذين كانت لهم علاقة بالحركة. كما أن الملفت للنظر في هذا البحث أن القارئ لا يجد أي مساءلة من طرف المؤلف للقيادات الحاليّة لحركة النهضة (الاتجاه الإسلامي سابقا) سواء كانت في الداخل أو في الخارج.   لقد كان التركيز في الكتاب على الحركة الإسلامية التونسية وتحديدا حركة الاتجاه الإسلامي– النهضة حاليا- وبما أن البحث قد شمل التجربة إلى غاية 2007 فكان بإمكان الكاتب تسليط الضوء بقوة وليس مرورا عاما على الصحوة الحالية في البلاد، والتي ظهرت في غياب حركة النهضة. فهل هي كما يزعم البعض امتداد طبيعي لهذه الحركة، جاءت كردة فعل على اضطهادها ومطاردتها من طرف السلطة؟ أم أنها مطلب شعبي وجزء من صحوة عامة شملت كل الدول والعالم الإسلامي، خاصة بعد ثورة المعلومات مع بداية الألفية الثالثة بانتشار الفضائيات التي حولت البيوت إلى مساجد؟ وكشفت مدى خداع النخب الغربيّة وزيف شعاراتها خارج حدودها، وكيلها الغير عادل والمفضوح تجاه العالم الإسلامي. فتجربة الحركة الإسلامية في سوريا مثلا وكذلك في الأردن والسودان واليمن والكويت والجزائر والمغرب، هذا فضلا، عن تجربة الحركة الإسلامية التونسية طيلة ثلاثة عقود لجديرة بالدراسة والبحث في أسباب الإخفاق أو النجاح الذي كان مرهونا إلى حد كبير بالعلاقة بسلطة الدولة القائمة والتي تراوحت في هذه البلدان على الأقل بين منهج الصدام المستمر أو المشاركة والتعايش  معها بحذر. لقد انطلقت الحركة الإسلامية بتونس في أواخر الستينيات من القرن الماضي بعدة زعامات شابّة كان لها تأثيرها على سير الصحوة وتشكلها. ومن هذه الزعامات حسب ترتيب السن السادة: حميدة النيفر، راشد الغنوشي، عبد الفتاح مورو، وصالح كركر. فهؤلاء جميعا كان لهم الأثر العميق في تكوين الصحوة ثم في مسيرة الحركة الإسلامية و تشكلها في ما بعد.. لقد جمعت هؤلاء الدعوة في البداية وفرقتهم السياسة في النهاية. فمنهم من انشق ومنهم من استقال، منهم من أقيل ومنهم من لا يزال في أعلى المسؤوليات حركة النهضة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: لماذا عجز الذين ابتعدوا عن الحركة عن تجميع الناس حول أفكارهم وأرائهم وعن إحداث تنوع وتعدد داخل الحركة الإسلامية مثلما هو الحال في الجزائر والمغرب؟ هل لعدم وضوح خطابهم؟ أم لعجزهم المادي؟ أم أن عقليّة الفرد داخلها وتربيته التنظيمية تجعله يُحبذ الانسحاب ـ إن لزم الأمر ـ ويكره التفرع رغم الاختلاف أو الإخفاق؟ أم يكون العائق هي جسامة أخطاء الماضي والاصطدام بإشكال التقنين الدستوري؟ أو كل هذه العوامل مجتمعة؟ لقد غيرت الحركة اسمها مرتين من الجماعة الإسلامية إلى حركة الاتجاه الإسلامي ثم حركة النهضة الحالي دون تطور يُذكر سواء في الاستشراف أو في التنزيل. فرغم اتّسام خطابها باللين تجاه المعارضة العلمانية على الساحة، والذي بلغ حد التنازل عن بعض المسائل التي كانت تُعتبر عند أبناءها وأنصارها من الثوابت الغير قابلة للنقاش!! (مثل مطلب المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة) ظل بالمقابل خطابها المتشنج تجاه السلطة هو المهيمن في أغلب مراحلها، مما جعلها منذ نشأتها عرضة للضربات المتلاحقة التي حرمتها من انجاز أي مصلحة مدنيّة للشعب كالجمعيات الخيريّة والثقافيّة وغيرها ذات المردود النفعي المباشر على المواطن. كما أدت بها أيضا هذه الملاحقات في النهاية إلى الغياب الفعلي على الساحة وانقطاعها عن تحولات المجتمع التونسي منذ ما يقارب العقدين من الزمن. فإن الحركة الإسلامية التونسية في الواقع لم تكن أسيرة قياداتها الطلابية مثلما استنتجه الدكتور علاني في بحثه، بل أنها بقيت طوال مسيرتها أسيرة لعقلية النضال الطلابي داخل ساحات الجامعة:«… بقدر ما يكون الخطاب النقدي للسلطة أجرأ بقدر ما تكون شعبية صاحب الخطاب أرفع.. » (الأستاذ راشد الغنوشي ص 50 من كتاب تونس الغد). III  – مراجعة سريعة للمحتوى سوف أتوقف على بعض ما ورد في الكتاب من نقاط أرى أن الكاتب قد أهملها أو جانب الصواب في تحليلها وكذلك تصويب بعض الأخطاء في تاريخ بعض الأحداث، التي أرجّح أن كثيرا منها هو نتيجة أخطاء مطبعية. 1ـ  ظهور الجماعة: يحصر الباحث في (ص) 49 ظهور الحركة الإسلامي بتونس في حدثين أساسيين برزا في أواخر الستينيات من القرن العشرين. فالحدث الأول في رأيه، خارجي: ويتعلق بهزيمة العرب في حرب 1967 ضد إسرائيل، وتقلص تأثير الفكر القومي في البلدان العربية. أما الثاني الذي « افقد الدولة كل مصداقية »: هو فشل الدولة في تجربة التعاضد سنة 1969 القائمة على « اشتراكية قهرية »، تلتها « تجربة أخرى ليبرالية متوحشة »… في  تقديري، لم يبلغ الشعور القومي في ذلك العهد في تونس لدى عموم الناس  حد الأدلجة مثلما هو موجود في بعض بلدان المشرق العربي، حتى يُُحدث فراغا داخل المجتمع اثر هزيمة 1967 ليملأه التيار الإسلامي آنذاك، باعتبار أن سكان بلدان المغرب العربي لا يفصلون بين العروبة والإسلام فكلاهما واحد في الثقافة الشعبية. لكن هناك أسباب أخرى هامة محليّة وخارجيّة، ساهمت في ظهور الصحوة الإسلامية بتونس. ففضلا عن الأسباب التي ذكرها الأستاذ عياض بن عاشورـ المذكورة في الصفحة 38 من هذا الكتاب ـ والتي من بينها التحولات الاجتماعية العميقة وعدم التوازن في القيم الأخلاقية وأزمة النظام الداخلية، هناك أيضا على الصعيد الداخلي: ـ انتشار التعليم المجاني والإجباري، قد أحدث تحولا في الوعي ونمط التفكير والطموحات لدى الجيل الذي تعلم في مدرسة دولة الاستقلال. ـ دور بعض قدماء الزيتونة ـ مشايخ ومربّين ـ الذين يعود لهم الفضل في تمهيد الطريق لانتشار الصحوة بما تيسّرت لهم من إمكانيات. ومن بينهم على سبيل الذكر لا الحصر: الشيخ الفاضل بن عاشور، الشيخ الطاهر بن عاشور، الشيخ محمد صالح النيفر، الشيخ عبد القادر سلامة، الشيخ الحبيب المستاوي، الشيخ الصادق بسيّس، الشيخ عبد الرحمان خليف… وغيرهم كثير. ـ فشل الحزب الدستوري الحاكم في رعاية بعض ثوابت المجتمع وإهماله لمسألة التديّن. ـ نمو التيار الماركسي في مرحلة الستينات في أوساط الخرّجين. وبدء سيطرة هذا التيّار على الجامعة في بداية السبعينات، وتجاوزه لشعاره المتمثّل في « التبشير بالاشتراكيّة والعدالة الاجتماعيّة » إلى الدعوة للإلحاد والتطرف في محاربة الدين والتقاليد المحافظة داخل المجتمع؛ كان (هذا التطرف) حافزا لبعض الشباب للانخراط في الصحوة. ـ أزمة الحزب الحاكم التي تجلت في مؤتمر سنة 1971 حيث انقسم الحزب ـ لأول مرة بعد انشقاق الأمانة العامة في بداية الاستقلال ـ  بين تيار محافظ يتصرف بعقليّة ماضوية، وتيار يحاول استيعاب ضرورات المرحلة. هذه الأزمة كانت أقوى وأشد على النظام من أزمة فشل الاشتراكية باعتبار هذه الأخيرة خرج منها متماسكا فأغلب القيادات الحزبية والحكومية بقيت في مناصبها، باستثناء قلة حُمّلت مسؤوليّة الأزمة كاملة. أما على الصعيد الخارجي، ومن الأحداث كذلك التي ساهمت في انطلاقة الصحوة الإسلامية ليس في تونس فحسب بل في كثير من البلدان العربية: ـ خروج قيادات الأخوان المسلمين من السجون في مصر أثناء حكم الرئيس السادات، وانتزاع فتيل الصدام بينهم و بين النظام المصري. فروّجوا لأفكارهم عبر الكتب والخطابات في مصر وخارجها وكلنا يذكر مثلا، تسجيلات خطب الشيخ كشك رحمه الله ومدى تأثيرها على الناس في تلك الفترة. ـ حرب أكتوبر سنة 1973 وتحطيم خطوط العدو ميدانيّا وكسر شوكته معنويّا، ثم الدور الريادي للمرحوم الملك فيصل في توحيد القرار العربي ـ آنذاك ـ بتفعيل سلاح النفط الذي كان له انعكاس مباشر على القضيّة المركزيّة تجلى في الاعتراف الدولي بالكيان الفلسطيني سنة 1974 2- أسباب محاكمة الحركة سنة1981: قسم الكاتب أسباب تعجيل محاكمة حركة الاتجاه الإسلامي سنة 1981إلى بعيدة ومباشرة. فالأسباب البعيدة تتمثل في التباين الكلي بين الحركة والنظام في كل المجالات. أما الأسباب المباشرة تمثلت في حوادث وقعت في مدن منزل بورقيبة وقُربة، رُفعت فيها شعارات إسلامية، وكذلك أحداث أخرى بمدينة مساكن حاولت فيها مجموعة من « الإسلاميين التابعين للحركة »  تنصيب إمام مسجد بالقوة. أن الأسباب التي ذكرها السيد علاني، كانت في الحقيقة واجهة قد تُخفي وراءها الأسباب الحقيقيّة للمحاكمات: فالأسباب الأقرب للموضوعيّة لتعجيل محاكمة حركة الاتجاه الإسلامي سنة 1981 تعود إلى أربعة نقاط: 1. انكشاف هيكلة الحركة من طرف السلطة يوم 5 ديسمبر 1980، ومن ثمة اكتشافها للجهاز التنظيمي للحركة الذي يُغطي كامل تراب القطر، بعدما كانت تنظر إليها قبل هذا الانكشاف على أنها مجرد ظاهرة غير منظمة، تخص المساجد وساحات المدارس والجامعة. 2. الأحداث العنيفة التلمذية والطلابية التي عمّت كامل البلاد في شهر فيفري 1981 ـ أي بعد أسابيع من الانكشاف التنظيمي ـ تزعمها بعض وجوه حركة الاتجاه الإسلامي في هذه المؤسسات. بلغت هذه الأحداث ذروتها بسقوط ضحايا من المحتجّين برصاص البوليس، واحتجاز عميد إحدى الكليات في العاصمة من طرف مجموعة من الإسلاميين إدانتها الحركة في ما بعد. 3. الخطاب « السلفي » المتشدد الذي ساد إثناء مرحلة السبعنيات، وأدبيات الصحوة التي كانت تنشر في مجلة المعرفة والمجتمع، أو في شكل خطب في المساجد. هذا الخطاب قد يُصبح مخيفا عند الخصوم عندما يكتشف معه تنظيم سري، خوفا من تكرار التجربة الإيرانية التي لا تخفي الحركة آنذاك تأثرها بالشعارات والخطاب الراديكالي للثورة الإسلامية. 4. بداية « معركة » خلافة بورقيبة في الحكم وبداية السباق نحو قصر قرطاج الرياسي. فالملفات الساخنة مثل ملف الإسلاميين والنقابة والجامعة والانتخابات: كلها كانت أوراق رابحة للمزايدة بها بين أصحاب الطموح داخل القصر أو حوله، للتقرب وحيازة ثقة الرئيس آنذاك.(ذكر السيد محمد مزالي الوزير الأول الأسبق سنة 1981 بان السيد قيقة وزير الداخلية آنذاك قد رفع في غيابه ملف الإسلاميين إلى الرئيس الراحل الذي طالب بالقبض عليهم و محاكمتهم). فرغم خروج الحركة إلى العلن وتعديل خطابها والتزامها بالعمل السياسي العلني، الذي تجلّى في بيانها التأسيسي كحركة سياسية يوم 6 جوان (يونيو) 1981، لم يشفع لها ذلك عند السلطة بعد انكشاف هيكلة تنظيمها يوم 5 ديسمبر 1980 باعتبار هذا الخطاب في نظر السلطة يندرج في إطار الازدواجيّة و التواصل مع ثنائيّة التواجد « سري/علني ». 3- مشاركة قاعدة الحركة في أحداث الخبز سنة 1984: يقول الكاتب في (ص) 156:« أما الطرف الثاني المتهم في هذه الأحداث فهي حركة الاتجاه الإسلامي إذ شملت الإيقافات عشرات الأفراد بسبب سيطرة الإسلاميين على بعض المسيرات التي رُفعت فيها شعارات دينية وشعارات أخرى معادية للنظام.» ويقول في (ص) 210:« فبالنسبة للسنة 1984… أن أحداث الخبز كانت فرصة للتظاهر في الشوارع  وبشكل عنيف ودموي وقد حاول الإسلاميون رفع بعض الشعارات في هذه المناسبات مثل « لا اله إلا الله بورقيبة عدو الله » وقد أصدرت الحركة بيانا في تلك الفترة تقول فيه  » لم يكن مستغربا أن يساهم شباب حركتنا مساهمة فعالة في هذه الأحداث التي أستشهد خلالها عدد من الإسلاميين من أبناء الحركة. شارك فيها جميع فئات المجتمع بما فيهم من ينسب إلى حزب الدستور الحاكم ».» أن أحداث الخبز كانت شعبية عفوية غذتها مؤامرات وأطماع داخل جهاز الحكم في ذلك العهد. وهو ما أثبته تقرير لجنة تقصي الحقائق في الحدث لاحقا الذي نشرته صحيفة العمل لسان حال الحزب الحاكم آنذاك، بتحميل مسؤوليّة تلك الأحداث كاملة لوزير الداخليّة السيّد ادريس قيقة. فالحديث عن مشاركة الإسلاميين أو أنهم كانوا وراء الأحداث هي اسطوانة يرددها البعض وكل له غاياته. فهل يعقل لو ثبت عند بورقيبة أدنى تورط لحركة الاتجاه الإسلامي (تنظيما أو أفرادا) في الأحداث أن يرحمهم سواء في المحاكمات أو في تنفيذ أحكام الإعدام التي لم يُوقع على تنفيذها يومئذ؟ وهي من الحالات النادرة في تاريخ حكم الرئيس بورقيبة! وهل كان ليأمر كذلك بعد 8 أشهر فقط من وقوع هذه الأحداث الدمويّة، بالإفراج عن قيادات الحركة المسجونين منذ سنة1981؟ 4- لماذا لم يقع الحكم بالإعدام على الغنوشي  سنة 1987 يقول الكاتب في (ص) 190-191« ( لماذا لم يقع إعدام الغنوشي)  الوساطة الخفيّة » و يُرجح لتفسير ذلك أسبابا ثلاثة: – الأسلوب الذي اتبعه وزير الداخلية آنذاك زين العابدين بن علي في التعامل مع هذه القضية. – الضغوطات الخارجية وخاصة الغربية منها  لفائدة الغنوشي. – الوساطات الداخلية لئن كان السبب الأول قد أكده الأستاذ راشد الغنوشي نفسه لمجلة المجلة سنة 1988 بقوله «أن الوزير الأول زين العابدين بن علي قد رفض تنفيذ ما طلب منه بورقيبة وهو قتلي وقتل إخواني الآخرين لأنه لم ير لهذا الطلب أي مبرر أخلاقي أو قانوني…» ص191 من هذا الكتاب.  فإن الثاني والثالث لا يتفق مع الحقيقة والواقع. ولعل تصريح الشيخ عبد الفتاح مورو (الرجل الثاني في الحركة آنذاك) للمؤلف في(ص) 203 هو الأقرب إلى الصواب. حيث يُؤكد بقوله « وقد حصلت تدخلات خارجيّة قبيل المحاكمة وأثناءها من طرف الفرنسيين والسعوديين… لكن بورقيبة كان جامحا وغاضبا… وتمادى في عمليّة التصعيد.. » إما السبب المباشر الذي لم يقع بموجبه الحكم بالإعدام حضوريا من طرف هيئة محكمة أمن الدولة سنة 1987 على بعض قيادات الحركة، هو امتناع النائبين السادة عبد الله عبعاب ومحمد كريم المستوري من التصويت لصالح حكم الإعدام حضوريّا على بعض القيادات. الشيء الذي أغضب بورقيبة آنذاك وأمر بتعديل قانون المحكمة فيما بعد ليصبح أقرار حكم الإعدام بالأغلبية وليس بالإجماع. في ذلك التاريخ كان لا يقع إقرار حكم الإعدام إلا بإجماع أعضاء هيئة المحكمة والمتركبة من ثلاثة قضاة ونائبين من مجلس النواب. 5- بين الاتحاد الوطني و »الشرفاء » ورد في الصفحة (ص) 195: « أعتبر مزالي أن لاتحاد الشغل دورا كبيرا في انتفاضة الخبز وللانتقام منه سمح بظهور منظمة نقابية موالية  للسلطة  سنة 1985 هي الاتحاد الوطني للشغل يترأسها عبد العزيز بوراوي أصبحت تعرف بـ » نقابة الشرفاء ».» هناك خلط كبير بين الاتحاد الوطني للشغل من ناحية، وما سُمّي ب » الشرفاء » من ناحية أخرى. ذلك أن الاتحاد الوطني للشغل تكون في أواخر 1983 بعد انشقاق 7 أعضاء من قيادة مؤتمر قفصة. وهم على التوالي: خير الدين الصالحي، عبد العزيز بوراوي، مصطفى الغربي، عبد الحميد بالعيد، عبد الرزاق غربال، ناجي الشعري والصادق بسباس. هؤلاء جميعا ـ فضلا عن مسؤولياتهم في قيادة اتحاد الشغل ـ هم أعضاء في البرلمان آنذاك إثر تحالف قيادة مؤتمر قفصة للاتحاد العام التونسي للشغل مع الحزب الدستوري في الانتخابات سنة 1981. كان لهؤلاء المنشقين خلافات حادة مع المرحوم الحبيب عاشور أدت إلى خروجهم وتكوين منظمة موازية اسمها الاتحاد الوطني للشغل، مقرها نهج الجزيرة بتونس. أما ما عرف فيما بعد ذلك التاريخ  بـ » الشرفاء »، فهذه القضية تعود إلى أواخر سنة 1985 بعد فشل المفاوضات الاجتماعية بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحكومة. ولقد اتهمت القيادة المركزية لاتحاد الشغل يومئذ مباشرة السيد مزالي الوزير الأول ووزير الداخليّة آنذاك، وكذلك السيد الهادي البكوش مدير الحزب، بتشجيع ومساعدة أنصار ومنتميي الحزب الحاكم (الذين لقبهم السيد مزالي ب »الشرفاء ») لاجتياح كامل مقرات الإتحاد الجهويّة والمركزيّة والسيطرة عليها نهاية سنة 1985 وتنصيبهم لهياكل نقابيّة مؤقتة بديلة عن الهياكل الشرعيّة المنتخبة بما في ذلك القيادة المركزيّة المنبثقة من المؤتمر السادس عشر، ثم تكوينهم « للجنة تنسيق وتسيير نقابيّة »، التي دعَت بدورها إلى عقد مؤتمر استثنائي في وقت قياسي يوم 20 جانفي 1986، لإفراز قيادة جلها من أعضاء حزب الدستوري الحاكم بقيادة إسماعيل الآجري كأمين عام.  في سنة 1987 وتحديدا 20 جانفي أمر بورقيبة بتوحيد الاتحادين ورجوع الفرع إلى الأصل أي الاتحاد الوطني إلى الاتحاد العام. وعاد السيد عبد العزيز بوراوي بموجب هذا التوحيد إلى الاتحاد العام التونسي للشغل كأمين العام. يمكن الرجوع إلى جريدة الرأي سنة 1985/ 1986 وكذلك مجلة المغرب العربي سنة 1983/84.      6 ـ سيطرة الإسلاميين على المركزية النقابية يقول الكاتب(ص) 227: « وقد تدعم حضور الإسلاميين تبعا لذلك في المؤتمر العام للمنظمة العمالية سنة1984حيث تحصلوا على سبعين من جملة 528  نيابة في المؤتمر وتمكنوا من استعمال مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل لتنظيم  إضراب الجوع في نهاية شهر جانفي 1985 للمطالبة بإرجاعهم إلى عملهم… وكان التنظيم وراء عديد الإضرابات التي حصلت بين أعوان البريد والبرق والهاتف والميدان التربوي في إضراب الأساتذة.» هناك خلط بين مؤتمر 1984 ومؤتمر سوسة سنة 1989 حيث حاز الإسلاميون في شخص الوجه الإسلامي المعروف أحمد العماري على 83 نيابة من حوالي 260 أي ما يعادل %33. أما سنة 1984 وأثناء مؤتمر الاتحاد السادس عشر لم يترشح أي من الإسلاميين للقيادة المركزية للاتحاد العام آنذاك حتى نعلم على كم من نيابة تحصلوا، أؤكد هذا وأنا من الذين عايشوا تلك المرحلة 1983 – 1990 بحكم مسؤوليتي النقابية آنذاك داخل الهياكل الشرعيّة للاتحاد العام التونسي للشغل.(1) أما استعمال مقرات الاتحاد للاعتصام فهو حديث مبالغ فيه… لم يكن باستطاعة الإسلاميين تحقيق ذلك أنما هي كانت حركة من المرحوم  الحبيب عاشور للتضامن مع المساجين المسرحين في شهر أوت من تلك السنة. أما القول أن تنظيم  حركة النهضة كان وراء الكثير من الإضرابات في قطاع التعليم والبريد هو قول بعيد عن الحقيقة. فهذه القطاعات تحديدا كانت تحت سيطرة نقابات اليسار المتطرف »الشعلة ». فكيف يتسنى إذًا، لأنصار الاتجاه الإسلامي تنظيم إضرابات داخل هذه القطاعات وهي ليس تحت سيطرتهم نقابيّا؟ ثم ألا يتناقض هذا الكلام مع كلام الدكتور العلاني نفسه حين يقول في {ص} 8  من هذا الكتاب:«… لكنهم مع ذلك لم يتجذروا في الأوساط العمالية رغم تواجد بعض القياديين منهم في مواقع نقابية محدودة وهذا يطرح في حد ذاته تساؤلا عن مدى تفاعل الفئات الاجتماعية الفاعلة: عمال، إطارات، رجال أعمال ..الخ.. مع خطاب حركة الاتجاه الإسلامي». IV ـ تصويب بعض الأخطاء الواردة في الكتاب (ص):45 مجلة الأحوال الشخصية صدرت في 13 أوت 1957   تصويب: 13أوت 1956  (ص):96 لقاء الشيخ الغنوشي وعبد الله فرحات وزير الدفاع سنة 1975 تصويب: كان اللقاء سنة  1978 حسب رواية السيد أحمد المناعي منسق اللقاء.https://www.tunisnews.net/13fevrier05.htm (ص). 111 يذكر  الكاتب أن عدد أعضاء مجلس الشورى 14 منتخبين من المؤتمر. (ص). 112 يذكر الكاتب أن عدد أعضاء مجلس الشورى  المنتخبين 25.   تصويب: يبدو أن هناك خلطا بين أعضاء مجلس الشورى المتكون من 21 عضوا والمجلس التأسيسي للحركة لإعلان على تواجدها السياسي يوم 6 جوان 1981. (ص): 127 يذكر الكاتب  أن الهجوم على مدينة قفصه من طرف مسلحين كان يوم 2 جانفي 1980 تصويب: يوم 27 جانفي 1980 (ص) :136 يقول أثر الانتفاضة النقابية في  26 جانفي 1987 تصويب:  26 جانفي 1978 و ليس 1987 (ص)  138: يقول الكاتب هناك سببان رئيسيان لانعقاد  المؤتمر الثاني والاستثنائي للحركة بمدينة سوسة وهما: – حصول الانكشاف الأمني في ديسمبر1980 – خطاب بورقيبة الذي أكد فيه على مبدأ التعددية السياسية. فقد اسمرت أشغال مؤتمر الحركة يومين كاملين 9 و10 أفريل في نفس الفترة التي كان ينعقد فيها مؤتمر الحزب الدستوري الحاكم…؟؟؟ تصويب:  طبعا لا يمكن أن يكون خطاب بورقيبة يوم 10 افريل في افتتاح مؤتمر الحزب سببا في انعقاد مؤتمر الحركة يومي 9 و10افريل ؟ فالخطاب المذكور كان احد أسباب إعلان التأسيس ومطلب التأشيرة للعمل السياسي يوم 6  جوان من نفس السنة وليس سببا لانعقاد  المؤتمر الثاني والاستثنائي للحركة بمدينة سوسة. (ص)   159: يقول الكاتب  تم تعيين السيد محمد مزالي رسميا و زيرا أولا يوم 23 أفريل 1981   تصويب: 23   أفريل 1980 . (ص). 159: يقول : صدر قرار في 1981 بإغلاق المقاهي والمطاعم في رمضان برغبة من الوزير الأول محمد  مزالي وأدريس قيقة وزير الداخلية. تصويب: هذا الحدث كان في رمضان 1980   (ص) 173 : ورد اسم عبد القادر العياري من قابس تصويب: عبد القادر العبار من قابس    (ص)  176: ورد اسم علي الزروي أصيل مدنين تصويب: علي الزروي هو أصيل مطماطة و ليس مدنين   (ص)  190: ذكر الكاتب أن ممن شارك في عمليات تفجيرات سوسة سنة 1987 محرز دقة وبولبابة دخيل تصويب: لم يحاكم بولبابة دخيل رحمه الله من أجل تفجيرات سوسة، بل هو أصيل مدينة قابس وحوكم بتهمة استعمال ماء النار ضد عضو في الحزب الدستوري الحاكم.   (ص) 217 ورد في جدول ترتيب المناطق من خلال محاكمة عناصر الحركة في قضية 1981 ولاية لندن!! تصويب: ربما يكون خطا مطبعي.   (ص) 233 يقول الكاتب: « ثم رجع  الفرجاني إلى تونس وعقد اجتماعا يوم 6 نوفمبر1987 بمسكن العسكري أحمد الحجري حضره من المدنيين محمد شمام والمنصف بن سالم… » تصويب: برجوعي للمصدر المعتمد من طرف الكاتب: لم أجد أنه ذكر حضور محمد شمام الذي كان رهن الاعتقال في ذلك التاريخ، ولكن يذكر« حضرها الثالوث المساعد لمحمد شمام…» على حد قول صاحب المصدر ( تنظيمات الإرهاب في العالم الإسلامي: أنموذج النهضة) لعبد الله عمامي ص 272     (ص) 241 يقول الكاتب انعقد مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل من 15 إلى 20 سبتمبر 1984 تصويب: المؤتمر كان في شهر ديسمبر و ليس سبتمبر 1984 .    (ص) 247 في حديث الكاتب عن حزب التحرير: « وقد شهدت ثلاث محاكمات أبرزها محاكمة مارس 1985 التي شملت 24 متهما منهم 19 من العسكريين.» تصويب: المحاكمة المذكورة كانت سنة 1983   (ص)  247 في حديث الكاتب عن ما عُرف « بمجموعة الجهاد الإسلامي » بتونس  يقول «.. ومن ابرز عناصرها كيلاني لوشاشي ضابط بالجيش والحبيب الضاوي وأحمد الأزرق…» تصويب: الكيلاني لوشيحي و ليس لوشاشي ، ملازم أول بالجيش. (ص)260 يقول الكاتب: «وقد قرر الغنوشي بعد شهر من هذه الانتخابات مغادرة البلاد فطلب إذنا بالخروج للحج في ماي 1989 ومنذ ذلك التاريخ لم يعد إلى أرض الوطن…» تصويب:الإذن لم يكن للحج وإنما لأسباب أخرى ذكرها الشيخ راشد الغنوشي نفسه في عدة مناسبات. وهي تلبية لدعوة من جمعيّة فلسطينيّة بألمانيا لإلقاء محاضرة (مراجعات الشيخ راشد على قناة الحوار –لندن-) (ص) 261: في  معرض حديثه عن محاكمة التسعينيات يقول الكاتب: فنظمت في 1991 محاكمة لثلاث مائة شخص من التنظيم منهم مائة عسكري. – تصويب:  انتصاب المحكمة وإصدار الأحكام كان  سنة 1992. (ص)  262: يقول الكاتب: وفي منتصف التسعينات عقدت الحركة بالمهجر مؤتمرها السادس ببلجيكا في جوان 1996. تصويب: المؤتمر كان سنة 1995. (ص) 266: مؤتمرات الحركة:يرتب الكاتب مؤتمرات الحركة على النحو التالي: أوت 1979، ديسمبر 1980، أفريل 1981، ديسمبر 1986،نوفمبر 1988، جوان 1996،افريل 2001 تصويب:مؤتمرات الحركة  كانت في السنوات التالية: 1979، 1981، 1984، 1986، 1988، 1995، 2001.   (ص) 276 : يقول الكاتب:« ومن ذلك مثلا مبادرة مورو وعلي العريض التي نشرتها جريدة » الموقف » بتاريخ 3 جوان 2005 والتي جاءت عقب الإفراج عن رفعة من المساجين الإسلاميين..» لو أطلع الكاتب على جريدة الموقف المذكورة لعلم أن علي العريض ليس من الممضين على هذا البيان. و لو قام كذالك بجهد واتصل بالشيخ عبد الفتاح لأعلمه بما صرح به إلى الموقع أقلام أونلاين بتاريخ جويلة 2005  «… أما عن التوقيع على البيان فهذا أمر عرضه علي بعض الإخوة من باريس ووضعوه في إطار مسعى إنساني رغبة في الإفراج عن بقية المساجين من مساجين الحركة وحبذت الفكرة وعرض علي فأمضيت عليه..» وهذه بعض الروابط المتصلة بالموضوع: – بيان 2005 http://membres.lycos.fr/bayenmai2005/ – تصريح عبد الفتاح مورو http://www.aqlamonline.com/archives/no15/mourou_interview.html – حوار مع محمد العماري http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=6813 * محمد العماري    عضو سابق بحركة النهضة التونسية. mohammedlamari@yahoo.fr (1) عضو بالمنظمة النقابية التونسية: الاتحاد العام التونسي للشغل. 1983 ـ 1990      (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 7 جوان  2009)  


بسم الله الرحمان الرحيم
  و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين   رسالة 629 على موقع تونس نيوز       بقلم محمد العروسي الهاني  
مناضل دستوري كاتب في الشأن الوطني و العربي و الإسلامي                                                تونس في 07/06/2009                                         

الحلقة -3- عناية الرئيس الموصولة واضحة بالمناضلين و الاجتهاد من طرف المسؤولين ضروري

تعرضت في المقالين السابقين إلى مبادرة و عناية سيادة الرئيس لدعم مكانة المناضلين و المقاومين و كل من ضحى في سبيل الوطن و بناء الدولة العصرية و ذكرت في مقالاتي السابقة إلى المبادرة الرئاسية الرائعة المتمثلة في تكليف الأستاذ عبد الكريم عزيز المستشار لدى رئيس الدولة المكلف بالمناضلين لزيارتهم في منازلهم و بحضور أسرهم و أهلهم لدعم مكانة هذه الشريحة المناضلة و قد كان لهذه اللغة الرئاسية الكريمة الرائعة صداها و أثرها العميق لا في النطاق الضيق المحلي بل كان لها صداها في كل الأوساط الشعبية و في الجهات : و إن تكريم ثلة من المناضلين في كل ولاية و معتمدية لها أكثر من مغزى و معنى . و قد شملت زيارة السيد عبد الكريم عزيز لحد الآن ولايات المهدية و بن عروس و نابل و سلسلة الزيارات متواصلة. و قد ذكرت في مقالتي الثاني في شهر ماي 2009 إلى إمكانية زيارة بعض الإخوة المناضلين الذين تحملوا مسؤوليات جسام و ضحوا بكل غال و نفيس و ابلوا البلاء الحسن في كل مراحل النضال الوطني و تجسيم الاستقلال و بناء الدولة العصرية . و يوم زيارة الأخ عبد الكريم عزيز إلى معتمدية حمام الشط ولاية بن عروس كنت مع مجموعة من المناضلين في استقباله و الوفد المرافق له المتركب من السادة الوالي و الكاتب العام لجنة التنسيق و رئيس دائرة المناضلين بالإدارة المركزية للتجمع و الأخ عبد الله العبعاب عضو مجلس النواب اكبر المناضلين سنا بولاية بن عروس . و قد زار الوفد المناضل احمد الهمامي الذي ضحى طيلة 48 سنة في سبيل الوطن و كما قلت هذا المناضل الدستوري يستحق التكريم و التوسيم و العناية و الرعاية . و في الجلسة في منزل المناضل احمد الهمامي نوهت بهذه اللفتة الرئاسية و تأثيرها العميق و ذكرت بان هناك عناصر بهذه الجهة المناضلة التي تزخر بالمناضلين الأوفياء في حاجة إلى الرعاية و لفة كريمة مثل السيد محرز بالأمين شفاه الله التي تحمل في بداية الاستقلال مسؤوليات هامة سياسية و إدارية منها خطة مندوبا للحزب بالوطن القبلي و تحمل خطة واليا على صفاقس و ايضا على الوطن القبلي صفاقس و كان في مستوى الرسالة التاريخية كما أشرت إلى زيارة المناضل الحسين العبيدي معتمد متقاعد كان يوم 8 فيفري 1958 معتمد ساقية سيدي يوسف و قصفت الطائرات الفرنسية منزله و مقر المعتمدية و المدرسة الابتدائية و السوق الأسبوعية و استشهد يومها حوالي 67 شهيدا من التونسيين و الجزائريون و امتزج الدم التونسي بالدم الجزائري و حصلت كارثة كبيرة نتيجة الدعم المادي و الأدبي و فتح الحدود و مد الثورة الجزائرية بالسلاح و العتاد و الأموال و المساندة المطلقة من الشعب التونسي و الحزب و الحكومة و الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة الذي صمد في وجه الاستعمار الفرنسي و لم يرضخ و ساعد إخوانه المجاهدين و رجال جهة التحرير الجزائرية و كان السيد الحسين العبيدي آنذاك معتمد الساقية . هذا المناضل يستحق اليوم الزيارة و الفتة الكريمة و العناية. و في يوم 06/06/2009 زار السيد عبد الكريم عزيز ولاية نابل و قد زار المناضل المشهور السيد محمد أمية رجل التضحية و الفدى من بني خلاد الذي ضحى بحياته في سبيل الوطن  . يوم زيارة المناضل محمد أمية ببني خلاد توفي المناضل عبد الرحمان بن رحومة  الذي وافاه الأجل المحتوم يوم 3 جوان 2009 عن سن تناهز 64 عاما قضى منها 40 سنة في النضال الحزبي و الوطني و الإداري حيث كان المرحوم عبد الرحمان بن رحومه سنة 1974 رئيسا  لشعبة زاوية الجديدي لمدة طويلة ثم رئيسا لبلدية زاوية الجديدي منذ تأسيسها و إحداثها سنة 1985  و بقي على رأس البلدية من 1985 إلى 1995 دورتين ثم عاد عام 2000 و تحمل رئاسة البلدية لدورة ثالثة حتى 2009 و هو مدير عام لإدارة الشؤون السياسية بالوزارة الأولى و قد تدرج في سلم المسؤوليات من عام 1973 إلى سنة 2005 و عمل مع سبعة وزراء أول من المرحوم الهادي نويرة إلى السيد محمد الغنوشي حاليا و قد كان المرحوم مثالا في الصمود و المثابرة و العمل الدؤوب و أنجز مشاريع تذكر فتشكر و كانت سيمته التطوع و التفاني والنضال و التواضع. و في يوم 06/06/2009 يوم زيارة الأخ عد الكريم عزيز إلى بني خلاد القريبة من زاوية الجديدي 3 كلم و هي تابعة إلى معتمدية بني خلاد . فقد كان المناضلون و المواطنون بالزاوية يشاركون في موكب فرق المناضل عبد الرحمان بن رحومه رحمه الله في تلك اللحظة كان الأخ عبد الكريم عزيز في زيارة الأخ محمد أمية و كان على المسؤولين الجهوين و المحلين إن يجتهدوا و يعلموا الأخ مبعوث سيادة الرئيس قصد التحول إلى الفرق لتقديم التعازي لعائلة الفقيد الراحل لو حصلت هذه المبادرة لكان لها الأثر البالغ في النفوس .و نرجو مستقبلا مزيد الاجتهاد و دعم فكرة توسم الخير و معاملة كل المناضلين معاملة كريمة و جدية و دون استثناء أو تمييز فلان على الأخر لان الرئيس يريد الخير لكل أبنائه و لايفرق بين هذا قديم و هذا جديد و هذا رفيع و هذا متوسط و هذا عمل معنا و هذا عمل في الماضي . هذه الشروط بعيدة على قيمنا و أخلاقنا و ثوابت حزبنا حزب التحرير و بناء الدولة العصرية و حزب النضال و الاستمرار و التواصل و إن التجمع هو وريث الحزب و وريث حركة الإصلاح و وريث الاستقلال و بناء الدولة الحديثة. و إن الشيء الذي حز في النفس انه لم يتم تابين الفقيد من طرف مسؤول جهوي أو وطني حسب تقاليد حزبنا منذ الاستقلال و إن قدمه الأخ المناضل عبد الرحمان بن رحومه لفائدة الوطن يستحق كل العناية و الرعاية و اعتقد إن سيادة الرئيس لو سمع في الإبان بوفاة المناضل عبد الرحمان بن رحومه لاوفد مبعوثا خاصا لتقديم التعازي لاسرته و نجله و ان الرئيس بن علي  دوما وفيا للمناضلين و يعرف معرفة دقيقة و شخصية المرحوم سواء في الوزارة الأولى أو في ميدان العمل في الفيضانات التي حصلت سنة 1986 حيث أوفد الرئيس بورقيبة رحمه الله السيد زين العابدين بن علي وزير الدولة و وزير الداخلية بمتابعة عملية الإنقاذ  و تفقد أحوال المواطنين و كان في تلك الزيارة مصحوبا بالسيد عبد الرحمان بن رحومه رئيس بلدية زاوية جديدي و الصورة الحية الموجودة بقصر بلدية زاوية الجديدي تبرز هذه الزيارة التاريخية التي تدل على المغامرة و الشجاعة و التواضع و التضحية من اجل الغير نرجو أن نأخذ الدرس من هذه المواقف حتى نعطي حق هذا المناضل الوطني الذي خصصت له مقالا طويلا نشرته يوم 06/06/2009 بموقع تونس نيوز للعبرة و الدرس قال الله تعالى إنما المؤمنين إخوة صدق الله العظيم رفيق الدرب و النضال محمد العروسي الهاني


نبذة عن اقتصاد الاحتلال في مدينة القدس   ومشروع تهويد القدس اقتصادياً


د. إبراهيم علوش 
بالنسبة لمدينة بحجم القدس، يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة أرباع مليون نسمة، وتعتبر في نفس الوقت أكبر مدينة « إسرائيلية »، فإن الاقتصاد يبدو متواضعاً، وخالياً من أي تجمعات صناعية ذات شأن، في دولة تتباهي على محيطها بتقدمها الصناعي والعلمي والتكنولوجي والاقتصادي.  لا بل أن ألمناطق المخصصة للصناعة والبنية التحتية في القدس ومحيطها لا تتجاوز 2،2 بالمئة من مجموع القدس المحتلة، فيما تبلغ المناطق المخصصة للصناعة والبنية التحتية ضعف ذلك الرقم في تل أبيب (تل الربيع)، وسبعة أضعاف ذلك الرقم في حيفا، حسب مكتب الإحصاء المركزي « الإسرائيلي » في 24/5/2006.   فالقدس البعيدة عن ميناء يافا أو غزة مثلاً لا يقوم اقتصادها على الصناعة أو التجارة أو الزراعة، بل على أهميتها السياسية والدينية، وعلى رمزيتها في الصراع، ولذلك حرصت دولة العدو على إبقاء المدينة غير صناعية، للمحافظة على طابعها الخاص، ليس حرصاً على البيئة أو الإنسان، بل حرصاً على مزاعمها التلمودية طبعاً، حيث تتعامل دولة العدو مع المدينة كتراث ثقافي يهودي، وتعتبرها عاصمتها.     وتلعب السياحة وبالأخص السياحة الدينية إلى الأماكن المقدسة في القدس دوراً رئيسياً في اقتصاد المدينة (خاصة البلدة القديمة)، إذ يزور القدس حوالي مليوني زائر سنوياً، كما تكثر فيها المدارس الدينية اليهودية، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية لدولة الاحتلال والخدمات العامة، حيث تظهر أرقام مكتب الإحصاء المركزي « الإسرائيلي » أيضاً أن نسبة العاملين في المكاتب الحكومية والخدمات العامة والفنادق والمطاعم والجامعات والصحة هي في القدس أعلى منها في بقية الكيان الصهيوني، بينما نسبة العاملين في الصناعة من مجموع القوة العاملة في القدس أقل بكثير من المتوسط العام لدولة الاحتلال.   وعلى الرغم من أن تل أبيب تبقى بلا منازع العاصمة المالية والاقتصادية للكيان الصهيوني، فإن عدداً متزايدة من شركات التكنولوجيا المتقدمة والبرمجيات (النظيفة صناعياً) تنقل مقراتها إلى القدس، في الوقت الذي يتم فيه تشييد طريق سريع يفترض أن ينتهي عام 2011 لربط القدس وتل أبيب، كما تم تأسيس منطقة صناعية اسمها حارهتزفيم في شمال القدس لاستضافة فروع لعشرات الشركات الكبرى، ومنها شركة إنتل، وشركة تيفا الدوائية، وشركة ECI  لتصنيع معدات الاتصالات.  أما بعض القطاعات الاقتصادية المزدهرة تاريخياً بين يهود القدس العربية المحتلة فمنها قطع وصقل الماس والطباعة والنشر، كما تزدهر الآن الصناعات التكنولوجية والأبحاث والتطوير، بالارتباط مع الشركات اليهودية في المستعمرات القائمة في الضفة الغربية، كما أن هناك توجهاً نحو تنمية قطاع الخدمات المالية والتأمين.   وهناك دعم حكومي كبير للشركات الجديدة الناشئة في القدس، فقد بات واضحاً للمخططين الاقتصاديين في الكيان أن الأهمية الرمزية والسياسية للقدس لا تكفي بحد ذاتها للقيام بأود المدينة الأولى في دولة الاحتلال.  فقد ارتفع معدل الفقر (النسبي) بين اليهود فيها بين عامي 2001 و2007، حيث بلغ ضعف مستواه في المدن « الإسرائيلية » الأخرى حسب موقع Israel Insider على الإنترنت في 11/1/2007 الذي ذكر نقلاً عن دراسة للجامعة العبرية في القدس أيضاً أن متوسط الدخل الشهري للموظف في القدس بلغ حوالي 1400 دولار حتى ذلك التاريخ،  بينما بلغ المتوسط الشهري للموظف حوالي 1700 دولار في تل أبيب مثلاً.  ويذكر أن القطاع السياحي تعرض لضربة كبيرة في مطلع انتفاضة الأقصى، الانتفاضة الثانية، بين عامي 2001-2004، مع العلم أن حصة العرب من الدخل السياحي في القدس قليلة جداً، ولا تتجاوز سبعة بالمئة من المجموع حسب أحد المواقع على الإنترنت.    القدس، هذه المدينة المشيدة على أرض مسروقة، وعلى مزاعم رمزية مفبركة، باتت تلتهم كل شيء عربي من حولها وداخلها، بتوسعة الاستعمار اليهودي فيها، وبالتمدد كالأخطبوط للقرى العربية في محيط القدس… هذه المدينة الغريبة في الأرض الحبيبة باتت تسعى اليوم لإعادة اختراع نفسها اقتصادياً عن طريق إستراتيجية تتيح للمستعمرين اليهود الحياة والبقاء من خلال الاعتماد بدرجة أقل على الدعم الحكومي، في الوقت الذي تعمل فيه تلك الإستراتيجية على إفراغ القدس من سكانها العرب، والسعي لتخفيض عددهم من ربع مليون إلى أقل من ثمانين ألفاً حسب أحد التقديرات، أساساً من خلال الجدار العازل الذي أخرج مئة ألف من المقدسيين خارج المدينة، والذي قسم المدينة إلى ثلاثة أجزاء، البلدة القديمة عن أحياء القدس الشرقية، والقدس الشرقية عن القرى العربية المحيطة، وذلك بعد عزل العرب الفلسطينيين فيها عن الضفة الغربية التي كانت تشكل القدس سوقاً اقتصادياً لهم.   وقد انتخب غرباء المدينة في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 السيد نير بركات رئيساً لبلديتها، وهو رائد استثمارات في قطاع التكنولوجيا، وذكرت صحيفة البوسطن غلوب الامريكية في 27/3/2009 في هذا السياق أن بركات زار جامعة هارفارد ليلتقي البرفسور مايكل بورتر واضع إستراتيجية تعزيز تنافسية المدن وتطويرها، التي وضعت إستراتيجية تطوير اقتصاد القدس بناء عليها.  وهي إستراتيجية تقوم على تعزيز السياحة الدينية، والسياحة العلاجية، وتطوير الخدمات الصحية والمالية في المدينة.    وهذه الإستراتيجية تمثل في الواقع تتمة لمشروع تهويد المدينة سكانياً وحضارياً وثقافياً، فالاقتصاد هنا خاضع للسياسة والثقافة، وليس العكس، وهو حلبة صراع سياسي ضارٍ على هوية القدس، وهوية المسجد الأقصى.  وهنا تقوم الإستراتيجية الصهيونية على تطوير اقتصاد ذاتي للقدس، بلا عرب، أو بالقليل من العرب.    أما سكان القدس الأصليين، العرب، فيتعرضون لحصار اقتصادي خانق ومضايقات منهجية وبيروقراطية من دولة الاحتلال لدفعهم للمغادرة، وهم لا ينالون نزراً يسيراً من الخدمات التي يتلقاها غرباء المدينة بينما يدفعون الضرائب، ومنها ما قدره أحد المواقع على الإنترنت بستة عشر نوعاً من  الضرائب القاسية، وعلى رأسها ضريبة « الأرنونا » التي بلغت ثلاثمئة شيكل على المتر المربع الواحد في عام 2008.   وهذه الضريبة تعني تراكم المستحقات الضريبية على صاحب المتجر العربي وصولاً للحجز على محتوياته ومصادرته، واعتقال صاحبه، مما أدى لإغلاق عشرات المتاجر العربية.   بالمقابل، يقاوم المقدسيون هذه السياسة الصهيونية بالتركيز على التعليم ونيل الشهادات الجامعية، وبالاستثمار في المجال الفندقي والعقاري، وبالرغم من ذلك، فإن سياسة الاحتلال بتهويد القدس اقتصادياً لا بد من مواجهتها بخطة عربية لتعزيز صمود أهل القدس والحفاظ على عروبتها، وليس فقط بالمجهود الفردي لأهل القدس، والحديث يدور هنا عن خطة اقتصادية طبعاً، ضمن خطة مواجهة شاملة.  العرب اليوم، 7/6/2009 http://www.alarabal yawm.net/ pages.php? news_id=164721  


أحسنت أوباما .. أسأت باراك

عبدالباقي خليفة
 
حظي الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما بردود فعل واسعة على الصعيد الاسلامي والدولي ، نظرا للمكانة التي تحظى بها بلاده وتأثيراتها الشاملة على سياسات العالم . فما إن انتهى باراك أوباما من خطابه حتى تجاوبت معه مختلف دول العالم ولا سيما العواصم المهمة مثل باريس وبرلين ولندن والرياض والقاهرة وغيرها . ونحن هنا لسنا في معرض استعراض ردود الأفعال الاقليمية والدولية ، ولا اعتماد سياسة الانتقاء التي بدت في كثير من مواقف الأطراف المعنية الرسمية والحزبية وحتى الشخصية ، وإنما للمساهمة في إثراء النقاش حول الزيارة وأهدافها وآفاقها المستقبلية . لقد جاءت الزيارة بعد 4 أشهر فقط من تولي الرئيس باراك أوباما مهامه كرئيس جديد للولايات المتحدة الأميركية ، بعد صراع مرير مع منافسيه في الحزب ، وفي مقدمتهم وزيرة خارجية بلاده الحالية هيلاري كلينتون ، ثم منافسه من الحزب الجمهوري جون ماكاي .  وقد ساهم المسلمون في نجاحه في الانتخابات ، سواء من تصويت أغلبية المسلمين الأميركيين لصالحه ، أو مساهمة المقاومة في فلسطين والعراق وأفغانستان ، في كسر شوكة المحافظين الجدد ، وهزيمتهم في الانتخابات ، ومن ثم صعود باراك أوباما إلى منصب الشخصية الأولى في الولايات المتحدة الأميركية . وباراك حسين أوباما يدرك ذلك جيدا ، بقطع النظر عن اعترافه بتلك المساهمة من عدمه، وسواء أسرها في نفسه أو أعلنها بطرق غير مباشرة . الأمر الثاني يدرك الرئيس الأميركي أن العلاقات الرسمية مع أنظمة الحكم في البلاد الاسلامية ، غير كافية لتحقيق مصالح بلاده التي تتعرض للتهديد في تصاعد بياني ، بسبب الفجوة التي تتسع باستمرار بين الكثير من الأنظمة وشعوبها ، وبالتالي بين الأمة الاسلامية والغرب ، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية . وقد جاء خطابه لتضييق تلك الفجوة ، وفتح صفحة جديدة في العلاقات . والانتقال من مرحلة المواجهة التي اتسمت بها فترة حكم المحافظين الجدد ، إلى الاحتواء ، والذي اتخذ مسمى الشراكة ، دون توفر أسسها ومقوماتها الموضوعية . وربما لهذا السبب تحدث أوباما عن المشاركة الشعبية ، أو بتعبير أوضح التفويض الشعبي والشرعية الشعبية الحقيقية . فهي االوحيدة الكفيلة بتحقيق معادلة  » الشراكة  » . وإذا نظرنا في خطاب باراك أوباما بتمعن ودون قراءة سريعة أومحاولة تسجيل سبق هزيل ، فإنه تضمن نقاط نرفضها ، وأخرى نتحفظ عليها ، وثالثة نوافقه عليها بكل قوة  . ونحن ندرك أن الكثير من الأطراف ساهمت في إعداد نقاط الخطاب وصاغت على طريقتها ووفق نظرتها للامور بعض فقراته ، لذلك جاء  » متناقضا  » في رأي البعض ، ومرضيا لجميع الأطراف ، وفق رأي آخرين . ومن الأمور التي تطرق فيها لنقاط الخلاف ، ونرى أنه مارس فيها نوعا من المقارنة غير السيلمة ، وغير الصحيحة هي المقاربة بين ما حدث في البوسنة ، والأوضاع في دارفور ، فما حدث في البوسنة كان عدوانا من قبل الصرب ضد المسلمين البوشناق ، استمر لمدة 4 سنوات ، منع فيها الغرب السلاح عن المسلمين ، مما ساهم في ارتفاع عدد الضحايا إلى 200 ألف قتيل ، واحتلال البوسنة بنسبة 70 في المائة تقريبا ، واغتصاب ما بين 20 و50 ألف امرأة وفق المصادر المختلفة . أما في دارفور فكانت القضية على مستوى خلافات قبلية نفخ فيها الغرب لتتحول لقضية دولية بين جهات في الاقليم والحكومة المركزية . ومن المغالطات أيضا مقارنة القضية الفلسطينية أو الافغانية أو العراقية بوضع السود في الولايات المتحدة الأميركية ، فالاوضاع الداخلية لا يمكن مقارنتها بواقع الاحتلال والهيمنة الخارجية واستباحة الاعراض والدماء والسيادة الوطنية . لذلك نرى أن باراك أوباما لم يوفق في امتثال قوله تعالى الذي ردده في خطابه  » اتقوا الله وقولوا قولا سديدا « . وفي هذه النقطة تحديدا نرى أنه لم يكن طالبا نجيبا ودارس للتاريخ . أما تمجيده  » للاسلام الذي بنى صروحا مثل الازهر وحمل شعلة العلم لعقود طويلة ممهدا الطريق لعصوير التنوير في الغرب  » فهذا اعتراف نعتز به ، وهو واجب على الآخرين ، والاعتراف بالفضل ، كالاعتراف بالخطأ ، فضيلة حميدة . كقوله أن المسلمين وفي ظل الاسلام طوروا علم الجبر والفلك والصحة وأقواس الابراج والخط العربي والتأمل . وأن  » الاسلام أثبت التسامح الديني والمساواة العرقية « . كذلك اعترافه بدور المسلمين الأميركيين البالغ عددهم 7 ملايين نسمة ،  » درسوا وسطع نجمهم في الرياضة وفازوا بنوبل  » ،وعندما تحدث باراك أوباما عن الاسلام لم يتحدث عنه ، من خلال الكتب وما سطره المستشرقون ، ونسجته الأخيلة المريضة في الغرب ، بل لمسه عندما كان في أندونيسيا ، وهذا يؤكد على أهمية قيام النموذج الاسلامي الحقيقي ليتعلم العالم قيم الاسلام ويتمثلها . لذلك رفض أوباما في خطابه ما وصفها بالصورة النمطية عن الاسلام ، وأنه  » ضد الصورة النمطية التي تسئ للاسلام أينما ظهرت  » وأن  » هذا المبدأ ذاته يجب أن ينطبق على انطباع المسلمين نحو أميركا  » . وإذا جاز لنا أن نتعلم من أوباما فهو تأكيده على أن الاتحاد سر القوة والبقاء  » قوة كياننا كامن في اتحادنا  » . أما النقاط التي نتحفظ عليها في خطاب أوباما ، فهي الموقف من الوضع في أفغانستان ، حيث قضى الآلاف من المدنيين نحبهم ودمرت قراهم وقتل الأطفال والشيوخ بقنابل التحالف الذي تقوده بلاده هناك . فالتشدد نابع من المواقف السياسية ، وردود أفعال على تشدد مماثل يعبر عن نفسه في سياسات داخلية ، أو خارجية  كالغزو والاحتلال والعدوان بكافة أشكاله . وإذا كان التدخل الأميركي في أفغانستان كان  » ضرورة  » وفي العراق  » خيارا  » فما محل الشعبين المسلمين في البلدين الذين كانا ضحايا لهذا العدوان من الاعراب . فما جرى من قتل تتحمل القوات الغازية المسؤولية عنه ، وليس الأطراف الأخرى فقط ، فهي التي مهدت لتلك الفوضى وذلك التقاتل بين الطوائف والاثنيات . ولكننا مع ذلك نرحب باعلان خروج القوات الاميركية من العراق نهاية الشهر القادم ، واكمال الانسحاب النهائي في 2012 م مع التأكيد على حق الضحايا في التعويضات المجزئة من الاحتلال ومن الحكومة العراقية . كما نتحفظ على حمل المسلمين على دفع ثمن جرائم ارتكبتها أوربا بحق اليهود بقطع النظر عن حقيقة الملايين الستة ، التي تبدو ( ضرورة سياسية ودينية يهودية أكثر منها حقيقة تاريخية ، دون انكار سقوط ضحايا ) . ونحن مع أوباما في تأكيده على معاناة الشعب الفلسطيني منذ 60 عاما ، وتعرضه لآلام التهجير من أرضه وأن  » الوضع الفلسطيني لا يحتمل  » . وننتظر أفعالا تترجم ما قاله أوباما في خطابه يوم 4 يونيو 2009 م بالقاهرة . لكن ما دفع الكثيرين لاتهام أوباما بالتناقض هو خلاصته التي ذكر فيها بأنه لا يستطيع فرض السلام  » لا نستطيع فرض السلام  » مع أنهم يستطيعون لو أرادوا ، لتحقيق ما أشاد به ، وهو صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعيسى وموسى عليهما السلام في القدس جميعا ، كما ورد في قصة الاسراء . وهو ما يمكن أن يتمثل في وجود جميع الاطراف مسلمين ونصارى ويهود في مدينة القدس ، وفق ترتيبات ترضي المسلمين . ومن النقاط التي نتفق فيها مع باراك أوباما ، وندعو لتحالف عالمي من أجلها ، حق المرأة المسلمة في ارتداء اللباس الشرعي ، حيث تعاني النساء في تونس وتركيا ودول أوروبية في مقدمتها فرنسا ( الطالبات ) الأمرين بسبب التضييق وحتى القمع لحقهن في ارتداء اللباس الاسلامي  »  حق المرأة في ارتداء الحجاب ومعاقبة من ينكرون عليهن هذا الحق  » . كما نتفق مع أوباما في كون القضايا الانسانية الكبرى كالمجاعات ، والحروب ، والأمراض الوبائية والمعدية ، والأوضاع الاقتصادية العالمية ، مسؤولية البشرية جميعا ويجب التكاتف من أجل القضاء عليها وإنهائها . وكما  » لا ينبغي على دولة فرض نظام حكم على دولة أخرى  » فإننا نريد أن تتوقف أيضا سياسة ابتزاز الدول الاسلامية ونهب ثروات شعوبها ، وفرض الاتفاقات عليها . ومع أوباما في حق الشعوب اختيار ممثليها وحكامها ، وأن  » الحكومات التي تحمي الحقوق أكثر استقرارا ونماءا  » وأن  » قمع الافكار لا يمنع من انتشارها  » ونحن أيضا  » نرحب بكل الحكومات التي تختارها شعوبها  » . مع أنه أيد أنظمة ديكتاتورية لم تختارها شعوبها ، ووصفها بأنها ( عامل استقرار ) . ومما لفت نظري في خطاب أوباما إشارته لاتهام طالما رفع في وجه الاسلاميين وهو أنهم  » يطالبون بالديمقراطية ويقمعون شعوبهم عندما يصلون للسلطة  » ولم يحدث أن فعل الاسلاميون ذلك ، وهو اتهام للنوايا ، يمكن أن نغفرها لأوباما ، لأنها من سقطات الاملاء وتعدد المشاركين في تأليف الخطاب . ونحن مع أوباما في قضية الحريات ، وأن التعدد إثراء للحضارة الانسانية ، وأن  » الكثيرين منعوا المسلمات من ارتداء الحجاب تحت ذريعة الليبرالية  » كما نشيد بموقفه الخاص بالسماح للمسلمين بدفع زكاة أموالهم للعمل الخيري  » ووقف العداء للاسلام بشعارات ليبرالية  » وأن  » المرأة التي تغطي رأسها ليست أقل شأنا .. وإنما المرأة التي تحرم من التعليم هي المرأة التي تنتهك حقوقها  » . وضد صراع الحضارات ، ومع التعاون الدولي بحقوق متساوية ومسؤليات مشتركة ، ومع السلام العادل . وأخيرا لا بد من تسجيل أن تأييد الخطاب أو معارضته  لا يفيد كثيرا ، ويجب علينا الانتظار، لنعرف إن كان يحمل بذور صفحة جديدة كما وصفها خافيير سولانا ، وعندها ستكون هناك  أكف ممدودة ، أما إذا  كان الخطاب من أجل التخدير ودغدغة العواطف فالأمة محصنة ضد الخطابات ، من كثرة ما سمعت من كلام معسول من ساستنا ، ورؤس الأنظمة الحاكمة في الكثير من أقطار بلادنا الاسلامية . (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 7 جوان  2009)


في ذكرى النّكسة
إنّهم يستهدفون أبعد من عبد النّاصر


بقلم: محمد رضا سويسي لا تكاد تمرّ ذكرى من الذّكريات السّنويّة لنكسة 5جوان 1967 دون أن تنهال بعض الأبواق والرموز المشبوهة على الزعيم جمال عبد النّاصر وثورة 23 جويلية1952 محاولة هدم تاريخ الرّجل ورمزيّته في سياق حركة التّحرّر العربيّة والعالميّة والتّشكيك في الانجازات الوطنيّة والقوميّة لثورة يوليو المجيدة كواحدة من الثّورات الّتي طبعت التّاريخ العربي والعالمي المعاصر. ومنذ كان عبد الناصر في الحكم وحتّى بعد وفاته لم تتوقّف آلة الدّعاية الاستعماريّة والصّهيونيّة عن حملات الهجوم والتّشكيك بمساعدة معلنة أو خفيّة من رموز الرّجعيّة العربيّة المعادية لكلّ نفس قوميّ أو تحرّري والخادمة لركاب الاستعمار والصّهيونيّة وعلى رأسها نظام السّادات المنقلب على عبد النّاصر وورثته الحاليّون. كلّ هذا يبدو أمرا عاديّا فالشّيء من مأتاه لا يُستغرب، بل ما كان سيدعو للاستغراب هو لو كانت هذه الأطراف قد قامت بغير هذا. أمّا ما يدعو للاستغراب والحيرة في آن هو ما وقعت فيه حتّى بعض القوى الّتي تعتبر نفسها مُعادية للاستعمار ومساندة لحركة التّحرّر العربيّة من خضوع لآلة الدّعاية المعادية لتجد نفسها من حيث تدري أو لا تدري جزءا من هذه الآلة. ففي ما يتعلّق بالنّكسة، أصبح إحياء هذه الذّكرى مناسبة لتضخيم هذه النكسة وتصويرها على أنّها أمّ الهزائم فهي « فاتحة الهزائم » وهي « أعظم من هزيمة… كرّست التّجزئة وضربت مشاريع الوحدة » وهي الّتي « غيّرت موقع القضيّة الفلسطينيّة من المركز إلى الهامش »إلى غير ذلك من العناوين والإيحاءات ( وهي جميعها مأخوذة من العدد206 من جريدة العرب الأسبوعي الصادر يوم 30ماي2009).  أمّا جمال عبد النّاصر فهو القائد الّذي تسبّبت سياساته و »لاءاته » في هزيمة العرب فهو من قرّب المشير عبد الحكيم عامر وفوّض له أمر هندسة الخطط العسكريّة الّتي قادت إلى الهزيمة وهو من اتّسمت سياساته العربيّة بعدم الواقعيّة لأنّه توهّم أنّه قادر على مواجهة الاستعمار والكيان الصّهيوني… إلى آخر ذلك ممّا يتردّد . أمّا المستهدف في كلّ ذلك فهو لا ثورة يوليو ولا عبد النّاصر في ذاته وإنّما المطلوب هو ضرب رمزيّة هذه الثّورة كثورة أمّ لحركة التّحرّر العربيّة وكحالة تأسيسيّة حقيقيّة في المسار الوحدوي للأمّة العربيّة وكنموذج للتّنمية المستقلّة الرّافضة للتّبعيّة وكتجربة في التّحرّر الاجتماعي نابعة من واقع المجتمع نفسه بعيدا عن الولاءات الإيديولوجية العمياء « لقد كان من أعظم الملامح في تجربتنا الفكريّة والرّوحيّة أنّنا لم ننهمك في النّظريّات بحثا عن حياتنا وإنما انهمكنا في حياتنا ذاتها بحثا عن النّظريّات » –جمال عبد الناصر -.   كما أنّ المستهدف أيضا هو رمزيّة عبد النّاصر وشخصيّته الاعتباريّة كرجل دولة حكمته المبادئ الكبرى والقيم العظيمة لأمّته فتصرّف على هديها فلم يُساوم ولم يبحث عن مصلحة شخصيّة أو عائليّة أو حتّى قطريّة ضيّقة بل كان كلّ شيء في سبيل الأمّة وقضيّتها المركزيّة فلسطين. لم يتزعزع إيمان عبد الناصر بقضيّته ومبادئه لحظة حتّى في أقصى درجات الأزمة والتّآمر فخلال العدوان الثّلاثي أعلن عبد الناصر من على منبر الأزهر: » لقد فُرض علينا القتال، لكن باسم شعب مصر.. باسمكم جميعا، أعلن لا أحد يفرض علينا الاستسلام » ويوم حصلت النّكسة كان عبد النّاصر كبيرا حين أعلن مسؤوليّته عمّ حصل وقرّر التّنحي عن الرّئاسة لكنّ جموع شعب مصر وكافّة الأمّة العربيّة أعادته بصوت واحد إلى موقعه القيادي لمعرفتها بصدق الرّجل وإخلاصه… فكان ردّه على كلّ ذلك عبر لاءات الخرطوم أن « لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض » وأنّ « ما أُخذ بالقوّة لا يُستردّ بغير القوّة ». إنّ هذا الاستهداف وهذا التّضخيم في حجم النّكسة، بل وتصويرتاريخ الأمّة العربيّة تاريخ هزائم وخيانات ومن ثمّ فإنّها عاجزة عن تحقيق الانتصارات إنّما هو خطاب استعماريّ وصهيونيّ معادي غايته ضرب كلّ نفس تحرّري أو مقاوم في هذه الأمّة من أجل إحكام السّيطرة عليها بشرا وأرضا وثروة وتدميرها ثقافة وحضارة ومخزونا فكريّا… وهي أهداف تجد للأسف من داخل الأمّة طابورا خامسا من الرّسميّين ومن يصفون أنفسهم بالمعارضة من يعمل على تحقيقها ويساند الأعداء في انجازها. لبّى عبد النّاصر داعي ربّه لكنّ جماهير الأمّة لم تنسه ولم تتنكّر له إنّما بقيت تذكره جيلا بعد جيل كواحد من رموز شموخها وكرامتها ومقاومتها بل إنّ هذا الاعتراف تجاوز حدود الأمّة إلى أحرار العالم في كلّ مكان فهو واحد من ثلاثة أسسوا كتلة عدم الانحياز وهو واحد ممّن ساندوا حركات التّحرّر في كلّ مكان في العالم من إفريقيا إلى أمريكا الجنوبيّة فلاقى ذلك في نفوس هذه الشعوب وعند زعمائها صدى حتّى أنّ الزّعيم شافيز أعلن صراحة بأنّه ناصريّ. كما أنّ روح عبد النّاصر ومبادئ ثورته كانت حاضرة في كلّ نفس مقاوم على الأرض العربيّة من فلسطين إلى لبنان إلى العراق و إلى أيّ شبر من الأرض العربيّة يرفع المقاومة ويرفض الاستسلام. إنّ الأمّة العربيّة أثبتت أنّها أمّة إيمان وطول نفس وصبر ومقاومة مهما تكالب عليها الأعداء وازداد عددهم وتعاظمت شراستهم كما أنّها أمّة الانتصارات والمواعيد الكبرى مع التّاريخ، فعلى الأرض العربيّة مُرّغ أنف الإمبراطورية الأمريكيّة في التّراب، وعلى هذه الأرض أسقط المشروع الشّرق أوسطي وعليها عبثت المقاومة في لبنان وفلسطين بالجيش الصّهيونيّ الّذي قيل أنّه لا يُقهر. إنّ عبد النّاصر وثورة يوليو كرمزين من رموز التّاريخ المشرق لهذه الأمّة قد نجحا في تجاوز كلّ محاولات التّشويه والاجتثاث من الذّاكرة الجماعيّة للأمّة وللإنسانيّة فانجازات الرّجل وثورته أكثر تجذّرا من أن تعصف بها مؤامرات الأعداء.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


في ذكرى عدوان 05 حزيران (جوان) 1967: المقاومة هي طريق العبور من الهزائم إلى النصر


عبد الكريم عمر في الذكرى الثانية الأربعين لهزيمة 5 حزيران(جوان)1967 أريد أن أؤكد أننا من أمة عظيمة لا تستحي من قراءة تاريخها «إن أمة تستحي من قراءة تاريخها لا تستحق الحياة» هكذا قالها القائد المعلم جمال عبد الناصر. نقرأ تاريخ أمتنا العربية المجيدة في انتصاراتها كما في هزائمها في صراعها المرير والمتواصل مع أعدائها من صهيونية وامبريالية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وقوى إقليمية انعزالية مستسلمة. نقرأ تاريخها ليس من اجل جلد الذات رغم أنها تستحق ذلك ولا من أجل لعنة أعدائها وهم ملعونون إلى يوم الدين. بل نقرأ تاريخ أمتنا من موقع الولاء المطلق لها قي تاريخها الممتد من الماضي إلى المستقبل لنستوضح الطريق ونختصره نحو النصر الذي ترقبته هذه الأمة ولازالت تترقبه لأنها تستحقه ألم يقل فيها الله جل جلاله « كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر». يوم 5 حزيران(جوان)1967 شنت دولة العدو الصهيوني مدعومة بالغرب الاستعماري عدوانا غاشما على مصر وسوريا والأردن وقطاع غزة، وخلال ستة أيام انضافت إلى ارض فلسطين المحتلة منذ 1948 أراض عربية محتلة جديدة هي الجولان وسيناء وكل فلسطين. وكانت الهزيمة وانكسرت معها كل المشاعر وحفرت في الداخل هزيمة ساحقة ماحقة يصعب على العقل والقلب تصورها أو تصديقها لأنها جاءت مخالفة لما حملته كل تلك الأيام التي سبقت الحرب والتي كانت تحمل الاستعداد والحماس والخطاب السياسي والعسكري الذي يؤكد أننا في طريق النصر ماضون. لذا جاءت الهزيمة مرة وقاسية وأحدثت صدمة في كل شيء لم نتصورها لأننا كنا نعيش الوهم حقيقة. كنا متأكدين أن قضية فلسطين المغتصبة هي قضية قومية ومسؤولية تحريرها ملقاة على الأمة العربية كلها. لكن لم نكن نعرف كيف ؟ لكن العدو الصهيوني والقوى التي أوجدته كانت تدرك ذلك. فاعتدت بالذات على مصر وسورية اللتين أنجزتا أول وحدة عربية بين قطرين  في تاريخ الأمة الحديث سنة 1958 إيمانا عميقا من قادتها وجماهيرها إن الوحدة العربية أي توظيف كل إمكانيات الأمة البشرية والمادية أو جزءا منها هو الطريق الوحيد نحو التحرير. تأكيدا على ذلك نسال كل الصادقين في أمتنا وهم الأغلبية وبالمنطق الإقليمي (القطري) السائد   إلى ألان هل كانت فيه مشكلة خاصة بين دولة مصر وسورية من جهة ودولة الكيان الصهيوني من جهة أخرى؟هل كانت أراضيهما محتلة ؟ هل كانت سلطاتهما مهدّدة لو استكانتا؟ لقد كانا يعلنان التزامهما واستعدادهما من أجل تحرير فلسطين من خلال دولهم الإقليمية. ولن تتكافأ الأهداف  مع الأدوات القائمة .لذلك كانت هزيمة 5 حزيران 1967 هزيمة النظام الإقليمي العربي الرّسمي  وخياراته. لقد كانت الهزيمة مّرة وقاسية ليس على السلطات الحاكمة فقط وأنظمتها بل ولنا نحن الجماهير العربية لأننا صدّقنا بكل عفويّة أن الأنظمة الإقليمية قادرة على تحقيق النصر في معارك الأمة. لن نجتهد في تحديد المسؤوليّة المباشرة عن الهزيمة لقد أعلنها جمال عبد النّاصر أمام جماهير مصر وجماهير الأمة والعالم»إنني أتحمل المسؤولية كاملة «. انهزمت  الأنظمة الإقليمية والقادة ولم تنهزم  إلا تلك الجموع من جماهير الأمة في كلّ أقطارها التي خرجت عن صمتها في ثورة عارمة من المحيط إلى الخليج رافضة الهزيمة وتطالب بالمقاومة وذلك عندما نزلت تلك الجماهير إلى الشارع يوم 9 و10 جوان 67 تطالب قائدها بعدم التنحي والبقاء في سدّة القيادة . ولأول مرّة في التاريخ تقف الشعوب إلى جانب قائد مهزوم لأنها اختبرته في معاركها الماضية فكان أحد أبنائها البررة وكان قائدها. لقد سخرت هذه الجماهير كل إمكاناتها وطاقاتها وقدراتها  من أجل المعركة مرددة: «حنحارب، حنحارب» وقد شكلت هذه الهبة الجماهيرية بداية الطريق الطويل طريق الانتصار . كانت هزيمة 5 حزيران(جوان) الولادة الجديدة لعبد الناصر قائدا قوميا وهي التي مكنته من بلورة إستراتيجية تختلف كليا مع الاستراتيجيات المتبعة حتى ذلك الحين في إدارة الصراع العربي الصهيوني. فلأول مرة في تاريخ هذا الصراع ترتكز هذه الإستراتيجية على مبدأ حتمية المواجهة الفعلية والاستعداد للحرب من منطلق «أن ما أخد بالقوة لا يسترد بغير القوة» و «أن لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف»، وفي هذا السياق بدأ عبد الناصر في إعداد المسرح لهذه المواجهة على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية . وكان بروز ظاهرة المقاومة والأخذ بمبدأ حرب التحرير الشعبية وحرب الفدائيين. شكل ذلك كله بداية السبيل لتحقيق الانتصار وتغيير المعادلة التي كان يفرضها العدو الصهيوني ارتباطا بتفوقه العسكري وأسلحته المتطوّرة. لذلك فان كسر هذه القاعدة من قبل المقاومة خاصة الفلسطينية – التي وصفها جمال عبد الناصر بأنها: «أنبل ظاهرة في التاريخ العربي الحديث» و»وجدت لتبقى» وحرب الاستنزاف التي اعتمدها الجيش المصري التي ذهب ضحيتها الشهيد البطل عبد المنعم رياض رئيس هيئة أركان الجيش المصري ورئيس غرفة العمليات المشتركة للجيوش العربية – هو الذي مهد لانتصار حرب أكتوبر 1973. هذه المقاومة هي التي مكنت القوى الوطنية اللبنانية من تحقيق انتصارها التاريخي على العدو الصهيوني في الجنوب اللبناني عام 2000 و2006 وهي ذاتها المقاومة التي أجبرت ذات العدو على الانسحاب من قطاع غزة وفشل عدوانه الأخير وهي التي بها ومن خلالها يسطّر الشعب العراقي صفحات مجد على العدوانية الأمريكية في العراق. من منطلق الوفاء والولاء لأمتنا العربية المجيدة نتوجه إليهاوالى النخب السياسية الحاكمة وقوى المعارضة ومنظمات المجتمع الأهلي  بعد إن مرّت إثنان وأربعون عاما على هزيمة 05 حزيران (جوان) 1967 بسؤال كبير: كيف يمكن لنا إن نغادر مواقع أزمتنا ؟ وكيف لنا إن ننتصر ونكمل ما بدأه جمال عبد   الناصر وقوى المقاومة العربية بعد الهزيمة ؟ إننا جميعا شركاء في هذا الوطن الممتد من المحيط إلى الخليج ومصالحنا يجب إن تكون مرتبطة بمصالح الوطن. إن جوهر الهزيمة الآن يكمن في غياب الديمقراطية وحرّية الرأي والرأي الأخر وفي استمرار منع جماهير الأمة العربية من المقاومة والانخراط الفعلي في معاركها ضد الصهيونية والاستعمار والامبريالية. ذلك يتطلب مصالحة وطنية وقومية بين النظم السياسية الحاكمة وشعوبها وقوى المعارضة فيها ومنظمات المجتمع الأهلي أساسها التعددية السياسية الفعلية والشراكة السياسية وفق مبدأ القواسم المشتركة.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)

أشرعة الذاكرة

قانون الولاء ويهوديّة الدولة نهاية الوهم الصهيونيّ


عبد الكريم بن حميدة كلّ عربيّ من سكان فلسطين المحتلة سنة 1948 يرفض الاعتراف بيهودية « إسرائيل » يعاقَب بالسجن عاما كاملا.. وكلّ عربيّ يريد الحصول على بطاقة هويّة « إسرائيلية » مطالَب بأداء قسم الولاء لدولة « إسرائيل ».. وكلّ عربيّ يتجرّأ على إحياء ذكرى النكبة.. فهو معاد لدولة « إسرائيل »، ويستوجب فعله العقاب.. هذه ثلاثة مشاريع قوانين صادق الكنيست « الإسرائيليّ » في القراءة الأولى على بعضها.. ومعنى المصادقة النهائية أنّ « إسرائيل » تستطيع ملاحقة أي عربيّ داخل البلاد وسجنه أو.. ترحيله. صحيح أن ثمّة مشروعي قانونين قد سقطا، ولم يُقرّهما الكنيست. ولكن لا أحد يعرف متى تنضج الظروف الداخليّة لإقرار ما تعذّر إقراره الآن. فالصهاينة يدركون جيّدا أن المشروع الصهيونيّ بدأ يتراجع وينكفئ على نفسه.. ويبدو أنهم أدركوا استحالة إقامة « دولة إسرائيل الكبرى » التي تمتدّ من الفرات إلى النيل.. وأنّ ذلك الحلم الذي غذّته عوامل فلسطينية وعربية ودولية قد تبخّر الآن، ولم يعد جائزا أو معقولا الحديث عن امبراطوريّة صهيونيّة تبني مجدها في غفلة من العرب. وما دام ساسة الصهاينة ومفكّروهم قد اقتنعوا بأنهم كانوا يطاردون وهما، فإنهم الآن يبحثون عن الخروج من حربهم بأخفّ الأضرار.. إنه منطق الأشياء: إذا كان مزيد الكسب ممتنعا فالحكمة تقتضي أن تحافظ على ما في يدك. من الخطأ أن ننزّه بعض الصهاينة، ومن الحمق أن نتحدّث عن صقور وحمائم في الطبقة السياسيّة الصهيونيّة. ومعنى هذا أنّ من الخطأ القول إنّ هذه المشاريع التي عُرضت على الكنيست كانت من صنع اليمين المتطرّف، أو إنّ هذه النزعة العنصريّة تنامت بوجود حكومة يمينيّة متطرّفة.. كلا..فالجميع في « إسرائيل » سواء..   إنهم يدركون اليوم -وقبل غيرهم- أنّ المشروع الصهيونيّ وصل إلى نهايته المحتومة، وأنّ إغلاق أبواب البيت على ساكنيه قد يجنّبهم الرياح العاتية، ويمكّنهم من جرعة « أوكسيجين » تطيل أمد بقائهم. ولكنّهم يعلمون يقينا أنّ دولتهم آيلة إلى زوال مهما بدا عليها من علامات القوّة وأمارات الفتوّة.. شاخت دولتهم قبل أن يتاح لها ولحكّامها أن يبنوا امبراطوريّتهم.. ويستحمّوا في مياه النيل والفرات.. لقد كان وجودها مصطنعا.. وبقاؤها مصطنعا.. ولهذا فسيكون استمرارها لفترة قادمة أشبه بالمريض الذي يتنفّس بفضل شبكة الآلات والأسلاك الصناعيّة.. وجودها سيكون كوجود أرييل شارون الممدّد على فراش الموت منذ سنوات.. هو عبء على المستشفى الذي يؤويه.. وعبء على عائلته التي لا تتحمّل دفع تكاليف علاجه، فتتمسّك ببقائه في المستشفى. وكذلك ستصبح هذه الدولة عبئا على الذين ساندوها بالمال، وأمدّوها بالسلاح، ووقفوا إلى جانبها في كلّ المحافل.. في التاريخ القريب أمثلة متعدّدة على تقلّص الحلم الصهيونيّ وانكفائه: الانسحاب من جنوب لبنان، والانسحاب من غزة، وبناء الجدار العازل.. وأخيرا اشتراط يهودية الدولة وقسم الولاء.. ومن يدري عمّ سيتفتّق العقل الصهيوني في محاولاته اليائسة لإبقاء الحلم ولو في أضيق حدوده. إن التبشير بنهاية الحلم الصهيونيّ لا يجب أن تكون عامل تواكل واستكانة إلى الدعة. بل علينا أن نتذكّر جيّدا أن هذه النتيجة التي آل إليها المشروع الصهيونيّ ما كانت لتحصل لولا تضحيات الفلسطينيّين والعرب وتمسّكهم بأرضهم وعدم خضوعهم للمساومات والابتزاز الرخيص.. فلقد دفع الفلسطينيّون ثمنا باهظا في سبيل المحافظة على الحقوق وعدم تمكين المغتصب من شرعيّة امتلاكه للأرض التي اغتصبها. كما أن الدماء العربيّة الزكيّة روّت أرض فلسطين منذ بدأت فصول المعركة.     لقد استطاعت المقاومة الفلسطينيّة والعربيّة بكل أطيافها أن تحوّل الحلم الصهيونيّ بامتلاك الأرض وانتزاع الاعتراف والشرعيّة إلى سراب ظلّ الصهاينة يطاردونه عبر عقود.. وهي بهذا الصمود الأسطوريّ إنّما تقدّم درسا للعدوّ.. وللشقيق أيضا حتّى يستفيق من غفلته ويرفع الغشاوة عن عينيه، فيرى الحقيقة عارية كما هي ويتأكّد أن نهج الممانعة وحده كفيل بخنق المشروع الصهيونيّ ووأده.. وأن النصر آت بلا ريب إذا أحسنّا قراءة الوقائع وحرصنا على استثمارها لمصلحتنا وآمنّا أنّ منعتنا وكبرياءنا واستقلالنا في بندقيّتنا.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)  


فياض…. نسخة لحد المشوهة

صالح النعامي لازال قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يذكرون ردة فعل رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت الغاضبة عندما أبلغه قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية جاد شماني قبل عامين أن الجهود المبذولة لتصفية محمد السمان قائد  » كتائب عز الدين القسام « ، الجناح العسكري لحركة حماس في شمال الضفة الغربية باءت بالفشل الذريع. وكما تؤكد المصادر الإسرائيلية فإن غضب أولمرت الكبير يعود لقائمة العمليات الفدائية التي نفذها السمان أو أشرف على تنفيذها. ليلة السبت الماضي كان هناك سبباً وجيهاً يدعو قادة المؤسسة الأمنية في إسرائيل للشعور بالإرتياح الشديد، فقد تمت تصفية السمان أخيراً، لكن على أيدي قوى الأمن التابعة لحكومة سلام فياض.  » إنجاز عظيم  » وقد امتدح الجيش الإسرائيلي ما أسماه  » الإنجاز العظيم  » لأجهزة أمن السلطة، حيث نقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية الأحد الماضي عن مصدر عسكري كبير قوله أن السمان كان مسؤولاً  عن عمليات  » رهيبة  » ضد إسرائيل. واعتبر المصدر أن تصفية السمان تحديداً من قبل أجهزة أمن السلطة تكتسب أهمية خاصة  » لأنه يعكس الشوط الكبير الذي قطعته السلطة في القيام بدورها الأمني بالتنسيق مع إسرائيل « ، على حد تعبيره.ولم يفت المصدر التذكير مجدداً بأن السمان كان مطلوبا للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وحاول الجيش الإسرائيلي قتله أو اعتقاله عدة مرات وفشل في ذلك. وإن كانت كل  » شهادات حسن السلوك والتقدير  » الإسرائيلية هذه لا تكفي، فإن نائب وزير الحرب الإسرائيلي الجنرال متان فلنائي لم يستبعد أن يقوم الجيش الإسرائيلي بتقليص قواته في الضفة الغربية بشكل كبير في ظل الدلائل الكثيرة التي تؤكد أن قوى الأمن التابعة لحكومة سلام فياض تقوم بدور هائل في مواجهة  » الحركات الإرهابية  » الفلسطينية. وأضاف فلنائي في مداخلة أمام الكنيست الإثنين الماضي قائلاً  » حتى في أكثر أحلامنا وردية لم نكن نتوقع أن يأتي اليوم الذي يقوم الفلسطينيون أنفسهم بتصفية العناصر التي تهدد الأمن الإسرائيلي « ، على حد تعبيره.  » إقرار الشيخ  » المديح والإطراء الإسرائيلي جعل قادة السلطة يخرجون عن طورهم، وأخذوا  » يتفاخرون  » بما ارتكبوه من جريمة نكراء. فهذا هو حسين الشيخ خليل المسئول عن التنسيق والإرتباط مع إسرائيل يتباهى في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الأحد الماضي بـ  » الإنجاز الكبير  » المتمثل في تصفية السمان، قائلاً أن تصفيته  » جاءت لأنه كان يمثل تهديداً للإتفاقيات والتفاهمات التي توصلت إليها السلطة مع إسرائيل، متوعداً بمصير مماثل لكل فلسطيني يشكل تهديداً لإسرائيل، حيث قال بالحرف الواحد « من يهدد الأمن ومن يخرق ويخرج عن القانون سيتم ملاحقته إما بالإعتقال أو التصفية « . وماذا عن المستوطنين؟ أن شعوراً بالذهول ينتاب المرء وهو يشاهد ويسمع ويلاحظ ما تقوم به أجهزة أمن فياض في الضفة الغربية من دور خياني صرف بدون أي قدر من الخجل أو حتى محاولة التمويه، وبشكل منفصل عن أي قيمة وطنية. فعندما يدعي فياض وأركان حكومته أن تصفية السمان تأتي ضمن الوفاء بإلتزاماتهم الأمنية تجاه الكيان الصهيوني وخدمة  » للمصلحة الوطنية « ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل من المصلحة الوطنية تقديم رؤوس القاومة للكيان الصهيوني الذي يواصل الإستيطان والتهويد والتوسع، هل من المصلحة الوطنية مكافأة نتنياهو على رفضه الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية…….أي وطنية تلك التي تدفع فياض لتصفية المقاومين في الوقت الذي يسقط فيه أبناء الشعب الفلسطيني قتلى وجرحى برصاص سوائب المستوطنين…….أليس بالأجدر بفياض أن يرسل قواته لمنع المستوطنين من التنكيل بالفلسطينيين في قرى نابلس وحرق محاصيلهم وجعلها مشاعاً لقطعان الخنازير التي يقوم المستوطنون بجلبها لتعيث فساداً  بحماية الجيش الإسرائيلي……..أي مسوغ لهذه الجريمة التي ترتكب في الوقت الذي تؤكد فيها المخابرات الإسرائيلية أن المتطرفين اليهود يخططون وبوتيرة عالية للمس بالمسجد الأقصى. أن فياض يعي في قرارة نفسه أن ما يقوم به لا يخدم إلا الأجندة الصهيونية في نسختها الأكثر تطرفاً وتشدداً، لكنه منطق  » الناطور  » ليس إلا. لكن لو افترضنا جدلاً أن فياض يؤمن بما يقول فإننا ننصحه بأن يستمع لما تقوله شخصية صهيونية ذات تجربة عميقة، وهو رئيس حركة ميريتس الأسبق يوسي ساريد، الذي شغل منصب وزير التعليم في السابق، والذي علق في حديث مع إذاعة الجيش الإسرائيلي صباح الإثنين الماضي على عملية تصفية السمان، حيث قال ساريد بالحرف الواحد  » حتى لو قام فياض وعباس بتقديم رؤوس جميع قادة حماس والجهاد الإسلامي على طبق من فضة لنتنياهو، فلن يحصلا إلا على السراب « ، على حد تعبيره. نفاق اليسار أن كان المرء لا يتوقع من فياض غير هذا السلوك، فإنه مما لا يمكن قبوله وتفهمه هو ردود بعض قادة الفصائل الذين استحكم فيهم النفاق والإزدواجية والذين كل ما يعنيهم العوائد المالية التي يحصلون عليها من عباس وسلطته. فالكثير من أبواق النفاق فيما يسمى زوراً  » باليسار الفلسطيني  » ربطوا عملية تصفية السمان بالإنقسام الداخلي، وهذا الزعم يعادل الجريمة ذاتها، وكأنه لو لم يحدث الإنقسام لما أقدمت حكومة فياض على هذه الجريمة، مع أنهم يعون أن حكومة فياض تعكف على تطبيق أجندة محددة، وليس ضمن هذه الأجندة تحقيق توافق وطني فلسطيني. كان الأجدر بفياض أن يعتبر بما جرى لأنطوان لحد زعيم عصابة العملاء في جنوب لبنان الذي خدم إسرائيل لأكثر من 30 عاما، وها هو يقول مؤخراً أنه يندم على كل لحظة خدم فيها هذا الكيان  » الذي يرمي بالمتعاونين معه في حاويات القمامة « ، على حد تعبيره. على ما يبدو فإن فياض لن يعتبر لأنه النسخة  الفلسطينية المشوهة للحد.   طالع بقية المقالات على موقع صالح النعاميwww.naamy.net   بريد الكتروني Saleh1000@hotmail.com   هاتف: 00970599404726  http://www.naamy.net  


د. هدى درويش: دفاع أوباما عن الحجاب دليل على مسار الإدارة الأمريكية في اتجاه جديد

د. سامية مشالي لا شك أن خطاب الرئيس الأمريكي، بارك حسين أوباما، مؤخرا، أثار حالة من الجدل بخصوص حديثة المتكرر ضمن هذا الخطاب، والذي توجه به للعالم الإسلامي من تحت قبة جامعة القاهرة عن الحجاب ودفاعه عن الزى الإسلامي وحرية ارتدائه، « لها أون لاين » أجرت حوارا تحليليا لخطاب أوباما، وما أثاره بخصوص حجاب المرأة المسلمة مع الدكتورة هدى درويش، رئيس قسم الأديان المقارنة بجامعة الزقازيق ومدير مركز الدراسات الإسرائيلية، فإلى نص الحوار: * في البداية، كيف يمكن لنا أن نفهم المعادلة بين أوباما والحجاب، وهل حقيقي هذا التعاطف مع هذه القضية؟ **  دفاع الرئيس الأمريكي، بارك أوباما عن الحجاب دليل حقيقي على جديد الإدارة الأمريكية في هذا الشأن، ولتأكيد ذلك، لابد من طرح تساؤل حول كيفية تفسير وقوف الرئيس الأمريكي عند قضية مثل الحجاب، وحديثه عن الحظر الذي يتعرض له هذا الحجاب في بعض دولنا العربية دون أن يسمي هذه الدول، وانتقاده في نفس الوقت أن تقوم دولة غربية بفرض ثياب معينة ترتديها المرأة المسلم، مؤكدا أنه ينبغي عدم إخفاء العداء حيال ديانة معينة تحت ستار ادعاء الليبرالية، وفي ذلك قال: « من الأهمية بمكان أن تمتنع البلدان الغربية عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهم من التعبير عن دينهم على النحو الذي يعتبرونه مناسباً، فعلى سبيل المثال عن طريق فرض الثياب التي ينبغي على المرأة المسلمة أن ترتديها إننا ببساطة لا نستطيع التظاهر بالليبرالية عن طريق التستر على معاداة أي دين ». * وهل تتوقعين تغيراً ملحوظاً في التعامل مع المحجبات بعد خطاب أوباما الشهير؟ ** لا شك سوف يكون هناك تغير ملحوظ في التعامل مع قضية الحجاب والمحجبات في كل مكان بعد خطاب الرئيس الأمريكي، فأوباما كان رافضا لأي تفرقة على أساس ارتداء الحجاب، وأن يكون الحجاب عائقا في طريق المرأة، ومما قاله في خطبته الشهيرة: » أرفض الرأي الذي يعبر عنه البعض في الغرب ويعتبر المرأة التي تختار غطاء لشعرها أقل شأنا من غيرها ولكنني أعتقد أن المرأة التي تحرم من التعليم تحرم كذلك من المساواة وأن البلدان التي تحصل فيها المرأة على تعليم جيد هي غالبا بلدان تتمتع بقدر أكبر من الرفاهية وهذا ليس من باب الصدفة ». * يبقي كلام الرئيس الأمريكي شعارات بخصوص ما ذكره بشأن الحجاب دون أن يكون هناك مضمون ينبني عليه عمل؟ ** أختلف معك فيما ذهبت إليه ودليل في ذلك حديث أوباما عن أن الحكومة الأمريكية لجأت إلى القضاء  لحماية حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يريدون أن ينكروا عليهن هذا الحق، وفي ذلك قال « : لا يمكن فصل الحرية في أميركا عن حرية إقامة الشعائر الدينية …. وهو السبب وراء خوض الحكومة الأميركية إجراءات المقاضاة من أجل صون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن من ذلك الحق. * هل هناك من دلائل يمكن أن تؤكدي من خلالها أن طرح أوباما بشأن الحجاب حقيقي ولم يكن شعارات؟ ** نعم وهذا واضح من خلال حديثه.. احترامه وتوقيره لمسجد السلطان حسن العريق،  حين قامت وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، التي صاحبته في زيارته  بتغطية رأسها بالحجاب وهو ما يشكل  رسالة عالمية إلى كل المجتمعات الغربية والحكومات التي تفتعل المشاكل ضد المحجبات. * ولكن برتوكول الزيارة يفرض تغطية هلاري رأسها أثناء زيارة مسجد السلطان حسن؟ ** وحتى إذا كان ذلك فهو مما يؤكد مصداقية تصريحات أوباما حول حرية الحجاب فإنه للمرة الأولى دخلت أميركية مسلمة محجبة إلى البيت الأبيض كمستشارة مسلمة للرئيس في البيت الأبيض، وهي داليا مجاهد المنحدرة من أصل مصري. * ما الرسالة التي تريدين توجيهها للرئيس الأمريكي بشأن خطابه وما ذهب إليه بشأن الحجاب؟ ** أتوجه بتحية خاصة للرئيس الأمريكي، لموقفه  المدافع  عن حقوق المرأة المسلمة في مجتمعات العالم، وما قاله أوباما يعد سابقة من نوعها  كرئيس أمريكي يقف في خطاب موجه إلى العالم مدافعا عن حق المرأة في ارتداء الحجاب ورافضا بشدة الآراء حول حظره أو مناهضته . * ذكرت في أحد كتبك عن الحجاب في الأديان  أن الحجاب من الأمور التي أكدت عليها الأديان السماوية..  ما دليلك على ذلك؟ ** مما لا يعلمه الكثيرون أن اليهودية حضت على الحجاب، فقد جاء في الإصحاح الثالث من سفر إشعيا « أن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن » . وهناك بعض اليهود المتشددين يحذرون المرأة من سيرها في المنزل دون غطاء على رأسها ويستشهدون على ذلك بقصة المرأة التي خرج من أحشائها سبعة من الكهنة الكبار بسبب تقواها لأن جدران منزلها لم تر شعر رأسها، فطبقا لقواعد الاحتشام في اليهودية فقد ظهرت لافتات في شارع « ها أدمو مويشا » في « بنى باراك » بإسرائيل المزدحم دائما بالمارة وذلك في مايو 2004م  كتب عليها : « إصلاح مخالفات الشريعة » وتقضى هذه اللافتات بتنظيم سير الرجال والنساء في الشارع ، حيث قضت بأن يسير الرجال في جانب من الطريق، والنساء في الجانب الآخر، وتم تنفيذ هذا الإعلان بناء على قرار محكمة « الطائفة » بهدف الحفاظ على قواعد الاحتشام حسب الشريعة اليهودية. كذلك فإن الأصوليين الحديثين يقومون بمنع السياحة المشتركة بين الرجال والنساء، وفى مراسم الزواج يفصلون بين النساء والرجال . وأيضا فإن طائفة « الحريديم » في إسرائيل تضع قوانين صارمة على النساء حيث تمنع ارتداء النساء لباروكات الشعر وأصدروا فتوى تقضى باستبدال الشعر المستعار بطرحة أو قبعة . كما ظهرت طائفة من اليهود تنتشر في الولايات المتحدة وإسرائيل وهى طائفة « الحسيدية » وهذه الطائفة تفرض على نسائها ارتداء لباس طويل ذي أكمام طويلة بالإضافة إلى غطاء الرأس خاصة المتزوجات والبعض منهن يرتدون قبعات خاصة وبعضهن يرتدين شعرا مستعارا على الرغم من تحريم الحسيديم له . أما في المسيحية فيذكر العهد الجديد  في رسالة الرسول « بولس » إلى كنيسة « كورونثوس »: أن المرأة التي لا تغطي شعرها فإنها تشين رأسها ويجب عليها أن تقصه، وحلق الشعر أو قصه في المسيحية يعد في حد ذاته عقابًا لها لأن شعرها هو مجدها ومن القبح أن تفقد مجدها. كما أن تغطية الزوجة لرأسها تعد دليلا على خضوعها لسلطة زوجها ويعد شرفا لها ، ويذكر بولس الرسول متعجبا ومتسائلا في أمر تلك المرأة التي تكشف شعرها بقوله: احكموا في أنفسكم هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وتخاطبه وهى غير مغطاة؟ ويفسر اللاهوتيون عبارة الرسول « بولس » التي جاء فيها « ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها من أجل الملائكة فيقولون أن الملائكة الأطهار يحضرون اجتماعات الكنيسة ويسرون بكل ما يتفق مع النظام واللياقة ويحزنون لكل ما لا يتوافق مع هذا النظام، وغطاء شعر المرأة من أمور اللياقة والعفاف والحشمة ؛ لذا وجب عليها وضع غطاء على شعرها كي تسر بها الملائكة لخضوعها للنظام الإلهي . ويذكر « بولس » الرسول فى رسالته لـ « تيموثاوس » : أن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلىء أو ملابس كثيرة الثمن ، بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة. هذا بخلاف ما جاء به الإسلام بهذا الخصوص من نصوص كثيرة تدعو إلى الحشمة والوقار.
(المصدر: موقع لها أونلاين  الإلكتروني بتاريخ 6 جوان 2009) http://www.lahaonline.com/index.php?option=content&task=view&sectionid=1&id=16292  

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.