الأحد، 7 يونيو 2009

 

TUNISNEWS

9 ème année, N 3302 du 07.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


كلمة:المرصد الوطني لحرية الصحافة يتسلم جائزة الإتحاد الدولي للناشرين

عبدالسلام الككلي:المؤتمر الثالث للاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة تجديد الثقة في المكتب المتخلي

السياسة:طعن قضائي على اثر صدور النظام الداخلي للمحامين التونسيّين

عريضة وطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين-  تحديث 07 – 06 – 2009

كلمة:نقابة الصحفيين توضيحات ومواقف

نورالدين المباركي:النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين :أزمة حقيقيّة..أم أزمة مفتعلة؟

البديـل عاجل:الحوض المنجمي:عام على المجزرة

كلمة:سنة كاملة على اندلاع المواجهات بمنطقة الحوض المنجمي

البديـل عاجل:الحوض المنجمي:حذار من تقهقر الأوضاع مجددا

كلمة:وحدة تعليم الكبار بجندوبة تطرد عشرات المدرسين وترفض تسديد رواتبهم

نقابي من سليانة: رسالة مفتوحة إلى الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل:لقد جعلت القوانين لتخترق

كلمة:ناقوس الخطر يدق أبواب عمال فنادق الحمامات

الوطن:بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية فقدان أكثر من 700 موطن شغل في قطاع النسيج خلال الأشهر الأربعة الأخيرة

كلمة:المجامــع المائية بجندوبــة تدخل دائرة العجز

محمد رضا سويسي :العمل البلدي بين خدمة المواطن والتّوظيف السّياسي الضّيق

الوطن:جبنيانة :مدينة تتلاشى، ضمّدوا جراحها لتستعيد عافيتها من جديد

هيكل سلامة:على موقع « الفايس بوك »: انتهاكات في حق الطفولة البريئة

عبد الفتاح كحولي:المسألة الشبابية في الخطاب السياسي بين الفهم والتوظيف

الوطن:في القسم الاستعجالي لمستشفى » شارل نيكول » انتظار …لا مبالاة…وفوضى شعارها « ذراعك يا علاف »

كمال الساكري: كيف تستعيد البكالوريا سطوتها في ظلّ تراجع قيمتها العلمية والاجتماعية؟

الشروق:حالة نادرة في تونــــس: رجل لم يذق طعم النوم منذ 21 عاما!

نور الدين العويديدي:صغير متناهي الصغر.. أكبر من الكبراء!

موقع الشيخ راشد الغنوشي :أخبار الشيخ – في الذكرى 556 لفتح القسطنطينية

محمد شمام :تصحيحات ضرورية بمناسبة إحياء ذكرى الإعلان الـ(28) عن حركة الإتجاه الإسلامي (النهضة)

محمد العيد الأدب : من وحي غرة جوان 1959:إرادة شعب

المولدي الشاوش:اللغة العربية تتحدّى…( الجزء الأول)

الهادي غيلوفي  :  قراءة في كتاب سالم لبيض الهوية: الإسلام ،العروبة ، التونسة

محمد رضا الأجهوري:دراسـة: إشكالية السلطة والحرية أية مرجعية فكرية؟ (1-2)

العجمي الوريمي :الكويت من ديمقراطية التحرير إلى ديمقراطية ما بعد آل بوش

 د.أحمد القديدي:حروب بوش كانت صليبية و اليوم تجلّت الحقائق

د. عزمي بشارة:من القاهرة مع خالص الحب

د.الطيب بيتي العلوي :البراغماتية  المتعددة الأوجه « للخطاب الأوبامي » أوسياسة « العرض » رسالة بالبريد المستعجل  للشاعر أحمد مطر .. مِن أوباما..


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


المرصد الوطني لحرية الصحافة يتسلم جائزة الإتحاد الدولي للناشرين


 sihem سلم السيد « هرمان شبرويت » رئيس الإتحاد الدولي للناشرين يوم الخميس 4 جوان 2009 جائزة حرية النشر لوفد المرصد الوطني لحرية النشر والصحافة والإبداع متمثلا في أعضائه المؤسسين: الدكتور محمد الطالبي والسيدة نزيهة رجيبة « أم زياد » والسيدة سهام بن سدرين وذلك في قلعة « أوسكارز بورق » بجزيرة قريبة من أوسلو، في حفل حضره حوالي 500 شخصية من المشاركين في المنتدى العالمي لحرية الرأي والتعبير. وقد ألقى الدكتور محمد الطالبي كلمة عن وضع حرية التعبير في تونس والتي شبهها « بالقولاق » الروسي (منفى المفكرين). كما صرح السيد « ألكسي كوريان » مدير برنامج حرية النشر لراديو كلمة، أنه لا توجد في تونس حرية تعبير أو حرية تجمع ولذلك تم أسناد الجائزة للمرصد الذي يوفر باستمرار معلومات حول الرقابة في تونس. كما أضاف بأن المرصد جمعية غير معترف بها في تونس ويعمل في ظروف صعبة، وقال بأن أكبر دليل على ذلك أن السفارة التونسية بسويسرا احتجت على تسليم الجائزة للمرصد الذي قالت بأنه غير موجود، وهو ماعتبره أكبر دليل على أحقية إسناد الجائزة للمرصد.  (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 5 جوان 2009)

المؤتمر الثالث للاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة تجديد الثقة في المكتب المتخلي

  


انعقد المؤتمر الثالث العادي للاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة يوم  1جوان بمقر الاتحاد الجهوي تحت إشراف ثلة من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني وعلى رأسهم عبد السلام جراد الأمين العام للاتحاد وبرئاسة رضا بو زريبة الأمين العام المساعد المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية . وقد افتتح الأمين العام المؤتمر بكلمة تناول فيها القضايا الكبرى التي تشغل الاتحاد، مؤكدا بالخصوص على ضرورة مزيد إرساء قواعد العمل الديمقراطي داخل الاتحاد وقال إن المنظمة حين ترفع شعار الديمقراطية فهي لا ترفعه للتغني به بل لتجسمه على ارض الواقع و من خلال محطاتها الانتخابية خاصة . وقال أيضا إن الديمقراطية داخل الاتحاد  لا تنفع المنظمة الشغيلة فحسب بل هي دروس تقدمها إلى غير الاتحاديين ممن هم في حاجة إلى استلهام قيمها والاستنارة بمبادئها . وأكد أن الاتحاد ليس منظمة فئوية بل هو منظمة وطنية يهمها إرساء دولة القانون و مبادئ حقوق الإنسان . ومن هذا المنطلق أكد على وقوف النقابيين مع الرابطة معتبرا إياها مكسبا وطنيا لا يمكن التفريط فيه وطالب بإيجاد حل لأزمتها التي طالت.كما تعرض أيضا إلى مشكلة الحوض المنجمي مؤكدا أن هذه القضية مرتبطة بمنوال تنمية سيئ ، لحق من جرائه إجحاف بمناطق الحوض التي تعيش أوضاعا مزرية وبطالة عاصفة وخاصة لدى حاملي الشهائد العليا . وأضاف أن المنظمة  تتابع هذه القضية عن كثب ولن يهدأ لها بال قبل إطلاق سراح المساجين . كما تعرض الأمين العام إلى مشكل المفاوضات  الاجتماعية التي لم ترتبط كما ذكر  بالأجور فحسب ولكنها تناولت أيضا كل ما يتصل بضرورة إرساء منظومة شغلية تحترم حق الشغالين في عمل دائم .وفي ما يخص موضوع احترام الحق النقابي تحدث الأمين العام بإسهاب عن حق النقابيين في الاجتماع في مقرات العمل وخاصة في مؤسسات التعليم ووعد بأن الاتحاد سيجد قريبا حلا لهذه المشكلة . وتناول الأمين العام أيضا معضلة المناولة التي اعتبرها متاجرة باليد العاملة وشكلا من أشكال العبودية كما رفض ما أسماه بالشكل الجديد من المناولة الذي قد تعرفه البلاد قريبا وهو ما يسمى بالمكاتب الخاصة بالتشغيل . وفي باب الجباية قال الأمين العام إن الاتحاد منكب بواسطة خبرائه على إعداد ملف حول الموضوع ،  الغاية منه إضفاء مزيد الشفافية على مساهمة المواطن في ميزانية الدولة . وقال إنه من غير المقبول ولا المعقول أن يتحمل الموظفون والأجراء وحدهم بواسطة الاقتطاع المباشر مسؤولية تغذية الخزانة العامة. ثم تناول الكلمة الكاتب العام المتخلي للاتحاد الجهوي بمنوبة مصطفى المديني ، فذكر من خلال التقرير الأدبي الذي أعده المكتب المتخلي والذي تلاه هو نفسه إن واقع الجهة وخصوصيتها تتمثل في غلق المؤسسات والتسريح وانسداد آفاق التشغيل وعرقلة العمل النقابي وقال إن هذا الواقع حتم على اتحاد منوبة عديد النضالات المتنوعة والتي تراعي قدرات كل قطاع واستعداداته . وفي هذا  الإطار تتنزل  الاجتماعات العامة وندوات الإطارات التي ارتبطت بمسائل حساسة مثل الحق النقابي والتراجع في الاتفاقيات والتنكر للمكاسب والطرد والتسريح وغلق المؤسسات والتأخير في تسديد الأجور ورفض التفاوض والحوار. وبعد المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي فتح باب النقاش الذي كان ثريا وصريحا فقد تداول على الكلمة أكثر من عشرين متدخلا من جملة حوالي ثمانين مؤتمريا حاول اغلبهم تقييم عمل المكتب المتخلي . وقد اعتبر البعض منهم أن المكتب التنفيذي المتخلي كان خير سند للعمال في جهة يمثل فيها القطاع الخاص – بكل مشاكله المرتبطة   بغطرسة الأعراف  وعدم احترامهم لمقاييس الإنتاج وظروف الصحة والسلامة المهنية والحق النقابي –  ثقلا خاصا وذلك من خلال تأطير الإضرابات والاعتصامات . ولكن هناك من أكد أيضا أن العمل النقابي في جهة منوبة يحتاج إلى دماء جديدة و أشار الى أن مواجهة المكتب لمشاكل العمال في القطاع الخاص كان ينقصها الحرفية محملين إياه مسؤولية إغلاق بعض المؤسسات وذلك جراء اعتصامات غير مدروسة ورأوا أن الجهة تفتقر إلى مفاوضين عارفين بقوانين الشغل .كما أكد بعض المتدخلين  على أن شعار الممارسة النقابية الديمقراطية الذي ترفعه المنظمة لم يتحقق بعد داخلها وذلك لأنه ليس للبعض القدرة على احترام رأي الأغلبية إذ تحركهم أغراض ومنافع شخصية  ورغبة في الزعامة  وإصرار على القيادة سواء أكانوا مؤهلين لهما  أو لا . كما أثار بعض المتخلين مشكلة الحوض واعتبروا أن الحل لا يمكن أن يكون أمنيا أو قضائيا . وقد  استرعى موضوع الحق النقابي اهتمام رجال التربية خاصة إذ أكد المعلمون وأساتذة الثانوي على رفضهم للاتفاق الذي أمضاه الاتحاد مع الحكومة والذي يلزمهم بطلب تأشيرة مدير المؤسسة على كل مناشيرهم ومعلقاتهم  .كما تناول ممثل التعليم العالي مشكل التمثيل النقابي في الجامعة محملا المسؤولية كاملة للاتحاد في ما يمكن أن يؤول إليه العمل النقابي في الجامعة من ضعف وتدهور واعتبر أن إمضاء امضاء أعضاء من المكتب التنفيذي الوطني على اتفاقية الزيادات الخصوصية مصادرة لإرادة القطاع  .وعموما فقد كان الحوار متحمسا أحيانا ولكنه كان مثمرا  ،ساده كثير من الانضباط والمسؤولية . وقد انتهى المؤتمر بانتخاب مكتب جديد رجع فيه إلى المسؤولية سبعة من المكتب القديم مع دخول عنصريين جيدين الى تركيبته . وقد آلت الكتابة العامة بعد توزيع المسؤوليات إلى الكاتب العام المتخلي مصطفى المديني .  عبدالسلام الككلي   الموقف العدد بتاريخ 5 جوان


طعن قضائي على اثر صدور النظام الداخلي للمحامين التونسيّين

 

 « التزامات مهنية » تمنع رئيس فرع تونس من تقديم أية تصريحات صحفية !! الأستاذ الشارني يتحدث لـ »السياسية »: المشروع لم يحترم قواعد التصويت الديمقراطي مشروع النظام الداخلي جاء « خدمة لمصالح  انتخابية وشخصية ضيقة ولم يتم التصويت عليه في ظروف طبيعة

 في خطوة جدية هي الأولى من نوعها بعد الجلسة العامة للمحامين التي تم خلالها « المصادقة » على مشروع النظام الداخلي المنظم لمهنة المحامين بتاريخ 9 ماي 2009 علمت « السياسيّة » أنّ الأستاذ محمد الهادي العبيدي تقدّم بطعن قضائيّ لوقف تنفيذ المشروع المذكور. وفي تصريح لـ »السياسيّة » قال المحامي والناشط الحقوقي منذر الشارني أنّ مشروع النظام الداخلي للمحامين لم يحترم قواعد التصويت الديمقراطي ، ويضيف الأستاذ منذر الشارني بأنه، وبعد اطلاعه على محضر الجلسة العامة وجد بأنه لم يحصي عدد المصوتين سواء لصالح المشروع أو ضده مما جعله يتحفظ على مشروع النظام الداخلي. هذا الأمر لا يتفق معه عميد المحامين الأستاذ البشير الصيد الذي أدلى في وقت سابق بتصريحات لجريدة الشعب (أسبوعية- نقابية) عدد خلالها عدد المصوتين ضد المشروع والذين أحصاهم في حدود  » لا تفوق 30 أو 40 محاميا »! معتبرا إياهم بــ »النزر القليل ». وفي سياق التصريحات ذاتها التي أدلى بها عميد المحامين لجريدة الشعب، والتي نشرتها « السياسية » كاملة، أكد على أن هذا المشروع « أصبح قانونا معمولا به منذ غرة جوان 2009 » غير أن الطعن القضائي الذي تقدم به الأستاذ محمد الهادي العبيدي يبطل، حسب الناشط الحقوقي منذر الشارني، سريان تنفيذه إلى حين يفصل القضاء في هذه القضية. وفي ذات السياق، تتواصل سلسلة البرامج التلفزية « الحق معاك » و « بالمكشوف » الصادرة عن الشركة الخاصة للإنتاج الإعلامي »كاكتيس برود » التي يشرف عليها المنتج التلفزي سامي الفهري وتشرّك في حصصها محامين بعقود عمل مطولة مما يخالف الفصل العاشر للقانون الداخلي الجديد للمحامين الذي وضحه عميد المحامين بقوله  » الفصل 10 من النظام الداخلي أكد جملة من الضوابط من بينها أن تكون المشاركة بصفة استثنائية لا دائمة وان يتم إعلام العميد بالمشاركة في أي برنامج إعلامي على أن يكون الإعلام كتابيا ».  كما حدد النظام الداخلي حدود استعمال المحامي للمواقع الالكترونية عند الإشهار بنفسه والتعريف بكفاءته واختصاصه والتي رأى السيد بشير الصيد أن عليها أن تكون في « الحدود الأخلاقية » ولا تنزل إلى مستوى ارتكاب تجاوزات قانونية والتعدي على أخلاقيات المهنة وتقاليدها. هذا ويرى الأستاذ الشارني أنه كان من المفروض التعمق في دراسة هذا الفصل وفي مسألة الإشهار والشفافية المالية قبل تحديده وانجازه. وعموما يعتبر الأستاذ الشارني أن مشروع النظام الداخلي بصياغته الحالية جاء « خدمة لمصالح  انتخابوية وشخصية ضيقة ولم يتم التصويت عليه في ظروف طبيعة حيث اتسمت مجرياته بنوع من الفوضى » تحتم حسب رأيه تأجيل التصويت عليه في جلسة أخرى على أقل تقدير. ويضيف بأن فصول القانون الجديد جاءت لتثقل كاهل المحامي بالواجبات تجاه جميع الجهات التي يتعامل معها إذ أنه لم يركز، حسب رأيه، على حقوق المحامي بقدر ما ركز على واجباته. ويوضح بأن النظام الداخلي بشكله الحالي غير ملزم إلا للمحامين ولا يمكن تطبيقه على الجهات التي يتعامل معها المحامي إلا إذا اتخذ شكل قرار تشريعي مصادق عليه من قبل مجلس النواب والسلطة التنفيذية مثلما هو الحال في فرنسا. وفي سياق متصل، ولمعرفة رأيه في الاتهامات التي وجهها له عميد المحامين في تصريحاته السابقة، اتصلت « السياسية » بالأستاذ عبد الستار الكيلاني رئيس فرع تونس التابع لعمادة المحامين من أجل معرفة رأيه في انتقادات العميد لأدائه صلب الفرع إلا أنه رفض بشدة إمدادنا بآرائه في هذا الموضوع بحجة وجود التزامات مهنية تمنعه من تقديم أية تصريحات. 
(المصدر: صحيفة « السياسة » (يومية – الكويت) الصادرة يوم 7 جوان   2009)


عريضة وطنية لمساندة النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين-  تحديث 07 – 06 – 2009

 


 نحن نشطاء ونشيطات المجتمع المدني من حقوقيين ونقابيين وسياسيين ومواطنين الموقعون أدناه, وأمام اشتداد الهجمة الشرسة على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ومحاولة الاعتداء على رئيسها وبعض أعضاء مكتبها التنفيذي ومنعهم من عقد ندوة صحفية لعرض التقرير السنوي حول الحريات الصحفية في تونس يوم 04 / 05 / 2009 , نعبر عن : – مساندتنا ووقوفنا المبدئي والثابت مع النقابة وأعضاء مكتبها التنفيذي الملتزمين بمبدأ الاستقلالية   – إدانتنا لكل التضييقات والاختراقات التي تمارس على النقابة وعلى منظمات المجتمع المدني الأخرى  بهدف المس من استقلاليتها . – رفضنا للطريقة المعتمدة في توزيع الإشهار على الصحف وما يترتب عن ذلك من ضرب لاستقلالية العمل الصحفي. – تثميننا لموقف الصحفيين والصحافيات الملتف حول نقابتهم والمدافع عن استقلالية وكرامة مهنتهم. – مواصلة نضالنا من اجل  إعلام حر نزيه ومستقل تحترم فيه كل مبادئ الحريات الصحفية وتتاح فيه الفرصة للجميع للتعبير عن أرائهم . للامضاء على العريضة الرجاء ارسال الاسم واللقب والصفة الى العنوان الالكتروني التالي  solidarite.snjt@gmail.com : قائمة الامضاءات الاولية علما ان العريضة تبقى مفتوحة مع شكر خاص لكل المتضامنين من الدول العربية والاجنبية : 1 – بشرى بلحاج حميدة  – محامية 2 – عبد الوهاب معطر – محامي 3- محمد عبو  – محامي 4 – نورالدين الختروشي – لاجئ سياسي – فرنسا 5 – انور القوصري – محامي 6 – محمد العيادي – ناشط نقابي وحقوقي – منسق المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية. 7 – اسماعيل الجربي – جريدة الشروق 8 – توفيق حويج – استاذ – عضو الهيئة السياسية لحركة التجديد 9 – طارق بن صالح – معلم – نقابي – جبنيانة 10 – ثامر الزغلامي – صحافي 11 – معز الزغلامي – استاذ انقليزيةمعطل عن العمل لاسباب نقابية 12 – انيسة سليم –  صحفية 13 – عبد الناصر العويني – محامي 14 – وائل نوار – كاتب عام مكتب فيدرالي – الاتحاد العام لطلبة تونس 15 – محمد رضا المحسوس – استاذ – نقابي – باجة 16 منير ضيف – كندا 17 – معز الباي – مراسل جريدة الموقف  – صفاقس 18 – حمزة الحسناوي – طالب بمعهد الصحافة وعلوم الاخبار 19 – راشد شوشان – طالب – الحزب الديمقراطي التقدمي 20 – محمد بن هندة – جنيف – سويسرا 21 – سامي الطاهري – الكاتب العام المساعد للنقابة العامة للتعليم الثانوي 22 – توفيق كركر – استاذ – حركة التجديد 23 – سامية مطيمط – مهندسة 24 – نزهة بن محمد – صحفية براديو 6 تونس 25 – قاسم مقداد – طالب – الاتحاد العام لطلبة تونس 26 – فتحي الرحماني – ناشط نقابي وسياسي 27 – زهير الخويلدي – كاتب فلسفي 28 – رمضان بن عمر – معلم – الرديف 29 – الشاعر عادل معيزي 30-  قادري زروقي – مدير موقع الحوار نت – المانيا 31 – صيود عبد الحق – استاذ – ناشط حقوقي وسياسي 32 – معز الجماعي – ناشط سياسي وحقوقي – تونس 33 – حبيب وردة – مكتبي – فرنسا 34 – نادية علي – الولايات المتحدة الامريكية 35 – شكري يعقوب 36 – احلام بن جفال – ناشطة حقوقية 37 – محمد الهادي حمدة – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي 38 – المنجي هلال 39 – فتحية حيزم 40 – رضا بوقديدة – مسرحي – جامعي – نقابي 41 – خالد ضوي – طالب 42 – فاطمة ناعوت – كاتبة مصرية – مصر 43 – علاء كعيد حسب – شاعر وقاص – المغرب 44 – حكمت البيداري – مهندس – العراق 45 – كمال الغالي – كاتب وشاعر – فرنسا 46 – محمد حامدي – استاذ فلسفة – تونس 47 – علي البعزاوي – تاجر – تونس 48 – عمر بنلحسن – شاعر – المغرب 49 – سعيد بن حمادي – مهندس تونس 50 – احمد رجب –كاتب وصحفي السويد 51 – جورج كتن – كاتب – سوريا 52 – الصادق بن حريز – متقاعد من قطاع النقل 53 – منبر عابد – مستقل 54 – بسام بونني – صحفي تونسي مقيم في الدوحة 55 – شريف القسطلي – فلاح – باجة 56 – غسان بن خليفة صحفي – كندا 57 – رشيد الشملي – جامعي 58 – محيي الددين لاغة – جامعي ونقابي 59 – عبد السلام الككلي – جامعي ونقابي 60 – مرتضى العبيدي – جامعي ونقابي 61 –  سعاد خيري – مصر 62 – احمد بوعزي – استاذ جامعي – تونس 63 – جيلاني العبدلي – كاتب وصحفي 64 – سمير حمودة – طبيب نفسي – امين عام سابق للاتحاد العام لطلبة تونس 65 – حاتم الشعبوني – نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعضو سكرتارية حركة التجديد 66 – توفيق الذهبي – نقابي 67 – المختار الطريفي – محامي – كاتب عام سابق لجمعية الصحفيين التونسيين  وعضو سابق بمكتب الفيدرالية الدولية للصحفيين 68 – سمير ديلو – محامي 69 – محمد صالح فليس – مواطن – بنزرت 70 – الطيب غناد 71 – عبد اللطيف بن سالم – مترجم – فرنسا 72 – بسكال هيلو –co-redacteur de riposte laïque  73 – سعاد القوسامي – عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي 74 – جلال ورغي – باحث في الجامعة البريطانية  مدير مكتب وكالة قدس برس في لندن  75 – مبروك كعيب – صحفي – تونس 76  –   عمر بلهادي – استاذ جامعي – كلية العلوم الانسانية والاجتماعية – تونس 77 – زهير اللجمي – وطني ديمقراطي 78 – سالم خليفة – موظف بشركة – الحزب الديمقراطي التقدمي – سوسة 79 – عبد الحميد العداسي – الدنمارك 80 – حبيب مشيش – مصور تلفزي – قناة تونس 7 81 – فاطمة بوعميد كسيلة – مدافعة عن حقوق الانسان – فرنسا 82 – خميس كسيلة – الكاتب العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان 83 – رؤوف عشي – استاذ تعليم ثانوي – نقابي 84 – الناصر الرديسي – ناشط يساري – شاعر 85 – رضا كارم – معلم – عضو النقابة الاساسية للتعليم الاساسي  بقلعة سنان 86 – محمد الدريسي 87 – ليلى بن محمود 88 – وليد مسعودي – باحث في الهندسة الصناعية 89 – شاكر الشرفي – استاذ تعليم ثانوي – نقابي 90 – بشير حامدي – معلم – نقابي 91 – الحبيب الباهي – الحزب الديمقراطي التقدمي قابس 92 – رضا الماجري – شاعر – ناشط حقوقي وسياسي 93 – عبد الجبار الرقيقي – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي 94 – الزين ناجح – نقابي – قابس 95 – منجي سالم – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بقابس 96 – مولدي الزوابي – صحفي 97 – عبد السلام الطرابلسي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 98 – نورالدين القادري – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 99 – ونيس العرايسي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 100 – سليم بقة – صحفي 101 – عصام الزوابي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 102 –  نورالدين الرزقي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 103 – محمد نعمان العشي –  الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 104 – نظيم التساوي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 105 – فرج الجندوبي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 106 – منير الحمدي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 107 – لطفي اليعقوبي –  الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 108 – مصطفى اليعقوبي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 109  – خالد القنوني – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 110 – رشاد عكايشي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 111-  خميس البلطي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 112 – خميس البغوري – حركة التجديد 113 – هشام السنوسي 114 – محيالدين شربيب –  جمعية FTCR  – فرنسا 115 – الحسين مال – ناشط مدني قفصة 116 – الدكتور محمد علي الطبطبائي الحكيم – خبير مهندس كيمائي – روسيا 117 – ابو الحسن سلام – استاذ جامعي ومخرج مسرحي – مصر 118 – العروسي المورابطي – نقابي – اسبانيا 119 –الهامي الميرغني – مستشار اقتصادي – مصر 120 – فواز قادري – شاعر سوري – المانيا 121 – صبحي مهدي احمد – ناشط سياسي – كردستان العراق 122 – عمار الشريف – كندا 123 – هادي الجيزاني – موظف – ستوكهولم – السويد 124 – عبد المنعم الميساوي – طنجة – المغرب 125 – رياض الحبيب – صحفي –  العراق 126 – نبيل قرياقوس – صحفي – العراق 127 – صبحي خدر حجو – كاتب وناشط اجتماعي – العراق 128 – امين محمد – الدنمارك 129 رزكار عزيز  كريم – عامل – السويد 130 – قاسم طلاع – كاتب مترجم – النمسا 131 – نزار النهري – المانيا 132 – ناصر عجمايا – كاتب – استراليا 133 – عبد الله حسن العبد الباقي – كاتب صحفي السعودية 134 – جريس الهامس – محامي وكاتب  – لاهاي – هولندا 135 – مريم نجمة – مدرسة وكاتبة – هولندا 136 – شمخي الجابري – كاتب – العراق 137 – د صباح المرعي – دكتوراه في الطب – المملكة المتحدة 138 – ادوارد ميرزا – اكاديمي مستقل – السويد 139 – سعيد علم الدين – لبناني مقيم في المانيا 140 – محمد حموزي –مدير مجلس ادارة مجلة الشرارة – العراق 141 – منير عبد الرحمان  – هولندا 142 –وهيب ايوب – الجولان المحتل – سوريا 143 – عبد الهادي محمد علي –مدرس متقاعد – السويد 144 – سردار احمد – ناشط حقوقي – سوريا 145 – محمد خليل – محاضر – الجليل 146 – كامل الجباري – كاتب – العراق 147 – طاهر حسن – معلم – هولندا 148 – منظمة حقوق الانسان في كوردستان  149 – احمد الهايج – استاذ – المغرب 150 – ناصر الياسري – كاتب وصحفي – العراق 151 – كاظم مطر – مهندس زراعي – العراق 152 – شرايطي رياض – عاطل عن العمل – تونس 153 – سعاد ابراهيم احمد – عضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوداني 154 – سمارا مسعود – اخصائية تجميل سوريا 155 – يوسف المحمداوي – شاعر واعلامي – العراق 156- سلمى البقالي – طالبة – المغرب 157 –   سمير النفزي – مراسل جريدة الطريق الجديد – منوبة 158 –المعز الوهايبي – استاذ – تونس 159 – حميدة الدريدي – طبيبة – فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بالمنستير 160 – عبد اللطيف الكبلوطي – الحزب الديمقراطي التقدمي – جندوبة 161- سليم الدريدي – استاذ تعليم ثانوي 162 – عدنان الحسناوي – ناشط حقوقي 163 – مطاع امين الواعر- طالب – ناشط طلابي في صفوف الحزب الاشتراكي اليساري 164 – فوزي جاب الله – محامي 165 – الحبيب العماري – عن اسرة تحرير الفجر نيوز 166 السيد المبروك – ناشط حقوقي – عضو جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي 167 – خميس بن بريك – صحفي 168 – حليم المودب – طالب مرحلة ثالثة – فرنسا – الحزب الديمقراطي التقدمي 169 – عادل الحاج سالم – عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية  170 – الحبيب عمار – معلم 171 – جمال الهاني – اخصائي نفسي – صحفي 172 – ابراهيم الزغلامي – كاتب عام النقابة الاساسية لصندوق الضمان الاجتماعي – سوسة 173 – ريم الحمروني – ممثلة – نقابية – نقابة الفنون الدرامية 174 –  خالد الكريشي – محامي – مدير نشرية الناصرية الممنوعة 175 – محمد المومني – استاذ – مطرود من العمل لاسباب نقابية 176 – النفطي حولة – استاذ – عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي – بن عروس 177 – سلمى الجلاصي – صحفية 178 – منجي تريمش – مهندس – تونس 179 – بسام طريفي – محامي 180 – حسين الغالي – مدير مركز الدراسات والابحاث العربية CERA  جنيف 181 – نعمة نصيري – نقابية 182 – نزيهة جمعة – محامية 183 – امال بجاوي – تونس 184 – سمير جراي – صحفي براديو 6 185 – الهادي المثلوثي – كاتب وجامعي – تونس 186 – جمال الهنداوي – كاتب ومصمم – العراق 187 – شامل عبد العزيز – مدير شركة – العراق 188- دهام حسن – كاتب – سوريا 189 – جاسم مهدي شعبان – معاون مدير  – النجف 190 – عباس ناجي – موظف – العراق 191 – علياء البدري – طبيبة وناشطة في مجال حقوق المراة – العراق 192 – وائل جبران اسو – خبير كومبيوتر – قبرص 193 – د . جون نسطه – طبيب – المانيا 194 – عادل العتابي – صحفي رياضي – العراق 195 – محمد الحبيب الغديري – جامعي – تونس  196 – ظاهر المسعدي – عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي 197 – عبد اللطيف الميدالي – رئيس تحرير « سافي بريس  » المغربية 198 – فتحي الجربي – جامعي وعضو مؤسس لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية 199 – لطفي الاحول – عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي 200 – نورالدين الورتتاني – جامعي ونقابي 201 – عبد الوهاب العمري – معارض 202 – جمال الدين اسامة – متقاعد 203 – نعيم بن رحومة – مخرج 204 – جمال الجاني – الناطق باسم جمعية حقوق الافراد المغرب- كندا 205 – مسعود الرمضاني – رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بالقيروان 206- سعيد زينهم – صحفي مصري 207 – محمد زير الخيب  – كاتب وباحث – كندا 208 بدرالدين شنن – كاتب ونقابي سوري – هولندا 209 – صباح قدوري – كاتب واستاذ جامعي – الدنمارك 210 –  د . صلاح السروي – استاذ جامعي – مصر 211 – ماهر عبد الرحمان – باحث – مصر  212 – علياء خاد العامري – ناشطة في مجال حقوق الاطفال – العراق 213 – ماهر السالمي – عضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي – منوبة 214 –  ناجح صغروني – كاتب عام مكتب فيدرالي – الاتحاد العام لطلبة تونس 215 – نزهة بن محمد – صحافية براديو6 تونس 216 – مروة  كريدية – كاتبة واعلامية – لبنان 217 – بلقيس مشري – استاذة تعليم ثانوي 218 – لطفي الهمامي – قناة الحوار التونسي – باريس 219 – عبد الله لفناتسة – نقابي تقدمي – الرباط 220 – علي لطفي – امين عام المنظمة الديمقراطية للشغل – المغرب 221 – رابح خرايفي – محامي  – جندوبة – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي 222 – ندى الجواري – السويد 223 – عياشي الهمامي – محامي 224 – ليلى الشابي – موظفة 225 – عبد الناصر نايت ليمان – رئيس جمعية ضحايا التعذيب في تونس – جنيف – سويسرا 226 – حسان الجويني 227 – عبد الرؤف ماجري – معارض تونسي – باريس 228 – صالح عطية 229 عزيز الملا – كاتب وفنان تشكيلي – العراق 230 – نور الدين العويديدي – صحفي في قناة الجزيرة – عضو نقابة الصحفيين البريطانية 231 – سميرة ساعي – صحفية 232 – نادية لاغة – محامية – تونس 233 – نزار همامي – صحفي – فرنسا 234 – احمد القلعي – الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان 235 – الهام محمد 236 – وليد حمام – طالب – حزب تونس الخضراء 237 –هيثم حسن – فنان تشكيلي – نحات – كندا 238 – محمد بلحاج – المغرب 240 – ليث جبار عبد الحسين الخفاجي – صحفي ومدرس – الولايات المتحدة الامريكية 241 – مجيد هدير راشد – عامل – كندا 242 – مثنى حامد مجيد – مدرس عراقي – السويد 243 – اكرم نذير – ناشط عراقي – كندا 244 – ناصيف برهوم – المانيا 245 – ياسين ادريس – كاتب وشاعر انساني – السويد 246 – عزيز باكوش – استاذ – فاس – المغرب 247 – صفية فرحات – مناضلة في  الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات 248 – خليفة مبارك – الكنفيدرالية الديمقراطية للشغل بتونس 249 – محمد بوعود – صحفي 250 – حمزة الفيل – باحث جامعي – نقابي – تونس 251 – طالب العواد – اعلامي – بريطانيا  252 – كمال العبيدي – صحفي 253 – البشير بوشيبة – مترجم – سويسرا 254 – الاسعد الدريدي – مترجم محلف  ومدرس – ايطاليا 255 – عمر اولاد احمد بن علي – طالب نقابي مستقل – اسلامي – كلية العلوم صفاقس 256 – الطاهر العبيدي – صحفي – باريس 257 – الطيب الورغي – استاذ متقاعد – جندوبة 258 – الهادي بن رمضان – استاذ تعليم ثانوي 259 – عواينية خالد – محامي – سيدي بوزيد 260 – مصعب الشابي – ناشط يساري 261 – عمر البوبكري – جامعي – كلية الحقوق  بسوسة 262 – سامي مراد – مدرس – فلسطين 263 – الهادي الزرلي – الحزب الديمقراطي التقدمي  – قابس 264 – وئام العيادي – ناشطة حقوقية 265 –  جمال العزابي – الحزب الديمقراطي التقدمي – قابس 266 – درة حرار – استاذة  


نقابة الصحفيين توضيحات ومواقف


 sihem أصدرت نفابة الصحفيين التونسيين يوم السبت 6 جوان 2009 بيانا إثر التطورات الأخيرة التي عرفتها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمتمثلة ـ حسب البيان ـ في سعي بعض الأطراف لوضع يدها على قرار النقابة المستقل وضرب وحدة الصحفيين، خدمة لأهداف غير مهنية. وقد قرر المكتب التنفيذي للنقابة عقد جلسة عامة يوم 26 جوان 2009 . والدعوة لعقد اجتماع المكتب التنفيذي الموسع يوم 30 جوان 2009 ودعوة أعضاء من قيادة الاتحاد الدولي للصحفيين لحضور الجلسة العامة بصفة ملاحظين. وأدان المكتب التنفيذي في بيانه « حرمان نقابة الصحفيين من حقها في الإعلام ونشر بلاغاتها واعتماد التوجه أحادي، الذي نبهت له النقابة في تقريرها للحريات،   و قد أصدر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بيانا توضيحيا ردا على البلاغ الذي أصدره عدد من أعضاء المكتب التنفيذي الموسّـع للنقابة ونشرته جريدتا «الصباح» و«الشروق» في عدديهما الصادرين الخميس 4 جوان 2009، جاء فيه أن « رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هو رئيس المكتب التنفيذي الموسّـع للنقابة حسب قانونها الأساسي، والمخوّل القانوني لإصدار البلاغات والبيانات والتحدث باسمها. فقد كان أحرى بالزملاء الذين كتبوا « البلاغ » أن يقدموه باعتباره صادرا عن أعضاء في المكتب التنفيذي الموسّـع، وليس باسم المكتب التنفيذي الموسّـع ». وقد اعتبر المكتب التنفيذي للنقابة أن الذين وقعوا البلاغ، ارتكبوا خطأ قانونيا وخرقوا القانون الأساسي للنقابة ونظامها الداخلي، فضلا عن انتحالهم صفة قد تجعلهم محلّ مؤاخذة؟ كما جاء في بيان المكتب أن بعض الذين وردت أسماؤهم ضمن الموقّـعين على العريضة أنكروا علمهم بها، فيما يوجد آخرون في مهمّـة مهنية خارج الوطن!؟ (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 6 جوان 2009)  

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين

أزمة حقيقيّة..أم أزمة مفتعلة؟


نورالدين المباركي أمام ما بلغه الوضع داخل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين من احتقان و تعقيد، أعتقد أنه من المهم التسلح بالهدوء لفهم أسباب ما يحدث، لأنه لا بدّ أن يتحمّل كل طرف مسؤوليته في الوقت الراهن و أمام أجيال الصحفيين القادمة. 1 معلوم لدى كافة الصحفيين و غير الصحفيين أن فكرة تأسيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين « طبخت » من قبل صحفيين تربطهم علاقات متينة بوزارة الإشراف ، وأن رئيس الهيئة التأسيسية للنقابة (الهاشمي نويرة) يعتبره عديد الصحفيين « أحد أهم المقّربين لوزارة الإشراف ». ومع ذلك قبل الصحافيون الانخراط في هذا المشروع  ولم يهتمّوا بمن يقف وراءه ، المهم بالنسبة إليهم  كان التنظّم في هيكل نقابي يدافع عن مصالح وشواغل الصحافيين. وهذه نقطة مهمة جدا لأنها تبين أن الصحفي التونسي ليست له مواقف سلبية في المطلق من المشاريع التي تأتي من وزارة الإشراف وانه قادر على التعامل معها بوعي ونضج ، رغم خصوصية ودقة الفترة التي طرح فيها مشروع تأسيس النقابة ( مشروع الاتحاد العام التونسي للشغل،نقابة الصحفيين التونسيين « لطفي حجي »…)   2 انعقد المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يوم 13 جانفي 2007، وكان بشهادة الجميع مؤتمرا ديمقراطيا حتى إن هناك من وصفه بـ »نجمة مضيئة في جبين البلاد » ، لم تعترض وقتها أية جهة على المكتب التنفيذي الذي انتخبه الصحافيون ، بما في ذلك وزارة الإشراف التي أشادت بدورها بالأجواء الديمقراطية التي جرى فيها المؤتمر. وهذه أيضا  نقطة ايجابية لابد من تثمينها لأنها بيّنت وقتها أن الإدارة كانت محايدة واحترمت ما أفرزه صندوق الاقتراع. وكان من المفروض أن ينطلق المكتب التنفيذي المنتخب  في أداء مهمته ، في ظروف مريحة خاصة أن التصريحات  التي  صدرت عن النقيب كانت تعتبر أن الحوار والشراكة مع كافة الأطراف المتدخلة في الشأن الإعلامي  هي مسألة مبدئية . 3 لكن  بعد أقل من أسبوع بدأت بعض التقييمات تجد طريقها إلى الترويج  والتسويق، منها « أن المكتب التنفيذي  يفتقد إلى الخبرة   » و أن أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي من « اليسراويين » …الخ و هي تقييمات زيادة على كونها غير مقبولة ، بدأت تكشف أن هناك من له مصلحة في عرقلة نشاط المكتب التنفيذي المنتخب.  وبعد نحو شهرين طرح ملف صندوق التآزر بين الصحفيين، وقد تم التضخيم فيه مما حوّله إلى قضية فعلية استعملت فيها أغلب الوسائل المقبولة وغير المقبولة ويعلم كافة الصحفيين أن هذا الملف أخذ من وقت المكتب واهتماماته الكثير، في وقت كان من المفروض التوجه إلى القضايا التي تهم واقع الإعلام والإعلاميين. من له مصلحة في إثارة هذه القضايا رغم أن عمر النقابة لا يتجاوز ثلاثة أشهر؟ 4 بعد تجاوز ملف صندوق التآزر وعودة الحرارة إلى العلاقة  بين مكتب النقابة ووزارة الإشراف وتجسد ذلك في لقاءات بين الوزير وأعضاء المكتب وأيضا في قبول الوزارة التعاطي مع بعض الملفات ، جاء الاعتصام الذي نفذه عدد من صحفيي مؤسستي الإذاعة التلفزة  مدة ساعة في مقر النقابة  احتجاجا على عدم تسوية وضعياتهم المهنية ، وقد تبنت النقابة هذا الاعتصام  ونبّهت إلى أن هذه الحركة قد تفلت في المستقبل من زمام التأطير  إذا لم يتم التسريع بتسوية الوضعيات . وبدل الاهتمام بوجهة النظر هذه عمد عدد من الصحفيين إلى استغلالها للترويج أن النقابة بصدد التصعيد خدمة لأغراض أخرى لا تمتّ للإعلاميين بصلة، وهناك من قال أن بعض أعضاء النقابة بصدد تنفيذ أجندة سياسية ؟ وظهرت هذه المواقف خاصة في الجلسة العامة التي انعقدت يوم 18 جويلية2009  وتلتها انتخابات اللجان الفرعية التي فازت فيها القائمة شبه الرسمية بأغلبية ساحقة وقد بيّنت انتخابات اللّجان الفرعية أنّ هناك نيّة واضحة « لافتكاك هياكل النقابة »، وظهر ذلك من خلال عمليات التجنيد التي حصلت والمصاريف التي صرفت والخطاب الذي تردد. أحد الصحفيين قال بالحرف الواحد « إن القلاع الحصينة تفتكّ من الداخل » !! 5 بعد انتخابات اللّجان الفرعية توترت العلاقة بين النقابة ووزارة الإشراف وصلت إلى حدّ القطيعة وذلك على خلفية بعض المواقف والأقاويل مصدرها « الكواليس » لأنه لا يوجد في بيانات النقابة وتصريحات عدد من أعضاء مكتبها التنفيذي ما يشير إلى ما تردّد زد على ذلك التباين الواضح في المواقف بين المكتب التنفيذي الموسع وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي وهو تباين كانت له آثاره السلبية على الأداء العام للنقابة التي وجدت نفسها تجابه القضايا الداخلية والخلافات بينها ، بينما قضايا الصحفيين وشواغلهم ليست مطروحة بالحدّة ذاتها. ومن ضمن التحليلات التي برزت وقتها أن هذا التمشّي مقصود والهدف منه إبعاد مكتب النقابة عن قضايا الصحفيين لاتهامه بعد ذلك بعدم تقديم أي مكاسب للصحفيين. 6 في بداية شهر جانفي الفارط حصل ما نبّهت إليه النقابة من أن عدم تسوية وضعيات الصحفيين في مؤسستي الإذاعة والتلفزة قد يدفع إلى انفلات الوضع( مصادر النقابة تقول إنها تلقّت عدّة وعود من وزارة الإشراف) فقد دخل نحو 150 صحفيا وفنيا في اعتصام كان في البداية عفويا ثم تبنته  النقابة على خلفية أنّ ذلك يدخل ضمن اهتماماتها ولم يتم فك هذا الاعتصام إلا بقرار رئاسي ثمّنته النقابة ثم طالبت وزارة الإشراف بتفعيله . 7 وحصل المنعرج الحقيقي يوم 4 ماي خلال الندوة الصحفية التي عقدت لتقديم التقرير السنوي للحريات الصحفية ، حصل خلال هذه الندوة ما لا يليق بالإعلاميين في تونس وكشف أيضا أن لحظة « الانقضاض » على النقابة قد حانت ظهر ذلك من خلال: محاولة تسييس التقرير المقدم من قبل المكتب التنفيذي رغم أنه في مضمونه عادي ولا يرتقي إلى بعض التقارير التي أعدتها جمعية الصحفيين أو نقابات الصحفيين بالبلدان المجاورة. خلق فراغ قانوني في المكتب التنفيذي بعدد خلال الاستقالات( استقالة ثلاثة أعضاء والبحث عن مستقيل رابع). وعندما فشلت هذه المحاولة تمّ التوجه إلى إمضاء عريضة تضمّ على الأقل 50 بالمائة زائد واحد من المنخرطين للدعوة قانونيا إلى مؤتمر استثنائي. سعي جل المؤسسات الإعلامية إلى انتزاع التوقيعات على العريضة تحت الضغط والتهديد (وقد نشرت بعض الشهادات في هذا الصدد) والترغيب وتأكيد مسؤولي هاته المؤسسات أنهم ينفذون تعليمات الإدارة  8 إن تسلسل هذه الوقائع يدفع إلى الاعتقاد أنّ نسبة من الصحفيين الذين لا يخفون ارتباطاتهم (ويفتخرون بها) بصدد تنفيذ مخطّط الهدف منه عرقلة نشاط النقابة و »الاستحواذ » عليها. ويعتقد عدد من الصحفيين أن هؤلاء بصدد العمل لتحقيق أغراض شخصية لا تمت بأي صلة لخدمة الإعلام والإعلاميين في البلاد 9 إن مصلحة البلاد ومصلحة الإعلام فيها أن يفتح باب الحوار مع النقابة مع تركها تشتغل في استقلالية ثم بعد ذلك يحاسبها الصحافيون، أمّا خلق مثل هذه « المعارك » فإن المستفيدين منها بالدرجة الأولى من لا تهمهم مصلحة البلاد.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


الحوض المنجمي: عام على المجزرة


لم يجد النظام النوفمبري سبيلا لإخماد صوت انتفاضة الحوض المنجمي التي استمرت أشهرا دفاعا عن حق الشغل والتنمية العادلة سوى المرور إلى تشغيل أكثر أجهزته القمعية ثقلا وبطشا. إذ أقدمت فيالق من جيش البرّ على اقتحام بلدة « الرديف » الصامدة والمبادرة بإطلاق الرصاص الحيّ صبيحة 5 جوان 2008 على التجمعات والإعتصامات السلمية لمئات الشبان ببلدة « الرديف » كان نتيجتها استشهاد الحفناوي المغزاوي (26 سنة) إضافة إلى سقوط عشرات الجرحى إصابات البعض منهم بليغة. ولعل وفاة عبد الخالق عميدي (27 سنة) بعد أشهر متأثرا بجراحه خير دليل على قولنا. ومثلما هو معلوم شرعت عصابات البوليس وعلى الأخص البوليس السياسي في حملات تنكيل واسعة ضد الأهالي في الرديف وأم العرائس والمظيلة (اعتقالات واسعة، نهب ممتلكات، إذلال في الشوارع، إلخ.) وفي تحدّي صارخ لدعوات الرأي العام الوطني والعالمي أمعن نظام الحكم في نهج القوّة الغاشمة منقادا بهدف وحيد لا يتجاوز فرض صمت القبور وتطويق الحريق الاجتماعي الذي تسرّبت آنذاك شظايا لهبه إلى الجارة « القصرين ». وفي كلمة سخّرت السلطة كل إمكانياتها للتنكيل بالأبرياء في منطقة الحوض المنجمي وتحديدا « الرديف » وفعلت ما لم تفعله السلطة الاستعمارية زمن الاحتلال المباشر حتى أن الكثيرين من الأهالي والمتابعين للأوضاع ربطوا بين جرائم الكيان الصهيوني وما مارسته عصابات الإرهاب والعنف الهمجي بمنطقة الحوض المنجمي. والحقيقة إن مثل هذا الربط ليس بالأمر الاعتباطي فتطويق المدن المنجمية تم أسابيع قبل 5 جوان وتدرّج إلى حدّ الحصار الشامل والعزل التام لمدن بكاملها بعد إطلاق الرصاص كما إن حملات الترويع للأهالي في الشوارع والبيوت تمّت بمجموعات بوليسية سرية توافدت ضمن تعزيزات أمنية عبثت بالممتلكات (تخريب، سرقة…) والأجساد دون أدنى ضوابط قانونية وأخلاقية (مهاجمة المقاهي، اقتحام البيوت، تفريق الجنائز…). ومن نافلة القول إن هجوم السلطة الكاسح لكسر شوكة الحركة الاجتماعية تم على مراحل مختلفة وبوسائل متعدّدة. فالبداية مثلما هو معروف كانت بإقحام المؤسسة العسكرية لتصفية الحساب مع الحركة الاحتجاجية المطلبية في بادرة هي الأولى في 1984. وبعدها شن حملة اعتقالات واسعة مسّت العشرات بل المئات من الشبان غير المعروفين بأفكارهم النقابية أو السياسية والزج بهم في السجون بتهم ملفقة ومستنسخة هدفت إلى تشويه الحركة الاحتجاجية حاضرا ومستقبلا (سكر، تشويش في الطريق العام و…). ثم تطورت بعد قضم الحركة من الأسفل وإفقادها طاقتها النضالية الميدانية إلى إيقاف أغلب الفاعلين في الحركة والزج بالعديد من أنصارها في قضايا كيدية انتهى جل المحالين فيها إلى معايشة محاكمات جائرة داست أبسط حقوق المتقاضين ولسان الدفاع على حدّ السواء ولعلّ حيثيات جلسة ما عرف بمجموعة الوفاق الجنائي تعبير مكثف عن السقوط المريع للقضاء التونسي الذي يتستر على جرائم التعذيب رغم الأدلة الصارخة وحرم المحالين أمامه وحتى لسان دفاعهم من الكلام وأصدر أحكاما وصلت حدّ العشر سنوات في الطور الابتدائي ضد البعض. واليوم وبعد مرور سنة على المجازر الفظيعة التي مورست ضد أهالينا بـ »الرديف » وسواها يجدر بنا الوعي باستمرار معاناة الصامدين والصامدات فالحصار البوليسي بما يرافقه من إهانات واستفزازات مستمر بل وفي تزايد مع اقتراب يوم 5 جوان والمساجين ليسوا فقط وراء القضبان وإنما تم إبعادهم إلى سجون قصيّة (مدنين، رجيم معتوق، قابس، صفاقس، بوزيد…) إضافة إلى عودة العربدة البوليسية والتعديات الجسدية والمعنوية على المناضلين والمناضلات في قفصة دون أن ننسى عودة الإيقافات والمحاكمات بالرديف ممّا يحتم على كل القوى الديمقراطية رصّ الصفوف وتوحيدها من أجل: – الإسراع بإطلاق سراح عدنان ورفاقه وإيقاف القمع ضد الملاحقين. – محاسبة مرتكبي مجزرة 5 جوان والواقفين ورائها مهما علت مسؤولياتهم في جهاز السلطة. – محاسبة الجلادين وممارسي العنف وعلى الأخص الرباعي التالي: سامي اليحياوي (مدير إقليم أمن قفصة)، محمد اليوسفي (رئيس فرقة الإرشاد بقفصة)، فاكر فيالة (رئيس منطقة شرطة قفصة) وبلقاسم الرابحي (رئيس الفرقة الثانية المختصة بقفصة).
الحوض المنجمي في 05 جوان 2009
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  5 جوان  2009)  


سنة كاملة على اندلاع المواجهات بمنطقة الحوض المنجمي


المولدي الزوابي تمرّ اليوم السادس من جوان 2009 سنة كاملة على المواجهات البوليسية التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي في اكبر انتفاضة شعبية عرفتها البلاد في عهد الرئيس الحالي لاسيما من حيث خطورة دلالاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. هذه الحركة التي شارك فيها الصغير كما الكبير وشارك فيها التلميذ كما الموظف، هذه الانتفاضة التي سجلت فيها المرأة حضورا لم يشهد تاريخ تونس الحديث مثيلا له، لم تجد السلطة – وبعد أن عجزت عن توجيه تهم الإرهاب لمئات المعتصمين، لمئات المنتفضين والمحتجين من أجل حقهم في الشغل، من أجل حقهم في شفافية الانتدابات، من أجل حقهم في العدالة الاجتماعية، من أجل حقهم في توزيع عادل لثروات البلاد ومن أجل حقهم في حياة كريمة – سوى أن تواجههم بآلة القمع: بالعصي والرصاص الحي الذي أزهق أرواحا بشرية والتعذيب والسجن لعشرات المحتجين في حركة شهد لها القريب والبعيد بسلميّتها وعدالتها. اعتصامات في الخيام وإضرابات في المؤسسات، مسيرات ومسيرات امتدت على أكثر من ستة اشهر عبر من خلالها أهالي الحوض المنجمي عن صرختهم ضد كل أشكال الظلم والفساد، ضد كل أشكال الاستغلال والرشوة. انتفاضة استطاعت قياداتها التحكم فيها وفي مسارها ومدنيتها التي عبرت من خلالها على أن الشعب التونسي قادر على التعبير في أطر سلميّة وبأرقي أشكال التحضر؛ ولكن بعيدا عن القنابل المسيلة للدموع، وبعيدا عن السلاح وبعيدا عن العنف. ذلك هو المشهد الذي عرفته منطقة الحوض المنجمي طيلة سنة كاملة من المحاكمات والمواجهات التي تجاوزت معتقلي الحوض المنجمي لتطال كل من أراد المساندة والتضامن مع أولئك المساجين. تلك المحاكمات التي شهد عليها الحقوقيون قبل السياسيّين والنقابيّين بأنها قاسية وأن السلطة أخطأت العنوان وضاعت بوصلتها فاختارت القمع بدل الحوار. ولئن راهنت السلطة على إخماد صوت الأهالي، ورغم الآلة القمعية التي طالت الأبدان والأصوات، فإن إرادة أهالي الحوض وتعبيراتهم كانت أقوى فاستمرت السلطة في المحاكمات واستمرت بالمقابل تداعيات الانتفاضة بشتى أشكال تعبير، وكان آخرها محاكمات ماي 2009 وتفريق عدد من المساجين على عدد من سجون البلاد لتضاف متاعب أخرى لأسر المساجين.
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 6 جوان 2009)


الحوض المنجمي: حذار من تقهقر الأوضاع مجددا

انتظر كثيرون من نظام بن علي طوال الأشهر الماضية اتخاذ إجراءات إيجابية من شأنها التمهيد الفعلي لطيّ صفحة مأساة أهالي الحوض المنجمي، ولعلّ إطلاق سراح عدنان الحاجي ورفاقه كان أوّل تلك الإجراءات التي كثر اللغط حول قرب حصولها، ووصل الأمر بجهات عديدة أهمّها المركزية النقابية العمالية وأمينها العام « عبد السلام جراد » إلى التورّط أكثر من مرة وفي اجتماعات علنية إلى التصريح ليس فقط بحصوله على تطمينات رئاسية في هذا الغرض وإنما تحديد مواعيد معلومة لمثل تلك الخطوة. والحقيقة إن إطلاق تلك التطمينات والمبالغة في ترويجها منظورا إليها من زاوية المحصلة الواقعية لم تكن سوى مسكنات وهميّة عطلت تنامي حركة احتجاجية هدفها عودة الحرية لمساجين الحوض المنجمي ولم تشمل العائلات التي وقع تشريدها كما لم يحدث من قبل. ولأننا من جهة نترفع عن الغوص في مشاهد مروّجي تلك الوعود، ومن جهة أخرى معنيون أولا وقبل كل شيء بحشد كل الطاقات وصهرها في تيار واحد يقرّب أكثر ما أمكن عودة المساجين لأهاليهم وإنهاء معاناة الأخيرين. فإننا نشدّد من جديد على استنهاض كل القوى الديمقراطية في الداخل والخارج لتطوير الحملة التشهيرية والإحتجاجية المدنية، بشكل واقعي بطبيعة الحال، من أجل خلق موازين قوى جديدة تسمح بمعالجة منصفة وجدية لقضية الحوض المنجمي. ولعل إمعان السلطة ليس فقط في المحافظة على الوضع المأساوي (حصار المدن، إبقاء المساجين، التحرش بالأهالي…) وإنما مفاقمته بواسطة إجراءات انتقامية جديدة يمثل خير حافز للتعويل على النضال وممارسة كل الضغوط لإجبار نظام الحكم على إنصاف المقهورين في سجونهم البعيدة وتخفيف وطأة معاناة الأطفال والزوجات والأمهات. فهل بعد عودة الاعتقالات الاعتباطية في صفوف شبان الرديف مجال لتصديق خروج مظفر لعبيدي وغانم الشرايطي ومن معهم من معتقلاتهم؟ وهل بعد إقدام القضاء المدجّن على استصدار تلك الأحكام الجائرة ضدّ من أحيلوا مؤخرا على ابتدائية قفصة منطق في تطمين السيدة جمعة الحاجي بقرب ساعة خلاص زوجها ومن معه؟ وهل بعد بعثرة مسجوني ما عرف بقضية الوفاق في سجون النظام من حربوب (مدنين) إلى رجيم معتوق وقابس وصفاقس مجال للحديث عن « لفتة رئاسية كريمة »؟ وهل بعد عودة أعوان الأمن والبوليس السياسي للعربدة في الساحات العامة وممارسة العنف الجسدي والمعنوي ضد النشطاء والناشطات بقفصة مجال للحديث عن الانفراج المرتقب؟ مجمل الوقائع المذكورة سلفا تنذر بإصرار هذا النظام على المضيّ قدما حتى النهاية في معالجته الأمنية رغم فشلها الذريع في ردم الهوة التي اتسعت أكثر من أيّ وقت مضى بين الأهالي وأجهزة الدولة بما يعنيه ذلك من سقوط مدوي لهيبة السلطة التي يكاد ينحصر مبرّر « هيبتها » فيما تشيعه الأجهزة القمعية من رعب وهلع في صفوف الأطفال والشيوخ والنسوة، دون أن ننسى الشبان الهدف المفضل لماكينة القمع النوفمبرية التي عادت إلى الدوران في الأسابيع القليلة الماضية إيذانا بموجة قمع جديدة تعيد إلى الأذهان هول الفظاعات التي ارتكبتها في مثل هذه الأيام من السنة المنصرمة، الأمر الذي يحتم صمّ الآذان نهائيا عن الوعود الزائفة وانكباب الجميع كل بما يقدر وكل من موقعه فرديا وجماعيا من أجل: – الإطلاق الفوري لكافة مساجين الحوض المنجمي وإيقاف التتبع ضد الملاحقين. – محاسبة القتلة والجلادين. – التعويض الكامل عن الأضرار التي لحقت الأشخاص والممتلكات.
الحوض المنجمي في 5 جوان 2009 (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  5 جوان  2009)  


وحدة تعليم الكبار بجندوبة تطرد عشرات المدرسين وترفض تسديد رواتبهم


sihem قال عشرات من مدرسي تعليم الكبار المتحصلين على شهادة تقني سامي والمنتدبين منذ شهر اكتوبر 2008 انهم تلقوا دون سواهم مطلع شهر جوان الحالي تنبيها بضرورة التوقف عن التدريس وان الادارة استغنت عن خدماتهم دون مبرر يذكر. كما اعلمتهم الادارة بانها يتعذر عليها تسديد رواتبهم البالغة نحو تسعة اشهر بتعلة انهم غير مسجلين. وكانت ادارة الشؤون الاجتماعية بجندوبة قد طلبت منذ مطلع السنة الدراسية الحالية ضرورة ان يوقع المنتدبون عقود عملهم غير ان الطرف المقابل لم يعلمهم الى حد الساعة بموافقته من عدمها. وعبر المدرسين عن استيائهم لما في الاجراء المتخذ من تعسف وتجاهل لمجهوداتهم رغم تردي ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية. يذكر ان رئيس وحدة تعليم الكبار قد اوقف عن نشاطه في شهر مارس الماضي بعد ان سحبت منه صلاحياته بسبب سوء استعماله لاعتمادات مدرسي تعليم الكبار.
  (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 6 جوان 2009)


رسالة مفتوحة إلى الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل: لقد جعلت القوانين لتخترق

 


لست أدري من صاحب القولة ولكن ما أدريه أنها قيلت لتمكين المعنيين بالقوانين – واضعوها ومنفذوها ومستخدموها… – من الحيل القانونية للخروج عن القانون أو لعدم تنفيذه أو لتطويعه وفق المصالح والرغبات، معوّلين دوما على ما في القوانين من ثغرات وفراغات وتعميم تقبل التأويل. ذكرت ذلك في علاقة بما يحدث في الاتحاد العام التونسي للشغل في مناسبات عديدة من محاولات للتفصّي من تطبيق القانون عبر التأويل والفتاوى والاجتهادات غير الموفقة أحيانا لملء فراغ قانوني أو لتفسير غموض أو تضارب بين القوانين. وهذا ينطبق مع قضية الحال ؛ قضية توزيع المسؤوليات في الاتحاد الجهوي للشغل بسليانة التي بدأت ملامح التطويع والتأويل تتشكل حتى يتسنّى توزيع المسؤوليات على المقاس. وقد اعتمد أصحاب هذه المحاولة على النقاط التالية: (1) التساوي في الأصوات: ظهر بعد التصويت، الذي لم يجر داخل القائمات وفق الالتزامات والتعهدات، أن الأخوين بوبكر الفرشيشي وفاروق المليتي، وهما من قائمتين مختلفتين (الثاني ينتمي إلى قائمة السيد المولدي السياري الكاتب العام السابق) قد تساويا في الأصوات (44 صوتا لكل منهما) وكان لا بدّ من العودة إلى النصّ القانوني لحسم هذه المسألة ولحسن الحظّ فالقانون قد حسم ذلك بوضوح غير قابل للتأويل، إذ ينصّ الفصل الحادي والستون من النظام الداخلي للاتحاد العام التونسي للشّغل « في صورة تساوي الأصوات في الانتخابات فالأولوية للأقدم من عدد سنوات المسؤولية، فالأقدمية في مدّة الانخراط، فالأكبر في السنّ ». ويتكرّر الوضوح في الفصل الثاني والستون في الفقرة الثانية عند الحديث عن توزيع المسؤوليات أو النيابات: « في صورة تساوي عدد الأصوات المصرّح بها عند توزيع المسؤوليات أو النيابات فالأولوية للأقدم من حيث عدد سنوات المسؤولية، فالأقدمية في مدّة الانخراط فالأكبر في السنّ ». فالمبدأ منطلق من نفس الروح أي اعتماد الأقدمية في المسؤولية وفي الانخراط ثمّ السن وليس هناك من قاعدة أخرى أكثر موضوعية من هذه القاعدة. وإنّ التلميح من النظام الداخلي ودسّ اسم الأخ فاروق الملّيتي ضمن التسعة الناجحين على أعمدة جريدة الشعب يعدّ محاولة يائسة للتمهيد لتأويل لا أساس قانوني له وسنحاول لاحقا الردّ عليه. لأنّ الأخ بوبكّر الفرشيشي قد تحمّل المسؤولية منذ بداية الثمانينات وكان سنة 1989 عضو النقابة الجهوية للتعليم الابتدائي وتحمّل سنة 2001 مسؤولية منسّق لجنة النظام الجهوية للاتحاد الجهوي بسليانة، أمّا الأخ فاروق الملّيتي فلم يباشر العمل إلاّ سنة 1994 ولم يتحمّل المسؤولية النقابية إلاّ في بداية الألفية الثانية لدورتين فقط في النقابة الأساسية للتعليم الثانوي. (2) شرط الترشح الإقامة: ينصّ الفصل الرّابع والعشرون في النقطة ج الفقرة الرابعة: « أن يقيم المترشح بمركز الولاية في مدّة لا تتجاوز ثلاثة أشهر بعد انتخابه باستثناء تونس الكبرى، وباستثناء بعض الحالة التالية (أرجو ملاحظة الخطأ اللغوي) حسب خصوصيات الجهات (ما هي هذه الخصوصيات ؟) – أن لا تعوق إقامته خارج مركز الولاية مساهمته في النشاط النقابي العادي للمكتب. وفي كل الحالات يجب أن لا يشمل هذا الاستثناء أكثر من عضوين إثنين من المكتب الواحد ». إن النصّ أعلاه قد يتضمّن أربعة مفاصل متكاملة: العنصر الأوّل: إن قاعدة الإقامة لا تطبق إلاّ بعد ثلاثة أشهر من انتخاب العضو المعني أي بعد توزيع المسؤوليات وإمضاء الحالة المدنية لا قبل ذلك. العنصر الثاني: ثمّة استثناءات متصلة بخصوصيات بعض الجهات ولمّا سكت النصّ عن ذكر هذه الخصوصيات فيمكن في هذه الحالة تصوّرها مثلا بعلاقة بالتوزيع الجغرافي للجهة كأن يكون مركز الولاية وسطيا وغير بعيد عن المعتمديات التابعة له فيشكّل بالتالي المركز والولايات المحيط وهو ما ينطبق على ولاية سليانة. العنصر الثالث: اشترط أن لا تعيق الإقامة خارج مركز الولاية المساهمة في نشاط المكتب. ومن يقيّم ذلك؟ بالتأكيد المكتب المعني الذي من حقه ضبط نشاطه وتوزيعه بين أعضائه ومعرفة قدرة كل عنصر على الإيفاء بمسؤولياته وهذا لا يتمّ إلاّ بعد توزيع المسؤوليات والبدء في النشاط النقابي. العنصر الرّابع: مكّن الاستثناء عنصرين إثنين على أقصى تقدير وسهّل بالتالي على المكتب المعني التصرّف في إقامة عنصرين من عناصره. وهو ما هو مطبّق في حالات بعض القطاعات والجهات. فلا يمكن أن نحرم سليانة من ذلك فقط لأنّ نتائج الانتخابات جاءت عكس ما كان الكثيرون يراهنون. (3) آجال توزيع المسؤوليات: ينصّ النظام الدّاخلي في الفصل الثاني والستون في فقرته الأولى على: « يتمّ توزيع المسؤوليات لكلّ التشكيلات النقابية مباشرة بعد إعلان (أرجو ملاحظة الخطأ اللغوي)عن نتائج الفرز من قبل رئيس المؤتمر وإذا تعذر ذلك (كأن يؤجّل للتثبت من الأقدمية إذا تضاربت تصريحات المترشحين المتساويين في عدد الأصوات، أو عند فرار أحد الفائزين أو أكثر في التصويت كما هو الحال بالنسبة لسليانة) يقع وجوبا خلال الثماني والأربعين (48) ساعة الموالية » وهو ما حدث فعلا إذ تمّت دعوة الأعضاء المعنيين عن طريق برقية بريدية وحضر من التسعة أعضاء خمسة وتغيّب أربعة وكان على رئيس المؤتمر أن يوزّع المسؤوليات على الحاضرين بعد 48 ساعة وجوبا بعد التثبت من أن سبب غياب الأربعة أعضاء المتبقين لا يرجع إلى أسباب قاهرة (وهو ما تأكّد منه الأخ المنصف الزّاهي رئيس المؤتمر عندما اتصل هاتفيا بالأخوة المتغيّبين وتبيّن له على لسانهم أنّ مانع الغياب ليس مانعا قاهرا بل هي تعلاّت من قبيل ادّعاء امتلاك طعون حول بعض المترشحين سنوضّح مسألة الطعون لاحقا). وبعد توزيع المسؤوليات على الحاضرين وجوبا خلال 48 ساعة وبعد التأكد من سبب غياب المتغيبين يتولّى دعوة المترشحين الموالين المرتبين في مثال سليانة العاشر 10 والحادي عشر 11 والثاني عشر 12 والثالث عشر 13 ببرقية ليتم توزيع المسؤوليات المتبقية بينهم. والقول بتأجيل توزيع المسؤوليات إلى موعد ثان لا يستند إلى أيّ نصّ قانوني لأنّ لفظة وجوبا مانعة للتأويل ولا تتضمّن استثناءات بعدها. ولذلك نستغرب التأجيل ونستغرب الغمزات التي أشار إليها الأخ الأمين العام المساعد المسؤول عن النظام الدّاخلي في اتجاه التأويل. الأخ الأمين العام يحقّ لنا نحن نقابيو سليانة أن نعبّر عن مخاوفنا من محاولات التلاعب بالقانون ونحذر من ذلك. ونعبّر عن حقنا في مطالبتكم باحترام القانون واحترام إرادة العمّال ومراعاة مصلحة الجهة ومصلحة الاتحاد. ونعلن للذين يراهنون على الوقت أو على المحاولات اليائسة لشراء الأصوات أو على رداءة تأويل القانون أنهم غير قادرين على الرجوع إلى الوراء وأن ما يحاك خارج الاتحاد سيضرّ بمصلحة الاتحاد وباستقلاليته وبديمقراطيته. الأخ الأمين العام قد نتفهّم الضغوطات المسلّطة عليكم في موضوع توزيع المسؤوليات في سليانة لكن لا نفهم ولا نقبل ولن نقبل ما يعوّل عليه البعض من أوهام ضربة السّاحر لتبديل مجريات ونتائج المؤتمر. ونقول في الأخير: لقد جعلت القوانين لتطبّق ودام الاتحاد منظّمة ديمقراطية مستقلّة نقابي من سليانة ملاحظة حول الطّعون: ينصّ الفصل 56 في الصفحة 105: « تقدّم كلّ الطعون أثناء المؤتمرات النقابية في نسختين إلى رئيس المؤتمر الذي يمضي في إحداها وجوبا ويعيدها للمتقدّم بالطّعن ولا تقبل الطعون المقدّمة بعد الإعلان عن نتائج الفرز إلاّ التي تعلّقت بالشروط القان (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ  5 جوان  2009)

ناقوس الخطر يدق أبواب عمال فنادق الحمامات


 sihem يشتكي العشرات من عمال بعض فنادق الحمامات الجنوبية من بينها « الألماس » و »فيلا ماريا » و »السرايا » والباهية بيتش و »المشموم » و »دار زكريا » و »صحراء تور »… من تأخر تسديد أجورهم التي بلغت الثلاثة أشهر للبعض وعدم تمتيعهم بمستحقاتهم التي يضمنها قانون الشغل فضلا على الطرد والإيقاف المتكرر عن العمل دون موجبات قانونية. وقال بعض العمّال ممن اتصل بهم راديو كلمة انه وبالرغم من الشكايات والمناشدات التي قدمت للسلط المحلية والجهوية خاصّة مع تردّي أوضاعهم الاجتماعية فإنها لم تلق سوى التسويف والتجاهل أحيانا، الأمر الذي جعل أصحاب المؤسسات يضاعفون من استغلال جهد العملة ويُحمّلون عددا قليلا منهم عبء الأشغال من أجل الضغط على الأجور. من جهة أخرى أفادت مصادر مطلعة بأن دائرتي العرف والضمان الاجتماعي بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية نظرتا في قضايا مئات العمال على خلفية الطرد التعسفي والمستحقات غير انه وبالرغم من الأحكام التي صدرت لفائدة بعضهم فإن تنفيذها تعثّر لأسباب شكلية بالدرجة الأولى حيث يعمد الأعراف بين الحين والآخر لتغيير اسم المؤسسة وما إلى ذلك من الممارسات التي يتعمدها المؤجّرون للتفصّي من طائلة القانون ومن تمكين العمال من مستحقاتهم.
 (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 5 جوان 2009)  


بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية فقدان أكثر من 700 موطن شغل في قطاع النسيج خلال الأشهر الأربعة الأخيرة


تونس / الوطن أظهرت دراسة  أن المؤسسات التونسية التي إضطرت إلى غلق أبوابها بسبب تداعيات الأزمة الإقتصادية العالمية، وصل خلال الأشهر الأربعة الماضية إلى 15 مؤسسة، مقابل 11 مؤسسة خلال الفترة نفسها من عام 2008. وقالت وكالة »يو بي اي » للأنباء  أن هذه الدراسة، التي تطرق وزير الصناعة والطاقة عفيف شلبي إلى نتائجها خلال ندوة نظمتها الغرفة التونسية-الفرنسية بشأن تأثير الأزمة الإقتصادية على قطاع النسيج، كشفت  أن إغلاق هذه المؤسسات تسبب في فقدان 709 وظيفة خلال الأشهر الأربعة الماضية، مقابل 619 فرصة عمل في الفترة نفسها من العام الماضي. واعتبرت الدراسة أن قطاع النسيج في تونس بات يعاني أزمة حادة على مستوى الصادرات بسبب تأثر الأسواق الأوروبية بالأزمة الإقتصادية، حيث تراجعت عائدات صادرات هذا القطاع خلال الأشهر الأربعة الماضية بنسبة 18%، وحسب الوكالة ذاتها اعتبر وزير الطاقة « أن عدد المؤسسات التي إضطرت إلى غلق أبوابها في بلاده، « يعد متواضعاً باعتبار حجم الأزمة وما خلفته من أضرار في الدول الأورومتوسطية الأخرى ». ولفت إلى أن قطاع النسيج في بلاده « ما زال رغم الظرف الإقتصادي الصعب، قادرا على الخروج من الأزمة »، واستشهد في هذا السياق بإرتفاع نوايا الإستثمار في قطاع النسيج بنسبة 35% خلال الثلاثي الأول من العام الحالي، فيما إرتفعت قيمة الإستثمارات الخارجية المباشرة في هذا القطاع، بنسبة 250 % خلال الفترة نفسها.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)
 


المجامــع المائية بجندوبــة تدخل دائرة العجز


 sihem كشفت مصادر مطلعة أن عدد كبير من المجامع المائية بولاية جندوبـــة دخلت دائرة العجز المالي مما أصبح يشكل عليها خطرا في تقديم خدماتها للفلاحين لاسيما في الموسم الذي تحتاج له عدد من المزروعات الصيفية إلى الري خاصة وان أكثر من 50 بالمائة من نقاط الري اصبح مغلقا لعدم قدرة المزارعين عن تسديد الديون المتخلدة بذممهم. وقال عدد المزارعين ممن اتصل بهم راديو كلمة ان السعر المحدد ب 126 مليم لشراء التر المكعب من الماء من المجامع مشط الامر الذي اصبح يشكل عائقا حقيقيا لاستغلال اراضيهم وثقلا لم يستطع الفلاح مجاراته خاصة أمام ارتفاع أسعار تكاليف خدمة المنتوج. وقالت تلك المصادر أن التفاوت في مساحات المجامع والتي تتراوح بين 600 و1400 هــك تقريبا والتي يعاني الصغير منها من نقص كبير في التجهيزات فضلا على تهرئ الشبكة المائية الذي حال دون قدرة المجامع على القيام بدورها وفق ميزانياتها . ولئن اعتمدت المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية جدولة ديون بعض المجامع التي دخلت تحت طائلة العجز المالي فان الإجراء المتخذ لم يحل المشكل خاصة وان هامش الربح في المتر المكعب والمحدد بـ20 مي أصبح غير قادر على توفير السيولة الكافية لتسديد رواتب العمال والإطارات من خريجي الجامعة وتصليح العطب المتكرر  (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 6 جوان 2009)

 


العمل البلدي بين خدمة المواطن والتّوظيف السّياسي الضّيق


بقلم: محمد رضا سويسي تعتبر وظائف البلديّة ومهامّها تجاه المواطن واحدة من أقرب الخدمات لهذا المواطن وأكثرها التصاقا بحياته اليوميّة في مختلف وجوهها فهي واحدة من أكثر الهيئات أدوارا وأشدّها تنوّعا وأهمّية في حياة الفرد والجماعة. فالبلديّة هي أوّل مكان يقصده المواطن لتسجيل مولوده الجديد في دفاتر الحالة المدنيّة، كما أنّها المكان الّذي يتّجه إليه لاستخراج رخصة بناء أو تحسين مسكنه، كما أنّها الجهة المسؤولة عن نظافة المكان الّذي يعيش فيه فهي المكلّفة برفع فضلات منزله وبتنظيف كامل المحيط من شوارع وأنهج وبطاح… بل إنّ هذه البلديّة تبقى تتابع المواطن بخدماتها حتّى نهايته لتكون المسؤولة على تهيئة المقابر حيث المثوى الأخير.    والبلديّة كهيئة محلّية تخضع لنوع من التّسيير المزدوج- إن صحّ التعبير- ، تسيير إداريّ يؤمّنه رصيد بشريّ من الموظّفين الإداريّين والتقنيّين القارّين يسهر على مختلف المصالح والأقسام ويمثّل خطّ التّواصل المباشر بين المواطن وهذا الجهاز الخدمي، وتسيير « سياسي » أو توجيهي يتمثّل في الإشراف وضبط التّوجّهات واتّخاذ القرارات الهامّة وهو من مهامّ المجلس البلدي يتقدّمه رئيس البلديّة وهي كما نعلم هيئة منتخبة دوريّا ويخضع انتخابها إلى نفس ميزان القوى الموجّه لبقيّة الانتخابات من رئاسيّة وتشريعيّة، كما أنّ حضور أحزاب المعارضة فيها كان دائما على قاعدة نفس النّسبة .   أمّا تمويل هذه الهيئات البلديّة فهو في جزء منه عموميّ وفي جزء هامّ منه يتأتّى من الجباية المحلّية أي من الضّرائب والمعاليم الجبائيّة والمداخيل المستخلصة مقابل الخدمات الّتي تسديها للمواطن في مختلف الأبواب الرّاجعة لها بالنّظر والمسؤوليّة ، وهي مداخيل تختلف أهمّيتها عادة باختلاف عدد سكّان المنطقة البلديّة وأهمّية الحركة الاقتصاديّة وتنوّع الأنشطة فيها.     إلاّ أنّ الملاحظ في هذا الإطار هو الحالة العامّة من التّشكّي والتّذمّر من رداءة العديد من الخدمات في أغلب البلديّات أو لنقل عدم ارتقاء هذه الخدمات إلى مستوى آمال وانتظارات السّكّان، بل إنّ البعض يذهب إلى المقارنة بين حجم الخدمات وجودتها وبين حجم الجباية المدفوعة فينتهي الاستنتاج إلى اختلال كبير في التّوازن على حساب المواطن.   ولئن كانت بعض الخدمات الإداريّة محلّ رضا عامّ مثل خدمة استخراج مضامين الولادة الّتي استفادت من تطوّر المنظومات الإعلامية فإنّ خدمات أخرى عديدة بقيت محلّ تذمّر عائد في الغالب إلى النّقص الكبير في الإطار البشري بسبب النّقص في الانتدابات. وهذا ينتج عنه كثرة الطّوابير وطولها في البلديّات حيث أنّه يمكن لأيّ مواطن أن يقضي ساعتين أو أكثر من أجل تعريف بالإمضاء أو نسخة مطابقة للأصل… أمّا إذا تعلّق الأمر باستخراج رخصة بناء -مثلا- بما يتطلّبه ذلك من معاينات ومتابعات فحدّث ولا حرج!!   أمّا النّقص الآخر البارز للعيان في أغلب البلديّات فهو النّقص في تجهيزات العمل وخاصّة المعدّة منها للنّظافة من أدوات عمل وشاحنات وجرّافات وغيرها حيث أصبح من العادي تراكم الفضلات أمام المنازل ليومين أو أكثر بكلّ ما يعنيه ذلك من تفشّي للرّوائح الكريهة ورداءة في المشهد ويبقى التّبرير المكرّر من البلديّة هو نقص التّجهيزات والأعوان … كما أنّ تشكّيات المواطنين في هذا الصّدد تمرّ كصدى في وادي أحيانا لعجز حقيقيّ في هذه البلديّات، لكن في غالب الأحيان لعدم اكتراث … فحتّى الحافز السّياسي النّاتج عن التّنافس الانتخابي محسوم سلفا في نظر القائمين على هذه البلديّات.   إنّنا إذ نكتفي بتعديد القليل فقط من النّقائص القائمة في العمل البلدي وهي البارزة للعيان والقابلة للإدراك بالعين المجرّدة فإنّ ذلك نابع من الوعي بأنّ المهمّ ليس لعن الظّلام إذ الأهمّ منه أن نضيء الشّمعة ونصنع النّور بلفت الانتباه إلى ضرورة أن يأخذ العمل البلدي بمختلف وجوهه وسبل الارتقاء به جودة ومردوديّة المكانة الّتي يستحقّها من حيث أنّه كما سبق الذّكر المحكّ الأوّل للتّعامل بين المواطن والإدارة والمجال الأوّل لرعاية وحماية المصالح الأكثر حيويّة لهذا المواطن.   إنّنا نعلم سلفا أنّ هذا الوضع الّذي تعيشه البلديّات ينسحب على أغلبها باستثناء بعض البلديّات الموجودة في بعض الواجهات السّياسيّة أو السّياحيّة الّتي تتمتّع بامتيازات استثنائيّة كما أنّها موجودة في مجالات نشاط اقتصاديّ وكثافة بشريّة تسمح لها بمداخيل جبائيّة وافرة. لكنّنا نعلم أيضا أنّ شروط النّموّ والتّطوّر متوفّرة لأكثر من بلديّة في أكثر من جهة كبيرة بنشاطها وعدد سكّانها لكنّ الخدمات فيها بقيت مراحل بعد الرّداءة.    إنّ البلديّات في مختلف أنحاء البلاد مدعوّة للعمل على الارتقاء بآدئها- لا بآداءاتها!! –  إلى مستوى حاجات المواطن تنوّعا وجودة واختصارا للوقت. فالبلديّة هي أوّل مجالات اختبار مواطنة المواطن من حيث أنّها أقرب هذه المجلات إليه ليُجسّد فيها معادلة الحقّ والواجب كما أنّها الأقرب إليه ملاحظة ومعاينة بحيث تكون أغلب التّجاوزات ومظاهر سوء التّصرّف على مرأى ومسمع منه فمن خلالها تتأكّد ثقته أو تهتزّ في منظومة التّسيير برمّتها.     لذلك فإنّه يصبح من واجب البلديّات أن تسعى لتجسيم هذه الصّورة على الوجه الأمثل بإحكام التّصرّف في مواردها الماليّة وصرفها في الأوجه المعدّة لها باعتبارها أموال المجموعة المحلّية أمّنتها عليها لتخدم بها احتياجاتها ومصالحها لا لتكون وقودا لتفاعلات ومزايدات سياسيّة بل أحيانا ذاتيّة بحتة لا علاقة لها بالعمل البلدي.   كما يتعيّن على البلديّات مستعينة بالدّولة وفق الصّيغ المتداولة أن تعمل دائما على تجديد وتحيين مختلف تجهيزاتها سواء الإدارية أو تلك المستعملة في مختلف الأشغال من تنظيف وغيره حتّى تكون في مستوى تلبية حاجات المواطن وتلافي النّقائص القائمة والّتي تزداد تراكما وتفاقما كلّما وقع تناسيها ولم يتمّ تداركها. إنّ تعلّل البلديّة عن تأخّرها في القيام بعمليّة تنظيف متأكّدة بتعطل أصاب الشّاحنة لم يعد أمرا مقبولا من المواطن.   أما الرّصيد البشري لهذه البلديّات فهو بدوره يحتاج إلى الدّعم وذلك سواء من الاداريّين أو الفنّيّين أو العمّال إذ لا يعقل أن تتوقّف عمليّات جمع القمامة وعمليّات التّنظيف في بلديّات كبيرة حجما وكثافة بسبب عدم وجود عمّال تنظيف… وفي هذا الإطار فإننا ندعو هذه البلديّات إلى الاعتماد على عمّال قارّين منتدبين وعدم الاقتصار على الأعوان الوقتيّين.   كما يتعيّن على سلطة الإشراف القيام بعمليّة جرد دقيقة لأوضاع البلديّات والسّعي لتأهيلها إداريّا وبشريّا ومادّيا بحيث تكون قادرة على القيام بواجباتها على الوجه المقبول كما يتعيّن عليها تكثيف عمليّات المراقبة للحدّ من التّجاوزات ومختلف مظاهر سوء التّصرّف واستغلال النّفوذ.   إنّ البلديّات بأدائها وإشعاع القائمين عليها ومصداقيّتهم وشفافيّتهم إنّما تمثّل بوّابة أولى من بوّابات الانخراط في الثّقافة والوعي المدنيّين كما أنّها مجال حيويّ من مجالات التّربية على الدّيمقراطيّة وتكريس مفهوم المواطنة الّذي لا يمكن له أن يتجسّد في أبعاده الوطنيّة ما دام مختلاّ محلّيا.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


جبنيانة

مدينة تتلاشى، ضمّدوا جراحها لتستعيد عافيتها من جديد


جبنيانة، المدينة الساحلية التي لا تبعد سوى 30 كلم عن عاصمة الجنوب صفاقس، تعرف عدّة مظاهر من الفوضوية والتهميش في محيطها المتواضع في ظلّ غياب شبه كلّي لمختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. ومن يزور جبنيانة يلاحظ منذ أن تطأ قدميه ترابها غياب بنية تحتية ملائمة من شأنها أن تساهم في تحسين مستوى ظروف المعيشة. وعلى عكس جاراتها تتسم جبنيانة بالطرقات الضيّقة والملوّثة والتي أصبحت تمثّل الهاجس الأساسي للسائقين نظرا لخطورة القيادة فيها، حيث شهدت هذه الطرقات العديد من الحوادث المأساوية والتي راح ضحيّتها عدد كبير من مستعمليها نظرا لكثرة الحفر والمطبّات فيها. كما أن للأمطار تأثيرا كذلك على هذه المدينة، حيث أنه في غياب قنوات الصرف الصحّي والمجاري تغرق جبنيانة في المياه والأوحال ممّا يجعل حركة السير عسيرة إن لم نقل مستحيلة، والنتيجة أن عددا محدودا من العائلات القادرة قد أنفقت من مالها الخاص قصد ربط بيوتها بقنوات الصرف الصحّي والبقية أخذوا على عاتقهم تصريف مياههم ومهملاتهم بأنفسهم ممّا أدّى إلى تراكمها وإفرازها لروائح كريهة تجعلك تهجر المكان برمّته. وفي هذا السياق يذكر أن جبنيانة ومنذ 1960 تعاني الأمرين من مصبّ النفايات الذي يعرف الإهمال والتهميش، حيث تتراكم جبال من الفضلات تنوّعت بين عجلات مطّاطية وبلاستيك وزجاج وحيوانات ميّتة تنبعث منها هذا الكمّ الهائل من روائح كريهة لا تطاق. والأدهى والأمرّ من ذلك أن هذه النفايات تسبّبت في ضرر لأشجار الزيتون المجاورة والتي هي ملكية شخصيّة وأصبحت بذلك مرتعا للكلاب السائبة والمتوحّشة التي باتت تشكّل مصدر ذعر وفزع في قلوب المتساكنين والمارّين. وبذلك أضحت جبنيانة مصبّا ضخما للنفايات يزيده محتسو الخمور تعاسة بإلقائهم لقواريرهم الفارغة تحت الزياتين. ولسوق جبنيانة طابعه الخاص، فرائحة الأسماك الكريهة تفوح في كلّ صوب وحدب، وغياب الأسعار المعلنة يمثّل خرقا واضحا للقانون على الرغم من وجود مكتب للدفاع عن المستهلك لا يبعد عن المكان سوى عشرة أمتار، والعرف المتعامل به في أغلب الأحيان أن الأسعار تحددها هيئة الشاري ولكلّ بائع مقاييسه الخاصة. العاملون والعاطلون والمثقّفون يجمعهم نفس الشغف ونفس التوجّه ألا وهو لعب الورق طوال اليوم في المقاهي التي ما انفكّت تنتشر على طول المدينة، على عكس الفتيات والنساء اللاتي يعملن في مصانع الخياطة لا لشيء إلاّ من أجل إعالة أولائك الملتصقين بالمقهى والمصاحبين لورقها. في سياق آخر تشكو مدينة جبنيانة غياب فضاء قضائي يسهّل عل المواطنين قضاء حاجاتهم بكل أريحية، فالمحكمة الموجودة منذ سنة 1957 لم تعد تفي بالغرض أمام التزايد الهائل للسكان على عكس سنة تأسيسها حيث لم يكن يتجاوز عدد السكّان آنذاك الخمسة ألاف مواطن فما بالك اليوم وعدد الشكايات والنزاعات في ارتفاع يوما بعد يوم، بينما القاعة هي نفسها يحكمها قاض وحيد مطالب بالنظر في حوالي 200 قضية على امتداد ثلاث ساعات، فتعمّ تبعا لذلك الفوضى وتغيب عن المواطن المعلومة الصحيحة. هذه هي جبنيانة، مواطنوها يهتمّون بكل شيء إلاّ بها، لا يراعون حرمة القانون ولا الأخلاق والقيم الواجب احترامها ولا بالقواعد المرسومة من قبل الدولة لتعزيز الترابط والتوافق الاجتماعي والإيديولوجي. المدينة تسقط وتتلاشى، ضمّدوا جراحها لتستعيد عافيتها من جديد.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


على موقع « الفايس بوك »:

انتهاكات في حق الطفولة البريئة


هيكل سلامة تونس/الوطن علمت الوطن أن تحقيقا قضائيا قد فتح على خلفية ظهور طفلة في تسجيل فيديو تمّ تداوله بين مستعملي الموقع الاجتماعي الأكثر رواجا هذه الأيام « الفايس بوك »، حيث تردّد فيه عبارات مشينة وكلمات بذيئة توجّهت بها لأحد نوادي كرة القدم وأنصاره، كما يظهر المقطع أنها تقوم بحركة لا أخلاقية أمام أحد الحاضرين الذي يشتبه فيه أنّه أحد أقربائها، حيث كان بصدد تلقينها بعض العبارات النابية. ويظهر مقطع الفيديو بعد ذلك هذه الطفلة التي يبدو أنها لم تتجاوز سن الرابعة وهي بين أفراد عائلتها الذين كانوا يحتفون بما كانت تؤدّيه. وقد قام مندوب حماية الطفولة بإبلاغ وكيل الجمهورية بمحكمة تونس بهذه الحادثة على اعتبار أنها جريمة في حق الطفل وهو ما قد ينجرّ عنه تتبع والد الطفلة قضائيا وقد تصل عقوبته للسجن بالإضافة إلى إمكانية تجريده من ولاية ابنته. والحقيقة أن هذه القضية ليست الوحيدة التي يمكن أن تفتح، ذلك أنه يوجد مقطع فيديو آخر يظهر طفلا لم يتجاوز الخامسة من عمره وهو بصدد احتساء قارورة جعّة بتحريض من كهل لا يسمع له إلاّ صوته وهو يأمر هذا الصغير بعبارات نابية أن يواصل شرب الخمر، ولم يكتف هذا المعتوه بذلك وواصل انتهاكه لبراءة الطفل الصغير عبر مدّه بسيجارة وإشعالها له حتى تكتمل الصورة البشعة لطفل غيّبوا فيه معاني الملائكة والبراءة، ويزيد الوجع أكثر عندما تدقق في ملامح ذلك الطفل وهو بحالة اشمئزاز من طعم الجعّة والسيجارة وتراه يطلب بعينيه أن يعفيه مرافقه من ذلك غير أنّه ينصاع لأوامره مرّة أخرى ويلتقط بيديه الصغيرتين قارورة ثانية، وينتهي هنا هذا المقطع ولنا أن نتصوّر أن معاناة ذلك البريء لم تنته. مقاطع الفيديو هذه التي ظهرت على « الفايس بوك » لم تنقل لنا في الواقع إلاّ جزءا بسيطا من معاناة عدد من الأطفال الذين يعيشون يوميا مثل هذه الممارسات من أشخاص مطالبين بأن يكونوا حماة لطفولتهم وساهرين على حسن تربيتهم، وإلاّ فما معنى أن يلقّن أب ابنته كلمات بذيئة أو يسقي أخر فلذة كبده خمرا ويأتون بعد ويطالبونهم بالاحترام. نقول لهؤلاء الآباء إن « من زرع حصد »، وأنتم تزرعون في هؤلاء الأطفال قلّة الاحترام والعادات السيئة، فكيف سيكون حالهم عندما يكبرون وتكبرون؟ هل سيكونون عونا لكم أم عليكم؟ وهل سيشفع لكم صغر سنّهم ارتكاب كلّ تلك الجرائم في حقّهم؟.
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)

المسألة الشبابية في الخطاب السياسي بين الفهم والتوظيف


بقلم عبد الفتاح كحولي مدخل عرفت السنوات الأخيرة بروزا لافتا لموضوع الشباب في الخطاب السياسي الرّسمي والمعارض كليهما وهذا البروز يعدّ في ذاته مؤشّرا إيجابيا من جهة كونه تعبيرا عن الوعي الحادّ بأهمية المسألة الشبابية والقضايا المتّصلة بها. غير أن شكل المقاربة يمكن أن يعبّر عن أزمة خطاب سياسي لم يستوعب بعد التحولات الجارية في مستوى البنية الاجتماعية والثقافية. لذلك سنحاول أن نتناول نقديا بعض عناصر الرؤية التي ينطلق منها هذا الخطاب السياسي. 1 – خطاب التمجيد والرهان على الشبيبة: ينطلق الخطاب السياسي مسلّمة من ان الشباب هو القوة المحركة للفعل في المجتمع وهي مسلّمة تجد مسوّغاتها في التجربة التاريخية إذ كان للشبيبة دور في تحرير البلاد وفي بناء الدولة الحديثة وفي مناهضة السلطة ومطالبتها بالعدالة والحرية. لقد كان الشباب في طليعة القوى الفاعلة في شتى المعارك التي عرفتها البلاد بشكل أفرز تمثلا مشتركا لدور الشبيبة في المجتمع على اختلاف الفاعلين السياسيين في تقويم هذا الدّور سلبا أو إيجابا فالإتفاق حاصل بين الجميع على أهمية هذه الفئة في المجتمع. لقد أنتج هذا التمثل خطابا في المسألة الشبابية سمته الرئيسية التمجيد والتذكير بالدّور التاريخي للشباب إلى حدّ أهمل المعطيات الرّاهنة التي نراها ضرورية في مقاربة تروم فهم الظاهرة من أجل الانخراط في مسار الحلّ للقضايا المتصلة بها. لقد تناسى هذا الخطاب أن دور هذه الفئة قد تقلّص ولا يرجع ذلك إلى عوامل أخلاقوية كما يعتقد البعض بل إلى التغير الذي أصاب منظومتي التعليم والعمل والعلاقة بينهما. لقد كان التعليم أداة الشاب في ولوج سوق الشغل وهو ما منح الشبيبة التلمذيّة والطلابية مناخا من الثقة في المستقبل كان المغذي الرئيسي لنزوعها الاستقلالي عن هيمنة العائلة والدولة ومن ثمّ انخراطها الطّوعي في الشأن العام منطلقة ممّا يتوفّر لها من طموح وحيوية لم تجد ما يكبح جماحها. إن العلاقة الضرورية بين التعليم والشغل قد انفصمت عراها وحصل فك الارتباط بينهما تاريخيا بفعل عوامل لا يتّسع المجال لتعديدها . إن فك الارتباط كان السبب الرئيس في بروز ظاهرة بطالة خرّيجي الجامعة وفي تمطّط زمني لفترة الشباب مقابل فقدان عوامل الاستقلالية التي كان يتمتّع بها. فهذه البطالة فرضت على الشباب حالة من التبعية للعائلة ولمؤسسات التشغيل وخوفا من المستقبل فضعفت لديه روح المبادرة وتغيّر دوره من الريادة إلى الإنتظارية. إن الأمر لا يتعلّق فقط بتغيّر في عقلية الشباب بقدر ما يتعلّق بتغيّر موضوعي أثر تأثيرا بالغا في طبيعة الدّور المنوط بالشبيبة وهو ما يستدعي تغيير الخطاب حول المسألة الشبابية من التمجيد الذي يراهن على توظيف هش لهذه الفئة أو التّبخيس الأخلاقوي إلى خطاب يحاول فهم القضايا المتّصلة بالفئة الشبابية وبوجه خاصّ التعليم والتشغيل وما يرتبط بهما من مفاعيل نفسيّة وعاطفية تشكل الهاجس الأكبر بالنسبة إلى الشبيبة . إن الرّهان على الشبيبة بالنسبة إلى الفاعلين السياسيين هو رهان توظيفي، فبالنسبة إلى الحزب الحاكم يحكمه الوعي بتغيّر الخارطة الديمغرافية للبلاد فجيل التحرير وبناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال آخذ في انحسار ملحوظ وهو ما يفرض عليه بوصفه حزبا يراهن على الاستمرار في الحكم ضخ دماء جديدة ومباشرة الاعتماد على الجيل الصّاعد في مغالبة تحديات اللحظة الرّاهنة وتحديات المستقبل بأدوات جديدة. فالرّهان على الشبيبة وتأطيرها يرتبط بالمصلحة الحزبية ودعم شروط الاستمرار. أمّا المعارضة فلعلّ أغلبها ينطلق وإن بشكل غير واع من تمثل تاريخي لدور الشبيبة يجد مصدره في تقليد رسخ عند بعض قوى اليسار عالميا وهو التقليد الذي ينظر إلى « الشبيبة » بوصفها البديل الموضوعي عن الطبقة العاملة المنسحبة من الفعل التاريخي في قيادة التعبير الاجتماعي ولعلّ كتابات « ماركوز » تشير إلى ذلك بوضوح وهذا التصوّر يتناسى أن الشبيبة لا تمثل طبقة اجتماعية متجانسة من حيث المصلحة والإيديولوجيا بل هي فئة عمرية قد تتضارب المصالح والرؤى بين مكوّناتها. إن هذا الرّهان لا يسلم من النزوع التوظيفي فإذا كان الحزب الحاكم يستميل الشباب لتأمين شروط استمراره في الحكم فإن المعارضة تستميل الشباب لتضمن لنفسها بعض شروط إمكان التغيير لصالحها. إن الحديث عن التوظيف لا يندرج في سياق ذمّ هذا الفعل بل إنه مجرّد تشريح موضوعي لما يحدث، فمن حق أي طرف أن يعمل على تأطير الشباب والكهول والشيوخ والنساء ولكن من حق الشباب أيضا أن يجد حلاّ للقضايا التي تعطّل فعله وترهن مصيره ولا يكون ذلك إلا عبر حوار وطني شامل بعيدا عن التوظيف السياسوي الظرفي منطلقه الإنصات الجيّد لمشاغل الشباب كما بعبّر عنها صاحب الشأن بعيدا عن منطق المرايا المحدّبة أو المقعّرة. 2 – الشبيبة والمشاركة السياسية: إن المشاركة السياسية هي الفعل الذي يمارسه المواطن من أجل التأثير في اختيار من يحكمه أو التأثير في التدابير التي تتخذها السلطة في إدارة شؤون البلاد . فالمشاركة السياسية تعني الترشح والتصويت والدعاية لمصلحة طرف من الأطراف والاحتجاج ضدّ قرار أو تدبير ما إلى غير ذلك من الأفعال التي تتغيّا التأثير في إدارة الشأن العام. وإذا كنا قد سلمنا أن الشباب لا يمثل طبقة اجتماعية متجانسة فهل يسلم القول إن هذه الفئة العمرية بمختلف إنتماءاتها الاجتماعية والإيديولوجية قد عرفت في السياق الراهن حالة نفور لافت من المشاركة السياسية كما يروج الخطاب السياسي السائد لدى مختلف الفاعلين. إن التسليم بصدقية هذا الرأي يضمر مسلّمة مسكوتا عنها وهي أن المشاركة السياسية بالنسبة إلى سائر فئات المجتمع الأخرى مضمونة و راسخة والاستثناء الوحيد هو الشباب . كما يضمر مسلّمة أخرى مرتبطة بها وهي أن الأحزاب السياسية وفّرت شروط المشاركة السياسية للشباب ولعموم الشعب . إن المسلّمتين المضمرتين لا تصمدان أمام الوقائع فالخطاب السياسي السائد لا يزال متكلّسا موسوما بالكثير من القدامة والسلوك السياسي تطبعه الانتهازية والنّرجسية والزعاماتية بعيدا عن التفكير الجاد في مصلحة البلاد والشعب. أمّا التنظيم فإنه لا يزال يعاني جمودا لا يسمح بدوران النخبة وتجدّدها. إن المعطيات التجريبية تؤكد أن القول بنفور الشباب من السياسة يعبّر عن وعي زائف وعن عدم إدراك للواجب الذاتي الملقى على الأحزاب من حيث تجديد خطابها وتخليق سلوكها وانفتاح أدواتها التنظيمية على الطاقات المتجدّدة . فماذا أعدّت هذه الأحزاب حتى يقبل عليها الشباب والكهول والشيوخ و ما هو الأمل الذي فتحته أمام الأجيال الجديدة؟ فإذا كانت السياسة في نظر النخب ركوب كل الحبل من أجل الاستمرار والاستناد إلى « المكر الساذج » في تحصيل المغانم وتحقيق المصالح الضيّقة فإن هذه الرؤية لا تنسجم مع تمثّل الشباب للعمل السياسي بل تعدّ عامل استبعاد لكلّ فئات الشعب عن الانخراط في الشأن العام . إن النفور الحقيقي هو نفور الحياة الحزبية الراهنة من استيعاب تطلعات الفئات المختلفة للشعب وخاصة الأجيال الجديدة بحكم التعارض الحادّ بين البنى المنغلقة من جهة وبين التطلعات الكبيرة من جهة أخرى استنتاجات إن هذه الملاحظات النقدية الأولية تؤكّد على جملة من الاستنتاجات المهمّة: إيجابية تناول المسألة الشبابية رغم ملاحظاتنا النقدية لأن مجرّد الاهتمام بالظاهرة قد يفتح مجالا أوسع للحوار في قضايا تتجاوز الوضع الشبابي ذاته. رغم أهمية المراهنة على تأطير الشباب فإن الأمر يستدعي خيارا أعمق في صلته بقضايا الشباب هو خيار الإنصات التام لمشاكل الشباب والتفكير المشترك في البحث عن أفق ممكن لحلّ أهم المعضلات التي حرمت الشبيبة من أداء دورها وفي مقدّمتها التعليم والتشغيل. يمكن أن تشكل المسألة الشبابية عند إدراجها في جدول أعمال الأحزاب إدراجا جادا مدخلا لتغيير أوضاع هذه الأحزاب من حيث الخطاب والعقلية والسلوك والبنية التنظيمية بما يقدّم خدمة كبيرة لمهمّة نراها ملحّة هي إعادة بناء المجال السياسي وتجديده.   

 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)
 

الوطن :في القسم الاستعجالي لمستشفى » شارل نيكول »

انتظار …لا مبالاة…وفوضى شعارها « ذراعك يا علاف »


نورالدين المباركي  تونس/الوطن قادتني الظروف خلال الأسبوع المنقضي إلى القسم الاستعجالي بمستشفى « شارل نيكول ». كانت حالة من أرافقه تتطلب التدخل السريع حسب توصية طبيبه المباشر وكانت حالتي النفسية سيّئة وأنا أراقب من أرافقه يتألم بشدّة. كنت أعتقد أنه سيتم الكشف عنه بسرعة وتمكينه من المهدئات بالسرعة ذاتها خاصّة أن توصية الطبيب تتطلب ذلك. أول ما لفت انتباهي أنّ قاعة الاستقبال الأولى حيث يوجد شباك التسجيل تعجّ بالمرضى وغير المرضى، هناك المتّكئ على الحائط ،وهناك من حجز ثلاثة مقاعد (كل جزء من جسمه على مقعد ! ) أمّا أمام شباك التسجيل فالفوضى هي سيدة الموقف، الكل يريد أن يسجّل الأول والعون المكلف بالتسجيل يتصرف بهدوء وراء الحاجز البلوري الذي يفصله عن المواطنين حتى أن هناك من علّق قائلا : » ما أبرد دمّو » وهناك من طلب منه أن « يتلحلح » !! ومع ذلك واصل الموظّف عمله بهدوء وكأن ما يحدث أمامه لا يعنيه ! بعد محاولات شعارها « ذراعك يا علاف  » تمكّنت من تسجيل المريض وتوجهت معه إلى القاعة الثانية حيث توجد مكاتب الأطباء المكلّفين بالكشف وقاعة استقبال أخرى وكنت أعتقد أني تجاوزت المرحلة الأهم بتسجيلي المريض لكن اتّضح لي أن هذه المرحلة لا تعني شيئا أمام ما ينتظرنا. أوّل إشكال اعترضنا في باب الدخول إلى القاعة الثانية فالعون المكلف بمراقبة باب الدخول في حالة خصام دائم مع المواطنين ينهرهذا ويغلق الباب أمام آخر ولا يتورّع عن الصياح في الوجوه وكأن الذين أمامه ليسوا مرضى جاؤوا إلى هذا القسم لأن حالتهم استعجالية. طلبت من هذا العون أن يهدأ وأن يتصرّف بهدوء فكانت إجابته « عملوا فيّ..الكلْ يحبّو يدخلو..والتعليمات عندي أن يدخل المريض مع مرافق واحد… »ربما هذا العون محقّ فبعض المرضى يرافقهم كافة أفراد العائلة ويريدون الدخول جميعا. لكن لتجنّب هذه الحالة من الفوضى ألم يكن من الممكن إيجاد طريقة أخرى تنظّم عملية الدخول إلى القاعة حيث توجد مكاتب الأطباء؟ ! . دخلت القاعة الثانية ووجدت مكتبا واحدا يشتغل، أمامه عشرات المرضى ينتظرون… هناك من يجلس القرفصاء ويتألم وهناك من اختار حضن والدته أو زوجته وهناك من لا يكفّ عن طرق الباب في محاولة لإعلام الأطباء أنّ حالته تتطلب التدخل.. قالت لي سيدة في عقدها الخامس أنّها تنتظر منذ الساعة الثانية بعد الظهر . جلست أمام الباب أنتظر دور المريض الذي أرافقه وفي الوقت ذاته أراقب ما يحدث : قاعة الاستقبال في هذه القاعة تعجّ بغير المرضى وهناك تساءلت كيف دخلوا أمام تلك الصرامة التي أبداها العون المكلف بحراسة الباب هل غُلب المسكين على أمره؟ أم أن هناك أمر آخر ! .. النظافة في القاعة في حاجة إلى مزيد العناية، آثار البصاق وغيرها ظاهرة ورائحة السجائر تتسرب من دورات المياه، وفيما أنتظر دور من أرافقه مرّت أمامي حالات تبدو بالعين المجردة (ربّما التقييم الطبّي يرى عكس ذلك) في حالة تتطلب تدخلا سريعا ومع ذلك لا يتم قبولها بسرعة مثل شيخ في أواسط عقده السابع كان في حالة شبه إغماء انتظر أمام الباب مع مرافقيه  ثم أجرت إحدى بناته مكالمة مع طبيبه وقالت له أنها ستنقله إلى مصحّة خاصّة لأنها لا تستطيع أن تنتظر كثيرا  وسألت عن التكلفة فأجابها بأنها نحو ألف دينار، وافقت البنت قائلة « صحّة والدي أهمّ ». بقيت أنتظر أمام باب الطبيب نحو ساعة حتى أن المريض الذي أرافقه شعر بدوار وأراد أن يتقيأ من الضغط والألم ثمّ طلب منّي أن نغادر حالا لأنه لم يعد يستطيع أن يتحمّل الوقوف والانتظار والروائح والألم الذي يعصف به. عندها اتصلت بالطبيب المباشر للمريض الذي أرافقه وشرحت له الصورة فطلب منّي أن أمرّر الهاتف إلى أيّ طبيب في القسم وهو ما فعلت فتمّ قبول المريض والكشف عنه في أقل من عشر دقائق !!! . لا أريد أن أشكّك كليا في الخدمات التي تقدمها الأقسام الاستعجالية في المستشفيات التونسية لكنها في حاجة إلى التأهيل وإلى مزيد التنظيم خاصّة أن أغلب المترددين عليها (على الأقل هذا ما لا حظته) هم من الفئات الشعبية التي لا تستطيع التوجّه في مثل هذه الحالات إلى المصحات الخاصّة. (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


منارات

كيف تستعيد البكالوريا سطوتها في ظلّ تراجع قيمتها العلمية والاجتماعية؟


بقلم كمال الساكري يتجه اهتمام كافة أفراد شعبنا هذه الآونة إلى امتحانات البكالوريا يتابعون فلذات أكبادهم وأقاربهم إن لم يكن بالسهر والعناية والتأطير والمرافقة والإنفاق فَبتسقّط أخبار الممتحنين والممتحنات وما طرح عليهم من أسئلة وإشكاليات وامتحانات تبلغ مرتبة المحن أحيانا عند البعض. وتتحوّل أجواء الامتحانات في غدو التلامذة ورواحهم ومتابعة الجميع لهم وإن بدرجات إلى موسم احتفالي تتجلى فيه أواصر القربى وآيات التضامن وصور حب العلم وتبجيله وتعظيمه حدّ التقديس. ولئن تميز شعبنا بميزة فلعلّها أن تكون تثمين العلم وحب أهله وتقديرهم. ولذلك فإنّ كافة الأسر التونسية تضع على رأس نفقاتها واهتماماتها التعليم وما يقتضيه من ملابس وتجهيزات وكتب وأدوات بيداغوجية من الرياض إلى الجامعات لا تبخل بشيء بل إن آلاف الأسر تكدح وتشقى وتضاعف ساعات عملها وتبتدع أبواب للرزق إضافية من أجل توفير أموال تعين منظوريها على طلب العلم ولا تتوانى في تشجيع أبنائها وبناتها على مزاولة الدروس الخصوصية ولو كانت أحيانا مشطّة وغير مجدية !! . إن حبّ شعبي للعلم وشغفه به وبأهله لا يكاد يقارن بأي شعب آخر من شعبنا العربي والعالم الثالث وليس بمقدور أحد أن يحد من اندفاع شعبنا إلى المدرسة وتضحيته في سبيلها. لكن حب شعبي بكافة فئاته وجميع مكوناته للعلم والمدرسة ليس حبّا إفلاطونيا أو عذريا أي حب من أجل الحب ! بل إنّ سرّ ذلك الحبّ عائد إلى إيمان شعبنا ونخبه بفضائل العلم ورذائل الجهل فالعلم نور « وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ » ثم إنّ الترقي العلمي وسيلة للترقّي المهني وبالتالي الاقتصادي الاجتماعي من أجل كل ذلك ضحّى شعبنا ويضحّي ولكن أن يتحول طلب العلم إلى مجرد جمع الشهائد العليا و تكديسها ثم البطالة والضياع والإذلال  » وتقرأ وإلا ما تقراش المستقبل ما ثمّاش !!  » فهذا هو الوجه الآخر للحب العذري والحب من أجل الحب ! والعلم من أجل العلم. نحن نذكر هذه الأمثلة على هامش امتحان البكالوريا وما أدراك ما البكالوريا التي أخذت تفقد قيمتها العلمية منذ سنوات وتتدحرج تبعا لذلك اجتماعيا ومهنيا. والمطلوب اليوم أن تقف وقفة حازمة لإصلاح أمر البكالوريا قبل أن يفوت الفوت ! لقد تراجعت سطوة البكالوريا يوم أقرت وزارة التربية والتكوين تعديل شروط النجاح بأن سمحت منذ بكالوريا 2002 بتنفيل 25 % من المعدل السنوي في المعدل العام لمترشح البكالوريا كلما كانت تلك النسبة تضيف للمترشح ولو سنتيما واحدا . وكانت التعلة تثمين دور الأستاذ طوال السنة الدراسية بعد أن لوحظ تغيب مترشحي البكالوريا عن الدروس طوال السنة واعتمادهم على جهوزيتهم أيام امتحانات البكالوريا فقط… إضافة إلى تثمين عمل التلميذ طوال الثلاثيات الثلاث قبل إجراء امتحانات مناظرة البكالوريا وهي في رأينا ذرائع واهية لا تصمد كثيرا أمام ما خلقته الوضعية الجديدة الناجمة عن احتساب الربع من المعدل السنوي في المعدل العام للبكالوريا فقد أصبحت هذه الشهادة الشامخة والمطية العصيّة على التذليل والنخلة السامقة عن الطلوع ولا أقول التسلق حمارا قصيرا ولم نفق بعد مدّة وجيزة إلا ومستويات طلبتنا هزيلة فكأنهم يجتازون صراط البكالوريا زقفونة متكئين على عصا الــ25 % . ولكن حينما تعود المياه إلى مجاريها وتسحب تلك النسبة الزقفونية ويحصحص الحق ينكشف ضعف أغلب طلبتنا وعجزهم عن النجاح في مناظرة التوجيه الجامعي فبينما يفوز الممتازون من الطلبة والطالبات المنحدرين أغلبهن من الطبقات الميسورة، لما يتطلبه الامتياز من إنفاق باهظ في الدروس الخصوصية عامّة والعلوم خاصّة بالشعب الوجيهة اجتماعيا كالطب والهندسة والصيدلة فإن الغالبية المتبقية لا تختار شعبا ولا اختصاصات وإنما تجبر بحكم مجموع نقاطها score )) على شعب واختصاصات لم ترغب فيها ولم تخترها وهنا بالضبط تبدأ الرحلة الدرامية للطلبة مع مصير لم يختاروه فتتعدّد سنوات الرسوب وامتحانات إعادة التوجيه والبحث عن الوساطة والمحسوبية لعلها تخلصهم من ورطتهم وليس أمام الأولياء إلا التضحية بكل ما يملكون لمساعدة منظوريهم بطرق مشروعة أو غير مشروعة . وبعد هذه الرحلة المؤلمة يجد الطالب نفسه أمام محنة التشغيل سواء بعد تخرجه أو طرده أو مغادرته الجامعة. وأمام هذا الواقع المرير المليء بالعقبات يحسن بوزارة التربية أن تعالج هذا الواقع من الأساس وذلك بــ: 1 – بتجويد التعليم، من الرياض إلى الجامعات، برامج وقيما وبيداغوجيا. 2 – إعادة مناظرة السادسة إلى الإبتدائي 3 – التخلي عن التنقيل في البكالوريا المتمثل في احتساب 25% من المعدل السنوي للمترشح ضمن معدّله العام كلما كان التنفيل في صالحه. 4 – إعادة تأهيل التوجيه الجامعي بما يخدم رغبات الطلبة وميولهم ثم إمكاناتهم بعيدا عن ضغوط مجاميع النقاط الخادمة للميسورين أساسا. 5 – ولن يصلح أمر التعليم والامتحانات والشهادات والتوجيه والتشغيل إلا إذا فتحت الدولة أبواب الاستثمار في قطاعات جديدة واعدة ذات تشغيلية عالية كالطاقات المتجددة والتصنيع الفلاحي والصناعة الثقافية بما يساعد على امتصاص ألوف العاطلين الحاليين والقادمين… فهل آن للبكالوريا أن تستعيد سطوتها؟
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


حالة نادرة في تونــــس: رجل لم يذق طعم النوم منذ 21 عاما!


* تونس «الشروق» 21 سنة لم يذق فيها مواطن تونسي طعم النوم… هذه ليست خرافة أو دعابة إنما هي حكاية من صميم الواقع يعيشها السيد خليفة الرياحي أصيل «دوار الصفحة» من معتمدية بوفيشة ولاية سوسة… لم يسعفه الطب ولا الشعوذة للتخلص من هذه الحالة النادرة… وقد يتساءل البعض أو يستغرب كيف لهذا الكهل البالغ 54 سنة أن يظل حيا وهو الذي لم ينم طيلة عقدين ونيف من الزمن؟ لكن شاءت الأقدار أن تكون حياة خليفة هكذا. عندما اتصل بي السيد خليفة الرياحي، ليخبرني عن حالته المتمثلة في عدم النوم طيلة 21 سنة ظننت أن الرجل يعيش حالة الهوس أو هذيان… لكن الفضول دفعني إلى اللقاء به… بدا السيد خليفة في كامل مداركه العقلية يحكي بكل ثبات عن حالته النادرة رغم احساسه بالارق الدائم ويعود بذاكرته الى سنين خلت فقد كان يعيش حياة طبيعية كغيره من البشر إلى أن تغيرت حياته رأسا على عقب ففي أواخر سنة 1987 حاول أن يخلد إلى النوم ولم تمر سوى خمس دقائق حتى أفاق من جديد… ظن أن الأمر مجرد أرق سيزول لكن النوم لم يداعب جفونه… مضت الساعة تلو الأخرى واليوم وراء الآخر بدون أن ينام حينها اشتد ارتباكه فاتصل بالمراكز الطبية وكان في كل مرة يتسلم أقراصا منومة لكن دون نتيجة تذكر. ومنذ خمس سنوات وبعد مراقبة دقيقة من أطباء مستشفى «سهلول» بسوسة وهو يتناول أدوية كادت أن تودي بحياته حينها قطع علاقته بالطب. الالتجاء إلى العرافين حاول السيد خليفة ايجاد حلول بديلة فاتصل بعديد العرافين في كامل أنحاء الجمهورية وكان كل واحد منهم يمده بوصفة لكن دون نتيجة تذكر فدار لقمان ظلت على حالها والسيد خليفة لم يذق طعم النوم حتى أنه شرب الخمر إلى حد الثمالة محاولة منه للخروج من مأزقه والعودة إلى حياته الطبيعية… أشياء عديدة قام بتجربتها لكن حياته لم تتبدل منذ 21 سنة حتى أنه فكّر في الانتحار لكن تعلقه بأبنائه جعله يحيد عن ذلك… وعن وضعيته الحالية يستدرك محدثي أنه يرى الأشياء مقلوبة ولا يستوعبها إلا بعد مرور مدة زمنية… كما أنه يقضي فترات الليل غارقا في التفكير حتى مطلع الفجر… ومن تداعيات هذه الحالة النادرة قيام السيد خليفة بأربع عمليات اثر اعوجاج على مستوى فكيه وأوجاع في قدمه وأخرى في ظهره حتى أنه لم يعد يقدر على العمل وتوفير حاجيات عائلته وقد اتصل بالسلط المعنية لكن الأبواب ظلت موصدة في وجهه… سألنا إحدى بناته وتدعى بسمة فذكرت أنها لم تر والدها نائما منذ أن بدت تعي الوجود وبات من المعتاد أن ترى والدها في حالة استفاقة دائمة فكل أوقاته يمضيها شارد الذهن… وإذا ما أحس بالضجر يدخل في حالة من الغضب الشديد فتتحاشاه صحبة اخوتها ووالدتها رأفة بحالته المستعصية… مثل هذه الحالة النادرة تجلب الشفقة  لكن يمكن أن تسجل في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية.     * عبد السلام السمراني * اختصاصي في حالات النوم المضطرب: الأرق لمدة 3 أسابيع يؤدي إلى الهلاك يبين الدكتور محمد التركي اختصاصي في حالات النوم المضطرب أنه من المستحيل أن يعيش إنسان دون نوم طيلة 21 سنة ويبين أنه في أمريكا تم اخضاع عدد من الشبان لعدم النوم فكادوا أن يهلكوا بعد أسبوعين فقط. ويضيف أن الإنسان العادي سيلقى حتفه في ظرف ثلاثة أسابيع إن لم يخلد للنوم. ويفسر الدكتور التركي أن الحالة التي يعيشها هذا المواطن التونسي هي عدم إحساسه بالنوم. لكنه ينام دون أن يعي بذلك. من جانب آخر يضيف الدكتور أن 90 من الحالات في تونس عولجت شرط البحث المعمق عن السبب الخاص بالاضطراب وأن حالة هذا المواطن يمكن علاجها ليعود إلى حياته الطبيعية إذا ما تم تشخيصها بدقة. (المصدر: جريدة الشروق ( يومية – تونس ) بتاريخ 7 جوان 2009  )


صغير متناهي الصغر.. أكبر من الكبراء!


نور الدين العويديدي   تعادل مساحة تونس مساحة لبنان 16 مرة وبعض الصرف.. وتعادل مساحة الجزائر مساحة تونس 16 مرة وبعض الصرف أيضا. ما يعني أن حجم الجزائر بالنسبة لحجم لبنان هو  16 ضرب 16، أي 256 ضعف. – في تونس تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية وفي الجزائر تجري انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفي بلاد عربية كثيرة أخرى، كبيرة الحجم أو صغيرته، تجري انتخابات أيضا، إلا أن الانتخابات في لبنان لها طعم مغاير وألق مختلف. – في لبنان ذلك البلد الصغير بمساحته، الكبير بقدره وديمقراطيته وتنافسه النزيه.. في لبنان ذلك البلد الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس.. يعدل النائب البرلماني الواحد معظم نوابنا البرلمانيين ويزيد عليهم قدرا وقيمة ووزنا. – يعبر النائب في بلد الأرز عن الشعب الذي انتخبه. أما في بلاد التمر والزيتون تونس فإن النائب يعبر عن الحكومة التي اختارته ليكون نائبا، ولذلك فهو لا يشعر بفخر ولا بعزة ولا بثقة في النفس، تمكنه من متابعة الفساد، ومحاسبة السلطة التنفيذية، وحفظ المال العام من النهب واللصوصية، ومنع التعدي على الحقوق والحريات.. فكيف له أن يعض اليد التي أحسنت إليه، وجعلت منه نائبا والنوائب علينا كثيرة. – أما في لبنان فالنائب يمثل ناخبيه، ومنهم يستمد قوته وفخاره وسلطته، وعبر تمثيلهم يسمع كلمته من به صمم. – في لبنان قد تغير أصوات بعض الآلاف بل بعض المئات من المواطنين فقط تشكيلة حكومة بأسرها، ومن ثم يؤثرون بقوة في معادلة دولية معقدة. – أما عندنا فإن ستة ملايين ناخب أو أكثر لا يعدلون جناح بعوضة في رأي حكومتنا السنية. – في لبنان المواطن ينتخب نوابه ويقرر شكل الحكومة التي يريد. – أما عندنا في تونس فإن الحكومة تنتخب النواب وتصوت بدلا من الشعب. أبعد من ذلك فإن لنا نخبة تزايد على حكومتنا، تتمنى لو تستطيع أن تلقي بالشعب في البحر، وأن تأتي بشعب جديد على صورتها، يقطع مع ماضيه وتاريخه.. ويعيش في بلده العريق وكأنه يسكن بشكل مؤقت في فندق عائم، لا روح له ولا هوية ولا دين ولا لغة ولا تاريخ. لا تكتسب الدول والشعوب قيمتها وأهميتها بالمساحة الجغرافية الكبيرة وعدد السكان الهائل.. هذه أشياء تكتسب قيمة مضاعفة إذا تضافرت مع نظام سياسي ديمقراطي يمثل شعبه، ويحتكم لرأي ناخبيه، ويدافع عن قضايا شعبه وأمته. أما إذا حكمها نظام مغترب فاسد بعيد كل البعد عن شعبه وهمومه وآلامه ومطامحه، فإنها لا تبعد أن تكون غثاء كغثاء السيل، أو كزبد يذهب جفاء. ————————————————————– (المصدر: مدونة الصحفي نور الدين العويديدي على الفايس بوك)

أخبار الشيخ – في الذكرى 556 لفتح القسطنطينية


الخميس, 04 جوان/حزيران 2009   في إطار الاحتفال بالذكرى 556 لفتح القسطنطينية نظم مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية التركي في مدينة اسطنبول يومي 28 و29 ماي المؤتمر الدولي الثامن عشر لإتحاد المجتمعات الإسلامية تحت شعار  » نحو بناء عالم جديد: الأزمة الإقتصادية العالمية والإسلام » بحضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والفكرية من 35 دولة منهم البروفيسور نجم الدين أربكان  الزعيم التاريخي للحركة الاسلامية التركية  و رئيس الحكومة التركية الرابعة والخمسين  والسيد نعمان كرتملوش رئيس حزب السعادة والسيد برهان الدين رباني الرئيس الأفغاني السابق و الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والشيخ عبدالهادي أونج رئيس الحزب الاسلامي الماليزي والسيد محمد نزال عضو المكتب السياسي لحركة حماس… وفي كلمة الافتتاح قال السيد محمد رجائي قوطان رئيس مركز البحوث الاقتصادية والاجتماعية  » إن الازمة المالية التي يهدها العالم أعلنت إفلاس النظام الامبريالي الذي عجز عن حل هذه الأزمة فالحضارة الغربية استهلكت ونفذت قوتها لأنها حضارة القتل والجوع وعلى المستضعفين في العالم العمل على بناء حضارة جديدة تقوم على قوة الحق والعدل بدلا من حق القوة » أما البروفيسور نجم الدين أربكان فقد أشار في محاضرته الى ما تقوم به الامبريالية من تشويه للمفاهيم ومنها مفهوم العولمة  » الذي في حقيقته لا يشير الى كافة شعوب العالم  وإنما الى فئة محدودة تسيطر على مقدرات العالم مستخدمة آليات عديدة لاستمرار هيمنها ومنها الإعلام وصناعة الأفلام (التي تمرر قيم التحلل والشذوذ عبر البطل الأبيض والمتمدن والمتحضر) والمؤسسات الاقتصادية التي تستغل الشعوب المستضعفة من خلال النظام الربوي وزرع العملاء في مواقع السلطة لتوجيه القرار السياسي ». ومن خلال عرض تاريخي سريع بين البروفسور أربكان أن  » الله أرسل الرسل لإنقاذ البشرية كلما انحرفت الحضارة عن ميزان العدل وغلب على نهجها مبدأ حق القوة « وهو المبدأ الذي تعتمده حضارة الغرب المعاصرة مما يضع الانسانية بعد ختم النبوة أمام تحد حقيقي للخروج من أسر الحضارة الغربية والنظام الامبريالي » وفي حديثه عن الدولار الامريكي  الذي يسميه « بالدولار اليهودي » (لتضمنه رموزا يهودية منها الهرم والعين وكتابات تحت الهرم تشير الى عقائد اليهود) قال اربكان  » إن ثلاثة ترليون دولار في العالم خارج أمريكا وهي لا قيمة لها لأنها مجرد ورق دون رصيد لها من الذهب ومن خلال لعبة الورق هذه يبتزون بترول العالم العربي ويقدمون القروض الربوية ». وعند تعرضه للحيف والظلم في قرارات مجلس الأمن الذي تتمتع فيه الدول الكبرى بحق الفيتو تساءل أربكان  » ماذا نفعل نحن المسلمين في منظمة الأمم المتحدة؟ ولماذا لا نؤسس منظمة جديدة لليونسكو تهتم بالآثار الاسلامية بدلا من تلك التي تعنى بالآثار البيزنطية فقط » وفي ختام كلمته دعا البروفيسور اربكان الى مقاومة الصهيونية العالمية مبينا أن الشعوب المستضعفة ومنها الشعوب الاسلامية  » تقوم بإثراء النظام الامبريالي العالمي  تماما كما خضع العبيد في عهد الفراعنة الى عملية بناء الأهرامات » ومن جهته أكد رئيس حزب السعادة السيد نعمان كرتملوش أن الأزمة العالمية لا تقتصر على الجانب الاقتصادي وانما  » لها ابعاد سياسية واجتماعية واخلاقية فهي ازمة حضارية لحضارة غربية تأسست على رؤية للعالم تعتبره ملكا لنا ولسنا مستخلفين فيه، وتعتبر الانسان مجرد وسيلة للانتاج، وتتجاهل أبعاده الاجتماعية لتركز على مبدأ الفردانية، واستبعدت الدين من مجال الحياة فلم يبق من الكنيسة في الغرب سوى البعد المعماري، مما حول العالم الى غابة مليئة باللصوص والوحوش، فشهدت البشرية خلال القرون الثلاثة الماضية أكبر الحروب. وبحسب نظرية ابن خلدون فإن هذه الحضارة قد بلغت ذروتها وليس لها إلا الأفول، وعندما تصل الحضارة الى هذه المرحلة تكون للأسف أكثر وحشية ودموية وهو ما يتجلى في العراق وفلسطين وأفغانستان » وأشار السيد نعمان الى  » ان المسلمين يمتلكون مقومات الحضارة ولكن على مفكريهم ومثقفيهم وقادتهم ترك التواكل والكسل والتخلص من الذهنية الانهزامية التي سيطرت عليهم طوال القرون الثلاث الماضية منذ عجزهم عن فتح فيننا والاستفادة من الطاقة البشرية لهذا العدد الكبير من السكان والذي في حاجة الى التوظيف المناسب والصحيح بالاضافة الى المساحة الجغرافية الواسعة والتي تزخر بالطاقة والمواد الأولية الخام التي في حاجة الى الاستغلال الرشيد » من واجب العالم الاسلامي حسب السيد كرتلموش التخلص من هيمنة المؤسسات  الامبريالية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية لاستغلال مقدرات العالم الثالث والعمل على تطوير نظام اقتصادي عالمي جديد يتأسس على المرجعية الاسلامية ويقدم الحلول لمشكلات الانسانية وليس شعوب العالم الاسلامي فقط  » لأننا يجب ان نعمل على استعادة الحقوق المغتصبة لأي مواطن في العالم لنصبح رسل سلام للعالم بناء على قيم ومفاهيم ديننا الحنيف والتي منها العدالة والتعاون والتعارف لخير الانسانية وشعوب العالم » أما البوفيسور برهان الدين رباني فقد أشار الى ان القرن العشرين وهو قرن الهيمنة الغربية شهد 130 حربا ذهب ضحيتها أكثر من 120 مليون شخص وان حلف الناتو قدم الى افغانستان بدعوى محاربة الارهاب ولكنه نشر الفوضى والدمار واتسعت دائرة الحرب والقتل لتطال باكستان وان الأمل في جيل الصحوة الاسلامية المباركة الذي صمد في لبنان وغزة في وجه الالة الصهيونية لم تصمد في مواجهتها جيوش الدول العربية مجتمعة. وأكد الشيخ راشد الغنوشي في كلمته على أن الازمة الاقتصادية التي يشهدها العالم هي فرع لأزمة حضارية وأخلاقية وسياسية هي نتاج رؤية فلسفية غربية للإنسان تتجاهل الوجود الالهي ودوره الاساسي  في تنظيم الحياة، زاعمة تحقيق السعادة  للانسان دون حاجة الى  شرائع الله وانبيائه. لقد تقدم الوجه الليبرالي للحضارة الغربية على اثر انهيار الوجه الاشتراكي على انه نهاية التاريخ وانه المصير النهائي للانسانية ا بلا منازع ولكننا اليوم نشهد انهيار هذا الاخير ايضا وبذلك تأخذ هذه الحضارة الفائمة  على تهميش دور الخالق في تسيير شؤون الخلق طريقها الى الانهيار على خطا كل سابقاتها التي تنكبت عن طريق النبوات. وذكر الشيخ الغنوشي  » ان الاسلام كان له دور – بالاضافة الى الاسباب الداخلية- في انهيار الحضارة الغربية  من خلال مقاومته الباسلة لمشاريعها التوسعية في العراق وفلسطين وافغانستان ، تماما كما كان فعل في الماضي  مع الحضارتين  الإمبراطورية الرومانية والفارسية » واليوم وعلى امتداد العالم الاسلامي يقول الشيخ الغنوشي « هناك حركات إسلامية تذهب بالتحرر أبعد  من مجرد نفض الغبار على عقائد الإسلام – كما كان الأمر للمصلحين الكبار منذ قرنين- وتهدف للتحرر من المناهج الفكرية التي فرضها الغرب عبر نخبه ومواجهة الاحتلال بالمقاومة التي تحمل راياتها الحركات الاسلامية… فالصحوة الاسلامية في حالة صعود على امتداد العالم الاسلامي، وحيث وجدت مساحة للحرية  وللمنافسة كان التيار الاسلامي هو الغالب ». وعدّد الشيخ مكاسب التيار الاسلامي على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي  » ويحقق الاسلام اليوم تمددا هائلا على جغرافية العالم ، بما يجعله كما هو عالمي في مبادئه ومشروعه عالميا بتمدده في كل المعمور، كما أن أتباعه يزدادون استيعابا للمعارف وعلومه وتقنياته واسهاما في التأثير في السياسات العالمية فما عادت قوة عالمية قادرة على تجاهله بل إن عقلاء الغرب يتجهون للحوار والتصالح معه والإفادة من الحلول التي يقدمها للازمة الرأسمالية بتحريم الربا وهو ما عبروا عنه بإنزال قيمة الفائدة الى الصفر » ثم عدد الشيخ الغنوشي جوانب القصور في الحركة الاسلامية ومنها  » تضخم القطرية رغم أننا أمة واحدة بنص القرآن، والأعداء  يواجهوننا كأمة، ولكننا واقعيا حوالي 60 دولة، وأصبحت القطرية ثقافة تزاحم روح الأممية الاسلامية، في الوقت الذي يتحول فيه العالم الى مجموعة من التكتلات الكبرى ».  كما أشار الغنوشي الى مشكلة  » ضعف قدرات الامة في ادارة الاختلاف بسبب الموروث الثقافي والتجربة التاريخية التي حسم فيها الخلاف سريعا بالسيف » فتوارثنا ذلك وقعدنا عن تطوير آليات تحول الشوري نظاما لادارة اختلافاتنا سلميا كما فعل الغرب لاحقا. ولذلك اعتبر الشيخ   » الاستبداد هو العقبة الرئيسية أمام نهضة الأمة، وما ازدهار الصحوة الاسلامية في الغرب الا بسبب وجود الحرية، فيما هي تواجه بالقمع في كثير من بلاد الاسلام » ودعا الشيخ الغنوشي الى تعميق ثقافة العدل الاقتصادي، فقد أصبحت  مدننا الكبرى محاطة -كما يقول-   » بأسيجة من الفقر والفئات المهمشة، فهل نمتلك ثقافة قادرة على تفعيل هذه الملايين المهمشة وهي التي صنعت التغيير عبر التاريخ، بدلا من أن تظل مسرحا للجريمة والمخدرات والفساد، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( والله ما آمن، والله ما آمن، والله ما آمن، من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم) فلا بد من تطوير نظام اقتصادي يجسد بحق مفهوم الأخوة الذي يجب أن يتعمق ويتسع ليشمل الإنسانية » كما استعرض الشيخ جوانب من انجازات الحركة الاسلامية في المستوى الاقتصادي والاجتماعي بما طورت من نظم مصرفية تقصم ظهر استفلال الاقوياء لحاجة الضعفاء عبر مختلف ضروب المراباة ، حققت هذه المصارف نجاحات سريعة جعلها ملجأ لراس المال المذعور هذه الايام ومصارف أخرى للفقراء ومؤسسات للتامين التعاوني بديلا عن التامين الراسمالي ، الى جانب تنمية مؤسسات إغاثية توظف أموال الزكاة والصدقات ليس فقط للتدخل خلال الكوارث وما أكثرها ولإسعاف اليتامى والارامل ، وإنما في القيام بمشاريع تنموية صحية وتعليمية وتدريبية بما ينقل المحتاج الى طاقة فعل وانتاج. ولولا أنظمة القمع التي تتصدى للمشروع التنموي الاسلامي الشامل سواء داخل عالم الاسلامي أو من قبل النظام الدولي الجائر الذي شن حربا لا هوادة فيها ضد هذه المشاريع التنموية بذريعة محاربة الارهاب حتى لا يبقى في المحصلة في ساحات إغاثة الشعوب المقهورة غير المنظمات التبشيرية، لولا ذلك ما بقي في عالم الاسلام وفي خارجه ايضا فقير ولا مريض ولا جاهل. ومن جهته قال الدكتور عبد المجيد مناصرة:  » بعد سقوط الاتحاد السوفياتي جاء الدور على الولايات المتحدة الأمريكية التي فشلت في العراق وافغانستان وفشلت في نشر الديمقراطية وهي اليوم تعيش أزمة اقتصادية بسبب هشاشة النظام الاقتصادي الغربي الذي يقوم على تكديس الثروة عبر التجارة في المال بدلا من لتجارة بالمال »،  وذكر الكتور مناصرة أن هناك فرصة تاريخية  » للتقدم للعالم بالبديل الاسلامي لقطع الطريق على عودة النموذج الاشتراكي، على ان يتأسس النظام الجديد على قيم الحرية والمساواة والعدل والكرامة والعلم والعمل، مع ضرورة اشراك كل قوى الأمة في انجاز البديل الاسلامي » (موقع الشيخ راشد الغنوشي   بتاريخ  04 جوان/حزيران 2009 )

بسم الله الرحمن الرحيم

تصحيحات ضرورية بمناسبة

إحياء ذكرى الإعلان الـ(28) عن حركة الإتجاه الإسلامي (النهضة)


بقلم محمد شمام هذه التصحيحات هي في الفقرات الثمانية التالية : بيان إحياء الذكرى مخالف للحقيقة!!!/ مفارقة !!!!!/ حقيقة حركة النهضة وأصولها/ لن يستطيع أحد أن يسلب منا حريتنا إلا بقدر قابليتنا لهذا السلب/ حركة النهضة بين المثالية الإسلامية والواقعية البراقماتية/ إننا نصنع لأنفسنا وللناس أوهاما تلهينا عن ذواتنا وعن المهمات الأساسية/ التدين الجديد مفارق لطبيعة سياسات السلطة وللغلو العلماني وللسمت العام الحالي لحركة النهضة/ الوضع التونسي شاذ وتحولاته نتوقع أن تكون أيضا شاذة/ (1) بيان إحياء الذكرى مخالف للحقيقة!!!: بمناسبة ذكرى الإعلان الثامنة والعشرين (وأقول إعلان وليس تأسيس)، لفت انتباهي مقال ثم بيان حركة النهضة نُشِرا في المناسبة ، حيث تحدثا عن تأسيس حركة النهضة في 1981 وكأنها هي الحقيقة من ناحية ، وحيث تحدثا عنها حديثهما عن حزب سياسي يُحييان ذكراه من ناحية أخرى. وهذا حديث مخالف للحقيقة ، اختزل العمل الإسلامي الذي واكبتُه اختزالا أضاع فيه أصل وحقيقة هذا العمل وهو الدعوة إلى الله ، وما العمل السياسي إلا فرع من فروعها ورافد لها . وبدل أن يبقى يؤدي دوره ، إذا بهذا العمل الفرع والتابع يستحوذ على الكل ، ويقضي على الأصل ، حتى أصبحت البيانات التي تصدر في مثل هذه المناسبات لا يُفهم منها إلا أنها بيانات حزب سياسي ، وحتى إن تطرقت إلى موضوعات دينية فتجدها موضوعة في سياق سياسي. (2) مفارقة !!!!! : لقد كان بيان قيادة حركة النهضة الصادر بهذه المناسبة في مفارقة واضحة مع ما كتبه الشيخ راشد الغنوشي منذ بعض الأسابيع ، في مقال له نشره في موقع الجزيرة بعنوان « لماذا تسيّست الدعوة الإسلامية؟ » حيث يقول :    (لئن اشتركت الحركات الإسلامية في مرجعية الإسلام كتابا وسنة وإجماعا، فهي تختلف في الصبغة العامة التي تصطبغ بها كل واحدة منها باختلاف الملابسات التي حفت بظهورها. ففي بلد خاضع للاحتلال الأجنبي المرجح أن تكون هموم التحرير هي الغالبة عليها، بينما في بلد يعاني من تأثيرات الغزو الثقافي والعلمنة الطاغية على هوية البلاد الإسلامية المنتظر أن يكون الهمّ الأعظم للحركة الإسلامية الدفاع عن مقومات الشخصية الإسلامية ومواجهة ضروب العلمنة السائدة مواجهة فكرية عقدية وتربوية، وهو ما كان عليه الأمر في تونس نهايات الستينيات من القرن العشرين المنصرم…)   ثم يضيف في النقطة الثانية من هذا المقال :  (ولدت الحركة الإسلامية بدايات السبعينيات، دعوة تجديدية لأصول الإسلام وللالتزام بشعائره، صلتها بالسياسة اليومية رقيقة، ولدت كأحد أهم دفاعات المجتمع التونسي عن مقومات شخصيته ووجوده واستمراره عربيا مسلما وامتدادا للأمة، وليس تابعا صغيرا لأمم الغرب. ولأن الطلب كان قويا على مقومات هذه الهوية بسبب تفاقم الشعور بالخطر فقد نمت بسرعة، فأعادت بفضل الله الحياة للمساجد وللمصاحف وللشعائر ولقيم الإسلام، تجسّر العلاقة بينها وبين عالم الحداثة في معاهد التعليم والجامعة والإدارة، وتمتدّ بها تباعا إلى كل مؤسسات المجتمع النقابية والثقافية والسياسية انطلاقا من منظور الإسلام التوحيدي الشامل الذي يدعو المؤمنين ليعبدوا الله الواحد الأحد بكل نفوسهم وفكرهم وجوارحهم مخلصين له الدين في كل مسالكهم ومناشطهم، وإلا فهو الشرك الظاهر أو الخفي.)(*) هذا كلام جيد جدا من الشيخ – وأنا هنا لا أتحدث عن المقال الذي فيه ما يقال – كان يمكن الاكتفاء به لولا أن البيان كان يحمل إمضاءه ، مما يعني أن قناعة الشيخ الواردة في مقاله هي غير قناعة الجهة التي أصدرت البيان . إن الأمر يحتاج إذن إلى مزيد بيان ، وهو ما دفعني للعودة إلى حوار كتابي لم يُنشر – أجرِيَ معي بمناسبة ذكرى الإعلان في السنة الفارطة – فعُدتُ إليه تهذيبا وتعديلا حتى استوى كما يلي : (3) حقيقة حركة النهضة وأصولها : قبل الإجابة على الأسئلة أرغب في الحديث عنها جملة ، حيث لفت انتباهي نوعيتها وموضوعاتها التي تدور كلها حول السياسة وما يتعلق بها من صراع… بما لا يذهب في خلد القارئ والسامع إلا أنه أمام حزب سياسي وذكرى تأسيسه. وهذا غلط بالكامل وكأن الحديث هو على كيان آخر وليس على حركة النهضة التي عايشنا أيامها ومراحلها وحلوها ومرها….. ويبدأ التأسيس لهذا الغلط من تعبير « ذكرى التأسيس »، حيث إنه تعبير معبر جدا عما هو حاصل في واقع الحال. إنه تعبير يقطع ما حصل في جوان 81 عن جذوره التي بدأت أوائل السبعينات، وعقدت مؤتمرها التأسيسي في 79. إن ما تم الإعلان عنه في 81 – بغض النظر عن ملابسات هذا الإعلان- هو تلك الحركة المؤسسة في 79 والمتجذرة في الواقع منذ أوائل السبعينات، إعلانا جاء في أصله ليعبر على تلك الحقيقة القائمة في الواقع، والمدونة في مواثيق ونصوص، وعلى روح عامة يحملها كل أبنائها وقتها. لم يكن الإعلان إلا فرعا عن كل ما سبق وليس أصلا ولا مرجعا إلا بقدر ترجمته  للأصول وللحقيقة. إن الأمر أصبح يقتضي الآن العودة إلى تلك الأصول وإلى تلك الحقيقة، وإلى التذكير بها والاحتكام إليها. إن الحركة الإسلامية التي سمّيت بعد ذلك الجماعة الإسلامية بتونس، ثم الاتجاه الإسلامي، ثم حركة النهضة، بدأت بأقدار كبيرة من العفوية والتلقائية والفطرية، وكان همّها ومشروعها وهدفها الإسلام ، تمثلا ودعوة وتمكينا له في تونس. وأما مضمونها فكان يتمثل في: أولا: اللهُ الواحد – كما تُعرِّفنا به أسماؤه الحسنى – هو ربُّنا ومولانا، وهو غايتنا في كل شأننا وعملنا. ثانيا: القرآنُ الكريم ، باعتباره رسالة ربنا إلينا وإلى كافة التونسيين والناس أجمعين ، ليكون دستور حياتنا ، حاكما ومهيمنا على كل المراجع الأخرى بإطلاق. ثالثا: وسنةُ نبينا الشريفة ، باعتبارها منهاجنا المرشد في فهم رسالة ربنا وفي تطبيقها. هذه هي أصول حركتنا التي قامت عليها وانطلقت منها واستصحبتها طوال السبعينات، وكانت محطة 79 لتقعيد وتأسيس هذا الوجود. وكل ما جاء بعدها وانضاف إليها هو من قبيل التفاعل والتطور والتوسع والتفريع والتنويع… لا ينبغي أن يمس تلك الأصول وتلك الحقيقة التأسيسية. وأي مسّ بها هو انحراف ولا شك ينبغي أن يصحح . هذه هي حقيقة حركتنا فأين نحن منها الآن؟ يجيب عن بعض هذا السؤال الجواب عن السؤال الموالي: (4) لن يستطيع أحد أن يسلب منا حريتنا إلا بقدر قابليتنا لهذا السلب : * س 1 : تمرّ الذكرى السابعة والعشرون لتأسيس حركة النهضة – الاتجاه الإسلامي سابقا – والحركة لم تسترجع حريتها التامة في التحرك والنشاط السياسي والدعوي. هل يمكن رسم الملامح الكبرى لتطور وضع الحركة منذ تأسيسها إلى اليوم؟  ** ج 1 :  قبل أن أجيب لي ملاحظتان على صياغة السؤال: الأولى: نحن بصدد إحياء ذكرى الإعلان وليس التأسيس كما تقدم بيانه. الثانية: هل استرجعت الحركة حريتها الناقصة حتى نتحدث على حريتها التامة ؟ هذا بمنطق ومنظور السؤال نفسه، وهو منطق ومنظور خاطئان . وأما جوابا على السؤال فأقول : نحن أحرار ولن يستطيع أحد أن يسلب منا حريتنا إلا بقدر قبولنا لذلك، أي بقدر قابليتنا، فاللوم لا ينبغي أن يوجه بالأساس لغيرنا ولكن لأنفسنا ، من غير أن يُنقِص هذا من جرم مرتكبي المظالم في حق تونس والتونسيين . إذا أردنا الحرية فلنتوجه إلى أنفسنا لتحريرها وتخليصها من قابلية سلب الحرية ، وهذا ما يركز عليه الإسلام .  قد يظن البعض أن هذه مثاليات لا علاقة لها بالواقع ، ولكن هل ما رأيناه من أهل غزة وأحداث غزة غير أن هذه المثاليات هي حقيقة لا ريب فيها ، كما بينتُ في الحلقات 7 و8 و9 من موضوع « هل أحداث غزة محرقة أم صمود ومقاومة؟ » . لقد جاء الإسلام ليعيدنا إلى الله ، وليحرّرنا من كل ما سواه ، دنيا وعبادا وأشياءا… ولذلك فالمدخل في التغيير ليس الآخر الذي لا يقدر أن يعطينا شيئا من الحرية، ولكن المدخل هو أنفسنا بتحريرها من كل القابليات السلبية، حتى نجد حريتنا في الواقع الموضوعي طوعا أو كرها. (5) حركة النهضة بين المثالية الإسلامية  والواقعية البراقماتية :  وعودة إلى أصل سؤال (هل يمكن رسم الملامح لتطور وضع الحركة منذ تأسيسها إلى اليوم؟) أقول : لن أذهب وأنحو في الجواب إلى الجانب الشكلي في وضع الحركة ، ولكن إلى الجانب المضموني لأنه هو المعبّر حقيقة على وضع الحركة ، ولا يعدو جانبها الشكلي إلا أمرا ثانويا. انطلقت هذه الحركة حركة إحيائية تجديدية تستهدف إعادة الاعتبار للإسلام دعوة وممارسة وتمكينا له في القلوب وفي البلاد وفي الحياة، وذلك في كل الشأن الفردي والشأن العام. وشقّت هذه الحركة وهذه الدعوة طريقها حتى أخذ يصلب عودها. انطلقت هذه الحركة من المثال الإسلامي، وهو ما كانت تحتاجه في مهمتها المحورية وقتها، إلا أنه خاصة في أواخر السبعينات، بدأت تتطلع إلى تنزيل ذلك المثال على الواقع، فدخلت بذلك معمعة معقدة جدا بالنظر لتعقد الواقع.  ومع هذا التطلع بدأ يحضر في الأذهان الواقع وصفة الواقعية في الإسلام. وجاهدتْ مسيرة الحركة أن تتمثل صفة الواقعية هذه مستصحبة صفة المثالية، ولكن الظروف والأوضاع والمحن حالت دون تطور هذا الأمر بشكل سليم وبتوازن ، حيث أخذ مع الزمن يحضر الواقع ومتطلباته ومقتضياته، وأخذ يغيب المثال وملازمه ومجالاته التربوية والدعوية. إن صفة المثالية وحضور المثال كان هو الغالب إلى حد مؤتمر 1979، ومنذ الإعلان في 1981 أخذ يقوى حضور الواقع وصفة الواقعية حتى أصبح هو الغالب في 1990 من غير أن تغيب صفة المثالية. ومنذ 1992 بدأ يغيب حضور المثال وصفة المثالية إلا في النصوص والأوراق والخطط . وكانت المدة بعد ذلك كافية لإضعافه ضعفا خطيرا، حتى غدا العديد من إخواننا تكاد تحكمهم في سلوكهم ومواقفهم – في القضايا الحرجة وقضايا الاختلاف والصدام مع الآخر- الواقعية بالكامل (البراغماتية)، في إطار منحى مقاصدي عام ، وأصبحوا ينزعون إلى تقليص مثالية الإسلام إلى هذا المستوى المقاصدي . وللدقة أقول : ليس المطلوب فقط الجمع بين المثال الإسلامي والواقعية، بل المطلوب جمعهما بترتيب ، بوضع هذه الواقعية في إطار مثالية الإسلام . وأما في صورة عكس هذا الترتيب بوضع مثالية الإسلام في إطار الواقعية ، فهو عكسٌ يفتح الباب عريضا لطغيان ما هو طاغ في الواقع على العمل الإسلامي، وهو ما كان ، ومنه كان طغيان السياسة الاستحواذي الذي تقدم الحديث عنه . (6) إننا نصنع لأنفسنا وللناس أوهاما تلهينا عن ذواتنا وعن المهمات الأساسية : * س 2 : 2009 سنة انتخابية في تونس، والجدل قائم بخصوص العوائق القانونية  أمام  ترشّح رموز سياسية معارضة مثل محمد نجيب الشابي. ما هو موقفكم من هذا المسار الانتخابي ؟ وما هي توقعاتكم لنتائج هذه المحطة الانتخابية؟  ** ج 2 : هل هناك سياسة وعمل سياسي حتى يصبح لمثل هذه الكلمات مدلول ومعنى؟ إننا نصنع لأنفسنا وللناس أوهاما ألهتنا عن ذواتنا لدرجة يكون السؤال الأوْلى هو: هل نكون وقت تلك الانتخابات أو لا نكون؟ إن السياسة هي من ساس يسوس سياسة، أي قاد يقود قيادة. فالسياسة قيادة، فهل يفلح في قيادة الشأن العام من لم يفلح في قيادة شأنه الذاتي، في مستوى السلطة والأحزاب والهيئات والمجموعات، بل وفي مستوى الأسر والأفراد. قد يفهم من كلامي هذا أني متشائم، أو يائس من صلاح تونس والتونسيين . وأقول بل على العكس تماما ، فالمعروف عني لدى إخواني أني متفائل، وأن عموم التونسيين بكل فئاتهم وأصنافهم ينطوون عن خير كامن ،لا زال لم يجد بعد طريق الظهور وكيفية هذا الظهور، وكلامي يريد أن يدفع في هذا الاتجاه بالصدق والجدية مع أنفسنا ومع بعضنا، وبمراجعة كل شأننا. هكذا يكون الإعداد للانتخابات فيكون على المدى البعيد خيرا لتونس وكل التونسيين. (7) التدين الجديد مفارق لطبيعة سياسات السلطة وللغلو العلماني وللسمت العام الحالي لحركة النهضة : * س 3 : ما هي قراءتكم للآثار الاجتماعية والثقافية والسياسية المترتبة عن محاولة استئصال حركة النهضة داخل  تونس وفي محيطها الإقليمي؟ ** ج 3 : الآثار كما تبدو كبيرة ، كما هي جلية في مستوى أفرادها وقياداتها . وليست هي فقط ما هو ظاهر منها للعيان على المستوى المادي والنفسي والصحي ، بل هي أيضا في الجوانب غير الظاهرة النفسية والفكرية والإيمانية ، وبنفس قدر الآثار الظاهرة أو أكثر… وهذه الآثار الحاصلة في مستوى الأفراد أقدّر أنها هي بنفس القدر في خصوص الكيان الجماعي ( حركة النهضة). ورغم هذه الأضرار الكبيرة والخطيرة فقد صمد عموم الأفراد وثبتوا ولم يسقطوا، كما صمد الكيان هو أيضا وثبت ولم يسقط ، وهو الآن – رغم كل أوضاعه – متحفز إلى التجدد والاستئناف. هذا في خصوص الأفراد والحركة ، أما في خصوص المشروع الإسلامي فهو فوق أن يطاله أحد لأنه موصول بالأمة الإسلامية ، وموصول بالقرآن المحفوظ من الله إلى قيام الساعة، وموصول بقدَر رباني في تجديد هذه الأمة بين الحين والآخر، كما بيّنه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :  » يبعث الله على رأس كل مئةٍ من يجدّد لهذه الأمة دينها ». وأما الواقع العام التونسي الذي تعيش فيه حركة النهضة ، ويعيش فيه أفرادها ، ويعيش فيه المشروع الإسلامي ، فمَثل ما حصل له من جرّاء خطة تجفيف ينابيع التدين وخطة الاستئصال مَثل أرض تمّ حصْد نباتها وقطع أشجارها حتى غدت هشيما تذروه الرياح، ولكن لم تلبث أن أصابها غيث من الأمة فأنبتت من جديد صحوة وتدينا في كل مكان . هو تدين ولا شك فيه الكثير مما يمكن أن يقال كشأن أي نبت عفوي ، إلا أنه تدين ليس كتدين الصحوة السابقة . وأهم خصائص هذا التدين ، الثلاث التالية : أولا: هو تدين متحرر ومنساب في كل المواقع وفي كل الفئات ، مستعص على الضبط والتحكم كما هو هدف أصحاب خطة تجفيف ينابيع التدين. ثانيا: وهو تدين متجذر تجذرا مستعصيا على العلمنة رافضا عنيدا لها ، ومقاوما شرسا، وذلك كرد فعل على غلو وتطرف العلمانيين في تونس. ثالثا: وهو تدين متجذر في صفة الانكار للمنكر وللظلم الواقع على الدين كرد فعل على الظلم والقمع وارتكاب المنكرات والمعاصي والاستهتار بالدين خاصة من السلطة. هذا هو النبت الجديد للتدين في تونس ، وهو بسماته الجديدة مفارق مفارقة جذرية لطبيعة سياسات السلطة التونسية إلا أن تصحّحها، ومفارق للغلو العلماني إلا أن يعتدلوا ويرجعو. بل هذه المفارقة هي أيضا مفارقة مع حركة النهضة كما انتهت إليه في اهتماماتها وسمْتها العام إلاّ أن تتدارك نفسها وتتجدد.  (8) الوضع التونسي شاذ وتحولاته نتوقع أن تكون أيضا شاذة: * س4 : إقليميا، شهدت منطقة المغرب العربي الإسلامي تطورات سياسة إيجابية، آخرها مشاركة الحركة الإسلامية الموريتانية في السلطة. أين موقع تونس في خضم هذه التطورات؟ وما تأثير تفعيل مشروع اتحاد المغرب العربي وإرساء مشروع الاتحاد المتوسطي على ملف التعددية السياسية في المنطقة، خاصة ما يتعلق بمشاركة الطرف الإسلامي ؟ ** ج 4 : إن الحالة التونسية هي حالة شاذة في المغرب العربي الإسلامي وفي العالم العربي والإسلامي أيضا. وهو شذوذ يعيق إلى حين التطور الطبيعي للواقع التونسي ، وله أضراره الكبيرة والجسيمة، ولكنها هي إعاقة تعطيل تعطي فسحة لتتمتن أسس التدين والحرية بما تصبح به مؤهلة لحمل بناء حضاري راسخ ومرتفع. وأما جسامة الأضرار فذلك تأهيل للبناة الراسخين، وشهادة دعوة للناس أن المبذول من أجله هو أغلى من كل ذلك. وتبعا لهذا فأنا أتوقع أن تتطور الأوضاع في تونس غير تطورها في البلاد الأخرى ، سرعة وكمّا ونوعا. فإذا داهمتنا تلك التطورات من دون تأهّل ذاتي لها ، فقد تأخذ مسالك خطيرة على الدين والبلاد والعباد. نسأل الله السلامة لتونس وأهل تونس . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) ولمن يريد المزيد يمكنه الرجوع للنص الكامل: ركن « المعرفة » بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 23 مارس 2009 http://www.aljazeera.net/NR/exeres/57A97275-8B47-4B05-9AB9-6E65D19280AF.htm والسلام  عليكم ورحمة الله وبركاته


من وحي غرة جوان 1959:إرادة شعب

بقلم الأستاذ: محمد العيد الأدب المحامي لدى التعقيب قال أحد الفلاسفة الغربيين في القرن الماضي أن أمة بلا ماض هي أمة بلا مستقبل. وتاريخ الشعب التونسي يزخر بحقبات تاريخية هامة نذكر من أهمها 20 مارس 1956 تاريخ حصوله على الاستقلال التام و25 جويلية 1957 تاريخ إعلانه الجمهورية وإعلان السابع من نوفمبر 1987 مع ما شهدته تونس وتعيشه من إصلاحات جوهرية مست كافة الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولعل من أهمها ترسيخ مسار ديموقراطي ميزته التمسك بحقوق الإنسان والحريات العامة قولا وفعلا وتجذيرها يوما بعد يوم وتكريسها دستوريا في صبغتها الشمولية وربطها بعديد القيم الأخرى السامية مثل قيمة التضامن الاجتماعي والوحدة الوطنية وعلوية الدستور والتعددية الحزبية الخ…. ولعل من أهم الحقبات التاريخية التي عاشها الشعب التونسي على الإطلاق ونحن بصدد الاحتفال بخمسينيتها  إعلان الدستور التونسي في غرة جوان 1959 . 1/ لماذا سيبقى إعلان الدستور في غرة جوان 1959 من أهم الحقبات في تاريخ تونس؟ للجواب عن هذا السؤال يتعين التعرض ولو بصفة سريعة إلى مسيرة نضال الشعب التونسي ضد الاستعمار الفرنسي باعتبار أن الدستور هو الغاية (I) ثم التعرض إلى ماهية الدستور والأسباب الكامنة وراء قيمته الرمزية التي دعمها التحول المبارك (II) و بناء على ان لكل مرحلة في حياة الشعوب متطلباتها وتحدياتها فإنه وأمام تنامي ظاهرة الظلامية وتقييدها لأبسط حقوق الإنسان ومن أهمها على الإطلاق حق الإنسان المقدس في الحياة وجب علينا رفع شعار كثير من الدولة وكثير من المجتمع المدني (III) . I- دستور غرة جوان 1959 وليد نضال شعب: 1/ للشعب التونسي تاريخ نضالي ثابت لا يستطيع أحد أن يشكك فيه أو يجادل حوله فمنذ إعلان عهد الحماية ودخول المستعمر الفرنسي ربوع تونس المقدسة برزت عديد الانتفاضات وتنامت مظاهر العصيان والتمرد على الغازي المغتصب إلى تكفل مثقفين وطنيين من خريجي الجامعات ومن رحم المجتمع المدني التونسي إلى خلق حزب عتيد هو الحزب الحر الدستوري (الجديد) الذي انبعث سنة 1934 والذي قاد المسيرة التحررية بقيادة الزعيم الراحل المرحوم الحبيب بورقيبة وصفوة من رجالات تونس الأبرار مثل الزعيم فرحات حشاد والهادي شاكر وعلي بلهوان كما ساند أيضا هذه المسيرة التحررية عديد الوجوه الوطنية الأخرى التي كانت تنتمي إلى أحزاب أخرى مثال محمد نافع وسليمان بن سليمان وسارج عده من الحزب الشيوعي التونسي وغيرهم كثيرون إلى حصول تونس على استقلالها التام وقد عبر الشعب عن نضجه السياسي وعن تطلعاته في العيش الكريم وفي مناخ سياسي تسوده الديموقراطية واحترام المؤسسات. 2/ من هنا جاءت القوة الرمزية لغرة جوان 1959 والإعلان عن الدستور للإلمام بكافة الجوانب الإيجابية لهذا الحدث علينا أن نذكر ما يلي: – أن الدستور في حد ذاته هو نص قانوني له علوية مطلقة ينظم سير دواليب الدولة بكافة مؤسساتها كما ينظم الحياة السياسية والقانونية لكافة أفراد الشعب الواحد ويضبط كافة حقوق الإنسان ويلزم الدولة باحترامها وضمانها لكافة مواطنيها كما يضبط بصفة مدققة سير دواليب الدولة مع احترام المبدا الدستوري الذي ينص على تفريق السلط الثلاث: السلطة التشريعية (البرلمان ومجلس النواب) والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية من قضاة ومساعدي قضاة (محامين وغيرهم) والذين أوكل لهم الدستور تطبيق القوانين بغاية إرساء العدل واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة. من هذه الزاوية نستطيع أن نتفهم قيمة الدستور وبالأخص المستوى العالي الذي كان يتميز به أباؤنا وأجدادنا الذين قادوا معركة التحرير الوطني وطموحاتهم وأحلامهم في إرساء دولة مستقلة تحمي حقوق الإنسان ويكون الدستور فيها الحكم الفيصل بين كافة أطراف المجتمع، حلم نحن نعيشه اليوم وعلى شباب اليوم الاعتزاز به وبماضي بلادهم المجيد ويحق لتونس أن تفتخر بأنها أول بلد عربي إسلامي آمن بعلوية الدستور ومزاياه في تسيير دواليب البلاد منذ عهد الأمان المؤرخ في 26/04/1861 (1) فالدستور إذن هو العروة الوثقى التي يتمسك بها كافة أفراد الشعب وبها تعمل وإليها تلتجئ كل القوى السياسية الفاعلة. – في هذا الباب اتجه التذكير بما قاله بورقيبة يوم 29/05/1956 لقد كانت فكرة ترمي إلى تشكيل لجنة تعد الدستور ثم يقع فرضه على الشعب ولكن الحزب والمنظمات القومية وقفوا موقفا حازما لمقاومة تلك الفكرة وقد قلنا أنه لا يمكن إيجاد دستور ديموقراطي إلا إذا كان نواب الشعب هم الذين يضبطون نصوصه.(2) فاجتماع المجلس التأسيسي كان بإرادة الشعب وتلك الإرادة كانت متجسمة فيه إذ أكد ذلك في نفس هذا المضمار الزعيم الحبيب بورقيبة « فالسيادة في تونس سيادة الشعب صاحبها الشرعي الحقيقي ». II- القوة الرمزية للدستور وتعميق المسار الديموقراطي في تونس التغيير:  رمزية هذا الإعلان وقدسيته تظهر أيضا في أن الشعب التونسي له باع وذراع في تسيير شؤونه منذ فجر الاستقلال في نطاق احترام القوانين وبالأخص في ممارسته للديموقراطية واحترام قوانينها فمنذ صدور الأمر العلي بتاريخ 29/12/1955 القاضي بانتخاب مجلس قومي تأسيسي لوضع دستور البلاد عبر الشعب التونسي عن نضج وتمسك بدولة القانون لا مثيل لهما إلا في بعض البلدان المتقدمة. إن من أهم مقومات التقدم وسماته هو تمسك الشعوب بدساتيرها فدستور فرنسا الجمهورية الخامسة وقع إعلانه في أكتوبر 1958 ودستور الولايات المتحدة الأمريكية الموقع بمعهادة فيلا دلفيا لسنة 1776 وتونس كبلد متقدم تمسكت بدستورها منذ خمسين سنة ورغم إعلان الرئيس بن علي للعهد الجديد يوم السابع من نوفمبر 1987 وما حاول البعض من الإيحاء به من سن جمهورية ثانية أو دستور ثان أو حزب رئاسي آخر تمسك الرئيس بن علي بدستور تونس المعلن يوم 01/06/1959 وهذا ما يثبت أن رجل التغيير ملم أيما إلمام بالمقتضيات الحضارية السامية النابعة من إيمانه من أن مسيرة الشعب التونسي، هي مسيرة التحرر والتنمية الشاملة فلم يتنكر لماضي تونس وقد قام بعديد الإصلاحات الجذرية منذ توليه الحكم إلى يومنا هذا تصب كلها في تكريس علوية القانون والدستور وقد أثرى العهد الجديد رصيد الشعب التونسي في تجذير قيم تقدمية خلاقة مثل تعميق الحس التضامني وشمولية حقوق الإنسان وجعل منها قيما دستورية تشد ازر أفراد الشعب التونسي وتحكم مسيرته الخلاقة على درب التقدم والمساواة الاجتماعية وقدسية حقوق الإنسان والسهر على حرمتها واحترامها واقعا وقانونا من طرف السلطة القضائية كما سنها الإصلاح الجوهري للدستور في 01 جوان 2002 الذي شمل قرابة ثمان وثلاثين فصلا والذي عمق المسار الديموقراطي للبلاد بإحداث مجلس مستشارين كغرفة ثانية تتقاسم السلطة التشريعية مع مجلس النواب مع توسيع حقل الاستشارات الشعبية وتشريك أكبر عدد ممكن من ممثلي الشعب في تسيير الحياة السياسية للبلاد كما تجلى ذلك في اجراءات المصادقة على التنقيح الدستوري لغرة جوان 2002 إذ أنه ولأول مرة في تاريخ تونس يعرض مشروع القانون الدستوري على الاستفتاء الشعبي في 26/05/2002 ولا يخفى على الجميع أن الاستفتاء هو التعبير المباشر بدون أي وساطة للشعب عن إرادته وقراراته، كما أقر مبدأ المساءلة البرلمانية والتي تخضع الحكومة إلى المساءلة الحينية من قبل البرلمان، كما ركز على بعض القيم الإنسانية العالية مثل التسامح والتضامن الاجتماعي والتعددية السياسية، وهذا لعمري يمثل حقا وجها من وجوه تجسيم إرادة الشعب في تسيير شؤونه وما يدعم القوة الرمزية للدستور والتي عمقها الرئيس بن علي هو أن الإصلاح الجوهري جاء يوم 01 جوان 2002 ليؤكد روح التواصل بين أجيال الشعب التونسي فلا قطيعة ولا نكران للجميل بينها وهذا ما أكده الرئيس بن علي في خطابه يوم 27/05/2002  » انه طور جديد نفتحه على درب التغيير من أجل بناء جمهورية الغد بدستور يواكب ما عرفه الشعب التونسي من تقدم سياسي وثقافي واجتماعي واقتصادي …طور يزيد في ترسيخ دعائم دولة القانون والمؤسسات وفي حماية الحريات وحقوق الإنسان وقيم التضامن والتسامح ويؤسس لمرحلة أخرى من الحداثة لنظامنا الجمهوري ». III-  التحديات: كثير من الدولة وكثير من المجتمع المدني:  بعد نجاح التجربة التونسية في إرساء مجتمع متماسك يعيش في ظل علوية الدستور واحترام القانون في كنف ممارسة حقيقية لحقوق الإنسان والحريات السياسية وأمام تنامي بعض مظاهر التعصب الديني ونزوع البعض منهم إلى التهديد عبر بعض القنوات الفضائية بالعبارة أو بالإشارة عبر الشبكة العنكبوتية بقتل المفكرين المنفتحين على الحضارات والمنادين بالقيم الإنسانية الخلاقة من مساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات ومن المناداة بإبعاد الدين عن السياسة يتجه الوقوف صفا واحدا ضد هذه الممارسات وفضحها. بدون الخوض في متاهات فكرية لا يتسع المجال لها يتجه التأكيد لهؤلاء المتحجرين بأنهم أبعد ما يكون عن تعاليم الدين الإسلامي السمحة، روح التسامح وروح الاخاء والمعرفة هنا نذكرهم بما قاله الله تعالى في صورة البقرة – من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا- . وباعتبار أن الاغتيال هو أبشع مظاهر التخلف والجهل حرمته جميع الأديان السماوية بدون أي تحفظ .  في هذا المضمار أيضا وجب التذكير بما قاله المفكر التونسي الأستاذ محمد الطالبي- الذي لا يستطيع أحد التشكيك في إسلامه وعقيدته – في كتابه « دفاعا عن إسلام عصري » أن الفتوى التي أحلت سفك دم فرج فودة هي قمة العبثية واللا معقولية والغطرسة – إنه من غير المعقول أن يشرع رجل يعتبر نفسه عالما اغتيالا مهما كانت الأسباب – إذا شرعنا واحد فإننا فتحنا الأبواب لتشريع كل الاغتيالات. (3) لذلك يتجه تعزيز وتعميق المجتمع المدني بتكثيف نشاطاته وتمكينه من كافة الوسائل المادية والتقنية للقيام برسالته المقدسة رسالة التنوير والتعصير في هذا المضمار وتأكيدا لما تقدمنا به يقول الأستاذ الحبيب الجنحاني  » مثلت النخبة المثقفة بالأمس وتمثل اليوم دعامة صلبة ضمن قوى المجتمع المدني إذ أن رسالتها تبرز أساسا في تجذير الوعي المدني وغرس روح العمل السياسي والاهتمام بالشأن العام وقد استطاعت أن تؤدي هذه الرسالة في المجتمعات الليبرالية عن طريق الإعلام الحر ».(4) فإنه من المتجه والحال كما ذكر تعزيز المراهنة على المجتمع المدني بكافة شرائحه، باعتبار إن المجتمع المدني هو نقيض المجتمع الشمولي الاستبدادي ونقيض المجتمع القبلي والطائفي وهو نقيض المجتمع الديني التيوقراطي الذي تزعم فيه السلطة السياسية أو القوى والأحزاب السياسية أنها تستمد شرعيتها من السماء (5) وبذلك فإنه لا يحق لأحد محاسبتهم أو مقارعة الحجة بالحجة معهم وهنا وجب القول بأن من أوكد الضروريات الأساسية للحفاظ على مكاسب تونس الحضارية والسياسية والتنموية التصدي لهذه التيارات الظلامية بتعميق مفهوم المجتمع المدني وتوسيع شرائحه وتدعيم أطروحاته الفكرية والاجتماعية عبر قنوات الاتصال السمعية والبصرية الموجودة والتي يمكن ويتحتم إحداثها على غرار إذاعة الزيتونة التونسية تكون إذاعة ابن خلدون التونسية أو إذاعة الطاهر الحداد ـ إذاعة العلم والمعرفة وغيرها من المنابر التي ستمكن الشعب التونسي من إبعاد نسيج الظلامية إلى أبد الآبدين.  إن من أبرز الشعارات التي يجب أن ترفعها تونس التغيير هي رفع شعار  » مزيد من الدولة ومزيد من المجتمع المدني معا « . إن إبعاد الدين الإسلامي عن الشعارات السياسية ووضعه في موضعه الحقيقي الدين عقيدة وإيمان لا يعدو أن يكون تكريسا لمبدأ حرية التفكير وحرية المعتقد المضمونة بالدستور في فصليه 5 و8 وتطبيقا للقانون الخاص بالأحزاب السياسية المؤرخ في 03/05/1988، هي السبيل الوحيد والأنجع لوقف تحرك التيار الظلامي المعلن والخفي وما أحوج مجتمعنا لندوات فكرية ومحاضرات لتوعية شبابنا. إن الوقوف أمام التيارات الظلامية وتعميق وتجذير روح المجتمع المدني في تونس التغيير يعتبر حسب رأينا من أبرز التحديات التي يجب أن تراهن عليها تونس الشابي والذي نحتفل هذه السنة بمائوية ميلاده والذي رددت كافة شعوب الدنيا بيته المشهور: إذا الشعب يوما أراد الحياة  فلا بد أن يستجيب القدر. ــــــــــــــ 1) Abdelfattah Amor » la constitution Tunisienne de 1861 – Revue Servir N!2-1974 2- انظر وضع الدستور في تونس للأستاذ زهير المظفر – مركز البحوث والدراسات الإدارية للمدرسة القومية للإدارة تونس 1986 ص 10. 3- انظر محمد الطالبي: « دفاعا عن إسلام عصري » باللغة الفرنسية Mohamed Talbi Plaidoyer pour un Islam Moderne – Tunis Aout 2001. 4- انظر الحبيب الجنحاني: » المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي » تونس 2005 ص 58. 5- انظر الحبيب الجنحاني: المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في الوطن العربي.

 


اللغة العربية تتحدّى…

( الجزء الأول) 


المولدي الشاوش  
اللغة عنوان الهوية ورمزها الأعظم فكما تكون يكون وضع أصحابها…فهل اعتزّت العرب اليوم بلغتها؟ وهل لغتهم مبينة ولغة سواهم حية أم أن موت بعض نخبها هو الذي جنى عليها..؟ الحرب ضدّ اللغة العربية قديمة جديدة، من طرف العديد من المستشرقين الذين تستخدمهم الدوائر الأجنبية والمخابرات الإمبريالية على مرّ العصور لضرب الفكر الإسلامي أوّلا و اللغة العربية بدرجة ثانية لأنها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم . وهذه الحرب الشرسة، سوف تتواصل من طرف المستشرقين الجدد و من لفّ لفّهم من المنبهرين  و المنصهرين في بوتقة ثقافة الغرب و قد نسوا أو تناسوا أصولهم الثقافية العربية العريقة و الضاربة في أعماق التاريخ. حيث لم يستطع أحد من الغزاة و المستعمرين لعالمنا العربي و الإسلامي أن يطمس حضارتنا و ثقافتنا و بالتالي هويتنا العربية الإسلامية لأننا متجذرون في ذاتنا العروبية، التي تأبى الذوبان في ثقافة الآخر الأجنبي. يقول المفكر التونسي الراحل الأستاذ محمود المسعدي:  » إن اللغة العربية هي الدم و اللحم للمغامرة الوجودية التي يحياها الإنسان. و إذا نحن أحببنا اللغة العربية نكون أحببنا الإنسان العربي. » (تاريخ تونس الثقافي للأستاذ الشاذلي الساكر ص 130 ط الأخلاء). فاللغة بهذا المنظور هي الحياة للأمة العربية، و هي التي تعطيها حق البقاء و الاندياح على وجه الأرض دون أن ينالها الذبول أو التدمير، لأن اللغة هي المحرك المحوري لذاتيتنا فكريا و وجدانيا و علميا و دينيا و اجتماعيا، و سياسيا. فهي التي تَسِمُنَا و تعطينا الخصوصية التي تميزنا . ورغم هذا كثيرا ما سمعنا من وسائل الإعلام، و قرأنا في المجلات الثقافية العربية من هنا و هناك، دعوات إلى تجديد اللغة العربية و تبسيطها لتساير العصر. و كأن هذه اللغة صارت عاجزة و متخلّفة في الإحاطة بأي علم من العلوم بينما الإنسان العربي هو المتخلف الذي لم يستطع مواكبة العصر بالجري وراء المعرفة لأن اللغة وعاء و الوعاء تستطيع أن تملأه بما شئت . ( و كل إناء بما فيه يرشح ) أليست اللغة العربية هي لغة العلم يوم كان العربي شهما معتزّا بذاته لا يستجدي الآخرين؟ و يشهد بذلك الأعداء قبل الأصدقاء. إذ أشار الفيلسوف الأمريكي « جورج سارتون » المتخصص في تاريخ العلوم و بخاصة تاريخ العلوم عند العرب، إلى أن العرب الذين يعتبرهم عباقرة الشرق في القرون الوسطى  » مأثرة عظمى على الإنسانية تتمثل في أنهم تولوا كتابة أعظم المؤلفــــــــات و الدراسات قيمة، و أكثرها أصالة و عمقا، مستخدمين في ذلك لغتهم العربية التي كانت بلا جدال لغة العلم للجنس البشري في الفترة من منتصف القرن الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر الميلادي » (الموسوعة الصغيرة مساهمة العرب في علوم الحياة لعادل محمد علي الشيخ حسين العراق ص 5) . هذه الريادة لم تأت من فراغ بل من الإيمان بهذه اللغة و بما حققته من مكاسب معرفية أشعّت على الآخرين … يومها. ونحن لسنا ضدّ التطوّر الإيجابي في هذا المجال، إنما غاية هؤلاء المتحاملين على اللغة العربية من الفرانكفونيين القدامى و الجدد من أبناء جلدتنا، و الذين يسعون لهدم صرحها الشامخ و الضارب في عمق التاريخ، و كأن هذه اللغة عندهم حجر عثرة في طريق التقدّم العلمي و المعرفي. إنما هؤلاء قصرت أبصارهم و بصيرتهم عن جمال هذه اللغة التي وسعت كتاب الله الذي أعجز الجبابرة عبر التاريخ ووسعت كل علوم عصرها بل عملت على تطوير تلك العلوم في القرون الوسطى أيام كان العرب مشعلا وضاء و غيرهم في دياجير الجهل و الشعوذة. فلغتنا العربية هي التي تحصن ذاتنا من الذوبان في المستنقعات الآسنة. فهؤلاء قصّر النظر يحسبون تخلفنا جاء من التمسك بهذه اللغة، بينما هذا غير صحيح، بل الأصح أنهم تأثروا بلغة المستعمر الذي لوّث أذهانهم بعديد المركبات المقيتة ضد أصالتنا و لا يزال يسعى لنشر ثقافته و لغته، بشتى التعلات و الضغوط، من أجل ابتلاعنا و طمسنا من الوجود لكي لا نحس بأي مرجعيّة تاريخية أو قوميّة لنا، و المغلوب يقلد الغالب كما قال  عبد الرحمان بن خلـدون : (إن غلبة اللغة بغلبة أهلها، و إن منزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم.) أما كان أحرى بهؤلاء الذائبين في ثقافة الآخر أن يعودوا إلى رشدهم و أصولهم و ثوابتهم التي بدونها ليس لهم مكان في هذا الوجود لأن الذي فقد لغته فقد كل شيء يميزه عن الآخر و يصبح ذيلا تابعا لهذه الجهة أو تلك، لا حصانة لغويّة تثبت ذاته في هذا المحيط الإنساني المترامي الأطراف بينما لغتنا العربية على مدى التاريخ هي التي رسمت الحضارة بحروفها النورانية ووحدت جميع الشعوب المختلفة التي اعتنقت الإسلام في بناء ثقافي رائع ومتين ، أشع طويلا يوم كان العربي معتزا بلغته وقوميته يطلب العلم ولو بالصين . ألم يكتب عباقرة العرب والمسلمين تآليفهم العلمية القيمة باللغة العربية كالخوارزمي الرائد في الرياضيات والذي لا تزال القاعدة الحسابية تحمل اسمه إلى اليوم ، وكذلك ابن سينا الذي برع في الطب وفي الرياضيات والعلوم الطبيعية والفيزيائية ، والكندي المترجم لكتب اليونان وكان حجة في علم الفلك والفلسفة والطب ، وابن طفيل الطبيب والفيلسوف الأندلسي ، والرازي الذي اهتم بالموسيقى والطب والكيمياء ، ولا ننسى الطبيب والفيلسوف ابن رشد الذي ترك بصماته مؤثرة في الفلسفات الكونية بمختلف مدارسها ، والفارابي الذي يلقب بالمعلم الثاني بعد ارسطو إلى آخر السلاسل الذهبية الطويلة من العلماء الذين دخلوا التاريخ من بابه الواسع . ألا ترى اليوم أن الدول الغربية المستوردة لليد العاملة العربية أصبحت تشترط على هؤلاء بأن يتعلّموا لغة البلد المقصود، مع نظرة عامة على جغرافيته و تاريخه، ليسهل اندماجهم كما يقولون. لكن الواقع ليسهل ابتلاعهم و تخليهم عن أصولهم شيئا فشيئا، و خاصة بالنسبة للجيل الثاني منهم. هكذا ينظر الغربيون إلى لغتهم باعتبارها عنصرا من العناصر التي لا يمكن التخلي عنها من ناحية، و ضرورة نشرها من ناحية أخرى. فالدفاع عن اللغة واجب مقدس، ليستمر وجودنا الفعلي وإلاّ أدركنا الذبول و الفناء. ومن هذا المنطلق علينا أن نستلهم و لو جزءا يسيرا من اعتزاز اليابانيين بلغتهم رغم ما فيها من صعوبات و تعدد أشكال حروفها أو رموزها، لكن اليابانيين حافظوا عليها، و لم يقصوها و يعوضوها باللغة الإنكليزية بل تمسّكوا بموروثهم اللغوي الصعب رغبة في الحفاظ على هويتهم من الذوبان في الثقافات الأخرى حتى أن من يزور اليابان ليس من السهل عليه أن يجد من يتحدّث لغة أخرى غير اليابانية، اعتزازا بلغتهم أولا، علما و أن الكثير من مثقفيهم يحسنون العديد من لغات العالم بما فيها اللغة العربية و ذلك من أجل تسهيل الاتصالات مع الآخر ثقافيا و اقتصاديا  و سياسيا … لكن الشيء العجيب أن هذه اللغة الصعبة طوَّعوها في دراسة العلوم و التكنولوجية المتطورة، و لم يقل أحد من مثقفيهم و علمائهم في يوم من الأيام إن هذه اللغة صعبة التعليم و التعلم و عاجزة عن معانقة العلم و التكنولوجيا فلنستبدلها باللغة الإنكليزية لغة العلم بلا منازع. (صحيفة  » الوطن » التونسية العدد 88 الصادر في 5 جوان)


 قراءة في كتاب سالم لبيض الهوية: الإسلام ،العروبة ، التونسة

الهادي غيلوفي   يعد كتاب الدكتور سالم لبيض « الهوية : الإسلام ، العروبة ، التونسة » .والذي صدر أخيرا عن مركز دراسات الوحدة العربية جانفي 2009 من الدراسات الجديرة بالاهتمام لما تمثله إشكالية الهوية في تونس بوصفها محل جدال بين نخبها التي تعاني هي من تحديد هويتها لا هوية تونس التي هي عربية إسلامية فالخلاف حول الهوية هو دون ادني شك يوجد في فكر واعتقادات هذه النخب لا لدى الشعب التونسي العربي المسلم .ومن هنا تكمن أهمية هذا الكتاب الذي نقل  ذلك الحوار والجدل . فالكتاب يحتوي على ستة فصول و288ص فقد تناولت فصوله جميعا إشكالية الهوية وقد جاءت موضوعاتها متسلسلة على الشكل التالي : 1 – مبررات الدراسة ومعنى الهوية كإشكال تاريخي 2-الهوية في الخطاب السياسي واستعرض فيه نظرة مختلف التيارات والأحزاب السياسية للهوية 3- الهوية في الخطاب النقابي 4- الهوية في النظام التربوي 5 – الهوية في الخطاب الطلابي 6- بناء الهوية : جدل ومطارحات فسالم لبيض يرى أن الهوية التونسية كانت ولا تزال مستهدفة وهو يقول (ص248) لا شك بان الهوية التونسية بمضامينها العربية الإسلامية كانت ولا تزال مستهدفة .مؤشرات ذلك كثيرة ، وهو ما ينعكس من خلال الجدل الذي شهدته البلاد خلال القرن المنصرم ، سواء إبان الفترة الاستعمارية أو خلال الحكم البورقيبي وما تلاه من مناقشات ومطارحات برزت بعد سقوط ذلك الحكم . لكن تلك المطارحات والمناظرات الفكرية التي تتخذ أحيانا أشكالا سياسية تعكس انقساما بين تيارين رئيسيين: التيار الأول نخبوي يصطف فيه الفرانكفونيون ودعاة التونسة الخالية من المضامين الحضارية التي أنتجتها اللغة العربية والدين الإسلامي ، وبعض اليساريين الذين تتلمذوا في الحزب الشيوعي التونسي وحركة » أفاق  »  على المقولات القديمة الداعية إلى الاندماج بين فرنسا ومستعمراتها ضمن الوحدة الفرنسية . لكن هذا الصف لا يستطيع أن يعلن صراحة عداءه للعروبة والإسلام فيتخفي وراء شعارات التونسة والانفتاح على الأجنبي والتعدد اللغوي والتمسك بالقيم الإنسانية والتحديث ، وهي شعارات على أهميتها تستعمل للتضليل أكثر منه للالتزام الحقيقي ، ويكفي ان نستحضر تجربة بورقيبة الذي مسك بهرم السلطة لمدة 30 سنة ، ضرب فيها كل قيم الحداثة السياسية الليبرالية بعرض الحائط ، وأرسى قيم سياسية موغلة في القدم والتخلف ، مثل الرئاسة مدى الحياة والحكم الفردي والشخصنة ومنع الحريات والتعديدية السياسية والفكرية . وهو مثال لليبراليين الذين نشؤوا في المدارس الغربية وتعلموا منها قيم الأنوار والحداثة ، وكان لا يتأخر في رفض الهوية بمضامينها العربية الإسلامية ليحل محلها « الهوية والقومية التونسية  » وفي مقابل  ذلك يوجد تيار واسع وعريض تنتمي إليه بعض النخب التي لا تنظر إلى الهوية التونسية خارج سياقها العربي الإسلامي . وهذا التيار يضم الشرائح الواسعة في المجتمع ، من فلاحين وعمال وطلاب ونساء وأطفال وشيوخ ومتقاعدين ، هؤلاء لا يعرفون غير العربية لغة ، كما إن تلك الأغلبية الساحقة لا تعرف غير الإسلام دينا .  إن الهوية لدى هذا التيار الواسع استطاعت فرض نفسها على كثير من النخب الفكرية والسياسية المسيرة للدولة ، وهي استجابة طبيعية مما جعلها تقر بذلك في مستوي الدستور والميثاق الوطني وقانون الأحزاب فمسألة الهوية ليست مجرد انتماء إلى مجتمع فحسب ، إنما هي تحصنه لكي لا يبتلعه الآخر ويطمس جميع خصائصه ومكوناته ، خاصة في ظل العولمة التي يدرك قادتها وأصحاب المصالح فيها ، أن الهوية في مجتمعات اليوم ، ولا سيما العربية منها ، هي الحصن الحصين أمام تفكك تلك المجتمعات، إن قاعدة تلك الحصون القوية هي اللغة لذلك تجدهم يشككون في جدواها وصلاحها ومدى قدرتها على أن تنهض .  لقد اعتمد مشروع الانغلاق الإقليمي أو ما يطلق عليه بالذاتية التونسية والأمة التونسية خلال الحقبة البورقيبية سياسة ارتكزت أولا على: فصل الشعب التونسي عن باقي الأمة العربية  من خلال الدعوة إلى الأمة التونسية واعتبار الدولة التونسية دولة قومية وبذل الجهد لمعاداة من هدف الوحدة العربية . أما الثاني فيتجسد في إتباع سياسة تربوية  وثقافية اعتمدت الفرانكفونية والازدواجية اللغوية الهجينة ، وجعلت من اللغة الأجنبية لغة العلم والتكنولوجيا ولذلك اعتبرت الحقبة البورقيبية هي مرحلة تهميش للهوية العربية الإسلامية . فما طرحه كتاب سالم لبيض مهم من حيث استعراضه مختلف النقاشات والحوارات التي دارت حول الهوية ويمكن أن نضيف إليه بعض الملاحظات فالهوية في تونس وان كانت مترسخة ولا خوف على عروبتها وإسلامها لأنها في جوهرها عربية إسلامية وهي معطي وليست فرضية سواء اعترف بذلك النخب على مختلف مشاربها الثقافية والسياسية أو أنكر ذلك فالهوية ليست شيء نصنعه أو نختاره على مقاسنا فالإنسان لا يختار لغته الأم أو دينه إنما هما محصلة تراكمات تاريخية فالإنسان يمكن أن يتبني الفكر أو يتعلم لغة ثانية ولكننا لا يمكن أن نمحو التاريخ لأنه لا يعجبنا  فهذه الهوية التي تشكلت عبر صيرورة تاريخية لا يمكن محوها بمجرد قانون أو قرار . وما دفاعه الشعب التونسي عبر كل تاريخه وفي مواجهة أشكال الاستعمار والاحتلال والغزو الثقافي ما هو سوى تمسك ودفاع عن هويته التي يرفض التنازل عنها .
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 88 بتاريخ 5جوان 2009)


دراسـة: إشكالية السلطة والحرية أية مرجعية فكرية؟ (1-2)

بقلم: الأستاذ محمد رضا الأجهوري كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة تونس المنار إهداء: إلى الروح الزكية الطاهرة للراحل الجليل الأستاذ محمد الشرفي في الذكرى الأولى للرحيل،أجل روح زكية طاهرة لأن الـّروح من أمر ربي، « ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي،وما أوتيتم من العلم إلا قليلا »


هذه الدراسة قمت بإنجازها على فترات متناثرة ومتباعدة تزامنا مع اضطلاعي بتدريس مادة القانون الجنائي العام، التي أصبحت تسمى اليوم القانون الجزائي، وذلك في شكل محاضرات على طلبة كلية الحقوق بسوسة ثم كلية الحقوق بتونس، فهذه الدراسة هي في الأصل جزء من المدخل العام لهذه المحاضرات، وقد فرغت من تعميق مضمونها وانجازها بصفة مستقلة ومقتطعة من سياقها العام في شهر مارس 2006، دون مراجعة أو إضافة أو محاولة تهذيب منذ ذلك التاريخ رغم ما جد من أحداث أهمها رحيل مجرم الحرب بوش وعصابة المحافظين الجدد الداعمة للإجرام والمكرسة للسياسات والممارسات الإمبريالية العدوانية الصهيوأمريكية على العرب والمسلمين والعالم…. ويمثل مضمون هذه الدراسة جانبا هاما من جوهر الخلاف الفكري السياسي الذي كان قائما وربما حادا مع الأستاذ محمد الشرفي، على أساس اختلاف مشروعين متقابلين في مقاربة عديد الإشكاليات المطروحة في واقعنا الفكري والسياسي، مشروع مرتبط بالتوجه الفرنكوماركسي الذي كان يمثله ويرمز له ويعبر عنه الأستاذ الشرفي، ومشروع مرتبط بالانتماء القومي الحضاري لتونس العربية الإسلامية الذي نعتبره الأرضية الوحيدة المناسبة لأي تغيير حقيقي وفي العمق لمختلف البنى الثقافية والسياسية والاجتماعية، وكذلك لرسم معالم الطريق نحو الديمقراطية والتنمية والتقدم وليس من شك في أن هذين المشروعين المتقابلين ينطلقان من رؤى فكرية سياسية مختلفة وربما متناقضة أحيانا..، وقد أدرك الأستاذ الشرفي مبكرا أهمية وخطورة وحجم وعمق هذا الاختلاف الفكري السياسي منذ طرحت لأول مرة مشروع تعريب الدراسات القانونية بكلية الحقوق والمعاهد العليا، في مطلع الثمانينات ولم يكن هذا المشروع مجرد طرح لمسألة لغوية شكلية وإنما هو عنوان لمشروع حضاري يمس الجوهر الفكري السياسي وهو ما تفطن له في الإبان الأستاذ محمد الشرفي، ولذلك لم يتوان في التصدي لهذا المشروع بكل الوسائل المتاحة، مشروعة وغير مشروعة، وكان التصدي بقوة لا تنسى ولا تضاهى، احتدت المعركة وكان لابد أن تحسم، قضي الأمر الذي فيه تستفتيان، وكانت الهزيمة محققة، ثم أصبحت القصة معروفة وموثقة. ولئن ولد مشروعنا الحضاري رد فعل عدائي وعدواني، فإنه في المقابل وهو الأهم والايجابي فقد ساهم في تهيئة أرضية ملائمة لنشوء تيار قومي إسلامي بدأ يشق طريقه في الجامعة والمجتمع، بخطى وئيدة وثابتة إحياء للانتماء الحضاري لشعب تونس العربي المسلم كإطار أنسب لتحرك ثقافي سياسي عميق وبعيد المدى يتطلب التحرك الذكي الواعي والمتابعة الدقيقة الدائبة والتطور السليم الهادف، في اتجاه إرساء منطلقات جدية وحقيقية للتغيير والإحياء وإعادة البناء… ولئن خفت المشروع الفرنكوماركسي، حتى في قائم حياة الأستاذ الشرفي الذي يعلم جيدا ويقينا، ولدي دلائل على ذلك، انه لا مستقبل لمثل هذا المشروع وان المستقبل كل المستقبل مفتوح أمام المشروع الوطني الإصلاحي الذي لم يكن ليؤمن به أو يتحمس له، لذلك لئن فقد المشروع الفرنكوماركسي الكثير من المواقع عدا تلك التي بقي متحصنا بها الآن حفاظا على ما يمكن الحفاظ عليه وإنقاذا لما يمكن إنقاذه فإن المشروع الوطني الإصلاحي القائم على رؤية عربية إسلامية عقلانية مستنيرة لا يزال يشق طريقه بثبات ونجاح سواء على الصعيد القطري أو المحيط العربي أو دائرة العالم الإسلامي، وليس النموذج التركي عنا ببعيد أو غريب… وفي تقديري، فإن الخلاف وربما الصراع بين المشروعين، المشروع الفرنكوماركسي والمشروع الوطني الإصلاحي، لا يزال قائما ومستمرا مع البقية الباقية من مريدي واتباع وانصار المرحوم الأستاذ الشرفي وإن بوتيرة أخف أحيانا، وهو ما جعلني أولي اهتماما متزايدا لهذه المسألة بل لهذه الظاهرة من خلال إعدادي لسلسلة من المقالات الفكرية السياسية هي مشروع كتاب جديد حول « انهيار اليسار »، لن أتأخر كثيرا في البدء بنشر ما أقدر أنه الأهم، في انتظار نشر الكتاب كاملا… أعود إلى الدراسة موضوع الإهداء إلى روح الأستاذ الشرفي، ففي السطور الموالية رسم لملامح وتوجهات هذه الدراسة الفكرية التي حاولت التركيز على إشكالية السلطة والحرية من خلال المرجعيات الفكرية المتعددة التي تندرج هذه الإشكالية في إطارها… تقديم عـام: 1- من أهم وأدق الإشكاليات التي تواجه المجتمع المعاصر رغم حاجته الماسة إلى القانون بمختلف فروعه وخاصة القانون الجزائي حاجة المواطن كفرد إلى التمتع بحقوقه وحرياته العامة  أولا : طرح الإشكالية 2- فإشكالية العلاقة بين حرية المواطن وحماية السلطة العامة تمثل إحدى أبرز سمات وملامح المجتمع المعاصر، وإن لم تخل منها تماما المجتمعات القديمة، وإنما اصبح للقانون الجزائي في المجتمع الحديث دور شائك في محاولة التوفيق والملاءمة وإقرار نوع من التوازن بين ضمان حقوق وحريات المواطن من ناحية، وحماية السلطة العامة والاستقرار والأمن من ناحية أخرى، خصوصا في هذا الظرف التاريخي الجديد المتسم بانتقال المجتمع الانساني من مجتمع العبودية والاستغلال والتسلط والقهر إلى مجتمع جديد تروج في أجوائه الدعوة إلى الالتزام بمبادئ الحق والعدل والحرية المكرسة حضاريا في الشرائع السماوية وايضا الالتزام بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الانسان وما تنطوي عليه جميع هذه المبادئ المشتركة الموحدة من حرص على إتاحة حد أدنى من الحقوق والحريات التي تكفل كرامته وإنسانيته، إذ « الانسان في جوهره إنما هو بالحقوق والحريات التي يتمتع بها والتي بها تتحقق إنسانيته »1، بالرغم مما هو مشاهد في الواقع من انتكاسة خطيرة تعيشها حالة ممارسة الحقوق والحريات، بما يؤثر حتما في مدى نجاح هذه الدعوة المشتركة الانسانية الحضارية والحقوقية لتكريسها. 3- وأهمية القانون الجزائي، المعبر عن خيارات وتوجّهات السلطة السياسية الحاكمة في أي بلد وفي أي نظام، بالنسبة لهذه الحقوق والحريات تكمن في أنه تضمن معظم القيود التي ترد على حقوق الأفراد وحرياتهم المكرسة دستورا، « وهذه القيود هي التي تحدد في الواقع مضمون الحرية ومدلولها الحقيقي، لذلك كانت معرفة هذه القيود وتحليلها أجدى في التعرف على حقيقة الحريات التي يتمتع بها مواطنو دولة ما من الرجوع إلى دستور تلك الدولة وما دوّن فيه من نصوص بشان الحريات…. » 2، إذ أنّ هذه النصوص المدونة تبقى في معظمها مجرد شعارات ومجرد مثل هي أقرب إلى أضغاث الأحلام، لذلك فإن ما يتضمنه النص القانوني، وبقطع النظر عن مدى توافقه أو خرقه لنصوص الدستور، من قيد أوضبط، ومن تنظيم أو تحديد، يبقى المعيار الأنسب في التعرف على حقيقة مستوى تمتع المواطن بالقسط الضروري والأدنى من الحقوق والحريات… 4- وليس معنى ذلك أن المجتمع سيخلو من القيود والضوابط تكريسا لحقوق وحريات مطلقة، ذلك أن حقوق وحريات بعض الأفراد إذا ما تقيدت نتيجة تطبيق القانون في مفهومه الواسع فإن ذلك إنما يتم من أجل الدفاع عن قيم يحرص المجتمع على تحقيقها وحمايتها، وبما أن الحقوق والحريات التي قيدت أو مست هي أيضا قيم يحرص عليها المجتمع، فإننا نجد أنفسنا أمام تصادم مجموعتين من القيم الإنسانية، بما يثير تساؤلا جديا بخصوص ما يمكن التفكير في اقتراحه من حل لمواجهة مشكلة التصادم هذه، فما عسى أن يكون مثل هذا الحل؟ 5- لئن بدا من الصعب اقتراح حل حاسم ونهائي لهذه المسألة فإن معالجتها تكون في تقديري ذات ارتباط من جانب أول بالحل العملي المقترح، ومن جانب آخر وهو الأهم بالمرجعية الفكرية التي قد ينبثق عنها ذلك الحل، وهو ما نحاول التوقف عنده ومعالجته وإبداء الرأي بشأنه في الفقرات الموالية. ثانيا: الحل المقترح 6- أما الحل الممكن اقتراحه لمسألة التناقض أو التصادم فإنه يتمثل في محاولة التوفيق أو الملاءمة بين المصلحتين، مصلحة الفرد في إنسانيته وكرامته وحرياته وحرماته وحقوقه ومصلحة المجتمع في قيمه ومصالحه ومبادئه وأهدافه، فلا يجوز ولا يصح تجريم فعل ما إلا إذا كان منتهكا قيما أو مصلحة للمجتمع وتتوفر فيه أركان الجريمة، كما أنه لا يجوز ولا يصح المساس بحريات وحقوق الفرد إلا عندما ينسب إليه ارتكاب فعل ما يجرمه القانون، كل ذلك « بالقدر الضروري للدفاع عن القيم والمصالح التي يحميها المجتمع بفرض العقاب على المتعدي عليها…. »3. 7- وتجدر الملاحظة هنا إلى أن « القانون الجنائي حتى وإن كان سليما في نصوصه وكانت هذه النصوص مصاغة في نطاق مبادئ حقوق الانسان وحرياته الأساسية فإن ذلك لا يكفي كضمان لتحقيق الحماية اللازمة لهذه الحقوق والحريات ولا تقدر هذه النصوص أن تحول دون الاعتداء عليها في دولة ما إذا لم يكن تنظيمها القانوني قائما في أصوله وممارساته على مبادئ ديمقراطية سليمة تضمن خضوع السلطة لمقتضيات حقوق الإنسان »4، هذه المقتضيات التي تسودها وتحتمها الديمقراطية والقيم الإنسانية التي تقدس كرامة الإنسان وحقوقه وحرياته.   8- غير أن نجاعة وجدوى وفعالية ومصداقية أي حل عملي مقترح لمعالجة إشكالية التعارض بين السلطة والحرية لا يكمن فقط في مجرد محاولة فنية إجرائية متفق عليها للتوفيق والملاءمة بينهما، بقدر ما تستند إلى أساس فكري يقوم عليه هذا الحل العملي بما يجعل العملية الإجرائية أكثر ايجابية وواقعية، وهو ما يحيلنا إلى العنصر المتعلق بالمرجعية الفكرية لأي حل عملي يمكن التفكير في اقتراحه، وتمثل المرجعية الفكرية في تقديرنا الجانب الأهم في معالجة الإشكالية الجوهرية موضوع هذه الدراسة. المرجعية الفكرية 9- وأما بخصوص المرجعية الفكرية التي ينبثق عنها الحل العملي المقترح لمعالجة مسالة التناقض أو التصادم بين هذه القيم معالجة جذرية ذات جدوى واقعية، فإنه من الملاحظ أنه في سياق التفكير في اقتراح حل لمشكلة أو معضلة التناقض القائم بين الحرية والسلطة يجدر التنبيه إلى قضية أساسية متعلقة بالمرجعية الفكرية الفلسفية وربما الإيديولوجية المعتمدة في معالجة هذه الاشكالية. ويمكن حصر هذه المرجعية الفكرية كأساس نظري لحل مشكلة التناقض أو التصادم بين السلطة والحرية في نوعين، أولهما يتعلق بمرجعية قمعية أو تسلطية متهافتة، والثاني يتعلق بمرجعية تحررية صامدة.

– يتبع –

(المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 7 جوان 2009  )


الكويت من ديمقراطية التحرير إلى ديمقراطية ما بعد آل بوش


العجمي الوريمي *   لا يزال أوباما يتلمس طريقه، لكنه على الأرجح يعرف ما يريد أو على الأقل يعرف ما يعانيه دافع الضرائب وما يريده شعبه، وهذا مهم ولكنه لا يكفي، فعلى الإدارة الأميركية الجديدة، وهي تتخلص من أوزار الإدارة السابقة، أن تعرف تطلعات الشعوب التي شيبتها سياسة بوش وحلفائه، فالعالم ليس الولايات المتحدة وحدها، وانتظارات شعوبه لا تختزل في انتظارات الأميركان وحدهم. إن أميركا ربما كان بمقدورها أن تكون قاطرة الإنسانية نحو الازدهار والحرية نظراً لتأثير سياستها الخارجية ولنفوذها وثقلها العسكري وأهميتها الاقتصادية وقوة صناعتها الثقافية وحيويتها، شريطة ألا يكون انطواؤها المزمن تغاضيا عن مآسي العالم وانفتاحها الدوري إشاعة للبؤس وتكريسا للمظالم وتوسيعا لرقع الحروب والصراعات. هذه الإحالة على السياسة الأميركية الغاية منها الإشارة إلى أن الديمقراطية في كثير من مناطق العالم -وهي أولا وآخراً مسؤولية الشعوب- من الصعب توقع ازدهارها ورسوخها دون تشجيع من الولايات المتحدة أو دون امتناعها عن عرقلتها أو تخريبها، والحالة الكويتية معبرة في هذا السياق. إن الديمقراطية في الكويت إنجاز كويتي بالأساس، ولكن بعد أن وقع الكيان الكويتي تحت السيطرة العراقية في أوائل تسعينيات القرن الماضي وانطمست معالم الدولة الفتية، احتاج انبعاث الديمقراطية الكويتية إلى تحالف دولي بزعامة أميركا لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء حتى لا تسقط منطقة الخليج العربي بأسرها تحت هيمنة المشروع القومي بنسخته البعثية العراقية كخطوة حاسمة نحو الأمة العربية الواحدة من المحيط إلى الخليج. إن دواعي الاجتياح البعثي والاجتياح الإمبريالي المضاد ليست هي نفسها، لكن مسرح الصراع هو نفسه. سقطت حسابات إقليمية وفرضت معطيات استراتيجية، وكان قدَر الكويت في الحالتين إحياء رموز الدولة ومؤسسات النظام ومكونات المجتمع القبلية وتياراته السياسية من بعد خسوف يظلله الجناح الأميركي الخفي بعد أن احتواه الجناح العراقي السافر، وبين المظلتين اختارت الديمقراطية الكويتية من اعتبرته دافع الغزو عنها، لأنه وإن ركز قواعده على أرضها فقد احتفظ للبلاد بدولتها ودستورها وأميرها وحكومتها وبرلمانها ورايتها بين رايات الأمم. لقد كانت التجربة الديمقراطية في الكويت مصدر إحراج لدول الجوار التي كانت تفتقر إلى الإرادة في التغيير، ولا تعتقد بإمكان المواءمة بين الآليات الديمقراطية وبين التركيبة التقليدية والقبلية لمجتمعاتها، ولو تُركت الشعوب لنفسها لوُفقت في صياغة تعددية سياسية متناسبة مع تعددية في المجتمع يُقر بها الجميع باعتبارها من مكونات الجماعة الواحدة. إن المجتمع الكويتي ليس خُلوا من التناقضات، ونظامه السياسي ليس محصنا ضد الأزمات، بل إن الأزمة بين الحكومة ومجلس الأمة هي أبرز سمات الحياة السياسية في الكويت منذ سنوات، بل إن «السيادة» المُستعادة والديمقراطية المستأنفة تترسخ وتنمو بين أزمتين: أزمة محلية هي أزمة المؤسسات، ولا ضير فيها إذ يسعها الدستور وتصرفها التقاليد والوعي السياسي للكويتيات والكويتيين، وأزمة خارجية عالمية هي الأزمة المالية التي تلقي بأعبائها على الحكومة القادمة وتستفزها لكي تُعد تصورها وبرنامجها العاجل لمجابهتها، ولن يكون ذلك إلا بإيجاد أفضل صيغة ممكنة لعمل المؤسستين التشريعية والتنفيذية وللعلاقة بينهما، كي تستمر الحكومة في الإنجاز والبرلمان في التشريع والمحاسبة، فأداء الحكومة لا يزال ضعيفا، وما زال البرلمان مقصرا في مهمة التشريع بسبب استمساكه بحق المحاسبة. ويدرك الناخب الكويتي أن المسؤولية تقع على الطرفين: المفرطِ في الأداء والمفرطِ في الحساب، وأخطر منهما تراجع ثقة المواطن في سلامة العلاقة بين السلطات، وكانت الخشية قبل يوم الاقتراع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات ضعيفة وأن يكون موقف الاستياء معبرا عنه بالمقاطعة، كما توقع جل المراقبين عشية الانتخابات أن تبقى تركيبة المجلس النيابي المقبل على حالها، لكن الناخب الكويتي خالف التوقعات وصوت من أجل التغيير ومنح ثقته لقواه ورموزه، وسيسجل التاريخ أسماء الدكتورة معصومة المبارك والدكتورة أسيل العوضي والدكتورة سلوى الجسار والدكتورة رولا دشتي اللاتي دخلن لأول مرة البرلمان ليكنّ جنبا إلى جنب مع نواب ليبراليين ومحافظين قبليين وإسلاميين وسلفيين، مثل الدكتور يوسف الزلزلة والنائب وليد الطبطبائي والنائب فلاح العازمي والنائب خالد العجمي… وغيرهم. إن مجلس الأمة هو بالتأكيد مفخرة الكويتيين، وقد مضى على انطلاق الحياة البرلمانية في الكويت ما يقارب نصف قرن، وصارت الشورى والديمقراطية تقليدا راسخا تدعم بتمكين المرأة من حق الانتخاب والترشح. وقد رأى بعض المتابعين في وصول المرأة الكويتية للبرلمان انتكاسة للتيارات الإسلامية والسلفية والمحافظة، مثلما رأوا في الانتخابات السابقة التي حقق فيها الإسلاميون فوزا ملموسا خطوة إلى الوراء، وهي قراءة سطحية ونظرة قاصرة، وقد آن الأوان أن يرى الإسلاميون في مشاركة المرأة وتعزيز مكاسبها تحقيقا لأهداف مشروعهم، فالمرأة العربية والإسلامية كانت دافعا ورافعة للمشروع الإسلامي، ولم تكن يوما عقبة في طريقه، وإن أُريد لها ذلك. أجل إن نوعا من الفكر الموروث ظل يمنع رُقيها ومشاركتها الكاملة، وقد أمكن تجاوزه بعد أن بان عُقمه وشيخوخته. ونعتقد أنه من الأفضل للإسلاميين بكل تياراتهم أن يكونوا أول المستبشرين بحصول المرأة على حقوقها وبوصولها إلى البرلمان، وإذا كان الأمر خلاف ذلك فثمة خلل في التفكير لا يختلف عن عقدة من رأى في وصول المرأة نكسة للإسلاميين، مثلما صور ذلك رسم كاريكاتيري بأحد أعداد صحيفة «القبس» الكويتية، حينما رسم وجها مشرقا لامرأة متحررة قبلتُها المستقبل والبرلمان وخلفها في الاتجاه المعاكس رجل مُوليا الأدبار مفزوعا، وبخط بارز أسفل الوجهتين كلمة تسونامي. إن التحدي الأكبر للمجتمع الكويتي ليس من داخله مهما بدا لنا عمق الأزمة، فهو قانع بقدره الجغرافي ودوره الإقليمي والتاريخي بعد أن رفض أن يكون قدَره الإلحاق بدولة العراق المجاورة، إلحاق كان سيجره إلى النهاية ككيان وسيحوله إلى بداية جديدة ومسرح ومطية في صراع الكبار، والله يعلم المُصلح من المُفسد. وبين رفض مصير الإذابة والأداة نحت الكويت السيادة والذات بالإبقاء على الرمزية وتجديد الشرعية وتفعيل المشروعية. فكويت المستقبل شريكة في صنع مستقبل المنطقة وليست ضحية حاضرها وماضيها، أما اختبار الوحدة والتجزئة فستستمر رحاه في الخليج وفي اليمن وفي المغرب والصومال. إن مجتمع المعرفة والرفاهية يتميز بالأصالة والهوية والديمقراطية، فهو متجذر في العروبة، وحدود الكيان السياسي لا تقطع أواصر التاريخ وحدود القبيلة، هويته الذاتية من هويته الدينية، ونظامه السياسي نتاج التفاعل المبدع بين تياراته وقبائله وأجياله وتاريخه وتطلعاته والتوازن المتجدد بين مؤسساته حكومة وبرلمانا ومجتمعا أهليا. كانت المرأة هي الغائب الأبرز في الديمقراطية الكويتية، وهي اليوم الدافع الأهم لاستمرارها، فالمرأة رائدة، ولم يأتِ ذلك بغتة ولا مصادفة وقد اقتحمت ساحة النضال السياسي والنقابي والثقافي في الجامعة منذ بداية الثمانينيات بتشجيع من الإسلاميين، وقد استماتت في النضال وثابرت في الطلب منذ ذلك الحين، وكانت عند المنعطف الكبير في الموعد دون مَنٍّ من أحد ولا مزية من أيٍ كان، فهنيئاً لمعصومة وسلوى وأسيل ورولا، وكل انتخابات والديمقراطية الكويتية بخير.  * كاتب وصحفي تونسي  (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر ) بتاريخ 7 جوان 2009 )


حروب بوش كانت صليبية و اليوم تجلّت الحقائق


بقلم: د.أحمد القديدي رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس هكذا هو التاريخ! تحدث أزماته الكبرى و تمرّ على الناس و تكاد الذاكرة الجماعية تنساها في دوامة الأيام  لولا مراجعة المؤرخين و فطنة الخبراء و تقصي الإعلاميين الذين يتمتعون هنا في الغرب بحريات أوسع و أعمق. كان هذا هو شأن الحرب التي أعلنها بوش الإبن على العراق منذ ستة أعوام ، و حين أطلق عليها بوش نفسه عبارة الحرب الصليبية في مؤتمر صحفي مشهود ثم تراجع علنا تحت تأثير الهبّة الإسلامية الكبرى معللا ذلك النعت بكونه زلة لسان ! و يذكر القراء العرب تلك الجلسة المشهودة التي عقدها مجلس الأمن يوم 5 فيفري 2003 ليستمع فيها لبراهين وجود أسلحة الدمار الشامل لدى العراق تكفل بتقديمها وزير خارجية بوش الجنرال كولن باول، الذي جلب معه شاشة إلكترونية ملأها بصور شاحنات عسكرية تلف و تدور وهو يعلق في حرج و تلعثم لا يكاد يقنع أحدا من الحاضرين! ثم و في حديث لنفس السيد كولن باول لقناة (أي بي سي نيوز) الأمريكية مجيبا على أسئلة الصحفية راشيل مارتين يوم 24 مايو الجاري يعيد و يكرر ما كان أعلنه من ندم على ما أشاعه من أباطيل عن هذه الأسلحة المزعومة و قال الرجل: « إني بالفعل أشعر بالمرارة و أعتبر تلك المغالطات لطخة سوداء في مسيرتي العسكرية والسياسية ». على كل مهما جاءت هذه المرارة متأخرة فهي تسلط أضواء أخرى على المأساة التي عصفت بالعراق و بالعرب. أما المجلات الأسبوعية الفرنسية فقد نشرت هذه الأيام تصريحات لقائد القوات الأمريكية في بغداد ( مباشرة بعد الغزو) قال فيها : » إنني تلقيت بالهاتف و مباشرة بصوت نائب الرئيس ديك تشيني أمرا صارما بأن أسمح لأعواني بتعذيب السيد الدليمي رئيس المخابرات في عهد صدام لأنتزع منه إعترافات بأن العراق كان يملك أسلحة دمار شامل! و أضاف نائب الرئيس وهو يخاطب القائد العسكري قائلا:  » لا تتردد إن الرئيس يريد نتائج ! من جهة ثالثة صدرت هذا الأسبوع مجلة (جي كيو) الأمريكية واسعة الإنتشار تحمل لقرائها صفحات من مذكرات سينشرها وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد خلال الأيام القادمة في كتاب يؤكد فيها و يبصم بالعشرة أصابع بأن الرئيس بوش أعلن الحرب على العراق لأسباب توراتية و ليست سياسية قائلا حسب ما نقلته صحيفة الشروق اليومية التونسية يوم 23 ماي الجاري بأن الرئيس بوش خطط لحرب صليبية ( نعم هكذا بالحرف…!) هدفها تغيير الشرق الأوسط توراتيا ! و كتب بخط يده : » إنني ألبس درع الرب و سأحارب ياجوج و ماجوج ( نقلا عن سفر التكوين و سفر حزقيال من التوراة). حول هذه التسريبات الغريبة كتب الصحفي الفرنسي بمجلة (باري ماتش) السيد بينوا لوبرانس يقول: » أغلب القرارات العسكرية و السياسية التي إتخذها بوش في معالجته للحرب في العراق مسنودة إلى تقارير رامسفيلد التي حشر فيها كثيرا من نصوص التوراة و التي زينها بصور جنود أمريكيين يؤدون الصلاة في الكنائس العسكرية التي جهزت لهم في العراق. و يعلق الصحفي الخبير في الشأن الأمريكي بأنه من المتعارف عليه أن دونالد رامسفيلد ليس متدينا بهذا الشكل المتشدد، لكنه يحقق بتقاريره أهداف المحافظين الجدد حين يتوجه للرئيس بوش ( المتشدد ) بهذا الخطاب اللاهوتي الخرافي بقصد إقناعه بمواصلة الحرب تحت راية الصليب و نجمة داود. و يستخلص السيد بينوا لوبرانس بأن حرب العراق كانت بحق جزءا من حملة صليبية مسيحية ضد الأسلام لا غير. و القرّاء الرّاغبون في متابعة هذا التحليل الأمين يمكنهم الدخول على محرك (غوغل) لموقع: BENOIT LEPRINCE.PARISMATCH.COM و يضيف الصحفي قائلا بأن ملهم رامسفيلد بنصوص التوراة هو الجنرال غلين شافير. أما تأكيد هذه الإنحرافات فجاء على لسان و بقلم الصحفي الفرنسي مدير تحرير أسبوعية باريس الأوسع إنتشارا وهي (جورنال دي ديمانش) الكاتب جون كلود موريس الذي أصدر هذه الأيام كتابا بعنوان ( إذا نشرتم الخبر سوف أنشر تكذيبا ) و الذي ينقل بأمانة أحاديث مطولة أجراها مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك عام 2003  


من القاهرة مع خالص الحب

د. عزمي بشارة من الغرائب أن يعلن رئيس الولايات المتحدة عن نيته مخاطبة العالم الإسلامي، فلنجمعه له إذا، وليجلس بأدب ويستمع. ومن الغرائب أن يكرر الإعلام العربي ويروِّج للحدث بنفس لغة منظِّمه « يلقي الرئيس الأميركي خطابا موجها للعالم الإسلامي ». وفور إعلان النبأ يتحول طبعا إلى « الخطاب المنتظر » و »الخطاب المتوقع ».. ولا أدري لماذا أصر الإعلام العربي طيلة أكثر من أسبوع على محاولة استشراف ما سيأتي في الخطاب، كأنه حرب ستقع أو سلام سيبرم. هل كان سينجم عن هذه المعرفة شيء ما، خطوات هامة مثلا يجب اتخاذها قبل أن يلقي خطابه؟ لا فرق إن توقعنا أم لم نتوقع، ويمكن للإعلامي العربي أن ينتظر يومين ليسمع، فليس هناك ما يضطره لأن يتنبأ بما سيقوله الرجل. ولن يستبق أحد الخطاب بإعلان خطوة سياسية ما لو عُرِفَ المضمون. وليست مهنته كالتنجيم أو الشغف بمعرفة المصائر قبل وقوعها القدري.. إنها صناعة خلق الانتظار والتوقع والترقب والاهتمام، وصبها جميعا في قالب معين واتجاه معين. وقد صيغ هذا الاتجاه مؤخرا من خلال تأكيد « التاريخية ».. « زيارة تاريخية » و »خطاب تاريخي ». ومن هنا فخلافا لما يُروَّج، ليس الرئيس الأميركي بحاجة إلى أن يقوم بحملة علاقات عامة، فهناك من يقوم بها من أجله.. هناك من يخترع هذا النوع من الاهتمام. وطبعا هو لا يخاطب العالم الإسلامي، بل يطرح مقاربة جديدة للمنطقة من قبل السياسة الخارجية الأميركية، وقد سبق أن قيل معظمها منذ أن ألقى كلمته في موظفي وزارة الخارجية مرورا بخطابه في تركيا وخطابه الموجه إلى الشعب الإيراني. وقد انتُخِب ليجري هذا التغيير في الخطاب السياسي الأميركي، ويخطئ من لا يرى تغيرا وتغييرا. أتى التغيير بعدما أفشلت المقاومة وغيرها الخطاب السياسي الأميركي السابق لقضايا المنطقة مقاربةً وممارسةً. هنالك تغيير.. وقد فُرِضَ بفضل مقاومة الشعوب العربية للسياسة السابقة في العراق وفلسطين ولبنان، وليس بفضل من يصفقون دون شروط لهذه السياسة، سواء أكان ذلك في عصر الرئيس السابق أو الحالي. ولكن مجرد تكرار الإعلام العربي للعنوان الذي اختاره هو « مخاطبة العالم الإسلامي » ضاعف من قوة الخطاب، وخلق نزعة للمبالغة واعتبار كل ما قيل جديدا، إذ صُوِّر العالم الإسلامي كائنا موحدا متجانسا ينتظر في حالة ارتباك وذهول وقلق، لا يهدأ له بال قبل سماع كلمة الرئيس، ولا بد من مكافأته على هذا الانتظار باعتبار الخطاب بداية مرحلة جديدة. غير أن العالم الإسلامي بعيد عن التجانس سياسيا، فهو يتنوع من حلفاء لأميركا بدرجات متفاوتة وحتى خصوم وأعداء لسياستها بدرجات متفاوتة، ولا يمكنه أن يخاطبهم جميعا في إطار واحد. فالولايات المتحدة حاليا تخاطِب مسلمي وزيرستان وأفغانستان بلغة القاذفات مثلا، ومن بين من ينفذ هذه السياسة الأميركية في باكستان وأفغانستان مسلمون أيضا. ومن المرجح أن المسلم في إندونيسيا لم ينتظر ليجلس بأدب ويستمع إلى خطاب الرئيس الأميركي في القاهرة. ناهيك أنه كان من الأسهل والأكثر منطقية أن يدَّعي الرئيس أنه يخاطب العالم العربي من القاهرة، ولكن الولايات المتحدة رغبت وترغب في إخراج مصطلح العالم العربي من التداول أصلا، اللهم إلا في سياق مبادرة السلام العربية. والغريب أن العرب الذين يؤكدون على العروبة ضد إيران فقط، لم يكرّروا تأكيدهم على العروبة في هذه الأيام « التاريخية ». ولا شك أن الرئيس الجديد -وهو ظاهرة صوتية بل وسجالية لبقة ومثقفة- قد حُمِل إلى السلطة على موجة تغيير فعلية يفرِحُ حلفاءه المحافظين في العالم الإسلامي بأنه لا يسعى ولا يدعي أنه يسعى إلى « ثورة ديمقراطية دائمة » كالمحافظين الجدد، بل يعتمد لغة المصالح البراغماتية التي ميزت المحافظين في الماضي. وقد بيَّنت هذه اللغة في الماضي -وهي تبيِّنُ حاليا أيضا- نفاق الليبرالية الأميركية « التقدمية » حين يتغنى ممثلها الأبرز حاليا -أي الرئيس أوباما- لغرض النفاق بحكمة ملك لا يشترك معه في شيء. هذا هو مصير الليبرالي خريج هارفارد الذي حملته موجة تغيير شبابية إلى الحكم ليمثل قيما جديدة، فوجد نفسه متبعا لسياسة المحافظين بدل المحافظين الجدد، إذ حوَّل لقاء المصالح إلى المعيار. وطبعا يغلف لقاء المصالح بالكلام المعسول عن « لقاء الحضارات » و »حوار الحضارات » و »احترام الحضارات » و »الأنا والآخر » بدل صراع الحضارات، وهو نوع من الكلام الذي يسير على حبل موازنة بين النقائض يتقنه الرئيس الحالي وأتقنه في الحملة الانتخابية، خاصة أن لديه اطلاعا على عبارات يسارية وتقدمية « لائقة سياسيا » يستخدمها في شرح مصالح الولايات المتحدة. ورغم انتماء اللغتين (لغة حوار الحضارات ولغة صراع الحضارات) لنفس المنظومة الفكرية التي تقسم العالم سياسيا أيضا إلى حضارات، فإن النفاق يبقى أفضل من الحرب. وقد كشف الرئيس الأميركي عن نوع « رسالته » إلى العالم الإسلامي عندما تغنىَّ بحكمة النظام الرسمي العربي القائم. وكان منافقا بالمعنيين، بمعنى التواضع الكاذب في التعامل مع المناصب والوجاهات، لأن التواضع هنا ليس تواضعا بالفعل بل محاولة في الخداع لكسب الود، ولأنه يتضمن استخفافا بعقول الناس. والنفاق يعني امتداح ما لا يعجبه، كما يعني التضخيم الانتقائي لعناصر يصح فيها المديح، كما يكسب المنافق شخصا بمراءاته، متجاهلا التناقض القيمي لأن لديه مصلحة معه.. إنها السياسة بأقبح أشكالها. لغة النفاق الاستعمارية لم يخترعها الرئيس الأميركي الجديد، إذ اكتفى بالتأكيد على الوجه المشرق النير في الإسلام معتمدا على آيات عدة تبعها تصفيق من قبل الباحثين عن الاعتراف بالإسلام في الغرب، بعدما كان نفس الرئيس قد تعامل مع الإسلام كأنه تهمة أو تشهير به حين « اتُهِّم » به إبان الحملة الانتخابية، وهو الآن يأخذ راحته في النفاق بعدما تحرر من الحملة الانتخابية التي تفحصت علاقته بالإسلام بمجهر اليمين وماكين. والكلام التلفيقي كما أسلفنا اختصاصه الدائم، مع الديمقراطية وضد تصديرها، مع الفلسطينيين وضد المقاومة، مع الحرب على أفغانستان وضد الحرب على العراق ويعتبر القضية برمتها قضية أفكار نمطية، يدين العنف الفلسطيني لا عنف الاحتلال، ولكنه ينتقد الاستيطان.. هذا اختصاص توازن الألفاظ الذي لا يضر ولا ينفع خارج الواقع والممارسة. ولو لُفِت نظره فسوف يُدخل في الخطاب القادم كلمة ضد العنف الإسرائيلي ثم سيبرره في العبارة التالية، فهو كما قال ضد الحرب على العراق، ولكن تغيير صدام بفضلها كان إيجابيا. أما نابليون فأذكر القارئ أنه قال في بداية حملته على مصر حين خطب -حسبما نقل الجبرتي- في العلماء والمشايخ مفتتحا كلامه بالبسملة رافضا ليس الشرك فحسب، بل حتى مبدأ الأب والابن « بسم الله الرحمن الرحيم.. لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك له في ملكه.. أيها المشايخ والأئمة قولوا لأمّتكم أن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون، وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في روما الكبرى وخرّبوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكوالليرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين ». لقد ادعى نابليون أنه مسلم وأن الفرنسيين مسلمون وأنه حارب الفاتيكان لأنه أطلق الحملات ضد المسلمين.. صدق أو لا تصدق!! ولن أضيف.. وهو نفس نابليون الذي دعم إقامة دولة لليهود في فلسطين قبل نشوء الصهيونية. مهما نافق الرئيس الأميركي الجديد بلغة اللياقة السياسية « من ناحية.. ومن ناحية أخرى.. » بشكل لا يغضب أحدا، فإنه لن يصل إلى مستوى خطابات أخرى سمعها العرب الحاليون وأسلافهم، ولا يرغب بعضهم في تذكرها. سيفرح الرئيس الأميركي الجديد المحافظين العرب ببراغماتيته، وعدم رغبته في تصدير الديمقراطية، وبرغبته في التعايش على أساس المصالح المشتركة مع الأنظمة العربية والإسلامية القائمة.. هذه المصالح المغلفة بحوار الحضارات والتسامح والاحترام المتبادل. ولكنهم سيغضبون إذا اتبع نفس البراغماتية تجاه إيران. أما الليبراليون الجدد العرب الذين التقوا مع المحافظين الجدد على تصدير الثورة الديمقراطية على المدمرات الأميركية، فسيخيِّب أمل بعضهم، ولكنهم سيعوضون عن ذلك بتمكنهم من مدح أميركا علنا لأنها تخلت عن الحرب المباشرة والفورية لصالح لغة الدبلوماسية والسلام والحوار وغيرها، وهذا ما سيحصل فعلا في منطقة الخليج وغيرها. وعندما تتراجع الولايات المتحدة عنها بسبب « التعنت » الإيراني ورفض وقف التخصيب، أو إذا لم يتم التوصل إلى تسوية/صفقة مع إيران، فسيمتدحون أميركا أيضا حين تشدد العقوبات. فلسطينياً: من اتفق من العرب مع كل ما قاله الرئيس الأميركي السابق، لا يفترض أن يهمه كثيرا ما سيقوله الرئيس الجديد، ولا تحليلنا لما أدلى ويدلي به، فهو سيتفق مع الرئيس الأميركي على أية حال. وهل كانت لدى النظم العربية الحليفة للولايات المتحدة مشكلة مع ما درج بوش على قوله لكي تأمل خيرا مما سوف يقوله الرئيس الجديد؟ فما يقوله رئيس الولايات المتحدة هو خير بحكم تعريفه، وذلك بالنسبة لمن يرى أنه لا بد من قبول ما يقوله والتنظير له وشرحه، ولو قال عكس ما يُنَظَّر له حاليا.. فهذه هي الإستراتيجية الوحيدة في جعبة هذه النظم. ولكي لا أصعِّب على أحد هضم ما يقال، فلن أستعين بخطابات سابقة لبوش حول الإسلام والتطرف والاعتدال والخير والشر اتفق معها عرب أميركا المحافظون، وكلام آخر حول ضرورة الديمقراطية اتفق معه عليها عرب أميركا الليبراليون الجدد، فوجد كلٌّ منهم ضالته في كلام بوش.. ولو كانوا على طرفي نقيض فكريا، لم يكونوا كذلك ممارسة. فكان التحالف مع بوش كافيا للقاء الليبراليين الجدد مع الأنظمة غير الليبرالية وغير الديمقراطية العربية الحليفة للحليف.. بل سأذهب إلى خريطة الطريق. ولماذا يأمل العرب جديدا في الشأن الفلسطيني من الرئيس الأميركي ما داموا قد وافقوا بحماس على خريطة الطريق التي طرحها بوش؟ وقد حوَّلوا هذه الخريطة إلى مطلب وسقف تجري مطالبة إسرائيل بتنفيذه بعدما نفذ الفلسطينيون حصتهم منه. وظهر ذلك جليا إبان الحرب على غزة، عندما قمعت السلطة في الضفة ليس فقط المقاومة، بل أيضا التضامن السلمي مع غزة. فهذا برأيهم يؤهل الفلسطينيين للمطالبة بأن تنفذ إسرائيل حصتها من الخريطة ما دامت فقراتها الأولى المتعلقة بهدم البنى التحتية للإرهاب، إما نفذت أو قيد التنفيذ الحثيث. ولماذا يتوقع العرب جديدا من الرئيس الجديد ويهتفون لإصراره على دولة فلسطينية وحل الدولتين ما دام بوش قد رأى (من رؤيا، والمقصود رؤيا بوش) دولة فلسطينية قبل نهاية عهده؟ سبق أن تحمسوا لرؤيا بوش، ويتحمسون الآن لرؤيا أوباما. تغيرت أميركا.. لا شك، كما تغيرت في عهد روزفلت وكيندي وريغان. أما المشكلة فهي تغيير عقل الأنظمة العربية السياسي. صحيح أن هناك نبرة أميركية جديدة تجاه إسرائيل تشبه نبرة اليسار الصهيوني -وليس اليمين الصهيوني- بالتأكيد على « حقين لشعبين »، وتعتبر الدولة اليهودية قيمة عليا، وترسم تكافؤا حيث لا تكافؤ. حسنا.. نبرة جديدة إذا، ولكن حتى هذه النبرة الجديدة ناجمة ليس عن تغيير في أميركا فقط بل تغيير في إسرائيل أيضا، فهناك حكومة في إسرائيل ترفض التعهد شفويا بتجميد الاستيطان كما فعلت الحكومة الإسرائيلية السابقة لإدارة بوش، كما ترفض الالتزام الشفوي بمبدأ حل الدولتين كما فعلت الحكومة السابقة في عهد أولمرت.. هذا هو الفرق. وينجم رفض أوباما التعهد بالالتزام بورقة طمأنات بوش لشارون عن رفض نتنياهو الالتزام « برؤيا بوش » المتعلقة بحل الدولتين. التغيير هو أولا في النبرة الإسرائيلية نحو اليمين تبعه تغير في النبرة الأميركية تجاه هذا التغيير. وفي الشأن الفلسطيني تحديدا لا يوجد تغيير فعلي في الموقف الأميركي. تغيرت النبرة لأن هناك حكومة إسرائيلية غيرت نبرتها وترفض الالتزام بأسسٍ تمكِّن من العودة لما يسمى « عملية السلام »، وهذا ما يمكن لأوباما التعهد به فعلا للعرب عدا تغيير النبرة: الضغط على إسرائيل للعودة إلى « عملية سلام ». فأميركا وحلفاؤها العرب بحاجة لمثل هذه العملية السياسية الجارية التي صارت تشكل موسيقى مرافقة دائمة، وأجواء لا بد منها في تصوير فيلم الاعتدال العربي، مثل الموسيقى التي ترافق التغطية الصامتة للاستقبالات والمناسبات في التلفزيونات الرسمية في الدول التي يزورها الرئيس الأميركي حاليا. لا تكمن المشكلة في الاعتراف بحصول تغير في الولايات المتحدة، وهو على كل حال لا ينشأ ولا يعبر عنه حتى في محاضرة أو زيارة، بل المشكلة في غياب إستراتيجية عربية. ولذلك فحتى لو جرى تغيير، فما عدا الفرح بتغيّر النبرة والأجواء، ليس بوسع العرب أن يحصدوا الكثير من هذا التغيير ما داموا يعيشون دون تحديد للمصالح العربية ودون إستراتيجية.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ  7 جوان 2009)  


البراغماتية  المتعددة الأوجه « للخطاب الأوبامي » أوسياسة « العرض »

د.الطيب بيتي العلوي « ان السياسي الماهر هو الذي يمتلك القدرات والمؤهلات على استشراف آفاق المستقبل ،كما يمتلك أيضا-بعدها- القدرة الكافية ذاتها، لتفسيرعدم  حدوث ما تكهن به عند  فشله »…  السير ونستون  تشرشل توطئة  لا بد منها خطابات أوباما »الشيشورينية »،منذبداية حملته الانتخابية، الى خطابه »التملقي » الناري المدوي في الحفل السنوي للتجمع الصهيوني »لايباك » بواشنطن المسفز لحفيظة العرب والمسلمين والمطئن للاسرائليين، ،عندماأكد التزامه بأمن اسرائيل،ومدينة القدس كعاصمة أبدية للكيان الصهيوني والغير القابلة للتجزئة، وصمته المطبق « الملغوز » في فترة محرقة غزة ، الى حفل الافتتاح « بالكابيتول »،مرورا بخطاباته الموجهة للرؤساء الثوريين المتمردين على البيت الأبيض (كوبا وفينزويلا وكولومبيا)  وزيارته –التحسسية، وجس النبض  لأردغان للاطلالة على عقر »الخلافة الاسلامية العثمانية-السابقة –تركيا- التي أرعبت أساطيلها أوروبا على مدى ثمانية قرون حتى عشرينات القرن الماضي، وصولاالى القاهرة، منارة الفكروالثقافة العربية وانطلاقة الناصر صلاح الدين ضد الفرنجة،وعاصمة المعز الفاطمي، ومشيخة الأزهروالافتاء،وورمزالفكرالاسلامي وشعائره وثقافته ومدارسه الفقهية المتنوعة، ومعقل انطلاقة كبرى أم الحركات الاسلامية السياسية في عشرينات القرن الماضي( حركة الشيخ حسن البنا) ،ثم أخيرا وليس آخرا، التوقف في أهم محطة من محطات أوروبا في عاصمة بلد »التنوير النتشي الكانتي–الهيغلي »،وبلد النازية، وبؤرة كل التنظيرات « العنصرية المؤسسية الفاشية »،وعصب الحياة الاقتصادية والعلمية والصناعية الأوربية، ومعقل أخر ديناصورات الفلسفة المعاصرة للفلسفة السياسية، التي ماتزال تصارع  نفسها مع « سيد » فرانكفورت »يورغن هابرماس »أ برز الوجوه الفلسفية علىالاطلاق لما  بعد الحرب العالمية الثانية ،المستميت في دفاع عن وهج « الأنوارالألمانية »،التي يبدوأنها لا تهز أعطاف »انجيللا ميركل »، التي تسعى جاهدة الى اعادة  بلد »الأنوار،الى ما قبل الأنوار، والعودة بألمانيا الى عهود همج  قبائل « الساكس والهون »، وجحافل  متوحشي الجرمان، بدعمها اللامشروط  -على كل المستويات- للدولة العبرية، ساخرة من »المانيفستو » الذي  قدم لها من طرف أكاديميين  ألمان عام 2007 ،يحذرونها من خطورة  الارتماء في الحضن الاسرائيلي الذي يعني في نظرالعلم والفكر، والأنوار،تدعيم احياء النزعات النازية والفاشية والعنصرية التي افرزها الفكر الألماني وثقافته خلال  بدايات القرن الماضي ولأول مرة في التاريخ السياسي المعاصر- بعد الحرب الباردة-  يجمع معظم  كتاب السياسة غربا وشرقا، على وصف رئيس  دولة ب »رجل الساعة »، و »المخلص »، و »رجل التغيير »،حتى أن مجلة فرنسية يسارية ذائعة الانتشارفي الأوساط الثقافية اليسارية ،وفئات « الرافضين »،وصفت « أوباما »بأنه رجل »القطيعة التاريخي »مع الماضي البشع الأمريكي ورجل »الفصل القطعي » في( حوارات اسلام/غرب ،و شمال /جنوب وشرق /غرب)، والفاصل في قضية الخطرالايراني، وفي مسألة الصراع الروسي-الأمريكي الجديد،والصراع الأمريكي –الصيني الخفي، والأمريكي الكوري السافر، ورجل السلم والأمن في العالم، الى غيرذلك من »الهذاءات » »العاطفانية »، الرامية الى تعشق هذا الرجل »عشقا عذريا »وتأليهه تأليها أولامبيا،على هدي قول الحكيم الشاعر العربي    وعين المحب  عن العيوب كليلة…..و عين السخط  تبدي لك  المساوئا فماهو هذاالخطابالأمريكي الجديد  عبر « الخطاب الأوبامي » بادئ  ذي بدء،…علينا أن نحدد، بأن أوباما، لم يكن في يوم ما،لا مفكرا، ولا منظرا،  ولا ملهما، أو صاحب رؤية ،وحالته ليست شبيهة بأحوال أولئك المفكرين والمنظرين الذين وظفت أفكارهم في اطارمختلف تماما، وبل لأهداف لم ترد بتفكيرهم، وبالتالي فعلينا أن نسمي الأشياء بأسمائها ،ولا نخلط الأمور، فنقوم بتسمية « القط  قط ،والكلب كلب، والخل  خل » –كما يقول المثل الفرنسي الشائع وسوف أعيد-ابتداء- تكرارما سقته في مقال سابق عن »التغييرالأوبامي » بأنه مصطلح  سيؤول الى ما آل اليه سوابق المصطلحات »الحداثية الوردية »التي لم تر منها العوالم الثالثية-طيلة ثلاثة قرون- سوى الويل والثبورالى ،بطغيان المفاهيم « المخملية »الدوارة »و »السيارة »المحسوبة على »الفكرالجاهز »مثل الموضة الجاهزة،التي تخضع في جميع الأحوال الى قوانين »السوق »،وحينية العرض والطلب،ومتطلبات البضاعة الرائجة، حيث تكون دائما »الموضة »الفكرية،أوالثقافية، أوالسياسية »الدوارة و »السيارة »،مظهرا معبرا بشدة عن »اديولوجية »ما،…لكنها مظهرقاهرمتحكم، ليس من السهل تجاوزه،لأنه ينتمي أولا وقبل كل شيء،الى السلطة الفكرية،والتنظيرية التي ينتمي اليها خدم الايديولوجيا المسيطرة،وبالتالي،… فان »الموضة »الفكرية والسياسية والثقافية لاحدود لها،وهي نفعية ولا أخلاقية في معانيها وأبعادها ،ولازمة من مستلزمات »الماكيافيللية »و(الذرائعية)اللولبية، والنفعية الخسيسة، والعبرة دائما بمضمون الأمر،لا بالاسم ، وانما الأموردائما بخواتيمها « كما وردفي الأثر.. ومن هذا المنطلق، يمكن القول بأن تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية  في الولايات المتحدة ،وتجذرالمزيدمن التناقضات في العالم، والغليان البركاني الهائج، أوالراكد ضدالبيت الأبيض، من داخل الولايات المتحدة أو خارجها،دفعت »بجماعات الضغط القاهرة » المتمثلة في « نادي العولمة المغلق »المهيمن على مقادير البشرية -(باختلاق الحروب الكبرى،وتأجيج بؤرالحروب الصغرى،واستنباث الأزمات المالية والاقتصادية،والمجاعات والاوبئة،واختلاق الفيروسات ترويعاللشعوب، لتمرير كل القوانين ضد ها،وللتخلص من أكثرمن ثلث سكان المعمورة)- مما دعا الى ايجاد »ظاهرة أوباما »وطرح نظرية »التغيير الناعم »، بعدأن أدى « التغييرالصادم البوشي »مهمته،بزعزعة الامن العالمي، وتفقيرسكان اليابسة ـوترهيبها وتمدير حضارات واعادة استعمار بلدان ، فتفتقت بعدها قرائح منظريو »شيوخ »أوباما الى تبني منهجية مستحدثة مناسبة للحظة الراهنة ، من أجل امتصاص النقم وانواع العصيان « الصامتة »المهددة لمصالح هؤلاء  ومن هذا المنطلق، فان الخطاب الأمريكي الجديد،أريد له »التقنع » بتغليب مسحة »العاطفانية »-الرومانسية- sentimentalisme على العقل، للتخفيف من التوترات  الكونية،استكمالا « للمشروع الأمريكي القديم » ولكن –هذه المرة- عن طريق « الحروب الذكية » جاعلا آخرالدواء « الكي » بالحروب المدمرة-كما صرح أوبما نفسه في حملته الانتخابية- وذلك امعانا في التغطية والتمويه،( وهي نفس ظاهرة « السادات »التي خلقها « هنري كيسينغر »‘أحد منظري أوباما) عبرخطاب السادات السياسي منذ عام 1970عقب وفاة عبد الناصرالى عام 1981،ذللك الخطاب الذي خدرالمصريين وشعوب المنطقة الى ان فوجئت الأمة ب »كامديفيد المشؤومة ») وان ظاهرة « العاطفانية » أواديولوجية المحبة » في الخطابات السياسية ليست ظاهرة جديدة في مجال ما يسمى ب »حقل الأوضاع الايديووجية »Le Champ des positions idéologiques بمنظور الانثروبولوجيا السياسية   ففي فرنسا،و في الفترة من 1660الى ،1680في السنوات الأولى من حكم الشاب لويس الرابع عشر،ظهرت النداءات الى المحبة وايديولوجية حب الملك –بدون تفكيرأو شروط مسبقة- حين تكلف الداهية « الكاردينال ريشيليو »-  مستشار الملك ورئيس وزرائه ،الى  طمأنة لويس الرابع عشر،قائلا له بعبارته المشهورة التي اتخذت  « كقاعدة أصولية » في ما سمي لاحقا ب »صناعة الرأي في الغرب »افعل ما بدا لك ياجلالة الملك،فسأتكفل بأمرالرعاع  ودهماء الشعب في شأن محبتك » حيث نمت هذه « الايديولوجية » في مجتمع فرنسي تميز بتناقضات اجتماعية صارخة، وبؤس عارم،وانتفاضات فلاحية كبيرة لا عهد للملكيات  الفرنسية بها سابقا…، فثمة دائما علاقة بين ظهور »ايديولجية المحبة »و »التسامح »في الخطابات السياسية –تاريخيا- مع استفحال خطرالتناقضات الاجتماعية والاقتصادية عندما  يتحول الخطاب السياسي الى »عرض »Spéctacle او Politic-show   فالمفاهيم والأطروحات ،والاقتراحات و »أشباه الحلول » والرؤى التسطيحية ، ومفردات الوعظ »البيوريتانية » وتعمد سذاجة التبسيط المتكررة في » الخطاب الأوبامي » -التي يطلق  عليها  في السوسيولوجيا السياسية الامريكية الحالية-تنذرا- بسياسة »YES  I CAN » أو   سياسة « يوتوب »yutube –التي يقحمها الخطاب الأوبامي في كلا الملفات الجادة ،للصراعات العالمية، والأزمات المالية ،حيث ينم ذلك ،عن عدم امتلاك أي مشروع واضح، او أية حلول ناجعة، بل ترمي فقط الى تهدئة  الأوضاع وهدهة الضمائر، باستخدام عناصر »التطمين » ،والتلويح بورقة الحوار،وتناسي الماضي، والاستشهاد بالحكم،والتراث   (مثل الاستشهاد –بكل وقاحة وصلافة- بالآيات القرآنية المبتورة عن سياقاتها،في خطاب القاهرة)،التي ما هي سوى محاولة لايجاد »وحدة »انسانوية » Humaniste عالمية مزيفة ،وزرع « اديولوجية المحبة الوهمية « دفعا بقطيع البشر،لاعادة التحلق حول المشروع الوهمي الأمريكي الجديد ،تغطية للخطط الأمريكية المفاجئة المنتظرة التي تشتم روائحهاالنثنة من بعيد،  وهي ليست بخافية على كل بصيرمطلع على دقائق حياة ومساروثقافة ومرجعيات هذا الرجل، ومنظريه الأقربين (1 )ودور المؤسسات (2) والأفراد(3)  الذين أجاؤوبه الى السلطة، في أسرع وأغرب فترة حرجة في ما بعد  الحرب الباردة،وبتمويلات خرافية من المؤسسات المالية « لوول ستريت » والحملات الاعلامية الهوليودية لم  يعرف لها  نظيرفي تاريخ الولايات المتحدة  البراغماتية المتعددة الأوجه للخطاب الأوبامي اذا  كان الأصل في الفلسفة البراغماتية، انها فلفسة انتقائية و »تخفيضية » تشويشية ،فهي مقيتة ونفعية ولاأخلاقية في قواعد تنظيرها ومعانيها وأبعادها ومغزاها(كما قعد لها مؤسسوها الأوائل وأرادوا لها :(« بيرس »و »ديوي »و »وليم جيمس ») ،وقد ظهرت ملامحها جلية في الخطاب الأوبامي، منذأن ظهر على السطح السياسي، الى  خطاب القاهرة وبرلين، وتتجلي في مستويين أولا   مستوى النتائج : تتحدد  قيمة أي عمل في الخطاب الأوبامي بالنتائج العملية، التي يرتبها،  فالعبرة ،في الحطاب الأوبامي بالنتائج المباشرة، وليست بسلامة المسلك العقلي، أوالتنظيري للتعامل مع القضايا الشائكة، والمشكلات المعلقة والمثارة ،ويتجلى ذلك  في ممارسة فن » بث عنصر التشويق والاثارة »الهوليودية » ،وربح الوقت ،وعدم الوضوح،أوالبث في أي ملف من الملفات(حيث تسرب خبر من وكالات امريكية بان اوباما سيتخلي عن الانسحاب من العراق بدعوة من الحكومة العراقية الحالية وستستمر القوات  الامريكية في العراق مدة عشرة سنوات أخرى)  واتقان لعبة الابتزاز والمراوغة و »اللسننة » (الى أن يأتي الطبيب، كما قال طبيب العرب الرازي) ثانيا العداء للنظر والعقل والعلم وذلك بالاستكثارمن شحنات »الصدمة العاطفية الكهربية »من اجل اخضاع الأمورالى الواقع،  والدفع الى قبولها لا الى االبحث عن الحلول الجذرية، بمعنى اعطاء الأولوية-في مثل هذه الخطابات- للفعل،ورفض التفكيرالنظري والعلمي، والتركيزعلى الفاعلية، بالرغم من أن هذا الموقف ذاته، يعني موقفا « نظريا » تبناه  اولئك الذين أتوا « بأوباما » الى السلطة، حيث يستند  هذا الموقف الى اخفاء المعضلات،وتمويهها ، حيث يطرح هذا « الخطاب الأوبامي » نفسه في مواجهة الخصوم، أوالمعارضين من المهتمين ب »التنظير »، على أنه خطاب العمل والفعل الملموسين، وكأنه يقول لمعارضيه « دعكم تفكرون كما يحلو لكم ، بينما أنا أعمل »( وهنا  انطلت على الجميع تلك الطبخة المحبوكة، ما بين ادارة « أوباما »  وادارة « ناتنياهو » في  فبركة « التمظهر »بالخلافات الشكلية، والعمل على التنسيق في الأهداف والمضامين)     الخطاب الأوبامي والفاشية الخفية ولا بد من الاشارة الى ان الخطاب الأوبامي، يلتقي كثيرا مع الخطاب الفاشي، حيث ركز « أوباما » في كل خطاباته، بدون استثناء،على العمل، واحتقارالتفكيرالنظري، وقبول الأمر الواقع، والابتعاد  عن التحليل، ودعوة الأمريكيين الى التفاني في محبة الوطن، والتحلي بروح الايثار (في بلد  اقتناص الفرص المتاحة والمباحة ،والمغامرة وامكانيات كسب المال السريع، وحيث المواطنة هي « البيزنيس ») وذلك للحيلولة دون ان يحيط الشعب الأمريكي(المتعطش لكسب المزيد من المال) الاحاطة الشاملة بالظواهر، والتعرف على محتواها الكلي ،والتغاضي عن بشاعة انظمته السياسية والاقتصادية، وغض الطرف عن »ثقافة « ممارسة المجازالداخلية البشعة في حق سكان القارة الأصليين،وملحمة الاستغلال المقيت للزنوج ،وحرمانهم من حقوقهم المدنية الى سنوات السبعينات،  والزج بالوطن في حروب لانهاية لهاعبر القارات وابداة الشعوب وتدمير الحضارات(،(ولم يحدث  ان كسبت الولايات المتحدة  حربا دختلها  قط)   الخطاب الاوبامي و »التخفيصية »Réductionisme   كما يركز الخطاب الأوبامي »المبتور »على الجزء،معزولاعن الكل، واللحظة الراهنة  معزولة عن السياق الزمني والتاريخي، والتي هي جزء منه، والتركيز على النظرة الجزئية دون النظرة الشاملة ،اذيهتم بصرف الانتباه عن التطورالمنطقي الشامل لمجمل هذه الجزئيات، والحيلولة دون نظمها في اطار كلي واحد،والتحايل على عدم التفكيرفي التنبؤ بمسارها في المستقبل .   انه  التطبيق الدقيق والحرفي للبراغماتية المخادعة ،التي تفصل النظرية عن التطبيق، وبتر الجزئي عن الكلي، بمعنى، أنه ما على البشرية سوى الاستسلام »لمشيئة » دهانقة  نادي العولمة من  جماعات الضغط، انتظارا »للتغييرات »الفجائية والعشوائية »التي لاتخضع لأي قانون أخلاقي، أوانساني، أو منطق عقلي سوى »قدرية » ما ستقتضيه المصالح الثابثة للولايات  المتحدة  الأمريكية وربيبتها اسرائيل ، وأمها الرؤوم أوربا العجوزوماعلى بقية « برابرةالشعوب الدنيا »-حسب تعبير كيسينغر-سوى دفع فواتيرالحساب، تلبية  للهذيان الأمريكي المستمر الى قيام الساعة، والجشع اللانهائي للوبيات المال والسلاح والصناعة   المفرزة  للمزيد من القذارت التي  يبدو انها ستكون أكثر نثانة في الزمن الأوبامي هل  الخطاب الأوبامي معزول عن تراث الخطابات التاريخية الأمريكية؟     انه من السذاجة الفكرية والسياسية،اعتبارالخطاب الأوبامي خطابا جديدا، اذ الجدة  لاتكمن فيه الا  في الشكل وليس في الجوهر   فخطاب » التغيير »الذي تتبناه  ادراة أوباما،لايمكن دراسته بمعزل عن العلاقات الواقعية التي ينسجها « الخطاب »مع « خطابات »أخرى في لحظة محددة،- باعتبارأن الأصل في الخطاب السياسي-أيا كان مصدره ،أومتبنيه – ينبغي أن تتم معالجته وتحليليه في اطارالحقل الخاص به، بمصاغ النطق والبيان المرتبطة بخطابات أخرى، بمعنى ،أن ذلك يتضمن »أن هذا الخطاب الأوبامي-مثل أي خطاب سياسي- عرضة لتأثير جملة من القواعد التاريخية  المجهولة والغامضة ،محددة في الزمان والمكان،وحددت هذه القواعد في فترة معطاة وفي اطار(اجتماعي-ساسيي- اقتصادي-جغرافي- لغوي- ثقافي)،شروط ممارسة الوظيفة البيانية للخطاب »(1) وفي هذا الاطار، فانه يمكن افتراض أن الخطاب الأوبامي » قد تأثر بخطابات أخرى سابقة  في الزمن، فثمة تأثيركل خطابات »المؤسسين الأوائل »للامة الأمريكية »التي لم تخرج قط عن الخطاب الديني المسيحي بمفهومه (التوراتي-البروتستانتي)-كما تجلىذلك واضحا وبشكل سافر،في خطاب أوباما الافتتاحي في حفل مراسيم تسلمه لمنصب الرئيس »بالكاببتول » أي استعمال ذلك الخطاب (الديني الليبرالي-التاريخي) بمنظور »الاستثناءات الأمريكية »- مع الحفاظ على طاقة امتداداته المنطقية المتواترة والمتوارثة لدى كل الرؤساءالمتعاقبين على السلطة،  التي تميز بها ،خاصة، كل من جورج واشنطن، وجيفرسون،وابراهام لينكولن، ونيلسون،و( ثيودورروزفلت ، وفرانكلين روزفلت ،وترومان  الذين  كانوامن  أقطاب المحفل الماسوني الشرقي) –نموذج خطاب اوباما في القاهرة وهرطقاته  الدينية حول الاسلام حيث كانت النغمة  الماسونية  واضحة فيه) ولققد حدا »أوباما حدو »جون كينيدي » حتى في الشكل، حيث نجح في تذكير »قطيع الأمريكيين » ب »رومانسيات الستينات »الوردية في كل خطابات كينيدي،بتهييج الضمير الجمعي اللاشعوري بتشابهمها(مما جعل بعضا من سذجنا المغرمين بأوباما، التكهن باغتياله مثل كندي) حيث كان اوباما يهتم  بالتركيزعلى اشتراكهما في جذورهما الدينية الغير بروتستانتية-خلافا  لكل الروساء السابقين- وسحرهما البلاغي، وصغرسنهما وهندمتهما ،  ورشاقتهما، وحركاتهما الهوليودية المعبرة–والمميزة لأوباما- المعهودة لدية بالفطرة منذ أن كان حدثا و طالبا في جامعة » كولومبيا « حيث أثار انتباه « المنظر اليهودي والصهيوني العتيد ومستشارالأمن القومي السابق في حكومة « كارتر »والمنظرالشهيرلاعادة ترسيم خرائط العالم »زبجنيف بريزنسكيZbigniew Brezeinski(2)مكتشف أوباما و »صانعه » ومربيه لحوالي ثلاثين عاما حيث تعلم منه « فن التخصص » في الدفاع عن القضايا المشبوهة الشائكة للشركات المتعددة الجنسيات-التي يمتلك منها بريزنسكي الكثير (كما كلف  أوباما اليوم بالدفاع عن أعقد قضية كونية مشبوهة فاشلة،الا وهي اخراج الولايات المتحدة من ورطاتها، ومن مستنقعاتها المعتمة ) ودرا للرماد في العيون،واستنزافا للجميع، وضرب الكل بالكل،(السود ضد فئات بعض  الاثنيات الأخرى من السود، والسود ضد الاسبانيك، والاسبانيك ضد السود،وضد فئاتهم الاثنية الأخرى، والسود ضد اليهود والعرب والمسلمين ،والمسلمون ضد السود،وضد اليهود،واليهود ضد الجميع، والمحصلة يظل الجميع ضد الجميع، ليسود الخطاب الأوبامي »المخلص » للجميع من الجميع، بالاستنزاف والمساومات المستمرة  للجميع ، وبهذا فان الخطاب الأوبامي لا يطرح نفسه فقط  في مواجهة » المحافظين الجدد، أوالخطاب الجمهوري الخصم ،انما كذلك في مواجهة »اللوبيات » بما فيها اللوبي الصهيوني،(ليظهر حتى للوبي اليهودي مدى الخطر المحذق بهم من باقي اللوبيات الصاعدة ضدهم وبانه حامي حماهم) وهنا تكمن « ماكفيلية « هذا الرجل حين يقدم نفسه  بتمايزه في مواجهة كل هؤلاء مجتمعين ،مؤكدا أنه الأفضل،لأنه يمتلك الحقيقية والصدق والطهرانية، وأنه سيتفادى عثرات « الجمهوريين » والمحافظين الجدد، وانه سيحمي اليهود من العرب والمسلمين  وسيحمي الفلسطيننين من كيد الاسرائليين، وسيخلص العراقيين من ربقة الاحتلال وسيتلاءم بعمق مع الحاجيات الجديدة للمجتمع الأمريكي والدولي، فما تملك  البشرية بعدها الا الاستسلام لمشيئته واتباع هديه،  لأن ما يدعو اليه هو طرح منسجم خالي من الاعوجاج والخلل الذي  تميز به الأنظامة السابقة منذ  » ريغان » ومن هنا يكمن  خطرالخطاب الأوبامي: حيث سيعتبر كل من  عارض أوباما  « مارقا » وخارجا عن الاجماع الوطني والدولي ، و »مشيئة الرب » –كما كررها  في خطاب حفل تنصيبه- أفرادا، أوجماعات، سواءمن داخل الولايات  المتحدة أومن خارجها) ولا  بد  بالتالي من استصدار قوانين   أمريكية ودولية جديدة « لحماية مكاسب  الخطاب الأوبامي » فمن هو هذا الرجل ؟ مصلح قديس و ثوري صادق؟ أم نصاب لعوب وأفاق مارق؟  للبحث صلة هذا ما سنراه  في  مبحث آخر باحث  مغربي في الانثروبولجيا /باريس baiti@hotmail.fr


رسالة بالبريد المستعجل  للشاعر أحمد مطر .. مِن أوباما..


لِجَميعِ الأعرابِ شُعوباً أو حُكّاما: قَرْعُ طَناجِرِكُمْ في بابي أرهَقَني وَأطارَ صَوابي.. (افعَل هذا يا أوباما.. اترُك هذا يا أوباما أمطِرْنا بَرْداً وسَلاما يا أوباما. وَفــّـِـرْ للِعُريانِ حِزاما! يا أوباما. خَصِّصْ للِطّاسَةِ حَمّاما! يا أوباما. فَصِّـلْ للِنَملَةِ بيجاما ! يا أوباما..) قَرقَعَة تـَعلِكُ أحلاماً وَتَقيء صَداها أوهَامَا وَسُعارُ الضَّجّةِ مِن حَوْلي لا يَخبو حتّى يتنامى. وَأنا رَجْلُ عِندي شُغْلٌ أكثَرُ مِن وَقتِ بَطالَتكُمْ أطوَلُ مِن حُكْمِ جَلالَتِكُمْ فَدَعوني أُنذركُمْ بَدءاً كَي أحظى بالعُذْر ختاما: لَستُ بِخادمِ مَن خَلَّفَكُمْ لأُسِاطَ قُعوداً وَقياما. لَستُ أخاكُمْ حَتّى أُهْجى إن أنَا لَمْ أصِلِ الأرحاما. لَستُ أباكُمْ حَتّى أُرجى لأكِونَ عَلَيْكُمْ قَوّاما. وَعُروبَتُكُمْ لَمْ تَختَرْني وَأنا ما اختَرتُ الإسلاما! فَدَعوا غَيري يَتَبَنّاكُمْ أو ظَلُّوا أبَداً أيتاما! أنَا أُمثولَةُ شَعْبٍ يأبى أن يَحكُمَهُ أحَدٌ غَصبْا.. و نِظامٍ يَحتَرِمُ الشَّعبا. وَأنا لَهُما لا غَيرِهِما سأُقَطِّرُ قَلبي أنغاما حَتّى لَو نَزَلَتْ أنغامي فَوقَ مَسامِعِكُمْ.. ألغاما! فامتَثِلوا.. نُظُماً وَشُعوباً وَاتَّخِذوا مَثَلي إلهاما. أمّا إن شِئتُمْ أن تَبقوا في هذي الدُّنيا أنعاما تَتَسوَّلُ أمْنَاً وَطَعاما فَأُصارِحُكُمْ.. أنّي رَجُلُ في كُلِّ مَحَطّاتِ حَياتي لَمْ أُدخِلْ ضِمْنَ حِساباتي أن أرعى، يوماً، أغناما  

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.