الاثنين، 19 نوفمبر 2007

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2738 du 19.11.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


 الجمعية الدولية لمساندةالمسـاجين السياسيين: الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس تسلط عقوبة شديدة جدا على متهم اثبت خبير حكومي انه مختل عقليا وغير مسؤول جزائيا حرّية و إنصاف: كفى تعذيبا أنقذوا حافظ البرهومي قبل فقدان البصر المجلس الوطني للحريات بتونس: من أجل وقف مصادرة الحق في حرية التنقل الاساتذة المطرودون عمدا: رسالة إلى الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي صحيفة « الحياة »: تونس: إضراب لأساتذة الجامعات صحيفة الرأي :منظمات حقوقية دولية تحث الاتحاد الأوربي على إلزام تونس باحترام حقوق الإنسان وكالة الأنباء الإيرانية :سوول برلماني تونسي: الحصول على التكنولوجيا النووية حق لإيران رويترز: مجموعة ايطالية تبني مصنعا للاسمنت في تونس بمبلغ 140 مليون يورو القيادي التونسي عبد الكريم الهاروني في حديث مستفيض مع الحقائق د. عبد المجيد النجار:بعد عشرين عاما:ألوان الخارطة التونسية الأستاذ نور الدين البحيري: وضع حد للتمييز(فكرا وممارسة ) : المدخل الوحيد نحو الإصلاح الشامل عبد اللطيف بن سالم: جائزة 7 نوفمبر للشاعر محمود درويش نورالدين الخميري :ما لم يقله السيّد عامر العريض في قناة الجزيرة بوعبدالله بوعبدالله:البرهان: ليس أن تتكلم من أجل أن تكذب أو تكذب من أجل أن تتكلم مراد علي:القول الفصل في الخلاف الحاصل في فرضية الحجاب مرسل الكسيبي: تعقيبا على السيد لطفي المجدوب الذي وقف عند « ويل للمصلين  » ! عبد السّلام بو شدّاخ:بعد الاحتفالات أين الحريات؟ متى يرفع الحظر على الاتحاد العام التونسي للطلبة. د. محمد الهاشمي الحامدي :مزالي والجزائر (8) محمد العروسي الهاني:شروط المناظرات تتصاعد وتزداد صعوبة وتعقيدا خاصة في التربية والتكوين صحيفة « مواطنون » :شعارات  » ثقافية  » على نخب  » العشرينية «  صحيفة « مواطنون » : صحافي من القطاع العام فضّل عدم ذكر إسمه صحيفة « مواطنون » :سينما فريكار:سينما راقية …من أجل جمهور راق… صحيفة « مواطنون » :العوامل المساعدة على تعزيز الثقة بالنفس: » حاول، تعلّم، جرّب  » صحيفة « مواطنون » :الحق في المعلومة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة مساجين حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين

نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي في تونس فرجا عاجلا قريبا

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4- نورالدين العرباوي

5- عبدالكريم بعلوش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبدالنبئ بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24 – منير غيث

25 –   بشير رمضان


الجمعية الدولية لمسانـــــدةالمســــاجيــــــن السياسيين

طلقوا سراح مل المساجين السياسيين

الحرية للصحفي عيدالله الزواري المنفي في وطنه

نهج الجزيرة عدد  43 تونس

 

الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس تسلط عقوبة شديدة جدا على متهم اثبت خبير حكومي انه مختل عقليا وغير مسؤول جزائيا

 

أصدرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي بجلستها المنعقدة يوم 17 نوفمبر 2007 بمناسبة النظر في القضية عدد 11089  حكما قضى بسجن كل من كريم المهــــــــــداوي( المولود في 12/8/1984) وعبدالباري العايب ( تاجر مولود في 1/12/1979 ) وهشام المناعي (عامل يومي مولود في 17/11/1985 )  ومحجوب الزياني ( طالب مولود في 9/7/1981 ) ونادر الفرشيشي ( تاجر مولود في 5/12/1980 ) وعلي السعيدي ( مولود في 30/11/1980 ) وحسني الناصري ( مولود في 6/10/1974 ) وانيس الكريفي (عامل يومي مولود في 24/6/1980) وعبدالحميد عروة ( مولود في 16/5/1978 ) وتوفيق القادري ( طالب مولود في 1/12/1982 وطارق بوكحيلي ( طالب مولود في 17/5/1979 ) مدة خمسة اعوام مع خطية بمبلغ خمسة الاف دينار .

 كسجن كل من عقبة الناصري ( مولود في 21/5/1981) وطارق الهمامي (موظف مولود في 22/9/1976) ومحمد زبير القروي (صايغي مولود في 17/6/1983) وايمن غريب

 ( تلميذ مولود في 27/9/1983) وميمون علوشة ( مولود في 4/11/1980 ) والامجد الحمري ( مولود في 16/8/1983) وصبري الماجري ( تلميذ مولود في 28/1/1983) وزياد بنجدو( مولود في 2/10/1984 ) ومحمد بن عبدالكريم العباشي ( موظف مولود في 21/5/1981 ) وماهر شمام ( مولود في 17/6/1983 ) مدة خمسة عشرة عاما وتخطئة كل واحد منهم بخمسةعشر الف دينار.

 كسجن كل من حلمي البوغانمي (موظف مولود في 18/5/1983) والامجد الكرغلـــــــــي

( فلاح مولود في 19/8/1981 )وشكيب العمري ( ميكانيكي مولود في 1/9/1975 ) وصابر المكاوي( عامل يومي مولود في 5/5/1983 ) ومحمد عمري( عامل فلاحي مولود في 6/3/1965 ) مدة ثلاثة اعوام ووضعهم جميعا تحت المراقبة الادارية وذلك من اجل اتهامهم بارتكاب الجرائم المنصوص عليها وعلى عقابها بالفصول 12 و 13 و 14 و 15 و 17 19 من قانون مكافحة الارهاب .

ومن المعلوم انه ثبت من  خلال  الاختبار الطبي المأذون به من طرف المحكمة ان  المحكوم عليه  ميمون علوشة  مصاب منذ سنة 2003  « بحالة هذيان مزمن ولايتمتع بملكات التمييز والتعقل  » ويعتبره الحكيم المنتدب رئيس قسم الامراض النفسية باحد المستشفيات الحكومية غير مسؤول جزائيا عن أفعاله .

كما انه من المعلوم ان قضية الحال انطلقت منذ شهر افريل 2005 اثر ايقاف اعوان ادارة امن الدولة لمجموعة من شباب مدينة منزل بورقيبة من ولاية بنزرت بدعوى انهم كانوا ينوون التسلل للجزائر وقد اشتكى المتهمون امام المحكمة من طول مدة الاحتفاظ بهم دون علم اهلهم ومن تعرضهم للتعذيب النفسي والجسدي ومن حرمانهم من حقهم في اختيار من يدافع عنهم امام التحقيق الذي تم لبعضهم ليلا .

ويتجه التذكير ان محاميي الدفاع اضطروا مساء يوم 17 نوفمبر 2007 لإعلان انسحابهم بسبب مااعتبروه تعديا على الدفاع ومساس بحق المتهمين في محاكمة عادلة وذلك اثر تعمد رئيس المحكمة  القاضي محرز الهمامي منع الاستاذ نورالدين البحيري من الترافع والقيام بواجبه طبق القانون.

و الجمعية الدولية لمساندة للمساجين السياسيين إذ تسجل خطورة التجاوزات المرتكبة في قضية الحال بحثا وتحقيقا وجلسة كخطورة ما حصل بمناسبة النظر فيها من تعد على حق الدفاع وعلى المحامين النائبين تؤكد ان ذلك يعد مساسا لا لبس فيه بحق المواطنين في محاكمة عادلة طبق احكام الدستور التونسي والمواثيق الدولية و هي تدعو الى وضع حد لمثل هذه التجاوزات وانصاف المتهمين واطلاق سراحهم ووضع حد لاحتجازهم على خلاف احكام القانون .

 

عن الجمعية

الرئيس

الاستاذة سعيدة العكرمي

 


 

حرّية و إنصاف

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 19 نوفمبر 2007

كفى تعذيبا

أنقذوا حافظ البرهومي

قبل فقدان البصر

نتيجة للاعتداء الفظيع الذي تعرض له سجين الرأي السيد حافظ البرهومي خلال السنة الماضية عندما كان معتقلا بسجن المرناقية و الذي أدى إلى سقوط كبير بعينه اليسرى ، ما زال السجين المذكور يتعرض لمضايقات و اعتداءات داخل نفس السجن بعدما قضى عاما كاملا بسجن القصرين ، فقد وقع الاعتداء عليه مرة أخرى بالعنف الشديد يوم 27/10/2007 و معاقبته بالسجن المضيق لمدة 15 يوما بدعوى عدم أداء التحية لأحد أعوان السجن ، و قد رفضت ادارة السجن المذكور تمكينه من العلاج الضروري مما تسبب له في فقدان النظر بعينه اليسرى بنسبة 90 °/° .

و السجين حافظ البرهومي يبلغ من العمر 24 سنة اعتقل بسوريا أين كان يدرس لمدة شهر كامل ذاق خلاله ألوانا من التعذيب و المعاملة القاسية قبل أن تتسلمه السلطات التونسية في غرة أوت 2005 حيث خضع للبحث بإدارة أمن الدولة مدة عشرة أيام تعرض فيها للتعذيب.

و حرية و إنصاف تطالب :

1) بإسعاف السجين حافظ البرهومي و عرضه على طبيب مختص في أمراض العيون تلافيا لحصول مكروه قد يقضي على كل أمل في الشفاء .

2) بفتح تحقيق قضائي و عرض المعتدين على العدالة لمقاضاتهم من أجل ارتكاب جريمة التعذيب.

 

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري

 


 

المجلس الوطني للحريات بتونس
تونس في 19 نوفمبر 2007

من أجل وقف مصادرة الحق في حرية التنقل

 
أنهى المحامي محمد النوري والصحفي سليم بوخذير 14 نوفمبر 2007 إضرابهما عن الطعام الذي شرعا فيه منذ 1 نوفمبر للمطالبة بحقّهما في السفر. وقد تلقى المضربان وعدا بتسوية وضعيتهما، برفع حجر السفر المفروض على محمد النوري وتمكين سليم بوخذير من جواز سفره. والمجلس الوطني للحريات يعتبر أنّه من المؤسف أن تلجأ شخصيات من المجتمع المدني إلى الدخول في إضراب عن الطعام في سنة 2007 للمطالبة بحق أساسي تكفله جميع دول المغرب العربي لمواطنيها منذ عشرات السنين. فقد صارت المساومة على الحق في جواز السفر إحدى خصائص النظام التونسي منذ وصول الرئيس بن علي للحكم قبل 20 سنة. واستهدف ذلك عديد المدافعين عن حقوق الإنسان لفترات طويلة إلى أن أرغم إضراب الجوع الشهير لتوفيق بن بريك لـ45 يوما سنة 2000 أن يعترف الرئيس بن علي نفسه يوم 15 ماي 2000 في مجلس وزاري بثته التلفزة التونسية  » بجواز السفر حقا غير قابل للتصرف » وتأكيد أنّ « لكل تونسي الحق في جواز سفر وفي السفر ». ولكن عادت القيود نفسها بعد فترة من ذلك: 1- يحرم عدد من المدافعين من هذا الحق تعسفيا، حيث ينتظر رئيس الشبكة الأورومتوسطية كمال الجندوبي المقيم في فرنسا تجديد جواز سفره منذ 7 سنوات وكذلك منذر صفر. أمّا أحدث حالة فهي الصحفي كمال العبيدي الذي لم يتم تجديد جواز سفره منذ إيداعه ملفّه في واشنطن في جويلية 2007. 2- تمتنع مراكز أمنيّة عن قبول ملفّات استخراج جواز سفر مثلما هو الحال مع الصحفي سليم بوخذير. 3- يحرم من الحق في جواز السفر سجناء سياسيّون سابقون ومن بين الحالات : الأسعد الجوهري وعلي الأصبعي وسامي براهم وسامي بن صالح وعبد الكريم سليمان ومكرم بلقايد ومحمد السقا وصلاح الدين كمّون ونزار الرياحي… ويطال هذا الإجراء التعسفي أيضا عائلات المساجين السياسيين مثل حالة منى شورو زوجة الصادق شورو، والسيدة جنات بوغطّاس زوجة صلاح الدين العلوي وابنتهما يسرى العلوي. وحسام القلوي ابن محمد القلوي. 4- يخضع تونسيّون مقيمون بالخارج لمساومات على جوازات سفرهم. وهم مهدّدون بعدم مغادرة البلاد في صورة العودة. ويجبرون على الابتعاد عن أي نشاط عمومي حتى في بلدان الإقامة. وفي بعض الحالات تمتنع القنصليات عمدا عن تجديد جوازات السفر مثلما هو الشأن في إيطاليا بالنسبة إلى نصر حيدوري وعبد الله الرزقي وعبد الرزاق موسى وعبد العزيز كرعود وسليم العموز وعبد اللطيف بن عون. 5- رغم اللجوء في بعض الحالات إلى المحكمة الإدارية والتي حكمت لصالح المتضرّرين ضد وزارة الداخلية في عدة حالات مثل حسين الجلاصي فإنّ هذه الوزارة تتحصّن بصلاحيات تقديرية لمواصلة حرمانه من حقه بالاستناد إلى ما خوّله لها القانون الجديد حول جوازات السفر بالفصل 13 من القانون عدد 6/2004 المؤرخ في 3 فيفري 2004 المنقح والمتمم للقانون عدد 40 لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماي 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر والذي يمكّنها من سحب جواز السفر « لأسباب تتعلق بالنظام والأمن العامّين أو بسمعة البلاد ». وهذه التدابير الجديدة هي مخالفة للمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسية والذي يوجب أنّ « لكلّ فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. ولكلّ فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده ». 6- أمّا في حالات أخرى فلا تتمّ مصادرة الحق في جواز السفر بل تتولّى شرطة الحدود المنع من مغادرة البلاد كما حصل مع القاضي مختار اليحياوي منذ 2002 ومحمد علي البدوي في 2003 وعلي الجلولي في 2005 وعلي بن سالم منذ 2006. وقد شمل هذا الحجر أيضا محمد عبّو المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان الذي أطلق سراحه في شهر جويلية الماضي. فرغم عدم وجود أي نصّ قانوني في مجلة الإجراءات الجزائية يتعلق بالمنع من السفر بالنسبة إلى المسرّحين بموجب سراح شرطي، فإنّ السلطات التونسية تتعلّل بمرجعية هذه المجلّة لتبرير منع الأستاذ محمد عبّو من السفر في ثلاث مناسبات. والمجلس الوطني للحريات : –       يذكّر بأنّ حرية تنقل الأشخاص هي من الحريات الأساسية المضمونة بالقوانين الدولية والدستور التونسي. –       يطالب بأن يتم تنفيذ الوعود التي قدمت للسيدين محمد النوري وسليم بوخذير بدون أية شروط. –       يطالب بإنهاء مشكلة المواطنين المحرومين تعسفيا من جوازات سفرهم فورا وخاصة السيدان كمال الجندوبي وكمال العبيدي. –       يطالب بوقف المساومات التي يخضع لها مواطنون يقيمون بالخارج على جواز سفرهم. –       يطالب برفع القيود المفروضة على حرية الأستاذ محمد عبّو في التنقل.    عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين


رسالة إلى الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي

زملائنا الأعزاء،تحية نقابية و بعد: فنحن الأساتذة المطرودون عمدا نتوجه لكم بالرسالة التالية: انتدبنا للعمل كأساتذة معاونين صنف -أ-(MACA) في العام المنقضي بعد أن تم إسقاطنا عنوة من قوائم الناجحين نهائيا في مناظرة » الكاباس » واثر خوض نضالات جريئة فرضت على الوزارة انتدابنا. لكن فوجئنا يوم 11 سبتمبر المنقضي  بإعلام من وزارة التربية و التكوين يفيد بأنها قررت عدم تجديد انتدابنا  رغم حيازتنا لتقارير بيداغوجية وأعداد ادارية جيدة وذلك بدعوى أن صيغة انتدابنا هي مؤقتة و يمكن التراجع فيها، وعلى خلاف الواقع تواصل الوزارة انتداب المئات من الأساتذة المعاونين بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير شفافة ، أما التخلي عنا فلا تفسير له سوى معاقبتنا على المشاركة في إضراب 11 أفريل 2007 الذي دعت له النقابة العامة والتي كانت حصيلته نقل تعسفية لـ 97 زميلا و طردنا نحن الثلاث. و رغم تدخل  المركزية النقابية والنقابة العامة للتعليم الثانوي الذين تبنوا ملفنا منذ اللحظة الأولى ، فان وزارة الإشراف لا زالت تصر على المماطلة و التسويف  مما أكد لدينا قناعة أنها غير مستعدة لإنصافنا مما حدا بنا لإعلان الدخول في إضراب عن الطعام صبيحة الخميس 15-11-2007 بمقر نقابتنا العامة، هذا الإضراب الذي قررنا تعليقه يومها اثر اتفاق مع النقابة التي دعتنا لمواصلة الإضراب يوم الثلاثاء 20-11-2007 بمقرها و بتأطير وإشراف مادي وإعلامي منها- وقد كونت لجنة من أعضاءها للغرض – وذلك إن لم تتمكن من الوصول لحل المشكل بالتعاون مع المركزية النقابية. إننا إذ نتوجه إليكم فبغرض توسيع التبني وإسناد نضالنا المشروع من أجل رفع هذه المظلمة ، ومن أجل تعبئة قطاعنا المناضل كي يخوض هذه المعركة، معركة الدفاع عن الحق النقابي وعن الحق في العمل وعدم اعتماد معايير الولاء السياسي في التشغيل، إن طردنا هو استهداف للقطاع وللنفس النضالي داخله بهدف تدجينه وضرب العمل النقابي فيه، لذلك فان دفاع القطاع عنا هو دفاع منه عن حقوقه ومستقبله. فلنكن صفا واحدا من أجل الحق النقابي. لنتصدى للاعتداء على الحق في العمل والكرامة. عاش الاتحاد العام التونسي للشغل مناضلا مستقلا ديمقراطيا. عاش نضال الأساتذة ووحدتهم النضالية. ختاما نرجو لهيأتكم الإدارية النجاح والتوفيق   الاساتذة المطرودون عمدا: –         محمد مومني: 98990003 –         علي الجلولي: 21460918 –         معزالزغلامي: 95373577 

 


منظمات حقوقية دولية تحث الاتحاد الأوربي على إلزام تونس باحترام حقوق الإنسان
تونس- من سفيان الشورابي

دعت جمعيات حقوقية دولية المفوضية الأوربية لمزيد الضغط على السلطات التونسية من أجل احترام تعهداتها و التزاماتها الدولية فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، وخصوصا بحسن تطبيق البند الأول من إعلان الأمم المتحدة حول المدافعين عن حقوق الإنسان.

وجاء في البيان الذي وقع عليه كل من ايريك سوتاس مدير المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب و سهير بلحسن رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان وكمال الجندوبي رئيس الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، انه بمناسبة انعقاد مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوربي و اجتماع اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان خلال الأيام القليلة القادمة تتمنى المنظمات المذكورة « لفت النظر حول الوضعية المثيرة للقلق لحقوق الإنسان في تونس، و يقترحون سلسلة من التوصيات الكفيلة بتحقيق فعلي للأهداف في محور حقوق الإنسان (…) بموجب البند الثاني من اتفاقية الشراكة » التي تجمع تونس و دول الاتحاد الأوربي.

و ذكر البيان أن المنظمات المشار إليها تتحصل على تقارير يومية فظيعة حول « ثبات الانتهاكات المكثفة للحريات الأساسية »، متحدثة عن « انسداد حقيقي للوضعية في ميدان حقوق الإنسان منذ عدة سنوات ».

و عدّد البيان في هذا الإطار، أهم الخروقات المرتكبة من قبل السلطات التونسية على غرار حرمان عديد الجمعيات من حقها في النشاط القانوني، و هرسلة الهيئات المستقلة مثلما حصل مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الممنوعة من عقد مؤتمرها منذ سنة 2005، وحرمان مكونات المجتمع المدني من حق الاجتماع و تنظيم النشاطات، و الاعتداء اللفظي و المادي على النشطاء الحقوقيين، و المسّ من حرية التعبير و حرية الإعلام من خلال استهداف العاملين في هذا القطاع و صنصرة المواقع الالكترونية و مراقبة علب البريد الالكتروني الخ.

وأضاف البيان كذلك في معرض استعراضه للسجل الأسود للحكومة التونسية، توظيف الجهاز القضائي لفائدة السلطة التنفيذية و الزج بالقضاء لمحاصرة هياكل المجتمع المدني المستقلة، و هو ما نددت به في وقت سابق هينا جيلاني الممثلة السامية للأمين العام للأمم المتحدة المكلفة بالمدافعين عن حقوق الإنسان سنة 2002.

و تناولت المنظمات أيضا التجاوزات المرتبطة بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب، و الذي ذكرت أنه قام بـ » توسيع التعريف بمفهوم الإرهاب و الحد أكثر من ضمانات المتهمين »، وهو ما نتج عنه الزج بالكثير من الأبرياء دون أن يثبت عليهم ارتكابهم لعمل إرهابي.

و نددت المنظمات المذكورة بقيام الدول الأوربية بتمويل عمليات تعصير المنظومة القضائية (ما يناهز عن 22 مليون أورو) في حين أن ذلك لم يؤدي إلا لزيادة هيمنة السلطات الحكومية على المؤسسة القضائية، وطالبت بوقف تنفيذ برنامج التعصير فورا، و اشتراط وجوبية تخلي تونس عن توظيف القضاء لمحاربة منظمات المجتمع المدني و برفع التضييقات على جمعية القضاة التونسيين و بمزيد تعاون الحكومة التونسية مع ميكانزمات حماية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، مقابل رفع ذلك الحظر.

و ألحت المنظمات في ذات السياق على مشاركة جميع الجمعيات المعترف بها و غير المعترف بها في جميع أشغال اللجنة الفرعية لحقوق الإنسان و « الحضور بقوة في فعالياتها لإثراء النقاشات و للسماح بتقييم أفضل لتطبيق خطة التعاون ».

وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قال مؤخرا في حديث لمجلة « لوفيغارو ماغازين » الفرنسية، أن « بلاده لم ترفض النقد أبدا »، وقال أيضا « أن حرية الرأي والتعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات في تونس يكفلها القانون وهي واقع معاش ».

يذكر في هذا الصدد أن تونس وقعت في جويلية (تموز) 1995 على اتفاقية للشراكة مع الاتحاد الأوربي، تشمل مختلف الجوانب السياسية و الاقتصادية و الثقافية بين الجانبين. و يعتقد عدد من المراقبين أن المفوضية الأوربية تتساهل كثيرا فيما يخص احترام تونس للجزء السياسي من هذه المعاهدة.

المصدر:  صحيفة الرأي( يومية – الدوحة) بتاريخ 18 نوفمبر 2007
 http://www.alraynews.com/ReadersArticles.aspx?id=175   


تونس: إضراب لأساتذة الجامعات

تونس – الحياة    

 

يبدأ أساتذة الجامعات التونسية اليوم إضراباً عن العمل يستمر يومين استجابة لقرار اتخذته نقابتهم، احتجاجاً على ما وصفوه بـ «مماطلات» وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. واتهمت الوزارة نقابة الجامعيين بقطع الحوار من جانب واحد وبالرغبة في التشويش على عقد «الأيام الوطنية للبحث العلمي» التي تتزامن مع الإضراب.

لكن الأمين العام للنقابة الدكتور سامي العوادي قال لـ «الحياة» إن «مطالبنا التي تركز على تحسين المستوى المعيشي للجامعيين وتيسير فتح الآفاق المهنيّة أمامهم وظروف العمل وطرق إدارة المؤسسات، هدفها المحافظة على الجامعة العموميّة والإرتقاء بأدائها العلمي».

ويقدر عدد الأساتذة الجامعيين في تونس بنحو 16 ألفاً. وتخشى الدوائر الرسمية أن تؤدي موجة الإضرابات التي شلت الجامعات العام الماضي أيضاً، إلى تراجع مكانة البلد الذي يُصنف بين أفضل الدول الأفريقية في مجال التعليم. وامتنع مئات الأساتذة قبل عامين عن تصحيح اختبارات نهاية السنة للمرة الأولى، واتخذت الحكومة إجراءات عقابية ضد المحتجين بحرمانهم من الرواتب.

 

(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 19 نوفمبر 2007)


 

مسوول برلماني تونسي:

الحصول على التكنولوجيا النووية حق لإيران

طهران /۱۸تشرين الثاني / نوفمبر / ارناصرح رئيس مجموعه الصداقه البرلمانيه التونسيه الايرانيه محسن التميمي بان الحكومه والشعب التونسي يعتبران حصول ايران علي التكنولوجيا النوويه السلميه حقا للشعب الايراني وانهما يدعمان هذا الحق علي الدوام.

واعرب التميمي لدي لقائه هنا اليوم الاحد رئيس مجموعه الصداقه البرلمانيه الايرانيه التونسيه محمود محمدي، عن سروره للتقدم الذي حققته ايران في مختلف المجالات الصناعيه لاسيما الانشطه النوويه السلميه الايرانيه.

واشار المسوول البرلماني التونسي الي مجالات التعاون بين البلدين، داعيا الي رفع مستوي العلاقات البرلمانيه وقال، لا شك ان تطوير العلاقات البرلمانيه والزيارات بين نواب البلدين، سيساعد كثيرا في التعرف المتبادل وتطوير العلاقات.

واكد التميمي علي ضروره يقظه قاده الدول الاسلاميه للتصدي للمخططات المثيره للفرقه التي تقوم بها اميركا والكيان الصهيوني.

واوضح رئيس مجموعه الصداقه البرلمانيه التونسيه الايرانيه بان اميركا والكيان الصهيوني وعبر تهويل الملف النووي الايراني يسعيان لخلق الفرقه واشغال الدول الاسلاميه بقضايا كاذبه.

واكد التميمي، انه علينا، دون الالتفات الي ضغوط اميركا والكيان الصهيوني، العمل علي توسيع العلاقات وتقويه التعاون الثنائي.

من جانبه اعتبر رئيس مجموعه الصداقه البرلمانيه الايرانيه التونسيه مستوي العلاقات الراهنه بانه غير كاف، داعيا مسوولي البلدين لبذل المزيد من الجهد لتعزيز هذه العلاقات.

واضاف، ان مجلس الشوري الاسلامي وحكومه الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه مستعدان لتوسيع العلاقات الشامله مع تونس.

واشار محمدي الي التحولات الجاريه في الساحه الدوليه لاسيما في الشرق الاوسط وموامرات اميركا والكيان الصهيوني لاضعاف الدول الاسلاميه وقال، ان اميركا والكيان الصهيوني يسعيان دوما عبر خلق الفرقه والشقاق بين الدول الاسلاميه لاضعاف المسلمين والعالم الاسلامي.

واعتبر الوحده والتضامن بين الدول الاسلاميه الطريق الوحيد لمواجهه موامرات واحابيل الاعداء واكد قائلا، ان الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه وعبر الدبلوماسيه النشطه تسعي دوما لتعزيز وحده وتضامن الامه الاسلاميه وانها دفعت في هذا الطريق ثمنا باهضا.

واشاد رئيس مجموعه الصداقه البرلمانيه الايرانيه التونسيه بمواقف الحكومه والشعب التونسي ازاء الانشطه النوويه السلميه الايرانيه، معلنا استعداد مجلس الشوري الاسلامي لتوسيع العلاقات البرلمانيه مع البرلمان التونسي.

 

(المصدر: وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا – رسمية) بتاريخ 18 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www2.irna.ir/ar/news/view/menu-266/0711184932230428.htm


 

مجموعة ايطالية تبني مصنعا للاسمنت في تونس بمبلغ 140 مليون يورو

 

تونس (رويترز) – قال مصدر بوزارة الصناعة التونسية يوم الاثنين ان الحكومة التونسية منحت مجموعة « ايطاليا » الايطالية ترخيصا لتشييد مصنع اسمنت بقيمة 140 مليون يورو.

وذكر المصدر أن المصنع سيقام في مدينة الدهماني الواقعة شمالي غرب البلاد التونسية وسيوفر 300 فرصة عمل جديدة.

ولم يتسن معرفة تاريخ دخوله مرحلة الانتاج.

وتنتج تونس نحو سبعة ملايين طن من الاسمنت سنويا أكثر من 40 بالمئة منها مخصص للتصدير.

وباعت تونس خمسة مصانع اسمنت الى شركات ايطالية واسبانية وبلغارية بينما تملك الحكومة مصنعين اخرين احدهما في بنزرت وتنوي بيعه هذا العام.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 19 نوفمبر 2007)

 


 

القيادي التونسي عبد الكريم الهاروني في حديث مستفيض مع الحقائق

باريس – الحقائق – حوار/ الطاهر العبيدي 
 
بلغنا في السجن أصداء حوار أخينا الفيلسوف العجمي الوريمي الذي كان  للحقائق سبق محاورته… الأخ نور الدين قندور كان مقيّد اليدين لحظة وضع والدته في القبر… 50 سنة من المحاكمات السياسية، لم تخل فيها السجون التونسية من المساجين السياسيين… محنتي لم تكن محنة شخصية، وإنما أيضا محنة عائلة، ومحنة حركة، ومحنة شعب… سأواصل النضال من أجل أن أعيش حراً في شعب حر ، في بلد حر ، في أمّة حرة ، في عالم حر… تلفزيون في كل غرفة للعزل الانفرادي بالنسبة للمساجين السياسيين… قرار الإفراج  جاء متأخرا جدا بعد 17 سنة من الحبس… إني مستبشر بالمؤشرات الايجابية التي ظهرت داخل البلاد… أسجل المبادرة الايجابية للسلطة بتمكيني من حضور موكب دفن والدتي.. كما رفضنا أن نكون مساجين من درجة ثانية، فلا نقبل أن نكون مواطنين من درجة ثانية… التجربة التركية، حيث يمتزج فيها الإسلام والحرية والانفتاح على الحضارات الأخرى… الظروف القاسية التي عشناها في السجون لا تساعد على التقييم الرصين والمثمر… تونس لا يمكن أن يظل أبنائها منفيين إلى ما لا نهاية.. تحسين ظروف عمل الحرّاس، وإيجاد صيغة قانونية لتمكينهم من حقهم في نقابة، تدافع عن حقوقهم مثل بقية الموظفين… هذا ما فعله بي الحبس وعمري الآن 47 سنة

المهندس عبد الكريم الهاروني ، أحد القايادات الطلابية التونسية البارزة، وأحد الرموز السياسية لحركة النهضة، محاكم بالمؤبد من مواليد 1960 أطلق سراحه أخيراً إثر عفو خاص بمناسبة الاحتفالات  بمرور عشرين سنة من حكم الرئيس بن علي بعد  أن أمضى 17 سنة متنقلا بين مختلف السجون، قضى منها 15 عام في العزلة الانفرادية، وقبلها دخل السجن سنة 81 و 87  وسنة 91 ، وهو أحد المؤسسين للاتحاد العام التونسي للطلبة، والذي انتخب لدورتين أمينا عاما، وقد عرف بحركيته وإمكانياته التحاورية مع الآخر، وأثناء فترة إشرافه على اتحاد الطلبة، كان من المساهمين البارزين في إقامة ربيع الجامعة التونسية، الذي عرف بتنوع  الأنشطة الفكرية والثقافية والعديد من الابتكارات السياسية ، الحقائق « ألقت القبض » على عبد الكريم الهاروني لتظفر بهذا الحوار:
  •  ما هو شعورك وأنت تغادر السجن بعد 17 سنة من الاعتقال، وهل تعتبر هذه المدة الطويلة من العذابات عنوان مرحلة وبداية أخرى؟
 اسمح لي أخي الطاهر في البداية أن أحيّي صحيفة الحقائق الدولية، فرغم التعتيم والمحاصرة والأبواب الموصدة في السجن، علمت بما قدمه هذا المنبر الحر من مساحات للتناظر في سبيل رفع الحجب عن قضايانا، وقد بلغنا في السجن أصداء حوار أخينا الفيلسوف العجمي الوريمي، الذي كان  للحقائق  سبق محاورته، إلى جانب مساهمتها في طرح القضايا الجريئة، فشكرا لكم جميعا، فالإعلام الشريف ساهم في تخفيف المظالم عنا، وتحسين أوضاعنا السجنية…  
لا أخفيك سيدي أن الشعور معقد فيه الفرحة بلا شك، لأن مكاني الطبيعي بين إخواني وعائلي وبين شعبي، بيد أن هناك مرارة كبيرة، لأن القرار جاء متأخرا جدا بعد 17 سنة من الحبس، مدة طويلة لم اخترها أنا أو بقية المساجين السياسيين، وهي فترة خسرتها البلاد بكل مكوناتها، إضافة إلى المرارة الأشد وهي بقاء إخوة آخرين في السجن وفي مقدمتهم الشيخ صادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة، رضا البوكادي – إبراهيم الدريدي –  بوراوي مخلوف – الهادي الغالي وغيرهم… وتزداد المرارة بوجود آلاف الشباب اليافعين الذين يزجّ بهم في السجن ضمن حملة جديدة، في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى إنهاء 50 سنة من المحاكمات السياسية، لم تخل فيها السجون التونسية من المساجين السياسيين، من مختلف الأفكار والمواقف والتجارب، كما الفت انتباهكم أني طيلة هذه المدة لم أكن مسجونا فقط بل الحبس مع العزل، إلى جانب التعرّض للعديد من المضايقات الأخرى، ملخصها أن المساجين الإسلاميين  أوضاعهم أكثر من السجن وأقل من الإعدام، ورغم ذلك فهذه الصفحة المؤلمة من تاريخ بلادنا وشعبنا يمكن تجاوزها بحلول عادلة، وإني مستبشر خيرا، أن مستقبل تونس سيكون إنشاء الله خيرا من ماضيها وحاضرها…
  •  أنت أحد القيادات الطلابية التاريخية، فما هو تصوّرك للدور المطروح سياسيا، الذي يمكن أن تلعبه في ظل عملية الإفراج، على اغلب قيادات حركة النهضة، وهل يمكن أن يستعيد الداخل الملف السياسي، ويسترجع إمكانية المبادرة؟
 يشرفني أن أكون ممن ساهموا في نضال الحركة الطلابية في تونس، دفاعا عن حقوق الطلبة المادية والمعنوية، ثم عن دورهم الذي لا يمكن أن يكون إلا طلائعيا في خدمة بلدهم وأمتهم والإنسانية، وبالمناسبة أحيي كل المناضلين والمناضلات في ذاك الجيل، ومن سبقهم من المناضلين من مختلف التيارات الفكرية والسياسية، وانتظر من ذلك الجيل أن يساهم اليوم بدفع معركة الحريات إلى الأمام، وإني أقدر كل الجهود والتضحيات التي قدمها إخواننا وأخواتنا وزملائنا في المهجر وفي الداخل، وكل الأحرار الذين ساندوا قضيتنا، وإني مقتنع أن تسوية ملف الحريات سيكون إنشاء الله بالأساس عبر النضال من داخل البلد، أما على المستوى السياسي فإني احتاج لبعض الوقت لتوضيح الرؤيا أكثر، قبل اتخاذ الخطوات المناسبة، واني مستبشر بالمؤشرات الايجابية التي ظهرت داخل البلاد، والحركية الجديدة في الحياة السياسية والتي كانت من ثمراتها حركة 18 أكتوبر، ويبقى المجال واسعا للعمل مع أطراف عديدة لتحقيق الهدف الرئيسي لهذه المرحلة، وهو تحقيق القدر الضروري من الحريات الفردية والجماعية، وأولها أن يكون الخروج من السجن، وعودة المنفيين بادرة في اتجاه الانفراج العام…
  • كيف هي أحوال السجون من خلال تجربتك، وما هي تأثيرات إضرابات الجوع المتكررة في تغيير الأوضاع؟
 السجن مؤسسة يحكمها قانون، وما وجدناه مؤسسة أمنية، ممّا يعني أن المساجين السياسيين وحتى مساجين الحق العام عرضة لانتهاكات خطيرة، فكان لا بد من الدفاع عن كرامة وحقوق السجين، التي يضمنها القانون على ما فيها من نقائص، فكانت إضرابات الجوع طويلة وشاقة، اشترك فيها المساجين مع عائلاتهم وكل الذين ساندوهم داخل وخارج البلاد، للحصول على الحد الأدنى، من هذه الحقوق، ولا شك أن أكثر المساجين اضطروا للتضحية بأجسادهم أفرادا أو مجموعات لتحقيق هذه الأهداف، والحمد لله نضالاتهم توّجت في كثير من الأحيان بمكاسب هامة، خاصّة على مستوى معاملة الإدارة، ولكن للأسف هذه المكاسب كانت عرضة للتراجع في أي وقت، ولا أنكر أن الوضع الآن في بعض جوانبه هو أفضل مما وجدناه في التسعينات، ولكن هناك مسائل لا تزال عالقة وخطيرة تحتاج إلى معالجة سريعة وجدية، وفي مقدمتها تعنيف المساجين، وتصنيفهم عند إقامتهم وإلغاء العمل بنظام العزلة المدمر للإنسان، وتقريب المساجين من عائلاتهم، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والصحية والأخلاقية والثقافية والإعلامية، ولا يفوتني أن الفت الانتباه إلى أن مبادرة نقل إدارة السجون من وزارة  الداخلية إلى وزارة العدل، تقتضي تحسين ظروف عمل الحرّاس، وإيجاد صيغة قانونية لتمكينهم من حقهم في نقابة، تدافع عن حقوقهم مثل بقية الموظفين، مع التخلي عن المركزية المفرطة في تسيير السجون بعقلية أمنية، حتى يتسنى لإدارة كل سجن المساهمة في تطوير ظروف إقامة المساجين، وقد توفرت لي فرصة الحديث مع المدير العام الحالي للسجون، الذي وعد بمعاقبة كل من يتورّط في ممارسة العنف ضد المساجين، والنظر في اقتراح تمكين المساجين بالاتصال هاتفيا بعائلاتهم، لدعم الروابط الاجتماعية وتيسير إدماج الأسير في المجتمع، إضافة إلى حقوق أخرى منها الزيارة ووصول قفة المأكولات والمراسلة وغير ذلك، وفي الأخير أرى ضرورة حق الشعب التونسي والرأي العام في الداخل والخارج أن يكون مطلعا على ما يجري في السجون التونسية، وذلك مثلا بأن تصدر الإدارة العامة للسجون تقريرا سنويا على الأقل في إطار ندوة صحفية للإنارة والإعلام، وتمكين المهتمين من دراسة الأوضاع، وإمكانية إصلاحها، مع فتح أبواب السجون لزيارة الإعلاميين والحقوقيين دون تحفظ…  
  •  هل هناك تمييزا في التعامل معكم من طرف إدارة السجون، على اعتبار مواقعكم الأمامية كقيادات، وما  هي التحسينات التي طرأت على أوضاع السجون، خصوصا إذا ما عرفنا انه سمح لكم بحضور جنازة والدتك وتأبينها؟
أثبتت سياسة الإدارة ومن ورائها السلطة السياسية على التمييز في المعاملة، بين المساجين السياسيين ومساجين الحق العام رغم أنها إلى اليوم تنكر وجود مساجين سياسيين، حيث التمييز يتجلى بالتركيز على عدد مناضلي حركة النهضة وقياداتها خاصّة، عبر نظام العزلة الفردية والتي تشكل انتهاكا صارخا للقوانين الإنسانية والعالمية، يراد منها التدمير النفسي والبدني وحرمان السجين من كل ما يساعده على تطوير تكوينه الشرعي والعلمي، وقد ناضل المساجين السياسيين نضالات مريرة عبر العديد من الإشكال، عادت بالفائدة على كل المساجين بما فيهم مساجين الحق العام، كما وقع إلغاء نظام العزلة الفردية انطلاقا من يوم 20 أبريل 2005، وتجميع عدد من القياديين في غرف من أجل عزلهم عن بقية المساجين العاديين، مع تحسين ظروف إقامتهم خاصة قبل زيارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي نفس السياق وبعد أن حرم العديد من الإسلاميين من حقهم في حضور جنازة أقرب أهاليهم، أو زيارة من اشتد مرضه منهم كما يسمح القانون، فإني أسجل المبادرة الايجابية للسلطة بتمكيني من حضور موكب دفن والدتي السيدة التركي رحمها الله، ورحم الله جميع من توفوا من المساجين ومن عائلاتهم، كما أني أسجل بكثير من اللوعة ما لاحظته من أثر عميق لدى بعض الإخوة، الذين حرموا من هذا الحق الأخلاقي والقانوني والإنساني، أذكر منهم حمادي الجبالي عند وفاة والدته والأمين الزيدي، كما تمكن بعد ذلك بعض الإخوة من حضور موكب الجنازة، ولكن في ظروف أمنية مشددة جدا على حساب المقصود منها، مثلا الأخ نور الدين قندور الذي كان مقيّد اليدين لحظة وضع والدته في القبر، والأمثلة كثيرة ومتعددة…  
  •  معاناتك في السجن وفصلك عن عائلتك، ومحاولة القطيعة بينك وبين المحيط الخارجي، لا تقل عن معاناة عائلتك، التي كغيرها من عائلات المساجين السياسيين، تحمّلت قسطا كبيرا من معاناة أبنائها، وتقاسمت معهم المحنة فكيف تنظر للدور الخلفي للعائلات؟
 أقول رب ضارّة نافعة، فلا شك أن محنتي لم تكن محنة شخصية، وإنما أيضا محنة عائلة، ومحنة حركة، ومحنة شعب، وأحيي كل أفراد عائلتي على صمودهم، وكل عائلات المساجين على صبرهم وتحملهم الأذى، وأعبر عن عميق حزني على ما تعرّضت له العديد من النساء، من ضغوطات للتفريق التعسّفي بين الزوج وزوجته والطلاق بالإكراه، وأقف إجلالا لكل النساء وما قدمنه من مواقف مشرّفة، وتضحيات جليلة في الدفاع عن الرجال داخل السجن وحسن تربية الأبناء، وأحتسب إلى الله وفاة والدتي السيدة التركي كمدا على سجني كل هذه السنين، وحفظ الله والدي عمر الهاروني…. كما اعتز بما قدمته أختي هند دفاعا عني وعن كل المساجين السياسيين…   
  • ما هي التقييمات والمراجعات التي خرجت بها من السجن، وأين تعتبر نفسك نجحت، وفي أي المواقع أخفقت؟
 في تقديري الظروف القاسية التي عشناها في السجون التونسية لا تساعد على التقييم الرصين والمثمر، وتبقى المراجعات دائما مطلوبة في كل مراحل العمل، ولا ترتبط فقط بمحنة السجن، التي لم تزدني إلا اقتناعا بعدالة القضية، وبصحة الأولويات وفي مقدمتها الحرية للجميع دون استثناء ولا إقصاء، وسأواصل النضال بإذن الله من أجل أن أعيش حرا في شعب حر، في بلد حر، في أمّة حرة، في عالم حر ما استطعت لذلك سبيلا، ولا يردني عن ذلك عائق ولا حاجز مهما طال الزمن والله ولي التوفيق، لا شك أنه في كل عمل بشري هناك نقائص تحتاج إلى التدارك والتصحيح، وسأجتهد في دراسة التجربة الماضية، بما يساعد على أن يكون المستقبل مستفيدا من الماضي…
  •  7 نوفمبر 1987 إلى 7 نوفمبر 2007 عشرين سنة مرت، تغير فيها شكل المجتمع التونسي، وتغيرت فيها ملامح العالم، فماذا تغير في عبد الكريم الهاروني؟ 
 سؤال صعب..  ومع ذلك أقول أن البلاد والعالم عرف تطورات هامة وخطيرة، وسأحاول بعد طول سنوات السجن والعزل استيعاب هذه التطورات، والاجتهاد في التعامل الواقعي معها، باتجاه مصلحة البلاد والعباد ولصالح الإنسانية جمعاء، كما أني كنت دائما ولا أزال وسأبقى منتبها للقضايا العادلة لأمتنا العربية والإسلامية، وفي مقدمتها معاناة شعبنا الفلسطيني، والوضع الخطير في العراق، وفي أفغانستان وباكستان… وإني استبشر خيرا بما حققته الحركة الإسلامية من تقدم في الوعي في العديد من البلدان، أبرزها التجربة التركية، حيث يمتزج الإسلام والحرية والانفتاح على الحضارات الأخرى…
  •   ما هو الفرق بين العزلة والنظام العادي في السجن، خصوصا إذا ما علمنا انك أمضيت 15 سنة في نظام العزلة؟
 قانون السجون الحالي ينص على أن الإقامة تتم في عنابر جماعية، وفي صورة ارتكاب سجين لمخالفة قانونية، يعاقب بالسجن الانفرادي لمدة لا تتجاوز 10 أيام وبموافقة طبيب السجن، وهي غرفة انفرادية ضيقة، وغالبا ما تكون مظلمة لا تتوفر فيها المرافق الأساسية، وفقدانها لبعض الأحيان لدورة المياه والتهوية الكافية، شديدة البرودة، يكاد الفراش فيها يكون الاسمنت المصقع، والحرمان من الفسحة والزيارة والقفة، مما ينتج عن ذلك العديد من الإخطار الصحية والنفسية، رغم أن هذا يتعارض مع القانون، فتصبح عقوبة السجين عقوبة أيضا لعائلته وأهله الذين يتألمون لألمه، إضافة إلى العنف اللفظي والمادي، الذي يتعرض له السجين السياسي في هذه الغرف الانعزالية، التي عادة ما تكون بجانب جناح المحكومين بالإعدام، وما يترتب عن ذلك من ضغط نفسي وإزعاج مادي، وقد أمضيت اغلب عقوبتي في الحبس الانفرادي، أما سجن النظام العادي فهو اخف وطأة من نظام العزل ولولا نضال المساجين لما تحققت بعض التحسينات…     
  •    قمت بإضراب جوع لمدة 50 يوما من أجل تحسين ظروفك في السجن والمطالبة بإدخال الكتب، وقد استجابت الإدارة لبعض مطالبك، وكان من أشهر إضرابات الجوع في السجون التونسية، نظرا لطوله والتصميم، فهل تعتقد أن هذه الوسيلة ساهمت في تغير بعض الأوضاع؟   
 كان ذلك في 18 أيلول 2003، كنت في العزل الانفرادي بسجن مدينة صفاقص، حين قمت بإضراب جوع للمطالبة برفع العزلة وسوء المعاملة، ولم أنهه إلا بعد موافقة الإدارة على تحسين ظروف الإقامة، ومن أهم هذه التحسينات دخول الكتب وتوفير جهاز تلفزة وتحسين ظروف التغذية، فلأول مرة في تاريخ السجون التونسية تتخذ الإدارة قرارا بتوفير تلفزيون في كل غرفة للعزل الانفرادي بالنسبة للمساجين السياسيين، وذلك في 24 جانفي 2004 ليتم إلغاء العزلة الانفرادية في 20 افريل 2005، وجمع المساجين في مجموعات ثلاثية، نتيجة الضغط المكثف للمنظمات الحقوقية والإعلامية، وفي 9 جويلية 2007 بمناسبة الذكرى الخامسة عشر لانطلاق المحاكمات العسكرية لحركة النهضة قمت بإضراب بمشاركة بعض الإخوة المساجين احتجاجا على التراجع في المعاملة، فرفعت عني المضايقات وسمح لي بدخول بعض المجلات، من جملتها مجلة الحقائق التونسية، والتايمز البريطانية، كما حصل تحسن في وصول بعض رسائلي…  
  •   ماذا تقول للذين ساندوك؟
أولا أحيّي عائلات المساجين، الذين شرّفونا وشرّفوا البلاد بصبرهم ونضالهم خاصّة النساء، أمّا كانت أم زوجة أو أختا، فقد أبلين البلاء الحسن رغم كل أنواع الضغوطات، وأحيي المنظمات الحقوقية والإنسانية والإعلاميين وكل أحرار العالم الذين اقتنعوا بعدالة قضيتنا ودافعوا عن حقنا في الحرية، ومنهم المحامون وفي مقدمتهم العميد محمد شقرون والأستاذ بلقاسم خميس رحمها الله، والأستاذ محمد النوري حفظه الله، والمحامي الشاب دوما نجيب الحسني، والأستاذ عبد الررؤوف العيادي، والمحامية سعيدة العكرمي، وغيرهم مما لا يتسع المجال لذكرهم جميعا، وكذلك أحيي جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي لا تزال في بدايتها، وأشكر وسائل الإعلام الوطنية والدولية الذين بلغوا أصواتنا للعالم، كما لا يفوتني أن أحيّي مناضلي ومناضلات الأحزاب السياسية من المعارضة الحقيقية، مع تحية خاصة إلى الحقوقي عبد الوهاب الهاني والدكتور منذر سفر، والناشطة لويزة توزقان، التي دافعت عني وعن عائلتي، مع التعبير عن شوقي الكبير لأبناء جيلي من الطلبة والطالبات، الذين تركوا فراغا كبيرا في الجامعة، وأنا سعيد بانجازاتهم في المنفى، وإننا سنواصل النضال معهم جميعا ليعودوا من المنفى، لأن تونس لا يمكن أن يظل أبنائها منفيين إلى ما لا نهاية…
  •  كلمة أخيرة
 أقول للجميع قد حان الوقت لوضع حد لخمسين سنة من المحاكمات السياسية في تونس ،ورفع كل أنواع المضايقات، ابتداء من حق التنقل إلى حق السفر والتنظم واسترداد الحقوق السياسية والمدنية للجميع، فكما رفضنا أن نكون مساجين من درجة ثانية، فلا نقبل أن نكون مواطنين من درجة ثانية، حتى تصبح تونس لكل التونسيين دون استثناء…
 
(المصدر: صحيفة « الحقائق » (يومية – المملكة المتحدة) الصادرة يوم 19 نوفمبر 2007)

 

بعد عشرين عاما:

ألوان الخارطة التونسية

د. عبد المجيد النجار

أستاذ جامعي مقيم بباريس

 

حينما أجاهد أهواء النفس فيما تحبّ وما تكره، وما تصادق وما تعادي من أجل أن أحكم بالعدل ما استطعت على ما أصبحت عليه تونس من وضع شامل بعد عشرين عاما، فإنني لا أجدني أقف في المربع الذي يقف فيه أولئك الذين حكموا بأن الخارطة التونسية خلال هذه الفترة وكما انتهت إليه الآن ليست إلا سوادا في سواد، لا تشوبها شائبة بياض، وكأنما قد استبدّت بتلوينها الشياطين. كما لا أجد نفسي أقف في المربع الذي يقف عليه أولئك الذين حكموا بأن هذه الخارطة ليست إلا بياضا في بياض لا تشوبها شائبة سواد، وكأنما قد استبدّت بتلوينها الملائكة الأطهار، فهذه الأحكام فيما أحسب ليست إلا وليدة مناظير من ظلام حالك، أو مناظير من نور خالص تصنعها ذاتية النفوس وليس لها في واقع الحياة مصداق، إذ في الواقع الإنساني لا يوجد شرّ مهما علت درجته إلا وهو مشوب بخير مهما قلّ مقداره، ولا يوجد خير إلا وهو مشوب بشر كذلك.

 

إنّ هذه الخارطة ليس صانعها الأوحد هو النظام الحاكم حتى تكون ظلاما كما يحكم به من لا يرون فيه إلا الشرّ المطلق، أو تكون نورا محضا كما يحكم به من لا يرون فيه إلا الملاك الطاهر ، وإنما للمجتمع فيها إسهام مقدّر مهما يكن عليه النظام الحاكم من دور أساسي في تلوين هذه الخارطة بهذا اللون أو ذاك. ولا يمكن بحال أن نشطب المجتمع جملة من الإسهام في ذلك التلوين مهما يكن من سطوة النظام الحاكم عليه، وإلا فإننا نكون بصدد الحديث عن مجتمع ميت لا حراك فيه، وليس المجتمع التونسي كذلك كما بينه التاريخ في القديم والحديث. فإذا حكمنا بأن الصورة مظلمة بإطلاق خلال عشرين عاما فإن في ذلك تجنيا على الشعب التونسي المفعم بالحركة من أجل الحياة، إذ كأنه إذن كان مشطوبا من ساحة الفعل فعمّ الظلام كلّ الأرجاء على رأي من يرى ذلك، والتجنّي حاصل أيضا في حال الحكم بالصورة النورانية، ففي هذا الحكم من الغلط والمغالطة ما يستخفّ بعقول المحكومين إهانة، وما يستخفّ  بالحاكمين تزلّفا ونفاقا.

 

أجد نفسي عند قراءة الخارطة التونسية بعد عشرين عاما أقف في مربّع ثالث لا هو هذا ولا ذاك، وهو المربع الذي أحكم فيه على هذه الخارطة بأنها مزيج من نور وظلام، من نجاح وفشل، من صعود وهبوط، مهما يكن من تفاوت في الأحجام بين تلك المتقابلات، ولا غرو، فإنها خارطة من صنع الناس، ومن شأن الناس أن يصيبوا ويخطئوا، وأن يصعدوا ويسفلوا، فذلك ما ابتلاهم به الله تعالى في هذه الحياة الدنيا، والعبرة في هذا الامتحان أن يكون الصواب أثقل في الميزان من الخطإ، وأن يكون العزم معقودا على مراجعة الأخطاء لتصحيحها في اتجاه الصواب، وأن يكون الهبوط حافزا من حوافز الصعود.

 

لو كنت واقفا في مربّع البياض الخالص، ماذا أقول لعقلي الذي أزعم أنه دليلي في الأحكام، ولضميري الذي أزعم أنه هاديني إلى العدل، وللتاريخ الذي أزعم أنه سيكون له حساب، ماذا أقول لهؤلاء جميعا على سبيل المثال فيما سارت به الركبان، وشهد به العيان، وتمالأت عليه منظمات العالم من الشرق والغرب، مما وقع خلال العشريتين الماضيتين من تعذيب  مارسه الإنسان على أخيه الإنسان، وماذا أقول في عدد من الناس كان بعضهم من تلاميذي ماتوا في ظروف غامضة وهم في كفالة قوى الأمن، أو قضمهم الموت شيئا فشيئا في أقبية السجن؟ وماذا أقول في ثلة من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات ما زالوا يقبعون في ظلام السجون منذ ستة آلاف يوم وستة آلاف ليلة، يأكل الموت أكبادهم حتى ليوشك أن يأتي على بعضهم. لو شهدت شهادة  » بيضاء  » من خلال هذا المربع في حقّ هؤلاء المظلومين وغيرهم، وفي حقّ مشاهد أخرى من الخارطة التونسية غير هذه المشاهد فأيّ أرض تقلّني، وأي سماء  تظلّني مهما يكن من أمر ذلك الظلم أهو منهجي مخطط أم نزوات أفراد، فتلك عوارض لا تغيّر من أصل الموضوع شيئا؟ إنها إذن لن تكون لي إلا حياة نكدة فيما بقي من العمر، وإنها لكذلك في الحياة التي بعد هذه الحياة، فشهادة الزور أمرها عند الله عظيم كما هو معلوم من أسس ما أتدين به من دين.

 

ولو كنت واقفا في مربّع السواد الخالص، كيف سأواجه قوله تعالى: » ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى  » هذا في حال الشنآن  وهو العداوة الشديدة، فما بالك بحال مجرد الخلاف السياسي أو الثقافي بين أطراف من الوطن الواحد، كيف سأواجه هذا الأمر القرآني بالعدل فيما ينقل إليّ من أنّ عدد طلاب الجامعة الذي تركته قبل عشريتين لا يتجاوز أربعين ألفا، وقد أوشك الآن أن يلامس النصف مليون من الجامعيين مهما عكّر على هذا العدد  من أنّ قسما كبيرا من الخريجين مصيرهم البطالة ـ وتلك نقطة تُضمّ إلى دوائر السواد ـ فالبطال وهو جامعي خير من البطال وهو أمّي جاهل؟ وكيف سأواجه هذا الأمر القرآني بالعدل بما ينقل إليّ في شأن قريتي الجبلية النائية الرابضة على أعتاب الصحراء من أنّ الطريق المعبّد وخدمات الكهرباء والماء وصلت إلى بعض شعاب في بطون الجبال وبعض عروق على أعتاب الصحراء ما كان يخطر على خيالي يوما أنها ستنعم بمثل هذه الخدمات. وكيف سأواجه هذا الأمر وقريتي النائية وضواحيها يتربّع على أرضها اليوم خمسة من المعاهد الثانوية والسادس في طور الإنجاز، ويؤمّ هذه المعاهد آلاف من التلاميذ كل صباح، وقد كان أقرب معهد ثانوي إلينا يوم كنت تلميذا ثانويا يبعد عنا في مدينة صفاقس مئات الكلمترات، ولم يكن عددنا آنذاك يتجاوز عدد أصابع اليدين؟ وكيف سأواجه هذا الأمر القرآني بالعدل وفي قريتي النائية كما يبلغني الخبر مركز لتأهيل الأطفال المعاقين يملك حافلتين تجلبان الأطفال من على بعد عشرين كلمترا صباحا لتعود بهم مساء، وقد حفيت قدماي أشهرا طوالا لأجد في باريس بشقّ الأنفس مأوى لابني المعاق؟ لو شهدت شهادة  » سوداء  » من خلال هذا المربع فإنني سأكون في موقف كتمان الشهادة، وهو موقف ظالم كما قال تعالى: » ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله »، وكتمان الشهادة أخ في الفظاعة للزور فيها، فمن يتحمّل الوزر إن أنا وضعت نفسي في أحد هذين المربّعين؟

 

نعم، إنّ السواد حينما يكون حالكا في بعض دوائره فإنّه يكون شديد الوطأة على النفوس الأبيّة، فالاعتداء على كرامة الإنسان أيّ إنسان، وممارسة التعذيب والقهر والظلم عليه تمثّل دوائر سوداء حالكة السواد، وهي بذلك قد تشتدّ على النفوس فتغطّي على ما يجاورها من البياض، فلا يرى الرائي على الخارطة إلا ظلاما؛ ولذلك جاء القرآن الكريم ينبّه ويحذّر بأن  » لا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى  » وهو تنبيه على أنّ السواد في الصورة المشهود عليها مهما يكن حالكا ينبغي أن لا يحجب ما جاورها من بياض صغيرا كان أو كبيرا، وهنا تأتي مسؤولية العقل في كفكفة الأهواء، وتعديل النظر إلى نصابه الصحيح، لتتضح الصورة على حقيقتها، وتتمايز الألوان من سواد وبياض.

 

وإذا كان الشرط الأول في علاج الأبدان أن يكون تشخيص الداء تشخيصا صحيحا، فيوصف له الدواء الناجع، فإن الأمر كذلك في شؤون المجتمع وأحوال السياسة. أما الوقوف على مربّع البياض فإنه لا يثمر إلا موقفا يستصحب الأمراض السوداء في حقيقة الأمر بالتغطية عليها في ظواهره، فإذا هي تستشري اتساعا، ويحلولك لونها سوادا، فتتفجّر إذن على حين غفلة في مظاهر من الاضطراب، أو في فلتات من العنف الدموي كما حدث في مطلع هذا العام، وربما أدّى الأمر إلى كارثة حقيقية تأتي على الخارطة بلون حقيقي من ظلام يجبّ سائر دوائر البياض. وأما الوقوف على مربّع السواد فإنه لا يثمر إلا اليأس الذي ينتهي إلى أحد موقفين مرذولين: الانكفاء على الذات وانحسار الهمم دون النضال من أجل البحث عن شمعة من نور مهما يكن ضئيلا لمحاصرة الأخطاء المظلمة، أو الاندفاع في مغامرات مجهولة العواقب باعتبار أنّ أسوأ تلك العواقب تصبح في نظر المغامر ليست بأسوأ من هذا الظلام الضارب، وكلا الموقفين لا يثمر إلا حصادا مرّا؛ لأن منطلق التشخيص كان منطلقا خاطئا.

  

قال قائل: ها قد خطب رئيس الدولة في نهاية العشريتين، وقال أقوالا في تدارك  بعض ما وقع في الماضي، وفي فتح الآمال في المستقبل هي من الوضوح والقطعية والصراحة بحيث لم يسبق لها مثيل في مناسبات ماضية، ألم يقل على سبيل المثال: » إن تونس للجميع .. وإن لكل تونسي وتونسية حق المشاركة في بناء مصيرها … وإنه لا مجال للإقصاء والتهميش، ولا مجال لأي كان أن يبقى متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم … وإن طموحنا لتونس طموح كبير يقوم على الوفاق دعامة للاستقرار السياسي، وعلى الحوار قاعدة للسلم الاجتماعي … وإنه لا مجال للظلم والتجاوزات، ولا مجال لاستغلال النفوذ، كما أنه لا مجال للرأي الواحد والفكر الواحد واللون الواحد، ولا مجال للاستقالة عن المشاركة لأن تونس في حاجة إلى جهود كل أبنائها وبناتها … وأنه أردنا أن تكون الذكرى العشرون للتغيير منطلقا لإعطائه نفسا جديدا يستمدّ جذوته من بيان السابع من سبتمبر »؟

 

وقال آخرون: إن كلّ خطاب يستمدّ قيمته من مصداقيته في الواقع، وليس لهذا الخطاب إلى حدّ الآن مصداق، فالظلم ما زال قائما، والسجن ما زال معمورا ببعض نزلائه منذ سبعة عشر عاما، وإقصاء كثير من الناس عن أن يشاركوا في البناء ما زال مستمرّا، وبيان السابع من نوفمبر الذي سيُستلهم منه النفس الجديد كان فيه من جمال المبادئ ما هو أقوى مما جاء في هذا الخطاب ولكن الواقع جرى على عكس ما حملته تلك المبادئ، فكيف يمكن إذن الاطمئنان إلى أمل يبشّر به هذا الخطاب إذا لم تكن له آثار ناجزة على ساحة الواقع؟

 

أما الرأي الذي أرتئيه من خلال المربّع الذي اخترت الوقوف عليه، فهو أنّ تبيّن ألوان الخارطة على حقيقتها، وتحديد دوائر السواد والبياض فيها بدقّة هو الذي ينبغي أن يكون منطلقا للمستقبل، إنه الكفيل وحده بأن يجعل الجميع من شركاء الوطن يلتقون على كلمة سواء، ليتدارسوا بالحوار كيف يمكن أن تُوسَّع دوائر الضوء وتحاصر دوائر الظلام، كيف يمكن أن يُقرّ الصواب فيُستصحب، ويراجع الخطأ فيصحّح، كيف يمكن أن تُبنى الثقة بين الفرقاء شيئا فشيئا عبر الأقوال ولكن بالأخصّ عبر الأفعال، كيف يمكن أن ينخرط كلّ تونسي وتونسية في بناء الوطن دون تهميش أو إلغاء. أما مواقف اللون الواحد في الحكم على الخارطة التونسية فلا أراه إلا مكرّسا للفُرقة، مباعدا بين أبناء الوطن، بما قد يتطوّر إلى ما هو أسوأ، وبما قد ينتهي إليه من توترات واضطرابات لا تتمدّد بها إلا دوائر السواد على حساب دوائر البياض، وهو المصير الذي لا يرتضيه مواطن صالح.

 

إذا كان بيان السابع من نوفمبر لم تتحقق به الآمال التي حملها ما بشّر به من مبادئ في خصوص الدوائر الحالكة التي أشرنا إليها آنفا، فإنه ليس من المستحيل في العقل ولا في سنن التاريخ أن يأتي الخطاب الجديد بما يصوّب القديم، إذ من تلك السنن أنّ الأكثر من المشاريع التي تدّعي التغيير ـ مهما كان حجم ذلك التغيير المُدّعى ـ ترتكس إثر إعلانها عند الممارسة الفعلية في نقيض بعض مبادئها، ثم يؤوب كثير منها إلى رشده شيئا فشيئا فيصحح مساره، وينسجم مع مبادئه المعلنة أو مع الكثير منها على الأقلّ، وشهادة التاريخ على ذلك قائمة باطّراد لمن أراد التأمّل.

 

فعلينا إذن أن نعمد إلى تلك الشعارات التي وردت في الخطاب فنصنع منها حججا عالية الصوت نحتجّ بها على الواقع في سبيل أن يتغيّر إلى ما تقتضيه من محاصرة للظلم والتجاوزات والتهميش والإقصاء من المشاركة في البناء الوطني وسيادة اللون الواحد والفكر الواحد، إننا إذن نكون قد انطلقنا من دوائر البياض لنحاصر دوائر السواد شيئا فشيئا، وذلك من خلال نضال حواري وئامي تصالحي شاقّ المسار، طويل النفس، ولكنه محمود الغبّ، فيه الخير للوطن والمواطنين.  

 

 هل تكون الفرصة اليوم مواتية لأن نعمد إلى تلك الصفحات السوداء في العشريتين فنطويها ولكن لا نمزّقها. أما أنّنا نطويها فلكي لا نبقى أسرى الآلام ننكفئ عليها ونجترّها فتلهينا على المستقبل الذي هو أملنا، وأما أننا لا نمزّقها فلأن للتاريخ فيها حقّا معلوما، وللأجيال فيها عبرة، ولنا إليها أوبة للموعظة حينما نيمّم شطر المستقبل فنتفادى بها أخطاءنا ونحتجّ بها على أخطاء الآخرين حينما ينكرون؟ وهل تكون الفرصة اليوم مواتية لأن نجاهد جميعا من أجل الوئام، ونتحمّل المشاقّ من أجل الحوار في مسيرته الطويلة التي يتحقق فيها شيئا فشيئا رفع الظلم والتهميش والإقصاء واللون الواحد والفكر الواحد؟

 

 يقيني أنّ الفرصة مواتية لكلّ ذلك، وعلى  الأطراف أن تتحمّل المسؤولية في هذا المسار، كلّ على قدر ما بيده من أوراق تكون بها البداية، ويكون بها الدفع في المسير، وليس من شكّ في أنّ النظام الحاكم هو في هذا الشأن أوفر أوراقا بما وليه من أمر المجتمع كافّة ، فهو أثقل مسؤولية في المبادرة بمسار الوئام والحوار وفي توفير ظروف نجاحه، على أن لا أحد من سائر الأطراف معفى من المسؤولية في هذا الشأن، وليس عندي من شكّ فإن هذا الطرف الأقوى لو وقّع ضربة البداية في هذا المسار بوضوح وجدّية فإن أكثر الأطراف التي كان له معها نزاع سوف يستجيب للنداء، وسوف يمضي فيه بفاعلية وصدق، ولست أعفي هذا الطرف أبدا من مسؤولية أن يجدّ هو أيضا في المبادأة مهما يكن عليه وضعه من مقدار ما يتحمّل من تلك المسؤولية.  وأما استصحاب مسلك الماضي الذي كان في عمومه قائما على المغالبة المتبادلة فما أحسب أنه سينتهي إلى نتيجة سوى البوار وذهاب الريح وضياع الأوقات سدى، وفوات المصلحة الوطنية في جميع المجالات.

 

 ويقيني أيضا أننا لو بدأنا المسير لوجدنا الطريق أسهل مما نظنّ، ولتحقّقت بعض النتائج بأسرع مما نتوقّع، فللحواجز النفسية فعل في التعطيل ليس له في كثير من الأحوال من العوائق في الواقع مصداق. وأحسب أنّ كلّ الأطراف متساوية في واجبها بأن تسلك مسلك العدالة في توصيف الخارطة التونسية وتحديد دوائر السواد فيها والبياض، وهي متساوية في قدرتها على ذلك لو صحّ منها العزم عليه، ليكون من هناك الانطلاق في محاصرة الظلام بالنور، ومقاومة السواد بالبياض، ودمغ الخطإ بالصواب، وكلّ ذلك من أجل هذا الوطن العزيز أن يجد فيه كلّ أبنائه مناخا للكرامة، ومشغلا للبناء، وفرصة لخدمته، وحضنا دافئا من الأمن والأمان.

 

(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 19 نوفمبر 2007)

 


 

وضع حد للتمييز(فكرا وممارسة ) : المدخل الوحيد نحو الإصلاح الشامل

تشهد البلاد منذ مدة حراكا نسبيا يؤشر على تطور الإستعدادات لدى الكثيرين  ( فعاليات ومجموعات ) للتحرر بأقدار متفاوتة من الخوف والإنتظارية السلبية .

وإذا كان توسع دائرة المؤمنين بضرورة تجاوز موقف المتفرج والفعل الإيجابي في الواقع بمختلف الأشكال والصيغ المتاحة أمرا إيجابيا في حد ذاته فإنه لا مفر من تأكيد الخشية من أن يؤدي التركيز على إبراز بعض القضايا الفوقية والجزئية فردية كانت أو حزبية ( رغم مشروعية التحرك من أجلها ) والإفراط في إستعمال أحد الأشكال النضالية إلى تجاهل القضايا العامة الجوهرية التي تشغل بال أوسع فئات الشعب وإلى فشل تلك التحركات وعزلتها عن العموم والنخب على حد سواء بما يضاعف من إحتمالات إصابة المبادرين  بها قبل غيرهم بالإحباط و إهتزاز  ثقتهم في أنفسهم وفي محيطهم بعد أن يكون  تسبب في إبتذال الأداة النضالية المتبعة وإفقادها  قيمتها وتأثيرها ــ وإنني أعتقد شخصيا  ( والله أعلم )  أنه من الضروري جدا التنبيه إلى أن الأهم من النجاح في إختيار الشكل  النضالي والعناصر المشاركة النجاح في تحديد محتوى التحرك وأهدافه وشعاراته وأفقه بعد التوافق الأوسع على ضبط الأولويات والتي يجب أن تكون وطنية وجامعة بعيدا عن الإعتبارات الشخصية والفئوية والحزبية مع تقديم الأهم على المهم والعام على الخاص والشامل على الجزئي … في مسعى نضالي مترابط الحلقات منطلقه مطلبي جامع وأفقه المساهمة في تحرير المجتمع من حصار السلطة وهيمنتها ووضع حد ( ولو بتدرج ) لإختلال موازين القوى بين مكونات المجتمع المدني وفعالياته  ومؤسساته من ناحية والحكم من ناحية ثانية  كخطوة نحو الإصلاح الشامل .  ومن هذا المنظور وحتى لا تتحول التحركات المتفرقة إلى أعمال متوازية تعيق بعضها بعضا وفاقدة لكل أثر إيجابي إن لم تتحول إلى سبب من أسباب  تفجير التناقضات والتحريض على التناحر والدفع نحو الإحباط في أوساط عديدة  أرى  من الضروري التذكير أن قراءة بسيطة لواقع البلاد تكشف بوضوح أن ما يعانيه مجتمعنا من خوف وشلل وما تعانيه أحزاب المعارضة وهيئات المجتمع المدني وفعالياته من ضعف وتشتت وعزلة ليس إلا بعضا من آثار الكارثة التي حلت ببلادنا خلال العشرية الماضية   بعد أن إلتهمت آلة القمع المتغولة كل الثيران والأرانب على حد سواء يوم أكلت الثور الأبيض .

وبناءا على ذلك فإنه لا مناص من  الإقرار بأن الإنتصار في المعركة من أجل المطالب الديمقراطية الدنيا يمر حتما عبر الإنتصار في معركة تجاوز آثار الكارثة التي حصلت كما أنه لا مفر من الإقرار بصعوبة إن لم نقل إستحالة فرض وتحقيق أي إصلاح في ظل إستمرار معاناة قطاعات واسعة من المجتمع من تداعيات الكارثة المذكورة .  قلت وأقول للمرة الألف أن بوابة المعارضة نحو فك عزلتها والإلتحام بجماهير شعبها ونحو توفير الشروط اللازمة للفوز والنجاح في تحقيق المطالب الديمقراطية الدنيا وأن بوابة السلطة نحو وضع حد لحالة الإحتقان  والإقناع بصدق وعودها وجديتها والحيلولة دون إنزلاق الأوضاع نحو ما لا يحمد عقباه بوابة واحدة ووحيدة مرســـوم على واجهتها تسوية الملفات العالقة ( سياسيا وإجتماعيا وإقتصاديا وثقافيا ) وفي مقدمتها وعلى رأسها تسوية ملف المساجين السياسيين والمسرحين والمغتربين وغلقه بصفة نهائية بإطلاق  سراح كل المعتقلين وبدون إستثناء وتمكين المغتربين من العودة إلى أرض الوطن دون مساءلة وضمان الحق في التعليم والعمل والعلاج و المشاركة في الحياة العامة ( التي هي حقوق أساسية تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه ولا حق لأحد تحت أي مسوغ كان الحد منها أو الإعتداء عليها )  للجميع  وإعلان  العفو التشريعي العام بإعتباره ضرورة  إنسانية وقانونية ووطنية سياسية وإجتماعية بما يضع حدا للتمييز الذي أضحى يعاني منه الآلاف من ضحايا الحملة الظالمة  والمستمرة  إلى حد هذه الساعة على الإسلاميين والتي إتسعت دائرة المتضررين منها بسبب سياسة العقوبات الجماعية المعتمدة حتى طالت لا عائلات الموقوفين (آباءا وأزواجا وأبناءا وأشقاءا ) فقط بل وأقاربهم وأصدقاءهم …

ويكفيني لتأكيد ما سلف القول  : 

1 ) أليس  من المشروع التساؤل حول مدى جدية  إستعداد السلطة للإستجابة لمطالب شعبنا المشروعة في الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية مع ما يعنيه ذلك من تنازل عن  بعض ما إحتكرته ومن  تراجع عن بعض ما إختارته وهي التي تصر على إستمرار حبس المئات من أبناء هذا الشعب وشبابه  لأسباب سياسية  ( مهما  كانت  المبررات بعد أن تعددت اللافتات والموت واحد ) رغم أنه مر على إحتجاز بعضهم  أكثر من ثمانية عشر عاما كاملة ورغم ما يعانيه آخرون من أمراض خطيرة تهدد بجدية حياتهم في نفس الوقت الذي تصر فيه على حرمان الآلاف ممن سرحتهم  بموجب قرارات سراح شرطي  من حقهم المشروع  والطبيعي في العمل والعلاج والتعليم رغم أن ذلك لا يكلفها شيئا بل يمكن أن يحقق لها مكاسب ومغانم كثيرة ويوفرعليها الكثير من المصاريف والخسائر .

وهل من المتوقع أن ينجح في فرض تحقيق المطالب الديمقراطية الدنيا ( مثل الحق في التنظم والإعلام وإستقلال القضاء) من عجز على سبيل المثال لا الحصر عن إنقاذ تونسيا مر إلى حد هذه الساعة على إعتقاله أكثر من ثمانية عشرة عاما بالتمام والكمال ( واللهم لا حسد ) شهرا بشهر  ويوما بيوم بما بوأه لتحطيم الرقم القياسي في عدد الليالي المقضاة في السجون التونسية  حتى جاز لنا إختياره عميدا للمساجين السياسيين التونسيين( السجين محمد نجيب اللواتي من مواليد صفاقس سنة 1952 وموقوف منذ شهر نوفمبر 1990 وهومعتقل الآن بسجن صفاقس  وقد فرض عليه قضاء أغلب فترات سجنه في عزلة مشددة على خلاف أحكام قانون السجون ) و عن إنقاذ  حياة رضا البوكادي ( تدهورت حالته الصحية بسبب ما سلط عليه من تعذيب وما عاناه من إهمال ليصاب بفشل كلوي حاد ومزمن وهو مهدد في أية لحظة بالإصابة بقصور تام لإستحالة علاجه إستحالة تامة في السجن ) .

هل من المتوقع أن ينجح البعض في فرض الإعتراف بحق حزب العمال الشيوعي التونسي والنهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية وغيرهم دون أن ينجحوا في فرض الإعتراف بحق القاضي مختار اليحياوي  ( الذي وهب نفسه فداء لوطنه وشعبه ولإستقلال القضاء بعد أن تجرأ بشجاعة نادرة لم يقدر عليها أحد ا من قبله ولا بعده على تحرير أول وأشهر رسالة حول أوضاع القضاء في تونس ) وحق  أفراد عائلته( الذين كان من ضمنهم المرحوم زهير اليحياوي الذي دفع حياته من أجل الحق والحرية للجميع ) في التكسب و توفير لقمة العيش لهم ولأبنائهم بتعمد السلط التي لم يكفها عزل المختار من القضاء ومحاصرته الدائمة وأبنائه وتحجير السفر ومراقبة كل تنقلاته لتتعمد إغلاق نزلا  ورثوه عن والدهم وهو مصدر رزقهم الوحيد تعسفا  بعد إنتزاع بعض أملاكه بدون وجه حق ،وأخيرا وليس بآخر إعادة الروح لملف قضائي مر على إتهامه بمناسبته بنشر أخبار زائفة سنوات في مسعى توحي بشائره بوجود نية مبيتة ورغبة مشبوهة في إستهداف المختار وتوريطه  وبحق الأسعد الجوهري في بطاقة تعريف وطنية تثبت هويته وإنتماءه لهذا الوطن وفي فرض الإعتراف بحقه وهو ( الذي يعاني من عاهات مستديمة أعاقته عن الحركة  بسبب ما لحقه من تنكيل وتعذيب في مراكز الإستنطاق والسجن ) و حق مراد الخديمي ( المصاب بأمراض السكري الذي إستفحل حتى مس الأعصاب والعينان وأعضاء حيوية أخرى إضافة إلى مرض السل وفـــيروس الكبـــد من صنف ب عافانا وعافاكم الله…) والمنجـي العياري ( المصاب بمرض عضال إستفحل بسبب ما عاناه من إهمال في السجن ) وغيرهم كثير في العلاج والعمل وبحق عزيز تاج ( الذي فرضت عليه شبه إقامة جبرية في مسقط رأسه بدون سند قانوني )وفتحي الورغي (  الذي يعاني من أمراض مزمنة وخطيرة حتى لم يبق فيه موضعا لعضو لم يصب بعاهة قلبا وأعصابا ورئتين وكلى ومجاري بولية والذي  لم يترك  بابا إلا وطرقه ) وغيرهما في الدراسة والتعليم .

2 ) هل يمكن للسلطة أن تسترد ثقة العامة  والنخب فيها وفي خطابها ووعودها بالغد الأفضل في الوقت الذي تتردد فيه ( رغم أهمية الخطوات المنجزة ) في إتخاذ خطوات حاسمة وجريئة لا تكلفها شيئا  تنقذ بها حياة الكثيرين من الموت البطيئ  الذي يتهددهم في كل لحظة وتضع بها حدا لما يعاني منه اللآلاف من أبناء هـــذا الوطـــن من تميــيز وشعـور بالإضطهاد الدافع للإحباط واليــأس  وتحمـــي بـــها أولا واخيرا ( وهذا الأهم ) البلاد من الإنقسام والإنشطار ومن العواصف والهزات والمنزلقات وتؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة ؟

وهل يمكن للمعارضة الوطنيــة وهيــآت المجتمع المدنــي وفعالياته ( التــي فـــازت بشرف المبادرة والمحاولة ) أن  توسع دائرة المقتنعين بشرعية مطالبها وصوابها ومصداقيتها وأن تعيد للنخب والعامة الثقة في جديتها و قدرتها على الفعل وأن تحيي فيهم الأمل في إمكانية الخروج مما هم فيه  بما يهيئ  الظروف الملائمة لإنخراط جماعي في المعركة من أجل تحقيق الحريات والديمقراطية وهي التي ( سلطة ومعارضة )  تسكت عن إستمرار حبس واحد من شباب تونس ثبت بمقتضى إختبار طبي أجري عليه بإذن المحكمة من طرف مختص مباشر في المستشفى العسكري أنه فاقد  المدارك العقلية منذ سنوات خلت وهو لا يتحمل مسؤولية ما فعل ويفعل  ( ميمون علوشة المحال في القضية عدد 11089 المنشورة بالدائرة الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس ).

وجوابي شخصيا

أن طريق الجميع ( سلطة ومعارضة وهيئات مجتمع مدني وفعاليات ) للفوز بثقة العامة والنخب ووضع حد لحالة الإحتقان السائدة وإشاعة مناخ من الأمل في مستقبل أفضل وفي إصلاح الأوضاع وإحتلال المعارضة لموقعها الطبيعي في المجتمع يمر حتما عبر  تعديل ساعاتهم على ما تقتضيه المرحلة ويطلبه الشعب لا على ما يشتهيه أو يريده البعض  و وضع حد للتمييزفكرا وممارسة بين أبناء الوطن الواحد وإنجاز خطوات جدية ( بإكراه الرافض عليها أو بالتوافق معه ) من أجل تحقيق المساواة  بين كل  الناس و ضمان حق الجميع وبدون إستثناء في الحياة والكرامة والحرية والعلاج والتعليم والعمل بإعتبارها حقوقا أساسية غير قابلة للتصرف فيها وإحدى أهم الأولويات النضالية الوطنية الجامعة  التي لا تحتمل التأخير ولا التأجيل .  

الأستاذ نور الدين البحيري

المحامي

وعضو المكتب التنفيذي لمركز تونس

لإستقلال القضاء والمــحامـــــــــــــاة


 

جائزة 7 نوفمبر للشاعر محمود درويش

 

 
يسود الأوساط الثقافية العربية والتونسية على وجه الخصوص شعور بالاستياء والامتعاض من التوظيف المزري والشنيع للقضية الفلسطينية الذي أقبل عليه النظام الدكتاتوري بتونس في يوم 7 نوفمبر 2007 عند إعلان زين العابدين بن علي عن تكريمه للشاعر الفلسطيني محمود درويش بمنحه جائزة 7 نوفمبر « للإبداع » خلال الحفل الذي يقام سنويا بمناسبة ذكرى الانقلاب الذي دبره ضد الحكم البورقيبي السابق. احترامنا وتقديرنا للشاعر العربي محمود درويش لا يمنعنا البتة، بل يدفعنا إلى الكشف عن الوجه الخفي لهذه الحركة المسرحية المضللة. وتقديرنا للمنزلة الثقافية والفكرية للشاعر محمود درويش هو الذي يجعلنا لا نتردد في اعتبار هذه الجائزة عمل تمويه ومحاولة لإسدال قناع جذاب على الوجه الشنيع لسياسة الجنرال بن علي الموالية للدولة الصهيونية، وابتزازا لمشاعر التونسيين تجاه القضية الفلسطينية. كيف يتطاول صديق السفاح أريال شارون وسيلفان شالوم على منح جائزة لشاعر تناشد كلمته الحرية وتحتفي بالمبادئ الإنسانية النبيلة، وذلك تحت عنوان ذكرى انقلابه الذي أغرق تونس لعقدين من الزمن في الظلم والعنف والفساد والقمع الوحشي وكبت الحريات وتهميش الثقافة وإنزالها منزلة الشحاذة والتملق الرخيص؟ لكم كان محمود درويش في غنى عن مثل هذه الجائزة! ولكم كان في غنى عن مثل هذا الابتذال الذي لا يمكن أن يلحق به سوى الإهانة! من حقنا إذن أن نعرف هل قبل محمود درويش بهذه الجائزة؟ هل تسلمها؟ هل رفضها؟ متى حدث ذلك؟ وأين؟  وفي الانتظار « يسعدني بكل نخوة واعتزاز » أن أسوق للقراء الكرام نصا لمحمود درويش كان قد حرره بباريس في التاسع من شهر سبتمبر 1986 في شكل رسالة إلى الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، وقد نشرته مؤخرا صحيفة الراية القطرية بتاريخ 24 أكتوبر 2007. وبما أنني لا أملك ما يمكّنني من منح جائزة أو هبة لمحمود درويش غير ما أكنه له من احترام وتقدير، فإنني أكتفي بإهداء رسالته هذه للقراء بما في ذلك الدكتاتوريين منهم ومناصري الدكتاتوريات، والمناصرين للدكتاتوريات ومحمود درويش معا.                                                           عبد اللطيف بن سالم  


 

ما لم يقله السيّد عامر العريض في قناة الجزيرة

نورالدين الخميري

تابعت كغيري من مشاهدي قناة الجزيرة برنامج   » أكثر من رأي  » ليوم الجمعة  2007.11.16  والذي تناول فيه مقدّم البرنامج  السيّد سامي حدّاد موضوع:  » تونس والإسلاميين « ، وقبل الخوض في تفاصيل اللّقاء ارتأينا  أن نتوقف قليلا عند مسألة تتعلّق بمقاييس اختيار ضيوف البرنامج والذي جمع كلاّ من السّادة عامر العريض  و برهان بسيّس وهاني السّباعي

ولئن ذهب بعض أصدقائنا في التحليل إلى التّاكيد على أنّ عمليّة اختيار الشّخصيات المشاركة تمت بناءا على ما تمثّله حركة النّهضة التّونسيّة من فكر إسلامي وسطي معتدل  بين قطب يساري متطرّف يتبنّى أطروحات سلطة الإستبداد في تونس ويمثّله السيّد برهان بسيّس وآخر يدافع عن الفكر السّلفي الجهادي ويقف ضدّ مفاهيم الحداثة والدّولة والدّيمقراطيّة ويمثّله السيّد هاني السّباعي فإنّ هناك رأي آخر ذهب إلى اعتبار  أنّ العمليّة برمتها جاءت لخلط الأوراق وإعطاء صورة مشوّهة عن عموم التيار الإسلامي ّ

وبقطع النّظر عن صحّة هذا التحليل من عدمه فإنّ السيّد العريض رئيس المكتب السيّاسي لحركة النّهضة التّونسيّة بدى من خلال البرنامج ضعيف الأداء ، مرتبكا في أطروحاته ، رهين مجموعة من الشّعارات والأفكار العامّة لا يمكن بأيّة حال من الأحوال أن تقنع جمهور المشاهدين إن كانت تلك الأفكار والمبادئ تعبّر بحق عن برنامج  الحزب الذي ينتمي إليه غير أنّ الذي يهمّنا في كلّ ما جاء من أفكار خلال البرنامج تأكيدات السيّد برهان بسيّس وفي أكثر من مداخلة على انتهاج حركة النّهضة التّونسيّة لأسلوب العنف مستدلاّ في ذلك بحادثة باب سويقة متغافلا عمّا اقترفته سلطة الحكم في تونس من تعذيب وحشي ضدّ المعتقلين السيّاسيين وملاحقات أمنيّة متواصلة

وإن كنّا لا نبرّر مثل تلك العمليّة إلاّ أنّنا نريد أن نؤكّد للجميع بأنّها جاءت في ظروف خاصّة عرفت فيها البلاد أكبر حملة أمنيّة للتيّار الإسلامي وصفها البعض بأنّها حرب إبادة وتصفية وميز عنصري كما أنّ ملابساتها وتوقيتها تطرح أكثر من تسائل رغم أنّ هناك بعض التحاليل تشير بأصابع الإتهام للسّلطة بافتعالها لتلك الحادثة لتبرير نهجها الأمني في تعاملها مع أكبر خصم سياسي لتصفيته وإقصائه من السّاحة السيّاسيّة غير أنّنا لا نملك أدلّة واضحة تجعلنا نسلّم بصحّة هذا الطرح وإن كنّا لا نستبعد حدوثه ولنا في الأشرطة التي افتعلتها السّلطة ضدّ السيّد علي العريض خير دليل على ذلك

وحتّى لو سلّمنا وفي أسوأ الحالات بأن من قام بالعمليّة هم بعض الشّباب المحسوبين على حركة النهضة التّونسيّة فهذا لا يجعلنا نجزم كما ذهب السيّد برهان بسيّس بأنّ حركة النّهضة تتبنى العنف أو تدعو إليه على اعتبار أنّ  توقيت الحادثة تمّ في ظروف كانت السّلطة في مواجهة شاملة مع الحركة ممّا يجعلها غير قادرة على ضبط عناصرها وثنيهم عمّا  من شأنه المساس بحياة المواطن

غير أنّ السيّد برهان بسيّس  وكما عوّدنا دائما برهن بوضوح تام عدائه الإديولوجي للإسلاميين عبر  تمرير جملة من الأكاذيب والدّعاوي وهي في الحقيقة مردودا عليها سواء بحكم شهادات الواقع أو ما صدر من تقارير تفنّد تلك الإدّعاءات وأكتفي هنا بإحالة السيّد برهان بسيس للإطلاع على شهادات بعض المسرّحين من مساجين النّهضة للوقوف عند جملة الفظاعات التي ارتكبتها السّلطة منذ بداية العشرية المشؤومة دون التطرّق إلى عدد الذين أزهقت أرواحهم وهم بالعشرات تحت سياط الجلاّد لمعرفة من هوّ المجرم الحقيقي

كما أني أدعوه للإطلاع على البيانات العديدة والنشريات ومجموعة الدّراسات التي صدرت من عدّة شخصيات تونسيّة ومنظّمات حقوقيّة عالميّة مشهود لها بالنّزاهة والمصداقيّة وهي تمثّل في الحقيقة صرخة فزع ووسمة عار في مسيرة صانع  » التغيير  » الذي يدافع عنه

كما لا يفوتني أن ألفت انتباه السيّد برهان على قرارات بعض المحاكم الأوروبيّة ولا أظنّ أنّه يشكّ يوما في نزاهتها للتّعرّف على مدى تورّط أعوان النّظام التّونسي في ممارسة التعذيب الممنهج ضدّ خصومه السيّاسيين وأكتفي هنا بعرض حالتين فقط ولا أعتقد أنّ السيّد برهان خاف عنه ذلك

تتعلّق الأولى بفرار دبلوماسي تونسي من فرنسا خوفا من المحاكمة بسبب التعذيب وقد نشر الخبر بجريدة لوموند الفرنسيّة بتاريخ 23 فيفري 2007، أمّا الثانية فتتعلّق بفرار وزير الداخليّة الأسبق عبدالله القلاّل من مستشفى بسويسرا بسبب دعوى قضائيّة كان رفعها ضدّه السيّد عبدالنّاصر نايت ليمام.

وإن كان الحديث في مجال الإنتهاكات والتّجاوزات لا ينتهي فإنّنا نريد أن نذكّر السيّد برهان بأنّ محاولة تلميع صورة نظام الحكم في تونس واستبلاه عقول النّاس من خلال التسويق  لمنظومة الإستبداد  وتقديم صورة مغايرة للواقع مثلما حصل في برنامج  » أكثر من رأي  » سوف تكون فصول المأساة التي تكتب اليوم بيد أصحابها شهادة حقّ وصدق لا زور وافتراء تفنّد كلّ الإدّعاءات وشعارات الحريّة والديمقراطيّة التي تروّجون لها كما أنّ تاريخ تونس سيكون شاهدا حيّا على اللّعبة القذرة التي انخرطم فيها للتستّر عن الفظاعات والإعتداءات التي ترتكبها السّلطة في حقّ المواطن والوطن

وإلى موعد قريب تصبحون بلا وطن

البرهان: ليس أن تتكلم من أجل أن تكذب أو تكذب من أجل أن تتكلم

بقلم: بوعبدالله بوعبدالله

 

جلب انتباهي في الفترة الأخيرة بمناسبة احتفال تونس بمرور 20 سنة على تولي الرئيس بن علي الحكم في تونس ان معظم الحوارات التي دارت حول المكاسب والنقائص خلال هذه الفترة كانت : من طرف السلطة مجرد تصريحات صحفية هنا وهناك ومن طرف المعارضة تصريحات وأحيانا حوارات.  لكن ما شاهدنا حوار مباشرا بين السلطة ومعارضيها او لنقل خصومها السياسيين في البلاد , فهذا ما كان ينبغي ان يحصل لآن الحوار اذا كان بين الأطراف المؤيدة والأطراف المعارضة والكل يبرهن على صدق نقده وموقفه بالحجة والبرهان يتضح الغموض ويكون حوارا بناء

اما في غياب الحوار المباشر بين رموز السلطة[ المسؤولين ] ومعارضيهم فانه يعتبر انتصارا للطرف المعارض  وصدق مقولاته لأن المواطن بفطرته يميل لمن يطالب بالحوار ولا يميل لمن يرفض الحوار فرافض الحوار هو دائما في قفص الإتهام .

اما ظهور بسيس والصغير في هذه الفترة وتقديمهم  لأنفسهم وكأنهم يتكلمون باسم السلطة فهذا يعتبر انتحالا للشخصية وقد يعرضان أنفسهما للملاحقة القضائية .

اما ان كان بعض المعارضين يعتبرونهما بمثابة أبواق مأمورة من طرف السلطة فهذا خطا لأنه يجب ان نتعامل مع السلطة مهما كانت الظروف على أساس ان لها مؤسسات  تديرها  والتكليف لا يكون الا بأمر رسمي وإذا غاب التكليف الرسمي يجب – في نظري –  ان لا نعتبر هؤلاء مكلفون من طرف السلطة ولكل واحد ان ينعتهم بما شاء وكيف شاء . وكان اجدر ببعض رموز المعارضة الا تتحاور مع هؤلاء بل لا تشاركهم الحديث لأمر بسيط  وهو ان هؤلاء لا يمثلون الا انفسهم ولم يصرحوا بانهم يمثلون جهة معينة  بينما من يتحدث باسم حزب او حركة معارضة فهو يتكلم باسم حزب او حركة خولت له  ان يتكلم باسمها .

لذا حوار من يمثل مع من لا يمثل الا نفسه حوار مبتور خصوصا اذا كان من لا يمثل الا نفسه مسكون بالبهتان ومحاكمة النوايا- مما يذكرنا بمحاكم التفتيش التي حصلت ضد المسلمين في اسبانيا -. له ولأمثاله اقول:

ان التونسي الغيور هو الذي يحب لبلاده الخير  وينصح بمعالجة السلبيات فعند ما نريد العلاج يجب ان نركز على المرض ونشخصه ونبحث له عن علاج لا ان نكرر الحسنات دون ان نشير للسلبيات – فهذا طبع بطانة السوء-

اضرب لهذا الأمر مثالا حتى نتبين الأمر: إذا أصاب احدنا مرضا في رجله ويذهب للطبيب بغية المعالجة فيسأله الطبيب مما تشكو فماذا يجيب المريض. الجواب سيكون:

1-/ حسب بطانة السوء سيدي الطبيب انا نظري سليم , وحاسة الشم عندي سليمة , وشعري ناعم , وفمي سليم , صوتي سليم رقبتي سليمة, صدري سليم , و …… و… ولا يذكر المرض الا اذا قال له الطبيب هذا كله معلوم ويعيد عليه سؤال مما تشكو ؟؟؟؟ ولماذا جئت إلي؟  فيعيد نفس الأمر  ويخاف من ذكر مرضه

2-/  والصادق في القول –اي البطانة الحسنة- يذكر مباشرة  أشكو من الم في رجلي  رغم  أني سليم الصدر والبطن

فاقد البرهان لا يمكن ان يكون باي حال من الصادقين في القول  لانه استئصالي و  لا برهان له الا تأويل كلام غيره بفكره المشحون بالكره والحقد ومحاكمة النوايا التي لا ندري كيف يطلع عليها ؟؟؟؟

لا احد من التونسيين  الصادقين الأوفياء ينكر ما حصل في تونس من إصلاحات في مجالات عدة كما انه لا احد منهم ينكر ان مشكلة تونس الكبرى هي سياسية و تكمن  تحديدا في الحريات لكل المواطنين من دون استثناء او تصنيف.

قد تطعم المواطن ويأكل ويتمتع بالخيرات لكن بمجرد ان يشعر ان السلطة تمنّ عليه بهذا الحق يضجر لأن من واجب المسؤول خدمة مواطنيه , فالمسؤول مهما قدم من خدمات تكون في اطار مهنته وواجبه  ولا يحق له ان يمنّ على شعبه بالخدمات . لكن إذا أحس المواطن بان لا كرامة له ولا حرية له فمهما وفرت له من اكل وشرب وطرقات  وانجازات فانه يظل غاضبا لآن الحياة تقوم اولا على الكرامة وثانيا على الحرية وثالثا على المساواة اي ان  يشعر كل المواطنين انهم سواسية امام القانون وان الدولة في خدمتهم جميعا من دون تصنيف ولا استثناء

يا اخي عائلة بن لادن [ابنه زوجته اخوه ..]- باعتباره اخطر إنسان في العالم – تتجول في كافة انحاء المعمورة بكامل الحرية  وبجوازات سفر سعودية  ولا احد يعاملهم او يحملهم تبعة ما فعل بن لادن .  فلا يعقل أن يوجد اليوم في تونس من يُحرم من جواز سفر لا لشيء الا لأن اباه سجين سياسي سابق او هو سجين سياسي سابق . بل اشد من ذلك ان ينفى التونسي في تونس ولا يحق له ان يغادر بلدته ابدا الا بتصريح وإذن خاااااااص؟؟؟؟؟ بتهمة انه يمثل خطرا. فان كان المواطن هذا يمثل خطرا فهذا يعني ان الدولة ضعيفة وهذا ما يريد ان يروج له بسيس وأمثاله من الإستئصاليين.

فالدولة القوية لا تسمح لنفسها أن تصف اي مواطن من مواطنيها بالعنف والإرهاب  بل تسعى جاهدة ان تنفي هذه التهم عن مواطنيها في كامل انحاء المعمورة – حتى وان ارتكبت – بينما في بلادنا تونس  نتهم بعضنا بعضا بارهاب وعنف لا وجود له  ثم نقول ان بلادنا قوية

السلطة الضعيفة هي التي تصف مواطنيها بالعنف وتشهر بهم في كل محفل . وفاقد البرهان هو من العناصر الإستئصالية التي تروج للعالم بان تونس بلد ضعيف  ويجب ان يستاصل الإسلاميين اي النهضة حتى تحافظ  السلطة – اي الحزب الحاكم – على امنها وقوتها وكانّ  السلطة لا تدوم الا بتغييب النهضة عن الساحة السياسية للبلاد وان وجود النهضة يعني زوال للسلطة هذا ما يريد فاقد البرهان الإستئصالي ترويجه للعالم. وبلغة اوضح بان النهضة اقوى من السلطة؟؟؟؟؟؟؟

ان حماقة التيار الإستئصالي في تونس تكمن في   جعله لكل معارض  يتحدث عن السلبيات بانه يمثل تهديدا  وخطرا على البلاد والعباد. وكان الأمن التونسي من ورق.

بينما نحن نريد ان تكون تونس لكل التونسيين بما فيهم برهان وأمثاله . الإسلاميون في تونس يمثلون تيارا كان له الاثر الكبير في الحياة التونسية  بالرغم من أخطائهم إلا أنهم متمسكون بحقهم في الوجود العلني بعد ان اثبت السرية سلبياتها . وهم  اليوم متاكدون انه لا مجال لتصفية الحسابات  فروح التسامح تجذرت في نفوس العديد منهم – من هم في الحركة او خارجها- ولن يسمحوا لأنفسهم باعتماد القوة  فهم يتحملون الأذية ولا يردون عليها بالمثل  .

اقولها لك يا فاقد البرهان ولأمثالك من الإستئصاليين انا واحد من الذين عاشوا بل تربوا في السجون التونسية وكبروا هناك ما عشناه مع قوات الأمن اكثر مما عشناه مع آبائنا وأمهاتنا أي في بيوتنا .  وتعرضنا الى ما تعرضنا اليه من تعذيب وتنكيل فما الذي يمنعننا من الإنتقام  او ما الذي يحول بيني وبين ان نمارس العنف والقوة ؟؟؟ الخوف لا والله . فالسلطات الأمنية تعرف جيدا ان من دخل السجون التونسية يخير الموت على العودة اليها ثانيا.

السبب هو الحق والثقة في الله ثم في أنفسنا لأننا نحب بلدنا في الله تعالى نريد  ان يكون الحب هو الذي يجمع بيننا مهما اختلفت توجهاتنا وأفكارنا . نختلف نعم نتخاصم نعم , لكن من دون ان يعتدي بعضنا على بعض او يقهر القوي منا الضعيف, قوة الإسلاميين تكمن في انهم امتصوا الصدمة والنكبة وما حولوها الى نقمة .

و هذا مبدأ كل الذين اعتقلوا وسجنوا من الإسلاميين بل حتى من مات منهم تحت التعذيب او بسبب مرض أصابه في السجن.

فالإستئصاليون يا من لا برهان له أحسنوا التموقع  وعرفوا كيف ومن أين تمسك العصا , وحالكم لا يخفى على احد من المواطنين واعلم أن الذي يحول دون التونسيين والعنف هو حبهم لتونس . فنحن نحب تونس اكثر .

والإستئصاليون الذين لا يريدون ان تكون تونس لكل التونسيين هم الخطر ويروجون ان تونس فيها إرهابيين , نحن لنا القدرة على تحمل أذاكم ولم ولن نفكر مجرد التفكير في استئصالكم كما تفعلون انتم معنا .

مشكلة تونس هي في ان يتمتع كل التونسيون بالحرية الكاملة وان يشعروا بان تونس للجميع . اختارت السلطة ان تتعامل مع قضية الحريات قطرة قطرة وهذا خيارها لكن لتعلم-  وهذا من باب النصح – ان عدم الرضا أيضا ينمو قطرة قطرة . ونحن نريد ان نلتقي ولا نريد ان نفترق .

وليعلموا أن الإسلاميين في تونس هم مفخرة للبلاد وعلامة حب ووفاء لبلدهم تونس .والسلطة تدرك هذا جيدا فالآلاف من شباب الحركة الإسلامية ترعرعوا ونموا داخل السجون التونسية , ميزتهم الصبر وغايتهم أن يفسح لهم المجال لخدمة بلدهم  .


 

القول الفصل في الخلاف الحاصل في فرضية الحجاب

بقلم: مراد علي

 

كثر الجدل في الأعوام الأخيرة حول مسألة فرض الحجاب بين مؤيد ومانع وبحكم أن في المسألة شيئا من الغموض وعدم التوضيح التي من أجلها بنى كل فريق رأيه رأيت بعون الله أن أبين الخلاف الحاصل وعرض ما استشهد به الفريقين .

الفريق الاول وهم القائلون بفرضية الحجاب مستدلين على ذلك من كتاب الله وسنة رسول الله ويشمل هذا الفريق جميع المسلمين من لدن محمد إلى يومنا هذا إذ لم يثبت عن صحابي ولا تابعي ولا صاحب مذهب بما فيهم المالكية والشافعية والحنفية والحنابلة وغيرهم من المذاهب المنقرضة كما لم يثبت عن أي فرقة من الفرق المبتدعة ولا المغالية بما فيهم الخوارج والشيعة والمعتزلة وباختصار كل من قال لاإلاه إلا الله إلا وأقر بأن الحجاب فرض.

ولكن تجدر الاشارة أن جل أهل الارض والدنيا بأسرها في عصرنا هذا وفي عصور مضت وإن كانوا لايرون بفرضيته إلا أنهم لايمنعونه ويعطون الحق للناس في اختيار ما يلبسونه وخير من يمثل هؤلاء الدول الغير مسلمة قاطبة من يهود ونصارى وعلمانيين وشيوعيين وغيرهم في أوروبا وآسيا وإفريقيا وأمريكا وأستراليا ودليل هؤلاء القوم في استدلالهم هو الحرية.

ونأتي الآن إلى الفريق الثاني وهم القائلين بمنعه ويتمثل هذا الفريق في النظام التونسي ولكن لابد من التوضيح أن هذا الفريق قد انقسم بدوره إلى مذاهب فذهب بعضهم إلى منعه مطلقا لافرق بين من لبسه على طريقة السفساري والتقريطة والفولارة والحجاب المشهور في العالم أجمع وأحسن من يمثل هذا المذهب فقهاء الشرطة وأمن الدولة ومدراء المؤسسات التابعين للنظام ويزيدون في ذلك أن يكون المنع حتى في الشارع والبيوت لما ثبت أنهم حاولوا ذلك .

وهناك مذهب يقول أن المنع يكون فقط للعاملين في المؤسسات التابعة للدولة ويميزون في ذلك بين التقريطة والفولارة فلا يرون في ذلك بأسا وإن كان الاولى تركه وأما الحجاب المنتشر والمتعارف عليه عالميا فيسمى عندهم طائفيا ولذلك يحصر المنع فيه خاصة وخير من يمثل هذا المذهب مثقفي النظام وأعوانه كالشيخ التكاري والشيخة السوايحي والشيخ أبو بكر الأخزوري.

أما الادلة التي استدل بها هذا الفريق فهي من باب سد الذرائع فقد ثبت عندهم بالتواتر أن هذا الحجاب يعتبر خطرا على أمن الدولة مما يشكله من دعوة للعنف محتجين في ذلك بالحادثة المشهورة والتي تسمى بحادثة باب سويقة حيث ثبت بالدليل القاطع أن إمرأة لبست حجابا في ولاية صفاقس فكان سببا في إرسال ذبذبات كهرومغناطسية اصطدمت بشباب إسلاميين جعلهم يقومون بحادثة باب سويقة ولذلك اجتمع الفقهاء وخرجوا بهذا التأصيل.

ولن ننسى أن نشير إلى رأي المفتي في المسألة فقد صرح مؤخرا أن هلال شوال قد هل علينا وأثبت العيد ولولاه لبقينا صائمين إلى يومنا هذا فجازاه الله عن الأمة كل خير.

 

(المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 18 نوفمبر 2007)


  

تعقيبا على السيد لطفي المجدوب الذي وقف عند « ويل للمصلين  » !

مرسل الكسيبي (*)

 

كتب السيد لطفي المجدوب تعقيبا على مقالي المنشور بتاريخ 17-11-2007 على صحيفة الوسط التونسية , ونظرا لما ورد فيه من مغالطات انتقائية هدفت الى التشويش على ما أوردته فيه من نقد لأداء صديقنا الأستاذ عامر العريض في برنامج أكثر من رأي , فإنني أود لفت نظر القارئ الى ما يلي:

 

1- ان استعمالي لألفاظ الصديق أو الزميل أو الأستاذ مع السادة عامر العريض أو برهان بسيس أو سامي الحداد لا يخرج إطلاقا عن دائرة أدب الحوار الذي تنكر له الكثيرون في حمى الصراع الفكري والسياسي مع بعض الفرقاء الفكريين أو السياسيين , ومن ثمة فليس من العيب بمكان أن أخاطب السيد برهان بسيس بلفظ الزميل طالما أنه يكتب على صحيفة الصباح التونسية كما يدير برنامجا تلفزيونيا على شاشة ال ANB .

 

2- ليهنأ الأخ لطفي المجدوب الى أن صداقتي للأستاذ عامر العريض لايمسها أبدا نقدي له في أداء تلفزيوني أجمع الكثيرون ممن اتصلوا بي هاتفيا من داخل تراب الوطن أو حتى خارجه على أنه لم يكن قويا في الذود عن ميراث بطولي لاخوان مناضلين دافعوا عن الحرية والكرامة وحقهم الوطني والمشروع في التنظم والتعبير .

 

3- ان الدفاع عن المكاسب التنموية أو العمرانية أو غيرها في تونس ليس معرة أو منقصة لي أو لغيري من أصحاب المواقف والرأي أو المعارضين , بل ان حقيقة الموقف الوطني والاسلامي تتطلب منا الانصاف عند الوقوف على أداء السلطة التونسية قبل سنة 1987 أو بعدها , اذ أنه من المعلوم بمكان أن جوهر النقص الذي تشكو منه تونس لايتعلق أساسا بهذه المحاور وان كنا نطمح أيضا الى مزيد من تطويرها , حيث أن أغلبية الطيف المعارض تتحدث عن فقر في مجالات الحريات الأساسية وتكريس علوية القانون واحترام حقوق الانسان وحرية الاعلام والتنظم …, ومن ثمة فان نضالات الاخوة المحترمين والمصابرين في هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وفي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وفي الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين وفي حرية وانصاف وفي المجلس الوطني للحريات وفي الفضاء الوطني المعارض عموما ارتكزت منذ سنوات على تحقيق اصلاحات تشمل هذه المجالات الحيوية .

 

4- بخصوص موضوعات الصداقة فإنني أهنئ الأخ لطفي المجدوب بأن صداقاتي مع الوسط السياسي والحقوقي في تونس أو خارجها هي أكبر من أن تحد بمدرسة ايديولوجية أو سياسية , فلقد حرصت منذ فترة طويلة على التوازن في رؤية الأمور وعدم الشطط , وهو ما يعني أن الحقيقة في نظري ليست مطلقة , وأن النسبية هي ما أسعى اليه ولذلك اعتبرت أنه من الضروري بمكان التواصل مع كل المؤمنين بالحوار حتى وان كانوا على خط التماس مع السلطة .

 

5- أؤكد مرة أخرى على قناعاتي الديمقراطية وعلى ايماني بالحرية للجميع وعلى نضالي المستمر من أجل رفع المظلمة المسلطة على الاخوان المنضوين في حركة النهضة , والذين قاسمناهم ومازلنا نقاسمهم الى اليوم مرارة المنفى وضريبة الرأي الحر وان كنا نحتفظ بحقنا في نقد الحركة وبعض قياداتها ونطالب بإمعان النظر مراجعة في تجربة التسعينات التي ألقت بظلال سلبية على الحياة الوطنية العامة .

 

6- ان صداقتي للأستاذ بسيس لا تخرج عن اطار ما أريده لتونس اليوم وتونس الغد من علاقات انسانية ووطنية مفتوحة , وهو مايعني أنني أختلف معه صراحة في تبرير الإقصاء لوجود تيار اسلامي معتدل وقانوني في الحياة السياسية أو في تبرير أخطاء السلطة ومسارها المنغلق قبالة فضاءات المجتمع المدني , أو غيرها من موضوعات تتعلق أساسا بتكريس احترام حقوق الانسان وتخليص الدولة من عقد صراع ما أسميته بالحزب السري .

 

7- أرجو من الأخ لطفي المجدوب أن يحترم اجتهادنا السياسي وألا يحاول تعليب أداء كل الإصلاحيين الوسطيين والإسلاميين ضمن اطار حزبي ضيق قد لا يسعنا في الفترة الحالية وذلك على أرضية واقع جديد أفرزه الفضاء المهجري أو اختلاف في الرأي تجاه الخطاب السياسي لبعض قيادات الحركة , الذين نقدر نضالهم وإخلاصهم لوطنهم ولكن نختلف معهم في تفاصيل النظر للمشهد السياسي التونسي .

 

8- آمل أن يقطع الإسلاميون التونسيون مع المدرسية الحزبية السياسية الواحدة وأن يفسحوا المجال أمام تعدد المبادرات الوطنية من أجل وضع تونس على سكة التعدد في حقل الفكر السياسي الوسطي, ومن ثمة افراز ديناميكية جديدة تخرج البلد من تدميرية الاستقطاب الثنائي التي ساهمت في تعطيل النماء السياسي وتكريس صراع ايديولوجي حاد أخصى تطلعات الفضاء  العمومي في الحرية والديمقراطية.

 

9- أناشد الأخ لطفي المجدوب سعة الصدر عند قراءة الرأي المخالف وأدعوه الى عدم اقتطاع الجمل من سياقها العام , حتى لا تتم عملية تشويه لمواقفي التي لم تتردد في الدفاع عن المظلومين والوطنيين والمعارضين من مختلف الأطياف وأظن أن صحيفة الوسط التونسية والعديد من الصحف العربية والدولية التي أكتب على صفحاتها خير شاهد اليوم على ذلك .

 

10- فيما يخص مقالات ونصوص الأستاذ راشد الغنوشي أو غيرهم من الكتاب أو الساسة فانه لا حرج للوسط التونسية في نشرها , وهو ما نفعله باستمرار وبشكل يومي , ويكفي أن يرسل الأستاذ راشد الغنوشي كتاباته على عنوان الصحيفة ليجدها مرفقة بصورته وإمضائه على صدر صفحة الاستقبال .

 

أخيرا أشكر الأخ لطفي المجدوب على مشاكسته غير المنصفة وأعتذر للأستاذ عامر العريض على حدة نقدي لأدائه التلفزيوني على شاشة الجزيرة وأرجو من الأستاذ برهان بسيس عدم تبرير الإقصاء السياسي أو الفكري من منطلق توظيف قربه أو نفوذه في بعض مواقع السلطة مع دعائي للجميع بالتسديد لما فيه خير تونس وشعبها وكرامة مواطنها .

 

(*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية

 

(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 19 نوفمبر 2007)

 

 

بسم الله الرحمان الرّحيم

 

بعد الاحتفالات أين الحريات؟

متى يرفع الحظر على الاتحاد العام التونسي للطلبة.

 

« ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا » (الاحزاب 15)

 

من اجل فتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا

 » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت أو القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا . قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا »

( سورة الاحزاب 16-17)

« ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا » (الاحزاب 15)  

 

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ،

احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس  باريس في 20 نوفمبر2007

 

بعد الاحتفالات.. اين الحريات ؟  

لقد توقّع الكثير من الملاحظين ان البلاد قادمة على انفراج سياسي بمناسبة الذكرى العشرين لوصول الرئيس الثاني للجمهوؤية. ولكن بعد أيّام من الاحتفال بالذكرى العشرين لوصول الرئيس الثّاني للجمهورية التي وقع الاعلان عنها في 25 جويلية 1957 في تونس خاب ضنّ الجميع بعد ثلاثة سنوات من الربيع في تونس الذي تميّز بالانفتاح السياسي والحراك الوطني.

لقد اقرّ رئيس الدولة بقوله يوم السّابع من نوفمبر2007 « فلا مجال للإقصاء والتهميش ولا مجال لبقاء أي كان، متخلفا عن مسيرة النماء والتقدم« . « ومن حق كل أبناء تونس وبناتها، أن يشاركوا في دعم حاضر بلادهم وبناء مستقبلها وأن ينعموا بخيراتها ويجنوا ثمار نموها وازدهارها ».

فمتى يرفع الحظر على جريدة « الفجر » والمنظمة النقابية الطلابية « الاتحاد العام التونسي للطلبة« . هذا وقد صرّح الزعيم الطلابي السابق والسجين السياسي المسرح المهندس عبد الكريم الهاروني (الحوار.نت) في اجابة على سؤال يوم 13 نوفمبر2007.  

« الوضع الإقتصادي في بلادنا وفي بلاد العرب لا يرتقي إلى مستوى الثروات البشرية والطبيعية التي تزخر بها منطقتنا وإذا كانت السلطة تؤكد أنها نجحت في مجال الإقتصاد فلماذا تبحث عن شهادات من الداخل والخارج في الإعتراف بالنجاح وفي كل الحالات سأحرص على دراسة الوضع وإذا كانت هناك إيجابيات فلن أنكرها وإذا تبينت  سلبيات فلن أغض الطرف عنها كما تفعل السلطة ومن والاها.

ومن ناحية أخرى فإن التجربة في بلادنا أثبتت أنه بعد فشل تجربة التعاضد والإشتراكية على الطريقة التونسية وتجربة الإنقتاح نحو اللبرالية وتحقيق بعض النتائج والأرقام في غياب الإنفتاح السياسي والحريات و الديقمراطية ..

إنتهت تجربة السبعينات إلى أزمة شاملة سجلت في ذاكرة شعبنا المواجهة مع إتحاد الشغل في 1978  وحادثة قفصة في 1980 وتزييف الإنتخابات وحملة الإعتقالاف ضد الإسلاميين في 1981 فكانت أزمة شاملة رغم بعض الأرقام الإقتصادية .

أي أن عدم تلازم التجارب الإقتصادية والإجتماعية  مع إنفتاح سياسي هو الذي كان سببا في تلك الهجومات ضد مؤسسات المجتمع وفعالياته من مثل إتحاد الشغل والمعارضات. ولكن  مرة أخرى تتكرر التجربة ذاتها إذ عادت البلاد إلى أزمتها من خلال ضرب الإتحاد وضرب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وشن مواجهة شاملة ضد الإسلاميين طليعة المعارضة الشعبية آنذاك .

لقد حان  الوقت لنأخذ الدروس من تجاربنا لأننا لا نحتاج دروسا من خارجها. نريد مستقبلا ونناضل من أجل تقدم سياسي لا شك في أنه  سيكون عاملا حاسما في تحقيق نتائج إقتصادية وإجتماعية كبيرة لبلادنا وبدون ذلك فحتى لو تم تحقيق بعض النتائج الظرفية  فلن يكون المستفيد منها أوسع قطاعات المجتمع وإنما أقلية قليلة. »

هذا وكان الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للطلبة المهندس عبد الكريم الهاروني قال في تصريحات صحفية له مع موقع « الحوار » عندما سئل عن العبرة من تجربة السجن لأكثر من 15 عاما « لازلت أدرس هذه التجربة والعبر الكثيرة التي علينا أن نخرج بها منها ومن أهمها فشل الحل الأمني في معالجة القضايا السياسية« .

وقال أيضا من خلال برنامج  » حقوق الناس  » في قناة الحوار اللندنية: «  تركت الشيخ الفاضل الصادق شورو وهو الآن في إضراب عن الطعام يطالب برفع الحجز عن سيارته وماله لدى الشرطة وبجواز سفر زوجته التي تمنع إلى الآن من السفر وبحق أخيه التوأم عباس من العودة إلى التدريس بالجامعة رغم أن المحكمة الإدارية حكمت لفائدته …

« الأخ رضا البوكادي الذي تمنيت أن يغادر السجن قبلي وأن أبقى عوضه فهو في وضع صحي خطير وعلاجه لايمكن أن تتوفر له الظروف المناسبة في المستشفى فما بالك في السجن ورفع قضية لدى القضاء ضد العنف الذي مورس عليه في ربيع هذه السنة ولكن القضية لم تأخذ مجراها الطبيعي ..

« الأخ منذر البجاوي يعاني من أمراض عديدة من الربو إلى مرض الأعصاب إلى قرح المعدة وقام بعملية جراحية على الركبة وأصبح وزنه لا يفوت 40 كلغ ويستعمل 12 قرصا من الدواء في اليوم ، هذا الرجل لا يزال في السجن يبدو حتى الموت ..

« وكذلك أخي نجيب اللواتي ووالدته تجاوزت ال 105 سنة من العمر وتدهورت ظروف إقامته في سجن صفاقس أخيرا في هذه الصائفة .. كذلك على مستوى المساجين أذكر أخي الشاذلي النقاش الذي تركته بالغرفة وهو دخل السجن في عمر العشرين وحرم طيلة 17 سنة من مواصلة تعليمه كبقية آلاف من التلاميذ والطلبة

« وكذلك أذكر وجود إخوة لي في العزلة الإنفرادية إلى اليوم رغم اتخاذ قرار في 20أفريل بإلغاء العزلة الإنفرادية في السجون التونسية مثل الأخ الهادي الغالي والأخ بوراوي مخلوف ..

وكذلك لا يفوتني أن أذكر بأن محامي الشخصي الذي دافع عني في المحاكمة وقبلها منذ كنت في الجامعة ثم تابع قضيتي وطلبت مقابلته في السجن فلم أتمكن من ذلك وهو لا يستطيع أن يستقبلني بعد خروجي من السجن لأنه يخوض إضرابا عن الطعام في عمر التاسعة والستين من أجل جواز سفر إضافة إلى زميله في الإضراب السيد سليم بوخذير ..

« أنا حزين جدا لأن هذا السراح جاء متأخرا جدا وجاء في ظروف غامضة وتركت إخوة لي في ظروف صعبة بعد سنوات طويلة من معاناة الإسلاميين وأرجو أن أبلغ للعالم جميعا أن الإسلاميين في تونس لم يكونوا في السجن ، كانوا في وضع هو أكثر من السجن وأقل من الإعدام أنا أسميه الإعدام البطيء وقد توفي من توفي في السجن ومراكز الشرطة

« ويبدو أن السلطة مازالت تريد أن تسمعنا أسماء تتوفى في السجن فالوضع يحزنني شديد الحزن ورغم ذلك لأن مكاني الطبيعي ليس في السجن فأنا مستبشر بما وجدته من فرحة شديدة لدى عائلتي واستبشارا واسعا في البلاد وخارجها بعودتي إلى ساحة النضال وأن أقدر حق قدرها مسؤوليتي في خدمة بلادي وأمتي مستقبلا حتى نضع حدا لـ50 سنة من المحاكمات السياسية

ويقع إخلاء السجون التونسية إلى غير رجعة من مساجين الرأي والسياسيين وترد الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية لكل الذين تعرضوا لهذه المحنة بالآلاف وأهلهم وهي أضرار لا تقدر ولا تعوض حتى تصبح تونس بحق لكل التونسيين ، جميع الحقوق للجميع ويتفرغ الجميع وكل الطاقات مهما اختلفت آراؤها لمعالجة المشاكل الحقيقية لشعبنا وأمتنا ..

« فأنا خرجت بعزيمة قوية للنضال وأتحمل مسؤوليتي غدا كما تحملتها في الماضي مع إخوتي وكل أحرار تونس من مختلف الآراء وكل أحرار العالم وأنتم من أحرار العالم

« وأنا أحييكم على نضالكم وعلى سمعتكم داخل السجون التونسية وأشكركم على معاملة أختي هندة فأنا عندما دخلت السجن كان يقال هندة أخت عبد الكريم الهاروني

واليوم يشرفني أن أقول أني أنا عبد الكريم الهاروني أخو هندة وأنا أحيي بالمناسبة النساء بصفة خاصة لأن النساء أبلين البلاء الحسن في هذه المحنة كانت أما أو أختا أو زوجة أو بنتا رغم الضغوطات التي لا توصف على صبرهن ووفائهن ونضالهن على مدى 17 سنة من المعاناة

 » وفي مقدمتهم أمي العزيزة السيدة التركي رحمها الله وأختي هند وفقها الله وأذكر بالمناسبة سريعا بعض الأسماء وفاء لنضالهن وأعتذر عن البقية لعدم إمكانية ذلك .. مثل الأخوات : سعيدة العكرمي ، فوزية السنوسي ، منى البوكادي ، نجوى السعيدي ، فاطمة الجاني ، سهام زروق ، صبيحة المكي ، سعاد الحراثي وغيرهن كثير ، فما قدمنه يشرفنا كحركة إسلامية في تونس ويشرف البلاد في بلاد يكثر فيها الحديث عن النساء ولكن الفعل لا يزال قليلا ..

 » فأنا أحييكم مرة أخرى على نضالكم وثمرة من ثماره أن أجد نفسي بعد 15 سنة من العزلة أجد نفسي أتحدث إلى تونس بأجمعها وإلى العالم بأجمعه .. فشكرا لكم مجددا .في الأخير لم يبق لي إلا أن أقول بكل ثقة ويقين واطمئنان أن وطنا هؤلاء قادته العظام موعود في غده المنظور بكل الخير شاء عشاق الظلم والظلام أم أبوا … وإن غدا لناظره قريب .. » هذا ما قاله الأخ عبد الكريم الهاروني بعد خروجه من السجن.

و قال الرئيس التونسي يوم 7نوفمبر 2007 ايضا: »إن طموحنا لتونس طموح كبير، يقوم على الوفاق دعامة للاستقرار السياسي، وعلى الحوار قاعدة للسلم الاجتماعي، في ظل دولة القانون والمؤسسات واحترام مبادئ حقوق الإنسان، وتكريس قيم الحرية والمساواة والعدالة ».

وقال ايضا: « وسيبقى القانون الفيصل بين الجميع، فلا مجال للظلم والتجاوزات ولا مجال لاستغلال النفوذ. كما أنه لا مجال للرأي الواحد والفكر الواحد واللون الواحد، ولا مجال للاستقالة عن المشاركة لأن تونس في حاجة إلى جهود كل أبنائها وبناتها ».

ان هذا الطموح هو مطلب الجميع ولكن ينتظر التنزيل في الواقع. لقد أطلق سراح بعض السجناء السياسيين في الأيّام الاخيرة نسأل الله لهم العافية و السلامة ونفرح لملاقاتهم اهليهم بعد طول غياب طويل ومن بينهم على سبيل الذكر لا الحصرالاخوين عبد الكريم الهاروني و لطفي السنوسي. ولقد اثتثني العديد من السجناء السياسيين في مقدّمتهم الصادق شورى الرئيس السّابق للحركة الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العشرين سنة.

هذا وقد دخل السجين السياسي الدكتور الصادق شورو في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم الاثنين 12 نوفمبر 2007 احتجاجا على المضايقات التي يتعرض اليها في السجن المنفرد و العزلة التامة التي يعانيها  و منددا بعدم إرجاع شقيقه الدكتور عباس شورو للتدريس بالجامعة رغم الحكم الصادر لفائدته عن المحكمة الادارية و مستنكرا عدم تمكين زوجته و أبنائه من جوازات سفرهم .

مع الملاحظة ان الإعتقالات العديدة متواصلة حتّى في الأيام القليلة الماضية بمقتضى هذا القانون دون أن يثبت عليهم أي فعل موجب للمؤاخذة . ان اطلاق سراح بعض السجناء السياسيين هي اشارة ايجابية و لكن ليست على مستوى الحدث. لان استمرارهذه الحالة المتأزمة لا تخدم الا الاستئصاليين الذين يتمعّشون من دوام الازمة السياسية في البلاد. هؤلاء هم الذين وضعوا ايديهم على جهازي الدولة والحزب الحاكم .

وكذلك نأسف ان يلتجئ الى الاضراب على الطعام من اجل الحصول على جواز سفر الذي حقّ لكلّ مواطن بلا منّ واستجداء من احد و انا ممن يعانون من هذا الحرمانّ  منذ 19ماي 1990 الا وهو حق السفر و التنقل داخل البلاد و خارجها و من الخارج إلى تونس.

و لقد التجئا الاستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوخذير مدة 15 متتالية من الاوّل من شهر نوفمبر الجاري للاضراب عن الطّعام من اجل الحصول على جواز سفر بدون جدوى ولا نتيجة هذا الحقّ المضمون  لكلّ مواطن حسب دستور البلاد والاتفاقيات الدولية.

لقد التجئ الاستاذ محمد النوري و الصحفي سليم بوخذير مثل العديد من المحرومين و انا مثلهم انّي تقدّمت بأوّل طلب للحصول على جواز السفر منذ 19ماي 1990 على اثرنشر نتائج الانتخابات العامة المعلوم نتائجها للعموم التي وقعت في افريل1989 و انا محروم من حق السفر و التنقل داخل البلاد و خارجها و من الخارج إلى تونس الى يوم النّاس هذا.  

 

كيف تغييرالحال .

انّ كلمات  » لاظلم بعد اليوم » و  » لارئاسة مدى الحياة » هذه الكلمات كانت من اجمل ما سمعناه فجر السّابع من نوفمبر 1987 . اذ هذا اليوم يذكرنا بيوم الاعلان عن قيام الجمهورية في 25 جويلية 1957. و قد تبعت هذا الاجراء خطوات جريئة دامت قرابة ثلاثة سنوات الا ان هذه الحالة لم تدم طويلا اذ تراجعت مساحة الحرية وآمال كلّ من ساند التغيير الحاصل في نوفمبر1987.

وكان هذا الوضع نتيجة اخطاء ارتكبها العنصرين الهاميين و الفاعلين في الساحة السياسية التونسية وهما بعض الاطراف من الوسط الاسلامي المعارض غرورا منهم من جهة. وبعض الاطراف من داخل السلطة الذين دفعوا نحوتحويل مقاليد الدولة الى ادارة القمع البوليسي نتيجة الجهلها باصول العمل السياسي وفكره الذي يعتمد على الحوارو الوفاق بين الفرقاء والشركاء في الوطن.

انّ طبيعة الحلول التي ما فتأت السلطة تقدّمها هي القائمة على القمع و »التسويات المؤقتة » لن تجدي نفعا في معالجة أزمة سياسية شاملة التي تتطلّب حلولا جذرية تعيد للسياسي اعتباره ودوره في بناء الدولة وتحقيق إدماج القوى الحيّة بكلّ مكوّناتها السياسية والعقائدية داخلها، لانّ الحال الآن شبيه بمن يعتقد بأنّ الجسم المريض يعالج بدواء جلدي بسيط والذي قد يسّرع في انهيار البناء باكمله وهو الذي باتت عناصره الداخلية متصدّعة وتنذر بالتفكك.

 

تواصل المعاناة

لقد استشرت ظاهرة الفساد المالي والثراء الفاحش داخل رموز السلطة وبطانتها وهو ما جعل القمع يجد مبرّرا اضافيّا استوجب منها ضخّ المزيد من شحنات التخويف والترويع عبر تكميم الافواه وتجويع البطون ومحاصرة الاعلام المحترف و الهادف بكلّ الوسائل و انتهاءا باحكام القبضة على القضاء.

لقد طالت المحنة التي لم تنته المحنة بقضاء العقوبة بل اتبعتهم عقوبات اخرى اشدّ على النفس في خارج السجن اذ تتعدد الإنتهاكات والاعتداءات الى ما بعد السجن بداية بالحدّ من حرية التنقل و الحرمان من الشغل و قطع الأرزاق و المراقبة الإدارية و تكثيف المتابعة الأمنية .

إن الاسلوب الامني في التعامل مع الاسلاميين قد ثبت فشله اذ ان جملة الاحكام التي صدرت ضد الاسلاميين تعدّ مئات القرون .ممّا أدّى إلى وفايات تحت التعذيب في السجون و مراكز الإيقاف ٬ كانت حصيلتها قائمة طويلة من الشهداء الذين قضوا و التي تأبى السلطة فتح تحقيق فيها. بل تحاكم كل من يظهر هذه الحقائق متهمة إياه بشتى التهم كنشر الأخبار الزائفة التي من شأنها تعكير صفو النظام العام٬ ثم تحرك آلة القضاء لتكمل الدور .

و رغم هذه المعانات التي لا يتحمّلها الكثير من البشر دون السقوط في ردود الفعل اليائسة هي دليل على طبيعة الحركة الدعوية الرّافضة للعنف.

 

تطلعاتنا للمستقبل

من المستفيد من اطالة محنة الاسلاميين في تونس ؟

ان المستفيد الاوّل هو من لا يريد للاسلاميين مكان في الساحة السياسية التونسية لانّه باطالة محنة الاسلاميين يبقى الحزب الحاكم وحده يصول و يجول وحده في الساحة في غياب الخصم ذا الوزن في الساحة. ثمّ بعد ذلك الاستئصاليين الذين لا يرغبون في المصالحة الوطنية و اخيرا اولائك الذين لا يرغبون في المحاسبة.  » قل ربّ انّي دعوت قومي ليلا و نهارا فلم يزدهم دعائي الا فرارا » (سورة نوح 4-5) 

ان تونس اليوم تقف أمام معركة تحديات جديدة تختلف اطلاقا عن تحديات مرت بها البلاد في حقبة تاريخية مضت وطويت , وليس أمامها الا الحوار الوطني . »ثمّ انّي دعوتهم جهارا. ثمّ انّي اعلنت لهم واسررت لهم اسرارا. فقلت استغفروا ربّكم انّه كان غفّارا… » (سورة نوح 8 الى 13

وليس من المستحيل على حزب عريق بحجم التجمع الديمقراطي الدستوري ورئيس دولة قوي يحكم بلدا ناميا ومستقرا , أن يفكرا في ترتيب أوضاع عامة وسياسية جديدة يدشنانها بمرحلة حوار وطني موسع تكون مبشّراته ايقاف حملات الاعتقال على خلفية الاشتباه  واطلاق سراح كل من تبقى من معتقلي الرأي ,وتدشين حقبة اصلاحية جادة.

لقد طالت المحنة حتّى كاد الياس يدبّ في صدور المؤمنين بالقضية حتّى جاءت حادثة حمّام الشطّ الاليمة التي كانت دليلا قاطعا على انّ الوضع لا ينبغي ان يستمرّ على هذا النحو اذ ان غياب الاعتدال و التعامل العقلاني لا سبيل الا  ان يفتح الطريق للياس و التطرّف و هذا ما نكرهه لشعبنا و لبلادنا التي لا نتمنّى لها الا الامن و الاستقرارو السلامة و التنمية و الرقي حتّى تنافس بلادنا بقية الشعوب المتقدّمة حضاريّا و تقنيّا .

و نتمنّى على الله ان يفرّج عن بقية اخواننا القابعين في السجون و لسان حالهم يقول ما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم و هو راجع من الطّائف اذ قال :  { اللهمّ الليك اشكو ضعف قوّتي‘ و قلّة حيلتي‘ وهواني على النّاس‘ يا ارحم الراحمين‘ انت ربّ المستضعفين‘ و انت ربّي‘ الى من تكلني‘ الى بعيد يتجهّمني ‘ ام الى عدوّ ملّكته امري‘ ان لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا ابالي ‘ غير ان ّعافيتك هي اوسع لي}  نسأل الله تعالى ان يجمعنا و اياهم في رحاب البلاد في اهليهم الذين هم اشدّ شوقا اليهم.  

ولقد حذّر الاتحاد الدولي لحقوق الانسان على لسان سهير بلحسن  ان على البلاد ان لا تخاطر بالسقوط في براثن العنف اذا لم تسمح بحرية أكبر للتعبير وتعزيز حقوق المعارضين. وتقول سهير بلحسن من الاتحاد الدولي لحقوق الانسان « وضع حقوق الانسان في تونس مقلق …وبلا مجتمع مدني حر ستواجه (تونس) المزيد من احداث العنف مثلما حصل في ضواحي العاصمة. » وعكر هدوء تونس في اوائل هذا العام تبادل نادر لاطلاق النار بين قوات الامن واسلاميين سلفيين متطرفين مما اسفر عن مقتل 14 مسلحا.

وتحظر الحكومة الاحزاب الاسلامية بزعمها ان تسييس الدّين يؤدي الى الصراع واراقة الدّم في نهاية الامر.فمتى يرفع الحظر على جريدة « الفجر » والمنظمة النقابية الطلابية « الاتحاد العام التونسي للطلبة« .

ولقد بدأ تطبيق نظام التعددية الحزبية في اوائل الثمانينات وانها بدأت في الاونة الاخيرة تمنح دعما ماليا للمجموعات المعارضة المشروعة لدعم الديمقراطية. خلافا لما كان يتوقّعه البعض، يُمكن القول بأن الرئيس التونسي لم ينجح فقط في البقاء في السلطة لمدّة عشرين عاما دون منازع، بل نجح في أن يحكم البلاد بيُسر وأن يضمن حالة من الاستقرار الاجتماعي تُعتبر نادرة في في المنطقة.

وفي المقابل، أخفق خصومه، سواء في أن يزيحوه أو أن يشكِّلوا قوة ضغط حقيقية تُجبره على أن يأخذ وجودهم ومَطالبهم بعين الاعتبار و في مقدّمتهم حركة النهضة، بعد ان كانت تُعتبر القوة السياسية الرئيسية في البلاد بعد الحزب الحاكم، اذ انّها توقّعت بأنها قادِرة على ان تفرض شروطها.

كما كان يتغنّى بعض قادتها في مطلع التسعينات غرورا منهم، كما وفّروا المناخ لوصول بن علي إلى الرئاسة، فإنهم سيكونون قادرين على إزاحته أو تهديده، لكنهم لم يتمّكنوا من الصمود لاكثرمن بضعة اشهر ولا سيّما بعد ان اختارت قيادتهم الهروب من السّاحة لتامين سلامة القيادة الرّاشدة و الملهمة.

يقول الله تعالى في سورة الاحزاب  » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان اراد بكم سوءا او اراد بكم رحمة و لا يجدون لهم من دون الله وليّا ولا نصيرا » ( سورة الاحزاب 16-17)

انّ هذه القيادة الرشيدة  ما بقي لها الا تعداد المصابين والمرضى والمعاقين و العاطلين عن العمل. ان هذه القيادة هي التي كانت تتوهّم انها سوف ترجع غانمة بعد ان ينتصر جيرانهم و نسوا او تناسوا ان النضال لا يكون بالوكالة بل على الساحة «  ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا » (سورة الاحزاب 15- 16).

مع العلم ان الشعب التونسي لا ولن يقبل بقيادات من وراء البحار مهما كانت كفائتهم و موهبتهم و قدراتهم . « ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا »(الاحزاب 15.) ان القيادة التي من المفروض ان تعطي المثال في الصبر والمصابرة وبعد مواجهة لم تدُم سوى بضعة أشهر وجدوا أنفسهم خارج اللعبة تماما منذ مطلع التسعينات اذ انهم خيّروا الهروب على الصّمود  » قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا » (سورة الاحزاب 16).

ان جوهر الديموقراطية يكمن في احترام الحريات الاساسية وفي مقدّمتها حرية التعبير حتّى يشعر المواطن بالامان و كذلك حرية الصحافة المقروئة و المكتوبة و المرئية وننسى وجوب مراقبة اجهزة الامن للاحالة دون هيمنتها على بقية اجهزة الدولة. ثمّ لا بدّ من تحييد الادارة التونسية محليّا و جهويّا ووطنيّا.

لذلك نرى ضرورة حياد الادارة حيال كل الاحزاب السياسية لان المنطق الذي يجب ان يقود الادارة هو منطق الجدارة و الكفاءة و ليس منطق الانتماء الذي يحرك الحياة الحزبية و السياسية.

وكذلك ضرورة مراجعة المجلة الانتخابية حتى تهيئة الاجواء للتداول بحيث لا يسمح لاي حزب سياسي أي كان لونه ان يحصل على اكثر من ثلث المقاعد النيابية و ليس 80 او75 في المائة مثل ما هو منتظروبذلك فقط تطى صفحة الهمنة من الرأي الواحد والحزب الأوحد. ان مطلب الاصلاحات السياسيّة يساهم في فتح صفحة جديدة في التعامل السياسي فيما بين المتشاركين في الوطن وهي تقتضي اساسا القطع نهائيّا مع رؤى الفكر الواحد والحزب الأوحد المتغوّلالذي يرهب الجميع .

ان هذه المرحلة تستلزم تجسيدا حقيقيّا للمشاركة الجماعيّة في مؤسّسات الحكم ، أي لكلّ الأطراف والألوان، بعيدا عن منطق الوصاية و الاحتكار للسلطة والتداخل بين أجهزة الدولة وهياكل الحزب الحاكم .هذا الحزب الذي ليس له رائحة و لا طعم ولاسياسة واضحة المعالم الايديولوجية.

فقد بدأ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم تحت عنوان  » حزب الدستور » على يد الشيخ عبد العزيز الثعالبي لمقاومة الحضور العسكري الفرنسي و مطالبة تمثيل الشعب داخل « برلمان تونسي » ثمّ تحوّل الى « الحزب الحرّ الدستوري التونسي » نتيجة انقلاب مجموعة مخضرمة متأثّرة بالثقافة الغربية عموما والفرنسية بصفة اخصّ تتنازعها تيّار فرنسي يقوده الزعيم الحبيب بورقيبة و تيّار عروبي بزعامة صالح بن يوسف.

فكانت الغلبة للزعيم الاوّل بتواطئ مع المستعهر الفرنسي الذي سلّمه مقاليد البلاد الذي تعمّد تصفية غريمه جسديّا بعد ان اقامسنة 1957 نظاما جمهوريّا حسب مقاسه.

 وفي سنة 1964 بمناسبة مؤتمر بنزرت تحوّل الى « الحزب الاشتراكي الدستوري التونسي » تحت تأثير الزعيم احمد بن صالح الذي انقلب عليه و ادخله السجن بعد محاكمة ملفّقة بتهمة الخيانة العظمى ثمّ استجلب الزعيم الهادي نويرة المناقض للاوّل في التوجّه الذي اعتمد نظرية المقيم العام الفرنسي للاربعينات بايريتون القائل بالديمقراطية الاقتصادية دون الديمقراطية السياسية و هذه السياسة هي الباقية المتّبعة الى يوم النّاس هذا.

و قد تواصل الامر في مرحلة الصراع على الخلافة بادارة الوؤير الاوّل محمد مزالي سنة 1980 الذي يوزّع الوعود بالتغيير الموعود بالحرية و التعددية الحزبية وتعزيز العربية في التعليم ولكنّ في عهده كان ضرب الاتحاد العام التونسي للشغل وبداية محاكمة الاسلاميين و تزوير نتائج الانتخابات التشريعية.

حتّى كان سنة 1987 اذ اشتدّ الصراع مع حركة الاتجاه الاسلامي فما كان من الرئيس الحبيب بورقيبة ان عيّن وزير الدّاخلية وزيرا اوّلا قصد ضرب الحركة السلامية الخصم الوحيد والعنيد الا ان هذا الاخير لم يطوّل كثيرا في هذه المسؤولية فازاح الرئيس الحبيب بورقيبة بمقتضى الفصل 51 من الدستور واراح البلاد والعباد فجر يوم 7 نوفمبر 1987.

مع العلم ان حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم يهيمن على المجلس التشريعي و 80 في المئة من المقاعد في البرلمان. وتتنافس الاحزاب الستة المعارضة على نسبة 20 في المئة الباقية.

ان هذا الجهاز الضّخم الحاكم في رقاب الشعب التونسي منذ نصف ثرن بدون منازع ولا مشارك هو جهاز التجمّع الدستوري الديمقراطي الذي يعتبر من اقدم الاحزاب و اضخمها في العالم بالمقرنة بعدد سكّان البلاد  اذ يعدّ اعضائه المليونين او يتجاوز ذلك حسب الاحصائيات الرسمية و هذا الجهاز المُمتد على طول البلاد و عرضها ، و يأطّر خمس سكّان البلاد و هذا يمكن له أن يلعب دورا حاسما في تحقيق الاستمرارية ودعم النظام في مرحلته الانتقالية. الا انّه اصبح حِـزب مُـهيمن على أجهزة الدّولة ويستغلّ قدراتها و مؤسّساتها، ليس حزبا حاكما يضع المخطّطات و السياسات الكبرى.

 

كيف نغلّب المصلحة العامة

 

ان هذه المرحلة تقتضي بداية حيادا تاماّ للإدارة مركزيّا وجهويّا ومحليّا وإلزامها بالتعامل مع كلّ الأحزاب و الاشخاص على قدم المساواة ودون إقصاء أو تهميش مع ضرورة التعامل بروح جديدة في الإعلام الوطني فيها الانفتاح وهوامش الجدل ومتخلّصة من الانغلاق والسطحيّة.

ولقد اكّدنا مرارا و تكرارا بان حركتنا تاسّست من اجل الدعوة الى الله و التعريف بالفكر الاسلامي الذي من شانه ان يساهم في نشر الخير بين ابناء البلد الواحد الى جانب بقية الشرائح السياسية المتواجدة على الساحة التونسية قصد ايجاد مجتمع تسوده مبادئ الاخوّة والمحبة و التعاون و التسامح  المستمدّة من السيرة النبوية الشريفة و ‘‘الحكمة ضالة المؤمن التقطها انّى وجدها وهو احقّ بها‘‘

انّ الدعوة الى اطلاق سراح ما بقي من ابناء الحركة في السجون ملحّة اكثر نت أي وقت. اذ كفاها ما دفعت نتيجة اخطاء بعض افرادها من تشريد و سجن و تعذيب حتّى الموت احيانا لبعض المناضلين قليلي التجربة‘ وقع دفعهم في طريق مسدود نتيجة خيار غير سليم لم يقع الاجماع حوله من اجل ان نفتح صفحة جديدة للتامّل و المراجعة و المحاسبة فيما بيننا في داخل القطر لا خارجه. و بذلك فقط يمكن للدرّ ان يعود الى معدنه و تاخذ الصحوة الاسلامية موقعها في كنف الوضوح الكامل.

وفي الاخير‘ ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول   حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل  عظيم ‘‘ (آل عمران 172 )

 » ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار و كان عهد الله مسئولا » (الاحزاب 15.) ‘‘انّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم و اذا اراد الله بقوم سوءا فلا مردّ له وما لهم من دونه من وال ‘‘ (سورة الرعد 11) صدق الله العظيم و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

باريس في 20 نوفمبر2007

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

 


 

 

يوميات مواطن عالمي 

بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي

 

مزالي والجزائر (8)

 

كانت زيارة محمد الشريف مساعدية رحمه الله لمحمد مزالي في مقر إقامته لفتة ود واحترام وتقدير، وقد دار بينهما نقاش موسع حول أمور كثيرة.

 

بين الرجلين ذكريات قديمة، فهما قائدان بارزان في بلدين جارين شقيقين، ومساعدية تونسي الهوى، لأنه درس في جامع الزيتونية وبقي يتردد كثيرا على تونس في مختلف مراحل حياته. وقد سبق لمزالي أن استقبل مساعدية خلال زيارة رسمية له لتونس عام 1984، وينقل مزالي في كتابه بعض ما جرى بينهما من حديث:

 

« قال لي (أي مساعدية) في لهجة بين المداعبة والجد: ولكن يا سي محمد، كيف اعترفت قانونيا بالأحزاب الأخرى؟ فهل يوجد حزب جدير بهذا الإسم خارج الحزب الدستوري، حزب بورقيبة؟ أما أنا فهو حزبي منذ شبابي، إنه حزب الدستور. ثم ما هي التعددية؟ لا يمكن أن توجد أحزاب أخرى خارج حزب بورقيبة »!

 

أجاب مزالي: « يا سي مساعدية، لا بد من التطور، هو الناموس الذي يفرضه التاريخ. ربما كان للحزب الواحد مبرر في أول الإستقلال لضمان النجاعة الضرورية لبناء الدولة. أما اليوم فيجب بناء دولة القانون، ومن الواجب أن يضمن فيها اختلاف الآراء وضرورة الحوار. وأضاف مزالي معلقا: لا أظن أنني أقنعته، ولكن هذا الحوار لم يفسد في الود قضية ».

 

ذلك كان حوارا جرى في تونس، قبل عامين من رحلة الهروب. أما ما جرى بين الرجلين في لقائهما الجديد بالجزائر، فينقل منه مزالي هذه القصة الطريفة: « وأذكر أنه قال لي، سي محمد، إنك باجتياز الحدود بهذا المكان بالذات، عرضت نفسك لأخطار جلّى: فالأرض ما تزال تزخر بالألغام التي وضعت زمن حرب الجزائر، ثم إن هناك ذئابا وخنازير بكثرة ».

 

أجاب مزالي على ملاحظات المرحوم مساعدية بالقول: « لم أكن واعيا بالأمر، ولكنني سأعيد الكرة لو وجب ذلك، ولي في ذلك أسباب لها وجاهتها، فالذئاب التي كنت أخشاها لم تكن من فصيلة الحيوان بل من فصيلة الإنسان. لم يكونوا أمامي بل ورائي. لم يكونوا في هذه الغابة الجزائرية ـ التونسية بل في قصر قرطاج ».

 

ولم ينقل مزالي تعليق المرحوم مساعدية على هذا الجواب المثير، وكنت أود لو فعل.

                    

حقا ما أعجب الإنسان، فليس أخطر عليه من أخيه الإنسان، إذا حاد من ميزان العدل ومنهاج الحوار ومكارم الأخلاق. لا شيء عندئذ يعدل خطره على البشر من حوله، ولا حتى الأسود والأفاعي والأوبئة والزلازل والفيضانات والبراكين!!

 

وأواصل عرض القصة غدا إن شاء الله.


 

 بسم الله الرحمان الرحيم                                                    تونس في 2007/11/19

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                       بقلم محمد العروسي الهاني

الرسالة رقم 342                                                          مناضل وطني وكاتب -رئيس شعبة الصحافة

موقع تونس نيوز                                                                   

في الصميم  النقاط على الحروف

                        شروط المناظرات تتصاعد وتزداد صعوبة وتعقيدا خاصة في التربية والتكوين

إن هاجس العمل والظفر به أصبح يزداد تعقيدا وصعوبة وشروط جديدة لا تتماشى مع خطاب سيادة الرئيس وشغله اليومي بموضوع التشغيل الذي أعطاه أولوية مطلقة وأدرجه ضمن برنامج الرئاسي لعام

1999 وكذلك برنامجه لعام 2004 بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2004 ولا زال سيادته يولي أهمية قصوى للتشغيل وخصص مجالس وزارية خاصة لموضوع التشغيل وأحدث صندوق 2121 لدعم التشغيل وبنك التضامن لدعم التشغيل وتم إحداث وزارة كاملة للتشغيل ووكالة عامة لتشغيل الإطارات العليا وآليات وحوافز للتشجيع على التشغيل هذه عينة من اهتمامات رئيس الدولة بموضوع التشغيل يعرفها اقاضي والداني…

لكن في نظاق العمل في الوزارات والمؤسسات المعنية بالتشغيل فالامر يختلف عن اهتمامات الرئيس وحرصه ومتابعته اليومية فكل وزارة لها اجتهادات وأسلوب عمل وشروط ففي وزارة التربية والتكوين هناك مناظرة سنوية تسمى مناظرة الكباس لحاملي الشهائد العليا تسمى الأستاذية ورغم اسمها فإن الوزارة تنظم مناظرة سنوية للكباس وتعلن عن فتح المناظرة في آخر العام و تتهاطل المطالب لتصل إلى حوالي

60 ألف مطلب لخوض معركة مناظرة الكباس للفوز بالنجاح ومن 60 ألف مشارك يفوز بالنجاح حوالي 3200 مجاز أعني لهم شهادة الأستاذية وكل المشاركين لهم نفس الشهادة العلمية. ومنذ شهر ديسمبر من كل سنة إلى موعد الإعلان على النتائج والقلوب تدق والأعناق مشرئبة والعقول حائرة والتدخلات تلعب دورها ……والحظوظ أيضا…..والمحسوبية والجهوية وغير ذلك ……وبعد هذه الغربلة الكبيرة تأتي مرحلة التعيين والجهات والأماكن والمعارف وبعد هذه المرحلة تقوم الوزارة بنوع آخر من الانتدابات المباشرة دون مناظرة الكباس وذلك ما يسمى بطريقة المتعاقدين هذا النوع يخضع إلى المعارف والعلاقات والتدخلات…. والجهات ونصيب للسيد الوزير ومن معه. وهناك طريقة ثالثة تهم المعلمين وهذه أيضا لها مجالات واسعة من الاجتهاد والاتصالات وأحيانا التدخلات تلعب دور هام والبعض يكون على حساب أبناء المعوزين وأبناء مناظق الظل. ونصيب الأسد للمعارف ولا ننسى دور الجهات الكبرى والقرى الساحلية وغيرها...وتدخلات بعض الكبار لدعم مطالب أبناء جهاتهم وفعلا المسؤول يسمع ويقدر الوزن الثقيل والمثل يقول ما يطيح الرطل إلا الكيلو.…وأخيرا ماذا قررت الوزارة مؤخرا : قررت إجراء مناظرة جديدة يوم 2007/12/15 لسلك المعلمين وحددت الشروط أن يكون المشارك في المناظرة لدورة المعلمين وآخر اجل يوم 2007/11/25 أن يكون المشارك متحصل على الباكالوريا و 3 سنوات تعليم عالي بنجاح وبمعدل 20/12 أعني الطالب المشارك في المناظرة يجب ان يكون ناجح بمعدل 12 على 20 لمدة 3 أعوام متوالية وهذا الشرط هو تعجيزي ومعقد وصعب حيث أغلب الطلبة في عديد الشعب الأدبية لا يتحصلون على هذا المعدل : وفي هذا الشرط الصعب وضعت الوزارة حواجز من حديد واسمنت حتى لا يشارك عدد من الطلبة في هذه المناظرة.وهذا الشرط لم يطلب في مناظرة الكباس ومن المنطق والمعقول أن هذا الشرط غير قانوني وغير دستوري ولا يتماشى مع سلم النجاحات في الجامعة والكليات…حيث أن الجامعة لم تشترط على الطالب أو الطالبة أن ينجح ويرتقي إلى السنة الموالية إلا بمعدل 12 على 20 والسيد الوزير يدرك جيدا ان النجاح يكون بمعدل 10 و أحيانا يقع الاسعاف في بعض الكليات لأسباب يعرفها أهل الذكر لماذا هذا التصعيد والتعقيد والتدرج في التصعيد سنة بعد اخرى ….خاصة منذ إن جاء الوزير الجديد وأخيرا نقول للسيد الوزير الدكتور المشرف على قطاع التربية والتكوين وما أدراك ما التربية والتكوين لماذا تقومون منذ افتتاح السنة المدرسية التي بدأت في 2007/09/17 إلى اليوم بعد حوالي شهرين كاملين وانتم تقومون بتعيين المعلمين في كل الجهات بطرق نرجوا ان تكون شفافة كما يريدها سيادة الرئيس وقد أشرت في رسالة سابقة ظاهرة الجهوية والمحسوبية والتجخلات …كما أرجو توضيحا لماذا بعض الشبان المجازين من مناطق الظل ومن عائلات فقيرة ومعوزة اعطاها رئيس الدولة كل العناية والرعاية والاهتمام والعطف…..لماذا لم تعطوا لها انتم لفتة ورعاية مثل الرئيس فقد وجهوا لكم مطالب السنة المنصرمة وجددوا مطالبهم هذا العام لماذا هؤلاء لا تهتم بهم الوزارة رغم المقالات الاعلامية والرسالة المفتوحة لسيادتكم حضرة الوزير ام المقالات هي التي حاكمتموها ونحن نعرف أن سيادة الرئيس دوما يوصي بصفاء القلوب وعدم الجفوة والقطيعة والإقصاء والتهميش . قال الله تعالى : » وما ربك بغافل عما تعملون » صدق الله العظيم.

عينات اخرى تبرز التعقيد والتصعيد في مجال الشغل ففي صندوق التأمين على المرض الحديث الانتدابات تقع بالمعارف وطبعا إن عضو مجلس النواب له الأولوية المطلقة على ابن الفقير وابن الجهة أفضل وصاحب الوزير..والذي عمل معه وتعاون هو الابجل.وفي الديوانة المناظرة الذي تنظم سنويا ويشترط في الطالب المجاز ان يكون عمره 27 سنة يوم المناظرة اما الشاب الذي بلغ 28 سنة أو اكثر فهو محروم من هذه المناظرة هذا الشرط هو للتعجيز لأن القانون ومجلة الشغل واضحة السن من 20 إلى 35 سنة وقد مدّد سيادة الرئيس في السن القصوى إلى 40 سنة. و في الشركة التونسية للكهرباء والغاز المناظرة الأخيرة حددت بصفة علنية في البلاغ الصادر في الصحف الوطنية ان تكون شهادة الباكالوريا حديثة لعام 2005 أما شهادة الباكالوريا لعام 2004 او قبلها غير مقبولة وصاحبها محروم من المشاركة في المناظرة التي في أغلب الأحيان هي للإعلام اما الاماكن الشاغرة فهي في الحقيقة محجوزة لأصحابها طبعا كما قلت التدخلات ووزن الكيلو والمعارف وانت تأخذ بخاطري وانا أيضا أخذ بخاطرك مستقبلا…وكلمه خذ بخاطري أصبحت هي السائدة في بلادنا والمعارف هم كل شيء حتى إذا أردت أن تقابل وزيرا أو مسؤول او مدير عام أو مسؤول جهوي لا بد من المعارف وإذا لم تكن لك معارف لم ولن تظفر بمقابلة خاصة إذا كنت صاحب قلم وتكتب بصراحة فأنت عندهم اصبجت من الصنف الآخر أي أنت معارض… وحتى بعض المسؤولين الأوفياء لسنوات عديدة عندما يطالعون الكتابات الجريئة الصريحة التي لم يتعودوا عليها بأسلوب حضاري هم انفسهم يجمدون العلاقة ويتجاهلون ويتناسون أصدقائهم وتصبح العلاقات فاترة للغاية وحتى المكالمة في الهاتف تصبح مفقودة...وبعضهم يقول والله بودي لم أقابل فلان لأنه أصبح يكتب بحرية وشجاعة ربما مقالاتة والقرب منه تمس من مصالحي وحتى إذا كان وفائك صادق وعلاقتك خالصة فهؤلاء لم يعيرها أي اهتمام ….ولكن في القلب يعرف الحقائق ولكن المصالح تطغى والكرسي يحجب عليه الحقيقة وما اكثر هؤلاء اليوم….لكن الحمد لله هذا لم ولن يغير من صراحتي وشجاعتي شيء بل هذه التصرفات زادتني إصرارا على مواصلة الكتابة بصراحتي المعهودة التي نشأت عليها منذ عام 1954 وأنا طفل في سن الرابعة عشر في صلب الشبيبة الدستورية التابعة للحزب الحر الدستوري التونسي حزب التحرير وبناء الدولة العصرية دولة بورقيبة.

وختما أرجو أن يطلع رئيسنا على هذا المقال الشجاع الجريء حتى يعلم ما يدور في الخفاء وما يجري في الكواليس بعيدا عن الشفافية التي يحبها سيادته في المعاملات وخطابه يوم

7 نوفمبر 2007 يؤكد على نظرته الواقعية للامور ومعالجته للمشاكل العويصة ولكن شتانا بين الخطاب والتصور والاستشراف وبين ممارسة الآخرين… وللحديث بقية إذا كان في العمر عشية إن شاء الله. قال الله تعالى : » ولنصبرنا على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون » صدق الله العظيم.

ملاحظة

: أظم صوتي لمقال الدكتور خالد شويكات حول حاشية السوء…والفاهم يفهم.

محمد العروسي الهاني

هـ : 22 022 354

 


 

 

شعارات  » ثقافية  » على نخب  » العشرينية « 

 

…. وأخيرا انتهت احتفالات عشرينية التحول… أسدل الستار على الركح وغادر الجمهور ساحات الاحتفال ومسح الممثلون المساحيق التي كانت على وجوههم وارتدوا ملابسهم العادية… عادت الحياة إلى طبيعتها وكأنّ شيئا لم يكن… صبيحة يوم 8 نوفمبر غادرت البيت مطمئنا لما يحدث، إذ خلال عشرين سنة تعوّدت على الخيبات ولا أظنّ أن هذه الخيبة أكثر سوءا من سابقاتها رغم مرارتها، ففي اللحظات التي كنت أمنّي النفس فيها بإصلاحات سياسية وثقافية يفاجئني الخطاب الرسمي بمضاعفة تمويل أحزاب معارضة الموالاة وقرارات فضفاضة تريد في تكريس الانتهازية وتفسح المجال لفئة المرتزقة واسعا ليزيدوا في نهمهم وملء جيوبهم وبطونهم …رغم خيبتي هذه كنت سعيدا لأنني لست منهم ويكفيني هذا فخرا واعتزازا بما أنا عليه..سعادتي هذه أفسدتها بعض اللافتات التي بقيت  » معلّقة  » حتى بعد انقضاء الحفل، هذه اللافتات المعلّقة أمام المسرح الوطني واتحاد الكتاب التونسيين والمعهد العالي للموسيقى تركت في ذهني أسئلة قد لا يملك الإجابة عليها أصحابها وأقصد بذلك المسؤولين عن هذه المؤسسات بدرجة أولى، وقبل طرح هذه الأسئلة وجب الإطلاع على مضامين هذه الشعارات…

 » ثقافة حيّة متجددة ومنسجمة في منظومة التنمية الشاملة  » هذا ما حملته اللافتة المعلقة أمام قاعة الفن الرابع التابعة للمسرح الوطني التونسي… صدقوني لقد استعنت لفك رموز هذا الشعار بأستاذ لغة عربية وشاعر عصامي وصحفي

  » رسمي  » وأخصائي نفسي…ولم يتمكن أحدنا من الفهم…ما معنى ثقافة حيّة؟ هل توجد ثقافة ميتة؟ كيف تكون الثقافة متجددة؟ مع ماذا تكون الثقافة منسجمة؟ أو مع من؟ وما علاقة حياة الثقافة وتجددها وانسجامها مع منظومة التنمية الشاملة؟ لاأظن أن محمد إدريس ولا أحد معاونيه قادر على فك طلاسم هذا الشعار…

على سياح حديقة اتحاد الكتاب التونسيين وباللونين البنفسجي والأحمر ( وهما اللونان الذان كتبت بهما كلّ شعارات الاحتفال )  ربطت لافتة كتب عليها بالبند العريض  » المثقفون التونسيون يكبرون المكاسب التي تحققت لقطاع الثقافة في عهد التحوّل المبارك  »

عن أيّة مكاسب يتحدثون؟… أوّد أن يعدّد لي أحد أعضاء الهيئة المديرة هذه المكاسب ويبيّن مدى انعكاسها وتأثيرها إيجابيا على المشهد الثقافي،اللهم إن كانوا يقصدون المكاسب المادية ( أموال وسفرات وإقامات في النزل الفخمة ورخص ثقافية..) التي تحققت لفائدتهم جزءا لما يبذلونه وسيبذلونه في سبيل الارتقاء بالفعل الثقافي إلى أعلى  الدرجات!…ثمّ والأهم من ذلك عن أيّ مثقفين يتحدثون ؟…ومن سمح لهم بالحديث عن المثقفين؟…وما علاقة اتحاد الكتاب بالمثقفين؟… ما يعلمه القاصي والداني أن المثقفين المحترمين نفظوا أيديهم من غبار اتحاد الكتاب منذ الزمن الغابر وازداد إصرارهم على احترام أنفسهم من خلال مقاطعة أنشطة الاتحاد ولم يبق إلاّ الطامع في منصب أو وسام أو قليل من المال… وحتى لا يكون كلامي هذا جزافا فإنني أدعو المهتمين بالشأن الثقافي إلى الإطلاع على قائمة أعضاء اتحاد الكتاب وخاصة أعضاء الهيئة المديرة…

أما على سور حديقة المعهد العالي للموسيقى وعلى الرصيف فقد تضمنت اللافتات مقتطفات من خطب رئيس الجمهورية، وطبعا هذه اللافتات لا يمكن التعليق عليها…

أنا لا ألوم المسؤولين عن تسيير دواليب هذه المؤسسات  » الثقافية  » على التعبير على احتفالهم بالذكرى العشرين للتحوّل، فقط أسأل: ماذا لم يعلقوا هذه اللافتات دليلا على وطنية هذه المؤسسات؟…

 

التونسي

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

صحافي من القطاع العام فضّل عدم ذكر إسمه

 

خلال اطلاعي على التغطية الصحفية التي قامت بها جريدة  » مواطنون  » للاجتماع التأسيسي لنقابة الصحافيين ( العدد 34 ) شدّ انتباهي عبارة  » صحافي من القطاع العام فضّل عدم ذكر إسمه  » على رأس شهادة تقدّم بها مبديا رأيه في النقابة ومعبّرا عن انتظارا ته منها…

صحفي ( وما أدراك ما الصحفي ) يرفض أو يفضّل عدم ذكر إسمه ولا الصحيفة التي يعمل فيها!…

هذا الأمر أو ما شابهه حصل معي في حالات عديدة إذ يدور الحديث في جلسات خاصة مع بعض المبدعين في مسائل هامة وحينما أطرح فكرة نقل هذا الحديث على أعمدة جريدة  » مواطنون  » تتغيّر الملامح ويرتبك الجليس ويطلب مني عدم ذكر إسمه أو عدم ذكر الموضوع أصلا…بل إنّ أحدهم أصرّ على مقابلتي قصد إجراء حوار صحفي يتعرّض فيه إلى أهمّ مشكلات المسرح التونسي حسب وجهة نظره وحينما التقينا وقبل البدء سألني عن الجريدة التي سينشر فيها الحوار فأجبته بداهة أنّها  » مواطنون « …طلب منّي بلطفه المعهود إن كان من الممكن نشر الحوار في جريدة أخرى

 ( معترف بها رسميا على حدّ تعبيره ) أجبته أنّ ذلك غير معقول وإن أراد الحديث في جريدة – رسميّة – عليه الاتصال بأحد العاملين فيها، وتغيّر الحديث في مواضيع أخرى وسقط مشروع الحوار في الماء…

هذه السلوكات الصادرة من طرف  » مبدعين  » أثارت وتثير استغرابي كلّما حدثت وتحدثوا إذ يعجز العاقل عن إيجاد مبررات منطقية له… هل إلى هذا الحدّ وصل  » خوف  » المبدعين على مصالحهم ؟… هل أنّ مجرّد وجود إسم المبدع على صفحات جريدة مواطنون تهمة في حدّ ذاته؟..

هذه الوضعية الغريبة أكثر خطورة – حسب رأيي – من تضييق السلطة ومحاصرتها لنا من خلال منعنا من حقنا القانوني في الدعم والإشهار، فالمبدع إذا ما تخلّى على جرأته وصدقه ( وهي حال أغلب مبدعينا- للأسف-) تعطّل كلّ فعل بما في ذلك العملية الإبداعية ذاتها، والصحفّي العامل في مؤسسة إعلامية. رسميّة – إذا ما فضّل عدم ذكر اسمه، فيا خيبة المسعى!…

إن عقليّة  » التقيّة  » التي يتحرك بها البعض لم يعد لها جدوى في زمن الإنترنات والفضائيات، وإذا كانت هذه حالنا فلماذا نلوم المتخفّين من أهل السياسة المنتمين إلى جماعات وأحزاب غير معترف بها ونتهمهم بالإرهاب؟…

كان على مثل هؤلاء أن لا يكونوا أكثر ملكيّة من الملك وان ينزعوا عنهم جبّة الخوف المبالغ فيه وأن يفعلوا – كلّ في اختصاصه- بصدق وحريّة ودون اعتبارات لما هو خارج الحقل الإبداعي، في مثل هذه الوضعية فقط يمكن أن نتحدث عن جدوى حقيقيّة للفعل الإبداعي…

 

جلال

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


  

سينما فريكار

سينما راقية …من أجل جمهور راق…

 

 » سينما فريكار  » هي التسمية الجديدة لقاعة سينما  » أفريكا  » التي أعادت فتح أبوابها يوم 4 نوفمبر 2007 بعد غلق للإصلاح دام فترة طويلة….هذه القاعة التي بعثت للوجود سنة 1972 ولقيت دعما هاما من مؤسسة ………. ( التي اختفت من الوجود مثل عدة مؤسسات عامة أخرى…) حيث كانت تبرمج أسبوعا سينمائيا وطنيا ( فرنسي- مصري- صيني…) كلّ شهر..

هذه القاعة وبعد غلقها للإصلاحات…عادت إلى الوجود من خلال مشروع قائم على مفهوم جديد وسياسة برمجة مختلفة عمّا تعود عليه جمهور قاعات السينما المهدد بالانقراض…مشروع يقوم على الاكتشاف والملاحظة والنقاش والحوار وخاصة تواصل جديد مع الهيئات والجمعيات السينمائية التونسية والعربية والإفريقية والعالمية…  » سينما فريكار  »  عبارة مركبة من ثلاثة ألفاظ:

سينما وإفريقيا وفن…هذه التسمية اختارها أصحاب المشروع الحبيب بلهادي وحاتم بن ميلاد وسرور كرونة رافعين بذلك تحديا كبيرا في زمن أضحت فيه قاعات السينما بالعاصمة شبه خالية لأسباب عديدة أهمها غياب سياسة سينمائية واضحة لدى أهل القرار في وزارة الثقافة…

هذه المشروع يقوم على محاور هامة إن تمّ الالتزام بها بما سيحدث نقلة نوعية لم يشهد لها أي مجال إبداعي في هذا البلد الصغير..برمجة أفلام إفريقية وإيرانية وتايلندية وبرازيلية…انفتاح على الشريط الوثائقي وأشرطة الفيديو…

عرض أشرطة في بعض مطاعم العاصمة…عقد لقاءات نقد سينمائي ونقاش مفتوح بين الجمهور والسينمائيين الاهتمام thématique  بالسينما التربوية.. تنظيم أسابيع حول مواضيع محدّدة…

عرض أفلام تحصلت على جوائز في( مهرجانات سينمائية عالمية…كلّ ذلك يبشر بكلّ خير ويفتح أبواب الحلم واسعة بوجه السينمائي التونسي ويعيد بريق الأمل لمن تملكه اليأس…

أصحاب المشروع أقاموا شراكة مع أطراف عديدة ( الجامعة التونسية لنوادي السينما- الجامعة التونسية للنقد السينمائي- المعهد الفرنسي للتعاون- أوروبا للسينما – مهرجان القاهرة للسينما- رؤية على إفريقيا …..المنظمة العالمية الفرنكوفونية…)

فأتيحت بذلك أبواب التواصل مع من يهمه أمر السينما بتونس وما آلت إليه علّهم يعيدون الروح إلى الجسد، مجال إبداعي مازلنا نعاني من مظاهر تخلف عديدة فيه…هؤلاء المغامرون أقاموا هذا المشروع على حسابهم الخاص في انتظار دعم والتفاف أهل القطاع بهم علّهم يغيرون صورة المشهد الذي أكله الغبار وانقض عليه المتطفلون والمرتزقة!…

 

جلال

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

 

العوامل المساعدة على تعزيز الثقة بالنفس:

 » حاول، تعلّم، جرّب « 

 

في ظلّ التطورات والتغيّرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، أصبح من الصعب على الإنسان استكشاف ذاته وسبر أغوارها بكلّ ما تحتوي عليه من مهارات وكفاءات وقدرات وذلك بسبب تصدّع وزعزعة مكوّنات الثقة بالنفس وقوة الشخصية وتدّني مستويات الإدارة الصلبة والعزيمة القوّية.

وفي البداية، نوّد بعجالة استعراض المقولة الشهيرة للقائد نابليون عندما سئل عن كيفية توليد وخلق الثقة في نفوس جنوده، حيث أجاب دون تردّد:

 » كنت أردّ على ثلاث بثلاث »

– من قال لا أقدر…قلت له: حاول

– من قال لا أعرف…قلت له: تعلّم

– من قال مستحيل…قلت له: جرّب »

فماهي إذن أهمّ الأسباب الكامنة وراء انعدام الثقة بالنفس؟

في الحقيقة يصعب حصر كافة العوامل التي تؤثر سلبا على مدى ثقة الفرد في نفسه، لكن كافة العوامل التي تؤثر سلبا على مدى ثقة الفرد في نفسه، لكن أهمّها يمكن تلخيصه في النقاط التالية:

* التوهّم بأنّ الآخرين يشاهدون عيوبك وسلبياتك ونقاط ضعفك وبأنّك غير قادر على إخفاء نقائصك

* القلق الدّائم والمستمر بسبب السعي والحرص الدؤوب على الظهور في أحسن مظهر والخوف من عدم تحقيق ذلك.

* الشعور بالخجل إزاء الذّات والإحساس بعدم الجدوى والفاعلية في الحياة بمختلف ميادينها ومجالاتها.

* الخوف من الفشل والإخفاق

ولعلّ من أخطر العوامل المذكورة الخوف من الحاضر والمستقبل. وفي هذا الصدّد لا بدّ من التذكير بأنّ الفشل في مواقف ووضعيات سابقة لا يعني بالضرورة أنّنا سنفشل مجدّدا، وبالتالي لا بدّ من اعتبار الأخطاء السابقة بمثابة مصادر ثرية لطاقات وقدرات جديدة ومتجدّدة.

وبناء على ذلك، فإن أساس الثقة يتجسّد من خلال تقدير الذّات وتثمينها. ويتمّ ذلك من خلال التوافق والانسجام والتوازن وتصوّره للآخرين وكذلك تصّوره للمهمّات المزمع إنجازها داخل محيطه أو خارجه. فإذا ما شعر الفرد بذاته أكثر ممّا هي عليه في الواقع وأكثر ممّا يراه الآخرين، فإنه يكون فريسة للإحساس بالخيلاء والعظمة وما يصاحبهما من مشاعر بالنقص والدّونية وما يرافقهما من مشاعر القلق والخجل والعزلة أحيانا.

لذلك، فإن الوسط التربوي يجد نفسه مكبّلا ومتردّدا بين مفارقة التوفيق بين ما هو ورائي وما هو مرتبط بالبيئة المحيطة: فكيف نلقّن الطفل العديد من المبادئ والقيم والمواقف، وفي نفس الوقت نساعده على بناء شخصية قوية الإرادة، مستقلة التفكير، حرّة الاختيار، تؤهله للنظر إلى المستقبل بكلّ تفاؤل وطموح؟

هذا ومن الانعكاسات السلبية الناجمة عن انعدام الثقة بالنفس، نذكر.

* الأرق، وهو شعور بالقلق وعدم القدرة على النّوم الهادئ بسب الخوف من الآخر ومن المجتمع، والخوف من الوحدة والعزلة، بحيث يكون الفرد فريسة للوساوس والهواجس.

* الأنانية، بحيث أن الشخص الذي يعاني من انعدام الثقة بالنفس غالبا ما تصاحبه مشاعر المرارة والتعاسة. فيكون

رد فعله بصفة شعورية أو لا شعورية, مركزا على إضفاء تلك المرارة و ذلك القلق في معاملاته مع غيره و محاربة الآخرين باعتبار أنه يتهيأ له أنهم يهددون مصالحه أو يسعون إلى حرمانه من شيء ما.

*الاكتئاب, و يكون ذلك ناتجا بالأساس عن حالة الوحدة و الانطواء و عدم القدرة على التكيف مع الآخرين, فضلا عن اعتبار هؤلاء بمثابة الخطر الذي يهدد الكيان.

*أحلام اليقظة،وهي عبارة عن متنفس للشخص الذي يعاني من انعدام الثقة بالنفس،بحيث يتوصل إلى أن يحقق في خياله و أوهامه آمالا وأحلاما أخفق في تحقيقها في الواقع.

وبصفة عامة ، فان تدني الثقة بالنفس، يؤدي إلى تقلب المزاج وهيمنة النظرة السوداوية إزاء الآخر والمستقبل. ذلك أن بعض الأفراد نجدهم يسردون حكايات ومواقف وهمية ترتبط بأعمال وبطولات ينسبونها لأنفسهم بهدف التباهي وجلب الأنظار.

وفي بعض الأحيان، تنقلب تلك المشاعر إلى حدّ الحقد والكراهية والعدوانية والإيقاع بين الآخرين وترويج الأقاويل والإشاعات وتشويه سمعة الآخرين.

ولكن، وبعد هذا العرض الموجز لمختلف مسببات وانعكاسات الثقة بالنفس،هل يمكن اقتراح إستراتيجية معينة لمواجهة هذه الحالة؟ْْْ

في الحقيقة،يؤكد الأخصائيون في مجال علم النفس وفي المجال التربوي على أن أول خطوة تتمثل في معرفة السبب الرئيسي للمشكلة. فالشخص الذي يعاني من صعوبات على مستوى تقبل ذاته وتثمينها، يجب عليه أن يتحدث مع نفسه بكل صراحة حول أسباب المشكلة التي يعاني منها ..هل هي ناتجة عن حادثة وقعت في سن الطفولة؟ هل هي بسبب استهزاء الآخرين  بقدراته وسلوكياته؟ هل هي ناجمة عن حالة العزلة وعدم الثقة في التعامل مع الآخرين؟…

والمطلوب هنا،هو التحلي بالصراحة مع الذات وتفادي تحميل الآخرين أخطاءنا.

أما الخطوة الموالية فهي محاولة البحث عن الحل. ويستوجب ذلك التحاور مع النفس وترتيب الأفكار والتركيز على كل ما من شأنه أن يساعد الفرد على السيطرة على مخاوفه واستعادة الثقة بنفسه، بحيث يطرح كافة الفرضيّات والاحتمالات الممكنة بخصوص استعادة هدوئه والانطلاق مجدّدا بنظرة متفائلة للحياة وللمستقبل.

ومن عوامل نجاح الفرد من تجاوز عقدة انعدام الثّقة بالنّفس، تبنّي مشاريع وأفكار ومواقف واتجاهات تكون بمثابة الشّحنة الإيجابية. كذلك لابدّ للفرد من أن ينظر إلى نفسه على أنّه شخص ناجح وواثق من نفسه ومن أن يطرح جانبا كلّ ما له علاقة بالإحباط والإخفاق والاضطراب.

كذلك، من المسائل التي يجب حقّا الابتعاد عنها، مقارنة نفسك بالآخرين. فلا وجود لإنسان عبقري في كافّة مجالات الحياة. لذلك، فالمهمّ هو أن يركّز الفرد على مكامن الإبداع والقوّة لديه محاولا في نفس الوقت تطوير مهاراته وإذكاء قدراته على الابتكار والخلق والتّجديد. وفي كلمة واحدة، يجب على الفرد أن يحرص على أن يكون ما يريده

هو وليس ما يريده الآخرين، وذلك مع مراعاة المعطيات الخاصّة بالتّكيّف الاجتماعي. وفضلا عن ذلك، هناك جملة من العوامل التي تساعد على تطوير الثّقة بالنّفس، ومنها:

* التّركيز على وضع الأهداف والمخطّطات والحرص على تنفيذها ولو بصفة جزئية

* الإقبال على تحمّل المسؤولية، لأن ذلك يغذّي الإحساس بأنّك مهمّ وأنك قادر على تجاوز الخوف

* المشاركة في النقاشات وفضاءات الحوار والمنتديات والحرص على تثقيف النفس من خلال المطالعة والإطلاع على المعلومات التواصل مع الآخرين.

* عدم التردّد في تقديم المساعدة للآخرين والإصغاء إليهم لأن ذلك سوف يزيد في الثقة بالنفس ولا سيما عند كلمات الشكر

كذلك ينصح الخبراء بضرورة التدرّب على مجالات حسن الإصغاء لوجهة نظر الآخرين والحرص على فهم واستيعاب الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي ننتمي إليها أو نتعامل معها والاقتناع بأهميّة العمل الجماعي.

هذا فضلا عن الاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلّم منه وعدم إفشاء أسرار الآخرين.

وختاما، لا بدّ من الإشارة إلى ضرورة استغلال التكنولوجيات الحديثة في مجال المعلومات والاتصال مثل الأنترنات والحاسوب. كما يجب عدم تشتيت الذّهن في أكثر من اتجاه واحد والنظر دائما إلى هدف أسمى والاقتناع بضرورة التغيير والتجديد والابتعاد عن التقوقع والخمول والشعور بالمسؤولية.

 

أبو مهدي

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

الحق في المعلومة

بقلم الأستاذ محمد الأزهر العكرمي

 

في الوقت الذي، يتحوّل فيه العالم إلى قرية إلكترونية ـ رقميّة بفعل العولمة، وفي الوقت الذي تتزايد فيه وتائر التحوّل السريع نحو الاقتصاد المبني على المعرفة وتداول المعلومات باستخدام الشبكات الالكترونية الرقميّة، وفي الوقت الذي أصبحت فيه الفضائيات مصدرا جديدا لإنتاج وصناعة القيم والرموز والذوق وفي الوقت الذي تنسحب فيه الدولة بشكل شبه كلّي في الصحّة والتعليم والتجارة والانتاج وإدارة الخدمات والمرافق مازالت الدولة تتحفّظ على مبدأ حرّية تداول المعلومات. فهل يمكن تحقيق أي مشروع تنموي بدون مجتمع المعرفة في ظلّ هذا التنافس والانفتاح لاقتصادي العالمي؟ وهل يمكن تصور مجتمع المعرفة دون ارتباطه الوثيق باقتصاد المعرفة؟ وهل يمكن تخيّل اقتصاد المعرفة مع التحكّم الدقيق في تدفّق المعلومات عبر المواقع لالكترونية وإخضاع المنشورات الواردة من الخارج للرقابة والمصادرة؟ وإخضاع الصحف للترخيص المسبق وحق وزارة الداخلية في تعطيل ومصادرة هذه الصحف بعد الصدور؟ وعدم حماية الصحفي وحقّه في الحفاظ على مصدر المعلومة وغياب المصادر المستقلّة والمتنوّعة للمعلومات؟؟

 

إن الحق في الحصول على المعلومة هو حق أكيد لا فقط بالنسبة للصحفي المشتغل بحقل الإعلام وإنما للمواطن مهما كان موقعه الاجتماعي وهو ما نصّت عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي جاء فيها:  » لكلّ شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريّة اعتناق الآراء دون أي تدخّل واستقاء الأنباء والأفكار وتلقّيها وإذاعتها بأيّة وسيلة كانت دون تقيّد بالحدود الجغرافية. »

 

ورغم أن الدستور الصادر في 1959 نصّ في الفصل الثامن على ضمان  » حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر وتأسيس الجمعيّات حسبما يضبطه القانون  » فإنه سكت عن الحق في استقاء الأنباء وإذاعتها وهو ما يؤكّد باستمرار احتفاظ الدولة بصناعة المعرفة وتداول المعلومات إما بدعوى الحفاظ على المصالح الوطنيّة ومقتضيات الأمن أو الحفاظ على ثوابت فكريّة ومقدّسات عقائديّة في المعادلة التي لم تبق قائمة خارج الفضاء العربي وبعض البلدان الاشتراكية السابقة في آسيا والمتمثّلة في التقابل بين ( متطلّبات الأمن / وضرورات الحرّية ).

 

ولعلّ الحقّ الوحيد الثابت في المعلومة في تونس هو في الإطلاع على الرائد الرسمي عندما اعتبر المشرّع أنه يفترض فيه علم الكافّة. وهو ينشر القوانين الجديدة والإشهارات التي نصّ عليها القانون كبيوعات الأصول التجاريّة أوتسمية كاهية مدير.

 

وإذا كان الحق في المعلومة يبدو للوهلة الأولى من قبيل الحق الفائض عن الحاجة أمام حاجات التنمية الملحّة وما يتهدّد الشعوب الفقيرة من أزمات تمسّ بالغذاء والتعليم والصحّة فإنّه في حقيقة الأمر عكس ذلك تماما إذ هو ركن أساسي وشرط ضروري للحرّية السياسية وبدونه لا يمكن تخيّل التنمية في المجتمع المعاصر والمشاركة السياسية في دولة القانون والمؤسسات المنشودة إذ بدون تمكّن المواطن من حقّه في المعلومة لا يمكن تقييم أداء الحكومة ولا الاطّلاع على المؤشّرات الحقيقية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبالتالي تكوين الرأي الذي يمكّنه من الانتخاب وأداء دوره في الحياة العامّة أو بمعنى آخر فإن المواطن الذي يعيش في ظلّ احتكار المعلومة وتقنين تداولها هو مواطن مهمّش وكسيح لجهة إبداء الرأي والمشاركة السياسية.

 

فـتوى شرعية

 

لم يعرف مولانا المفتي سببا لدعوة الإمبراطور له، في هذا الوقت العصيب الذي كانت الإمبراطورية تعاني فيه من الويلات والمصائب، وتتطاير إشاعات عن مرض الإمبراطور وهروب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة إلى المصارف الأجنبية.

وصدرت الأوامر للسماح لمولانا المفتي بالدخول إلى الزعيم الأوحد. وبعد أداء واجبات التحية بما فيها من ركوع وتقبيل الأقدام وتلاوة الأدعية، قال مولانا المفتي لسيده وولي نعمه ومولاه: » بأبي أنتم وأمي، يا زعيمنا الأوحد، يا حامي حمى الوطن والدين، يا قائدنا في الكفاح، والضامن لنا في النجاح، ومن به كانت أيامنا وليالينا كلها مسرات وأفراح  » فحرّك السيدُ المطاع رأسه قبولا ورِضا، وأشار للمفتي أن يستوي جالسا، وقال له، بتأنٍّ وهدوء:  » دعوناك، لنستشيرك في أمر يشغلنا كثيرا، هذه الأيام، ونريد تأييدكم لحسمه..  » وانخرط في سعال عميق، استغله المفتي للذكر والدعاء لسيده بالسلامة وطول العمر، لقيادة البلاد إلى المزيد من النجاح والازدهار، وما كاد السيد يتماثل إلى هدوء الأنفاس وراحتها حتى  كان المفتي ينقسم ،قائلا:  » أنتم منارة العلم ، والدين والسياسة والأخلاق، ونحن نهتدي بأنواركم  » فابتسم السيد، ابتسامة عريضة عميقة، ثم قال:

هل يجوز شرعا أن نعيّن إبننا في مجلس الرعية، أيها المفتي التقي؟

طبعا، يجوز..

ثم ، وبعد أيام أخرى استقدمه إليه وسأله:

وهل يجوز شرعا أن نولّيه شؤون الخزينة العامة للدولة؟

طبعا، إذا كان لا يجوز له هذا فلمن يجوز؟

وذات يوم ، والسيد المفتي تنتفخ بطنه بمائدة السيد المطاع حتى تجشأ ت وتنفّست وقال صاحبها، بثقل الطعام:  » دامت موائدكم أيها السيد الكريم  » فعرّك السيد المطاع جبينه، لحظة، ثم سأل:  » وهل يجوز شرعا، أن يتولّى إبننا حكم البلاد، ويصبح راعيا لرعيتنا، عوضا عنا؟ » فتمتم المفتي،مضطربا، وهو يتدحرج نحو الكنيف : » لا تنكحوا ما نكح آباؤكم ».

 

– عبد القادر الدردوري –

 

(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf

 

 

 

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.