الاثنين، 16 نوفمبر 2009

Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

9 ème année, N 3464 du 16.11.2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولضحايا قانون الإرهاب


هند الهاروني:بلاغ:إطلاق سراح أخي عبد الكريم الهاروني الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بعد حملة التخوين : ..هجمة بوليسية على النشطاء الحقوقيين ..

حــرية و إنـصاف:اعتقال الناشطين الحقوقيين المهندسين عبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

عمر الهاروني والد عبد الكريم وعائلتي: اختفاء عبد الكريم الهاروني في 16 نوفمبر 2009… السبيل أونلاين :عاجل..إعتقال عبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة وتعنيف عمر المستيري

زهير مخلوف: رسالة شكر من الناشط الإعلامي والحقوقي والسياسي المعتقل زهير مخلوف

السبيل أونلاين :محاصرة اجتماع تضامني مع زهير مخلوف وتوفيق بن بريك

البديل :افتعال القضايا ضد المناضلات والمناضلين سياسة فاشلة وغير مجدية

اللجنة الجهوية لمساندة زهير مخلوف و نشطاء المجتمع المدني:بيان

البديل :لنوقف الهجمة على الإعلاميين وعلى مناضلي الحركة الديمقراطية

عريضة:

دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهم البديل :الرّديف تخرج لاستقبال أبطالها

البديل :لأول مرّة في تاريخ تونس :حزب ديكور غير معترف به !

البديل :مهازل المهزلة

وكالة رويترز للأنباء:تسجيل اول حالة وفاة بانفلونزا (اتش1ان1) في تونس

وكالة د ب أ الألمانية: تونس: الإعلان عن أوّل حالتي وفاة بسبب إنفلونزا الخنازير

جريدة الصباح الأسبوعي:عامل بحري أوّل ضحايا أنفلونزا الخنازير في تونس

البديل :بعد المهزلة الانتخابية :هل تستخلص المعارضة الدرس وتوحّد صفوفها لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود

الحوار.نت: »كلمة حرة » من الحوار.نت :أيد تونسية ممدودة بعضها لبعض..

الحوار.نت:حكمة العمّ سرحان

ابراهيم بلكيلاني:أفكار عن الغربة الحوار.نت:لم يسقط جدار برلين وإنما غـيّـرُوا مكانه

النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية :كويلهو خسر أكثر من مليارين اثـــر هـزيـمــة الموزمبيق

جريدة الصباح الأسبوعي:كلمة الحسـاب

صحيفة « القدس العربي »:حالة طوارئ بالخرطوم وتحذيرات من تفجر اعمال العنف بين مشجعي مصر والجزائر

صحيفة « القدس العربي »:الاف الجزائريين في شوارع العاصمة بعد أنباء عن وقوع قتلى بعد مباراة مصر

« العرب » :التجربة الأردوغانية (1)

« العرب » :التجربة الأردوغانية (2)

وكالة رويترز للأنباء:ايطاليات يشعرن بخيبة الأمل بعد حضور « حفل » للقذافي 

موقع إسلام أون لاين: »مدارك » يفتح ملف العودة إلى الدين :الملحدون الجدد.. وفشل العلمانية!!


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200
فيفري2009    
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    


بلاغ هند الهاروني إطلاق سراح أخي عبد الكريم الهاروني


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين تونس في 16 نوفمبر 2009-29 ذو القعدة 1430 قام البوليس السياسي التابع لمنطقة الأمن بقرطاج على متن السيارة البيضاء « Peugeot-Partner » رقم 339 تونس 137 بأخذ أخي عبد الكريم من الشارع من أمام مقر عمله  قبل دخوله إليه حوالي الساعة الثامنة صباحا و قد اقتادوه إلى منطقة الأمن  بقرطاج ثم إلى مركز الشرطة بالكرم الشرقي أين قام عدد من رجال الأمن باستجوابه حول نشاط منظمة حرية و إنصاف الحقوقية التي لا تعترف بها السلطة و هددوه بإعادته إلى السجن  إذا استمر في نشاطه الحقوقي فأجابهم بأن المنظمة قد تقدمت بملف قانوني لإعلام السلطة  بتكوينها انتظرت 3 أشهر وفق القانون فلم تتلقى رفضا من السلطة و على هذا الأساس تعتبر قانونية و مقرها معلوم في 33 نهج المختار عطية تونس و تصدر بيانات يومية و تقارير شهرية تتعلق بواقع الحريات و حقوق الإنسان في تونس و أكد أخي عبد الكريم على أنه يدعو السلطة إلى الاعتراف بمنظمة حرية و إنصاف و التعامل معها كطرف مسؤول يعمل في إطار القانون و أنّه يأمل أن يكون ذلك قريبا. من ناحية أخرى تعلق الاستجواب بحياته الخاصة عن مسكنه و شغله كيف تحصل عليه. و أخيرا طلبوا منه شفاهيا  الرجوع غدا على الساعة التاسعة صباحا إلى نفس المكان أي مركز الشرطة بالكرم الشرقي. و مع حوالي الساعة السابعة مساء أطلقوا سراحه وواصلت سيارة تابعة لمنطقة الأمن بقرطاج من نوع إيزوزو  بيضاء اللون في متابعته حتى وصوله إلى بيتنا في الكرم الغربي./.

الحرية لجميع المساجين السياسيين الحرية للدكتور الصادق شورو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس تونس في 16 نوفمبر 2009 بعد حملة التخوين : ..هجمة بوليسية على النشطاء الحقوقيين ..


عمدت مجموعة من الأشخاص بالزي المدني ، يعتقد أنهم من البوليس السياسي ،   صباح اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 ، إلى احتجاز الناشطين الحقوقيين  حمزة حمزة و عبد الكريم الهاروني عضوي المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف ، ولم يُخل سبيل الأول إلا في حدود الساعة السابعة ونصف مساءً بينما لا يزال الثاني رهن الاحتجاز إلى ساعة كتابة هذا البلاغ . كما قام مجموعة من الأعوان بتعنيف الصحفي و المناضل الحقوقي عمر المستيري بعد إيقافه ثم الزج به في سيارة للنقل الريفي حيث اُخذ على متنها إلى خارج مناطق العمران ليخلى سبيله بعد أن انتُزع منه هاتفه الجوال، وكان الأستاذ الجامعي جلول عزونة عرضة للإحتجاز بدوره يوم أمس الأحد 15 نوفمبر 2009 حيث تم إستجوابه في مقر مركز شرطة المنار عن لقاء جرى في محل سكناه جمع وفد الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان وممثلين عن مكونات المجتمع المدني التونسي. من جهة أخرى مُنع الأساتذة جلال الزغلامي وحسين الباردي والعياشي الهمامي اليوم الاثنين من دخول مكتب الأستاذ عبر الرؤوف العيادي ، و قام أعوان بالزي المدني بإجبارالسادة خميس الشماري ومنجي اللوز وحسين الباردي على مغادرة مقهى عمومية كانوا إلتقوا بها، ولا تزال محلات إقامة السادة لطفي الحيدوري وجلول عزونة ومحمد النوري ومحمد عبو وسليم بوخذير وحمزة حمزة وعبد الكريم الهاروني وحاتم الفقيه و العياشي الهمامي و عبد الوهاب معطر  تحت المحاصرة الأمنية والمراقبة المستمرة. والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، إذ تندد بهذه الهجمة البوليسية الشرسة على منظمات المجتمع المدني، فإنها تطالب بمحاسبة المتورطين في الاعتداءات التي تعرض لها النشطاء و المناضلون على أيدي أعوان يعتقد أنهم من البوليس السياسي، كما تطالب بوقف هذا التدهور المتسارع في أوضاع الحريات بالبلاد و تجدد مطالبتها بإطلاق سراح كل المعتقلين على خلفية تعبيرهم عن آرائهم أو نشاطهم الحقوقي و السياسي ( الصادق شورو ، زهير مخلوف ، توفيق بن بريك ..) ووقف حملة ترهيب النشطاء الحقوقيين و الإعتداءات اليومية عليهم و على عائلاتهم ( حملات القذف و التشويه في الصحف الصفراء ، محاصرة المنازل و مقرات العمل ، المتابعة اللصيقة و التنصت على المكالمات و سرقة البريد الإلكتروني …) . عن الجمعية الهيئـــة المـــديرة


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 ذو القعدة 1430 الموافق ل 16 نوفمبر 2009

اعتقال الناشطين الحقوقيين المهندسين عبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة


اعتقل أعوان البوليس السياسي حوالي الساعة السابعة من صباح اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 الناشطين الحقوقيين المهندسين عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية وإنصاف وحمزة حمزة عضو مكتبها التنفيذي دون سابق إعلام واقتادوهما إلى مقري منطقة الشرطة بكل من أريانة الشمالية وقرطاج ومركز شرطة الكرم الغربي. فقد عمد أكثر من سبعة أعوان إلى منع المهندس حمزة حمزة صباح اليوم من مغادرة منزله وأعلموه بأنهم ينتظرون وصول رئيس منطقة الشرطة الذي يريد التحدث إليه، وبعد مرور قليل من الوقت اعتقلوه عنوة واقتادوه إلى منطقة الشرطة باريانة الشمالية أين أخضع للاستجواب والبحث وحرر في شأنه محضر حول حضوره في الاجتماع الذي عقد بمنزل السيد جلول عزونة وضم ممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووفد عن الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، ولم يفرج عنه إلا حوالي الساعة السابعة والنصف مساء على أن يحضر بمقر المنطقة المذكورة على الساعة التاسعة من صباح الغد. أما المهندس عبد الكريم الهاروني فقد تم اعتقاله على الساعة الثامنة صباحا بالقرب من مقر عمله بضفاف البحيرة بتونس العاصمة واقتياده في مرة أولى إلى منطقة الشرطة بقرطاج ثم نقله إلى مركز شرطة الكرم الشرقي، دون تمكينه من الاتصال بعائلته ودون توجيه استدعاء قانوني للحضور بمنطقة الشرطة ودون إعطائه أجلا قانونيا للحضور حتى يتمكن من قضاء شؤونه والاتصال بعائلته أو الاتصال عند الاقتضاء بمحاميه في مخالفة لمقتضيات الفصل 68 من مجلة الاجراءات الجزائية، وعن نشاطه صلب منظمة حرية وإنصاف، تمسك الناشط الحقوقي عبد الكريم الهاروني بحق المنظمة في النشاط الحقوقي بعد استيفائها لكل الشروط وتقديمها لمطلب قانوني لم تعترض عليه السلطة في الأجل الذي يحدده قانون الجمعيات معتبرا أن المنظمة تعمل لمصلحة البلاد من خلال رصدها للانتهاكات والدعوة إلى الحد منها، وقد تم تهديده بإعادته للسجن في حالة مواصلة نشاطه الحقوقي، ثم أفرج عنه على الساعة السابعة والنصف مساء ليعود في الغد على الساعة التاسعة صباحا. وحرية وإنصاف    تستنكر عملية اعتقال الناشطين الحقوقيين المهندسين عبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة التي تمت بطريقة غير قانونية وتمت عبر الاختطاف من الشارع بدون الاستظهار ببطاقة إيقاف صادرة ضدهما، خاصة وأنهما لم يكونا بحالة تلبس بأية مخالفة يعاقب عليها القانون. تعتبر اعتقال الناشطين الحقوقيين اعتداءً على جميع الناشطين الحقوقيين وفي ذلك انتهاك للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية التونسية والتي تضمن الحماية للنشطاء الحقوقيين. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 27 ذو القعدة 1430 الموافق ل 16 نوفمبر 2009

أخبار الحريات في تونس


الاعتداء على الناششط الحقوقي السيد عمر المستيري وحجز هاتفه النقال: اعتدى أعوان البوليس السياسي حوالي منتصف نهار اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 على الناشط الحقوقي والصحفي السيد عمر المستيري بالعنف الشديد والضرب المبرح عندما كان متوجها إلى مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي المحامي، وقد افتك منه أعوان البوليس السياسي هاتفه الجوال. محاصرة منزل الصحفي لطفي الحيدوري: كثف أعوان البوليس السياسي طيلة ليلة البارحة وكامل نهار اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 من تواجدهم حول منزل الصحفي لطفي الحيدوري الكائن بمنطقة المروج ولاية بنعروس. مضايقة الناشط الحقوقي السيد خميس الشماري: اعترض أعوان البوليس السياسي صباح اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 سبيل الناشط الحقوقي السيد خميس الشماري أمام محكمة تونس ومنعوه بالقوة من الالتقاء بالأستاذ العياشي الهمامي والأستاذة راضية النصراوي، ومنعوهم كذلك من الالتقاء بالشارع. كما تم كذلك منع الأستاذ حسين الباردي القادم من باريس في إطار مهمة حقوقية من الالتقاء بزميلته الأستاذة النصراوي وزميله الأستاذ العياشي الهمامي. تعرض أعضاء وفد الشبكة الأورومتوسطية للتهديد والمضايقة: قام البوليس السياسي بتهديد أعضاء وفد الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان بترحيلهم من تونس في صورة مواصلة لقاءاتهم مع الناشطين الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني في تونس، علما بأن أعضاء الوفد وقعت مضايقتهم ومحاصرتهم ومتابعتهم طيلة إقامتهم بالجمهورية التونسية. الأستاذ الشابي يعدل عن زيارة مخلوف احتجاجا على التباطؤ المقصود من قبل إدارة السجن: حاول الأستاذ احمد نجيب الشابي صباح اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 زيارة الناشط الحقوقي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المرناقية، لكن إدارة السجن المذكور تباطأت في إحضاره وتركت الأستاذ الشابي يترقب في قاعة الانتظار ساعة كاملة، وهو ما اضطره إلى العدول عن الزيارة. حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


اختفاء عبد الكريم الهاروني في 16 نوفمبر 2009 إلى كلّ من:

رئيس الجمهورية التونسية وزير العدل وحقوق الإنسان وزير الداخلية والجماعات المحلية عميد المحامين التونسيين المنظمات الحقوقية التونسية والمجتمع المدني رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية


تونس، في 16 نوفمبر 2009 – 29 ذو القعدة 1430 بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين بعد المضايقات العديدة و المراقبة اللصيقة و المتواصلة التي وقع تسليطها على ابننا عبد الكريم الهاروني، الكاتب العام للمنظمة الحقوقية التونسية « حرية وإنصاف » منذ خروجه من السجن في 7 نوفمبر2007 من قبل البوليس السياسي في كل مكان وتركيزا بالخصوص على مكان عمله في ضفاف البحيرة وفي مقر سكناه بالمنزه الخامس وفي مقر عائلتنا في الكرم الغربي بجانب معرض الكرم الدولي والتي زادت حدتها في الأشهر الفارطة، ها قد تكرر اختفاء إبننا عبد الكريم مجددا من الشارع وآخر مثل على ذلك هو اختفاؤه منذ الصباح الباكر لهذا اليوم 16 نوفمبر 2009 وإلى حدود هذه الساعة أي الثالثة والنصف بعد الظهر ولا علم لنا البتة عن مكان وجوده والظروف التي اختطف فيها وما وقع تسليطه عليه طيلة هذه الساعات من قبل البوليس السياسي ونحن في أشد الحيرة ونطالب بإرجاعه فورا وبدون شروط لأن مثل هذه الممارسات غير قانونية ولاإنسانية وتتنافى مع القوانين المحلية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ونشدد أيضا على ضمانكم لسلامته الجسدية والمعنوية وتمكينه من جميع حقوقه التي تم سلبه منها و عدم التعرض إلى ابننا مجددا. والسلام عمر الهاروني والد عبد الكريم وعائلتي حي 2626 عمارة ب-شقة 4 ب سيدي عمر 2089 الكرم الغربي تونس الهاتف: 21671971180  

هند الهاروني-تونس 16.11.2009 لا خبر عن عبد الكريم الهاروني الكاتب العام لمنظمة حرية و إنصاف التونسية

الساعة  7 و النصف مساء : و لا خبر عن أخي عبد الكريم الهاروني الذي اختطفه البوليس السياسي من الشارع منذ الصباح الباكر


عاجل..إعتقال عبد الكريم الهاروني وحمزة حمزة وتعنيف عمر المستيري


السبيل أونلاين – تونس – عاجل 
علمنا الآن أنه وقع إعتقال الكاتب العام لمنظمة « حرية وإنصاف » المهتمة بحالة حقوق الإنسان في تونس عبد الكريم الهاروني الذى أعلن عن غيابه صباح اليوم كما إعتقل البوليس أيضا عضو المنظمة حمزة حمزة ، وهما يخضعان للتحقيق .  من جهة أخرى قال الأستاذ أنور القوصري أن الصحفي والناشط الحقوقي عمر المستيري تعرض صباح اليوم الإثنين 16 نوفمبر 2009 إلى اعتداء من طرف أعوان البوليس، فقد وقع إعتقاله من أمام مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي وأقتيد إلى مكان بعيد عن مكتب العيادي أين وقع إخلاء سبيله بعد مصادرة هاتفه النقّال .  كما أفيد عن إعتقال السيد جلال عزونة .  وتأتي هذه التطورات الخطيرة كخطوة تصعيدية من السلطات التونسية التى كثفت هجمتها الشرسة على مكونات المجتمع المدني والصحفيين .   (المصدر:السبيل أونلاين (محجوب في تونس)، بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

رسالة شكر من الناشط الإعلامي والحقوقي والسياسي المعتقل زهير مخلوف


تونس … 11 نوفمبر 2009 يطيب لي أنا المعتقل بسجن المرناقية بضواحي العاصمة تونس منذ يوم 20 أكتوبر 2009، الناشط الإعلامي والحقوقي والسياسي زهير مخلوف ، أن أتقدم من داخل سجني بالشكر والإمتنان إلى كل من وقف إلى جانبي وساند قضيتي من هيئات وأفراد في تونس وخارجها . إننى أتوجه بالشكر والإمتنان إلى فرسان العدالة ، السادة المحامين من كل التيارات السياسية الذين هبوا متطوعين للدفاع عني ونصرة قضيتي بحماسة لم تكن مفاجئة ، والذين شكلوا لجنة لتنظيم زيارات يومية لي في سجن المرناقية . و أتوجه بالشكر والإمتنان إلى مكونات المجتمع المدني التونسي من أحزاب سياسية ومنظمات بكل حساسياتها لوقوفها إلى جانبي ونصرة قضيتي . وأتوجه بالشكر الجزيل إلى كل المنظمات الحقوقية  في تونس وبالخارج  ، وإلى كل المؤسسات الإعلامية وعلى رأسهم قناة الجزيرة الموقرة التى تابعت قضيتي بإهتمام ، وكل الفضائيات والمواقع الإلكترونية المهتمة بما أتعرض له من ظلم . كما أتوجه بالشكر إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الذى شكّل لجنة خاصة داخله لمساندتي وأقام ندوات تضامنية معي ، وقام بزيارات لأسرتي ، وأخص بالذكر الأستاذة مية الجريبي والأستاذ أحمد نجيب الشابي ، وكل نشطائه الذين يقفون إلى جانبي . كما أتوجه بالشكر والإمتنان إلى الجالية التونسية بالخارج التى ساهمت بفعالية في التعريف بالمظلمة التى أتعرض لها . وأشكر الإتحاد العام لطلبة تونس الذى ساندني ونظم الفعاليات داخل الأقسام الجامعية من أجل نصرتي والتعريف بقضيتي والمطالبة بإطلاق سراحي . إننى أتوجه إلى كل فرد يقف إلى جانبي بإسمه ولقبه وصفته بالشكر والإمتنان . وأخيرا أشكر جميع من آزر عائلتي ماديا ومعنويا ، ووقف إلى جانبها في المحنة التى تمرّ بها  ، وأناشد الجميع مواصلة الجهود من أجل إطلاق سراحي ورفع المظلمة التى أتعرض لها . من سجن المرناقية  –  زهير مخلوف  

محاصرة اجتماع تضامني مع زهير مخلوف وتوفيق بن بريك


السبيل أونلاين – تونس – خاص   عُقد يوم الجمعة 13 نوفمبر 2009 ، إجتماع تضامني لمساندة مراسل السبيل أونلاين في تونس الناشط الحقوقي زهير مخلوف والكاتب الصحفي توفيق بن بريك ، والمطالبة بإطلاق سراحهما .   وحسب مصادر حقوقية فإن الكثير من النشطاء السياسيين والحقوقيين والصحفيين لم يتمكنوا من حضور الإجتماع بسبب الحصار الذى فرضه البوليس السياسي ، وذكرت منظمة « حرية وانصاف » ، في بلاغ حصل السبيل أونلاين على نسخة منه أمس الأوّل ، أن كل من  » محمد النوري وزياد الدولاتلي وعلي العريض وخميس الشماري وجلول عزونة ومحمد عبو ومختار الطريفي ، وشقيق توفيق بن بريك جلال الزغلامي ومحمود الذوادي وناجي البغوري وسيف الدين مخلوف وإيمان الطريقي وجميلة عياد وزينب الشبلي وعمر القرايدي ومنذر الشارني وفوزي بن مراد وأنور القوصري وعبد الله قرام » ، لم يتمكنوا من حضور التظاهرة .   وقالت المنظمة الذى كان زهير مخلوف من بين مؤسسيها ، وشغل لأكثر من عام ونصف كتابتها العامة ، « ان هذه التظاهرة التضامنية تأتي في إطار التحركات التي ينظمها المجتمع المدني للمطالبة بالإفراج عن الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف وعن الصحفي توفيق بن بريك اللذين اعتقلا على خلفية نشاطهما الحقوقي والإعلامي ووجهت لهما تهمٌ كيدية لإسكات صوتيهما وترهيب كل صوت مخالف وحر ».   وذكّر الصحفي محمد الحمروني في مداخلته ضمن التظاهرة ، بما تعرضت له عائلة مخلوف بعد إعتقاله من حصار بوليسي ، والذي بلغ حدّ الترهيب ، كما تعرضت زوجته إلى مضايقات منعتها من الإستمرار في عملها ، ونقل الحمروني حالة الترويع التى أحدثها أعوان البوليس لأبناء زهير وهو مشهد قال أنه يصيب بالعار ذلك أن أعوان البوليس يتلقون رواتبهم من مال المجموعة الوطنية ويرهبون أطفال أحداث .   وأكد أن زهير مخلوف كان يمثل قيمة الرجولة ، مغرم بالكامرا وقد أبدع في إنتاج الأفلام رغم قلة الإمكانات وكان على السلطة أن تسعى إلى إصلاح الأوضاع بدل الزجّ به في السجن .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

افتعال القضايا ضد المناضلات والمناضلين سياسة فاشلة وغير مجدية


أثار خبر افتعال قضية حق عام ضد الرفيق حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي ومدير جريدة البديل المحظورة وزوجته الأستاذة راضية النصراوي، رئيس الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب استياء كبيرا في الأوساط الديمقراطية في الداخل والخارج. فلا أحد خفيت عليه الأسباب السياسية لما أصبح ممارسة ممنهجة منذ وصول بن علي إلى السلطة. فمن أجل إيهام الرأي العام بأن نظامه يحترم الحريات وأنه لا يعاقب الناس ولا يضطهدهم من أجل أفكارهم ومواقفهم، يعمد إلى افتعال قضايا حق عام ضدهم للزج بهم في السجن ومحاولة تشويههم بتقديمهم على أنهم « مجرمو حق عام « . إن حمه الهمامي يعاقب اليوم من أجل التصريحات التي أدلى بها لقناتي الجزيرة (25 سبتمبر) وفرنسا 24 (26 سبتمبر) وهي تصريحات انتقد فيها الأوضاع العامة بالبلاد وخاصة قضية الفساد التي تحاول السلطة طمسها بكل الوسائل. كما انتقد الأجواء التي يتم الإعداد فيها لانتخابات 25 أكتوبر القادم التي وصفها بالمهزلة ودعا الشعب والقوى السياسية إلى مقاطعتها. وقد كان أول رد فعل السلطة على هذه التصريحات الاعتداء على حمه الهمامي بالمطار يوم عودته (29 سبتمبر) من فرنسا وعلى زوجته راضية النصراوي التي كانت حاضرة لاستقباله والتي نددت بهذا الاعتداء في أحد برامج قناة « الحوار » اللندنية (حقوق الناس، يوم 2 أكتوبر 2009) كما ندد به زوجها عبر قناة الجزيرة (الحصاد المغاربي، الثلاثاء 29 سبتمبر 2009). ولم تتوقف السلطة عند هذا الحد، ففي مساء يوم 4 أكتوبر استغلت عودة الأستاذة راضية النصراوي من جينيف، ليضع بوليسها مادة – متفجرة حسب الأساتذة المختصين في الكيمياء- في خزان بنزين سيّارة الأستاذ والمناضل عبدالرؤوف العيادي، نائب رئيس « المؤتمر من أجل الجمهورية « ، الذي جاء لاستقبال الأستاذة بمعية زوجها وابنتهما الصغرى سارة (10 سنوات). ومن حسن الحظ أنه تم الانتباه سريعا لوجود خلل في السيارة وتمت مغادرتها وإحضار عدل إشهاد واستدعاء عميد المحامين ورئيس فرع المحامين بتونس للشهادة. وأمام افتضاح هذه الاعتداءات وأسبابها السياسية، وعلى إثر تقديم حمه الهمامي وراضية النصراوي يوم الجمعة 9 أكتوبر 2009 شكوى لوكالة الجمهورية ضد المسؤولين أمرا وتنفيذا على ما تعرّضا له من اعتداء وفي مقدمتهم رئيس السلطة التنفيذية ووزير الداخلية باعتبارهما قانونيا، المسؤولين المباشرين عن قوات الأمن الداخلي التي ما كان للعشرات من أفرادها أن يفعلوا ما فعلوه في المطار، دون تعليمات « من فوق « ، سارعت السلطة سويعات بعد تقديم القضية، إلى افتعال قضية ضد حمه الهمامي وراضية النصراوي واستدعائهما للحضور لدى الفرقة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني بالعاصمة ومنعت حمه الهمامي من السفر في اليوم الموالي (10 أكتوبر) إلى فرنسا لحضور ندوة سياسية حول الانتخابات في تونس. وفي يوم الاثنين 12 أكتوبر حاول عدد كبير من أعوان البوليس بالزيّ المدني اقتحام الشقة التي يسكنها حمه الهمامي وراضية النصراوي وابنتهما التي تم ترويعها. وكان الهدف واضحا وهو اعتقال حمه الهمامي. ولا يزال الحيّ الذي يسكنه الزوجان محاصرا بالعشرات من أعوان البوليس السري. وللتذكير فإن حمه الهمامي وراضية النصراوي ليسا أول ضحايا هذه الممارسة. بل إنها ليست أول مرة يتعرّضان فيها لافتعال قضايا إجرامية ضدهما على خلفية نشاطهما السياسي والحقوقي. ففي سنة 1989 زجّ براضية النصراوي في السجن بدعوى أنها « نالت من كرامة رئيس الدولة » في مرافعتها على المعارض الأستاذ جلولة عزونة القيادي وقتها بحزب الوحدة الشعبية. وفي جانفي 1992 وعلى إثر إدانة حزب العمال الشيوعي التونسي، في بيان له، التعذيب الوحشي الذي تعرّض له الإسلاميون، أثناء اعتقالهم، أوقفت السلطة حمه الهمامي وحاولت أن تلصق به تهمة اقتحام مقر حزب الوحدة الشعبية، موظفة ما كان بين الحزبين من خلافات. ولكن قيادة هذا الحزب نفت أن يكون حمه الهمامي قام بأي اعتداء ورفضت أن يكون حزب الوحدة الشعبية غطاء لتصفية حسابات لا ضلع له فيها. ومع ذلك أبقي حمه الهمامي شهرا في السجن وألصقت به تهمة « الاعتداء على الأخلاق الحميدة » لتبرير سجنه. وفي سنة 1994 أوقف حمّه الهمامي بسوسة وكان يعيش في السريّة بعد أحكام بالسجن صادرة ضده في قابس بتهمة الانتماء إلى « جمعية غير مرخص فيها » وقد تعرّض وقتها لتعذيب وحشي. وأمام رفضه تقديم اعترافات حول مكان « اختبائه » وحول رفاقه في الحزب افتعل له البوليس السياسي قضية « تدليس بطاقة تعريف « . وفي عام 1998 وعلى إثر حملة اعتقالات في صفوف حزب العمال الشيوعي التونسي، حاولت السلطة « تحييد » الأستاذة راضية النصراوي حتى لا تتمكن من النيابة في القضية وذلك باتهامها بالمشاركة في « عصابة مفسدين » وتحويل مكتبها كمحامية إلى مقر لاجتماعات هذه « العصابة »، وحكم على الأستاذة مع مناضلات ومناضلين آخرين بـ6 أشهر سجنا مع تأجيل التنفيذ. ومن القضايا المفتعلة المعروفة يمكن ذكر هذه القضايا: 1993 – نوفل الزيادي: الأمين العام الأسبق لاتحاد الطلبة، افتعلت له قضية استهلاك مخدرات وسجن عقابا له على مواقفه النقابية والسياسية. 1994 – نجيب الحسني: المحامي والناشط الحقوقي الذي كان له دور هام في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي (1991 – 1994) في فضح الانتهاكات التي كان ضحيتها النشطاء السياسيون والحقوقيون. ومن أجل إسكاته أوقفته السلطات ولفقت له قضية « تزوير عقد شراء أرض » وحكم عليه بالسجن، الذي قضى فيه ما يزيد عن العامين. 1995 – محمد مواعدة: الأمين العام السابق لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين افتعلت له قضية « التواطؤ مع دولة أجنبية والحصول منها على أموال « . وحكم عليه بـ9 سنوات سجنا. وكان السبب الحقيقي رسالة مفتوحة وجهها إلى بن علي منتقدا فيها حالة الحريات المتردية بالبلاد. 1996 – خميس الشماري: القيادي سابقا بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين افتعلت ضده قضية، لوقوفه إلى جانب محمد مواعدة، وسجن بتهمة « إفشاء سرّ التحقيق في قضية مواعدة ». 2000 – جلال الزغلامي: المناضل اليساري، افتعلت ضده قضية « اعتداء بالعنف على موظف » وسجن وكان السبب الحقيقي نشاطه بمناسبة إضراب الجوع الذي شنه شقيقه توفيق بن بريك. كما اعتقلت السلطات جلال الزغلامي من جديد صحبة شقيقه نجيب واتهمتهما بـ »العنف »، وكان ذلك مدة قصيرة قبل انتخابات 2004. 2005 – محمد عبو: المحامي والناشط الحقوقي والسياسي، افتعلت له قضيتان منهما قضية اتهم فيها بالاعتداء على زميلته وحوكم وسجن لمدة تزيد على العامين. وكان السبب الحقيقي، نشره مقالا بالأنترنيت انتقد فيه، بأسلوب ساخر دعوة بن علي، مجرم الحرب أرييل شارون، لزيارة تونس للمشاركة في القمة العالمية لمجتمع المعلومات. ويتواصل افتعال القضايا ضد المناضلين والمناضلات والزج بهم في السجون. فمباشرة بعد انتهاء المهزلة الانتخابية وفي غمرة « الاحتفالات » بـ »الفوز الساحق » لبن علي ولحزبه « التجمع » وتنفيذا للتهديدات التي أطلقها بن علي اعتقلت الدكتاتورية الصحفي والكاتب توفيق بن بريك بعد أن لفقت له تهمة حق عام (الاعتداء بالعنف على امرأة) وزجت به في السجن في انتظار محاكمته أواخر هذا الشهر. وكان زهير مخلوف، الصحفي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي، قد نال نفس المصير قبل ذلك بحوالي أسبوع. ويتواصل استهداف الصحفيين والمناضلين بالتهديد والاعتداء بالعنف وتلفيق القضايا. ومن المرجح أن تتوسع دائرة القمع لتشمل الجميع خاصة بعد استدعاء أستاذة المسرح فاطمة الرياحي على خلفية رسوم كاريكاتورية موجودة بمدونتها. ومن البديهي أن بن علي لن يوقف هجمته من تلقاء نفسه، لذلك لابد من تضافر كل الجهود للتصدي لهذا الهجوم. (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

اللجنة الجهوية لمساندة زهير مخلوف و نشطاء المجتمع المدني سوسة بيان

نحن نشطاء المجتمع المدني بسوسة  المجتمعون لدراسة و نقاش آخر المستجدات على الساحة الوطنية و ما آلت إليه أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في ربوع الوطن في المدة الأخيرة و بعد وقوفنا مطولاعلى 1 الظروف و الكيفية التي تم فيها اعتقال كل من  زهير مخلوف عضو الحزب الديمقراطي التقدمي و عضو جمعية حرية وإنصاف والصحفي توفيق بن بريك و  إحالتهما للقضاء بتهم كيدية على خلفية نشاطهما الإعلامي الحر 2 الظروف التي تم فيها خطف المناضل محمد السوداني و إخفاءه عن عائلته و رفاقه في خرق واضح للقانون و الدستورو محاكمته بتهم باطلة و ملفقة 3 الظروف التي تم فيها اعتقال مجموعة من الطلبة الذين نفذوا اعتصاما للمطالبة بحقهم المشروع في السكن الجامعي 4 ما تعرض له المناضل حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي والصحفي  لطفي الحجي مراسل موقع الجزيرة نات من اعتداء بالعنف الشديد على خلفية تدخلاتهم في بعض المحطات الفضائية العربية و الأجنبية 5 ما تعرضت له المناضلة راضية النصراوي و سهام بن سدرين والصحفي سليم بوخضير من مضايقات متنوعة و هرسلة مستمرة المراد منها تضييق الخناق حولهم و ثنيهم عن ممارسة نشاطهم الحر صلب المجتمع المدني لذلك وبناءا عليه فإننا نعتبر أن كل المظاهر التي ميزت المشهد السياسي التونسي في المدة الأخيرة تعد خطوة جديدة إلى الوراء في اتجاه تكريس مزيد من الاستبداد و الانغلاق في الوقت الذي كنا نطمح فيه إلى خطوات جريئة باتجاه تكريس الديمقراطية و التعددية ندعو السلطة إلى الكف عن مضايقة نشطاء المجتمع المدني و الأحزاب السياسية كما ندعوها إلى التخلي الفوري على سياستها الأمنية في التعاطي معهم و احترام مبدءا الاختلاف نندد بشدة بالاعتداءات الجسدية و العنف المادي و المعنوي الذي تعرض له المناضلون و المناضلات سابقي الذكر و ندعو السلطة إلى احترام حرمة الجسد و التخلي عن سياسة الترهيب ندعو السلطة إلى فتح تحقيق فوري في هذه الاعتداءات و محاسبة القائمين عليها و المتسترين عليهم و إحالتهم للعدالة نعلن عن تكوين اللجنة الجهوية لمساندة زهير مخلوف و نشطاء المجتمع المدني  و نعلن عن استعدادنا الدائم واللامشروط للنضال من اجل فرض حقهم في الحرية و إطلاق سراحهم عن اللجنة حليم المؤدب ، رياض الحوار ، جمال مسلم ، صالح هاشم ، حميدة الدريدي ، ساسي كحلول ، أحلام جفال

لنوقف الهجمة على الإعلاميين وعلى مناضلي الحركة الديمقراطية

مباشرة بعد انتهاء المهزلة الانتخابية وفي غمرة احتفالات الدكتاتورية النوفمبرية بـ »الفوز الساحق » لبن علي ولحزبه « التجمع » في هذه المهزلة، وتنفيذا للتهديدات التي أطلقها بن علي ضد كل من يشكك في « نزاهة » هذا « الفوز »، شنّ البوليس السياسي هجوما على المعارضة مستهدفا بالدرجة الأولى الصحفيين. فقد استدعى البوليس الكاتب والصحفي توفيق بن بريك ولفق له تهمة (الاعتداء بالعنف على امرأة) وزج به في السجن في انتظار محاكمته أواخر هذا الشهر بتهم ملفقة قد تصل عقوبتها إلى 5 سنوات. ويعود السبب الحقيقي لاعتقال بن بريك إلى سلسلة المقالات والحوارات الصحفية التي نشرها والتي بين فيها الطابع المهزلي لانتخابات 25 أكتوبر. كما تعرّض مساء الأرٍبعاء 28 أكتوبر الصحفي سليم بوخذير إلى اختطاف من أمام منزله قامت به عصابة من البوليس السياسي واقتادته على متن سيارة خاصة إلى غابة بلفدير واعتدت عليه اعتداء فظيعا مخلفة له إصابات بليغة بكامل أجزاء بدنه. ولم يكتف المعتدون بذلك بل جرّدوه من ملابسه وافتكوا كل ما لديه من وثائق شخصية وغيرها ومال وهاتف… ويأتي هذا الاعتداء على خلفية ما يكتبه بوخذير من مراسلات صحفية تعرّض فيها بالخصوص لتفاقم ظاهرة الفساد وضلوع المقربين من بن علي فيها. ويوم الخميس 29 أكتوبر تعرّض الصحفي لطفي حاجي عند عودته من قطر للسبّ والشتم من طرف مجهولين على مقربة من مطار تونس قرطاج الدولي. ووقع تهديده مرة أخرى عندما عاد إلى المطار مسافرا إلى لبنان. وفسّر حجي هذا الاعتداء بتصريحاته لقناة الجزيرة التي انتقد فيها انتخابات 25 أكتوبر التي أبقت بن علي في الرئاسة ومكنت حزبه من مواصلة هيمنته على مؤسسات الحكم. كما تعرّضت الصحفية والناشطة الحقوقية سهام بن سدرين يوم 4 نوفمبر إلى اعتداء من طرف أعوان البوليس السياسي عندما كانت أمام المحكمة لمواكبة محاكمة الصحفي زهير مخلوف. ويأتي هذا الاعتـــــــداء عقابا لها على نشاطها الصحفي المستقل وخاصة في « راديو كلمة » الـذي يتعرّض العاملون فيه إلى شتى أنواع المضايقة والتهديد. ومن المعلوم أن السلطات كانت اعتقلت يوم 21 أكتوبر 2009 الناشط الحقوقي وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي، زهير مخلوف على خلفية تحقيق حول الظروف البيئية في المنطقة الصناعية بنابل وانعكاساتها على حياة السكان. وسيحال مخلوف على المحكمة يوم 3 نوفمبر بتهم مفتعلة. ولا يجب أن ننسى ما تعرّض له « راديو 6″، إذ داهم البوليس مقر هذه الإذاعة وصادر كل الأجهزة والمعدات وأغلق المحل، في انتظار محاكمة العاملين فيه بتهم مفتعلة. وكان العاملون في « راديو6 » قد اعتصموا للمطالبة بحقهم في بعث إذاعات حرة ومستقلة. وكان البوليس السياسي اعتدى يوم 29 سبتمبر 2009 على الرفيق حمه الهمامي الناطق باسم حزب العمال ومدير جريدة البديل المحظورة وعلى زوجته راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب، وذلك بمطار تونس قرطاج على خلفية تصريحات حمه الهمامي لقناتي الجزيرة (25 سبتمبر 2009) وفرنسا 24 (26 سبتمبر 2009). وعلى إثر ذلك عمدت السلطات إلى افتعال قضية حق عام ضد الزوجين. وما يزال الحي الذي يسكنانه محاصرا من طرف أعوان البوليس السياسي. وقد شمل الهجوم أيضا كل من اتصل بالصحافيين الأجانب أثناء الحملة الانتخابية. ومن أخطر ما سجل في هذا الإطار حالة المناضل الطلابي محمد السوداني الذي انقطعت أخباره منذ أكثر منذ أسبوعين. وأكد شهود عيان أن آخر مرة شوهد فيها كان بصحبة صحفية بأحد النزل وسط العاصمة وقد لاحظوا وجود عدد من أعوان البوليس السياسي يتربصون به. وقد تمكن محمد السوداني من الاتصال ببعض أصدقائه وأكد لهم أن البوليس السياسي يحاول اختطافه، لتنقطع أخباره بعد ذلك. وقد أكدت الصحفية التي كان بصحبتها محمد السوداني أن البوليس السياسي كان موجودا بكثافة في محيط المكان الذي اجتمعت فيه معه. وهذا يؤكد أنه تعرّض لمكروه خاصة وأنه لا يوجد سبب آخر يجعله يختفي. ومما يزيد من المخاوف على حياته أن اختطافه جاء في وقت استشرى فيه القمع البوليسي. وفي نفس الفترة شددت الدكتاتورية النوفمبرية محاصرتها لصحف المعارضة (الموقف، الطريق الجديد، مواطنون) وحجزت بعض الأعداد واستعملت طرقا ملتوية لمنع وصولها إلى القراء، ووصل بها الأمر إلى حد الاتصال بالمطابع التي تطبع هذه الصحف وإلزامها بعدم تسليم النسخ إلى مستحقيها. وهو ما دفع هذه الصحف إلى محاولة التنسيق في ما بينها لمواجهة هذا المنع والتضييق. ولم يستثن الهجوم الصحافة الإلكترونية ومستعملــــــي الأنترنيت. ونكتفي بالإشارة في هذا الصدد إلى حالة أستاذة المسرح فاطمة الرّياحي التي تمّ اعتقالها يوم 4 نوفمبر في العاصمة ومداهمة منزلها في المنستير ومصادرة حاسوبها الشخصي. ويأتي هذا الاعتقال على خلفية مقالات ورسوم كاريكاتورية نشرت على مدوّنتها. ويأتي هذا الهجوم الشامل على الإعلام استكمالا لما كان بن علي قد بدأه منذ مدة، من انقلاب على نقابة الصحافيين وعلى مكتبها الشرعي وتنصيب مكتب موال ومتواطئ مع السلطة. وكذلك الهجوم على قناة « الحوار التونسي » ومحاصرة العاملين فيها والمتعاملين معها، ومن بينهم الفاهم بوكدوس، مراسل القناة في قفصة، المحاكم غيابيا بـ6 سنوات سجنا. ولا يخفى على أحد أن الهدف من هذه الهجمة الشرسة هي تكميم الأفواه وفرض حالة من الصمت على الجميع وإشاعة جوّ من الرعب في صفوف الصحافيين الأحرار لإجبارهم على ملازمة الصمت في اتجاه خلق خطوط حمر ورقابة ذاتية تكبل العمل الصحفي. وقد بات واضحا أن هذه الخطوط الحمر تتعلق أساسا بملف الفساد وضلوع المقربين من بن علي فيه، وكل من يتجاوزها سيكون مصيره مثل مصير سليم بوخذير وتوفيق بن بريك. إن حزب العمال الشيوعي التونسي إذ يدين بشدّة هذا الهجوم وهذه الاعتقالات والقضايا المفتعلة انتهاكا لحرية التعبير والإعلام، وطمسا للحقيقة حول استشراء الفساد وحول انتخابات لا تتوفر فيها الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة فإنه، يدعو كل القوى الديمقراطية أحزبا وجمعيات ومنظمات وشخصيات إلى التصدي لهذا المنزلق الخطير الذي لا يستثني أحدا، والمطالبة بـ:  الكشف عن مصير المناضل الطلابي محمد السوداني وتحميل السلطة كل مكروه يصيبه.  إطلاق سراح الصحفي توفيق بن بريك والناشط الحقوقي والسياسي زهير مخلوف، دون قيد أو شرط.  إنهاء التتبع ضد مراسل قناة الحوار الفاهم بوكدوس  الكف عن افتعال قضايا حق عام ضد مناضلي الحركة الديمقراطية ووقف كل التتبعات ضد حمه الهمامي وراضية النصراوي ورفع الحصار عن محل سكناهم.  إيقاف الجناة الذين اعتدوا على سليم بوخذير وعلى سهام بن سدرين وإحالتهم على القضاء.  رفع التضييقات عن صحف المعارضة (الموقف، الطريق الجديد، مواطنون) وعن الإذاعات المستقلة (راديو كلمة، راديو6…).  إطلاق سراح فاطمة الرياحي ورفع القيود عن الأنترنيت وعن مستعمليها.  رفض المكتب المنصّب على نقابة الصحافيين ورفع جميع القيود لكي يمارس الصحافيون حقهم في التنظم دون وصاية أو تدخل من السلطة.
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)  

عريضة

دفاعا عن كرامة الصّحافيين وحريّاتهم

دفاعا عن مستقبل تونس


نحن الصحفيين التّونسيين الموقّعين على هذه العريضة، إذ نستحضر نضالات شعبنا المجيدة من أجل الحرية والتقدم، وإذ نتابع ما آلت إليه أوضاع الحريات العامة والفردية في البلاد وعلى رأسها حرية الصحافة من تدهور مأسوي، بلغ ذروته في الآونة الأخيرة بحملة تشويه وموجة اعتداءات سافرة طالت عددا من الزملاء الصحفيين نعلن للرأي العام الوطني والدّولي ما يلي:  أولا : تضامننا الكامل مع زملائنا الذين تعرضوا لأي شكل من أشكال الإهانة أو الاعتداء المادي أو المعنوي أو السجن.  ثانيا : رفضنا منطق التهديد والوعيد الذي بات يطوق الأقلام الحرة ويصادر حقّها المهني في متابعة الشأن العام ونقل الحقائق إلى المواطن التونسي.  ثالثا:  تنديدنا بالأقلام المعروفة التي تعودت هتك الأعراض وتوزيع تهم التخوين المجاني للوطن سواء على شخصيات عامة أو على زملاء لنا هم محلّ تقدير كبير وندعو القضاء للقيام بدوره في ملاحقة مرتكبي الثلب والتشهير بأعراض الناس.  رابعا:  رفضنا الهيمنة الرسمية على قطاعنا والتي بدت مفضوحة في الانقلاب الذي استهدف المكتب المنتخب لنقابة الصحفيين والإتيان بآخر استهلّ مسيرته بتزكية جعلته طرفا في حملة انتخابية يفترض بالصحفيين أن يبقوا فيها على مسافة واحدة من الجميع وبالوقوف موقف المتفرج إزاء حملة الاعتداءات على الصحافة والصحفيين. وندعو إلى رفع اليد عن نقابتنا لتمثل الإرادة الحرة المستقلة للصحفيين التونسيين.   خامسا: تأكيدنا على أنّ من جوهر مهنتنا وصميم واجبنا تجاه ضمائرنا وشعبنا أن نتطارح الشأن العام ونقدم حقيقة الواقع للمواطن بقطع النظر عن معارك السياسيين فلهم حساباتهم ولنا قيم مهنتنا القائمة على نقل الحقائق واحترام تعددية الآراء والاستقلالية تجاه الجميع.  عاشت الصحافة التونسية حرة مستقلة  الموقّعون: 1-   كمال العبيدي – صحفي – الولايات المتحدة الأميركية 2-   نزيهة رجيبة « أمّ زياد » – صحفية – كلمة – تونس 3-   ناجي البغوري – صحفي – الصحافة – تونس 4-   زهير لطيف – صحفي – بريطانيا 5-   رشيد خشانة – رئيس تحرير – الموقف – تونس 6-   محمد كريشان – صحفي ومذيع أخبار- الجزيرة – قطر 7-   لطفي حجي – صحفي – تونس 8-   ليلى الشايب – صحفية ومذيعة أخبار – الجزيرة – قطر 9-   نجيبة الحمروني – رئيسة تحرير – مجلة « كوثريات » – تونس 10-  بشير واردة – صحفي – وكالة تونس إفريقيا للأنباء –  تونس 11-  نوفر الرامول – صحفية ومذيعة أخبار – الجزيرة – قطر 12-  الهادي يحمد – صحفي – إسلام أون لاين – فرنسا 13-  سكينة عبد الصمد – صحفية – مؤسسة التلفزة التونسية – تونس 14-  فتحي إسماعيل – صحفي – الجزيرة – قطر 15-  ألفة الجامي – صحفية – قناة الصباح الإخبارية – الكويت 16-  آمال وناس – صحفية – الجزيرة – قطر 17-  عبد الباقي خليفة – مراسل صحفي – البوسنة 18-                    نبيل الريحاني – صحفي – الجزيرة – قطر 19-  إسماعيل دبارة – صحفي – الموقف – تونس 20-  بسام بونني – صحفي – الجزيرة – قطر 21-  سفيان الشورابي – صحفي – الطريق الجديد والأخبار اللبنانية – تونس 22-  الطاهر العبيدي – صحفي – فرنسا 23-  لطفي الحيدوري – صحفي – كلمة – تونس 24-  ريم بن علي – صحفية – تونس 25-  توفيق العياشي – صحفي – الطريق الجديد – تونس 26-  أيمن الرزقي – صحفي – قناة الحوار – تونس 27-  سامي فراد – صحفي – تلفزيون البحرين – البحرين 28-  محمد بوعود – صحفي – الوحدة – تونس 29-  محمود العروسي – صحفي – الطريق الجديد – تونس 30-  محمد الفوراتي – صحفي – الشرق – قطر 31-  جمال دلالي – صحفي – قناة الحوار – بريطانيا 32-  رمزي الدوس – صحفي ومنتج أخبار – الجزيرة – قطر 33-  المولدي الزوابي – صحفي – كلمة – تونس 34-  فرحات العبار – صحفي – الجزيرة – قطر 35-  نور الدين العويديدي – صحفي – الجزيرة – قطر 36-  محمود العروسي – صحفي – الطريق الجديد – تونس 37-  سلمى الجلاصي – صحفية – الشعب – تونس   هذه العريضة مفتوحة فقط للصحفيين التونسيين الذين يمتهنون الصحافة حصرا. للتوقيع الرجاء إرسال الاسم واللقب والصفة الصحفية والمؤسسة وبلد العمل إلى العنوان التالي : freepresstunisie@yahoo.fr

 

الرّديف تخرج لاستقبال أبطالها

عاد مساجين الحوض المنجمي إلى أهاليهم بعد أن قضوا مددا تراوحت بين النصف سنة والسنة والنصف. وما إن وصل خبر الإفراج حتى خرج الأهالي إلى الشوارع احتفالا بهذا الانتصار. وعند وصول عدنان الحاجي والبشير العبيدي وبعض المفرج عنهم الآخرين غصت شوارع الرديف بالأهالي الذين خرجوا بالآلاف لاستقبالهم. وانتظم بهذه المناسبة اجتماع حاشد افتتحه عدنان الحاجي بترديد قصيد: علمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي… ». وسط هتافات الحاضرين وترديدهم لشعارات النصر والشكر لعدنان الحاجي ورفاقه. بعد ذلك طلب عدنان من الحاضرين الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح الشهداء الذين سقطوا برصاص « العصابات والظالمين »، ليواصل بعد ذلك تدخله بتوجيه الشكر إلى الأهالي الذين وضعوا ثقتهم في قادة التحرك وساندوهم إلى آخر لحظة، وإلى الاتحاد العام التونسي للشغل « وفي مقدمته أمينه العام »، ونقابة التعليم الأساسي التي نظمت إضرابا للمطالبة بإطلاق سراحهم. كما توجه بالشكر إلى كل الأحزاب والمنظمات والجمعيات في الداخل والخارج التي ساندت تحركهم وطالبت بإطلاق سراحهم. ووجه شكرا خاصا إلى المحامين الذين تكبدوا المشاق وتطوعوا مجانا للدفاع عنهم. وأكد عدنان الحاجي أن النضال سيتواصل من أجل تحقيق المطالب التي كانت سببا لاندلاع الاحتجاجات ووعد الأهالي بأن « الآتي سيكون أفضل للرديف ولأهاليها وأنهم سينعمون بخيرات بلادهم « . وفي الأخير طلب من المجتمعين التفرّق في هدوء والتعبير عن الفرح بعيدا عن العنف حتى لا يعطوا الفرصة للمتربصين بالرديف وبأهلها والذين قال عنهم بأنهم بدأوا بالاتصال بوزارة الداخلية وبالرئاسة للتحريض بأن « الجماعة عادوا للمظاهرات وللمشاكل « . بعد ذلك تدخل بشير العبيدي متوجها بالشكر إلى الأهالي وإلى كل من وقف إلى جانبهم، متوجها بتعازيه الحارة إلى كل الذين فقدوا عزيزا في الفيضانات الأخيرة. وقد تخلل تدخل عدنان وكذلك كلمة البشير الهتافات ورفع الشعارات ومن بينها:  نعم لن نموت ولكننا سنقتلع الموت من أرضنا  خبز حرية كرامة وطنية، شغل حرية كرامة وطنية  بالروح بالدم نفديك يا عدنان، بالروح بالدم نفديك يا بشير.
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

لأول مرّة في تاريخ تونس : حزب ديكور غير معترف به !

البيانات الانتخابية التي شاركت بها القائمات المستقلة « من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية » التابعة لـ »الحزب الاشتراكي اليساري « ، لم ترق حتى إلى مستوى البيانات الانتخابية التي شاركت بها أحزاب الديكور. وفي ما يلي مقتطف من البيان الانتخابي للقائمة المستقلة « من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية » بدائرة القيروان: نحن مجموعة من المناضلات والمناضلين من اليسار الاشتراكي الذي يسعى إلى أن يجعل من الإصلاح مكونة من توجهاته السياسية. ننطلق من المكاسب التي حققتها الجمهورية باعتبارها مكاسب للمجتمع بأسره، لاقتراح مشروعنا البديل، ولا نتنكر لمجهودات غيرنا ونعتبر أن كل عمل إنساني قابل للإصلاح والتطوير والتغيير والمراجعة، لذلك أعدنا الاعتبار للفعل السياسي اليساري من مواقع البحث عن الحلول والبدائل وتركنا موقع « الاحتجاج » لصالح المشاركة البناءة في الحياة السياسية. نحن الاشتراكيين اليساريين نعارض الخيارات وننقد المواقف والممارسة ولكننا لا نمس بالذوات ولا نجرح ونتعرض للحياة الخاصة للمسؤولين والأشخاص ونقف ضد من يقوم بذلك. وننبذ اعتماد العنف المنظم كأسلوب تعامل وعمل في الحياة السياسية وفي العلاقة بين الأحزاب والجمعيات والمنظمات وكإيديولوجية تغيير. كما أننا نحترم المؤسسات الرسمية للدولة ونتعامل معها ونرفض العلاقة بالخارج التي تمس من السيادة الوطنية ونتعاون مع القوى التقدمية والديمقراطية والوطنية ونرفض التنسيق والتعاون والتحالف مع أصحاب المشاريع الاستبدادية المتسترة بالدين أو بأي إيديولوجيا كليانية أخرى . » لا مجال للشك في كون هذا هو أساس خطاب كل الأحزاب الإدارية في تونس. لكن هذا الخطاب جاء هذه المرة على لسان حزب إداريّ غير معترف به. وهي حالة تؤكد المأزق الذي آلت إليه الحياة السياسية في تونس، وكيف أن الانتهازية لم تعد مقتصرة على أحزاب الديكور التي تتلقى دعما من السلطة مقابل قيامها بشاهد الزور بل امتدت لتشمل حزبا غير معترف به ! ونحن نتساءل: ما الذي يمنع السلطة من الاعتراف بهذا الحزب ليعزّز الديكور الديمقراطي؟
(المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

مهازل المهزلة

الشهادات التي جاءت على لسان المواطنين وعلى لسان المراقبين من أحزاب المعارضة وحتى من أحزاب الديكور تؤكد أن مهزلة هذه السنة كانت بدون منازع مهزلة المهازل. 1 – تضخيم نسبة المشاركة: كل المواطنين أكدوا أن الإقبال على هذه الانتخابات كان ضعيفا جدا وهو ما يمكن ملاحظته بمجرد المرور أمام مكاتب الاقتراع التي كانت فارغة أو تكاد. وقد أكد أحد شهود العيان، كان متواجدا بأحد مكاتب الاقتراع بصفة مراقب، أن عدد المسجلين كان 610 ولم يأت للتصويت سوى 205 ناخبا فقط. إلا أن الفرز أثبت تصويت أكثر من 570 ناخبا. المراقب المذكور استغرب كيف تمكن أعوان « التجمع » من تضخيم نسبة المشاركين وهو الذي لم يغادر المكتب إلا لبضعة دقائق للذهاب إلى دورة المياه. وما وقع في هذا المكتب وقع في عديد المكاتب الأخرى خاصة وأن المراقبين المستقلين على قلتهم تعرّضوا إلى الضغط وإلى إجبارهم على مغادرة المكتب بصفة مباشرة (افتعال خصومة واستدعاء الأمن…) أو بصفة غير مباشرة فعندما يغادر هؤلاء لقضاء حاجة أو شراء « كسكروت » تبدأ عملية التزوير. 2 – شراء الأصوات: وقع تسخير سيارات خاصة لجلب الناخبين من منازلهم، كما وقع الضغط على الناخبين من خلال الترويج بأن كل من لا ينخّب للرئيس سيعاقب بحرمان أبنائه من المنحة وسحب الرخص منه وإغلاق محله التجاري إلخ… 3 – « التجمّعيون » احتفلوا قبل الإعلان عن النتائج « التجمعيون » هم أكثر من يعرف صورية الانتخابات وأنها معلومة النتائج مسبقا، لذلك فإن بعض من وقع ترشيحهم للانتخابات التشريعية احتفلوا بـ »الفوز الساحق » قبل الإعلان عن النتائج. سَعِيد يوسف، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير، كان من بين هؤلاء، فتقبـّل التهاني ووزع المشروبات والمرطبات استعدادا لأخذ مكانه في مجلس النواب وما يعنيه ذلك من امتيازات. والوصول إلى مجلس النواب لا يعني في نظر الجميع سوى السيارة و »الدزة » والقرب من أصحاب النفوذ وتلقي الرشاوي… (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

تسجيل اول حالة وفاة بانفلونزا (اتش1ان1) في تونس

تونس (رويترز) – قالت مصادر طبية في مستشفى بالمهدية شرقي العاصمة تونس يوم الاثنين انه تم تسجيل اول حالة وفاة بانفلونزا (اتش1ان1) في البلاد. وأضافت المصادر ان الرجل المتوفي اسمه الهادي كرومة وعمره 34 عاما وهو من منطقة ملولش التابعة لمحافظة المهدية الواقعة على بعد 250 كيلومترا من العاصمة تونس. وقال اطباء ان التحاليل اثبتت انه مصاب بفيروس (اتش1ان1) وبقصور كلوي. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

تونس: الإعلان عن أوّل حالتي وفاة بسبب إنفلونزا الخنازير

كشفت مصادر طبية تونسية عن وفاة أول تونسيين بعد إصابتهما بفيروس(أتش 1 أن 1) المعروف بأنفلونزا الخنازير. ونقلت صحيفة « الأسبوعي » التونسية – يوم الاثنين – عن مصادر صحية قولها إن الهالك الأول (33 عاما) يعمل بحارا في مدينة حلق الوادي » وأنه أصيب بالمرض في هذه المدينة ثم عاد إلى مسقط رأسه بمحافظة المهدية (وسط) حيث تدهورت صحته وتوفي بأحد مستشفيات هناك. وقال أطباء إن الهالك مصاب بقصور كبدي أفقد جسمه المناعة ضد الأمراض. ووضعت وزارة الصحة التونسية 70 شخصا من عائلة المتوفى والطاقم الطبي الذي باشره تحت المراقبة الطبية خشية انتقال العدوى. وأضافت الصحيفة أن الهالك الثاني كهل في الأربعينات من عمره « يعاني من مرض في القلب وأصيب بجلطة ويتطلب علاجه إجراء عملية جراحية على القلب لتغيير بعض الأوردة الدموية » دون أن تدلي بمزيد من التفاصيل. ونقلت الصحيفة عن مصادر طبية رسمية قولها إن عدد المصابين في تونس بإنفلونزا الخنازير ارتفع حتى يوم السبت الماضي- إلى نحو 200 شخص يقطنون في 14 محافظة من جملة 24 محافظة تونسية وأن من بين المصابين « عددا من التلاميذ بمحافظتي صفاقس ونابل ». وقررت سفارة فرنسا بتونس –يوم الخميس الماضي- إغلاق مدرستي « جوستاف فلوبير » الثانوية و »بول فيرنال » الابتدائية لمدة أسبوع بعد اكتشاف عدد كبير من الإصابات بإنفلونزا الخنازير في صفوف طلاب المدرستين. وأعلنت المدرستان التابعتان للبعثة الثقافية الفرنسية بتونس على موقعيهما في شبكة الانترنت أن قرار الغلق وقائي وأن الدروس ستستأنف بعد مضي أسبوع واحد من تاريخ الغلق. وكانت مدرسة « منداس فرانس » الفرنسية الثانوية أعلنت في أكثر من مناسبة إغلاق بعض الفصول لمدة ستة أيام إثر اكتشاف طلاب مصابين بإنفلونزا الخنازير في نفس الفصل،لكنها لم تتخذ بعد قرارا بغلق المدرسة بأكملها. ويقطن نحو خمسة آلاف طالب، أغلبهم من أبناء الجاليات الأجنبية (وخاصة الفرنكوفونية) المدارس الفرنسية بتونس. ووصفت الدكتورة منيرة قربوج المديرة العامة للصحة المدرسية والجامعية بوزارة الصحة العمومية التونسية قرار مدارس فرنسية بتونس إغلاق أبوابها أو بعض فصولها بأنه إجراء « وقائي » وهدفه « احتواء العدوى والسيطرة عليها ». وأعلنت المسؤولة تسجيل إصابات « معزولة » بإنفلونزا الخنازير في 10 مدارس تونسية (حكومية) تقع في ولايات تونس ونابل وصفاقس. وقالت « لم يتطلب الوضع غلق أي قسم أو مدرسة لأن الإصابات لم تبلغ الكثافة أو المعدلات الملزمة بإصدار قرار الغلق ». وقررت تونس إلغاء الحج والعمرة تحسبا من تفشي العدوى بالفيروس في صفوف مواطنيها ونقلهم الوباء إلى تونس عند عودتهم إلى بلادهم. وذكرت صحيفة « الأسبوعي » أن تونس شرعت في تلقيح مهنيي الصحة وعدد من موظفي الدولة في الأمن والجيش وأن عمليات تلقيح المصابين بأمراض مزمنة تبدأ يوم الاثنين. (المصدر: وكالة د ب أ الألمانية بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

عامل بحري أوّل ضحايا أنفلونزا الخنازير في تونس

المتوفى مصاب بقصور كبدي أضعف مناعته دون أن يعلم متابعة دقيقة لـ35  فردا من أقارب المتوفى و25 من أعوان الصحة

تونس ـ الاسبوعي: سجلت خلال الاسبوع الفارط اول حالة وفاة في تونس بفيروس AH1N1 المعروف بأنفلونزا الخنازير. وذكرت مصادر مطلعة لـ «الأسبوعي» ان بحارا اصيل ولاية المهدية يعاني من قصور كبدي خلف له ضعفا كبيرا في المناعة كانت وراء تدهور حالته الصحية علما أنه لم يتول العناية بحاله كما يجب. وتوفي الشاب الهادي كرومة (33 سنة) بالمستشفى الجامعي الطاهر صفر بالمهدية بعد ساعات من الاحتفاظ به بغرفة العناية المركزة بسبب تدهور حاد في حالته الصحية ـ حسب ما ذكرت مصادرنا ـ دون ان يتمكن الاطباء من إنقاذ حياته. وبعد فترة زمنية وجيزة من الوفاة تلقى الاطار الطبي نتيجة التحليل المجرى للمتوفي وكانت إيجابية  بما يعني ان الهادي مصاب بفيروس AH1N1 كما أكدت التحاليل الطبية الاخرى  المجراة له أنه يعاني من قصور كبدي خطير لم يكن على علم به ولم يتلق أي علاج للغرض وهو ما يعني ضعفا فادحا في مناعة الجسم كانت وراء تدهور صحته بسرعة. تعقيم ومتابعة حينها تجندت كل المصالح الصحية لاتخاذ التدابير الوقائية الضرورية والاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى الى أشخاص كانوا على علاقة مباشرة بالمتوفي كأفراد اسرته والاطار الطبي والشبه الطبي المباشر بملولش والمهدية. واخضع أقاربه والاطباء والممرضون الذين تابعوا حالته الصحية للمراقبة المستمرة كما تم تعقيم غرف الفحص والاقامة التي عولج فيها المتوفي ومنزل عائلته وبعض الاماكن الاخرى التي يرجح أنه زارها وهو مصاب بالمرض. واتخذت اجراءات وقائية صارمة جدا تجنبا لحصول أية عدوى من ذلك وضع فريق طبي وشبه طبي على ذمة أفراد عائلة المتوفي لمتابعة حالتهم الصحية بمعدل مرتين في اليوم كذلك الشأن بالنسبة للاطارات الطبية وشبه الطبيةالتي تعاملت مباشرة مع المصاب. إصابة في حلق الوادي ووفاة في تونس وكان المتوفي يعمل في قطاع الصيد البحري بحلق الوادي بالضاحية الشمالية للعاصمة وعاد قبل أيام إلى مسقط رأسه لزيارة العائلة ولكن عودته رافقها تطور في الاصابة بأعراض الانفلونزا الموسمية فتوجه إلى قسم الاستعجالي بالمستشفى المحلي بملولش للعلاج. وإثر الفحوصات الاولية غادر الهادي باتجاه المنزل حيث تناول بعض الادوية وبعد يومين تعكرت الحالة الصحية للشاب وبات يشعر بتعب شديد مرفوق بارتفاع في درجة الحرارة فسارع أقاربه بنقله إلى مستشفى الجهة. وبعرضه على الاطار الطبي المباشر طلب نقله في الحين الى المستشفى الجامعي بالمهدية بواسطة سيارة إسعاف وبوصوله  احتفظ به في حالة وصفت بالمعقدة وتجند الاطباء والممرضون لإنقاذه غير أنه ما لبث أن فارق الحياة في ظروف غامضة. أسرة المتوفي مستاءة ولمزيد من التوضيحات اتصلت «الاسبوعي» بعائلة المتوفى حيث أفادنا أحد أفرادها ان الهادي كان يعمل بحلق الوادي وعاد إلى مسقط رأسه بمنطقة الكرايمة الريفية بأحواز ملولش. وفي يوم الاحد 8 نوفمبر الجاري أحس بأعراض الأنفلونزا مع ارتفاع طفيف في درجة الحرارة  ـ يتابع محدثنا ـ «فتوجه إلى قسم الاستعجالي بمستشفى الجهة وبعد فحصه طلب منه الاطار الطبي المباشر العودة في اليوم الموالي ولكن الهادي عاد إلى البيت حيث تناول بعض الادوية وركن للراحة وفي اليوم الموالي لم يعد الى المستشفى بل ظل بالبيت حتى تدهورت حالته الصحية بطريقة غريبة حتى أنه بات عاجزا عن المشي». وأضاف محدثنا «في حدود الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء نقلناه إلى مستشفى ملولش فقاموا بنقله الى مستشفى المهدية نظرا لتدهور حالته الصحية، وبوصولنا تم الاحتفاظ بالهادي بغرفة العناية المركزة فيما طلب منا التحول الى مخبر للتحاليل الطبية  لتحليل عينة من دم المرحوم دون أن نكون على دراية بما يجري وبعودتنا الى المستشفى صدمنا للخبر، إذ أعلمنا الاطار الطبي بوفاة الهادي جراء نقص حاد في الكريات البيضاء دون مزيد من التوضيحات قبل ان نفاجأ بهم يطلبون منا الاسراع  بإخراج جثمان المرحوم من المستشفى ونقله إلى منزل عائلته لدفنه دون إعلامنا بشيء وهو ما أثار استياءنا خاصة بعد أن فوجئنا لاحقا بقدوم طاقم طبي إلى البيت لمتابعة حالتنا الصحية وإعلامنا بأن الهادي كان مصابا بانفلونزا الخنازير». وختم محدثنا بالقول «نحن نطالب بتقرير مفصل حول ما حدث.. نناشد وزارة الصحة العمومية كشف حقيقة ما جرى خاصة وأننا نعتقد بوجود تقصير أثناء تدخل الاطار الطبي بقسم الاستعجالي بمستشفى ملولش الذي طلب من الهادي بعد اخضاعه لبعض الفحوصات العودة في اليوم الموالي (الاثنين). رئيس المصلحة الجهوية للرعاية الصحية الأساسية بالمهدية لـ «الاسبوعي»: المتوفي مصاب بانفلونزا الخنازير!! من جانبه أفادنا الدكتور صالح عمر رئيس المصلحة الجهوية للرعاية الصحية الأساسية بالمهدية أن الحالة تتعلق بمرض شخص يعمل بحلق الوادي وعودته وهو مصاب بأنفلونزا إلى مسقط رأسه بمنطقة ملولش فتحول إلى المستشفى المحلي بالجهة ونظرا لخطورة حالته فقد سارع الاطار الطبي بنقله على متن سيارة إسعاف ـ دون العلم بنوعية الأنفلونزا التي يعاني منها ـ إلى المستشفى الجامعي الطاهر صفر بالمهدية حيث احتفظ به تحت العناية المركزة غير انه توفي. وذكر رئيس المصلحة الجهوية للرعاية الصحية الأساسية بالمهدية ان «نتيجة التحليل التي تلقيناها هاتفيا كانت إيجابية» ما يعني ان المتوفي كان مصابا بفيروس 1N1AH ولكنه اعتذر في المقابل عن ذكر سبب الوفاة (!!) خاصة وان المتوفى كان يعاني أيضا من مرض مزمن كشفته التحاليل المجراة على عينة من دمه دون أن يكون على علم به أو يتابع علاجا في الشأن. غير ان مدير الرعاية الصحية الاساسيـة بوزارة الصحـة العمومـية أفادنا بان نقص مناعة المتوفى ناجمة عن إصابته بقصور كبدي جعل عدد الكريات البيضاء واللوحات)plaquette(  دون الحدود الدنيا بكثيربما يعني أن دخول أي فيروس للجسم تنتهي به إلى موت محقق إلا في حالات نادرة و بتدخل علاجي فعال خلال الساعات الأولى للاصابة وهو ما أدى إلى التعكر السريع للحالة الصحية  للعامل البحري إثر إصابته بفيروس انفلونزا الخنازير. 70 شخصا تحت المراقبة وعن الاجراءات المتخذة إثر التأكد من حمل المتوفي لفيروس  1N1AH أشار الدكتور صالح عمر أن  كل المصالح الصحية تجندت واتخذنا الاحتياطات الوقائية اللازمة من ذلك مراقبة 35 فردا من أقارب المتوفي بمعدل مرتين في اليوم طيلة أسبوع ومتابعة حالة 10 من أعوان الصحة بملولش و25 عونا من مستشفى المهدية الذين تعاملوا مباشرة مع المريض في مختلف الاقسام التي تردد عليها . وأكد محدثنا ان الحالة الصحية للجميع (70 شخصا) عادية الى حد الان  فقط اكتشفنا ارتفاع درجة الحرارة لدى إحدى أعوان الصحة ولكن نتيجة التحليل الذي ارسلناه إلى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة جاءت سلبية والحمد لله. وهو مؤشر إيجابي على سيطرتنا على الموقف بفضل الاجراءات الحينية المتخذة . مضيفا «كذلك قمنا بتعقيم أنحاء من مستشفى ملولش وسيارة الاسعاف وغلق غرفة العناية المركزة التي اقام بها المتوفي وتعقيمها مثلما تقتضيه خطة التدخل في مثل هذه الحالات». انطلاق عمليات التلقيح وفي سياق متصل أفاد الدكتور صالح عمر أن «13 مركزا للتلقيح ضد فيروس 1N1AH فتحت يوم الجمعة الفارط أبوابها بمختلف معتمديات ولاية المهدية بينها ثلاثة مراكز بالمهدية المدينة وقد انطلقت عملية التلقيح فعليا لكل أعوان الصحة العمومية وأيضا للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والنساء الحوامل بالتنسيق مع المصالح المعنية». وطمأن ذكر رئيس المصلحة الجهوية للرعاية الصحية الأساسية بالمهدية مواطني الجهة إلى انه لم تسجل أية إصابة بالفيروس بولاية المهدية فـ «الاصابة الوحيدة التي سجلت وافدة وليست محلية» مؤكدا على اليقظة والحذر اللذين تعتمدهما المصالح الصحية بالجهة للتوقي من انتشار الفيروس الذي تشير آخر التقارير الرسمية أنه أصاب 200 شخص في تونس إلى حدود مساء يوم السبت بينهم عدد من التلاميذ بصفاقس ونابل… ومن جهته أكد مدير الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة العمومية أن التلقيح للمصابين بأمراض مزمنة يجري على قدم وساق وأن الدعوة موجهة لهم كي يقبلوا على مراكز التلقيح… يذكر أن فيروس «القريب» الموسمي يقتل في تونس زهاء الأربعة آلاف شخصا  سنويا جراء التعكرات الصحية الناجمة عنها. صابر المكشر (المصدر: جريدة الصباح الأسبوعي  بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

أحر التهاني الى الدكتور سليم بن حميدان

يسعدني أن أتقدم باسمي الشخصي وباسم كل أصدقاء وزملاء الأخ العزيز الدكتور سليم بن حميدان، الى صديقنا سليم وأسرته الكريمة بأحر التهاني بمناسبة نجاحه في المناظرة الوطنية لمدرسة المحاماة بباريس، وحصوله على ترخيص مزاولة مهنة المحاماة في فرنسا. تمانينا لسليم بمزيد من التوفيق والنجاحات في مختلف شؤونه، وبمسيرة مهنية موفقة في خدمة الحق والعدل والحريات في فرنسا وقريبا ان شاء الله بين أهله وأحبابه في تونس. عماد الدائمي ـ باريس

بعد المهزلة الانتخابية : هل تستخلص المعارضة الدرس وتوحّد صفوفها لتحقيق التغيير الديمقراطي المنشود


I – مهزلة معلومة النتائج انتهت المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي. وجاءت نتائجها كما كانت معلومة مسبقا. « فاز » بن علي « فوزا ساحقا » بولاية خامسة (خمسة وخميس) مع نزول طفيف عن النسب التسعينية المعتادة (89.62%) التي افتضحت وأصبحت موضوع تندر لدى الخاص والعام في الداخل والخارج. لقد أراد بن علي الإيهام بأن مشاركة « منافسيه المعيّنين » وبالخصوص محمد بوشيحة وأحمد الأينوبلي، المعروفين بموالاتهما وتواطئهما مع بن علي، لم تكن شكلية. كما أنه أراد « تفنيد » تنبؤات الملاحظين والمراقبين الذين راهنوا على « فوزه » بنسبة تتراوح بين 90% و99%. كما « فاز » حزب بن علي، « التجمع الدستوري الديمقراطي »، « فوزا ساحقا » في الانتخابات التشريعية، مستحوذا على كافة المقاعد (161 مقعدا) على مستوى الدوائر الست والعشرين (26). وهو ما يمثل 75% من مجموع مقاعد البرلمان. وقد أسندت وزارة الداخلية 84.59% من « أصوات الناخبين » إلى « التجمع » لتبرير سطوته على تلك المقاعد وتقديمه بمظهر « الحزب الكبير » الذي لا يقدر على منافسته أي حزب. أما الأحزاب الإدارية (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، حزب الوحدة الشعبية، الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الحزب الاجتماعي التحرري، حزب الخضر للتقدم) فإنها لم تحصل مجتمعة على أكثر من 14.49% من « الأصوات » بما يخوّل لها تقاسم الـ25% من المقاعد المتبقية (53 مقعدا) والتي هي عبارة عن رشوة سياسية توزعها وزارة الداخلية على هذه الأحزاب مقابل دور الديكور الذي تقوم به في إطار تجميل الدكتاتورية وإضفاء طابع تعددي زائف عليها. لقد نالت جماعة بولحية 16 مقعدا، وبوشيحة 12، والأينوبلي 9، ومنذر ثابت 8، والخماسي 6. وتـُخوّل هذه المقاعد لأصحابها الحصول على تمويلات من الدولة تمكن أحزابهم من الحفاظ على وجودها الشكلي باعتبارها أحزابا لا وزن لها في المجتمع. وإلى ذلك فإن نواب هذه الأحزاب الإدارية لا دور لهم في البرلمان يختلف عن دور نواب الحزب الحاكم، فهم يزكون كل ما يقرره بن علي. أما « حركة التجديد » المعارضة فإنها لم تحصل هذه المرة إلا على مقعدين بنسبة من الأصوات لم تتعدّ 0.50%، وهي أضعف نسبة بالنسبة إلى الأحزاب « البرلمانية ». ولا يخفى على أحد أن هذا التناقص في عدد نواب « حركة التجديد » له صلة بتطور خطابها النقدي تجاه نظام بن علي منذ أن أصبح على رأسها أحمد إبراهيم والتحق بصفوفها، في المؤتمر الأخير، عدد من المناضلات والمناضلين المستقلين المتحررين من سياسة « الوفاق » مع السلطة التي طبعت سلوك الحركة في تسعينات القرن الماضي. أما التكتل الديمقراطي بزعامة بن جعفر الذي أصر على المشاركة في التشريعية رغم إسقاط معظم قائماته (17 من 24 قائمة) فإنه لم يحصل على أي مقعد ولم تسند إليه وزارة الداخلية إلا 0.12% من الأصوات. ولم تحصل القائمات المستقلة الخمس عشرة (من بينها 9 قائمات للحزب الاشتراكي اليساري المنشق عن « المبادرة الوطنية ») على أي مقعد وأسندت إليها وزارة الداخلية، مجمعة 0.50% من الأصوات، أي أنه لا واحدة منها حصلت منفردة على النسبة التي تمكنها من الظفر بمقعد من المقاعد الـ53 المذكورة. وفي ما عدا قائمة « الإصلاح والتنمية » برئاسة فتحي التوزري التي حاولت أن تتميز بروح نقدية للسلطة وحرمت من توزيع بيانها فإن بقية القائمات المستقلة لم تكن بعيدة في خطابها عن خطاب الأحزاب الإدارية. وأخيرا، وليس آخرا ادعت وزارة الداخلية أن المشاركة في اقتراع يوم 25 أكتوبر كانت « مكثفة ومنقطعة النظير ». بل إنها بلغت 89.45% من الناخبين. ولم يكن خافيا على أحد أن هذه النسبة ليس لها أية علاقة بالواقع. فكل من تابع عملية الاقتراع كان من السهل عليه أن يلاحظ المقاطعة الشعبية الواسعة للمهزلة الانتخابية. ويعود سبب هذه المقاطعة إلى لامبالاة المواطنين والمواطنات بعملية انتخابية يعلمون أن نتائجها مقررة مسبقا ولا انعكاس لها على مستقبلهم. ولكنّ السلطة في حاجة متأكدة إلى تضخيم نسبة المشاركة، للادعاء بأن الشعب التونسي لم يستجب لدعوة المقاطعة و »أقبل بكثافة على صناديق الاقتراع ». II – مهزلة انتخابية في أجواء من التصعيد الفاشستي هذه هي إذن نتائج انتخابات بن علي ليوم 25 أكتوبر. وقد كانت، كما ذكرنا أعلاه متوقعة وبالتالي فإنها لم تفاجئ أي ملاحظ أو مراقب لا لشيء إلا لكون ما جرى لا علاقة له بالانتخابات بل هو مجرد مهزلة، فصولها معلومة من الأول إلى الآخر، ولم يكن لاقتراع يوم 25 أكتوبر من وظيفة سوى إضفاء شرعية زائفة على تلك المهزلة وما ترتب عنها من نتائج. لقد جرت « الانتخابات » الرئاسية والتشريعية في مناخ سياسي يتميز بقمع ممنهج للمواطنات والمواطنين وللأحزاب والجمعيات والمنظمات والشخصيات المستقلة لإسكاتهم جميعا وللإيهام بوجود إجماع مطلق أو شبه مطلق حول بن علي وحزبه. كما أن هذه الانتخابات تمت في إطار قانوني قدّ على القياس، فلا حرية الترشح للرئاسية والتشريعية، ولا هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات (وزير الداخلية هو الخصم والحكم) ولا حرية دعاية ولا إدارة محايدة ولا قضاء مستقلا. وقد أدى ذلك إلى أن بن علي هو الذي عيّن منافسيه في الرئاسية التي ترشح لها للمرة الخامسة على التوالي بعد أن تلاعب بالدستور عام 2002 وألغى منه الفصل الذي يحدد عدد الولايات. كما أدى إلى إقصاء كل القوى السياسية غير المعترف بها من المشاركة. ولم تسلم من هذا الإقصاء حتى أحزاب المعارضة المعترف بها التي تتمتع بهذه الدرجة أو تلك من الاستقلالية عن السلطة. فقد أسقطت الإدارة معظم قائماتها وخاصة منها القائمات المقدمة في المدن والدوائر الكبرى (إسقاط 17 قائمة للحزب الديمقراطي ومثلها للتكتل الديمقراطي و13 لحركة التجديد) بهدف تقزيم هذه الأحزاب أمام الرأي العام. وبالمقابل ضخمت السلطة حجم الأحزاب الإدارية وساعدتها على تكوين أكثر ما يمكن من القائمات لتبرير المقاعد التي ستسند إليها في البرلمان. وقد دفع التلاعب بالقائمات « الحزب الديمقراطي التقدمي » إلى الانسحاب من الانتخابات عشية بدء الحملة الانتخابية (10 أكتوبر 2009) وإعلان مقاطعتها حتى لا يكون « شاهد زور » كما جاء في لائحة لجنته المركزية. لقد اعتبر الجميع، بما في ذلك أطراف قبـِلت المشاركة، رغم كل الانتهاكات والعراقيل، ورغم تأكيدها غياب أي رهان انتخابي أو حتى سياسي في تلك الانتخابات (التكتل الديمقراطي…) أن المناخ العام للانتخابات هذه المرة أسوأ بكثير من الانتخابات السابقة. فبالإضافة إلى ما ذكرناه من إسقاط للقائمات، انتابت السلطة « هيستيريا » قبل الحملة الانتخابية وأثناءها وحتى يوم الاقتراع وبعده، مشيعة جوًّا من الترهيب العام في كافة أنحاء البلاد. لقد جُندت أجهزة البوليس بمختلف أنواعها وأشكالها لتشديد المراقبة على تحرّكات المواطنين. وكثفت حملات « الرافل » في الشوارع والطرقات ووسائل النقل العمومية والخاصة. وحاصر البوليس السياسي مقرات الأحزاب المعارضة والجمعيات والمنظمات المستقلة، وضرب رقابة صارمة على مقرات سكنى العديد من قيادييها ورموزها وعلى تنقلاتهم واتصالاتهم ولقاءاتهم. ولم تتورع عن تنظيم اعتداءات خطيرة على البعض منهم (حمه الهمامي، راضية النصراوي، عبد الرؤوف العيادي…) وافتعال قضايا حق عام على حسابهم (حمه الهمامي، راضية النصراوي…). كما زج بالناشط الحقوقي والصحفي وعضـو الحزب الديمقراطي زهير مخلوف بالسجن (21 أكتوبر 2009) على خلفية تصويره شريطا وثائقيا حول المخاطر البيئية بالمنطقة الصناعية بنابل. وطال القمع العديد من الصحفيين المستقلين. فقد اقتحم البوليس مقر « راديو6 » الإلكتروني وأغلق مقره وصادر محتوياته، ومنع فريق « راديو كلمة » من التحرك لمتابعة سير الحملة الانتخابية. وصادرت سلطات المطار أجهزة البث التي جلبها مبعوثو القنوات التلفزية الأجنبية لإجبارهم على المرور بالرقابة المحلية قبل إرسال تقاريرهم. وأطردت مبعوثة صحيفة لوموند الفرنسية « فلورانس بوجيه ». ومنع البوليس السياسي الصحافيين الأجانب من محاورة المواطنين في الشارع لاستجلاء آرائهم في الانتخابات وفي أوضاع بلادهم. ومن تمكن منهم من التحدث إلى هذه القنوات فقد نال جزاءه من العقاب مثلما حصل للمناضل الطلابي محمد السوداني الذي اختطفه البوليس السياسي من أمام أحد النزل بوسط العاصمة يوم 22 أكتوبر، بعد أن أجرى لقاء صحفيا مع إحدى الصحافيات الأجنبيات لتنقطع أخباره بعد ذلك، وهو الآن في عداد المفقودين. ولم تسلم الأطراف المعارضة المشاركة في الانتخابات (التجديد والتكتل وقائمة الإصلاح والتنمية) من الضغط والعراقيل لمنعها من التحرك وإبلاغ صوتها. وعلى صعيد آخر أطلقت السلطة العنان لوسائل الإعلام الخاضعة لها بالكامل، صحفا وقنوات تلفزية وإذاعات لشن حملة مسعورة ضد رموز المعارضة السياسية والمدنية الرافضين للاصطفاف وضد كل صاحب رأي مخالف مهما كان حجم نقده وموقعه. لقد استبيحت أعراض هؤلاء جميعا ووصل الأمر إلى درجات غير مسبوقة في الانحطاط الأخلاقي التي بينت مرة أخرى أن نظام بن علي عاجز كل العجز عن مواجهة الحجة بالحجة والفكرة بالفكرة والرأي بالرأي والموقف بالموقف والمعلومة بالمعلومة وأن كل أسلحته لا تتجاوز العصى لإسكات معارضيه ومنتقديه أو السبّ والشتم والتجريح لتشويههم. وإلى ذلك فقد جُندت الدولة بكل إمكانياتها لمساندة بن علي و »التجمع ». فالإدارات والشركات العمومية وشبه العمومية والإذاعة والتلفزة والجرائد، كلها جندت قسرا لتقديم الخدمات إليهما. لقد كان من الضروري فبركة إجماع حول بن علي لتبرير نتائج المهزلة المقررة مسبقا وتشريع بقائه في الحكم مدى الحياة. وكان من الواضح أنه كلما اقترب يوم الاقتراع، ازدادت الرقابة والضغط على المجتمع. وفي ليلة الاقتراع ذاتها، أطل بن علي في التلفزة ليردد ما كانت رددته صحافة العار من تخوين لرموز المعارضة السياسية والمدنية ويهدد مسبقا كل من سيشكك في نتائج المهزلة، لأنه كان يعرف مسبقا أنها مزورة وغير قابلة للتصديق. وما إن انتهى « العرس » كما سمته وسائل الإعلام الرسمية والتابعة، حتى كان بن علي عند « وعيده ». فقد انطلق في تصفية الحسابات مستهدفا في المقام الأول الإعلاميين. فوقع استدعاء توفيق بن بريك والزج به في السجن بعد تلفيق تهمة له (اعتداء بالعنف على امرأة). ثم الاعتداء على سليم بوخذير اعتداء فظيعا، وتمّ التحرّش بلطفي حاجي وتهديده بمطار تونس قرطاج، والاعتداء على سهام بن سدرين… وما يزال مقر سكنى حمه الهمامي، الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي، محاصرا للأسبوع الثالث على التوالي من طرف البوليس السياسي يترصدون حمه الهمامي لاعتقاله. علما وأن السلطة لفقت ضده وضد زوجته قضية حق عام على خلفية تصريحاتهما حول الانتخابات لقنوات تلفزية وإذاعات أجنبية. ومن المؤكد أن مسلسل الاعتداءات وافتعال القضايا لن يتوقف إذا لم تتصدّى له القوى الديمقراطية بحزم. إن مرجع حالة الفزع التي انتابت الطغمة الحاكمة هو افتضاحها على كافة المستويات وعجزها عن تقديم الحلول للمشاكل التي تتخبط فيها جماهير الشعب من بطالة وغلاء معيشة وتردي خدمات اجتماعية وتدهور للبيئة والمحيط… لذلك فقد أصبحت ترفض أكثر من أي وقت مضى أي نقد خوفا من أن يفتح عليها أبوابا يصعب غلقها لاحقا، ومنها باب الحديث عن الفساد والاستثراء غير المشروع، وباب الحديث عن مآسي البطالة والفقر والفوارق الطبقية المتفاقمة وعن الإخلالات الجهوية المتزايدة وعن المنظومة التعليمية المنهارة بالكامل وعن الصحة التي أصبحت مرهونة بالمال… إن الطغمة الحاكمة ليس لديها ما ترد به على هذه الحقائق من جهة وليس لديها حلول تقترحها لمواجهتها من جهة ثانية. لذلك فإن الخطاب الذي تريد أن تفرضه بالقوة الغاشمة على كل الأطراف السياسية والاجتماعية، بل على المجتمع بأسره، هو الخطاب التمجيدي القائم على أن كل شيء على ما يرام بفضل « حنكة صانع التغيير » الذي ينبغي أن يبقى في الحكم مدى الحياة « لتحقيق المزيد من النجاحات والإنجازات »، لذلك تجندت أجهزة البوليس والإدارة ووسائل الإعلام وميليشيات الحزب الحاكم لإسكات كل صوت حرّ. كما أن قضية خلافة بن علي وانتخابات 2014 ألقت بظلالها، بشكل ضمني وخفيّ، على انتخابات 25 أكتوبر الماضي. فمن جهة لم يعد بإمكان بن علي حسب أحكام الدستور الترشح بعد خمس سنوات لأنه سيتجاوز السن القصوى للترشح (75 سنة). وهو ما يطرح ضرورة الاستعداد لهذا الموعد الذي قد يتطلب تلاعبا جديدا بالدستور. ومن جهة أخرى فقد يطرأ طارئ مثل طارئ الوفاة خصوصا أن الإشاعات حول التدهور المستمر للحالة الصحية لبن علي ما انفكت تروج خلال السنوات الأخيرة. ومن الواضح أن القوى المتنفذة، الماسكة، من وراء الستار، بخيوط « اللعبة »، تريد في كلتا الحالتين أن تظل ماسكة بهذه الخيوط حتى يتسنى حسم مسألة الحكم، سواء بالتجديد لبن علي عام 2014 أو بتعيين خليفة. ولهذا السبب فهي تتوجس خيفة من أي تطور للحركة الاجتماعية وللحركة السياسية والمدنية المعارضة. وهي ليس لها من وسيلة للتصدي لكل ما من شأنه أن يهدد مصالحها غير تشديد القبضة الأمنية على المجتمع واستهداف خصومها مهما كان مجال نشاطهم. ومما زاد في توجّس الطغمة الحاكمة وخوفها هو أن أوضاع المعارضة، رغم مواطن ضعفها ورغم شراسة الهجمة التي تتعرّض لها، أفضل سياسيا في هذه الانتخابات مما كانت عليه سابقا. فقد أعلنت أهم القوى الفكرية والسياسية بالبلاد مقاطعة المهزلة. فبعد « حزب العمال الشيوعي التونسي » و »المؤتمر من أجل الجمهورية » أعلنت « حركة النهضة » المقاطعة. وفي عشية الحملة الانتخابية التحق « الحزب الديمقراطي التقدمي » و »الوحديون الناصريون » بهذا الموقف. وقد نجحت هذه القوى في فضح المهزلة بشكل مبكر. كما أن شعار المقاطعة لقي رواجا كبيرا عبر وسائل إعلام واسعة الانتشار مثل قناة الجزيرة القطرية. وكان هذا الشعار متوافقا مع الشعور العام للمواطنين والمواطنات الذين لم يكن يساورهم أي شك في أن نتائج الانتخابات مقررة مسبقا. كما لم يكن يساورهم أي شك في أن بن علي وحزبه « سيفوزان فوزا ساحقا » ولن يأتيا بجديد من شأنه أن يحسن أوضاعهم المعيشية، بل إن الأرجح هو أنهما سيعمقان معاناتهم. كما أن العديد من وسائل الإعلام العربية والعالمية هذه المرة لم تجامل بن علي كثيرا ولم تترد في الطعن في مصداقية الانتخابات وفي فضح المناخ السياسي القمعي الذي تجري فيه وفي إثارة موضوع الفساد الحساس واتهام محيط بن علي وخاصة أفراد عائلته وأصهاره بالاستثراء غير المشروع. إن هذه العناصر مجتمعة أربكت الطغمة الحاكمة وجعلتها تتصرف بغطرسة كبيرة ولا تولي أهمية حتى لبعض الشكليات وتكشف عن وجهها الفاشستي البشع. وقد شبه أكثر من مراقب الأجواء التي تمت فيها انتخابات 25 أكتوبر الماضي بأجواء آخر انتخابات في العهد البورقيبي للإشارة بأن البلاد تعيش أجواء نهاية حُكمٍ. III – المهزلة أكدت خطأ الموقف الدّاعي إلى المشاركة إن المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي بينت مرة أخرى، وبما لا يدع أي مجال للشك مدى خطأ الموقف الداعي إلى المشاركة في هذه المهزلة بتعلة أنها الوسيلة الوحيدة لـ »تطوير » النظام السياسي القائم و »تحقيق التغيير الديمقراطي » بما تتيحه من « فرص اتصال بالشعب ». لقد أكد بن علي لدعاة هذا الموقف أنه « ليس غبيا » حتى يفسح المجال للمعارضة كي تشارك وتتحرك وتتصل بالشعب وتعبّئه ضد اختيارات نظامه الرجعية. لقد أوصد أمامهم كل المنافذ تقريبا: أسقط معظم قائماتهم ثم حاصرهم في مربع صغير وأطلق عليهم كلاب حراسته من أشباه الإعلاميين لينهشوهم (وينهشوا كافة رموز المعارضة السياسية والجمعيات والمنظمات المستقلة) وأكثرَ من حولهم الصخب والضجيج مستغلا احتكاره لوسائل الإعلام والفضاءات العمومية ليهمشهم ثم يقزّمهم في مستوى النتائج (1.57% من الأصوات لأحمد إبراهيم في الرئاسية مقابل 5.01% لبوشيحة و3.80% للأينوبلي، و0.5% لـ »حركة التجديد » و 0.12% للتكتل الديمقراطي في التشريعية). ولم يسمح بن علي بشيء من الحركة إلا لأحزاب « الموالاة » وذلك في حدود دور الديكور الموكول لها لتشهد شهادة زور بأن الانتخابات كانت « قانونية وشفافة ونزيهة ». إن أداء المعارضة كان من الممكن أن يكون أفضل بكثير في مواجهة المهزلة الانتخابية ليوم 25 أكتوبر الماضي، لولا التقديرات المختلفة والحسابات المتباينة أحيانا مما أبقاها منقسمة وحدَّ من تأثيرها في مجرى الأحداث. لقد فشلت في بلورة تمشّ مشترك بشكل مبكر. وانقسمت بين داع إلى المشاركة حتى لو كانت الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة مفقودة وبين داع إلى المقاطعة. وشقَّ الاختلافُ، نتيجة التقديرات والحسابات المتباينة، صفوف الطرف الأول الذي انحصر في النهاية في « حركة التجديد » (وحليفها في المبادرة حزب العمل الوطني الديمقراطي) و »التكتل الديمقراطي »، إذ أن « الحزب الديمقراطي التقدمي » خيّر المقاطعة عشيّة بدء الحملة الانتخابية كما سبق أن ذكرنا. أما الطرف الثاني، الداعي إلى المقاطعة، فبالرغم من أنه يتشكل من أكثر القوى تأثيرا في الساحة وبالرغم من سلامة موقفه سياسيا ومن تعبيره عن الاتجاه العام وسط جماهير الشعب، وترديد مختلف أطرافه نفس الحجج لرفض المشاركة، بالرغم من كل ذلك فإن هذا الطرف عجز عن التكتل وظلت كل مكوناته من مكوناته الحزبية « تغرّد على انفراد ». لقد كان للحسابات الحزبية الضيقة دور كبير في انخراط « حركة التجديد » و »التكتل الديمقراطي » في المشاركة. فالأولى مازالت لم تحزم أمرها للقطع مع المنظومة الرسمية التي انخرطت فيها منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ونالت مقابل ذلك بضعة مقاعد في البرلمان. أما « التكتل » فإنه انساق وراء وهم إمكانية الحصول على منافع من وراء المشاركة (التعريف بالحزب، كسب أعضاء جدد…) حتى بعد أن رفض ترشح أمينه العام للرئاسية وأسقطت معظم قائماته في التشريعية ولم تبق منها إلا تسع قائمات في مناطق لا تشمل أكثر من 20% من الناخبين المسجلين وينعدم فيها الوجود التنظيمي للحزب. ولسائل أن يسأل هل حقق « التجديد » و »التكتل » أهدافهما الخاصة من المشاركة؟ هل تمكنا فعلا من الاتصال بالشعب وإبلاغ صوتهما إليه والتعريف ببرامجهما وبدائلهما؟ لا نعتقد ذلك. أولا لأن السلطة حصرتهما كما قلنا سابقا في مربّع ضيق ومنعتهم من التحرك. فـ »التجديد » مثلا لم يحصل على بيانه الانتخابي للرئاسية إلا بعد 4 أيام من انطلاق الحملة، وحُجز عدد « الطريق الجديد » الذي كان من المفروض أن يوزّع يوم هذا الانطلاق، وأغلقت في وجهه أبواب الفضاءات العمومية إلا نادرا، وحُرم أمينه العام ومرشحه للرئاسية من ثلث الوقت المخصص له في التلفزة وبثت مداخلته في التلفزة في وقت « ميت » لا يتابع فيه الناس برامج التلفزة (السادسة والنصف مساء) مقابل بث مداخلات بن علي في وقت الذروة (الثامنة والنصف ليلا). وفي كلمة فإن حملة أحمد إبراهيم للرئاسية مثلا لم تحظ إلا بنسبة 0.22% من التغطية الإعلامية مقابل 97.22% لبن علي وحزبه (من التقرير الذي أعلنه خبراء لفائدة مجموعة من الجمعيات التونسية حول التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية). وبالتالي فقد وقع تهميشه تهميشا كاملا. وثانيا: لأن الشعب التونسي واجه في معظمه الانتخابات بلامبالاة تامة وقاطعها يوم الاقتراع ولم يعر أهمية كبيرة لا لما يقوله « التجديد » ولا لما يقوله « التكتل » لأنه لا يؤمن مطلقا بجدوى هذه الانتخابات لاقتناعه بعدم وجود أي رهان فيها وبأن نتائجها محسومة سلفا. لقد صرّح الأمين العام لـ »التجديد » بعد « الانتخابات » أنه غير نادم على مشاركته لأنه تمكن خلال الحملة الانتخابية من إبلاغ الرأي العام بوجود بديل آخر في تونس. ونحن نتساءل هنا: أولا: هل يعتقد أحمد إبراهيم، أنه أبلغ صوته، عبر المشاركة، وفي الظروف التي سبق أن ذكرناها، إلى الشعب التونسي، أكثر مما أبلغ حزب العمال الشيوعي التونسي صوته إلى الشعب، وهو يقاطع الانتخابات؟ وهل أنه أبلغ صوته، أكثر مما أبلغ « الحزب الديمقراطي التقدمي »، صوته وهو يقاطع أيضا؟ لا نعتقد ذلك، فالشعب التونسي تعرّف إلى وجود بدائل لنظام الاستبداد، من خلال القوى المقاطعة للانتخابات، أكثر مما تعرّف إلى وجودها من خلال الأطراف المشاركة. لقد تمكن المقاطعون من فضح المهزلة بشكل غير مسبوق. كما أنهم تمكنوا من فضح القمع والسطو على إرادة الشعب والفساد المستشري والاستغلال الفاحش للطبقات والفئات الشعبية، والنهب الخارجي لخيرات بلادنا وثرواتها وقدموا عديد المقترحات الجدية لمواجهة هذا الوضع دون أن يتقيدوا بالقوانين الزجرية المفروضة على المشاركين في الانتخابات. وثانيا: ما هو الثمن السياسي الذي دفعه « التجديد » و »التكتل » بمشاركتهما في المهزلة الانتخابية مقابل كسب بعض الهامش للقيام بالدعاية لبرامجهما وجلب مناضلين جدد لصفوفهما –إن كان ذلك قد حصل فعلا-؟ لقد ساهم « التجديد » و »التكتل » في إضفاء شرعية على المهزلة. وهو الدور الذي رفض القيام به الحزب الديمقراطي التقدمي مثلا. فحين عرف أنه لا يمكنه المشاركة بما يسمح له بإبلاغ صوته للناخبين انسحب ورفض أن يكون « شاهد زور » وهو موقف سليم حتى وإن جاء متأخرا. إن ما لم يستوعبه العديد من الناس هو ذلك التناقض الصارخ بين ما ظل « التجديد » و »التكتل » يرددانه من أن الانتخابات لا تتوفر فيها الشروط الدنيا للانتخابات الحرة والنزيهة وأن نتائجها معلومة مسبقا وبين مشاركتهما فيها رغم علمهما أنهما لا يملكان من القوة ميدانيا ما يمكنهما من التغلب على العراقيل التي تضعها أمامهما السلطة وقلب موازين القوى!! فأي معنى للمشاركة في حالة كهذه عدا كونها تخدم نظام بن علي أكثر مما تخدم مصلحة الشعب التونسي والحركة الديمقراطية بصورة عامة. ولا بد من تأكيد أن السؤال المطروح اليوم على « التجديد » كما على « التكتل » هو التالي: ما هو موقفهما من نتائج مهزلة الرئاسية بعد أن شاركا فيها، الأول بترشيح أمينه العام والثاني بمساندته؟ هل سيعتبران بن علي رئيسا شرعيا للبلاد ويصرفان النظر عن ظروف بقائه في الحكم في انتظار 2014 وهما يعلمان علم اليقين أن بن علي لم يأت به صندوق الاقتراع وإنما التزوير الممنهج للانتخابات والسطو على إرادة الشعب اللذان جعلا منه رئيسا مدى الحياة وحاكما فرديا مطلقا للبلاد. ولو لم يتلاعب بالدستور عام 2002 لكان رحل بعد أن انتهت ولاياته الثلاث؟ وما هو موقفهما أيضا من نتائج مهزلة التشريعية؟ هل سيعتبران البرلمان المنبثق عنها بأغلبية مطلقة لـ »التجمع » وفتات لأحزاب الديكور، برلمانا شرعيا وممثلا لإرادة الشعب؟ أم أنهما سيجتنبان الخوض في هذه المسألة أصلا ويقبلان الأمر الواقع في انتظار 2014 على أمل المشاركة في المهزلة الجديدة بنفس التبريرات ليجدا نفسيهما في ذات الوضع؟ وما هو موقف « التجديد » من وجوده داخل البرلمان الصوري؟ هل يعتبر أن المعيّنين في هذا البرلمان يمثلان إرادة الشعب؟ لا نعتقد أن « حركة التجديد » تجهل أن حصتها من الـ53 مقعدا المخصصة للديكور، لا علاقة لها بصندوق الاقتراع وأن وزارة الداخلية التي تسند إلى كل حزب حصته المحددة مسبقا و »تفبرك » له نسبة الأصوات المناسبة لتلك الحصة! وهل أن « التجديد » سيعتبر نفسه والحالة هذه مساهما في برلمان تعددي أو أن وجوده يضفي طابعا تعدديا على هذا البرلمان؟! أما بالنسبة إلى « المقاطعة »، فإن مختلف مكوناتها لم تسر على نفس النسق. فحزب العمال وكذلك المؤتمر من أجل الجمهورية دعا إلى المقاطعة بشكل مبكر، علما وأن حزب العمال انتظر طويلا قبل إعلان موقفه. وكان يأمل منذ خريف 2007 (ندوة « حركة التجديد » حول الاستحقاق الانتخابي 2009 بدار الثقافة ابن خلدون) في مرحلة أولى أن تتوحد المعارضة حول تمشّ مشترك يقوم على النضال من أجل فرض شروط انتخابات حرة ونزيهة، وفي مرحلة ثانية على التقييم المشترك للوضع واتخاذ الموقف المناسب إما مشاركة أو مقاطعة. ولما يئس حزب العمال من إمكانية تحقيق هذا الهدف ورأى أن كل طرف تمسك بـ »أجندته » الخاصة طرح موقف المقاطعة. أما الحزب الديمقراطي فإنه لم يعلن المقاطعة إلا ليلة بداية الحملة الانتخابية كما ذكرنا. وقد ظلت مجموعة من مناضليه متمسكة بالمشاركة إلى آخر لحظة. وقد يكون ذلك هو ما جعله يحتاج إلى نقاشات مستفيضة ومتباينة حفاظا على وحدة صفوفه، ولكن إعلانه المتأخر عن المقاطعة فوّت فرصة التنسيق المبكر والتحرك المشترك. ومن ناحية أخرى فقد انتظرت « حركة النهضة » طويلا قبل إعلان المقاطعة رغم أنها، مثلها مثل حزب العمال وكل الأحزاب غير المعترف بها مقصية سلفا من المشاركة في الانتخابات، رئاسية وتشريعية. ولم تظهر هذه الحركة اهتماما ميدانيا بالانتخابات لتكريس موقف المقاطعة الذي نادت به. وفي ما عدا رئيس الحركة، راشد الغنوشي، الذي انتقد بوضوح الطابع المهزلي للانتخابات في إحدى مداخلاته بقناة الجزيرة، فإن « حركة النهضة » كانت غائبة أو تكاد عن أجواء المهزلة. أما « الوحدويون الناصريون » فقد اكتفوا بإصدار بيان بتاريخ 11 أكتوبر، يوم انطلاق الحملة الانتخابية يدعون فيه إلى المقاطعة. ولم يكن لهم حضور ميداني. وخلاصة القول إن صفوف المقاطعين كانت مشتتة. ونحن على يقين من أنه لو جمعوا صفوفهم واتفقوا على خطة مشتركة قبل موعد الانتخابات بنصف عام على الأقل لكان حجم تأثير المقاطعة أكثر بكثير، ولأربكت فعلا نظام الحكم، ومع ذلك فإن تأثيرها كان واضحا في مجرى الانتخابات، حتى من خلال ردود فعل السلطة التي ضخمت نسبة المشاركة لإظهار « فشل » دعوات المقاطعة. IV – لا مصلحة لبن علي في الديمقراطية إن مصلحة بن علي وطغمته ليست في الديمقراطية بل في الاستبداد لأنه النظام السياسي الوحيد الذي يمكـّن النهّابين من صيانة مصالحهم. فهؤلاء ليسوا أغبياء حتى يسمحـوا بانتخابات حرة تفقدهم السلطة وتعرّضهم للمحاسبة على ما اقترفوه من جرائم اقتصادية وسياسية على حساب الشعب والوطن. إن كل ما أرادوه ويريدونه لا يعدو مهزلة لإضفاء شرعية صورية وزائفة على حكمهم الاستبدادي. وهو ما يفسر تكشيرهم عن أنيابهم خلال هذه الانتخابات حتى لا تتجاوز الأمور الحدود التي رسموها مسبقا للمهزلة وللمشاركين فيها، ناهيك أن أحمد بن إبراهيم ومصطفى بن جعفر لم تغفر لهما مشاركتهما في المهزلة وشملتهما حملة التشهير ونـُعتا بأبشع النعوت، لأن بن علي يتصرف بشكل واضح وبسيط: معي أو ضدي؟ ولا مجال بالنسبة إليه للتأرجح بين كرسيين. إن التجربة التاريخية لتونس منذ وصول حزب الدستور للحكم في عام 1956، تاريخ إعلان الاستقلال الشكلي لبلادنا، بينت أن نظام الاستبداد غير قابل للديمقراطية (لا يتمقرط)، لأنه مؤسس على الحكم الفردي المطلق وهيمنة الحزب الواحد وصورية المؤسسات وسيادة العسف في غياب تام للقانون الذي يُعوّض بالتعليمات وسيطرة الأجهزة البوليسية على كافة أجهزة الدولة. فحتى في ظروف الأزمات الحادة التي عرفها هذا النظام (1969–1970-1978-1980-1986-1987…) والتي اضطر خلالها إلى التظاهر بالانفتاح وقبول الإصلاح والتخلي عن بعض المساحات، خصوصا في مجال حرية التعبير، فإنه لم يكن جادّا، بل فعل ذلك من باب المناورة لربح الوقت. وليس أدل على ذلك من أنه في كل مرة ما أن يتمكن من إعادة ترتيب البيت حتى يعاود الهجوم، بأكثر شراسة من قبل، على الشعب وعلى كافة التعبيرات المستقلة، سياسية كانت أو نقابية أو ثقافية ويستعيد بالقوة الغاشمة المساحات التي تخلى عنها وقت الأزمة ويشدد القبضة الأمنية على المجتمع ويملأ السجون بالمعارضين، بل إنه لم يتورع في أكثر من مناسبة عن ارتكاب مجازر (1978 الأزمة النقابية -1984 انتفاضة الخبز). وما من شك في أن التونسيات والتونسيين وخاصة المتتبعين منهم للشأن العام، يتذكرون ما أغدقه بن علي حين جاء إلى السلطة في نوفمبر 1987 من وعود ديمقراطية على الشعب التونسي، ولكنه ما أن أعاد ترتيب البيت وأمسك بدواليب السلطة وأحكم السيطرة على أجهزة البوليس والقضاء والإدارة حتى شن حملة قمعية واسعة أتت على الأخضر واليابس ووصلت ببلادنا إلى ما هي عليه اليوم من غياب تام للحريات واستشراء للفساد واستفحال للاستغلال الفاحش للعمال والكادحين وتبعية للمراكز الامبريالية الغربية. إن السياسة ليست معزولة عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية بل هي التعبير المكثف عنها، لذلك فإن الأقليات المافيوزية التي تسند نظام بن علي وتسطو على البلاد، تستشرس ضد كل نفس حر وديمقراطي. إن هذه الأقليات المرتبطة ارتباطا عضويا بالرأسمال الأجنبي، هي الحاكم الفعلي اليوم لتونس، وهي التي تمسك بخيوط اللعبة وتدير مع بن علي في القصر دفة الحكم وتتخذ معه كل القرارات الجوهرية وتستخدم الأجهزة البوليسية والقضائية والإدارية لتحقيق أغراضها. إن هذه القوى الخفية التي يحيط بها « جيش » من الطامعين والمتخذلقين من أصحاب المصالح والبيروقراطيين ترى في الديمقراطية العدو اللدود الذي يهدّد مصالحها. إن الاستبداد لا يتنازل ولا يتراجع ولا يسقط من تلقاء نفسه، بل إنه كلما استشعر خطرا، ازداد شراسة، كما رأينا في هذه الانتخابات، دفاعا عن مصالح القوى التي يمثلها. لذلك فإن الديمقراطية ليست معزولة عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية، أي المصالح الطبقية. فنظام بن علي الاستبدادي هو الإطار السياسي الذي تحقق فيه الأقليات الثرية المحلية والأجنبية نهب البلاد واستغلال العمال والكادحين وكافة فئات الشعب، لذلك فهي تتمسك بهذا الإطار وتدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة. إن هذه الأقليات لا مصلحة لها في حريات تفضحها وتعبئ جماهير الشعب ضدها، في ديمقراطية تفقدها السلطة، ولا في قضاء مستقل يسائلها عن مصادر ثروتها وجرائمها. V – ما هو موقف المعارضة وبن علي يسير بالبلاد نحو الهاوية؟ ومهما يكن من أمر فإن الالتفات نحو المستقبل أهم اليوم من اجترار بعض الخلافات التي خلفها الخلاف حول الموقف من الانتخابات سواء بين المقاطعة والمشاركة أو داخل كل طرف من هذين الطرفين. وإن كان لا بد من التقييم، فينبغي أن تتحلى جميع الأطراف بأكثر ما يمكن من الموضوعية وأن يكون المبتغى هو البحث عن السبل التي توحد جهود المعارضة الجادة التي تعبر عن نبض الشعب التونسي في هذه المرحلة والتي لها مصلحة حقيقية في القضاء على الاستبداد والنهوض بالمجتمع والبلاد. إن تونس مقدمة بعد المهزلة الانتخابية الأخيرة التي أعادت إنتاج الحكم الفردي المطلق، على مرحلة حرجة حتى لا نقول خطيرة. فالطغمة الحاكمة تسير بالبلاد نحو الهاوية على كافة المستويات، لا تهمها إلا مصالحها الأنانية الضيقة. فعلى المستوى السياسي، تؤكد كل المؤشرات أن هذه الطغمة تعد لانقلاب جديد، إما على الدستور، الذي فقد كل معنى منذ مدة طويلة، لإلغاء الفصل المحدد للسن القصوى للترشح (75 سنة) للسماح لبن علي بإعادة الترشح عام 2014 والاستمرار في الحكم مدى الحياة، علما أنه لم يتردد، خلال الحملة الانتخابية في الحديث عن برنامجه « للعشرية القادمة » أو حتى على المؤسسات الصورية القائمة (برلمان، مجلس مستشارين…) لفرض شكل من أشكال توريث الحكم داخل « العائلة الحاكمة » سواء عن طريق تعيين نائب لبن علي وهو على قيد الحياة، تحسبا لكل طارئ، أو عن طريق تعيين بعض الرموز في المراكز الحساسة (رئاسة برلمان، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع…) لكي لا تفلت الخلافة من تلك العائلة وتواصل سيطرتها على البلاد. وفي كلتا الحالتين فإن القوى المتنفذة في السلطة لن تحقق غرضها هذا إلا بوسيلة واحدة، خصوصا في مثل هذا الظرف المتأزم على كافة المستويات، وهي تشديد القبضة الأمنية على الشعب وعلى المجتمع وقمع كل تطور للحركة الاجتماعية والسياسية، كما سبق أن ذكرنا، من شأنه أن يبعثر أوراق تلك « القوى الخفية » المحيطة ببن علي والمنتفعة من حكمه. وما رأيناه خلال الحملة الانتخابية، وما نراه اليوم من استشراس بوليسي وإعلامي ضد المعارضة الخارجة عن الصف وضد الطلاب (الهجوم على الطلبة المعتصمين بمبيت البساتين بمنوبة والزج بالبعض منهم في السجن…) والمواطنين بشكل عام يبين أنه من الوهم الاعتقاد بأن بن علي وطغمته سيسلكان نهجا آخر غير نهج القمع. إن مرحلة من العسف المطلق تلوح في أفق بلادنا، عنوانها تلجيم الأفواه، وكبت الأنفاس لتنهب العصابات البلاد وتضمن مواصلة تحكمها في السلطة. أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فإن المستقبل ليس أفضل مما هو على المستوى السياسي، فالأمران مرتبطان بعضهما ببعض. فالبلاد تغرق في المديونية الخارجية التي تضاعفت خلال 22 سنة من حكم بن علي حوالي 6 مرات ناهيك أن تونس أصبحت تقترض لتسديد خدمات ديونها وليس للاستثمار وتطوير مقدراتها كما يزعم النظام، كما أن الرأسمال الأجنبي ما انفك يتسرب إلى كافة مفاصل الاقتصاد التونسي مستغلا الخوصصة (87% من رساميل الخوصصة عادت إلى شركات أجنبية) وما صاحبها من تفويت شمل حتى القطاعات الاستراتيجية. وهذا التفويت مستمر ليضع الرأسمال الأجنبي يده على ما تبقى من مقدرات البلاد، وهو ما من شأنه أن يحولها إلى مستعمرة اقتصادية بأتم معنى الكلمة. وقد استغلت حفنة من العائلات المتنفذة (أقارب بن علي وأصهاره وأصدقائه…) هذا الوضع للاستثراء السريع على حساب الشعب والوطن وبناء « امبراطوريتها » الاقتصادية والمادية والتجارية والإعلامية جاعلة الإدارة والبوليس والقضاء مجرد خادم لمصالحها المرتبطة ارتباطا عضويا بالرأسمال الأجنبي إذ تتوسط في البيع والشراء للحصول على عمولات وعلى نيابات الشركات والمؤسسات الأجنبية التي ما انفكت تقضي على الشركات والمؤسسات المحلية الصغيرة والمتوسطة وتلبي طلبات الحكومات الامبريالية الغربية في الانخراط في استراتيجيتها الهيمنية في المنطقة والقيام بدور الوسيط فيها (تطبيع مع الكيان الصهيوني…). وتزداد هذه الحفنة من العائلات، المحاطة بجيش من الزبائن في الإدارة والأجهزة الأمنية والقضائية والشركات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية، غطرسة يوما بعد يوم. وفي الوقت الذي تتعاظم فيه مصالح هذه الحفنة من العائلات وتتضخم ثروتها وتبرز للعيان ويزداد نفوذها وتحكمها في مصائر البلاد تشهد حالة الطبقات والفئات الشعبية انهيارا متزايدا على كافة المستويات وهو ما يتجلى في البطالة وتدهور المقدرة الشرائية وتردي الخدمات الاجتماعية… وتفاقم الهجرة السرية وتفشي الجريمة والكحولية والمخدرات. وقد عمّق ذلك الهوّةَ في المجتمع بين حفنة الأثرياء وغالبية الفقراء وحَوّل الكلام عن « الطبقة الوسطى » بعد أن تآكلت بتآكل القطاع العمومي وتراجع إنفاق الدولة في المجال الاجتماعي إلى مجرد خطاب أيديولوجي لتغطية هذا الاستقطاب. وتشير كل الدلائل إلى أن هذه الحالة ستستمر وتتفاقم على حساب الشعب، لأن بن علي ممعن في نفس السياسة الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم. كما أن كل الدلائل، ومنها ما حصل في الحوض المنجمي في العام الماضي، تشير إلى أن السلطة ليس في جرابها حلول لمعالجة مشاكل الشعب، غير الحل القمعي. وإلى ذلك فإن تمسك بن علي وحفنة العائلات المحيطة به بالسلطة من شأنه أن يدفعهما إلى مزيد الارتماء في أحضان الدول الامبريالية والتفريط في القرار المستقل للبلاد حتى يجدا الدعم المستمر من تلك الدول وغض الطرف عن بطشهما بالشعب التونسي ونهب خيراته وثرواته. وفي كلمة فإن مستقبل بلادنا لا يبشر بخير في ظل حكم بن علي. ولا أمل إلا في تحمل المعارضة السياسية والمدنية مسؤوليتها وفي مسك الشعب التونسي مصيره بيده، إن وعي المعارضة طبيعة المرحلة الحالية أمر ملحّ. ومن الواجب تخطي عقلية الحوانيت سواء تعلق الأمر بالأحزاب أو بالجمعيات والمنظمات والتوافق على أرضية دنيا، تشمل على الأقل ما يتعلق بالحريات، لتشمل بعد ذلك بعض البنود الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. VI – هذا هو النظام الديمقراطي الذي يريده شعبنا لقد بات واضحا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن القطع مع نظام الاستبداد ونزع كل وهم حول إمكانية تطوره وتمقرطه عن طريق مهادنته والتعاون معه والمشاركة في المهازل الانتخابية التي ينظمها يمثل الركيزة السياسية الأولى لأي مشروع تغيير ديمقراطي جذري وجاد في بلادنا، وخط الفصل بين القوى الديمقراطية الحقيقية والمتماسكة وبين القوى الديمقراطية المزيفة. إن التغيير الديمقراطي لصالح الشعب التونسي لن يتحقق بالتالي إلا بالنضال ضد الاستبداد وعلى أنقاضه. ولا نعتقد أنه ينبغي انتظار نصف قرن آخر من حكم الحزب الدستوري وما يعني ذلك من آلام ومتاعب جديدة للشعب التونسي ومن إهدار فرص للنهوض بالبلاد، للاقتناع بهذه الحقيقة. إن النظام الديمقراطي الذي يحتاجه شعبنا ووطننا لا علاقة له بنظام الاستبداد ودستوره وتشريعـــــــــــاته المنافية للحرية والديمقراطية ومؤسساته الصورية وأجهزته القمعية المتضخمة وقضائه الجائر، بل سيكون نظاما جديدا بكل المقاييس، بدستوره وتشريعاته التي تكفل الحريات الفردية والعامة وتحميها من الانتهاك كما تكفل المساواة التامة بين المواطنين وبالخصوص بين الرجال والنساء، وبمؤسساته النابعة من إرادة الشعب والخاضعة لمراقبته ومحاسبته وبقضائه المستقل والعادل وإدارته التي تسخـّر جهدها لخدمة المواطنات والمواطنين وبقراره المستقل في الداخل والخارج، النابع من مصلحة الوطن. إن هذا النظام الديمقراطي الذي سيتخذ شكل الجمهورية الديمقراطية (البرلمانية في نظر حزب العمال الشيوعي التونسي) سيستمد قوته من الشعب، وبالتالي سيرتكز على قاعدة اجتماعية جديدة غير تلك التي كان يرتكز عليها نظام الاستبداد، سيرتكز على العمال والكادحين في المدينة والريف وكافة الفئات الشعبية الأخرى، كما أن قاعدته الاقتصادية ستكون مختلفة إذ أن خيرات البلاد وثرواتها ستكون بيد الشعب المتحرر من كل هيمنة أجنبية يتصرف فيها بطرق ديمقراطية ويوظفها من أجل توفير أسباب العيش الكريم لكافة بناته وأبنائه. إن كل الثروات التي نهبت للشعب ستعاد إليه وسيحاسب كل الذين أجرموا في حقه. إن الشعب التونسي لا ينشد تغييرا ديمقراطيا سياسيا فحسب بل كذلك تغييرا ديمقراطيا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. إن التغير الديمقراطي الذي لا يوفر الشغل والصحة والتعليم والسكن والبيئة السليمة إلى جانب المساواة وحرية التعبير والتنظم والاجتماع والترشح والانتخاب، لأوسع الجماهير الشعبية سيكون تغييرا شكليا، وفي أحسن الظروف جزئيا ومحدودا وقابلا للانتكاس في كل لحظة. ولا يمكن تحقيق هذا التغيير الديمقراطي، دون التعويل على جماهير الشعب من عمال وكادحين وشباب ونساء ومثقفين ليكونوا صانعي هذا التغيير ورعاته وحماته. إن التغييرات الديمقراطية الجذرية والحقيقية لا يصنعها الأفراد وإنما الشعوب التي تعطيها مضامين سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. ومن هذا المنطلق فإنه من الضروري العمل على الوصول إلى الشعب التونسي وكسر الحواجز التي تضعها الدكتاتورية النوفمبرية بينه وبين قوى التغيير الديمقراطي في بلادنا. لقد عمل بن علي، بكل ما لديه من وسائل قمعية على ترك الشعب التونسي خارج دائرة المشاركة النشيطة في الحياة السياسية وذلك بحرمانه من ممارسة حقوقه وسيادته. لقد عزل المعارضة السياسية، عن طريق القمع والمحاصرة، عن الشعب حتى تبقى ضعيفة التأثير في مجرى الأحداث، كما عمل بنفس الطريقة، على عزل الشعب عن تلك المعارضة حتى يبقى كتلة غير واعية وغير منظمة وبالتالي يسهل التلاعب بها. ولا يمكن للمعارضة الديمقراطية النجاح في مسعاها دون التصدي لهذا التكتيك أو الأسلوب وتكسيره وإفشاله لأن القمع، حتــــى وإن خلق صعوبات وعراقيل، فإنه لا يمثل عائقا غير قابل للتجاوز، للالتحام بجماهير الشعب. وهو ما أكدته كل التجارب في مختلف أنحاء العالم. إن العائق الحقيقي يكمن في عدم فهم طبيعة الاستبداد وفي عدم الحزم في مقاومته، وفي التعلق بوهم مقرطته من داخل منظومته. إن الطريق إلى الشعب يمر عبر الالتحام بهمومه ومشاغله وترجمتها إلى مطالب وشعارات وخطط تعبئة ملموسة ومرتبطة بالهدف العام وهو القضاء على الاستبداد. وما أكثر هموم الشعب التونسي ومشاغله اليوم. وقد أكدت أحداث الحوض المنجمي في مطلع عام 2008 أن جماهير الشعب قادرة على النضال والصمود وعلى ابتداع أشكال وأساليب مقاومة لا تخطر على بال قصيري النظر من أهل السياسة، القابعين في عالمهم الضيق، كلما وجدت من يضيء لها الطريق ويساعدها على فهم الفخاخ المنصوبة لها وتفكيكها. إن استنهاض الشعب على قاعدة مشاغله وهمومه وطموحاته من شأنه أن يؤدي إلى محاصرة الاستبداد وإسقاطه. وفي مثل هذا الوضع ستكون الفرصة سانحة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية لتعيين مجلس تأسيسي لصياغة الدستور الجديد الذي يضع أسس النظام الديمقراطي المنشود، الجمهورية الديمقراطية المنشودة. وحين ترسي قواعد الديمقراطية في بلادنا لا خوف على المكتسبات التي حققها التونسيات والتونسيون بنضالهم وتضحياتهم والتي تتبدى اليوم أمام أعينهم جراء نظام الاستبداد الذي خرّب ويخرّب كل شيء في البلاد، اقتصاديا واجتماعيا وسياسة وثقافة وأخلاقا. IIV – جبهة عريضة ضد الاستبداد ومن أجل تحقيق التغيير الديمقراطي الحقيقي إن حزب العمال الشيوعي التونسي يقترح على أحزاب المعارضة وعلى الجمعيات والمنظمات والشخصيات الديمقراطية المستقلة هذه المحاور للنقاش عساها تشكل الحد الأدنى السياسي للنضال من أجل توفير الشروط الدنيا لتحقيق التغيير الديمقراطي ببلادنا ووضع حد للاستبداد الذي يحكم على مجتمعنا بالتخلف والتقهقر: 1 – رفض نتائج المهزلة الانتخابية وعدم الاعتراف بشرعية المؤسسات الصورية المنبثقة عنها (رئاسة، برلمان…) واعتبارها « مؤسسات أمر واقع » مفروضة عن طريق التزوير والقوة البوليسية الغاشمة، والنضال من أجل حلها وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في مناخ حر وهو ما يقتضي:  توقيف العمل بكافة بنود الدستور التي تقنن الحكم الفردي المطلق وتلغي إمكانية التداول الديمقراطي على الحكم وتضرب استقلالية السلطتين التشريعية والقضائية، في انتظار انتخاب مجلس تأسيسي، تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد يحافظ على المكتسبات ويؤسس نظاما ديمقراطيا حقيقيا.  إلغاء ترسانة القوانين المنافية للحريات وضمان حرية التعبير والإعلام والتنظم والاجتماع وتجريم انتهاكها. وهو ما من شأنه أن يوفر المناخ لظهور تعددية فكرية وسياسية حقيقية، لا قيود فيها على الإبداع وعلى إصدار النشريات وبعث الإذاعات والقنوات التلفزية وعلى تكوين الجمعيات والمنظمات والأحزاب السياسية وعلى تنظيم الاجتماعات والتظاهرات.  حل أجهزة البوليس السياسي المرتبط وجودها بقمع الحريات الفردية والعامة وإخضاع كافة الأجهزة الأمنية للمراقبة المباشرة للمؤسسات التمثيلية المنتخبة حال قيامها.  إطلاق سراح المساجين السياسيين وضمان عودة المهجّرين دون قيد أو شرط وسن قانون العفو التشريعي العام الذي يعيد إلى كل ضحايا القمع حقوقهم المدنية والسياسية ويعوّض لهم ولعائلاتهم عما لحقهم من أضرار مادية ومعنوية.  ضمان استقلالية القضاء إشرافا (مجلس أعلى منتخب من القضاة) وتنظيما (عدم نقلة القضاة إلا بطلب منهم) وتمويلا (رصد البرلمان المنتخب ميزانية للقضاء يشرف المجلس الأعلى المنتخب على التصرف فيها.  وضع حد لممارسة التعذيب وفتح تحقيق شامل ومحاسبة المسؤولين عنها أمرا وتنفيذا والتعويض للضحايا ولعائلاتهم.  تحييد الإدارة ومقرطتها ومنع الارتباط بينها وبين الحزب الحاكم (حلّ الشـّعب المهنية، تعيين المسؤولين الإداريين أو انتخابهم حسب مقياس الكفاءة، إخضاع تصرّف المسؤولين الإداريين لمراقبة الموظفين في الإدارات المعنية ومحاسبتهم…) 2 – مقاومة الفساد: تكوين هيئة مستقلة للتحقيق في الثروات غير المشروعة ومحاسبة المسؤولين عن سوء التصرف في المال والثروة العامين وعن اغتصاب أملاك المواطنين إلخ. 3 – الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والمواطنات وفي مقدمتها الحق في الشغل وفي العيش الكريم وفي خدمات راقية: علاج وتعليم مجانيان، سكن ونقل وكهرباء وماء بأسعار مناسبة، وفي بيئة سليمة. إن حزب العمال الشيوعي التونسي يتوجه بهذه المحاور إلى كافة مكونات المعارضة السياسية وإلى مناضلات ومناضلي الجمعيات والمنظمات المستقلة من نقابيين وحقوقيين ومثقفين ومبدعين. إن تكوين جبهة عريضة ضد الاستبداد والفساد ومن أجل تغيير ديمقراطي ببلادنا يعتبر اليوم من ألح المهام. (المصدر: « البديل »، لسان حال حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

« كلمة حرة » من الحوار.نت أيد تونسية ممدودة بعضها لبعض..

 ** حراك مختلف الإتجاهات في المشهد التونسي : 1 ــ وزير الخارجية الفرنسي ( كوشنار ) ينتقد الوضع الحقوقي بشدة سيما بعد الحرب الضارية التي إستهدفت كثيرا من رجال الإعلام التونسي والحقوقيين البارزين والمعارضين من مثل توفيق بن بريك وسليم بوخذير مما حمل بعض المنابر الإعلامية التونسية على إختيار الإحتجاب الطوعي لمدة أسبوع كامل إحتجاجا على تلك الحرب وآثارها سيما أنها كانت الثمرة الأولى لإعادة إنتخاب الرئيس في ولاية خامسة من المنتظر أن تكون دستوريا الأخيرة .. الدبلوماسية الفرنسية بادرت بتهنئة الرئيس بن علي في تلك الولاية الخامسة الأخيرة في شهادة زور واضحة ثم سرعان ما صحح وزير خارجيتها الوضع مما أثار إرتباكا كبيرا في الدبلوماسية التونسية وصل لأول مرة إلى رفع الأمر إلى جهات إفريقية ومغاربية عليا مما يفسر العجز الدبلوماسي التونسي حيال الخطوة الفرنسية أو إستنجادا بحلفاء إفريقيين ومغاربة دأب أغلبهم على ملازمة الصمت حيال مثل هذه القضايا التي تعتبر في مقاييسهم داخلية .. ولكن الثابت أن إرتباكا دبلوماسيا جديا جعل رئيس الدولة نفسه يولي هذه القضية حيزا كبيرا في خطابه الأخير بمناسبة أدائه اليمين الدستورية في ولاية الخامسة الأخيرة .. لم يثر الموقف الأمريكي في إثر الإنتخابات الأخيرة شيئا يذكر رغم أن الدبلوماسية الأمريكية كانت صريحة في إدانة تغييب الديمقراطية والحريات في تونس في هذه المناسبة على الأقل وهي الأولى بعد صعود الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما .. تحملت الدبلوماسية التونسية الصفعة الأمريكية ولكنها لم تتحمل الصعفة الفرنسية رغم أنها حركة تصحيحية إتخذها الوزير كوشنار .. مما يدل إلى جانب مؤشرات أخرى كثيرة على أن المطبخ التونسي جزء كبير منه يتخذ من باريس مركزا له.. رغم ذلك وبإستثناء الخطوة التونسية لجوء إلى المؤسسات الإفريقية والمغاربية العليا فإن الخطاب التونسي الدبلوماسي الرسمي ظل يلوذ بسلبية حول الصنم القديم : لا نريد دروسا في الديمقراطية من أحد.. كأن التجربة التونسية هي التجربة الإنجليزية في قضية الديمقراطية .. 2 ــ  » قلوبنا مفتوحة وأيدينا ممدودة لكل التونسيين والتونسيات دون إقصاء أو إستثناء لأحد ». ذلك هو ما قاله رئيس الدولة في خطابة الأخير بمناسبة أدائة اليمين الدستورية.. كما قال رئيس الدولة :  » سنتوجه إلى المستقبل « .. 3 ــ تصريحات السيد صخر الماطري الذي تعتبره دوائر دولية وإقليمية ومحلية الرئيس التونسي القادم في حركة توريث تونسية قحة لحما ودما أي توريثا بالتعصيب كما يقول أهل الفرائض إذ ليس لرئيس الدولة من يقوم بهذه المسؤولية من حيث العمر المشترط لها بعكس ما هو الحال في مصر ودول عربية وإسلامية أخرى.. تصريحات السيد صخر الماطري إعتبرتها بعض التحاليل السياسية مشروعا إسلاميا حكوميا رسميا يهيء منذ اليوم ويؤهل لمواجهة حركة النهضة أحيانا ولمواجهة الفكر المغالي من جهة أخرى أو توبة داخلية من الجهاز الحكومي ذاته .. فإلى أي حد يصمد مثل هذا الحديث وهل أن حركة النهضة أو ما يومأ إليه من خلال ذكر الفكر المغالي في إشارة إلى الصحوة الإسلامية الثانية الجديدة .. هل أن النهضة أو تلك الصحوة الجديدة في خصومة مع التدين الرسمي الحكومي حتى تكون في موقع المواجهة له..  ** أيد تونسية ممدودة بعضها لبعض .. فمن يوائم بينها؟  لا شك أن المقصود من خطاب رئيس الدولة بالتونسيين والتونسيات  » دون إقصاء أو إستثناء لأحد  » لا شك أن المقصود هم الإسلاميون عامة وحركة النهضة خاصة.. وكذلك المعارضة التي لم ترض بأن تكون خادمة لحزب الدستور الحاكم أو زينة يحلل بها الحكم في تونس مطبخه الديمقراطي بعد أن أطاحت به سنوات الجمر الحامية في تسعينيات القرن الميلادي المنصرم.. الطرف الوحيد الذي أقصي بالكامل بعصا البوليس الغليظة على إمتداد عقدين كاملين هو حركة النهضة وبأقدار أقل من ذلك بكثير أجزاء كبيرة من المعارضة العالمانية .. الحقيقة أن الطرف الوحيد الذي أقصي إقصاء شنيعا بشعا على إمتداد تلك الحقبة المظلمة من تاريخ تونس هو أمر يمكن تسميته : من جهة هو الإسلام الذي تآمروا عليه من خلال خطة تجفيف منابع التدين المعروفة عربيا ودوليا ومن جهة أخرى هي الحريات بما فيها حريات التدين الشخصية فضلا عن الحريات الفردية والعامة سياسية وإجتماعية وغير ذلك .. ظلت أيدي النهضة والمعارضة الجادة ممدودة بحسب تصريحات قيادييها على إمتداد سنوات طويلة وآخر ذلك تصريحات السيد وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة المقيم في بلجيكا في حوار مع قناة الجزيرة في بعض برامجها بين يدي الإنتخابات التونسية الأخيرة .. فضلا عن أعمال أخرى كثيرة وتصريحات أخرى أكثر سواء من قيادة النهضة ( القيادة التاريخة ) في داخل البلاد أو خارجها .. عندما يمد رئيس الدولة يده إلى هذه الأطراف الوطنية الديمقراطية .. حتى لو كان ذلك المد في آخر لحظة .. عندما يكون ذلك فإن لك أن تقول بإطمئنان إلى أن هناك فرصة متاحة لبدء حركة مصالحة جادة بين الطرفين .. مصالحة سعت إليها حركة النهضة طويلا وعملت لها طويلا ولكن رغم ذلك فإنه يتعين عليها مواصلة العمل لأجلها ونظن جازمين أن حركة النهضة اليوم على أتم مستويات نضوجها لإحتضان تلك المصالحة التي تراعي أول ما تراعي التوازنات المحلية سياسيا وثقافيا وإجتماعيا وإقتصاديا فضلا عن التوازات العربية والإقليمية والخارجية .. حركة النهضة لمن يرصد حراكها الداخلي ورغم خسائر كبيرة في العدد والعتاد فإن رأسمالها المعنوي ورصيدها البشري لم تزده المحنة الضارية العاتية إلا صمودا وثباتا .. من سوء حظ حركة النهضة أنها ضربت يوم ضربت بشراسة منقطعة النظير والعالم يتهيأ لتوديع الدب الروسي الذي كان يوفر لحركات التحرر الوطنية ضربا من الإيواء المعنوي كما هو معروف عند المحللين ولكن من حسن حظ حركة النهضة أنها ضربت هيكليا وماديا في زمن يشهد فيه العالم كله ـ وتونس جزء مهم منه في هذه الزاوية ـ حركة صحوة إسلامية تنداح شرقا وغربا ويمينا وشمالا.. بما يعني أن رساميل النهضة غير قابلة للضرب لأنها رساميل تنبجس من الأمة ذاتها .. تلك هي قوة حركة النهضة لمن يقدر على إلتقاطها بعد عقدين كاملين من الإقصاء الكامل المصحوب بمحاولة يائشة فاشلة للمحو الكامل ..  ** أما آن لهذه الأيدي التونسية أن تقترب من بعضها أكثر ..  حركة النهضة راجعت مسارها وإستوعبت الدرس وتحملت الضربة تلو الضربة بشعارها القديم الجديد ( بلاغ مبين وصبر جميل ) .. هي اليوم : حركة إسلامية سياسية ديمقراطية سلمية هادئة أولويتها إصلاح ما أفسدته سنوات الجمر الحامية من خطة تجفيف المنابع وإنحناء المجتمع التونسي نحو شيخوخة مبكرة قاسية ضمن عمل إجتماعي دعوي ثقافي إغاثي إنساني محاضنه المجتمع في جيوبه الغائرة وطاقاته الكامنة المجمدة والمؤسسات المدنية الأهلية .. حركة النهضة اليوم هي الأكثر تشبعا ـ دون أدنى مبالغة لمن يرصد مسار الحركات الإسلامية والجماعات سيما بعد صعود المد المغالي الذي سمي جهاديا ثوريا إنقلابيا غاضبا ـ بالقيم الديمقراطية والحداثية بالمعيار الإسلامي المعاصر الذي يوائم بين الماضي والحاضر والأصالة والحداثة .. حركة النهضة بإختصار شديد وبكملة واحدة جامعة مانعة : حاجة ماسة وأكيدة للمجتمع التونسي ونخبته ومؤسساته وللحكم كذلك تنبهه وتنقده وتصححه وتنمي خيره وتنفث شره .. ذلك الشعار الذي رفعته حركة النهضة وظن الظانون ـ حتى من الحركة ذاتها ربما ـ بأنه كان تكتيكا سياسيا أي : الحركة لا تتكلم بإسم الإسلام ولا تتشوف إلى أن ينسب إليها ذلك يوما .. ذلك الشعار شكل في الحقيقة رصيدا ثقافيا مانعا للحركة من الإنزلاق في إتجاه العنف ـ إذ العنف ثقافة قبل أن يكون مزاولة ـ كما شكل لها في الحقيقة بعدا رابعا راسخا يجعلها تتعايش مع كل الظروف السارة والضارة.. ومن يدرك حجم المحنة الإستئصالية الأخيرة يدرك معنى ذلك .. إنتصار حركة النهضة بعد تلك الحملة الإستئصالية الشرسة هو بالتحديد : نشوء صحوة إسلامية عارمة في البلاد هي بالتأكيد عمقها الثقافي ورسالتها الجديدة بعد تهذيب وتشذيب وترشيد وتوجيه.. إنتصار حركة النهضة الحقيقي هو : تبدد الخوف على هوية البلاد العربية الإسلامية إلى الأبد إن شاء الله تعالى.. من يعرف البورقيبية في عنفوان شبابها في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الميلادي المنصرم يعرف سبب نشوء حركة النهضة ومن لم يعاصر ذلك عليه بمراجعة التاريخ ليستوعب القضية .. بعد الخلاص من جبهة الهوية فإن جبهات أخرى كثيرة مفتوحة منها الجبهة الإجتماعية والجبهة الإقتصادية والجبهة الديمقراطية .. بكلمة : جبهة عنوانها الأبرز : الحرية ذلك السر الذي يمكن للمجتمع ولرغد العيش بل يمكن للهوية ذاتها .. الحرية : مفتاح النهضة والتقدم .. جبهات مفتوحة كثيرة لا بد منها لتونس ولكن لا بد من إجتماع كل المصلحين حولها ..  ** وأخيرا إمتدت يد الرئيس نفسه ..  ظلت أيدي النهضة ممدودة على إمتداد سنوات طويلة .. عبر رئيس الدولة عن يده الممدوة .. لم لا تلتقي الأيدي الممدودة.. لا بد لها أن تلتقي في منتصف الطريق بعد مراجعات من هذا ومن ذاك سواء بسواء .. لا بد لها من إلتقاء صريح مباشر دون وساطات قد تغمز في هذا أو في ذاك ولم الوساطات.. لا بد للنهضة من مد أيديها مترا آخر متقدما إلى الأمام ولا بد للسلطة من التعبير عن جدية أيديها الممدودة ولا أدنى في ذلك من إطلاق سراح الدكتور شورو وآلاف من الشباب المعتقل على خلفية محاربة الإرهاب وتنقية المناخ السياسي والإعلامي كله خطوة بعد خطوة ولبنة بعد لبنة .. لا بد من إطلاق سراح الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ولا بد من رفع الأيدي المكبلة ضد الإتحاد العام التونسي للشغل .. بكلمة : لا بد من تهيئة البلاد منذ الآن إلى دورة جديدة .. وليس ذلك بعزيز على الناس إذا أرادوا … لا بد من الإذن برجوع المغتربين في مناخ عفو تشريعي عام يمسح بعض عذابات الماضي .. إجراءات قليلة إن قللتها وكثيرة إن كثرتها ولكن المشكلة ليست لا في قلتها ولا في كثرتها ولكن المشكلة هي : إرادة رئاسية جادة في مشوار جديد ومناخ جديد ومن النهضة كذلك .. منها دون تردد .. لتطمئن حركة النهضة على رساميلها المعنوية فهي بلغت من الثبات حدا لا ينال منه وكيف ينال منه في السلم بعد ما فشلت كل المحاولات في ذلك في الحرب .. لتطمئن النهضة على ذلك .. ولكن لتكن جريئة مقدامة ولتفعل ما يظنه الفاشلون خسارة وتراجعا .. من السياسة التراجع خطوة بل خطوات إلى الوراء إذا لزم الأمر .. التراجع إلى الوارء خطوة أو خطوات لا ينال من رساميل الحركات ولكن التردد في ظل مناخات غير مضمونة من ناحية ومائلة نحو التطور ولو بالتدريج بالضرورة .. ذلك التردد هو الذي قد يكون خسارة ومن الخسارة الثبات على موقف قديم يمكن تغييره لا يحول دون ذلك شرع ولا عقل ولا نقل ولا مصلحة ..  ** صخر الماطري .. الرئيس المقبل..  إحتمال مرقوب.. مرقوب بقوة بسبب توبة داخلية من السلطة وبسبب ما شكله لها ملف الهوية الإسلامية للبلاد من حرج .. إحتمال مرقوب بعد ذلك كله بسبب قرب الرجل من رأس السلطة بذكرانها وإناثها .. إحتمال مرقوب سيعمل الشيوعيون على الحد من طموحه وإجهاض مشروعه كما فعلوا من قبل في إذاعة الزيتونة والبنك الإسلامي وغير ذلك .. إحتمال مرقوب قد لا يلقى معارضة حتى من باريس ذاتها فضلا عن غيرها .. إحتمال مرقوب قد يكون مناسبا في حسابات أعداء المشروع الإسلامي إما لمعارضة النهضة أو لمعارضة المد الإسلامي الجديد في تونس.. إحتمال مرقوب في سقوف سياسية محدودة جدا بل شبه مغلقة .. السؤال هو : إلى أي حد يكون ذلك لإجهاض النهضة والمد الإسلامي .. هذه مقاربة من المقاربات .. لا نظن أن النهضة تخسر شيئا بل يتجسد مشروعها في تثبيت هوية البلاد بصفة لا تراجع بعدها بسبب أن التراجعات في التاريخ التونسي تكون دوما مفروضة بعصا البوليس وسياسة الدولة .. لتكن مناورات .. فمن يمنعك أنت أيضا من المناورات .. أليست المناورات هي الخبز اليومي للسياسي .. مناورتك في سبيل الله لأنها تمكن للإسلام في أرض الزيتونة لعل الشر ينحسر وهي في طريقة إلى الإنحسار في هذا الملف ( الهوية) حتى لو لم يكن رئيس تونس المقبل هو السيد صخر الماطري .. لتتفرغ النهضة إلى جبهات أخرى ملحة منها الملف الإجتماعي ليس بمعناه الإغاثي فحسب ولها في ذلك تجارب ناجحة جدا وربما آخرها فيضانات توزر القديمة عام 1989 .. ومنها ملف الصحوة التي تتطلب ترشيدا وتوجيها .. هو في الحقيقة ليس مجرد مشروع ترشيدي ولكنه في وجهة نظر حصيفة : تسليم أمانة ونسج خيوط وصل بين جد وحفيده.. لا يتطلب ذلك حديثا مقصورا بعيدا عن أعين الناس لأن ذلك من الطبيعي المنطقي في تكامل الظواهر وتأدية بعضها إلى بعض.. صحيح أن صعود السيد صخر الماطري إلى رئاسة الدولة لن يكون محفوفا بالورود حتى وهو صهر الرئيس أو زوجه لأن تونس من أشد الأماكن في العالم التي تقع تحت مجاهر المخابرات الدولية والقراءات الإستراتيجية وليس على أدل على ذلك من تدبير إنقلاب 1987 .. ولكن الأمور في هذا المستوى تؤخذ لبنة بعد لبنة وليس بإنقلاب في الأوضاع إذ لا يوجد ذلك إلا في أذهان عفا عنها الزمن أو تمارس أحلام اليقظة أو تراوح مكانها في إنتظار مهدي منتظر أو هبة ثورية تخر بها السقوف والتوازنات .. ** تونس على أبواب بدايات التغيير: فهل من مشمر بالفكر والعمل؟ تلك مساجلات تونسية مستقبلية ضرورية لا بد من الجميع المشاركة فيها ولكن بالرأي وتقليبه والعمل والتعاون وليس بالسخرية والهمز واللمز والتحقير لأن البلاد عانت كثيرا وخاصة في إبادة العنصر التونسي على إمتداد نصف قرن كامل ظلت فيها الدولة تحصد الجوائز الدولية الباهظة على حساب إنهيار مستقبلها وإنقراض عنصرها .. أي جهالة أخبث من هذه الجهالة .. الناس في الدنيا يمدونك بالجوائز الدولية الباهظة والثمن هو : إنتاج سياسة عمرانية صارمة مقصدها : انقراض العنصر التونسي حتى غدا المعدل من أدنى المعدلات في العالم بـأسره وليس في العالم العربي فحسب أو الإسلامي فحسب أو حتى الأوربي المتوسطي فحسب : معدل : 1,75 !!! لذلك لا مجال للسخرية والهمز واللمز وليترك ذلك لأهله عند كل وطني غيور أما اللاهون يتسلون بمجتمع ينقرض يوما بعد يوم وهم يضحكون ساخرين .. أولئك ليس هذا مجالهم ولا مجال الحديث الجاد معهم .. (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

حكمة العمّ سرحان

بقلم: جيلاني العبدلي ذكراهُ ما انفكّتْ تطفو على سطح ذاكرتي.. مذ جلستُ إليه ذات يوم وشخصيّتُه الحيّة لازالتْ تمثلُ أمامي وحديثُه السّلس المحكمُ لازال يسكنُ في مخيّلتي. إنّه عاملٌ بسيط نحيفً البنية نشيط الحركة، لا تفارقُ شفتيْه ابتسامتُه الخفيفةُ التي ألفها فيه كلّ الذين تعرّفوا عليه. علا شعره الكثيف شيءٌ من الشيْب، وبدتْ على جبينه العريض علاماتُ كفاح مرير في الحياة، ولكنّه مع ذلك لا يزال يتمتّع بطاقة فاعلة وحيويّة غامرة. نشأ في أسرة وفيرة العيال شحيحة المال، وشاركها متاعبها الجمّة ومصاعبها العدّة، ولمّا لم يجلس طويلا على مقاعد الدراسة وبالتّالي لم ينل من التعليم غير حظّ يسير، فقد خيّر أن يلتحق بمركز للتدريب المهني حيث تعلم أصول الدّهانة وتمكن من فنون الطلاء، وحالما أنهى مدة التكوين التحق بسوق التشغيل، وأقبل على العمل بحماس فياض وطموح جياش، تُحرّكه في ذلك نزعة دفينة للنهوض بعائلته ورغبة شديدة في التعويض على سنوات حرمانه. اختار العمل الحرّ الذي يتمتع فيه بالاستقلال لأنّ طبيعته لا تنسجمُ مع الحياة المهنيّة الرتيبة وضوابطها العديدة، ولم تكد تمرّ أشهر معدودة على ممارسته حرفته حتى ذاع صيته، وحدّث النّاس بإتقانه، وتواترتْ عليه عروض شتى في العمل. كان كلّما تلقّى عرضا قلّبه من جميع وجوهه المختلفة، ودرس تكاليفه بروية، ثمّ تعهّد بإنجازه مقابل أجرة مناسبة في غير شطط، ثم تفانى في إتقانه محترما ما ضربه على نفسه من عهود وما قطعه عليها من وعود، وهذا ما زاد في شهرته وفتح له مزيدا من الآفاق في تحصيل الرزق. وجدتُه ذات صباح مارّا أمام منزلي وعلى كتفيْه سُلّم يتهادى به كأنّي به يترفّق بشيء رفيع يخشى عليه من أثر السقوط، وحالما بلغ بناية بالجوار أنزله بعناية، ثم ثبّته في الأرض، ثم انصرف إلى إعداد الأخلاط الكافية وأدوات الطلاء اللازمة، وشرع بهمّة في العمل.  تراهُ تارة يركبُ سلّمه في تأنّ، وتارة أخرى ينزلُ عنه في حذر، تارة يقشّرُ الحيطان يُجرّدها تجريدا، وتارة أخرى يطلي الجدران يُلمّعها تلميعا، وهكذا تتابعتْ حركاتُه وتنوّعتْ أنشطتُه إلى أنْ أخذ منه التّعبُ مأخذا كبيرا، عندها جلس أرضا غير بعيد يسترجع أنفاسه وقد أسند ظهره إلى جدار مُولّيا وجهه شطر سُلّمه، ثمّ أشعل سيجارة يمصّها وينفثُ دخانها وهو يحدّقُ في السلّم قبالتهُ يتأمّلهُ كأنّي به يناجيه ويبثّه شكاويه. قصدتُه أحملُ إليه فنجان شاي لمعرفتي بعشقه غير المحدود لهذا المشروب الذي يعدّهُ وقودا يستمدّ منه طاقته في العمل كما يعدّهُ عربون محبة وتقدير. لما أتيتُه بشّ لي وهشّ وسبقني بالتحية، فرددْتُ بأحسن منها وناولتُه الفنجان، وجلستُ إليه أبادله الحديث. سألتُه عن سرّ علاقته بسُلّمه التي ظلّتْ قائمة على مرّ العقود ولم تهتزّ لتقلّبات العهود. نظر إلى السُلّم مليّا، وصمت قليلا، ثم التفت إليّ، وقال مشيرا بسبّابته: « لسُلّمي هذا يا ابني مكانة خاصة في نفسي ومساحة واسعة في تفكيري، خضتُ به مُعتركاتي فكان دليلي في حياتي ورفيقي في دروبها المتشعّبة. كنتُ حريصا على تعهّده وصيانته وحسن استعماله، ولم أستخدمْهُ يوما في غير العمل المحمود والإتقان المنشود، ولم أوظفْه أبدا في غشّ أو جشع أو إخلال بالوعد ونقض للعهد، فلم يغدرْ بي يوما، ولم يعرّضْني لمكروه، ودرّ عليّ خيرا عميما، فستر حالي وأعال عيالي، وعلّمني كيف أتدرّجُ في سُلّم الحياة بتأنّ ورفق وتبصّر وعزم كما لو كنتُ أرقى مدارجه. بفضل هذا السلّم اشتريتُ قطعة أرض، وبنيتُ عليها منزلا مُحترما، ثمّ جهّزتُه، ثمّ تزوجتُ، وصار لي من النسل أصلحُه، فرعيْتُه أحسن رعاية، ولبّيْتُ حاجاته الأساسية، وما كنتُ يوما مستدينا، وهكذا عشتُ مستور الحال أشتغلُ بالنهار، فينال مني الإرهاق نيلا، وأنامُ بالليل ملء جفنيّ قرير العين هانئ النفس لا ألوي على شيء غير دوام هذه النعمة التي أسبغها الله عليّ.  ومع مرور الأيام والأعوام شعرتُ بعاطفة تكبرُ في نفسي، وإدراك يعظمُ في عقلي تُجاه سلّمي هذا، أصبحتُ أنظرُ إليه أحيانا لا كأداة عمل خاوية لا روح فيها، بل كصديق جليل أو رفيق خليل قد بادلني الإخلاص والوفاء، وقاسمني التضحية والصبر، وحماني من عُسْر الحال وسُوء المآل، وأنظرُ إليه أحيانا أخرى ككتاب مُبين أقرأُ على صفحاته فلسفة الحياة، وأدركُ حقائقها الكبيرة ومعانيها القويمة ».  في هذه الآونة توقّف عن الكلام يأخذ نفسا من سيجارته، ويرتشفُ شايا من فنجانه، ثمّ أضاف:  « الحياةُ يا ابني مثلُها كمثل السُلّم كلّنا يجتهدُ في صُعوده بتدرّج، فمنْ أساء التقدير وأخطأ التدبير ظلّ في أسفله أو هوى منْ أعاليه، فانظرْ في واقعنا كمْ من فقير ترقّى بحكمة فصار ثريّا، وكم من ثريّ تعثّر فانحدر في مهاوي الفقر، وكم منْ شقيّ مُكترب تدرّج بصبْر فأضحى سعيدا مُبتهجا، وكم من سعيد تهاوى فأمسى تعيسا مُنتحبا، وكم من حائد عن طريق الحقّ ترفّع وتعالى فأدرك درجة الفضيلة، وكم من سائر في طريق الحقّ زلّتْ به القدمُ فإذا به في مساحيق الرذيلة مذموما مدحورا. كلّنا يا ابني مُقبلٌ على ترقّي سُلّم الحياة، نقطعُ مشوارها الطويل بتدرُّج، نُولدُ  فنشبُّ فنكتهلُ فنهرُم، ولكلّ مرحلة خصائصُها ومُقتضياتُها، حساباتُها وتقديراتُها، وخيرُنا منْ أدرك حقائق الحياة وأحسن الترقّي في سُلّمها ». لم يكد العم سرحان يُنهي حديثه الجميل الزاخر بالحكم والمواعظ حتّى أقبل عليه أحدُ حرفائه القدامى مُسلّما بحرارة مُعتذرا عن قطع حوارنا مُقترحا عليه عرضا لعمل جديد في بناية كبيرة راجعة له بالنظر، عندها استأذنتُ للانصراف حتّى أفسح لهما مجال التباحث، وغادرتُهما مُودّعا وقد غمرني إحساسٌ دافئ لذيذ عذبٌ شبيه بما يلقاه في العادة من يأتي على قراءة كتاب جميل في مبناه وفي معناه. غادرتُ المكان في نخوة مُنتشيا، وما كنتُ أحسبُ قبل جلوسي إلى العم سرحان أنّ في بسطاء الناس منْ إذا نظر فكّر، وإذا تدبّر اعتبر. (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 15 نوفمبر 2009)

أفكار عن الغربة

   ( الجزء 2 )


كتبه ابراهيم بلكيلاني ( النرويج )    قطعت حديثي مع صديقي  الذي بدأناه حول الغربة و تعديل السلوك . و ودعته بدموع تجمع شوق أخوة لا أدري هل تعاود وصلها ، أم هي قاطعة لها . كنت أرى  الأخ إثر الأخ و هو يجد  عن المشرق بديلا . فرحتي مُزجت بين الراحة و الخوف . الراحة لراحتهم  و الخوف من المجهول . كثيرا ممن  استوطن المشرق ، خاصة من صاهرهم ، لم يكن  يرض  عنه بديلا . إلا أن قلة اليد ، و همّ الذرية و فقدان الوثائق  لم  يترك لنا غير خيار الهجرة إلى الغرب بديلا . مرت العديد من الوفود و سخر الله سبحانه و تعالى من استوطن المشرق ليكونوا سُبل مساعدة متعددة و متنوعة لمن كانت وجهته الغرب ، و لم تغرن رياح الغرب على رغم  فواح عبيره .  لكن كان مما بد منه . لم نكن نقدر أهمية الأمم المتحدة و خاصة مفوضية اللاجئين  و الهلال الأحمر  إلا بعد كان لنا سجل فيهما . أصبح التسجيل  و قبول الملف من المفوضية  بوابة  الطمأنينة  و بداية الحل  لمن  أرهقته  الغربة  و تباعدت المسافة بينه و بين موطنه . كان الجزائريون و اليمنيون و العراقيون أكثر  عددا أمام بوابة المفوضية ، أما التبعية التونسية فهي قليلة  و حُضيت بتقدير  لأن وضوح الملفات في بعدها الحقوقي كان ساطعا و احراجات و ضغوطات الواقع ملموسة  . كنا نصطف لساعات عديدة أمام  مقر الهلال الأحمر لنتسلم المساعدة الشهرية ، و من بركات هذه المنحة كان أول صرف لها  و نحن  في عودتنا مع صديقي و أخي على »السجق  » كان له طعم خاص ، لم نجد له مذاق طيب عند غيره . و كنا أحيانا نثني بصحن « نابلسية  » من محل ألفناه و ألفنا  خلف مقر  البريد  و أحيانا بصحن « حمص  » من مطعم المصري أمام البريد المركزي . و لكي لا أمر هنا مر الكرام . ففي السنين الأولى من غربتنا  ، كنا نصطف في صف طويل أمام البريد المركزي  لنطل بوجهنا على  » أم علاء  » صاحبة الذاكرة الحديدية  التي بمجرد أن ترى وجهك لمرة واحدة  يُحفر اسمك في ذاكرتها ، فلن تحتاج في المرة القادمة إلى استظهار بطاقة تعريف أو هوية تعرف بها نفسك . فكل الوجوه معلومة لديها . و قد كان الاصطفاف أمام البريد المركزي فرصة تعارف و التقاء . استعدادا للسفر و كعادتي سعيت لتأمين مكتبتي فأرسلت في البداية كتب الرافعي و دواوين البردوني ، ثم أردفتها بارسال البقية ، و لم أرض بارسال تفسير التحرير و التنوير بالشحن العادي ، بل تحملت ثقله  و حملته معي على الطائرة . فمن المشرق إلى أرض الفايكنج ، هي الرحلة الأولى لي إلى بلد أوروبي . تطلبت الرحلة ثلاث طائرات حتى نصل إلى المكان الذي خُصص لنا . استقبلونا ببشاشة و وفروا لنا ما نحتاجه . قال لي صديقي انظر إلى الطريقة التربوية التي يستخدمونها في تربية الناشئة على احترام الآخر و تقديس مبدأ الحرية  و التدريب على كيفية ادارة الحوار . فطباع النرويجيين طباع هادئة . فكيف حدث لهم هذا التغير الكبير ، خاصة أنه عندما نقرأ عن تاريخ الفايكنج ، السكان القدامى لاسكندنافيا كانوا يتصفون بالهمجية و التوحش و يعشقون الحروب ، و يشهد التاريخ أنهم اختطفوا ابن فضلان رسول الخليفة العباسي المقتدر إلى ملك البلغار في شهر يونيو 921 ميلادي ، و على خلاف الطبائع بين الفايكنج و ابن فضلان إلا أنها انتهت بالاحترام ، بل تورد بعض القصص حكايات عن انضمام ابن فضلان إليهم و مشاركته في حروبهم . فلنا في سيرة ابن فضلان تجربة عربية في الاندماج ! . لاشك أن تأثير المناخ على الشخصية و السلوك من المسائل التي ذكرها ابن خلدون حول  » أثر الهواء في أخلاق البشر » عند تعرضه لأهل السودان .  و تقر العلوم السلوكية الحديثة اليوم بأثر العامل البيئي في السلوك. نعود إلى ما نريد التأكيد عليه في هذه الحلقة ألا وهي احترام الأفكار و الأراء ، و أعود معكم إلى دراسة قيمة للعلامة محمد الطاهر ابن عاشور ، أُهملت  و قد نشرها في مجلة السعادة العظمى بتاريخ 16 رمضان 1322 هجري ، تحت عنوان  » احترام الأفكار  » و بإمضاء  » محرر من أهل العلم  » . يقول العلامة ابن عاشور  » .. فحق على كل صاحب فكر أن يقابل فكر غيره بالاحترام  دون السخرية و الهزو  » و يضيف  » لو كنا نضطهد الأفكار لاشتبه الباطل منها بالحق ، فيصرخ يستنصر  لاهتضامه كما يستصرخ الحق شيعته ، و ربما وجد من السامعين قلوبا ترق للمضعوف و إن جار ، فتصبح فتنة أشد من أن لو ترك يتمارض بالنقد الصحيح و الحجة الدامغة  » و يؤكد أيضا على أن  » من أكبر الأفكار في تقدم الأمة بعلومها و قبولها لرتبة التنور و أهليتها للاختراع في معلوماتها ، أن تشب على احترام الآراء ..  » و يؤكد أن ذلك قد   » دامت عليه  الأمة الاسلامية متمتعة باحترام الافكار ، جرئ  كل واحد على أن يبوح برأيه ، و جرئ كل مستمع على تقويمه بالحق  » .  » فكنت ترى الأشعري بين يدي المعتزلي لا يستنكف عن تلقي فوائده و الاعتراف له بحق التعليم ، و ترى السني يتعلم عن القدري و عن الفيلسوف الشاك  » . فهل في ما يُحبر في المواقع الالكترونية و يدور فيها ، ما يُعد  جزافا من الحوارات ، يتأسى بهذه الروحية التي هي قيمة اسلامية أصيلة . ضيعناها كما ضيعنا غيرها  . و استبدلت  بالاتهامات المتبادلة و الاستهزاء و السقوط في مستنقع  الغلو و الحجر . و تفسيرنا الوحيد لما يطفو على الساحة هو أنها انعكاس لسيكولوجية الانسان المقهور ، الذي يجب فك طلاسمها قبل فوات الأوان . و لله درك يا ابن عاشور عندما تقول :  » إنما تعرف مقادير الرجال بما أوجدوه ، لا بما تركوه ، و لكن طرق الشهرة لا تختلف ، و هي قوة الفكر و مرتبة العلم و العمل على تنوير آراء المتعلمين و القارئين في عقل صحيح ، و نيّة قويمة ، و نصح جهير  »  !  

لم يسقط جدار برلين وإنما غـيّـرُوا مكانه

عبدالباقي خليفة في 9 نوفمبر من عام 1989 م ، وبعد أكثر من 44 عاما من الفصل بين برلين الشرقية وبرلين الغربية ، فتحت الحدود بين الألمانيتين ايذانا بمرحلة جديدة في ألمانيا وأوربا . اتسمت تلك المرحلة بالعمل الأوروبي بل الغربي المشترك رغم معارضة بعض الدول للوحدة الألمانية ، وعلى رأس تلك الدول فرنسا . ومثل سقوط الجدار انبلاج فجر حقبة جديدة ، لم تلمس دول العالم الأخرى ، ولا سيما في افريقيا وآسيا آثارها الايجابية . بل لم يلمس المسلمون في ألمانيا آثارها ، كما لمسها مواطنوا ألمانيا الشرقية سابقا ، مثل ذلك المواطن الشرقي الذي بلغ ما مضى من عمره حتى الآن ( 73 سنة ) . ففي الوقت الذي يستلم فيه مواطنوا ألمانيا الشرقية ملفاتهم السرية التي أعدتها عنهم الاستخبارات السابقة ، تعد ملفات أخرى للمسلمين ، في ألمانيا والغرب عموما . مما يذكر ليس بالحقبة الشيوعية البائسة فحسب ، بل بمحاكم التفتيتش التي يحاولون تناسيها ، وابراز ضحايا النازية من اليهود كما لو كانوا الضحايا الوحيدون للحرب العالمية الثانية ،( التي قضى فيها 60 مليون نسمة نحبهم ، اختصروا في رقم 6 ملايين يهودي ؟!!!)  أو حتى الضحايا الوحيدون لهتلر . وهم بكل المقاييس أقل من ضحايا ستالين على سبيل المثال ،( 20 مليون نسمة ) وبكل تأكيد أقل من ضحايا الاندلس ( الذين لا يعلم عدد ملايينهم إلا الله سبحانه وتعالى ) بل محاولة تصوير ذلك كما لو كان المحرقة الأولى التي تقع لغير النصارى في القارة العجوز . ولا يعرف بالضبط كم سينتظر المسلمون في ألمانيا ، وبريطانيا ، وفرنسا ، وايطاليا ، واسبانيا ، وبلجيكا ، والبوسنة ، والبلقان ، ملفاتهم الأمنية ، التي أعدت لهم في الحقبة ( الديمقراطية ) . وكما يبدو  فإن البعض في الغرب لم يجدوا  في الاسلام العدو البديل فحسب ، بل وجدوا في المسلمين ضحاياهم الجدد ، فهم لا يستطيعون العيش بدون ضحايا . ولذلك يضحون بالبشر من أجل خلاصهم  ، فعقيدة تأليه البشر ، تطورت ليصبح كل نصراني إلها في حد ذاته . وتضحية الإله بنفسه لينجو الآخرين في عقيدتهم ، تحولت إلى التضحية بالآخرين لينجو هم . وما جرى بينهم من حروب ، ثم تحولهم لاحتلال الآخرين وسلب ثرواتهم والتضحية بهم كما لو أنهم ليسو بشرا تؤكد هذه الحقيقة . وربما عبر الكاتب البريطاني ، روبرت فيسك ، عن ذلك بجلاء عندما أشار بأن  » المسلمين ومنذ ميئآت السنين ، في حالة دفاع دائم .. وإنه ومن خلال الاستفادة من قوتنا قمنا وبشكل مستمر بتفجير الوضع في العالم الاسلامي ولم نمنحه أي فرصة لمراجعة نفسه  » وأن  » عدد الجنود الاميركيين في الشرق الأوسط يعادل 22 مرة عدد جنود الحروب الصليبية « . والسؤال المطروح هو ، لقد استغرق العمل على هدم جدار برلين 44 عاما ، فمتى تسقط الجدران التي يكبلنا الغرب داخلها . جدران سياسية ، واقتصادية ، وثقافية ، واعلامية منذ مشروع سايكس بيكو الشهير . جدران كثيرة وكثيفة جدا كالحدود التي تفصل بيننا في البلاد العربية والاسلامية بينما تفتح حدود الاوروبيين لبعضهم البعض وتغلق دوننا . وهي جدران ، كالتي يدعو إليها اليمين المتطرف في الغرب ، كدعوة السياسي البلجيكي زعيم حزب  » المصالح الفلامية  » ، فيليب دي فنتر، الذي يطالب باغلاق أبواب أوربا في وجه المهاجرين المسلمين . وأصدر كتابا سماه  » أسلمة أوربا إن شاء الله  » وصف فيها الاسلام بالعنف والعدوانية وأن الاسلاميين يسعون لأسلمة أوربا وإطلاق اسم أورابيا عليها . وذلك من باب رمتني بدائها وانسلت . فمن يعتدي على من ، ومن يحتل من ، ومن يفرض ايديولوجيته على الآخر ، ومن يبتز من ، نحن أم الغرب ؟؟؟ وفي الوقت الذي يرمي فيه المتطرفون اليمينيون الاسلام والمسلمين بالتطرف يغضون الطرف ، بل يحرضون على الممارسات المتطرفة والارهابية لبعضهم ، ضد الاسلام والمسلمين ، مثل حرق مسجد بأثينا بعد تدنيس المصحف الشريف من قبل الشرطة . فقد قام عدد من المثمين في 22 مايو الماضي ، بإلقاء زجاجات بنزين على المسجد وأضرموا فيه النار مما أدى إلى انفجار وتشقق واجهة المسجد وإصابة 5 مصلين . وفي الدنمارك أطلق حزب الشعب اليميني المتطرف حملة اعلامية ضد بناء المساجد داعيا الناخبين إلى التعبير عن معارضتهم لبناء المساجد . وفي اسبانيا وغيرها يلقى القبض على أبرياء بتهمة الانتماء للقاعدة ، وإطلاق سراحهم بكفالة مالية تقدر ب 6 آلاف يورو ، في عملية ابتزاز قذرة . فمتى كان المتهمون بالارهاب يطلق سراحهم بكفالة ؟؟؟ ويستمر التدخل الغربي في شؤون الدول الاسلامية ، وبناء الجدران بين المسلمين وعقيدتهم ، وبين المسلمين وأنظمتهم ، وبين المسلمين  دولا وأقاليم ، وبين بعضهم البعض . ومن ذلك ما ذكرته صحيفة  » التايمز  » في عددها الصادر يوم 23 أبريل الماضي ، عن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ، توني بلير  » إن تحكيم الشريعة في العالم العربي ، وإقامة خلافة واحدة للمسلمين ، وإزالة نفوذ الغرب منها ، أمر غير مسموح به ، ولا يمكن احتماله البتة  » . بل إن فيلما أميركيا ( وثائقيا ) حذر الدول الأوروبية من قيام دولة اسلامية على أراضيها بحلول 2016 م . ويستعدي الفيلم الاوروبيين ضد الاسلام والمسلمين بالقول إن  » الاسلام يزحف بشدة من خلال الهجرة ، في الوقت الذي تتراجع فيه معدلات التكاثر بين الاوروبيين ، وهو الأمر الذي يجعل الاسلام المسيطر على العالم خلال خمسة أعوام  » . وتذهب صحيفة  » ذا بوليتان  » إلى أبعد من ذلك  » إن الهيمنة الاسلامية سوف تغزو الولايات المتحدة بعد أوربا باعتبارها الهدف النهائي للمسلمين  » وتبدو الأصابع الصهيونية واضحة في هذه الحملات ، فجدار الفصل العنصري لا يزال قائما كالسكين في أحشاء فلسطين المحتلة . فالكاتب الأميركي الصهيوني  » هيرب دنينبيرغ  » يربط بين الكيان الصهيوني بطريقة خبيثة والغرب  » إن هدف المسلمين حاليا ربما يقتصر على النيل من اسرائيل ولكن هدفهم الأساسي يتمثل في السيطرة على أوربا  » ؟؟؟!!!! وليس العرب والمسلمين فقط من تعد لهم الملفات الأمنية في أقبية وزارات الداخلية والاستخبارات ، في الغرب ، ( والشرق ) فحسب ، بل المنصفين من الغربيين أيضا . فقد كشفت صحيفة لومند الفرنسية في وقت سابق ، أن الباحث فانسون غيسار ، متهم بحب الاسلام ، ولهذا السبب  » تعرض للمراقبة من قبل أجهزة الدولة البوليسية ، تحت غطاء محاربة الارهاب  » مما يؤكد الحقيقة التي ينكرها البعض في الغرب ، وهي أن الحرب ضد ما يسمى بالارهاب هي ، في الحقيقة ، وليس مجازا ، حرب ضد الاسلام كدين والمسلمين كمجموعة بيولوجية ، بقطع النظر عن مدى التزامهم بالاسلام . وكان غيسار قد نشر كتابه  » الاسلاموفوبيا الجديدة  » وهو من الباحثين المميزين الذين يرفضون الآراء المسبقة عن الاسلام ، بتعبير الباحث السياسي كلود روا . وبينما يستعد المسلمون للاحتفال بقدوم رمضان المبارك قام متطرفون بوضع رأس خنزير في مسجد في بلدة تول الفرنسية .وكتب بالقرب منه  » لا تلمس خنزيري  » . وكانت فرنسا الرسمية التي تقيم الجدر ضد الاسلام من خلال منع الحجاب في المدارس وحظر النقاب ، قد منحت جائزة سيمون دي بوفوار إلى الكاتبة المعادية للاسلام تسنيمة نسرين ، وهو جدار آخر تقيمه فرنسا بينها وبين الاسلام والمسلمين . ولا يقف الأمر عند هذا الحد ، فالكنيسة أيضا منغمسة في هذه الحرب ضد الاسلام والمسلمين إلى نصفها السفلي ، فقد عارضت تعليم الاسلام في المدارس ، كما هو الحال في ايطاليا ، فقد عارض الكاردينال أنجيلو بانياسكو رئيس المؤتمر الأسقفي الايطالي تعليم المبادئ الاسلامية . وقال  » ليس جزءا من ثقافتنا  » مما يعني نفيا للآخر ، وإقامة الجدران دونه . وهو يعبر عن عدم الثقة في النفس والخوف من انتشارحقائق الاسلام  في ايطاليا ، والحيلولة بينه وبين الناس بإقامة الجدر النفسية والاعلامية وغيرها . وفي ايطاليا نفسها يحضر لمشروع قانون يشترط إقامة استفتاءات شعبية قبل بناء أي مسجد في البلاد . وهي رسالة موجهة للحكومات في البلاد الاسلامية ، لتنسج على نفس المنوال ، عند تقديم التراخيص لبناء الكنائس ، والتي تبنى من أموال المسلمين ، وليس كما هو الحال في الغرب .!!! ووصل الأمر لبناء الجدران بين القلوب ، فالامين العام لمجلس الاساقفة الايطاليين المونسنيور ماريانو كروتشاتا ، يطالب بمنع زواج المسلمين من الايطاليات  » الزواج بين المسلمين والمسيحيات لا يجب أن يلقى التشجيع  » . وقد لا يتسع المقام ، للحديث عن الجدران التي أقامتها الرسومات الدنماركية المسيئة ، والتي تم مكافئة رئيس وزراء ذلك البلد المعادي بأن أصبح أمينا عاما لحلف شمال الأطلسي . ولم تحتج على ذلك سوى تركيا . وفي ذكرى انهيار جدار برلين ، تقام جدران ضد المسلمين الاوروبيين في البوسنة وكوسوفا وألبانيا . حيث سيسمح للصرب والمنتنغريين والمقدونيين بدخول أوربا بدون تأشيرة ، أما المسلمون فليس أمامهم سوى الجدر . ويطرد المسلمون في أميركا من وظائفهم عندما يعلم صاحب العمل أو مدير المؤسسة أنهم مسلمون ، كما نشرت  » أميركا إن آرابيك  » عن حادثة من هذه الحوادث وقعت في 26 سبتمبر الماضي بشركة سبرنت . وفي أمريكا نفسها تتواصل الأعمال العنصرية ضد المسلمين ، والتي طالت المساجد ، ومن ذلك ما ذكره المصدر السابق ، من قيام البعض بوضع عبارة  » الموت للمسلمين  » داخل مركز ومسجد أمريكي في ميرديان أفينو بولاية كارولينا الشمالية . وكان قسا أمريكيا يدعى تيري جونز قد كتب على كنيسته بالبند العريض عبارة  » الاسلام من الشيطان  » وكتبتها بعض الجهات على قمصان وملابس رياضية لكلا الجنسين ومن مختلف الأعمار . فمن ينشر الكراهية ويبني الجدران ؟!!! وقد أقر معظم الألمان الذين استطلعت آراءهم  حول أسباب معاداة المسلمين وإقامة الجدر النفسية بين الألمان والاسلام والمسلمين ، بعد مقتل شهيدة الحجاب مروى الشربيني أن  » الأحكام المسبقة وراء معاداة المسلمين  » . وفي ألمانيا نظم المتطرفون مؤتمرا سموه  » مكافحة الأسلمة  » وشارك فيه يهود مؤيدون للكيان الصهيوني . وربما لهذه الأسباب قال المستشار الالماني السابق هلموت كول ( 79 سنة ) عبارته المشهورة عن اللاانسانية التي طبعت علاقة الغرب مع نفسه ، وعلاقته مع الآخرين ، وإن حصر ذلك في ألمانيا عندما قال  » نحن الألمان ليس لدينا أشياء كثيرة جدا في تاريخنا نفخر بها  » . رغم كل مظاهر العظمة التي تمتعت بها ألمانيا منذ عهد بسمارك وحتى اليوم . (المصدر: « الحوار.نت » (محجوب في تونس) بتاريخ 16 نوفمبر 2009)

خاص بـ «الشروق»: كويلهو خسر أكثر من مليارين اثـــر هـزيـمــة الموزمبيق

الرقم قد لا يصدقه البعض ولذلك فضلنا ان نعوّل على الوثائق التي تجدونها مع هذا المقال.. الرقم ـ أربطوا الاحزمةـ أكثر من مليارين ونصف (بالعملة المحلية) بالتمام والكمال يتحصل عليها المدرب الوطني السيد امبرتو كويلهو في صورة الفوز بكأس العالم تكون على النحو التالي: 200 ألف أورو عند الترشح 100 ألف أورو التأهل الى الدور الثاني 150 ألف أورو المركز الرابع 200 ألف أورو المركز الثالث 200 ألف أورو المركز الثاني 500 ألف أورو الفوز بكأس العالم والحقيقة ان هذا الشرط المضمن بالعقد الذي يربط المدرب الوطني بالجامعة يمكن ادراجه في جدول المضحكات المبكيات ويبدو ان المدرب ضحك على اعضاء الجامعة كما أراد اذ ادخل في أذهانهم انه قادر على الفوز بكأس العالم ولذلك كان لابدّ من الاتفاق على كل التفاصيل والحقيقة ان الجامعة كان عليها ان تتصرف بنفس منطق المدرب وتطالبه مثلا باستعادة أموالها في صورة عدم التأهل بما أنه بارع في تسويق الأوهام. وبالامكان ذكر المبلغ الذي كان سيحصل عليه في صورة التأهل الى المونديال مثلا والمتمثل في 200 ألف أورو وهذا يعني ان المنتخب كان بإمكانه ان ينهزم في الموزمبيق ويتأهل بفضل انتصار كينيا على نيجيريا وفي هذه الحالة يتحصل المدرب الوطني على هذا المبلغ رغم الهزيمة. عقد غير قانوني!! ما لا يعرفه البعض ان عقد المدرب الوطني يبدو غير قانوني ذلك ان القانون ينص على ان الأجنبي يتحصل على 50٪ من اجره بالعملة الاجنبية (الاورو مثلا) و50٪ بالعملة المحلية ولكن عقد كويلهو ينص على حصوله على 30 ألف أورو بالعملة الاجنبية وألفين (2) فقط بالعملة المحلية. كما ان المدرب بإمكانه الاستظهار بالفواتير بعد كل تسوق لاسترجاع امواله حتى عند اشتراء الاشياء الأثرية وهنا نتساءل لماذا الألفا دينار التي يتحصل عليها بالعملة المحلية. هل بالإمكان إقالته؟ هذا هو السؤال الذي ردده التونسيون على امتداد اليومين الاخيرين وقد أكد البعض ان الجامعة بإمكانها اقالة المدرب وذلك بفضل وجود بند يسمح بذلك في صورة عدم المرور الى المونديال وهذا صحيح اذ ينص احد بنود العقد على اقالة المدرب في صورة عدم التأهل الى المونديال لكن بعد النهائيات الافريقية وليس الآن. وهذا يعني ان المدرب سينهي مسيرته مع المنتخب آليا بعد النهائيات الافريقية وليس في حاجة الى الإقالة ويذكر انه فرض على الجامعة المغربية نفس الشروط وواصل التجربة بعد الفشل في الوصول الى المونديال ففشل ايضا في النهائيات الافريقية وانسحب من الدور الأول.  
فرج وعبد الكريم (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 15 نوفمبر 2009)  

كلمة الحسـاب

بالقدر الذي يعتزّ فيه الإنسان بالانتماء لوطنه بالقدر الذي يشعر بالغيرة عليه والرغبة في أن يظلّ له مبعث افتخار دائم عند أيّ تصنيف يرتّب بلده في مراتب مشرّفة أو أيّ إنجاز اقتصادي أو ثقافي أو علمي يحقق به سبقا دوليا أو أيّ كلمة خير تقال عنه حتى من ضيف بسيط عابر.. ولهذه الرغبات ـ على بساطتها ـ دور كبير في مزيد إذكاء جذوة الوطنية وشحذ العزائم ومنحها دفعا جديدا لمزيد الارتقاء بالوطن نحو مصاف  النخبة في كل المجالات . إن لهذه الرغبات ـ عندما تصطدم بواقع مرير على غرار خيبة الأمل في الترشح الى مونديال جنوب افريقيا ـ أثرها الكبير على مشاعر التونسيين الذين كبقية شعوب الدنيا يولون أهمية خاصة للعبة كرة القدم، وهي خيبة اُسْـتُقرئت مؤشّراتها منذ أشهر ولعلّ أبرز هذه المؤشرات احتفال عدد من اللاعبين في ملاهي الحمامات مباشرة بعد تعادلهم المخزي أمام المنتخب النيجيري في درّة المتوسط وأمام عشرات الآلاف من التونسيين الذين جاؤوا من كل صوب وحدب لتشجيعهم.. ففي الوقت الذي كان فيه المشجعون ومن ورائهم كل الجماهير التونسية يتجرّعون كؤوس المرارة والخيبة ليلة كاملة، كان لاعبونا يتلذّذون شُربَ الراح في العلب الليلية بما يعكس الحدود القصوى لتجذّر الحسّ الوطني لديهم ولتقديسهم لعلم بلادهم الذي انتُقوا للعب من أجل رفعه عاليا رفرافا .. لقد وفّرت لهم تونس كلّ الامكانات وظروف العمل الملائمة التي لا يمكن مقارنتها بما توفّر لمنافسيهم لتحصد الخيبة وهو ما يدفعنا للتساؤل إن كنّا سنتجرّعها وحدنا أم أنّ ساعة الحساب قد حانت ليتحمّل كل مسؤول ـ عن خيبة الأمل هذه ـ مسؤولياته كاملة. حافظ الغريبي  
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 16 نوفمبر 2009)

تأشيرات سودانية مجانية للجزائريين.. وبوتفليقة واحمد عز ينقلان الاف المشجعين مجانا.. والشعب السوداني منقسم حالة طوارئ بالخرطوم وتحذيرات من تفجر اعمال العنف بين مشجعي مصر والجزائر


16/11/2009 الخرطوم ‘القدس العربي’ ـ من كمال بخيت: تشهد مدينة الخرطوم حالة طوارئ قصوى استعدادا للمباراة الحاسمة بين فريقي مصر والجزائر اللذين سيلعبان يوم الاربعاء (بعد غد) على استاد المريخ في ام درمان الذي يتسع لحوالى ستين الف متفرج. وعلمت ‘القدس العربي’ ان السلطات السودانية اتخذت اجراءات امنية مشددة من ضمنها تعزيز قوات الامن، بعد اجتماعات طارئة للقيادات الامنية، لتجنب اي صدامات بين مشجعي البلدين. وقد اقامت مصر جسرا جويا لنقل آلاف المشجعين. وفعلت الحكومة الجزائرية الشيء نفسه. وقالت مصادر سودانية انه يوجد في الخرطوم خمسون الف مصري على الاقل في الوقت الراهن. وقال متحدث امني لـ’القدس العربي’ ان السودان يملك شرطة مدربة على مواجهة اعمال الشغب، ولم يسجل التاريخ القريب اي انفلات امني، خاصة اثناء لقاء القمة الكروي السوداني بين منتخبي المريخ والهلال حيث يزدحم الملعب بالمشجعين. واشار الى ان السلطات السودانية خصصت تسعة آلاف تأشيرة للمشجعين المصريين، ومثلها للجزائريين، ولكن من المتوقع ان يصل الى الخرطوم اضعاف هذا الرقم، ولهذا تخطط الحكومة السودانية لوضع شاشات عملاقة في استاد نادي الهلال المجاور لاستيعاب هؤلاء ونقل المباراة على الهواء مباشرة. وينقسم الشعب السوداني في مشاعره بين المصريين والجزائريين، ولكن الكفة ترجح لصالح المصريين، مثلما افاد الصحافي السوداني المعروف محمد عبدالقادر لـ’القدس العربي’. وستواجه السلطات السودانية مشكلة اخرى وهي كيفية استيعاب هذه الاعداد الضخمة من الجزائريين والمصريين اثناء وجودهم في العاصمة السودانية قبل وبعد المباراة، حيث لا توجد فنادق كافية لايواء هؤلاء، الامر الذي قد يجعل من شوارع المدينة واحيائها ملاذا لهؤلاء مما يزيد من احتمالات حدوث صدامات. وأمر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة امس الأحد بنقل عشرة آلاف من مشجعي منتخب بلاده لكرة القدم مجانا إلى العاصمة السودانية الخرطوم حتى يتسنى لهم متابعة المباراة الفاصلة بين الجزائر ومصر في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا. ونقلت الإذاعة الجزائرية عن وحيد بوعبد الله الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الجزائرية قوله الأحد إن الدولة قررت التكفل بنقل عشرة آلاف مشجع إلى الخرطوم لمساندة منتخب بلادهم في مباراته الفاصلة أمام مصر. وتعهد رجل الاعمال المصري ورجل الحزب الوطني الحاكم احمد عز بنقل اعداد من المشجعين المصريين الى العاصمة السودانية لمؤازرة فريقهم. وتحدث سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم عن محاولات مكثفة من رجال الاعمال وشركات السياحة والوزارات من أجل نقل الجماهير المصرية إلى السودان. وقرر السودان منح تأشيرات مجانية للجزائريين الراغبين في الانتقال إلى الخرطوم لتشجيع منتخب بلادهم في المباراة الفاصلة أمام مصر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 المقررة الأربعاء المقبل بملعب أم درمان. وطمأنت السفارة السودانية كل الجزائريين مؤكدة أن الترتيبات لهذا الحدث وكذلك التكفل بالمشجعين الجزائريين، ستتم بالتنسيق بين السفارة الجزائرية بالسودان والحكومة السودانية سواء تعلق الأمر بحجز الغرف في الفنادق أو الإقامات وكذلك تذاكر المباراة. وأصدرت وزارة الخارجية المصرية تعليمات لسفارتها بالسودان الأحد لحشد الدعم للمنتخب المصري لكرة القدم خلال مباراته المرتقبة. وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية حسام زكي، في بيان، ان وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط أصدر تعليمات لسفارة مصر في الخرطوم لتكون على أهبة الاستعداد للمساعدة في حشد الدعم والتنظيم المطلوبين قبل لقاء المنتخبين. وألغى مصريون سفرهم إلى الجزائر امس الاحد خوفا على حياتهم بعد المباراة. وصرحت مصادر أمنية في مطار القاهرة بأن مشجعين جزائريين على طائرة مصرية متجهة إلى الجزائر هددوا الركاب المصريين على الرحلة بـ’الذبح’ لدى وصولهم إلى الجزائر، فألغى أربعة منهم سفرهم خوفا على حياتهم. وتسبب فوز مصر الاخير في وفاة عدد من الجزائريين، وتوفي رئيس بلدة أولاد موسى (50 عاما) بولاية البليدة (40 كيلومترا جنوب العاصمة الجزائرية) اثر أزمة قلبية بعد نهاية المباراة، كما لقي شاب بولاية المدية (90 كيلومترا جنوبي العاصمة) في الثلاثين من العمر نفس المصير. واشتبك شبان في مدينة مرسيليا بجنوب فرنسا مع عناصر من الشرطة وحطموا واجهات المتاجر في أعقاب خسارة المنتخب الوطني الجزائري أمام نظيره المصري 2-0 في المباراة التي أقيمت مساء السبت بالقاهرة في إطار الجولة الأخيرة للتصفيات الأفريقية المؤهلة لكأسي العالم وأفريقيا 2010. وأكد سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم قبل صعود الطائرة ثقته في اللاعبين والجهاز الفني لاسعاد الجماهير المصرية، وقال إن مباراة الخرطوم مفتوحة وتحتاج لمجهود كبير وانه واثق من أن الفريق المصري يستطيع عبور المباراة وسط ادعية ملايين المصريين ودعم كبير من الرئيس المصري حسني مبارك ونجليه علاء وجمال. وأضاف زاهر ان ماحدث في مباراة السبت بالقاهرة كان ملحمة وسيمفونية حب من الجماهير التي ملأت استاد القاهرة واستجاب الله لدعواتها لتحقيق هذه النتيجة وكانت فرص مصر معدومة في بداية التصفيات. اما رئيس الإتحاد الجزائري لكرة القدم، محمد روراوة، فانتقد بشدة السلطات المصرية واتهمها بالتخطيط للإيقاع بالمنتخب الجزائري قبل وبعد المباراة المثيرة التي جرت السبت بالقاهرة. وقال روراوة في حديث لإذاعة الجزائر الرسمية امس الأحد قبيل مغادرة الفريق الجزائري إلى السودان ‘إننا نحمد الله على خروجنا بسلام من كمين منظم خطط له مسبقا للإطاحة بالفريق الجزائري، إذ حتى بعد تعادلنا تعرضنا للرشق بالحجارة مرة أخرى في طريقنا إلى الفندق وهذا دليل على وجود ناس خططت لذلك لتحطيمنا وإخافتنا’. واعتبر أن اللاعبين الجزائريين ‘خاضوا هذه المعركة (المباراة) كالأسود وسنخوض المقابلة الفاصلة في الخرطوم في ظروف أخرى عند أصدقاء لنا في ظروف غير ظروف إستاد القاهرة’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  16 نوفمبر 2009)

الاف الجزائريين في شوارع العاصمة بعد أنباء عن وقوع قتلى بعد مباراة مصر

 


الجزائر ـ القدس العربي ـ من كمال زايت ـ احتل الآلاف من أنصار المنتخب الجزائري لكرة القدم شوارع رئيسية في العاصمة الجزائرية، وقرروا المبيت في الشارع مساء الاحد إلى غاية الحصول على تذاكر السفر إلى السودان، وأقدم بعض الشباب الغاضب على مهاجمة مقرات ومحلات تابعة لشركات مصرية، قبل أن تسارع الشرطة الجزائرية للتدخل وحمايتها. وتواصلت الاثنين الاحتفالات في كامل التراب الوطني تحسبا لمباراة الفصل التي ستلعب الأربعاء القادم بين الخضر والفراعنة، لتحديد الفائز ببطاقة التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا، إذ ترك عشرات الآلاف من الجزائريين وظائفهم ومدارسهم وجامعاتهم وظلوا يطوفون الشوارع على متن سياراتهم وهم يحملون الأعلام الوطنية. وقد حاصر الأنصار إحدى وكالات شركة الطيران الجزائرية لمدة يومين كاملين، واستقبل العاملون في هذه الوكالة الآلآف من جوازات السفر، خاصة بعد تأكد قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتخفيض التذاكر إلى سعر رمزي، مع احتمال تخفيضها أكثر قبيل المباراة، وهو قرار لاقى استحسان الكثير من أنصار « الخضر ». من جهة أخرى عاشت العاصمة ليلة الاثنين والثلاثاء بعض الاضطرابات بسبب إقدام شباب غاضب على مهاجمة مقرات لشركات مصرية مثل أوراسكوم للاتصالات ومصر للطيران، رغم أن أوراسكوم أرسلت رسائل نصية باللغة العامية تقول فيها لزبائنها « إن شاء الله الجزائر تربح مصر »، لكن الأنصار الغاضبون لم يعيروا اهتماما لهذه الرسائل. وقد سارعت قوات الشرطة لضرب طوق أمني حول تلك الشركات، ولم تسجل أي مواجهات بين الشباب وقوات مكافحة الشغب. وتعيش الجزائر حالة غليان بعد أن ذكرت صحف جزائرية أن عددا من الأنصار قتلوا بعد المباراة في القاهرة، كما أن شهادات عائدين من « مجزرة القاهرة » كما عنونت أمس صحيفة « الخبر » (خاصة) انتشرت بسرعة عبر مواقع الانترنت مثل اليوتيوب والفايسبوك. وقد تابع الجزائريون بكثير من الصدمة شهادة فنانين جزائريين كانوا في القاهرة، مثل المغني « رضا سيتي16 » الذي أذاعت جريدة « الشروق » (خاصة) شهادته عبر موقعها، وظهر خلالها وهو يبكي حزنا على صديقه الذي توفي بين يديه في القاهرة، وقد أظهر الصور التي تبين حقيقة ما جرى في القاهرة بعد المباراة. وأكد أن رجال شرطة مصريين كانوا يرافقون الأنصار تعمدوا المرور بالحافلة عبر حي شعبي، ثم تحريض أنصار المنتخب المصري عليهم، وتركهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم. كما أدلى الممثل الكوميدي الجزائري الشهير صالح أوقروت بشهادته وقد فقد كل خفة دمه، مشددا على أنه لن يضع قدمه في مصر بعد الآن، مشيرا إلى أن الجميع كان معاديا لأنصار المنتخب الجزائري، وأنه لولا ستر الله لقتل نصف الجزائريين الذين سافروا إلى القاهرة. واحتفظت السلطات الجزائرية بالصمت تجاه ما وقع في القاهرة، بينما قال سفير الجزائر في القاهرة عبد القادر حجار أنه لا شيء مؤكد لديه بشأن وقوع قتلى في صفوف الجزائريين.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  16 نوفمبر 2009)

 

التجربة الأردوغانية (1)


سعيد حارب (*) تحدثنا في مقال الأسبوع الماضي عن ?تركيا الجديدة? والتحولات التي تشهدها تركيا في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وأشرنا إلى أن هذه التجربة تقود تركيا لتصبح إحدى القوى الصاعدة في المنطقة، ولا شك أن هذه التجربة هي مرحلة جديدة في التاريخ التركي الحديث، ويقف خلف هذه التجربة جيل جديد من السياسيين الذين استفادوا من كافة التجارب السابقة، والتي أوصلت تركيا إلى مرحلة من الاضطراب السياسي الذي انعكس على الوضع الاقتصادي والمكانة الدولية لتركيا، ولذا فقد جاء الجيل الجديد من السياسيين برؤية جديدة ومشروع نهضوي استطاع أن يضع تركيا على طريق النهضة، ويأتي السيد رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية في مقدمة هذا الجيل من السياسيين، رغم أن أردوغان ليس هو الوحيد من بين هذا الجيل، فهناك عبدالله غل رئيس الجمهورية، وأحمد داوود أوغلو مهندس السياسة الخارجية، وغيرهم من الزعماء الأتراك الجدد، لكن التجربة التركية ارتبطت بالسيد أردوغان باعتباره الأبرز من بين هؤلاء السياسيين، كما أن معظم التجارب النهضوية ترتبط -عادة- بالشخصية القيادية، فنهضة اليابان الحديثة ترتبط بالإمبراطور ميجي رغم وجود جيل من السياسيين اليابانيين قبل ميجي وبعده، لكنه كان الاسم الأبرز بينهم، ومثل ذلك يقال عن ديغل وقيادته لفرنسا -ما بعد الحرب العالمية الثانية- ومهاتير محمد قائد التجربة الماليزية، ولي كوان يو مؤسس النهضة السنغافورية وغيرهم من قادة الدول. ورغم أن هؤلاء الزعماء رحلوا أو غابوا عن الحياة السياسية، فإن أسماءهم ارتبطت بالمشروعات النهضوية التي قادت دولهم إلى مصاف الدول المتقدمة، ومن هنا يمكن أن نصف التجربة التركية بـ ?التجربة الأردوغانية?، وتتمثل هذه التجربة في انفرادها بالجمع بين الجذور التركية الإسلامية، وواقع العلمانية التي فرضها مؤسس الجمهورية في تركيا مصطفى كمال أتاتورك، فقد استفادت التجربة الأردوغانية من تجارب الإصلاح والنهضة التي مرت بها تركيا الحديثة، ولعل من الغريب أن هذه التجارب الإصلاحية ارتبطت بالمشاريع الإسلامية، بينما ارتبطت التجارب العلمانية بكثير من المشكلات السياسية والاقتصادية التي رافقتها، إذ ارتبطت هذه التجارب بالانقلابات العسكرية والفساد الاقتصادي والسياسي، والخلل الأمني، ولذا فإن التجربة الأردوغانية، رغم عدم دقة وصفها بالتجربة الإسلامية، فإنها استفادت مما سبقها من التجارب الإسلامية سواء كانت في الجانب الروحي كتجربة الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي الذي حاول المحافظة على الجانب الروحي للأتراك بعد زوال الخلافة العثمانية من خلال جهده العلمي والروحي ونشر المؤلفات التي سميت برسائل النور، ومقاومة التحولات التي مرت بها تركيا ومحاولة إعادة الأتراك إلى التمسك بالقيم الدينية الإسلامية، كما استفادت التجربة الأردوغانية من المشاريع السياسية للإصلاح كتجربة عدنان مندريس الذي خرج عن حزب الشعب الجمهوري (حزب أتاتورك) وأسس حزبا جديدا هو الحزب الديمقراطي وتولى رئاسة الوزراء في تركيا بعد فوزه بأغلبية ساحقة شكل على إثرها حكومة وضعت حدا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري الذي حكم تركيا منذ إعلان الجمهورية عام 1923. ورغم أن عدنان مندريس لم يكن ?إسلامياً?، لكنه بدأ بإدخال إصلاحات اقتصادية وسياسية ورفع القيود التي كانت مفروضة على مظاهر الحياة الإسلامية، إلا أن الجيش لم يسمح له بذلك، وقام بأول انقلاب عسكري في تاريخ الجمهورية التركية، وكان ذلك في 27 مايو 1960، وبعد محاكمة صورية تم سجن رئيس الجمهورية محمود جلال بمايو وبعض الوزراء مدى الحياة فيما حكم بالإعدام على مندريس ووزير خارجيته فطين رشدي زورلو ووزير ماليته حسن بلاتقان بتهمة محاولة تغيير النظام العلماني وتأسيس دولة دينية!! كما استفادت التجربة الأردوغانية من تجربة الرئيس الراحل تورغوت أوزال الذي كان رئيسا للوزراء ثم تولى رئاسة تركيا من 9 نوفمبر 1989 وحتى تاريخ وفاته في 17 أبريل 1993، وكان اقتصاديا بارزا، ولم يوصف -هو الآخر- بأنه إسلامي، لكنه كان متدينا بصفة شخصية بحكم انتمائه وعائلته للطريقة النقشبندية الصوفية، فقد حج ثلاث مرات، وكان حريصا على أداء صلاة الجمعة، خلافا للساسة الأتراك وأبدى تعاطفاً مع النشاطات الدينية الإسلامية، فتوسعت المدارس الدينية، إلى جانب العديد المساجد، وقد أنشأ أوزال حزب الوطن الأم عام 1983، وقد كان حزبا ليبراليا، لكن أوزال سمح لبعض الشخصيات الإسلامية التركية بالانضمام إلى حزبه مما ألّب عليه الجيش، وقد أسهمت تجربة أوزال في تصحيح مسار تركيا -ولو لبعض الوقت- حيث شهدت فترة حكمه استقرارا سياسيا ونموا اقتصاديا، لكن ذلك توقف برحيل تورغوت أوزال في أبريل 1993. أما التجربة الثالثة التي مهدت للتجربة الأردوغانية، فهي تجربة نجم الدين أربكان الأب الروحي للتجربة السياسية الإسلامية الحديثة في تركيا، والذي يوصف قادة حزب العدالة والتنمية بأنهم ?تلاميذه?، فقد بدأ أربكان العمل السياسي الإسلامي في تركيا في فترة لم يكن هناك من يعتقد بأن تركيا تقبل أن يكون لديها استعداد لأي نشاط إسلامي غير ممارسة الشعائر الدينية الفردية، لكن أربكان بدأ منذ عام 1970 بالتحالف مع جماعة سعيد النورسي في تأسيس حزب الخلاص الوطني الذي تم حله بعد تسعة أشهر، فأسس حزب السلامة الوطني عام 1972، ليفوز بـ 50 مقعداً في انتخابات عام 1974 ويصبح نائبا للرئيس بولند أجاويد، وقد تفاوتت تجربة أربكان قوة وضعفا حيث قدمت تصوراً لتركيا الحديثة اصطدم بكثير من المعوقات الداخلية والخارجية، كما أن الظروف الدولية لم تكن تسمح لهذه التجربة بالنجاح إلى جانب الموقف الواضح للجيش والقوى العلمانية من أي التركية من أي مشروع إسلامي، لتأتي التجربة الأردوغانية كخلاصة للتجارب السابقة وتختلف عنها برؤيتها ومشروعها النهضوي، فبأي شيء اختلفت هذه التجربة؟ هذا ما سيكون موضوع مقال الأسبوع المقبل. (*) كاتب إماراتي (المصدر: « العرب » (يومية ? قطر) بتاريخ 2 نوفمبر 2009)


التجربة الأردوغانية (2)


سعيد حارب (*)  تحدثنا في مقال الأسبوع قبل الماضي عن التجربة الجديدة التي تمر بها تركيا، وأسميناها بالتجربة الأردوغانية، نسبة إلى السيد رجب طيب أردوغان الذي يقود هذه التجربة، واستعرضنا التجارب التطويرية أو الإصلاحية التي مرت بها تركيا منذ قيام الجمهورية، والتي ارتبطت بالصبغة الإسلامية، لكن التجربة الأردوغانية اختلفت عن التجارب السابقة بعدة صفات كان من أبرزها أنها تحمل رؤية واضحة ومحددة لما تريده لتركيا؛ ولذا فليس مهما -لدى هذه التجربة- أن تحمل هذه الرؤية ?شعارات? إسلامية، بل المهم أن تحمل مضامين تتوافق مع الإسلام؛ ولذا كانت مضامين مثل الحرية سواء كانت حرية فردية أو حرية عامة بما لا يتعارض مع القوانين والأنظمة، وكذا المحافظة على حقوق الإنسان وإعلاء شأنه في وطنه وخارج وطنه، وحمايته من الظلم والاضطهاد والتعذيب، وحفظ حقوقه الدينية والثقافية والمالية وحقوق التملك والتفكير والتعبير.. هذه المضامين كانت واضحة في هذه التجربة، إلى جانب احترام الدستور والقانون والمساواة في تطبيقه، ثم العمل على التنمية وتوفير العيش الكريم للإنسان التركي، وإقامة العدل في العلاقات مع الآخرين مع المحافظة على حقوق الدولة في هذه العلاقة وتغليب مصلحتها على مصالح الآخرين. إن كل هذه المضامين التي تحاول التجربة الأردوغانية تطبيقها ليست مضامين إسلامية فقط، بل هي مفاهيم إنسانية تسود اليوم بين الدول المتقدمة، وهي أساس لأي نهضة أو تقدم، لكنها في تركيا تأخذ بعدا ?روحيا? باعتبار أن القائمين على هذه التجربة يعودون بجذورهم إلى التجارب الإصلاحية الإسلامية السابقة، لكنهم استفادوا من تلك التجارب بأن الشعارات وحدها لا تكفي، بل لا بد من رؤية وبرنامج عمل يقنع الآخرين بـ ?مشروعك النهضوي?. إن التجربة الأردوغانية كثيرا ما توصف بأنها ?تجربة إسلامية?، لكن القائمين على هذه التجربة يرفضون هذا الوصف لا رفضا لصفة الإسلام، بل لأن مفهوم التجربة الإسلامية، وبخاصة في جانبها السياسي، يختلف عما تتصوره بعض التيارات السياسية الإسلامية، أو حتى التيارات المعارضة لها؛ لأن التجربة السياسية في الإسلام تحمل مضامين كثيرة يمكن أن يلتقي عليها كثير من الناس، وهي بذلك تختلف عن الجوانب العقائدية أو العبادات أو كثير من المعاملات التي يتميز بها الإسلام وتختلف عن الأديان الأخرى، أما في الجانب السياسي فإن الإسلام يضع قواعد عامة تعمل لمصلحة الإنسان، ويمكن أن ينضوي تحتها غير المسلمين. لقد كان بإمكان التجربة الأردوغانية أن تبدأ بإصلاح ?إيمان? الناس، كما تحاول كثير من تيارات العمل السياسي الإسلامي، لكن هذه التجربة آثرت إصلاح ?حياة? الناس، فمسألة ?الإيمان? قضية تعود إلى الإنسان ذاته، فبإمكانه أن يصلح أو يفسد، حتى في أفضل الأماكن والظروف أو أسوئها، لكن الدولة عليها أن توفر البيئة التي تعطي للإنسان حرية الاختيار في أي الطريقين أراد أن يسلك، وأن تطبق القانون والنظم عند الإخلال بهذه المعادلة؛ ولذا فإن التجربة الأردوغانية حتى وهي تعالج قضايا شائكة في تركيا مثل قضية الحجاب، كانت تستند إلى الدستور والقانون الذي يكفل حرية الإنسان، ولعل من التجارب التي يمكن استقاؤها من التجربة الأردوغانية أنها لم تلغ الآخر، فرغم أنها ولدت من مخاض صعب استمر لسنوات طويلة، بل إن وصولها كان محفوفا بالمخاطر، فـ ?قائد? التجربة كان ممنوعا من ممارسته للعمل السياسي بحكم من المحكمة، والأحزاب الأخرى تقف لها بالمرصاد، كما أن وسائل الإعلام بأيدي قوى معارضة للتجربة، وتعمل على هدمها أو تشويهها، والجيش يسلط حرابه عليها، ومع ذلك استطاع حزب العدالة والتنمية الذي يمثل التجربة أن يحقق مفاجأة للأتراك قبل غيرهم حين اكتسح البرلمان، ورغم أن الحزب صاحب التجربة يملك أغلبية تمكنه من تغيير الدستور، إلا أنه ظل ملتزما بـ ?قواعد? اللعبة، وترك الخيار للناخب التركي ليقول رأيه في صندوق الانتخابات، وهذا ما أثبتته التجربة الثانية من الانتخابات. إن هذه التجربة يمكن أن تكون نموذجا للتغيير في دول العالم الثالث بحيث يقبل كل طرف بالآخر دون إلغاء أو تهميش، ويعمل على أن يكسب الناس من خلال عمله وبرامجه، وقبل ذلك بإخلاصه ونظافة يده، فتركيا لم تكن تنقصها الأحزاب أو السياسيون، لكنها كانت تبحث عن نوع آخر من هؤلاء السياسيين، ولعلها رأت مطلبها في الجيل الجديد منهم، فالأمم تشيخ كما يشيخ الأفراد، لكن الأمم يمكن تجديدها بتجديد قادتها. وشيء آخر يمكن الإشارة إليه في التجربة الأردوغانية، وهو قدرتها على توظيف الظروف المحيطة بها في خدمة تركيا، فرغم أن تركيا تقدمت منذ سنوات للالتحاق بالاتحاد الأوروبي، إلا أن قادتها السابقين لم يعملوا كثيرا لهذا الالتحاق، وكانت معظم جهودهم تنصب على الخطوات الرسمية والاتصالات، بينما استفادت التجربة الأردوغانية من هذا المشروع بالسعي لتطبيق المعايير الأوروبية المطلوبة لذلك الالتحاق، وبخاصة في مجال سيادة القانون والحريات، وكذا الجوانب التنموية والبيئة والخدمات ما جعل بعض مدن تركيا تنافس المدن الأوروبية. ولعل من نتائج التجربة الأردوغانية أنها لم تزعم بأنها ?النموذج? المختار، أو تعلن رغبتها في تصدير ?نموذجها?، بل إنها لا تتحدث عن أي نموذج أو تجربة، وتركت ذلك للمحللين والكتاب والدارسين، فالتجارب الناجحة تتحدث عن نفسها، وهذا ما يحدث اليوم في التجربة التركية، إذ تسلط عليها الأضواء من كل جانب، ويحاول الكثيرون جعلها نموذجا يحتذى، لكنها تبقى بعد ذلك تجربة تركية بامتياز، يمكن الاستفادة منها لكن لا يمكن نسخها، فتركيا لها ظروفها الخاصة التي ما زالت تعاني منها مثل سيطرة المؤسسة العسكرية، وهيمنة التيارات العلمانية المتطرفة التي تضيق رؤيتها عن استيعاب التجارب الأخرى، والقوى الإقليمية والدولية التي تراقب هذه التجربة ولا ترتاح إلى بعض خطواتها، مثل تقارب تركيا مع بعض دول المنطقة كسوريا وإيران، وكذلك موقف تركيا من القضية الفلسطينية والعدوان على غزة، واتساع الشق بين تركيا و ?إسرائيل?، وإذا كانت تركيا ترى في ذلك مصلحة لها فإن القوى الإقليمية والدولية، لا ترى للدول الأخرى مصلحة إلا من خلال مصالحها. (*) كاتب إماراتي (المصدر: « العرب » (يومية ? قطر) بتاريخ 16 نوفمبر 2009)


ايطاليات يشعرن بخيبة الأمل بعد حضور « حفل » للقذافي

 


روما (رويترز) – ذكرت وسائل اعلام ايطالية يوم الاثنين أن الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يزور روما لحضور قمة الامم المتحدة للغذاء قضى عدة ساعات بصحبة 200 ايطالية وحاول اقناعهن باعتناق الدين الاسلامي. وقال اعلان نشرته وكالة هوستس ويب ونقلته صحيفة كورييري ديل سيرا « مطلوب 500 فتاة جذابة تتراوح أعمارهن بين 18 و35.الطول 70 ر1 متر على الاقل يتمتعن بحسن المظهر مع الابتعاد عن ارتداء التنورات القصيرة والثياب مفتوحة الصدر. » وحضر نحو 200 امرأة في فيلا بروما بعد ان ابلغن بانهن سيحصلن على 60 يورو (90 دولارا) و »بعض الهدايا الليبية ». وكانت من بينهن صحفية تابعة لوكالة الانباء الايطالية (انسا) التقطت صورا ووصفت وقائع الامسية. وتقول انسا ان غالبية المشاركات توقعن حضور حفل لكن بدلا من ذلك طلب منهن الانتظار في قاعة ضخمة حتى وصول القذافي الذي حاضرهن عن ليبيا ودور النساء في الاسلام. واستغرقت المحاضرة نحو ساعتين وتضمنت اسئلة واجوبة عبر مترجم واختتمت بدعوة من القذافي « لدخول الاسلام » وحصلت كل امرأة على نسخة من القرآن الكريم وكتاب من أقوال القذافي. وقالت احدى المشاركات لوكالة « أنسا » « كان أبعد ما يكون عن حفل لعلية القوم كما توقعنا.. لم يقدموا لنا ولا حتى كوب ماء. » وقالت اخريات انهن شعرن بالاهانة لما اعتبرنه جوانب مناهضة للمسيحية في خطبة القذافي. وقال السفير الليبي لوكالة « أنسا » ان القذافي يخطط لامسيات مماثلة خلال زيارته التي تسغرق ثلاثة أيام لحضور القمة.  (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 16 نوفمبر 2009)


« مدارك » يفتح ملف العودة إلى الدين الملحدون الجدد.. وفشل العلمانية!!


أحمد بركات / 14-11-2009 أثبتت جدلية الصراع بين الدين والعلم، والتي تولى تدشينها مفكرون علمانيون من شاكلة ريتشارد داوكينز وسام هاريس وكريستوفر هيتشنز، أنها لم تكن أكثر من مجرد ستار دخاني أو سحابة صيف انقشعت بعد قليل لتكشف عما وراءها من طرح بالغ الأهمية في المرحلة الآنية يختص بالعدالة والقوة الكونية في حقبة ما بعد الحداثة. وعَبْرَ مقالة بحثية عميقة على موقع « أوبن ديموكراسي » Open Democracy، تعرض الكاتبة « تينا بيتى » أستاذة الدراسات المسيحية بجامعة « روهامبتون  » بإنجلترا، وصاحبة كتاب « الملحدون الجدد » (2007) لهذا الطرح. تبدأ الكاتبة بحثها من ملحق ملون نشرته جريدة « إيكونوميست » Economist في نوفمبر 2007 تحت عنوان « باسم الله تقرير عن الدين والحياة العامة » أكدت فيه الجريدة أسفها بخصوص « النعي » الذي نشرته في عددها الألفي تعلن فيه « وفاة الله وانتقال سلطته الملكية!! ». والقارئ للمقالة الرئيسية للملحق يلمح بدون عناء مسحة من اللاارتياحية بشأن الصحوة الدينية التي تغشى العالم والتي غدت طرحا جديدا جديرا بالاهتمام. ورغم تأطير المقالة لهذا « البعث الديني » من خلال عاملين رئيسيين يتمثلان في فورة التطرف الديني على مدى الـ 30 سنة الأخيرة من ناحية، والحركة الارتجاعية المفاجئة أو الهرطقة التي ألمت بالآلة الإلحادية، والتي تمخضت عن تراجع مبيعات كتب كبار مفكريها من أمثال ريتشارد داوكينز وسام هاريس وكريستوفر هيتشنز من الناحية الأخرى، فإن الكاتبة ترى أن فهم هذه الظاهرة وتداعياتها السياسية والاجتماعية يستلزم تحليلا أعمق من مجرد « المواجهة بين متطرفين دينيين ومتطرفين علمانيين »، والبحث في الأسباب الرئيسية لعودة الدين من جديد بعد تراجعه -أو اختفائه- بشكل أو بآخر عن المشهد السياسي والحياة العامة في الغرب، وبعد الإقصاء الكلي الذي عاناه على يد الأنظمة الشمولية في الدول الشيوعية.  
مفهوم الدين
تبدأ الكاتبة في تحليلها لهذه الأسباب بتأكيد أن أهمها وأولها يكمن في كون مفهوم الدين من المفاهيم الإشكالية التي تتعدد معانيها، وتتباين مقارباتها، حتى غرق الجدل الفكري حوله في مستنقع من التهميش والتشويه؛ فالعقل الغربي يؤصل لمفهومه الراهن للدين من الأيديولوجيات التي سادت حقبة ما بعد التنوير عندما حل العقل والعلم محل الدين كقوى منظمة ومهيمنة على الحياة. وكلمة « الدين » -في الوقت ذاته- تحمل ترميزات ومعاني إضافية أخرى ترتبط بالإمبريالية الغربية في القرن الـ19. كما أن لفظة « الدين » في اللغة الإنجليزية religion هي في الأساس اشتقاق من الكلمة اللاتينية religio التي حملت معاني شتى عبر التاريخ الروماني والمسيحي، لكنها اكتسبت مفهومها الحالي أثناء فترات البحث في المعارف العلمية والموضوعية في الحقبة التنويرية، والحروب الاستعمارية اللتين شكلتا معا التاريخ البريطاني الحديث. هذه العناصر المتشابكة، جعلت مفهوم الدين من المفاهيم الضبابية التي تختلف، ليس من ثقافة لأخرى، ولكن داخل الثقافة الواحدة بين التيارات المتعددة؛ ففي عصر الملكة فيكتوريا، كان تطوير العلوم الحديثة -آنذاك- مثل الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) والإثنولوجيا (علم الأعراق) يرمي إلى هدف واحد هو دراسة الشعوب والمجتمعات « البدائية » التي صادفها مؤسسو الإمبراطورية الأوروبية في رحلاتهم. وكان الحماس لنظرية النشوء والارتقاء التي وضعها العالم الإنجليزي « تشارلز داروين » في مطلع القرن المنصرم ينضوي على أهمية الدراسة الدينية ليس من أجل الدين، ولكن كوسيلة لدراسة وتصنيف الحضارات الأخرى ومقارنتها بالحضارة الغربية على يد مفكرين يؤمنون بوضعية الرجل الأبيض على قمة الهرم الارتقائي، ومن هنا اكتسب الدين في العقل الغربي مفهوما عنصريا يقوم على النظرة الدونية والتنكر للآخر. وعلى النحو نفسه، مر مفهوم « العلم » بمراحل شتى خلال القرن الـ19، فمن كلمة كلية شاملة توصف لشتى أنواع المعارف -وفيها العلوم اللاهوتية والفلسفية- إلى مصطلح أكثر تحديدية يرتكز على المقاربة العقلانية الموضوعية القائمة على الدليل المادي التجريبي؛ ومن هنا وعبر هذا السياق التاريخي للعقل الأوروبي نشأت المفاهيم والنظريات الفصامية بين العلم والدين.  
جدلية العلم والدين
وازدادت الهوة بين العلم والدين اتساعا على مدى القرن الـ19 بفضل عوامل سياسية واجتماعية تمثلت في صراع القوة والهيمنة بين رجال العلم ورجال الدين؛ حيث كان أغلبهم ينتمي إلى الطبقة الحاكمة في العصر الفيكتوري، فبينما دانت مقاليد الحياة في إنجلترا في بدايات هذا القرن لسلطان الكنيسة، وأمسك رجال الدين بزمام الأمور، شهد النصف الثاني منه تحولا في ديناميكيات القوة بحيث تنحى السلطان الكنسي وبسط العلم سلطانه على مقاليد الحياة وأحكم رجال العلم قبضتهم على مفاتح العقل الجمعي الإنجليزي ومنظومته القيمية. ومر هذا الصراع بمنعطف تاريخي جديد توشح فيه عباءة الحوار التصالحي الإبداعي والجدل الفكري العقلاني، حتى صارت محاولات تصوير العلاقة بين العلم والدين على أنها صراع أبدي سرمدي من مخلفات الماضي، ومناقضة للسياق التعددي الذي يمثل الركن الركين في حضارية المجتمعات البشرية في الحقبة الآنية. وأصبح ثمة مذهب علمي جديد ينكر هذا الفصام جملة واحدة، فلم يعد العلم بديلا عن الدين أو وريثا شرعيا لمملكته، بل أصبحت بعض المباحث العلمية البحتة كمباحث الفيزياء الكمية تفند محاولات التمييز بين المعرفة العلمية والمعرفة الدينية الفلسفية، إضافة إلى المد التحولي الديني الذي شاع في الدوائر العلمية كحالة البروفيسور « فرانسيس كولينز »، عالم الجينات الشهير، والذي تحول عن الإلحاد إلى المسيحية جراء ما توصل إليه من نتائج علمية في مباحث الهندسة الوراثية؛ وأصبح التنظير الدوجماتي العقدي سمة من سمات العقل الإلحادي، حتى صار الملحدون الجدد وعلى رأسهم داوكينز متهمين بخيانة القيم العلمية والمنهج العقلاني الذي قام عليه الفكر الإلحادي. فالسياق الحضاري الذي يعيشه الغرب اليوم إذن يحتم على المجتمعات الغربية -إن هي أرادت التمسك بموروثها القيمي الليبرالي- أن تتصدى لأطروحات العدوانية التي تجتاح جدليات الدور الديني في المجتمع، خاصة في بريطانيا والولايات المتحدة. أما فيما يخص الجدل المثار بشأن الإسلام، والإشارة الدائمة إلى المسلمين كأصوليين إرهابيين فهو لا يتعدى أن يكون صدا، أو ربما بقايا، لموروثات عقدية بالية من مخلفات القرن الـ19 تجعل من الرجل الأبيض جنسا فائقا على غيره من العبيد والبربر الذين ينتمون إلى الحضارات والديانات الأخرى. أحد الطرق لفهم الأزمة القيمية والعقدية الراهنة هو وضعها في سياق ما بعد الحداثة عندما تفسخت منظومة القيم العلمية والديمقراطية التي تمخضت عنها الثورات السياسية والفكرية في القرن الـ18. فالعالم اليوم يشهد مرحلة مختلفة من التعددية والانفتاحية يراها البعض تمثل ذروة التقدم البشرى، بينما ينظر إليها آخرون نظرة توجسية ملؤها الخوف على انهيار كل اليقينيات والثوابت. فاصطلاح ما بعد الحداثة ظهر أول ما ظهر على يد « جين – فرانسوا ليوتارد » Jean- Francois Lyotard كعنوان لكتاب « الحالة ما بعد الحداثية » The Postmodern Condition (1979م). أما حقبة ما بعد الحداثة ذاتها فيمكن التأصيل لها تاريخيا بانتهاء الحرب الكبرى الثانية (1945م) عندما انفرط عقد القيم الذي قامت عليه المجتمعات الغربية الحديثة على مدى قرنين من الزمان بسقوط نظريات التنوير والعقلانية في مستنقع الإبادة الجماعية والمذابح النازية، وتخضبت بدماء الحربين العالميتين الأولى والثانية. ووقف العلم موقف المسئول عن هذا البؤس الذي ما كان ليحدث لولا قوى التدمير والخراب التي أبدعها الإله العلمي الحداثي، والذي عجز بعدها عن إنقاذ البشرية وتقديم العلاجات اللازمة لإخراجها من درك الشقاء الذي أوردها إياه. وصارت موجة من الإلحاد والمادية في ظل غياب كامل للمنظومة القيمية الروحية القائمة على أسس الدين والتي تبلورت بجلاء على مدى القرن الـ20؛ حيث لم يشهد التاريخ البشري على امتداده مثيلا من المذابح والإبادات الجماعية باسم أيديولوجيات ونظريات تقدمية تأصلت جميعها في الحقبة العلمانية ما بعد الدينية. وأخذت هذه اللايقينية أشكالا مختلفة كالوثنية الظاهرية النازية، والأيديولوجيات الإلحادية في الاتحاد السوفيتي والصين، وكمبوديا.   فإذا كان القرن الـ18 قد أخذ بيد المجتمعات الغربية نحو التحرر من غل الطاغوت الديني والحكم الكهنوتي، فقد أثبت القرن الـ20 أن ظلامية المجتمعات الدينية في العصور الوسطى لا يعادلها إلا ظلامية المجتمعات الإلحادية التي ظهرت في ذلك القرن.
فشل العقلانيين  
ورغم الطريقة الدوجماتية غير العلمية التي يتبناها الملحدون الجدد اليوم في رفض هذه الأطروحات، فإن هناك من يتمتعون بالحساسية التاريخية والحدسية الفلسفية أكثر من داوكينز، ومن ثم يعلمون يقينا أن القنابل الذرية التي حرقت هيروشيما ونجازاكي وعمليات الإبادة الجماعية وغرف الغاز إلى غير ذلك من جرائر قد ألقت جميعها بحجاب قاتم على الذاكرة الجمعية والوعي الغربي، وأعطته الحق الكامل في الريبة من كل المنظومات الفكرية اللادينية والنظم السياسية الليبرالية التي نشأت وترعرعت في ظلها كل ممارسات العنف والدموية. لم تنجح المذاهب العقلانية إذن في اجتثاث جذور الشر، ونزع فتيل الحروب والضغائن، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فبعد عقود طويلة تبين أن هذه المذاهب قد فشلت في إخماد الحس الديني أو حتى التقليل من جذوته في خضم الوهج العلمي الأخاذ؛ وبدلا من ذلك تنامى الدين في مسارات خبيثة شكلت عبئا كبيرا على الفكر والمجتمع الحداثي، واستمد التطرف الديني قوته من المصادر ذاتها التي تغذت عليها المقاربات العلمية للمعرفة في رفضهما المشترك للغموض والتلبسية وبحثهما الحثيث عن المعنى واليقين. وفي هذا الإطار، ضربت مذاهب التطرف الديني والعلمي عرض الحائط بالحكمة البشرية وتجارب الأجيال السابقة التي أبرزتها الأديان السماوية لحساب اعتقادية عدوانية أحادية الجانب تجرعت على يديها البشرية مرارات العنصرية والتمييز. وإذا كانت الحداثة قد خلفت هاتين الحالتين من التطرف الديني، والتطرف العلماني، فإن حقبة ما بعد الحداثة قد خلقت بيئة اجتماعية غير رصينة من شأنها أن تسمح بصراع عنيف ومواجهة مريرة بين الأصوليتين عبر فراغ ثقافي تترعرع فيه سياسات التطرف وأطروحات الأنوية المتعصبة من خلال خلق حالة من التشككية في إطار السعي ما بعد الحداثي لزعزعة كل اليقينيات وإنكار جميع الثوابت.  
فشل العلمانية!!
إن أحد أهم الخطايا التي اقترفها الفكر ما بعد الحداثي هو احتفاؤه بموت ما يعرف بـ »الرواية العظمى » أو الفكرة المجردة التي تقدم تفسيرا كليا للمعرفة والخبرة البشرية، ورفعه لشعار فكرى جديد مؤداه أن « الحقيقة الكونية الوحيدة الراسخة هي عدم وجود حقيقة كونية راسخة على الإطلاق »، ونزوعه الدائم إلى افتراضية تشككية تقوم على هدم الثوابت الراسخة في أعماق الفكر البشري عبر تاريخه الممتد. فالبشرية لم تكن يوما بحاجة إلى « رواية عظمى » وقيم روحية دينية تقوم على أنسنة الإنسان مثلما هي اليوم مع توحش الرأسمالية العالمية وتهديدها المستمر باستئصال ما تبقى من المنظومة القيمية. هذا هو السياق الواقعي الذي يواجهه العالم اليوم، وهذه هي قضاياه التي ينبغي أن تكون محل جدل فكري على نطاق واسع، وهذا هو السياق الذي ينبغي أن يضعه الفكر العالمي نصب عينيه إذا كان له أن يجيب على تساؤل: لماذا نجحت الصيغ الدوجماتية المتشددة في جذب العديد من الناس؟ لقد فشلت العلمانية في تقديم البديل الأيديولوجي لظلامية العصور الوسطى في أوروبا؛ ومع ظهور فكر التنوير، لم يمت الدين كما كان يراد له، ولكن ظل الحس الديني ينمو في مسار غير مساره القويم، لمقاومة اللامساواتية والإثنية التي تمخض عنها الفكر العلماني بجميع أشكاله، وتحت وطأة المذاهب العقلانية التنويرية والتفوق العلمي المذهل وفي ظل غياب أو تغييب للدين ومنظومته القيمية ونسقه الروحاني تجرعت البشرية مرارات حروب عالمية ومذابح جماعية وعمليات إبادة لم تشهد لها مثيلا، قادتها في النهاية إلى كفر بواح بكل أطروحات العلمانية التي سادت الفكر البشري عبر قرنين من الزمان، لتغشى بعدها العالم موجة إلحادية تشككية على يد من يعرفون بـ »الملحدون الجدد » الذين أرادوا أن ينزعوا عن الفكر البشري كل ثوابته وقيمه. هذا هو الإطار الذي ينبغي أن تتقولب فيه كل إشكالات العنف والتطرف التي عبرت عن نفسها مع نهاية القرن الماضي وبدايات هذا القرن. لقد تساءل « مارتن لوثر كنج » يوما: « إذا لم يكن لديك شيء مستعد أن تموت من أجله.. فهل لديك شيء يستحق أن تعيش من أجله؟ ». « لقد جردت الحالة ما بعد الحداثية الإنسان من كل شيء يمكن أن يموت من أجله، ومن كل شيء يمكن أن يعيش من أجله.. فقط أمدته بكل شيء يجعله يقتل الآخرين من أجله!!! ». كاتب ومترجم (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 02 نوفمبر 2009)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.