(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
البيان الختامي للمؤتمر الثامن لحركة النهضة
» إن أُريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه أُنيب » ( هود/88 )
تم بحمد الله عز وجل عقد المؤتمر الثامن لحركة النهضة، وقد ابتدأت أشغاله بتلاوة من ذكر الله الحكيم، ثم ترحّم المؤتمرون على شهداء الحركة الذين بذلوا أنفسهم في سبيل الحقّ والحرية، ودعوا لهم بالرحمة الواسعة والأجر العظيم، ووجّهوا التحيّة الحارّة لأبنائهم وأسرهم الصابرين المحتسبين، معبّرين عن شدّ أزرهم، داعين الله تعالى أن يكلأهم بفضله ورعايته، كما عبّروا عن إكبارهم لمن بقي من أبناء الحركة ومن المناضلين من أجل الحرية وراء القضبان، وفي طليعتهم الدكتور الصادق شورو الرئيس السابق للحركة وكل إخوانه المجاهدين الميامين، والأستاذ المناضل محمد عبو وأشادوا بما تحلوا به من الصبر والشجاعة والإخلاص، كما عبّروا عن تضامنهم مع أسرهم الصابرة المحتسبة، داعين لهم جميعا بجزيل المثوبة عند الله تعالى، كما حيوا المحاصرين داخل البلاد وعوائلهم الصابرة وفي طليعتهم حمادي الجبالي وعلي العريض وزياد الدولاتلي والحبيب اللوز والحاج محمد العكروت والشيخ صالح بن عبد الله والأستاذ عبد الله الزواري والدكتور منصف بن سالم واٍلأستاذ الأسعد الجوهري والأستاذ علي الشرطاني والمناضل النقابي عبد الرزاق نصر الله ، كما حيوا جميع من نالهم الاضطهاد من أجل نضالهم في سبيل الحرية، ودعوا إلى رفع المعاناة عن المساجين والمضطهدين بإطلاق سراحهم ورفع الاضطهاد عنهم، وتمكينهم من حقوقهم كاملة، وتوجهوا بالتحية أيضا للمغتربين المهَجَّرين حاثين إياهم على الصبر في مهاجرهم، وداعين لبذل الجهد في الاستفادة منها بأقصى ما يمكن من الأسباب ليفيدوا الناس وهم مُهَجَّرون، ويفيدوا وطنهم حينما يعودون.
ثم عُرض التقريران الأدبي والمالي، ونُوقش كلّ منهما باستفاضة، وتمت المصادقة عليهما بأغلبية الحاضرين، ثم وقع التداول في اللوائح المعروضة على المؤتمر، وتمّ فيها حوار واسع، وأُبديت ملاحظات هامّة، وتعديلات معتبرة، حتى انتهى الأمر إلى الاتفاق على جملة من التقديرات للأوضاع ومن القرارات والتوجهات كان من أهمّها ما يلي:
أولا ـ تقدير الظروف التي انعقد فيها المؤتمر.
انعقد المؤتمر في ظروف عالمية وإقليمية وداخلية تتصف بجملة من الخصائص وتتوفّر على جملة من المعطيات قدّرها المؤتمر على النحو التالي:
1 ـ الوضع العالمي: يعيش العالم وضعا من الاحتقان العام الذي كان من أهمّ أسبابه أحداث 11 سبتمبر 2001، ويتمثل هذا الاحتقان في التضييق من قِبل القوى العالمية المهيمنة على شعوب العالم وقواه الحية والمنطقة الإسلامية بصفة خاصة إلى جانب تفاقم التداعيات السلبية لحركة العولمة التي ازدادت استشراء في مجالات الحياة المختلفة، وخاصة منها المجال الاقتصادي والثقافي والسياسي، مما كان له الأثر السيئ على المناهج التربوية في العالمين العربي والإسلامي، وعلى الوضع الاقتصادي للشعوب التي تزداد فقرا، وعلى القيم الإنسانية العليا التي داخلتها موازين الازدواجية والتفرقة بما أدى إلى تفاقم العنف وانتشار الحروب وتزايد اليأس .
2 ـ الوضع العربي والإسلامي: كان للوضع العالمي المحتقن أثر سلبي على الوضع الإقليمي، من أهمّ مظاهره الاعتداء على بلاد عربية وإسلامية مثل احتلال أفغانستان ومن بعده العراق ثم الصومال، فقد انتُهكت كلّها بغزو عسكري مباشر أحدث فيها دمارا ماديا ومعنويا واسعا، وصُودرت فيها الحريات وخيارات الشعوب على نحو صارخ، كما يستمر العدوان على الشعب الفلسطيني الأعزل من طرف آلة الاحتلال الصهيوني ومعه سياسات الحصار والتجويع والتدمير التي تفرضها القوى الدولية بسبب الخيار الديمقراطي للشعب الفلسطيني، كما استشرت التوتّرات الطائفية بين المسلمين على نحو ما تمثّل في بلاد الرافدين التي أوشكت الطائفية فيها أن تؤول إلى حرب أهلية طاحنة، ويحدث كلّ ذلك في ظلّ حالة من التفكك العربي وغياب مقومات التضامن والعمل المشترك، مع شيوع نزوعات قطرية انعزالية مدمرة للأوطان وعموم كيان الأمة العربية الإسلامية .
وإذا كانت هذه الاعتداءات قد أدّت إلى أضرار بالغة بدول المنطقة العربية والإسلامية فإنها قد أبرزت أيضا بعض المظاهر الإيجابية، مثل إحياء الروح الوطنية الإسلامية لدى القطاع الأوسع من الأمة، وهو الأمر الذي تمثّل في مظاهر قوية من الممانعة الشعبية اتخذت أشكالا من التمسّك بالهوية الإسلامية، ومقاومة لهذه الاعتداءات بما أتيح من إمكانيات وعلى مختلف الواجهات. ويُسجّل في هذا الصدد أيضا ما تحقّق في بعض البلاد المغاربية والعربية من أقدار معتبرة من الانفتاح السياسي، وتطوّر ملحوظ في التجربة الديمقراطية، ومساع جادّة في المصالحة الوطنية.
3 ـ الوضع الداخلي: يشهد الوضع الداخلي حالة تتصف في معظمها بالسلبية، وتحمل في طياتها أمراضا مزمنة تستشري مضاعفاتها في مجالات مختلفة من الحياة، ولا تخرق تلك الصورة إلا ومضات من العوامل المضادّة التي تناضل من أجل الإصلاح في ظروف صعبة.
ففي المجال السياسي تبدو تونس كأنها نشاز في المحيط المغاربي الذي يشهد شيئا من الانفتاح في طريق الديموقراطية والمشاركة الشعبية، بينما يستمرّ في تونس الانغلاق السياسي في مظاهره المختلفة، انتهاكا للحريات العامة والخاصّة، ومنعا للتنظيم الحزبي والتحرّك المدني، وتماديا في استعمال القبضة الأمنية الغليظة وفي السيطرة على القضاء لتملأ السجون بأفواج متعاقبة من المناضلين من مختلف الاتجاهات، إضافة إلى استمرار المظلمة المسلطة على مساجين حركة النهضة لما يقارب سبعة عشر عاما. وقد أفضى هذا الاحتقان السياسي إلى مضاعفات خطيرة تمثلت في ظهور عنف مسلح لأول مرة منذ ما يقارب ثلاثين عاما، وهو ما ينذر بانفجارات خطيرة قد تكون البلاد مقدمة عليها إذا لم يحصل تطوّر إيجابي في الحياة السياسية.وقد ألقى هذا الوضع السياسي المنغلق بظلاله السلبية على مجمل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
فبالرغم من الصورة الخارجية الرائجة التي تبرز نجاعة وتطور الحياة الاقتصادية فإن هذه الصورة لا يغيب عنها التهويل والمبالغة، ولا تعبر عن حقيقة الواقع المعيش، إذ يتعرض الاقتصاد في تونس إلى تحديات ومصاعب حقيقية في ظل منافسة دولية غير متكافئة، ونتيجة للانعكاسات السلبية لاتفاق الشراكة. ومن بين هذه التحدّيات الكبيرة معضلة البطالة وخاصة في أوساط المتعلمين وأصحاب الشهادات، ويقدّر بعض الخبراء أنّها تتجاوز بكثير الأرقام الرسمية. ولا يبدو أنّ هذه المعضلة سيكون لها انـفراج في المدى القريب على ضوء التقديرات الاقتصادية الحالية. ومن المعضلات الاقتصادية تفاقم العجوزات في الموازين الاقتصادية العامة في ظلّ نموّ يتصف بالهشاشة وعدم القدرة على التدارك فضلا عن الإقلاع الاقتصادي، وذلك كله انعكس سلبا على المقدرة الشرائية للمواطن وعلى معدل الدخل الفردي.
وفي المجال الثقافي تستمر المفارقة صارخة بين سياسة الدولة المصرة على تشجيع وإشاعة ثقافة التفسخ المصادمة لمقومات الهوية العربية الإسلامية للبلاد في قطاعات التعليم والفنون والإعلام وبين اتجاه المجتمع المتزايد نحو التدين والالتزام بالتعاليم الإسلامية في صحوة مباركة تعاني من التضييق الذي تمارسه السلطة على منابع الثقافة الإسلامية الصحيحة وما تمارسه من إعتداءات متكررة على النساء المحجبات وعلى الشباب لمجرد محافظته على الصلاة وارتياد المساجد بانتظام. كما تضرب السلطة الحجر على البحث العلمي والإبداع الفكري والثقافي ولا تسمح إلا بما كان موافقا لسياساتها، والحصيلة هي حالة التصحر الفكري والثقافي التي تشهدها بلاد منارة العلم والإشعاع الحضاري: جامع الزيتونة.
ويتسم المجال الاجتماعي بتفاقم الغضب واليأس بسبب الحيف الاجتماعي واستئثار بعض الدوائر المتنفذة بالمال العام وانتشار الرشوة والمحسوبية في مختلف أجهزة الإدارة في الوقت الذي تواصل السلطات التضييق على العمل النقابي والمدني المدافع عن مصالح الشغالين والطبقات الضعيفة وأصحاب الكفاءات والشهادات الذين غدوا ضحية البطالة والإهمال بعد أن تكبد المجتمع تكاليف بنائهم وإعدادهم. لقد تفشت بسبب ذلك حالة اليأس والإحباط لدى قطاعات من المجتمع وأفرزت ظواهر غير مسبوقة في مجتمعنا مثل الجريمة المنظمة وفقدان الأمن والإدمان على الخمر والمخدرات و تزايد حوادث الانتحار و التفكك الأسري إلى غير ذلك من الظواهر التي تهدد مجتمعنا، والتي تواصل سياسات السلطة– رغم ذلك – في تعميقها.
وفي هذا المشهد الداخلي العام الذي تغلب عليه السلبية يُسجّل المؤتمر بوادر لتطورات إيجابية تتمثّل بالأخصّ في بداية حراك سياسي في أوساط المعارضة التي انتظمت في بعض المنظمات الحقوقية، ومارست نضالات مقدّرة في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وهي تحقّق باطراد أقدارا من النجاح ويعزز هذا النجاح ما اجتمعت عليه أطراف واسعة من المعارضة من تعاون وعمل مشترك في بادرة توافقية جديدة يمكن أن تتطور إلى آفاق واعدة. كما تتمثّل التطورات الإيجابية في ظهور صحوة دينية في قطاع واسع من المجتمع وتسجل ساحات العمل النقابي والطلابي استفاقة للدفاع عن هذه القطاعات الحيوية في مجتمعنا. كما تنبري جمعيات وهيئات للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات تحقق باستماتة مناضليها وصبرهم خطوات على الطريق الصحيح,
ثانيا ـ مقررات المؤتمر
على ضوء هذا المشهد الواقعي الذي انعقد فيه المؤتمر، وانطلاقا من المبادئ التي تقوم عليها الحركة، والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، فإن المؤتمر توصل بعد المداولات إلى جملة من القرارات والتوجهات في المجالات التالية:
1 ـ مجال هوية الحركة: جدّد المؤتمرون التزام حركة النهضة بالهوية التي حددتها وثائقها السابقة، والتي تعني الإعتماد على المرجعية الإسلامية وما يعنيه من تقيد في جميع تصوراتها ومواقفها بما هو معلوم من الدين بالضرورة مُضمنَّا في النصوص الشرعية القطعية مع التوسع في غيرها من الظنّيات بالاجتهاد بشروطه المعتبرة، والتمسك في ذلك بالقيم السياسية والاجتماعية العليا من حرية وشورى واحترام للخيار الشعبي وتكافل اجتماعي ومساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات دون أيّ إقصاء أو إلغاء. وهي تعتبر نفسها امتدادا لجهود الإصلاح والتجديد التي توارد عليها المصلحون والمجددون في داخل تونس وخارجها، انطلاقا من منهجها الوسطي، وهي المنهجية التي تتخذ منها الحركة منطلقها في كلّ آرائها ومواقفها السياسية والاجتماعية والثقافية.
2 ـ المجال السياسي:
يؤكد المؤتمرون التزام الحركة بمبادئ العمل السياسي المدني، والدعوة إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحدا، هذا التوجه الأصيل الذي وقعت الدعوة إليه في مؤتمري 1995 و2001 والحركة تعاني من مخلفات القمع والمحنة لا يزال هو المبدأ المعتمد على أنه هو السبيل إلى وضع البلاد على طريق الإصلاح. وضمن هذا الخيار فإن الحركة تتحمل مسؤوليتها كاملة في القيام بدور المعارضة البناءة التي تراعي الاختلاف وتدعو إلى احترامه وتعتبره ضرورة لتوازن الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية في البلاد في إطار منهج الحوار السياسي مع مختلف الأطراف.
إن الفهم الذي تعتمده الحركة للمصالحة لا يعني سياسة الاحتواء استمرارا لسياسة الاستئصال، وهو يؤكّد على بسط قواعد للعمل الوطني التي تقوم على الاعتراف المتبادل واحترام الحقوق الأساسية للمواطنة من حرية التعبير والإعلام والتنظم والتدرج بالحياة السياسية على نهج التغيير والإصلاح الديمقراطي الحقيقي.
وفي هذا السياق اعتبر المؤتمرون أنّ المبادرات التي تهدف إلى تكتيل القوى السياسية وقوى المجتمع المدني حول هذا التوجه الهادف أمر مطلوب ويحتاج إلى التعزيز المستمر والحماية من الانفراط بالتأكيد على القضايا الأساسية وذات الأولوية وتجنب القضايا الخلافية التي هي من جوهر التعدد الفكري والسياسي المعبرة عن خصوصية كل طرف منها. وفي هذا الصدد فإن الحركة تدعو مختلف الشركاء إلى تخطي العقبات خدمة للمصلحة الوطنية العليا وبناء حوار مثمر يعزز أرضية الالتقاء الأولى ويطورها.
لقد دأبت الحركة حتى في أوج محنتها على طرق كل باب يخرج البلاد من أزمتها وينهي حالة الاحتقان فيها. وإذا كان طريق التصالح تكتنفه الصعوبات فإنها تبذل جهدا موصولا رغم عمق ما أصابها من أذى من أجل تقديم المصلحة العامة وتجاوز الماضي. وفي هذا الصدد باركت الحركة كل خطوة من أجل إنهاء معاناة المساجين ورفع الضغوط عن أسرهم وسلكت مختلف الأساليب السياسية والديبلوماسية لدعوة السلطة إلى طيّ صفحة الماضي ورد الاعتبار للحياة السياسية في البلاد، إيمانا منها بأن ذلك يغني بلادنا عن كثير من الاستنزاف وتضييع الطاقات. إلا أن هذه المساعي لم تجد صدى وتعاملا مناسبا من الطرف المقابل. ومع ذلك فإن الحركة وبهذه المناسبة تدعو السلطة من جديد إلى بسط جسور الحوار والتعامل السياسي الجاد معها ومع مختلف الأطراف الوطنية بهدف تنقية المناخات وتحقيق الانفتاح المنشود طريقا إلى الإصلاح السياسي الحقيقي، كما تجدّد الحركة المطالبة بحقّها في العمل السياسي باعتباره حقا أساسيا من حقوق المواطنة.
لقد اعتبر المؤتمر أن المهمة المرحلية للحركة تنصب على تحقيق الانفتاح السياسي سبيلا للتغيير الديمقراطي الذي تتحرك المنطقة برمتها نحوه، ولا يسع بلادنا التخلف عنه، وكل تأخير في تحقيق هذا الأمر لن يزيد الأوضاع إلا تعقيدا. وأكد المؤتمرون على ضرورة العمل المشترك من أجل تحقيق الانفتاح السياسي والتنمية الديمقراطية مع كل قوى المعارضة الجادة.، ويتأكد العمل المشترك على وجه الخصوص مع هيئة 18 أكتوبر، مع التوصية بدعم هذه الهيئة في اتجاه التخلص من العراقيل الداخلية التي قد تشوّش على حسن سيرها ودوام التئامها.
ويعتبر التزام الحركة بالعمل مع شركائها في المعارضة الوطنية دورا طبيعيا في نهج المصالحة والإصلاح الديمقراطي الملتزم بآليات العمل المعارض الذي يمارس واجب النقد والنصح بما تقتضيه الحكمة ومنهج الوسطية والاعتدال، ويعمل على الالتقاء مع الآخرين والإسهام في تكتيل قواهم لتعديل ميزان القوى وحث السلطة على الانخراط في نهج الإصلاح.
كما دعا المؤتمر إلى بذل الحركة جهدا أكبر في التعريف بمشروعها داخليا وخارجيا بتطوير علاقاتها السياسية مع جميع الأطراف الفاعلة، واستثمار ذلك لحل المشكل الحقوقي المستفحل، وخدمة مشروع التغيير الديمقراطي، وإسناد هذا العمل بجهد ميداني وإعلامي ضاغط وفاعل.
واعتبر المؤتمرون أن للحركة دورا أساسيا في العمل على نشر وتأصيل الفكر الوسطي المعتدل في مواجهة نزعات التشدد والعنف. كما أكد المؤتمر على إيجابية حضور عدد من الفعاليات الإسلامية في ساحة العمل الحقوقي والإعلامي ودورهم في ترشيد الممارسة والخطاب بما يشجع مختلف الأطراف على تيسير مطلب الانفتاح. وفي هذا الصدد فإن الحركة تعتبر أنه من مصلحة بلادنا رفع الحصار وإنهاء التضييق على آلاف المسرحين بما يخفف من أسباب الاحتقان ويعيد هؤلاء إلى ما ينتظر منهم من دور إيجابي في ساحات العمل العام المختلفة ويفتح الطريق أمام مصالحة وطنية حقيقية.
ودعا المؤتمر قيادة الحركة إلى اتخاذ السياسات المناسبة لدعم حضور المرأة والشباب وإلى توفير شروط التجدد في أجيال الحركة وقياداتها في العمل السياسي وسائر المجالات مواكبة لما دأبت عليه طيلة تاريخها من تجدد وتطوير.
ولا يسع حركة النهضة إلا أن تغتنم الفرصة لتضمين مجموعة من المطالب تمثل مداخل لحل المشكل السياسي المتواصل في بلادنا وخطوة نحو تحقيق الانفتاح المنشود، ومن هذه المطالب:
–إنهاء معاناة المساجين الذين طالت محنتهم ورفع التضييق عن المسرحين والتمكين من حق العودة للمغتربين دون قيود تمس من كرامتهم وحقوقهم كمواطنين.
–سن عفو تشريعي عام يساهم في طي صفحة الماضي وفتح أفق جديد للحياة العامة في البلاد.
–فتح حوار وطني جاد يجمع مختلف الأطراف في اتجاه بناء مشروع إصلاح حقيقي للحياة السياسية في البلاد.
– إيقاف الاعتقالات التعسفية والمحاكمات السياسية وكلّ أنواع الانتهاك لحقوق الإنسان وكرامته، والتوجه إلى معالجة الأسباب العميقة لما حدث من مواجهات بداية العام الجاري وهي بالأساس التعدّي على الهوية الإسلامية والانغلاق السياسي والحيف الاجتماعي.
–مقاومة الفساد المالي وفتح حوار وطني حول الخيارات الاجتماعية والاقتصادية وآثار العولمة على سوق الشغل والطاقة الشرائية للتونسيين.
– احترام الهوية العربية والإسلامية لبلادنا وعدم استهدافها أو الاستنقاص منها.
كما أكّد المؤتمرون على مناصرة قضايا العدل والحرية وحقوق الإنسان داخل تونس وخارجها، ومن ذلك على وجه الخصوص:
ـ دعم كلّ المنظمات الحقوقية من أجل ذودها عن كلّ حقوق الإنسان.
ـ دعم استقلالية كل مؤسسات المجتمع المدني الإعلامية والثقافية .
ـ المطالبة باستقلال القضاء، ووضع حد للاعتقال التعسّفي وممارسة التعذيب.
ـ دعم النضال النقابي والطلابي من أجل الدفاع عن حقوق العمال ومن أجل فضاءات جامعية مفتوحة.
ـ دعم نضال المحرومين من حق الشغل وبالخصوص من حملة الشهائد .
ـ دعم حركات التحرير التي تقاوم من أجل تحرير بلادها.
ـ دعم الحركات المناضلة ضدّ المظاهر السلبية للعولمة.
ـ دعم الهيئات المناضلة من أجل سلامة البيئة.
ـ دعم المؤسسات المناضلة من أجل الحفاظ على الأسرة ورعاية الطفولة وحقوق المرأة.
إن حركة النهضة وهي ترفع هذه المطالب، وتناصر هذه المنظمات والهيئات تعي أهمية الدور المنوط بعهدتها في الداخل والخارج من أجل دفع البلاد نحو أجواء المصالحة والانفتاح والإصلاح وتلتزم ببذل الوسع في خدمة قضية الحريات والانفتاح الديمقراطي والإقبال بروح وطنية على كل مبادرة تحقق ما أقره المؤتمر من مقاصد وأهداف.
3 ـ المجال الداخلي لعمل الحركة:
– أوصى المؤتمر أن يعمل أبناء الحركة في مختلف بلدان إقامتهم على الاستفادة من الامكانيات المادية والمعنوية التي تتوفر عليها علما وخبرة، وأن يسعوا إلى أن يكون وجودهم في تلك البلاد إيجابيا فينخرطون في خدمة المجتمع، ويسهمون في التنمية الحضارية مُضيفين مُعطين لا مجرد مستهلكين.
– قرّر المؤتمر أن تولي الحركة العناية الكافية بأبنائها من حيث التربية والتأهيل، وأن توجّههم توجيها فاعلا نحو التحصيل العلمي المتفوّق واكتساب الخبرات العالية في التخصصات المختلفة. كما قرّر أن يقع السعي لإدخال إصلاحات هيكلية تستجيب لمتطلبات المرحلة، وفي نطاق ذلك وقع القرار بتحديد مدة تولي رئاسة الحركة بدورتين متتاليتين.
– ونظرا لتواصل الظروف الإستثنائية في البلاد من حيث الوضع السياسي عامة ووضع الحركة خاصة أوصى المؤتمر باستصحاب الوضعية القيادية الإستثنائية تبعا لذلك، أي تواصل عمل مؤسسات الحركة في المهجر إلى حين توفر الظروف الملائمة والشروط الضرورية لعودة القيادة إلى الداخل وفق رؤيتنا السياسية وخيار العمل العلني بوصفه الوضع الطبيعي والقانوني الذي نعمل من أجل تحقيقه.
وبعد مصادقة المؤتمر على هذه القرارات والتوجهات انتخب رئيسا للحركة ومجلسا للشورى. وقد استعفى الرئيس السابق للحركة الشيخ راشد الغنوشي من أن يُحمَّل مسؤولية الرئاسة مجددا، داعيا إلى إرساء سنّة التداول على المسؤولية، وبعث الدماء الجديدة في الحركة، ولكن أغلبية المؤتمرين جددوا له مسؤولية الرئاسة للدورة المقبلة بانتخابه من بين بعض المُرَشّحين الآخرين بنسبة 60 بالمائة من الأصوات مقدّرين أنّ الظرف الحالي وما يتطلّبه من مهامّ يقتضي ذلك التجديد.
ثم تولى رئيس المؤتمر تسليم الرئاسة للرئيس المنتخب الشيخ راشد الغنوشي فألقى كلمة حث فيها الحاضرين على تقوى الله ولزوم الجماعة والدعوة إلى الله على بصيرة، وحمل أمانة الحركة، ودعاهم إلى النهوض بالمسؤوليات التي تعهد إليهم، وبذل الجهد في فك الحصار المضروب على الحركة وعلى كلّ المضطهدين.
ثم ختم المؤتمر أعماله بمثل ما ابتدأ به من حمد الله والثناء عليه والدعاء بالتوفيق في الأعمال وحسن الخاتمة في المآل.
والله تعالى ولي التوفيق وهو أحكم الحاكمين .
جوان 2007 / جمادي الأولى 1428
(المصدر: مراسلة بتاريخ 12 جوان 2007)
تفاعلا مع المؤتمر الثامن لحركة النهضة
بيان اللجنة المركزية في دورتها الأولى بعد المؤتمر
حزب الوحدة الشعبية
تونس في 9 جوان 2007
بــــــــلاغ
إحياء الذكرى الثلاثين لمحاكمة الوحدة الشعبية
في إطار التأكيد على التواصل بين أجياله وعلى دور المؤسسين يشرف السيد محمد بوشيحة الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية على حفل تكريم على شرف المناضلين الذين تمت محاكمتهم في 13 جوان 1977 بسبب الانتماء للوحدة الشعبية. وسيتم في نفس السياق تكريم عدد من المحامين الذين تولوا الدفاع في هذه المحاكمة.
وسينتظم الحفل بمقر جريدة » الوحدة » بالعاصمة يوم الأربعاء 13 جوان 2007 انطلاقا من الساعة السادسة والنصف مساء.
هشام الحاجي
عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام
تلقّى تهديدات بالقتل بسبب إنتقاده لأصهار الرئيس التونسي …
الصحفي التونسي سليم بوخذير يتعرّض لمحاولة اعتداء من جديد.. والبوليس يفرض الحصار عليه
السلط التونسية تواصل إمعانها في الاعتداء على الصحفي سليم بوخذير
6 جـــوان: وتعــود الذكـــــــرى…
الجامعة التونسية ..إلى أين؟
كتب السيد أبو يعرب المرزوقي مقالين للرد على مقال رجاء بن سلامة المعنون » للذكر مثل حظ الأنثيين جرح التفضيل الإلهي ». قدمت صحيفة » تونس نيوز » الكاتب في مقاله الأول بعبارات » البروفيسور أبو يعرب… أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية » وقدمته صحيفة « القدس العربي » في مقاله الثاني بالعبارات: » باحث وأكاديمي تونسي متخصص في الفلسفة ». وهذا يوحي بالطبع بعظمة المهمة التي سيقوم بها الكاتب عبر المقالين!
لست أنوي مناقشة الأستاذ أبو يعرب حول كل ما أضافه من ردود وما صنفه من كلام حول مقال رجاء بن سلامة فيكفيني ما كنتُ كتبتُه تحت عنوان » مع من المشكلة؟ مع القرآن أم مع الفقه الأصولي؟ »تعقيبا على مقالات الرد السابقة والمنشورة في صحيفة « تونس نيوز ». إنما أريد في هذا المقال أن أستعرض عينات من أقوال البروفيسور أمام القارئ الكريم لعله يستنتج من معانيها وإيحاءاتها حقيقة الوضع في جامعتنا التونسية أو جانبا من جوانب نشاط وإنتاج أحد أساتذها.
أبدأ باستعراض اتهامات صاغها أبو يعرب بخصوص عدد من زملائه في الجامعة التونسية:
» …أشير إلى مأساة-ملهاة ركحها أقسام العربية في الجامعة التونسية. فعلوم العربية التي هي أسمى علوم الأمة ماتت وعوضها شبه من التفلسف مربع قل أن تجد له مثيلا في الجامعات التي جعلها النقد الذاتي تتحرر من سلطان الدجل: فبعض المختصين فيها أصبحوا فلاسفة تاريخ. وبعضهم أضحوا فلاسفة حضارة. وبعضهم أمسوا فلاسفة نقد. وهم جميعا باتوا فلاسفة تشريع. ولم يبق أحد في أقسام العربية مختصا في علوم العربية إذا أضفنا إلى هذا الرابوع الرطن بما يسمى اللسانيات بين قوم لا يكاد أغلبهم يجيد اللسان العربي حتى وإن صندق قواعده فضلا عن غياب تعدد
الألسن الضروري لمثل هذه المهام. ووهم تفسير التشريع الإسلامي بأسباب النزول بدأها زعيم فلسفة التاريخ رغم كونه ينتسب إلى اختصاص العربية وتابعها زعيم فلسفة الحضارة رغم نفس الانتساب وأتمتها زعيمة فلسفة النقد رغم نفس الانتساب فصار عندهم الكلام في الفلسفة جزافا دون حساب: إذ كلهم يشتركون في جرأة التطفل على ما ليسوا مطالبين بعلمه جرأة لا يساويها إلا الجرأة على إهمال ما هم مطالبون بعلمه. فهل الآداب العربية تعد إلى فلسفة التاريخ وفلسفة الحضارة وفلسفة النقد إعدادا يؤهل أصحابها إلى الخوض في فلسفة التأويل والشرائع والأديان خوض العلماء؟ »
يلاحظ القارئ بسهولة حجم الاتهامات لأساتذة لم يذكر أسماءهم. ولكن ليته فعل فيجبرون على الرد والدفاع عن النفس.
لو ذكر أسماءهم لقام الحوار بين الجميع فنتمكن من فهم ما يعنيه البروفيسور بعبارة » علوم الأمة » أو عبارة « أسمى علوم الأمة ». فما تختص به أمة ما يعد من مكونات الثقافة ولا يعد علما، ولا يسمو أي واحد من العلوم على البقية فلكل علم مجاله الخاص وميزته الخاصة.
لو ذكر أسماءهم لأجبروا على الكلام فعرفنا من منهم لم يكتف بحقه في التعبير والكتابة والنقد بل تطاول على حقوق البروفيسور فدرّس الفلسفة أو صاغ موضوع الامتحان في قسم الفلسفة نيابة عنه…
يبدو بوضوح أن البروفيسور يكيل الاتهامات والإهانات لزملائه لكي يمتنعوا عن « الخوض في فلسفة التأويل والشرائع والأديان » ولكي يتركوا الخوض والتعبير للسادة « العلماء » الذين يعنيهم ( ربما يوسف القرضاوي أو سيد قطب أو الشيخ ابن باز…)
جاء في المقال الأول للبروفيسور ما يلي:
» إنهم( الحداثيون) يقدمون أنفسهم على أنهم تحرروا من سلطان الكهنوت الزائف باسم إله وهمي حسب رأيهم بسلطان كهنوت أكثر زيفي باسم إله هو عين التزييف: العقل الذي لا يمتاز عن الرأي وعبادة الهوى إلا بالادعاء. »
هكذا العقل هو « عين التزييف » حسب كلام أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية. لكن الفلسفة، حسب علمي، لم تدعي لنفسها مرجعية غير العقل والبحث العقلاني.
هكذا صارت المؤسسة الجامعية، التي هي نتاج الحداثة، قلعة للبروفيسور أستاذ الفلسفة الذي يتهكم عن الحداثة والحداثيين متهما عملية التحرر من الكهنوت الديني بأنها إقامة لسلطان كهنوت جديد » باسم إله هو عين التزييف: العقل الذي لا يمتاز عن الرأي وعبادة الهوى إلا بالادعاء. »
أنا أسأل غرماء البروفيسور في الجامعة التونسية عن معاني كلامه هذا. بل أسأل كل مثقفي الوطن عن مصير جامعة تتكلم الفلسفة فيها بلغة الأصوليين، وعن مصير بلد تتهاوى جامعاته بهذا الشكل؟
وللبروفسور باقة من العبارات المماثلة حول الحداثة والحداثيين نشرها بين أسطر مقاليه سابقي الذكر:
» تسليما بما بات موجودا في مجتمع الفكر التحديثي فكر الأغنياء الجدد »
« وكان على حداثيينا العجلين أن يسألوا السؤال الذي يلهيهم عنه هوسهم العلماني بالعاجل والفاني »
« …فتزيل النسيج الاجتماعي عامة سواء كان وطنيا أو دوليا ويصبح الجميع أرقاما في آلة جهنمية هي بالذات مجتمع الحداثة »
« إن الآلية العمياء لفكر التحديثيين الذين فقدوا كل ذوق جعلت المساواة الرياضية العمياء أو الرقمية التامة مثال المنزلة الوجودية مثالها الأعلى. وكان ينبغي عندئذ أن يعترفوا بأنهم لا يعترفون إلا بنوع واحد من المنازل: منازل الأرقام اللااسمية في سوق السوقة أعني البضاعة التي يحدد منزلتها السوقية عرض المتسوقة وطلبهم. »
« وخاصة في المجتمعات الأليغارشية كالتي يحلم بها حداثيونا ويسمونها ديموقراطية »
« لا تعدو أن تكون تفسيرا للتاريخ الكبير بالتاريخ الحقير: لذلك ترى كل الحداثيين يسترقون السمح لما يجري في بلاطات بلادهم لتفسير التاريخ بمقاسهم ماضيه كحاضره وجليله كذليله. » » إنهم ( الحداثيون العرب) يقدمون أنفسهم على أنهم تحرروا من سلطان الكهنوت الزائف باسم إله وهمي حسب رأيهم بسلطان كهنوت أكثر زيفي باسم إله هو عين التزييف: العقل الذي لا يمتاز عن الرأي وعبادة الهوى إلا بالادعاء. أما خصومهم فيجمعون بين الشرعيتين: شرعية ما تؤمن به أغلبية الجماعة وشرعية ما تريده الجماعة شرعا لها لو استفتيت في تشريعاتها. لذلك فإنه لم يبق لهؤلاء غير شرعية الاستبداد الذين هم حلفاؤه موضوعيا وذاتيا مع « رفاه » المعارضة الصالونية التي لم تعد تنطلي على أحد وخاصة منذ أن تبين للجميع حلف أغلبهم مع رأس الطاغوت الروحي (إسرائيل أو/والفاتيكان) والمادي (فرنسا أو/والولايات المتحدة) في الحرب على حصانة الأمة الروحية بالعمالة الفاقدة لكل روح والعابثة بكل القيم باسم عقلانية قاصرة على أدنى شروط علوم العقل والنقل. »
هذه هي الألفاظ التي يعبر بها البروفيسور عن علاقته بالحداثة والحداثيين قدمتها للقارئ الكريم عله يتخيل المصير الحاصل واللاحق لجامعتنا ووطننا.
يقذف البروفيسور كل هذه الألفاظ الغليظة في وجه الكاتبة والحداثيين وقسم العربية بالجامعة التونسية بتعلة الدفاع عن اختصاص قسم الفلسفة وتحت اليافطات التي ترفعها كل من صحيفة « تونس نيوز »: « البروفيسور أبو يعرب أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية » وصحيفة » القدس العربي »: « باحث وأكاديمي تونسي متخصص في الفلسفة ». لكنه في كل من مقاليْه إنما يقوم بدور رجل الدين الأصولي الذي لم يقبل العبارة التي وردت في مقال السيدة رجاء (جرح التفضيل الإلهي).
هل تستلزم « جريمة » النطق بهذه العبارة كل ما أصدره المرزوقي من غليظ الكلام حول كاتبة المقال وحول الحداثة والحداثيين؟
تعددت الأديان وتعددت الآلهة منذ القدم في الثقافة البشرية، ثم تعددت التعريفات والصور داخل الدين الواحد لإلهه الخاص، فإله الإسلام في نظر المعتزلة يختلف عن صورته في نظر وفقه الأشعري أو ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب… فلا بد لنا، عند الحديث عن « منزلة المرأة الوجودية في الإسلام » للرد على مقولة « التفضيل الإلهي »، من التمييز بين مفاهيم مختلفة في الإسلام. لا بد أن نوضح طبيعة مجال البحث: هل هو الإسلام الشعبوي السائد ( وهذا ما عنته الأستاذة حسب رأيي) المتمثل بالسلوكيات والقناعات الملتصقة بالإنسان المسلم والناتجة عن الإرث التاريخي والمحتويين التعليمي والإعلامي أم إسلام آخر: « أصلي » أو « نظري »؟
يقع الفصل بين الحلال والحرام والفصل بين المعروف والمنكر.. يقع التصرف في شؤون الناس وحتى التصرف في أملاكهم وحياتهم حسب الإسلام الشعبوي ويقع اللجوء إلى مفهوم « الإسلام الأصلي » للدفاع ،عند الحاجة،عن الإسلام من إسلامه الشعبوي: فعندما دمرت القلعتان قال بوش وكل حكام المسلمين: إن الإسلام بريء.. هناك إسلام » أصلي » لا يسمح بالإرهاب؛ وعندما تتكلم رجاء بن سلامة حول جرح التفضيل بين المرأة والرجل يحدثنا البروفيسور بنفس الأسلوب عن براءة الإسلام ويقدم لنا وقتها حديثا مطولا عن المنزلة الوجودية للمرأة في الإسلام الأصلي أو الإسلام النظري الذي لم يقدم لنا عرضا أو تحديدا لمراجعه و مقولاته الأصلية.
يريد البروفيسور بحديثه عن المنزلة الوجودية للمرأة في القرآن إثبات خطأ القول بالتفضيل الإلهي للرجل على المرأة معتمدا على « علم كلام » أو » تصنيف كلام » جديد أوصله إلى القول بأن النص القرآني يقول بالعكس تماما أي أنه يقول بأن منزلة المرأة الوجودية أعلى من منزلة الرجل.
حسْبنا هنا أن نستعمل نفس منهجية البروفيسور حيث يلتجئ إلى فكرة الإستفتاء الشعبي، للفصل في خلافه مع الحداثيين حول قضية الإرث حين قال: » وحتى يتأكد من الحداثة الكاذبة في فكر الحداثيين العرب يكفي أن تسأل عن طبيعة الشرعية التي يستند إليها التشريع الوضعي الذي يريدون. فمن المفروض أن يكون البديل الوحيد من شرعية التشريع الذي تقول به أخلاق الجماعة التي ينتسبون إليها الشرعية الديموقراطية أعني إرادة الجماعة التي يريدون أن يفرضوا عليها آراءهم التشريعية. فهل يقبلون مثلا أن يعرض مقترحهم بالحد من حرية المالك في الوصية إلى غاية تتحقق فيها المساواة بين المرأة والرجل في الإرث على الاستفتاء الشعبي؟
حسبنا إذا أن نعرض قضية التفضيل الإلهي على الاستفتاء الشعبي وسنرى أن الشعب يفهم القرآن والإسلام بأنهما يفضلان الرجل على المرأة وليس العكس، سنرى بوضوح كامل كيف أن » التفضيل الإلهي للرجل على المرأة » حقيقة مفهومية تحتل المكان والزمان في عالمنا الإسلامي وتجرح النساء والحداثيين وكل المسلمين الخيرين الذين يريدون إصلاح دينهم ولا يجدون الوسيلة لذلك في عالم تحالف فيه الدولار مع نفط الخليج على نشر الفكر الوهابي بصفة خاصة والفكر الأصولي بصفة أعم.
يتوصل البروفيسور حسب تأويله للنص القرآني إلى القول بأن منزلة المرأة في القرآن أعلى من منزلة الرجل. فما الذي كان يحدث لو قالت رجاء بن سلامة أو أي مواطن عادي نفس قولة البروفيسور هذه؟
لو قال أي مفكر أو مواطن نفس الكلام لغاية البحث الموضوعي والجدي لانهالت عليه تهم التكذيب والتكفير من كل أبواق الإعلام الأصولية، لكن تلك الأبواق التي سكتت هذه المرة تعرف جيدا أن البروفيسور يمزح، وتعرف أيضا أن ما قدمه من تأويل لا غاية له سوى الإساءة إلى صاحبة المقال وإرهابها لإثنائها عن مواصلة الكتابة.
يقول السيد أبو يعرب المرزوقي في تأويله للنص القرآني حول القوامة ما يلي:
» فإذا لم تفهم القوامة بمعنى السلطان-وهو احد الفهوم لكنه هو الذي طغى- بل فهمت بمعنى الرعاية بات المفضل في هذه الحالة هم النساء لأن القيم يكون في خدمة ما هو قيم عليه. فيكون الرجال قيمين على النساء لأنهن أفضل ومن هذه القوامة الإنفاق. »
هكذا يلغي البروفيسور الفهم والتأويل « الذي طغى » في الفكر الإسلامي لخمسة عشر قرنا في مسألة المبدأ أو » المنزلة الوجودية » أي منزلة المرأة في القرآن ولا يقدر على إعادة التفكير في الفروع من مثل نصاب الأخ وأخته في التركة.
حين يتكلم السيد المرزوقي باسم الفلسفة حول رعاية أحد الزوجين للآخر ينبغي أن يحتسب كل أشكال الرعاية: فشؤون البيت وأشغال الفلاحة ورعي الأغنام وكل الأشغال التي تقوم بها المرأة منذ جاهلية العرب إلى يومنا هذا بدون أجر.. لا تقل قيمة أو قداسة على دراهم الزوج التي ينفقها على عياله. لقد كانت تلك الأشغال ولا تزال في العديد من بلاد الإسلام المتخلفة تفرض على الأنثى كشكل من أشكال السخرة ( عمل العبيد: قهرا وبدون أجر) حيث تجبر الزوجة أو الأخت أو البنت على القيام بها بدون أي مقابل من الأجر أو الاحترام.
ويقول البروفيسور أيضا في دعمه لنظريته الجديدة: » ولما كان المعتقد السائد عندئذ أن المرأة خلقت بعد الرجل وهي منه حتى لو صدقنا أنها من ضلع فقط فإن معنى كون الرجل مادة صنعت منه المرأة يجعله في نسبة المادة إلى الصورة فيكون بالقياس إليها أقل تطور في سلم التصوير الوجودي أعني دونها منزلة وجودية «
يلاحظ القارئ هنا بسهولة كيف أن البروفيسور صار يعتمد على « المعتقد السائد » للتدليل على منزلة المرأة في القرآن.. بل هو يختار من القصة المروية في المعتقد السائد كون المرأة خلقت من الرجل ويشكك في كونها خلقت » من ضلع فقط » ويتناسى عبارة » ضلع أعوج « .
ما نسي البروفيسور حسبانه أيضا هو دور الإرادة الإلهية في عملية خلق المرأة حسب المنطق الديني عامة والمنطق الإسلامي بصفة خاصة. فهل تتقيد الإرادة الإلهية، في المنطق الإسلامي حسب نظره ، بقواعد التراتب بين المادة والصورة؟ هل هي مجبرة على خلق الأفضل منزلة من الأقل أفضلية؟ هل ظهور المرأة بعد آدم حصل بحسب ناموس الطبيعة و قوانينها التي نلاحظها اليوم عبر علوم البيولوجيا وتكنولوجيا صناعة السيارات…أم أنه حصل بإرادة إلهية محضة تأذن للسماء « أن تقع على الأرض » و تأمر الشمس فتسير من المغرب نحو المشرق (من صحيح مسلم) وتقول للشيء كن فيكون…؟
يبذل البروفيسور كل الجهد للإساءة إلى الكاتبة بسبب عبارة « جرح التفضيل الإلهي بين المرأة والرجل لكنه يذكرنا في نفس مقاله بجرح » تفضيلي » آخر لا يقل إيلاما، فقد جاء في مقال البروفيسور ما يلي:
» فالتفضيل الوارد في القرآن له خمسة معان: 1- تفضيل آدم وبنيه على الملائكة باستخلافهم 2- وتفضيل بني إسرائيل على العالمين باصطفاء الكثير من الأنبياء منهم قبل نقض العهد 3- وتفضيل المؤمنين على الكفار بتوريثهم الأرض. وقبل هذه الثلاثة الصريحة نجد تفضيلين مضمرين هما: 4- تفضيل الوجود على العدم قبل النشأة الأولى 5- ونجد بعدها تفضيل البعث على العدم بعد النشأة الثانية. »
» كل هذه الضروب من التفضيل معللة » حسب تعبير الكاتب وهو ما يعني أن تفضيل المؤمن على غير المؤمن ( من يعنيهم بعبارة الكفار) ليس شأنا دينيا محضا أو نصا قرآنيا يمكن فهمه مقاصديا وربط صلوحيته بالمكان والزمان أو الحدث، بل هو تفضيل معلل حسب رأي أستاذ الفلسفة في الجامعة التونسية ينبغي استمراره وقبوله بمنطق الفلسفة والعقل أيضا!. إن إيماننا بحرية المعتقد يجعلنا نرفض كل ذرة أو شكل من أشكال التفضيل لصالح المؤمن أو لفائدة غير المؤمن، وقد يحملنا هذا الموقف إلى الاعتقاد بأن ما جاء في النص القرآني ناطقا بالتفضيل إنما كان جوابا خاصا لظرف خاص.
يواصل الكاتب توضيح علة التفضيل بين المؤمن وغير المؤمن بالكلام التالي:
» وخاصة في المجتمعات الأليغارشية كالتي يحلم بها حداثيونا ويسمونها ديموقراطية: يصعب أن يفهموا التشريع المعد لمجتمع ذي قيم ارستوقراطية تشمل الجميع مجتمع للفضيلة فيه معنى وبها تحدد المنازل لأن معيارها التقوى في التعارف وليس التقية في التناكر. »
يفهم القارئ بسهولة حديث البروفيسور حول » مجتمع ذي قيم ارستوقراطية ( بمعنى قيم راقية عليا) تشمل الجميع مجتمع للفضيلة فيه معنى وبها تحدد المنازل لأن معيارها التقوى في التعارف » فهو يتحدث عن المجتمع المثال بالنسبة له.
ما هي الفضيلة في نظر الكاتب؟ الجواب واضح حسب كلامه: فهي التي يكون « معيارها التقوى ». وما هي التقوى في نظره؟ لا تشبه التقوى في نظر الكاتب تلك التقوى التي تحدث عنها الفيلسوف سبينوزا والتي تعني فعل الخير مع الجار، وليست تلك التي تحدث عنها السيد المسيح وتعيش بها كل الشعوب المتقدمة في سلم ونماء متواصل حين قال: اليوم انتهى وقت العبادات وحان وقت فعل الخير، وليست تلك المعنية بالحديث النبوي القائل بأن المسلم هو من سلم الناس من يده ولسانه، بل تعني التقوى عنده كل ما أصدره من الكلام الغليظ في حق الكاتبة وحق زملائه في الجامعة وحق كل الحداثيين.
سألت ذات مرة، ضمن تخميناتي حول مفهوم التقوى في الإسلام، أحد خريجي جامع الزيتونة عن « الأركان الخمسة للإسلام »: هل يعوض القيام بها أو يغني المؤمن عن الالتزام بقيم المساواة والحرية والصدق والإخلاص ومحبة الآخرين وفعل الخير مع الجار؟ فلم يجبني بما يقنع. اليوم أتوجه إلى الجامعة التونسية لطرح نفس السؤال. لن أطرحه على فلاسفة التاريخ أو فلاسفة الحضارة أو فلاسفة النقد بالجامعة قبل طرحه على البروفيسور الذي يتفوق عليهم جميعا بما له من الكلام الغليظ حول كفاءاتهم.
أسأله إذا عن عملية تغليب العبادات على القيم هل هي من الإسلام الأصلي أو من إسلام التقليد؟
ثم أسأله عن دور تلك العملية في تغليب الإسلام الطقوسي أو إسلام العبادات على إسلام الفضيلة والقيم الإنسانية وفي تغليب الإسلام الأصولي وفرقه الإرهابية على محاولات الإصلاح الديني والبناء الحضاري بصفة عامة.
أليس من حقنا أن نسأله حول قضية الطقوس والأركان هذه قبل أن ندخل في الحديث عن المزيد من الإشكاليات الفكرية واللاهوتية من مثل الفصل بين اعتبار شكل اقتسام الإرث: فريضة هو أم عبادة؟
أليس من حقنا أيضا أن نسأله عن عبارة » استبدال النساء » التي كرر استعمالها عديد المرات، هل أنه لم يجد عبارة ألطف منها أو أستر ؟ وهل هي من التاريخ وعائدة إليه أم أنها ركن في بناء فلسفي أو طائفي يريد له البقاء والدوام؟
حين تهكم رجل الدين على شارل داروين بالقول: يا حفيد القرد، أجابه داروين بالقول يا حفيد رجل الدين. رد داروين يدلنا بطبيعة الحال عن الموقع والنظرة التي صارت له حول رجال الدين بعد أبحاثه ومعاناته؛ ولكنه يدلنا أيضا على أن الحجة أو البرهان العلمي المنطقي كانت وستبقى جنسا مختلفا عن الحجة أو العلة الدينية.
ليس جديدا ما يحدث من الصراع بين هذين الصنفين. تريد الحجة العقلية والبرهان العلمي أن يكونا أداة لفهم الكون وفهم الدين ذاته بكل ألفاظه وبكل ما كسب ويكسب من علاقات بالكائن البشري، وتريد الحجة والعلة الدينية أن تكونا رقيبا وسلطانا أعلى فوق كل النشاط الفكري والعلمي للبشر.
ما الذي يحدث حين يخلط البروفيسور بين هذين الجنسين؟
يقدم لنا الكاتب أحد أمثلة الخلط في كلامه التالي: » وتفضيل بني إسرائيل على العالمين باصطفاء الكثير من الأنبياء منهم قبل نقض العهد… »
يقدم البروفيسور عملية اختيار الأنبياء من وسط بني إسرائيل على أنها علة التفضيل الإلهي لهم على بقية الأقوام، في حين أنها تمثل تفضيلا أصليا: فهو فضل بني إسرائيل بأن اختار الأنبياء من بينهم ثم فضلهم لكون الأنبياء من بينهم. ما أسماه علة تفضيل بني إسرائيل هو ذاته تفضيل لهم أو « جرح تفضيل » أصلي، حسب عبارة رجاء بن سلامة. فكيف يبرر تفضيل بتفضيل أو جرح بجرح؟
هذا ما يستنتج من كلام البروفيسور لكنه قد يجيب بأن الله اختار الأنبياء من بني إسرائيل لأنه وجد فيهم الرجال الحكماء والفضلاء الذين يصلحون للنبوة. بل لا أظنه يتخذ هذا القول علة لاختيار الأنبياء من بني إسرائيل لأنه يرفض التفسير التاريخي للنص الديني ويعتبر التفسير بأسباب النزول وهما: » ووهم تفسير التشريع الإسلامي بأسباب النزول بدأها زعيم فلسفة التاريخ رغم كونه ينتسب إلى اختصاص العربية… »
لو كان الله اختار موسى أو إسحاق لأن الفضيلة وجدت في هذا الرجل من بني إسرائيل فإنه يكون في اختياره هذا قد استجاب أو تناسقت إرادته مع الحدث التاريخي المتمثل بوجود الرجل الأكثر فضيلة داخل بني إسرائيل. ولا أحسب أن البروفيسور الذي يرفض دور أسباب النزول ( التي هي أحداث ووقائع من التاريخ) في فهم أو تفسير التشريع الإسلامي سيقبل بهكذا تأويل.
وقصة « نقض العهد » في كلام البروفيسور توضح أيضا نزوعه إلى تفسير السلوك الإلهي بالحدث التاريخي. فالتفضيل الإلهي لبني إسرائيل في هاته القصة ينتهي وينقطع بسبب تاريخي هو نقضهم للعهد.
أليس البحث عن العلة خلف التفضيل الإلهي أو خلف السلوك الإلهي بصفة أعم هو عين التفسير التاريخي؟
تقول الآية » وإذا أرادنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا » أي علة يمكن أن يجدها البروفيسور لإرادة التدمير هذه في النص القرآني ؟ أم أنه يمزح هنا أيضا في حين أنه يعرف أن الفكر الديني يرفض أي تعليل للإرادة والشرع الإلهيين في آخر المطاف؟
بحث البروفيسور عن العلة وراء التفضيل الإلهي لا يخفي طبيعة الثنائية المميزة لخطابه. فهو يعطي تعليلا للنص الديني وشرائعه باسم العقل وسنده التاريخي من جهة ويرفض في نفس الوقت أي حياد عنها وأي تأويل عقلاني للنص من الجهة الأخرى. إنه يوهمك في تأويله للنص الديني بأن غايته من كتابة مقاله هي حماية العمران البشري ودفع نمائه، لكنه في واقع الأمر يرفض مكتسبات العمران الحاصلة في عصرنا: فهو يرفض المساواة بين المؤمن وغير المؤمن ويرفض المساواة بين الأخ وأخته في الميراث ويرفض التفسير العلمي – التاريخي للنص الديني…
ألا يعلم البروفيسور أن من رفضوا هذه المكتسبات لم يشيدوا عمرانا في أفغانستان أو السودان أو حتى في باكستان، بل إيران نفسه ملآن بمتفجرات الحقد الطائفي وألغام التمرد على الاضطهاد الديني والعرقي… لعله يعلم أن ما يحدث في العراق ليس من إنتاج الحداثة والحداثيين.. لعله يعلم أن نمو العمران في هذا البلد هو آخر ما قد يفكر فيه زعماء الطوائف الإسلامية ممن يتمسكون بتطبيق الشريعة أكثر من تمسكهم باحترام حياة الإنسان وحقوقه… لعله يعلم أن فتوى إرضاع الموظفة لزميلها في العمل مثل فتاوى الحجب والحجاب، مهما كانت علاقتها بمقاصد الدين الإسلامي وتأويلات نصوصه، تظهر بوضوح أن البناء العمراني هو آخر ما يعني زعماء الأصولية ومؤسساتها (ومنها جامعة الأزهر) بعد التطبيق الحرفي لنصوص السنة والظاهر من نصوص القرآن وبعد توظيفهما من أجل إرجاع المرأة إلى البيت وحرمان الوطن من كفاءات وطاقات نصف أبناءه…
إن مشاريع « العمران » الطالبانية والزرقاوية هي التي تتحقق بخطاب الحقد الديني وخطاب السباب والشتم الرخيص الذي فاض عن مؤسسات الصحافة وإعلام فضائيات البترو- دولار إلى كتابات أساتذة في الجامعة التونسية يقول البعض منهم:
« إن الآلية العمياء لفكر التحديثيين الذين فقدوا كل ذوق جعلت المساواة الرياضية العمياء أو الرقمية التامة مثال المنزلة الوجودية مثالها الأعلي. وكان ينبغي عندئذ أن يعترفوا بأنهم لا يعترفون إلا بنوع واحد من المنازل: منازل الأرقام اللااسمية في سوق السوقة أعني البضاعة التي يحدد منزلتها السوقية عرض المتسوقة وطلبهم. »
بل يقول البروفيسور أكثر من ذلك حين يقتبس لغة التخوين عن صحافيي قناة الجزيرة وجريدة « القدس العربي » وغيرها من أبواق البترو- دولار في قطرستان ولندنستان.. :
» لذلك فإنه لم يبق لهؤلاء (الحداثيين العرب) غير شرعية الاستبداد الذين هم حلفاؤه موضوعيا وذاتيا مع « رفاه » المعارضة الصالونية التي لم تعد تنطلي على أحد وخاصة منذ أن تبين للجميع حلف أغلبهم مع رأس الطاغوت الروحي (إسرائيل أو/والفاتيكان) والمادي (فرنسا أو/والولايات المتحدة) في الحرب على حصانة الأمة الروحية بالعمالة الفاقدة لكل روح والعابثة بكل القيم باسم عقلانية قاصرة على أدنى شروط علوم العقل والنقل. »
إلى أين تمضي الجامعة التونسية بعد هذا الكلام للبروفيسور الأستاذ الباحث الأكاديمي في الفلسفة؟ هل ستتمسك بالحداثة والبحث العلمي والعقلاني بالمقاييس الكونية أم ستترك كل ذلك لكي تصبح كتابا أو روحستانا هي أيضا؟
زهير الشرفي – تونس- 5-6-2007
أي قيادات سياسية تحتاجها الأمة؟
رسالة اللقـــاء رقم (19)
صيــحة فــزع :
أيـن المشــروع الإسـلامي التونسـي؟؟؟
أخي بن سعيد بارك الله فيك على اهتمامك وحسن أدبك.
رسائل محبة إلى معز ّوالأزهر وخالد
رسالة إلى كل قادة الحركة الإسلامية في تونس
ما استوقفني في حوار الأخ الطاهر العبيدي مع الأخ محمّد النوري:
عبد الحميد العداسي
أتوجّه بالشكر أوّلا إلى الأخ الطاهر العبيدي الذي جعلنا – هو وثلّة من إخوانه العاملين في ميدانه – نطّلع من خلال حواراتهم القيّمة على الكثير من رجالاتنا الأفذاذ. ونظرا لأهميّة الحوار الذي تناوله مع الأخ القيادي بحركة النهضة الأستاذ محمّد النوري، فقد رأيت – بعد إذنه – التوقّف عند بعض المفاصل أو لنقل عند أمّهات الأفكار المفصلية والإتيان بها مرفقة أو غير مرفقة بتعليق، رجاء تثبيت الفائدة، ذلك أنّ طول الحوار قد يَذهب بانتباه القارئ.
هذا وأريد أن أنوّه إلى أنّ فكرة هذا التلخيص قد تناولتني قبل صدور مقال الأخ معزّ السليماني، الذي دعاني شخصيا لمطالعة الحوار بدقّة وبأعين مفتوحة (ولعلّه حشرني معالذين تتقد عيونهم الصغيرة شررا! حسبنا الله ونعم الوكيل)، كما أريد أن أشير إلى الخلط الذي وقف فيه الأخ معزّ، فتعليقي على مقال الأخ الفاضل، الفاضل البلدي، كان في ركن منتدى الحوار.نت، وأمّا المقترحات المضافة فقد كانت على مشروع مصالحة قديم للأخ خالد الطراولة ولم يكن تعقيبا على الأخ الفاضل، وما قلتُه في معرض ذلك: « وقد تُجبّ كلُّ تلكم المطالب إذا أبدت السلطة ندما واستقامة على ما يجلب المصلحة للعباد والبلاد« ، يأتي بعد الدخول في تنفيذ مشروع المصالحة المفترض وليس قبل البدء فيه، ما يدعونا جميعا إلى استعمال أبصارنا وبصائرنا عندما نقرأ وعندما نكتب كذلك. وأقرّ بأنّ الفقرات المختارة في هذا التلخيص قد شهدت بعض التطويل بعد أن رأيت الأخ السليماني يقتطع جمل لا تفي بالمعنى الذي أراد المحاوَرُ إيصاله. على أنّ الدرس العام من الحوار يبرز – رغم أنف الناظرين بعيونهم الكبيرة – إلى الميزة التي تتحلّى بها هذه الحركة، فهي فعلا متحرّكة في داخلها بما تحوي من أفكار كثيرة تصل حدّ التضارب في بعض الأحيان دون أن تحيد على المنهج الذي سطّرته الجماعة مجتمعة: تنوّع يقابله انسجام وتعدّد تقابله وحدة واختلاف يقابله اتّحاد وفشل معه نجاح واعتراف بالفشل معه إصرار على الإصلاح والتصويب… وهو لعمري المجتمع الذي ننشده، وبخلافه نكون كما يقول المثل التونسي مثل « دجاج الحاكم » … وفيما يلي ما استوقفني في الحوار:
بخصوص الاقتصاد:
تونس حققت طيلة الخمسين سنة الماضية تقدّمااقتصاديا ملحوظا لا يمكن إغفاله أو تجاهله. حصل ذلك في مجالات عدّة مثل البنيةالتحتية والإدارة والخدمات والإنتاج والدخل الفردي والتعليم والصحة والتنميةالبشرية بشكل عام حيث تحتل تونس المرتبة 87 من ضمن 177 دولة مصنفة، وهي بالمناسبةمرتبة متوسطة ومتواضعة، ليست بالقياسية حتى يروّج البعض للمعجزة الاقتصادية ولابالسلبية جدا حتى يحذر البعض الآخر من الكارثة! مشكلة السياسة والسياسيين في تونس هي هنا!عندما نخوض في قضايانا وهمومنا غير السياسية، الاقتصاد مثلا، غالبا ما نتناولهبخلفية سياسية بعيدة عن الموضوعية والدقة، فيخيّل لغير المطلع على حقيقة الشأنالتونسي وتعقيداته، عندما يستمع للخطاب الرسمي وبعض المروّجين له، أنه إزاء حالةاستثنائية تقترب من المعجزة أو هي المعجزة ذاتها، فتتحول تونس بجرّة قلم عبر هذاالخطاب الدعائي إلى جنة اقتصادية أوٌ سويسرا إفريقية، ضاربا بعرض الحائط كلالمعضلات الهيكلية المزمنة التي تنخر جسم الاقتصاد منذ عشرات السنين، والتي تقذفبمئات الشبان المتعطشين للشغل من حين لآخر في أعماق المحيطات . وكذلك الشأن فيالمقابل عندما يستمع الإنسان إلى خطاب بعض المعارضين، تنقلب الصورة بفعل التوظيفالسياسي في لحظة واحدة إلى بلد منهوب في الربع الساعة الأخير من الزمن، تسيطر عليهعصابات المافيا ويوشك على الانفجار بين حين وآخر! هاتان الصورتان المشرقة من جهة والمدلهمةمن جهةأخرى، لا تعبران عن الحقيقة ولا تساعدان على النظربموضوعية إلى واقع الأمور!
الحقيقة إذا هي بين هذا وذاك. ليس الوضعكارثيا ولا قياسيا.
قلت: مثال رائع من العدالة لا يأتيه إلاّ ذو خلق رفيع. فالرّجل يريد أن يقدّم المعلومة الرّياضية المجرّدة المتجرّدة، دون أن يكون للمعول السياسي دور في التأثير فيها.
ثمّ بعد أن يتكلّم عن المكاسب الثمينة التي حقّقها الشعب التونسي (حكّاما ومحكومين) سيّما في المجال التعليمي، وبعد أن يتحدّث عن المصاعب الحقيقية والتحدّيات الجوهرية يضيف: تخطئ الحكومة إذا أصرت على مواجهة هذهالتحديات بمفردها في ظل الانغلاق والتشدد والانفراد بالقرار وإقصاء الطاقاتوالكفاءات والقوى الوطنية بكل أطيافها وانتماءاتها السياسية والفكرية. كما تخطئالمعارضة عندما تغلب الموقف السياسي والحزبي وتنفق جهودها في المناكفة والمغالبةالسياسية وتسلك نهج القطيعة بدل التواصل والحوار حتى عندما يصر الطرف المقابل علىهذه القطيعة. وهو رأي يشاركه فيه بمقادير كبيرة الشيخ الفاضل الحبيب اللوز الذي دعا هو أيضا إلى الإصرار على بذل الجهد لجرّ السلطة إلى التحاور حول الشأن التونسي الداعي إلى معاقرة سياسة الإصلاح. وهو ما يؤكّد عليه الأخ النوري هنا بالقول: المطلوب حوار وطني مفتوح حول الشأنالاقتصادي يشارك فيه الجميع من أجل مصلحة الجميع. ويقترح لذلك: لنتصور فرضا لو خصصت الأحزاب السياسيةالقانونية وغير القانونية والمنظمات والجماعات الوطنية لفترة محددة من الزمن حيزامن اهتمامها في إيجاد خلايا تفكير وورشات عمل حول هذه التحديات والمصاعب التيتستقبلها البلاد بدلا من إهدار الوقت والجهد في التنازع والاشتباك السياسي الذي لايتعلق بالتحديات الحقيقية للبلاد مع تأكيد حق الجميع في المطالبة الجادة والمسئولةبالإصلاحات السياسية ؟ أليس ذلك أجدى وأنفع للجميع؟ وأكرّر أليس ذلك أجدى وأنفع؟!
حول الشأن النهضوي:
استدرجت (أي حركة النهضة) لمواجهة غير متكافئة وحصل ما حصل خلال مرحلة التسعينات من مظلمة ومأساة لميشهد لها تاريخ البلاد مثيلا على الإطلاق!
واليوم، وبعد هذه التجربة الطويلة والمليئةبالأحداث والمعاناة، لا بد من استخلاص الدروس والعظات والوقوف عند مواطن النجاحوالإخفاق دون تردد أو مداراة.
خلال هذه المحنةالأخيرة نجحت الحركة في تفادي الكارثة وتجاوز المحنة وان كانت التكاليف باهظة.ونجحت أيضا في الحفاظ على وحدتها وخطها الفكري وصورتها السلمية المدنية وحضورهاالسياسي والمعنوي لدى شريحة هامة من أبنائها والمتعاطفين معها. ونجحت في تجنيبالبلاد مهالك العنف والعنف المضاد على عكس ما حصل في الدول المجاورة. هذا كله يحسبللحركة. ولكن ما يحسب عليها ليس بالهيّن أيضا. فقد دخلت في اشتباك خاطئ وغير محسوبوالدخول في معركة غير متكافئة ومحسومة النتائج سلفا. ولا يعفيها قبولها للاستدراجمن المسؤولية ولا شراسة الهجمة الاستئصالية التي تعرضتإليها. كان منالأجدى والأصوب على القيادة الإنصات لأصوات التهدئة والتعقل والصبر التي أطلقت فيالإبان من قبل العديدين في صفوفها. أخطأت أيضا في تقدير حجم الخسائر التي كانتمقدمة عليها منذ البداية وحجم المعاناة التي تلظى بها أبناؤها وأنصارها وكلالمتعاطفين معها. أخطأت أيضا في كيفية التعامل مع الغاضبين والمنسحبين من صفوفهاولم تفلح في الحفاظ على علاقة إيجابية معهم. أخطأت أخيرا في ضعف تفاعلها معالتحولات التي طرأت في الواقع ومراهنتها على التغيير العاجل وعجزها على اختراق جدارالتكلس والانغلاق بكل الوسائل والأشكال. وتخطئ كثيرا في المرحلة القادمة إذا أصرتعلى نفس السلوك ولم تنصت لتعبيرات القلق والاحتجاج ودعوات الإصلاح والتجديد من داخلالحركة وخارجها. إن أمامها تحديات وأولويات ثلاث أساسية: التكيف السياسي مع الواقع بعقلانيةوانفتاح، التشبث بالمبادئ ومقاومة كل ملاحقة فكرية من أي طرف كان تمس بالثوابتوالهوية، التجدد والتشبيب والتداول على المسؤولية منعا لاستنساخ الواقع الذي تسعىلإصلاحه وتغييره. فلا يمكن أن نطالب بالإصلاح من الآخر ونستنكف عن استحقاقاته فيالداخل !
حول المصالحة:
المصالحة، في تقديري، هي خط وخيار استراتيجيلحركة النهضة منذ تأسيسها ليومنا هذا، وهو ما أقرته آلية الشورى في مؤسساتها طيلةمسيرتها الطويلة. وما حدث لها خلال التسعينات من مواجهة واشتباك خاطئ، إنما هواستثناء وليس أصلا في خطها الفكري والسياسي برغم الإخلال والانحرافات التي طرأت علىهذا الخط. ومن يشكك في هذا التقدير ما عليه سوى الرجوع إلى مقررات الحركة ونصوصهاوأدبياتها للوقوف على هذا الثابت من ثوابتها.
نعم لقد أخطأت الحركة مثلما أخطأ غيرهاسواء كان في السلطة أو في المعارضة. و قد اعترفت بذلك وأعلنته وان كان بشكل محتشموغير كاف ومن حق الآخرين أن يطلبوا منها مراجعة من حجم أكبر نظرا لخطئها في التقديروقبولها للاستدراج لما خطط له الآخرون ولا حرج في ذلك فالواجب الوطني يدعو الجميعإلى مراجعات عميقة في كثير من الأمور والحركة الإسلامية مدعوة مثل غيرها وحتى قبلغيرها لهذا الطلب المشروع لاعتبارات متعددة منها ارتباطها بما حصل ومسؤوليتهاالشرعية والتاريخية التي تدعوها إلى المراجعة ومحاسبة الذات والدور الذي يناط بهافي المستقبل باعتبارها طرفا أساسيا في البلاد لا يمكن شطبه مهما كانت المحاولات وقدأثبتت الأيام ذلك.
والمقصود من هذا ليس الحركة ككيان تنظيمي فحسب، فقد أصاب هذا الكيان ماأصابه، وبقيت الحركة كمشروع وفكرة ورسالة وتيار يلتقي حوله الكثيرون برغم الاختلاففي تقدير الموقف واختيار النهج الصائب للإصلاح والتدارك. في هذا الإطار وبحكم عمق الأزمة التيشهدتها الحركة والبلاد طيلة هذه المحنة القاسية لا ضير أن تتباين الآراء وتختلفالأطروحات إزاء صوابية المنهج وسلامة الخيار. ولذلك ليس الخلاف السائد في أوساطالحركة اليوم في جوهره وأقول في جوهره، حول أصل الخيار أي المصالحة والوفاق والحوارمع الآخر في السلطة والمعارضة وإنما في تنزيل هذا الخيار اليوم على ارض الواقعباعتبار رفض الطرف المقابل المرجو التصالح معه لهذا المطلب وإصراره على ممارسةسياسة الإباء المتواصل لطي الصفحة والبحث عن سبل التفاهم عوضا عن التنافيوالإقصاء.الخلافإذن في التنزيل. وبعد ذلك يضيف: « ومن جهة ثانية أضحت أطروحة المصالحة بمثابةالبضاعة الكاسدة في سوق المزادات العلنية من جراء الطرح الخاطئ لهذا المشروعالاستراتيجي الهام الذي يرتبط بمصيره مستقبل البلاد« .
المصالحةفي فهمي إذن ليست مجرد تعبير عن مرحلة ولا هي أمنية أو عاطفة عارضة لبعض الواهمينكما يعبر عن ذلك بعض أنصار الرأي الآخر، وإنما هي مشروع طويل الأمد وخيار لا رجعةفيه ولا مفر من اللجوء إليه لصالح الجميع. إنها مشروع مجتمعي يهدف إلى إلغاء عوائقالماضي وعوامل استمراره في المستقبل وتصحيح ما ترتب عنه من ظلم ومآسي وأخطاءوالقطع نهائيا مع منهج الاشتباك والتصادم والمغالبة والتأسيس لانجاز وفاق وطني شامللإنهاء الضغائن والأحقاد وإعادة صياغة علاقات إيجابية تضامنية بين الدولةوالمجتمع.
ثمّ يخضع المصالحة إلى التعبير الاقتصادي إن صحّ التعبير فيقول: المصالحة هي عملية تشاركية وتفاعلية وليست مجرد إملاءات على طرف واحد يحكمها قانون العرض والطلب بالمعنىالاقتصادي إن شئنا. فالتركيز على جانب الطلب وإغفال جانب العرض يؤدي إلى خلل فيالمعادلة وينتهي بالمشروع إلى أزمة وما مفهوم الأزمة في النهاية سوى خلل حاد بينالعرض والطلب.
ثمّ يواصل الحديث عن عنصري المصالحة فيقول: صحيح أن السلطةغير حريصة في هذه اللحظة على المصالحة بالمفهوم الذي تبلوره رؤية التصعيد والمغالبةفي أوساط المعارضة وفي داخل الحركة أيضا ولكن كيف يرجى من الطرف الأقوى والمهيمن أنيكون حريصا على ذلك في حين أن الضحية التي تعاني المأساة ليست أحرص منه ولا يدلسلوكها في كثير من الأحيان على شيء من ذلك؟ أما القول بان السلطة لم تصدر منها إشاراتعملية في هذا الاتجاه، فهو كلام غير دقيق ويحتاج إلى تصويب. إن سلوك السلطة تجاهالحركة خلال السنوات الخمس الماضية على الأقل، شهد بعض التطور الايجابي وان كان لايزال منقوصا ودون المأمول بكثير ولكنه يختلف كليا عن السنوات العجاف التي سبقت.المطلوب ليس إنكار هذه الحقيقة والترفيع غير المجدي في سقف المطالب ولو كانت مشروعة، ولكن الحكمة تقتضي تسجيل الإيجابيات وتعزيزها بسلوك أرْشد في اتجاه تفكيك الأزمةوليس في اتجاه تكريسها. ثمّ يواصل قائلا: إذا رأيتمالمداحين فاحثوا في وجوههم الترابٌ، كما جاء في الحديث الشريف. وكذلك، ليس المسلمبالسّباب ولا بالفاحش ولا اللعان ولا البذيء! هذا هو الخطاب المطلوب الذي ينتجالمصالحة ويقود إلى التفاهم.
حول الدّاخل والخارج:
…والمتأمل في خطابالداخل من خلال التصريحات التي صدرت لحد الآن يلمس تطورا إيجابيا ملحوظا ووعيامتناميا بحجم التحديات المطروحة على الحركة والبلاد. ونأمل أن يهتدي الإخوة فيالداخل إلى سلوك رشيد ينقلون به الوضع الراهن من الركود السلبي إلى حالة جديدة منالحراك الإيجابي. وهم قادرون على ذلك بحول الله! الانحباس السياسي لا يمكن تجاهله. ولكنالمطلوب ليس الاحتماء به لتبرير الانحباس الفكري والعجز عن الفعل ولكن كيف الوصوللكسر الحواجز النفسية والسياسية وبناء جسور مع الكل لطي الصفحة والتخطيط للمستقبل. أنا أقول هذا ممكن وليس مستحيلا كما يتصور البعض. لم نبذل الجهود الكافية لتحقيقذلك. والجهود التي بذلت لم تكن في إطار منهج متكامل يعضد بعضه بعضا. هذا هو التحديالعسير المطروح بإلحاح. أما عن اتصال السلطة بي فهذا لم يحصل والحركة في تقديري،ترحب بكل حوار إيجابي لمعالجة الأمور العالقة.
حول حركة 18 أكتوبر.
إذاكان هناك من يراهن على حركة 18 أكتوبر من أجل إحداث التغيير والتداول على السلطةوتحقيق الديمقراطية المكتملة فهذا عين الوهْم. أولا لان القائمين على هذا الفضاء لميطرحوا من ضمن أهدافهم الأولى مثل هذه الطموحات بل نجدهم يطالبون بالحد الأدنىالمقبول سياسيا في هذه المرحلة وهو إطلاق سراح المساجين وعودة المغتربين وحريةالتنظم والتعبير لا أقل من ذلك ولا أكثر. بل كثير من قادة هذه الحركة الناشئةيعتبرون أن موضوع التداول على سبيل المثال ليس مطروحا اليوم في تونس لاعتباراتموضوعية يطول شرحها. وهذا الوعي يجب أن يترجم على أرض الواقع فلا تحيد هذه الحركةعن أهدافها الاصلية وتتوه في بحار الخلافات الفكريةوالايديولوجية!
مع كل ذلك وبرغم هذه الهشاشة والتعثر الذيتشهده هذه الحركة التي فاجأ ظهورها الجميع، فإني اعتقد أنه يمكن أن يكون لهذهالحركة دور إيجابي على الساحة إذا أحسن الجميع التصرف والتعاطي مع الواقع دون تخاذلولا تنطع. ويمكن لها أن تكون صمام أمن سياسي واجتماعي لصالح البلاد والعباد لو ابتعد عنها بعض اللاهثين وراء مصالح حزبية وإيديولوجية لا تخطئها العين البصيرة.
فى نـابل : تكريم للدكتور هشـام جعيط على الطريقة البورقيبيـة
موقع تونسي خاص بابن خلدون
تصدير الفكر العلماني.. من تونس
مشروع « الإتحاد المتوسطي » يرمي لإحياء الدور الفرنسي
فيلم فلسطيني يحصد ذهبية مهرجان تونس
العوا: أدعو الإخوان إلى ترك العمل السياسي
العريان: العمل السياسي سبيلنا للإصلاح
صراع الأسـود !
تركيا: الأسس الاقتصادية للصراع بين العلمانية واللاعلمانية