الاثنين، 1 يونيو 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3296 du 01.06 .2009

 archives : www.tunisnews.net


عريضة وطنية من أجل الإصلاح السياسي و إطلاق سراح المساجين ( تحيين ) جمعيات حقوقية تونسية:أمسية تضامنية:الحرية لسجين الراى الدكتور الصادق شورو

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات: بيــــــــــــــــان

لجنة الدفاع عن المحجبات:مشاهد حيّة لمنع محجبات من دخول أحد المعاهد الثانوية بتونس

  هند الهارونــــــــــــــــــــي:إعـــــــــــــــــــــــــلام

الوطن:فرنسا « تعاقب  » الناشرين التونسيين لرفضهم التطبيع مع الكيان الصهيوني

الوطن:أخبـــــــــــــار ليست للنشــــــــــــر

بوراوي الصادق الشريف، مقاول بناء، :إلى سيادة رئيس الجمهورية

لطفي الهمامي: »حق العودة » التونسية (مساهمة في نقاش) الجزء الثاني

تونس أونلاين. نت:القرصنة الإلكترونية ضد موقع « تونس أونلاين »: تدشن طورا جديدا في الأسلوب والوسائل

لطفـي الشيـخ :رد على بيـان… فعلا … هبّت رياح التغيير لكن ليس كما تشاء … بسام بوننــــــــــــي:تــــــــــوضـــيــــــح الوطن:المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام تحركات احتجاجية منها الإضراب على خلفية عدم التوصل إلى اتفاقات

صالح التايب:أهميّة الاستحقاق السياسي القادم في تونس زمــنــــــــا ومقـــــــــــاربــــــــة

رويترز:رئيس تونس يتعهد بانتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة وديمقراطية

CNN:تونس: بن علي يدعو لإنجاح الانتخابات ويعد بنزاهتها

الصباح:تعيين ممثلين للخطوط التونسيـة في الخارج

الأسبوعي:خاص: يتطلب 400 ألف دينار على أقصى تقدير مشـروع أوّل قمر صناعي تونسي جاهز للإنجاز

م بوخذير:دون الإعلان عن القيمة المالية :التونسي كريم حقي في هانوفر الألماني رسميا

عبد الفتاح كحولي:نحو إعادة بناء « العقد الجماعي » .. بعيدا عن توطين مفاهيم المغالاة والموالاة

عادل الثابتي:حقائق جديدة حول تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس ومؤتمر قربة 1971

حسن بن حسن :كيف نستفيد من درس التاريخ الغربي الحديث في الخروج من الفتنة والشقاق؟ العدد الثالث والعشرون

نور الدين العويديدي :بعد موت أوسلو والعدوان على غزة السلام مع إسرائيل أعسر من الحرب معها العدد الثالث والعشرون

عبد السلام بوعائشة:مشروع المقاومة وعقود الاستهداف الخارجي والفتنة الداخلية

د. رفيق عبد السلام:قراءة في تشكل الحل العلماني في الغرب الحديث (1 من 2)

د. سعيد حارب :المجتمع الإسلامي.. والمجتمع المدني


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

التقارير الشهرية لمنظمة « حرية وإنصاف » حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

     جانفي2009:https://www.tunisnews.net/17fevrier09a.htm   فيفري 2009:https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm  مارس 2009:https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm أفريل 2009:https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


عريضة وطنية من أجل الإصلاح السياسي و إطلاق سراح المساجين


مرة أخرى تعاد محاكمة الرمز الوطني و الإسلامي عميد سجناء الحرية في تونس  الدكتور الصادق شورو بتهمة خيالية « كما شرحها الدكتور امام المحكمة عجبت من  إدانتي بتهمة الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها و سبب عجبي أن هذه التهمة لا أصل لها عقلا و لا واقعا و لا قانونا فهي لا تستقيم عقلا لأن حركة النهضة حركة كان لها رئيس معلوم للقاصي و الداني و قد فكك تنظيمها بالقوة الغاشمة و لم يعد لتنظيمها وجود في الداخل منذ بدايات التسعينات ، و هي تهمة لا تستقيم واقعا لأني لم ألبث خارج السجن ، بعد مغادرته في 05 نوفمبر 2008 ، إلا 27 يوما فكيف يعقل أن أعيد تنظيما فضلا عن أني كنت مشغولا باستقبال المهنئين و تحسس محيطي العائلي و الإجتماعي. و هي تهمة لا تستقيم قانونا لأن الجمعية لا تقوم إلا بفردين على الأقل و ها أنذا أحال بمفردي » لم يتوفر فيها الحد الأدنى من أركانها القانونية فضلا عن كل ما شاب القضية من خروقات فاضحة في الإجراءات و في التكييف القانوني للوقائع التى بموجبها وقعت الإحالة على القضاء في طوريه الإبتدائي و الإستئنافي حيث أجمع  لسان الدفاع على كيدية التهمة و على الطابع السياسي للمحاكمة الأمر الذي اظهر التوظيف السياسي للقضاء رغم ان الازمة   » كما شرحها الدكتور امام المحكمة فقد سئلت عن الوضع العام في البلاد فقلت أن العالم  يمر بأزمة و أن بلادنا ليست في مأمن منها و أن تزامن محاكمتي  السياسية مع محاكمات الحوض المنجمي الإجتماعية دليل على عمق الأزمة الإقتصادية –السياسية –الإجتماعية  التي تعيشها البلاد و ما على السلطة إلا أن تفتح الباب لحوار وطني لا يقصي أحدا على أساس فكري أو سياسي و أن تعلم أنه لا بديل عن حريات مدنية و سياسية فعلية و حقيقية و عن عدالة اجتماعية لا يميز فيها بين الفئات و لا بين الجهات و لا مناص من إرجاع الحقوق لأصحابها و تيسير عودة جميع المهجرين و تعويض المتضررين المسرحين من السجون و الإعتراف بحق حركة النهضة في الوجود القانوني و التنظيم السياسي . وعمدت السلطة الى انهاء الاحتجاجات الاجتماعية في الحوض المنجمي بمحاكمات ظالمة لرموز هذه التحركات وهذه المحاكمات هي دليل على عمق الأزمة الإقتصادية –السياسية –الإجتماعية  التي تعيشها البلاد. والبلاد اليوم تعيش حالة تدجين للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و خنق الحريات ومحاصرة الإعلاميين امنيا وسياسيا …والسلطة تحاصر وتضيق على النقابة العامة منذ العام الماضي بسبب تقريرها حول الحريات الصحفية. ان اي اصلاح سياسي في تونس لن يكون له اي نجاح الا اذا وقع انجاز حوار وطني لا يقصي أحدا على أساس فكري أو سياسي و أن تحترم الحريات المدنية والسياسية احتراما فعليا و حقيقيا وان تطبق العدالة الاجتماعية التي لا يميز فيها بين الفئات و لا بين الجهات و لا مناص من إرجاع الحقوق لأصحابها و تيسير عودة جميع المهجرين و تعويض المتضررين المسرحين من السجون و الإعتراف بحق التنظيمات الوطنية والاسلامية في الوجود القانوني و التنظيم السياسي. ومن مقدمات هذا الاصلاح السياسي سن العفو التشريعي العام باطلاق سراح المساجين السياسيين واصحاب الراى وسجناء الحوض المنجمي وعودة المغتربين. للتوقيع الرجاء إرسال الاسم واللقب اواسم الجمعية, و البلد  للعنوان الإلكتروني التالي :   aridha_wathania@yahoo.fr قائمة الإمضاءات :

 

 

قائمة الإمضاءات :

الاسم

البلد

جمعية التضامن التونسي

جمعية الزيتونة

  Association des droits de la personne au Maghreb ADPM

Mouvement de la libération de la Tunisie

جمعية ضحايا التعذيب بتونس

فرنسا

سويسرا

كندا

 

كندا

سويسرا

 

علي النجار

رياض بالطيب

رياض حجلاوي

 حسين الجزيري

 سمير الدريدي

 بكار الصغير

طاهر بوبحري

كمال العيفي

لخضر الوسلاتي

محمد بن سالم

فتحي فرخ

هشام بشير

بشير هلال

عامر لعريض

عبد الوهاب الرياحي

لزهر التومي

محمد الجموعي

محسن ذيبي

عبد الرؤوف الماجري

عبد الرؤوف نجار

محمد الهادي الكافي

رضا ادريس

زيتوني لسعد

السيد المبروك    

محمد ملك

منذر عمار 

معز الجماعي

عبدالسلام بوشداخ

نور الدين ختروشي

مالك الشارني

وليد بناني

ناصر غمراسي

الهادي بريك

البشير بوشيبة

عماد الدايمي

سامي حاج دحمان

صالح الحمراوي

محمد الصادقالشطي

هاشمي بن حمد

سليم بن حميدان 

غفران بن سالم

 قادري زروقي

بلقاسم همامي

عبدالله النوري

محمد النوري

بلقاسم نقاز

شكري مجولي

خالد الجماعي

محمد زريق

رضا رجيبي

المنجي المدب

سالم الجديدي

اسماعيل الكوتي

محمد طرابلسي

عبد القادر الجبالي

نجيب العاشوري

طاهر حسني

عثمان كعباوي

محمد الغمقي

الهاشمــــي بم حامد

رفيق الشابي

رضا المازني

عبد الحميد البناني

الهادي لطيف

وحيد شريف 

محمد بن محمد

محمد الهادي غابي

كريم مسعودي

طاهر العبيدي

جيلاني العبدلي

مراد راشد

عبد الناصر نايت ليمان

نجاة العبيدي

عبد المجيد سبوعي

  كريم الماجري  

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

تونس

فرنسا

ألمانيا

تونس

فرنسا

فرنسا

سويسرا

بلجيكا

سويسرا

ألمانيا

سويسرا

فرنسا

فرنسا

سويسرا

النمسا

ألمانيا

فرنسا

فرنسا

ألمانيا

سويسرا

ألمانيا

فرنسا

ألمانيا

بريطانيا

النرويج

كندا

فرنسا

تونس

النرويج

سويسرا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

فرنسا

المانيا

فرنسا

فرنسا

بلجيكا

سويسرا

النرويج

إيطاليا

فرنسا

المانيا

فرنسا

فرنسا

سويسرا

سويسرا

تونس

سويسرا

 البوسنة

 

 

 

 


أمسية تضامنية

الحرية لسجين الراى الدكتور الصادق شورو الرئيس الاسبق لحركة النهضة

 


  دفاعا عن سجين الرأى الدكتور الصادق شورو الرئيس الأسبق لحركة النهضة و تضامنا مع سجناء الحوض المنجمي  والمئات من الشباب ضحايا قانون 10  ديسمبر 2003 لما يسمى « مكافحة الإرهاب » اللادستوري و تفاعلا مع كل التحركات السياسية و الحقوقية في تونس، ندعو إلى  أمسية تضامنية بحضور مختلف التعبيرات و القوى الوطنية و الصديقة وذلك يوم الجمعة 5 جوان 2009  بقاعة :                                    AGECA 177  rue de Charonne 75011 paris Métro Alexandre Dumas على الساعة                               19:00             وهي مناسبة نريدها أن تكون فرصة للتأكيد على أن قضية المساجين ( الدكتور الصادق شورو و سجناء الحوض ألمنجمي و ضحايا قانون 10 ديسمبر 2003 لما يسمى « مكافحة الإرهاب » اللادستوري) والمضايقات التي يتعرض لها المسرحون و النشطاء الحقوقيون والسياسيون والإنغلاق السياسي والإعلامي و حالة الاحتقان التي تشهدها البلاد وهي مقبلة على انتخابات لا تتوفر فيها شروط المنافسة الحقيقية، هي فرصة للتأكيد على أن قضية الحرية واحدة إما أن تكون للجميع أو لا تكون لأحد.   الجمعيات المنظمة: 
جمعية التضامن التونسي
جمعية الزيتونة
منظمة صوت حر
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 
اللجنة العربية لحقوق الإنسان  

 


أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 07 جمادى الثانية 1430 الموافق ل 01 جوان 2009

أخبار الحريات في تونس


1) اعتقال مجموعة من الشبان بحيي التضامن و المنيهلة: يواصل البوليس السياسي للأسبوع الثاني على التوالي حملته ضد الشباب المتدين بمنطقة حي التضامن والمنيهلة ويعتقل عددا منهم وقد علمت حرية وإنصاف أن من بين المعتقلين بالإضافة إلى الشاب زياد بوذينة كل من الشبان جلال روايسية ورياض الفرشيشي وسمير غريب وماهر الورغي وسعيد فؤاد وخالد المثلوثي وعبدد الرحمان السمعوني وعادل فتيتة ومحمد النجار ومحرز وعلي ساسي وفريد الرزقي، وقد تم اعتقالهم خلال الفترة المتراوحة بين يوم الجمعة 22 ماي 2009 ويوم الاثنين 25 ماي 2009 ولا تزال عائلاتهم تجهل أماكن اعتقالهم ولا الأسباب الداعية لذلك. 2) اعتقال السيد عبد المجيد الحبيبي: كما اعتقل أعوان البوليس السياسي يوم الجمعة 29 ماي 2009 السجين السياسي السابق السيد عبد المجيد الحبيبي البالغ من العمر 54 سنة من مقر عمله الكائن بنهج أحمد بيرم ترنجة بالعاصمة واقتياده إلى مقر إدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية ولا تزال عائلته المتكونة من زوجته وأبنائه الأربعة يجهلون أسباب هذا الاعتقال. علما بأن السيد عبد المجيد الحبيبي كان اعتقل في أواخر الثمانينات بتهمة الانتماء إلى حزب التحرير الإسلامي وقضى مدة بالسجن قبل أن يفرج عنه في إطار عفو رئاسي.
 
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات  بيــــــــــــــــان  


تمعن السلطات، أشهرا قليلة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبرمجة للخريف القادم في التضييق على كافة القوى السياسية والمدنية وفي انتهاك الحريات والفردية والعامّة، وهو ما يمثل مؤشرا لرغبتها في تكرار نفس السيناريوهات السّابقة وجعل الانتخابات المقبلة مجرّد مناسبة روتينية لإعادة إنتاج الحكم الفردي من خلال رئاسة مدى الحياة مقنّعة وتأبيد سيطرة « التجمّع الدستوري » على المؤسسات التمثيلية. ـ 1 ـ ففي منطقة الحوض المنجمي تستمر الإيقافات والمحاكمات الجائرةّ فعلى إثر الاعتصام الذي نظّمته العشرات من النّساء اعتقل البوليس السياسي بالرّديف 7 شبان أحيلوا على المحكمة الابتدائية بقفصة بحالة إيقاف في ما أحيل آخر في حالة فرار، وقد صدر بشأن الموقوفين أحكاما تتراوح ما بين6 أشهر وعام سجنا علما وأن هؤلاء تعرّض جميعهم للتعذيب، ورفضت المحكمة عرضهم على الفحص الطّبي. وفي نفس السياق القمعي، قامت الإدارة العامّة للسجون بنقل رموز الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي المحاكمين في ما سمي بقضيّة « الوفاق » إلى عدّة سجون بعيدة عن ولاية قفصة ) حربوب، رجيم معتوق، القصرين، سيدي بوزيد، صفاقس، تونس…( وذلك بهدف التنكيل بهم والتشفّي من عائلاتهم التي لا تقدر أحيانا على توفير معاليم النّقل، و »القفّةّ ّ » لأبنائها.  ـ 2 ـ وبمناسبة اليوم العالمي للصحافة شنّت السلطات وما تزال هجمة شرسة على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين ) حصار مالي وإعلامي وأمني…( وذلك على خلفية التقرير السنوي الذّي أصدرته وتعرّضت فيه لجملة من الانتهاكات التي تتعرّض لها حرّية الإعلام والإعلاميون. وقد منعت العناصر الموالية للسلطة مكتب النقابة من مواصلة أشغال الندوة الصحفية التي عقدها لتقديم التقرير وحاولت الاعتداء على رئيس النّقابة وبعض أعضاء المكتب. وتحاول السلطة اليوم بكل الوسائل افتعال أزمة داخل النقابة وتهيئة الظروف للانقلاب عليها. وفي هذا الإطار انطلقت عريضة مشبوهة أجبر العديد من الصحفيين على إمضائها تحت التهديد بالطرد من العمل. ـ 3 ـ وإلى ذلك ما انفكّت الضغوط على المناضلين من مختلف الأحزاب والجمعيات والمنظّمات والهيئات تتفاقم في لآونة الأخيرة. فمنزل السيد خميس الشماري عضو « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » ما يزال يخض للمراقبة الأمنية بشكل منهجي كما تعرّضت الأستاذة راضية النصراوي لجملة من الاعتداءات والمضايقات ) إعتداء بالمطار ومحاولة إخضاع للتفتيش الجسدي، اقتحام المنزل في غيابها وغياب زوجها السيد حمّه الهمامي، اعتداء بقفصة ومنع من مقابلة حريفها السيد عمار عمروسية….(. وتعرّض السيد عمّار عمروسية للاعتداء، ثلاث مرّات متتالية خلال أسبوع واحد على يد مسؤولين أمنيين بقفصة لمنعه من الاتصال بعائلات مساجين الحوض المنجمي ومؤازرتهم في محنتهم. وأوقف البوليس السياسي السيد عبد الكريم الهاروني، السجين السياسي السابق، بالطريق الرابطة بين المحرس وصفاقس واحتجزه لمدّة ساعتين ومنعه من واصلة الطريق وفرض عليه الرّجوع إلى العاصمة. كما تمّ منع قادة لجنة مساندة الحوض المنجمي السادة مسعود الرّمضاني وعبد الرّحمان الهذيلي وسالم الحداد من حضور اجتماع تضامني مع معتقلي الحوض المنجمي بسوسة. وتتعرّض السيدة غادة الشرفي زوجة اللاجئ السياسي التونسي لوممبا المحسني، المقيم حاليا بفرنسا، لهرسلة أمنية خلال المدّة الأخيرة: اقتحام المنزل وتفتيشه، تحريض على طلب الطلاق الخ.. ـ 4 ـ كما يتواصل اعتقال السيد صادق شورو، الرئيس السابق لحركة النهضة، بعد الحكم عليه بعام سجنا إثر تصريح لبعض القنوات التلفزية بعد خروجه من السجن في العام الماضي. وقد أعلمته السلطات بأنه مطالب بقضاء عام آخر سجنا متبق من العقوبة الأصلية بدعوى أنه خالف مقتضيات السراح الشرطي الذي تمتّع به. إنّ « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » إذ تدين كل هذه الممارسات القمعية فهي: ـ تطالب بإطلاق سراح كافّة المعتقلين في قضايا الحوض المنجمي دون قيد أو شرط ووضع حدّ لأعمال التنكيل بعائلاتهم وبالأهالي وفتح تحقيق محايد في ما جدّ من إحداث وإيجاد الحلول المناسبة لمشاكل الجهة ومطالب السكان. ـ تعبّر عن مساندتها للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين من موقع الدّفاع عن حريّة الإعلام والإعلاميين، وتدعو كافّة مكوّنات المجتمع المدني إلى التضامن والتكتّل في وجه الاستبداد، خصوصا أنها تواجه نفس العراقيل. ـ كما تعبّر عن مساندتها لكافّة ضحايا الانتهاكات الأخيرة، مؤكّدة أن القمع والترهيب بيّنا فشلهما، فلا هما مكّنا من حلّ المشاكل السياسية المستفحلة بالبلاد ولا هما صدّا مناضلات ومناضلي الحركة الديمقراطية عن مواصلة مسيرتهم نحو الحرّية التي تنشدها الأغلبية الساحقة من مجتمعنا. ـ تستنكر استمرار اعتقال السيد صادق شورو وتطالب بإطلاق سراحه دون قيد أو شرط. كما تطالب بوضع حدّ للاعتقالات والمحاكمات الجائرة التي تجري تحت غطاء « مقاومة الإرهاب »…   هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات                                        تونس في 29 ماي 2009
 
عن السبيل اولاين  


بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في01.06.2009 

مشاهد حيّة لمنع محجبات من دخول أحد المعاهد الثانوية بتونس

   


  رابط المشاهدة :
http://www.youtube.com/watch?v=hJAc5dtSp1U
 
 
تمكنت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس من تصوير لقطات من أمام أحد المعاهد الثانوية بمنطقة أريانة بالعاصمة تونس ، وذلك بتاريخ 28 ماي 2009 ، وتُظهر اللقطات التى تسجل وتنشر لأول مرة على الإطلاق ، أحد مسؤولي الإدارة وهو يقف على باب المعهد ويمنع فتيات محجبات من الدخول في الوقت الذى يسمح لبقية زميلاتهن وزملائهن بدخول المعهد .   ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس إذ تعرض هذه اللقطات للرأي العام الداخلي والخارجي لتؤكد أن هذه  الصور هي مجرد عيّنة توفقنا في تسجيلها في ظروف صعبة ، أما حجم الإنتهاكات وأشكالها ضد المحجبات في تونس وخاصة في المؤسسات التعليمية الثانوية والجامعية فإنها تأخذ أشكال شتى تصل في بعض الأحيان إلى حدّ الإعتداء بالعنف المادي مرورا بالطرد من المؤسسات التعليمية والملاحقة البوليسية في الطرقات والأماكن العامة وغيرها من وسائل إرعاب المحجبات لإجبارهن على التخلي عن إرتداء الحجاب.   عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr
 


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين إعـــــلام هند الهاروني- تونس الإثنين 1 جوان 2009  – 7 جمادى الثانية 1430 منذ فترة ما بعد الظّهر، يوجد عونين من رجال الأمن بالزيّ المدني أمام منزلنا./.

فرنسا « تعاقب  » الناشرين التونسيين لرفضهم التطبيع مع الكيان الصهيوني


تونس/الوطن   تساءل عدد من الناشرين التونسيين إن كان إيقاف برنامج الدعم الذي يقدمه « المعهد الفرنسي للتعاون بتونس » هذه السنة مرتبطا برفضهم المشاركة في معرض الكتاب بباريس الذي انتظم خلال شهر مارس 2008 ء وحضر فيه الكيان الصهيوني كضيف شرف.   وقالت صحيفة « الشروق » الصادرة يوم الثلاثاء الفارط  إن عددا من الناشرين تقدموا بملفات  إلى المعهد الفرنسي للتعاون بتونس لدعم منشوراتهم لكنهم فوجئوا بإيقاف برنامج الدعم بالنسبة لهذه السنة  « لأسباب مالية » حسب مصادر في المعهد المذكور.   وتزامن إيقاف برنامج الدعم هذه السنة مع عدم مشاركة  المعهد الفرنسي للتعاون بتونس في الدورة الأخيرة لمعرض الكتاب وهو تزامن فهم منه أن المعهد « يرد الفعل » على عدم مشاركة الناشرين التونسيين في معرض الكتاب بباريس السنة الفارطة و أن الأمر لا علاقة له بـ »الأسباب المالية ».   وكان الناشرون التونسيون  قاطعوا معرض باريس للكتاب  الذي انتظم خلال شهر  مارس  2008 احتجاجا على استضافة الكيان الصهيوني في هذا المعرض  كضيف شرف ، واعتبروا أن المشاركة هي بمثابة تطبيع مع هذا الكيان ، وهو الموقف ذاته الذي عبرت عنه عديد الشخصيات التونسية والعربية و عديد الاتحادات .   ومن ناحية أخرى كان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أصدر بيانا يوم 29 فيفري 2008 وجهه إلى الهيئات والمنظمات الثقافية التونسية والعربية حيّا فيه « كل الأطراف الرسمية والشعبية التي بادرت بمقاطعة المعرض وأعلنت عدم حضورها وإدانتها السياسة الفرنسية في هذا المجال. « 
 

(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 87 بتاريخ 29 ماي  2009)


أخبار ليست للنشر


الخبر الأول من أكثر المصطلحات استعمالا في الإعلام الرياضي هذه الأيام مصطلح « المؤامرة » ومصطلح « القلة المناوئة » أو « الشرذمة »  ولولا شيء من الحياء لكان تعبير « الذين يصطادون في الماء العكر » أكثرها شيوعا ، وما التخلي عنه إلا وسيلة للهروب من تهمة « قوى الشد إلى الخلف » نظرا لارتباط هذا التعبير بمرحلة من مراحل تونس يعرفها الجميع وذلك رغم ما تقوم به الدولة من مجهود في مجال البيئة يساعد على معالجة المياه الراكدة حتى لا تتعكّر. مؤامرة ضدّ هذا الفريق ومؤامرة ضد رئيس الجمعية أو الهيئة المديرة ومؤامرة ضد المدرب ومؤامرة ضد الفريق الوطني ومؤامرة ضد الجامعة والرابطة ومؤامرة ضد التحكيم ألخ… كل هذا تقوم به جماعة قليلة غير مسؤولة تحاول تحريض الجماهير ولكن لا احد يعرف من هي هذه الأقلية لمواجهتها والتخلص منها والقضاء على أسلوبها فينتشر الخير ويستتب الأمن. الغريب انه لا يوجد مسؤول رياضي واحد أو هيكل رياضي صغير أو كبير لا يحوز على تزكية السلطات المركزية أو الجهوية أوالمحلية وهي التي تسمح له بالترشح أوبالتخلي فكيف للسلطة وما لها من إمكانيات أمنية لا تكشف  المؤامرات والمتسببين فيها ؟ الخبر الثاني الكثير من الوزراء والمسؤولين في عهد الرئيس السابق يدلون بدلوهم في رواية الأحداث وتفسيرهم لما عايشوه وردود فعل السلطة وفي مقدمتها الرئيس بورقيبة. الكل يحاول إبراز دوره ويلبس ثوب الشجاعة والكرامة ونظافة ذات اليد وقوة الشخصية  والكل يحمّل الآخر  – وخاصة من الذين فارقوا الحياة ولا يستطيعون الرد – مسؤولية بعض الأحداث ما عدا بعضها الإحداث التي  قد تدين الكل مثل اغتيال الزعيم صالح بن يوسف وأحداث 26 جانفي .  ليسمح لنا هؤلاء أن نهمس لهم أن الشعب التونسي يعرف جيدا كيف كان يعاملهم الرئيس السابق وكيف يقع تعيينهم أو عزلهم ولا نريد أن نردد على مسامعهم مثلا شعبيا تونسيا على مقاسهم. الخبر الثالث أخبار الشارع والصالونات تفيد بأن مؤسسة إعلامية عريقة ارتأت تضعيف نشاطها مرتين أو أكثر فلم تجد حلاّ في ظل محدودية السوق التونسية وعزوف الناس عن قراءة الجرائد وخاصة اليومية منها. غير إقناع المؤسسات العمومية والإدارات والوزارات باقتناء الجرائد اليومية والأسبوعية عن طريق الاشتراكات . هذا الحل سيمكن المؤسسة من توزيع عدد هائل من الجرائد يوميا ليت المؤسسة المعنية تطلعنا على الأسلوب الذي اعتمدته في إقناع  المسؤولين علّنا نستفيد منه في الترويج . الخبر الرابع وزير خليجي تحدث في برنامج مباشر تبثه إحدى الفضائيات حول الخطر الإيراني من وجهة نظر عربية،  فكان متحمسا جدا للحديث عن هذا الخطر وضرورة التصدي له إلى درجة استشهد بما جاء على لسان وزير الخارجية الصهيوني  الإرهابي « ليبرمان » في وصف هذا الخطر على العرب و »إسرائيل » والعالم الحر ودعا إلى تحالف عربي « إسرائيلي » لمواجهته قبل الحديث عن التسوية  بأي شكل. لا شك أن بعض السياسات الإيرانية في المنطقة معادية لمصالح الأمة  ولا شك أن أهداف إيران واضحة في محاولة السيطرة على المنطقة غير أن التحالف  مع العدو التاريخي للأمة تحت أي مبرر هو من مخلفات هذا الزمن الرديء الذي سادت فيه الإقليمية وأشباه السّاسة. الخبر الخامس أوردت بعض وكالات الأنباء أن بعض الدول العربية تفكر جديا في تقديم مكافأة لدولة العدو الصهيوني إن هي قررت إيقاف الاستيطان وجددت التفاوض مع سلطة رام الله ولو دون نتيجة والمكافأة المقترحة تتمثل في التطبيع وفتح الأجواء أمام الطيران والتبادل التجاري والقيام بزيارات وحتى الاستثمار. الطيبون من المواطنين العرب استبشروا خيرا بقول السيد عمرو موسى  بـأنّ المبادرة العربية لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد لأنهم اعتقدوا أن النظام الرسمي العربي رجع له رشده  واستعاد شيئا من الوعي ولكن غاب عنهم أن سحب المبادرة من فوق الطاولة ليس لإلغائها بل للتعامل معها تحت الطاولة.  
 
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 87 بتاريخ 29 ماي  2009)


الفاكس : 71744721  
تونس في 19/05/2009   بوراوي الصادق الشريف، مقاول بناء، نهج 8225 عـ7ـدد حي خضراء السادس-تونس الجوال : 661 604 98 / 528 540 21 E.mail : bourawichrif@gmail.com   إلى سيادة رئيس الجمهورية « دام حفظه »  

الموضوع : تذكير  لمئات العرائض الموجهة إلى الجناب لرفع المظالم القاهرة عليّ، سببها مطالبتي بحقوقي خمسة سنوات بدون بطاقة تعريف وطنية منعوني من استخراجها. هذه العريضة تؤكد إلى الجناب صحة أقوالي وضياع حقوقي تعمّد إخفاء الحقيقة على سيادتكم رئيس مكتب الضبط الرئيسي.

 


سيدي  الرئيس، كنت  قد وجهت إلى سيادتكم هذه العرائض المذكورة وبحوزتي جميع الأدلة ولكن تأكد  لي وان عرائضي لم تبلغ إلى الجناب أبدا لأنكم تميزتم بالوقوف بجانب المظلومين و المقهورين. سيدي الرئيس تأكد لي عدم وصول عرائضي إلى الجناب يوم 09 ماي 2009 كنت قد اتصلت هاتفيا بمكتب الضبط بالقصر الرئاسي فوقعت إجابتي وكأن المسألة فيها سر خطير جدا لا يقبله العقل وتقشعر له الأبدان من رئيس مكتب الضبط بالقصر الرئاسي، حيث أبلغوني حرفيا  » لم تصلنا أية عريضة منذ شهر سبتمبر 2008 إلى اليوم » أسباب إخفاء هذه العرائض المذكورة على سيادتكم من طرف رئيس مكتب الضبط الرئاسي أخفى 14 عريضة عن سيادتكم الآتي ذكرها بهذه العريضة. للمعرفة ما هو مآل العرائض وأنا بحوزتي جميع العرائض الموجهة إلى الجناب إلى حد هذه الساعة بالدليل والحجة ؟؟ سيدي الرئيس ، العرائض التي وجهتها إلى سيادتكم بعد التاريخ المذكور سبتمبر 2008 بالحجة : الأولى : 10/10/2008  / الثانية : 17/10/2008  / الثالثة : 20/11/2008 / الرابعة : 16/12/2008 الخامسة : 06/01/2009  / السادسة : 28/04/2009 / السابعة : 30/04/2009 / الثامنة : 09/01/2009 التاسعة : 16/01/ 2009 / العاشرة : 21/01/2009  / الحادية عشر : 29/01/2009 الثانية عشر : 17/02/2009 / الثالثة عشر : 25/03/2009 / الرابع عشر: 06/04/2009 / الخامس عشر:16/05/2009. سيدي الرئيس تأكد لي وان مكتب الضبط الرئاسي أراد قبر جميع حقوقي وهذا بالدليل والحجة  أدلي بها إلى الجناب  خلف العرائض الموجهة إلى السيد وزير الداخلية وإلى السيد وزير العدل والسيد المدير العام للأمن الوطني ونسخ منها تم توجيهها إلى سيادتكم وكلها بالدليل وبمكتب الضبط الرئاسي بالتحديد. الرجاء كل الرجاء سيدي الرئيس النظر في المظالم القاهرة المسلطة علي بدون أي مبرر أو جرم اقترفته لسبب مطالبتي بحقوقي التي لا رجعة فيها مهما كلفني الأمر يا سيادة الرئيس « الحق يعلو ولا يعلى عليه وإن الله مع الصابرين ». سيدي الرئيس، ستوجه إلى الجناب هذه العريضة  عن طريق السيدة ليلى بن علي حرم سيادتكم  – عن طريق السيد الوزير الأول – عن طريق السيد رئيس مجلس النواب  – عن طريق السيد عبد الكريم عزيز المستشار الأول المكلف بالمناضلين – عن طريق السيد الهادي مهني المستشار الأول المكلف بالشؤون السياسية وحقوق الإنسان – عن طريق الموفق الإداري – عن طريق السيد الأمين العام للحزب – عن طريق السيد رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان – عن طريق السيد رئيس مجلس المستشارين  وإلى كل رؤساء الأحزاب السياسية عن طريق جميع الصحف المقروءة والمرئية عن طريق كل الجهات القادرة على إيصال صوتي إلى سيادتكم. الرجاء إنصافي وأنا من مواليد 15/05/1943 أي 66 عاما في دولة العدل والقانون وحقوق الإنسان فالرجاء سيدي إعطاء إذن سيادتكم للاطلاع على العرائض المذكورة وأنا رهن إشارتكم في أي لحظة لمساعدتكم للوصول إلى الحقيقة، فمن لا يريد معرفة الحقيقة لا ضاع حق ورائه طالب وأنّ الله مع الصابرين يا سيادة الرئيس ؟! ولكم جزيـــــــــل الشكر والاحتــــــــــرام والتقدير والســـــــــــلام الإمضاء بوراوي الصادق الشريف


« حق العودة » التونسية (مساهمة في نقاش) الجزء الثاني


1 – المهجّرون إسلاميون أم تونسيون؟ تردّد السلطة التونسية، أن الذين يطالبون بحق العودة ليسوا سوي مجموعة من الإسلاميين الفارين من العدالة، وأنهم ارتكبوا جرائم حق عام وجب معاقبتهم عليها كغيرهم من المواطنين التونسيين، وتضيف أن حق العودة مكفول، وليس هناك قضية تسمى حق العودة، وأن هذا الادعاء هو عملية سياسية لبعض المتطرفين وأكبر دليل على ذلك عودة العديد من المغتربين دون أن تطالهم ملاحقات. « يؤكِّـد السيد برهان بسيس من جهته، أنه لا يعتقد بأن مسألة العودة «تشكِّـل مِـحورا للنقاش يمَـس جوهر المسألة السياسية في تونس»، وأنه «لا يختلف اثنان في أن مِـن حقّ التونسيين المقيمين خارج البلاد لأسباب شتى من العودة إلى بلادهم متى شاءوا»، والمشكلة من وجهة نظره تكمُـن في أن «من يمسكون بالجهاز التنظيمي في الخارج لحركة النهضة، غير المُـعترف بها، يعملون على تحويل هذه القضية إلى مِـلف سياسي وجزء من مقايضة، ولو على حساب مصالح الأشخاص وحقوقهم الطبيعية» » (صلاح الدين الجورشي، من التجربة التونسية: انقسام الإسلاميين حول مسألتي العودة، 13 جويلية 2008). كما أن التصريحات الرسمية هي ذاتها نفس التصريحات لم تتبدّل فقد أكد وزير العدل على أن « التونسيّون الموجودون بالخارج والّذين يُعتبرون أنفسهم مُبعدين ويتحدّثون عن حق العودة، نقول لهم تونس مفتوحة لكلّ التونسيّين دون استثناء، ومن صدرت بحقهم أحكام فإنّهم إمّا وقد انقضت العقوبة بمرور الزمن أو أنّ عقوبتهم لم تنقض بعد وهو ما يستلزم إجراءات قضائيّة في الاعتراض » (وزير العدل التونسي « السياسية » (اليكترونية – تونس) بتاريخ 26 ماي 2009) هذا الموقف مبنى على ثابت للنظام التونسي والمتمثل في نفيه الدائم لأية انتهاكات يقوم بها ضد النشطاء السياسيين وسواهم ،ولكن الغاية المباشرة بقول السلطة أن الذين يطرحون هذا الملف هم إسلاميون تعود لمخططاتها البوليسية لمواجهة هذه القضية أي حق العودة، والمدخل هو حصرها في الإسلاميين والمتطرفين منهم، وهو في سياق دعاية منظمة لزرع الفزّاعة أو « الغول الإسلامي » حتى يبقى مغيّما ومبررا لحملاتها الأمنية، فتجد المبرّرات أمام أيّة جهة ناقدة أو مساندة لهذا الموضوع وبالتالي سوف يكون جوهر خطابها الدعائي ضد مؤتمر حق العودة من هذه الزاوية. إذا الدعاية التي توجهها السلطة هي عملية ديماغوجية لخدمة مصالحها السياسية والإبقاء على ملف الحريات والسلطة بشكل عام حكرا عليها ومواجهة دون ذلك بالسيطرة. من جهة ثانية يروّج بعض الإسلاميين أن هذه المحنة أي اللجوء، هي محنة للإسلاميين، وتدور تحليلاتهم حول نقطة واحدة ووحيدة هي أن الإسلاميون هم الأكثر اضطهادا في تونس، وهم الذين يدفعون ضريبة ذلك حتى أن بعض الكتابات ذهبت إلى اعتبار الغاية من ذلك تتجاوز المسألة السياسية لتطال المعتقد حيث أن الهجوم يتم على الإسلام ومن يحمل لواءه. يعود هذا الموقف إلى قسمين فهناك من يردّد ذلك لغاية سياسية واضحة وهي وضع المعركة الداخلية والخارجية بين طرفين أساسيين وهما السلطة من ناحية وضحايا السلطة مقابل ذلك، وهؤلاء الضحايا هم الإسلاميون. وأن الصراع يدور بين قطبين أساسيين وما تبقي فهو على الهامش. أما القسم الثاني فهو تعبير إيديولوجي يحوم وسط دائرة لا ترى في التاريخ التونسي إلا « أهل البيت » منهم وهي قليلة المعلومات والمعطيات والتطورات التي تحدث صلب حركة المجتمع والحركة السياسية التونسية وهي ترى أن مواجهة السلطة للمجتمع وحركاته بدأت وتواصلت مع الإسلاميين ولفك هذه المأساة يجب أن يكون الطرفان الأساسيان هما المطروح عليهما فض هذا الصراع، إمّا عبر إزالة هذا لذاك أو تنازل هذا الطرف لذاك عبر المصالحة. أعتبر أنّ ملف اللاجئين المهجرين ليس ملفا إسلاميا من الناحية الواقعية وأنّ كلى الموقفين أي موقف السلطة وموقف بعض الإسلاميين باختلاف الواقع والمواقف والغايات ليس بالصواب بل دعاية ديماغوجية أو هي مقاربات سطحية تقف عند الظاهر المشوّه، والمعطيات الانتقائية، وفي غالب الأحيان لغايات مختلفة بما فيها من أحكام ذاتية. لذلك أودّ تقديم جملة نقاط تجعل كلا الموقفين مدحوضين. 1 – موضوع المهجرين في تونس ليس مرتبط باللحظة الراهنة فقط بل هو موضوع له جذوره وله مخلفاته من الضحايا الذين لا بد من ردّ الإعتبار لهم منذ العهد البورقيبي وهم يمثلون عدة اتجاهات سياسية وإيديولوجية وفكرية عبر مراحل مختلفة،كما أن لكل مرحلة خصوصية تنعت بها ومن بين تلك الخصوصية أنه في كل فترة نجد أغلبية من المهجرين قريبة لاتجاه فكري وسياسي ما. 2- هذا الماضي لا يطال المجموعات السياسية وأصحاب الرأي فقط بل طال مواطنين كذلك. 3 – المهجرون في عهد بن علي هم أغلبية من الإسلاميين. 4 – خارطة التوزع السياسي لهؤلاء تغيّرت خلال السنوات الأخيرة بحكم الواقع المتغير، ففيهم من ترك الشأن العام، وفيهم من غيّر انتماءه السياسي، وفيهم من أعلن عن استقلاليته عن التنظيمات السياسية، وفيهم من التحق بصف النظام، وفيهم من عقد اتفاق مع الجهات الأمنية التونسية لترتيب عودته وقد عاد. 5 – في صلب الحركة الإسلامية هناك من ينتمي إلى حركة النهضة وهناك من ينتمي إلى حزب التحرير وهناك من يتبنى الأطروحات ولكنه غير منتظم علاوة على عدد من العناصر التي تحمل ذات الايدولوجيا ولكنها مهجّرة لأسباب أخري منها التحاقها بالعراق أو أفغانستان أو البوسنة والأمثلة تطول لذلك كل مهجر يحمل بين طياته قصة بأكملها تتجاوز مساحة انتماءه. 6 – خلال السنوات الماضية ازداد عدد المهجرين من انتماءات مختلفة منهم عناصر من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ومنهم من هم قريبون من حزب العمال الشيوعي التونسي ومنهم من عناصر الشيوعيين الثوريين (التروتسكيين) وكذلك قيادات لجمعيات حقوقية ولنقابيين ومناضلين في الحركة الاجتماعية. 7 – على إثر قدوم الانقلاب كان عناصر من اللاجئين كوادر سياسية عليا في النظام السابق كمجموعة محمد مزالى وغيرها. هذه المعطيات تؤكد أن هذا الملف ليس خاصا بالإسلاميين بل يشمل المواطن التونسي الرافض والمعارض من السياسيين والنقابيين والجمعياتيين والمواطنين العاديين لأسباب مختلفة، والدفاع عن حق العودة اليوم هو دفاع مبدئي يرفعه المناضلون بكل صدق ومبدئية حتى يعبّر عن تاريخ تونس وتاريخ الكفاح ضد الدكتاتورية وان ادعاءات السلطة ليست إلا ذرا للرماد على الأعين وأن ادعاء بعض الإسلاميين ليس بصحيح وأنه ليس لمصلحة النضال من أجل الانتقال الديمقراطي وفض ملف الانتهاكات وإعادة الحق لأصحابه متصل بالتونسيين بكل انتماءاتهم وتعبيراتهم، إنهم مواطنون تونسيون يكافحون من اجل بلدهم وليس فئة ضد فئة. إن الرد الواضح على أن الدرس الذي تعلمه الجميع هو الدفاع بكل مبدئية عن المواطن التونسي قبل أيّة حسابات خاصة بالانتماء السياسي وأن النظام على مرّ السنين كان يؤلب التونسي على التونسي باسم هذا الفريق ضد هذا الفريق. إن هذا الإقرار هو الذي يعكس الواقع ولا يزيّفه كما أنه لا ينزع صفات الناس عنهم ولا يلغى أطروحاتهم ولا ينقص من كبريائهم أو تضحياتهم لأنه إقرار الاعتراف بالآخر المختلف أو المضاد بأن له دورا قد قام به وأنه لا يزال يكافح من أجله والذي بدوره يساهم في الدفاع عن المشترك ضد الجريمة المنظمة من قبل الدولة وحزبها. 2 – العودة، من الطاعة إلى التحدي. العائدون بالفعل هزّ موضوع العائدين عدّة تفاعلات في أوساط المهجّرين، ولقد تعددت الآراء بين المخوّن لهم والمدافع عن نفسه، بين مهاجم للسلطة التي تمكنت من التوصل إلى فض بعض الملفات عبر طريقتها باتصالات مباشرة، وبين مهاجمين لتيار سياسي بعينه باتهامه بمحاولة المناورة المستمرة بهذا الملف أو التحكم فيه ليكون ورقة ضغط خاصة بحساباته. وإذا ما دققنا النظر في الحالات العائدة فإننا نجدها عانت من التهجير لسنوات تتجاوز الخمسة عشر عاما من غربة عن الأهل والبلاد. ولكن تميّزت عودتهم هذه بالنقاط التالية:  أن كافة العائدين تحصلوا على جواز السفر التونسي عبر محادثات واتفاق أمني مباشر يضمن لهم العودة دون ملاحقة أو معاقبة مقابل مطالب أصبح بعضها معلوم وبعضها لا يزال مكتوما.  أن مغلب من كانت لديه قضايا عالقة تم تسويتها عبر حضوره إلى المحكمة والحكم عليه بتأجيل التنفيذ كما أنهم جميعا تخلوا عن حقهم في المشاركة السياسية أو النشاط المعارض للنظام وهو ما يبدو إلى حدود اللحظة للعيان وفيهم حالات انبرت تدافع عن النظام بشتى السبل وحاولت أن تلعب دور « الخدمة » للنظام عبر محاولة ترويض بعض العناصر وإقناعها « بديمقراطية النظام » وأن « الأمور تغيّرت في تونس » وأنهم « ذهلوا لما رأوه من تقدم في جميع المجالات ».  أن جميعهم تقريبا لم يستقر في تونس بل تحوّل من مهجّر إلى مهاجر. يبدو أن هذه الاستنتاجات كلها سلبية وسلبيتها تكمن في أنها استنتاجات متصلة بخلفية فكرية وسياسية مناهضة للحكم وتعمل على عودة دون هذه العودة وفي الحقيقة فأنني من بين من يسند هذه الاستنتاجات. ولكن هذا لا يعني من أنه ليس هناك استنتاجات أخري مثل أنهم تمكنوا من العودة في ظل واقع كان من الممكن ألا يعودوا في ظله ثم أن ما كان عالقا في ذمتهم من قضايا قد فضّ، كما أنهم تمكنوا من إحداث مصالحة مع أهلهم وذويهم وقدموا لأبناءهم فرصة العيش الطبيعي وغيره من الاستنتاجات المتصلة بالأبعاد الذاتية خاصة. إذا كان هناك استنتاجات متضاربة حد التضاد من هذه المسالة فكيف يمكن تحديد نقطة للنقاش؟ أعتقد أن هذه النقطة وهي الأساسية تكمن في الموقف من السلطة، من هذا الحكم وهي نقطة الفرز الحقيقية. ولكن ماذا يعنى ذلك؟ النقاش الذي دار بين العائدين وسواهم حام حول حق العودة الفردية أو « الخلاص الفردي » وبين فكرة العودة الحزبية أو السياسية. ويبدو أن الفرق بين هذين الاختيارين أن الأول يعني عودة خاضعة لشروط السلطة التي لا تريد التعاطي مع ملف جماعي أو سياسي وإنما حاولت اختراقه عبر الحالات الفردية أو ما تسمّيه بـ »الحل الإنساني » وبين مهجّرين يرون أن الملف هو بالأصل سياسي ولابد أن يكون له حل جماعي لذلك سادت حالة من التوتر بين الطرفين. أعتبر أن الموقفين خاطئين لأن موقف « الخلاص الفردي » من المفترض أنه ينطلق من فرضية أن هناك اتفاق جماعي على البقاء في المهجر وأن هناك خلاص جماعي أما دونه فهو الخيانة بعينها، ولكن إلى حدود علمي أن الضرورة هي التي حتمت على هؤلاء التونسيين التواجد على أرض الغربة وبشكل فردي وليس جماعي وأن الغربة ليست حالة تعاقدية بين جماعة وإنما هي قرارات فردية تتخذ بكل حرية من الفرد ذاته وكذلك العودة هي قرار فردي لا أحد له الحق في التدخل فيه حتى لو كان مآله واضحا وهو السجن مباشرة.. بذلك لا يمكن لأيّ كان تخوين العائدين تحت أية ادعاء انه من حقهم العودة كما اختاروها هم. أما القول بأن موقف مغلب العائدين موقف مساند للدكتاتورية ويجعلهم خدما في ركابها فهذا لا يعني بالمرة أن نعترض على حقهم في العودة ولا نشترط أن يكون موقفهم ثوريا وجماعيا أو هم خونة ومتآمرون لأنهم قبل كل شيء لهم حرية الاختيار فيما يفعلون خاصة أنهم قدموا تضحيات واختاروا العودة على طريقتهم فهذا شأنهم وكونهم غيّروا مواقفهم السياسية فهذا شيء ثان. كما أعتبر أن موقف العودة الجماعية أو السياسية أو التنظيمية هو موقف خاطئ لأنه ليس من حق أيّة مجموعة أن تتحكم في مصير شخص بإلزامه بدعوى سياسية أو إيديولوجية اختيار العيش في الغربة حتى يتم التوصل إلى حل شامل. كما لا يوجد أيّ حزب أو منظمة ينصّص نظامها الداخلي أو قانونها الأساسي على أن قرار العودة هو قرار جماعي أو مشروط، ولكن هناك التزام بالموقف السياسي أو غيره من المواقف التعاقدية، والحال أن الغربة ليست حالة تعاقدية بالمرة. فمثلا صراعنا مع العناصر التي عادت إلى تونس وأصبحت تدافع عن النظام، نصارعهم ليس على قاعدة عودتهم من عدمها وإنما لأن موقفهم السياسي يدافع عن الجلاد وعن هذا النظام البشع. إننا نقف إلى جانب مطلب حق العودة وأن تكون هذه العودة شاملة والشمولية هنا لا تعني أن يكون الجميع في حافلة واحدة أو طائرة واحدة ربما لأنها ضيقة لا تسعنا جميعا، بل شاملة بمعنى أن يكون القرار السياسي الذي يجب على السلطة التونسية أن تقره يكون شاملا، أي يتمتع به الجميع دون شروط مسبقة ودون تفرقة أو تمييز والذي بموجبه يتم فض هذا الملف نهائيا وأعتقد أنه إما أن يكون العفو التشريعي العام أو نظام آخر دون هذا الذي يحكم الآن ويقر بحق الجميع في العودة. لطفي الهمامي باريس : 30 ماي 2009 « حق العودة » التونسية (مساهمة في نقاش) – الجزء الأول
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 1 جوان  2009)


القرصنة الإلكترونية ضد موقع « تونس أونلاين »: تدشن طورا جديدا في الأسلوب والوسائل


يبدو أن المجهود الإعلامي المتواضع الذي يساهم به موقعنا « تونس أونلاين » -رغم حجبه عن زواره في تونس منذ الأسبوع الأول من انبعاثه- في فضح الظلم و القهر والاستبداد المسلط على شعبنا بات يشكل بالفعل هاجسا ً أمنيا ً يقض مضاجع أعداء الكلمة الحرة والإعلام المعارض النزيه. فبعد المحاولات الفاشلة في اختراق الموقع وتدميره واسكاته بصفة نهائية، تطور الأمر إلى تهديدات كثيرة تصلنا على البريد البريد الإلكتروني للموقع، بعضها يهدد بأنه قادر على تدمير الموقع ما لم نمنع كتاباً محددين من الكتابة فيه، وبعضها الآخر كان يهدد بالتعرض لنا بصورة شخصية. كل هذا لم يزدنا الا إيمانا ً وإصرارا ً على المضي في طريق النضال بكلمة الحق .. الكلمه المنيره .. والكلمه الكاشفه .. والكلمه الفاضحه .. والكلمه الساخره ! على السواء !.  لم يكتفي القراصنة « زبانية النظام التونسي » بهذه العمليات الفاشلة التي نتعرض لها يوميا، بل عملوا على تطوير أساليب جديد أكثر قذارة و دناءة، تتعدى الضرر الشخصي الذي يصيب الموقع أو يهدد القائمين عليه في أشخاصهم، إلى أساليب تلحق الضرر بزوار الموقع. منذ ما يقارب الأسبوعين عمد « قرصان »- توصلنا بفضل مجهود جبار قمنا به من التعرف على هويته الإلكترونية- من دسّ « كود استخباري خبيث » يقحم نفسه في ملفات الموقع يطلب من المستخدم عند النقر على أحد ايقونات الموقع، تحميل برنامج يقوم بتحديث متصفح الإنترنات لديه، وبسرعة عجيبة يفتح ملف عليه تحذير من « فيروسات خطيرة تحمل العناوين التالية: – Trojan – IM Win32.Faker.a – Virus. Win32 Faker.a – Trojan.PSW.BAT.Cunfer بعد أن قام « القرصان » بفعلته الدنيئة، راسل محرك البحث « جوجلي » وأعلمه بأن موقع « تونس أونلاين » يهدد زواره بالفيروسات وطلب منهم حجبه. بناء على ذلك قام محرك البحث « جوجلي » بفحص الموقع وأعلمنا من خلال رسالة إلكترونية بحجب الموقع مؤقتا إلى أن يتم تفادي الخلل الموجود به. هذا الابتكار الجديد في عالم القرصنة الإلكترونية والذي استعمل طيلة الأسبوعين الماضيين يوميا ضد موقعنا »تونس أونلاين » يستهدف ازعاج المستخدمين للموقع وترهيبهم ودفعهم إلى عدم زيارته ثانية. بالطبع لن يفت مثل هذا الإسلوب في عزيمتنا ولن ينال من معنوياتنا بل والحق الحق أن مفعوله في نفوسنا على العكس تماما ً فهو يؤكد لنا أن ضرباتنا التي نوجهها إلىدولة القهر والاستبداد مؤلمه وموجعة وأننا بالتالي نسير في الإتجاه الصحيح … وهكذا وكلما قاموا بعمل تخريبي وقرصني ضد موقعنا إزددنا إيمانا ً وإصرارا ً على المضي في طريق النضال بكلمة الحق. ونحن إذ نعلن عن تعرض موقعنا العزيز (تونس أونلاين ) لهذا العمل التخريبي القرصني نعتذر لكل من تعرض جهازه إلى أذى بسبب زيارته إلى موقعنا، كما ندعوهم إلى المزيد من الالتفاف حوله و المساهمة فيه. ولا ننسى في أن نتوجه بالشكر الجزيل إلى الأخ الخبير في علوم المعلوماتية على المجهود الذي بذله طيلة الأيام الماضية. كما نهيب بكل من يلاحظ خللا في الموقع أن يعلمنا بذلك على البريد الإلكتروني للموقع. أما رسالتنا إلى القرصان فهي: لقد تركتَ الكثير من المعلومات عنك وهي محفوظة لدينا وستقدم في شكاية قضائية ضدك في البلد المستضيف للموقع. info@tunis-online.net www.tunis-online.net <http://www.tunis-online.net/> (تونس أونلاين. نت في 1 جوان 2009)


رد على بيـان فعلا … هبّت رياح التغيير لكن ليس كما تشاء …


طالعنا الأستاذ ( أبو الوليد) كعادته بشطحاته وافتراءاته عبر الواب ( منتدى الديمقراطية النقابية والسياسية) بمقال جديد تحت عنوان  » المؤتمر التأسيسي لنقابة المتقاعدين  » مؤتمر الشرفاء » ينعى فيه حرّية العمل النقابي وديمقراطيته واستقلاليته متهما أعضاء من المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت بتدجين العمل النقابي بالجهة ، الشيء الذي حتّم علينا الرد وفضح البعض من مغالطاته وافتراءاته وطعنا في ما كتبه شكلا ومضمونا . من ناحية الشكل : أولا : النقابي جريء بطبعه ولا يخشى لومة لائم وكان على صاحب المقال إن كان نقابيا حقا أن يمضي مقاله باسمه  .                      ثانيا : النقابي الحق يطرح تساءلاته أو ملاحظاته داخل الأطر القانونية للمنظمة وليس عبر مقالات صحفية أو غيرها . من ناحية المضمون : * الانخراط بالمنظمة النقابية مضمون لكل العمّال المباشرين والمتقاعدين منهم مهما كانت انتماءاتهم السياسية ولا يجوز قانونا إقصاء أي  طيف سياسي في انخرط عناصره بالمنظمة مع حرية التعبير داخل الأطر النقابية بكل ديمقراطية وبالأغلبية . * استغرابنا لما ادّعاه صاحب المقال بمنح حوالي 300 تحمعي بطاقات انخراط بالمنظّمة مجانا فمن يا ترى دفع مبلغ 1.800.000 د معلوم البطاقات والحال أن الانخراط شخصي وأسماؤهم مسجلة لدينا . * ادعاءه بترجيح كفّة القائمة التجمعية 7/7 فكل النقابيين بالجهة خبروا هؤلاء النقابيين منذ سنوات وتحملوا المسؤوليات النقابية بكل مسؤولية ونضالية خاصة وقت الأزمات والراوي يجهل ذلك ، فكيف يعقل أن يسجن البعض منهم في أزمة 85 من أجل انتماءهم للمنظمة والمدافعين على استقلاليتها ورفضهم التدجين ( حسونة بولعراس المناعي ، محمد الحبيب القلي ومحمد التبرسقي) وتقع مضايقة الأخ بلقاسم الماجري المداحي من طرف أعوان الأمن يوميا في نفس الفترة ، أما عادل عتيق العضو الحالي للاتحاد الجهوي والأخ يوسف بن زيتون العضو السابق للاتحاد الجهوي فهما يتحملان تلكم المسؤولية منذ سنوات فكيف نطعن اليوم في سلوكهما والمؤتمرات المتتالية تنتخبهما سواء أكان ذلك بقطاعاتهما ( المعادن) أو بالاتحاد الجهوي أما بخصوص الأخ محمد الهمامي فهو من قطاع الرصيف وعضو ناشط منذ سنوات في الحقل النقابي . فنتبين من هذا السرد لزيف كاتب المقال ولتحمل كل أعضاء المكتب المنتخب يوم 09/5/2009 المسؤوليات النقابية بكل شرف وأمانة ونضالية لسنوات والقاعدة رجحتهم على غيرهم في قطاعاتهم وبالاتحاد الجهوي ، والنضالية النقابية ليست بالفوضى الخلاّقة أو بالتنظير البيزنطي أو بالتشويه والافتراء على الغير وتفرقة وحدة النقابيين . نعم ستحقق رياح التغيير بعض أمال وانتظارات النقابيين بالجهة بتطبيق القانون الأساسي والنظام الداخلي لمنظمتنا العتيدة الاتحاد العام التونسي للشغل بكل حزم وفضح ممارسات البعض ممّن يدّعون زورا التقدمية والنضالية و …   الكاتب العـام للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت لطفـي الشيـخ
 

التوضيح

هيلاري ودير شبيغل وما بينهما بايدن مقال نشر بالقدس العربي للزميل مالك التريكي في عموده الأسبوعي وهو ليس مقالي. وجب التوضيح لإدارة الموقع ومتصفحيه. مع جزيل الشكر، بسام بونني
 

ملاحظة أسرة تونس نيوز

إذ نشكر الزميل بسام على لفت الإنتباه للخطإ الحاصل فإننا نذكر القراء بأنه وقع إصلاح الأمر على صفحتنا معتذرين لقرائنا وإلى صاحب المقال والصحيفة الناشرة للمقال راجين من زملائنا وأصدقائنا المتعاونين معنا بمدنا بمصدر المقال وكاتبه وإن أمكن الرابط الكامل للمقال حتي لا يحصل الإلتباس وينسب المقال المرسل إلى مرسله وشكرا على التعاون


المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام تحركات احتجاجية منها الإضراب على خلفية عدم التوصل إلى اتفاقات


تونس/الوطن  لوّحت بعض القطاعات في الاتحاد العام التونسي للشغل بشن تحركات احتجاجية منها الإضراب على خلفية عدم التوصل إلى اتفاقات في المفاوضات الاجتماعية. ومن ضمن هذه القطاعات قطاع  الاتصالات والبريد والتطهير و الصناديق الاجتماعية والتجهيز. ففي خصوص قطاع الاتصالات والبريد أعلن  النقابيون مبدأ الدخول في اضراب لمدة يومين (26 و27 ماي) وذلك بعد تعطل المفاوضات رغم الجلسات التي انعقدت لتقريب وجهات النظر. وكان قطاع الاتصالات والبريد شن إضرابا عن العمل لمدة يوم واحد قبل أسابيع.   أمّا في قطاع الصناديق الاجتماعية فإن الأعوان لوّحوا بشن إضراب يوم 3 جوان المقبل وذلك بعد عدم التوصل إلى اتفاق  بشأن الزيادة في أجور العاملين في الصناديق الاجتماعية. وقالت مصادر نقابية « إنه بالرغم من التقدم المسجل في بعض النقاط الا أن الطرف النقابي تمسك بموقفه والقاضي بالزيادة في أجور أعوان الصناديق الاجتماعية بنسبة 7بالمائة » .   وفي قطاع التجهيز أصدر عمال الديوان الوطني للتطهير قبل أيام  برقية إضراب بسبب  عدم وجود نتائج إلى حد الآن في المفاوضات مع الجهات الإدارية.   وكذلك الشأن في قطاع المياه، فمن المفروض أن المجلس القطاعي للنقابة العامة للمياه قد انعقد يوم أمس الخميس 26 ماي  ونظر بالخصوص في تعثر المفاوضات  في الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه .   ورغم أن عديد المصادر النقابية تتحدث عن إمكانية التوصل إلى اتفاقات قبل الدخول في هذه التحركات الاحتجاجية ، فإن ما يحصل يبين أن هناك مشكلة فعلية في المفاوضات الاجتماعية في القطاع العام وأن التباين في وجهات النظر بين الطرف النقابي والطرف الإداري مازال « شاسعا » .  وقالت مصادر مهتمة بالشأن النقابي إن تواصل الأمر على هذه الحال قد يدفع للتدخل من الجهات العليا .
 

(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 87 بتاريخ 29 ماي  2009)


أهميّة الاستحقاق السياسي القادم في تونس زمــنــــــــا ومقـــــــــــاربــــــــة


بقلم صالح التايب     لم يعد يفصلنا الكثير من الوقت على موعد الاستحقاق السياسي القادم الذي سوف تشهده تونس خلال شهر أكتوبر وهو حدث هامّ بمقاييس عديدة. 1 – لأنه يشمل الحراك الذي سيحدثه في أهم المؤسسات السيادية (المؤسسة الرئاسية والمؤسسة التشريعية). 2 – لأنه سيشكل اختبارا لأحزاب المعارضة أساسا وكذلك للحزب الحاكم وعن مدى قدرتهم على الانتشار كمّا ونوعا وعلى استنباط برامج تعالج القضايا المطروحة وطنيا كما يكشف أيضا مدى تمثّلهم بمنهج التعدّديّة سلوكا وخطابا. 3 – لأنه يأتي إستكمالا لمشوار طويل من الخيار التعدّدي ممّا يجعله محرارا لقياس مدى نضج هذا الخيار. 4 – لأن البرنامج الانتخابي الفائز سيصبغ البلاد بلونه على مدى الخمس سنوات القادمة. 5- لأنه يأتي أيضا في ظلّ منعطف تاريخي يمر به العالم ولّد وضعا مليئا بالتناقضات حتى تنغمس أكبر قوّة في العالم ومعها الحلف الأطلسي في حرب مباشرة في أكثر من مكان في الوقت الذي تئنّ فيه تحت وطأة أزمة مالية لم تشهد لها مثيل منذ 1929 هزّت بعمقها وأتّساعها كافة أرجاء المعمورة في حين يشير الوجه الآخر للصورة إلى تنامي المدّ القومي الاشتراكي في أمريكا اللاّتينية وإلى ارتفاع الدعوات المنادية بإعادة الدّور للدّولة في تصريف بعض القطاعات بلغ حدّ المناداة بالتأميم في اتجاه معاكس تماما لدعاة الليبرالية. أما عربيا فإنّ المشهد أكثر مأساوية حيث يعتري الناس الخوف من تشضّى الدولة الإقليمية تحت مظلّة حقوق الأقليات والمذاهب والطوائف ويتصاعد التطرف داخل الكيان الصهيوني في أجواء تشبه آخر أيام « دكلارك » في جنوب إفريقيا في ظلّ « نظام الأبارتايد » في وقت بلغ فيه الموقف الرسمي العربي حدّا من الخنوع تُرجم بتهنئة المجرمين الصهاينة بذكرى النكبة في محاولة يائسة من هذا النظام لاستجداء العدوّ بالحفاظ على مسار التفاوض الشيء الذي مهّد إلى انحسار في قوى الاحتجاج والمقاومة التقليدية لصالح التيار الأصولي مستفيدا من تعثّر برامج التنمية وعجزها عن التصدي للبطالة والفقر والأمية ، وممّا تقدّمه الآلة الإعلامية الأمريكية في هجمتها على أفغانستان والصومال والعراق وباكستان من مادّة إعلامية تجعل منه – في انتقائية محسوبة – عدوّها الأوحد. عطفا على ما سبق ذكره من أهمية لهذا الحدث في ظلّ المشهد العربي والعالمي المفتوحين على أكثر من احتمال تكتسب المستويات الآتي ذكرها أهميتها وجدواها ضمن أي مقاربة. 1 – المستوى الثقافي والسياسي: لا يمكن مواجهة هذه الظروف والتصدّي لها في غياب رؤية فكرية جامعة تأخذ بعين الاعتبار الواقع وتستشرف المستقبل مما يستدعي إعادة الاعتبار للميثاق الوطني بإعادة قراءته و تحيينه على ضوء ما هو قائم وعلى الاحتمالات الممكنة بحيث نتمكن من التأسيس لخطاب سياسي ذا مرجعية فكرية واضحة وعمل سياسي ثابت ينأى بنفسه عن التردّد والارتباك و يحدّد الثوابت التي لا محيد عنها تحت أي ظرف ويرسم المتغيرات التي يمكن التعاطي معها بمرونة. 2 – المستوى الإعلامي: يتيح لنا المرجع الفكري الآنف الذكر أنتاج خطاب إعلامي داخلي واضح يعبأ الناس حول القضايا الوطنية ويشدّ من عزمها للتمسّك بعرى التضامن الوطني ويعمّق الحوار في إطار من التعددية الملتزمة بالوحدة ويؤسس لخلق إنسان مدني متحضر، قيما وسلوكا، متجاوزا عن وعي ثقافة الاستهلاك وإعلام التجارة والابتذال أمّا خارجيا فيعطينا القدرة على تسويق أنفسنا بكل كبرياء كذات وهوية ملتزمة بما يحتمه الانتماء والمصير من حقوق وواجبات تجاه أنفسنا وتجاه العالم. 3 – المستوى التربوي والتعليمي: التعليم والتربية: من حيث إنهما استثمار في الإنسان بامتياز، وليس أي إنسان، إنّما إنسان الغد الذي نؤهله ليحمل مشعل الرسالة جيل بعد جيل ولكي يتم التواصل معه سلسا وألاّ يحدث انفصام فيه، يجب أن يحفر التعليم والتربية عميقا في النفس تثبيتا للهوية، ومن هنا يأتي الاهتمام باللغة العربية وتنزيلها المكانة التي تستحقها في برامج التعليم من المراحل الأولى إلى آخر المراحل فيه كمادّة أساسية لذاتها أو كأداة لنقل بقية العلوم، حيث يعاني التلاميذ والطلاّب ، إلاّ ما ندر، ضعفا كبيرا في امتلاك اللغة تحدّثا وكتابة، ويصل الأمر أحيانا إلى حدّ التلكّؤ في القراءة ممّا يستدعي إعادة الاعتبار إلى القراءة بالتهجّؤ عوضا عن القراءة الشمولية ولِمَ لا ردَّ الاعتبار للكتاتيب لما لها من دور مشهود في هذا الإطار وفي صقل مواهب النشء في رسم الخط الذي يشهد بدوره ميلا نحو الرّداءة في رسم الحروف وإعطائها أحجامها الحقيقية عند الكتابة. 4 – المستوى الاقتصادي والاجتماعي: بعد أن تجاوزت المضاربات الدّولية نطاق التجارة والصناعة لتستهدف حبّة الدّواء ورغيف الخبز، وسعيا وراء تأمين حاجاتنا من هذين المادّتين يتعيّن رسم سياسة فلاحية على أساس الإنتاج من أجل إشباع الحاجات الوطنية المتجدّدة فقط والتعويض عن الإيرادات من العملة الصعبة المتأتية من هذا القطاع بخلق بدائل أخرى وتكثيف الاستثمار في صناعة الأدوية ولو بتحفيز شركاء للانتصاب ببلادنا نظرا لما يتواجد عندنا من مزايا اقتصادية ويأخذ هذا التمشّي حجمه الحقيقي إذا اندرج في إطار تصور أشمل لسياسة اقتصادية يكون للدّولة فيها النصيب الأوفر من حجم الاستثمار والتشغيل وتنحو تدريجيا نحو الفكاك من كمّاشة الاندماج في السوق الدّولي باتجاه شراكة متكافئة مع المحيط العربي الإفريقي خاصّة إذا علمنا أن المواطن في تونس يخصّص قرابة 35% من دخله في الإنفاق على الغذاء وما يقارب 12% على العلاج، ممّا سيكون له انعكاس إيجابي على حماية القدرة الشرائية للطبقة الفقيرة والوسطى ومن ثمّة على التوازن الاجتماعي برمّته مع تعزيز ذلك أيضا بتنمية جهوية متوازنة تحدّ من النزوح باتجاه المدينة خاصّة في المناطق التي ترتفع فيها نسبة الحضر على الريف إلى ما فوق المعدّل الوطني وذلك بتنويع الأنشطة الاقتصادية بها حيث تشهد في معظمها تضخّما للقطاع الخدمي على حساب بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى.
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 87 بتاريخ 29 ماي  2009)  

رئيس تونس يتعهد بانتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة وديمقراطية

تونس (رويترز) – تعهد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاثنين بتوفير كل العوامل اللازمة لضمان اجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية شفافة ونزيهة هذا العام. وقال بن علي في خطاب بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاعلان الدستور التونسي « نغتنم هذه المناسبة لنؤكد حرصنا على ان تجري هذه الانتخابات في كنف الديمقراطية والشفافية التامة حتي يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم بكل حرية. » من المقرر أن تجري خلال شهر اكتوبر تشرين الاول المقبل انتخابات رئاسية وبرلمانية ترشح لها حتى الان خمسة معارضين اضافة للرئيس بن علي الذي يحكم البلاد منذ 1987. ويطالب معارضون الحكومة بتعجيل الاصلاح السياسي في البلاد وتحرير الاعلام من الهيمنة الحكومية وضمان انتخابات نزيهة وشفافة. لكن بن علي دعا ايضا « الاحزاب السياسية ومختلف الاطراف الفاعلة في المجتمع المدني الى العمل على انجاح هذه الانتخابات حتى تكون محطة سياسية مهمة ونقلة نوعية متجددة في المسار الديمقراطي التعددي. » وتمارس جماعات حقوق الانسان في الداخل والخارج ضغوطا متزايدة على السلطات في تونس لمزيد من الانفتاح السياسي وابداء مرونة أكبر في التعامل مع معارضيها. ويوم السبت الماضي طالب مصطفى بن جعفر وهو الامين العام للتكتل من اجل العمل والحريات المعارض وأحد المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة بضمانات حول استقلال السلطة القضائية وحرية الاعلام وانشاء هيئة انتخابية مستقلة لتنظيم الانتخابات للتأكد من نزاهتها. ومنذ يومين سمحت الحكومة لحزب التكتل من اجل العمل والحريات -الذي ينظر اليه على انه أحد أجنحة المعارضة الراديكالية- بعقد مؤتمره بمقر عمومي. كما حضر هذا المؤتمر ممثلون عن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في خطوة وصفت بأنها قد تؤشر لانفتاح أكبر على المعارضة. وفي تونس ثمانية احزاب معارضة صغيرة اضافة الى التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم الذي يستحوذ على 80 بالمئة من مقاعد البرلمان البالغ عددها 189 مقعدا.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ  1 جوان 2009)  

تونس: بن علي يدعو لإنجاح الانتخابات ويعد بنزاهتها الرئيس التونسي يتعهد بضمان نزاهة الانتخابات

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)– دعا الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الاثنين، الأحزاب السياسية في بلاده إلى العمل على إنجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها في أكتوبر/تشرين أول المقبل، متعهدا « بضمان نزاهتها وديمقراطيتها. » وقال بن علي، الذي كان يتحدث بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإعلان الدستور التونسي: « إننا ندعو الأحزاب السياسية ومختلف الإطراف الفاعلة في المجتمع المدني إلى العمل على إنجاح هذه الانتخابات. » وأضاف: « حتى تكون محطة سياسية مهمة، ونقلة نوعية متجددة في مسارنا الديمقراطي التعددي، خاصة وقد عملنا من خلال مختلف التعديلات التي أدخلت على المجلة الانتخابية، وآخرها تعديل 13 أبريل 2009 على ضمان المساواة بين المرشحين، وحسن سير العملية الانتخابية. » وقال بن علي: « نغتنم هذه المناسبة لنؤكد حرصنا على أن تجرى هذه الانتخابات في كنف الديمقراطية والشفافية التامة، حتى يتمكن الناخبون من اختيار ممثليهم بكل حرية، » وفقا لوكالة الأنباء التونسية الرسمية. وقد رشح خمسة معارضين أنفسهم للانتخابات الرئاسية، إضافة للرئيس زين العابدين، الذي يحكم تونس منذ عام 1987، في حين ستجري انتخابات برلمانية على 189 مقعدا. ويطالب المعارضون في تونس بتعزيز الحريات المدنية، وبدء عملية إصلاح سياسي في البلاد، وتحرير الإعلام من قبضة الحكومة، إضافة إلى تحسن أوضاع حقوق الإنسان، وإبداء المزيد من المرونة في التعامل مع المعارضة. وعن ذلك، قال بن علي: « لقد أعلنا في نص الدستور أن الجمهورية التونسية تضمن الحريات الأساسية، وحقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها، مؤكدين بذلك أهمية احترام هذه الحقوق. » وأضاف قائلا: « أعلنا أن الجمهورية التونسية تقوم على مبادئ دولة القانون والتعددية، وتعمل من اجل كرامة الإنسان وتنمية شخصيته. »
 
(المصدر: موقع س أن أن عربي بتاريخ 1 خوان 2009)


تعيين ممثلين للخطوط التونسيـة في الخارج

علمنا أنه تم تعيين السادة والسيدات الآتي ذكرهم ممثلين للخطوط التونسية في مكاتبها بالخارج: الدار البيضاء: لطفي الشرفي دمشق: كمال عبد النور أثينا: منتصر بنوني لندن: عائشة المهيري بامكو: فريد رابح بيروت: شرف الدين بالسعدي بلغراد: فاروق بن زينة روما: عواطف بن فقيه ليون: سارة مالوش زوريخ: يوسف الككلي مرسيليا: سعد الزرقاطي ميلانو: فخري بن شعبان
 
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 1جوان  2009)


خاص: يتطلب 400 ألف دينار على أقصى تقدير

مشـروع أوّل قمر صناعي تونسي جاهز للإنجاز القـمر ينتمي للجيل الحديث من الأقمار الصناعية وباحثون تونسيون أعدّوا كلّ تفاصيله تونسيون صنعوا هوائي طوله 3 صنتمترا قادر على تغطية كامل المغرب العربي وجنوب أوروبا الاستثمار في هذا القمر يمكن أن يدرّ على أصحابه أضعاف ما سدّدوه


تونس- الأسبوعي: في ظل الحديث المتواتر عن نزيف هجرة الأدمغة العربية إلى الخارج وما ينجرّ عن ذلك من خسائر فادحة على المستوى الاقتصادي خاصة… تتراءى لنا بين الفينة والأخرى نقاط ضوء مبهرة تخترق العتمة لتذكّرنا بقدرتنا على الإسهام الفاعل في صنع الحضارة الإنسانية..! احدى هذه النقاط انطلقت مؤخرا من تراب هذا الوطن وتحديدا من المدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس بمجهودات فريق بحث آمن بالتميّز فعمل على إنجاز مشروع أول قمر صناعي تونسي قد يفتح آفاقا واعدة في مجالات عدّة إذا ما وجد الدعم والتشجيع. لمزيد التعريف بالمشروع وبالكفاءات التونسية اللامعة التقت «الأسبوعي» الأستاذين شافع الحمروني وبلال ناجي للحديث عن أهم مكونات ومهام هذا القمر الصناعي. يتكون فريق البحث الناشط ضمن وحدة البحث العلمي للآليات الذكية بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس من السادة: محمد العادل العليمي مدير المدرسة الوطنية للمهندسين ورئيس جمعية الاتصال وعلوم الفضاء ـ فرع صفاقس، ومصطفى المصمودي رئيس جمعية الاتصال وعلوم الفضاء بتونس، وبلال ناجي رئيس فريق بحث ومهندس في أنظمة الإعلامية وشافع الحمروني باحث وخبير في الاتصالات وفدوى المهيري باحثة وعادل الشعري باحث. مكوّنات القمر الصناعي؟ « 1 »ERPSat هو قمر صناعي صغير الحجم (Picosatellite) في طور البحث طول ضلعه 10صنتم ووزنه كيلوغرام واحد يعتمد على أنظمة تكنولوجية حديثة ومتطورة وذكية تخوّل له القيام بمهام متنوعة في مدارات منخفضة يتراوح مستواها بين 200 و800 كلم وهو يتكوّن من خمسة أنظمة رئيسية ومتكاملة: – الجهاز المركزي للتحكم ومعالجة المعطيات: من خلاله يتم تبادل المعلومات مع بقية الأنظمة المكوّنة للقمر الصناعي. – جهاز اتصال: يؤمّن نوعين من الاتصال الأول بين المحطة الأرضية والقمر والثاني مع بقية الأقمار الصناعية المماثلة له. – جهاز الطاقة: يقوم بالتقاط الطاقة الشمسية وتحويلها إلى طاقة كهربائية ثم تخزينها في بطاريات. – جهاز التحكم في المدار: يعمل من خلال لاقطات ومحركات صغيرة الحجم على اصلاح مسار القمر الصناعي في مداره بطريقة آلية في صورة خروجه عن المسار المحدّد. – جهاز لقيس الطاقة المغناطيسية ودرجات الحرارة حول القمر. مهامه أعدّ فريق البحث مقالات تتناول ميكانيزمات عمل الأنظمة المكونة للقمر الصناعي كنظام التقاط الصور والهوائيات نشرت في عدد من النشريات العلمية العالمية ولاقت صدى طيبا وتشجيعا من قبل بعض الأسماء العلمية البارزة على غرار العالم التونسي في وكالة «النازا» الأمريكية وصاحب مشروع «الشاهد» محمد الأوسط العياري والأستاذ الألماني «كلاوس شيلينغ» والكندي «وليام كروفر» والتركي «سليمان باشتيرك». وتتلخص مهام هذا القمر الصناعي الذي صمّم بغرض البحث العلمي في النقاط التالية: – تبادل المعطيات بين القمر والمحطة الأرضية أو الأقمار المماثلة له. – توفير خدمة الأنترنات مهما تعدّدت الأمكنة (الطائرة – القطار – السيارة – السفينة…) للمستخدمين في مجال تغطية القمر الصناعي الممكنة. – دراسة المعطيات المناخية. – الاكتشافات الفضائية. أما اطلاق هذا القمر الصناعي وتركيزه في مداره بعد انهاء مرحلة التصنيع فيمكن أن يتم بطريقة غير مكلفة ماديا بواسطة مركبات فضائية أجنبية (في الهند أو روسيا مثلا) التي تستطيع أن تقوم بهذا الدور في طريق إنجازها لمهامها العلمية الرئيسية. نماذج محدودة وحسب السيد شافع الحمروني فإنّ هذا الصنف من الأقمار الصناعية بدأ إنجازه من طرف وكالة الفضاء الأمريكية النازا منذ 10 سنوات وقد تم انجاز الى حدّ الآن ما يناهز الـ 70 نسخة في العالم.. وهو رغم صغره يحتكم على تكنولوجيا جدّ متطوّرة ويمكّن من الاقتصاد في الكلفة بشكل واضح اذ يعمل بالطاقة الشمسية وهو على عكس الأقمار الصناعية التقليدية غير ثابت بل يقوم بما لا يقل عن 3 دورات حول الأرض خلال الـ 24 ساعة بما يمنحه مرونة أكثر وقدرة على تغطية فضاءات أرحب.. وشبّه محدّثنا هذا القمر بالتكنولوجيا التي شهدها استقبال البث الاذاعي فبعد ان كان الراديو عند صنعه ضخما أمكن بفضل ترانزيستور استقبال كل المحطات الاذاعية في العالم. قدرات فائقة وعن مهامه كذلك قال محدثنا أنه رغم حجمه الصغير فهو يحتوي على بطاقات الكترونية صغيرة لكنها جدّ متطوّرة كما يحتوي على هوائي صغير لا يتجاوز طوله الـ 3 صنتيمترا لكنّه قادر على تغطية أضعاف ما يغطيه الهوائي العادي.. فهو يغطي مساحة قطرها 20 ألف كيلومترا أي كامل المغرب العربي وجنوب أوروبا معا حيث يقدم معطيات دقيقة عن المناخ البحري والصحراوي.. عن درجة الحرارة.. عن التصحّر.. عن الرطوبة.. كما بامكان تبادل المعطيات عبر شبكة الانترنيت لوسائل النقل السيّارة على غرار الطائرة والقطار والباخرة والتي أصبحت جميعها مزّودة بشبكة الانترنيت التي تبيع خدماتها للمسافرين بما يعني أنه بالامكان بفضل ذلك القمر الصناعي بيع أصناف عدة من الخدمات إذ تكفي برمجة المعطيات من المحطة الأرضية ليتولّى القمر إسداء خدمة مطلوبة. في انتظار التمويل ومما يحسب لهذا القمر أنه سيكون صنعا تونسيا 100% وحتى الهوائي ورغم صغره ودقة ما يحتويه من تجهيزات فقد صنعته كفاءات تونسية غير أن بعض البطاقات الالكترونية الأم والمحرّك في حاجة الى اقتنائها من مزوّدين أجانب.. وهنا نفتح القوس حول مسألة التمويل إذ يتطّلب تصنيع هذا القمر ما يناهز الـ 400 ألف دينار.. لكن الطرف الذي سيموّله يمكن ان يسترجع أضعاف ما استثمره عند بيع خدماته.. فهل تتحرّك الجهات المانحة على غرار البنوك او الدولة لمساعدة هذا الفريق الذي فضّل البقاء في تونس رغم كل الاغراءات وأكّد لنا أن أجرتهم هو أن يروا القمر في مداره. أنور
 
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 1جوان  2009)

دون الإعلان عن القيمة المالية التونسي كريم حقي في هانوفر الألماني رسميا الإثنين 1 يونيو 2009م

 


تونس – سليم بوخذير وقّع كريم حقي نجم بارين ليفركوزين الألماني والمنتخب التونسي على عقد انضمامه رسميا لفريق هانوفر الذي يلعب بدوري البوندزليجا اليوم الإثنين، وذلك بعد مفاوضات كثيرة جاءت بين الجانبين. وقال حجي في تصريحات خاصة لمراسل mbc.net بالعاصمة تونس إنه اتخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، معبرا عن ارتياحه بالانتقال لناديه الجديد ومؤكدا أنه سيبذل قصارى جهده في تحقيق أفضل ما لديه مع هانوفر. وأحرز هانوفار المركز الحادي عشر في ترتيب البوندزليجا فيما جاء فريق ليفركوزين في المركز التاسع، وهو ما يؤكد أن الفريقين قريبين تماما في الدوري لكن حقي يرى أن فرصته ستكون أكبر في هانوفر. ويصل حقي مساء اليوم إلى مطار تونس-قرطاج الدولي للانضمام غدا إلى المعسكر التحضيري للمنتخب التونسي بمركز مدينة رادس للتدريبات، معبرا عن تفاؤله بالنصر في مباراة تونس والموزمبيق. وحقي من مواليد 20 يناير/كانون الثاني 1984، وهو ركيزة الدفاع في منتخب تونس في كبرى مغامراته الإفريقية والدولية. من جهة ثانية يجري منتخب تونس مباراته الهامة بستاد رادس أمام منتخب موزمبيق السبت المقبل، وذلك في إطار الجولة الثانية من مباريات المجموعة الثانية من التصفيات الإفريقية المزدوجة للمونديال وكأس إفريقيا 2010. ومن المنتظر أن يدير طاقم تحكيم توجولي المباراة بقيادة الحكم كوكو دجاوبي وبمساعدة بياجي دجوكيرى وماتياس ايينا نوانييون. (المصدر:موقع ال م ب س الإلكتروني بتاريخ 1 خوان 2009 ) http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.ff2c047b71869fec9318c4cd480210a0/?vgnextoid=858863925fc91210VgnVCM1000008420010aRCRD&vgnextchannel=8f497fb9d32ee010VgnVCM100000f1010a0aRCRD&vgnextfmt=mbcArticle  


 المشهد السياسي في تونس نحو إعادة بناء « العقد الجماعي » .. بعيدا عن توطين مفاهيم المغالاة والموالاة


بقلم : عبد الفتاح كحولي لقد برزت في الفترة الأخيرة أطروحات سياسية تصبّ في اتجاه بناء الخطّ الثالث وجعل الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة محطّة لتدشين حالة جديدة من الفرز السياسي. ولئن تكشف هذه الأطروحات عن وعي حادّ بضرورة تطوير المشهد السياسي وخلق حراك جديد يقطع مع حالة الجمود التي مثلت العلامة الفارقة للحياة السياسية منذ سنوات فإن هذه الأطروحات لا تستجيب لطبيعة التجربة التونسية وسياقها الرّاهن بقدر ما تمثل شكلا من أشكال التعميم لتجارب أخرى تختلف من حيث خصائصها البنيوية عن التجربة التونسية. لقد أتّسم المجال السياسي بجملة من الخصائص أهمّها تلك الثنائية التقابلية بين المعارضة والموالاة وعلاقة اللاتكافو بين السلطة والمعارضة بجميع أطيافها فإذا كانت السلطة مطلقة المبادرة من حيث تحديد وتيرة التحول الديمقراطي والتحكّم في مداه فإن المعارضة بدت ضعيفة غير قادرة على مغالبة مآزقها الداخلية ومغادرة دائرة الهامش في اللعبة السياسية. فإذا كان القطب الثالث يشكّل حالة من التمايز بين الموالاة والمغالاة أو المعارضة فإن تمايزه سيظل محكوما بلعبة الهامش ويظل اختلافه عن المكوّنين الهامشيين اختلافا غير منتج بل قد يتحول إلى الطّرف الأضعف في لعبة الهامش أمام قوّة تملك أسباب استمرارها من دعم السلطة لها وقوة أخرى تمنحها جاذبية الخطاب المعياري الحامل أسباب بقائها. أمّا إذا كان المقصود بالخط الثالث التوسّط بين المعارضة بشقّيها والسّلطة فهو التوسط في مكان قلق أو بين أعمدة ثلاثة يستحيل معها رابعا عاجزا عن امتلاك أسباب القوة والرّسوخ ولن يزيد ذلك في كل الحالات إلاّ في مزيد تفكيك المشهد السياسي وبلقنته في سياق محكوم بضرورة المشاركة والمساهمة الجماعية في إعادة بناء المجال السياسي وهي ضرورة تمليها المعطيات الداخلية ومفردات الوضع الدولي. وإذا كان الحديث عن ضرورة بناء الخطّ الثالث غير ذي معنى ارتباطا بالسياق الرّاهن ومميزاته فإن الحديث عن فرز جديد هو حديث سابق لأوانه لأن أي فرز على أرضية غير مشتركة يؤدي إلى ولوج حالة من الصّراع المفتوح على كلّ الاحتمالات . وإذا كانت مرحلة التحول الديمقراطي مرحلة لا تختفي فيها أشكال الصراع فإن التحول المنتج والمؤدي إلى ترسيخ الديمقراطية هو ذلك القائم على أساس التراضي حول قواعد اللعبة. فهذه القواعد المشتركة القابلة للتعميم والتي لا تنبع من مراعاة مصالح خاصة وضيقة هي صاحية الأولوية في سياق التحول الديمقراطي ولا يكون الصراع أو الفرز ضامنا للمصلحة العامّة بقطع النظر عن المصالح الخاصة للمتصارعين إلا إذا كان محكوما لهذه القواعد العامة.  لقد تمّت إعادة تشكيل المجال السياسي في نوفمبر 1987 بمبادرة ذاتية من السلطة وفق قواعد جديدة تقوم على نبذ العنف واحترام القانون فتأسست الأحزاب السياسية على هذه الأرضية ونشأ حراك سياسي بعد عملية نقد مشتركة لنظام الحزب الواحد والصراع على الشرعية بين الحكم والمعارضات بكلّ الأشكال بما في ذلك العنف، وإذا كانت السنوات الأولى من التحول قد عرفت مدّا كبيرا ترجمه تبني السلطة للكثير من المطالب التي رفعتها المعارضات في الفترة البورقيبية فإن وتيرة التحول عرفت بعد ذلك البطء ولم يكن الحاصل منسجما مع حجم الانتظارات التي أسست لها السنوات الأولى. وإذا تركنا جانبا عرض الوقائع والأخطاء التي ارتكبها مختلف الفاعلين من أجل بناء مقاربة أكثر عمقا وأكثر جدوى في تدشين مرحلة جديدة فإن السبب العميق لهذا البطء أو التراجع هو تدشين مرحلة جديدة بأدوات وأفكار وأشكال من السلوك قديمة وهي السّمة المشتركة بين كلّ الفاعلين سلطة ومعارضات. إن المتأمّل في التجربة التونسية بعد 20 سنة من أول انتخابات عرفتها البلاد بعد 7 نوفمبر 1987 يلاحظ أن المسار قد آل إلى بطء شديد ترجمته الإجراءات الحذرة والتخوّف من المآلات غير المتوقعة في غياب شركاء حقيقيين حسب السلطة ترجم عنه الحديث المستمرّ حول ضعف المعارضة. كما آل هذا المسار إلى ضعف الفعل السياسي المعارض وانحسار عدد المنضوين إلى الأحزاب وتحوّل السياسة إلى مغامرة غير محسوبة النتائج في ظل استمرار ثقافة الحزب الواحد من جهة وثقافة المزايدة أو التملق من جهة أخرى وفي مقابل ضعف المعارضة بجميع أطيافها برزت السلطة بوصفها المبادر الوحيد المتحكم في مسار التحول ووتائره مستفيدة من استمرار مركب الحزب/الدولة وما يتوفر لمؤسسة الرئاسة من صلاحيات قانونية وما يتوفّرلرئيس الدولة من سلطة أدبية باعتباره المنقذ للبلاد عشية السابع من نوفمبر. إن هذه المعطيات تكشف عن غياب التكافؤ بين طرفي المعادلة السياسية ومن ثم عدم بلوغ مرحلة الشراكة الفعلية التي تعني التشاور في تحديد وتيرة التحول والالتزامات المشتركة على قاعدة الحوار المأسّس وغياب هذه الشراكة لا يمثل عامل قوة بالنسبة إلى السلطة في زمن تغيّرت فيه المفاهيم وتغيرت أحوال الاجتماع البشري وأنماط العلاقات الدولية، وإذا تجنبنا القراءة التي تنطلق من الوعي المباشر ورصد التفاصيل وحشد الأحداث في اتجاه مقاربة أعمق فإننا نرى أنّ هذا المآل قد تحكّمت فيه جملة من الأسباب أهمها: 1 – سيطرة التقليد: لم يستطع مختلف الفاعلين التخلص من سلطة التقليد وعبء الموروث السياسي، فإذا كانت السلطة خاضعة لضغط إرثها السّلطوي الراسخ منذ عقود وعدم استعدادها للتفريط في الامتيازات التي يمنحها التداخل بين الحزب والإدارة فإن المعارضة بجميع أطيافها لم تقطع أيضا مع إرثها الإيديولوجي القائم على ثقافة الإقصاء وملكية الحقيقة المطلقة والسلوك التآمري في تدبير الشأن الحزبي الدّاخلي باعتباره استمرارا لمناخات التنظم السرّي المفتقد لشروط الديمقراطية. لقد كرّس استمرار هذا الإرث مسلكية التعامل التكتيكي مع الديمقراطية عبر مقولتي الواجهة /الهامش وساد الحذر في التعامل بين طرفي المعادلة السياسية نتيجة أخطاء من هنا وهناك ترجمت عن غياب التمثل الحقيقي لرهان البناء الديمقراطي فتعطّلت عملية التفاعل المنتجة بين الطرفين في سياق مرحلة تحوّل ديمقراطي تستوجب الحوار والتفاعل البناء من أجل صياغة مشتركة لقواعد اللعبة تأخذ مسارها الزمني اللازم مع المحافظة على التمايز الفكري والسياسي . لقد خلق التقليد حالا من الريبة المتبادلة عطلت حركيّة التجديد والإصلاح إذ بقيت المعارضة حبيسة الشعار العام دون ترجمته إلى سياسات عملية وكرّست في خطابها مفاهيم لا تستوعبها الحالة الديمقراطية كما بقيت أسيرة النماذج غير متمعّنة في خصوصيات التجربة المحلية كما بقيت في الغالب الأعم مرتهنة لقيادات الظل إذ أن القرارات تصنعها الأقليات بعيدا عن الهياكل المنتخبة وتفرضها بأساليب معقّدة تتراوح بين الديماغوجيا والزبونية دون التضحية بالمظهر الديمقراطي الشكلي كما ظلت السلطة أسيرة التقاليد القديمة في غياب شريك فاعل وقويّ يجسّد الطرف الآخر للمعادلة. إن المهمة التقدمية التي يفرضها السباق الرّاهن هي محاربة التقليد من أجل تحديث الوعي السياسي وإنتاج ثقافة سياسية جديدة ومشتركة بين جميع الفاعلين تستند إلى قيم الحداثة والتقدم وتساهم في تدشين مرحلة جديدة في سيرورة بناء المجال السياسي بأدوات جديدة حتى يتحقق التكافؤ بين طبيعة الرّهان وطبيعة الوسائل والأدوات. 2 – الثقافة الزبونية: هذه الثقافة تدعم المحافظة والتقليد إذ أن علاقات الولاء والزبونية تسعى بطبعها إلى الإبقاء على الوضع الذي يحقق مصالح أصحابها وهذه الزبونية أو الانتهازية لا تنخر فقط القوى المنتمية إلى معسكر السلطة بل إن أطرافا في المعارضة تنزع إلى توظيف العملية السياسية في تحقيق الصّعود الطّبقي فتتحول بذلك السياسة إلى آلية للمحافظة على المصالح أو إعادة الاندماج الاجتماعي وهو ما يساهم في تشوّه المجال السياسي فيفقد صفته السياسية ويتحول الفاعل السياسي في نظر المجتمع إلى وصولي لا علاقة لفعله بالمصلحة العامة. 3 – الغلوّ: يطبع الغلو خطاب بعض المعارضات فيتحول إلى شكل من أشكال الذمّ يقف في مقابله خطاب المديح لدى الوصوليين ويشترك الخطابان في الابتعاد عن دائرة الوعي السياسي المستند إلى آليات الوصف والتحليل والتشخيص والاستشراف ليتحولا إلى حالة شعرية انفعالية لا جدوى لها في إنتاج وعي سياسي حقيقي. لقد استبطن خطاب بعض المعارضات محاولة توطين مفاهيم ظهرت في سياقات مغايرة ونقل تجارب ببرامجها وألياتها وأفكارها وتكتيكاتها في سياق مختلف فنشأت القطيعة بين الخطاب والواقع بمفرداته المعقّدة وتحوّلت البرامج إلى ما يشبه الحلم /الكابوس زادت في تعقيد المشهد السياسي فرغم استناد هذه القوى إلى المعايير الديمقراطية في بعدها الكوني فإنها لم ترتبط بحقائق المجال السياسي، وبطبيعة البنية السوسيولوجية في إنتاح برامجها فغابت عنها حقائق متصلة بالنظام الديمقراطي من جهة كونه محكوما بالمعطيات التاريخية والاجتماعية وليس نموذجا جاهزا مفارقا للواقع. إن التحول من الخطاب المستند إلى الوعي السياسي إلى الخطاب الانفعالي الحالم يشكل عبءا آخر أمام إنتاج ثقافة سياسية حقيقية ومجال سياسي جديد. 4 –  اللاتسيّس: لقد أنتجت هذه الظواهر حالة من اللاّتسيّس عبّر عنها عدم تشكل وعي سياسي مشترك يستند إلى الحداثة السياسية وحالة النّفور من الانخراط في الشأن العام خاصة لدى الفئة الشابة، لأن الشأن العام تم تخصيصه من قبل أغلب الفاعلين فتحول إلى آلية لتحصيل المغانم دون مراعاة المصلحة العامة كما تحوّل عند البعض إلى آلية لبروز الزعامة الوهمية المستندة إلى جاذبية الخطاب. ولمّا كان الشعب غير معني بمغانم هذا أو زعامة ذاك بقدر ما هو معني بحقوقه ومصالحه ومصالح الوطن العليا، فإن السياسة لم تجد في نفسه هوى ولم يتوفر له المبرّر المقنع للانخراط فيها. ولا بدّ أن نشير في هذا السياق إلى المخاطر المحتملة الناجمة عن غياب التسيّس من إرهاب وجريمة منظمة وغيرها من الآفات. إنّ هذا المشهد يستبعد أطروحة خلق الخطّ الثالث أو الشروع في فرز حقيقي. بل إن المطلوب من أطراف المعادلة السياسية عشية الانتخابات القادمة وبعدها المساهمة المشتركة عبر آليات النقاش العام التي توفرها المحطّة الانتخابية في تدشين مرحلة جديدة من الوعي السياسي والثقافة السياسية تساهم في عملية اللحم التاريخي بين مختلف القوى لإنتاج عقد من التراضي على قواعد اللعبة. إن توطين مفاهيم المغالاة والموالاة والفرز وغيرها من المفاهيم الاحترابية وتصعيد معركة الشرعية لا يستجيب للمهمّة الراهنة. إذ تقتضي هذه المرحلة إعادة بناء العقد الجماعي لا على أساس المصلحة الظرفية بل على أساس راسخ يتمثل في القطع مع التقاليد القديمة وأنماط السّلوك المنفّرة من العمل السياسي ولا يتم ذلك إلا في ضوء التمسّك برهان إعادة الاعتبار للسياسي (Le politique) في ظرف دولي كانت فيه الأزمة الاقتصادية مناسبة للتأمل وإعادة التفكير في أولوية السياسة. إن إعادة الاعتبار للسياسي لا تتم إلا بتخليق السياسية عبر آلية النقد والنقد الذاتي وتطهيرها من أعباء الانتهازية والانفعالات المرضية من أجل وعي سياسي يترجم عن تفكير مسؤول في مصلحة البلاد ومصلحة الشعب والأجيال القادمة. إننا في أشدّ الحاجة إلى معارضة متمسّكة بالمبادئ الديمقراطية ومتمسّكة بالوعي السياسي الحقيقي الذي يتيح لها إدراك الممكنات والانخراط الفاعل في تحقيقها ومعرفة نقاط التوافق والتعارض مع الآخر كما أننا في أشدّ الحاجة إلى إجراءات انفراجية من السلطة تشيع جوّا من الاطمئنان وتشجّع على توسيع دائرة التفكير الإيجابي بعيدا عن كل أشكال العدميّة كما أننا في أشد الحاجة إلى ترك كل أشكال الصراع غير المستندة إلى قواعد واضحة لأن هذه الأشكال مفتوحة على كل المستويات لا تحكمها ضوابط في سياق نحن في أشد الحاجة فيه إلى ضوابط مشتركة. وإذا كان بطء وتيرة التحول الديمقراطي بعد أن عرف اندفاعا لافتا في سنواته الأولى راجعا إلى هيمنة التقليد والانتهازية والشخصانية وغيرها من المعوّقات فإن ذلك يكشف عن أمتناع الاستمرار في التحول ومنحه لحظة اندفاع جديدة بذات الوسائل والعلاقات والأفكار القديمة لذلك فإن الدّرس المستفاد هو ضرورة التفكير المشترك في القطع مع هذه المعوّقات حتى تكون الانتخابات القادمة مناسبة لتدشين حالة من التعاون والانفتاح والتواصل لإنتاج ثقافة جديدة تفتح المجال أمام بناء جديد لمجالنا السياسي وقواعد اللعبة فيه تتأسس على القيم الديمقراطية من أجل تقريب يوم قيام الديمقراطية الرّاسخة البعيدة عن كلّ أشكال النكوص وفي إطار تلك القواعد الراسخة والمجال السياسي العصري ليتنافس المتنافسون . إن فتح أبواب النقاش العام وتعطيل مفاعيل الحذر والريبة لدى جميع الفاعلين هو المدخل للقطع مع التقليد من أجل ترسيخ قيم الحداثة السياسية وهي مهمّة تتجاوز البند الديمقراطي لتشكل مهمّة وطنية رهانها مصلحة البلاد والعباد.
(صحيفة « الوطن » العدد 87 الصادر في 29 ماي 2009)


من أوراق تاريخ الزمن الحاضر

حقائق جديدة حول تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس ومؤتمر قربة 1971


تونس – أقلام أون لاين (عادل الثابتي) كان الجدل محتدما خلال الثمانينات في ما يتعلق بتاريخ الحركة الطلابية الخاص بفترة الخمسينات والسبعينات حول تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس بين جميع التيارات السياسية التي كانت تنشط في الجامعة.. الإسلاميون (الاتجاه الإسلامي في الحركة الطلابية) والبعثيون (الطليعة الطلابية العربية) اعتبروا أن منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس كانت من تأسيس الحزب الحر الدستوري الزيتوني (التجمع الدستوري الديمقراطي حاليا) لتدجين الحركة الطلابية والقضاء على منظمة صوت الطالب الزيتوني. والماركسيون (النقابيون الثوريون والوطنيون الديمقراطيون والماركسيون الثوريون..) اعتبروا أن الاتحاد العام لطلبة تونس رغم نشأته على يد أغلبية دستورية فإنه كان تأسيسا في غمرة النضال الوطني ضد المستعمر، وبقيت توجهاته تقدمية، بل تجذرت هذه التوجهات بوصول أغلبية يسارية لقيادته خلال مؤتمر قربة عام 1971، سرعان ما انقلبت عليها الأقلية الدستورية. كانت تلك القراءات هي كل ما يتداوله الطلبة ولا زال البعض منهم يتداوله إلى حد الآن، واختلط في ذلك الإيديولوجي بالحقائق التاريخية. مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات (مقرها تونس) وفرت فرصة للباحثين في تاريخ الحركة الطلابية التونسية للاستماع لأبرز الفاعلين الطلابيين خلال الخمسينات والسبعينات وهم يقدمون شهاداتهم حول تلك الفترات حيث نظمت لقاء مع محمد التريكي ومنصور معلى وحامد الزغزل وهم من أبرز مؤسسي الاتحاد العام لطلبة تونس سنة 1953، وأردفته بلقاء ثان مع عيسى البكوش ومنصف الشابي وهما مؤتمران خلال مؤتمر قربة 1971 ونظرا لأهمية المعلومات التي وردت في شهاداتهم والتي لم تذكرها كاملة الصحافة التونسية فإننا نورد ما جاء فيها وذلك لتوفير مادة بحثية للمختصين في تاريخ الزمن الحاضر التونسي. اللقاء الأول: محمد التريكي ومنصور معلى وحامد الزغل  الاتحاد العام لطلبة تونس: تأسيس دستوري وارتباط بمؤسسات الحزب الدستوري والصراع مع الزيتونيين كان مريرا استهل السيد محمد التريكي شهادته قائلا: « إن تاريخ الاتحاد العام لطلبة تونس في حاجة للمراجعة إذ هناك الكثير من المزايدات والمغالطات وقلب الحقائق عن قصد وعن غير قصد. الساحة الشبابية في تونس قبل الاتحاد.ع.ط.ت تدعو للتأمل. قبل 18 جانفي 1952 كانت هناك منظمات نشيطة، جمعية قدماء الصادقية وجمعية الحقوقيين التونسيين (رئيسها عزوز الرباعي) وجمعية الطلبة التونسيين بالمدرسة القومية للإدارة. فكرالمسؤولون الحزبيون في بعث اتحاد لشباب تونس ووقعت اجتماعات في الكشافة. ويوم 16 ديسمبر 1951 في جمعية الصادقية (في نفس اليوم وقعت مظاهرة باجة النسائية) وقع اجتماع حضرته مختلف التيارات. وكانت هناك أيضا « صوت الطالب الزيتوني ». وأضاف التريكي قائلا: « انخرط الشعب في الكفاح وتوقفت نشاط الجمعيات. منظمة صوت الطالب الزيتوني تركت الطلبة يساهمون في الكفاح فرادى. أما « الكتلة الزيتونية (أسسها الدستوريون) فلم تكن قادرة عن الإفصاح عن نفسها داخل جامع الزيتونة، لأنها كانت تتعرض لعنف جماعة « صوت الطالب ». حوالي شهر جوان 1951 اتصل بي حامد الزغل وآخرون وفكرنا في العودة للنشاط، ووقع اجتماع بجامع صاحب الطابع ولكن بعد18 جانفي 1952 انقطع العمل الطالبي، وبقيت صلات أخرى. وفي أواخر السنة الدراسية 1952 فكرنا مع حامد القروي في إعانة الطلبة المسجونين (الامتحانات ومواصلة الدراسة) وكوّنا هيئة دون صفات، وكنا حوالي 5 أ و6 أشخاص، كل شخص يتكفل بمهمة معينة. كان الرابط بيننا هو عمار المحجوبي، وكانت معنا زكية المنكبي وعبد الحق لسود. وقع التفكير في التنظيم جهويا. في سنة 1952 لم نقم بشيء، ثم قررنا النشاط في 1953. كان يعاضدنا مجموعة من الأساتذة وهم فرحات الدشراوي في سوسة وفي تونس محمد الرزقي والبشير بوعلي ومحمد مزالي… أما جماعة باريس فلم يكن يربطنا بهم إلا بعض المناشير، التي كانت تصلنا منهم. لقد كنا نعمل بصفة سرية جدا. نحن في تونس كنا قليلين جدا، طالب في الحقوق وأربعة طلاب في المدرسة القومية للإدارة. أصبحت لنا اجتماعات، مرة كل ثلاثة أشهر. اتصلنا بإبراهيم عبد الله (اتحاد المزارعين) وكان في السجن ليعطينا غرفة تكون مقرا لنا. وببادرة من جماعة باريس فكرنا في عقد مؤتمر بباريس، وكان الدكتور الماطري قد أعاننا على توفير مصاريف التنقل، ونحن كنا نجمع أموالا من الطلبة ونسلمها للهادي نويرة عن طريق عمار المحجوبي. كيف يمثل الطلبة الزيتونيين في مؤتمر باريس؟ أو تمثيل تحت تهديد السلاح يواصل محمد التريكي شهادته فيقول: « أثيرت مشكلة الزيتونة التي كانت تمثل 15000 طالب فاتصلنا بعبد العزيز العكر مي وأحمد قاسم وكانت لنا معهم جلسات متواصلة وعنيفة، فاقترحوا علينا الالتحاق بالبرلمان الزيتوني. وقال الشاذلي النيفر: في تونس لا يوجد إلا الطلبة الزيتونيين وحتى الصادقيين والعلويين فنحن ندرّسهم. ويواصل التريكي متحدثا: « لم نفلح مع الإخوان الزيتونيين فبعثنا للشاذلي النيفر احد المقاومين الأشداء، فذهب إليه وقبل أن يبدأ الحديث معه اظهر المقاوم مسدسه ووضعه على الطاولة، وخرج بعد ذلك بموافقة النيفرعلى بعث ثلاثة من الزيتونة إلى مؤتمر باريس وهم: رضا السلامي ومحمد الغرياني وقاسم عزاب. وكان احد المؤتمرين من الشرطة. وكنا نعرفه من تونس. وأعلمت عنه منصور معلى رئيس المؤتمر فأمره بالخروج ولقد كنا نتفق مع الحزب على كل شيء. بعد المؤتمر قدم عمار المحجوبي مطلب تأشيرة للمقيم العام وأصبح عملنا أكثر إحكاما. شهادة منصور معلّى: كنا على اتصال كبير بمسؤولي الحزب الدستوري بل نحن دستوريون اعتبر معلى أن انطلاقة العمل الطلابي كانت في 1951 وأضاف: « في ذلك الوقت كانت هناك حكومة تفاوضية يشارك فيها الحزب الدستوري. ولقد زارنا في باريس الباهي الادغم والهادي نويرة وفرحات حشاد ولم يقنعوننا بجدوى المفاوضات. ثم جاءت رسالة 15 ديسمبر 1951 التي أقرت الحماية إلى ما لا نهاية له. ثم توتر الوضع باعتقال بورقيبة يوم 18 جانفي 1952 واغتيال فرحات حشاد يوم5/12/11952. الجو كان كفاحيا. وفي هذه الظروف تدعمت فكرة تكوين اتحاد طلبة. أصدرنا جريدة :l’étudiant tunisien وكان مديرها سليمان بن خليفة. فأبوه كانت له الجنسية الفرنسية وهو تاجر واتصلنا باتحاد طلبة فرنسا واتحاد الطلاب العالمي ومديره جاك فارجاس حضر المؤتمر المنعقد في جويلية 1953. وبعد المؤتمر حصل ركود وأنا مهمتي انتهت عند ذلك الحد ولم أشارك في النشاط بين المؤتمر الأول والثاني ». وقال معلى: « أما في خصوص المؤتمر الثاني المنعقد في جويلية 1954 في مقر اتحاد المزارعين، نهج النار، فلقد اتصلت أنا وحامد القروي رئيس الجامعة الدستورية بباريس بمحمد عبد السلام لتنسيق الأمور. التلاميذ كانوا أغلبية في المؤتمر وجماعة باريس ترددوا وكنا 4 اشخاص من باريس مؤتمرين وشاركنا مع حكومة الطاهر بن عمار في المفاوضات في لجنة التعليم، إلى أن جاء تاريخ المؤتمر الثالث (26-29/7/1955) بالحي الزيتوني، وكان مؤتمر النصر وحضرت الحكومة، وتم تنصيب عبد المجيد شاكر الذي لم يكن نائبا في المؤتمر عوضا عن حامد الزغل، لأن الحزب كان يريد ذلك. حامد الزغل: 3 جانفي 1952 معلى أمر الطلبة بمتابعة مشروع تكوين اتحاد الطلبة تساءل حامد الزغل فيما يخص الفترة الفاصلة بين الأربعينات واجتماع صاحب الطابع قائلا هل كان اتحاد الطلبة ببادرة من الديوان السياسي أم ببادرة من أشخاص دستوريين. وأضاف « أن الشباب في الأربعينات كان ضد سياسة بن يوسف (التهدئة) وطلب بن يوسف من جميع الشعب الدستورية في أفريل 1945 عدم الاحتفال بكرى حوادث 9 أفريل 1938. كان منجي سليم ضد تكوين شعب تلميذيه في حين كان الهادي شاكر في صفاقس يكوّن الشعب التلميذية والمنجي بالي وحد المنظمات الكشفية وأضاف الزغل قائلا : » نحن كتلامذة في البكالوريا كنا قلة ,11 تلميذا أربعة منهم فقط يهتمون بالسياسة. وفي باريس كنا نشعر بمكانتنا، ومنصور معلى بعث رسالة في 26 نوفمبر 1951 لعبد المجيد شاكر يحدثه فيها عن تكوين اتحاد، وضرورة الاستعانة بالحبيب الشعبوني في صفاقس. الطلبة كانوا ضد إقالة سليمان بن سليمان وقال لنا بورقيبة إذا لم تنجح المفاوضات سنقوم بالثورة، وانا كنت افهم الأمور، ولم احتج مثل منصور معلى. وقبل 18 /1/ 1952 ذهب منصور معلى إلى صفاقس يوم 3 جانفي واجتمع بالطلبة وحثهم على متابعة مشروع تكوين اتحاد الطلبة. وقال حامد الزغل إن الإخوان الزيتونيين كانوا منكمشين في إشارة إلى رفض الزيتونيين المشاركة في تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس. من جهة أخرى أكد منصور معلى في تدخل ثان أن اسم الاتحاد اقر بالتسمية الحالية خلال المؤتمر الثالث، اثر ضغط جهات أجنبية وبموافقة بورقيبة. إذ انعقد المؤتمر الأول تحت اسم الاتحاد العام التونسي للطلبة. النقاش – خلال النقاش ابرز السيد محمد قريمان (زيتوني واحد الذين عاصروا تلك الفترة) أهمية الزيتونيين في النضال الوطني وارتباطهم الشديد بالأوساط الشعبية وتأثيرهم العميق فيها، ودورهم في إسقاط حكومة الكعاك، واقتحامهم للوزارة الأولى. وكان الحزب يعول عليهم. ولكن بعد ذلك تم التنكر لهم وأدخلهم صالح بن يوسف السجن وأهانهم فسجن البدوي والعكرمي وآخرون والمدرسيين لم يكن لهم أي تأثير. – عالم الاجتماع عبد القادرالزغل اعتبر أن تعيين عبد المجيد شاكر على رأس الاتحاد عوض الانتخاب كان أول انقلاب في تونس باسم الدولة. وقبل به الدستوريون. فاجبه معلى بان الحزب يطاع. ورد عليه حامد الزغل بان الاتحاد متاع الدساترة. وقال إن كل الطلبة قبل 1952 كانوا دستوريين وان أول وثيقة كتب فيها u.g.e.t صدرت في باريس في 2/04/1952 باسم الهيئة التنفيذية والحال انه لم تكن هناك أي هيئة. وأضاف انه حصل انشقاق سنة 1955 داخل فرع الاتحاد في باريس تيار مع اتفاقيات الحكم الذاتي وتيار ضدها مع الباهي الادغم وصالح بن يوسف وانحازت الأقلية الشيوعية مع البورقيبيين. اللقاء الثاني: عيسى البكوش ومنصف الشابي الاتحاد العام لطلبة تونس من1969 إلى 1971 عيسى البكوش: حاولنا فرض شيء من الاستقلالية انخرطت على يد يوسف الورداني في الطلبة الدستوريين سنة 1963 وفي دار الحزب كنا ننعت بشيوعيي الحزب وانتخب محجوب القرفالي رئيسا لفرع باريس سنة 1963. وكنا ننادي بضرورة انتخاب الممثلين في الهياكل. ونعتقد أنه لا مجال لبناء الديمقراطية في البلاد إذا لم تبن في الحزب. وتتداول على رئاسة فرع باريس كل من عبد العزيز غشام وعبد الحي شويخة. وإثر مؤتمر طبرقة 1966 وقعت مسيرة احتجاجية في بنزرت قادها القرفالي والورداني ضد تعيين محمد بن أحمد كاتبا عاما للاتحاد ثم وقع الاتفاق عليه كاتبا عاما مع وجود هيئة إدارية من جماعة الورداني وخلال مؤتمر قابس 1967 كان سليم علولو كاتبا عاما وهو من عائلة الورداني والقرفالي. وخلال مؤتمر منزل تميم 1968 الذي ترأسه منجي بوسنينة حصل انشقاق في الصف الدستوري واشترط محجوب القرفالي عيسى البكوش في الهيئة القيادية، وتحصلت على 160 صوتا وفاز القرفالي ب100 صوت وتحصل على الكتابة العامة. وكان محمد داود مكلفا بالعلاقات الخارجية وأنا كلفت بالإعلام والصحافة. أما عناصر القائمة المنافسة فقد التحق منهم الدالي الجازي والمنجي بوسنينة بديوان أحمد بن صالح.  ويضيف البكوش قائلا « أشرفت على الانتخابات التحضيرية لمؤتمر المهدية 1969 واتصل محجوب القرفالي بالقيادة السياسية، وطلب من إدارة الحزب الكف عن التعيين، وذلك في جلسة مع أحمد بن صالح ومحمد الصياح واستجابوا لذلك. وكان من بين المترشحين للمكتب التنفيذي البشير خنتوش وحسن فضة ومصطفى الزغل ورجب الحاجي وعبد الحكيم تقية، الذي كان مسؤولا في المكاتب التنفيذية السابقة. وأشرف الباهي الأدغم على المؤتمر وقدموا له رجب الحاجي كمرشح للكتابة العامة. وحاولت إدارة الحزب إثنائي عن الترشح ولكن محجوب القرفالي رفض وصوت المؤتمر بالإجماع لفائدتي وتم تحوير قانون الاتحاد الداخلي لتصبح ولاية الكاتب العام مدتها سنتان، ووقع ترضية إدارة الحزب بإدخال عناصر يريدها إلى المكتب التنفيذي وصوت اليسار لفائدتي. وكانت المكاتب الفدرالية قد اكتسبت استقلاليتها منذ مؤتمر المهدية، وكان اليسار يسيطر على كلية الآداب، والدستوريون على العلوم. في حين كانت كلية الطب متناصفة بين التيارين ». ويضيف البكوش « نظمنا أسبوع التعريب الذي وقع إيقافه، واللغة الرسمية بدأت تتبدل تجاهنا رغم أن المكتب دستوري. وكذلك كانت كل المكاتب منذ تأسيس الاتحاد. واحتج بورقيبة على غيابنا عن الاحتفال بعيد الجمهورية وذلك في خطاب ألقاه يوم 29/7/1970 قال فيه أيضا إنه أسس المنظمة (الاتحاد العام لطلبة تونس) لشد أزر الحزب، وأصبحت فيها الآن عناصر مناهضة له، أدخلها أحمد بن صالح. وفكر بورقيبة في حل المنظمة، ثم تراجع عن ذلك. مؤتمر قربة1971: أما في خصوص مؤتمر قربة فقد أكد السيد عيسى البكوش أن رئيس المؤتمر أحمد محفوظ ونائبه الأول علي الغرسلي كانا من جماعتهم، وأنه كانت هناك إرادة لإفساد أعمال المؤتمر، وتم التأثير على رئيس المؤتمر واعتدي على نائبه. واقترح النائب الثاني انتخاب القيادة قبل مناقشة اللوائح، فخرج 105 نواب وأصدروا لائحة تعتبر أن المؤتمر لم ينه أشغاله. فأوقف مدير الحزب محمد بن عمارة 4 طلبة عن النشاط السياسي وطرد أربعة آخرين: منهم محمد داود وعيسى البكوش…. وبقينا نردد أن المؤتمر لم ينه أشغاله مدة 17 سنة إلى أن جاء التغيير (7/11 /1987) وسمح لنا بعقد المؤتمر 18 خ ع. وتمت بفضل من رئيس الدولة عودة الروح للمنظمة، وكان لزهر بوعوني معنا، ونظمت لقاء لسمير العبيدي بعد تخرجه مع حامد القروي. المنصف الشابي (مؤتمِر يساري خلال مؤتمر قربة): اليسار طرح قضايا غير تونسية واستثمر خلافات الدستوريين الداخلية خلال مؤتمر قربة قال السيد المنصف الشابي « دخلت الجامعة خلال شهر سبتمبر 1969 في مرحلة مفصلية هامة وكنت قبل ذلك في السجن إذ خرجت منه قبيل امتحان شهادة البكالوريا، التي تمكنت من اجتيازها حسب النظام الفرنسي خارج التراتيب الإدارية العادية، وبجهود شخصية من والدي، وباعتماد تلكس أتى من فرنسا. ذلك أنه وقع طردي من كل المدارس التونسية وكنا على درجة من الحماسة لدخول الجامعة لمواصلة الهم السياسي الذي لم يمت في أذهاننا. لقد دخلت السجن بعثيا وتحولت داخله إلى ماركسي لينيني ضمن مجموعة آفاق، فالبعث لا يستجيب إلا للجانب القومي في الأوضاع التونسية. وتركت في السجن مجموعتي المتكونة من محمد صالح فليس وأحمد نجيب الشابي وعبد الله الرويسي ورشاد الشابي.. كانت مهمتي الوحيدة هي بث الدعوة في صفوف الطلبة، وتكونت الحلقات الماركسية اللينينية التونسية (GMLT) وبسرعة اكتشفت أن المجال مفتوح في الجامعة للعمل بدرجة عالية، لأنه كان هناك صراع في صفوف الحزب فتح أمامنا الباب كشباب يساري. وبسرعة تكونت خلايا تحت اسم لجان ثقافية يعتمد فيها التعيين وكان هناك فرع التاريخ في الكلية، كلية الطب كانت فيها ثمانية فروع منتخبة وهي كلها يسارية. ومن بين ناشطها نجد يوسف الحمروني والنوري عبيد. ومكن ذلك من تشكيل مكتب فدرالي متماسك ومنسجم حول مواقف يسارية. وكانت المرحلة مرحلة بناء موقف وهياكل وأرضية للانطلاق. وكنا عندما نعقد اجتماعا في كلية الآداب تأتينا وفود من كليات أخرى، مما شجعنا على فهم أن الموقف الطلابي معارض للسلطة. وكان بشير عرجون مبعوث كلية الطب والمنصف التريكي مبعوث كلية الحقوق ولخضر لالة مبعوث كلية العلوم. وكانت كلية الآداب وفرع التاريخ فيها بمثابة الجرار للحركة الطلابية في التفاعل مع الأحداث الاجتماعية والسياسية في تونس والخارج، ووجدنا أنفسنا في مواجهة السلطة لمواضيع غير تونسية. مجيء روجرز إلى تونس فصل بين مرحلتين في التعاطي مع القضايا السياسية طلابيا. لم تكن لنا علاقات مباشرة مع الصين أو الفيتنام بل كان لنا انتماء معنوي. فيوم 9/2/1969 احتل الشارع بشكل كبير وعنيف ضد الزيارة والموقف هو موقف الاتحاد رغم أنه لم يدع إليه. وفي سنة 1970 عندما أردنا تنظيم مائوية لينين في مقر الاتحاد وجدنا العون من عيسى البكوش رغم رفض القيادة الحزبية لذلك، الشيء الذي أحرج البكوش وعياض النيفر. لقد كنا متزمتين وبعيدين عن الساحة الوطنية، ورفضنا انتماء الاتحاد للحزب كما نصت على ذلك بطاقات انخراط سنة 1970. كان كل الطلبة منخرطين في الاتحاد وكنا ضد تسلط الحزب وكانت هذه أرضية مؤتمر قربة. خلال ندوة وطنية لطلبة الحزب في صيف 1970 ظهر الخلاف الداخلي بقوة وبرزت ملامح مؤتمر قربة والصراعات داخل الحزب كانت أشد من تلك القائمة بيننا وبينه، وكان لنا أمل في تحالف واسع من أجل استقلالية الاتحاد. كان هناك 36 مؤتمرا ماركسيا لينينيا وأربعة شيوعيين من بين 175 مؤتمرا في قربة 1971، والانتخابات القاعدية تمت تحت إشراف المكتب التنفيذي وبحضور البوليس على أبواب الاتحاد وكان الجو مشحونا. وحول المؤتمر ذاته قال المنصف الشابي كنا كيسار ضد التصويت على اللائحة السياسية لأن مشروعنا لن يمر، ولكن سهل لنا ذلك انقسام الطلبة الدستوريين، وقُِرأت اللائحة فقرة فقرة، وعوض ثلاثة أيام امتد المؤتمر على عشرة. اتصل الهادي نويرة طالبا حلا مباشرا. وفي اليوم الحادي عشر وعند عودتنا من الغذاء وجدنا أبواب القاعة موصدة، وتمت قراءة أسماء أعضاء الهيئة الإدارية دون حضورنا، واكتشفنا أن قوات النظام العام تطوق مقر المؤتمر (مدرسة ترشيح المعلمين بقربة) وتم إخراجنا ولم يجد شفيق بن رمضان ممثل قرونوبل وقتا لجمع أدباشه. وأصبحت القيادة النقابية دون شرعية رغم علاقتنا الطيبة بالحبيب الشغال ولكنه وضع في فوهة المدفع. عند العودة الجامعية كان البوليس يهيمن على الجامعة وكان كل إضراب يواجه بالعنف عن طريق عمال الرصيف الذين كان يأتي بهم الحزب في شاحنات للجامعة لمواجهة الإضرابات وأشهرها إضراب قسم الجغرافيا. وتصلب موقف الطلبة وأسسنا هيكلا من خمس وعشرين طالبا (فدرالية ما بين الفروع) منهم الحبيب مرسيط وبن ترجم والمنصف لسود.. وفي نهاية جانفي وقعت مضايقة سيمون للوش زوجة أحمد بن عثمان فنظمنا تحركات احتجاجية في المركب الجامعي وقررنا مواصلة أشغال المؤتمر 18 ولما كنا بصدد انجاز النص الختامي تدخل البوليس وتشتت شمل الطلبة، كان ذلك يوم 5/2/1972. النقاش: حركة آفاق لم تكن حاضرة في مؤتمر قربة: – في رده على سؤال حول طبيعة التحالف الذي أنتج الأغلبية المناهضة للدستوريين المحافظين الذي أمضى عريضة الـ105 قال المنصف الشابي إن تحالفا موضوعيا نشأ فبل المؤتمر بين اليسار الدستوري والقوى اليسارية تحول إلى تحالف ميداني خلال المؤتمر وكانت القوى اليسارية مكونة من متعاطفين مع آفاق غير أعضاء بها لأنها كانت تعتمد تكتيك الحزام عوض التنظيم مثل بن ترجم ومرشد الشابي والحلواني بالإضافة إلى مجموعتنا الـ GMLT -وكانت منظمة- والشيوعيين مثل رشيد مشارك والبعثيين مثل فرج منصور ومنصف لسود، بالإضافة إلى عدد من اليساريين غير المنتظمين مثل لخضر لالة وكانت حركة آفاق تحت وطأة الملاحقات الأمنية وهناك خوف من تدمير التنظيم إذا ما أعيد بناؤه وهو ما حصل سنة 1974 عندما كانت بصدد تكوين حزام حول الجامعة على يد سالم بن يحي. وأضاف أن انشقاق الدستوريين هو الذي أدى إلى حصولنا على الأغلبية. – وتدخل السيد محمد بلحاج عمر (الأمين العام السابق لحزب الوحدة الشعبية وأحد أنصار تيار بن صالح –اليسار الدستوري – خلال مؤتمر قربة) خلال النقاش موضحا أنه نصح أغلبية المؤتمرين بعدم مغادرة القاعة خوفا من الانقلاب، ولكنهم خرجوا لتناول الغذاء فحصل ما حصل.    
(المصدر:موقع أقلام أولاين الإلكتروني ( دورية فكرية سياسية  وتصدر مرة كل شهرين)العدد23  السنة السابعة  ماي|خوان 2009)


كيف نستفيد من درس التاريخ الغربي الحديث
في الخروج من الفتنة والشقاق؟ العدد الثالث والعشرون

حسن بن حسن يذهب أغلب الملاحظين السياسيين الغربيين إلى أن عراق ما بعد الانسحاب الأمريكي أمام أحد خيارين لا ثالث لهما: إما الحرب الأهلية أو التقسيم، وأن استقراره السياسي لن يكون قريبا، و كائنا ما كان صدق هذه التوقعات فإن البين والجلي أن خروج العراق من نفق الفتنة بعيد المنال وأن خطوط التقسيم فيه فكرية ذاكرية وتاريخية وأن الفاعل الحقيقي في الانقسام الدموي الحاد الذي يشهده هو مخزونات ثقافية دوغمائية لم تتم غربلتها المعرفية ولا تصفيتها النقدية وأن الاحتلال الأمريكي لم يفعل سوى تأجيج موروث تاريخي ملغوم  وتهييء شروط انفجاره وأن الفتنة المشتعلة هناك علامة فشل فكري طويل في تشكيل حقل للاختلاف السياسي في تاريخ المسلمين.، والأخطر في الأمر أن ما يجري في العراق مهيؤ للانتقال إلى أماكن أخرى وأن مشاريع الفتنة كامنة في الصف السني نفسه. إن هذا يضعنا كمثقفين أمام امتحان وواجب فكري تاريخي عسير: إضاءة أغوار الفتنة والانقسام و الاستفادة من درس التاريخ الحديث في تجاوز الأفكار الانقسامية الدامية والمميتة. والاضطلاع بهذا الواجب متعذر بدون الاقتناع الراسخ بأن الفتنة ليست قدرا، وأن الخروج منها ممكن، وبان للوضعيات الانقسامية الحادة بنية نفسية وعقلية يمكن إنارتها وفك رموزها، وبان للمثقف دورا حاسما في كل ذلك حتى وإن بدت الشقة بعيدة وعسيرة. إن التاريخ يعلمنا أن الوضعيات الانقسامية الحادة وضعيات ليلية تنعدم فيها الرؤية أو تكاد وتنغلق فيها منافذ الذات أمام النقد وتشتغل فيها الآليات الإيديولوجية لتمجيد الذات وشيطنة الآخر ولتقسيم العالم إلى أبيض وأسود وتنهار فيها الكوابح أمام حرمة الدماء وتتأجج فيها الذاكرة التكرارية اللانقدية الجريحة ويصبح الحاضر معها مجالا لتصفية حسابات تاريخية وهمية وتتحول النظم الفكرية فيها إلى أنساق اعتقاديه وتتجه فيها الوضعية التاريخية برمتها إلى أقصى درجات البؤس الفكري: الحد الأقصى من الفاعلية والحد الأدنى من التفكير. الفتنة عمياء لا تفكر، ومنطقها الخفي الحقيقي يغيب ويحتجب عن أطرافها، والتاريخ يعلمنا أن أطول الاقتتال وأدماه قد يقع بين أهل الدين الواحد والثقافة الواحدة وأن القبول بالاختلاف الكبير – بين دين ودين مثلا- قد يكون أيسر من القبول بالاختلاف الصغير داخل منظومة عقدية أو روحية واحدة مثلا، لماذا؟ لأن الاختلاف الصغير يهدد صورة الذات من الداخل في حين يقويها الاختلاف الكبير بأثر عكسي. كل هذا ليس مبررا لليأس أو لإخلاء الميدان ولكنه دعوة ونداء للتفكير فالأزمة تخطو الخطوة الأولى نحو الحل حين تبدأ بالتفكير، ولكن كيف نفكر ومن أين نبدأ؟ لنعد إلى التاريخ مرة أخرى فسننه ماضية لا تتخلف. لقد خرج الغرب الحديث من رحم فتن وحروب دينية وقومية هوجاء لا تبقي ولا تذر وكان لهذا الخروج من الفتنة والشقاق إلى الوئام والوفاق المدنيين منطق تاريخي صارم: استنفاد الأفكار الانقسامية المميتة استنفادا دمويا في التطاحن والاقتناع التدريجي بأنها لا تعد بشيء ولا تفتح أفقا للمستقبل، وبان إنهاء المخالف أمر مستحيل، غير أن استنفاد هذه الأفكار لطاقتها لم يكن كافيا للخروج إلى أفق تاريخي جديد بل كان لا بد من أفكار تجديدية ذات قوة وعدية وطاقة تبشيرية وتطلعية أكبر تحتل المشهد وتملأ الفراغات التي يخلفها انسحاب الأفكار السقيمة حتى إن أحد كبار المؤرخين الفلاسفة الألمان (رينهار كوزيلاك) يعرف الأنوار بأنها مشهد تاريخي كبير لأفول وانسحاب أفكار وتقدم أخرى لاحتلال مكانها. لقد مر الغرب من النفق المظلم الطويل للاستنفاد الدموي العقيم للأفكار الانقسامية القاتلة، غير أن ذلك لم يكن ممكنا لولا تشكل أفق تطلع تاريخي جديد. ولا تزال الثقافة الغربية منذ أكثر من قرنين تصفي مخزوناتها اللانقدية المتجذرة. ويكفي أن نلقي نظرة على ما كتب في نقد الذاكرة والتراث والإيديولوجيا واليوتوبيا، أو على التحولات الهائلة في علم التاريخ موضوعات ومنهجا ومقاربات حتى نعرف ثقل وحجم المهمة. ولكن هل علينا عبور نفس النفق ونحن لا نزال في بدايته؟ إنه لسؤال مخيف وإننا أمام وضعية تاريخية مخيفة بلا شك. فالأفكار الانقسامية القاتلة لدينا لا تزال تحتفظ بطاقتها وقوتها الإيهامية والاستيهامية، وهي تتجه نحو التوالد والتناسل لا نحو الضمور والتآكل. ونحن هنا أمام أحد خيارين: إما استقالة المثقف وإخلاؤه الميدان كما يحصل فعلا وترك ما يجري لمنطقه الذاتي، وإما تهييء أسباب حركة تنوير إسلامي حقيقي يستعيد معها الفكر النقدي حيويته والمثقف المستنير الملتزم بقضايا أمته طليعيته، إما الاستنفاد الدموي المقيت للأفكار المميتة، ولا يعلم إلا الله أجله ومداه وما يمكن أن يتمخض عنه، وإما استنفادها النقدي ووضعها تحت أضواء معرفية كاشفة وتعميق المسافة العقلية والوجدانية بيننا وبينها. المهمة تبدو عسيرة ولكنها ممكنة وليست مستحيلة، شرط الوعي بأن معالجة الوضعيات الانقسامية من داخل منطقها وبالآليات التي صنعتها لا يفيد كثيرا. فلا يجدي الجدل المذهبي بمنطقه الحجاجي الموروث كثيرا ولا يحرك العطالة الفكرية قيد أنملة. وأما التسويات الفوقية والظرفية ففاعليتها وقتية وهي معرضة للالتفاف عليها في أي فرصة سانحة، وهي لا تفيد في زحزحة الطبقات النفسية المترسبة والأعماق الغائرة للشخصية الجماعية. ما هو الحل إذا؟ لا بد من تسليط أضواء معرفية جديدة غير مألوفة على الوضعية الانقسامية الإقصائية تكشفها لنا على نحو جديد وتخرجنا من منطقها الموروث العقيم وتمهد الطريق لإعادة تشكيل بنية القناعة السياسية للمسلم. ولكن، ما المقصود بأضواء معرفية جديدة وما فائدتها؟ تسليط إنارة معرفية جديدة ليس شيئا آخر غير تفعيل القوة التجاوزية للزمن والخروج من العطالة التاريخية. وبتعبير آخر، فلئن كانت فاعلية الأفكار الانقسامية والفتنوية في حياة المسلمين علامة فشل فكري طويل، ولئن كانت الفتنة كما أسلفنا لا تفكر فان أمما أخرى قد عاشت حروبا أهلية طاحنة ولكنها تمكنت في نهاية المطاف من كشف الآليات الخفية للفتن واستطاعت الخروج منها وتعميق المسافة الثقافية والاجتماعية والسياسية بينها وبين أسبابها. واستيعاب هذا الدرس التاريخي المعقد والحاسم هو المقصود بتفعيل القوة التجاوزية للزمن وتسليط إضاءات معرفية جديدة على الأفكار الانقسامية. القوة التجاوزية للزمن ليست شيئا آخر غير التمكن من المنطق المحتجب للفتن ومن مفاتيح تجاوزها، وهذا حصل غير أن المسلمين لم يستوعبوا درس التاريخ في هذا الباب. لقد ظلت الفتن بمختلف ألوانها عبر التاريخ كتل سديمية متلفعة بالغموض ومجالات للعمه ومتاهات يفقد المنخرط فيها زمام ذاته وسيادته العقلية على فعله حتى لكأنه أسير قوى خفية لا يراها ولا يستطيع موضعتها أو اتخاذ مسافة عقلية منها أو الفكاك من قبضتها، غير أن الأمر لم يعد اليوم كذلك: لقد حققت الحداثة الغربية نجاحات حاسمة وتعرضت لإخفاقات مريعة في الآن ذاته. وخروج الغرب من الفتن هو أحد نجاحاتها الكبرى. ودروس هذا النجاح مختلطة وملتبسة منها ما يتعلق بخصوصية التجربة الغربية ومنها ما يعبر عن حركة ثقيلة في شروط الإمكان التاريخية وهو ما يهمنا هنا. ما المقصود بحركة شروط الإمكان التاريخية؟ المقصود بها العثور على مفاتيح التقدم والخروج من العجز المزمن في باب من الأبواب وتهيؤ أسباب تحويل الحدود بين الممكن وغير الممكن في مجال ما. وحين يحصل ذلك  نكون إزاء مكسب إنساني عام  يرسم حدا لا يمكن النزول عنه لأي فعل عقلاني في بابه. وكل نكوص عنه خروج من مدارات الوعي التاريخي. إن بداية الخروج من المدارات العقلية للفتنة تكون بميلاد تيار فكري يتجاوز وهم ميلاد الحل من الجدال المذهبي والنزاع على الأحقية وعلى الاستئثار بالسلطة الروحية العليا بآلياته الموروثة. ويتجه نحو منطق العلم أي نحو البحث عن العلل والأسباب و طرح الأسئلة التي تحول وجهتنا من الانخراط في صراعات تكرارية موروثة نحو تفكيك منطق الفتنة وكشف آليات اشتغالها وموارد تأججها واشتعالها. وهذا بدون شك سيوجهنا نحو نقاط التوتر الفكري والوجداني التي يتحول فيها الاختلاف إلى تناف وإقصاء متبادل، غير أن إضاءة خطوط التوتر هذه لا تهدف إلى الانتصار لهذه القناعة أو تلك ولا إلى رفع الاختلاف أو الإنهاء الرمزي لأحد أطرافه وإنما إلى كشف منابع الفتنة النفسية والعقلية والتأويلية كائنا ما كان مصدرها. البحث هنا موجه نحو الفتنة كفتنة لا نحو أمر آخر. ولا شك أن البحث في الفتنة ذاتها دعوة للتفكير العلمي والنقدي لأن مستوى الإثارة فيها يبلغ درجة لا يمكن للعقول القيمة معها إلا أن تتحرك للبحث عن  مسالك إشكالية قويمة، مسالك الارتفاع والخروج من الوحل. ولا شك أن الطريق المعرفي الجامع نحو هذه الوجهة الجديدة في التفكير هو طرح السؤال الآتي: ما الذي يجعل الفتنة ممكنة؟ أو بتعبير آخر كيف يتعايش أناس لآماد زمنية طويلة ثم فجأة تنفجر بينهم صراعات دموية طاحنة؟ ما الذي يمكن أن يلتهم رصيد التعايش لقرون ويطمس مساحات الاعتراف الممكنة حين تتهيأ أسباب فاعليته؟ كيف تنشأ الأفكار الفتنوية، ومن أين تستمد وقودها وفاعليتها؟ الأمر هنا إذا يتعلق بالتساؤل عن شروط الإمكان (وهو سؤال العلم) وبالخروج من الحلقة شبه المفرغة للجدال المذهبي الموروث، وبتغيير وجهة التفكير (استهداف الفتنة والأفكار الفتنوية لا الاختلاف في ذاته مهما كان عمقه).   لا شك أن السؤال الآنف حول شروط إمكان الفتنة سؤال كلي ذو بنية تفريعية معقدة ومركبة. فهو يحيل في دلالاته الكبرى إلى كيفيات تشكل الأفكار والانفعالات الفتنوية وإلى أصولها النفسية. وهو يحيل ثانيا إلى كيفيات تشكل الشروط الاجتماعية والسياسية لفاعلية ويقظة أسباب الفتنة النائمة، وهي باستمرار شروط ظرفية ملموسة تتعلق بوضعيات اجتماعية وسياسية محددة، وهو يحيل ثالثا إلى القوة التجاوزية للعصر والإمكانات التي يوفرها لاستئصال أسباب الفتن من أطراف جذورها. وهو يؤشر رابعا نحو اكتشاف منطقة دلالية جديدة في القرآن الكريم في هذا الباب. فمعرفتنا بآليات اشتغال الفتن وبتكوينها المركب والمحتجب وبإمكانات تجاوزها التي يتيحها العصر، كل ذلك يمنحنا فرصة العودة إلى كتاب الله تعالى محملين بأسئلة عصرنا باحثين عن كيفيات عرضه للتاريخ وتعامله مع الاختلاف وتصفيته لأسباب الفتن والإمكانات التي يفتحها لتجفيف ينابيعها ولبناء عقد اجتماعي سليم ومعافى من أدواء الوعي الفتنوي (وهذا موضوع مقال لاحق إن شاء الله تعالى). وهذه العناصر الكبرى تنتظم في الوجهة العامة للبحث عن موارد جديدة لفهم الفتن وللخروج منها. 1- كيف تتشكل الأفكار الفتنوية؟ أ- الفتنة محرقة عقلية ووجدانية وكيفية في وعي الذات والنظر للآخر. أو لنقل إنها فيروس للهوية اللانقدية قابل حين تتهيأ ظروف فاعليته لالتهام رصيد التعايش لقرون طويلة. ومعنى هذا أن الصعود منها إعادة اشتغال على منطق الهوية ابتداء، أي بحث تاريخي في كيفيات تشكل دلالات اختزالية إقصائية للهوية لا تتسع للاختلاف والتعدد وفي الموارد الرغبية والتأويلية التي تتغذى منها. ب- في الفتنة يجتمع الوهم (التعلق بيوتوبيات سرابية دموية مجنحة) والاستيهام (تخيل تقمص أدوار بطولية ماضية وتحويلها إلى تصفية حساب واهم مع حاضر لا علاقة فعلية لأسئلته ومطالبه بمشكلات الماضي)، لذلك فإن الوهم والاستيهام والخداع كمفاهيم تنتمي إلى نقد الايديولوجيا واليوتوبيا هي ما يصلح لفهم وتفكيك الوضعية الفتنوية والعلاقات التي تنسجها بالماضي والمستقبل. ج- و لكن من أين تتولد الأوهام؟ وما هي خطوط الضعف الفكرية المسهلة للانهيارات العقلية ولاكتساح الوهم؟ الأوهام الجماعية الكبرى كما هو معروف في العلوم الاجتماعية اليوم ملتقى الرغبات المكبوتة والأحلام المضغوطة بالذاكرة الانتقامية والتكرارية وبالخيال اللامنضبط لحقائق التاريخ وسننه، والفتنة من هذه الجهة خصاص فكري وضعف للمناعة العقلية يجعل التعلق بالأوهام ممكنا. د- الفتنة في أصولها النفسية والرغبية إذا علاقة مذهبية أو إيديولوجية – لا معرفية – بالتاريخ والذاكرة وعلاقة جموح خيالي رغبي واهم بالمستقبل أو لنقل إنها كيفية في التوجه للمستقبل تتغذى من ذاكرة لانقدية تكرارية أو جريحة أو غيرها، لذلك فإن تصفية الأفكار الفتنوية يمر بالضرورة عبر تصحيح العلاقة بالمستقبل، أي عبر التوجه للمستقبل انطلاقا من الحركة الثقيلة في شروط الإمكان التاريخية ومن ذاكرة نقدية مصححة وقويمة. وكل ذلك يستدعي الإصغاء لمنطق الممكن الحضاري أولا وإحلال العلاقة المعرفية بالتاريخ والتراث محل العلاقة الإيديولوجية والمذهبية ثانيا (أو مواجهة الهوية السردية اللانقدية بالمعرفة التاريخية النقدية) وهو ما يتطلب أخلاقيات معرفية مناسبة وتحويلات منهجية عميقة واستفادة من أدوات العلوم الإنسانية في تفكيك التمثلات الجماعية وفي نقد الإيديولوجيا واليوتوبيا كصيغتين لاشتغال المخيال الاجتماعي. 2- متى تصبح الافكار الفتنوية فاعلة ؟ لا شك أن الفتنة في عمقها خصاص فكري وخطوط ضعف عقلية وكيفية في تحديد الهوية، غير أن كل ذلك قد يظل هامدا باهتا لآماد زمنية طويلة تتغلب- فيها قيم ودواعي التعايش- حتى تتهيأ أسباب تأججه وتفعيله وهو ما يدفع إلى طرح السؤال: ضمن أية شروط تاريخية تصبح الأفكار الفتنوية فاعلة؟ ويمكننا بهذا الصدد أن نسوق عدة فرضيات: أ- هنالك في كل وضعية فتنوية فراغات تواصلية في المجتمع وانحباس للمناقشة العامة يسهل اكتساح وتأجج الأفكار الانقسامية. ب- اختلال التوازنات الموروثة سواء بسبب استنفاد وانهيار عقد اجتماعي موروث أو بسبب ارتفاع قبضة سلطوية قاهرة إلخ… يمكن أن يكون بداية للفتنة إذا كانت المناعة الثقافية للنسيج الاجتماعي ضعيفة. ج- التدخل الخارجي في تأجيج مشاعر الكراهية وبناء توازنات غير عادلة وإغراء أطراف بأخرى و إيقاد الفتنة. وهو لا يكون فاعلا إلا على قاعدة مختلف العناصر الثقافية والسياسية الآنفة. 3- ما هي الممكنات التي يعرضها درس التاريخ الحديث في الصعود من الفتن ؟ لا شك أن  التجربة الغربية في الصعود من الفتن لم تبتدع قيم التعايش كالتعاون والتضامن واحترام الغير والتكامل الوظيفي والعدل الخ… ولكنها عثرت على قانون تفعيلها داخل مجتمعات متعددة تشقها الصراعات الاجتماعية والاختلافات الثقافية، وعلى قانون تحويل الاختلاف والتعارض إلى محرك للتطور الاجتماعي ومجال لإنتاج القيم المضافة. لم يعد الصراع والتعارض والتعدد مما يهدد وحدة النسيج الاجتماعي أو يوهنه، بل تحولت هذه القيم إلى مبادئ للاجتماع السياسي الحي والمتحرك نحو الأفضل. وفي الحقيقة لم يصبح ذلك ممكنا إلا بفعل تحقق مجموعة من الشروط: أ – تشكل تيار ثقافي تنويري واسع وقوي مناهض للتعصب داع لنبذ الفتنة، محاصر لرموزها وموقديها ومصحح لأفكار الوحدة والتماسك. فما يهدد النسيج الاجتماعي وسلطة الدولة ليس الاختلاف ولا الصراع ولا التعدد وإنما التعصب – أي الاستثناء المبدئي للقناعة الخاصة من التمحيص والغربلة – وممارسة ديكتاتورية الحقيقة وانغلاق منافذ الذات أمام النقد وضمور سلطة العقل أمام سلطة الموروث وغلبة الجانب اللاإرادي للهوية على الجانب الإرادي الخ… التنوير هنا لا يستهدف الاختلاف وإنما يوجه سهامه إلى أدوائه ومضمراته الفتنوية، لذلك فان مناهضة الفتنة كفتنة ستصبح نقدا عاصفا لأصول وجذور الفتنة ونواقض التعايش حيثما وجدت. سيتحول الإنتاج الفكري إلى مصهر نقدي تاريخي كبير للأفكار والقيم، وداخل هذا المصهر سيتشكل مجال حديث للاختلاف. ب –  النجاح في إنشاء وبناء حقل للاختلاف، ولم يكن ذلك ممكنا إلا بتحصيل القدر اللازم من الاعتراف الثقافي الأساسي المتبادل الضروري للتوافق السياسي ولبناء مؤسسات العيش المشترك، وبناء مساحة للثقة والاحترام والاعتراف لم يكن ممكنا بدوره إلا على قاعدة غربلة نقدية واسعة للثقافة وقع معها تفكيك منظومات ثقافية وإسقاط أوجه منها والاحتفاظ بأخرى واختفت معها بعض الأفكار من مسرح التاريخ واضطرت أخرى إلى التكيف وإعادة إنتاج نفسها. ج – ان ميلاد حقل للاختلاف ومساحة للثقة والاعتراف يظل باستمرار فعلا هشا قابلا للالتفاف عليه ما لم يتحول إلى مسار مفتوح لليقظة المعرفية والنقدية و لتحصين الوعي ضد عوامل الفتنة وأسباب الشقاق والانقسام. والتاريخ يعلمنا أنه لا يوجد نجاح نهائي في مجال القيم، فقد وقعت الفتنة في تاريخنا في الجيل الذي عاصر النبوة وولدت الأنظمة التوتاليتارية في العصر الحديث من رحم الديمقراطيات الخ… وعملية تحصين الوعي ضد الأفكار الانقسامية المميتة في التجربة الغربية الحديثة مسار نقدي متجدد ومفتوح اشتغل ويشتغل على جبهات عديدة: مناهضة ديكتاتورية الحقيقة والدفاع عن الإنتاج الاجتماعي المتعدد لها – أي الحقيقة – وكشف منطق الوهم وخداع الوعي الزائف في عالم التمثلات الجماعية، ونقد الذاكرة والتاريخ الذي أصبح مدارس في المعرفة التاريخية الخ… ه – إن استبعاد أسباب الفتنة ركن مكين في العقد السياسي والاجتماعي الحديث فلقد ولد هذا العقد من مواجهتين تاريخيتين كبيرتين: مواجهة الاستبداد السياسي ومواجهة الأفكار والمعتقدات الانقسامية الفتنوية المميتة. ومواجهة عوامل الفتنة كانت أسبق في تأسيسيتها للعقد الاجتماعي الحديث من الناحية الكرونولوجية. العقد الاجتماعي الحديث ينزل الدولة منزلة الحكم بين الخصوم لا محكمة الحقيقة ويقيم وسائط قوية بين الدولة والمجتمع ويسمح بظهور توترات الشرعية في مجال الرؤية والمناقشة العامة الخ… كما أنه عقد يقوم على الإيمان بمبادئ العدالة السياسية وعلى ممارسة الحياة العامة انطلاقا من هذا الاقتناع وهو معنى المواطنة… و كل هذا قطع للطريق أمام الأفكار الانقسامية وتحويل للاختلاف إلى طاقة دفع خلاقة للمجتمع.  

 

(المصدر:موقع أقلام أولاين الإلكتروني ( دورية فكرية سياسية  وتصدر مرة كل شهرين)العدد23  السنة السابعة  ماي|خوان 2009)
 


بعد موت أوسلو والعدوان على غزة

السلام مع إسرائيل أعسر من الحرب معها العدد الثالث والعشرون


نور الدين العويديدي بعد حرب غزة الأخيرة، التي تجلت فيها الوحشية الإسرائيلية أشد ما يكون التجلي، وبان فيها واضحا الصمود العظيم للمقاومة الفلسطينية الباسلة ولأهل القطاع، وتأكد عجز المشروع الصهيوني عن حسم المعركة لصالحه، رغم كل الجرائم التي اقترفها قديما وحديثا. وبعد تشكيل حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو/ليبرمان، وهي حكومة أعلنت رفضها مبكرا للأسس والقواعد التي قامت عليها مسيرة التسوية المجحفة أصلا بالحقوق الفلسطينية والعربية، ما ينذر بسلسلة حروب جديدة.. بعد هذه التطورات يتجدد السؤال عن مبرر استمرار وجود هذه الدولة العدوانية، وهل لا يزال هذا الوجود يمثل حلا لما عرف تاريخيا في أوروبا بالمشكل اليهودي، أم إنها باتت عبئا ثقيلا، أخلاقيا وسياسيا وحتى أمنيا، على المنطقة وعلى رعاة المشروع الصهيوني في الغرب وحتى على يهود العالم أنفسهم. كما يتجدد السؤال عن طبيعة العلاقة مع دولة العدو، وطبيعة الصراع بينها وبين العرب والمسلمين: هل هو صراع وجودي، أم مجرد نزاع على بعض الأراضي، وعلى مسار خط الحدود بين هذه الدولة وجيرانها من الفلسطينيين والعرب. حرب غزة: إجرام بالجملة وصمود مشرف أثبتت حرب غزة الأخيرة بشكل جلي حقيقتين لا يمكن إنكارهما أو التشكيك فيهما: – الحقيقة الأولى أن دولة الاحتلال دولة قامت على العنف والقتل والتدمير، منذ يومها الأول، ولا تزال على طبيعتها الأولى، كيانا يتغذى على الدماء والأشلاء. فالصور التي شاهدها الناس في أرجاء العالم من غزة، وتقارير الخبراء والمختصين ومنظمات حقوق الإنسان، تثبت، بما لا يدع مجالا للشك، أن جيش العدو قد استخدم أعتى ما في جعبته العسكرية من أسلحة، معدة للاستخدام في الأصل ضد الجيوش النظامية، في وجه مليون ونصف المليون من المدنيين وبضع مئات من المقاومين، وذلك في منطقة صغيرة محاصرة ومغلقة، لم يُتح للمدنيين فيها مجال للحركة والابتعاد عن مرمى النيران. وهو ما تضمن سلسلة طويلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، تسعى جيوش من المحامين لمتابعة قادة دولة العدو وقادة جيشها وجنودها لأجلها أمام المحاكم الدولية. – الحقيقة الثانية أنه رغم حجم النار والإجرام الواسع ضد البشر والشجر والحجر في غزة، أخفق جيش الاحتلال إخفاقا تاما في تحقيق أي من أهدافه، إذ لم يُخضع المقاومة لإرادته، وعجز عن وقف الصواريخ، التي برر حربه بالسعي لإيقافها، وعجز عن تحرير جنديه الأسير لدى المقاومة جلعاد شاليط. ولم يتمكن هذا الجيش من السيطرة الفعلية أو الحقيقية على أي مدينة أو حي سكني كبير في القطاع طيلة 23 يوما من العدوان. وظل يقدم ويحجم ويتقدم ويتأخر في مراوحة في ذات المكان، اضطر بعدها لوقف النار من جانب واحد. في المقابل أثبتت المقاومة قدرة عالية على صد جيش من أعظم الجيوش في العالم وأشرسها، ونجحت في إفشال مخططاته. كما أبدعت المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، في ظروف غاية في العسر والصعوبة، في توفير وسائل الصمود والثبات، رغم ميزان القوة المادي المختل كليا لصالح العدو. وتكشف فكرة الأنفاق تحت الأرض بين القطاع ومصر عن روح عظيمة من التحدي، وعن إرادة شعب لا يقهر، وعن إبداع مخيلة خصبة لدى المقاومين في اجتراح المعجزات، والتعالي على ما يبدو مستحيلا وترويضه والانتصار عليه. تجربة الأنفاق جديرة بالتقدير والإشادة، حتى من أعداء الفلسطينيين، لأنها تجربة تتجلى فيها العبقرية وإرادة الحياة معا. فالحفر تحت الأرض بعمق 30 مترا ولمئات الأمتار وحتى مسافة كيلومترين اثنين أحيانا، بوسائل بدائية، من أجل مواجهة الحصار وخرقه، وتوفير المواد الغذائية والأسلحة، تجربة لم تعرف البشرية نظيرا لها من قبل، وهي جديرة بأن تسجل ضمن أعظم الإبداعات الإنسانية في العصر الحديث. لقد أرادت إسرائيل من حربها الأخيرة على غزة استعادة قدرتها على الردع، التي تلاشت مع حربها ضد حزب الله في لبنان عام 2006. لكن حرب العام 2009 أكدت مجددا تآكل تلك القدرة الردعية. فجيش الاحتلال لم يخرج من غزة بأي نصر يعيد له الاعتبار، بل خرج مكللا بالعار والجريمة. ويعتبر ضرب قدرة الردع الإسرائيلية أمرا حاسما ومحوريا في مسألة بقاء إسرائيل واستمرارية وجودها. فإسرائيل لا تتحمل خسارة حرب كبرى، لأن تلك الخسارة تعني بداية النهاية للمشروع الصهيوني القائم على الحروب الخاطفة والانتصارات السريعة، وهو ما لم يعد متاحا تحقيقه مع حروب المقاومة ونوعية الأعداء الجدد للدولة العبرية. كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم أثبتت نتائج الانتخابات الإسرائيلية، التي جرت بعد الحرب الأخيرة على غزة، أن الرأي العام الإسرائيلي، الذي كذب عليه سياسيوه وعسكريوه كثيرا، لم يقتنع بأن الحرب قد تمخضت عن نصر حقيقي وملموس للكيان. وقد كانت نتائج الانتخابات تعبيرا عن ذلك، إذ أخفق السياسيون الذين قادوا الحرب في ضمان بقائهم في السلطة، وجاءت إلى الحكم في دولة العدو حكومة يمين متطرف، أعلنت تنصلها من مباحثات التسوية، وما تمخضت عنه من نتائج هزيلة، بما في ذلك مبدأ حل الدولتين وفكرة الأرض مقابل السلام، ما يجعلها اليوم في مواجهة مكشوفة مع العالم، ستؤدي إما إلى إجبار حكومة اليمين المتطرف على التنصل مما وعدت به ناخبيها من أجندة تلغي كل ما تحقق من مسار التسوية، وإما إلى مزيد كشف النفاق الغربي إذا تم تطبيع حكومة يمين فاشي من قبل السياسيين الغربيين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذين يعاقبون الشعب الفلسطيني لاختياره حركة حماس لحكمه وينفتحون على الصهاينة مهما كان تطرفهم. لقد أثبتت التجربة طيلة العقد والنصف الماضي بشكل جلي، أن كل حكومة إسرائيلية تأتي إلى السلطة تنسف ما توصلت إليه الحكومة التي سبقتها. فليس هناك قرار يمكن اعتباره قرار دولة تلتزم الحكومات المتعاقبة به، في حين تطالب اللجنة الرباعية حركة حماس بالاعتراف بإسرائيل، على اعتبار أن منظمة التحرير قد اعترفت بها. فمنذ اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إسحاق رابين دخلت مسيرة التسوية لعبة « نبذ العهود » المتواصلة، والتنصل المستمر من المواعيد الزمنية المحددة في الاتفاقيات، بحجة أن لا موعد مقدس. فما وصل إليه رابين مع الراحلين ياسر عرفات وحافظ الأسد، رغم إجحافه بالحقوق الأساسية للفلسطينيين والعرب، لم يلتزم به من أتى بعده من حكام الكيان. وهكذا انهار مشروع أوسلو فلسطينيا، وتم التخلي عن « وديعة رابين » على صعيد المفاوضات مع سورية، واستمرت إسرائيل تقضم الأرض الفلسطينية، وتنهب المياه، وتطوق القدس بالمستوطنات، وتتمحض للحرب في جنين ولبنان وغزة.. ولكنها حروب لم تزد إسرائيل سوى تشويها لصورتها في العالم، بل كشفا لطبيعة صورتها الحقيقية، التي أخفيت طويلا عن أنظار الرأي العام، كدولة قتل وعدوان، مع تآكل مستمر لقدرتها الردعية منذ أن انسحبت من جنوب لبنان عام 2000 وحتى اليوم. مشكلة للعالم وليست حلا لليهود ليست إسرائيل الآن مجرد مشكلة للفلسطينيين والعرب وحدهم. فهذه الدولة أصبحت مع الزمن مشكلة لليهود أيضا. كما صارت مصدر مشكلات أمنية حقيقة للغرب مع تفجر قضية « الإرهاب » في السنين الأخيرة. -فإسرائيل التي قامت لحل مشكلة اليهود في العالم لم تعد دولة مغرية بالنسبة إليهم، وصارت مصدر قلق روحي وأخلاقي، مع تورطها في المزيد من الدم والإجرام. فالهجرة العكسية من إسرائيل فاقت منذ سنوات حجم الهجرة لهذه الدولة التي تعرف نفسها باعتبارها دولة اليهود الوحيدة في العالم. -وكذلك فإن تأثير جرائم هذا الكيان على صورة اليهود وعلى نظرة الناس لدينهم باتت تقض مضاجع العديد من يهود العالم، حتى رأينا في فترة الحرب على غزة يهودا متدينين يمزقون جوازات سفرهم الإسرائيلية. كما أن اليهود في إسرائيل ذاتها يعيشون حالة انعدام أمن وجودية عميقة، تظهرها استطلاعات الرأي المختلفة، ويكشف عنها جنوح الإسرائيليين، حتى « المدنيين » منهم لمنسوب كبير من العنف في ما بينهم وضد الفلسطينيين. كما تظهر استطلاعات الرأي أن الإجرام الإسرائيلي قد زاد من منسوب ما يعرف باللاسامية، أو العداء لليهود في العالم. الأمر الذي يعني أن هذه الدولة لم تحقق الوعود التي نشأت لتحقيقها، وهي أن توفر الأمن المفقود ليهود العالم، بل خلقت لهم مشكلات أمنية وروحية وأخلاقية ليس من السهل تجاوزها أو محوها. -كما أن انتشار ما يوصف بالإرهاب في العالم عامة وفي الغرب خاصة مصدره الرئيس، كما يعترف بذلك المراقبون الغربيون، هو الإرهاب الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، الذي ولد حالة من الإحباط والغضب العارم والكره العميق للغرب، تجسد في تفجيرات مروعة في نيويورك ومدريد ولندن وباريس. -في المقابل فإن استمرار سلوك هذه الدولة العدواني وتمحضها للحرب، مرة كل عامين، خلال السنوات الأخيرة، بعد أن كانت حروبها تقع مرة كل عقد في الماضي، يجعل منها عبئا ثقيلا على الضمير الإنساني. وقد أثبتت استطلاعات رأي أنجزت في أوروبا قبل أعوام أن 59 في المائة من الأوروبيين يعتبرون إسرائيل والولايات المتحدة يمثلان أكبر خطر على السلم والأمن في العالم. – وبالنسبة للغرب فقد اكتشف في مناسبتين اثنتين على الأقل، هما حرب الخليج الأولى وحرب احتلال العراق عام 2003، أن وجود إسرائيل ليس مكسبا للغرب بل عبئا عليه حين يريد القيام بعمليات عدوان في المنطقة. ففي الحربين لم تشارك إسرائيل، وكان اشتراكها سيعني انفضاض التحالف، الذي شكلته الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق. كما وجدت الولايات المتحدة نفسها مضطرة لتزويد إسرائيل بعدد من صواريخ باتريوت لحمايتها من الصواريخ العراقية، ما يعني أن هذا الكيان الذي كان ينظر إليه سابقا على أنه قاعدة متقدمة للغرب، تتولى القيام بالمهمات القذرة، تبين أنه قاعدة غير صالحة للاستخدام وقت الملمات، وأنه كيان يحتاج هو ذاته إلى الحماية، بدلا من تقديم الخدمات للقوى التي بعثته للوجود.. كل هذه التطورات يفترض أن تدفع لمراجعة جدوى الإبقاء على هذه الدولة التي باتت مصدر مشكلات لا تعد ولا تحصى لليهود وللعرب وللغربيين. السلام مع إسرائيل ليس أيسر من الحرب معها لم تقبل إسرائيل السلام مع العرب والفلسطينيين، رغم التنازلات الكبرى، التي قدمها لها الحكام العرب وتيار أوسلو بين الفلسطينيين. ومع حكومة نتنياهو لم تعد العلاقة مع العرب قائمة على مقولة « الأرض مقابل السلام »، وصارت الآن قائمة على مقولة « السلام مقابل السلام »، وهو ما يعني أن إسرائيل، التي سيطرت على الأرض بالقوة، لن تعطي منها شيئا الآن بالتسوية والمفاوضات. إسرائيل دولة لا تعيش إلا على العدوان، والتسوية معها ليست بأيسر من الحرب. فعقد ونيف من مسيرة أوسلو لم يؤد إلا إلى المزيد من السيطرة على الأرض، وتوسيع الاستيطان، وتهويد القدس، بما يؤدي نهائيا إلى شطب إمكانية إقامة دولة فلسطينية على أي جزء من الأرض. وفضلا عن ذلك استمرت إسرائيل في ممارسة الحرب، وصارت دورية حروبها أكثر تقاربا زمنيا. وبما أن أوسلو قد فشل فشلا تاما، وأُقفل بذلك الباب واقعيا عن فكرة التفاوض والتسوية الجادة مع إسرائيل، وكذلك الأمر على صعيد العلاقة مع سورية، لم يبق أمام العرب سوى خيارين: الاستسلام النهائي أمام توسع الاستيطان وقضم الأرض وفرض الأمر الواقع، مع ممارسة حروب تختار إسرائيل توقيتاتها، أو التفكير في خيار الحرب على هذا الكيان والعمل على شطبه من الوجود، طالما تأكد أن لا سلام معه ولا مناص من الحرب معه. الأمر المؤكد أن عرب اليوم غير مؤهلين للحرب. فشروط هذا الخيار غائبة كل الغياب. لكن ما لا يمكن تحقيقه اليوم قد يتحقق غدا، وما يعجز عنه هذا الجيل قد ينجح الجيل القادم في تحقيقه. ولنا في التاريخ القريب والبعيد خير مرشد ودليل. فالصليبيون الذين هيمنوا على المشرق العربي كله وتحالفوا مع التتار والمغول، رحلوا ضمن الراحلين، وانتهى وجودهم من الشرق بأسره بعد مرور نحو مائتي عام من غزوهم للشرق. إن حالة العجز العربية الراهنة ليست نهاية المطاف، لكن ذلك يقتضي أن يتحرر العقل العربي من ضغط الواقع الراهن، وعلى العرب أن يراجعوا بجد موضوع التسليم للأبد بوجود إسرائيل كحقيقة لا تقبل النقض. فشطب هذه الدولة يخلص المنطقة من شر هذا الكيان العدواني. وهو يمثل أيضا إنقاذا لليهود من ورطة أوقعوا فيها أنفسهم، وأوقعتهم فيها الامبريالية الغربية، التي استهدفت تمزيق المنطقة العربية والإسلامية، وجعل اليهود كلاب حراسة للمصالح الهيمنية الغربية. كما يعني القضاء على إسرائيل تخليصا للضمير الإنساني من مظلمة كبيرة وقعت على العرب عامة والفلسطينيين خاصة، بحجة تخليص الضمير الأوروبي من عقدة اضطهاد اليهود. فمن الظلم البيّن أن تدفع أمة ضريبة عُقد أمم أخرى. إن العالم اليوم أمام تحولات كبرى تجعل المستقبل حاملا لوعود غير عادية. فالأزمة المالية الكبرى التي تضرب العالم، بما يهدد بتغيير خارطة القوة الاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية، وزحزحة مركز القوة من أوروبا وأمريكيا الشمالية نحو جنوب شرق آسيا، وكذلك تسارع التطورات والقفزات العلمية والتقنية، ونشوء أجيال من الأوروبيين غير محكومة بعقدة اضطهاد اليهود، ونمو جاليات عربية وإسلامية مهمة في الغرب، وكذلك تمكن العرب والمسلمين من ناصية العصر، رغم بقاء الحكومات العربية الحالية عامل إضرار بقوة العرب ووحدتهم، يضاف إلى ذلك انهيار قدرة الردع الإسرائيلية، وتآكل نوعية العنصر البشري الإسرائيلي.. كلها معطيات تقول إن زوال إسرائيل ليس أمرا مستحيلا، وأن التفكير في هذا الأمر يجب أن لا يغيب عن الأذهان، فعلى الخيال أن يتحرر من ضغوط الواقع الراهن. فصورة عالم الغد ليست محكومة كليا بواقع الحال اليوم. فما يستحيل تحقيقه الآن قد يكون تحقيقه ممكنا بعد عقد أو عقدين من الزمن.. وكم هم المحتلون الذين مروا من هذه المنطقة وانقشعوا عن وجهها مثلما ينقشع الذباب.  
 
(المصدر:موقع أقلام أولاين الإلكتروني ( دورية فكرية سياسية  وتصدر مرة كل شهرين)العدد23  السنة السابعة  ماي|خوان 2009)
 

مشروع المقاومة وعقود الاستهداف الخارجي والفتنة الداخلية


بقلم : عبد السلام بوعائشة  من الوقائع المستجدة في ساحتي الفكر والسياسة العربية المعاصرة لمرحلة ما بعد دولة عبد الناصر وتراجع فاعلية المشروع القومي العربي وتوقيع « معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية »سنة 1979 صعود تيارين في الفكر والسياسة يستهدف كل منهما ملء الفراغ الذي تركته التجربة الناصرية فكرا وسياسة  ومشروعا ويسعى لتسييد بدائله في معركة كسب الرأي العام على المستويين الرسمي والشعبي ويخوض في سبيل ذلك حروبا وصراعات عديدة :      التيار الأول اختزله شعار محمد أنور السادات الرئيس المصري السابق عندما قال في سياق الدفاع عن سياسته المرتهنة للقرار الأمريكي »إن99 ٪ من الحل بيد الأمريكان » وكان يعلن بذلك الشعار عن نهاية  مرحلة المواجهة القومية والصراع مع المشروع  الصهيوني والغربي الرأسمالي وبداية مرحلة جديدة من السلام والتعايش على قواعد التطبيع مع « إسرائيل » وفتح الحدود الاقتصادية والثقافية على الفكر اللبرالي الغربي والقطع مع كل خيارات المشروع القومي العربي لدولة عبد الناصر وحلفائها من العرب وقد استمر هذا التيار في التصاعد طيلة ثلاثة عقود جارفا في طريقه تراث التجربة الناصرية وانجازاتها السياسية والاقتصادية في الداخل المصري والخارج العربي والدولي ومن جملة ما جرفه مبدأ الصراع مع الصهيونية والرهان على الاشتراكية كخيار تنموي والتحرر من الاستعمار كقاعدة لأي بناء وطني والوحدة العربية كأساس للنهضة القومية وسعى في نطاق تحالفاته الخارجية للقضاء على كل بؤر التحرر العربي والممانعة القومية وقواها المنتشرة على امتداد الساحة العربية دولا وأحزابا ومنظمات وهتك كل قواعد الأمن العربي العسكرية منها والاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية مما هيأ أوضاعنا لمزيد الاختراق والتدخل الخارجي والاستهداف الإقليمي والدولي الذي يعمل الآن على إعادة صياغة نظامنا العربي بالكامل على قواعد جديدة ليس من بينها السيادة الوطنية أو الخصوصية الحضارية أو الحقوق القومية ويمثل الوضع العراقي والفلسطيني والسوداني والصومالي واليمني واللبناني نموذجا سياسيا حارقا لمدى الاختراق الحاصل والتداعي المربك كما تمثل الأوضاع المعيشية لجموع الشعوب العربية نموذجا اقتصاديا لمدى تغلغل المصالح الأجنبية ونفاذ استراتيجياتها. أما التيار الثاني فتمثله ما اصطلح على تسميته بحركات الإسلام السياسي التي شهدت صعودا فكريا وسياسيا وحركيا متزامنا مع صعود التيار الأول وإن كان لا يرفع ذات المبادئ والشعارات خاصة وهو المتهم باغتيال الرئيس المصري أنور السادات بل إن هذا التيار يطرح ذاته وخياراته بديلا أصوليا  يستهدف صحوة إسلامية عالمية مركزها من المحيط إلى المحيط تنقل الصراع من دائرة الجغرافيا والاقتصاد والسياسة إلى دائرة العقائد الدينية وتخوض جهاد الكل الإسلامي في مواجهة الكل غير الإسلامي بقطع النظر عن الروابط القومية أوالطبقية أو الإجتماعية .وقد شهد هذا التيار صعودا لافتا بعد اغتيال السادات في مصر ونجاح معارك »الجهاد الإسلامي » في  إلحاق الهزيمة بالجيش السوفياتي في أفغانستان وخاصة بعد بروز تنظيم القاعدة وعملياته المتنوعة في شتى أنحاء العالم والتي أعطته حضورا إعلاميا وعالميا بارزا دفع به إلى صدارة اهتمامات الرأي العام وجعله مصدر إلهام لجيل كامل من الشباب وجد في الإسلام حلا شاملا لكل مشاكله وقضاياه التاريخية العالقة وأطلق عليه جيل الصحوة الإسلامية.إنه ذات الجيل الذي يعقد اليوم آماله ويعتقد ضالته في حركة حماس وفي شباب المجاهدين والمحاكم الإسلامية في الصومال وحركة طالبان والجماعات الإسلامية في أفغانستان وباكستان وفي حزب الله في لبنان وفي حركة الإخوان المسلمين في كافة الدول العربية على اختلاف التسميات فيها وباختلاف مواقعها منها في السلطة وفي المعارضة ويملأ فضاءات الانترنت ومنابر المساجد ومنتديات السياسة وحقول العمل الجمعياتي دعوة للدين والمقاومة والجهاد حتى يعاد للدين نقاؤه وللدعوة صورتها الأولى. وازداد بريق الصحوة ألقا وتألقا مع إعلان المحافظين الجدد في أمريكا حربهم ضد الإسلام والمسلمين تحت ذريعة الحرب على الإرهاب والدفاع عن الحرية ومبادئ العالم الحر.    إن التزامن  في صعود هاذين التيارين -رغم ما يحمله ظاهر كل مشروع من شحنة ايديولوجية وسياسية مناقضة للآخر تصل حدود التخوين والتكفير والإقصاء والقطيعة – صاحبه تراجع خطير في مستوى الأداء الحضاري والسياسي للمجتمع العربي ولدوله القائمة وأحدث انقسامات أفقية وعمودية  بارزة في مجمل الأنسجة المكونة لهما تفاقمت في عديد الأقطار لتتحول إلى بؤر للفتنة والعنف والاقتتال غذتها التدخلات الخارجية واستراتيجيات الاستقطاب الإقليمي والدولي بغرض تفكيك الكيان الحضاري القومي للأمة العربية وإعادة صياغة وجودها على قواعد القبيلة والطائفة والمذهب والعرق مقدمة لاختراقات أعمق تستهدف صهر شخصية الإنسان العربي في منظومة الفكر والثقافة اللبرالية الغربية. إن الصعود اللافت لهاذين التيارين المتناقضين وما راكماه على امتداد صراعهما كان من نتائجه المباشرة تداعي كل منظومات الحد الأدنى من العمل العربي المشترك(أين الجامعة العربية ?) وتداعي الوحدة الوطنية في أكثر من قطر(لبنان والسودان واليمن وفلسطين والصومال والعراق والكويت والبحرين وقد نضيف الجزائر والمغرب وموريتانيا) وتداعي منظومة الانتماء والولاء للهوية العربية الجامعة لمصلحة هويات فوق قومية(الهوية الدينية) أو هويات تحت قومية( الطائفة والمذهب )أو هويات قبل قومية(القبيلة والعشيرة والأسرة) أو هويات فردية منبتة عن جميع روابط التاريخ أو الجغرافيا( النزوع الفردي نحو عصابات الجريمة بأنواعها) ولا أرى أبلغ في التعبير عن  حجم هذا التداعي من الهجرة الجماعية للشباب العربي عن كل قضايا أمته وقضاياه وهي هجرة تتخذ أشكالا متعددة منها الركون إلى التدين السلبي والمبالغة في طقوسه ومنها النزوع المدمن إلى عالم اللذة والحواس والحياة المادية ومنها الركوب إلى عالم الهجرة والموت في الآخر.    لست أريد في هذا السياق من عرض النتائج أن أناقش هذا المشروع أو ذاك كما أني لست بصدد الدفاع عن مشاريع أصبحت تاريخا وتراثا للجميع وإنما أردت أن أشير إلى خطورة  تغافل أي مشروع بديل عن حقائق الواقع الاجتماعي والتاريخي للشعوب التي يسعى لخدمتها وتطوير حياتها لأن هذا التغافل أو التجاهل لا يمكن علاجه بالنوايا الحسنة أو بافتعال حقائق لا تستقيم في الواقع أو بالإصرار على محاولات إخضاع  التاريخ لمنطق الايدولوجيا أو منطق المصالح الاقتصادية أو السياسية وهو ما عجزت تجارب عالمية عديدة عن تحقيقه كالفاشية والنازية والشيوعية والمركزية الأوروبية . من جهة أخرى أردت التأكيد على أن الأمة العربية برغم كل ما أصابها طيلة العقود الأخيرة ما تزال الحاضنة الأبرز لمشروع الممانعة والمقاومة والتحرير وهي الآن تدفع من رصيد نضالها التاريخي الطويل وبتضحيات شبابها المقاوم في العراق وفلسطين وفي كل ساحات الفعل الممانع  فاتورة الجرائم والأخطاء المميتة التي ارتكبتها في حقها طوابير الهزيمة والاستسلام ومشاريع الفتنة والتقسيم المحمولة على برامج التدخلات الخارجية ومصالح الدول الكبرى.
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 87 بتاريخ 29 ماي  2009)


قراءة في تشكل الحل العلماني في الغرب الحديث (1 من 2)

 


  د. رفيق عبد السلام من المهم لفت الانتباه إلى أن علاقة الدين  بالسياسة عامة، وبالدولة خاصة لا يمكن فهمها بمعزل عن سياقات التاريخ السياسي الغربي، كما أن الحديث عن المسألة الدينية في الغرب الحديث لا ينفصل عما يمكن تسميته بالحل العلماني الذي فرض نفسه على الفضاء السياسي الغربي خلال القرنين الأخيرين على الأقل، مع تفاوت في درجة الأخذ بهذا الحل من بلد غربي إلى آخر. الحروب الدينية وخيار التسويات كانت العلمانية في صورتها العامة عبارة عن تسويات تاريخية فرضتها أجواء الحروب الدينية التي شقت القارة الأوروبية بدءا من القرن السادس عشر، بما جعل من غير الممكن استمرار الوضع على ما كان عليه، أو  العودة به إلى  ما قبل  مرحلة الحروب الدينية. فقد حاولت الكنيسة البابوية في روما مثلا إعادة فرض الانسجام الداخلي المفقود بقوة الحديد والنار، ولكن الشروخ التي فتحتها موجة الحروب الدينية أخذت من الاتساع مأخذاً يفوق إرادة الرتق البابوي. وهذا لا يعني أن تاريخ المسيحية عامة، والمسيحية الأوروبية خاصة، كان تاريخ الموادعة والسلم، أو أن حروب القرن السادس عشر كانت مجرد حدث استثنائي وعابر  في مسار التاريخ الكنسي، فقد كان التاريخ المسيحي في صورته الغالبة عبارة عن حالة دائمة من الصراعات والمنازعات الباردة والساخنة بين مختلف الطوائف المسيحية وغيرها، ولكن ما ميز الحروب الدينية للقرن السادس عشر قياسا بسابقاتها هو اتساع الشرخ الذي فتحته داخل المسيحية الكاثوليكية مع عجز الكنيسة عن استعادة زمام المبادرة، بما جعل البروتستانتية تتحول من مجرد « هرطقة » ناشزة، إلى « دين » جديد منازع للدين الرسمي. لئن  تمكنت  الكنيسة البابوية  ومنذ  وقت  مبكر  (أي منذ أن احتضنتها  الدولة الرومانية) من فرض نوع من الانسجام والاستقرار الداخليين في عموم أوروبا المسيحية، إلاّ أن  ذلك لم يكن  بمنأى عن استخدام ضروب شتى من القهر الديني والكبت الفكري.  كانت الكنيسة البابوية مهووسة بإدارة حرب دائمة لا هوادة فيها ضد من أسمتهم هراطقة الداخل، أي مختلف النحل المسيحية التي لا تنسجم تأويلاتها الدينية مع التأويل الرسمي للكنيسة البابوية في روما، وضد  وثنيي وكفرة الخارج الذين يهددون أتباع الصليب والكنيسة، أي ضد اليهود والوثنيين ثم المسلمين. ولعل هذا  ما حدا بالمؤرخ الفرنسي داليمو إلى  القول بأن سر عبقرية الغرب المسيحي الأوروبي، إن كانت هنالك عبقرية أصلا، إنما تكمن أساسا في قدرته الخارقة على الاستمرار والتعايش مع موجات القتل والحروب المرعبة التي كان لها أن تطمس وجوده وتخسف كيانه من الأساس. فمأساة الحروب الدينية وما صحبها من  أوبئة مفنية وأمراض مهلكة للحرث والنسل، والتي كان من الممكن أن تنهي أي معنى للحياة المدنية، هي نفسها التي دفعت بالأوروبيين إلى البحث عن الخروج من هذا النفق المظلم عبر انتهاج الحل العلماني، وقد بدأ هذا الحل اجتراحاً عملياً لوفاقات دينية بين مختلف الطوائف المتنازعة، قبل أن يكتسب الحل دلالة فكرية أو سياسية محددة المعالم فيما بعد.  مرت أوروبا وعلى امتداد مائة وثلاثين سنة متتالية ( 1559- 1689)، أي منذ ظهور الحركة البروتستانتية في الشمال الأوروبي وتمدّدها نحو الوسط بحالة واسعة من الاضطرابات السياسية والحروب الدينية المفزعة. ففرنسا مثلا امتدت حروبها الدينية زهاء ستة وثلاثين سنة تقريبا (ما بين 1562 إلى1598) قبل أن تتجدد مرة أخرى في القرن السابع عشر، مخلفة وراءها ركاما هائلا من القتل والتدمير والانتقام المتبادل بين الكاثوليك والطائفة البروتستانتية الكالفينية. أما ألمانيا فقد  امتدت حربها  الدينية هي الأخرى ما بين 1618 و 1648 في إطار ما عرف وقتها  بحرب الثلاثين سنة. ورغم أن حروب بريطانيا وثوراتها الداخلية لم تكن لأسباب دينية محضة إلا أن العامل الديني لم يكن غائبا منها تماما، سواء أكان ذلك فيما عرف وقتها بالثورة الطهورية التي امتدت من 1660 إلى غاية 1688، ثم ثورة المجد ما بين سنتي 1688 – 1689. كما مرت أسبانيا والنمسا وأغلب ممالك أوروبا الغربية بأجواء مشابهة تقريبا. وفعلا تمكنت الكالفينية وفي أقل من ثلاثة عقود من  الزمن من السيطرة على سكوتلندا والأراضي الشمالية للبلاد السكاندينافية، وتمكنت بصورة مؤقتة من الاستيلاء على السلطة في بريطانيا مع محاولات مماثلة في فرنسا وألمانيا وبولونيا وهنغاريا. وفي مواجهة ذلك حاولت الكنيسة الكاثوليكية، ومنذ أواسط القرن السادس عشر وإلى غاية منتصف القرن السابع عشر استعادة وحدة المسيحية البابوية بكل ما هو متاح من أدوات القتل والانتقام وألوان التنكيل التي  يشيب لهولها الولدان… من ذلك أنه أضحى غير كاف عدم المجاهرة بالعداء للكنيسة بل لا بد من الكشف عن السرائر و »شق » الصدور، في إطار ما أطلق عليه فيما بعد اسم محاكم التفتيش.   ولكن مع كل هذه المحاولات المضنية التي قامت بها الكنيسة البابوية بهدف إلغاء حالة الانقسام التي شقت الكنيسة بقوة الإكراه والعنف،  ظل الشرخ عميقا ولم تقدر على رأبه أو إلغائه. فقد غطى الانقسام الطائفي جميع المستويات الاجتماعية والسياسية: الأمم والمدن والقرى والعائلات، وعليه زادت الكنيسة في استفحال الأزمة بدل مداواتها، وتبعا لذلك فقدت  قدرتها على التوحيد الاجتماعي والنظم السياسي. ومن  أعماق هذه الأزمة الواسعة بدأت تتخلق بذور التعايش بين مختلف الطوائف المسيحية، ومن أتون هذه الحروب الدامية بدأت تتبلور مقولة التسامح الديني، أي فكرة التعايش السلمي مع حالة التعدد الديني والتنوع الطائفي، وقد اقتضى ذلك جهدا كبيرا في  إعادة تأويل مصادر التفكير المسيحي. والخلاصة من كل ذلك، أن العلمانية السياسية، بما هي فصل الكنيسة عن الدولة لم تكن خيارا أيديولوجيا بقدر ما كانت حلا إجرائيا فرضته الصراعات الدينية، في حالة تاريخية كانت مطبوعة بالتصدع والأزمات الخانقة بما جعل من غير الممكن تأسيس الاجتماع السياسي والثقافة العامة على أساس وحدة الدين، وقد اقتضى ذلك إعادة بناء التفكير الديني على ضوء الموازنات الجديدة التي أفرزتها هذه الحروب الدينية. ومن هنا يمكننا أن نفهم لماذا تجد العلمانيات الغربية إلى يومنا هذا صعوبات كبيرة في التعاطي مع الوجود الإسلامي الناشئ ـ كما وجدت قبل ذلك صعوبة في التعامل مع الأقليات اليهودية ـ على كثرة ما يرفع من شعارات التسامح والتعايش الديني والثقافي، فمبعث ذلك يعود إلى كون مفهوم التسامح الذي نشأ في مناخات الحروب الدينية لا يعدو أن يكون استجابة لمعالجة الانقسام الحاصل داخل الكنيسة بالأساس، ولم يكن معالجة لمشكلة التعددية الدينية بإطلاق، ومن ثم لم يكن من اليسير تمديد هذا المفهوم ليشمل طوائف دينية ومذهبية أخرى خارج إطار الكنيسة الرسمية أو الديانة المهيمنة، وإن كان ذلك لا ينفي وجود محاولات محتشمة يبذلها اليوم بعض رجال الدين من ذوي التوجهات الليبرالية لتمديد فكرة الخلاص الديني لتشمل الديانات المغايرة بدل اقتصارها على أتباع  المسيح المخلص، كما أن هناك محاولات يبذلها بعض المفكرين الليبراليين لتوسيع نطاق فكرة التسامح لتشمل المسلمين. قامت الإصلاحية البروتستانتية دون وعي منها بزرع بذور العلمنة السياسية في عموم القارة الأوروبية وخاصة في الشق الشمالي منه، أين تمكنت اللوثرية والكالفينية من مد جذورها وتثبيت أقدامها. ولا يعني ذلك أن الإصلاحية البروتستانتية التي نادت بالعودة إلى أصول الكتب المقدسة وما أسمته بالآباء الروحيين بديلا عن التأويلات الكنسية الرسمية، لا يعني أنها كانت تهدف بمحض إرادتها إلى تحفيز حركة العلمنة، أو الانعطاف عن الدين بقدر ما تمخضت هذه الحركة عن جملة من التداعيات السياسية والاجتماعية لم تكن هي نفسها واعية بمآلاتها ونهاياتها، ومن أهمّ تلك التداعيات الممهّدة للعلمانية ما يلي : أولاً: تفجير عرى النظام السياسي والاجتماعي »الوسيط » الذي كانت تقوم  البابوية الكاثوليكية على شد عراه، ولحم سداه، وذلك بحلّ الترابط الوثيق الذي كان يربط الكنيسة البابوية بالدولة الإقطاعية، فضلا عن الادعاءات الثيوقراطية المقدسة التي كان يتأسس عليها النظام السياسي الاجتماعي وقتها. كانت البروتستانتية بمثابة الفتيل الذي أشعل لهيب حروب دينية وطائفية واسعة النطاق، الأمر الذي أدخل النظام الإقطاعي الكنسي في أتون أزمة خانقة لم يقدر على تجاوز مخلفاتها، ولا تدارك ذيولها، ومن ثم فتحت هذه الحروب الأفق التاريخي أمام العلاج العلماني دون وعي منها، فمن رحم الحروب الدينية تشكلت مقولة الفصل بين الكنيسة والدولة، ثم مطلب تموضع هذه الأخيرة فوق الصراعات الطائفية باعتبارها حامية السلم المدني، مع إخضاع الكنيسة لسيادة الدولة القومية. ثانياً: وفرت البروتستانتية الشروط التاريخية، والمسوغات الدينية والكلامية التي ساعدت على تعاظم سلطة الدولة الزمنية، التي ستصبح تدريجيا أهم قوة محركة للعلمنة في الفضاء السياسي والثقافي الغربي. فقد عملت الدولة الزمنية على افتكاك الكثير من الوظائف السياسية والاجتماعية التي كانت تستأثر بها الكنيسة، كما قامت على صهر المختزنات المسيحية ضمن وعاء المشاعر القومية المتمركزة حول فكرة الأمة، وفكرةو المجد القومي  المطبوعتين بروح دنيوية معلمنة. بل إن الدولة القومية الحديثة قد أخذت الكثير من الطقوس والبنى التي كانت حاضرة في الكنيسة ضمن وعاء معلمن بما يعزز شرعيتها الرمزية وسلطانها الفعلي على الأرض. لقد حرص الإصلاحيون البروتستانت وفي معرض تبّرمهم من الكنيسة البابوية، وسعيهم إلى توهين نفوذها على منح الحكام الزمنيين والسلط « العلمانية » شرعية كاملة وصلاحية مطلقة في إدارة الشأن الدنيوي، وفي مقدمة ذلك تسويغ استخدام السيف بهدف فرض الاستقرار المدني بين الناس المدفوعين بطبائعهم الشريرة إلى ارتكاب الآثام، والإقدام على الظلم والعدوان على ما يقول لوثر مثلا. ومن المعلوم هنا أن نظرة الآباء الإصلاحيين  للاجتماع السياسي تتأسس على تصور قاتم ومخيف للذات البشرية، إذ هي تكاد تتطابق عندهم مع غريزة الاستحواذ والعدوان، وهي نفس الوجهة التي سيعمل بعض الفلاسفة السياسيين المنعوتين بالواقعيين وخصوصا هوبس في القرن السابع عشر على دفعها إلى حدودها القصوى.كما نادت الإصلاحية عامة بضرورة طاعة الحاكم، وإلى الخضوع للسلطة الزمنية مهما كانت أخطاؤها وانحرافاتها، وذلك باعتبارها ضامنة السلم المدني، وصاحبة السيادة الشرعية على أجساد المؤمنين. ولم يكتف لوثر بتفكيك أسس الشرعية الدينية والكلامية التي تتأسس عليها سلطة الكنيسة البابوية، بل أكثر من ذلك عمل على ملء الفراغ الديني والسياسي الذي تركته البابوية، وذلك عبر مقولة حق الأمراء في إدارة الشؤون الزمنية والدينية على السواء، بما في ذلك حقهم في ممارسة سلطتهم الإكراهية على الكنيسة نفسها، كما دافع لوثر عن مقولة الطاعة المطلقة للحكام الزمنيين، حتى وإن كانوا من صنف الحكام الظلمة والمتجبرين. صحيح أن النموذج الأمثل الذي ينشده لوثر هو نموذج من أسماهم بالأمراء الربانيين الذين يديرون شؤون الرعية برأفة وعدل، ولكن في حالة انعدام هذا النموذج الأمثل (وفعلا أضحى هذا النموذج غائبا في عصره) فإن مبدأ الضرورة السياسية – أي ضرورة فرض السلم المدني ومنع العدوان – فرض عليه إعطاء الأولوية للطاعة والانضباط المطلقين على المطالب الأخلاقية المثالية.  ثالثاً: عملت البروتستانتية على نزع الغطاء الديني عن الكنيسة البابوية من خلال دمغها بالمروق الديني والفساد المالي، ومن ثم تجريدها من مشروعية التحكم في أرواح المؤمنين وأجسادهم، ومثال ذلك أن مقولة الخلاص الديني عند الإصلاحيين البروتستانت أضحت مرتبطة بدواخل  المؤمن وإرادة الرب، وما عاد لها علاقة مباشرة بالكنيسة ورجالاتها. فالخلاص الديني عند لوثر وكالفن وبقية تلاميذهما يتأسس على الانتداب أو الاصطفاء الربوبي في تخليص من يشاء من عباده ولا صلة له بالكنيسة من قريب أو من بعيد، كما عملت  البروتستانتية بالتزامن مع ذلك على نفي فكرة حق  الكنائس التدخل المباشر في مجال السلطة السياسية الزمنية. ورغم أن لوثر  أعاد الاعتبار لثنائية المتكلم المسيحي أوجستين الراجعة للقرن الرابع  ميلادية، تلك الثنائية القائمة على مملكة الرب الروحية ومملكة الإنسان الزمنية الفانية، إلا أن  المملكة  الروحية عنده وخلافا لأوجستين تتعلق بالمجال الباطني الروحي للمؤمن أساسا ولا تتعداه إلى المجال الزمني.  رابعاً : ساهمت الحركة الإصلاحية في تعميق نزعة استقلالية جهوية عن الكنيسة البابوية في روما، ومن ثم  إعطاء زخم جديد  للروح القومية الآخذة في التبلور، وعلى هذا الأساس أصبحت البروتستانتية حاملا لمشاعر قومية وإن كان ذلك ضمن وعاء لغة دينية ورموز إنجيلية. فاللوثرية في ألمانيا، والكالفينية في سويسرا لم تكتفيا بالحمل على البابوية واتهامها  بالفساد الأخلاقي والديني،  بل عملتا  فضلا عن ذلك على إقامة  كنائسهما الخاصة في المواقع الجغرافية التي سيطرتا عليها، وانتزعتاها من بين أيدي السلطة البابوية في روما. وفعلا تحولت هذه الكنائس بشكل أو بآخر إلى خزان حامل لمشاعر جهوية انفصالية، مهدت الطريق لما عرف لاحقا بتشكل بالروح القومية. ما سبق ذكره أعلاه يبين أنه لا يمكن تقديم قراءة جادة لحركة العلمنة في السياق الغربي بمعزل عن القوى الفاعلة والمحركة لهذه الظاهرة، ومن ذلك خطل تلك المقولة الرائجة في أوساط الكثير من المثقفين العرب والمسلمين والتي مفادها أن الغرب المسيحي قد سار على درب العلمانية لمجرد كون المسيحية قد نادت بإعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر، أو لمجرد  وجود خطاب فلسفي منافح عن قيم العلمنة أو الإلحاد، دونما انتباه يذكر إلى الطابع المركب والمعقد سواء للمسيحية – نصوصا ومواريث كلامية – أو للتجربة تاريخية. صحيح أن  النصوص الدينية المسيحية قد تم استدعاؤها وإعادة تأويلها بما يخدم خيار العلمنة السياسية، كما  استعملت سندا قويا سواء  لتبرير فصل الكنائس عن الدولة أو لإخضاعها بالكامل لسلطة الدولة الزمنية، ولكن مع ذلك يبدو لي أنه ما كان من الممكن الاتكاء على هذه المسوغات الإنجيلية والكلامية لولا ظهور الدولة الزمنية والقوى الاجتماعية العلمانية كقوى منافسة للكنائس ورجال الدين. وعلى هذا الأساس لا يمكن فهم حركة العلمنة من خلال التبريرات الكلامية أو المسوغات النظرية التي قامت عليها، بمعزل عن البواعث التاريخية والقوى الاجتماعية الدافعة لها..  فالعلمانية تظل في جوهرها حركة اجتماعية تاريخية لها بواعثها الموضوعية، وحملتها الاجتماعيون قبل أن تكون منتجا آليا للنصوص الإنجيلية، أو إفرازا لمدونات اللاهوتيين أو تنظيرات الفلاسفة. ومثال ذلك  أن  مقولة إعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر التي وردت في الأناجيل نقلا عن السيد المسيح عليه السلام، كانت هي نفسها تفهم ضمن السياق المسيحي الوسيط باعتبارها دعوة  للجمع بين الديني والسياسي، وهي نفسها أصبحت تفهم في أجواء « الأزمنة الحديثة » وصعود قوى العلمنة بدءا من القرن السادس عشر على أنها دعوة للفصل بين الكنيسة والدولة. وهذا الأمر يدل على أن عملية تأويل النصوص الدينية لا تنفصل في حقيقة الأمر عن طبيعة الأوضاع التاريخية التي تتنزل ضمنها، وعن الأجواء الثقافية والمشاغل السياسية للمسؤولين. وعلى الجملة يمكن القول إن العلمانية كانت  في محصلتها النهائية تعبيرا عن انكسار المعادلة التاريخية التقليدية القائمة على الكنيسة المستحوذة على الدولة لصالح معادلة جديدة تحتل فيها الدولة اليد العليا فوق  الكنيسة، أو لنقل الدولة المستحوذة على الكنيسة، الأمر الذي حفز القوى الجديدة من خارج الكنيسة أولا، ثم من داخلها فيما بعد على إعادة تأويل النصوص الدينية بما لا يصادم المعادلة الجديد التي استقرت لصالح الدولة الزمنية، وقوى العلمنة على حساب القوى الكنسية. ورغم أنه لا يمكن نكران دور الخطاب الفلسفي والأكاديمي في تحريك قاطرة العلمنة، ومدها بالمستندات النظرية التي تحتاجها، وخصوصا خلال القرنين الأخيرين، ولكن يبدو لي أنه من المبالغة إرجاع كل شيء للفكر وبنى الوعي. ولا يمكن فهم حالة الدفق الهائل التي شهدتها حركة العلمنة خلال القرنين الماضيين بمعزل عن التحولات الواسعة التي خضع لها الواقع الغربي في مجال الاجتماع والاقتصاد ووسائل العيش، وما جلبته معها من تبدلات في أنماط الحياة وأشكال الرؤية للعالم ولنظام القيم، من ذلك مثلا تزايد نسب سكان الحواضر والمدن على حساب الأرياف والبوادي، والتحول من الاقتصاد الزراعي البسيط إلى الاقتصاد الصناعي القائم على مكنة الآلة، فضلا عن ارتفاع نسب التعليم وشيوع الثقافة العالمة التي تقوم على التعليم الإجباري في المدرسة محل ثقافة الكنيسة. كما أنه لا يمكن فهم التحولات التي تجري بين ناظرينا اليوم وبمعزل عن التحولات التقنية وأدوات التواصل المستجدة، وما تحملها معها من تغيرات اجتماعية وثقافية واسعة. صحيح أن القراءة الماركسية وكذا الأمر بالنسبة  للفيبرية (نسبة إلى ماكس فيبر)  التي تميل إلى تفسير كل شيء بالاقتصاد وبنى الاجتماع كثيرا ما تسقط في النمطية والادعاءات الشمولية، وتكون أخطاؤها أشد فداحة حينما يتم تعميم النموذج العلماني الغربي والارتقاء به إلى مستوى الكونية ، ولكنها مع ذلك تظل لها مقدرة تفسيرية لا يمكن الاستهانة بها، مهما كان وعينا بمحدوديتها ونسبيتها. 2 – نماذج الدولة العلمانية في علاقتها بالدين يمكن القول على سبيل الإجمال إن خيار العلمانية كان في صورته الغالبة مستجيبا لمطلب تحرير الدولة القومية من سيطرة الكنائس التي كانت تقاسمها النفوذ السياسي تارة، وتنازعها أخرى على مر قرون متتالية، وقد تراوحت هذه العلاقة بين ثلاثة وجوه مختلفة: أولاً: خيار مصادمة  الدين والاستيلاء عليه بقوة الدولة كما هو حال التجربة اليعقوبية الفرنسية والشيوعية عامة، وهو نموذج يتسم بوجهة تدخلية ثقيلة، ونزعة تسلطية هائلة، إذ لا تكتفي الدولة هنا بإضعاف الدين ورده إلى حدود الكنائس ودور العبادة، بل تعمل أكثر من ذلك على تطهير مناهج التعليم والثقافة العامة من أي حضور ديني، وإحلال الروح الدهرية محلها، فضلا عن المراهنة على تخليص المؤسسات الاجتماعية والسياسية من أي أثر من آثار الدين.  وبالنظر إلى ثقل الدور المؤسسي للكنيسة البابوية في فرنسا  والأرثودوكسية في روسيا، ثم التوجهات المعادية للدين التي طبعت كلا منهما، فقد حاولت الدولة العلمانية  التخلص من سيطرة الكنيسة  عبر الصدمات العنيفة، مع  ما رافق ذلك من صراع وتدابر متبادل بين الطرفين. فالعلمانية هنا لا تكتفي بتحرير الدولة أو الفضاء السياسي عامة من سيطرة الكنيسة بقدر ما تعمل على إحلال دين علماني وضعي محل الديانات القائمة، أي فرض رؤية دهريه وغرس قيم ومسلكيات علمانية صلبة تحل  محل التصورات والقيم الدينية وذلك بقوة الدولة وأجهزتها الإيديولوجية والعنفية. ثانياً: خيار الانفصال الوظيفي بين الدولة والكنيسة مع الالتزام بحيادية الدولة إزاء الشأن الديني، كما هو حال بعض البلاد السكاندينافية. ولكن من المهم التنبيه هنا إلى أن مسألة الحياد هذه  تظل مقولة نسبية بل مشكوكا في صدقيتها في الكثير من الأحيان. إذ يتبين عند التحقيق التاريخي أنه  لا توجد دولة « سلبية » بإطلاق، وليس لها أجندتها الثقافية وسياساتها الدينية الخاصة بها التي تعمل على فرضها، رغبا ورهبا، على المجتمع. هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن إحدى الملامح الأساسية التي تطبع العصر الحديث تتمثل في ظهور الدولة الدهرية كفاعل أعظم في توجيه حياة الأفراد والجماعات، وفي صنع أذواقهم وأنماط معاشهم، فهي التي تحتكر أدوات العنف وتنفرد بشرعية استخدامه على نحو ما بين ذلك عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، وهي التي تحدد أنظمة التعليم وأدوات صياغة الوعي العام، وهي التي ترسم الحدود الفاصلة بين دائرة المشروع وغير المشروع. وقد تعاظم نفوذ هذه الدولة أكثر فأكثر، وتقوت أذرع سيطرتها بما هو أشدّ مع التطور الهائل وغير المسبوق الذي أتاحته التقنيات الحديثة ومعها أدوات الرقابة بالغة التطور، مثل الحاسوب والكاميرا والالكترونيات بأنواعها المختلفة، ثم أخيرا وليس آخرا التقنيات الرقمية الموصولة بالأقمار الصناعية، والعلوم البيولوجية الجينية التي توظف كلها من طرف الدولة المركزية الحديثة، إلى الحد الذي تحول فيه « المواطن » الحر والرشيد الذي تتحدث عنه الأدبيات الليبرالية بصورة حالمة إلى مجرد خزان معلوماتي ورقمي مبسوط أمام أعين وآذان  الدولة – الرقيب، واستحال أمره إلى ما يشبه العجينة الطيعة والقابلة « للتصميم » الاصطناعي على أيدي الدولة وخبرائها المهرة. وبغض النظر عن علاقة الدولة الغربية الحديثة بالدين والكنيسة، وعما إذا كانت موصولة بالدين والكنيسة أو منفصلة عنهما، وما إذا كانت « ديمقراطية » أو شمولية فالثابت في كل ذلك أن هذه الدولة قد أضحت اللاعب الأكبر، بعد أن فرضت سيادتها العلوية والقاهرة فوق جميع القوى والجماعات المنظمة، بما في ذلك الكنائس والهيئات الدينية، وأجبرتها طوعا وكرها على  التسليم بسلطتها الفوقية والمطلقة، وفي هذا الإطار نفهم مقولة شهيرة ظل يرددها منظرو الدولة الحديثة وهي أن « الكنيسة في الدولة، أما الدولة فهي فوق الكنيسة ». وأخلص من ذلك إلى القول بأن الدولة الحديثة بما في ذلك شكلها الليبرالي الناعم والتي غالبا ما تدعي الحيادية ليست في حقيقة الأمر حيادية إلا بمقادير نسبية، هذا إذا ما علمنا أن الدولة « الحيادية » هي  نفسها التي تقوم على ضبط حدود الديني ورسم مجالاته وفق رؤاها وأولوياتها، وهي التي تفرض ثقافتها وإيديولوجيتها الخاصة – فوق أي ثقافة أخرى سواء أكانت دينية أم وضعية.  كما أن مقولة الحياد هذه لا تعني التزام  الدولة على نحو ما تدعي المساواة بين كل الديانات والطوائف الدينية.  ثالثاً: خيار الربط الوظيفي بين الكنيسة والدولة كما هو الحال في بريطانيا وايطاليا وايرلندا واليونان وإلى حد ما أميركا التي فصلت دستورا ولكنها ربطت واقعا ربطا وثيقا بين الجانبين. يتسم هذا النموذج في صورته الغالبة بإعطاء دور متقدم للدين والكنيسة في الفضاء العام  والحياة السياسية، وتبدو هذه العلاقة أقرب ما يكون إلى الوفاق والتناغم منها إلى التأميم والتصادم.. هكذا تتيح الدولة للكنيسة والدين عامة دورا متقدما في مجالات التعليم والثقافة، وتمكنهما من ممارسة حضور نشيط في مجال المجتمع المدني، مقابل ذلك توفر الكنيسة للدولة نوعا من الإسناد ومددا بالشرعية الرمزية،كما هو واقع الحال في بريطانيا حيث يتيح النظام الملكي نوعا من الامتياز الخاص للكنيسة الانجليكانية، ولا تتردد هذه الأخيرة في إسناد الملكية بطقوسها ورمزياتها الدينية. أما في الولايات المتحدة الأميركية، فينص الدستور على فصل الكنيسة عن الدولة، إلا أن الثقافة السياسية في هذا البلد، وطريقة حياة الأميركيين وأعرافهم الاجتماعية لا تشهد بذلك. كما أن الكنائس في هذا البلد مازالت تتمتع  بحضور قوي وفاعل في مختلف مناحي الحياة الأميركية بما في ذلك في الحياة السياسية وفي قلب الأحزاب الكبرى، إذ يطبع  الدين مختلف مناحي المجتمع الأميركي ومفرداته. وفي بلد مثل إيطاليا مازال الفاتيكان يتمتع بنفوذ سياسي قوي إذ كثيرا ما يتدخل في تعيين وزرائه في الحكومة وفي الإطاحة بآخرين غير مرغوب فيهم، هذا إذا ما علمنا أن الكنيسة الكاثوليكية تعد جزء مكينا من الهوية القومية والأمجاد التاريخية للايطاليين. (يتبع في العدد القادم)

 

(المصدر:موقع أقلام أولاين الإلكتروني ( دورية فكرية سياسية  وتصدر مرة كل شهرين)العدد23  السنة السابعة  ماي|خوان 2009)


المجتمع الإسلامي.. والمجتمع المدني

 د. سعيد حارب ـ العرب ـ القطرية هل المجتمع الإسلامي مجتمع مدني، كان هذا السؤال تعقيبا على مقال الأسبوع الماضي الذي دار حول القبيلة والطائفة والمجتمع المدني، وقد قرأت لبعض الكتاب ممن ينكر أن يكون المجتمع الإسلامي مجتمعا مدنيا، بل يذهب إلى أن فكرة المجتمع المدني هي فكرة غربية أراد بها الغرب تغييب المفهوم الإسلامي عن المجتمع، وأن هذه الفكرة نشأت ضمن ظروف مختلفة نتيجة الصراع بين الكنيسة والدولة، وانتقالها إلى المجتمعات الإسلامية إنما هو تعبير عن الاستلاب وتقليد للغرب في استخدام مفاهيمه ومصطلحاته، لأن المجتمع الإسلامي له مقوماته وصفاته التي تختلف عما هي عليه في المجتمعات الغربية التي تطلق عليه المجتمع المدني، كما أن محاولة إطلاق هذه الصفة على المجتمع الإسلامي إنما هي صورة عن الحالة الانهزامية عند بعض المسلمين الذين يحاولون تقليد المجتمع الغربي في كل شيء. وبعيداً عن السجال العام الذي يدور بين الموافقين والمعارضين، فإننا لا نتحدث عن علم خاص بالشرق والغرب، بل بفكرة تصلح أن تنبت متى وجدت الأرض المناسبة، ولا يضيرها أن تكون من الشرق أو الغرب «فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها» كما جاء في الحديث، وقد أخذ المسلمون الأوائل بأفكار وأساليب حياة من مجتمعات أخرى، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فكرة الخندق حول المدينة مما كان يقوم به الفرس في الحرب عندما أخبره سلمان الفارسي رضي الله عنه بذلك، وأخذ عمر بن الخطاب فكرة الدواوين من الفرس كذلك، ولذا فلا تُردّ فكرة بسبب نشأتها التاريخية أو موقعها الجغرافي، بل المعوّل على الأهداف التي تحققها هذه الفكرة ومدى مطابقتها لمصلحة المجتمع، وموافقتها للمصادر التي يقوم عليها، وعدم مخالفتها للأسس التي بني المجتمع عليها. والدارس لفكرة المجتمع المدني بمفهومها الأوسع، أي المفهوم الذي يتجاوز ما يطلق عليه مؤسسات المجتمع المدني أو المجتمع الأهلي -كما يسمى أحياناً- إلى مفهوم مدنية المجتمع (من التمدن والتحضر اللذين هما نقيض التخلف والتوحش، وهما الصفتان التي توسم بهما المجتمعات التي تعيش منعزلة أو متخلفة عن ركب التحضر الإنساني) -الناظر لذلك- يجد أن مقومات هذا المجتمع هي من الأسس التي قام عليها المجتمع الإسلامي، إذ إن من صفات المجتمع المدني أن يتساوى الناس في الحقوق والواجبات، وهذه إحدى مميزات المجتمع الإسلامي، وتمثلت المساواة بأفضل صورها فيه، ومن يقرأ في المصادر الإسلامية من القرآن الكريم والسنة النبوية يجد أنها تنص على ذلك في مواضع كثيرة، ولعل أشهرها على ألسنة الناس قوله تعالى «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم «لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى»، فالمساواة قائمة ليس بين أبناء المجتمع الإسلامي فقط بل بين البشر «الناس» جميعاً، والتفريق بينهم بسبب التقوى ليس من سلطة أحد بل مرجعه إلى الله سبحانه وتعالى. ولقد تمثلت المساواة في صور كثيرة ومنها موقف عمر بن الخطاب مع عمرو بن العاص حين ضرب ابنه مسيحيا قبطيا في مصر، فقال عمر قولته التي ذهبت مثلاً «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»، ولا يتسع المجال لذكر نماذج من صور المساواة في المجتمع الإسلامي. ومن مقومات المجتمع المدني الالتزام بحقوق الإنسان، والمتتبع للنصوص الإسلامية يجد أن الإنسان هو المخلوق الذي وصفه الله تعالى بالتكريم بقوله «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً»، وجاء اللفظ هنا بـ «بني آدم»، ولذا فهو ليس خاصاً بقوم دون غيرهم ولا بجنس دون غيره، والنصوص الأخرى تبين هذا التكريم، كما تبين مكانة الإنسان مسلماً كان أو غير مسلم، فتذكر الروايات أن جنازة مرت أمام الرسول صلى الله عليه وسلم فقام لها، فقال الصحابة يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال: «أوليست نفساً، إذا رأيتم الجازة فقوموا». ومن أبرز ملامح المجتمع المدني التقاء الناس على فكرة المواطنة، أو الانتماء للبلد الواحد، ويتصور بعض الكتاب من المسلمين أن المواطنة نقيض الإسلام، أو أنها مقصورة على المسلمين وحدهم، لكن الواقع يشير إلى غير ذلك، فأول اتفاقية «دستورية» عقدها النبي صلى الله عليه وسلم عندما جاء إلى المدينة المنورة كانت لتنظيم شأن «المواطنة» لسكان المدينة وكانوا وقتها من المسلمين واليهود، وبقيت هذه الوثيقة تنظم شأن الجميع إلى أن تآمر اليهود مع أعداء الدولة فتمت معاقبتهم لا على دينهم بل على خيانتهم وتآمرهم مع الأعداء، وهذا شأنٌ تفعله كل الدول إلى يومنا الحاضر، وبالمقابل فإن إلغاء فكرة الانتماءات الصغيرة كالانتماء للقبيلة أو الطائفة التي يدعو لها المجتمع المدني -كانت- من سمات المجتمع الإسلامي فلم يتم تقديم الأفراد أو تنصيبهم أو إعطاؤهم الامتيازات على أسس عرقية أو قبلية، وإنما كان على أساس الكفاءة والإمكانيات والقدرات، وتتكرر سمات المجتمع المدني الأخرى كالعدالة وتطبيق القانون والحرية والكرامة الإنسانية وغيرها من السمات التي تبرز واضحة في سمات المجتمع الإسلام، مما لا يتسع المجال لعرضه، وقد دون فيه الباحثون كثيرا من الدراسات والكتب. إن الذين يتحدثون عن المجتمع الإسلامي يحاولون عزل هذا المجتمع وكأنه مجتمع يعيش خارج سياق الفعل الإنساني، بل هو مجتمع إنساني تتعدد فيه فضائل البشر كما تتعدد أخطاؤهم، ولذا فإن تصويره بالمثالية المطلقة التي لا يشابهها أي مجتمع إنما هو مجانب للحقيقة، وكذلك محاولة وسم المجتمعات الإسلامية المعاصرة بصفات تبعدها عن تلك المثالية للوصول بالقول إلى أنها مجتمعات ليس مسلمة أو إسلامية كما وصفها البعض وبنى على ذلك أحكاماً وتصرفات، كما أن تصوير المجتمع الإسلامي بأنه مجتمع لا تتوفر فيه سمات المجتمعات المدنية الحديثة مخالف لأصول هذا المجتمع ومصادره التي يقوم عليها في تحديد ملامحه وصفاته، بل يذهب الباحثون ليستلوا صوراً من التاريخ قد لا تعبر تعبيراً دقيقاً عن قيم هذا المجتمع وغاياته، ويبقى المجتمع الإسلامي -بعد ذلك- مجتمعاً إنسانياً شأنه شأن أي مجتمع آخر قابل للصواب والخطأ، وهو مجتمع قابل للتطور والتحديث مثلما هو قابل للارتكاس والتخلف، والمعوّل في ذلك هو على مدى قربه وبعده عن مصادره وأصوله، وفهمه لمقتضيات العصر. كاتب من الإمارات
(المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر) بتاريخ 01 جوان 2009 )  

 

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.