الأربعاء، 6 يونيو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS

8 ème année,N° 2570 du 06.06.2007

 archives : www.tunisnews.net


 الحملة الدولية لحقوقالإنسان بتونس: لا لسياسة الإنتقام والتشفي إتحادأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: سنة على تأسيس الإتحاد وسلطة الإشراف تواصلاللامبالاة!!! الحوار.نت في حوار شامل صريح معالشيخ راشد الغنوشي عبدالباقيخليفة:  تحية لحركة النهضة في ذكرى تأسيسها الـ 26 علي بن عرفة: النهضة وأردوغانوبنكيران الهادىبريك: حركة النهضة التونسية ربع قرن من الاصلاح د. محمد الهاشمي الحامدي: أحسنت..أحسنت مليون مرة يا دكتور عبد السلام المسدي.. أيها التجمعي الدستوري الأصيل بلقاسمالعلوي: قليل من الرد على نورالدين ختروش محمد العروسي الهاني: حرية الراي والتعبير من اقدس و أنبل ما يملكه المواطن العربي و حرية الإعلام جزء من حرية الراي الإرادة:خصخصة 20 مؤسسة جديدة الإرادة: الشيـخ إمام دائــما في البـال الإرادة:مأساة ستار أكاديمي عميد المحامين في حوار صريح مع »الموقف »: المحاماة في أزمة والسلطة هي من رفض الحوار الموقف:رحيل ادريس بن زكري دينامو « هيئة الإنصاف والمصالحة » الموقف: نهاية مأساوية لشباب يائس د.أحمدالقديدي: أي اتحاد لأي متوسط يريده ساركوزي؟ محمد كريشان: سُـورية وإسـرائيل  د.جلالأمين: هؤلاء الشيوخ العظام.. وفتاواهم المدهشة سويس إنفو:الديمقراطيون العرب أضحواأكثر تواضعا.. لكنهم لم يفقدوا الأمل


(Pourafficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante: Affichage / Codage / Arabe Windows(

(Toread arabic text click on the View then Encoding thenArabic Windows  (


الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس InternationalCampaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com    لالسياسة الإنتقام والتشفي

 

فيالوقت الذي كان فيه انصار الحرية و حقوق الإنسان، يتطلعون لوقف المظلمة المسلطةعلى الصحفي عبدالله الزواري، مع نهاية مدة الإجراء الانتقامي ضده- بنفيهالى الجنوب التونسي بعيدا عن عائلته بحوالي 500 كلم، واخضاعه للمراقبة الإداريةلمدة خمس سنوات، بعد ان قضى في السجن 11 سنة- قررت السلطة التمديد في اجرائهااللاقانوني لمدة 26 شهرا. وان الحملة الدولية لحقوق الانسان، اذ تجدد مساندتها للصحفي عبدالله الزواري، ولكلالذين يتعرضون منذ سنوات لاجراءات لاقانونية مماثلة، فإنها تحذر من التماديفي  هذه السياسة الإنتقامية، التي لن تورث البلاد الا مزيدا من الاحتقانوالتأزم،  وتدعو السلطة الى الكف عن هذه الممارسات اللااخلاقية واللاقانونية،والترفع عن روح الحقد والانتقام، بنهج طريق المعالجة السياسية في التعاطي معالمعارضين السياسيين، واحترام القانون ومبادئ حقوق الانسان، التي كفلتها المواثيقالدولية.   عنالحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس عليبن عرفة لندن  في 6 جوان 2007


 

إتحادأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل

بــلاغإعــلامي

سنة على تأسيس الإتحادوسلطة الإشراف تواصل اللامبالاة!!!

تونس في 05 جوان 2007

بعد سنة على تأسيسالمنظمة النقابية التي تعنى بالدفاع على المعطلين من حملة الشهادات،وبعد جملة منالتحركات الماراطونية التي خاضها مناضلوه ومناضلاته لازالت سلطة الإشراف تتمسكبعقلية الهرسلة ضد هذه المنظمة وترفض التعامل معها والنظر في الملفات التي قدمتإلى كل مؤسسات الدولة المعنية بالتشغيل،وعليه قرر الإتحاد والتزاما بقرارات الجلسةالمنعقدة بتاريخ 19 ماي 2006 مراسلة السيد رئيس مجلس النواب وأعضاء هذا المجلسكسلطة تشريعية مهمة بالبلاد،وقد تلخص محتوى هذه المراسلة في:

 

السيد: رئيس مجلس النواب

الموضوع: إعلام بتكوين منظمة نقابية « إتحادأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل » والتأكيد على الحق في الشغل والتنظم.

تحيةو بعد،

نتشرفبإعلامكم بأنه وقع تأسيس منظمة نقابية تحت اسم إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عنالعمل و ذلك بتاريخ 25 ماي 2006 تعنى بالدفاع عن حاملي الشهادات المعطلين وحقهمالمشروع والمضمون دستوريا في العمل والحياة الكريمة كما تعنى هذه المنظمة بالبحثوالدراسات و تقديم التصورات و البدائل حول ملف التشغيل والإحاطة النفسيةوالإجتماعية بالمعطلين خاصة وان الشباب أصبح عرضة لاستقطاب الجريمة والهجرة والتطرف.

تممراسلة الإدارات المختصة بملف الإيداع القانوني حسب قانون تكوين المنظمات النقابيةو ذلك بتاريخ 27 جويلية 2006،والذي رفض قبوله فتم إرساله عن طريق البريد ، كما تممراسلة أغلب الوزارات و المؤسسات العمومية المعنية بالتشغيل في الغرض.

ولما كانت أزمة البطالة و لا سيما بطالة حاملي الشهادات من أهم المشاغل التي يسعىالجميع لإيجاد حلولا لها فإننا نتوجه لكم بهذه المراسلة قصد النظر في مطالبناالمشروعة والمتمثلة أساسا في:

ü     إعادة النظر في آلياتالانتداب للوظيفة العمومية كمناظرة الكاباس وتعويضها بالانتداب حسب الوضعيةالاجتماعية وسنة التخرج والسن والكفاءة العلمية.

ü     إسناد منحة بطالة لحاملي الشهادات المعطلينعن العمل لحين حصولهم على عمل.

ü     التغطية الاجتماعية والصحية ومجانية النقل.

ü     حق المنظمة في العمل القانوني حسب ما يكفلهقانون الجمعيات 1992 والدستور التونسي.

ü     إعلامكم بما يتعرض له الأساتذة المنخرطين فيهذه المنظمة من اعتداءات بالعنف وهرسلة وإيقافات مجانية من قبل البوليس وهو أسلوبيقطع مع مقولة دولة القانون والمؤسسات وحقوق الإنسان.

إن من أهم مبادئمنظمتنا هو تقديم الأصلح لخدمة بلدنا و أبناءه من أصحاب الشهادات المعطلين عنالعمل و ضمان مستقبلهم و حقهم في العيش الكريم،ونحن نتقدم بهذه المراسلة لسيادتكمولمجلس النواب لرفع هذه المظلمة التي نعاني منها وللنظر في مطالب إتحاد أصحابالشهادات المعطلين خاصة وأن مجلسكم يعتبر السلطة التشريعية الأولى بالبلاد.

ختاما،تقبلوا سيدي منا فائق التحية و الاحترام.

إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل

التنسيقية الوطنية

المنسق العام الوطني

سالم العياري

97433958

 


بمناسبة الذكرى 26 للإعلان عن حركة الإتجاه الإسلامي بتونس(حركةالنهضة) :

الحوار.نتفي حوار شامل صريح مع الشيخ راشد الغنوشي

 

06 جوان 1981 ــ 06 جوان2007

 

حاوره: الهادي بريك ـألمانيا ـ الحوار.نت.

 

 

ــ من هو الشيخ راشد الغنوشي ؟ :

 

ــ ولد سنة 1941 بالحامةبالجمهورية التونسية.

ــ تحصل عام 62 على شهادةالتحصيل ـ شهادة علمية تسندها جامعة الزيتونة تعادل شهادة الباكالوريا حديثا ـ .

ــ تحول الى القاهرة وسجلبكلية الزراعة عام 64.

ــ نشب الخلاف الناصريالبورقيبي المعروف فطرد الطلبة التونسيون ومنهم الغنوشي.

ــ تحول إلى دمشق بسورياودرس الفلسفة بها عام 64 وتخرج مجازا عام 68.

ــ إنتسب إلى الفكرالناصري عاطفيا في البداية ثم إنتسب إلى الاتحاد الاشتراكي في دمشق.

ــ في دمشق ـ 15 .6. 66 ـتحول من الناصرية إلى الفكر الاسلامي دون إنتساب تنظيمي.

ــ بعد تخرجه من الفلسفةبدمشق عام 68 إنتقل إلى باريس بنية التسجيل في السوربون.

ــ إشتغل هناك بالدعوةضمن جماعة الدعوة والتبليغ.

ــ تناهت أنباؤه الىعائلته في تونس فظنوا أنه ممسوس فأرسلوا إليه شقيقه لاستجلابه عبر حيلة مفادها أنوالدته مريضة على فراش المرض فعاد على عجل.

ــ تعرف في طريق العودةفي الجزائر على المفكر الراحل المعروف مالك بن نبي فتأثر به.

ــ في طريق العودة إلىباريس صلى بالزيتونة و تعرف على شاب دعاه إلى جماعة التبليغ فوجد ضالته هناك وكانذلك عام 69. في السنة ذاتها عين أستاذا للفلسفة في معاهد تونس.

ــ باشر الدعوة على هامشقاعات الدرس وفي المساجد وفي جمعية المحافظة على القرآن الكريم ومن خلال تنظيمزيارات سنوية صيفية صحبة ثلة صغيرة إلى المفكر المرحوم بن نبي وكذلك من خلالمقالاته الصحفية في جريدة الصباح التونسية ـ شبه حكومية ـ ثم في مجلة المعرفة.

ــ لم يطب له المقام فيجماعة التبليغ بعد 73 في إثر حادث شهير بإحدى مساجد سوسة بالساحل التونسي فتشاورمع ثلة من أهل الرأي تحت رعاية الشيخين محمد صالح النيفر وعبد القادر سلامة ـعليهما الرحمة والرضوان ـ لتحديث أسلوب الدعوة.

ــ فكان التأسيس الجديدعبر مراحل واطوار أهمها المؤتمر التأسيسي للجماعة في منوبة عام 79 ثم الاعلان عنذلك عام 81 ضمن ندوة صحفية. قوبل ذلك بأول حملة إستئصالية في العام ذاته.

ــ نال شهادة الكفاءة فيالبحث من كلية الشريعة عام 84 على كتاب ( القدر عند إبن تيمية ).

ــ أعد اطروحة للدكتوراهبعنوان الحريات العامة في الدولة الاسلامية لكن حالت ظروف الاعتقال دون نقاشها ثمتبناها مركز دراسات الوحدة العربية بلبنان ونشرها.

ــ عضو مؤسس بكل منالمؤتمر القومي الإسلامي ببيروت وحلقة الأصالة والتقدم إدارة للحوار والتعاون بينالقومية والإسلام في الأولى وبين المسيحية والإسلام في الثانية.

ــ عضو مؤسس بكل منالمجلس الأروبي للإفتاء والبحوث والإتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

ــ أعتقل مرات كثيرة وحكمعليه بالسجن لعشر سنوات عام 81 ثم بالمؤبد عام 87 ثم بمؤبدات كثيرة بدءا من عام 92ـ محكمة إبتدائية ثم محكمة أمن الدولة ثم محكمة عسكرية ــ .

ــ نال بعض الباحثينالدكتوراه في فكره السياسي منهم الد. عزام التميمي ( الفكر السياسي عند الغنوشي ).

ــ متزوج وأب لخمسة أبناءمنهم ولعدد من الأحفاد.

 

ــ من مؤلفاته :

 

. الحريات العامة فيالدولة الاسلامية.

. نحن والغرب ( بالاشتراك).

. من تجربة الحركةالاسلامية في تونس.

. القدر عند ابن تيمية.

. مقاربات في العلمانيةوالمجتمع المدني.

. الحركة الاسلاميةومسالة التغيير.

. القضية الفلسطينية بينمفترق طريقين.

. المرأة بين القرآنوواقع المسلمين.

. حقوق المواطنة فيالدولة الإسلامية.

. حق الإختلاف وواجب وحدةالصف.

. ما لا يحصى من المقالاتوالحوارات جمع بعضها في كتاب من مثل  » مقالات  » و » حوارات قصيدرويش  » وغيرها.

. ترجمت بعض كتبه إلىلغات أجنبية منها الأنقليزية والفرنسية والتركية والفارسية.

 

نص الحوار:

 

الحوار.نت : مرحبا بك شيخراشد ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت شاكرين لك الله قبولك إجراء حوار معنا كمانغتنم مناسبة الذكرى 26 للإعلان عن الحركة بتهنئتك ومن معك من إخوان وأخوات ومنخلفك من مساجين وشهداء ومنفيين.

 

الشيخ راشد الغنوشي :أشكر للفريق القائم على هذا المنبر المتميز جهوده التنويرية. أسال واسع الرحمةكريم العطاء أن يجزل لهم المثوبة. وأحييهم جميعا والقراء الكرام بتحية الاسلامفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ولنتجه متوكلين إلى أسئلتكم :

 

الحوار.نت : هل يمكنلقرائنا أن يتعرفوا منك ـ شيخ راشد ـ على ما أضافته حركة الإتجاه الإسلامي إلىتونس في حصيلة عمرها الآن أربعة عقود تقريبا إذا أعتبرنا أن تاريخ التأسيس الحقيقيللحركة كما تثبت في أدبياتك هو عام 1969 ؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :أحيي في الذكرى السادسة والعشرين لإنبعاث حركة الإتجاه الاسلامي كل الذين أسهموافي هذا المشروع بالتأسيس والمشاركة في حمل لوائه وبذل الدعم له والتضحية من أجله .وأخص بالذكروالتنويه شهداء هذه الحركة يتقدمهم الطالب عثمان بن محمود والأسودالرابضون في نخوة وشموخ وعوائلهم القلاع الصامدة من ورائهم .. يتقدمهم الدكتورصادق شورو و إلى عشرات الآلاف من النساء والرجال والآباء والامهات والشبابالقابضين على

الجمر في أرض الحصار أومهجّرين في أرض الله الواسعة..إليهم جميعا وإلى كل من ناصر قضيتهم داخل البلادوخارجها التحية والتقدير والدعاء بجزيل الاجر وحسن المثوبة.

 

أما عما أضافته الحركةوما أنجزت وهي تستشرف نهاية العقد الرابع من إنبعاثها(1969) فهو بفضل الله – خلافالبادئ الرأي: حركة مضروبة مهجرة بين سجين ومحاصر ومشرد- كثير:

 

أ ــ في مستوى هويةالبلاد: ساهمت الحركة بعد ضرب الزيتونة في حفظ هوية البلاد.

 

جاءت هذه الحركة إستجابةلطلب شعبي عميق وتعطش شديد وخوف عام على مقومات الذاتية التونسية وبالأساس إسلامهاوعروبتها: العروة الوثقى التي شكلت كيانها ومثلت سداه وملاطه. وكانت دولةالإستقلال قد إنطلقت عاصفة هوجاء إستهدفت إقتلاع تلك المقومات قيما وعقائد وشرائعوشعائر ومؤسسات ورجالا. ويكفي لتذكير الأجيال الجديدة التي لمتدرك ولم تكتو بنارتلك الرياح السموم أن تعلم أنه كان من أول مقررات دولة الإستقلال التي إفتخر بهابورقيبة في حديث شهير مع لوموند : تهميش اللغة العربية لصالح إعتماد الفرنسية لغةللادارة وللثقافة،و نسف المؤسسة التاريخية العتيدة جامع الزيتونة الركن الأعظم الذيصنع وصان الشخصية التونسية العربية الاسلامية، باعتباره نظاما تعليميا تمتد فروعهفي كل أرجاء البلاد وله فرعان أحدهما في قسنطينة والاخر في عاصمة الجزائر، وخريجوههم الذين تولوا تعريب الجزائر بعد الاستقلال بينما تونس تم تغريبها بعد الاستقلال.وكان هذا النظام التعليمي قد شهد منذ نهايات القرن التاسع عشر سلسلة من برامجالتحديث أهّلته- في إطار الثقافة العربية- لاستيعاب كل العلوم الحديثة التي كانتتدرس في النظام الفرنسي بالفرنسية بينما كانت تدرس في جامع الزيتونة وفروعهبالعربية. فكان هناك- منذ بدأ الاختراق الغربي لتونس حتى قبل الاحتلال وتفاقمخلاله وتواصل مع دولة الاستقلال بشكل أفدح ولا يزال- مشروعان لتحديث تونسيتصارعان: تحديث في الاطار العربي الاسلامي ومشروع تحديثي في الاطار الفرنسي وراءهدولة الاحتلال ، وهو المشروع الذي ورثته وواصلته دولة الاستقلال، بما جعل من الاستقلالصفقة بين المحتل وبين النخبة المتغربة التي وقع بورقيبة بالنيابة عنها الصفقة.وبينما كان عدد الذين يتابعون تعليمهم في النظام التعليمي الزيتوني صبيحةالاستقلال يبلغ عددهم 27000تلميذا وطالبا كان عدد من يتابعون تعليمهم في مؤسساتالتحديث الغربي لا يصلون خمسة آلاف، هم الذين اعتمدوا أصلا ستبنى عليه دولةالاستقلال وأساسا لنظامها التعليمي والثقافي والسياسي، بينما تم شطب النظام الذيولد من رحم البلاد وتطور مع العصر. ولم تقتصر خطة التفكيك على هذه المؤسسة وإنماتجاوزتها الى الفكر الذي قامت عليه فتعرض الاسلام والعروبة لشتى ضروب العدوان . فيخطب رسمية ألقاها رئيس الدولة في مناسبات شتى منها محاضراته بمعهد الصحافة 1974حيثوصف القرآن الكريم بالتناقض وأنه يحتوي على خرافات وأن محمدا كان يمشي في الصحاريويلتقي بالكهان فنقل عنهم مروياتهم إلى القرآن. كما سخر من الجنة والنار ومعجزاتالانبياء . ولم يقف عند ذلك الحد بل وجه مدافعه الى أهم ركن من أركان الاسلام ظلالتونسيون يحافظون عليه هو الصيام فخطب في شعبه سنة 1962في اليوم الاول من رمضانيستحثه على تحدي هذه الفريضة جاعلا من نفسه قدوة، إذ احتسى مشروبا في رابعة النهار، وسخّر كل مؤسسات الدولة لحمل شعبه على إنتهاك حرمة الشهر. وأذكر أنّ التلاميذ »البياتة » لم يكن يقدم لهم الافطار إلا في موعده المعتاد الساعة الثامنةبينما كان الوقت شتاء أي أن موعد المغرب حوالي الرابعة، وكذا حملت الاداراتالعمومية على الالتزام بالتوقيت العادي وكان التلاميذ البياتة يحاولون أن يدّخروامن إفطارهم شيئا للسحور يجتهدون في إخفائه فإذا تعرضوا للتفتيش عوقبوا. وفي أوليوم من رمضان كان على الوزراء والمديرين أن يعطوا الاسوة ويختبروا الموظفين حتىأنه نقل عن الباهي الادغم أنه صفع حارسه الجندي لأنه رفض أن يحتسي القهوة لما طلبمنه ذلك. وامتدت خطة التفكيك للبناء الاجتماعي العربي الاسلامي على كل المستوياتفقوضت مؤسسة الوقف التي كانت مؤسسة عملاقة تدير بين الثلث الى الربع من جملةالاراضي الزراعية بالبلاد، وتمول قطاعا واسعا من مؤسسات المجتمع الأهلي مثلالمدارس ومبيتات الطلبة والانفاق على اليتامى..كلها تمت الاطاحة بها وتم التفويتفيها للاقارب والمحاسيب. وضمن رسالة « التحديث  » التي حملتها دولةالاستقلال والتي كانت تقتضي تفكيك مقومات المجتمع التونسي وهويته بهدف إعادةتركيبها بحسب المثال الفرنسي ولك أن تقول الفاشي الذي كان يحمله الزعيم واستخدمجهاز الدولة الحديثة بكل كفاءته لفرض ذلك النموذج اليعقوبي الفاشي أحب من أحب وكرهومن كره.. ضمن ذلك المشروع تم التحكم في أخص خصوصيات الناس مثل ملابسهم فشنت حملةعلى « السفساري » وتولى الزعيم على المنصة تجريد إحدى مرتدياته وسط موجة منتصفيق الاتباع ..وفي نفس السياق تم حل المحاكم الشرعية تحت لافتة توحيد القضاء:توحيده ليس تحت قبة الاسلام وإنما في دائرة التغريب . ومنذئذ استتبع القضاءنهائيا للسلطة وتحول أداة من أدواتها بينما كان القضاء تعدديا : محاكم مالكيةوأخرى حنفية وأخرى يهودية إذ أن وحدة الدولة- في التجربة الاسلامية- لا تقتضيضرورة وحدة القانون ولا وحدة القضاء ولا وحدة التعليم ولا وحدة الاعلام ولا وحدةالاحزاب، ولا تغول الدولة واحتواءها لكل المجتمع والتعامل معه فردا فردا حتى يتملها التحكم. ولكناّ هنا إزاء ارادة عليا حاملة لرسالة مقدسة مصممة على استخدام كلأدوات الدولة لفرضها بعد تفكيك كل بنيات المجتمع القديم. من أجل صناعة أمة تونسيةبمواصفات يحددها الزعيم ، لا شأن لها بأمة عربية ولا بأمة إسلامية، بل هي المقابللها وبالخلاصة تم تهميش المجتمع القديم قيما وثقافة وأنماط حياة، حتى أني أذكر -وكنت من جيل كتب عليه التهميش : بقايا جامع الزيتونة- أنه لم يكن يؤدي الصلاة منبين حوالي 3000تلميذا زيتونيا أكثر من خمسة أو ستة. أما في الجامعة التونسية فقدكان أهم نشاط للطلبة مساء السبت وليلة الاحد إقامة حفلات رقص مختلطة. لقد كانترياحا غربية عاتية ما كاد يصمد في وجهها شيء ، وكان الاتجاه إلى المشرق محرما بعدأن وضعت البلاد وبقوة عاتية على سكة الغرب وولت وجهها شطره ، حتى أن الدولة كانتشديدة الحرص على الحؤول بكل الوسائل بين بقايا التعليم الزيتوني الذين سدت فيوجوههم كل سبل الارتقاء والتعليم الجامعي عدا كلية الشريعة ، وبين رغبتهم فيالالتحاق بالجامعات المشرقية لمواصلة تعلمهم في شتى الفنون. فإذا أمكن لعشرات منهمـ مثلي ـ التسلل إلى دول المشرق لاحقتهم السفارات التونسية واستطاعت أن تستردبعضهم. في مثل هذه المناخات لم يكن عجبا أن تحمل أول رحلة لرئيس الدولة إلى المشرقرسالة الدعوة إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني، وكان ذلك ضمن تنسيق مع الوكالةاليهودية التي كان الرئيس على علاقة وثيقة برئيسها ناحوم غولدمان.

 

في هذه المناخات ولدتالحركة الاسلامية بعد أن تكشف للتونسيين جوهر وحقيقة مشروع دولة الاستقلال : أنهمشروع تسلط وتفكيك لمقومات الذاتية التونسية لغة ودينا ومؤسسات وأخلاقا وأسرة،وفصلها عن سياقها الحضاري والجغرافي المرتبط بالمشرق العربي لربطها بما وراءالبحار ملحقا تابعا. إنه قد يلتمس العذر لمن لم يكتووا بنار تلك الحقبة الكالحة منتاريخ البلاد فيحسبوا أن كره جيلنا لبورقيبة وللبورقيبية مسألة شخصية بله حالةمرضية ، ولكن على الاجيال الجديدة التي وقاها الله من العيش في ظل تلك الدكتاتوريةالفاشية الملحدة أن لا تتعجل الحكم وأن تعطي للدراسة المتأنية فرصتها، فلن يفهمحاضر تونس وحتى مستقبلها دون إعادة قراءة وكتابة تاريخ الحركة الوطنية والوقوف علىتفاصيل خطة التفكيك لمقومات الهوية التونسية وحجم القمع الذي توسلت به دولةالاستقلال لفرض مشروعها التحديثي ولك أن تقول الفاشي التغريبي على المجتمعالتونسي.

 

فماذا أنجزت الحركةالاسلامية على هذا الصعيد، صعيد الهوية؟

 

مناسب مطالعة كتيبللدكتوبر عبد المجيد النجار: صراع الهوية في تونس. لقد أمكن للحركة الاسلامية بفضلالله في العشرية الاولى(السبعينيات) من عملها الذي تمحور خلالها حول المسألةالثقافية أن تعيد الاتصال بين الدين والحياة بين المسجد وهموم المجتمع والانسانيةبين النص والواقع وذلك بعد عقد ونصف على الاقل من القطيعة حيث هجرت إلا من عجوزمدنف. لقد نفض الغبار على المساجد بما غدا يؤمها من أمواج شبابية وتجدد خطابها بماإمتد اليها من دروس وما عمرها من مكتبات وجرائد حائطية يكتبها الشباب تجمع بينالاسلام وهموم الامة والعصر ,كما امتدت المصليات الى المعاهد الثانوية وإلىالمبيتات الجامعية وإلى الكليات ثم إلى الادارات والمصانع والشركات وحتى إلى مراكزالشرطة بما أعاد التدين إلى قلب الحداثة إلى قلب مؤسسات التحديث كالجامعةوالثانويات ودور الثقافة ونوادي السينما.

 

كما شهدت معارض الكتابإقبالا كبيرا من الشباب الاسلامي حتى ما بقي إسلامي إلا وفي بيته مكتبة تزدهي بكتبالتفسير والحديث والفقه إلى جانب مصادر الثقافة الحديثة إسلامية وغير إسلامية. كماأمكن لليار الاسلامي في الجامعة أن يفرض بالامر الواقع وليس بالعنف اللغة العربيةلغة تخاطب بين الطلبة بينما ألفى الفرنسية اللغة الوحيدة المعتمدة بين مختلفالتيارات. بل ذهب أبعد من ذلك إذ أقام أسابيع ثقافية للمسرح والتمثيل والغناء، كمانشر المصليات في كل أرجاء الجامعة وأقام أسابيع للدعوة إلى الصلاة وإلى الحجاب،وذلك باعتبار الحركة ليست مجرد حزب سياسي ذي مرجعية إسلامية يسعى إلى السلطة وإنماهي قبل ذلك ومعه حركة نهوض إيماني واجتماعي شامل محوره الانسان المؤمن المستنيروالاسرة المتماسكة محضن الاسلام الدافئ المضمون، والمجتمع المنظم القوي بمؤسساتهالفاعلة، لتكون الدولة الديمقراطية العادلة تتويجا لكل ذلك، فما هي في المحصلة سوىأداة من أدوات فعل المجتمع والتعبير عنه وخدمته لا الهيمنة عليه وترهيبه – فلميقتصر عمل الاتجاه الاسلامي على مخاطبة الفئات الحديثة بالاسلام وإنما إتجه أيضاإلى العمق الشعبي في المدن والارياف حيث لا يزال للدين بعض التأثير ولكنه تدينمشوب بأقدار غير قليلة من البدع والخرافات فكان على الحركة أن تعمل على هذا الصعيدتصحيحا للعقائد وتأكيدا لأهمية إقامة شعائر الله ولمبدأ شمولية الاسلام لكل جوانبالحياة بديلا عن التدين الجزئي المقطوع عن نصوص الدين الاصلية والمخترق في العمقمن قبل تراث الانحطاط ومن قبل العلمنة العملية. وكانت المناسبات الاجتماعيةكالافراح والاتراح والعقائق والمخيمات فرصا للتوعية بالاسلام ورؤيته لمشكلات الوطنوالامة والانسانية وللوعظ والتوجيه . ولقد نمّى هذا التيار أدبيات لمثل هذهالمناسبات من أغاني وأناشيد وتمثيليات ، ونشأت فرق لكل ذلك نال بعضها شهرة شعبيةكبيرة…

 

بالتأكيد يمكن للمصابينبداء قصر النظر ولمحابيس اللحظة والهتافين لكل غالب بحق أو بباطل أن يقهقهواهازئين..لقد إنتهى كل شيء !!. أما نحن فلم نشك قط حتى في أوج القمع في المجتمعالتونسي وما يختزنه من خمائر حضارية ثمرة لجهود مخلصة مضنية بذلها عشرات الآلاف منخيرة رجال تونس ونسائها وشبابها. . ورغم أن الدولة واجهت بكل أدواتها التدميريةهذه الحركة الحضارية الشاملة بما قد يبدو معه أنها قد أتت عليه جرافة القمع فماخلفت وراءها غير قاع صفصف وأرض جرز، إلا أن الاحداث التي تفجرت في السنوات الاخيرةتثبت لمن يحتاج إلى إثبات أن أجهزة الدولة القمعية أعجز من أن تجتث هوية شعب وحركةنذرت نفسها لخدمتها » وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوفرحيم » البقرة141.

 

إن الانبعاث الجديدلموجة التدين العارمة هي في أبرز وجوهها امتداد- بوعي أو بدونه- للجيل السابق منالحركة الاسلامية مثلما كان جيل الصحوة الاولى إمتدادا – دون وعي- لجيل جامعالزيتونة الذي ظن أن عجلة التاريخ طوته إلى الابد ولكن تبين أن كل ما في الامر أنهأمام الرياح العاتية كمن في إنتظار ظروف مناسبة يتجلى فيها ولو بأثواب جديدة وحتىبأدوات جديدة ولكن على أساس نفس المرجعية (الكتاب والسنة) حتى وإن اختلفتالتفاصيل. الثابت أنه على صعيد الهوية كما في الطبيعة لا شيء يضيع ولكنه يتحول.الثابت أن الارض التونسية مشبعة بمخزون إسلامي عظيم سيتجلى وبعضه حتى يتفجر فيأشكال مختلفة ، وأن تونس في المحصلة جزء من بلاد العرب وجملة دار الاسلام وكلهاحاملة بالمشروع الاسلامي لا غيره. ومن أراد أن يضع نفسه على طريق المستقبل فليربطأسبابه بسفينة نوح(يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين). وماذا يعني إعتراف وزيرالثقافة متبجحا بحظره ثمانية آلاف كتابا إسلاميا غير كون دولته مهجوسة ومهووسةبالاسلام حتى الجنون. وماذا يعني مطاردتها السخيفة لقطعة قماش تضعها تونسية علىرأسها غير كونها مطحونة بكابوس مقض لمضجعها إلى حد توريطها في مسالك مرضية. إنهكابوس عودة المحظورطارقا البلاد من كل باب. إنها الهوية الاسلامية، أعمق ما فيضمير التونسي، مهما بدا الامر غير ذلك.هل كان وزير الثقافة يفعل مثل ذلك فيالخمسينيات والستينيات وحتى السبعينيات والثمانيات؟ كلا.لماذا؟لأن الدولة فيالخمسينيات والستينيات كانت مطمئنة إلى إنتصارها النهائي في معركة الهوية، وإذنفماذا يضير وجود مادة لا طلب عليها لغزالي قديم أو حديث؟. وفي السبعينيات والثمانياتكانت الدولة لا تزال قوية قادرة على المواجهة بوسائل معقولة. أما الدولة اليوم فقدأفلس مشروعها الحضاري في مواجهة مشروع السكان الاصليين العائدين يدقون الابوابمصرين على إستعادة حقوقهم.وماذا بقي من مشروع الإحلال والاحتلال غير جزرمعزولة عنمحيطها الشعبي وظهير أجنبي تتطلع إلى حمايته، وعصا هي الملاذ الاول والاخير، فليسلها من دونها حيلة سبيلا لاستمرار الهيمنة وحماية المصالح الحرام.

 

ب ــ على الصعيد الفكريالتجديدي: إنفتحت الحركة بسرعة على معاطن التجديد النافعة.

 

رغم أن الحركة نشأتمتتلمذة على فكر الاصلاحيين المشارقة مزيجا من فكر مالك بنبي، وضعيفة الصلة بتراثالاصلاحيين التونسيين إلا أنها لم تمض بعيدا حتى نشأت في صلبها مراجعات كان منأبرز دعاتها مجموعة الاخوة التي عرفت من بعد باليسار الاسلامي وانفصلت عن الحركة،ولكن الأثر النقدي إستمر يتفاعل داخل الحركة الام معيدا النظر في الوافد المشرقيبما نزع عنه صفة الناطق الرسمي والوحيد باسم الحقيقة الاسلامية ونزل به تدريجياإلى مستوى إمكان من إمكانات الاجتهاد الاسلامي . ولقد أسهمت بدايات الحركةالديمقراطية وأدبيات مجلة الرأي والوعي بأهمية الحركة النقابية وبالصراع الاجتماعيوبالمسألة الفلسطينية وبمسألة التحرر الوطني عامة والصراع الدولي وذلك بأثر المكونالطلابي للحركة، وما يخوضه هناك من معارك مع تيارات اليسار، أمكن لكل تلك العناصرأن تفعل فعلها في وضع التيار الاسلامي على طريق التونسة تفاعلا مع هموم البيئةومدا ّ لليد إلى تراثها الاصلاحي.. تراث خير الدين وصحبه من المشائخ وتراثالثعالبي والقليبي وتراث إبن عاشور. ولقد مثلت وثيقة الاعلان عن حركة الاتجاهالاسلامي في6-6- 1981 حدثا من أهم أحداث تونس المعاصرة، بل مثلت سابقة مهمة وسابقةعلى صعيد تجديد الفكر الاسلامي السياسي بخاصة حتى أن الوثيقة جعلت في طليعة مهامالحركة الاسلامية الاسهام الفاعل في تجديد الفكر الاسلامي وكان تبنيها صريحا قاطعاوكاملا للفكر الديمقراطي وآلياته في إدارة شؤون الدولة والاختلاف فيالمجتمع،وتأكيد سلطة الشعب وقبول نتائج الاحتكام اليه أيا كانت النتائج، وبناء النظامالسياسي على أساس المواطنة، أي الاشتراك في إمتلاك الوطن والتمتع بحقوق متساويةبين كل المواطنين بصرف النظر عن الرأي والمعتقد والجنس. وبالمقابل كان رفضها قاطعاللفكر الأحادي ولحكم الحزب الواحد بصرف النظر عن نوع مرجعيته لما يفرزه ضرورة، منعنف وقمع للمخالف و إنفراد بالحكم ودكتاتورية ودمار شامل مهما بدا الامر إلى حين،خلاف ذلك.

 

وعلى أساس هذا المنظورالفكري الذي أحل الحرية والنضال من أجلها على رأس أولويات الحركة وليس أي تطبيقاتاسلامية أخرى إعتبرناها جزئية بالقياس إلى هذا المقصد الشرعي العظيم : رفع الآصار والاغلالعن الشعوب، مما حدده القرآن مهمة ذات أولوية للنبي عليه الصلاة والسلام »يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر،ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهمالخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم) /الاعراف156،على أساس هذاالمنظورخاضت الحركة معاركها مع الاستبداد تحت شعار كبير متمحور حول فرض الحريات،من طريق تحشيد الضغوط الشعبية المدنية والسعي إلى تكتيل قوى المعارضة، من أجل تونسحرة تتسع في سماحة لكل مواطنيها مهما إختلفت وجهاتهم الفكرية.ورغم أن سوابق العملالمشترك خلال الثمانينيات مع كل أحزاب المعارضة بما فيها بعض دعاة الاستئصال اليوموالراكضين في مضمار السلطة ، كان يمكن أن تشكل سابقة مهمة على الصعيد العربيوالاسلامي إلا أنها أجهضت بفعل المطامع فكانت الولادة مجددا بطيئة وعسيرة ، إلاأنها حصلت رغم أنف الاستئصال السلطوي والمعارض بعد أن تجلت الحقيقة لعقلاء البلدوأدرك الجميع حكمة »أكلت يوم أكل الثور الابيض » بما غدا معه في بلادناوكل بلاد الاسلام من قبيل العبث والتناقض رهان السلطة والاستئصال على ديمقراطية مندون إسلاميين. وهذا في حد ذاته نجاح وذلك بعد أن صمدت الحركة على نهجها السلميالديمقراطي بما لا مجال معه لرميها بالارهاب ، فلم تفعل ذلك حتى الدول العظمىالمتخصصة في ملاحقة جماعات العنف فلم تدرج النهضة على قائمة الارهاب في أي دولةديمقراطية رغم التحريض عليها الدؤوب من قبل سلطة الارهاب الحاكمة، بل تمتع لاجئواالنهضة في كل الديمقراطيات الغربية حليفة السلطة بحقوق الضيافة وحتى تخويلهم حقوقالمواطنة . ولا جرم بعد ذلك أن عجزت كل أجهزة القمع رغم كل ما توفر لها من ظروفمحلية ودولية مناسبة ومساعدة أن تحيل الى غرفة النسيان المظلمة هذه الحركة بل ظلتمنذ إنبعاثها محورا أساسيا في كل سياسات الدولة والمعارضة وتحالفاتهما.

 

هذا التنويه بمآثرالحركة لا يعني بحال براءتها وعصمتها من كل خطأ فذاك أمر غير طبيعي. ولقد كان منمآثر هذه الحركة أنها تكاد تنفرد في الساحة الاسلامية وحتى العلمانية في ممارستهاللنقد الذاتي والاقدام على إعلانه للجمهور فلقد توقفت الحركة طويلا عند محطتيالمواجهة 1987و1992لتستخرج منهما دروسا مهمة حددت نصيب كل طرف في مسؤولية ما حدث.بما جعل نقد القيادة داخل المؤسسات وحتى في العلن ليس مجرما في الحركة، وأتاحتعايش صبغات فكرية وسياسية متعددة داخل الحركة.

 

وفي هذه المحصلة يمكنولا الشك تجريحها بالتحيز وبأنها لا تخرج عن كونها تزكية للنفس ولكن الذي لا يمكنلمنصف متابع لمسيرة البلاد مقارنا بين تونس قبل ظهور التيار الاسلامي العشرين سنةأولى بعد « الاستقلال » وبين جملة أوضاعها خلال الربع قرن أو أكثر الذيتلاها … لا يمكن له إلا أن يرى بجلاء –إذا كان مبصرا- الاثر المتصاعد لعودةالاسلام لا يقتصر على مجرد مظاهر- على أهميتها مثل عودة الحياة الى المساجد ضمنعودة الاهتمام بالاسلام ومواقفه من قضايا العصر والظهور لأول مرة في تاريخ تونسالحديثة للزي الشرعي للنساء (علما بأن أول فتاة تونسية معاصرة تمردت على النموذجالغربي في الزي كانت السيدة هند شلبي حوالي سنة1974) بل يتجاوز ذلك ليمتد إلى عمقالمجتمع عودا مجددا بالاسلام – بعد تهميش طويل – إلى قلب العملية التاريخية التيتصنع الاحداث : أعني المجال السياسي وذلك إعلان هذا التحرك النهضوي الشامل نفسهحركة إسلامية سياسية ديمقراطية شاملة. صحيح أن الدولة واجهت ذلك الاعلان بتدشينموجة من القمع ( 1981- 1984 حيث كان عدد المساجين حوالي 500أقصى الاحكام كانت10سنوات)لا تكاد تهدأ حتى تسأنف أشد عتوا(مارس 1987-1988 حيث شملت الاحكام حواليعشرة آلاف معتقلا وعدد القتلى نحسبهم شهداء إن شاء الله) . أما حملة 1992فكانت مثلعاصفة الصحراء إذ اجتاحت في طريقها أكثر من ثلاثين ألفا) وقد يبلغ حجم المتضررينمنها مباشرة أو غير مباشرة الملايين وشهداؤها بالعشرات ..وهي مرحلة لا تزالمتواصلة.

 

ولكن هذا الحجم من القمعالذي لم تشهد البلاد نظيرا له حتى في أتعس فترات الاحتلال لا يمكن أولا أن يفسرإلا بحالة التهلهل التي إنتهى اليها ما يسمى بالمشروع الوطني البورقيبي في مواجهةعودة نقيضه العربي الاسلامي التحرري، بما لم يبق في جعبته من وسائل الدفاع عن نفسهغير المزيد من الاستبداد والفساد والتذيل للاجنبي. وثانيا يمكن بقدر غير قليل منالاطمئنان تأكيد الفشل الذريع لمشروع الاستئصال. وأن ذلك المشروع بحكم أنه مناقضلهوية الشعب مناقض لمصالحه وأشواقه مناقض لاتجاه التاريخ حيث عولمة الاعلام بماأسقط ــ وسيفعل ذلك أكثرــ كل جدران الرقابة والانغلاق ، وحيث تتحول الديمقراطيةحركة كونية لا يصمد أمامها إلا من إرتضى إنبثاق شرعيته من صناديق الاقتراع. وكلذلك يؤكد أن لا مستقبل لحكم البوليس وحكم مافيا العائلة. وهو ما يسد أبوابالمستقبل في وجه هذا الرهط من الحكم ويجعل مسألة غروب شمسه مسألة وقت ، ومقابل ذلكفالنهضة موضوعة على طريق المستقبل وقد نجحت بفضل الله في معركة الوجود وهي اليومبصدد التعافي والعودة المطمئنة المتزنة إلى الساحات التي أخليت منها بالقوةالغاشمة أقوى وأرشد مما كانت بإذن الله والمسألة مسألة وقت يعمل لصالح الحريةوالاسلام ومن سار على الدرب وصل بإذن الله وعونه.

 

الحوار.نت : وما هي تلك الإضافة خارج حدود تونسفيما يخص المشروع الإسلامي المعاصر؟

 

الشيخ راشد الغنوشي:

 

الحركة الإسلاميةالتونسية تجربة رائدة سباقة في التعددية الفكرية والسياسية :

 

ولم يقتصر الاثر الفكريالتجديدي للحركة على الساحة الوطنية فتحا مجددا للابواب أمام عودة العمل المشتركبين القوى الرئيسية للمعارضة وبين التيار الاسلامي على أساس الدفاع عن الحرياتبصرف النظر عن الاختلافات الايدولوجية التي لا يخلو منها أي حزب داخل صفوفه ذاتها،وإنما تجاوز ذلك إلى كل الساحات الأكادمية المتابعة لتطور الفكر الاسلامي، والتيإكتشفت من وقت مبكر تميز التيار الاسلامي التونسي بفكره الاسلامي الحداثي المؤسسعلى أولوية الحرية والاعتراف بالآخروبالتعددية وحقوق الانسان والاحتكام لصناديقالاقتراع أساسا لشرعية الحكم ورفضا وإدانة للعنف والارهاب سبيلا لفرض الآراءوالمعتقدات ولبوغ المصالح في العلاقات الدولية، بديلا عن التعايش والحواروالتعاون.

 

أما ساحة الحركةالاسلامية التي تجهم معظمها فكر الحركة السياسي لدى إنطلاقته في بداية الثمانينياتفقد أخذت بالتدريج تكتشف بأثر النضج وضغوط الواقع أهميته وجدواه وأصالته. وأذكر فيهذا الصدد إحتجاج العديد من إخواننا على بيان أصدرناه في بداية التسعينياتاستنكارا لقرار السلطة الاردنية رفضها الاعتراف بالحزب الشيوعي . ولم يمض زمن بعيدحتى رأينا تلك الجماعات تقبل في شكل أو آخر العمل المشترك مع ذلك الحزب بعد أن تمالاعتراف به. كما كان لفكر الحركة أثره في الانتقال بالعلاقة بين القوميينوالاسلاميين من حال التحارب المزمن إلى حال الحوار الذي أفضى إلى تشكيل جبهةمشتركة بين الطرفين ضمن منظمة المؤتمر الاسلامي القومي . كما كان لهذا الفكر أثرمقدر في الحوار بين الاسلام والغرب تمييزا في الغرب بين قوى حضارية تحرريةديمقراطية هي حليفتنا في حربنا ضد قوى هيمنية سياسية وإقتصادية وعسكرية إستعمارية،هي العدو للجميع، والخطر المهدد للانسان وللطبيعة بدء بشعوبها . وكانت المسيراتالمليونية إحتجاجا على غزو العراق والتي قادتها منظمات غربية تحررية ومناهضةللعولمة متحالفة مع منظمات إسلامية. وكان ذلك بعض آثار ذاك المنظور الفكري الآخذفي الاتساع داخل التيار الاسلامي رغم ما تثيره فتاوى التكفير وأعمال الارهاب حولهامن ضجيج يوهم بأنها كادت تختطف الاسلام جملة، بينما الحقيقة أن هذا المنظور الوسطيهو الذي يشكل المجرى العام للتيار الاسلامي الذي كان للنهضويين التونسيين بفضلالله إسهام معتبر في ريادته. ولولا إعاقة الاستئصال المتحكم في البلاد لقدمت تونستجربة رائدة- تليق بتاريخها- في مجال التعايش بين التيارين الرئيسين في الامةالتيار الاسلامي والتيار العلماني المعتدل ولتجنبت البلاد هوج العواصف وفادحالكوارث.

 

و لقد كان لهذا الفكربعد فضل الله وصمود أبطالنا في السجون الأثر الأعظم في صمود الحركة وفي إفشالمخططات استئصالية قادها نظام القمع وحلفاؤه ضد النهضة وضد المجتمع كله. والحمد للهأولا وأخيرا.

 

الحوار.نت : دأبت حركةالإتجاه الإسلامي منذ الإعلان عنها في السادس من حزيران 1981 على بناء مشروع الديمقراطيةفوق أديم الفكر الإسلامي المعاصر وراحت تبشر به وتضيف إليه في كل عام لبنة رغم مالقيت من الأصدقاء والخصوم على حد سواء من إنكار. هل دقت ساعة الإقتران بين الفكرالإسلامي المعاصر وبين الديمقراطية أم ظلت الغيوم متلبدة وحجبت الرؤية ؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

إحتسينا في الحركةالإسلامية التونسية كأس الديمقراطية دفعة واحدة لا على جرعات :

 

لقد ذكرت مرة في أحدأحاديثي مقارنا بين التيار الاسلامي التونسي الذي تمثله النهضة وبين الحركاتالاسلامية المشابهة لها في استيعاب الفكر الديمقراطي: إن كأس الديمقراطية التيإحتستها الحركة الاسلامية هنا دفعة واحدة ــ كما تجلى ذلك في البيان التأسيسيلحركة الاتجاه الاسلامي (أرجو من موقعكم إعادة نشره بهذه المناسبة) حتى أن كلالوثائق التي تلته حتى الآن لم تكن سوى تفاصيل وشروحا لما ورد في ذلك البيانالمقتضب ، وكان ذلك في وقت مبكر ــ ظلت حركات الوسطية الاسلامية تحتسي الكأس علىجرعات بحسب نضج القناعات وضغوط الواقع.وغالبا ما كانت الممارسة الديمقراطية لديهاقبولا بالتعددية وبالتنافس مع الآخر المختلف إيدولوجيا تسبق التنظير الديمقراطي ،فقد تراها في الواقع ليست تتنافس فقط في النقابات مثلا مع الجماعات العلمانية بلقد تتحالف معها ضد نظام الاستبداد ولكن عندما تنظر في وثاقها قد لا تجد مكانا لتلكالممارسة لأنها تصر على على إعتبار الاسلام شرطا للاعتراف بتلك الجماعات في دولةإسلامية ، بما يشبه بعض تيارات اليسارالتي لم يكد يصدر عنها نقد للنظرية الماركسيةالتقليدية بينما هي تمارس التعددية وحتى تتحالف مع الاسلاميين، بينما تيار النهضةمنذ دخوله ساحة العمل السياسي دخل مسلحا بتنظير إسلامي يفسح المجال أمام تعدديةكاملة لا تستثني سوى من إستثنى نفسه وصمم على على إنتهاج سبيل القهر والاقصاءوالانفراد وعلى مر الزمن طفق يعمق تلك القناعة ويكتشفها ــ ولا أقول يستنبتها ــفي حقل الثقافة الاسلامية. والعملية متواصلة، فكانت مشاركة المرأة على قدمالمساواة في المشروع النهضوي وفي مؤسسات الحركة والتشريع لتأهلها لكل المواقع فيالحركة وفي الدولة بما في ذلك الرئاسة من ثمار ذلك المنظور الذي لا يزال يغتنيويستوعب كل تجربة بشرية ثبت نفعها وكل إنجاز حضاري .

 

الحوار.نت : هل في ذهنالشيخ راشد نواة رؤية لتجاوز الآثار المدمرة لخطة تجفيف منابع التدين المنتهجة فيتونس على مدى عقدين كاملين بالحديد والنار بشهادة المنصفين من غير التونسيين الذينزاروا البلاد ( الشيخ موسى الشريف مثلا )؟. من تلك الآثار مثلا : تونس هي الرابعةفي معدل الطلاق دوليا ـ ظاهرة الأمهات العزباوات ( أكثر من 1000 ولادة سنويا خارجدائرة الزواج أي بمعدل 3 يوميا ) ـ ظاهرة شيخوخة المجتمع ـ : مجتمع مهدد بالإنقراضجديا.

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

حري بقوى اليسار في تونسالوفاء لمنطلقها الأول : مواجهة آثار العولمة المتوحشة هناك.

 

حقا لقد تكشفت تجربةالتحديث القسري في تونس ولك أن تقول التفكيك والتدميرالممنهج عن كوارث، بلغت حدالتهديد الوجودي لهذا الشعب وحتى لبيئته وفاقت النتائج حتى ما كان مبرمجا لدى روادهذا المشروع. وما ذكرته من دمار خلقي وتفاقم ظواهر الاجرام والعنف في الشارع وفيالمدارس وفي العائلة كتفاقم تحلل بنية العائلة إرتفاعا مهولا لمعدلات الطلاقوإنصرافا عن الزواج حتى لامست معدلات أعمار المقبلين عليه 30سنة للفتيات و35سنةللشبان ، مقابل نشوء ظواهر جديدة مثل ظاهرة « الامهات العزباوات  » وعودةصيغ للتعدد الزوجي في شكل « زواج عرفي » طالما عد التخلص منها مفخرة لقوىالتحديث ..إلى جانب ما أثمره مشروع التحديث الاهوج من نتائج أخرى كارثية مثلالانخفاض المهول في معدلات الانجاب بما جعل من تونس البلد الوحيد في العالم الثالثالذي لم يعد في حاجة إلى فتح مدارس إبتدائية جددية بل هو قد شرع في غلق ما هوموجود منها، فتجمع المدرستان والثلاث في مدرسة واحدة بسبب قلة الاطفال بما إضطرالقائمين على الامر إلى دق نواقيس الخطر والاعلان عن إتجاه لمجتمعنا يسير بخطىحثيثة صوب الشيخوخة، بما لذلك من إنعكاسات سلبية على الاقتصاد وعلى الضمانالاجتماعي وبما يجعل من تونس أرضا منخفضة للهجرة من محيطها. واضح أننا إزاء بناءإجتماعي يتداعى إلى السقوط بفعل إستهداف مشروع التحديث لحجر الاساس الذي قام عليهألا وهو الدين وما أثمر من ثقافة وقيم ومؤسسات . إنه تحديث من نوع « جاءيطبّها (أي يداويها) فأعماها ». وما ذكرتم من ظواهر ليس إلا غيضا من فيض وإلافإن الآثار المدمرة لهذا المشروع الاحمق المغرور على البيئة لا تقل خطرا سواء منجهة الرهان على السياحة ــ رأس قطار لهذا المشروع ــ أو من جهة القبول بإقامةمشاريع ذات تأثيرات مدمرة على البيئة مثل المركب الصناعي بقابس وصفاقس وأفدح منذلك ربط مصير البلاد بمشروع للشراكة غير متكافئ مع عمالة. وحتى ما حقق هذا المشروعمن كسب في مستوى البنية التحتية والخدمات الاجتماعية كالتعليم والصحة والمواصلاتليس هو معرضا للخطر فحسب بل قد شرعت وحوش العولمة في تدميره وإفتراسه بيد وكلائهامن عصابة المافيا المحلية. وأعجب ما في الامر أن جيلا من اليسار أحرق زهرة شبابهمناضلا ضد هذا الوحش وهو لمّا يبلغ ما بلغه اليوم من النهم والافتراس، ليجد نفسهوقد إبيضت مفارقه شيبا واضعا كل خبرته وعلومه وطاقته وعلومه تحت تصرف أجهزة القمعالحامية لمشروع النهب والتدمير. لكم هي نهاية محزنة وبرهنة بالخلف، وحصاد هشيم.

 

إن شعب تونس يدفع ضريبةالجغرافيا وإختلال موازين القوة بين الضفتين باعتباره ثغرا متقدما يتلقى الصدماتالاولى كلما إختلت موازين القوة لصالح الضفة المقابلة مستهدفا بخطر الاستلحاقوالهضم . ولولا ما يتوفر عليه هذا الكيان من مقومات الدفاع الذاتي لغدا إزاء ماتعرض له وما جرب عليه منذ زهاء قرنين من ضروب غزو وتفكيك وإختراق وإستلحاق وتذويبأثرا بعد عين. ولكن تجربة التاريخ تؤكد أنه كلما ظنوا أنهم قد غلبوا وأن خططهم قدنجحت فحسموا المعركة نهائيا لصالحهم ــ وكان آخرها حتى الآن خطة تجفيف الينابيعوأن شجرة الاسلام فعلا قد تم تجفيف ينابيعها وإجتثاثها إجتثاثا من الجذور ــفاجأتهم المفاجآت المذهلة فانشقت الارض مجددا عن أغصان وفروع لها يانعة تتحدى الحطابينومن ذلك كانت الصحوة الاولى في نهاية الستينيات بعد أن قال كبير علماء اجتماعهم(الهرماسي)أن معركة التحديث قد حسمت نهائيا بما يستحيل معه ظهور حركة أصولية ويشاءالله أنه في السنة نفسها تشرع سنة من سننه في عملها »حتى إذا أخذت الارضزخرفها وازّينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا »/يونس/وتكرر الامرفي أعقاب الهجمة الاخيرة في بداية التسعينيات حيث كانت الحملة الصليبية الجديدةتطبيقا لخطة تجفيف الينابيع والاستئصال، أحكم وأعتى وأشمل بما لا سابق له.مرة أخرىتأتي النتائج مسفهة كل التوقعات ويأتي رد الفعل مناسبا للفعل في قوته قوة لا تعروعن العنف، بما يشهد مرة أخرى على أصالة هذا الشعب وعمق المكون الاسلامي العربي فيبنية شخصيته الجمعية والفردية، فهل يتعظون فيعرضون عن تكرار المحاولات العبثيةاليائسة وأكلافها الباهظة؟

 

الحوار.نت : هل يوافقالشيخ راشد على أن الحركة تقدمت في بداية تجربتها مقارنة مع غيرها على الأقل علىدرب الإنتاج الفكري الغزير والعميق بما يؤسس للإجتهاد والتجديد في قضايا ملحةومثار جدل بين الناس ( الدولة ـ المرأة ـ الخ .. ) ثم سرعان ما خفت ذلك العمل بلربما بهتت آثاره حتى داخل قطاع معتبر من أجيال الحركة نفسها ؟ إذا كان بعض ذلكصحيحا فهل أن الشيخ مقتنع حقا بأن سنوات الجمر الحامية الطويلة هي التي حالت وحدهادون ذلك ؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

الحركة والتجديد :تجديدنا في مواجهة الإستئصال هو: الحفاظ على وجودنا وتجديدنا السابق.

 

لا يبعد ذلك من الصواببالنظر إلى قانون طبيعي تتبعه الكائنات الحية إذا هي ووجهت بقوة أعتى منها تهددوجودها فتنكفئ على نفسها لتحمي نفسها . وإذن فمن قبيل التمني توقع أن تثمر حالاتالخطر على وجود إبداعات تجديدية ، حسب هذه المرحلة أن تحقق صمودا وثباتا على ما هوموجود . الصمود في مثل هذه الحالات والثبات على المبادئ هو بحد ذاته نصر وكسب.وهوقد تحقق بفضل الله ، فلم تتفكك الحركة ولا تذررت أمام عتو الهجوم ووحشيته في ظروفمناسبة للعدو ، ولا هي تراجعت عما حققته من تجديد في سني وجودها الطبيعي أو شبهالطبيعي على أرضها، فلقد أتت عليها أحوال في أوج الهجوم عليها كادت تطوّح بها فيالمجهول وتنقض كل غزلها، لولا أن الله سبحانه سلّم وثبّت. وما ينبغي أن نسقط منالحساب توزّع مهاجري الحركة على عشرات الأقطار ذات توجهات اسلامية وإجتهاداتمتعددة يغلب على كثير منها نزوعات المحافظة بما جعلهم عرضة للتأثر لا سيما وهمليسوا في حالة إنتشار وفيضان بل في حالة محنة وإنكفاء بل وحتى حاجة لتعاطف غيرهممع قضيتهم وليس لمجادلتهم. يبعد أن يكون حصول تجديد جاد بمعزل عن الجغرافياوالتمكن فيها. كون الحركة في خضم هذه المحنة وما قد تدفع إليه من ردود أفعال فيإتجاهات مختلفة قد تنتهي حتى إلى جلد الذات وتجريمها على طريقة السهم المرتد …حافظت بفضل الله على وجودها وثبتت على مبادئها وكسبها التجديدي هو بحد ذاته كسبونصر.

 

الحوار.نت : عرف الشيخراشد في كل الأوساط المهتمة سيما بعد كارثة سبتمبر 2001 وما تلاها في مدريد ولندنبالصرامة الشديدة في إدانة العنف والإرهاب بإسم الإسلام بينما توخى ساسة ومفكرونإسلاميون آخرون سبيلا أقل حدة. هل من توضيح للأمر من ناحية وإلى أي مدى يعتبرالشيخ راشد أن تلك الكوارث جمدت فعاليات العمل الإسلامي في أروبا وخارجها إلى حينمن ناحية أخرى ؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

الارهاب من أخطر مايتهدد الاسلام :

 

إن الاسلام دعوة عالميةتتجه للناس كافة تخاطب عقولهم وأرواحهم وضمائرهم،تذكّرهم بأصل وجودهم وبالهدف منهوبالمنهج الامثل الذي يضمن لهم فيما لو إتبعوه عن بينة سعادة الدنيا والاخرى. هذهالدعوة هي أحوج ما تكون في إندياحها في العالم إلى نظم ومناخات تسودها الحريةوتحتكم الى منطق العقل والعلم والتجربة والتمحيص وسيادة السلم والانفتاح. ولذلك لميكن للفتوحات الاسلامية من أهدف أكثر من توفير مثل هذه النظم والمناخات التي كانتمفقودة بفعل السيطرة المطلقة لأنظمة إقطاعية متكلسة مدعومة بجهالات مؤسسات كنسيةغشوم تطحن شعوبها وتعمل فيها تخديرا وتجهيلا، فلم يكن من بد أمام دعوة الاسلامالتحررية الشاملة من إطاحة تلك القلاع الكالحة وفك أسر تلك الشعوب المطحونة حتىتستعيد إنسانيتها وترفع عنها أغلال الطغيان بمثل ما يقره اليوم القانون الدولي منتدخل إنساني يرفع الظلم عن ضحاياه ويعيد لهم حرياتهم ومنها حرية الاختيار »وقلالحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر »/الكهف/، وهو ما يفسر دخول معظمتلك الشعوب المحررة في الاسلام طوعا كما يفسر بقاء بعضها حتى الآن على دياناتهممتمتعين بحقوق المواطنة في دول إسلامية عظيمة لم يسجل عليها مؤرخ أنها مارست ضدمواطنيها غير المسلمين يوما حروب التطهير العرقي أوالديني، مما تلوث به تاريخأروبا وحتى أياما قليلة خلت.

 

غير أن عموم أوضاعالانغلاق تلك، قد أطاحت بها خلال القرون الثلاثة الاخيرة سلسلة من الثورات كانللارث الاسلامي العلمي والتحرري – على نحو أو آخر- تأثير فيها، فتحطمت أسوارالاقطاع ودحرت الكنائس لتحشر في مقراتها، وانطلقت الشعوب مستعيدة حرياتها العقليةوالسياسية تبدع وتطور أنظمة وأوضاع حياتها بما أفضى إلى تشكيل مجتمعات مفتوحةمؤسسة على مبادئ حقوق الانسان وحرية إختيارها بمنآى عن كل ضغط ووصاية، وهو ما وفرللاسلام لأول مرة في تاريخ علاقته بالغرب أجواء مناسبة لينساب وينداح في الارضومنها ديار الغرب في حل من القانون الذي حكم علاقة الاسلام تاريخيا بأروبا : أنالعمل العسكري هو طريق المسلمين الوحيد الى أروبا .إستمر الاسلام في أروبا ماإستمر تفوقه العسكري ، فإذا إختلت موازين القوة لصالح خصومه تمت إبادته وأهله ،بينما إستمرت المسيحية في حماية الاسلام،بمثل ما يستمرالاسلام اليوم في الغرب فيحماية العلمانية. ذلك ما حدث في الاندلس وفي الجنوب الايطالي وعلى نحو ما في شرقأروبا ووسطها. بينما قد تغير الامر جملة في أروبا والغرب عامة بعد إنهيار مجتمعاتالاقطاع والكنائس وحلول وسيادة الانظمة الديمقراطية العلمانية بدلها، بما أمكن معهللاسلام والمسلمين في كل بلاد الديمقراطية الامتداد المريح الآمن وتأسيس المساجدوالمراكز والمدارس والمتاجر ووسائل الاعلام بل قد أمكن لهم أن يشاركوا في الحياةالسياسية نوابا في البلديات والحكم المحلي والبرلمانالت والحكومات وهو وضع حديث كلالمؤشرات دالة على أنه في تصاعد سريع من طريق الاهتداء إلى الاسلام والهجرةوالتناسل ، مما يبشر بحصول تطور نوعي في علاقة الاسلام بالغرب . هو مصلحةإستراتيجية للطرفين إذ من شأنه أن يرسي بينهما علاقة السلام والتعاون المثمرالمتكافئ بديلا عن علاقة الصراع والحرب، وهو هدف إسلامي إستراتيجي باعتبار السلمفي منظور الاسلام للعلاقات الدولية هو الاصل والحرب الاستثناء »وإن جنحواللسلم فاجنح لها »الانفال ». وليس ما أحدثه قرار الحرب الذي إتخذه « بلير  » ضد العراق من أزمة داخل المجتمع البريطاني المسلم كان سببا في تفريخالارهاب في وسط جيل الشباب المسلم البريطاني ، إلا نتاجا لغفلة صانع القرارالبريطاني عما طرأ على المجتمع البريطاني من تحول في تركيبته الدينية والاتنيةجعلت من قرار حرب ظالمة ضد دولة إسلامية مصدر تهديد للامن البريطاني القومي ، بسببأن هذا القرار كان ينبغي أن يؤخذ فيه بعين الاعتبار أثره على المكون الاسلاميالجديد في بنية المجتمع البريطاني، باعتبارهؤلاء مواطنين أيضا، تماما على غرار مايفعل صانع ذلك القرار في كل سياسة يتخذها ازاء إسرائيل، فلا مناص له إذن من أنيأخذ بعين الاعتبار وجود أقلية يهودية مؤثرة سيكون لذلك القرار انعكاسات عليها.وهو الامر الذي الذي سيأخذ مكانه في كل المجتمعات الغربية من خلال تصاعد الوزنالكمي والكيفي للاقلية المسلمة خلال العقدين القادمين. وهو ما يمثل مصلحة للطرفينوجسر تواصل يفرض السلم ويدرأ شبح التحارب ويرسي دعائم قوية للتعايش بين الحضارتينبمنآى عن إيدولوجيات الصراع، بما سيؤكد فعلا أن ديار الغرب ديارا »مفتوحة » من وجهة النظر الاسلامية بل تتوفر على مواصفات أساسيةلــ »دار الاسلام »، وذلك بسبب حالة الامن المتوفرة لأول مرة في التاريخللمسلم هنا: الامن على حياته وعلى دينه، يمارسه في العلن بحرية ويدعو إليه. وذلكمقوم أساسي من مقومات دار الاسلام ، هذا المقوم المفتقد في كثير من ديار الاسلامالتاريخية وهو ما جعل إتجاه الهجرة ليس إلى بلاد الاسلام التاريخية وإنما إلى بلادالغرب. وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم ما يعزز هذا الاتجاه « البلاد بلادالله والعباد عباد الله فحيث ما أصبت خيرا فأقم »/مسند الامام أحمد. إنه رغمما في العالم من مظالم وحروب إلا أن ذلك لا ينفي حصول تطورات نوعية في العلاقاتبين الدول أحلت قانون الاعتراف المتبادل والتعاون وحقوق الانسان محل قانون الغلبةوالحرب الذي حكم العلاقات بين الدول على إمتداد التاريخ، وهو وضع يجعل كل البلادالمحكومة بهذا الوضع الجديد ليست بحال هي « ديار حرب » بل « ديار عهدودعوة وأمان » للمسلم (انظر مؤلف الشيخ عبدالله الجديع. دار الحرب ودارالاسلام ». فالحديث عما سمي بــ »غزوة مانهاتن ولندن ومدريد »وأمثالها ليست إلا أعمالا إجرامية حمقاء، لا تمت بصلة إلى مفاهيم الاسلام في الفتحوالجهاد . فليس لهذه الشناعات من التقتيل العشوائي ومؤاخذة شعوب بجريرة حكامها حتىوإن عارضتهم وتربصت بهم الدوائر حتى تمكنت من إطاحتهم. « ألاّ تزر وازرة وزرأخرى »/النجم/ وأي فتح يتحدث عنه هؤلاء وهذه البلاد « مفتوحة  » أصلا،ما دام المسلم يأمن فيها على نفسه وماله وعرضه ويمارس شعائر دينه في العلن ويدعوإليها . فاي فتح تحتاجه مثل هذه البلاد المفتوحة أصلا غير الفتح الفكري والدعويوالاعلامي وكل أبوابه مفتوحة ميسورة يحميها القانون والعرف، لولا أن هؤلاء الحمقىسعوا ولا يزالون لتغليق تلك الابواب مسيئين لإيمانهم « بئسما يأمركم بهإيمانكم إن كنتم مؤمنين » مشوهين صورة إسلامهم، مؤلبين الامم على مبادئه وحضارتهوبالاخص أقلياته حتى غدت صورة المسلم أبعد ما تكون عن إشاعة قيمة الرحمة » وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين »/الانبياء/ بل هي لا تثير سوى الرعب والاستهجانوالحذر . حتى كاد كل مسلم يبدو إرهابيا . فأي كارثة أحاقها هؤلاء بالاسلام وأهلهوأقلياته التي تمثل ثلث المسلمين المتقدم فاتحا، والتي غدت محاصرة بالعداواتوبقوانين الارهاب والملاحقات الامنية . فهل من جهة أسعد بمثل هذه الحماقات منأعداء الاسلام من اللوبيات الصهيونية والجماعات اليمينية التي أخذ وزنها يترجح فيأكثر من بلاد غربية بأثر تلك الحماقات بينما القوى التحررية اليسارية المتحالفة معالمسلمين والمدافعة عن قضاياهم في فلسطين والعراق وعن حقوق الاقليات يشتد عليهاالخناق وتفقد مواقعها . وبموازاة ذلك يشتد ساعد أنظمة القمع في عالم الاسلاموتتلقى أسخى الدعم الغربي تحت غطاء الاشتراك في الحرب على الارهاب، بزعمها أنها هيأيضا مهددة بالارهاب فهي تواجه نفس العدو وشريك في هذه الحرب،بما يسوغ لها قمعشعوبها وصم الآذان عن كل ضغط من أجل الاصلاح. أوليس ذلك هو عين ما حدث بمصر وتونسوأمثالهما، بأثر تلك الحماقات. فأي خير يرتجى من حركات حمقاء تسلطت على الامة فيغيبة نهوض حكامها بواجباتهم في الدفاع عن الامة فانتصب هؤلاء يملأون الفراغ فمازادوا الامة وقضاياها إلا خبالا ..إنهم في مسعى دؤوب لاختطاف الاسلام لا عبر علوموآداب في الامة ينشرونها يقنعون بها الرأي العام ونخبه بل عبر التفجير والاستهدافالعشوائي للبشر وتكفير المخالف وتأجيج نيران مخزون العداوات الطائفية وضرب قوىالامة بعضها ببعض، من مثل ما يحصل في العراق حيث لم يسلم من شرهم لا شيعي ولا سني. هم ناطقون وحيدون باسم الحقيقة الاسلامية فكل اجتهاد آخر هو كفر بواح لا يستحقأهله غير القتل .إنه منطق الخوارج يفشو في الامة مستغلا العدوان الغربي على الامةواستقالة حكامها من واجبهم في الدفاع عنها . ولكن ما يمكن لعاقل أن يرتجي من مثلهذه الحركات خيرا. وما يمكن لمن يملك أدنى معرفة بالاسلام ومقاصده واستراتيجيتهالانسانية العالمية في الدعوة والاصلاح، أن يصدق أن لما يرتكب هؤلاء من حماقاتوضروب إجرام في حق الاسلام والمسلمين وشباب الاسلام بالذات وفي حق الانسانية قاطبةأن يصدق أن لما يقترفه هؤلاء سندا من الدين أو العقل أو المصلحة، فكيف يجوز لمنيملك ذرة من غيرة على دين الاسلام أن يصمت على هذه الكارثة التي حلت بالاسلاموالمسلمين بله أن يكون صوته خافتا أو محايدا أو متواطئا . إننا إزاء خطر هو أشد ماحاق بدعوة الاسلام المعاصرة وبأقلياتها وحركاتها المعتدلة. وإن عجبي لشديد من أنأصوات الانكار على هؤلاء ليست بالقوة الكافية ربما بسبب

حالة الصدام وكسر العظمبينهم وبين قوى الاستكبار وعملائها في المنطقة ، بما يجعل المسلم في موقف الشماتةبأؤلئك الاعداء وقوى القمع . ولكنه موقف مهزوز، إذ الاصل أن ننكر المنكر من حيثأتى »ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أوالاقربين »/النساء/ الاصل أن لا تجرنا العداوة إلى التهاون في العدل . ولكمحذر صاحب الدعوة عليه الصلاة و السلام من الخوارج رغم ما وصفهم به من ظواهر التقوىالبادية عليهم »تحقّر صلاتك الى صلاتهم.. ولكنهم يمرقون من الاسلام.. »على أن كشف عورات دعوتهم ونزع الشرعية والمصلحة عن فعالهم لا يعني بحال الاندراجفي ركاب الطرف الآخر، بل ينبغي أن يكون صوتنا أعلى بالتشهير بما ترتكبه قوىالهيمنة والاستعمار من عدوان على الامة في فلسطين والعراق والصومال وافغانستان..وما تقدمه من دعم غير مجذوذ لحكامنا الفاسدين الذين ما ينبغي الفتور عن التأليبعليهم لحملهم حملا على النزول عند إرادة شعوبهم في العدل والحرية والدفاع عن الامةأو إندحارهم غير مأسوف عليهم ، وإلا كنا أعوانا للشيطان وفقهاء للسلطان وطلاب دنيابدبن والعياذ بالله. فهل أدركت أخي ما وراء إعلاء صوتي بالنكير على إخواننا الذيننالوا من دينهم وأمتهم وأنفسهم أكثر مما نالوا من عدوهم .. وكذلك يفعل الاحمق » قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبونأنهم يحسنون صنعا ». الكهف

 

الحوار.نت : من أبرزحصائل المؤتمر السادس للحركة ( 1995 ) بحسب ما نشرتم : العمل على عودة الصحوةوالحركة إلى البلاد. الآن بعد 12 عاما : عادت الصحوة ولكنها صحوة تغلب عليهاالسطحية التي تصيب كل مبتدئ من مغالاة وغير ذلك ولكن هل عادت الحركة؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :بدأتالحركة الاسلامية صحوة عامة تحمل أقدارا غير قليلة من التشددثم خالطت نباتالارض واتصلت أسبابها بتراثها ومناخاتها فعدلت من نفسها واعتدلت، وبالخصوص بعد أنتطورت إلى حركة سياسية واجتماعية شاملة، وكما بدأت هي اليوم عائدة بإذن الله صحوةحاملة لاقدار من التشدد بأثر الرياح الوافدة وردود الافعال الصاعدة، ستتفاعل معبئتها وتتواصل أسبابها مع سالفتها وبالخصوص والحركة الام عائدة عودا حميدا أرشد.

 

الحوار.نت : ما هو موقفالشيخ راشد من المسألة التالية حين تتهيأ لها الظروف الطيبة ويبزغ شعاع أصيل منالحرية : نشوء حزب سياسي إسلامي في تونس مستقلا تنظيميا إستقلالا حقيقيا عن حركةالنهضة بما هي حركة إسلامية شاملة ؟ ألا يرى الشيخ راشد أن تونس لا تختلف كثيرا عنغيرها من البلاد العربية والإسلامية التي أقدمت فيها الحركة الإسلامية على تلكالتجربة التي تجمع بين الوصل والفصل معا بين الحزب السياسي وبين الحركة الإسلامية؟ من ذلك مثلا أن حركة الإخوان في مصر ـ أكبر وأعرق حركة إسلامية ـ تعد هذه الأياملمعالجة تلك التجربة؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

الحزب والحركة :

 

لا مانع مبدئيا منالتمايز التخصصي بين مهام الاصلاح السياسي ومهام الاصلاح الاجتماعي الثقافي ،ضمنالمنظور الشامل للاسلام. ولكن لأن كل ذلك منفي أو مخنوق جملة في ظل الدكتاتوريةالقائمة ما يجعل الاشتغال بالجدل حول هذه المسألة سابقة لأوانها.الاولوية اليوملمواجهة الاستبداد حتى اذا أشرقت شمس الحرية وعساه يكون قريبا كان للجدل في مثلهذا الامر مصداق.

 

الحوار.نت : أثار بيانالثامن من مارس الأخير الممضى من لدن هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات جدلا واسعاوقديما في الآن ذاته فهل من كلمة للشيخ راشد الذي سبق له أن صرح بأن مجلة الأحوالالشخصية مندرجة ضمن الإجتهاد الإسلامي؟.

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

الموقف الرسمي للحركة هوما عبر عنه ممثلوها.

 

كانت ولادة حركة18أكتوبر عسيرة والضغوط على أركانها شديدة من أجل وأد المولود في المهد أو تشويههوحرفه عن وجهته بالزج به في متاهات تصرفه عن أهدافه الحقيقية. ولقد بذلت جماعاتالاستئصال وسعها من أجل عدم قيام هذا الكيان فلما فشلت وأسقط في يدها وهي تراهمنتصب القامة اندفعت اليه وما لبثت أن فرضت عليه محاور للنقاش زرعتها ألغاما لنسفالبناء من أساسه بما يستبعد المكون الاسلامي عداء مستحكما للاسلام موروثا من الزمنالاحمر لم تخفف منه الازمنة اللبرالية التي أعقبته بل لم يكد يستبقي بعضهم من إرثالنضال ضد الامبريالية غير العداوة للدين وتساقط كل محمولات المشروع الثوريةالتحررية الاجتماعية. وبعضهم جار في هذه العداوة مجرى المصلحة يرجو ثوابها منقارون. كان موضوع حقوق المرأة المتفجرة الاولى التي القى بها الاستئصال وحليفهالسلطوي تحت أقدام الكيان الجديد ونحسب أن الكيان لئن نجح في لملمة صفوفه التيكادت تتمزق على محك الجدل الايدولوجي الذي ما كانت إليه ضرورة ولا مصلحة ، وتوصلإلى نص هو من قبيل نصوص الاتفاقات العامة التي قد لا يرضى عنها بالكامل كل طرف علىحدة ولكنها في عمومها تمثل أرضية الحد الادنى المشترك. لا سيما أنه لا أحد من رجالالحركة الاصلاحية الاسلامية منذ القرن التاسع عشر إلا وقد أنكر ما حاق بالنساء منمظالم ودعا بحرارة وحماس إلى القيام بإصلاحات جادة في إتجاه المساواة بين الجنسين، فليس في وارد إصلاحي إسلامي أو علماني جاد الدعوة الى التراجع عما أنجز منإصلاحات شهدت لها التجربة بالمكنة في دعم الاسرة واستقرارها وقيامها بوظائفهاالطبيعية، بل إن مثل تلك الاصلاحات حرية بالتطوير المعزز لها . وكان من الطبيعي فيظل الحريات السائدة في أوساط تونس المهاجرة أن تبرز وتتحاور وجهات نظر مختلفة حولالوثيقة المذكورة . ولكن الموقف الرسمي للحركة هو ما عبر عنه ممثلوها.

 

الحوار.نت : تطفح منذ مدةكبيرة منتديات إلكترونية تونسية بموضوع المصالحة بين حركة النهضة وبين الرئيس بنعلي فهل من كلمة من الشيخ راشد حول هذا الأمر الذي ظل يشغل الناس داخل الحركةوخارجها؟

 

الشيخ راشد الغنوشي :

 

1- كنا ولا نزال دعاةمصالحة لا مباطحة، ففي ديننا « والصلح خير » سورة النساء.  » ذلك هوالاصل.

 

2- غير أنه عمليا لا يتمذلك إلا بتوفر المعتدي على نفس الارادة . قال تعالى « وإن جنحوا للسلم فاجنحلها وتوكل على الله »/الانفال/.قال الشيخ ابن عاشور في تفسير هذا الطلب »فمعنى إن جنحوا للسلم إن مالوا إلى السلم ميل القاصد إليه كما يميل الطائرالجانح إذا أراد النزول . وإنما لم يقل :إن طلبوا السلم فأجبهم إليها ، للتنبيهعلى أنه لا يسعفهم إلى السلم حتى يعلم أن حالهم حال الراغب لأنهم قد يظهرون الميلإلى السلم كيدا » ص59ج10 التحرير والتنوير.فالسلم والمصالحة بين الاعداء لايتحقق إلا بتوفر الميل والقصد الجاد إليه، وإلا كان من قبيل الاماني وتخذيل الصفوفوإشاعة الوهن.

 

3- ونحن لم نر من السلطةالقائمة ميلا إلى التصالح لا معنا ولا مع غيرنا بل هي ممعنة في تعويلها المطلق علىالتعامل الامني سبيلا لتدمير خصومها أو إحتوائهم: آليتان لم تعرف دولة الاستقلالحتى الآن غيرهما.

 

4- ومع ذلك ولو من بابإقامة الحجة » وقالوا معذرة الى ربكم »/الاعراف/ نحن لم ندخر جهدا فيالسعي المباشر وغير المباشر إلى فك الاشتباك الذي طال والذي لا يفيد منه غير قوىالشر، ولكن ما بدا قط من السلطة جنوح حتى شكلي، بله جاد، لمبادلتنا نحن ولا غيرنامن قوى المجتمع نفس الرغبة.

 

5- وفي الوقت الذيتستفيض فيه أحاديث من هنا وهناك حول مصالحة خيالية مفترضة من قبيل »يحسبهالضمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا »النور، يبلغ القمع حدا غير مسبوق يخرجضحاياه حتى من عقولهم .

 

6- عندما تتوفر الظروفالموضوعية لمصالحة جادة طريقها هو النضال الجماعي السلمي ذو النفس الطويل والصبرالجميل على موالاة التضحيات دون منّ ولا وهن إبتغاء مرضاة الله ثم مستقبل أفضلللاجيال القادمة سبيله العمل الدؤوب لتغيير موازين القوة، بما يحمل المستبدينبالامر على الجنوح للسلم، لا تفضّلا ومناّ، فليس في السياسة شيء من هذا القبيل.أما موضوع هذه المصالحة المرجوة فليس هو مجرد تحويل سجين أو بضعة سجناء من سجنمضيق الى سجن موسع وإنما تفكيك منظومة الاستبداد حتى لا يكون الامر مجرد تداول بينفرقاء المعارضة على السجون بدل تداولهم السلطة . وأساس منظومة الاستبداد وأجهزته،السلطة المطلقة التي خولها رئيس الدولة لنفسه والتفويض المطلق الذي خوله لجهازأمنه القمعي، يعيث فسادا وتنكيلا في أبشارالناس وأعراضهم وأموالهم ،أكانوا معارضينأم كانوا حتى مجرد مواطنين عاديين، إلى جملة القوانين المقيدة بل المصادرة للحريات: قانون الاحزاب والجمعيات والصحافة والتنقل والقضاء..الخ.

 

7 ــ عندما تتوفر حتىمجرد شروط الحد الادنى للمصالحة لن يعيقها آنئذ سبب تافه من مثل إفتراض تعطل وصولرسالة أو جهاز هاتف..ولن تكون محتاجة إلى وسايط ، وعلى افتراضها،ينبغي أن يكون ذامصداقية غير مطعون فيه ولا متهما من أحد الطرفين أو كلاهما. وتلك جزئيات .

 

8 ــ أما واجب الوقت فهوتجديد العهد مع الله سبحانه على الاستقامة وتجريد القصد والعزم على إستصلاح مابالنفس وبذل العون للآخرين وشحذ العزائم ورص الصفوف من أجل تشكيل أوسع جبهةلمقاومة المنكرات، وأنكاها في المجتمع، على الدين والدنيا، الظلم والاستبداد.قالتعالى :  » يايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط »المائدة .

 

وأختم بما بدأت به منتحية وتهنئة لأبناء الحركة وأصدقائها وإبتهال إلى العزيز الرحيم أن يكلأ الجميعبواسع رحمته وأن يفيئ علينا بمدد من قوته التي لا تقهر ولا تفتر حتى نواصل حملالامانة لا نبدل ولا نغير حتى تشرق شمس الاسلام والحرية على الوطن الحبيب تونسوعلى أمة الاسلام والعالم، أو نهلك دون ذلك فنلقاه على الطريق اللاحبة شهداء. »ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكمتفلحون »/آل عمران/ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

الحوار.نت : شكرا جزيلاللشيخ راشد الغنوشي لما أولانا به من حوار شامل صريح.

 

(المصدر: موقعالحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 6 جوان 2007)


النهضة وأردوغان وبنكيران

 

علي بن عرفة – لندن

 

الإهداء:لإخواني في السجن الصغير والكبير وفي المهجر، في الذكرى 26 لـتأسيس حركة النهضة.

 

ماذا بقي من حركةالنهضة؟

 هذا هو السؤال الذي طرحه  خالد شوكات في آخر مقال له ضمن سلسلة حملاتهالمتكررة ضد النهضة وقياداتها. والحقيقة أن هذه الحملات نفسها تحمل في طياتهاالاجابة عن هذا السؤال، لأنها وببساطة تفقد مبرراتها أصلا  اذا لم يبق من النهضة شيء على ما يروج شوكات،فالملاحقات الامنية (السلطة) والاعلامية ( بسيس – الصغير – شوكات ) و الفكرية(اليسار) والجهود المبذولة في المهجر( الحامدي – و غيره) لشق وحدة الحركة بالبحثعن متساقطين ليعودوا فرادى او جماعات عبر بيانات التوبة والاستسلام، هي  دليل قاطع على وجود شيء محسوس ونابض بالحياة اسمه حركة النهضة، وهو  محل استهدافمن قبل كل هذه الحملات والملاحقات على تنوعها.

 

إن ما كتبه شوكات عمابقي من النهضة لا يتعدى حديث الأماني، البعيد عن الموضوعية و البحث العلمي النزيه،فقد بشر شوكات بنهاية التيار الإسلامي بناء على النهاية التي عرفتها الانظمةالشيوعية والقومية، التي تشترك حسب زعمه مع التيار الاسلامي في انفراد زعاماتهابسلطة القرار. وبقدر ما نتفق معه فيما ذهب اليه من الاثار السلبية لهذه الظاهرةعلى الأمم والجماعات، ، فإنه من باب التسرع – والتبسيط –  اعتباره العامل الوحيد الذي يحكم نهاياتها،فالظواهر الإنسانية تحتاج في فهمها الى عملية تركيب معقدة، تستقرئ الظاهرة من كلجوانبها، لتقف على الأسباب الرئيسية والفرعية الفاعلة في ظهورها واندثارها.

 

وللحديث عما بقي من حركةالنهضة، فإن هذه الحركة ورغم حملة الاستئصال والقمع التي تعرضت لها، لا تزال تمثلالقوة الرئيسية في المعارضة، ترفض الإستبداد وتصر على ان تظل  في موقعها المعارض والجاد رغم المحنة التي لاتزال تكابدها والضريبة العالية التي قدمتها (شهداء – مساجين – حصار في السجنالكبير – هجرة ) على طريق التحرر من ربقة الاستبداد وهيمنة العائلات المافيوزية.ولم يتردد قادتها  – الخارجين لتوهم منالسجن بعد أكثر من عقد ونصف – في الاصطفاف في صف انصار الحرية وقوى المجتمع المدنيفي حركة 18 اكتوبر، حتى تكون تونس لكل التونسيين دون اقصاء او تمييز، رغم اغراءاتالطريق السريع الذي يبسطه أمامها دعاة المصالحات المغشوشة، مؤثرة منذ البداية مطلبالمصالحة الوطنية الشاملة، على مصالحها الحزبية من مثل اطلاق سراح مساجينها، الذيظل على امتداد سنوات المحنة يحتل المقدمة في سلم اولوياتها، ولكنها رفضت ان يتحولالى ورقة ابتزاز تستغلها السلطة للمساومة على الحقوق المشروعة للشعب في الحريةوالديمقراطية. ورغم حجم المعاناة والملاحقات الامنية المستمرة، وتوزع ابناء النهضةعلى مواقع لا تحصى ما بين  السجون والمهاجروالسجن الكبير-  يكابدون ظلم الحصاروالتجويع والاذلال اليومي –  فقد ظلتالحركة، بفضل الله أولا، ثم بوعي وإخلاص أبنائها في مختلف مواقعهم قي الداخل والخارج،موحدة على خياراتها الوطنية لا يضيرها من خالفها.

 

 أما  عنرصيدها النضالي الضخم  والمتراكم عبر المحنالمتتالية، وخاصة منها المحنة الأخيرة التي امتدت لما يزيد عن عقد ونصف، على خطالنضال في مواجهة الاستبداد والدفاع عن حق التونسيين في الحرية والديمقراطية،فسيظل ماثلا في ضمير ووجدان الشعب التونسي الذي لايزال يحفظ عهدها رغم مظاهر النسيان الخادعة، التي تمثل احدى اسلحةالتخفي من ارهاب الدولة المتواصل، والذي لا يفتر حتى يشتد ضد المحجبات، وروادالمساجد، والمساجين السابقين، والشباب المتدين.

ولمن يرى خلاف ذلك، فانالنهضة لا تطالبه بأكثر من انتخابات حرة ونزيهة كما هو شأن دول الجوار القريبوالبعيد،  عله يكتب على اثرها شهادةوفاتها  – كما يتمنى – فهل لها الى ذلك منسبيل؟

 

أما الدعوة لقياداتالنهضة ليخرج منهم اردوغان أو بنكيران، فهي بالاساس دعوة لا أخلاقية، تبحث في تمزيقصف الحركة، متفقة  بوعي او دونه  مع مخطط النظام القمعي ، الذي عجز عن تحقيق ذلكبقوة البطش والتجويع والحصار. والحقيقة ان المسالك اللااخلاقية ضد النهضة قد تعددتمؤخرا – مما يرجح وقوف السلطة ورائها – دون رادع ديني أو أخلاقي ، فانطلق بعضهايبحث من خلف قيادة النهضة في صفوف الحركة عمن يوقع بيانات التوبة الإستسلام.

 

ان الإعتقاد بأن اردوغاناو بنكيران مجرد شخصان، استهوتهما فكرة الخروج على قيادتهما، فنجحت دعوتهما بغضالنظر عن الظروف الموضوعية التي تحرك في اطارها الرجلان، سواء من جهة طبيعةالانظمة السياسية التي يخضعان لها، او من جهة الوضع العام الذي يعيشه التيارالاسلامي في بلديهما، فيه تبسيط كبير لهذه الظاهرة مما يغري بالوقوع في شراكها.

 

ان تركيا والمملكةالمغربية رغم العلمانية المتطرفة في الأولى ومركزية الملك في النظام السياسيللثانية، فإنهما لا تقارنان من حيث طبيعة نظام الحكم بالنظام التونسي، الذي يعدنظاما قمعيا بوليسيا منغلقا، يقتصر على المعالجة الأمنية في تعاطيه مع كل الملفاتوالقضايا، بحيث تعذر حتى على العلمانيين المشاركة في ادارة شؤون البلاد، بينما نجدأردغان و لسنوات طويلة – قبل خروجه على رئيسه أربكان- رئيسا لبلدية اسطنبول، بل اناربكان نفسه وجد في النظام التركي مجالا ليكون رئيسا للوزراء. ولو تأمل شوكات فيوضع كل من أربكان وعبدالسلام ياسين بإعتبارهما مغضوب عليهما من أنظمة الحكم فيبلديهما، مقارنة بما يعيشه الشيخ الغنوشي من نفي وملاحقة لأكثر من عقد ونصف، منعخلالها حتى من الحديث الى وسائل الإعلام، لتبين له جليا طبيعة نظام الحكم في تونس.

واذا كانت طبيعة الأنظمةتساهم في بروز ما يناسبها من المعارضات – اعتدالا اوتطرفا- فإن الوضع في تونسوبسبب سياسات النظام الحالي، ينذر بظهور الظواهري – لا قدر الله –  وليس أردوغان، وهو ما تشير اليه احداث مدينةسليمان، التي تحتاج الى حسن القراءة قبل فوات الأوان.

 

 لقد كانت ولاتزال هناك احزاب علمانية اشتراكية يسارية و ليبرالية معترف بها في كل منالمغرب و تركيا، وكان المطلوب من النظام السياسي في هذين البلدين الانفتاح علىالتيار الاسلامي وتجاوز ظاهرة الإقصاء، فأردغان وبنكيران وجدا في فضاء سياسي اتسعلغيرهما، فاجتهدا في الحصول على موقع في إطاره، بينما في تونس ينعدم هذا الفضاء وتضيق دائرته لترسم صفرا خاليا من أي فاعلسياسي جاد، وليس  » لأردوغان تونس أوبنكيرانها  » – ان وجد – الا ان يكون رقمااضافيا لأحزاب الموالاة، يتمتع بإمتيازات الدولة (منحة مالية  – مقعد صوري في البرلمان- جواز سفر) على انيكون رسما في ديكور الديمقراطية المطلوب.

 

ان جوهر موقف أردوغانوبنكيران هو الإنظباط لقوانين اللعبة السياسية التي ينظمها دستور البلاد،والالتزام الصارم بأحكامه التي تنص على التزام العلمانية في تركيا، والاعترافبالملكية في المغرب. ولذلك اتجه أردوغان لتأسيس حزب « محافظ » منظبطبظوابط الدستور، فيما اعترف بنكيران بشرعية النظام الملكي باعتباره ضمانة لوحدةالبلاد، كما تنص على ذلك ادبيات حزب العدالة والتنمية.

 

واذا كان أردوغان قداقتنع بضرورة الإنسجام مع دستور البلاد الذي ينص على علمانية الدولة، فهل المطلوبمن « أردوغان تونس » الإنسجام مع دستور البلاد الذي ينص على ان الاسلامدين الدولة، ام الانسجام مع الدستور التركي ؟

 

 لماذ يطلب من الإسلاميين في تونس أن يلزموا أنفسهم بما لايلزم من العلمانية، فيبلد ينص دستورها على أن الاسلام دينها؟

 

فهل جوهر العمل المعارضهو افتكاك مزيد من الحقوق وتوسيع مجال الحريات، أم التنازل عن الحقوق المكتسبةالتي قدم شهداء الحركة الوطنية الدماء الزكية في سبيلها؟

 

ان تأسيس حزب علماني لايمكن ان يلبي طموحات الإسلاميين في بلد عربي مثل تونس، دينها الاسلام بنص الدستور،والا فما  الذي منع أبناء النهضة منالإنتساب الى الحزب الديمقراطي التقدمي – فالأستاذ  المحامي نجيب الشابي أردوغان بامتياز-  أو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. 

 

فالسؤال الذي يطرح نفسهفي هذا السياق، هو هل هناك ما يغري في تجربة العلمانيين في تونس، وما يكابدونه منحصار وتضييق واعتداءات – الحزب الديمقراطي – حزب المؤتمر – حزب العمال – بالتدثربلباس العلمانية حتى تخرج النهضة والبلاد بأسرها من محنتها، في ظل نظام استبداديوهيمنة مافيا العائلات؟ 

 

أما عن تجربة بنكيران،فان النظام الملكي في المغرب يقوم على الشرعية الدينية، فالملك أمير للمؤمنين، ولامجال في ظله للحديث عن محاربة الدين أو لخطة تجفيف منابع التدين، أو محاصرةالمساجد، أو تشريع القوانين المانعة لإرتاء الزي الشرعي. فالتيار الإسلامي في المغربواجه مشكلة الإعتراف بشرعية النظام الملكي، وحين اعترف بنكيران بشرعية هذاالنظام  بعد تجربة الشبيبة الإسلاميةالمريرة التي خاضها – على عكس جماعة العدل والاحسان – فتح لجماعته مجال العملالسياسي. وساعده في ذلك وجود ملك مثقف، متحرر من عقدة العداء للدين، فأحسن التعاملمع الظاهرة الإسلامية تواصلا وتوجيها وتحذيرا – ان لزم الأمر-  فأين ذلك مما يحدث في تونس، وما تمارسهالسلطة من سياسة الاستئصال وتجفيف منابع التدين والحرب ضد كل أشكال العمل الاسلاميالدعوي منه والثقافي والاجتماعي والسياسي، ومنع كل مظاهر التدين وان تجلت في حجابطالبة او لحية شاب.

 

فما هو المطلوب من »بنكيران تونس » اذا كانت النهضة تواجه كل هذا الاقصاء رغم اعترافهابالنظام الجمهوري للبلاد؟

 

وما هو المطلوب من »اردوغان تونس » اذا كانت السلطة نفسها هي التي تخالف الدستور في تشريعهالقانون الأحزاب؟

 

وبالعودة الى مقالاتشوكات، نجد انه غير معني بظهور أردوغان أو بنكيران بقدر ما يستهدف رئيس حركةالنهضة، فقد دعى في مقال سابق الى التداول على قيادة النهضة دون ان يتحدث عناردوغان اوبنكيران، فتجشم عناء البحث في سيرة قادة الحركات الاسلامية ليؤكد تشبثهم جميعا  بمركز القيادة، ولم يمنعه مرض الشيخ عباس مدنيفي ذلك الحين- حيث كان يعالج بعد خروجه من السجن في دولة قطر- من الحديث عنه بنفسالخلفية، ولو أنصف لعلم ان عباسي مدني كان سجينا طوال فترة التسعينات، فكيف يستقيمالقول بتشبثه بموقع القيادة، والأمر كله بين يدي قادة الجبهة وانصارها خارج السجن؟

 

وقد سبق مني الرد علىقوله في التداول، وملخصه ان الحركة قد شهدت التداول على رئاستها أكثر من مرة. كماأن مبدأ التداول ليس ديكورا  تتزين بهالحركة لتستجدي به صفة الديمقراطية، وإنما الأساس في العملية  الديمقراطية هو الإنتخاب الحر المباشر، وهومبدأ محترم في مؤتمرات النهضة، وللحركة ان تقدر مصالحها  في موضوع التداول بحسب الظرف الذي تمر به، لتقرجماعيا مبدأ التداول متى رأت في ذلك مصلحة معتبرة لها. فسلم الأوليات عند الحركاتالمعترف بها، والتي تعقد مؤتمراتها في ظل مشاركة فعلية لكل أعضائها،غير تلكالملاحقة أمنيا، ويتوزع ابنائها بين السجون والمهاجر والحصار داخل السجن الكبير،والتي يتقدم لديها مبدأ المحافظة على الكيان، ووحدة الجماعة على غيرها منالأوليات.

 

لم يتورع شوكات على وصفأبناء النهضة بالغوغاء لمجرد مخالفتهم له في الرأي، وهو حين يفعل ذلك يكشف عن روحالوصاية التي يريد فرضها على الآخرين، فلسان حاله يقول  » ما أريكم الا ماأرى »، وفي ذلك تتجلى روح الإستبداد المقيتة التي يدعي محاربتها داخل التيارالاسلامي، فيما  هي تسكن خطابه « الحداثي » المتعالي، المنسجم مع عقلية نظم الاستبداد المتدثرة كذبا بالديمقراطيةوالحداثة والتي تفرض وصايتها على شعوبها، بحرمانها من الاختيار الحر، مخافة انتختار  » الغوغاء » مشاريع الإصلاح، والتحرر من كل أشكال الوصاية.

 

لندن : 6 جوان 2007

 


 تحية لحركة النهضة في ذكرى تأسيسها الـ 26 هناك فرق بين المناضل والعميل وما في القلوب لا يعلمه إلا الله

عبدالباقي خليفة ( * ) بمناسبة الذكرى 26 لتاسيس حركة النهضة ، نتقدم بتحياتنا لهذا الطود الشامخ الذياستعصى على الذوبان و الإذابة ، والذي لم تزده المحن والفتن والملاحكم سوى قوةوثباتا . تلك المحن والفتن والملاحم التي كشفت عن معدن الرجال ومعدن الانذال .وتلك لعمري نعمة تفوق في قيمتها نعمة التمكين . تصورو لو أن حركة النهضة وصلتللحكم سنة 1989 أو قبل ذلك أو بعده بقليل ، هل كان بالامكان معرفة الضعفاءوالمتساقطين ؟، هل كان بالامكان معرفة من تحولوا إلى مناهضين للحركة وداعين لحلهاوانضمام أفرادها إلى أحزاب أخرى ؟ . ألم تقدم المحنة أكبر خدمة للحركة في تاريخهاالمديد بعون الله  » لا تحسبوه شرا لكم  » . كانت المحنة على قسوتها هامة جدا للحركة تمايزت فيها النفوس ، وعرفت فيها الهمموامتحنت فيها الذمم ، و عرف فيها الرجال ، وعرف فيها من ضاع و من باع و لم يراعيفي إخوانه إلا و لا ذمة . ترى لو وصلت الحركة للسلطة ، أو لم تتعرض للمحنة وظلت في المعارضة داخل تونس ولمتنتقل للخارج ، وظل المتساقطون داخلها ( قيادة وأعضاء ) ألم يكن ضررهم أبلغ ولاسيما في الحالة الأولى ( السلطة ) أو حتى الحالة الثانية المعارضة بدون وجود محنة؟ المحنة ضروروية في حياة النضال وفي حياة الدعوات ، وإلا كيف يمكن معرفة »الطيب والخبيث  » والمعدن الثمين و( الفالصو ) كيف يمكن تمييز الجوهرالنقي من الدرن والران وما إلى ذلك . تجازى الدعوات على قدر ما ينال أصحابها الثابتون من البلاء والمحن وفق سنن التاريخ، لذلك يتملكني اعتقاد جازم ، بأن حركة النهضة سيكون لها شأن عظيم جدا في مستقبلالايام بعون الله . أما المتساقطون فهم مثال للشفقة وليس الانتقام والكره والحقد ،فكل إناء بما فيه ينضح ، وهم يقولون ذلك من باب  » رمتني بدائها وانسلت « فالكره والحقد هو الذي دفعهم بشهادتهم – من فمك أدينك – للخروج من الحركة لانها لمتستجب لطلباتهم ، حسب اعترافاتهم أنفسهم . لقد تحركت حركة النهضة لما لم تتعرض له حركة سياسية في التاريخ الحديدث ،بما فيذلك ، ما جرى للاخوان المسلمين في مصر وسوريا . لم يحدث في الجزائر والمغرب وليبيا ، لأن مشكلة الحزب الحاكم في تونس و من حوله كانت مع الاسلام ، وكان ولايزال يرى الحركة الاسلامية ومظاهر التدين رمزا للاسلام ، أكثر مما تراه الحركةنفسها . انظروا لما يقوله البعض من مختلف التيارات والافراد المعادية للاسلاميينعن الحركة الاسلامية ، إنهم يقدمونها ممثلا للاسلام سواء اعتقادا منهم بذلك أوافتراءا عليها . بينما لم يقل أي من قياداتها ذلك ( انظر حوارنا مع الشيخ راشدالغنوشي وموقف الحركة من الدين وهي أنها ليست ممثلا للاسلام و لا تعتبر نفسهاجماعة المسلمين و إنما جماعة من المسلمين لها قراءتها الخاصة للاسلام ، كماللآخرين قراءتهم الخاصة له ) . لقد كشف حجم العدوان الذي تعرضت له حركة النهضة عن قدر وحجم مخزون الكره والحقدالذي يكنه من يسوسون الحزب الحاكم للاسلام وأهله . وإذا كان المرضى نفسيا فيعيادات الطب النفسي وتجمعاته يجسد لهم العدو ، أو ممن سبب لهم عقدهم النفسية فيأشكال وشخوص معينة يقوم المريض بالاقتصاص منها ، ضربا و سجنا وحرمانا ونفيا وسباوحتى قتلا . فإن المتنفذين في الحزب الحاكم وأدواته المختلفة نفسوا عن كرههم وحقدهم وغلهم وعدواتهم للاسلام من خلال التجسيد أيضا، وكان هذه المرة رجالات حركةالنهضة وأعضائها وكل نفس اسلامي بل كل نفس حر سواء كان عضوا في حركة النهضة أو لميكن . لقد استطاعت حركة النهضة امتصاص الضربة ، رغم آثارها القاسية ، وهي ضربة أخالهازادت من قوة الحركة ولم تضعفها كما يخيل للبعض بما في ذلك أعضاء الحركة وأنصارها .إنه رصيد لم تفرط فيه الحركة ويجب أن لا تفرط فيه فينفرط عقدها كما حصل لليسار لاقدر الله . حتى وإن فعلت ذلك ، لا قدر الله ، – فالقرآن الكريم لا يرى في ذلكمشكلة – فستأتي حركة اسلامية أخرى  » وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ولا يكونواأمثالكم  » . لقد تم استبدال أشخاص وجماعات وأمم ، ولم تخسر الدعوات شيئا ، بلالعكس ، تخلصت من أثقالها التي يمثلها البعض ، وغالبا ما يتحقق النصر بالقلة وبالضعفاء ممن لا يأبه بهم ولا لهم أحد . يسأل الشباب اليوم في تونس عن حركة النهضة ، عن الشيخ راشد الغنوشي ، يحاولون تتبعأخبارها و اخباره و قراءة كل ما يدور في الخارج .الشباب كره الحزب الحاكم ،كرهالولاة والمعتمدين والعمد ، كره مراكز البوليس وهو شاهد عيان على واقع الرشوة والفساد . ينظر الشباب اليوم للاحزاب المعارضة المعترف بها ( … ) فلا يرى فيها سوى شعبدستورية بأسماء مختلفة ، ينظر لغير المعترف بهم من الاحزاب اللائكية فلا يرى فيهاسوى سيوفا ونبالا في جسد الاسلام المكبل في تونس موالاة وممالاة للحزب الحاكم ..الشباب يحب كل ما يكرهه الحزب الحاكم شماتة فيه و نقمة عليه و انتقاما منه … وكثير من الشباب عن ايمان و قناعة بأن النهضة على حق . الشباب ينتظر معارضة حقيقية ، ويعتقد جازما أن النهضة هي المعارضة الحقيقية ، إلىجانب أحزاب أخرى أو حزبين آخرين يمثل المرزوقي واجهته الاولى و الشابي وجهه الثاني، ولكن النهضة في المقدمة . أنا لا أتحدث عن شباب المساجد ، بل شباب ستار أكاديمي ، والشيشة والموضة و « samedi soir وغيرها . لذلك ينتظر حركة النهضة مستقبل باهر جدا .. » فلا تنازعوا فتفشلو وتذهب ريحكم » و  » اعتمصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا  » . الشعب التونسي وليس الشباب فقط ، ينتظر اناس يكلمونه بما يعرف و بما يفهم و بمااستقر في أعماق ضميره ، مل المشوشون و المحاولون عبثا ملئه بكل تافه و منحط بسمالحداثة حينا و باسم العولمة حينا آخر . الشباب غير قابل للتوقع ولكنه غير قابلللتدجين ، ويريد ملائمة بين الاصالة و المعاصرة و بين الاسلام والحداثة و بينالخصوصوية و العولمة المنفتحة و ليست العولمة الامبريالية سواء في شكلها الاميركيأو الغربي ز و هذا ما لا تقدر عليه سوى حركة النهضة ، لانها استطاعت أن تفهم دينهاو آليات وواقع عصرها ، و هي حركة اسلامية متجذرة كما أنها حركة سياسية على اطلاعواسع على يدور وما يمور في محيطها الدولي فضلا عن محيطها الاقليمي والوطني . أماالآخرون فهم إما منقطعون عن هذا أو عن ذاك أو عن الاثنين معا . وهذا ما جعلني أحبالنهضة وأرى أنها الحل ليس في تونس فحسب بل في الوطن العربي الكبير والوطنالاسلامي الاكبر ولما لا عالمنا الانساني بأسره ، ألسنا في عصر العولمة . بقي القول في هذا اليوم 6 يونيو 2007 كل عام و النهضة في تألق وإلى لقاء قريب فيتونس بحول الله و قدرته . واستسمح القراء في الرد على شخص استنقص من بعض كتاب هذا الموقع وبعض المواقعالآخرى لأعرفه قدره . وذلك في نقاط سريعة على طريقة صحاب السواك الحار : 1 ) قال أناس لم يناضلوا قديما ولا حديثا ، إلا نهشا في أعراض المناضلين ، وأنااقول هناك فرق بين المناضل والعميل الذي تعتبره مناضلا حقيقيا 2 ) تحدث عن عدم وجود قدم لهم في ساحات النضال الحقيقية : قم باستقصاء وراجعالملفات وسترى عجبا اللهم إذا كانت ساحات النضال هي نقل الاسرار إلى وازرةالداخلية ؟!!! 3 ) قال هل تجدون أحدهم في ساحة النضال الفكري : إذا لم تكن هذه احداها فماذا تكونساحات العطاء الفكري 4 ) قال هل تجدون أحدهم ينشط في جمعية حقوقية : عدم المعرفة بالشئ لا ينفي وجودهيا … 5 ) قال هل تجدون منهم واعضا أو فقيها أو داعية : هل تتبع أخبارهم .. أنت مقصرجدايجب فصلك من عملك 6 ) قال هل تجدونهم يسعون في قضاء حاجات الناس : عن طريق وزارة الداخلية لا ..ولكنهم لا يحبون الرياء 7 ) قال هل هم كتاب مداومون في الصحف : نعم هم كتاب وإذ استثنينا العبد الضعيففجميعهم ، ختروشي و العداسي والكسيبي أفضل منك و يمكنك سؤال غيري عن ذلك قد لاأكون ثقة لديك … ولكنهم لم يتمكنوا من الحصول على فرصة مثلك و مثل أمثالك للبروزوالظهور . ولا يعني أن من يكتب في الصحف أفضل منهم .. أرجو كتابة الاسماء التيتقصدها بما فيها العبد الضعيف على محرك البحث غوغل لتعرف إن كانوا يكتبون في الصحفوالمجلات العالمية أم أملا ( أرجو ) 8 ) قال يتهمون المناضلين الحقيقيين ( الصبابة حتى لا أقول الكلمة الأخرى الـ…وهي ديوثة سياسية استخدمها كتاب كثيرون منهم عمر عبيد حسنة المشرف على سلسلةكتاب الامة ) بالتقاعد .. لا ليس تقاعدا .. ليتكم تقاعدتم ، وإنما أصبحتم صبابةوعملاء وحمالي حطب على غرار زوجة أبي لهب . 9 ) كثير ما يقوم أناس بأعمال للتغطية على أعمال أخرى ، النوايا لا يعلمها إلاالله ، على كل حال ، من يفتخر بعمله يعرضه للاحباط ، من يرائي فعمله لما عمله ،كما ورد في حديث القيامة . ولا يعني أن شخصا ( يفعل الخير ) يريد به وجه الله ،وقد نقل في الاثر ، إذ رأيتم الرجل يتعهد باب السلطان فاتهموه ، أو كما ورد ، وقديكون لنصحه ، أما إذا سمع أو نقل أنه يمتدحه و يتلقى الاموال من لدنه ، ويبيضصحائفه السوداء ، و يتجاهل معاناة من كانوا إخوانه ،ويتجاهل أفراحهم وأتراحهمفالتهمة ثابتة ، والذي يحاسب عليها هو الله ثم التاريخ و الأجيال والوطن .

(المصدر: موقعالحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 6 جوان 2007)

 


حركة النهضة التونسية ربع قرن من الاصلاح

الهادى بريك

 

بين السادس من يونيو حزيران 1981وبين ذات اليوم من عامنا هذا 2007 : ربع قرن و سنة. في مثل هذا اليوم قبل ربع قرنكامل أعلنت حركة النهضة التونسية عن نفسها في كنف ندوة صحفية بمكتب الاستاذالمحامي الشيخ عبد الفتاح مورو بالعاصمة التونسية .

 

كلمة المرور : سلاما ملؤه دفء المودةوينعه سنام الوفاء وكرم الشهامة إلى كل إنسان إنتسب يوما إلى هذه الحركة أو حدبإليها بهمه ناقدا مخلصا أو ناصحا أريبا .

 

إلى الشهداء الابرار : قدح السلامالمعتق يسدى : من الهادي المحضاوي وزهرة التيس في معركة التحرر الاولى أيامالانتفاضة التلمذية في خريف عام 1981 إلى الشيخ المبروك الزرن والمجاهد سحنونالجوهري مرورا بالمهندس عثمان بن محمود في ربيع 1986 والشاب الطيب الخماسي في خريف1990 في معركة تحرير المنابر المسجدية لتكون لله وحده يذكر فيها إسمه.

 

نهر من الوفاء يسكب بهذه المناسبةإلى روح شيوخ الاسلام الذين قضوا في تونس الزيتونة ممنوعين من منابر الزيتونة :الشيخان محمد صالح النيفر وعبد القادر سلامة أول باعثين للصحوة الاسلامية ـ عبرمجلة المعرفة في بداية الستينات ـ التي أنجبت الحركة والشيخ محمد بالاخوة فارسالدعوة الذي جمع بين الاسلام وبين السياسة دون رهبة ولا خجل والشيخ عبد الرحمانخليف أول من ثار ضد الكفر البورقيبي الصراح في يوم مكفهر ينذر زمهريره بالثبور .

 

للسجناء في تونس : منذ عقدين كاملينأو أقل من ذلك بقليل تنخرهم الامراض فيقضون واحدا بعد الاخر … يفر القلم من وزرالسلام ويخجل اللسان من جرم الكلام فلا سلام على أصحاب الشيخين الحبيب اللوز ومحمدالعكروت ولا كلام على الفقيه دانيال زروق ولا على الشابين الغضين عبد الكريمالهاروني والعجمي الوريمي . السلام عليهم تدفنه الصدور في الاعماق والكلام عليهميموت بين الاحداق . للسجناء في تونس : أشواق فوقها أشواق تملأ تونس وهادا و نجادابصحوة الاسلام العملاق ودموع فرح تدك الافاق تزفها المقل التي ما أضناها التشريدترقب الفجر العتيد مفعمة أملا بطلعة الوليد تسكب من جامع الزيتونة قطرات ندية تنبتزرعا للحرية وتشيد صرحا لكرامة الانسان يبث الطعام لكل جوعان والماء لكل ظمآنوالامن لكل خوفان .

 

لنزلاء المنافي : الدكتور عبد الرؤوفبولعابي والشيخ ضو مسكين والاستاذ مصطفى الونيسي والمربي الحبيب المكني ثم قافلة1987 بقيادة الدكتور صالح كركر عجل الله بشفائه والذين جاؤوا من بعدهم آلافا مؤلفةمنذ عام 1992 يملؤون أضلاع الارض فتحا مبينا يشيدون المدارس ويعمرون المساجدويبثون الدعوة الاسلامية بتفكير وسطي معتدل لم تغرهم شهوات الدنيا وهم في يمهافثبتوا على الحق المبين ولم تطش عقولهم وراء حركات العنف الاعمى ولو سيم غيرهمبمثل ما سيموا خسفا تذوب لهوله الحمم المستعرة لطاش … ماذا عساني لهؤلاء بهاد فيعيدهم ؟ الكلمة الطيبة التي عضضتم عليها بالنواجذ والدموع الحرى الذي تذرفهاالمآقي تخفونها عن الناس حسرة على فراق الوطن العزيز أبدا لن يذهب ذلك بوعد ربيالصادق هباء منثورا والعاقبة لقاء وحبورا يوم لا تنكر عيدان المنابر ولا ساحاتالكفاح وأطلال ذكريات صحوتكم الاولى منكم إلا لحى إشتعلت شيبا ورؤوسا.

 

إلى المعتقلين في السجن الكبير بينأهليهم : نعم الصبر صبركم فأنتم حقا دون سواكم من سجين أو شريد من يموت في اليومألف مرة ومرة كمدا وهو يرى بأم عينيه طوفان الاستبداد الاعمى لخطة تجفيف منابعالتدين يدك المساجد دكا عنيفا يتصيد كل غاد من الشباب إلى صلاة الفجر بالمسجد .نعم الصبر صبركم ونعم اليقين يقينكم يا من ظللتم تتجرعون الغصص الحالقة في أيامسوداء نحسات وسنوات عجاف كتب على تونس الزيتونة أن تعيشها لحظة بلحظة .

 

كيف لا والواحد منكم لا يأمن علىنفسه من الاعتقال ووجباته التعذيبية الدسمة لو بادر بتحية أخيه ورفيق دربه من فوقالرصيف ؟ لا بل كيف لا والواحد منكم يقتله هم الترزق سعيا على من يعول ليلا ونهارابعدما صدت كل أبواب العيش في وجوهكم نكاية في التشفي الحقود وإيغالا في البغضاءالاسيفة ؟ بمثل ما أكلت الارضة على جدار الكعبة ميثاقا جائرا يحاصر محمدا عليهالسلام وصحبه وآله حصارا إقتصاديا وإجتماعيا وسياسيا شاملا فلتفتحوا صدوركم لاشعةمن الرجاء في القوي القهار وأملا في الانسان التونسي الشكار الصبار حتى يتحقق قولالعرب  » تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها  » ألا فنعمتم يا من جوعتم حتىتضورت النساء والصبيان جوعا فلم تركعوا لسوى من هو بالركوع حقيق . ألا فربح بيعكميا من تجرعتم كرب التفقير غصة بعد غصة علقما حنظليا لا تسيغه سوى الافئدة المشرئبةإلى وعد الديان في إنتصار الاسلام فما أكلتم بسلعة الجنة قطمير بسمة بليدة ترسمهاالفاقة الضارة على محيا المجاهدين .

 

لو لم يقترف الجور الاعمى في تونسعلى يد دهاقنة خطة تجفيف منابع التدين سوى سيئة سجن الدكتور منصف بن سالم وفصله عنالعمل بالكلية العلمية التي أسسها هو بلحمه ودمه وعلمه لاستحقت تلك العصابةالنهابة ألف ألف لعنة من ساكن السماء وقاطن الارض والسابح في الهواء والسارب بليلفي ظلمات البحار .

 

كم من أستاذ منكم ومعلم ومهندس وطبيبومفكر وصحفي وباحث وصانع في شتى المعارف والعلوم خرج من السجن بعد قضاء عقوبتهالمقدرة فسجد لله شاكرا في اليوم الاول ثم سجد له في اليوم الثاني سائلا عودته إلىالسجن لئلا تقع عينه على دموع ولده المطرود من المدرسة أو المعهد لفقره وفاقته ؟كم منكم من ظلت السلطات الباغية تطارده من رصيف إلى آخر تمنعه من طلب العيش الحلالويمر عليه المارة يحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ويجادله زبون في ثمن بضاعة وهولا يعلم أن الرجل كريم إبن كريم ذل تحت سياط التعذيب والاهانة ولو علم ذلك لرحمهقطعا ولو علم أن تحت تلك الاسمال الممزقة رجلا كبيرا عظيما كانت أياديه بيضاء نقيةعلى أهله وجيرانه والمتعاملين معه لكان له موقف آخر. ألا فصدق الصادق المصدوق عليهالسلام  » إرحموا عزيز قوم ذل « . أنتم من شيدتم للاسلام في تونس صروحاشاهقة شامخة يقرأ كل من نور القرآن الكريم قلبه عليها في مطلع كل شمس ومغربهاثورتي الفاروق عليه الرضوان صاهلا مزمجرا  » متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهمأمهاتهم أحرارا  » و  » نحن قوم أعزنا الله بالاسلام فإن إبتغينا العزة فيغيره أذلنا الله  » .

 

لا يأمن الواحد منكم على نفسه فيداره لو ظلت قنديل الانارة تبعث نورا خافتا في غسق الليل أو غلس الفجر لئلا تهجمعليه كلاب عصابة النهب والسلب والفساد في الارض بتهمة عقد إجتماع سري بدون إذن أوالاعداد لقلب نظام الحكم بالقوة .

 

أنى لك يا قلمي بسحر البيان العربيتصف به نكاية الكربة التي حلت ببلدي وإخواني في حرب شرسة صامته ضد كل مظاهر التدين؟

 

كان الجو المكفهر يومها سيما فيالنصف الاول من التسعينات شبيها بنذر العواصف الرملية العاتية ودمدمة الرعودالمزمجرة وتلبد السحب الدكناء فيما يسبق ريحا صرصرا يعرف هبوبها الحيوان فيغذالسير إلى مأواه غذا ويتحصن منها الانسان لا يلوي على شئ .

 

هل يمن القدر علينا بقلم ساحر يدونلخلفنا ولو بعد قرن كامل شيئا من تلك الحقبة الحالكة السوداء في تونس ؟

 

إلى بنات ونساء تونس : يكفيكن جميعافخرا بأن أول مؤمنة على وجه البسيطة برسالة الاسلام الخاتم إمرأة إسمها خديجة لميسبقها إلى ذلك الفضل رجل ولا فحل وأن أول شهيد على درب الدعوة الاسلامية على وجهالبسيطة حرة مختارة مريدة للموت في سبيل الله قهرت بثباتها أعتى طواغيت الكونوحيرت بشهامتها العرب والعجم إمرأة إسمها سمية وأن أول من حفظت القرآن الكريم آخركلمة السماء إلى الارض حتى يوم القيامة حفظ تعهد ورعاية وتخزين للنسخة الوحيدة المتبقيةوكأنها قدر آية سورة الحجر هي إمرأة إسمها حفصة .

 

لولا المرأة لما كان إيمان ولا إسلامولا نبتت حرية ولا تعلم الناس كلمات الوفاء والحب والثبات والصبر واليقين . لكنالفوز الكبير ولاصحاب الاخدود في تونس ـ إن لم يتوبوا إلى الله وليس لكن ولالصحوتكن ـ عذاب جهنم وعذاب الحريق .

 

لم تكن المحنة القاسية التي تعرضتنلها بمنعكن من حقكن في ستر أو كشف أبدانكن لتقاس بأي محنة أخرى وليس ذلك سوى لانكنتقاسمن الرجال في نكبات الحرب المدوية ضد الاسلام والحريات ثم تلاقين ذات الحربمضاعفة أضعافا كثيرة بسبب إرتدائكن لغطاء الرأس وهو الامر الذي لا حيلة فيه لنزعهفي حين يتخلص الرجل من ذقنه بيسر شديد وليس بينه وبين إخفاء إنتمائه الاسلامي سوىربطة العنق وهجر المسجد وإستخدام التحية التونسية المحلية بدل تحية السلام ومصافحةالنساء بتكلف وإرتياد المقاهي وتحسين العلاقة مع أذناب العصابة .

 

لكن مطلق الحق في أن يكون هذا العيدعيدكن لوحدكن صافيا خالصا من شوائب المشاركة والغنم بالغرم كما قال الفقهاء فلاتستوي من خلعت حجابها قهرا وقسرا والعين باكية سرا بدموع حرى كأنها ثكلى الثكالىحدبا على ذرية ضعاف تخشى عليهم الفاقة كحواصل طير بعدما غيبت السجون المظلمةوالدهم .. بمن تخلص من مظهره الاسلامي بسرعة البرق .

 

إلى مؤسس الحركة ورئيسها الشيخ راشدالغنوشي : يكفيك ذخرا ليوم القيامة أن الرحمان كتب إنبعاث دينه من جديد على يديكبعدما قال بورقيبه لشيخك محمد صالح النيفر في إجتماع إستشاري لاعيان تونس عام 1956بأنه لا يراهن على جواد خاسر والجواد الخاسر الذي نصح به شيخك هو الاسلام . وبعدماقال الدكتور الهرماسي في ذات الصائفة وذات العام الذي إنبعثت فيه على يديك الصحوة1969 ـ على مدارج الجامعة بين يدي حشد رسمي في يوم الزينة  » بعدما تمكنتالحداثة لا مجال لعودة تدين  » . إليك أيها الثائر الذكي في عيدك ملء ما فيقلوب مساجين حركتك من ثبات وشهدائها من إخلاص وأبنائها من وفاء ونسائها من عفةسلاما .

 

إلى الرجال الذين دافعوا عن حقالحركة في الوجود : منهم من قضى نحبه من مثل عميد المحامين الاسبق المرحوم شقرونوزميله الاستاذ المرحوم بلقاسم خميس والاستاذ فتحي عبيد ومئات آخرين لا يتسعالمجال لذكرهم . حق على كل واحد فينا اليوم أن ينبري بمثل ما إنبريتم له على مدىعقدين كاملين دفاعا عن حقكم في إستقلال مهنتكم الشريفة . إلى الرجال الذين توسطوالدى رئيس السلطة مرة بعد مرة لطي الملف الاسلامي مستخدمين ثقلهم المعنوي ورمزيتهمالتاريخية من تونس وخارجها . إلى الحقوقيين والصحفيين والاعلاميين والسياسيين فيتونس وخارجها ممن أغمدوا أقلامهم عن قول الباطل بعدما إستحال قول الحق فينا لفرطجور العصابة النهابة ضربا من الانتحار المجاني ومن أمسك عن كلمة باطل والاغراءاتوالتهديدات تترى إليه مثقلة بالوعد والوعيد لا يقل أجرا عمن قال كلمة الحق وذلكأضعف الايمان . إلى كل هؤلاء وأولئك ألف ألف تحية بهذه المناسبة والكفاح على دربالحرية يجمعنا دوما ما بقيت عين تطرف أو قلب يخفق .

 

إلى شباب الصحوة الاسلامية الجديدةفي تونس : آن لكم أن تتسلموا مشعل الصحوة الاسلامية منا بعد أن إشتعلت منا الرؤوسوالاذقان شيبا ينذر بقرب الرحيل إذ لا يحمل الصحوات سوى الشباب المتوقد حماسا ولايقوم بالنهضات سواهم . صعود صحوتكم الكريمة العظيمة هي أبلغ آية عاينتها في حياتيورب الكعبة ولعل مثلي من المخضرمين بين عهدي بورقيبة وخلفه من شاهد حال المساجدوالمعاهد والملاعب في الستينات قفارا بيابا بعدما إنتصرت الشيوعية الحمراء بالضربةالتي كادت أن تكون قاضية في سائر أركان الوطن العربي تقريبا ثم حالها في الثمانياتوقد عمرتها صحوتنا ثم حالها في التسعينات ودبابات تجفيف منابع التدين تحصد التدينحصدا لا هوادة فيه ثم جاءت صحوتكم على قدر مقدر بعدما ظننت أنا بنفسي ـ لفرط جهليوقلة يقيني ـ بأن نكبة الاسلام في تونس أكبر من نكبته في بغداد يوم هجم هولاكوالتتري … لعل مثلي يدرك أكثر من غيره معاني صعود صحوتكم الكريمة العظيمةالمتجددة . هي آية رحمانية بكل المقاييس لو كان في القلب حبة خردل من تدبر وتفكر .صحوتكم الكريمة العظيمة الواعدة جديرة بإعادة الاعتبار للاسلام في تونس دونما خوفعليها أو وجل فأنتم وعد الرحمان عندما ييأس الانسان لفرط دمدمة الرعود ولعلعةالبنود . الامانة أمانتكم والقضية قضيتكم فيسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفرواوإئتلفوا ولا تختلفوا

 

(المصدر: موقعالحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 5 جوان 2007)

 


 


بسمالله الرحمن الرحيم

 

أحسنت..أحسنت مليون مرة يا دكتور عبد السلام المسدي.. أيها التجمعي الدستوري الأصيل

 

د.محمد الهاشمي الحامدي

 

معالي الدكتور عبدالسلام المسدي، الأكاديمي المبدع، والمربي الفاضل، والسفير الناجح للثقافةالتونسية

 

السلامعليكم ورحمة الله وبركاته

 

قرأت لك صباح اليوممقالة رائعة نقلتها نشرة « تونس نيوز » الغراء تضمنت هذه الفقرات:

« من المتعيّن على أصحاب الأمر في بلدانناالعربية الإسلامية أن يعرفوا كما يعرف كل الساسة في أرجاء المعمورة بأن عصرنا يشهدعودة قويّة للمقدّس، وأن هذه العودة تنشد التوازن حيال شطط المنزع المادي الذي غمرالإنسان المعاصَر مالا وسلوكا وقيما، حتى فتح للفرد آفاقا من التحرر المطلق لميَعد يُجدي أن نسميه إباحيّة ولا أن ننعته باللاأخلاقيّ، فكل المرجعيات القيميةتمرّ بانقلابات جذرية، ناهيك أن كثيرا من الفلاسفة وهم يصوغون رؤاهم الاستشرافيةيقولون بأن هذا القرن الجديد سيكون قرن « المقدّس ».

وقلت أيضا يا دكتور عبدالسلام:

 

« هذا يعني أن الأنظمة السياسية القائمةمدعوّة إلى استيعاب المعادلة الدقيقة ببصيرة نافذة وبحنكة براجماتية بالغة : ألاتخلط ظاهرة التديّن بظاهرة الإرهاب، وهذا المبدأ في ظاهره بديهي خالص ولكن تطبيقهبالامتثال إلى مجاذباته عصيّ حَرون.

إن النظام السياسي – أيا كان – مسؤول عن رعاية أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم، ولامناص له من استراتيجية أمنية مكينة تتيح له صيانة ما هو مؤتمَن عليه، ولكنالمسؤولية الأمنية رسالة نبيلة يمكن عند أبسط الأخطاء أن تنحرف فتولد نقيض غايتها.

إن السياسة الحكيمة في أوطاننا هي القادرة على أن تحوّل وازع التديّن إلى فائضيخدمها، والناس حساسون لهذا، والجمع الغالب الأعم من المتدينين هم أعداءُ الإرهابلأنهم ينشدون السكينة واطمئنان النفس. والسياسي الماهر هو الذي يجعل المتدين حليفاله، نصيرا عند العسرة. أفتلزمنا خطابة أو بلاغة حتى نقنع السياسي بأن المتدين إذاألقينا عليه ريبة الإرهاب نقم نقمة تحوّله إلى كائن مقهور لأن الجرح يصيبه عندئذفي جوهر كيانه الروحي ؟ ليس هناك مؤمن متدين تسوّل له نفسه أن يرفع يده حتى ليقذفحجرا.

ربما يكون العلمانيون حلفاءَ تكتيكيين للسياسة، ولكن حلفاءها الاستراتجيين -الأقدرَ تأثيرا والأبقى دواما – إنما هم الذين يؤمنون بأن الفتنة أشد من القتلفيقدّرون نعمة السلم حق قدرها ». (انتهى النقل)

 

* * *

 

دكتور عبد السلام: أبصم بالعشرة، كمايقولإخوتنا المشارقة، على كل هذه الأفكار التي تضمنتها مقالتك، وأشيد بشجاعتك في الجهربها، في مناخ تعلو فيه أصوات طرفين متشددين:

1 ـ الطرف الأول هم المتشددون والإرهابيونالمتسترون بشعارات الدين، الذين يحاولون اختطاف الإسلام بالقوة من أهله، وأهله هممئات الملايين من المؤمنين المحبين للسلام والحرية المنتشرين في كل أنحاء العالم.

 

2 ـ أما الطرف الثاني فهم المتشددون المتطرفونالذين يستفيدون من أعمال الطرف الأول لتصفية حساباتهم الإيديولويجة المتعصبةوالمتشددة مع الإسلام وعقائده وتاريخه. انظر يمنة أويسرة تجدهم جاهزين بعد كل عمليقوم به الطرف الأول لتوظيفه من أجل التهجم على الإسلام، والتشهير بمليار ونصفمليار مؤمن محب للسلام والعدالة الحرية، والتضييق على الحريات الدينية للمسلمين.

مقالتك يا معالي الدكتور عبد السلام رد مفحمعلى كل المتشددين، ونصيحة ثمينة تكتب بماء الذهب يحتاجها كل القادة العرب.

إنني فخور بك وسعيد جدا بما كتبت أيها التجمعيالدستوري الأصيل. وأردت أن أعرب لك عن شعوري هذا على رؤوس الأشهاد. وفقك اللهوبارك فيك ونفع بك.

 

والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته.

ـ حاشية: لعله مما يسرك أن تعلم أن زميلكالدكتور عبد الجليل التميمي وصل إلى لندن مساء أمس وكان ضيفي في برنامج « ضيوفوأحداث » الذي سيعاد بثه في الثالثة بعد الظهر بتوقيت تونس  على شاشة قناة المستقلة. دار الحديث عن دورالدكتور في تدوين تاريخ الموريسكيين، وقد أشاد جمهور القناة بالضيف التونسي وعطائهالنادر في هذا المجال، واعتبروه « ثروة قومية » للأمة العربية. وقد شعرتبالفخر أن يكون هذا الأكاديمي المبدع من تونس الحبيبة، بلاد الربيع والخضرة وزيتالزيتون، وحمدت الله تعالى كثيرا أن يسر لي فرصة التعريف بعطائه العلمي لملايينالمشاهدين التونسيين والعرب.

وأعلمك أيضا أن الدكتور التميمي سيتحدث في ندوةثانية في التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة بتوقيت تونس هذا المساء عن دوره في تدوينالتاريخ العثماني. ثم سيتحدث في ندوة مباشرة في التاسعة وخمس وثلاثين دقيقة بتوقيتتونس مساء الخميس عن دوره في تدوين تاريخ تونس الحديث.

أتطلع إلى استضافتك في لندن في أقرب الأوقات يامعالي الدكتور عبد السلام للحديث عن مسيرتك الأكاديمية وأطروحاتك الفكريةالمستنيرة. فإلى اللقاء قريبا بإذن الله.


قليل من الرد علىنورالدين ختروش

 

طالعناأخيرا السيد نورالدين ختروش بمقال أطنب فيه تحليلا و تركيبا و مونتاجا لغويا حولموضوع المصالحة و الخلاص الشخصي.

ولان كنت من القلائـل المهتمين بالمقالات الفكرية النادرة كما و الغنية نوعا للسيدختروش و لا أنكر إعجابي بمقدره    الفكريةو الأدبية, فأنا في نفس الوقت كنت و لا زلت أخشى و أحذر منانزلا قات الشخص و إمكانية استعمال هده المقدرة للاسترزاق و للاكتساب المادي و هوأمر مشروع في ما عدى المسائل المبدئية و المصيرية.

ولان كنت قد أحجمت عن التعليق بهذا الأسلوب و الوضوح على أخي ختروش في السابق, فلأنالمواضيع المتناولة لم تكن ذات أهمية كمثل موضوع المصالحة الذي يجب أن ينال حظه منالموضوعية و التحليل الممنهج و المتعقل, خاصة من أقلام مثل نورالدين ختروش. إلاانزلاق الشخص في هذا المقال رغما عن فناعاته هو الذي دفعني لكتابة هده السطور.

فأنتدفع الحاجة المادية قلما للتخلي عن قناعا ته و استلاب أسلوبه, فهذا أمر خطير وظاهرة جديدة و جد مدمرة خاصة على التيار الاسلامي. فأنا لن أسأل كاتب المقال و لاالذين بادروا بنشره عن الثمن مقابل هذا المقال الذي لا يزيد الساحة الإسلامية سوىانشقاقا و تفتتا و تسطيحا لقضاياها. و لكني أحذر كافة المهتمين بالشأن الإسلاميالتونسي إلى خطورة ظاهرة الأقلام المرتزقة التي أخذت في التفشي أخيرا فالمرتزق لايؤسس مشروعا إنما يكتسب مالا بإسماعنا ما لم نستطع سماعه بإمكانياتنا بكل بساطة.

فأرجوأن لا يتحول المثل (الدعوة) الذي يقول تجوع الحرة و لا تأكل بثديها إلى يجوعالكاتب ذو المبدأ و لا يأكل بقلمه,

والله من وراء القصد. 

 

بلقاسمالعلوي

belgacem.alaoui@gmail.com        


بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 

تونس في 06/06/2007

الرسالة رقم 243 على موقع تونس نيوز

 

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

رئيس شعبة الصحافة سابقا

 (متصرف متقاعد) 

 

حرية الراي و التعبير من اقدس و أنبل ما يملكهالمواطن العربي و حرية الإعلام جزء من حرية الراي

في مضمون دستورنا التونسي فصول و بنود بارزةتضمن حرية الراي و التعبير و حرية الصحافة و تحمي صاحب الرأي و التعبير و تضمن لهالحصانة سواء كان من أهل المهنة الشريفة أو يملك طاقة و موهبة من الله سبحانه وتعالى  حرية الرأي و التعبيرمضمونة من الدستور التونسي

و من الواجب الوطني أن نشدّ بكل قوة و صدقعلى صيانة ما ورد في الدستور: و أتذكر أن نخبة من خيرة مناضلي الوطن و مناضليالحزب الذي حرر البلاد و العباد الحزب الذي سماه الدكتور السيد زهير المظفر بالحزبالواحد في كتابه الأخير و ما أدراك ما الحزب الواحد الذي قاد المعارك حتى النصرالمبين و قاد معارك التنمية و حقق ما تنعم به تونس اليوم هذا الحزب العتيد :رجاله الذين كتبوا الدستور و سهروا على تحريره من عام 1957 إلى غرةجوان 1959 تاريخ إنجازه و إمضائه من طرف  رئيس الجمهورية الزعيم الحبيب بورقيبةأرادو تكريما للزعيم الحبيب بورقيبة و تخليدا لذكراه في توطئة الدستور و أصرّواعلى ذلك تمجيدا و تقديرا لزعيم الوطن – لكن الزعيم الأوحد رفض مرارا و قال الكلمةالبليغة

الدستور فوق الأشخاص مهما علا شأنهم

تلك قوة الزعيم الأكبر و تعلقه بالقيم ومفهوم الدستور و من هذا المنطلق الصحيح وقع صياغة الدستور و ضمن للشعب حرية الرأيو التعبير و الكتابة في الصحافة و لنا شبان صغار في سن السابعة عشر عاما 1957 ونطالع الصحف الوطنية و نجد فيها الآراء بحرية وبأقلام المناضلين خاصة جريدتي العملو الصباح و كنا نحضر الإجتماعات الحزبية الموسعة في نوادي شعب الحزب الواحد و نجدالحوار المفتوح و حريّة الرأي و التعبير و تعلمنا في حزبنا الواحد آداب الحوار وعلوم الكلام و لغة البيان و صراحة الخطاب بعد أن كان المعلم الكبير في الحزبالواحد يعلم شعبه بكل صبر و تجلّد

و كان لتأثير المعلم الوقع البالغ و الصدىالكبير في النفوس و القلوب و كان للخطاب الاسبوعي مغزاه و معناه و كانت جولاتالقائد الأوحد في الحزب الواحد و إتصالاته بالجماهير الشعبية في كل قرية و منطقة ودشرة و مدينة و بلدة و معتمدية وولاية لها عمقها ووقعها في النفوس. و تعلمناالخطابة و لغة البلاغة و سحر البيان و صراحة القول ووضوح الرؤية منباعث الحزب الواحد الذي وحدّ صفوف و جمع شتات الشعب

تعلمنا في منابر حزبنا الواحد كل معانيالنضال و التضحية و الفداء و العمل لصالح المجتمع و التفاني في خدمة الشعب ووجدنافي شعبنا الدستورية الأبواب المفتوحة و المشاركة الفاعلة و الإحترام الكبير يحترمو يرحم الصغير و الصغير يحترم و يوّقر الكبير تلك هي القيم التي بقيت راسخة إلىاليوم مع الديمقراطية في صلب الحزب و قد خضت عام 1960 في 19/02/1960 تجربةالديمقراطية في سنّ العشرين ووقع إنتخابي في أوّل مشاركة في مؤتمر دون تعثر لأنّالحزب الواحد يشجّع الشباب على تحمّل المسؤولية لأنه الحزب الواحد.

للحزب رسالة متجددة

هذا يعرفه كل الشبان الذين واكبوا نشاطالحزب الواحد … أما الذين كانوا في صفوف أخرى و لم نظريات و مذاهب أخرى و ميلإلى الشيوعية أو اليسار أو غير ذلك فهم أحرار لكن عليهم على الأقل الإعتراف بفضلالحزب الواحد الذي علّمهم وفتح أمامهم أبواب العلم و المعرفة و المنح و فتح أمامهمالأفق  لا نريد منهم الانتماء الصادق للحزبالواحد و لكن عل الأقل نطلب منهم كفّ الآذاء و الإساءة نعم إنهم طيلة حياتهم لميعطوا للوطن إضافة أو لبنة في البناء الشامخ أو حجرة في الصرح الشامخ الذي أنجزهحزب بورقيبة الحزب الواحد و اليوم نقول لهؤلاء أو بعضهم اين كنتم عند حضيرة البناءو الإنجاز نعرف بعضكم معارض في صحن المعارضة كلام كبير و يهاجم

الاحرار الذين حرروا الوطن و ركزوا الدولةالعصرية ووجدوا مجالا لحرية التعبير و حرية الراي رغم أنّ الكلام غير موضوعي ودقيق .

 الغاية تبرر الوسيلة  البحث على الكرسي …

و اليوم هناك صنف من الأحرار الذين كانوا فيحضيرة البناء و التعمير و الإنجاز و في مقدمة العاملين اليوم هؤلاء أصبحوا غيرمرغوب فيهم لا لشىء إلا لأنهم تربوا على قول الحق و الصراحة و عاشوا طويلا فيمدرسة الحزب الواحد و ناضلوا في هياكله و تغذوا بالروح الوطنية و النضالية وتعلموا معنى الحوار و حرية الراي و التعبير حتى أنّ أحدهم في الاجتماعات الكبرى فيتونس العاصمة خلال سنوات 77 / 87 /79 / 80 أمام كبار المسؤولين في الحزب و الدولةيأخذ الكلمة لمدة ساعة كاملة بصراحة ابناء الحزب الواحد كما اشرت و بلغة الحوارالحرّ دون مجاملة حتى أمام كبار القوم و مع وزراء الداخلية و غيرهم و إخوانهالدستوريين يساندونه و يتحمسون لتدخله و المسؤول المشرف يحاول الردّ بهدوء ومعاملة حسنة حتى أنّ بعض المؤلفة قلوبهم من غير الدستوريين قالوا لم نكن نتصورمعارضة في صلب الحزب الواحد فعلا و طبعا المعارضة الإيجابية أعني حرية الراي داخلالحزب الواحد و أردت التأكيد و تكرار كلمة الحزب الواحد تعقيبا على كتاب الدكتورزهير المظفر الذي عرفته بعد التغيير … و القصد من كلمته الحزب الواحد فيها عديدالإشارات سامحه الله، ؟ و حتى في ظروف الإقصاء نتيجة تصور و تصرف مسؤول وطني جاءعام 1981 و اراد تصفية الدستوريين و كان معه مسؤول و هم و هما معروفان في الأوساطالحزبية و لا فائدة في ذكرهما . لكن بعد 3 أعوام فقط علم الزعيم الأوحد بمقاصد هذهالثلة و أعاد الإعتبار للمناضلين و جاء السيد الهادي البكوش عام 1984 و رجع دورالمناضلين قلت حتى في تلك الفترة القصيرة لم ينجح صاحبنا و زميله و أصابه الفشلالذريع أمام قوة و مواقف المناضلين حتى أنه قال ذات مرّة عملت على إبعاد بعضهمفوجدتهم في كل مكان و التلفزة تغطي أنشطتهم قال هؤلاء أقوياء لا يقدر عليهم أي شخصيريد الإقصاء و الحمد لله ما كان لله دام و إتصل و ما كان لغير اللهإنقطع و إنفصل هذه الروح بقت راسخة و هذه الثوابت بقت متأججة في العقولو القلوب و هذه الروح الوطنية و المعنوية هي التي بقت في رصيدنا النضالي و هذهالشعلة لن تنطفئ أبدا مهما كانت محاولات الإقصاء و التهميش هذا ما أردت التأكيدعليه حتى يدرك إخواننا أنّ طريقة الإقصاء و التهميش لا تنفع مع المناضلينالأحرار.و أنّ منعهم من المشاركة في الحوار المفتوح أو المغلوق وحرمانهم من حرية التعبير لا تزيدهم إلا إصرارا على المواصلة و النضال

و بعضهم أعطى التعليمات للصحف المحلية لعدمنشر مقالاتي الشجاعة فكتبت في جريدة مخالفة تدخلات ردا على زعيمنا الأوحد فتقلقهذا المسؤول و بعدها كتبت في جريدة مستقلة فتحرج هذا المسؤول… و بعدها أخذت طريقالانترنات العصرية قال و قالوا كيف … صاحبنا متعلق بحرية الراي و التعبير ومتشبع بالروح النضالية كيف العمل كانت محاولة أخرى كيف نغيّب الانترنات و نطمس بعضالمقالات لم يفلحوا و اخيرا فهموا أنّ الأحرار أقوى و العزيمة أعمق و أنبل تلك هيثمرة و نتائج الحزب الواحد الذي أشار إليه الأخ زهير المظفّر في كتابه الأخير الذيوقع تقديمه و مناقشته بدار التجمع مؤخرا و بعض الشيوعيين حضروا المناقشة و بعضهمتطاول بالأمس على حزب التحرير و اليوم يحضر مناقشة هذا الكتاب … هذا الحزب الذيتخرج من مدرسته آلاف المناضلون و آلاف الصامدون

قال الله تعالى : و لتكن منكم أمة يدعون إلىالخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و اولائك هم المفلحون صدق الله العظيم

ملاحظة : أوصيكم ايها الإخوةبمزيد فهم بيان السابع من نوفمبر 1987 لا ظلم بعد اليوم و لا إستغلال النفوذ وإخواننا يفهمون هذه المعاني السامية و بحول الله إذا عشنا و عادوا للتصرف و كبتالكلمة و حرماننا من حرية الٍي سوف نضطر لذكر الاسماء حتى يعلم سيادة الرئيس بهذهالتصرفات التي لا تتماشى مع روح البيان المشار إليه .

و أعتقد أنّ هؤلاء الإخوة في حاجة إلى إعادةقراءة البيان بتأن و دقة حتى يفهموا المعاني الواردة في بيان السابع من نوفمبر مامعنى لا ظلم بعد اليوم و لا لإستغلال النفوذ.

و الله و لي التوفيق .

محمدالعروسي الهاني  


 

خصخصة20 مؤسسة جديدة

 

  قررت الحكومة التونسية خصخصة 20 مؤسسة كليا أو جزئيا خلال عام 2007 وستشملهذه العملية مؤسسات من قطاعات مختلفة.

 1) من قطاع النفط والبتروكيمياء: ستقع خصخصة %35 من رأس مال شركة عجيلوستباع كامل أسهم الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية (99,95%  منالأسهم). 2) من القطاع المالي: ستشمل الخصخصة البنك التونسي الكويتي (التفويت في %60 من رأسالمال) والبنك الفرنسي التونسي (التفويت في 78,18% من رأس المال) والشركة التونسيةللتأمين وإعادة التامين(100% من رأس المال). 3) من القطاع الصناعي : المعامل الآلية بالساحل (التفويت في قرابة 79% من رأسالمال) ومركب الصناعات المعدنية والتعهد بقابس والشركة الوطنية لعجين الحلفاءوالورق والشركة التونسية للصناعات الميكانيكية والكهربائية بمنزل بورقيبة. 4) من قطاع التوزيع: شركة المغازة العامة (بنسبة 76,3% من رأس المال). 5) من القطاع السياحي: نزل سوسة بلاص، نزل بوجعفر سوسة، نزل نور العين بعين دراهموسلسلة فنادق أبو نواس . 6) من القطاع الفلاحي: شركة التنمية الفلاحية « لخماس » بسليانة، شركةالصنعات المنتجة للحليب بباجة وشركة ماطر جالطة لتربية الماشية.

إنّ المتمعن في المؤسسات التي ستقع خصخصتها سيلاحظ أنها ليست كلها مفلسة أو فيوضعية مالية حرجة، فالمغازة العامة سجلت أرباحا بـ2,35 م د ت عام 2006 و4,0 م د تعام 2005 كما أنه لن يقع تعويضها بمؤسسات عمومية جديدة وسيكون مصيرها كمصيرالدجاجة ذات البيض الذهبي.

 لقد كانت هذه المؤسسات تمكن الدولة من مداخيل قارة إلى جانب المداخيلالجبائية لمجابهة الإنفاق العمومي. ولا محالة ستمكن خصخصتُها الدولةَ من مواجهةعجز الميزانية وميزان الدفوعات وتسديد القروض لوقت قصير لاغير ضرورة أن الميزانيةتشكو من عجز دائم شأنها شأن بقية الموازين.

فكيف سيواجه ذالك الوضع؟هل بزيادة في الضرائب؟

 ذا ما ستكتشف عنه الأعوام المقبلة . والسؤال الثاني هو هل سيعلم الرأي العامبأسماء من ستؤول إليهم هذه المؤسسات؟ وبأي ثمن ؟ و كيفية تمويلهم لعملية شرائها؟وهل أنهم مواضبون على دفع ضرائبهم للدولة؟ بما أن المؤسسات التي سيقع التفويت فيهاجزئيا أو كليا هي مؤسسات عمومية أليس من واجب السلط العمومية أن تتوخى الشفافيةعند الخوصصة وتمكن المواطن من الحصول على أجوبة عن تلك التساؤلات. وأخيرا هل سيحافظ الأجراء على مواطن شغلهم وحقوقهم المكتسبة وهل ستعطي لهم ضماناتفعلية تحول دون لجوء أصحاب هذه المؤسسات الجدد إلى عمليات تسريح جماعي بشتى الطرق(طرد لأسباب فنية أو إقتصادية، إحالة على التقاعد المبكر) ؟. هذا ما يحقّ لنا أننعرفه كمواطينين. خصخصة شركة المغازةالعامّة  تتنافس 10 مجموعات اقتصادية وهي، مجموعات المبروك (التي تملك مونوبري)والشايبي ( تملك كارفور وشامبيون) والبايحي والمزابي (يملك رونو) والجيلاني وناجيالمهيري (صاحب سلسلة المرادي وموبلاتكس) والدغري(مالك شركة كارت وغيرها) واللوميوهادي بن عياد وبولينا على الظفر بسلسلة المغازات العامة. بعض المتنافسين ينوونالإستنجاد بشركاء أجانب من فرنسا ( مرة أخرى) والإمارات والمغرب. والمعلوم أنالمغازة مؤسسة رابحة ولها عقارات عديدة وأصول تجارية تقدر بمئات الملايين منالدينارات هذا علاوة عن المخزون العام من البضائع.       تراجع قيمة الدينار في سوق الصرف  يشهد الدينار التونسي تراجعا مطردا في قيمته مقارنة مع العملات الأجنبيةالرئيسية التي تتم بها المعاملات الإقتصادية الدولية التونسية ( تجارة خارجية ،قروض ، معاملات أخرى ) وتعني بهذه العملات الأورو والدولار الأمريكي واليانالياباني. ففي ثلاث سنوات فقط ( 2003-2005) تراجعت قيمة الدينار بالنسبة للأورو الواحد بنسبة10,7 % وبالنسبة للدولار الأمريكي بنسبة 6,29 % وبالنسبة لليان الياباني بـ6,29 %. وإزداد الدينار تراجعا أمام العملة الأوروبية ( الأورو ) منذ بداية 2006 إذ أصبحالأورو الواحد يعادل في منتصف شهر ماي الجاري 1,763 دينار عند البيع بعد أن كانسعر البيع المتوسط عام 2005 لا يتجاوز 1,613 دينار ويعني أن قيمة الدينار تراجعتبـ9,3 % خلال أقل من عام ونصف وهذا ما يؤثر سلبا بطبعة الحال على الميزان التجاريالتونسي ( صادرات وواردات ) خاصّة إن علمنا أن بلدان الإتحاد الأوروبي هي الشريكالأول لتونس بأكثر من 80 % من المبادلات .

في السوق الماليّة  اضرب أعوان السوق المالية يوم 5 ماي للمطالبة بتطبيق الاتفقيات المبرمة بيننقابة القطاع وهيئة السوق المالية واحترام الحقّ النقابي، وبلغت نسبة المشاركة 90%من العاملين بالمؤسسة والذي يبلغ عددهم الجملي قرابة 100 عونا وموظفا، ولهذاالتحرّك الاحتجاجي في مثل هذه المؤسسة المالية دلالات تشير إلى تردي الأوضاعالاجتماعية في البلاد والتي تتطلب الاستجابة لمطالب الكادحين حتى لاتتفاقم الفوراقالطبقية.

 » باستيانالإبن » في تونس  زار تونس في بداية ماي الأميرال الأمريكي « باستيان الإبن » مساعدرئيس أركان الجيوش الأمريكية والتقى بوزيري الخارجية والدفاع التونسيين. وتأتي هذه الزيارة بعيد العمليات الإرهابية التي هزت المغرب والجزائر والتي أعطتمبررات إضافية لسياسة « مقاومة الإرهاب » التي تسلكها الإدارة الأمريكيةمنذ 11/9/2001. فهذه العمليات التي تبنتها منظمة « القاعدة في المغرب الإسلامي » وفرتلإدارة بوش فرصة جديدة للمزيد من الضغوطات على البلدان الإفريقية عموما وبلدانالمغرب العربي على وجه الخصوص لإيواء مقر القيادة العسكرية الأمريكية بافريقيا (افريكوم ) التي أعلن جورج بوش عن تشكيلها في أواخر السنة المنصرمة. ويرجع اهتمام الامبريالية الأمريكية بالقارة السمراء للخيرات الهائلة التي تزخربها وخاصّة آبار النفط والغاز في الجزائر وليبيا ونجيريا وانغولا والآبار الجديدةالتي تم اكتشافها في موريتانا والسودان والتشاد وغيرها.

كما تدخل التوجهات الأمريكية في إطار التنافس مع الامبريالية الفرنسية التي لاتزال تحتفظ بمواقع هامة في مستعمراتها السابقة وتمثل أيضا محاولة لصد انتشار الصينالتي تسعى من جهتها إلى كسب المزيد من الأسواق لتصدير سلعها والى التموقع فيالبلدان المنتجة للطاقة والمواد الأولية لتأمين حاجيتها المتزايدة..

(المصدر: الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  » العدد الثاني  جوان 2007 )


الشيـخ إمام دائــما فيالبـال

يوم 6 جوان 2007 تكون قد مرّت 12 سنة على رحيل الفنان القدير الشيخ إمام عيسىتاركا لعشاقه رصيدا هائلا من الأغاني الملتزمة تميّزت بانحيازها لقضايا الوطنوالحرية وكانت مرآة عاكسة لهموم وآلام وآمال العامل والفلاح والجندي الحامل للسلاحوصرخة احتجاج على غياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفساد ونهب المال العام وتحويلالأوطان إلى ممتلكات خاصّة لهذا الملك أو ذلك الرئيس.

 هذه الأغاني جمع فيها الشيخ بين الأسلوب الفني الساخر واللحن الشجي الراقيوالكلمة الهادفة. مما جعلها تنفذ بسرعة إلى قلوب وعقول كل الأحرار في العالم الذينيرددونها في كل المناسبات النضالية داخل الحقول الطلابية والنقابية والسياسية رغمالحصار المضروب عليها آنذاك إذ كان تداول أشرطة الشيخ إمام يتمّ في كنف السريةباعتبارها مصنفة ضمن الممنوعات وتعرّض حاملها إلى التوقيف والمساءلة والمحاكمةتماما مثلما حصل للشيخ إمام ذلك الكفيف النحيف الذي تحول إلى صخرة عملاقة تكسرتعليها كل محاولات الترغيب والترهيب خلال السنوات الطويلة التي قضاها في غياهبالسجون بمعية رفيق دربه الشاعر أحمد فؤاد نجم الذي نظم كلمات أغلب أغانيه…

 وفي أواخر الثمانينات أفرج عن الشيخ إمام وعلى أغانيه معه وجاءت الانتفاضةالثانية والحرب على العراق والمظاهرات العالمية المنددة بما سمي بالنظام العالميالجديد وما بدأ يخلّفه في ظرف قصير من أمراض واخلالات اجتماعية واقتصادية وثقافية. ومع عودة الحركة الاحتجاجية العالمية عاد الأمل وعاد معه الاهتمام بالشيخ إمامكظاهرة فنية وبات عشاقه ينظمون الاحتفالات السنوية احياء لذكرى وفاته وعادت بعضالفرق الملتزمة إلى النشاط وبعثت فرق أخرى جديدة مثل مجموعة العودة وهي امتدادللنهج الفني الذي أسسه الشيخ إمام وغيره من رموز الأغنية الجادة… وهو ما يدفعإلى التساؤل ماذا لو تتوفر ظروف التلقي الطبيعي لأغاني الشيخ إمام عيسى وبقيةالفنانين والفرق الملتزمة مثل ما يتوفر « للنجوم » الآفلة.

 نشأة الشيخ إمامعيسى

ولد الشيخ إمام عيسى في 02 جويلية 1918 بقرية أبو نمرس من محافظة الجيزة بصعيد مصركما كان الشيخ ينتمي إلى عائلة فقيرة جدا فقد الشيخ إمام بصره في سنته الأولىوانضم مبكرا على جوقة القرية بفضل صوته الجميل وفي سنة 1930 انتقل الشيخ إلىالقاهرة ليواصل دراسة العلوم الدينية بالأزهر بعد أن تولّت الجمعية الشرعية رعايتهولكن سرعان ما تمرد ورفض الدروس التي اعتبرها تحلّق بعيدا ولا تلامس الواقع التعيسالذي يعيشه الشعب العربي المصري في ظل الاحتلال الانقليزي. وأمام غياباته المتكررةتم طرده من الجمعية مما أثار غضب والده وتبرأ منه، فأصبح بلا مأوى وبلا عائل وعاشأياما من الجوع والتشرّد إلى أن علم أن لديه أقارب يقطنون بحي الغورية، فاتجهإليهم حيث أقام في غرفة فوق السطوح. وفي هذا الحي الشعبي تتلمذ الشيخ إمام وتعلمأصول الموسيقى آنذاك من أمثال علي محمود ومحمود صبيح والحريري وفي سنة 1945 احترفالشيخ إمام الغناء وبرع في ذلك وأصبح مطلوبا بدرجة كبيرة في الحفلات والموالد كماأسند له لقب فتى الإذاعة والتلفزيون وفي سنة 1962 التقى بالشاعر أحمد فؤاد نجم الذينحت مع الشيخ إمام ملحمة فنية رائدة كانت أولى ثمارها الفنية أغاني تعكس واقعالجماهير الشعبية وتحرّض على رفضه الظلم وتدعو للتغيير نحو الأفضل، فكان أن تعرضاإلى محاولات الاحتواء والإغراء كما سبق التعرض لذلك وعندما لم يفلح معهما هذاالأسلوب الترغيبي أدخلا السجن لأول مرة سنة 1969 إلى غاية 1971 ليعودا من جديد فيأكثر من مرة كان آخرها سنة 1979 وفي السجن قدّما أعظم وأجمل أعمالهما وبعد ذلكتمكن الشيخ إمام ونجم من مغادرة مصر في اتجاه فرنسا ومنها إلى عديد البلدانالعربية والعالمية لتقديم سلسلة من العروض الفنية بدعوة من القوى المناضلةوالديمقراطية في هذه البلدان وفي 6 جوان 1995 رحل الشيخ إمام بعد صراع طويل معالمرض.

(المصدر: الإرادة    » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  » العدد الثاني  جوان 2007 )


 مأساة ستار أكاديمي

كل الظروف ليلة غرة ماي 2007 كانت توحي بإمكانية حدوث كارثة في المسرح الصيفيبطريق سيدي منصور بصفاقس، رغم أن ذلك لم يخطر ببال المتابعين لحفل  » ستارأكاديمي ». لم يخطر ببال أحد أن يتحول « حفل غنائي » إلى مأساة، أنتتحول رقصات التخميرة إلى رقصات موت يحصد أرواح سبعة أشخاص دفعة واحدة ويخلف اثنينوثلاثين جريحا. و « الإرادة » إذ تعرب عن مواساتها لعائلات الضحايا و الجرحى فهي تريدتبيان أسباب هذه الفاجعة.

فكيف ولماذا حدثتالكارثة؟

تقول التقارير الواردة من موقع الحادثة أن سوء التنظيم كان العلامة البارزة فيالحفل من ذلك مثلا انطلاق الحفل قبل موعده مع ترك مدخل واحد مفتوح إضافة إلى تدخلقوات الأمن لترويع الراغبين في الإسراع بالدخول بدعوى « النظام ». كل هذهالعوامل أنتجت تدافعا وفوضى عارمة على المدخل نتجت عنها حالات إغماء عديدة. زد علىذلك أن عدد التذاكر فاق بكثير عدد المقاعد المحددة في المدارج مما يؤكد أن الربح هوالغاية القصوى من تنظيم الحفل فلا وقاية ولا احتياطات  ولا احترام للتراتيب المعمول بها والأرواح البشرية تأتي في آخر اهتمامات مروّجي ثقافةالتجارة.

حدثت المأساة وحفرت في ذاكرة الحاضرين وأذهانهم مشهدا مريعا وآثارا نفسية بالغةالخطورة كما خلفت أسئلة نرى ضرورة طرحها:

أولها: من المسؤول عما حدث؟ هل من تحقيق جدي يحدد المسؤوليات ويحاسب من تسبب فيالكارثة؟ أم أن الضبابية والتعويم سيميزان التحقيق تحت غطاء  » الجميع مسؤولونبما في ذلك الجمهور » كما ورد في جريدة الشروق وبالتالي لا توجه التهمة إلىطرف محدد فيحاسب على جريمته؟ أم توجه التهمة إلى كبش فداء حتى لا يتم الكشف عنالمتسببين الحقيقيين في الكارثة لأن الكشف عنهم محرج جدا كما يتردد على ألسنالمواطنين؟

سؤال آخر مثير للجدل: هل يمكن اعتبار الهالكين والجرحى ضحايا؟ إنهم فعلا ضحايا،ضحايا سوء التنظيم الذي يقف وراءه حب جمع المال من طرف شركات إنتاج ضخمة تمتلكسلاح الدمار الثقافي الشامل وتفبرك « نجوما » إمكانياتهم الصوتية لا يرتقيأغلبها إلى ما دون المتوسط، شركات إنتاج تتحكم في العقول والعواطف فتشدها إلىهؤلاء « النجوم » حتى أنهم لمّا يحلّون بيننا يخيل إلينا أنهم جاؤوا منكوكب آخر، فتعم الهستيريا ويتدافع الشباب نحوهم إلى حد الهلاك.

فالذين ماتوا في الحفل ضحايا والذين نجوا من الموت ضحايا والذين يتسمرون أمامالتلفاز، يتابعون برنامج « ستار أكاديمي » وغيره ساعات طويلة فيخسرونأوقات ثمينة كان من المفروض ربحها في إبداع علمي وثقافي حقيقي لو توفرت إرادةسياسية لتوفير ظروف الإبداع، لكن التهميش الفكري مقصود؛ هؤلاء ضحايا. وكذلكالأجيال التي تفرض عليها البرامج التي تقف وراءها شركات الربح، ضحايا. والمحرومونعمدا من ثقافة إبداعية راقية تعبر عن مشاغل الإنسان وتنمي القدرة على الفكرالعقلاني المستنير هم أيضا ضحايا، لأنهم في غياب هذا النوع من الثقافة والفن يبقونفريسة لثقافة الرداءة وانعدام الذوق.

سؤال آخر يطرح نفسه: هل نرفض هذا النوع من الفن، هذا النوع من الثقافة لنهرب إلىثقافة الجهل والخرافة، نهرب إلى الفكر الذي يرفض الفن ويحرمه ويكفر الذين يمارسونهويكفّر المجتمع، فنخلق جيلا من التكفيريين الذين يتحولون إلى متفجرات تدمّر نفسهاوتدمّر من حولها؟

إن ما حدث مأساة وما هو إلاّ جزء من الدمار؛ دمار الذوق، دمار الفكر، دمارالثقافة. فلننتبه لخطورة الأمر ولنقاوم من أجل بديل فني معبر عن مشاغل الإنسانوطموحاته يربي الذوق ويمنع شبابنا من تخميرة الهيجان أو من الهروب إلى الخلف.

لقد قال مرسال خليفة في افتتاح حفله الذي أقامه على مسرح قرطاج : »…جئتلأقاوم الرداءة التي تنشرها الفضائيات العربية ».

و سوف تسعى  » الإرادة  » لتكون أداة فعّالة بين أيدي المبدعين لنشر قيمالثقافة التقدّميّة و النيّرة.

(المصدر: الإرادة  » لسان حال حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  »  العددالثاني  جوان 2007 )


 

عميد المحامين في حوار صريحمع « الموقف »

المحاماة في أزمة والسلطة هيمن رفض الحوار

أكدّ العميد على انّ المحاماة تعيش أزمةخانقة تشتدّ يوما بعد يوم ولا يمكن وضع حدٍّ لها الا إذا توفرت اولا ارادة سياسيةلحمايتها ورد الاعتبار لها، ومتى كان المحامون واعين بالمسؤولية الملقاة علىعاتقهم في صيانة مهنتهم والدفاع عنها في اطار من التضامن و التآزر وحماية روحالزمالة بعيدا عن المصالح الضيقة الذاتية منها والسياسوية و الانتخابوية.

وأكد العميد على الصعوبات الإضافية التىيتعرض لها المحامون بسبب القوانين الجديدة وقال: هناك العديد من القوانين التىفرضتها العولمة في اطار مكافحة ما يسمى الارهاب، وجرائم غسل الأموال والهجرةالسرية وهي قوانين فرضتها الدول الكبرى حتى تضمن مصالحها. واضاف : هناك عدةاتحادات دولية وإقليمية للمحامين منشغلة جدا بهذه المسائل التى شكلت هضما صارخالحقوق الدفاع خاصة ما تعلق منها بظروف الزيارة والاستنطاق والمرافعة و التعدّي علىالسر المهني ..واتخذت هذه الاتحادات ومن ضمنها هيئتنا عدة مواقف تطالب بتنقيح هذهالقوانين و التنديد بكل مظاهر التعدّي على حقوق الدفاع.

وعن دور المحاماة في الدفاع عن قضاياالحقوق و الحريات قال العميد : المحاماة اصبحت تتحمل ما لاطاقة لها به، وهي منالمنابر القليلة المتبقية للدفاع عن الحقوق و الحريات ونقد السلطة باعتبار انتقليص فضاءات الحريات بما في ذلك حرية التعبير و التنظم يكون له تاثير سلبي علىالمحاماة خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة. وحسب رايه فانه لا يمكن القيام باصلاحجذري لوضع المحاماة و إيلائها المكانة التى تستحق في المجتمع و الاعتراف بدورهاكشريك في اقامة العدل، إلا متى ساد مناخ من الحرية و التعددية.

وعن تقييمه للفترة النيابية التي قضاهاعلى رأس العمادة قال بن موسى : هي ككل تجربة يمكن إن تجد فيها الايجابي والسلبي،وشرف الإنسان في المحاولة .. حاولت بكل جهد وصدق أن أكون في خدمة المحامين كافةوان أسعى الى تحقيق مطالبهم. واعتقد انه بقدر ما عملت على المحافظة على المبادئالاساسية للمهنة من استقلالية وديمقراطية وحماية للحق النقابي، فان تحقيق المطالبالمهنية خاصة ما تعلق منها بتوسيع مجال العمل وتوفير الظروف المادية والمعنويةالضرورية لقيام المحامي بمهامه، فان تحقيق الانجازات في النهاية ليست بيدي ولا بيدالمجلس وهي تتطلب تدخلا تشريعيا.

وعن كيفية تعامل السلطة مع العمادة قالبن موسى: نحن انتهجنا منذ بداية الفترة النيابية حوارا صريحا وقدمنا مذكرة تتضمنكامل مطالبنا، إلا انه اتضح أن الحوار كان مجرد شعار ترفعه الوزارة وان النصوصالتشريعية كرست مشاريع السلطة، ولم تكن تستجيب لتطلعات المحامين وطموحاتهم. وهناكالعديد من المطالب الاخرى التي لم يقع تحقيقها رغم الوعود المتكررة مثل الانابةالوجوبية للمحامي في القضايا العقارية.

وأضاف العميد : حاولت ان اطبق برنامجيالانتخابي وبدات كما قلت بالحوار على أساس أن يكون جديا وبناء ومسؤولا.. لأنياعتقد ان الحوار هو أحسن طريقة لتحقيق المطالب او على الأقل لكشف النوايا. ولمااتضح بعد سنة ونصف، ان الحوار كان مجرد شعار، اضطررنا إلى انتهاج الوسائل النقابيةالمشروعة باعتبار ان الحق النقابي حق مضمون بالدستور. ووافقت الهيئة على تنظيماعتصام للمطالبة بارجاء النظر في مشروع القانون المتعلق بإنشاء معهد المحاماة، كمانظمنا اضرابا عن الطعام تنديدا بالاعتداءات على المحامين وهياكلهم ومقراتهم اضافةالى جملة اخرى من التحركات مثل التى قمنا بها بعد اعتقال الزميل محمد عبو.

هدف الوزارة من الحوار كان فرض مشاريعهاالمعدة مسبقا والتي تكرس توجهاتها سواء بالنسبة لمجال عمل المحامي او المعهد، وتأتي هذه الإجراءات في إطار نوع من العقاب الجماعي للمحامين بسبب دفاعهم عن الحقوقوالحريات، كما أنها تريد من خلالها تدجينهم وهو ما لا يمكن أن يقع.

وعن الحملة الانتخابية الحالية للعمادةقال العميد: الحملة ابتعدت عن السباب والشتائم إلا أن كثرة الترشحات « قد تفسدالأمر شيئا ما ». كثرة لم تواكبها للأسف برامج مكتوبة وهي المعيار الوحيد الذييمكن على أساسه محاسبة المرشحين. ومحاسبة الفائزين خلال تحملهم المسؤولية. هل يمكنأن يؤثر هذا التعدد على مستقبل المهنة أي ان تؤدي الى انتخاب هياكل يمكنتطويعها؟…لا يمكن لأحد الجزم بهذا الأمر. ولكني متأكد أن المحامين متمسكون فيأغلبيتهم باستقلالية الهيئة.

وعلى ذكر الحملة الانتخابية أكد العميدعلى أن الهيئة تريد أن يكون المؤتمر القادم احتفالا بأتم معنى الكلمة. ولهذا الغرضقررت استدعاء الشاعر الكبير احمد فؤاد نجم وثلة من الشعراء الملتزمين بينهمالدكتور محمود عوض وشاهين أبو الفتوح. إضافة إلى الجانب الاحتفالي أكد العميد أنالإجراءات حثيثة من اجل توفير المستلزمات التقنية اللازمة مثل الشاشات العملاقة.وشدد على أن الحملة الانتخابية تنتهي وجوبا يوم 21 جوان القادم. وانه سيعمل علىالاتفاق بهذا الشأن مع المرشحين. و سينعقد المؤتمر بنزل المشتل يومي 30 جوان و1جويلية القادمين.

سؤال أخير أردنا أن نداعب به السيدالعميد وهو يستعد للمغادرة : لماذا رفضتم إعادة الترشح رغم المناشدات المتكررة؟

فأجاب: الأسباب متعددة أولها ما تعهدتبه خلال حملتي الانتخابية والناس عند وعودهم. ثانيا اقتداء بالتجارب في البلدانالمتقدمة التي لا يقضي فيها العميد سوى فترة واحدة. ثالثا إيماني بالتداول فعلياباعتبار أن العميد إذا فكر في إعادة الترشح سوف لن يتمكن من القيام بواجبه المهنيعلى الوجه الأفضل، وستكون قراراته متأثرة بالحملة الانتخابية…هل يعني هذا انك لاتفكر في الترشح للعمادة مستقبلا؟.. أنا لن أمانع في الترشح في فترة لاحقة بعد هذهالدورة أذا كانت هناك رغبة حقيقية من الزملاء لمواصلتي العمل على رأس الهيئة.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org  نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعيةمعارضة – تونس)، العدد 408 بتاريخ 31 ماي 2007)

رحيل ادريس بن زكري دينامو »هيئة الإنصاف والمصالحة »

رشيد خشانة

 

غيب الموت المناضلالمغربي البارز ادريس بن زكري دينامو « هيئة الإنصاف والمصالحة » مما أثارموجة من الحزن في جميع الأوساط الشعبية والسياسية. وبذل الراحل جهودا جبارة لدفعالأمور في بلده في اتجاه رد الإعتبار لقوافل عديدة من ضحايا القمع والمحاكمات طيلةخمسين سنة وحمل الدولة على الإعتراف بالحيف الذي تعرضوا له وتصحيح الأمور وفقالذلك. واستلهم ابن زكري مع جمع من رفاقه تجربة افريقيا الجنوبية التي طوت صفحةالميز العنصري فشكلوا « هيئة الإنصاف والمصالحة » التي شكل ظهورها لحظةفارقة في تاريخ المغرب المعاصر، إذ أتاحت للضحايا الأحياء ولأسرهم الإدلاء بشهاداتهمعن سنوات الجمر التي اكتووا بنارها وتدوين تلك الصفحات الحالكة التي كان كثيرونيرفضون الإعتراف حتى بوجودها.

 

وبعد سلسلة شهاداتحضرتها شخصيات مغربية وعربية ودولية أعدت الهيئة تقريرها الذي يشكل وثيقة مرجعيةليس فقط للمغرب وإنما لكل البلدان العربية والإسلامية. وأقرت الوثيقة التعويضللضحايا وأوصت بإدخال إصلاحات سياسية وودستورية على النظام السياسي. وتميز تقديمالتقرير باستقبال الملك محمد السادس لأعضاء الهيئة وضحايا الإنتهاكات في القصرالملكي حيث دعاهم لنسيان الماضي و »الصفح الجماعي »، لكنه لم يعتذر باسمالدولة كما كانت تتوقع الجمعيات الحقوقية.

 

كما تولى ابن زكري رئاسةالمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان، ولم يكتف بذلك بل ساهم مساهمة فعالة في الأعمالالتحضيرية (القانونية والسياسية) لتشكيل المجلس الأعلى للجالية المغربية فيالخارج. ورغم المرض الخبيث الذي أصاب ابن زكري لم يفتر حماسه ولا لانت عزيمته بلظل ماضيا في الدفاع عن القضية التي حملها في ضميره ووجدانه حتى آخر رمق. وبفقدانهخسر المغرب العربي علما بارزا من أعلام الحرية الذي قدس كرامة الإنسان وآمن بحقهالمطلق في الحياة والحرية.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org  نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعيةمعارضة – تونس)، العدد 408 بتاريخ 31 ماي 2007)

 


 

 نهاية مأساوية لشباب يائس

فتحي الشفي

قبل افتتاح موسم الهجرة إلى الشمالوهدوء البحر مع بداية شهر ماي، وعلى طول ساحل بلادنا الجميل، تبدأ استعداداتشبابنا « للحرقان » وتحقيق حلم الهجرة و لضمان أوفر حظوظ النجاح لعبورالمتوسط. تبدأ التحضيرات بتكوين فريق، والاتفاق على كلمة السرّ وكتمان الخبر،وإعداد المواد الأولية: قارب ومحرك وأوعية البنزين. أدوات يجب توفيرها بكل الطرق،سرقتها أو شراؤها، وبعض المال، وخطة يتكفل بإعدادها الشباب الأكثر خبرة وتجربة(القيادة) وهي المسؤولة عن تحديد موعد الرحلة وساعة اللقاء ومكان الانطلاق. وجدي،25 سنة، يتيم الأب، أصيل قرية أولاد بوسمير من معتمدية جبنيانة. عرفته منذ أربعسنوات.

كان يشتغل عاملا عرضيا مع مقاول فيحظائر الاتصالات. اكتشفت ذكاءه وحويّته وضحكته التي لا تفارقه رغم قساوة ظروفالعمل. قد يبقى يوما كاملا بدون أكل. وفي بعض الأحيان يسدّ رمقه بعلبة »ياغورت » يتناولها مع رغيف خبز في الطريق العام، أو حذو العماراتالفاخرة والقصور الفخمة أو تحت ظل شجرة ليحتمي عند الظروف المناخية الصعبة: الصقيعوالرياح في الشتاء والشمس الحارقة في الصيف. لم يعرف الاستقرار في حياته المهنيةفانتقل من مقاول إلى آخر حسب توفر الشغل ومن مدينة إلى أخرى طلبا للرزق.

الأجور ضعيفة والحقوق مهضومة وساعاتالعمل على امتداد اليوم غير محددة وعقود جائرة محدودة الزمن. ورغم ذلك عمل ليساعدعائلته. كان يتألم للواقع الذي يعيشه مع رفاقه في العمل، النازحين من أرياف ولاياتالجنوب والشمال الغربي. وفي بعض الأحيان يتبرم غاضبا من الظروف الصعبة والمستقبلالمجهول والآفاق المسدودة كعامل عرضي طوال حياته. الحل الذي تعلق به وجدي وبنىعليه أحلامه وآماله، هو الهجرة إلى الضفة الشمالية من المتوسط إلى إيطاليا، مثلبقية شباب القرية الذين نجحوا في العبور، وحققوا أحلامهم وعادوا بالسيارات الفارهةوبنوا القصور حسب رأيه، وتغيرت حالة عائلاتهم. سألته مرة مازحا منذ متى راودتكفكرة « الحرقان »؟ هل تستطيع أن تحقق أهدافك وأحلامك في بلاد الغربة؟ ألاتخاف الموت والغرق والفشل؟ أجابني : » لا أشعر بالانتماء لهذه البلاد. وأحسبالغربة في وطني. ومستعد للمغامرة وركوب البحر حتى وإن فشلت وقضيت نحبي .

هذا أفضل من البقاء بدون أمل في بلدي.هي مقامرة، إما العبور والنجاح أو الفشل والغرق، وأنا مستعد لهذا التحدّي. وأضاف:تصور في قريتنا لا نستطيع تكوين فريق في كرة القدم والتباري مع بعضنا البعض. وجميعالمقاهي شاغرة والحياة أصبحت كئيبة، والصمت رهيب. أريد الالتقاء بأصدقائي فيإيطاليا، وأحلم بسيارة حمراء (ديكابوتابل) ـ مثلما يراها في الأفلام ـ وفتاة شقراءومنزل فخم ورصيد محترم في البنك ». يوم 11 ماي الفارط ركب وجدي قاربا صغيرا(لوستو) في الثالثة فجرا مع أحد عشر شابا، أصغرهم في سن الخامسة عشرة. وعندما قطعالمركب مسافة قصيرة، ثلاثة أميال فقط عن ساحل القرية، ابتدأ القارب في التمايليمنة ويسرة وأخذ يمتلئ بمياه البحر. وعندما أحس الشباب بالخطر قرروا العودة. ويبدوأنهم كانوا يفتقرون للخبرة والتجربة في التعامل مع مثل هذه الأوضاع.

وبسبب ثقل المركب بالركاب، وحالة البحروالأمواج، وسوء التقدير عند العودة، انقلب المركب من مؤخرته بسبب ثقل المحرك. منيحذق السباحة نجا من الغرق. أما وجدي فقد تعلق بوعاء من البنزين حتى الصباح، ولميستطع الصمود ففارق الحياة مع بزوغ الشمس مع رفيقيه أحمد المرداسي 22 سنة والصادق33 سنة، ورغم نداءات النجدة للقوارب القريبة فقد رفضت الاستجابة لنداءاتهموإغاثتهم. الحرس البحري ساهم في إنقاذ البعض، وفشل في انتشال الجثث، فأعلم أهاليهمالذين تجندوا للبحث عنهم . وقد تم انتشال الجثث في اليوم الثالث والرابع من وقوعالكارثة وهي في حالة تعفن وقد نهش دود البحر أجسادهم وشوه ملامح وجوههم. ولم يسمحلأهاليهم بإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على أبنائهم بسبب بشاعة مظهر جثثهم.

وجدي تعلق بحلم الهجرةو »الحرقان » وجرب حظه تسع مرات وفشل وفي العاشرة قضى نحبه. هل تعود مأساةوجدي لعناده؟ أم للظروف التي عمل فيها وجعلته فريسة يسهل عصرها واستغلالها ثمّلفظها في مقاولات تعمل لصالح مؤسسة عملاقة ترفع شعار خط الحداثة (اتصالات تونس)ولا تضمن تطبيق كراس الشروط وضمان حقوق العمال؟ أم لاختيارات الدولة التي سمحتبالتفويت في أغلب الأشغال القارة لشركات المناولة وحرمت عمالها من الاستقرار فيالعمل وحرمت وجدي وأمثاله من الانخراط في نقابة تدافع عنه وتفتح أمامه آفاق تحسينوضعه المهني؟ مما جعله يصاب باليأس ويجدد التحضير للهجرة مع عودته للقرية. يشتغلأهالي قرية أولاد بوسمير في الفلاحة العائليّة ذات المردود الضعيف وخدمة البحرالذي تراجع إنتاجه وهذا ما جعل أغلب شباب القرية يبحثون عن شغل في المدن القريبة.وجهت سؤال للشاب اـ ر صديق وجدي: هل تنوي « الحرقان » بعد هذه المأساة أجاب »موته كان قضاءا وقدرا ولو سنحت لي الفرصة لجربت حظي وأنا مستعدللتضحية »، بدون تعليق.

(المصدر: موقعpdpinfo.org  نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعيةمعارضة – تونس)، العدد 408 بتاريخ 31 ماي 2007)

 

تونسضمن الدول الأكثر استقرارا 

كشف  تقرير صادر مؤخرا عن «قلوبال بيس انداكس» Global peace index  بلندن، أن تونس  مصنفة ضمنالدول التي تتمتع بدرجة رفيعة من السلم والاستقرار في العالم.  وتعتبر تونس التي جاءتفي المرتبة 39 من أكثر الدول الافريقية سلما بحصولها على   1762 نقطة،وبحصولها على 1762 نقطة، تقدمت تونس على دول مثل المملكة المتحدة التي جاءت فيالمرتبة  49 بـ1898نقطة. ومن بين الدول المرتبة في نفسالصنف توجد  استراليا (1664 نقطة)، ايطاليا(1724 نقطة)، فرنسا (1729 نقطة) وماليزيا (1744 نقطة). وتحتل النرويج صدارة الدولالاكثر سلما واستقرارا بـ1357 نقطة متبوعة بزيلندا الجديدة (1363 نقطة) ثمالدانمارك (1377 نقطة). وبين التقرير ان الولايات المتحدة الامريكية صنفت فيالمرتبة 96 وروسيا في المرتبة 118.

 

اجتماع مغاربي خليجي

 

علمت «الصباح» أن اتفاقاحصل بين الأمين العام لاتحاد المغرب العربي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي،يقضي بعقد اجتماع على مستوى الأمانة العامة خلال الفترة القليلة المقبلة، لبحث سبلالتعاون بين الجانبين وكيفية تسهيل حركة رؤوس الأموال ورجال الأعمال بين المنطقتين..

 

ومن المتوقع أن يعقدالاجتماع الأول من نوعه في منطقة الخليج..

 

يذكر أن لقاء مغاربياخليجيا بين رجال الأعمال في المنطقتين، يجري الإعداد له حاليا، ومن المنتظر أنيلتئم في خريف العام الجاري.

 

تجربة تونسية

 

استفاد اتحاد المصارفالمغاربية الذي يتخذ من تونس مقرا له، من التجربة التونسية في مجال المقاصةالإلكترونية، حيث قام بتوسيع هذه التجربة على مستوى المصارف في كل من موريتانياوليبيا والجزائر وبدرجة أقل المغرب..

 

رؤية نقابية جديدة..

 

يجري الحديث صلب عديدالخبراء في القضايا الاجتماعية والاقتصادية، عن أدوار جديدة للنقابات المهنية فيالعالم العربي..

 

ويتحدث هؤلاء عن ضرورةتغيير النقابات العربية توجهاتها وأسلوب عملها من الثقافة التنازعية والمفاوضاتالتي تقوم على المطلبية، إلى ثقافة جديدة تقوم على مفهوم التشاركية مع المؤسساتورجال الأعمال..ويعد بعض هؤلاء الخبراء، من الذين تقلدوا مناصب حكومات مغاربيةوعربية، وهو ما يعني أن رؤية جديدة للعمل النقابي العربي، يجري الإعداد لها فيالأوساط الحكومية الرسمية من غير المستبعد أن تطرح للنقاش على النقابيين خلالالفترة القادمة..

 

اتحاد مغاربي للفلاحين..

 

تقرر صلب الأمانة العامةلاتحاد المغرب العربي، إنشاء اتحاد مغاربي للفلاحين في غضون الفترة المقبلة..

 

ولا يستبعد أن تشهدالأسابيع القليلة القادمة، اجتماعات بين الاتحادات المهنية في المغرب العربي، لوضعالترتيبات اللازمة لإنشاء هذا الهيكل الذي قد تكون المغرب، مقره الأساسي..

 

وعلمت «الصباح» في نفسالسياق، أن جهودا تبذل حاليا بين الأوساط المدافعة عن حقوق المستهلك في المغربالعربي، لبعث منظمة مغاربية تشمل المنظمات العاملة في هذا المجال، على الرغم منمحدودية عددها في منطقة المغرب العربي..

 

يوم وطني..

 

يبدو أن النية تتجه صلبالدوائر المسؤولة، لتنظيم يوم وطني للاقتصاد في الماء. وسيقترن هذا اليوم الوطني ـعلى الأرجح ـ مع الاحتفالات باليوم العالمي للمياه الذي يتم الاحتفال به في بدايةكل سنة جديدة.

 

تقييم المردودية

 

في آخر كل سنة دراسيةيتجه اهتمام التونسيين نحو نتائج ابنائهم وتهتم المؤسسات التربوية بتقييم حصادالموسم الدراسي.. ويعود في مثل هذه الفترة من كل سنة الحديث عن مشاكل الاخفاقوالانقطاع المدرسيين اللذين يشكلان معضلة كبيرة.. فهل من دراسة معمقة لهذه الظاهرةقصد ايجاد الحلول الناجعة لها في الابان؟؟

 

(المصدر:جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2007)


ارتفاعالارباح الصافية لبنك الاسكان التونسي في 2006

 

تونس(رويترز) – قال بنك الاسكان التونسي الذي تسيطر عليه الحكومة يوم الاربعاء إنأرباحه الصافية زادت بنسبة 31 بالمئة في عام 2006 الى 28.4 مليون دينار (21.86مليون دولار) مدعومة بارتفاع أرباح التعاملات.

 

وقالالبنك في بيان على موقع البورصة التونسية على الانترنت إن إيراداته ارتفعت الى145.1 مليون دينار من 123.2 مليون دينار بزيادة بنسبة 18 بالمئة.

 

وأعلنالبنك عن توزيعات أرباح بواقع 0.500 دينار للسهم. وارتفع سهم البنك الى 21.500دينار من 21.100 دينار في التعاملات المبكرة يوم الاربعاء. وزاد السهم بنسبة 10.5بالمئة حتى الان هذا العام.

 

(الدولاريساوي 1.299 دينار تونسي)

 

(المصدر:وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 6 جوان 2007)


 

 

مجموعةإماراتية تستثمر 14 مليار دولار في تونس

 

قالتصحيفة تونسية يوم الأربعاء إن مجموعة سما دبي الإماراتية ستستثمر 14 مليار دولارفي مشروع إنشاء مدينة شمالي العاصمة التونسية تشتمل على مجمعات سكنية وتجاريةونوادي ترفيه وملاعب كرة قدم.

 

وقالتصحيفة الصباح التونسية إن « هذا المشروع الأضخم في تاريخ الاستثمارات الأجنبيةفي تونس يشمل تطوير مجمعات عقارية سكنية وتجارية وخدماتية والمرافق المتعلقة بهاوذلك على مساحة تبلغ 837 هكتارا. »

 

وأضافتالصحيفة أن المشروع سيساعد تونس على تسريع النمو الاقتصادي بخلق مزيد من فرص العملوجعل تونس مركزا إقليميا ووجهة سياحية.

 

وقالتإن المشروع سيوفر نحو 150 ألف فرصة عمل في بلد تصل فيه معدلات البطالة إلى 13.9 فيالمائة.

 

وتسعىتونس إلى خلق فرص عمل إضافية لخريجي التعليم العالي الذي يتجاوز عددهم 80 ألف كلعام والذين تصل البطالة في صفوفهم إلى نحو 60 في المائة.

 

وأظهرتأرقام رسمية أن الاستثمارات الخارجية في تونس ساهمت في خلق 260 ألف فرصة عمل فيالبلاد التي تحاول تسريع نموها الاقتصادي.

 

(المصدر:موقع بي بي سي أونلاين بالعربية بتاريخ 6 جوان 2007)

الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/business/newsid_6726000/6726567.stm


 

 

وقّعتها الحكومة وشركة«سَمَا دبي»:

تفاصيل مشروع اتفاقيةالاستثمار في البحيرة الجنوبية بتونس

تونس ـ الصباح: وقعت الحكومة في السادسوالعشرين من شهر افريل الماضي، بتونس، اتفاقية استثمار على موقع البحيرة الجنوبيةللعاصمة، مع شركة سما دبي الاماراتية، التي يرأس مجلس ادارتها السيد فرحان فريدوني.

ونصت الاتفاقية التي حصلت «الصباح» علىنسخة منها، على ان الدولة «فوتت لفائدة المشترية (شركة سما دبي)، قطعة الارضالكائنة بالبحيرة الجنوبية بمدينة تونس، قصد انجاز وتطوير مشروع عقاري متكاملومتعددة الاستعمالات».. ويشمل هذا المشروع، الاضخم من نوعه في تاريخ الاستثماراتالاجنبية في تونس، تطوير مجمعات عقارية سكنية وتجارية وخدماتية والمرافق المتعلقةبها، وذلك على مساحة تبلغ نحو 837 هكتارا.. ويقدر مبلغ الاستثمار في هذا المشروعبحوالي 14 بليون دولار امريكي (18,2 مليون دينار تونسي). ويهدف هذا المشروع ـ وفقنص مشروع الاتفاقية ـ الى التأثير ايجابيا على اقتصاد البلاد، سيما من حيث خلقالوظائف وفرص العمل، وجعل تونس مركزا اقليميا ووجهة سياحية..

مكونات المشروع

وكانت الحكومة، وقعت ثلاث مذكرات تفاهممع الشركة الاماراتية كانت الاولى في جوان من العام 2005، نصت على الانتفاعالمتبادل بالمشروع، ثم ارفقتها بمذكرة تفاهم ثانية في ديسمبر من نفس العام، لتمكينالشركة من تقصي جدوى المشروع والقيام بتطويره، قبل ان توقع في فيفري من العامالمنقضي مذكرة تفاهم ثالثة، تخص ارض المشروع وكيفية تنفيذه.. وتتألف ارض المشروع،من عدة مكونات بينها، الارض القائمة وما تحتها (باستثناء حقوق استخراج المعادنالمتعلقة بها)، وقعر البحر والمنطقة البحرية الموجودة فوقه، الى جانب الارضالمطمورة، والماء المحاذي لتلك الارض القائمة والارض المطمورة والممنوحة للشركةالاماراتية وفقا لعقود لزمة، بالاضافة الى قطع الارض الخاصة وجميع مجاري المياهالاصطناعية، واية ارض اضافية تنقل ملكيتها الى (سما دبي)… ووفق مشروع الاتفاقية،من المتوقع المصادقة على النص الكامل، في غضون الاسابيع القادمة، قبل نشرها فيالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، الذي سيكون بمثابة الاثبات القانوني علىالتصديق التونسي على هذه الاتفاقية…

وعلى عكس ما تردد في بعض الاوساط، فاننص المشروع لا يتضمن مدة محددة لاستغلال البحيرة الجنوبية للعاصمة غير أن موادمشروع مذكرة التفاهم التي وقعها الطرفان التونسي والاماراتي، تتضمن فقرتين تتضمانبعض الالتباس في تحديد هذه المدة.. إذ تنص الفقرة (3) من المشروع أن «الاتفاقيةتبدأ من تاريخ السريان، وتستمر لمدة غير محددة»، فيما تتضمن الفقرة (5-1-6) أن«مدة أي حق امتياز أو اشغال وقتي ممنوح لسما دبي وفقا لهذه الاتفاقية، تكون فيحدود 60 عاما».. ويبدو أن المشرع التونسي والمستشارين القانونيين لشركة سما دبي،ميزا هنا بين مدة استغلال أرض المشروع برمته، وحق التملك أو الامتياز أو الاشغالباعتبار أن ذلك يشمل مشغلين أو مستثمرين آخرين يمكن أن ينخرطوا لاحقا في المشروعبحسب اتفاقهم مع الشركة الاماراتية..

صلاحيات واسعة..

وبموجب هذه الاتفاقية، تمنح الدولةالتونسية لشركة سما دبي، الحق الحصري بتطوير أرض المشروع أو حق تشغيل أو إدارته،كما تمنح الدولة وفقا لعقد بيع الارض القائمة، للشركة الاماراتية الحق بتملك الارضالقائمة تملكا حرا..

كما تتوفر «سما دبي» على الحق الحصريفي:

– تصميم وتخطيط وإنشاء وطمر أجزاء منفعر البحر، والحق في تملك الارض المطمورة الناتجة عن ذلك تملكا حرا بمبلغ رمزيقدره دينار تونسي واحد..

– تشغيل والسيطرة على وإدارة المنطقةالبحرية، وذلك عبر اتفاقيات تمنح حق امتياز (لزمة) عليها أو حق اشغال وقتي..

– تصميم وتخطيط وإنشاء وبناء وتكوينوتشغيل وإدارة والسيطرة على مجاري الماء الاصطناعية، بما في ذلك المنشآت على تلكالمجاري المائية وفوقها واستخراج العوائد المالية منها بأشكال مختلفة، باستثناءأية حقوق في المعادن الكائنة تحتها.

– البيع أو التأجير أو منح حقوقالامتياز أو الاشغال للتابعين لها أو للغير أو للمطورين من الغير، بما في ذلكالاشخاص غير التونسيين لأي جزء من الارض القائمة أو الارض المطمورة أو الارضالاضافية.. لكن في المقابل، تمنع الاتفاقية شركة (سما دبي) من رهن أرض المشروعلاغراض تمويل أو ضمان تمويل مشروع غير مشروع بحيرة تونس الجنوبية..

المعاملات المالية…

سيتولى البنك المركزي التونسي – بموجبهذه الاتفاقية – منح الشركة الاماراتية والتابعين لها، الموافقة على فتح وتشغيلحسابات خاصة بالدينار بحرية تامة، مع إمكانية فتح وتشغيل حسابات بعملات أجنبية،والاحتفاظ بالأموال المتأتية من البيوعات إلى غير المقيمين، ودفع المبالغ بأيةعملة بما في ذلك العملات الأجنبية، وبتحويل العملات الأجنبية بكامل الحرية إلىخارج تونس.. إلى جانب تحويل رؤوس الأموال المتأتية بواسطة توريد عملة والأرباحالمتأتية من إنجاز المشروع خارج تونس دون أية قيود.. بالإضافة إلى تحويل السيولةالمالية خارج تونس دون أية قيود، باستثناء تحويل بعض المداخيل التي تفوق 50% منالمداخيل السنوية للشركة، طالما أنها لم تصل مدة 7 سنوات بدءا من تاريخ التوقيع،وفقا لنص الاتفاقية (المادة 6-3-7/الفقرة ب).. في المقابل، لا يجوز للدولةالتونسية مصادرة أية أسهم أو سندات مالية تصدرها سما دبي أو أي من التابعين لها،باستثناء الأسهم والسندات لأية شركة أو كيان مسجل ومرخص له في أرض المشروع، ممنتصدر بحقهم أحكام قضائية أو قرارات إدارية ملزمة. من جهة أخرى، تعفى الشركةالاماراتية من عديد الضرائب التي تسحب عادة على الشركات والاستثمارات، سواء كانتمحلية أو أجنبية، وتشمل الاعفاءات عمليات تكوين شركة المشروع، وإحالة ونقل ملكيةأرض المشروع الى الشركة الاماراتية، واحالة ونقل ملكية أراض غير مهيئة ضمن الأرضالمعنية، الى جانب عمليات التهيئة ومرحلة التطوير والبناء ومرحلة التشغيل والادارةوالاستغلال، واعفاءات ضريبية أخرى عديدة يطول ذكرها، لكنها في كل الاحوال، تسندلأول مرة لطرف استثماري أجنبي.

توفير فرص العمل

اذ يتعين على شركة (سما دبي)، بموجبالاتفاقية، «توفير عدد كاف من فرص العمل للتونسيين من حاملي الشهادات الأكاديمية،لكن نص الاتفاقية لا يتضمن أية إشارة حول عدد فرص العمل، خصوصا بعدما تردد أنالمشروع سيوفر نحو 150 ألف موطن عمل للتونسيين، كما أن عملية التوظيف (التشغيل)، غير ملزمة بالقدر الصارمللشركة الاماراتية. وتبقى هذه الاتفاقية شديدة الأهمية في تاريخ الاستثماربالبلاد، باعتبارها الأضخم على وجه الاطلاق منذ بدء الاستثمار الاجنبي في البلادمطلع الستينيات من القرن المنقضي.

صالحعطية

(المصدر: جريدة »الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2007)


 

 

وفد امريكي: تونس جاهزة لمزيد من الحرياتالسياسية

 

تونس ـ ا ف ب: اشاد وفد للكونغرس الامريكي الجمعة بالتقدم الاجتماعي والاقتصادي فيتونس واكد ان البلاد جاهزة للمزيد من الحريات السياسية، وذلك في ختام زيارة التقيالوفد خلالها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

وقال رئيس الوفد جونتانير (ديمقراطي) كان هاما بالنسبة الينا ملاحظة التقدم الاقتصادي الهائل مشيدا فيالان نفسه بالاوضاع الاجتماعية خاصة في مجالات السكن والصحة والتعليم في تونس.

واشار الي ان الوفد بحثمع المسؤولين التونسيين التقدم الحاصل ولكن ايضا ضرورة القيام بمبادرات سياسيةملموسة.

وقال ان تونس جاهزةلممارسة المزيد من الحريات في المجال السياسي وفي مجال الصحافة مشيرا الي اهميةحصول مثل هذا التطور من اجل المزيد من التنمية والاستثمار وايجاد فرص العمل.

ودعا الي المزيد منالاستثمارات الامريكية في تونس واعرب عن الامل في ان تواصل (تونس) اصلاحاتها فيمجال قطاع الصحافة (..) للتقدم علي درب الديمقراطية .

وعلاوة علي تعزيزالتعاون مع تونس احد اقدم شركاء الولايات المتحدة، اشار تانير الي انه اجريمباحثات بناءة بشأن الاهمية الاستراتيجية المتعاظمة للمغرب العربي وحول الامنوامكانات الحلف الاطلسي في محاربة التطرف في المتوسط.

كما اشار الي التهديدالذي تمثله القاعدة علي المنطقة بما فيها تونس معتبرا ان هذه المنظمة الارهابيةتسعي الي التفريخ في هذه المنطقة مثل باقي مناطق العالم .

واضاف انها تهديد دائملكافة الحكومات المعتدلة داعيا الي بذل جهود متواصلة ضد الانشطة الارهابية .

واشاد رئيس وفد الكونغرسالامريكي بـ نجاعة قوي الامن التونسية مذكرا بنجاحها في تفكيك مجموعة متطرفة اثرمواجهات دامية في كانون الاول/ديسمبر 2006 وكانون الثاني/يناير 2007، قرب تونسالعاصمة.

واجري تانير والوفدالمرافق مباحثات الخميس والجمعة مع وزير الخارجية عبد الوهاب عبد الله والدفاعكمال مرجان اضافة الي رئيس مجلس النواب التونسي فؤاد المبزع.

ويتوقع ان يتوجه الوفدالذي كان شارك في اعمال الجمعية البرلمانية للحلف الاطلسي في البرتغال، الجمعة اليالمغرب

(المصدر: صحيفة « القدس العربي »(يومية – لندن) الصادرة يوم 4 جوان 2007)

 

مروان علي أول مشارك يهدي لقب «سوبر ستار» العربلتونس

 

 أخيرا وبعد أربع سنوات من المشاركة في برنامج«سوبر ستار» العرب الذي ينظمه تلفزيون المستقبل اللبناني فازت تونس باللقب في شخصالشاب مروان علي الذي مازال يزاول دراسته الثانوية وفي ذات الوقت يدرس الموسيقىبالكونسرفاتوار…

 

مروان ورغم صغر سنه(18عاما) أظهر نضجا فنيا كبيرا ومثّل تونس كأحسن ما يكون صوتا وغناء وأخلاقا ولاعجب أن يطلق عليه الفنان إلياس الرحباني لقب المجاهد على اعتبار أنه لم يتسنّ لهالبقاء في البرنامج ومواصلة المشوار إلا من خلال الفرصة الاخيرة التي منحتها لهاللجنة لانها رأت انه قادر على التعلم والنجاح وكان ظن اللجنة المتكوّنة منالثالوث اللبناني إلياس الرحباني وفادية طنب الحاج وزياد بطرس ومن الملحن الكويتيعبد الله القعود في ممثلنا في محلّه ذلك أنه ما فتئ ومع كل إطلالة له في سهرةالاحد يحظى بالاعجاب الكبيرمنها وبتشجيعها اللامحدود .

 

الاعجاب بمروانوبإمكانياته الصوتية الكبيرة تخطى حدود اللجنة ليشمل أيضا بعض الضيوف الذين أثثوامختلف السهرات من ضمنهم وديع الصافي، صباح فخري، إيهاب توفيق وعاصي الحلاني حتى أنإيهاب توفيق أعلنها صراحة في السهرة قبل الاخيرة وعقب آداء مروان لاغنية «خبطةقدمكم على الارض هدارة» أنه وبعد السيدة فيروز لم يغنها مطرب قط بنفس الاحساسوالجمال الذي انساب من صوت مروان علي..

 

ولم تكن هذه الشهادةالوحيدة التي قيلت في المشارك التونسي فالفنان إلياس الرحباني قال أن مروان يجيدآداء  المواويل اللبنانية أكثر من 90% منالفنانين اللبنانيين في حين اعترف زياد بطرس المعروف بقسوته مع المشاركين أن مروانوبآدائه للاغاني الوطنية اللبنانية بذلك الاحساس الكبير يلهب حماسة كل من يستمعإليه ويولّد بداخله شعورا بالانتماء وهو أمر لمسه بالفعل كل من تابع مشوار مروانفي سوبرستار حيث أنه وفي إحدى الحلقات لما أدى أغنية الفنان الكبير وديع الصافي«سيّجنا لبنان» مسبوقة بموال لبناني شهير اهتز مسرح سوبر ستار بالتصفيق والهتافإلى درجة لم يتمالك فيها أعضاء اللجنة أنفسهم عن التنويه العلني بصوت مروانوباعتباره من أكثر المستحقين للقب.

 

ومع أن فوز مروان بلقبسوبر ستار العرب لسنة 2007 لا ينقص من قيمة أي مشارك آخر في البرنامج إلا أن اللقبكان لا بد أن يكون تونسيا لان الاصوات التي شاركت هذه المرة كانت متميزة جداومتمكنة موسيقى وآداء ووصول يسرى المحنوش إلى الدور النصف النهائي خير دليل على أنالوجود التونسي في هذا البرنامج لا يرفع شعار المشاركة من أجل المشاركة فقط بل من أجل النجاح والتميّز الذي طالما انتظرهالجمهور التونسي والذي كثيرا ما مني بخيبة أمل كبيرة في كل مرّة يصل فيها تونسي أوتونسية إلى العين ولا يشرب.. مروان علي وصل إلى العين وشرب وترشّف معه كل تونسيحلاوة الفوز باللقب الذي حظي به ممثلنا عن سابق إصرار وتمسّك بالرغبة في التألق..

 

فشكرا لمروان الصغير سناوالكبير إرادة وتصميما على رفع علم تونس عاليا في سماء برنامج اعترف أخيرابالكفاءات الفنية التونسية وأعطاها ما تستحقه من إشعاع وهنيئا لمروان بلقبسوبرستار العرب وهنيئا لتونس بمروان وبهذا اللقب الذي آل إليها  عن جدارة واستحقاق.

 

 ليليا التميمي

 

(المصدر: جريدة »الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 6 جوان 2007)

 

 

أي اتحاد لأي متوسط يريدهساركوزي؟
د.أحمد القديدي (*)

بعد استقراره في قصر الايليزيه منذأسبوعين بدأ الرئيس الجديد يوجه عناية كبرى لمشروعه المنتظر وهو انشاء اتحادمتوسطي أي منظومة حضارية و سياسية واقتصادية و أمنية و ثقافية تجمع بلدان حوضالبحر الأبيض المتوسط شماله وجنوبه. فالحلم عظيم و عبارة الحلم أطلقها ساركوزيذاته في فبراير الماضي في خطابه بمدينة طولون الفرنسية و في حفل تسلمه لمهامه يوم16 مايو. و لكننا يجب أن نقرأ المراجع التي يعتمدها الرئيس ساركوزي لتأسيس هذاالاتحاد و الظروف الدولية المحيطة بالمشروع الطموح. و من أبرز المراجع التقريرالذي أعدته بطلب من الرئيس ساركوزي كوكبة من الدبلوماسيين و المنظرين و المفكرينالفرنسيين لهذا الغرض وهو يحمل عنوان ( تقرير ابن سينا ) على اسم الفيلسوف الطبيبالمسلم. و التقرير وثيقة ضرورية لفهم الغايات التي يرمي الى تحقيقها الرئيسالفرنسي الجديد الذي باشر الاصلاحات الجذرية الجريئة في كل مجالات الحياة فيبلاده.

يبدأ التقرير باستعراض العلاقاتالفرنسية المتوسطية أي في الحقيقة علاقات باريس التقليدية مع بلدان المغرب العربي: تونس و الجزائر و المغرب، نزولا الى مصر وتركيا كشركاء لبلدان ساحل البحر فيالشمال أو في الشرق أي فرنسا و ايطاليا وأسبانيا و اليونان و مالطا و قبرص. و فيالأسبوع الماضي تكلم وزير خارجية البرتغال السيد لويس أمادو عن تحمس بلادهللانضمام الى هذا الاتحاد، رغم أن البرتغال لا تقع على ضفة المتوسط، لكنه يطالببادراج موضوع الاتحاد المتوسطي في جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية للمنتدىالمتوسطي الذي يجتمع هذا الأسبوع في جزيرة كريت اليونانية. و يمضي التقرير فيتقييم العلاقات الفرنسية المغاربية فيؤكد على طابعها التاريخي و لكنه يعترف بأنسياسات باريس لم تكن دائما مستقرة الأهداف و منطقية الخيارات باتجاة المغربالعربي، و كذلك الأمر باتجاه أزمات المشرق العربي، مما جعل أبواب هذه الأقاليمتنفتح تدريجيا على القوى الأخرى الطموحة للحضور فيها مثل الولايات المتحدة و لكنأيضا الصين و روسيا.

و يقول التقرير بأن هذه العلاقات لمتبلغ مستوى المخاطر المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط و التي تهدد فرنسا و أوروبا اذاما تم اهمالها. فبلدان المغرب العربي تونس و الجزائر و المغرب تستدعي نفسهاباستمرار في كل حوار فرنسي داخلي حول ملفات الهجرة و الأمن و اندماج المقيمين والعلمانية و مكافحة الارهاب، و يقترح التقرير مضاعفة الجهد الفرنسي باتجاه هذهالبلدان الثلاثة حتى يرقى الى سياسة منهجية و مستديمة للشراكة في التنمية والتنسيق على كل الأصعدة. و يلفت التقرير النظر الى تعطل اتحاد المغرب العربي وأسبابه المعروفة. و هنا أستسمح القراء الكرام أن أنقل بعض تعاليق صحيفة تونسية علىمحتوى التقرير لأنه يشكل رؤية موضوعية للمحاور المطروحة ، فقد كتب الزميل المحترمرضا الكافي في يومية (لوتون) التونسية بتاريخ 31 مايو 2007 بأن التقرير دعاالحكومة الفرنسية الى دعم حوارها مع المجتمعات المدنية في بلدان جنوب المتوسط ودعم علاقاتها واتصالاتها بالقوى الحية في هذه البلدان دون الوقوع في مطبات الضغطالأحادي على السلطات فيها، و هنا يقول السيد رضا الكافي نقلا عن التقرير بأنالسؤال الجوهري يصبح: هل تشمل الديمقراطية الاسلاميين ؟ و يقترح كتاب التقريرمعالجة هذه الاشكالية بمواصلة الحوار مع المعتدلين الرافضين للعنف حتى تجد سلطاتهذه البلدان صيغا مقبولة و عملية لتجاوز هذه الحالات المنغلقة الراهنة و المختلفةمن بلاد الى بلاد حسب اعتدال مخاطبيها الاسلاميين و مدى اعتراف السلطات بهم أوتهميشهم.

و تجدر الاشارة الى أن لجنة تفكير انشأتفي تونس و افتتح أعمالها وزير الخارجية التونسي حول اعداد تصورات و رؤى للتعاون والشراكة بين ضفتي البحر المتوسط، وهو عمل سياسي ضروري حتى ندخل كعرب نحتل جنوبالبحر و غربه منذ عشرات القرون أي منظومة من صنف هذا الاتحاد المتوسطي، و كنت أودلو اتسعت هذه اللجنة التونسية لتشمل الاخوة الجزائريين و المغاربة و المصريينوالأتراك في مرحلة قادمة حتى يقع التنسيق بين شعوبنا و حكوماتنا استعدادا لحمايةمصالحنا ضمن أي اتحاد يقترح علينا، و السبب بسيط فالاتحاد الأوروبي الذي ينويادماجنا في منظومة متوسطية يتشكل من دول أعضاء فيه قبلت بالتخلي عن أجزاء منسيادتها لفائدة الاتحاد الأوروبي و لا يتخذ أي قرار يعنيها سوى بالأكثريةالديمقراطية، فدول الشمال سبقتنا في هذا المجال بأشواط، و لا بد أن نبدأ نحنبتجاوز انقساماتنا و حل معضلاتنا لنقف أمامها صفا قويا و قلعة حصينة.

 

(*) كاتب وسياسي من تونس

 

(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية –قطر) الصادرة يوم 6 جوان 2007)

 


سُـورية وإسـرائيل
محمد كريشان

 

المباحثات الإستراتيجيةالتي يشرع فيها بداية من اليوم في واشنطن شاؤول موفاز رئيس الأركان الإسرائيليالسابق ووزير النقل الحالي ونائب رئيس الوزراء قد تعني، وهي التي تتركز بالأساسحول إيران وسورية، أن حكومة أولمرت أصبحت راغبة أكثر من أي وقت مضي في معرفة حقيقةالموقف الأمريكي من إمكانية قيام حوار مع دمشق سواء كان سريا، وهو ما تفضله، أوعلنيا في ضوء تزايد ما اعتبر مؤشرات إيجابية في هذا الاتجاه من قبل دمشق.

 

وبغض النظر عن مدي جديةالحكومة الإسرائيلية في فتح قناة حوار حقيقي مع سورية يؤدي في النهاية إلي نتائجعملية واضحة، فإن قرار البدء في هكذا حوار من عدمه يوجد في واشنطن وليس تل أبيب،فقد سبق أن نهرت الإدارة الأمريكية حليفتها المدللة من احتمال الإقدام علي هذاالخيار دون العودة إليها لأنه مهما بدا هذا الموضوع شأنا إسرائيليا ـ سوريا ثنائياإلا أن الاستمرار في التصدي له أو بالعكس الدفع باتجاهه يستلزم ضوءا أخضر أمريكيابلا جدال، إذ لا يمكن عزل الخيار الأول أو الثاني عن طبيعة العلاقة الأمريكيةالسورية إحتقانا أو انفراجا. وطالما أنه من الصعب علي الإدارة الأمريكية الآن أنتشرع في نفس الوقت وبالتوازي في حوار مع إيران حول العراق وآخر مماثل مع سورية عننفس الموضوع، فإنها قد لا تكون ما زالت عند عنادها الأول في الرفض القاطع في إعادةمد جسور الحوار مع سورية ولكن، عن طريق إسرائيل هذه المرة، حتي لا تبدو واشنطن فيشكل من اضطره مأزقها الدموي في العراق علي أن تجثم صاغرة علي كلتا ركبتيها مع منتتهمهما معا بتعميق هذا المأزق، ولهذا فهي تفضل حوارا مباشرا مع طهران يزعم أنه لايتطرق سوي للملف العراقي وآخر غير مباشر مع دمشق تنوبه عنها إسرائيل في عملية جسنبض أقرب منها لشيء آخر بعد أكثر من سبع سنوات من القطيعة المعلنة في حوارات دمشقوإسرائيل منذ فشل اللقاء الشهير بين الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون والرئيسالراحل حافظ الأسد عام 2000 بجنيف.

 

ولكن مثل هذا التوجه لايبدو محسوما بالكامل سواء في الولايات المتحدة أو إسرائيل فصناع القرار في الإدارةالأمريكية لم يجمعوا بعد علي رأي واحد تجاه أفضل الوسائل للتعامل مع الرئيس بشارالأسد، تماما كما هو الشأن في إسرائيل حيث ما زالت الطبقة السياسية تتجادل حول الأمر بين مشجع ومثبط فيضوء انتظار ما ستوصي به الأجهزة الأمنية والاستخبارية في هذا الشأن في الاجتماعالذي سيعقد هذا الأسبوع للمجلس الوزاري الأمني المصغر. أما سورية فهي علي الأرجحترصد هذا وذاك دون أن تكون مجبرة علي الإعلان بالضرورة عن موقف واضح في المسألة طالما أن لا أحد حزمأمره تماما في واشنطن أو تل أبيب ولكنها في المقابل ما فتئت تعبر وتكرر في مناسباتمختلفة، ومن خلال الإعلام الرسمي الذي يزن كل كلمة يقولها، موقفها الرسمي المعروفمن أنها لا تري مانعا في عودة الحوار مع إسرائيل شريطة أن يكون ذلك علي أسس واضحةتعتمد الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام مع ما يعنيه ذلك من عودة الجولانالمحتل كاملا غير منقوص.

 

وإذا ما تركنا أحيانا ماينشر في إسرائيل، هنا وهناك، عن ارتفاع جهوزية الجيش السوري ونوعية تسليحه، فيرسائل ابتزاز أو تهديد واضحة، فإن عددا من المراقبين لا يستبعدون أن تقدم سوريةعلي خطوات مراجعة نوعية ومدروسة بعناية في مجالات علاقاتها الإستراتيجية مع إيرانوالمضطربة مع لبنان مع تأييدها المعروف لـ حزب الله والمتحالفين معه وسط سيفالحكمة الدولية المشهور في وجهها، شريطة أن تدرك دمشق بالملموس، وليس بالوعودالمهزوزة، أن صفقة تاريخية وخطيرة من هذا القبيل لها ثمنها المغري والمدفوع كاملاوهو ما لا يبدو أن الولايات المتحدة أو إسرائيل جاهزان له الآن، مما يرجح أن تدورأي مباحثات مقبلة محتملة بين سورية وإسرائيل في ذات الحلقة المفرغة التي يعرفهاالجانبان جيدا ولكنهما يستفيدان منها معا: سورية لتخفيف الضغط الدولي والأمريكيعليها في مجال العراق ولبنان، أما إسرائيل فللتفرغ بالكامل للفلسطينيين مع الإحساسبأن سورية لن تقدم علي أي عمل متهور طالما المباحثات معها جارية حتي وإن كانت عليلا شيء.

 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي »(يومية – لندن) الصادرة يوم 6 جوان 2007)

هؤلاءالشيوخ العظام.. وفتاواهم المدهشة

 بقلم  د.جلال أمين   

في أسبوع واحد سمعنا عن فتويينمدهشتين في موضوعين أعجب وأغرب، والفتويان صادرتان عن شخصين يحتلان مركزين رفيعين،أحدهما رئيس قسم الحديث بجامعة الأزهر، والآخر مفتي الجمهورية. أما رئيس قسم الحديث فكان الموضوع الذي تكلم فيه هو إرضاع الكبار، أي قيام امرأةلديها قدرة علي الإرضاع، بتسليم ثديها لرجل، لا لطفل رضيع، وضرب مثلا لذلك بقيامامرأة عاملة بإرضاع زميل لها في العمل في غرفة مغلقة، وأما الثاني، مفتيالجمهورية، فكان أن سئل عن جواز التمسح بقبر رجل صالح، كالحسين بن علي، طلباللبركة، فقال المفتي: إن هذا جائز بدليل قيام الصحابة بشرب بول النبي للتبرك أيضا. سمعنا الفتويين، فأصيب الجميع بدهشة لا مثيل لها، وضحك البعض من فرط غرابتهما،ورفض آخرون أن يصدقوا أن يكون هذا الكلام قد قيل بالفعل. فلما أتيح للبعض فرصةالتعليق، قال أحدهم وهو الشيخ يوسف القرضاوي أثناء حضوره مؤتمرا بالكويت، إن مثلهذه الفتاوي التي صدرت مؤخرا في مصر، إنما تصدر ممن سماهم «علماء السلطة» أو«مشايخ عملاء الشرطة»، قاصدا فيما يظهر أن أصحاب هذه الفتاوي يعملون في خدمةالسلطة ويصدرون فتاواهم وفقا لما يريد الممسكون بالسلطة سماعه.  وقد أغضب تصريح الشيخ القرضاوي مفتي الجمهورية المصرية، صاحب الفتويالثانية، وكان حاضرا في المؤتمر نفسه فقال إنما كان يجتهد برأيه، ثم اقتطف – وفقالما نشرته الصحف- القول المأثور إنه «من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأفله أجر واحد» أي أنه فسر هذا القول بأنه لا غضاضة في إدلاء المرء برأيه، أيا كانهذا الرأي، أي حتي ولو كان من النوع المدهش الذي ذكرته حالا. علق آخرون -ومنهم وزير الثقافة المصري- علي مثل هذه الفتوي، فأشاروا إلي الشبهبينها وبين فتاوي بعض رجال الدين المسيحي في أوروبا في العصور الوسطي، من حيثبعدها عن العقلانية، وعن أي مشكلة حقيقية من المشاكل التي يعاني منها الناس. الاتهامان في رأيي صحيحان تماما، فهؤلاء الشيوخ كثيرا ما يصدرون فتاوي، الغرض منهاخدمة السطان، من أمثال فتوي شيخ الأزهر قبيل الاستفتاء الأخير علي التعديلاتالدستورية، حيث أصدر فتوي تدين الممتنع عن الذهاب إلي الاستفتاء، واصفا هذاالممتنع بأنه «آثم قلبه»، وكانت السلطة تريد بالفعل أن يذهب أكبر عدد ممكن منالناس إلي صناديق الاستفتاء، اطمئنانا منها إلي أن النتيجة التي سوف تعلن فيالنهاية هي نتيجة معدة سلفا، والمهم أن يظهر الناس وكأنهم مهتمون بالاستفتاء، ولمييأسوا يأسا تاما من النظام بأسره. ولاشك أيضا أن هاتين الفتويين الأخيرتين لابد أن تصدما أي شخص عاقل، سواء بالموضوعالذي تتناوله كل منهما أو بالرأي الذي تضمنته الفتويان، ومع هذا فقد شعرت بأن هناكشيئا آخر «وربما هو الأهم» غير تملق السلطة، وغير اللاعقلانية، يكمن وراء كثير منالفتاوي الحديثة التي تصدر عن كبار رجال الدين في مصر، وهو المناخ النفسي السائدفي مصر الآن، وأنه هو الذي سمح بصدور مثل هذه الفتاوي من رجلين في منصبين رفيعيالمستوي، والذي جعل ردود الفعل -علي الأقل من جانب المسؤولين عن حماية الدينالإسلامي وصيانته من العبث- بهذه الدرجة من الضعف. نعم، لقد قام شيخ الأزهر بفصل صاحب الفتوي الأولي، ولكني لم أسمع أو أقرأ أي تأنيبأو توبيخ من رجل مسؤول لصاحب الفتوي الثانية، ولم أسمع أو أقرأ أي تعليق أو تصريحمن شيخ الأزهر يعبر فيه عن رأيه في الموضوعين اللذين دارت حولهما الفتويان، وعنرأيه في صدورهما أصلا، وفيما تدل عليه هذه الفتاوي من تدهور، وعما ينوي عمله لوضعحد لتكرار صدور أمثالهما في المستقبل، لم أسمع أيضا عن رد فعل من أي من المسؤولين،من قريب أو بعيد عن المؤسسة الدينية في مصر، كوزير الأوقاف مثلا أو رئيس الوزراء،  مع أن الأمر في رأيي من الخطورة بحيث يستدعي مثل هذا التدخل، ولا سمعنا عنالدعوة إلي ندوات أو مؤتمرات لمناقشة الأمر، والذين كتبوا في الموضوع في الصحفوالمجلات كلهم -في حدود علمي- من غير رجال الدين المسؤولين عن حمايته وصيانته، بلممن يسمون «العلمانيين» الذين يكتبون عادة في أمور أخري غير أمور الدين. الأمر علي درجة عالية من الخطورة، لعدة أسباب، منها ما يتعلق بأثره علي الحالةالثقافية بوجه عام، وبشغل الناس عن مشاكلهم الحقيقية بأمور لا يمكن أن يتصور أنتكون لها منفعة في الحاضر أو المستقبل، ولكن منها أيضا ما يتعلق بالإساءة إليالدين الإسلامي نفسه. لقد غضبنا غضبا شديدا عندما سمعنا عن الرسومات الدنماركيةالتي تسيء إلي نبي الإسلام، إذ أظهرته -صلي الله عليه وسلم- في صورة الإرهابي الذييحمل قنبلة،  ولكن الفتويين الأخيرتين تسيئان إلي سمعة الإسلام ونبيه، أكثر مما تسيءإليها الرسومات الدنماركية، فهذه الرسومات في نهاية الأمر صادرة عن شخص غير مسلم،تبين أن له أهدافا مبيتة للإساءة إلي الإسلام، كما تبين أن له علاقات قوية معأفراد وهيئات خارجية تستفيد من هذه الإساءة، ومن ثم فإن توضيح هذه الأهداف وهذهالعلاقات قد يكفي للقضاء علي الأثر السيئ الذي تلحقه هذه الرسومات بصورة «الإسلامفي أذهان الناس»، ولكن ما العمل عندما تأتي الإساءة إلي صورة الإسلام من رئيس قسم الحديث في جامعةالأزهر ومن مفتي الجمهورية؟ وما العمل عندما يسكت شيخ الأزهر علي فتوي الثاني، ولايوضح لنا بالضبط ما أغضبه في فتوي الأول، أو ما الذي ينوي عمله لمنع تكرار مثل هذهالفتوي الأولي أو الثانية؟ وما العمل عندما نجد سكوتا مطبقا من جانب كتاب كبار منالمتخصصين في الشؤون الإسلامية، لهم في كل مسألة رأي، وفي كل ندوة حديث، ولكنهم لميهبوا غاضبين لهذه الإساءة الأخيرة للإسلام؟  ولكن فلنعد إلي التساؤل عن المناخ الاجتماعي أو النفسي الذي يمكن أن يكونمسؤولا عن صدور أمثال هذه الفتاوي. إننا لم نسمع مثلا أن الشيخ حسن البنا تكلم عنمثل هذه الأمور، أو عبر عن مثل هذه الآراء، بل ولا حتي سمعنا الشيخ متولي الشعراوي«بعد الشيخ البنا بنحو نصف قرن» يثير مسائل بعيدة إلي هذا الحد عن مشكلات الواقع.لابد أنه قد حدث شيء في العشرين سنة الماضية، التالية لفترة ازدهار الشيخالشعراوي، أحدث تغيراً في المناخ العام في مصر، تغيراً سمح بدوره بوجود هذهالظاهرة التي نتكلم عنها. هل يمكن أن يكون السبب هو ما طرأ من تغير علي نوع الأشخاص الذين يحتلون أعلي مناصبالمؤسسة الدينية في مصر؟ إذ يلاحظ أن هؤلاء لم يصبحوا فقط أكثر استعدادا لمسايرةالحكام، والرضوخ لرغبات قوي خارجية فيما يتعلق بإدارة التعليم الديني في مصروتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولكنهم أظهروا أيضا تعالياً ملحوظاً علي الناس، وغلظةواضحة في معاملة منتقديهم إلي حد استخدامهم في الرد علي هؤلاء المنتقدين ألفاظاً،يأنف كثير من الناس العاديين من استخدامها. فما سر هذه الجرأة التي بدت فجأة علي كبار رجال المؤسسة الدينية في مواقفهمالسياسية ومعاملتهم لمعارضيهم علي السواء؟ هل رأوا تجرؤ رجال الحكم في مصر، الذيتجاوز الحد في العشر أو العشرين سنة الأخيرة، واستهانتهم بالرأي العام وطريقتهم فيمعاملة معارضيهم، فلم يجدوا بأسا من أن يفعلوا الشيء نفسه؟ أم أن الأهم من هذا ماطرأ علي الرأي العام المصري نفسه من تغير، وما أصبحت عليه أحوال الناس بحيث لم يعديؤثر فيهم ضرب السياط ولا فتاوي من هذا النوع؟ لتوضيح هذا التغير الذي أزعم حدوثه في الرأي العام المصري، فلنسأل عما إذا كان منالمتصور مثلاً أن يخرج أي شخص «سواء كان رئيس قسم الحديث بالأزهر أو لم يكن فيكمالناس عن جواز إرضاع المرأة زميلها في العمل، أو أن يخرج آخر «سواء كان مفتيالجمهورية أو غيره» ليقول علي الملأ إن من الصحابة من كان يشرب بول النبي.. هل كان من المتصور حدوث هذا في حياة عباس العقاد مثلا، صاحب عبقرية محمد وعبقريةالصديق وعبقرية عمر؟ وهل كان يمكن لمن كانوا يقرأون مثل هذه الكتب أن يسكتوا عليمثل هذه الفتاوي؟ أم أن الناس قد هانت عليهم أنفسهم بسبب ما يلاقونه في حياتهماليومية من ظلم وعذاب،  فأصبحوا يقولون لأنفسهم إن كل شيء فيما يظهر قد أصبح جائزا وممكنا، وأن منالممكن أن نتصور أن يحدث هذا الذي قال به أستاذ الحديث في مكان العمل، وأن يطوفأذهان الصحابة مثل هذا الخاطر الذي قال به المفتي، وأن يقبل الرسول منهم هذاالعمل؟ المسألة الوحيدة التي يمكن أن يثور حولها الخلاف الآن فيما يظهر، هي ما إذاكان لمن يفتي بمثل هذا الكلام أجر واحد أم أجران.

 

(المصدر: صحيفة »المصري اليوم »  بتاريخ 5 جوان 2007)


الديمقراطيونالعرب أضحوا أكثر تواضعا.. لكنهم لم يفقدوا الأمل

مراسلة خاصة بسويس إنفو – الدوحة

هل يمكن أن تنجح قَـطَـر فيما فشلت فيه أمريكا والدول الغربية، وهل ستتمكّـن »المؤسسة العربية للديمقراطية »، التي أعلنت سمو الشيخة موزة بنت ناصرالمسند، حرم أمير دولة قطر عن ميلادها، من أن تخفِّـف من حدَّة الأزمة التيتُـعاني منها الآلاف من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية بالدول العربية؟ كان ذلكآخر محاولات الديمقراطيين العرب لتجاوز حالة الإحباط، التي يواجهونها، بعد أنظنُّـوا بأن الانتقال السلمي نحو الديمقراطية، سيناريو ممكن في العالم العربي. كانت الجلسة الأولى « للملتقى الثاني للديمقراطية والإصلاح في العالمالعربي »، الذي احتضنته العاصمة القطرية الدوحة ما بين 27 و29 مايو 2007،مثيرة ومربِـكة في الآن نفسه.

جلسة جمعَـت ضيفي شرف إعل ولد محمد فال، الرئيس الموريتاني السابق، وإلى جانبهالرئيس السوداني الأسبق الجنرال سوار الذهب، لقد تمّـت دعوتهما، باعتبارهما رمزاللتخلي طواعية عن الحكم، ونقل السلطة من العسكر إلى المدنيين وفتحا بذلك مجالاللشروع في تأسيس تجربة ديمقراطية ببلديهما السودان وموريتانيا.

لقد صفّـق المشاركون لهم كثيرا، لأنهما تنازلا عن السلطة طوعا وليس كُـرها. كانتلحظة مؤثرة، لكنها مربِـكة، إذ الرجلان هما في النهاية قادة عسكريون، وبالتالي،فإن تكريمهما قد يحمل رسالة مُـزدوجة، في وجه منها دعوة للحكام العرب لكي يقاومواغريزة التمسُّـك بالسلطة إلى آخر يوم في حياتهم، لكن في الوجه الآخر، هل يمكن أنيذهب الظن بالبَـعض إلى الاعتقاد بأن العسكر قد يكونون الملجأ الأخير لتغييرالأوضاع في العالم العربي، بعد أن فشلت بقية الوسائل السلمية؟ وهناك من ذكر في هذا السياق بما حدث في البرتغال، حين وضع الجيش حدّا لحِـقبةٍسوداء من تاريخ الاستبداد وقيام ثورة القرنفل، التي كانت تسربت لها تداعياتها إلىإسبانيا وبلغت آثارها اليونان، مدشِّـنة بذلك الموجة الثالثة من الديمقراطية فيالعالم، حسبما أوضحه الدكتور سعد الدين إبراهيم في إحدى تعقيباته. ولعل كلمة ولد محمد فال قد رفعت شيئا من الالتباس، عندما ختم مداخلته بقوله أن « تجربتنالا تعدو أنها حلا موريتانيا لمشكلة موريتانية، ولا نسعى من خلالها إلى أن نكوننموذجا أو نُـعطي دروسا لأيٍّ كان، فلكل بلد ظروفه وخصوصيته، وأيضا حلولهالمناسبة ».

لا ديمقراطية بدونأحزاب…

كشفت أعمال اللِّـجان، التي انبثقت عن أشغال الملتقى الثاني للديمقراطية، عن وجودنزعة مُـراجعةٍ لدى عددٍ واسع من نشطاء المجتمع المدني العربي، واستعدادهم لممارسةالنقد الذاتي. ففي لجنة « المجتمع المدني والأحزاب السياسية »، تمَّ الإقرار بضُـعفالقوى المدنية من جمعيات وأحزاب ومحدودية تأثيرها على الواقع السياسي، وذهب البعضإلى حدِّ التشكيك في وجود مُـجتمعات مدنية عربية. وقيل بأن « مسؤولية الدولة عن إضعاف المنظمات غير الحكومية، لا تقل أهمية عنمسؤولية أعضاء المجتمع المدني أنفسهم »، ووجِّـهت لبعض المنتسبين إلى هذاالمجال، انتقادات لاذعة تتعلَّـق بسلوكهم الاحتكاري وعدم الشفافية و »تحويلبعض المنظمات إلى أشبه بالدّكاكين، لتحقيق مصالح شخصية ». كما شكَّـك المشاركون في مِـصداقية واستقلالية الكثير من الجمعيات، التي تتخذ طابعالمنظمات غير الحكومية، في حين أنها تابعة للسلطة أو لأحزاب سياسية. أما بالنسبة للأحزاب العربية، فقد اتَّـهمت بالنُّـخبوية والطائفية في عديد الدول،مثل لبنان والعراق، واعتُـبرت أحزابا بدون برامج وبعضها « اصطنعتهالأنظمة »، للترويج لتعدّدية مغشوشة.

كما اتهم الكثير منها، بأنه فاقِـد للديمقراطية الداخلية ولا يعرف التداول علىالمسؤوليات، ويعيش في قطيعة عن المحيط وعن الجماهير. ومع ذلك، يعتقد المشاركونبأنه لا ديمقراطية بدون أحزاب قوية ومجتمع مدني فاعل. ويظل السؤال المطروح هو: كيفيُـمكن أن يتجسَّـد ذلك على ارض الواقع؟

إشكاليات عامة

خلافا لبقية اللِّـجان التي انبَـثقت عن المؤتمر، وخروجا عن العادة، تجنَّـبت لجنةالعلاقات الخارجية وضع توصيات للجلسة العامة واكتفت بوضع إشكاليات عامة، ولعل ذلكيعكس بُـعدا أساسيا في الحِـيرة التي تسود أوساط الديمقراطيين العرب. فدور العامل الخارجي في إحداث التغييرات الكُـبرى ليس بِـدعة، خاصّـة في منطقة مثلالشرق الأوسط، حيث « جعلها موقعها الاستراتيجي بين 3 قارات، هدفا للقوىالعُـظمى في العالم وأصبحت طوال القَـرنين المُـنصرمين، واقعة تحت هيمنة القوىالسياسية الكبرى أكثر من أي منطقة أخرى في العالم، ولهذا، لا يمكن لأي طرف يرغب فيدفع الأوضاع المحلية نحو هدف ما، دون ربط العامل الخارجي بالعامل الداخلي، مع محاولةالمحافظة على استقلاليته النسبية والسعي لتغليب المصالح الوطنية على الأطماعالدولية.

ومن الإشكاليات التي طرحتها هذه اللجنة، معضلة المشروطية، أي ربط التعاون بالإصلاحالسياسي. فالأنظمة القائمة لا تغيِّـر من سياساتها إلا تحت الضغط، وهذا الضغط، إماأن يكون داخليا أو خارجيا. ونظرا لضُـعف القوى المحلية المطالبة بالتغيير، فقد اتَّـجهت الأنظار إلى الدولالكبرى، التي تستند عليها الأنظمة العربية المستبدّة للاستمرار في الحكم. وهنا يطرح السؤال: هل الأوساط الديمقراطية مستعدّة لمطالبة الدول الغربية، وفيمقدمتها أمريكا ودول أوروبا الأساسية، بربط المساعدات التي تقدّمها للدول العربية،بانتهاج هذه الأخيرة سياسات إصلاحية جادة؟ هنا ينشأ الخِـلاف وتتباين الآراءوتنتقل الأزمة إلى الصف الديمقراطي؟

الإصلاح العربي.. مسألةداخلية

أما الإشكالية الثانية، التي طرحتها اللجنة، فتخُـص مدى استمرارية الدول الكُـبرى،ذات التأثير على المِـنطقة، في اهتمامها بقضية الإصلاح أم أن الذي يحكم سياستها،هو منطق مصالح اللحظة الراهنة، وهنا أيضا تأتي الوقائع لتربك الأوساط الديمقراطية،والتي تثبت أن الحسابات الصغيرة لا تزال تطغى على سياسات الدول الغربية، حيث تبدووكأنها متوجِّـسة من التغيير الديمقراطي المحتمل، الذي قد يأتي بقوى سياسيةواجتماعية غير مرغوب فيها، ومن هنا، سيطرت حالة التردّد والتراجع وتغليب موقفالمحافظة على الموجود، خاصة بعد الدّرس القاسي للمثال العراقي. يضاف إلى ذلك، ما لاحظته اللجنة أيضا من طُـغيان البيروقراطية في تعامل المؤسساتالأمريكية والأوروبية مع مسألة الإصلاح، وعدم وجود تواصل قوي وجادّ مع منظماتالمجتمع المدني في دول المنطقة.

كل تلك التساؤلات كانت حاضرة في الأذهان عند صياغة البيان الختامي، الذي أكّـد فيهالمجتمعون على أن عملية الإصلاح في العالم العربي « مسألة داخلية تقوم علىالتراضي الوطني، الذي يبني على مشاركة كل الفعاليات الوطنية الحكومية وغيرالحكومية ». لم يعد خافِـيا أن إشكالية التمويل تُـمثل إحدى المعضلات، التي تواجهها الكثير منمنظمات المجتمع المدني في العالم العربي. فبدون مال، لا تستطيع هذه المنظمات أنتعيش، وكثير من الحكومات تحتكر المال العام ولا تُـنفقه إلا على الجمعيات المواليةلها، أما إذا استعانت إحدى هذه الجمعيات المختصة بالمجال الديمقراطي وحقوق الإنسانبإحدى مصادر التمويل الأجنبية، فقد تُـتهم بالعمالة لهذه الدولة الغربية أو لتلك.

اختراق محتمل.. رغمالتراجع والتصلب!

فهل يُـمكن أن تكون « المؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني »، التي ولدتفي قَـطر وبرعاية من الشيخة موزة، حلاّ لهذه الإشكالية؟ إذ يُـمكن أن يقال بأنالحكومة القطرية، التي تبرّعت بعشرة ملايين دولار لهذه المؤسسة، ليست لها أطماع،مثلما هو الشأن بالنسبة للحكومات الغربية، وإذ لم يصدر حتى الآن رد فعل من أي نظامعربي، لكن عواصم عربية عديدة تتعامل بحساسية شديدة مع النظام القطري، ولهذا، لايُـعرف إن كانت بعض الحكومات ستغُـض الطرف أم أنها ستعترض على أي دعم يقدّم لإحدى منظماتهاالمحلية غير المرغوب فيها؟

هذا الأمر، يُـدركه القطريون جيدا، وهو ما جعلهم حذِرين في هذا المجال، فلميوكِـلوا مسؤولية إدارة هذا الصندوق لشخصية غير قطرية، رغم أنهم عيَّـنوا فيهيئتها شخصيات عربية وعالمية من الحجم الثقيل، مثل السيدة ماري روبنسن، رئيسة وزراءإرلندا والسيد يوريكا فيشر، وزير خارجية ألمانيا السابق، ووزيرة التجارة الدوليةوشؤون أوروبا في الحكومة الإيطالية، والرئيس الموريتاني السابق علي ولد محمد فال،ورئيس وزراء لبنان الأسبق سليم الحص، إلى جانب د محمد عابد الجابري، والدكتور عزميبشارة.

وبقطع النظر عن نوعية ردود الفعل المحتملة، فقد سبق أن دفعت القناة الفضائية »الجزيرة » معظم حكومات المنطقة إلى تغيير تعامُـلها مع إعلامها المحلي،مما وفَّـر فُـرصة لرفع سقف حرية التعبير في عديد من الدول العربية. فهل يُـمكن افتراض أن تتكرّر التجربة مع المؤسسة العربية للديمقراطية، فتُـحدِثنفس الضغط المعنوي وتقوم بعض الحكومات بتعديل علاقاتها مع أحزابها وجمعياته، بأنترفع عنها الحظر وتفتح أمامها الحق في التمويل العمومي! اختراق مُـحتمل، رغم حالةالتراجع واستمرار التصلب.

(المصدر: موقع سويسإنفو (سويسرا) بتاريخ 5 جوان 2007)


أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.