الأربعاء، 2 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2535 du 02.05.2007
 archives : www.tunisnews.net
 


عريضة – تضامنا مع الصحفي محمد فوراتي لجنة مساندة محمد فوراتي: دعوة لإلغاء الحكم الجائر ضد الصحفي محمد فوراتي الجامعة العامة التونسية للشغل: بيان عيد الشغل العالمي البديـل عاجل: احتفالات غرة ماي في تونس مكتوب: تونس – العفو الدولية تحتج على منع نشاطاتها و على الإفلات من العقاب رويترز: حزن يخيم على تونس لمقتل 7 في تدافع أثناء حفل ستار أكاديمي الصباح:تفاصيل عن مأساة التدافع خلال حفل «ستار أكاديمي» بصفاقس: وفاة 6 فتيات وطفل.. إضافة إلى عدد من الجرحى أخبار سبتمبر: حفل لنجوم ستار أكاديمي بتونس يتحول إلى مأتم بعد مقتل سبعة واصابة 32 محمد  العروسي الهاني:  مكاسب الشغالين في عيدهم العالمي الهادي بريك: الكلمة أصدق إنباءا من السيف وفي حدها الحد بين الحق والزيف صابر التـّونسي:ســواك حـار (28) حبيب الرباعي: خطابنا السياسي بحاجة إلى مراجعات آمال الرباعي: لا صمت بعد اليوم!!!!!!!!! د. محمد الهاشمي الحامدي: سيرة العباس وسيرة ابنه حبر الأمة رضي الله عنهما جمال الدين احمد الفرحاوي: إرحل أيها الصنم توفيق المديني: شمال افريقيا القاعدة الخلفية لحرب «القاعدة» خالد شوكات: وجهة نظر السينما حول ثلاثية القضايا العربية: الحرب والإرهاب والحداثة عادل الحامدي: كتاب الاستمتاع باستمرار البشير ورحيل بلير زهير الخويلدي: مستقبل تركيا  على ضوء  الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين د. الضاوي خوالدية: الشيهم الإرهابي عمر أبو رصاع : أمة إقرأ: الأولي في الأمية!

فخري الوصيف: الدولة العربية: أزمة شرعية ــ والرَدّ الاسلامي للباحثة الاسبانية خيما مارتين مونيوث


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


تضامنا مع الصحفي محمد فوراتي

نحن صحفيون من مختلف المنابر، ومؤسسات إعلامية متنوعة، من عديد البلدان العربية والأوروبية، نتوجه بهذه العريضة للرأي العام الدولي والعالمي، للتعبير عن تضامننا المطلق مع زميلنا محمد فوراتي، الصحفي الحالي بجريدة الشرق القطرية، وسكرتير تحرير سابق لجريدة الموقف التونسية، وعضو هيئة تحرير مجلة أقلام أونلاين الإلكترونية، من أجل استرداد حقه المسلوب، على إثر محاكمة مصطنعة، تدلّ كل القرائن أنها ذات طابع سياسي، برّئته منها المحاكم عديد المرات، ونطالب السلطات المعنية بغلق ملف القضية، ورفع هذا الحيف، الذي يحرم الزميل من العودة إلى تونس لزيارة الأهل والعائلة، والكفّ عن توزيع التهم المجانية. كما أننا نغتنم مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، لنجدّد وقوفنا المبدئي والأخلاقي مع الزملاء: سامي الحاج مصوّر قناة الجزيرة، وتيسير علوني الصحفي بنفس القناة، والمناداة بإطلاق سراحهما، وسنظل متمسّكين يقينا وقناعة ومبدأ بالدفاع عن حرية الرأي والتعبير. الطاهر العبيدي الكاتب العام للجمعية الدولية للصحفيين الأفارقة بالمنفى  ملاحظات هامّة جدا * لكل الزميلات والزملاء الصحفيين، وكل الفعاليات الحقوقية والسياسية والشخصيات، الذين يرغبون التوقيع  على هذه العريضة، أن يراسلوا العنوان الإلكتروني التالي:   taharlabidi@free.fr * للعلم أن هذه العريضة ستنشر بالأسماء المساندة، الخميس القادم وشكرا مسبقا لكل المساندين.

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة

دعوة لإلغاء الحكم الجائر ضد الصحفي محمد فوراتي

 

بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة تدعو لجنة مساندة محمد فوراتي السلطات التونسية إلى إلغاء الحكم الجائر ضده و القاضي بسجنه لمدة سنة و الشهرين.

 

و للتذكير فان قضية الزميل محمد فوراتي الصحفي حاليا بجريدة الشرق القطرية و سكرتير تحرير الموقف سابق هي من اغرب القضايا ضد الصحفيين التونسيين فقد تم حشره في قضية على خلفية ضبط عددين من مجلة أقلام اولاين الالكترونية- التي يشغل الزميل فوراتي عضو أسرة تحريرها- عند موقوف على ذمة إحدى القضايا السياسية في مدينة قفصه مسقط رأس الزميل. و تعود أطوار القضية إلى سبع سنوات خلت

و قد برأته محكمة الاستئناف في مناسبتين من التهمتين الموجهتين إليه إلا إن القضية تم إرجاعه من التعقيب أكثر من مرة و هو ما اعتبره المحامون أمرا غريبا يؤشر على الأبعاد السياسية للحكم.

 

إن لجنة مساندة محمد فوراتي تناشد جميع الصحفيين التونسيين

 و المنظمات المهنية إلى مساندة زميلهم و الوقوف إلى جانبه حتى يتم إلغاء الحكم و يتمكن من العودة إلى تونس سالما و يلتحق بعائلته خاصة و انه رزق بمولده البكر منذ شهر و هو محروم من رؤيته.

 

و تعتبر اللجنة أن الحكم ضد فوراتي يستهدف جميع الصحفيين التونسيين و هو رسالة موجه إلى كل صحفي تونسي يتمسك باستقلاليته.

لجنة مساندة محمد فوراتي

 


 الجامعة العامة التونسية للشغل

« منظمة نقابية مختلفة بتونس ممكنة »

 

بيان عيد الشغل العالمي

 

تحتفل الطبقة الشغيلة في تونس وفي جميع أنحاء العالم بالدكرى 121 لعيد الشغل العالمي،

رمز التضحية والنضال ضد كل أشكال الاستغلال والاضطهاد والاقصاء من أجل التحرر والانعتاق و تحقيق مزيد من المكاسب الاجتماعية.

كما تحتفل الحركة النقابية في جميع بلدان العالم بهده الدكرى المجيدة بكل نخوة واعتزاز في ظل تحولات عميقة وسريعة  وشاملة تتطلب من تنظيماتها الوطنية والجهوية والدولية الاستجابة لطموحات عالم الشغل الذي تغير بصفة عميقة تحت تأثير هده التحولات وذلك بمراجعة سياساتها وأشكال تنظيمها لمواجهة تحديات المحيط الجديد المتسم بالعولمة  الاقتصادية و خصوصا وجهها السلبي المتمثل في اختيارات التصرف النيوليبرالي الذي يميز الجدوى والمردودية  الاقتصادية على حساب التنمية البشرية.

ومن المظاهر السلبية لدلك  ، الخوصصة و تراجع دور الدولة ألتعديلي، و انتشار القطاع غير المنظم و بروز أشكال جديدة من التشغيل الهش، و تفاقم الفوارق الاجتماعية وازدياد الفقر وانتشارالفساد.

 ولقد انعكست التحولات الجارية بتونس على جميع المجالات بما في دلك  الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عبر (برنامج الإصلاح الهيكلي منذ سنة 1986، إمضاء  اتفاق ألغات في سنة  1994،وإمضاء اتفاق الشراكة مع الإتحاد الأوروبي سنة 1995والقاضي بإقامة منطقة للتبادل الحر على مدى 12 سنة) مما أدى إلى تغييرات نوعية  حيث تم الانقال من اقتصاد « مسير » إلى اقتصاد « السوق » وبدأت تونس الانخراط في طريق الليبرالية الاقتصادية وما ترتب عنها من تحول ارتكاز الاقتصاد على القطاع الخاص عوض القطاع العام ولقد ترتب عن ذلك تحولات في عديد المستويات بما في ذلك علاقات الشغل.

إن بلادنا تواجه اليوم جملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية في ظرف دولي صعب ومتقلب سمته الأساسية التنافس الشديد  و انتشار البطالة لاسيما لدى الشباب أصحاب الشهادات الجامعية، وإن الواجب يتطلب ايجاد آليات تمكن من خلق مواطن شغل لائقة و تحقق التشغيل الكامل وارتفاع نسق النمو وتوزيع عادل لثمراته بمشاركة كل الفاعلين الاجتماعيين.

إن مواجهة هذا المسار وكسب رهاناته، هو أساسي للتمسك بشرعية الحركة النقابية كممثلة للأجراء ضمن الالتزام بثوابتها وقيمها وأهدافها الأساسية في مسار إعادة تأسيسها

وفي هدا الاطار يندرج تأسيس منظمة نقابية جديدة ومختلفة بتونس هي الجامعة العامة التونسية للشغل ضمن الاعتزاز والفخر بتجربة الحركة النقابية الوطنية بتونس بمختلف مراحلها ورموزها ( محمد علي الحامي والطاهر الحداد و بلقاسم القناوي وفرحات حشاد..) وثوابتها وتحيينها عبر:

* الربط الخلاق بين الأبعاد الاجتماعية والوطنية والأممية للحركة النقابية وعدم الخلط بين الحقل النقابي والحقل السياسي مع إدراك العلاقة الجدلية بينهم،

* الدفاع عن الحقوق الأساسية للعمال والحقوق النقابية  المضمنة في الاتفاقيات الدولية لمنظمة الشغل العالمية وحق المشاركة في التحولات الاجتماعية،

* مساندة نضالات الشغيلة في تونس من أجل انجاز حقوقها المشروعة،

* المساهمة في بروز مجتمع تونسي متقدم، يكرس حق المواطنة ويضمن الحريات و يتمسك بالتوجه الحداثي وضرورة تطويره في مجال المساواة بين النساء والرجال برفض كل أشكال التمييز بين الجنسين، ويضمن حق المشاركة في الحياة العامة و تطوير الحياة السياسية  بما يكرس التعددية السياسية والاجتماعية و دولة القانون والمؤسسات و الفصل الفعلي للسلطات و نظام قضائي مستقل يعتمد الشفافية  وتنمية الحياة الجمعياتية في البلاد و  احترام لاستقلالية منظماتها، و الانصهار في مجتمع المعرفة أساس الحداثة والتقدم والاندماج في محيطه لمغاربي والعربي والإفريقي والمتوسطي والانفتاح على بقية العالم.

كما أن من أهداف الجامعة العامة التونسية للشغل النضال من أجل

* المساهمة في إعطاء دفع للبناء المغاربي والتأكيد على أهمية البعد الاجتماعي فيه ( الحقوق الاجتماعية الأساسية ، التماسك الاجتماعي، معايير العمل..)

* التضامن والتكامل العربي والإفريقي  ومساندة النضال الوطني العادل للشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية وحق تقريرا لمصير والتضامن مع الشعب العراقي ضد الإحتلال الأجنبي وضد الصراعات والمشاريع الطائفية

* النضال من أجل حق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض كل أشكال  الاستعمار والاستغلال و  النضال  من أجل عالم أفضل بالمساهمة عبرا لعمل النقابي الدولي والتعاون مع المنظمات الغير الحكومية والحركات الاجتماعية في عولمة الحقوق وخاصة حقوق الشغل والحقوق الاجتماعية والمدنية، والإدارة الديمقراطية للعولمة و دمقرطة المؤسسات المتعددة الأبعاد الدولية مع احترام القانون الدولي وتطلعات الشعوب من أجل السلام والعدالة وحقها في تقرير مصيرها ومقاومة كل أشكال الاستعمار والعنصرية.

 

وبمتاسبة عيد الشغل العالمي تتقدم الجامعة العامة التونسية للشغل بأحر التهاني إلى كافة

الشغالين والشغالات  بتونس  وإلى كافة العمال في جميع أنحاء العالم.

إن تواجدنا كمنظمة نقابيةأخرى ومختلفة الى جانب الإتحاد العام التونسي للشغل فخر للحركة النقابية التونسية ولاطاراتها المناضلة.

فالتعددية النقابية اليوم بتونس تكرس  حق الشغيلة في الانتماء للتنظيم النقابي الدي يتماشى مع مصالحها وطموحاتها وهي تمثل إفرازا للتناقضات ، من أجل التحرر من عديد العوائق نحو رؤى وتوجهات مستقبلية ديمقراطية وتحديثية ، وإننا نعني بالتعددية النقابية ممارسة فعلية وتنوعا حقيقيا وتعايشا مثمرا يؤسس لتقاليد ثقافة الحوار وحق الإختلاف والغيرة على الحس النقابي وحق التعبير للأفراد والمجموعات لإن جدلية الوحدة والصراع والتعاون مظهر حضاري يدفع بالبلاد نحو منظومة إجتماعية تقضي على الفكر التقليدي والأساليب الإقصائية التي تكرس الجمود والإحتقات.

لذلك فإن وجودنا في الساحة النقابية التونسية ناتج عن نضج تجربة الحركة النقابية بتونس وتمرس أطرها المناضلة . . 

ولن نفوت مناسبة عيد الشغل دون أن نجدد عزمنا على المضي قدما في بناء منظمتنا الجديدة والمختلفة دفاعاعن حقوق الشغيلة التونسية مع الأخذ بعين الإعتبار كافة التحولات العميقة والشاملة الحاصلة في بلادنا وفي محيطها الأقليمي والدولي مع الالتزام بتكريسأساليب عمل متطورة وبهيكلة عصرية وديمقراطية  طارحين برامج عمل ترتقي إلى مستوى طموحات كل الغيورين على الحس النقابي وعلى التقدم الإجتماعي في البلاد.

و دلك عبر تشريك فعلي وفاعل وجدي للشغيلة بمختلف شرائحها و نخص منهم بالدكر المرأة والشباب.

 

عاشت الشغيلة التونسية معززة مكرمة

عاشت الجامعة التونسية للشغل

تونس 1 ماي 2007


احتفالات غرة ماي في تونس

 

انتظم صبيحة أمس الثلاثاء غرة ماي 2007 ببورصة الشغل بتونس العاصمة تجمع جماهيري ضخم لإحياء عيد العمال العالمي أشرف عليه المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل. وكان الاتحاد الجهوي للشغل بتونس العاصمة نظم بالتنسيق مع المكتب الوطني للشباب العامل تظاهرة تنشيطية اشتملت على ورشة كبيرة للتصوير مفتوحة لأبناء النقابيين وعلى بث أغاني ملتزمة للشيخ إمام عيسى. افتتح التجمع السيد توفيق التواتي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بكلمة حماسية جاء فيها على معاني هذا اليوم ومعاني الاحتفال به مذكرا بشهداء الحركة النقابية التونسية وعلى رأسهم الزعيم النقابي فرحات حشاد، مؤكدا على ثوابت الحركة النقابية في الدفاع على الحريات العامة والفردية قائلا « ولولا هذه المنظمة لما كان أن يوجد القليل من الحريات في هذه البلاد ». وكان السيد التواتي عرّج على الوضع العربي في العراق وفلسطين وعلى المقاومة هناك وعلى ضرورة دعمها والوقوف إلى جانبها باعتبارها نبراس الأمل في المستقبل. وقد أكد السيد توفيق التواتي في ختام كلمته أن الاتحاد والنقابيين مستعدون للنضال في صف موحد ضد مشاريع تصفية الخدمات والصناديق الاجتماعية ومن أجل تحسين المقدرة الشرائية للعمال ثم أحال الكلمة للأمين العام السيد عبد السلام جراد. أمام عدد كبير من النقابيين والديمقراطيين والشباب الطلابي والعاطل عن العمل وفي جو ساخن من الشعارات حاول الأمين العام أن يعطي لخطابه نبرة تحريضية حول مجمل المحاور العامة التي عادة ما تثير حماس الحضور. وقد قاطعته جموع الحاضرين أكثر من مرة رافعين شعارات « بالروح بالدم نفديك الاتحاد » و »اتحاد مستقل والقواعد هي الكل » و »يا حكومة عار عار والأسعار شعلت نار » و »موش لأصحاب الملايين الاتحاد للشغالين » و »حريات سياسية لا إرهاب ولا فاشية »، وغيرها من الشعارات التي بدا واضحا أن القيادة النقابية استعدت جيدا لكي لا يقع رفعها وإحراجها لدى السلطة. وقد استقدمت القيادة مجموعات من ذوي السواعد المفتولة من قطاع النقل (القطاع الذي كان يعمل به السيد جراد) ومن مؤسسة سوق الجملة بالعاصمة. إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من الحاضرين من رفع شعارات من قبيل « القيادة في القصر والشغيلة تحتضر » أو « يا حشاد شوف شوف الخيانة بالمكشوف » و »يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب » وغير ذلك. ورغم بعض المناوشات القليلة والمحدودة يمكن القول أن القيادة النقابية نجحت في إقامة هذا التجمع في العاصمة بعد أن كانت تهربت منه في السنوات الماضية. وللتذكير فإن هروبها بهذه الاحتفالات إلى مدينة توزر (جنوب غرب البلاد) السنة الماضية مثلا لم يقها من تلك الأحداث التي أفسدت عليها خطتها في الاحتفال.  
 (المصدر: البديـل عاجل – قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريغ 2 ماي 2007)


تونس

العفو الدولية تحتج على منع نشاطاتها و على الإفلات من العقاب

تونس- سفيان الشورابي
قدّمت منظمة العفو الدولية و مقرها لندن رسالة احتجاجية إلى السلطات التونسية على اثْر قيام هذه الأخيرة بمنْع يوميْ 21 و 22 أفريل المنقضي اجتماعا خاصا كان من المفترض أن يقوم به أعضاء المنظمة بجهة سوسة الساحلية ( 150 كم جنوب شرق العاصمة ). وذلك بُغية النقاش حول الاستعداد لجملة من التحركات فيما يتعلق بأنشطة الفرع التونسي للعفو الدولية.
ففي رسالتها المؤرخة بتاريخ 26 أفريل 2007 إلى وزير الداخلية، طالبت المنظمة بفتح تحقيق حول الحادثة بسبب ما سمته بـ » غياب ما يبرر منع هذا الاجتماع في القانون التونسي ». و طالبت أيضا بتسليط عقوبات على الموظفين المسئولين عن هذا المنع. في تطور جديد يضاف إلى سلسلة المحاصرات و المنع التي طالت غالبية مقرات الأحزاب و المنظمات القانونية.
وتزايدت في الفترة الأخيرة دوريات المراقبة البوليسية على أهم المفترقات و الطرقات الرئيسية. وتكثفت عمليات المراقبة و تفتيش منازل المشتبه في انتمائهم لتيارات و أحزاب سياسية. وذلك على خلفية المواجهة التي اندلعت بين مجموعات شبابية مسلحة تقول مصادر رسمية بأنها تنتمي للحركة السلفية الجهادية، و قوات الجيش و البوليس التونسي خلال الشتاء المنقضي. كما أن ظلال العمليات الأخيرة بكل من الدار البيضاء و الجزائر العاصمة تُخيّم بقوة في كامل أرجاء البلاد التونسية، خصوصا و أن أنباء قوية تتحدث عن تسرّب قرابة 17 جزائريا مسلّحين عبر الحدود، وتحضيرهم للردّ على الهجمة الكبيرة التي قامت بها النظام التونسي ضد أبناء الحركة و المتعاطفين معها.
و لم تكُفّ الحملة الضخمة التي تقوم بها السلطة التونسية ضد ما تسمية بالتطرف و الإرهاب خلال الفترة الماضية. و كان رئيس الدولة قد دعا في الكثير من المناسبات إلى ما سماه بـ » اليقظة و الحيطة »، و إلى تقوية أحزاب المعارضة.
 
هيكل صوري
و أصدر رئيس الدولة مؤخرا قرارا عدد 866/2007 المؤرخ في 11 أفريل 2007، الذي يقضي بتعديل عدد من الفصول المقرة للهيئة العليا لحقوق الإنسان. وهي من المعلوم هيكل حكومي يفتقر حسب رأي المراقبين إلى أي وظيفة رقابية أو دفاعية. ويقتصر دوره على تقديم تقارير دورية سرية إلى رئيس الدولة، تكون في الغالب ذات اتجاه و صيغة افتخارية و احتفالية بـ »الإنجازات و المكاسب » المحققة في ميدان حقوق الإنسان. وتنصّ التغييرات القانونية التي ستدخل حيز التطبيق، على الترفيع في عدد المنضوين في تركيبة الهيكل. إذ جاء في الفصل الثالث جديد أنه يجب تشريك 10 ممثلين عن الجمعيات و المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان. إضافة إلى ممثلين آخرين عن الوزارات ذات العلاقة بهذا الموضوع، وشخصيات « وطنية معروفة بنزاهتها و كفائتها ».
لكن الواقع كعادته يعكس خلاف ذلك. ففي رسالتها نبهت منظمة العفو الدولية، إلى السياسة المنهجية و المدروسة المعتمدة لهرسلة و إرهاب، و الحطّ من الحقوق الإنسانية للمناضلين من أجل الدفاع عن الحقوق الأساسية للمواطنين. مستعرضة عمليات إلقاء القبض على الكثير منهم من دون محاكمات، و الزجّ بعدد منهم في السجون على اثر محاكمات غير عادلة. وقيامها بالتحرش و تعنيف الحقوقيين و المعارضين. واستعمال التعذيب بشكل واسع و ضخم. و انتشار الإفلات من العقوبة بشكل ملفت. وهو ما أكدته حادثة وقعت مؤخرًا.
ففي خلال الأيام الفارطة، قامت وزارة الداخلية التونسية بسَجن رئيس مركز الشرطة بمدينة الحمامات السياحية ( 50 شرق العاصمة ) على خلفية رفضه رفع تقرير مزيف عن أعوانه بتهمة « تجاوز السلطة ».
وتعود أحداث القضية عندما اندلعت مشاجرة بين أحد أقرباء ليلى بن علي حرم رئيس الدولة، و أحد السياح المغاربة في أحد النزل بمدينة الحمامات. مما اضطر مدير مطعم الفندق إلى استدعاء الشرطة التي قامت بفظ النزاع و القبض على المعتدي التونسي. إلا أن وبسرعة مذهلة، حلّت فرقة أمنية خاصة قامت بإطلاق سراحه على الفور، و إيقاف مدير المطعم و أعوان الشرطة. وفي اليوم الموالي، طالبت الجهة المختصة رئيس مركز الشرطة للمنطقة المذكرة بتحرير تقرير يدين فيه أعوانه. لكنه رفض ذلك قطعا، وهو ما أدى إيقافه هو الآخر، و الزجّ به في سجن المرناقية.
 (المصدر: موقع مكتوب (الأردن) بتاريغ 2 ماي 2007) http://news.maktoob.com/?q=node/605098

 


حزن يخيم على تونس لمقتل 7 في تدافع أثناء حفل ستار أكاديمي

Wed May 2, 2007 3:03 PM GMT تونس (رويترز) – خيم حزن عميق على الشارع التونسي بعد مقتل سبعة اشخاص وجرح عشرات اثناء تدافع خلال حفل لنجوم برنامج « ستار اكاديمي » مساء الاثنين في مسرح بمدينة صفاقس الى الجنوب من العاصمة تونس. وتصدرت صور تشييع جنائز الضحايا ومواكب العزاء صفحات الجرائد التونسية التي وصفت الحادثة بأنها « مأساة ». وشاركت حشود بالمئات في مواكب دفن ضحايا الحادث الذي نتج عن تدافع هستيري من الجهمور بعد نحو 20 دقيقة من بدء الحفل. ومن بين الصور الحزينة الني نقلت من صفاقس كانت احدى أمهات الضحايا تبكي وتصيح قائلة « ولدي صوت لهم واشترى تذكرة ورجعلي ميت. » ونشرت الصحف اسماء الضحايا السبع وهم طفل لم يتجاوز عمره 12 عاما وست بنات.
ووصفت صحيفة الشروق ما حدث بأنه ليلة سوداء وغطتها الصور السوداء للضحايا ومواكب الدفن والعزاء. وقال شهود ان أغلب الحاضرين كانوا من الشبان والمراهقين الذين لم تتجاوز اعمارهم 20 عاما وكانوا يتدافعون بشكل هستيري لمشاهدة نجوم برنامج ستار اكاديمي الذي تبثه المؤسسة اللبنانية للارسال (ال.بي.سي). وأضافوا أن التدافع زاد حين بدأت التونسية « مروى » وصلتها الغنائية قبل ان يقطع الحفل بعد أن عمت الفوضى لتطلب مذيعة الحفل من الحضور التزام الهدوء. وكانت مروى قد حصلت على المركز الثاني في مسابقة ستار أكاديمي لهذا العام وهي من سكان مدينة صفاقس وتحظى بشعبية واسعة في تونس. وفازت العراقية شذى حسون بالمرتبة الاولى في الدورة الاخيرة للبرنامج.
وقدم مغنو ستار أكاديمي يوم السبت الماضي حفلا بضاحية المنزه في العاصمة تونس زاد عدد الحضور فيه عن ستة الاف. وبعد الحادث ألغي حفل ثالث للمجموعة كان مقررا في مدينة بنزرت التونسية الليلة الماضية. وقال ناجي الباز مدير جولة ستار اكاديمي « من الممكن اقامة حفلات اخرى في تونس في حالة واحدة هي ان يغني الطلاب في حفل تذهب مرابيحه الى عائلات الضحايا. » وعلق أحمد وهو شاب تونسي قائلا لرويترز « الله يهدي الاولياء الذين يدفعون بابنائهم لهذا المصير. وهل يستحق اشباه المغنين ان نحضر حفلاتهم لنزهق ارواحنا بأيدينا. » وقال ابراهيم بوشريط مدير مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس الذي نقل اليه الجرحى ان أغلب المصابين غادورا المستشفى بينما لا يزال ثلاثة في قسم الانعاش.
من طارق عمارة (المصدر: وكالة رويترز للأنباء  بتاريخ  2 ماي 2007)

تفاصيل عن مأساة التدافع خلال حفل «ستار أكاديمي» بصفاقس:

وفاة 6 فتيات وطفل.. إضافة إلى عدد من الجرحى

فتح تحقيق للكشف عن ملابسات الحادثة

صفاقس – الصباح: تحوّل حفل «ستار أكاديمي» الذي نظم ليلة أوّل أمس بمسرح الهواء الطلق بسيدي منصور بصفاقس إلى كارثة توفّي خلالها بعض الشباب وجرح العشرات. هذه المأساة انطلقت منذ عشية الحفل فقد توافد على طريق سيدي منصور عدد مهول من المتفرجين فاق الخيال تعطلت خلالها حركة المرور رغم الإجراءات الأمنية الصارمة ليجد أغلب الذين اقتطعوا تذاكرهم أنفسهم في التسلل إذ تمّ غلق أبواب المسرح في وجه حوالي سبعة آلاف متفرج فضلا عن الذين لازالوا أمام الشبابيك يقتطعون التذاكر التي تتراوح بين 12 و50 دينارا… لتنطفئ الأنوار ويطلّ أبناء الأكاديمية في حدود الساعة التاسعة الا ربع تقريبا على ركح المسرح بأغنية جماعية قبل أن تؤدّي نجمة الأكاديمية أغنية فلم يرحّب بها الجمهور..
 ثم جاء دور مروى وتينا وسالي اللواتي ردّدن إحدى أغنيات نانسي عجرم وقد تفاعل معهنّ الجمهور الحاضر بشكل كبير ممّا ألهب مشاعر المراهقين والمراهقات الذين من فرط تفاعلهم تدافعوا بقوّة لحظة انفتاح باب المسرح خاصة بعد انطلاق الحفل وهم مازالوا خارج أسوار المسرح قرابة السبعة آلاف دون احتساب المتفرّجين داخل المسرح الذين ناهز عددهم عشرة آلاف متفرّج هذا ما جعل الجمهور يتدافع بقوّة ويصطدم بعضهم ببعض ليتهاووا من المدرّجات إلى الأماكن المخصّصة للكراسي والمحاذية للرّكح… هذا السّقوط الجماعي تسبّب في وفاة خمسة متفرّجين على عين المكان التحق بهم إثنان الأولى لفظت أنفاسها داخل سيارة الإسعاف والثانية فارقت الحياة في الصباح.
وحسب ما رواه لنا بعض شهود العيان الذين كانوا ضمن المتفرجين أنّه إثر حصول المكروه تمّ إيقاف الحفل في الحين والإعلان عن تأجيله إلى موعد لاحق حينها هاج الجمهور العريض واستبدت به حالات هستيرية جنونية أعربوا من خلالها عن رفضهم لهذا القرار المفاجئ وحرمانهم من متابعة نجومهم الذين تواروا وراء الكواليس وقد أصيبوا بحالة ذهول ليختلط الحابل بالنابل، حينها كان أعوان الأمن منهمكين في نقل جثث الموتى والمصابين والتصدّي لبعض الشغب.
وببلوغ الخبر المشؤوم إلى مسامع أهالي وذوي المتفرجين توافدوا إلى مسرح الواقعة وقد انتابتهم حالات من الفزع والهلع للاطمئنان على أبنائهم خاصة وأن عملية الاتصال بهم هاتفيا كانت معدومة… ربما بسبب غلق الهواتف أو بسبب انعدام «الرّيزو»… «الصباح» تحوّلت إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس الذي غصّ بأهالي وعائلات الضحايا والمصابين وغيرهم… وقد لاحظنا حركة غير عادية داخل أقسام المستشفى وتم تعزيز قسم الاستمرار بإطار طبّي وشبه طبّي. هذه الكارثة أسفرت عن وفاة سبعة مواطنين من بينهم 6 فتيات وهنّ: أمل المصفار، سهام بن زينة، ندى الجراية، فردوس القروي، هناء المسدي، نادية بن صالح. وطفل عمره 12 سنة هشام صدود تزامنت وفاته مع يوم عيد ميلاده الذي كانت هديته بالمناسبة تذكرة دخول حفل «ستار أكاديمي».
وهكذا كانت نهاية التدافع من أجل «ستار أكاديمي» في نسخته الرّابعة وخلّفت الأسى واللوعة في قلوب جميع أهالي ومتساكني صفاقس الذين ارتسم الذهول على وجوههم غير مصدّقين لما حصل ومتسائلين عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الكارثة التي حلّت بعدد غير محدود من العائلات التي كانت تمنّي النفس بعودة فلذات أكبادها بكلّ نشاط وحيوية إلى اجتياز مختلف الامتحانات بعد أن كانوا قد قضوا أمسية رائقة وخالدة ولحظات انتشاء مع نجومهم المفضّلة. لكن حالت دونهم ومأساة ستبقى راسخة في أذهان كل من عاشها… والسؤال المطروح والذي يفرض نفسه في مثل هذه الحالات هو من المتسبّب في ذلك..؟؟ هل هو سوء التنظيم أم الجشع أم أسباب أخرى ستكشف عنها التحقيقات التي فتحت في الغرض… لا سيما وقد  تمت مواراة جثامين الضحايا زوال يوم أمس في مواكب خاشعة حضرها عدد مهول من المواطنين المتعاطفين مع الضحايا…   دنياز المصمودي  (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 ماي 2007)

حفل لنجوم ستار أكاديمي بتونس يتحول إلى مأتم بعد مقتل سبعة واصابة 32

قتل 7 أشخاص وجرح 32، أثناء تدافع بحفل لنجوم برنامج «ستار اكاديمي» في مسرح بمدينة صفاقس، الى الجنوب من العاصمة تونس.

وقال ابراهيم بوشريط مدير مستشفى الحبيب بورقيبة في صفاقس، إن عدد القتلى ارتفع الى سبعة اشخاص، أما عدد الجرحى فهو 32 شخصا بدأ بعضهم في المغادرة. وقال شهود، حسب تقرير لوكالة «رويترز»، ان أغلب الحاضرين كانوا من الشبان والمراهقين الذين لم تتجاوز اعمارهم 20 عاما، وكانوا يتدافعون بشكل هستيري لمشاهدة نجوم ستار اكاديمي. وأضافوا أن التدافع زاد حين بدأت التونسية مروى وصلتها الغنائية، قبل ان يقطع الحفل بعد أن عمت الفوضى لتطلب مذيعة الحفل عائشة بيار من الحضور التزام الهدوء. وذكرت مذيعة براديو صفاقس، ان حالة من الفوضى عمت المسرح، الذي يتسع لأكثر من 7 آلاف مقعد والذي يقام فيه المهرجان الدولي لصفاقس ايضا. وكان من المقرر، ان يقام اليوم عرض ثالث لمجموعة ستار أكاديمي في مدينة بنزرت، لكن منظميه أبلغوا الصحافيين أن العرض ألغي بسبب تدهور معنويات النجوم المشاركين، واحتراما لأهالي الضحايا.
يذكر أن العراقية شذى حسون، فازت بلقب ستار أكاديمي الذي أعلنت نتائج التصويت عليه قبل نحو شهر في بيروت، واسفر عن نيل حسون أعلى نسبة من الأصوات بلغت 40.63%، والمصري محمد القماح 25.06%، واللبناني كارلو نخلة 5.66%. أما التونسية مروى بن صغير فنالت 22.65% ويبدو أن الأخيرة ورغم موهبتها لم تتمكن من حصد نسبة اكبر من الأصوات بسبب منع الرسائل الهاتفية (اس.ام.اي) من بلدان المغرب العربي ليقتصر التصويت على الاتصالات المباشرة. وذلك لأن الشركة الهولندية «انديمول» صاحبة الحق الحصري لبرنامج ستار اكاديمي، اشترطت عدم مشاركة مشاهدي المغرب العربي في عملية التصويت عبر الرسائل الهاتفية، للمحافظة على الزخم الجماهيري عندما سيقدم بنسخته المغاربية. ومروى بن صغير التي حصلت على المركز الثاني في مسابقة ستار أكاديمي لهذا العام، من سكان مدينة صفاقس وتحظى بشعبية واسعة في تونس. (المصدر: موقع  « أخبار سبتمبر » بتاريخ  2 ماي 2007)

رحلات جوية مباشرة بين مطاري تونس ودبي

تونس (2 أيار/مايو) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – أعلنت شركة الخطوط الجوية التونسية أنها ستبدأ انطلاقا من اليوم الأربعاء في تسيير رحلات مباشرة من مطار قرطاج التونسي إلى مطار دبي الدولي، بدلا من التوقف في بيروت، وذلك بمعدل أربع رحلات في الأسبوع. وقالت الشركة، في بيان لها، إنها أقرت هذه الرحلات بعد اقتنائها لطائرة جديدة من نوع ارباص A 319 طويلة المدى وتحويل طائرة ثانية لملكها بنفس المواصفات. وستمكن هذه الرحلات المسافرين من ربح زهاء الساعتين من الطيران إضافة إلى زمن التوقف ببيروت الذي لا يقل عن الساعة.وأضافت الشركة أنها ستوفر للمسافرين على متن هذه الرحلات كل وسائل الترفيه الفردية لركاب الدرجة الاقتصادية ودرجة رجال الأعمال. وتوفر الطائرة الجديدة 16 مقعدًا في درجة رجال الأعمال و90 مقعدًا في الدرجة السياحية وهي مزودة كذلك بنظام الترفيه الإلكتروني على متن الرحلات الذي طوّرته شركة تايلز. من جهة ثانية، تعتزم الخطوط التونسية إطلاق رحلات جديدة ابتداء من 4 حزيران/يونيو المقبل إلى الكويت والبحرين بالإضافة إلى تشغيل رحلات مباشرة إلى داكار بدلاً من التوقف المعتاد في نواكشوط .
(المصدر: وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء بتاريخ 2 ماي 2007)


 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                                        تونس في 2 ماي 2007 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين   الرسالة رقم 245                       على موقع الأنترنات             تونس نيوز

 
  بقلم محمد  العروسي الهاني 
  مناضل دستوري – رئيس 
 شعبة الصحافة الحزبية سابقا
 

مكاسب الشغالين في عيدهم العالمي

 

إن لكل شريحة عيد ولكل نشاط احتفال وموعد ولكل موسم حصاد وفرحة. من مواسم الفلاحة ومهرجان الزيتونة المباركة إلى عيد سنابل الحبوب الصلبة والقموح، إلى عيد التمور ومهرجان الرمان إلى موسم صيد الطيور ، ومهرجان الجز للأنعام. إلى موسم إنتاج البحر الغزير. وغير ذلك من المواسم الفلاحية في بلادنا الغنية والحمد الله… على فضله ونعماه… واليوم غرة ماي هو عيد الشغل العالمي تحتفل به كل الشعوب والأمم في العالم وتقام المواكب والاحتفالات والمهرجانات والإجتماعات في عديد البلدان والدول . وتنظم المظاهرات والمسيرات في بلدان أخرى تعبيرا عن عدم رضاها بالوضع المعيشي ووضع الشغل وظروف العمل وعدم العناية بالحالة الاجتماعية. ولكل بلد تقاليده وعادته. وما تسمح به مساحة الحرية… وقد شاهدنا مساء أمس غرة ماي 2007  مسيرات في عديد الدول منها المغرب الشقيق. وأصبح بفضل الفضائيات العربية وخاصة الجزيرة كل شيء واضح للعيان. وبدون تعليق. وفي تونس أنتظم في قصر الجمهورية حفل رسمي بمناسبة أحياء عيد الشغل العالمي حسب السنة الحميدة التي أرساها باعث الدولة العصرية المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله وواصل نهجها الرئيس بن علي .. وهي سنة ممتازة يكرم فيها الرئيس الشغالين ويوسم العاملين الصادقين ويدعم مؤسسات اللإنتاج ويكرم المبدعين كل هذا أمر جميل ويعلن على مبدأ الزيادة في أجور الشغالين ما يسمى بالأجر الأدنى المضمون. ويعلن على تحسين أجور عمال الحضائر والأعمال اليومية الفلاحية وغيرها. وكذلك الزيادة في منحة العائلات المعوزة. تلك هي أهم محاور الاحتفال في تونس بعيد الشغل. واضاف الرئيس بن علي في عيد الشغل موضوع التشغيل وما أدراك ما التشغيل الشغل الشاغل للجماهير الشعبية ولشباب تونس المتعطشين للتشغيل والعمل لحفظ الكرامة وبناء مستقبله ولا مستقبل بدون شغل ولا كرامة بدون عمل. ومن هذا المنطلق فإن الرئيس بن علي أثار قضية التشغيل بحماس لأنه يدرك أهمية المرحلة الحاسمة. وقد أكد يوم 20 مارس 2007 في عيد الاستقلال على ضرورة إيلاء الشغل مكانة خاصة والتعاون على تحقيق طموحات أصحاب الشهائد العليا وشباب تونس المتعلم والواعي والمحتاج إلى لقمة العيش ودعم حضوره في المجتمع بوصفه عنصرا هاما مفيدا للبلاد وله دوره واشعاعه في المجتمع. وضروري  دعمه ومساعدته معنويا وأدبيا وماديا ولا أفضل في إتاحة  فرص الشغل للجميع وكما قرر رئيس الدولة العناية بأبناء العائلات المعوزة والحالات الاجتماعية وإعطائها الاولوية في الشغل وقد تم تمكين 80% منهم من الشغل وعددهم الجملي حوالي 950 شاب وفتاة … ولازال 20% منهم ينتظر العمل لحد الآن وقد أشرت في مقال يوم 18/04/2007 إلى هذه الحالة بكل وضوح المقترحات العملية للحد من البطالة في صفوف شباب الريف ومناطق الظل والأحياء الشعبية بالعاصمة .

لا شك أن عدد مناطق الظل 1400 منطقة والأحياء الشعبية ذات الأولوية 36 حي لو يقع بصفة عملية الضغط على المصاريف والنفقات الإضافية وميزانية مصاريف الأكل و 50% من البنزين والتقشف في استهلاك السيارات الإدارية بنسبة 25% خلال الثمانية أشهر من ماي 2007 إلى موفى العام يمكن أن نربح المليارات ويمكن ابتداء من ماي 2007 تخصيص اعتماد تشغيل 5 شبان بكل وزارة وبكل بلدية وبكل ولاية وبكل مؤسسة اقتصادية حكومية وبكل مؤسسة خاصة أو مؤسسة وقع تخصيصها في نطاق الخوصصة وأعتقد أن هذا الأمر في منتهى السهولة إذا اخلصت النوايا ورسخت الوطنية وذابت الأنانية. وتغلبت ملكة العقل وكبتت الشهوات. واستجابت القلوب إلى نداء رئيس الدولة يوم عيد الاستقلال الوطني . يمكن أن  نشغل  ابتداء من ماي 2007 إلى موفى العام حوالي 4500 شاب بمعدل 3 شبان بكل منطقة ظل و 10 شبان بكل حي شعبي وتفكروا مليا أيها السادة أن البطالة خطر وقلة ما في اليد قنبلة موقوتة والفقر والجوع كافر. والنصيحة أن نجعل من الضعف قوة ونضحي ببعض البنزين كما فعل الدكتور حامد القروي النائب الاول لرئيس التجمع رفض كمية من البنزين وقال يكفي نصفها. ولمثل هذا فليعمل العاملون صدق الله العظيم .

محمد العروسي الهاني

 


 

ســواك حـار (28)

E-Mail : info@alhiwar.net Site : www.alhiwar.net

  إعداد : صابر التـّونسي – الحوار نت –

* قتل 6 اشخاص و اصيب اخرون بجروح مساء الاثنين خلال تدافع في احد مسارح صفاقس لدى افتتاح حفل منوعات غنائية. وقد وقع التدافع …على مسرح سيدي منصور الواقع في ضاحية مدينة صفاقس …في مستهل حفل غنائي تقدمه فرقة برنامج « ستار اكاديمي ».(أ.ف.ب)

تعويض للشباب العاشق للشهادة فلماذا العراق وتكبد المشاق وهذه صفاقس على مرمى حجر، و »ستار أكادمي » في الميدان و « شهداء » سيدي منصور شهادتهم لن تبور؟؟!!(غفر الله للجميع)

*… وتدافع الحضور المتحمس على مدرجات المسرح لدى ظهور نجوم هذا البرنامج الذين اتوا من تونس ومن بضعة بلدان عربية اخرى… و اوضحوا ان عددا كبيرا من الحاضرين وقعوا خلال التدافع وداسهم الجمهور المتحمس. (أ.ف.ب)

و »دليلك ملك » وعز نفسك تنقذها من الهلاك!! (ولكل أجل كتاب)

*    على إثر فاجعة صفاقس مساء أمس الإثنين 30 أفريل 2007 التي سقط فيها عديد الضحايا الأبرياء بينهم أطفال و شباب بالمسرح الصيفي بصفاقس ، في ما سُمّي ب »حفل فرحة شباب تونس » الذي تعهّد به المدعو حسام الطرابلسي من أصهار زين العابدين بن علي.(المؤتمر من أجل الجمهورية: تونس نيوز)

استخف قومه فأطاعوه….!! (والله يرحم من مات ويهدي من عاش)

* يعتبر أنّ المسؤول الحقيقي عمّا جرى في صفاقس هو النظام الحاكم الذي يمارس حماية لأصهار بن علي من أيّة محاسبة … و من ضمنهم المدعو حسام الطرابلسي المسؤول عن الكارثة مساء أمس الإثنين. (المؤتمر من أجل الجمهورية: تونس نيوز)

ومسؤولية التصحر الثقافي وغياب البدائل أشد وأنكى!!

* الآن إلى فتيان و فتيات في عمر الربيع تحلّ بهم « لعنة العائلة المالكة » فتقصف لهم أعمارهم… إنّ المدعو حسام الطرابلسي هو من نظّم حفل الموت مساء الإثنين الأسود  . . هو المسؤول لأنه باع عدد تذاكر  يفوق كثيرا عدد المقاعد …فحصل الإكتظاظ البالغ و حصل التدافع الكبير و حصلت المأساة التي لن تمّحي آثارها… (سليم بوخذير: تونس نيوز)

هذا يحسب للعائلة المالكة وليس عليها، مدام المواطنون قد أقبلوا على شراء تذاكرها وتدافعوا على مدارج حفلاتها، وإن عائلة لها هذا العدد من الزبائن لجديرة بالحكم!!!

*  المجد والنصر للشغيلة العالمية …  تسقط الدكتاتورية …. يسقط رأس المال والامبريالية(حزب العمال الشيوعي التونسي: تونس نيوز)

« وتفوه عالبورجوازية »! (هكذا كان أحدهم يناضل من أجل حقوق الشغيلة)

* سمعت من العديد من أبناء البلد أن كثيرا من أبناء الجالية اليهودية ابدوا امتعاضهم من كثافة الحضور الأمني قرب متاجرهم و مساكنهم… معتبرين هذا الحضور في غير صالحهم ...(عبد الله الزواري: الحوار نت)

« كان حماهم يا ويلو وكان خلاهم ياويلو  » و هو مسكين « كالكرومة متاكلة ومذمومة »

*  من جديد، و بمناسبة احتفاء الجالية اليهودية المحلية ب »الغريبة »، انتصبت الحواجز الأمنية بمدينة جرجيس  و ضواحيها، و تكثفت الدوريات و تعددت أزياء الفرق الأمنية المنتشرة في الجهة بعد تعزيز الفرق المحلية بمئات بل بآلاف من بقية الولايات… (عبد الله الزواري: الحوار نت)

تعدد أزياء الفرق الأمنية هو شكل من إظهار البهجة ومشاركة مواطنينا في احتفالهم!!

* وكنا قاب قوسين أو أدنى من حل نهائي شامل يطبّع أوضاع الحركة الإسلامية عبر حزب سياسي أو عبر جمعية دينية. جرى ذلك في أكتوبر من عام 1999، لكن ردود الأفعال المتشنجة المتسرعة أفسدت تلك المبادرة وعطلتها (محمد الهاشمي الحامدي: الحوار نت)

يبدو أن « سيدنا » سريع التشنج وإذا لم يتشنج اليوم يتشنج غدا والنتيجة واحدة!!

* هناك نظام دولي أظهر كفاءته في السياسة ، إسمه الديمقراطية ، ونظام اقتصادي أفضل ما هو موجود اسمه اقتصاد السوق ، وهناك نظام اعلامي ساد الكون كله ، اسمه الفضاء المفتوح ، وهناك نظام اجتماعي اسمه الحرية الشخصية والعيش في تكتلات داخلية وخارجية ، صغيرة وكبيرة ، وكل ذلك يسمى العصر ، نريد أن ندخله ، فهل طالبنا بالمستحيل…؟؟ (عبدالباقي خليفة: الحوار نت)

نعم سيدي لقد طلبت المستحيل لأن المطلوب منه لا يعرف هذه المدلولات وجاهل الشيء لا يعطيه!!

* واعتبر الشابي ان « التنبيه » الصادر عن مالك المقر يعبر عن « ارادة حكومية مبيتةللقضاء على اخر مربع لحرية التعبير والاجتماع« .… لكن السلطات التونسية نفت ان يكون « لها علاقة بالامر … (- أ.ف.ب).

أسلوب مطبعة جريدة الفجر الموؤوة يتكرر … ويشعلون النار ويسألون عن مصدر الدخان!!

                                                صابر التونسي


 

بمناسبة الذكرى السابعة لميلاد  » تونس نيوز  » :

الكلمة أصدق إنباءا من السيف وفي حدها الحد بين الحق والزيف.

من سويداء قلبي أزف إلى أسرة  » تونس نيوز  » أطيب الكلام وأخلص السلام بمناسبة إحيائها لذكرى ميلادها السابع ثابتة صابرة على درب الجهاد بالكلمة الحسنة الصادقة لا تثنيها محاولات إختراق وتدمير كثيرة يشنها أعداء حرية الكلمة ولا ينهار عزمها أمام محاولات  » أخوة الأمس  » لإدارة صراع شخصي يتلفع بدثار الفكرة ونكران التحزب بالتخفي تحت لفيف من الأسماء المستعارة لشخص واحد. لقد كانت  » تونس نيوز  » بحق صخرة الحق المر الذي توفق بفضل الرحمان سبحانه إلى زرع اليأس في صدور الفريقين معا ولولا ذلك لما نجحت  » تونس نيوز  » في زرع الأمل في الكلمة الحسنة الصادقة في نفوس آلاف مؤلفة ممن أرخت عليهم ليالي الجمر الطويلة سدولها.
الكلمة الحسنة الصادقة هي الحكمة المنشودة والميزان المطلوب :
من سخرية الإنحطاط الذي خيم علينا قرونا طويلة أنه أنسانا بالغفلة وكر الجديدين أن الجهاد في الإسلام بحسب تصريحات القرآن الكريم أصله الأصيل ومبتدؤه النبيل جهاد الكلمة وأن جهاد اليد وما يقتضيه وهو في حكمه بالضرورة فرع مفروع عن ذلك الأصل الأصيل وخبر مؤخر لا يلجأ إليه إلا حاجة أو ضرورة فإذا تنزلت حاجته وأناخت بساحتنا ضرورته فهو المقدم  » حتى لا تكون فتنة  » وكل حكم معلل مقصد يدور مع علته أو مقصده وجودا وعدما كما قيل. أصل الجهاد بالكلمة في القرآن الكريم وذلك في قوله سبحانه في سورة الفرقان :  » وجاهدهم به ( أي بالقرآن ) جهادا كبيرا. هل معنى ذلك أنه يجب أن يكون الجهاد بالقرآن كبيرا من لدنك تبذل فيه كل ما في وسعك حيلة أم أن الجهاد بالقرآن من شأنه أن يكون كبيرا بسبب أن محكماته القطعية قوية ثابتة مفهومة معقولة على نحو لا يصح فيها سوى ما أكده في موضع آخر :  » وجحدوا بها وإستيقنتها أنفسهم « ؟ كل مطمحي الآن أن يقر القارئ الكريم بأن المعنيين محتملان فليكونا إذن متلازمين بما يعني أن يتحول القرآن الكريم عند الراسخين في العلم آلة جهاد بالكلمة التي تنفذ إلى النفوس دون إستئذان فإما أن يحدث الجحود وتقوم الحجة على الجاحد وإما أن تحدث الإستجابة ويتحول المستجيب إلى مجاهد بكلمة القرآن وزيرا لسابق ظهيرا لسالف. لم يفعل النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام من كان خلقه القرآن حيال قضية الجهاد سوى أنه تشرب تلك المميزات بين ضرب من الجهاد وآخر فقدم ما شأنه التقديم وأخر ما شأنه التأخير ولمن أراد من ذلك عظة وعبرة فالسيرة محفوظة تبين القرآن وتفسره وتجعله ميسرا لمن ألقى السمع وهو شهيد فهل من مدكر؟. لقد أمر سبحانه رسوله الأكرم عليه الصلاة والسلام في القرآن الكريم بصيغة  » قل  » : 333 مرة ورد أغلبها في سورة التوحيد الكبرى ( الأنعام ) ليثبت المعنى الآنف : إذا كانت رسالة الإسلام تتكون من زوجين لا ينفصلان : توحيد ولي النعمة الأكبر سبحانه وتحرير إبن آدم تكريما وتعليما وإستخلافا وإستئمانا وإستعمارا فإن السبيل إلى ذلك ليس له سوى طريق واحد هو : الكلمة ولم يشرع الجهاد القتالي سوى لحماية حق الكلمة وحرية الإنسان في قولها وسماعها حتى يحيي من حيي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة ويتبين الرشد من الغي ولا تكون فتنة ويكون الدين كله ( الدين هنا بمعناه القدري لا الشرعي ) لله وحده. لم يقتصر القرآن الكريم على نصب أحقية الكلمة بل عزر ذلك بعزل العوائق من أمامها فكان أبلغ من غيره وأسبق في توخي نفي ضد الشيء لتقرير الشيء ذاته ومن ذلك أنه نفى وألغى ونهى عن الإكراه سبيلا إلى تغيير النفوس أو الواقع وكان ذلك مباشرة عقب أعظم آية ( الكرسي ) في أول وأطول وأعظم سورة بما يعني مشروعية قراءة رسالة الإسلام المشار إليها أعلاه : التوحيد أولا والحرية ثانيا. ليس هذا كلاما نظريا أو ترفا فكريا ليس له في رصيد التاريخ من شيء. من الأدلة على ذلك مثلا : لم يتجاوز قتلى الفريقين من المؤمنين المجاهدين في الأغلب جهاد دفع في عهده عليه الصلاة والسلام ومن المحاربين المعتدين على مدى ربع قرن كامل ( حياة النبوة ) : 300 قتيل من الطرفين في مجتمع عربي إنما نشأ على النخوة والعزة والشهامة والثأر وهو مجتمع مسلح يفارق الرجل ظله ولا يفارقه سلاحه. دعنا من الماضي ولننظر في معجزات زماننا : إعتنق الإسلام في العام المنصرم وحده 4000 ألماني أغلبهم من النساء وأغلب أولئك النسوة من ذوات التعليم الجامعي بينما شهدت بلجيكا ذلك البلد الأروبي الصغير جدا بأكثر معاني الصغر حركة إعتناق للإسلام غير مسبوقة. هل ثمة عقل يستشرف بعد نكبات نيويورك ومدريد ولندن إقبال المرأة المثقفة ثقافة جامعية عالية على دين تحاربه أمريكا وإسرائيل وتحاصره الحكومات العربية والإسلامية مجتمعة وقليل من علمائه من يتصدى لنشر دعوته وتبيان حقائقه؟ أين وجد أولئك المسلمين الجدد الكلمة التي هدت بإذن ربهم سبحانه قلوبهم؟ حتما وقطعا لم يجدوها سوى في القرآن الكريم ومهما قلنا عن الكلمة الطيبة التي يبذلها دعاة الإسلام وبعض علمائه عنه فلا تساوي حلقة مضيعة في فلاة مما تنشرح له صدور الإعلام الإلكتروني والفضائي والتلفزي والإذاعي والصحفي من الكلمة الخبيثة ضد الإسلام. حتى في فلسطين المحتلة حيث تكون المقاومة العسكرية هي المقدمة شرعا وعقلا ومصلحة فإن العقلاء هناك تواضعوا وهم من هم سابقة في الجهاد تحريرا للبلاد على نصب الميزان العدل بين المقاومة العسكرية وبين المقاومة السياسية وما يقتضيها وهو في حكمها ولذلك ظلت الحكومة تقاوم بالسياسة. المقاومة بالكلمة إذن لا مناص منه في كل الحالات فليست هي الأصل فحسب بل الحاضر الذي لا يجوز له الغياب أبدا. ليت شعري هل يتدبر القوم اليوم بعضا من مشاهد الحدث في عالمنا فتكون لهم بها بصائر؟ هل يتدبر القوم اليوم بأن أكبر وأقوى حزب سياسي يغير ما بالنفوس مع مطلع كل شمس ومغربها ما لا يقدر عليه من قبل أحد أبدا هو : الإعلام. هل يفقه القوم اليوم بأن التغيير قلعة شامخة منيفة كتب على بابها : الإعلام بابي والكلمة محرابي. نحن في عصر نكاد نقول فيه : الإعلام مدرسة إذا أعددته أعددت شعبا طيب الأعراق بسبب أن الطفل اليوم وهو في بطن أمه ( حقيقة علمية لا مبالغة فيها ) يتأثر بالإعلام الفضائي من حوله فكيف إذا خرج من بطن أمه التي لن يمص ثديها حفاظا على رشاقتها ليجد الدنيا من حوله مشدودة إلى الإعلام يصنع عقولهم ويوجه إهتماماتهم كيفما شاء وأينما شاء. هل للإعلام من سلاح يقاوم به غير سلاح الكلمة؟ الكلمة التي يسميها القرآن جهادا به أعم وأشمل من كلمة اللسان كما كانت في زمن القرآن الكريم فهي كلمة عامة شاملة تشمل كل قول أو عمل يصنعه الإنسان رسالة منه إلى غيره بصفة مباشرة أو بصفة غير مباشرة ولذلك تتشكل الكلمة في عصرنا الحاضر فيما لا يحصى من الأعمال منها :
ـــ كلمة اللسان المباشرة مرتجلة أو مقروءة سواء كانت رسالة إلى شخص أو مجموعة أشخاص. ـــ كلمة القلم ( أحد اللسانين ). لذلك أقسم به سبحانه في سورة بإسمه وبحرف من خطه ( نون ). ـــ كلمة الصورة المثبتة سواء كانت صورة حقيقية أو رمزية جدية أو ساخرة. ـــ كلمة الصورة الحية وهي التي تؤدي اليوم الدور الأكبر بحق في تغيير النفوس. ـــ كلمة الصوت الحي التي تصنع اليوم عقول الناشئة وتتنافس على صناعتها شركات دولية. ـــ كلمة الجسم التي تستخدم في الفضيلة والرذيلة وهي أبلغ كلمة صامتة على الإطلاق. ـــ كلمة الفن وهي بدورها تتقمص صورا كثيرة منها :
… فن القصة وهو فن إعتمدته كلمة القرآن الكريم بدرجة أولى لإبلاغ صوتها.
… فن التصوير وهو فن متشعب الفروع لا تكاد دروبه تحصى وهو معتمد في القرآن كثيرا.
… فن التمثيل وهو أيضا فن معتمد من لدن القرآن الكريم ولولا إنتماء كثير من فتاوى معاصرة إلى دركات الإنحطاط لتحولت كثير من كلمات القرآن الكريم من قصة وتصوير وتمثيل إلى أعمال فنية رائعة باهرة ناجحة تنافس بالمعنى الإنساني النبيل المتحضر الراقي جيوشا لجبة من الأعمال الفنية الهابطة حتى غدا الإسلام عدوا للفن وهو المؤسس له.
… فن النحت والتشكيل بما يخلد القيم العالية  » يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل … ». هل كان ليتورط نبي إبن نبي عليهما السلام جميعا ( سليمان إبن داوود ) بما أغدق عليهما ولي النعمة الأكبر سبحانه بخصيصة النبي الملك ( بدل النبي العبد ) في شبهة الشرك بالله سبحانه فيقول بعض المتقولين على الله بإسم الإفتاء بإنتماء ذلك إلى شريعة من قبلنا وهل جاءت شريعة من قبلنا لتحل الشرك أو ذريعة إلى الشرك. الحمد لله الذي لم يجعل الحماقة كفرا.
… فن الغناء والإنشاد والطرب عامة وهو فن لصيق بفن تجويد القرآن الكريم وبفن تقويم اللسان.
… فن الموسيقى بما يعبد الأذن لربها سبحانه ويغذيها بما تلذ كما يغذى اللسان بالكلام والعضو بالحركة والعقل بالنظر والروح بالعبادة وفعل الخير. الموسيقى المصحوبة بالغناء تنفذ إلى قلوب الإبل حداءا فتجعلها غافلة عن عذابات الأحمال الثقيلة والأسفار الطويلة بما تجد من لذة ذلك فمن أكرم على الله : الإنسان أم الإبل؟
هل من مدكر يساهم في تلبية نداء الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام القاضي بفريضة تجديد الدين ( وليس أمر الدين ) بما يجعل أمة الإسلام قاردة على تعصير وسائل الدعوة إلى دينها أم تلفنا غياهب الإنحطاط كما لفت من قبلنا لولا ومضات بازغة من إبن تيمية وإبن القيم وغيرهما؟ هل من مجاهد في سبيل الله سبحانه بسلاح القرآن الكريم الأول والأصيل : الكلمة؟ هل من مقاوم بالحجة والبرهان على يقين من بضاعته راسخ في علمه صابر على جهاده غير مستعجل لا يستخفه الذين لا يوقنون من أهله؟ هل يحق لنا اليوم في شأن مقاومة الإستبداد والظلم بكل صوره في بلداننا العربية والإسلامية عدا المحتلة منها إحتلالا عسكريا ( فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال ) أن نجدد شعر المتنبي حين قال : السيف أصدق إنباءا من الكتب … في حده الحد بين الجد واللعب هل يجوز لنا أن نقول : الكلمة أصدق إنباءا من السيف … في حدها الحد بين الحق والزيف
الجواب عند فريق  » تونس نيوز  » ومن نشأ على إثرهم وقبلهم وبعدهم من فرسان الكلمة الحسنة الصادقة جهادا بالقرآن الكريم وأكرم به من جهاد يغيظ العدو ويقر عين الصديق.
والله تعالى أعلم. الهادي بريك ــ ألمانيا  

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده.

خطابنا السياسي بحاجة إلى مراجعات . الجزء الأول

بقلم: حبيب الرباعي
اللهم إنا نسألك حسن الفهم، ونعوذ بك من شر الوهم.
قيل أن مجموعة من المهندسين تعطلت سيارتهم أمام مصحة للأمراض العقلية تقع خارج المدينة، وأثناء تغييرهم لـ »عجلة » السيارة، وقعت البراغي les vis في حفرة غائرة، بحيث يستحيل إخراجها عمليا بحال من الأحوال. إلا أن أمل الجماعة في التقاط البعض منها لم ينقطع، ومحاولاتهم المتنوعة استمرت مدة من الزمن. وأثناء محاولاتهم غير المجدية تلك، كلمهم أحد المرضى المقيمين في المستشفى والذي كان يراقب المشهد من بدايته عبر نافذة قريبة منهم قال: يا جماعة، بإمكانكم أن تنزعوا برغيا واحدا من كل « عجلة » وتثبتوا بالراغي الثلاثة التي تجمعونها « عجلتكم » التي فقدتم براغيها، على أن تسيروا بسرعة معقولة إلى أن تصلوا إلى أقرب مستودع لتغيير الإطارات لتعالجوا الوضع. التفت المهندسون إليه بدهشة واستغراب.. ولسان حالهم يقول: كيف نطق هذا الرجل بالحكمة وهو مصاب بخلل في عقله. فهم الرجل منهم هذا الاستغراب فقال لهم : نعم صحيح أني مجنون ولكني لست ساذجا.
قصدت من ذكر هذه القصة، التنبيه إلى المعاني التالية:
ـ أن الإنسان قد يبلغ مقصده بوسائل ناقصة إذا كانت له همة قوية في التحرك نحو الهدف. ـ أن الإنسان قد يسبب لنفسه إعاقة عن الفعل إذا اشترط لتحركه توفر متطلبات الحركة المثالية. ـ وجود صفات سلبية لأي إنسان، لا تعني أنه فاشل نهائيا في القيام بأعمال مذهلة. ـ إطلاق الأحكام السلبية على الآخرين لا يصنع لنا فعلا، ولكن يعطينا جرعة جديدة من الصبر، أملا في توقف حركتهم في لحظة ما، في سياق سنة طبيعية، يصورها البعض بطريقة أشبه ما يكون إلى مفهوم الحتميات التاريخية التي جاءت بها النظرية الماركسية.
إن المراهنة في شحذ همم الناس لمزيد من الصمود ومقاومة طغيان النظام التونسي، من خلال وصفه بأنه نظام آيل إلى السقوط، وأنه ممزق داخليا، وأنه فاقد لبرنامج واضح لإخراج البلاد من كبوتها الاقتصادية، وأن رصيد مصداقيته أمام الرأي العام الدولي تتآكل باستمرار بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان وتضييقه على الحريات العامة في البلاد، وأن شعبيته في الداخل في انحدار، وأن جرأة الناس في ثلب رموزه أصبحت أمرا دارجا، وأن مواقف القوى الوطنية المعارضة تتوحد لمواجهته سياسيا…. وغير ذلك من المفردات التي عشنا علينا زمنا طويلا وحفظنا كثيرا من المواقف والوقائع والأحداث الدالة على هذه الأحكام. إن مراهنتنا ـ إذا ـ على هذه المقولات لم تزدنا إلا استرخاءا أثناء تحريرنا للموقف من السلطة، وفوتت على عقولنا إدراك الورقات التي يمتلكها النظام في مواجهته لنا حقيقة، والورقات التي يغلب على ظننا استخدامه لها في حالات معينة.
قد تكون كل المصطلحات التي تبرز هشاشة النظام واقعية، إذا نظرنا إليه (النظام) من زوايا مختلفة، ولكن إذا كان للأحكام العامة ما يخصص بعضها (كما هو الشأن بالنسبة للمجنون الذي أبدع في جانب من جوانب الحياة) فإن النظام التونسي الذي تصح في شأنه كثير صفات الضعف المذكورة أعلاه، متحفز بشكل غير عادي في محاربته للإسلام والمسلمين في البلاد منذ نشأته الأولى.
علينا إذا أن نقدر الأمور قدرها ولا نخطئ بخلط الأمور. ثم أقول لمن لا يرى في الجمع بين السياسة والدين من حرج.
أن يكون القرشيون وكثير من القبائل العربية الحليفة لها في غزوة الأحزاب، في ضلال، وشرك، وكفر وطغيان، وتخلف، وجهالة، ووثنية، وغير ذلك من صفات سلبية تطول بها القائمة. لم تمنعهم هذه الصفات السلبية من أن يحدثوا بتخطيطهم وتحركاتهم شدة عظيمة، ورعبا مريرا في صفوف المسلمين.. وعن أي المسلمين نتحدث؟ إنهم خير الأجيال في أمة الإسلام مطلقا.
ولعل قول النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء المحنة « الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم » (كما في صحيح البخاري)، دليل واضح أن هذه القوة الطاغية المتجبرة تلفظ أنفاسها، ومع ذلك فقد علمنا المولى عز وجل ضرورة الاستعداد لمواجهة نظام متجبر حتى لحظة احتضاره.
إذا اتفقنا على أن النظام التونسي نظام بوليسي بعقلية عسكرية، علمْنا أن السياسة لديه لا تعني البحث عن الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد بمعادلات وتوازنات يضمن تحقيقها في الواقع، بقدر ما تعني السياسة لديه: ربح أو خسارة، انتصار أو هزيمة. لن نختلف كثير على أن هذا النوع من النظم تتجه أغلب اهتماماته إلى ما يلي:
1/ جمع المعلومات: إذ تمثل المعلومات المقوم الرئيسي في ربح جولات الصراع بين الخصوم.
ومن الخطأ أن نتصور أن النظام الحالي لم يتجاوز مرحلة البحث عن المعلومة عن طريق التعذيب، والتجسس عبر من يرسلهم بالقرب من الإسلاميين. لقد طور النظام أساليب وصوله إلى المعلومة الدقيقة رغم حفاظه على الأساليب الكلاسيكية، فشدد المراقبة الدقيقة على الهواتف الثابتة والنقالة، بل والدخول إلى أجهزة الكمبيوتر أيضا. وقد أصبحت لديه نخبة من الإطارات المختصة في الإعلامية والاتصال بدرجة الدكتوراة، ولا يستبعد أن عددا من هؤلاء يشتغل في الغرب ويطبق خبراته في التجسس علينا.
حين قال عبد الله القلال عندما كان وزيرا للداخلية قبل بداية المحنة الأخيرة: (إن بإمكاننا الإجهاز على حركة النهضة في بضع ساعات)، قال ذلك بعد 3 سنوات من محنة 87، أي بعد الوقوف على الاستخلاصات التي خرجت بها المؤسسات التابعة لوزارته والتي جاءت إثر دراسات معمقة لملفات الحركة على المستويين الفردي والمؤسساتي. فعلى مستوى الأفراد: طاقة كل فرد في تحمل التعذيب، وقدرته الذكائية في المراوغة والتمويه، وهل هو من النوع الذي يثبت ويصمد حتى وإن واجه الموت، أم هو سريع الإنهيار، ومدى قابليته للإغراء… وعلى مستوى المؤسسات: علاقة المكاتب واللجان بعضها ببعض، ودورية اجتماع كل مؤسسة، وعدد الأعضاء الذين يجتمعون في كل مستوى تنظيمي، وطرق تناول الملفات……
فإذا اعتبرنا أن رصيد المعلومات التي حصل عليها النظام عن الحركة بواسطة التعذيب في 87 ـ رغم إيماننا وإيمانه بأن جزاءا منها كان « سيناريوهات » ـ، مثل أكبر باعث لتعبير وزير الداخلية ـ آن ذاك ـ بكل صراحة ونخوة واعتزاز عن تمكن السلطة من مقاليد الأمور ووصف الحركة بالطرف الضعيف. فكيف الحال الآن ونحن نتحرك بكل وضوح أمامه وهو يتابعنا يوميا في مقالاتنا واجتماعاتنا. ويعرف من مع هذا الرأي ومن ضده؟ ومن يناور؟ ومن هو صادق في مقولاته؟ ومن شغله طلب العلم؟ ومن شغلته التجارة؟ ومن شغلته أموره الاجتماعية؟ وقوة أو هشاشة الروابط التي تجمع بين الأفراد…..
ثم هل نملك نحن عنه معلومات دقيقة مثل التي يملكها هو عنا فنراهن على استخدامها ولو بعضا ضده؟؟
وقد يقول قائل بعد الإقرار بضعفنا في هذا المستوى : صراعنا ضد النظام سياسي ولا اعتبار بمسألة تفوق النظام في المعلومة!!! فنرد على من يتوهم ذلك بأن يقرأ التاريخ. وليدقق في الفتنة التي مزقت الأمة من عهد الصحابة إلى الآن ولينظر تلاعب مثيري الفتنة بالمعلومات، إلهابا لمشاعر المسلمين حول قضايا معينة وصولا إلى المقصد النهائي وهو تمزيق أواصر الأمة إلى أجزاء (شيعة خوارج مرجئة) دام أثره قرونا !!؟؟
ونحن أمام المقوّم الرئيس في صراعنا ضد النظام التونسي، (وهو جمع المعلومات عن الطرف الآخر) قد نواجه رأيين. رأي مشاعري بسيط، يصرف النظر عن هذا الموضوع تقليلا من أهميته وإدراجا له ضمن القضايا الأمنية التي ليست هي شأننا كحركة سياسية. ورأي آخر يقول أن من السياسة ـ في إطارها المدني ـ التعرف الدقيق على خصمك من جهة. والتعرف عن المعلومة التي بحوزته والتي قد يبنى عليها صورة مفصلة ومضاف عليها، إذا أشاعها بين أنصارك أضعف من عزمهم وأثار في داخلهم نوازع الجدال والشقاق، وإذا أشاعها بين خصومك الآخرين هوّنك عندهم واستصغرك في أعينهم.
تأملوا غزوة حمراء الأسد ـ أيها الأحباب ـ ابحثوا عن أهم درس فيها، فستجدون أن أكبر مقاصدها هو التشويش عن المعلومات التي خرج بها المشركون والتي استقوها بأنفسهم وبكل التفاصيل التي عايشوها ميدانيا من ساحة المعركة في أحد، والتي أظهر ثغرات في صفوف المسلمين وضعفا واضحا في أدائهم… ولم يعد المشركون إلى مكة بعد حمراء الأسد إلا بمعلومة أخرى تقول بأن أن قوة المسلمين وتماسكهم، محلا للهيبة والاعتبار أكثر من الماضي.
ما هي قيمة سهم الحركة في برصة المعاملات السياسية الداخلية والخارجية؟؟
هل حافظت الحركة على استقرار في رصيدها السياسي المؤثر في الواقع التونسي؟ أم أن حرب المعلومات الخاطئة التي بثها النظام بكل الوسائل طيلة سبع عشرة سنة في أوساط الشعب التونسي ضعفت من رصيده التاريخي وجاذبية أطروحاته لدى الجيل الذي لم يعرف الحركة إلا في صورة مشوهة؟
كيف يمكننا أن نوصل معلومة صحيحة لأولئك الذين يخشون تصاعد إسلام متطرف، وعلمانية حقودة من أبناء شعبنا التونسي، خلاصتها: أن الحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة التي ناضلت عشرات السنين وقدمت تضحيات جسام من أجل عزة البلاد وكرامتها على أساس مبادئ ديننا الحنيف، لا تزال متحدة صامدة بل متراصة ومكتسبة لخبرات جديدة تفيد البلاد؟
هل يمكننا أن نمضي في نضالنا السياسي في اتجاهات مختلفة ـ تحالفات مصالحة…ـ دون أن نحقق مكاسب واضحة على مستوى تصحيح المعلومات، التي نرتجي منها رفع قيمة أسهمنا في الحقل السياسي في البلاد؟ أليس من المصلحة أن نستعيد مكانتنا قبل الدخول في أي تسوية أو مفاوضات مع الطرف الآخر أم العكس؟
أليست ساحة الصراع السياسي مرهونة إلى حد كبير بالرصيد السياسي الذي يملكه كل طرف؟
ألا يمكننا القول بأن حساسية المعاملات السياسية، شبيهة إلى حد كبير بحساسية المعاملات المالية في البورصة النقدية أو بورصة القيم المنقولة، وأن مرد هذه الحساسية يعود إلى المعلومة بالأساس؟
ماذا سيكلفنا مزيد من الرفع في قيمتنا ـ بطرق سلمية طبعا كما هو منهجنا دائما ـ أمام خصومنا وأمام عامة الشعب التونسي؟
هل تجد إنسانا خبر النظام التونسي وأساليبه في مراوغة خصومه وترويضه لهم، قبل أن يسدد لهم ضربة قاسية ـ كما غدر بنا قبل المحنة ـ ، من يستبعد أن يقدم النظام على كتم أنفاس الحركة نهائيا لو قبلت هذه الأخيرة بصلح تكون ثماره إطلاق سراح جميع المساجين من أخواننا في مقابل اعتراف الحركة « بجريمتها » في مواجهة السلطة؟ أليس من السهل، بل أقول أليس من الأمور العملية والممكن ، لو أقدمت الحركة ـ كما يريد البعض ـ على اعترافها بسوء تقديرها، وبفداحة جرمها، عندما عارضت سياسة النظام. فتسببت نتيجة تهورها السياسي في إزهاق أرواح عدد لا يستهان به من الرجال وإصابة عدد آخر بأمراض مزمنة وحرمان آلاف من أبناء الشعب من وظائفهم وأعمالهم…. أليس من السهل جدا على النظام أن يستغل مثل هذا القول ليقدمه للرأي العام الداخلي والخارجي كمعلومة يقينية على ألسنة أصحابها على عدم أهلية هذه الجماعة وهؤلاء الناس وأصحاب هذا الفكر والمنهج، لتحمل مسؤولية بعض آلاف من الناس، وأن الوقت حان لوضع حد (لاستغلال العاطفة الدينية للتلاعب بأرواح المواطنين وإدخال البلاد في أتون صراعات لا طائل من ورائها) ؟ من يستبعد هذا الصنيع من النظام الحالي!!؟؟ وقد جربناه وخبرناه
فهل تحسن الحركة في مستقبل أيامها معركة المعلومة؟ وتفوت على النظام نشوة شعوره بالانتصار الذي طال أكثر من اللازم.
وتعلمه بأن الحركة التي ظن أنها ماتت وأنه ينتظر تكفينها وقبرها في جنح الظلام بعد السابع من نوفمبر المقبل… هو مجرد وهْم يحصل بشكل طبيعي لدى المهوّسين بالانتصار ـ من العسكريين ـ في كل معركة يخوضونها.
وأن الحركة تقف صامدة محتسبة في ساحة الصراع السياسي. تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  

لا صمت بعد اليوم!!!!!!!!!

لا صمت بعد اليوم!!!!!!!!!
« أيها الأصدقاء على ضفتي وادي القطيعة والجفاء: ما أجمل أن يضمنا الربيع التونسي الجميل جميعا بيده الحانية، فننعم بأنسامه وألوانه وأنغامه الرائعة الفاتنة، أسرة واحدة متماسكة اسمها تونس الجميلة ».
نداء جميل توجه به الدكتور الهاشمي الحامدي إلى القابعين في سجون الوطن الأسير والمضيق عليهم من أبناء البلد في السجن الكبير والمهجرين من أبناء تونس الذين اتسع العالم كله لهم إلا حدود بلادهم حرموا أن يطؤوها. وإلى الماسكين بقيادة الحكم في تونس الزيتونة وزيت الزيتون المتمتعين بربيع تونس الجميل والمستنشقين لهوائها العليل والمتنعمين بأنسامها وألوانها يطربون على أنغامها الرائعة الفاتنة لكن الجميع لم يلبِّ!!!!!!!!!!!!!
يا للعجب من يرفض الحياة الهنية بين أبناء الوطن الواحد إخوانا على سرر متقابلين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تصاعدت وتيرة نداءا ت الدكتور فهل من ملبي؟؟؟؟؟؟ حاولت أن أفهم النداء فهل يرفض عاقل الصلح والمصالحة ؟؟؟؟ أين يسكن هؤلاء وأين يجلس أولائك؟؟؟؟؟ في أي مرحلة نحن وعلى أي نقطة في التاريخ نقف ؟؟؟؟؟ هل جاء وقت المصالحة حقا؟؟؟؟؟ المتحكم لا يلبي والمحكومون لا يستجيبون؟؟؟؟
أسئلة قد تحير من كانت ذاكرته ضعيفة أو اعتمد أن لا يقرأ أخبار بلاده ولم يجند فضاءاته للذود عن حرمات بنات بلاده وأبنائها المقهورين. قد تجعله يفكر في أن الجميع قد اتفق ضده وهو الداعي التاريخي للخير أليس في المصالحة إلا الخير المحض؟؟؟؟؟
قد تجعله يفكر بأنهم يحسدونه على هذا السبق الذي غفل عنه الجميع:
ـ أبناء حرموا آباءهم والدفئ الذي يعرفه المنعمون وزوجات حرمن النوم وراحة البال قضين أحلى أيام حياتهن يحملن القفة بين السجون ويعاملن معاملة الذل والهوان. لم يذقن من الحياة إلا الحرمان والقهر وما زادت دموعهن جلادي أزواجهن إلا كبرا وطغيانا. ونظيراتهن من زوجات المتحكمين وأبنائهم ينعمون بكل ما في البلاد ومن خارجها من نعيم الدنيا وروائعها.
ـ وحكام ورجال سلطة لم يستيقظ فيهم الضمير فيكونوا من أصحاب النفس اللوامة الذين يندمون على ما يقترفون وأن يأخذوا العائلة بوليها على افتراض أنه اقترف إثما. كيف يستيقظ ضميرهم وهم الذين يعلمون أن من وضعوهم في السجون وأجبروهم على المنافي ومن ضيقوا عليهم في الرزق والهواء سيحاسبونهم على ما كسبت أيديهم في حقهم فأي منفذ فيه حرية سيأتي عليهم بالوبال أو هكذا يظنون. ولو كان لهم ضمير لعاتبهم ولذكرهم بمصير أصدقائهم ومن هم في مواقعهم كيف أصابهم الله بمصائبَ لم يقدروا عليها « فآتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب » لكن الله أعمى أبصارهم لشدة ما أفسدوا ودمروا.
إن شروط المصالحة يا دكتور لم تتوفر ولو في حدها الأدنى: إطلاق سراح المساجين والعفو التشريعي العام. فمن بيده هذا الأمر هل الذين انبريت تتهمهم بالتشدد والتطرف أم المدافع عنهم والمادح لهم من متحكمين في خيرات بلادنا ورقاب أبنائها المستضعفين أم أن هذه العبارات أصبحت من العبارات القديمة التي لم تعد صالحة في تونس التغيير ؟؟؟؟؟
هل أن المصالحة ستقع:
ببيان من قياد ة حركة مهجرة وأبناؤها في السجون الضيقة والأقل ضيقا؟ أم بمن امتدحته واصفا البلاد في عهده بتونس الجميلة والخير الكثير.
 » تونس بن علي فيها خير كثير. ملايين التونسيين ينامون الليل مطمئنين، ويسعون من أجل الرزق آمنين، يرتادون المساجد، والملاعب، والحدائق، ويفرحون في الأعياد وفي كل مناسبة يتحقق فيها نصر معتبر لتونس في أي محفل من المحافل الإقليمية والعالمية. كثير منهم يملك بيته، وربما أكثر من بيت. وسيارته، وربما أكثر من سيارة. ويقود الفلاح من سيدي بوزيد شاحنته فجرا إلى باجة أو صفاقس أو العاصمة، ويعود منها ظهرا، آمنا مطمئنا، لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه. »
وداعيا إياه وهو صاحب الفضل فبقي له أن يترفع عن الثأر ويعفو ويصفح :
« وأن الله تعالي حث على العفو والتسامح والتغافر بين المؤمنين، وقال: « وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم »؟ » عجبا يا سيادة الرئيس ألا تحب أن يغفر الله لك ؟؟؟؟ لا تخيب رجاء الدكتور
أذكر لك يا سيادة الدكتور مثالا حيا شاهدته على شاشة التلفزيون في محاولة إصلاح ما فسد من صورة النظام الذي ملأت أخبار تقواه وزهده أصقاع الدنيا كذا عائلته القريبة والبعيدة من الرحم أو من المصاهرة جمعت أخبارهم فلم تسعها الكتب :
شاركت إحدى النساء أم وسيم في قناة إقرأ محاولة تلميع صورة تونس في موضوع الحجاب قائلة : كثر الكلام عن الحجاب في بلدي تونس وأنا ألبس الحجاب منذ 7 سنوات لم أشعر بالمضايقات ولم أر أي تضييق على المحجبات وقد ازداد عددهن في الفترة الأخيرة فلم كثر الكلام عن بلدي وتشويه صورته؟؟؟ أو هكذا قالت. أجابها الشيخ حفظه الله هذا ممتاز هذه بشرى تستحقين عليها الدعاء فجزاك الله خيرا على هذا النقل. هذه بشرى فما أعظم هذا ولكني رأيت بأم عيني وأنا أزور كلية الشريعة الطالبات يمنعن الحجاب. تمنع المحجبات من الدخول إلى الجامعة بغطاء الرأس عند الباب.
سؤال أطرحه بالمناسبة ما دام الرئيس قد بلغ من التقوى والصلاح وأن الأمر صارللاستقرار وأن الذي مر بالبلاد هو نتيجة تعنت فئة متشددة ومتهورة زجت بالأبناء في السجون وبقيت هي تصول وتجول تتمعش من ذكراهم فلم لم يسع صلاحه المصالحة أليسوا أبناء تونس الجميلة تونس الخير فأي خير حل وهم يموتون موتا بطيئا وشريط الهاشمي المكي ليس بالبعيد؟؟؟.
أختم لك بهذه الكلمة فلا صمت بعد اليوم هل ما صنعه القهر في بنات السجناء وزوجاتهم من قوة روحية لمسناها جلية في شريط المساجين لم يحرك فيك الحنين إلى المواقف النضالية أم أن النعم قد تتحول يوما إلى نقم.
ويا قاتلَ الوقتِ في رَحْمِ ساعاتِنا الواقفهْ إلى أين تمضي جنائزُ أحلامِك النازفهْ إلى أين يفضي السكوت؟ إلى أين يمضي الكلامُ؟ للشاعر سميح القاسم
مع تحيات آمال الرباعي


بسم الله الرحمن الرحيم

سيرة العباس وسيرة ابنه حبر الأمة رضي الله عنهما

د. محمد الهاشمي الحامدي صدر لي في الخليج هذا العام كتاب مشترك مع الشيخ الدكتور عائض القرني عن أهل البيت. وتضمن الكتاب دراسة أعددتها عن أهل البيت في القرآن الكريم والسنة النبوية. عرضت في ثنايا الكتاب واختصار السيرة الذاتية لعدد من أعلام أهل بين النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الكرام الأبرار الذين نصلي عليهم في صلواتنا كل يوم. وأحب أن أهدي زوار هذا الموقع نبذة موجزة عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، جد خلفاء الدولة العباسية، وعن ابنه حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه.
* * * العباس بن عبد المطلب عمود من أعمدة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. كان نعم العم له، مخلصا في موالاته لنبي الإسلام عليه الصلاة والسلام في كل الأوقات. ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين أو ثلاثة، فكان قريبا جدا منه في العمر وتوفي في السنة الثانية والثلاثين بعد الهجرة، عن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين. وهو جد خلفاء الدولة العباسية.
دور العباس في بيعة العقبة الثانية
حضر بيعة العقبة الثانية رغم أنه لم يكن دخل في الإسلام بعد. كانت تلك البيعة حدثا عظيما في تاريخ الإسلام، وقد كتبت عنها وعن دور العباس فيها في كتابي « محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية ». قلت: جاء موسم حج العرب الى مكة، في العام الثاني عشر من عمر الدعوة الإسلامية، فعاد السفير الناجح مصعب بن عمير الى النبي يقدم له تقريرا عما أنجزه في يثرب. لكنه لم يأت وحده، وإنما جاء معه وفد كبير من المسلمين المتشوقين الى لقاء الرسول، والذين اتخذوا قرارا حاسما بتأييده وتأييد دينه. ولاشك أن التطورات الضخمة التي حصلت في يثرب وصبت في صالح الدعوة الإسلامية، قد قادت الى بروز خيار استراتيجي جديد للنبي، هو أن يهاجر من مكة الى المدينة الجديدة التي آمنت به، ليتخذها قاعدة وعاصمة يبشر منها بالإسلام ويرفع الظلم والقمع عن المسلمين. ومع أن مكة قبلة العرب ومسقط رأس النبي وأهله، فإنه قد قضى فيها الآن اثني عشر عاما منذ نزول الوحي إليه، ولم ير من زعماء قريش إلا الصد والتعسف والظلم والتشويه.
كان أكثر الحجاج الى مكة من المشركين. يعبدون الله ويعبدون الأصنام معه، ويقولون أحيانا في معرض الدفاع عن أنفسهم إنهم لا يعبدون الأصنام إلا لتقربهم من الله زلفى. وفي مكة أرض الحج، كان زعماء المشركين الذين قادوا الحملة على الإسلام هم السادة أصحاب الأمر والنهي.
لذلك بذل النبي كل ما في وسعه ليحجب أخبار لقائه بمسلمي يثرب عن أعين أعدائه. فلما كانت احدى الليالي الأخيرة من أيام التشريق، وهي المرحلة الأخيرة من الحج، نام المسلمون مع رفاقهم من الحجاج المشركين أول الليل. حتى إذا مضى الثلث الأول منه، واطمأنوا الى أن العيون التي ترصدهم نامت أو غفلت، خرجوا متسللين الى موعد سبق تحديده لهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، هما نسيبة بنت كعب وتدعى أم عمارة، وأسماء بنت عمرو وتدعى أم منيع. كان ممن رافق النبي لهذا اللقاء عمه العباس بن عبد المطلب، وهو لم يكن قد دخل في الإسلام آنذاك، ولكنه كان نصيرا للنبي مهتما بأمره بسبب القرابة العائلية بينهما. حتى إذا اكتمل نصاب المجتمعين، قام العباس مخاطبا أهل المدينة، وقد أدرك أن ما يدور أمام عينيه اجتماع حاسم وتاريخي، وستترتب عليه أوضاع سياسية وأمنية وعسكرية جديدة. قال العباس:
« إن محمدا منا حيث قد علمتم. وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه. فهو في عز من قومه ومنعة من بلده، وإنه قد أبى إلا الإنحياز اليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك. وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم، فمن الآن فدعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده ».
تدل كلمة العباس أن القرار الإستراتيجي بالهجرة الى يثرب قد تم اتخاذه من جهة المبدأ، لكن تأكيده كان يتطلب بيعة رسمية من أهل يثرب المسلمين للرسول، بيعة تتضمن بوضوح التبعات التي يمكن أن تنجر على أهلها، حتى يمضوا فيها واثقين مصممين، أو ينسحبوا منها منذ البداية إن كانوا غير قادرين على الوفاء ببنودها. قال وفد يثرب للعباس إنهم يريدون أن يسمعوا من النبي مباشرة ما يطلبه لربه ولنفسه. فتحدث النبي لهم عن دعوة الإسلام مبادئها، وحثهم على التمسك بها، وقرأ عليهم من القرآن الكريم، وأوضح لهم أن البيعة التي يطلبها تشمل التزامهم بأن يحموه مما يحمون منه نساءهم وأبناءهم.
عرض النبي مطالبه على أهل يثرب بشفافية كاملة، فهو كان يعرف أن طغاة مكة لن يسمحوا للنبي والمسلمين بتأسيس مركز إسلامي مستقل، وسيدخلون الحرب من أجل استئصاله. والحرب في هذه الحالة لن تكون موجهة للنبي وأتباعه من مسلمي مكة وحدهم، وإنما ستستهدف أيضا أهل يثرب والمسلمين كافة. ومن هنا لزم أن يعرف هؤلاء الذين يحدثهم ما هم مقدمون عليه.
ويبدو أن العباس عم الرسول كان حريصا جدا على استكشاف مدى استعداد أهل يثرب للتضحية في سبيل الإسلام والرسول، فعاد وبين لهم أن قبائل كثيرة ستستهدفهم بالحرب إن هم مضوا في بيعتهم، وأن أشرافهم سيلقون القتل وأموالهم ستنهب من القوى المعادية للإسلام. فقال أهل يثرب في موقف تاريخي حاسم:  » إنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الاشراف، فما لنا يا رسول الله إن نحن وفينا؟ قال الجنة. قالوا: ابسط يدك. فبسط يده فبايعوه ». (1)
العباس في موقعة حنين
أسلم العباس عام فتح مكة. خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجحفة وعاد معه في حملة تحرير مكة. ونقل الحافظ بن كثير روايات تفيد بإسلامه قبل ذلك وبقائه في مكة بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم.  برز اسم العباس بن عبد المطلب أيضا في موقعة حنين، وقد أشرت إلى فضله فيها في كتابي عن السيرة النبوية. (2) خرج النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة على رأس أكبر جيش قاده منذ هجرته إلى المدينة قبل ثمان سنوات. ولاشك أن كثيرا من المشاركين في الحملة أحسوا بالزهو والأمان والإطمئنان، حتى جزم بعضهم بالنصر واعتبروه مضمونا دون شك ولا ريب.
وقد تحقق النصر بالفعل، ولكن بعد مفاجأة خطيرة وامتحان قاس، حدث بها جابر بن عبد الله، من صحابة النبي. قال: لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط، إنما ننحدر فيه انحدارا، في عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي، فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيأوا وأعدوا، فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد. مفاجأة عسكرية لم يحتط لها المسلمون أدت إلى ارتباكهم وانكسارهم وتراجعهم طلبا للنجاة من عدو سبقهم إلى ساحة المعركة واختار أفضل المواضع فيها وانقض عليهم بالسهام والسيوف في طرفة عين. أكثر الناس أذهلتهم المفاجأة فتراجعوا لا يلوي أحد على أحد كما قال جابر. أكثر الناس فعلوا ذلك إلا أشجعهم وأكثرهم ثقة بالله وبالحق الذي جاء به هدى للناس، النبي محمد بن عبد الله، فقد انحاز إلى يمين الوادي وهتف في جنوده المتراجعين: أين أيها الناس؟ هلموا إلي، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله.
أكثر المتراجعين ما سمعوا أو ما رغبوا في سماع النداء. لكن عددا من المهاجرين والأنصار لبوا النداء وثبتوا مع قائدهم، ومنهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والمغيرة أبو سفيان بن الحارث وابنه جعفر والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد، وأيمن بن عبيد الذي استشهد ذلك اليوم. ونظر بعض الذين أسلموا في حملة تحرير مكة إلى ما يجري أمام أعينهم من تراجع المسلمين وهزيمتهم فكشفوا عما بقي في نفوسهم ضد الإسلام وأهله. كان من هؤلاء أبو سفيان بن حرب، ومعه الأزلام في لمعة كنانته لم يتخلص منها رغم أنها مخالفة لتعاليم الإسلام، فقال: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر! وقال كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية الذي أعطاه النبي الأمان بعد أن كان يفكر في ركوب البحر والهجرة من بلاده، قال: ألا بطل السحر اليوم. ويحمد لصفوان أنه لم يشمت مثل أخيه، ولو لاعتبارات قبلية بحتة، فقد رد على أخيه: اسكت فض الله فاك، فوالله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن. لكن شماتة أبي سفيان وكلدة بن الحنبل كانت متسرعة. فالنبي الشجاع الواثق من وعد الله صمد ومعه نخبة من المؤمنين الصادقين. ويروي عمه العباس عن تفاصيل تلك اللحظات الصعبة: كنت امرؤا جسيما شديد الصوت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى من الناس: أين ايها الناس؟ فلم أر الناس يلوون على شيء. فقال: يا عباس: اصرخ يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السمرة. فأجابوا: لبيك، لبيك. فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره، ويخلي سبيله، فيؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا. وكانت الدعوى أول ما كانت: يا للأنصار. ثم خلصت أخيرا: يا للخزرج، وكانوا صبرا عند الحرب، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه، فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون، فقال: الآن حمي الوطيس.
ثبت النبي القائد رغم وطأة الصدمة لم يتزعزع، فعادت الثقة إلى أصحابه، وعلى رأسهم قادة المهاجرين وشجعان الأنصار الذين ناداهم النبي فلم يخيبوا ظنه. ثم سرعان ما عاد المتراجعون من المسلمين إلى ساحة الدفاع عن الحق وعن نبيهم، فاستقام الأمر لهم ودارت الدائرة على جيش المعتدين من هوازن وثقيف.
انتصر المسلمون إذن بعد امتحان عسير أول الأمر، ونزل من السماء قرآن كريم يبين نعمة الله على عباده من بعد أن غرتهم كثرتهم وكادوا يهزمون:
« لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين ». (التوبة: 25-26) عمر يستسقي بالعباس أخرج البخاري عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون ». (3) وقال ابن كثير عن العباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجله ويعظمه وينزله منزلة الوالد من الولد ويقول « هذا بقية آبائي ». وكان من أوصل الناس لقريش وأشفقهم عليهم. وكان ذا رأي وعقل تام واف. وكان طويلا جميلا أبيض بضا ذا طفرتين وكان له من الولد عشرة ذكور سوى الإناث، وهم تمام، وكان أصغرهم، والحارث، وعبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، وعون، والفضل، وقثم، وكثير ومعبد. (4)
حبر الأمة عبد الله بن عباس
من أشهر أبنائه حبر الأمة الإسلامية عبد الله بن عباس. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي سنة 68 هجرية. روى ابن عباس قال: ضمني النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: اللهم علمه الحكمة. (5)
وقال الحافظ بن كثير: هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي أبو العباس الهاشمي بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبر هذه الأمة، ومفسر كتاب الله وترجمانه، كان يقال له الحبر والبحر، وروى عن رسول الله شيئا كثيرا، وعن جماعة من الصحابة، وأخذ عنه خلق من الصحابة وأمم من التابعين، وله مفردات ليست لغيره من الصحابة لاتساع علمه وكثرة فهمه وكما عقله وسعة فضله ونبل أصله، رضي الله عنه وأرضاه. (6)
كان عبد الله بن عباس يفتي في عهد الخليفتين عمر وعثمان. شارك في حملة فتح إفريقية عام 27 هجرية في عهد الخليفة عثمان بن عفان. وتولى إمامة الحج بأمر الخليفة عثمان عام 35 هجرية. وشارك مع الإمام علي في موقعتي صفين والنهروان، وكان ممن نصحه بأن يتريث في عزل معاوية عن ولاية الشام. تولى ولاية البصرة في عهد الإمام علي، وقدم على معاوية بعد استتباب الأمر له فأكرمه وقربه وأولاه الإهتمام اللائق به. وعندما قرر الإمام الحسين تلبية دعوة أهل العراق ومواجهة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان نهاه بقوة وعارضه معارضة شديدة وحذره من خطورة العواقب. لكن الحسين تمسك برأيه وكان ما قدر الله.
وعندما حصل النزاع على الحكم بين عبد الله بن الزبير وعبد الملك بن مروان، رفض عبد الله بن عباس مع محمد بن الحنفية مبايعة ابن الزبير رغم أنه طلب منهما ذلك، وكانا مقيمين مع ابن الزبير في مكة المكرمة. لم يبايع ابن عباس وابن الحنفية أيا من طرفي النزاع واعتزلا الساحة السياسية، فغضب ابن الزبير وهم بالإنتقام منهما، فاستنصرا عليه بمؤيديهما من العراق فأنقذوهما منه، وانتقلوا بهما إلى الطائف، وفيها مات ابن عباس.
عن عبيد الله بن أبي يزيد قال: كان ابن عباس إذا سئل عن مسألة فإن كانت في كتاب الله قال بها، وإن لم تكن وهي في السنة قال بها، فإن لم يقلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدها عن أبي بكر وعمر قال بها، وإلا اجتهد رأيه. (7)
وقال اسحاق بن راهويه: « ابن عباس كان قد أخذ ما عند علي من التفسير، وضم إلى ذلك ما أخذه عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي بن كعب وغيرهم من كبار الصحابة، مع دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له أن يعلمه الله الكتاب. (8)
رزق العباس بولدين: العباس وعلي، وسمي بعلي السجاد لكثرة صلاته، وكان جميلا حسن الوجه مداوما على الذكر والصلاة، وفي ذريته كانت الخلافة العباسية. قال عمرو بن دينار عن مجلس عبد الله بن عباس: ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلسه، الحلال والحرام وتفسير القرآن والعربية والشعر والطعام. (9) رضي الله عن العباس وأولاده، وجزاهم خير الجزاء على كل ما قدموه لنصرة الإسلام ونبيه.
ورضي الله عن حبر الأمة عبد الله بن عباس ورفع قدره بين الناس وفي الملأ الأعلى. ــــــــــــــــــ  (1) ـ محمد الهاشمي الحامدي: محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية. مصدر سابق. ص 106-107 (2) ـ المصدر السابق. ص 258-259 (3) ـ صحيح البخاري. الجزء الثاني. ص 301 (4) ـ الحافظ بن كثير: البداية والنهاية. مصدر سابق. الجزء السابع. ص 161 (5) ـ صحيح البخاري. الجزء الثاني. ص 306 (6) ـ الحافظ بن كثير: البداية والنهاية. مصدر سابق. الجزء الثامن. ص 295 (7) ـ المصدر السابق. ص 303 (8) ـ المصدر السابق. ص 303 (9) ـ المصدر السابق. ص 302

إرحل أيها الصنم

مات كلب في المحله         فاسترحنا من عواه خلف الملعون جروا          فاق في النبح اباه                                               المعري    كم على العرش جلست  يا ايها الصنم الهناك كم من الشعب من دمه من عرقه من لحومه  كم اكلت يا انت يا  ايها  الصنم الهناك   اما من الضيم سئمت اما كفاك من الذنوب من العيوب اما كفاك  ماجمعت قد ملك  الشعب  يا ايها الصنم الاصم اما كفاك ماسقيتنا من جراح من صراخ من الم اما  كفاك  ما جمعت من النقم  خذ كل ما قد جمعته  من فلوس  وماقتلته  من نفوس وارحل هناك إلى حيث  حساباتك المفتوحه  إلى  حيث  سيرتك المفضوحه وارحل هناك وراء الوطن وارحل الى حيث ما شئت  إرحل إلى حيث لا نظل نراك الى حيث لاتبقى منك سوى الذكرى وبعض اللعنات يرددها الشعب حين يرى بقايا الجراحات فيه حين تتلمض الامهات منه بقايا  المرارات   كرهنا كل الأرقام التي تحمل رقمك المفضل سبعة كرهنا كل السبعات التي  تذكرنا بالضبع  الذي خلف الضبع  فارحل ايها الضبع بشرك عنا إرحل ولا تسال   عن السبب وخذ معك صناديق أقتراعك وخذ معك خدمك وخذ معك  حشمك وبوليسك  وجاويشك وخذ تسعات النسب ارحلولا تترك لنا سوى الغضب إرحل ولا تترك  لنا سوى التعب فإنا  نحب التعب ونهوى النصب ونهوى ……. نعيش بدونك بدون المواعظ دون الخطب بدون الموائد دون الرتب ونهوى نعيش بعيدا عن الاغنيات التي بثها الماكرون بعيدا عن الغد  المغلف بالنفاق بالدجل بكل اصناف اللحون يا ايها الصنم الهناك يا ضبع قرطاج ترجل وارحل قبل ان يغضب منك املكار وحنبعل  إرحل قبل ان يعلن عقبة غضبته وتندم ولن يفيدك ساعتها الندم إرحل عن ارضنا أغرب  ايهاالضبع الصنم   
جمال الدين احمد الفرحاوي 21 –06- 2004 
 

شمال افريقيا القاعدة الخلفية لحرب «القاعدة»

توفيق المديني
تأكدت عودة نشاط الجماعات الإسلامية المسلحة في منطقة المغرب العربي    بصورة تراجيدية في الجزائر، يوم الإربعاء 11 نيسان /أبريل الماضي .ورغم درجة التأهب الأمني من قبل أجهزة الأمن الجزائرية التي اتخذت إجراءات جديدة عبر فرض مزيد من الصرامة على طول المحافظات الكبرى، تحسبا لتصعيد إرهابي محتمل،  على خلفية ما شهدته منطقة القبائل الأسبوع الماضي، واكتشاف عشرات القنابل زرعت في أماكن مختلفة في الأيام الماضية، فإن تنظيم « قاعدة الجهاد في بلادالمغرب الإسلامي » استطاع أن يشن  هجوما ضخما و نوعيا ، استهدف مقر رئاسة الحكومة ومركزين أمنيين في باب الزوّار على الأبواب الشرقية للعاصمة الجزائرية.
ويريد  تنظيم « قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي » من خلال هذه الهجمات الاستعراضية إعطاء انطباع بقدرته على التعفين وزرع البلبلة في قلب العاصمة الجزائرية ،عبر   استهداف مركز الدولة ، أي القصر الحكومي ، وهو مبنى ضخم من طوابق عدة يعود إلى فترة الاستعمار الفرنسي، ويضم مكاتب رئيس الوزراء ووزارات عدة بينها وزارة الداخلية، بهدف تحقيق صدى إعلامي واسع هو في أمس الحاجة إليه.
وتبنى تنظيم  « قاعدة  الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي » هذه الهجمات،التي أسفرت عن سقوط 30 قتيلا و أكثر من 222 جريحا، وهي  الأولى من نوعها في العاصمة منذ بدء المواجهة مع الجماعات المسلحة في التسعينيات. وبدا كما لو أنّ هذه الهجمات جاءت ردّاً منه على مقتل 32 عنصراً من التنظيم أبرزهم « أبو صهيب عبدالرحمن » على  أيدي القوات النظامية في منطقة القبائل قبل أيام.. وقد أفضت هذه العمليات إلى شل نشاط التنظيم المسلح ودفع بقية خلاياه التي تمكنت من النجاة من عمليات الحصار التي تقوم بها قوات الجيش، إلى تنفيذ هذه التفجيرات الانتحارية لدفع قوات الجيش إلى رفع الحصار عن منطقة القبائل.
و قد خلفت الحرب الأهلية التي دارت رحاها في الجزائر بين المؤسسة العسكرية وأجهزة المخابرات من ناحية و الجماعات الإسلامية المسلحة من ناحية أخرى ، طيلة المرحلة الممتدة ما بين 1992و 2002، ما بين 150000و 200000 قتيلا.و إن كان هذا العنف شهد تراجعا ملحوظا مع بداية عام   2003 .
وكانت السلطات الجزائرية درجت منذ عام 2003على إثبات الروابط بين « الجماعة السلفية للدعوة و القتال » وبين تنظيم القاعدة الأم ، مقدمة  « الأدلة »، ومصدرها الوحيد هو قسم الاستخبارات والأمن (أو من هم على علاقة به في الصحافة الجزائرية)، بهدف الحصول على دعم مالي و عسكري من واشنطن.و قد سمح هذا الوضع  للإدارة الأميركية بإدراج المجموعة السلفية على لائحة « المنظمات الإرهابية » .
وقد جهدت الأجهزة السرية في الجيش الجزائري، أي قسم الاستخبارات والأمن البالغ النفوذ (الأمن العسكري سابقاً) لكي تقنع الرأي العام الدولي بأن « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » مكلفة بإنشاء مراكز لتنظيم القاعدة في منطقة الساحل الإفريقي.وبعد فترة خففت الولايات المتحدة الحصار على الأسلحة المتوجهة الى الجزائر وأعلنت عن بيعها بعض التجهيزات العسكرية الخاصة بمكافحة الإرهاب .وكان السيد وليم بيرنز، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، قد أعلن في أواخر العام 2002 من الجزائر العاصمة أن « على واشنطن أن تتعلم الكثير من الجزائر في مجال الحرب على الإرهاب » .  وهكذا تحولت الجزائر هدفاً لتنظيم القاعدة وبالتالي حليفة طبيعية للولايات المتحدة، كما كانت مطاردة بن لادن مبرراً لاحتلال أفغانستان وإقامة قواعد عسكرية في آسيا الوسطى المنطقة الاستراتيجية لواشنطن. وهكذا تحولت « الجماعة السلفية للدعوة و القتال  » لتشرعن الوجود العسكري الأميركي في الساحل الإفريقي الذي بات يصور على أنه قاعدة خلفية محتملة لتنظيم القاعدة.
1-القاعدة في المغرب العربي و الانخراط في عولمة العنف
عندما تقوم شركة متعددة الجنسيات بتغيير اسمها ، فهي تقوم أولا بحملة علاقات عامة.و هكذا عندما أعلنت الجماعة السلفية للدعوة والقتال انضمامها الى القاعدة في2 نوفمبر / تشرين الثاني2006 ،وأنها غيرت اسمها ليصبح « قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الاسلامي »، وتكرّس ولاءها لأيمن الظواهري الذي حمّلها بدوره شرف قيادة وتنسيق عمل القاعدةالأم  في بلاد المغرب العربي بعدما انضوت تحت لوائها باقي الجماعات الإسلامية المتشددة في البلدان المغاربية، والتي أجمعت على التكاتف والاتحاد، توقع خبراء مكافحة الإرهاب وقوع الأسوأ في الجزائر كما في أوروبا.!
ومذاك تعهد التنظيم الجديد بتوسيع نشاطه كي يشمل كافة بلدان المغرب العربي، فضلاً عن جيرانها الأوروبيين كفرنسا وإسبانيا، وربما إيطاليا مستقبلاً. وقد استفاد التنظيم من عوامل جيبولوتيكية ولوجستية عديدة ساهمت في إنجاح ضرباته، ليس أقلها استغلاله لحال التراخي الأمني الموجود في المناطق الصحراوية الممتدة في مثلث الجزائر – مالي – تشاد. كما ساعده أيضا الخلاف الجيوسياسي الموجود بين المغرب والجزائر حول الصحراء المغاربية، وانعكاسات ذلك علي درجة التعاون الأمني واللوجيستي بين أجهزة المخابرات في البلدين، إلي الدرجة التي تحدثت فيها تقارير عديدة عن وساطة فرنسية بين المغرب والجزائر لزيادة التعاون الاستخباراتي والأمني بين البلدين. وجاءت التفجيرات الأخيرة التي هزت العاصمة الجزائرية لتؤكد هذه المخاوف. فتغيير الإسم يتوافق مع مصالح متبادلة بين قيادة « الجماعة الإسلامية للدعوة و القتال » و النواة المتشددة في تنظيم القاعدة. الأولى تستفيد من شهرة الماركة المعروفة عالميا تحت اسم القاعدة، و الثانية تستفيد من المآثرلممثليها الجدد لكي تطور شبكاتها الإرهابية في منطقة المغرب العربي.
وكتب جيوف بورتر من مجموعة يوراسيا الاستشارية التي تقدم استشارات للشركات بشأن مخاطر الاستثمار إن « تغيير الإسم جذب اهتماما إعلاميا كبيرا وعادت الجماعة السلفية للدعوة والقتال إلى الظهور في الصفحات الاولى في الصحف ووضعت في اطار انتشار محتمل للإرهاب الإسلامي في كل أنحاء شمال إفريقيا. »
وفي نفس الوقت غيرت الجماعة استراتيجيتها نحو التفجيرات المثيرة في الاماكن العامة في البلدات متخلية عن هجمات الكر والفر على الشرطة في المناطق الريفية. وقال ماجنوس رانستورب خبير الارهاب بكلية الدفاع الوطني السويدية إن « هذا إلى حد ما يتعلق بالسعي إلى عناوين تلفت الانتباه ولكن أعتقد أيضا أن له علاقة بالعثور على أفضل مكان يستطيعون فيه إثارة عدم الاستقرار وزعزعة الوضع الأمني.وقالت جيودسيلي من تيورسيك كونسولتانسي إن الجماعات الإسلامية المسلحة في المنطقة تتقاسم نفس الايدلوجية والهدف العام ولكن لا يوجد دليل ملموس على وجود صلات فيما يتعلق بالعمليات.وأضافت « توجد صلات بين الأفراد فهم يتحدثون ويتقاسمون نفس الآراء..ولكن ليس على صعيد العمليات. »
وقالت جيودسيلي إن « الصلة مع القاعدة اعطت الجماعة السلفية للدعوة والقتال الشرعية في السعي لتوحيد الجماعات المختلفة في المنطقة ولكن لا نستطيع التحدث عن تنظيم واحد. »وقال محللون ان من المحتمل ان مفجري الدار البيضاء والجزائر يتقاسمون الخبرة في تصنيع القنابل والمتاحة بسهولة على الانترنت وربما حركتهم نفس المواعظ عن الاستشهاد الموجودة على شرائط صوتية واقراص مدمجمة متاحة بسهولة في الاحياء الفقيرة في كل من المدينتين.ولكن هناك اختلافات بين الجماعات المسلحة بالمنطقة.
نحن الآن  في مواجهة الجيل الثالث من نشاط الإسلاميين المتشددين ، بعد الجبهة ٌالإسلامية للإنقاذ، و الجماعة الإسلامية المسلحة،التي « زاغت عن الجهاد الشرعي ». إذ أن نموذج الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا) الذي يقوم على خوض القتال في الجبال ، و إرادة بناء دولة إسلامية لم يعد صالحا.فالجيل الثالث من الإسلاميين ، ليس لديه أي  استراتيجية لاستقطاب الجماهير، بل إنه يمارس العنف في إطار مشروع معولم يتجاوز الحدود القومية  .فهؤلاء الإسلاميون من الجيل الثالث لا يمتلكون مشروعا سياسيا .كما أن الجماعة  السلفية للدعوة و القتال بعد انضمامها للقاعدة قد خفضت من  هدفها الأصلي و هو الإطاحة بالحكومة العلمانية لمصلحة استهداف الغربيين،و لذا تخلت عن الاستراتيجية السابقة التي كانت تعتمد على إدارة عملياتها الإرهابية  انطلاقا من  الجبال أو المناطق الريفية و المعزولة ، و انتقلت للعمل داخل في المدن،  الكبرى.وتؤكد التفجيرات الأخيرة في الدار البيضاء و الجزائر العاصمة أن تلك الاستراتيجية دخلت حيز التطبيق الفعلي،  للحصول على تأثير إعلامي على مستوى دولي. وتكشف العمليات الانتحارية الأخيرة التي قام بها تنظيم « قاعدة الجهاد ببلاد المغرب الاسلامي »،تفجيرات بوساطة السيارات المفخخة في منطقة القبائل يوم 13 شباط/فبراير الماضي ، و العملية ضد الحافلة التي كانت تنقل موظفين من الشركة الأميركية »بي ،أر،سي » وهي فرع للشركة الوطنية التابعة للدولة سوناتراكو هليبرتون ، و التي راح ضحيتها سائق الحافلة و تسعة جرحى منهم ثمانية أجانب يوم 6 ديسمبر 2006،تكشف هذه العمليات عن إرادة واضحة لزعزعة النظام الجزائري ، كما أنها تدخل إطار الحركية الإسلامية الجهادية  الدولية.
تضم « الجماعة السلفية للدعوة و القتال »ما يقارب 800 ناشطا يتمركزون أساسا في منطقة القبائل و عاصمتها بجاية، فضلا عن كونها تحظى بدعم الكثيرين من الجزائريين المقيمين في أوروبا، لا سيما في فرنسا التي تضم جالية جزائرية  كبيرة.وتعاقب على رئاستها عبد المجيد ديشو الذي قتل عام 1999، ثم حسان الحطاب الذي طلق التنظيم عام 2003، ثم نبيل الصحراوي الذي لقي مصرعه على يد  قوات الجيش الجزائري صيف 2004. و تزعم عبد المالك درودكل المعروف باسمه الحربي  أبو مصعب عبد الرحمن الجماعة منذ صيف 2004و لغاية الآن. و بمجرد صعوده إلى الزعامة لم يخف أبو مصعب نيته في تدويل الجماعة.
ويحاول أبو مصعب منذ عدة أشهر معالجة تذرر منظمته عبر التأكيد على « إرادة المركزية الديمقراطية » حسب القول الساخرلأحد المسؤولين  الفرنسيين الكبار في مكافحة الإرهاب.إنه يحاول توحيد فيدراليات الكتائب  لمختلف المناطق الجزائرية، وتطوير الاتصالات  في كل شمال وغرب إفريقيا، حول القوس الممتد من موريتانيا إلى ليبيا. ويتألف تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي من مقاتلين يتمركزن في المناطق الجبلية شرقي العاصمة الجزائرية حيث تحاول الحكومة تأكيد سيطرتها.و منذ  آذار/مارس عام 2004 كان الجنرال تشارلز والد، مساعد قائد القوات الأميركية في أوروبا ، يؤكد أن عناصر من تنظيم القاعدة يحاولون أن يستقروا « في القسم الشمالي من إفريقيا، في الساحل وفي المغرب. فهم يفتشون عن ملاذ كما في أفغانستان حين كانت حركة طالبان تتولى الحكم. إنهم بحاجة إلى مكان مستقر لكي يتجهزوا ويتنظموا ويجندوا عناصر جديدة
لاشك أن  هجمات 11 أبريل في الجزائر ، جاءت لتؤكد أن تغيير اسم « الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر » ، يتوافق جزئيا مع واقع القاعدة.و علاوة على تبني القاعدة هذه الهجمات نفسها،هناك عدة مؤشرات تدافع عن هذه الاتجاه.حتى الوقت الحاضر،و بصورة استثنائية تقريبا، لم تلجأ أي مجموعة إسلامية مسلحة إلى العمليات الانتحارية أبدا. بصمات تنظيم « القاعدة » جلية، ونوعية ضرباته وأهدافه رسالة تحدٍ واضحة، ورائحة أفكاره تفوح من بين أشلاء القتلى. بينما هذه الهجمات لاقت إستنكارا شديدا من مختلف مكونات المجتمع المدني الجزائري ،لا سيما الإسلامية منها ،إذ أصدرت الأحزاب الجزائرية الموالية والمعارضة بيانات شجبت فيها الهجمات  ،وأعلنت تضامنها مع الدولة ، ودعت إلى التحام جميع الفرقاء السياسيين في وجه ما سمته بالهجمة الإرهابية التي تتعرض لها البلاد.
ويرى المحللون في شؤون الحركات الإسلامية في منطقة المغرب العربي، أن تنظيم « قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي  » يعاني أزمة حقيقية ، بسبب تزايد أعداد « التائبين » الذين تخلوا عن العمل المسلح قصد الاستفادة من سياسة المصالحة الوطنية وتدابير العفو الشامل، وكذا بسبب الضغوط التي تمارسها وحدات الجيش الجزائري على بعض المسالك التقليدية بالمناطق الحدودية مع مالي و ليبيا .
وقد تحول هؤلاءالتائبون   إلى « مخبرين » بدرجة امتياز في الفترة الأخيرة، وبالمعلومات الميدانية الدقيقة التي يوفرونها للأجهزة الأمنية   باتوا يهددون أمن عناصر التنظيم المسلح ككل. وكانوا السبب في معظم العمليات الناجحة التي قامت بها قوات الأمن الجزائري، خاصة بعد إعتقال عشرة ناشطين تونسيين كانوا في طريقهم إلى الجبال الجزائرية  لتلقي تدريب عسكري على أيدي قيادات التنظيم المسلح، وهو ما عزز الانطباع بأن تنظيم   » قاعدة الجهاد » قد يكون مخترقا بشكل يصعب التعامل معه.
أما المغرب فهو مجتمع فقير ولكن مستقر .ويقول الخبراء إن السلفيين الراديكاليين الساعين إلى مجندين للقيام بمهام انتحارية يستهدفون الشبان الأميين والعاطلين من الأحياء الفقيرة بالدار البيضاء وطنجة وتطوان.وقد ترافقت هجمات الجزائر مع الهجمات الانتحارية الجديدة التي تعرضت لها مدينة الدار البيضاء قبل يوم واحد من أحداث الجزائر، والتي قضي فيها  فيها أربعة انتحاريين ومفتش شرطة، وخلفت ضحايا وصدمات في صفوف الأهالي.وكانت  مصادر أمنية مغربية قالت إن الانتحاري الذي فجر نفسه هو سعيد بلواد، مولود في الدار البيضاء في ،1976 وكان ينتمي إلى مجموعة من أربعة أشخاص، فجر ثلاثة منهم أنفسهم ، وأصيب الرابع بالرصاص قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى متأثرا بجروحه.
وتعيش الأجهزة الأمنية  المغربية حالة من التأهب القصوى تحسبا لوقوع انفجارات جديدة، وهي تبحث الآن  عن عشرة انتحاريين شديدي الخطورة، يعتقد أنهم مختبئون في الدار البيضاء عقب مقتل الأربعة، وهم على استعداد لتفجير أنفسهم كما فعل أولئك.
وترى السلطات المغربية أن الإرهابيين الأربعة الذين لقوا حتفهم لم يتمكنوا من تحقيق أهدافهم الدموية بفضل يقظة وحرفية أجهزة الأمن المغربية، والتي ضاعفت من يقظتها منذ حادث التفجير في مقهى للإنترنت في الدار البيضاء في 11 الشهر الماضي من أجل الحيلولة دون تنفيذ مخططاتها، ولم يكن أمام الإرهابيين الذين كانت تلاحقهم الشرطة بعد تحديد أماكن تواجدهم في الصباح الباكر من خيار آخر سوى أن يفجروا أنفسهم، بغرض أن يحصدوا معهم أرواح ضحايا أبرياء.
وكانت مدينة الدار البيضاء – القلب الاقتصادي للمغرب –  شهدت في أيار/مايو 2003   عدة تفجيرات في غاية من العنف ، أكدت  عن نهاية  دورة تاريخية من الموافقة الإجماعية على السياسة التي ينتهجها المخزن, و القائمة  على رفض المواجهات  بوساطة العنف في الثقافة السياسية المغربية.و كشفت تلك التفجيرات عن وجود جماعتين هما: » السلفية الجهادية » التي قالت السلطات أنها تقف وراء الهجمات الانتحارية، و كذلك « الجماعة المقاتلة الإسلامية المغربية » ذات الارتباط  الدولي بتنظيم القاعدة.     ومثلت تلك  التفجيرات التي استهدفت مراكز أجنبية و سياحية و مطعم يهودي تابع للطائفة اليهودية في فيردان ، مفاجأة الإسلام السياسي المغربي , إذ أن المملكة المغربية  لم تشهد في تاريخها السياسي الحديث  هجوما مسلحا  قويا و منظما من العنف داخل المدن. إنه تحدي كبيرلهيبة الدولة , و لكنه أيضا للإسلاميين التقليديين , الذين يرفضون اللجوء إلى العنف.
و يجمع المحللون أن تلك التفجيرات شكلت  تحولا استراتيجيا مهما لأنها أطلقت العنان لأول نزاع بين الدولة المغربية الموالية للغرب ، و التنظيمات الإسلامية المتطرفة ، إذ أعلنت الرباط أن بعض الانتحاريين الذين نفذوا التفجيرات مرتبط بتنظيم  » الصراط المستقيم  » المغربي الإسلامي المحظور و المتعاطف مع تنظيم  » القاعدة  » بزعامة أسامة بن لادن . هذا الإسلام السياسي المتطرف  أصبح موجودا في المغرب , و يتميز عن « الإسلام الرسمي المشرعن من  السلطة »الذي يجسده  حزب العدالة و التنمية, التشكيلة الرئيسية للمعارضة البرلمانية, و كذلك عن تنظيم « العدل و الإحسان »  الأقل مرونة في مواجهة السلطة. وكان المغرب سباقا إلى التصادم مع « الشبيبة الإسلامية » منذ الستينيات من القرن الماضي، قبل أن يتم تأسيس حركتين ، هما »حركة العدل و الإحسان » و « حركة الإصلاح و التجديد »، على أنقاض الشبيبة الإسلامية في بداية الثمانينيات. ومع إجراء تعديلات دستورية فتحت الباب أمام التعددية الحزبية، كان للحركتين حضور واضح في الحياة العامة.
وهناك نقاط تشابه بين تجربة المغرب مع تجربة الجزائر، فيما يتعلق بالحركة الإسلاميةالجهادية   ، من حيث انتهاؤها إلى حركتين ، تركز إحداهما على البعد المحلي، فيما للثانية علاقات بتنظيم القاعدة.
2-التهميش ، و اليأس ، و الانغلاق السياسي ، يشكلون قالب الإرهاب المغاربي
تؤكد الهجمات التي وقعت في كل من الدار البيضاء، و تونس مع بداية هذه السنة ، ومؤخرا في الجزائر ، و التي أوقعت  عشرات الضحايا ، أن قضية الجهاد لم تعد محصورةً في نزاعات طرفية مثل أفغانستان والشيشان أو يوغوسلافيا السابقة بل إن الاستهداف بات يطاول قلب العالم العربي الإسلامي. فهو يصيب الأردن والسعودية والمغرب و الجزائر و تونس . إذ تكشف هذه الهجمات أمام العالم تجذُّر شكل إيديولوجي أصولي جديد وهو « التكفير » الذي لا يكتفي بمحاربة الولايات المتحدة الأميركية أو إسرائيل ،بل يدين أيضاً الحكام المسلمين (وكل من يقدّم لهم الدعم من قريب أو بعيد) فيعتبرهم كفرة مرتدّين. ويلجأ هذا التيار إلى العنف السياسي ضد الدول من أجل إرغامها على « العودة إلى شرع الله والمجتمع النبوي للإسلام الأول ». لا يسعى فقط إلى الإطاحة بالأنظمة الفاسدة وغير الشعبية بل إلى تطهير النظام السياسي القائم. وكانت حركة « التكفير والهجرة » قد ظهرت إثر انشقاقٍ في السبعينيات في جماعة الأخوان المسلمين المصرية  لتكون حاملة لأكثر الإيديولوجيات دعوةً للعنف في العالم الإسلامي ابتداءً من التسعينات على وجه الخصوص .وقد مثّل هذا التوجه قطيعةً مع سائر التيارات الإسلامية النازعة إلى المشاركة في الحياة السياسية الشرعية من أجل إقامة الدولة الإسلامية من خلال الانتخاب عند الضرورة. ويطلق على هذه الحركة اسم السلفية التكفيرية.
و يتكون هذا الإسلام السياسي المتطرف  في المغرب العربي من  جناحين :الأول ,  جناح « الأفغان المغاربة » الذين قاتلوا مع أحزاب المجاهدين الوجود السوفياتي في أفغانستان, والثاني , « السلفيون  المجاهدون  » الذين  جسدوا القطيعة مع المملكة السعودية عشية حرب الخليج الثانية. ويعد بروز هذا الشكل الجديد للإسلام الراديكالي بالطبع من عدد متزايد من الإخفاقات السياسية و الإيديولوجية ، على الساحة العربية عامة ، و الساحة المغربية خاصة ، نهاية العالمثالثية المناهضة للإمبريالية الغربية و المدافعة عن حركات التحرر الوطني ، وإفلاس الأحزاب الاشتراكية العربية ، ومأزق الحركات الإسلامية المعتدلة  ، يضاف إليها جميعها عودة الاستعمار الأمريكي الجديد إلى احتلال العراق ، و الدعم المطلق الذي يقدمه للكيان الصهيوني ، و قيام الأنظمة العربية بتأميم المرجعيات الدينية الرسمية في العالم العربي لكي تخدم الرأسمالية التابعة .
    و ينتمي المغرب و الجزائر  إلى دائرة البلدان العربية حيث أن الحركة الإسلامية تحولت عنصرا رئيسا من عناصر التركيبة السياسية الحالية في مشهده السياسي . و لعل الحضور الشعبي الحقيقي للحركات الإسلامية في منطقة المغرب العربي أوسع من نسبة التمثيل التي أتيحت لها ،  لا سيما في الجزائر و المغرب،إذ  أنها  تستند إلى تيار معارض في الوقت عينه مازال خارج اللعبة حتى الآن . و يبدو التناقض الصارخ الآن في المغرب  العربي بين الرأي العام – الذي أصبح ملتفا حول الحركة الإسلامية ، لا سيما في المدن المتوسطة ، والأحياء الفقيرة من المدن الكبرى ،حيث تستقر الأجيال الأولى من الريفيين النازحين إلى المدينة – و بين الأنظمة المغاربية التي لا تزال تفضل التحالف مع الغرب عامة ،و الولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص . ولقد أصبح شمال إفريقيا في نظر الإسلاميين المتطرفين  إقليما تابعا للولايات المتحدة يتوجب و الحال هذه  » تحريره « .
ينتمي هؤلاء الإسلاميون المتطرفون إلى جيلٍ جديدٍ من الأصوليين المنبثقين من مناخ التهميش في أحياء  مدن الصفيح المغاربية، التي تستقبل النازحين من الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً والمقتلعين من الأرياف الفقيرة، نتاج حركة الرسملة التي عمت البلدان المغاربية منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي..ويعيش سكان مدن الصفيح هذه من المتاجرة بالممنوع والسرقات والشطارة غير المشروعة. وتقع هذه « الغيتوات » البائسة على مسافة قصيرة جدا من العواصم المغاربية ، لا سيما الدار البيضاء: فلا توجد فيها لا مياه جارية ولا مجارير ولا كهرباء فيما المياه المبتذلة السامة والكريهة الرائحة تتجمع في وطأة الحر في الأزقة ليحوم حولها البعوض حاملاً أنواع الأمراض كافة. المقيمون في الأحياء السكنية المدينية يسمون هذه الأحياء « الشيشان » في دلالة واضحة على تفككها المدني والاجتماعي والثقافي.
وقد تحولت هذه المناطق المهمشة إلى خير معينٍ للإسلاميين الأصوليين . ذلك أن الفارق بين الإسلاميين الأصوليين المتطرفين  والإسلاميين المعتدلين  المنضوين ضمن الشرعية السياسية (على غرار حزب العدالة والتنمية في المغرب ) أو(حركة مجتمع السلم في الجزائر  ) ليس تكتيكياً فقط بل اجتماعياً أيضاً.
ثم إن إسلاميي الجماعات المسلحة ليسوا من شبان المناطق الفقيرة في قلب المدن القديمة التاريخية، ولا من المناطق الصناعية والمجمعات السكنية الكبرى التي هجرتها الأحزاب ونقابات اليسار وحتى اليسار المتطرف من زمنٍ طويلٍ ،لتشهد منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران هيمنة المناضلين الإسلاميين التقليديين. الإسلاميون المتطرفون هم من المستلبين الخارجين من بيئات اجتماعية مفككة لم يعرفوا فيها سوى حياة الغيتوات البائسة والمليئة بالعنف حيث عوملوا معاملة الحيوانات المفترسة. وهم بإسم مفهومٍ ضيقٍ للإسلام يردّون هذه الوحشية القاسية ضد النظام القائم.
 غير أن القاعدةالأم  ليست إلا ماركة مسجلة تختص بموجة إسلامية لا مركزية ، يصعب إختراقها ,و التي يبدو أنها في تنامي مستمر ,و لا توجد إلا عير الإنغراس في التربة المحلية . فهناك تنظيمات إسلامية متطرفة تتجاور في تنظيم القاعدة . فبعد الآباء المؤسسين من قدامى حرب أفغانستان و القادمين من بلدان الشرق الأوسط و المغرب العربي ، التحق بالحركة في عقد التسعينات جيل جديد من الإسلاميين الراديكاليين كالجهاد الإسلامي ، و الصراط المستقيم ، و التكفير و الهجرة ، و الجماعة الإسلامية المسلحة ، و الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، و هي كلها تنظيمات إسلامية سرية ، تشكل شبكة مساندة لتنظيم القاعدة .و هي لا تسعى إلى أي شرعية سياسية أو إستراتيجية في لجوئها إلى استخدام العنف في أقصى مداه ضد العدو الجديد المتعدد الأشكال  » الغرب  » بعد ما عانت إخفاق الحركات الإسلامية في مختلف البلدان العربية .
    المواجهات المسلحة  الحاصلة في بلدان المغرب العربي، و التفجيرات الأخيرة  التي حصلت في الجزائر العاصمة و قبلها الدار البيضاء، و تونس ،لا يمكن تفسيرها بارتباطها بالإرهاب الدولي فقط, بل إنها تجد جذورها في التربة المحلية, لا سيما إصطفاف الأنظمة المغاربية على أرضية الخط السياسي الأمريكي , و التنسيق الأمني المكثف بين و كالة المخابرات المركزية الأمريكية و أجهزة الإستخبارات المغربية. إضافة  إلى هذين العاملين , هناك  الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية التي عجزت الحكومات  المغاربية عن معالجتها  بما يحقق مطامح الطبقات و الفئات الشعبية الفقيرة, و التي تغذي  عدة تنظيمات إسلامية  تعمل في السرية التامة وتستفيد من الطبيعة المحافظة و التقليدية للمجتمعات المغاربية , لكي تجسد إسلاما متطرفا راديكاليا  في المغرب العربي  يسير على خطى تنظيبم القاعدة.
  لقد طرحت التفجيرات  على السلطات المغاربية  مسألة  جوهرية , ماهي الإستراتيجية التي ستتوخاها في مواجهة الإسلام السياسي المغاربي على إختلاف مشاربه وإجتهاداته، هل ستستمر الأنظمة المغاربية في اتباع الأسلوب الأمني و العسكري, أم  إنها ستستخدم العصا و الجزرة لكي يدخل الإسلاميون في  اللعبة الديمقراطية   ؟ على الرغم من قيام الأجهزة الأمنية في البلدان المغاربية (تونس، الجزائر ،المغرب) ، بملاحقة الجماعات الإسلامية المتطرفة التي ينظر إليها كتهديد للأنظمة ، فإن ذلك لم يفضِ إلى نتائج ملموسة، لاسيما في ظل ما تشير إليه جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان من اعتقال أشخاص أبرياء وإخضاعهم للتعذيب، ما يؤدي إلى خلق مزيد من الإرهابيين. وبخصوص الجهود الأمنية التي تقوم بها بلدان شمال أفريقيا لاستئصال الإرهاب، يقول « روهان جارانتا »، وهو أستاذ مشارك في كلية العلاقات الدولية بجامعة سنغافورة ومؤلف كتاب حول « القاعدة »، إن الجماعات الإرهابية في شمال أفريقيا « عانت من ملاحقة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي تنسق مع الولايات المتحدة ». لكنه يضيف: « أثبتت تلك الجماعات قدرتها على البقاء والاستمرار ». كما يقول إن « الجماعة الإسلامية المغربية المقاتلة » و »الجماعة الإسلامية التونسية المقاتلة »، فضلاً عن « الجماعة الجزائرية » التي تحولت إلى « تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي »، أصبحت كلها « تملك حضوراً في المناطق القبلية بباكستان، فضلاً عن تواجدها في العراق ».
 في المغرب أظهرت الانتخابات التشريعية التي جرت في أيلول 2002 القوة الحقيقية للإسلاميين الذين ينتمون إلى حزب العدالة و التنمية, وهو الحزب الإسلامي الوحيد المعترف به رسميا, و الذي ضاعف عدد نوابه في البرلمان ثلاث مرات.و يجمع المحللون في الغرب أن حزب العدالة و التنمية أصبح القوة المعارضة الأولى في المغرب, و هو يتقدم على اشتراكيي الإتحاد الإشتراكي للقوى الشعبية , و قوميي حزب الإستقلال. و يكمن خوف الحكومة المغربية من أن تسقط عدة مدن مغربية كبيرة مثل الدار البيضاء, و الرباط, و فاس , وطنجة , في أيدي الإسلاميين, الأمر الذي يذكرها  بالسيناريو الجزائري, حين  فاز الإسلاميون الجزائريون في الإنتخابات المحلية  حزيران 1990.
  الخوف المغربي مبني  على أن حزب العدالة و التنمية ليس هو القوة الإسلامية الوحيدة في المغرب, فهناك الحركة الإسلامية التي يتزعمهاالشيخ   عبد السلام ياسين: تنظيم « العدل و الإحسان »,و الذي لا تعترف به السلطة, فهو بدون شك أكثر التنظيمات الإسلامية أهمية في المغرب, إن من حيث عديده أو من حيث بنيته العقائدية . و لقد سمح و جود جمعيات إسلامية خيرية في الحياة السياسية المغربية »السلام », « البر », »المشكاة », و الإفادة من مبارحة اليسار الموجود اليوم في الحكومة موقع المعارضة, للحركة الإسلامية المغربية بالمطالبة بحقوقها السياسية, و باحتلال الشوارع من خلال المظاهرات الشعبية بوصفها وسيلة أخرى لتحقيق العلانية المرجوة.
جدد حزب العدالة والتنمية المغربي الإسلامي المعارض رفضه وإدانته للإرهاب، وأشاد بالموقف الشعبي اليقظ في مواجهة التفجيرات التي شهدتها الدار البيضاء الأسبوع الماضي. وقال في بيان أصدره عقب حدوث التفجيرات:إن الوضع يستدعي التأكيد على أهمية تعزيز الإصلاحات السياسية ودعم الديمقراطية وتفعيل المقاربة الشمولية التي أعلن عنها الملك محمد السادس في ،2003 وقد أصبح رهان إنجاحها ضروريا لتقوية الجبهة الداخلية وتحصينها ضد التهديدات الإرهابية التي تزايدت دولياً وإقليمياً، والتي تؤدي إلى رهن سيادة الدول لقوى أجنبية ذات نزوع هيمني توسعي.
و يجمع المحللون للشأن السياسي المغربي سواء من العرب أو من الأجانب , أن الحركات  الإسلامية العاقلة  في المغرب  العربي  تحرص  على تفادي  الوقوع في فخ العنف الذي يعصف بالبلدان المغاربية , و قد أدانت هذه الهجمات التي هزت العواصم المغاربية، وطالبت بتعزيز الالتزام بمقتضيات دولة الحق والقانون كمطلب استراتيجي يقتضي تمتيع الكل بضمانات المحاكمة العادلة، ونبذ التعذيب وأنسنة المؤسسات السجنية، واحترام حقوق السجناء، لأن التجارب أثبتت أن أي تجاوز في هذا الشأن يولد حتما تطرفا أكبر ومخاطر أعظم وتأجيجا لمشاعر الغلو والتكفير.
وهم يرون أن  الذي يقطع الطريق على ظهور و تبلور نموذج « القاعدة « في المغرب العربي , هو فتح الحوار السياسي مع الحركات  الإسلامية المعتدلة ، و إجراء مصالحات حقيقية لا تستثني أحدا، لكي تكون جزءا من المجتمع المدني المغاربي , الذي يسمح لها باستشراف سيناريوهات للمشاركة في الحكم  أو لدعمه. الجزائر، لا تزال تعيش على المخلفات السياسية لانقلاب عام 1992 على العملية الديمقراطية التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكلما ظن البعض أن الصفحة قد طويت تبين أن ذلك ليس إلا عملية غش. صحيح أن مشروع المصالحة خفف كثيرا من حدة العنف، لكنه لم ينظف الجرح بالكامل ».
وقد اعتبرالشيخ راشد الغنوشي  رئيس حركة النهضة أن استبعاد قانون المصالحة للجبهة الإسلامية من العملية السياسية لا يمكنه وصفه إلا بأنه إعدام سياسي،مضيفا أنه : ما دامت الجبهة الإسلامية وهي طرف رئيس في الأزمة محرومة من حقها، وما دام هناك إقصاء لسياسيي الجبهة، وحتى العسكريين الذين تم التصالح معهم لم يتم استيعابهم سياسيا بما لا يغري الآخرين بالالتحاق بهم، فهذا ليس إلا حكما بالإعدام السياسي المؤبد على الجبهة. إن تنامي ظاهرة العنف والإرهاب في دول المغرب العربي ليس إلا جزءا من استشراء العنف و الإرهاب  في العالم العربي ، وبرهانا واقعيا على تحجرالدول التسلطية العربية التي أخفقت جميعها في مجالات التنمية ، و التعليم، و الصحة، وتوفير فرص العمل  للخريجين الجامعيين الجدد ، و إزالة الاحتقان السياسي عبر القيام بإصلاحات ديمقراطية تفسح في المجال للمشاركة السياسية  للشعوب العربية في الحكم.
* كاتب تونسي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 ماي 2007)


 

الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام

وجهة نظر السينما حول ثلاثية القضايا العربية: الحرب والإرهاب والحداثة

خالد شوكات *

في حفل اختتام الدورة الماضية لمهرجان الفيلم العربي في روتردام، تمنى رئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية، المخرج الهولندي العالمي جورج سلاوزر، أن لا تكون أفلام الدورة القادمة قاتمة، كما الأفلام التي شاهدها، حروب طاحنة وأزمات قاتلة ومعاناة إنسانية رهيبة لشرائح اجتماعية واسعة ينهشها الفقر، وتعمق جراحها حركات أصولية إرهابية بائسة..

أمنية جورج سلاوزر لن تتحقق للأسف الشديد، لأن أفلام الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام، والتي ستنعقد فعالياتها بين 13 و17 يونيو 2007، ستكون أيضا قاتمة، لا لأن السينما العربية مولعة بجلد ذاتها، مازوشية مثلا، إنما لعدم قدرة السينمائيين العرب، داخل العالم العربي وخارجه، الانفصال عن ذواتهم وهموم أناسهم، فالسينما كأي فن آخر، تجسيد لمعاناة البشر أفرادا وجماعات في مقام أول، ومعاناة العرب تحديدا، أكبر من أن تسعها سينما.

افتتاح تونسي

لقد اختارت إدارة المهرجان رائعة المخرج التونسي الكبير النوري بوزيد الأخيرة، « آخر فيلم« ، الحائز على ذهبية مهرجان قرطاج 2006، ليكون فيلم افتتاح الدورة السابعة. و يعالج فيلم النوري بوزيد قضية الإرهاب، بأسلوب عميق بسيط كما هو دأب هذا المخرج التونسي المميز، الذي طالما ركز في أعماله السينمائية منذ « ريح السد » في الثمانينيات، على حياة طبقات القاع وفئات الدون الاجتماعي، وأراد أن يقول باستمرار، أن لكل شذوذ سياسي، جذر في بنى المجتمع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الظالمة والمشوهة.

أما الفيلم الروائي الطويل الثاني المبرمج ليلة الافتتاح، والمدرج في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، فهو الفيلم التونسي « عرس الذيب » لصاحبه الجيلاني السعدي. وبين النوري والسعدي ثمة قواسم مشتركة، غير الأصل التونسي الواحد، إذ يكشف السعدي أيضا عن موهبة كبيرة في الشعور بمعاناة المهمشين والمحرومين والمكبوتين في المجتمعات العربية الإسلامية، بما تعانيه من « شكيزوفرينيا » حادة على كافة الأصعدة.

ابتداء من ثاني أيام المهرجان، وحتى يومه قبل الأخير، سيكون أحباء الفن السابع في روتردام، على موعد مع مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة المميزة المتنافسة ضمن مسابقة الصقر بنوعيه الذهبي والفضي، تحكي قصصا ذات خيوط متشابكة رغم تباعد الجغرافيا، وفيها من أسئلة التحديث والاحتجاج على وقائع الحروب والأزمات العربية المتتالية الشيء الكثير، وهذه الأفلام هي كما يلي: « ياله من عالم مدهش » للمخرج المغربي فوزي بن سعيدي، « قص ولزق » للمخرجة المصرية هالة خليل، « فلافل » للمخرج اللبناني ميشيل كمون، « حكاية بحرينية » للمخرج البحريني بسام الذوادي، « علاقات خاصة » للمخرج المصري إيهاب لمعي (عرض عالمي أول)، و »ظلال الليل » للمخرج الجزائري ناصر بختي والذي سيعرض لأول مرة في المهرجانات العربية، وأخيراً فيلم المبدع المغربي أحمد المعنوني « القلوب المحترقة » والذي سيكون عرضاً عالمياً أولاً هو الآخر.

الغائب الأبرز عن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وهي أهم مسابقات مهرجان الفيلم العربي في روتردام، هي السينما السورية، لندرة الإنتاج هذا العام، ولرغبة عبد اللطيف عبد الحميد المشاركة بفيلمه الأخير في مهرجان روما، وهي رغبة تحترمها إدارة المهرجان، الحريصة كل الحرص على أن تبلغ السينما العربية أهم مواطن العرض العالمية، و لطالما سعت بعلاقاتها إلى ذلك، مفضلة دائما مصلحة الفن السابع العربي العامة على مصلحة المهرجان الخاصة.

تكريم مصري

كان تخطيط إدارة المهرجان تكريم أربعة شخصيات سينمائية عربية خلال هذه الدورة، غير أن رغبة المخرج اللبناني الكبير برهان علوية في الحضور إلى المهرجان بفيلمه « خلص » الذي لم يكتمل بعد، وظروف المخرج الجزائري الكبير محمد شويخ الخاصة، دفع إلى أن يكون التكريم مصريا خالصا هذا العام، ولعله سيكون تكريما شاملا للسينما المصرية الرائدة عربيا، والتي احتفلت هذه الفترة بمرور قرن على نشوئها، مناطحة بذلك أعرق سينمات العالم، وفي مقدمتها السينما الهوليودية.

تكريم مهرجان الفيلم العربي للسينما المصرية، سيكون من خلال تحية خاصة ستوجه للكاتب والسيناريست المصري الكبير محفوظ عبد الرحمن، الذي جمع في تميزه بين الفنان مرهف الحس بقضايا شعبه وأمته، والإنسان الذي تفيض مشاعره على من حوله من الأحباء والأصدقاء، فيمنحهم الطمأنينة والقوة في آن، ويدفعهم إلى طموح لا حد له في خدمة الثقافة العربية، ومن مآثره في هذا المجال رعايته المعنوية طيلة السنوات الماضية لهذه التظاهرة، منذ أن ولد فكرة في نقاش ودي في الجزائر سنة 2000، وإلى أن بلغ « السابع » الرقم المبارك في الوجدان العربي.

 و محفوظ عبد الرحمن صاحب مآثر سينمائية ثلاثة كما هو معروف، هي « القادسية » و »ناصر 56″، وأخيرا « حليم »، فضلا عن عشرات الأعمال الدرامية التي بقيت خالدة في ذاكرة المسرح والتلفزيون العربيين طيلة ما يناهز النصف قرن الماضية.

عنوان التكريم الثاني في سابع دورات مهرجان الفيلم العربي في روتردام، هو « ماريان خوري » أحد ساعدي المخرج العربي المصري العالمي يوسف شاهين، منتجة ومخرجة وناشطة سينمائية مميزة، وثقت لذاكرة المرأة المصرية والعربية المناضلة سينمائيا، وأسهمت في بناء ملاحم سينمائية شرفت العرب في العديد من المحافل الدولية، ومن خلال توجيه التحية إليها، ستوجه تحية إلى كل النساء العربيات العاملات في حقل السينما، الفاتحات ثقوبا في جدر الظلام والتخلف والجهل.

و ضمن برنامج التكريم، سيتمكن جمهور المهرجان من مشاهدة فيلمين، « عرق البلح » للمخرج المميز الراحل رضوان الكاشف، الذي ساهمت ماريان خوري في إنتاجه، و »حليم » آخر أفلام النجم الكبير أحمد زكي، من تأليف محفوظ عبد الرحمن وإخراج شريف عرفة. وقد حصل كلا الفيلمين على جوائز و شهادات تقدير كثيرة.

ورطة الأمريكيين في العراق

  من أهم البرامج الخاصة التي تشتمل عليها أجندة المهرجان السابع للفيلم العربي في روتردام، « العراق-أمريكا: أربع سنوات من الحرب »، و الذي سيعرض من خلاله عدة أفلام روائية و وثائقية مميزة، عراقية وأمريكية ومن إنتاج عراقي – أمريكي مشترك أيضا، من ضمنها الفيلم العراقي الكردي « عبور الغبار » لشوكت أمين كركي الذي حاز للتو على جائزة أفضل مخرج في مهرجان سنغافورة السينمائي الدولي، و »أم سارة » للمخرج الأمريكي جيمس لونجلي والذي فاز فيلمه الشهير « العراق في شظايا » بجائزة الكولدن كلوب، وخاض الترشيحات النهائية لأوسكار العام الماضي ، و »عملية المخرج السينمائي » لنينا دافنبورت، و »فقدان أحمد » للكويتي عبد الله بو شهري.

وفي إطار هذا البرنامج ستنظم ندوة بعنوان « العراق-أمريكا..سنوات الحرب في السينما »، سيدعى إليها مجموعة من المخرجين والنقاد العراقيين والغربيين والعرب، وستعقد جلستها صبيحة اليوم الثاني للمهرجان.

 

 

أفلام قصيرة ووثائقية واعدة

 و على غرار التقليد الذي كرسه المهرجان طيلة الدورات المهرجان، فإن السينما القصيرة والوثائقية، ستكون حاضرة بقوة، حيث تضم المسابقات الثلاث المخصصة لهذين النوعين، عديد الأعمال المميزة، لمخرجين عرب شباب، توزعت إقامتهم على أقطار عربية وغربية عديدة، وفازت كثير من أفلامهم في مهرجان محلية ودولية كبيرة.

في برنامج مسابقة الأفلام القصيرة، سيتابع الجمهور ما يزيد عن عشرة أفلام جديدة من انتاج سنة 2006 و2007، من ضمنها: « فلوس ميتة » لرامي عبد الجبار الذي حاز قريباً جائزة أفضل فيلم قصير في المهرجان القومي للسينما المصرية و »راجلها » لأيتن أمين، من مصر، « العين اللي ما تشوفكش » لإبراهيم لطيف و »صابة فلوس » لأنيس لسود من تونس، و »كازا » لعلي بن كيران و »زيارة قصيرة » لعبد العزيز طالب من المغرب، و »أتمنى » لشيرين دعيبس من فلسطين، و »شوربة دجاج » لفرح بوشويشة من ليبيا، و »قائد القماش » لفاطمة الزهراء زمون من الجزائر، و »سفرة لآخر الدنيا » لمحمد الرومي من سوريا.

أما مسابقتا الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة، فستشتمل على أفلام كثيرة ستعرض لأول مرة عالميا، من بينها الفيلمان العراقيان الطويلان  » المراسل البغدادي » لقتيبة الجنابي، و » دبليو دبليو دبليو غلغامش » لطارق هاشم، والفيلم الوثائقي القصير « ليلة هبوط الغجر » لهادي ماهود فضلا عن عديد الأعمال المميزة التي أحرزت جوائز كبيرة في مهرجانات عالمية عديدة مثل « في اتش إس كحلوشة » للمخرج التونسي نجيب بلقاضي، و »السطح » للمخرج الفلسطيني كمال جعفري، و »أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها » للسوريين هالة عبد الله وعمار البيك، وأفلام أخرى كثيرة.

نجوم وندوات

 من مواعيد المهرجان اللافتة، ندوتان ستعقدان خلال اليومين الثالث والرابع للمهرجان، الأولى ستعالج موضوع  » سينما المتوسط: الإنتاج العربي – الأوربي المشترك »، وستبحث في تجارب سينمائية عربية، مغاربية ومشرقية على السواء، ظهرت إلى الوجود بفضل تعاون إنتاجي أوربي – عربي، وستركز على بيان معوقات وآفاق وحدود هذا التعاون، من خلال مداخلات عدد من الضيوف، ممن خاضوا التجربة أو امتنعوا عنها.

أما الثانية، فستتطرق إلى موضوع  » التلفزيون والإنتاج السينمائي في العالم العربي »، سيشارك فيها ممثلون عن القطاع التلفزيوني العربي، وخصوصا ممثلين لقنوات فضائية عربية خاضت تجربة الإنتاج السينمائي، سواء الروائي أو الوثائقي.

ولإثراء فعاليات المهرجان، فقد بادرت إدارة المهرجان إلى دعوة من يقارب المائة شخصية سينمائية، من هولندا وأوربا وعدد من الدول العربية، من بينهم ممثلون مشهورون كشريف منير وفتحي عبد الوهاب وسميرة عبد العزيز من مصر، ولطفي العبدلي وأنيسة داود من تونس، وكذلك عازف العود العراقي المشهور نصير شمة، الذي سيكون ضمن أعضاء لجنة تحكيم الأفلام الروائية.

و من لائحة ضيوف المهرجان أيضا، نقاد سينمائيون بارزون، على رأسهم الناقد اللبناني الكبير ابراهيم العريس الذي أسندت له مهمة رئاسة لجنة تحكيم الأفلام الروائية، ويوسف شريف رزق الله وسيكون أحد أعضاء لجنة التحكيم وقصي صالح درويش و محمد رضا وعدنان حسين أحمد وزياد الخزاعي وعرفان رشيد وبليندا دي خراف أحد أبرز نقاد السينما في هولندا، وآخرين.

كما وجهت الدعوة كذلك، لمخرجي الأفلام الروائية الطويلة وبعض الأفلام الوثائقية، بالإضافة إلى الشخصيات المكرمة، وبعض مديري ومسؤولي المهرجانات كنور الدين الصايل من المغرب وأحمد العيسوي من نيويورك وهالة جلال من مصر والمنصف بن عامر من تونس ومسعود أمر الله علي من مسابقة أفلام الإمارات ومهرجان دبي السينمائي الدولي .

كرفان وخيمة

من عناوين الدورة السابعة لمهرجان الفيلم العربي في روتردام كذلك، إطلاق القافلة الثانية للسينما العربية الأوربية، الممولة من قبل برنامج « اليوروميد II » التابع للاتحاد الأوربي، والتي ستجوب سبعة مدن هولندية، حيث ستنطلق في أمستردام يوم 18 مايو وإلى غاية 20 منه، لتجوب طيلة الأسابيع اللاحقة مدن روتردام ولاهاي و أوترخت و دلفت و دوردرخت و زوترمير، وسيتمكن الجمهور عبرها من متابعة ما يقارب العشرين فيلما، غالبيتها من إخراج مخرجين أوربيين من أصل عربي.

كما سيشرف مهرجان الفيلم العربي يوم الأحد 27 مايو، على خيمة « سينما دنيا »، المخصصة لعروض الهواء الطلق، حيث سيشتمل مهرجان « دنيا » المخصص لثقافات العالم، وأحد أكبر مهرجانات الهواء الطلق في أوربا، هذا العام، على خيمة للعروض السينمائية لأول مرة في تاريخه العريق، وستعرض فيها مجموعة من الأفلام القصيرة والوثائقية، غالبيتها لمخرجين عرب يقيمون في دول أوربية، كما ستقام ثلاث ندوات للتعريف بمخرجي هذه الأفلام وإتاحة الفرصة أمام جمهور المهرجان، وخصوصا الشباب منهم، لمناقشتهم في القضايا المطروحة في أعمالهم السينمائية.

كما سيقوم المهرجان خلال أيام دورته الرئيسية في مجمع « سينيراما » وسط مدينة روتردام، لأول مرة كذلك، بتخصيص عروض لطلاب المدارس الثانوية، وذلك بالتنسيق مع الهيئات الإدارية لهذه المدارس، وستتاح الفرصة لهؤلاء الطلاب الهولنديين للقاء مخرجين وممثلين ونقاد وكتاب عرب، والدخول معهم في محادثات لتعريفهم أكثر بخصائص السينما العربية والقضايا التي تطرحها، ومحاولة إزالة الأحكام والأفكار المسبقة العالقة في أذهان بعضهم.

هذا بالإضافة، إلى مواصلة المهرجان تنظيم ما عرف خلال السنوات الماضية ب »دورة الأحياء »، حيث يقوم بنقل عروضه طيلة شهر يونيو، إلى مقرات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، في خمسة أحياء وسط مدينة روتردام، وذلك لتقريب الفيلم من بعض الشرائح الاجتماعية التي لم تعتد ارتياد قاعات العروض السينمائية، ويلقى هذا التقليد تقديرا كبيرا من لدن المؤسسات الرسمية الهولندية.

* مدير مؤسسة مهرجان الفيلم العربي في هولندا. 


 

كتاب الاستمتاع باستمرار البشير ورحيل بلير

عادل الحامدي جفاء الحبيب للحبيب مدعاة للسهر والحمي، اما جفوة الاعداء فلياليها طوال لان عواقبها مفتوحة علي كل الاحتمالات. وقد لبدت الجفوة السياسية لزمن طويل سماء العلاقات السودانية ـ الغربية بوجه عام، والعلاقات السودانية ـ الامريكية بوجه اخص، وهي جفوة امطرت وابلا من القذائف الصاروخية الامريكية الذي غيب مصنع الشفاء في العاصمة السودانية الخرطوم الي الابد، قبل ان تتقاطر القرارات الدولية ذات الطبيعة العقابية الواحد تلو الآخر من دون ان تلين شوكة الانقاذيين او تخور عزائمهم، وان فاحت رائحة الدم في اكثر من موقع من بلاد المليون ميل مربع.
 
وتدخل الآن العلاقات السودانية ـ الامريكية طورا جديدا اكثر جفاء بعد التهديد السياسي شديد اللهجة الذي وجهه الرئيس الامريكي جورج بوش الي الرئيس السوداني عمر البشير بان الوقت لم يعد يخدمه، وان امامه فرصة اخيرة لاحلال السلام في دارفور والتاكيد علي جديته لحل ازمة الاقليم المنكوب وايقاف نزيف الدم السائل من دون توقف منذ اربع سنوات. وهي تهديدات ايدتها تصريحات لحكومة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بحثها السودان علي الانصياع لقرارات الامم المتحدة، والقبول بالقوات الاممية بديلا للقوات الافريقية التي لم تفلح حتي اللحظة في كبح جماح سلاح الجنجويد، ولا في السيطرة علي الجماعات المتمردة الذين اختلفت اهدافهم السياسية وتباينت ولكن توحدت اسلحتهم في احداث المزيد من الشروخ القبلية وترسيخ مبدأ التشظي الذي غدا سمة من سمات القرن الحادي والعشرين… في السياسة كما في الاقتصاد، تمثل المقايضة او المبادلة بين الاطراف ذات الصلة اسلوبا شائعا لتصفية الخلافات والوصول الي ارضية مشتركة… واداة التبادل او المقايضة ظاهرها سياسي تفاوضي من خلال الاطروحات والاطروحات المضادة، وباطنها يحكمه منطق موازين القوي الميداني ومعايير التصادم التي تنشأ من علي تخومها الحاجة الي البحث عن الارضية المشتركة التي يتحول فيها منطق المخاشنة الميدانية الي اسلوب الحوار السياسي الذي يفضي في اغلب الاحيان الي التصالح، فالحاجة ام الاختراع كما تقول قواعد المنطق الصوري.  
كان هذا هو الاسلوب الذي اسس لاتفاقية نيفاشا بين الجنوبيين ممثلين في الحركة الشعبية لتحرير السودان بزعامة الراحل العقيد جون قرنق وحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان برئاسة الفريق عمر حسن البشير… صراع عسكري طويل الامد بين جيشين مجهزين باحدث الاسلحة سقط جراؤه ما يربو علي المليوني قتيل، فتنادت لهول المعارك الدول الاقليمية والدولية وانجزت صلحا وضع بمقتضاه المتحاربون السلاح جانبا وانبروا جميعا في خوض معارك سياسية ضارية انتجت تقاسما عادلا للثروة وحكومة وحدة وطنية رقص لها السودانيون في الشمال والجنوب طربا واملا في فتح سياسي واقتصادي يحقق حلم السواعد السمراء في العودة مجددا الي لعب دورهم الوطني والاقليمي والدولي في اشاعة الامن والاستقرار.. مضي زمن علي اتفاقية نيفاشا ولم تهدأ اوضاع السودان، ولم تتقدم رغم كل المبشرات، فمن للسودان ببنية اساسية من المعبد وسكك الحديد تفخر بها الاجيال القادمة وتربط اقاليم هذا البلد العربي الافريقي الكبير جميع اقاليمه بعضها ببعض واولها دارفور، وهي جزء من السودان الموحد رضي الخصمان ام تفاحشا باسلحة اغلبها تصنع خارج هذا البلد العريق؟ فبعد المصالحة بين الجنوب والشمال عقب ان منّ الله علي السودانيين بزاد الصناعة ـ الزاد السائر في النضوب ـ البترول جنوبا ومخزون من المياه الجوفية الواعدة شمالا ونجاح حكومة كل السودانيين في احداث استقرار سياسي نسبي رغم الاصدقاء والطامعين والمتربصين خاصة، من حق المواطن السوداني ان يحلم بخدمات صحية يلجأ اليها المريض واخري تعليمية قادرة علي تأجيج جوعة الاجيال الشبابية الجامعية الي الغرف من العلوم الصحيحة لتطويع التكنولوجيا والسيطرة علي اسرارها، ومن ثم تسخيرها لخدمة السودان وجيرانه، وهي السبيل اليتيمة لرفض السودان الديمقراطي الموحد الاطمئنان الوجداني العاطفي لهذا الشريك العملاق الجديد حتي لا تتحول´الشراكة الي شرك استعماري اصفر كما في قوله تعالي: وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم علي بعض ، حتي ان العالم العربي والاسلامي والغربي لم ينبر منه معتصم واحد ولا معتصمة تصيح في وجه الرئيس بوش لتذكيره يومها بان اعدام رئيس عربي مسلم في بغداد تحديدا وفي يوم عيد المسلمين ـ ايا كانت الجريمة ـ هو كبيرة دينية تاريخية وحضارية غير مسبوقة، وهي استهتار بحقوق المسلمين واليهود والمسيحيين خاصة في الشرق الاوسط اين يتعايش هؤلاء جميعا وتحت نفس السماء التي غشيتها سحب الحروب العبثية منذ افول نجم السوفيات…  
لقد اساء الاستعمار الغربي الحديث كثيرا معاملة العرب والافارقة فنهب الخيرات استعمارا واستعلي علي حكومات المنطقة جهارا حتي وهي تابعة ولم يبق من عوراتها مستورا الا كشفت فظاعات الحرب الدائرة في العراق زيف هذه الشعارات التي روج لها هوكشيو (الصقور) الادارة الامريكية الحالية، لكن السحر انقلب علي الساحر، واصبحت هذه المغامرة مرفوضة كما بدات من الشعب الامريكي نفسه… وما كان ينبغي ان ينسيني ذلك ادواء العالم العربي ومنه السودان هو ان اداة الحكم (الدولة) وكرسي الرئاسة اساسا هي الاسباب المباشرة لمنع احداث التغيير المنشود والمهدي الغائب علي الدوام لمصادرة جماعية القرار السياسي، فمنطق لويس الرابع عشر الذي كان يقول: فرنسا هي انا ، وهو المنطق السياسي الشرعي والوحيد الحاكم!!! في رقاب العرب حتي ضمن الخصوصية الاسلامية.  
ولقد دفعني ابناء لويس ومن ورثوا الحكم من بعده والذين فتح الله عليهم فاهتدوا الي تقاسم اسهم السلطة بالتي هي احسن وبالتي هي لروح الاسلام اقرب.. نعم دفعني المهرجان الانتخابي الفرنسي الاحتفالي الاسلامي الذي اسفر عن افراز نجمين ساطعين تجلت في طرائقهما قدرة الخالق المبدع الذي امد هذا الكائن الاعاجيبي بالقدرة علي صنع المعجزة الارضية الكبري والمتمثلة في الاذعان والاحتكام الي شريعة الانتخاب وامتلاك القدرة والتسليم بمن ترتضيه الامة اماما ولو كانت روايال صغيرة جميلة اروع ما تكون الامهات الفرنسيات الغربيات وهن يخضن معارك السياسة بعيدا عن رغبات الجسد وصغائر النفس البشرية.  
ولكم تمنيت لو كنت بحضرة سيدي الخليفة الرابع وقد تجاوز الثمانين واهمه مركز الاسلام عن اطرافه حتي تشاغل عن عدالة التوزيع وحسب ذي النورين اجتهادا يوم قال: ما كنت لانزع ثوبا البسنيه الله، فما بال شر السلف يسلبوننا مجرد حق المتعة برؤية روح الاسلام علي الكرسي ولو مرة واحدة كل خمس سنوات… عانق بيتنا البريطاني المعاصر الصغير طوبا اذا ما قورن بالسودان والكبير روحا وعزما كريزما سياسية من الاحجام الكبيرة والمثيرة للجدل لم تشهد الساحة السياسية مثيلا لها منذ الحرب العالمية الثانية، حتي ان سيغولان روايال تمنت منذ اشهر ان لو تسمح لها الامة بشغل المنصب الرئاسي الفرنسي، اذا لاقتفت آثار بلير السياسية الذي ليس معرض حديثي، الا ان الوزير الاول البريطاني قاد البلاد بطاقم حكومي عشرون منه ينتمون الي اقليم دارفور البريطاني، واعني بطبيعة الحال اسكوتلندا الشمالية التي ارتبطت بالتاج الملكي البريطاني منذ ثلاثة قرون والتي لا يمثل تعداد هذا الاقليم اكثر من 12 بالمائة من سكان البلاد.  
وأدهي من ذلك ان وزير الخزانة السكوتلندي غوردن براون الذي سيخلف رئيسه ضد الانفصال الذي يتحدث عنه القوم كاية موضوعة اخري ويتجادلون حول انقسام الامة بلغة السياسة والرياضيات دون ان اسمع ولو كلمة واحدة عن استخدام الطائرات المتنكرة ولا عن التدخل في الشأن الداخلي البريطاني. لا لان بريطانيا دولة نووية عظمي فحسب بل لان الغرب ليس ذلك الوجه الاستعماري البشع الذي خلناه قد ولي لولا مأساة العراق فقط، بل لان في الغرب اوجها حضارية اخري مشرقة اشراقة الانتخابات الفرنسية الحالية التي خلت من كلمة تزوير وما يستتبع التزوير من اجواء سياسية ميزمية تتطوس فيها الرئاسة حتي علي الرعاة وبائعي السجائر… والحقيقة ان هذه الصورة البائسة للحكم العربي الراهن ليست قطعا ما ينطبق علي حكومة الانقاذ ولا علي الرئيس البشير وانما يخجل المرء ويرتبك ويشك فيما بين الحنايا والضلوع حين يحكم العرب ـ دون الامم ـ باسم خير الاديان وخاتمها ويري ساسة خيرهم من يحج او يعتمر استدرارا لعطف شعوب يائسة من كل تغيير لصالحها… اقول هذا وفي ذاكرتي تداعيات الصراع السياسي الاول بين سيدنا معاوية وامير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنهم جميعا، ولكن في صورته السودانية التي لم تخل من المكائد والتربص بالخصم بعد الفرز الغنائمي الذي احدثته قرارات الرابع من رمضان والسادس من صفر، والتي عاد بموجبها الدكتور حسن عبد الله الترابي الي المنبع وأسس حزب المؤتمر الشعبي الذي ذهب في الخصومة الي اقصاها من خلال توقيع اتفاق سياسي مع عدو الامس الحركة الشعبية لتحرير السودان، فما كان من رئيس المؤتمر الوطني الا ان رد علي هذه الخطوة السياسية بموقف امني اسكن فيه الترابي سجن كوبر لفترة طويلة لم يسلم فيها حتي من الفئران التي كادت ان تسمه وتحدث فيه ما لم يحدثه اعتداء كندا الشهير الذي استهدف حياة الترابي مباشرة… ولهذا استسمح الحكومة السودانية التي استطاعت الحفاظ علي استقلالية قرارها الوطني رغم الظروف الدولية العاصفة: الي متي ستؤجل النجاح في الصلح مع الذات وضم دارفور بالسودان الدافئ وليس بالطائرات المتنكرة؟ وللاسف فان ما لا تخطئه العين المجردة ان فرقاء الازمة السياسية السودانية يقدمون عن حسن نية احيانا وعن سابق اصرار وترصد في اغلب الاحيان المسوغات الموضوعية لتدخل دولي لا نعتقد ان لدي السودان المعاصر من المقومات المادية ما يجعله قادرا علي مواجهتها، وان كنا نري في الوقت ذاته ان خيار الاستئساد الامريكي المحافظ لا يملك هو الآخر من دعائم النصر الا خيار بث الفوضي واغراق المنطقة في الحروب… وكل الخشية ان يغفل حكماء العالم ونموره في الصين واليابان وحتي في روسيا الناهضة من تحت رماد الديون، عن الجهود الاقليمية والدولية الحثيثة التي تبذل من اجل اشعال نار فتنة افريقية في غرب السودان، وتزويدها بكل اسباب النمو والتطور، بعد ان علا لهيب الحرب في الصومال، فيتحول البحر الاحمر ودوله الي بارود ياكل ما تبقي من السواعد السمراء الذين نجوا من الاوبئة القاتلة، عفا الله افريقيا منها…
ـ كاتب واعلامي تونسي مقيم في بريطانيا
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 ماي 2007)  

 

مستقبل تركيا  على ضوء  الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين

 زهير الخويلدي عودة تركيا إلى حضارة اقرأ كان تقدميا وأنموذجا ينبغي أن يحتذي به على الرغم من موجة التغريب التي هبت زمن الحقبة الأتاتوركية ووصاية العسكر الطويلة على هذا الإرث واستماتتهم في الدفاع على مبادئ العلمانية الشاملة التي التصقت بتلك الحقبة وعلى رغم خشية البعض من المؤرخين من ردة الفعل العنيفة التي قد يلجئ إليها المجتمع بعد تصاعد أسهم السلفيين والتيار الصوفي ورغبتهم في استعادة مجد آل عثمان بحذافيره ولكن بروز حزب العدالة والتنمية ونجاحه الباهر في الانتخابات وقدرته على تصريف أعمال الأمة التركية بكل اقتدار وتحقيقه لإنجازات كبيرة في وقت قياسي قد كذب كل التوقعات المرتابة والتشكيكات المتوجسة وبرهن أن توظيف الدين ليس دائما وأبدا يصير توظيفا رجعيا انتهازيا يتعارض مع المدنية والعصر بل يمكن أن يكون توظيفا تنويريا تأصيليا يقاوم الفساد ويزرع الفلاح والرشاد لكل مجتمع يتطلع إلى النمو والرقي ويقضي على التوتر والاضطراب.
 وما يلفت الانتباه أن هذا الحزب تبنى النهج العلماني الجزئي ودافع بكل ضراوة عن الطريقة الديمقراطية في تسيير شؤون الحكم ومارسها والتزم بها في كل مناهج الحياة وآمن باستقلالية المؤسسات وحيادية الإدارة. وما يثير الدهشة أن تركيا في ظل حزب العدالة والتنمية انفتحت على العالم شمالا وجنوبا وشرقا وغربا فأعلنت عن رغبتها المتجددة للانضمام للإتحاد الأوربي وترأست هرم منظمة المؤتمر الإسلامي بل لم تكن غائبة عن القمم الأخيرة التي نظمتها جامعة الدول العربية وأبرمت اتفاقات تعاون مع دول آسيا الوسطى وإيران وباكستان وبرهنت أنها دولة ذات سيادة عندما منعت الجيش الأمريكي من أن يستعمل أجوائها للعدوان على العراق ولطفت صراعها مع اليونان بكل دبلوماسية ودافعت عن حقوق الأتراك في شمال قبرص وفي البلقان وبدأت تجهز نفسها للرحلة إلى أدغال إفريقيا من أجل تصدير نموذجها في التنمية إلى تلك البلدان عبر بعض المؤسسات النقدية والجمعيات التعاونية الثقافية.
بيد أن العرب أمام كل هذه التحولات ظلوا غير مكترثين وحذرين فهم مازالوا ينظرون إلى الترك كنظام إمبراطوري استعماري غزا أرضهم باسم الإسلام وحكمهم بالحديد والنار لعدة قرون ومنعهم من النهضة واللحاق بالغرب وصار رجلا مريضا ومحل أطماع كل الأمم المجاورة، فهم حسب العرب سبب ضياع فلسطين وجلب اليهود وزرع الكيان الصهيوني في  ا لعمق الاستراتيجي وسبب تسارع نسق الانتداب البريطاني والاستعمار الفرنسي الذي رسم حدود اصطناعية وخلق دويلات وهمية ويتحجج بعض العرب بأن تركيا تخلت عن اللغة العربية واستبدلتها باللغات الأوروبية وألغت دولة الخلافة كمؤسسة رمزية تمثل الرابطة الروحية لكل المسلمين في العالم وأقامت مكانه نظام علماني فيكتوري يفصل بين الدين والدولة وبين الشريعة والحياة،زيادة على أن تركيا مازالت تحتل أراض عربية مثل إقليم الاسكندرونة السوري ولها أطماع في الموصل وكركوك تتنافس فيها مع إيران وأمريكا وإسرائيل.
إن هذه الرؤية رغم وجاهتها في القرن العشرين إلا أنها لم تعد صالحة للتحليل اليوم في مستهل القرن الواحد والعشرين لأن المعطيات الموضوعية قد تغيرت والخارطة الجيوسياسية للمنطقة قد تبدلت ومن الأفضل بالنسبة للعرب أن تكون الأمة التركية إلى جانب الأمة العربية وليس ضدها أو متحالفة مع غيرها فكيف نلوم الأتراك على تحالفهم مع إسرائيل والدول العربية لم تبادر إلى الاستفادة من التجربة السياسية والحضارية التركية ولم تقتدي بها بل ساندوا اليونان وتحالفوا معها ضد من يشاركهم في التاريخ والدين والحضارة. من يفسر لنا اليوم من القوميين العرب تلك المسيرات المليونية التي خرجت في أنقرة واسطنبول مساندة لإنتفاضة الفلسطينيين ورافضة العدوان الغربي على العراق ورافعة أعلام الولاء والانتماء إلى حضارة اقرأ وأمة القرآن،ألم يعد الأتراك اليوم أحرص على مستقبل العرب من أنفسهم ومن حكامهم لوعيهم أن الضرر الحاصل للعرب سيمسهم ولإدراكهم خطورة المرحلة وحجم الكارثة التي ستحل بالمنطقة لو تتفكك الأمة العربية أكثر مما هي عليه الآن مفككة ،ألم يتحالف العرب مع الاستعمار ضد الإمبراطورية العثمانية وسموا ذلك ثورة عربية كبرى في حين أن الذي حصل هو مساعدة مجانية من أجل المزيد من التوسع الاستعماري الاستيطاني في المنطقة العربية.
غير أن ما طرأ في الآونة الأخيرة من مستجدات في الساحة التركية واحتدام الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين على السلطة يطرح العديد من التساؤلات ويثير عدة نقاط استفهام ويضع مستقبل هذا الكيان الديمقراطي الناشئ على المحك ويحرك همة البحث حول وجهة الأمة التركية وحول أحقية الإسلام السياسي المعتدل والتنموي في قيادة الدول وتحمل مسؤولية مصيرهم.
من البين أن الظاهرة الأوردغانية جاءت لتحل محل الظاهرة الأربكانية حيث نجح حزب العدالة والتنمية بعد أن تدارك الأخطاء التي كان قد وقع فيها حزب الرفاه أو الفضيلة غير أن طموح الإسلاميين الأتراك للوصول إلى سدة الرئاسة هو طموح زاد عن اللزوم في عيون رجال الجيش من حراس العلمانية الشاملة وفي عيون الطبقة السياسية المتربصة من حزب الشعب واليسار التركي والاتجاه الليبرالي فقد صوت النواب غير موالين لحزب العدالة والتنمية ضد ترشيح عبد الله غول لمنصب رئاسة الجمهورية لأنه إسلامي ولأن زوجته تردي الحجاب ورفضت المحكمة الدستورية الاحتكام إلى البرلمان في مرة ثانية وتداولت الأنباء بعض التصريحات النارية المهددة والمتوعدة ورد رجب الطيب أوردغان بإمكانية الاحتكام إلى الشعب وتنظيم انتخابات مباشرة وليس فقط التصويت في البرلمان لاختيار رئيس للجمهورية التركية وتسارعت الأحداث والكل يراقب وينتظر ما ستؤول إليه الأمور، فمن سينتصر في النهاية إرادة الشعوب الطامحة للإصلاح والتغيير أم إرادة القوى المحافظة والطبقة السياسية القديمة المدافعة عن قيم أكل عليها الدهر وشرب؟
ما نراه هو أن الصراع بين العلمانيين والإسلاميين ليس مفتعلا بل معقول ويدخل ضمن قواعد اللعبة السياسية في ظل تنامي المد السلفي المقلد للماضي والمد التحديثي المقلد للحاضر الغربي وما ننصص عليه هو شرعية الاختلاف ووجاهة تباين المواقف والرؤى فمن حق المعارضة أن تستعمل جميع أوراقها لكي تتواجد في الحياة السياسية وأن ترفض مقترحات الحكومة ومن حق حزب العدالة والتنمية أن يرتقي إلى أعلى الهرم بعدما انتخب ديمقراطيا وكسب ثقة الناس وأنجز إصلاحات مهمة وأثبت جدارته بالمقارنة مع بقية التنظيمات والأحزاب بشرط أن يحترم مبادئ الديمقراطية وأن تكون اللعبة السياسية لعبة سلمية يغلب عليها التنافس النزيه والحوار العقلاني والتداول الديمقراطي على السلطة حتى تحافظ تركيا على معدلات النمو وعلى التقدم السريع في مجال حقوق الإنسان الذي أحرزته وحتى تظل دولة ذات سيادة قادرة على أن تلعب دورا مركزيا في المنطقة وتنافس الدول الكبرى وتنقذ ما يمكن إنقاذه من حضارة اقرأ وتعطي مثالا ناصعا عن نجاعة الإسلام في تحقيق التنمية والعصرنة إذا فهم فهما تنويريا أصيلا وانتصر على كل نزعات الماضوية والتقليد. لكن ما نخشاه هو تعطيل المسار الديمقراطي وانقلاب العسكر على السلطة وتعطيل المؤسسات وتهميش دور البديل الحضاري  مثلما حصل في منتصف القرن الماضي.
المحصلة النهائية بالنسبة إلينا نحن العرب أن ما يحدث في تركيا دليل قاطع على نبض الحياة في الشارع وحيوية الساحة السياسية وديناميكية التغيرات وقدرتها على إحداث الطفرة والإتيان بالمباغت والمدهش وهو أمر بعيد عن حالنا المأساوي ومآلنا الكارثي بعد تأبد الاستبداد وتوطن الاستعمار في ربوعنا وبالتالي لا ينبغي أن نخشى على مستقبل تركيا لأن الإرادة العامة والإجماع الشعبي والمصلحة القومية والحضارية للأتراك هي التي ستنتصر بل نخشى على أنفسنا المرمية في غرفة الإنعاش في حالة احتضار بين الحياة والموت بل نحن أقرب إلى العدم والاضمحلال والانقراض منه إلى الوجود والاستثبات والتوحد،فهل يكون ما يجري في تركيا من صراع ديمقراطي سلمي على تنظيم الشأن العام تنظيما تقدميا تنمويا هو الصفعة التي توقظنا من غيبوبتنا وتنقذنا من زوالنا القريب؟ فمتى نرى العدالة والتنمية على المسطح الذي أثثه العرب للإقامة في العالم؟
* كاتب فلسفي


الشيهم الإرهابي
كان لضبع منطقة نفوذ واسعة غنية بحيوانات صغيرة ومتوسطة مستكينة خاضعة له لذيذة اللحم طريته تكفيه وزيادة غذاء غير أن ما أعياه ونغص حياته شيهم يريد أن يعيش في هذه المنطقة آمنا متغذيا مطمئنا سعيدا متفائلا أيضا باعتباره أصيلها وباعتبار خيراتها كثيرة كافية للجميع، أيعقل أن يظهر من بين رعية الضبع حيوان متمرد كالشيهم يطلب ما لم يجرؤ علي طلبه غيره وهو مشاركة المقام السامي في خيرات البلاد حاضرا ومستقبلا؟ والأدهي من ذلك والأخطر أن تمرد الشيهم قد ينتقل إلي غيره من الرعايا فتطالب بما ليس لها فيه حق وهو المساواة التامة بين جميع حيوانات المنطقة صغيرها وكبيرها لاحمها وعاشبها فقرر الضبع وأسرته وأعوانه المقربون من الذئاب والثعالب أن يحاصروا الشيهم حصارا يؤدي إلي هلاكه أو خضوعه للوضع السائد، وعندما أنهكه الجوع والعطش التمس من الضبع أن يسمح له بمغادرة المنطقة فرفض رفضا باتا لأن في ذلك إزعاجا للجيران وخطرا علي استقرارهم وسعادتهم… وضيقوا عليه الحصار وعرف أن لا مهرب من الخضوع المهين أو الاغتيال فاستجمع قواه وآخر ما بقي لديه من سلاح ليلحق أكبر الأضرار بعدوه الداهم، وتقدم إليه الضبع مكشرا عن أنيابه سائلا لعابه قائلا: اسمع أيها الشيهم، أنا عادل أؤمن بحرية الحيوان وحقوقها في الوجود، أخيرك بين أمرين: آكلك أو أقتلك؟ واقترب فغشمه الشيهم بوابل من الإبر فجرت عينيه وشكت لسانه وأدمت لبدته وأشلت حركة قوائمه وأضرت ببعض الأعوان فصاح (الضبع) نائحا: قتلني الإرهابي… وعوي الأعوان: شدوا الإرهابي… شدوا الإرهابي واغتنم الشيهم الفوضي ففر وهو يقول : ما ألأم عالمكم وما أنذله يسمي المظلوم المقهور إرهابيا ويسمي الظالم القاهر ضحية إرهاب؟ د. الضاوي خوالدية قفصة ـ تونس (المصدر: صحيفة  » القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 ماي 2007)

أمة إقرأ: الأولي في الأمية!

افادت المنظمة العربية للثقافة والعلوم أن عدد الأميين في العالم العربي تجاوز سبعين مليون شخص خلال سنة 2005 ـ 2006، وقد ورد هذا الرقم في التقرير الذي قدم في اجتماع مجلسها التنفيذي الأخير. وقد أشار التقرير أيضاً إلي أن هذه النسبة تكاد تعادل ضعف المتوسط العالمي للأمية، كما ورد في التقرير أن عدد الإناث الأميات هو حوالي ضعف عدد الذكور.
مما يصدم في هذه الوثيقة، أن مصر احتلت المرتبة الأولي بـ17 مليون أمي، يليها السودان ثم الجزائر والمغرب واليمن. وتكمن الخطورة بما ذكرته السيدة سهام نجم الأمينة العامة للشبكة العربية لمحو الأمية وتعليم الكبار من أن 10 ملايين طفل عربي خارج التعليم وهذا معناه أن المشكلة مستوطنة وفي تزايد مستمر وأن حكوماتنا غير الرشيدة رغم فوزها الدائم في كل انواع الانتخابات والتعديلات الدستورية التي تنسج ليس لديها لا رؤية ولا مشروع لمواجهة هذه الآفة فعندما نتكلم عن عشرة ملايين طفل خارج نظام التعليم فنحن هنا نستكمل منظومة الفقر والجهل والمرض في بناء وتكريس التخلف وتعميق الفوارق بين طبقات المجتمع، ويذكر التقرير أن هذا التسرب ارتبط بظاهرة اطفال الشوارع وعمالة الأطفال التي انتشرت بشكل كبير علي وجه الخصوص في مصر والمغرب مشكلة تمثل خطراً كبيراً علي البنية الاجتماية والتقسيم الطبقي والفجوة بين الفقراء والاغنياء للمجتمع كله.
الحكومات العربية تتعهد كل 10 سنوات منذ عام 60 بالقضاء علي الأمية ومع ذلك لا يحدث هذا بل ان الاتجاه في الدول الكبيرة نحو زيادة الامية لا القضاء عليها، يا ليتنا نولي هذا ولو جزءا بسيطا من الأهمية والتخطيط كما نولي سياساتنا البوليسية والأمنية. ما زلت اتذكر حديثا لأحد قادة جهاز المخابرات في الأردن عندما كان يفتخر بأن الجهاز هو اول من استعمل اجهزة الكمبيوتر في الشرق الأوسط تعجبت من هذا فيما زالت الارقام الرسمية تعلن أن هناك امية حوالي 10% في الأردن! إن الكارثة تأخذ حجمها الحقيقي عندما نعلم أن الامم المتحدة تصنف المنطقة العربية كأكثر منطقة مصابة بالأمية في العالم، يعني حتي الأمية جنوب الصحراء في افريقيا صارت نسبتها أقل مما هي لدينا.
لقد صار العالم العربي الأعلي أمية في هذا العالم! علي قمة الجهل تجد العرب!!! وأظهرت دراسة مقارنة استندت عليها الأليكسو أن نسبة الأمية في العالم العربي أصبحت الأولي في العالم خلال السنة الماضية بعدما كانت الثانية بعد أفريقيا. ونزلت نسبة الأميين في أفريقيا من أكثر من 40 في المئة في السنة 2000 الي نحو 35 في المئة ثم إلي أقل من 33 % حالياً. هذا كما قلنا إذا صدقنا الأرقام الرسمية العربية فحكوماتنا تتمتع بدرجة مصداقية للأسف منخفضة يقول (زاهي عازار) السكرتير الأقليمي في المشروع السكاني للتربية الشعبية: (أن في العالم العربي ما يزيد علي ((100 مليون أمي) وقال مبرراً هذا الرقم بأن الدول العربية لا تقدم معلومات دقيقة ولعل ما يعزز هذا التخلخل في التصريحات واقع حال الأمية في لبنان علي سبيل المثال لا الحصر إذ صرح الدكتور (عدنان الأمين) رئيس الهيئة اللبنانية للعلوم والتربية بالقول تبلغ نسبة الأمة رسمياً (14.4%) فيما تؤكد المنظمات غير الحكومية أن هناك (23%) وليس (14.4%) كما تدعي دوائر الحكومة اللبنانية).
فما هو الحال في البلاد العربية الأخري التي ينخفض مستوي المصداقية لديها بالضرورة عن لبنان؟!ٍ وتشهد مصر أكبر دولة عربية والتي كانت رائدة النهضة في الماضي في العالم العربي تشهد نكسة بكل معايير المعرفة التي يمكن استخدامها أو ما يمكن ان نسميه خط المعرفة عامة، يكفي ان نبين عن مدي تجاهل المشكل والتعامل معه وكأنه أمر عادي وطبيعي من خلال تصريحات د. حمدي الجابري الذي شغل منصب وكيل وزارة الثقافة المصرية إذ صرح لجريدة الزمان: نحن لا نخشي العولمة لأن ثلاثة أرباع شعبنا أمي !
عمر أبو رصاع الأردن (المصدر: صحيفة  » القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 ماي 2007)


 

الدولة العربية: أزمة شرعية ـ والرَدّ الاسلامي للباحثة الاسبانية خيما مارتين مونيوث:

فخري الوصيف خيما مارتين مونيوث باحثة اسبانية متميزة متخصصة في دراسة المجتمع العربي والإسلامي المعاصر، ولكنها تختلف عن غيرها من الباحثين في هذا الحقل بأنها لا تنطلق من الدرس اللغوي الذي يمثل منصة الانطلاق الأساسية لكثير من المستعربين الاسبـان ؛ ورغم معرفتهـا الجيدة باللغـة العربية، كما يتضح من الكم المعتبر من المصادر العربية التي استعانت بها في هذا الكتاب وفي غيره، فإنها ترتكز علي الدرس السوسيولجي كنقطة انطلاق ومنهج، وتقرأ المجتمع العربي ككيان سوسيوثقافي متحرك وليس ثابتا.ومن جهة أخري، تتمايز أيضا عن غيرها من الدارسين الغربيين بأنها لا تأخذ بالمنظور الغربي القيمي في دراسة المجتمع العربي، إذ تصطنع موقفا نقديا موضوعيا لحد كبير في دراستها، ولكنها من خلال هذه الموضوعية تقترب منه، بل وتقتنع بقدرة هذا المجتمع علي التحول وعلي مقاومة كل ما يثبِّت الوضع القائم. النظام السياسي العربي الراهن في أزمة حقيقية بكل أبعادها: السياسية والاقتصادية والثقافية. هذا هو تشخيص مارتين مونيوث، وهو يتفق مع ما يقول به العديد من الباحثين، عربا وعجما، ولكنها ربما تختلف عن الكثير منهم في المنظور والرؤية، والتحليل، وبالتالي في النتائج. ومظاهر الأزمة، أو إن شئت أسبابها، ترجع باختصار إلي تآكل مصادر شرعية السلطة القائمة : التحرير والاستقلال، والتنمية السوسيو اقتصادية أو التحديث، والديموقرطية، والإسلام.
و تنطلق الدراسة من هذا المصدر الأخير حيث يُخصص له الجزء الأول من الكتاب، والذي يدور حول محورين أساسيين: الدولة والشريعة، والملائمة بين النظام السياسي الإسلامي والتحديث. تُلمِّح المؤلفة إلي غياب مفهوم الدولة بمعناه الاصطلاحي في الشريعة، فهذه تضم قواعد دينية لتنظيم حياة المسلمين الاجتماعية والخاصة باعتبارهم أمة، ومن ثَمَّ لم تتضمن الشريعة سوي مبادئ عامة للحكم، وهي الحكم والأمر لله، والطاعة، والشوري، والعدل. ومن ثم يصبح التنظيم السياسي الإسلامي في حاجة إلي بحث بشري ومبادرة إنسانية، وهو أمر تيسره طبيعة الشريعة الإسلامية؛ إذ أنها تتسم بالاستقلالية، بمعني أنها لا تخضع لمؤسسة دينية مثل الكنيسة أو رجال الدين، حتي وإن سُيِّست.وهي أيضا تجديدية، فإلي جانب اعتمادها علي النص: القرآن والسنة، تعتمد أيضا علي الإجماع والقياس، وإن ينحو الإجماع إلي المحافظة، فالقياس إذا ما استعمل علي أساس العقل يقود إلي الاجتهاد والتجديد، وفي هذا تأكيد علي انفتاح الشريعة علي التفسير وقدرتها علي التطوير، ودحض لما يقال عن الجمود والشمولية الاستبدادية للإسلام. وبالتالي، تري المؤلفة أن الإطار النظري والقانوني الإسلامي ليس جامدا، وأن الحراك الاجتماعي والواقع السياسي هو الذي يفرض أوضاعا تقدمية أو غير تقدمية.
ولعل حيوية الشريعة وإمكاناتها علي التطوير فيما يتصل بالنظام السياسي الإسلامي تتجلي في النقاش الحيوي الغني الذي دار في القرن التاسع عشر حول الملاءمة بين هذا النظام والتحديث.ففي ذلك الحين كان هدف النهضة هو الهمّ الشاغل لغالبية المفكرين والإصلاحيين في العالم العربي الإسلامي، ولكنهم اختلفوا في كيفية تحقيق الهدف ، فإلي جانب التيار التقليدي، الذي لم يشعر بهذا الهمّ، وجد تياران تحديثيان: الليبرالي الوطني، والإصلاحي الإسلامي ( السلفي). أولهما، متأثرا بالنزعة القومية والليبرالية الأوروبية ومتجاوزا للتراث الإسلامي، تبني مفاهيم ليبرالية داخل وطن واحد أو أمة واحدة.وثانيهما، من خلال الحضارة الإسلامية والدفاع عن الوحدة الاسلامية، أخذ بطريق التجديد وإعادة تفسير الشريعة باستخدام العقل خاصة في السياسة، واصطنع مبدأ الاختيار، أي اختيار ما يصلح للمجتمعات الإسلامية من أوروبا، ورفض ما لا يصلح من العناصر الثقافية الأوروبية السلبية مثل المادية، واحتقار الدين، والعادات والتقاليد المتساهلة. والممثلون لهذا التيار كُثر، ولعل أهمهم وأبعدهم صيتا الشيخ محمد عبده، الذي انبثق من فكره تياران : التيار الليبرالي الإسلامي الذي دافع عن انفصال الدين عن الدولة في الإسلام (علي عبد الرازق ) والتيار الإسلامي الذي ينادي بدولة إسلامية (محمد رشيد رضا الذي كانت أفكاره أساساً لفكر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين).
المدهش أن هذا التيار لم يتوقف عن التطوير والتفعيل المستمر، والسبب يعود إلي الظرف التاريخي وحيوية الشريعة فيما يخص بنظام الحكم.فقد مُني التيار الإسلامي الإصلاحي في جملته بهزائم متتالية: إلغاء الخلافة الإسلامية في آذار (مارس) سنة 1924، وظهور الدولة العربية الوطنية ( أو الإقليمية كبديل عن لفظة القومية ) في أوائل عشرينيات القرن العشرين ( في مصر وسورية والعراق)، ثم النظام العربي الاشتراكي في العديد من البلدان العربية. هذه التطورات التاريخية كانت تعني انتصار الاتجاه التحديثي الأوروبي في نظاميه الليبرالي والاشتراكي.
ولكن هذه الأحداث وما خلقته من تغييرات جعلت التيار الإسلامي يعيد صياغة أفكاره من خـلال إعادة قراءة الشـريعـة، فعلـي سبيـل المثـال أدخل حسـن البنـا فكـرة الدولـة الإسلاميـة بدلا من الخلافة الإسلامية المطروحة من سابقيه مثل محمد رشيد رضا، بل إنه ( حسن البنا ) شارك في العملية الانتخابية وأعلن بأن مبادئ الحكم في الإسلام موجودة في الحكم النيابي ولكنها لا تُطبق، وهذه المبادئ تتمثل في مسؤولية الحاكم ووحدة الأمة واحترام إرادتها، وأن الإسلام لا يرفض النظام التمثيلي. وتؤكد الباحثة أنه رغم ظهور الفصائل الراديكالية مثل التكفير والهجرة، والجهاد، والتحرير، والجماعة الإسلامية، التي اتخذت العنف طريقا لفرض أفكارها، فإن التيار الأساسي من فكر الإخوان تمسك، ولا يزال، بثلاثة مفاهيم: احترام الإطار الدستوري، والمشاركة في الانتخابات، ورفض العنف كوسيلة لمواجهة السلطة. وفي الوقت الحالي توجد قطاعات كبيرة من الإسلاميين تقبل بالديموقراطية والتعددية وتشارك بقدر ما يُسمح لها في الانتخابات ( الإخوان في مصر والأردن والكويت، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، وحزب الله في لبنان، والإسلام والتجديد في المغرب ). بالإضافة إلي ما سبق، تلمِّح المؤلفة إلي النقاش الفكري المكثف في العالم العربي حول النظام السياسي الإسلامي والعلاقة بين الإسلام والديموقراطية والدولة وغير ذلك من المتغيرات.وهي تأسف لأن هذه المناقشات الخصبة يكون نصيبها الحذف أو الإهمال من قبل الخبراء و أجهزة الإعلام التي تفضل صيغة الإثارة وسياسة التأثير في المتلقي الغربي، شديد الحساسية فيما يتصل بالإسلام والعنف الذي أصبح ملازما له. والنتيجة أنه توجد صعوبة بالغة لدي الرأي العام الغربي في التعرف علي أفكار هذا التيار السياسي الإسلامي، خاصة وأن أغلب إنتاجه الفكري يأتي باللغة العربية، فيظل محصورا في قطاعات قليلة من المفكرين والباحثين الغربيين. الشرعية الديموقراطية في النظام العربي تطبيقا لتيار الفكر الليبرالي كطريق للتطور والتحديث، أصبحت الديموقراطية ـ نظريا ـ مصدرا لشرعية الحكم بظهور النظام الليبرالي العربي الأول في المشرق العربي.فأخذ بالسيادة الشعبية والحكومة النيابية من خلال آلية ليبرالية وعقد انتخابات في ظل دستور. وتحت الوصاية المباشرة أو غير المباشـرة للاستعمـار الأوروبـي قامـت نظـم نيابيـة يبدو فيهـا الشعـب كمصـدر للسيـادة حسبما يشترط التبشير الحضاري الاستعماري ووفقا للتطلعات الليبرالية للنخب الإقليمية، في مصر ( 1922ـ 1952 )، والعراق ( 1924ـ 1958 )، وشرق الأردن ( 1928ـ1957)، وسورية ( 1920ـ1963 ). وفي الحالات الثلاث الأولي كان النظام السياسي تقليدا للملكية البريطانية، وفي الحالة الأخيرة، جمهورية رئاسية علي النمط الفرنسي.
مع هذا، فإن البرلمان، رمز الديموقراطية، شارك بشكل متواضع في نظام الشرعية بسبب ضعف تمثيله، فكان للسلطة التنفيذية نفوذ أقوي من السلطة التشريعية في اتخاذ القرار السياسي، وكان الحكام يوافقون علي إجراء الانتخابات فقط عندما تكون في صالحهم، ولا يسمحون بها عندما تكون لديهم شكوك في أنها ستحدّ من سلطتهم.وتحليل العملية الانتخابية في الدولة العربية الإقليمية هو الأساس الذي تعتمد عليه خيما مارتين مونيوث في دراسة الشرعية الديموقراطية، وهي صاحبة باع طويل في هذا المضمار من خلال عدة دراسات قامت بها في المنطقة العربية.وكمثال علي هشاشة الديموقراطية وتلاعب الحكام بالإرادة الشعبية في تلك الفترة، أنه اجريت في مصر انتخابات تشريعية عشر مرات، فاز فيها الوفد بالأغلبية المطلقة سبع مرات، ومع ذلك شكّل الوفد ست حكومات فقط من مجموع 27 حكومة.
في الفترة الليبرالية الاولي في المشرق العربي، فشلت الديموقراطية لعدم توفر الشروط الاقتصادية والاجتماعية التي يتطلبها النظام الديموقراطي؛ فلم يأخذ النظام العربي بفكرة التضامن الاجتماعي، فخلق قطاعات عريضة من الشعب ساخطة، ولم يتحقق لشعوبها التجانس اللازم (باستثناء مصر)، وكذلك افتقر النظام العربي إلي التطور التقني والرأسمالي الذي نقل أوروبا إلي النظام الليبرالي.ومن جهة أخري، فإن جزءا كبيرا من الفشل مرده إلي العجلة أو السطحية التي أجري بها الإصلاحيون الليبراليون التحولات المؤسسية علي هامش أغلبية الشعب التي ظلت محتفظة بقواعدها الثقافية التقليدية.كما لم تحاول البرجوازية المسيطرة علي النظام الليبرالي تغيير الأبنية السوسيواقتصادية ذات الطابع شبه الاقطاعي، بل ظلت بعيدة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي للغالبية، وعجزت عن نقل فكرة إيجابية عن الليبرالية إلي الشعب، الذي بدوره، ممثلا في الجيل الجديد، فقد الثقة في النظام الليبرالي القائم حينئذ، ووجد أن منافعه السوسيوسياسية واقتصادية لم تخرج عن الطبقة الحاكمة.والنتيجة، الثورة علي النظام الليبرالي وظهور نظام الحزب الواحد، وفيما بعد نظام الاشتراكية العربية.
استندت شرعية النظام العربي الجديد الذي ساد في مصر والعراق وسورية والجزائر وتونس بورقيبـة في مرحلته الاشتراكية وليبيـا في مرحلة القذافي الناصريـة والسودان وموريتانيا واليمن الجنوبي، علي تحرير الإرادة الوطنية والتحديث السوسيواقتصادي، وتحددت الصيغة السياسية للنظام في الحكم عن طريق الحزب الواحد وتركيز السلطات في شخص رئيس الدولة وإدارة الحزب والقوات المسلحة وربط التنظيمات الشعبية ( النقابات والاتحادات المهنية والقطاعية ) بالحزب.
ورغم خفوت مصطلح الديموقراطية في ذلك النظام العربي فقد حُرص علي ممارسة شكلين من أشكال المشاركة الشعبية والتمثيل السياسي، وهما الاستفتاء والانتخابات. دخل الاستفتاء لأول مرة في الحياة السياسية المصرية في دستور 1956، وقد فهم كأداة ديموقراطية شبه مباشرة تتوافق مع الطابع الشعبي لتلك النظم. أما الانتخابات، فلم تحتفظ من معناها الاصطلاحي سوي بشكلها التقني، فهي بوجه عام لم تتسع للاختيار أو حرية الانتخاب، حيث كان معتادا أن تكون الترشيحات عن طريق الحزب.كما يكشف تحليل العملية الانتخابية عن عنصرين مهمين في بنية السلطة والمجتمع. فمن جهة، كان تحريك وإدماج الجماهير في النظام من أهم أسباب الدعوة إلي عقد الانتخابات، وهو ما أطلق عليه أحد الباحثين ضمان أو كفالة الموافقة ، فمن خلال صناديق الانتخابات يتمكن النظام من إجراء عملية ضبط وسيطرة علي البنية السوسيوسياسية، وتحقيق تحالفات جديدة وتجديد القديمة. ومن جهة أخري، فإن عقد الانتخابات التشريعية كل أربع أو خمس سنوات، والحرص علي إجرائها في موعدها في عدد من البلدان كان يفيد، ولا يزال، للتدليل علي الاستقرار والديموقراطية.
وتعقد مارتين مونيوث بهذا الصدد دراسة تفصيلية عن الانتخابات في سورية البعث، وجزائر الجبهة الوطنية، وتونس بورقيبة، ومصر عبد الناصر والسادات. فمن ملاحظاتها أن الموعد الانتخابي في البلدان الثلاثة الأولي كان ثابتا ومقررا. وعلي العكس، كان في الحالة الأخيرة (مصر) غير اعتيادي ويتم لتحقيق هدف محدد كالإقرار أو التصديق علي توجهات سياسية محددة:
ـ انتخابات 1957 كانت تصديقا علي التحالف الذي نشأ حينئذ بين الضباط الأحرار والبرجوازية المصرية الصناعية والتجارية، وأسطع دليل علي هذا أن أول برلمان في حقبة عبد الناصر الذي أفرزته هذه الانتخابات كان ممثلا به كل قطاعات البرجوازية المصرية. ـ انتخابات 1964 كانت لتبين انتهاء العلاقة مع هذه البرجوازية التي لم تستجب للتخطيط الاقتصادي الناصري، ولتصدِّق علي الاختيار القاطع للاشتراكية، كما أنها ( الانتخابات ) تمت حسب الشرط الجديد القاضي بأن يكون نصف الأعضاء من العمال والفلاحين، وهو شرط لا يزال قائما. ــ انتخابات 1969 كانت للتصديق علي خطة الدمقرطة التي حددها برنامج 30 آذار (مارس) 1968 كرد فعل لاضطرابات شباط (فبراير) 1968، وتجديد النخبة السياسية والعسكرية بعد هزيمة 1967. ـ انتخابات 1976 كانت بقصد تفكيك الاتحاد الاشتراكي وإنشاء المنابر السياسية كخطوة نحو إعادة الحياة الحزبية، وللتصديق علي سياسة الانفتاح الاقتصادي. ـ انتخابات حزيران (يونيو) 1979 كانت موجَّهة للتصديق علي توجه مصر المناصر للغرب، خاصة الولايـات المتحدة الأمريكيـة، وعلي اتفاقيـة السـلام الثنـائيـة مع إسرائيل بفصولـها الثلاثـة ( الزيارة والكامب والتوقيع 1977 – 1979 ). وتشير المؤلفة إلي أن وفاة عبد الناصر سنة 1970 أوقفت خطة دمقرطة النظام، وأن السادات وإن اتخذ خطوات فيما بعد في هذا الاتجاه بإقامة التعددية الحزبية ووضع مساحة سياسية للمعارضة، فإنه جعلها كتابع وليس كمنافس للحزب الحاكم، وشكل القمع والملاحقة الاستراتيجية السائدة في عهده لكل صوت معارض.وبمعني آخر، أقام السادات تعددية محكومة بشكل استبدادي وموجهة لإعطاء صورة ليبرالية لحكمه في الخارج، وإعطاء شرعية برلمانية للتوجهات السياسية الخطرة للنظام خاصة عقده لاتفاقية السلام مع إسرائيل. ومثال آخر علي الانتخابات البرلمانية الموجهة نجده في عراق البعث حيث عقدت أول انتخابات تشريعية سنة 1980 بعد توقف دام حوالي 22 سنة (منذ 1958) استجابة لأحداث داخلية وخارجية: داخليا مرض رئيس الجمهورية البكر والحاجة لإعطاء الشرعية لخليفته صدام حسين، وثورة الشيعة بين 1979 – 1980، وخارجيا الثورة الإيرانية 1979. وبعد خمس عشرة سنة تأتي انتخابات 1995 بهدف إثبات قوة النظام والتفاف الشعب حول رئيسه بعد هيجاء الخليج الثانية سنة 1991. تحولات ليبرالية في الثمانينيات والتسعينيات شهدت حقبة الثمانينيات أحداثا هامة علي المستويات القطرية والإقليمية والدولية. ــ قطريا : ـ السعودية : انتفاضة الشيعة في المنطقة الشرقية من 1979 إلي 1980. ـ سورية : اضطرابات شعبية ابتداء من سنة 1981، بلغت ذروتها في أحداث حماة سنة 1982. ـ مصر : اغتيال السادات سنة 1981. ـ المغرب : انتفاضات شعبية سنة 1981، 1984، والإضراب العام سنة 1990. ـ السودان : تحرك جماهيري واسع ضد نظام النميري سنة 1985. ـ ليبيا : الغارة الأمريكية علي طرابلس سنة 1986، وهزيمة الجيش الليبي في تشاد سنة 1987. ـ تونس : توترات ناتجة عن إقصاء بورقيبة عن الحكم سنة 1987. ـ الجزائر : اضطرابات سياسية اجتماعية خطيرة في تشرين الاول (أكتوبر) سنة 1988. ـ الأردن : مظاهرات اجتماعية في جنوب البلاد في سنة 1989. ــ إقليميا :
بدأت الحقبة بمضاعفات الثورة الإيرانية سنة 1979 وقيام هيجاء الخليج الأولي سنة 1980، وانتهت بأزمة غزو الكويت سنة 1990 وما تلاها من هيجاء الخليج الثانية سنة 1991، ومرورا بالغزو الإسرائيلي للبنان والحرب الأهلية اللبنانية واتفاق الطائف الذي أسس للجمهورية اللبنانية الثانية.واقتصاديا، شهدت هذه الحقبة انكماش الدخول البترودولارية، وانهيار مفهوم الدولة الأبوية، وتفاقم الأزمة الاقتصادية في كثير من الأقطار العربية.
ــ دوليا :
تدهور القوة العظمي الثانية، الاتحاد السوفييتي، ثم اختفاؤها، وما نتج عنها من ضعف القيمة الاستراتيجية لعدد من دول المنطقة، وســيادة النموذج الغربي الليبرالي الديموقراطي علي الساحة الدولية.
هذه الأحداث والتطورات أظهرت مدي الأزمة السياسية والاقتصادية للنظم العربية: الثورية والمحافظة، فلاحت القاعدة الليبرالية كطريق ممكن لحل هذه الأزمة وتحقيق الاستقرار واستعادة ثقة المواطن بالنظم الحاكمة، وبدأت تحدث تحولات ليبرالية في النظام العربي بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفـة من قطـر إلي آخـر. ولكن هذه التحـولات كمـا تشيـر خيما مـارتيـن مونيـوث كانت في أساسـها استجابة لاستراتيجية البقاء للنخب الحاكمة التي كانت تبحث عن طريقة لحماية نفسها أكثر من كونها تحولات عميقة تقتضي بالفعل توزيع السلطة.فقد فتح الباب لمستوي محدود من المشاركة يكون كافيا لجذب مجموعات من المعارضة إلي جانب عملية الإصلاح، ولكن دون خلق الظروف التي تجعل هذه المجموعات قادرة علي تقويض سلطة النخب الحاكمة. أخذ الانفتاح الليبرالي العربي نمطين، أحدهما نمط اصطلاحي يقوم علي التعددية الحزبية، وتوسيع الحريات العامة، والتنشيط البرلماني، والترويج للتنافس في الانتخابات، كما حدث في الدول التالية : مصر وتونس والجزائر والسودان والأردن ولبنان والكويت والمغرب ؛ وثانيهما نمط خاص في بلدين ذوي نظامين سياسيين خاصين هما المملكة السعودية والجماهيرية الليبية.( هذه هي جميع الحالات التي درستها المؤلفة، وكما يلاحظ لم تدرس أقطارا أخري مثل اليمن وباقي دول الخليج وموريتانيا ).
ويكفي القول، دون الدخول في تفاصيل التحولات الليبرالية التي شهدتها المنطقة العربية في الثمانينيات والتسعينيات، بانها لم تحدث تحولا عميقا وحقيقيا في الحياة السوسيوسياسية العربية، إذ ظلت قطاعات عريضة من قوي المعارضة الحقيقية خارج الإطار الديموقراطي الرسمي، كما لم يسمح لمن هي داخله بالوصول إلي السلطة، أو حتي بالتأثير في اتخاذ القرار. والمحصلة الأخيرة أن المسيرة الديموقراطية تظهر عجزا بيّنا شبه تام في سائر الجغرافية العربية. ويرجع العجز الديموقراطي لأسباب موضوعية عديدة تشرحها الباحثة الاسبانية، ويعلمها المفكرون العرب، ولكنها ترفض رفضا قاطعا الأخذ بـ الثقافية كنظرية أساسية تفســــــر هذا العجز، إذ ترجعه هذه النـــــظرية، كما يتـــــبين من أعـــــمال برنارد لويـــــس Bernard Lewis ودانــــييل بيبس Daniel Pipes و ب.باديه B. Badie، إلي قصور جيني في الثقافة العربية الإسلامية، ملازم لها وغير قابل للتغيير، فيتحول الوضع العربي إلي حالة استثنائية خاصة جدا لا تنطبق عليها معايير البحث العلمي المطبقة في نواح أخري من العالم. شرعية التنمية السوسيو اقتصادية والوعد بالتنمية السوسيو اقتصادية مصدر آخر من مصادر شرعية النظام العربي الحاكم، فمنذ الخمسينيات أصبح نمط الدولة الأبوية الحامية قاعدة العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين، وهو نمط يقوم علي أساس اقتصادي ريعي قوي (البترول، الخدمات الجيواستراتيجية، ملكية مصادر الإنتاج، إلخ). وفحوي العقد الاجتماعي، أن الدولة تقوم بتلبية ضرورات الشعب وترعاه اجتماعيا واقتصاديا، وهذا من جانبه يقدّم الطاعة. وفي البداية كان لنمط الدولة الحامية نجاح شعبي واضح متمثلا في توزيع الدخل القومي من خلال الخدمات الصحية والتعليمية وتوفير فرص العمل. غير أن الزيادة السكانية في عدد من الدول، والأزمة الاقتصادية في الثمانينيات نتيجة هبوط أسعار النفط، وقلة الإنتاج، أدي إلي نقض العقد الاجتماعي الذي كان يشكل جزءا أساسيا في الاستقرار وحجر الزاوية في الشرعية السياسية للأنظمة الحاكمة. ولجأت الحكومات إلي الاستدانة الخارجية لحفظ التوازن الاجتماعي، وإلي الإصلاح الاقتصادي من خلال خطط قوية بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ووجد الحكام صعوبة في السيطرة علي الخلل الاقتصادي والاجتماعي كما أظهرتها الانتفاضات الشعبية (مصر : 1977، تونس : 1984، المغرب : 1981، و1984، الجزائر : 1988، الأردن : 1989 و1996 ). وهي لم تدل فقط علي الاحتقان الاجتماعي كثمرة مُرّة لتنامي الإحساس بعدم المساواة والإقصاء السوسيو اقتصادي، ولكن أيضا لمغزاها السياسي كونها تشكل أولي الانتفاضات الشعبية الكبيرة ضد السلطة الوطنية منذ الاستقلال، وحددت أول تدخل مباشر فظ وقمعي للعسكريين ضد الشعوب.
ولنمط الدولة الريعية الذي أقامه النظام العربي ما بعد الكولونيالية نتائج سلبية أخري يعرفها أهل الاختصاص مثل ضعف الانتاجية، وتفشي البيروقراطية، وزيادة معدلات الفساد.ولكن لعل أكثرها تأثيرا أنها تَحُول دون قيام نظام ديموقراطي؛ إذ أن بسيطرة الدولة علي مصادر الإنتاج والثروة تتمكن من الحصول علي الطاعة المدنية للغالبية التي تقدمها طواعية لأنها تجد في الاقتصاد التوزيعي مصلحة مباشرة وفــــورية ومصدرا أساسيا للدخل ؛ ومن جهة أخري، تحول دون ظهور قوي اجتماعية خارج إطارها، بل إن المشاكل والأزمات التي قد تنجم عن اقتصاد التوزيع وتؤدي إلي اضطرابات وفورات اجتماعية قد تسبب في تغـــيير الحكومة ولكن دون قدرة فاعلة علي وضع حد للنظام أو السيطرة علي السلطة، حتي إن الطبقة البرجوازية الجديدة التي نشأت نتيجة لسياسات الإصلاح الاقتصادي في بعض الدول العربية، فيما عرف بالانفتاح، في أغلـــــبها طبقة تجارية تستند علي ثروات نقدية وملكية عقارية خاصة، وفي حماية النظام الحــــاكم وارتباط قوي به. خلاصة القول، تآكلت شرعية التنمية السوسيو اقتصادية للدولة العربية ما بعد الكولونيالية، إذ لم تستطع الإيفاء بوعود التقدم، بل ونقضت العقد الاجتماعي، فلم تعد قادرة علي التموين والتوزيع في الوقت الذي ظلت فيه تطالب مواطنيها بالطاعة والأمن، وزيادة علي ذلك قادت شعوبها إلي التبعية الاقتصادية للغرب، والنتيجة شك الشعوب في شرعية السلطة القائمة. التغير الجيلي في الشعب العربي ترتبط الأزمة السوسيو سياسية واقتصادية في النظام العربي بعامل ديموغرافي هام ذي مستويين.الأول: الزيادة السكانية العربية في العقود الماضية.إذ أن الشعب العربي، حاليا، في أغلبيته في طور الشباب، فمن هم دون سن الـ 25 سنة يمثلون حوالي 65 بالمئة من الشعب العربي، مع ثقل واضح للشريحة العمرية فيـــــما بين 20 و29 سنة في فترة التسعينيات. الثاني : الزيادة الســــــريعة في ســـــكان الحضر، وهي نسبة تصل إلي ما بين 50 بالمئة إلي 70 بالمئة، وتزيد علي ذلك في دول الخليج، وبالتالي اتساع رقعة الشباب الحضري في المجتمع العربي. ولا تعاني غالبية الشباب الحضري فقط من الأزمة الاقتصادية ومن الآثار السلبية للإصلاحات الاقتصادية، بل أيضا من الإقصاء السياسي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.ولهذا يشكل الشباب خميرة المعارضة وطلائعها.وهم يقدمون أنفسهم كبديل علي المستوي السياسي والفكري لجيل الآباء الذي يسيطر علي المشهد السياسي باعتباره جيل الاستقلال الوطني والوريث للشرعية التاريخية.وهو وضع شبيه بالوقت الذي ظهر فيه الضباط الأحرار في مصر في أعقاب الحرب العالمية الثانية.وإذا كان ذلك الجيل ــ جيل الآباء ــ قد آمن بالعروبة والاشتراكية ومعاداة الامبريالية، فإن الجيل الجديد يمثل انعكاسا للمعضلة الثقافية القائمة حاليا المتمثلة في إعادة تقييم ما هو أصيل ورفض ما هو مستورد، وبمعني آخر معضلة الهوية الثقافية الخاصة. ومن ثم تري خيما مارتين مونيوث أن ظاهرة الأسلمة التي تعيشها المجتمعات العربية الحالية مرتبطة لحد كبير بهذا التغيير الجيلي، وبعيدة عن أن تكون ببساطة مخلة عودة للخلف ، فهي ظاهرة من خلالها يستخدم الشباب الإنجازات العصرية ويعبرون عن آرائهم في مواقعهم الأساسية : المجتمعات الحضرية والجامعات عن عملية تغيير اجتماعية مركبة وعميقة في مقابل جمود وانغلاق النظام. الشرعية الإسلامية علي غرار ما حدث في الغرب، حاول الزعماء الوطنيون العرب في بدء إنشاء الدولة العربية ما بعد الكولونيالية استبعاد الدين كأساس تنظيمي للدولة (باستثناء المملكة العربية السعودية)، لأن شرعيتهم استندت علي سيادة الشعب ، والتحرير والاستقلال وبناء الدولة، والتنمية السوسيو اقتصادية. ومع ذلك لم يغفلوا الشرعية الإسلامية، ولكن كممارسة وصبغة تضفي علي حكمهم شرعية في عيون شعوبهم، وبمعني آخر كلباس خارجي للنظام يحقق الاتساق مع عقيدة وفكر الأغلبية. وفي سبيل تحقيق ذلك عملوا علي السيطرة علي علمـــــاء الدين الإسلامي والمؤسسات الإسلامية القائمة ذات المرجعية العالية واستحداث أخري، فيما يمكن أن يطلق عليه عملية رسمنة أو دولنة الإسلام. فمن مؤسسات الإسلام الرسمي تنطلق الفتاوي، تأييدا وتصديقا لقرارات وتوجهات النظام، أو شجبا ورفضا لكل صوت إسلامي مخالف أو معارض للمؤسسة الحاكمة ( من الأمثلة علي ذلك الفتاوي الإسلاميــــــة في مصر الخاصة بحملة تنظيم الأسرة، واتفاق كامب ديفيد، والمشاركة في حرب الخليج الثانية ضد العراق ؛ وفي المغرب فتوي المجلس الأعلي لعلماء المغــــــرب سنة 1980 ضد الثورة الإيرانية ؛ وفي الجزائر فتوي المجلس الأعلي الإسلامي سنة 1989 لصالح الإصلاحات الليبرالية ).
وإلي جانب ما سبق، يُحكِم النظام سيطرته علي جميع الشؤون الإسلامية من خلال وزارة خاصة بذلك، تشرف ماليا وإداريا علي الأئمة والمساجد والأوقاف والحج والتعليم الديني الإسلامي والدعوة الإسلامية.وأيضا يحرص النظام علي المظاهر الإسلامية : الخطاب السياسي للزعماء امتلأ بالشعارات الإسلامية، من بورقيبة إلي صدام حسين، مرورا بناصر وجبهة التحرير الجزائرية والقذافي، بل لم يقصِّروا في استخدام مصطلح الجهاد سواء في الحروب العربية ــ الإسرائيلية، أو العربية ــ العربية ؛ التوسع في بناء المساجد ؛ نشر الدعوة الإسلامية في مختلف وسائل الإعلام الحكومية ؛ زيادة حجم التعليم الديني وإنشاء جامعات إسلامية ؛ الأخذ بأحكام الشريعة فيما يتصل بالأحوال الشخصية، والنص دستوريا علي أن الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع في أغلبية الدول العربية. هذا الثوب الإسلامي الذي تدثر به النظام العربي، والذي كان الغرض منه تأكيد شرعيته، قاد إلي ثنائية واضحة خاصة في الدول الاشتراكية سابقا ، ثنائية تضافرت مع ثنائيات أخري اتسم بها المجتمع العربي منذ بداية النهضة العربية في القرن التاسع عشر ، لتُظهِر في أعين الشباب تناقضا مريرا في الهوية الثقافية العربية الإسلامية يتطلب حسما لصالحها ، وبالتالي رفض هذه الشرعية الإسلامية المظهرية ، المؤطرة والمؤسسة ، التي يتبناها النظام العربي الحاكم . الاسلامية ظاهرة سوسيو سياسية حديثة الاسلامية ، في رأي خيما مارتين مونيوث، هي الخصم السياسي للنظام العربي الحاكم، ولهذا تخصص لهذا الموضوع الجزء الثالث من الكتاب، وهي تحشد فيه كما هائلا من المعلومات التي قد لا تضيف جديدا للقارئ العربي، ولكن الجديد فيه ــ كما أشرت في بدء حديثي عن الكتاب بوجه عام ــ هو المنظور الذي من خلاله تسوق المعلومات، فتنتهي إلي نتيجة محددة يلمسها القارئ.
وينبغي، قبل الخوض في قراءة هذا الجزء، الإشارة إلي أن الاسلامية تمثل الرد علي النظام العربي ما بعد الكولونيالية حسبما تشير بنية الكتاب وكما يلمح العنوان الفرعي للكتاب، جيلي هائل في كل جغرافية المجتمع العربي حيث تتشيع قطاعات عريضة من الشباب العربي للفكر الإسلاموي. وتتسم الحركة الاسلامية بسمات عدة، إذ أنها مستقلة وعصرية وذات شمولية سوسيولوجية. فهي ليست مرتبطة بالنظام الحاكم سياسيا، ولا تكتفي فقط برفض اطروحاته السياسية، ولكن تقدم أيضا البديل لها.كما أنها لم تنشأ وتتشكل فكريا في داخل أروقة الإسلام الرسمي، وآية هذا أن غالبية القيادات الاسلامية المعروفة لم تخرج من المؤسسات الدينية التقليدية ( علي سبيل المثال : البنا وقطب، عباسي مدني وعبد القادر حشاني، وراشد الغنوشي، وعبد السلام ياسين، وليث شبيلات)، بل ترفض هذه القيادات الإسلام الرسمي، والتقليديون بدورهم يعارضون الفكر الإسلاموي.
ورغم ما قد يبدو من غرابة في نعت الاسلاميين بالعصرية، فلا أحد يماري في أنهم ليسوا انعزاليين، بل يعيشون في قيم الواقع الحديث والمجتمع الاستهلاكي والصعود الاجتماعي، وهم في غالبيتهم من أهل الحضر، ويقولون بقيم ليبرالية مثل احترام إرادة الأمة والتداول السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع. ورغم أن جزءا من سكان المجتمعات الحضرية المهمشة، أو العشوائية في الاصطلاح المصري، يعتنق الفكر الإسلامي، فإنه من الخطأ، كما تشير المؤلفة، تصور الاسلامية كأيديولوجية المعدمين، لأن فكرها يمتد إلي كل جماعات وفئات المجتمع الحضري، وهذا معني اتسام الحركة الاسلامية بشمولية سوسيولوجية.وثمة عنصر هام يؤكد هاتين السمتين الأخيرتين، وهو يشير إلي المشاركة النسوية في العمل الإسلاموي.فتلاحظ الباحثة أن المرأة الاسلامية لا تساهم فقط في العمل العام، بل أيضا في العمل الإسلاموي، كمرشحة وفي الحملات الانتخابية، وفي أنشطة الجامعة والجمعيات الخيرية الحضرية. وهذا يسمح بتطوير علاقة جديدة بين المرأة والمفهوم السائد عن الإسلام في هذا الشأن، كما يفتح فجوة في النظام البطريركي القائم، لأنه يحدث داخل شرعية إسلامية لا تقبل الشك، كما أن مشاركتها تتحقق من خلال وضعها كإنسان فرد وليس من خلال حيثيتها كابنة أو زوجة. والوجه الاجتماعي الذي يميز المرأة الإسلامية أنها شابة وحضرية ومتعلمة، والحجاب الذي تضعه بمحض إرادتها هو يعني في المقام الأول تأكيدا علي الخصوصية الثقافية ورمزا علي إعادة تشكيل هويتها الخاصة، ولا يدل في الحالات العادية علي التدين الصارم. الاسلامية والغرب تستهل المؤلفة هذه النقطة بترديد سؤال للشيخ يوسف القرضاوي، وهو لماذا يقبل الغرب أحزابا بأسمـاء مسيحية ويرفض هذا الحق للمسلمين ؟ والإجابـة المنتظرة، لأنها ستكون أحزابا إسلاموية ، وهذه برمتها، في الرأي الغربي الشائع، رافضة للتحديث مناهضة للغرب، وديكتاتورية، وهو قول مغلوط الأساس. فمن جهة تشكك النخب الاسلامية في التطابق بين التحديث والتغريب، إذ أنها تقبل التحديث وترغب فيه وتتطلع إلي المشاركة في بنائه ولكن بروح نقدية واختيار حر، وترفض المفهوم الثاني (التغريب ) المرتبط بالهيمنة والاتباعية وإلغاء الهوية الخاصة.ومن ثم فالعنصر المحوري في العلاقة مع الغرب يقوم علي رفض الاسلاميين أن يحتكر الغرب العالمية، وعلي المطالبة بدخول ثقافات أخري إلي العالمية دون التخلي عن الهويات الخصوصية.ومن جهة الديموقراطية، فإن القيادات الاسلامية تؤكد علي إيمانها بالتعددية والحياة النيابية وتسعي إلي المشاركة في العملية الانتخابية، بينما يقبل الغرب الديموقراطي النظم الديكتاتورية العربية بشكل مباشر أو غير مباشر، ويؤيدها ضد الإسلاميين كما حدث في الجزائر حيث وافق أولئك علي الإطار الدستوري وشاركوا في الانتخابات ولكن حِيل بينهم وبين حقهم الشرعي في الحكم. فالحقيقة الدامغة هي أن كون الحركة الاسلامية هي القادرة علي إحداث تغيـير في النظـام العربي القائم، ولكونها أيضا ذات طابع استقلالي، فإن وصولها إلي السلطة فيه خشية علي المصالح الغربية في المنطقة. ولهذا يأخذ الغرب، حرصا علي مصالحه، بسياسة واقعية تقوم علي التحالف مع حلفاء ضعاف تابعين له من أجل بقائهم السياسي.
ولكن إلي جانب الحرص علي مصالحه في المنطقة العربية، والتي تجعله يتخوف من الحركة الاسلامية ويقف ضدها، فإن الغرب تسوده رؤية سلبية عن الحركة الاسلامية ، لأنها، من جانب، رؤية شمولية لا تكترث بتنوع وتعدد الايديولوجية الاسلامية، ومن جانب آخر، انتقائية، تنتقي المظاهر الأكثر تقليدية والأشد وقعا وتأثيرا من خلال ملاحظة الفصائل المخفقة والجاهلة والراديكالية لتنتقي من كل هذا الركام الغث الطبيعة العامة للأيديولوجية الاسلامية ، مضيفة إلي ذلك مستويات متعددة من التشويه.وفي كل هذا خطأ منهجي كبير مرده إلي أن اختلاف التطابق بين ما هو ديني وما هو سياسي لا يحدده الأساس الفكري ولكن الوضعية الاجتماعية للذين يعتنقون الأيديولوجية. وهذه الرؤية السلبية يغذيها مصدران، أولهما : الفهم الخاطئ الموروث الناتج عن تراكم تاريخي طويل وعن اتصال دائم مع أوروبا بأن الإسلام قد قام بدور ثقافي منفِّر فيما يتعلق بتشكيل الهوية الغربية، وثانيهما: رؤية الحركات الإسلامية، من خلال مثال الثورة الإسلامية في إيران 1979،كحاملة لهذه الوظيفة المنفرة. وإلي جانب الرؤية السلبية سالفة الذكر، والتي أيضا قد تغشي بصر المثقف الأوروبي، يوجد اتجاه مفرط في العالم الغربي إلي غربنة التاريخ العالمي الذي يجعل الغربي يميل إلي إعادة منظومة قيمه في محاوريه الاسلاميين، الذين بدورهم يجدون صعوبة في ربط مرجعيتهم بقنوات الاتصال الغربية. فعلي سبيل المثال، من الصعب أن يقبل المثقف الغربي بأن تاريخ العالم العربي الإسلامي لم يشهـد ذلك الصراع الحاد بين العقل والدين، وهو الصراع الذي حدد بناء أوروبـا الحديثة، فكان تهميش الدين هو السبيل نحو التحديث.
وتذكِّر مارتين مونيوث الغرب بأنه يجب أن يعلم أن المسألة الحقيقية تكمن في أن يعرف من هم الإسلاميون، وماذا يفعلون، وأن يأخذ في الحسبان أنهم يشكــــلون طبقة إنسانية عميقة، متنوعة ومتغيرة، بهدف تجنب أن يكــــون الراديكالي، وهو موجود، هو الذي ينتهي بفرض إرادته علي قطاع عريض مثقف ومتفتح لا يعــتقد الغرب بأنه موجود، وأن يعلم أن بالخلط بين المتطرفين والإصلاحيين يخرج الأولون فائزين، وأن الأخذ بالاختلاف بين الفريقين يقتضي الاعتراف بالآخرين وقبولهم. El Estado ـrabe. Crisis de legitimidad y contestaci—n islamista المؤلف : Gema Mart’n Mu–oz الناشر : Edicions Bellaterra 2000 الطبعة : برشلونة ـ اسبانيا 1999 عدد الصفحات : 423 صفحة (المصدر: صحيفة  » القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 2 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

13 mars 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1393 du 13.03.2004  archives : www.tunisnews.net اللجنة الوطنية لمساندة عبد اللطيف المكي وجلال عياد:

+ لمعرفة المزيد

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.