الأربعاء، 19 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2158 du 19.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


اللجنة العربية لحقوق الإنسان:  تونس: متى تدق ساعة التغيير ؟

أعضاء بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية: بـيـان للرأي العام التونسي بخصوص المناورات الأخيرة للنظام الحاكم

تشكيل الجنة الوطنية لمساندة الصحفي سليم بوخذير

تشكيل الجنة الوطنية لمساندة الصحفيّة شهرزاد عكاشة

الطاهر العبيدي: صحفية أخرى من جريدة الشروق التونسية تدخل في إضراب جوع مفتوح

رويترز: مدرسو تونس يضربون احتجاجا على ظروفهم المهنية شبكة الصحافة العربية: التونسية سهام بنسدرين تفوز بجائزة (إندكس) لحرية التعبير القدس العربي: تونس تهدف الي جذب استثمارات أجنبية لزيادة الوظائف حمادي الجبالي لأقلام أونلاين: نريد تحصين المجتمع من الاستبداد أيا كانت اللافتة التي يمارس تحتها جمال العرفاوي: جمعية الصحفيين التونسيين… وفي انتظار التقرير الخامس فعاليات المخيم المشترك بين الجمعية التونسية للثقافة والاندماج بألمانيا وجمعية الزيتونة بسويسرا الحوار.نت : لقاء مع الشاعر التونسي بحري العرفاوي قدس برس: منظمة حقوقية تناشد القذافي تشكيل لجنة تحقيق في أحداث بنغازي رويترز: قضاة مصريون بارزون يعتصمون احتجاجا على مساءلة قاضيين رويترز: فرنسا لا تقبل بامتلاك ايران لاسلحة نووية

د.أحمد القديدي: البضاعة الحضارية المغشوشة تصدر للمسلمين محمد صادق الحسيني: “الانـعـتـاق” الـذري الإيـراني عبد الباري عطوان: الفلسطينيون لن يركعوا معن بشور: مستقبل المقاومة العراقية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

اللجنة العربية لحقوق الإنسان  

تونس: متى تدق ساعة التغيير ؟

أوقف البروفسور المنصف بن سالم وزوجته السيدة حليمة وابنه الأصغر إضرابهم عن الطعام ليلة الجمعة الحزينة بعد أسبوعين من بدئه نزولا عند مناشدة العديد من المنظمات الحقوقية والشخصيات الديمقراطية التي ألحت عليهم بذلك، ضنا بسلامتهم الجسدية نظرا للأمراض التي يعانون منها على أن تكمل تحركها من أجل استرداد حقوقهم وكرامتهم. هذا الإضراب عن الطعام بدا كالرصاصة الأخيرة بعد طول معاناة استمرت تسعة عشر سنة عرفت فيها هذه العائلة كل أنواع القهر والجور وانتهاك الحقوق. خاصة أن علامة مثل البروفسور بن سالم كان يفترض بدولة تحترم نفسها وتستحق هذه الصفة أن تفتح أمامه كل سبل العطاء واستثمار إمكانيات عالم من طراز كبير لما فيه خير أبناء بلده قبل أن يكون لإعلاء شأنه. هذا العلامة الذي أنشأ كلية أغلقت أبوابها في وجهه، كان يتحدث عن طلابه المغيبين في غياهب السجون عندما رجوناه توقيف إضرابه مطالبا إيانا بأن لا ننساهم ولو لم نذكر أسماءهم، مؤكدا بذلك على الأخلاق العالية التي يتحلى بها هذا العالم والتي منها الإيثار والغيرية.             عن معاناته الشخصية والعائلية، يلفت الدكتور المنصف بن سالم النظر لها في رسالة يقول: لقد حرمت من حقوق كثيرة: أجور، تأمين على المرض، مراسلات، حرية تنقل،  جواز سفر، أحيانا هاتف، خدمات بلدية… وقضيت 19 سنة تحت أنظار البوليس يلاحقني أينما كنت، منها أكثر من 8 سنوات ومنزلي محاصر بالبوليس على الدوام. فلا أحد يزورني ولا أزور أحدا ولا أقدر على تبادل التحية مع أحبابي وأصدقائي وجيراني…( بعد ذلك) وطيلة 4 سنوات في السجن حرمتني هذه السلطة من كل أدوات القراءة والكتابة ومنعتني بالقوة من زيارة أمي وهي على فراش الموت. كما تعرضت عائلتي (من جملة ما تعرضت له) إلى حادث مرور أدى لإعاقة دائمة لابني الأصغر قدرت ب 70 بالمائة. للأسف مثال هذه الشخصية ليس الأول ولن يكون الأخير. اللائحة طويلة وهو ليس سوى واحد من شريحة واسعة من مناضلين لم يمارسوا العنف وآثروا التضحية بما يملكون من قوة وبطرق سلمية لإخراج بلدهم من الدرك الذي أوصله إليه نظام فاسد ومفسد. نظام قمعي لا يتوانى عن ارتكاب كل الآثام بحق من يخالفه الرأي. بالوقت عينه يلجأ لذر الرماد في العيون وتضليل الرأي العام الدولي باتخاذ بعض الخطوات التمويهية من مثل إطلاق بعض المساجين السياسيين الذين استوفوا غالبية أحكام سجنهم. كذلك التهويل بخطر المعارضة، خاصة الإسلامية منها والمتمثلة بحزب النهضة، في زمن لم يعد يكسبه كما بالسابق مثل هذا التهويل دعم الأطراف الدولية التي ناصرته في حقبة التسعينات. مع ذلك تستمر منذ ما يزيد عن خمسة عشر سنة مأساة استنزفت طاقات بشرية جمة قدمت الكثير من التضحيات. تضحيات من أجل تمكين المجتمع من ممارسة حرياته وحقوقه، والتمتع بحياة سياسية تبنى على المشاركة الواسعة للشعب واحترام ارادته في صياغة مشروع مجتمعي مدني حديث دون استهدافه في أرزاقه وحقوقه الأساسية. أما من عرف من هؤلاء المناضلين السجن وهم آلاف، فحدث ولا حرج. لقد أدت حملات الاعتقال العشوائية والمحاكم العسكرية الجائرة والمحاكمات الصورية والقوانين الاقصائية والمعاملات الاستثنائية والتعذيب الوحشي والشهادات المنتزعة بالقوة واللجوء للعنف الشديد انتقاماً وتشفياً لتسبب الكثير من الضحايا. فالبعض وافته المنية والبعض الآخر أصيب بعاهات دائمة وإعاقات بين: شلل وفقدان حواس سمع أو بصر أو اختلال العقلي ومرض النفسي أو حتى الوفاة فيما بعد الخروج من السجن جراء الإصابة بأمراض خطرة. نذكر من هؤلاء الضحايا القابع منهم إلى اليوم في السجن: السادة محمد العكروت، الحبيب اللوز، فتحي العيساوي، محمد الطرابلسي وفرج الجمي، أو من أطلق سراحهم في حالة تدهور صحي خطير كالسادة: الهاشمي المكي وزياد الدولاتي وآخرون كثيرون أصيبوا بعاهات دائمة كالسكري والكلي والربو وأمراض القلب والمعدة والأعصاب. وكأن التعذيب والحبس الانفرادي والمعاناة داخل السجن لم يكفي، فكان بعد الخروج منه صنوف أخرى من التنكيل كالمراقبة الإدارية المجحفة أو التهجير القسري أو الحرمان من العمل عبر تهديد أرباب العمل أو بالاستدعاء المتكرر لمخافر الشرطة وغيره من أنواع التنكيل اليومي الذي يستهدف محاصرة الضحية بكل معنى الكلمة وقذفها خارج الزمن والتاريخ. بمعنى آخر مورس بحق الضحايا كل ما يمنع انخراطهم في حركة المجتمع وإعادة تأهيلهم، بما يمكن أن يدفعهم بالتالي للإحباط أو العنف أو الموت البطيء. بذلك يعتبر وضع الجسد في موضع الخطر عند الدخول في إضراب عن الطعام بمثابة الصرخة الأخيرة التي بقيت للضحية للفت أنظار العالم لمعاناتها بعد مسلسل التنكيل والتعذيب والتجهيل والتضييق والتعتيم والتجويع والتشريد. أما العائلات، فالثمن الذي أسدته وما زالت بدون جرم كبير جدا، ابتداء من التجويع والمحاصرة الاقتصادية والملاحقة القضائية إلى الإهانات الشخصية والضغوطات النفسية وظروف زيارات السجن التي تعتبر بمثابة كابوس مادي ومعنوي للأهالي. في تونس على وجه الخصوص، وليس بمعزل عن العالم العربي ككل للأسف وإن بدرجات متفاوتة، تنتهك الحقوق بشكل واسع وتصادر الحريات ويزج بالمعارضين في السجون أو يهجرون إلى المنافي، كما يتم تزييف الانتخابات والعبث بالدستور والقوانين وتأليه الحاكم وإرهاب المواطنين وتهميش القضاء وتطويع المؤسسات واحتكار وسائل الإعلام والعبث بالثروة الوطنية من قبل النافذين في أعلى الهرم السياسي والتفريط بالممتلكات العامة وإغراق البلاد بالديون، الخ. في حين لا يتمتع المواطن في وضع كهذا بمزية المواطنة إذ عليه أن لا يرى ولا يتكلم وإلا أصبح في عرف النظام وأجهزته منبوذا ومتآمرا على « مصلحة الوطن ». في تونس تحاصر المنظمات الحقوقية والمدنية، المرخص والتاريخي منها كالرابطة التونسية لحقوق الإنسان بشكل منهجي، ويمنع عن غير المرخص الحق في التواجد والنشاط. يتم التعبير عن ملاحقة التنظيمات بالاعتداء المتواصل على النشطاء، حيث وصل الأمر لحد التهديد بالقتل والمسّ بالسلامة الجسديّة لبعض الشخصيّات المعارضة البارزة، مثال عبد الرؤوف العيّادي، سمير ديلو، الأسعد الجوهري، حمّة الهمّامي، وأخيرا وليس آخرا، محمّد عبّو. هذا المحامي الذي ما زال مضربا عن الطعام من داخل سجنه بعدما ألقي القبض عليه جراء نشره لمقال على شبكة الانترنت. وبدوره وكي لا يكسروا قلمه الحر، دخل الصحفي سليم بوخذير منذ اسبوعين في إضراب عن الطعام بات يهدد حياته في ظل ما يعانيه من مضاعفات صحية خطيرة على القلب، وذلك من أجل الاحتجاج على قرار طرده من عمله في جريدة الشروق وما يتعرض له من مضايقات وتهديدات مستمرة ومن أجل التمسك بحقه في النشر وحقه الطبيعي في السفر. كذلك هناك مضربون آخرون عن الطعام، الكثيرون منهم داخل السجون وخاصة سجن برج الرومي وآخرون في السجن الكبير وهو البلد بأسره. (مع البيان تحديث الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين لقائمة بالمعتقلين السياسيين تشمل المفرج عنهم حديثا). في تونس، تشمل الممارسات القمعية أيضا التعرض لشرف وعرض وكرامة المعارضين عبر الثلم الرسمي الكاذب وتشويه السمعة بوسائل مزورة كما حصل مؤخرا مع الصحفية نزيهة رجيبة (أمّ زياد) وزوجها النائب السابق الأستاذ المختار الجلاّلي، أو الحملة الإعلاميّة الرخيصة ضدّ الأمين العامّ للحزب الديمقراطي التقدّمي الأستاذ أحمد نجيب الشابّي أو الحملة الأخرى التي استهدفت قبل أسابيع البرلماني السابق والإعلامي الدكتور أحمد القديدي.. لقد آن الأوان لكل القوى والتعبيرات الديمقراطية والمدنية والحقوقية للالتفات الجدي لما يجري في هذا البلد الذي حوله التضخم في الأجهزة الأمنية والانتشار الأفقي لوسائل تدخلها في الحياة العامة والخاصة  إلى سجن كبير، لكن بوسائل « حديثة » وتقنيات متطورة وخطاب تشويهي لحقوق الإنسان قد ينطلي على السائح الساذج لكنه يكثف آلام ومآسي لمجتمع غني وخصب بطاقاته. آن الأوان لإيقاف هذه الجرائم التي ترتكب مع كل مطلع شمس بحق هذا الشعب الذي يستحق العيش بكرامته منخرطا في الركب الحضاري بكل إمكانيات أبنائه من أجل خير المنطقة والبشرية. باريس في 19/4/2006
 

أعضاء بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية   

بــيــان للرأي العام التونسي بخصوص المناورات الأخيرة للنظام الحاكم

 
إثر الاتصالات الأخيرة التي حاول النظام التونسي القيام بها معنا ومع عدد من المعارضين له خارج البلاد، وفي فرنسا تحديدا، نريد توضيح الآتي للرأي العام:   1- أنها لا تعدو أن تكون مناورة سياسية – أمنية رخيصة تهدف إلى شق صفوف المعارضة التي توحدت عمليا بعد إضراب 18 أكتوبر حول مطالب لا يقدر على الاستجابة لها. 2- أنها تدلل مرة أخرى على تعنت النظام الحاكم ونزوعه الدائم إلى احتقار شرفاء البلاد وإذلالهم وذلك إما بالقدح في أعراضهم أو اتهامهم بالخيانة الوطنية أو مخاطبتهم بواسطة أعوان أمن يدعون كونهم رسل الرحمة الرئاسية. 3- أنها ترمي إلى إيهام أعوانه بقوته الزائفة وجبروته المترهل من خلال رفض التعامل مع المعارضين له بغير أساليب الترهيب المخيف أو الترغيب المذل. 4- أنها مجرد بالون لاختبار صمود المعارضين من جهة وفهم سرائرهم تمهيدا لأجواء الانتقال السياسي المتوقع قريبا في رأس السلطة من جهة أخرى. وعليه فإننا، ومن موقع الوطنية والمسؤولية، نؤكد على ما سبق أن أجمعنا عليه في حزبنا (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) وأساسا:
1- رفضنا القطعي لمثل هذه المناورات الرخيصة وتمسكنا بمطالب التغيير الديمقراطي الذي يحمي الكرامة ويبني المواطنة ويؤسس لدولة القانون والمؤسسات. 2- تنديدنا بكل استجابة لها واعتبارنا ذلك ضعفا قد يعذر أصحابه لأسباب إنسانية ولن يغفر التاريخ للمتواطئين ذلهم واستكانتهم. 3- إيماننا الراسخ بأن قدر البلاد هو الانتقال، عاجلا غير آجل، إلى أجواء الحريات والديمقراطية وأن نضالات الشرفاء ودماء الشهداء وصرخات الأمهات المشتاقة لأبنائها لن تذهب أدراج الرياح وأن للحق صولة وللتاريخ غاية. 4- قناعتنا أن طريق الإنقاذ والإصلاح لا يسلك بالأدوات الحقيرة لأن الغايات النبيلة لا يتوسل إليها بغير الوسائل الشريفة. 5- تأكيدنا على أن الحريات والديمقراطية ليست منة يجود بها رئيس على شعبه وإنما هي مكاسب لن تتحقق إلا بسواعد المناضلين الشرفاء داخل البلاد وخارجها وأن المعارضين المهجرين من وطنهم هم أبطال يعرفهم شعبهم ولا يعرف شيئا عن النكرات الذين تحولوا إلى سفراء يمارسون السلطة ويرتكبون باسمهم أخس المناورات.     باريس، في 19 أفريل 2006   شكري الحمروني عماد الدائمي عماد بن محمد سليم بن حميدان   أعضاء بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية

 

الجنة الوطنية لمساندة سليم بوخذير

 
اقدمت صحيفة الشروق على طرد الصحفي سليم بوخذير طردا تتعسفيا في الخامس من الشهر الجاري و هو ما دفعه الى شن اضرابا عن الطعام منذ ذلك التاريخ الى اليوم للمطالبة بحقه في العودة الى العمل  و برفع كافة التضيقات المسلطة عليه ان اللجنة الوطنية لمساندة سليم بوخذير تحمل السلطات التونسية مسؤولية ما قد يحدث لبوخذير من مضاعفات خاصة و انه بات يعاني من مشاكل صحية خطيرة بعد 16 يوما من الاضراب و تدعو اللجنة ادراة صحيفة الشروق الى ارجاعه الى سالف نشاطه و الكف عن مضايقة الصحافيين و معاقبتهم لمجرد التعبير عن ارائهم

علي بن سالم رئيس ودادية قدما المقاومين لطفي حجي رئيس نقابة الصحفيين التونسيين رشيد خشانة رئيس تحرير الموقف نزيهة رجيبة ام زياد الموصد الوطني لحرية النشرو الابداع محمد الفراتي سكريتير تحرير الموقف سهام بن سدرين الناطق الرسمي باسم المجلس الوطني للحريات محمود الذوادي كاتب عام نقابة الصحفيين التونسيين عبد الوهاب الهاني رئيس تحرير مجلة التونسي زهير لطيف صحفي تونسي بالمهجر العياشي الهمامي هيئة 18 اكتوبر للحقوق و الحريات ليلى بن محمود لجنة الدفاع عن محمد عبو بشير الصيد عميد سابق للمحامين عبر الرؤوف العيادي هيئة 18 اكتوبر للحقوق و الحريات سمير ديلو هيئة 18 اكتةبر للحقوق و الحريات و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين انور القوصري  نائب رئيس الرابطة اللتونسية للدفاع عن حقوق الانسان محمد القوماني عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي و الهيئة الديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مختار اليحياوي رئيس مركز تونس للاستقلال القضاء مصطفى بن جعفر الامين العام للتكتل الديمقراطي من اجل العمل و الحريات خليل الزاوية عضو المكتب السياسي للتكتل الديمقراطي من اجل العمل و الحريات عبد القادر بن خميس المجلس الوطني للحريات العربي شويخة استاذ جامعي ناشط من اجل حرية الرأي و التعبير عبد الحميد الصغير طالب


 

اللجنة الوطنيّة لمساندة الصحفيّة شهرزاد عكاشة في إضرابها عن الطعام من أجل حقّ العمل وحريّة الصحافة: (حسب الترتيب الأبجدي)

أحلام بلحاج ـ الجيلاني الهمامي ـ الحبيب الطريفي ـ آمال البجاوي ـ أنور القوصري ـ أيوب الغدامسي ـ بختة جمور ـ توفيق بن بريك ـ جلال الزغلامي ـ حسين الكريمي ـ حليمة الجويني ـ خالد الكريشي ـ خميّس سكرة ـ سامي السويحلي ـ سلوى الشرفي ـ سناء بن عاشور ـ سهير بلحسن ـ شكري بلعيد ـ شكيب الدحدوح ـ شوقي الطبيب ـ عبد الرحمان الهديلي ـ

عبد الرزّاق الهمّامي ـ عيّاشي الهمّامي ـ غسان عمامي ـ فتحي بن علي ـ فوزي بن مراد ـ كمال الدريدي ـ محسن الحجلاوي ـ محمد جمور ـ محمد معالي ـ محمود الذوادي ـ مختار اليحياوي ـ مسعود رمضاني ـ مصطفى بن أحمد ـ نزار عمامي ـ نعيمة الهمامي.

 

صحفية أخرى من جريدة الشروق التونسية تدخل في إضراب جوع مفتوح

الطاهر العبيدي Taharlabidi@free.fr

شهرزاد عكاشة صحفية من جريدة الشروق التونسية، تدخل في إضراب جوع مفتوح، ابتداء من اليوم 18 أفريل 2006 ، منذ الساعة العاشرة والنصف صباحا   بمقر جمعية الصحفيين التونسيين، الكائنة بشارع الحبيب بورقيبة تونس العاصمة، وبمجرد إعلامنا من طرف المعنية بالأمر، اتصلنا بها هاتفيا لاستجلاء الخبر،  فأوضحت لنا أنها اختارت التعبير بهذه الوسيلة، لتمكينها من حقها المشروع في العمل، بعد أن وقع إيقافها عن العمل بجريدة الشروق بطريقة تعسفية مخالفة للقوانين، بسبب آرائها السياسية، مطالبة بالكف عن كل أشكال المضايقات التي تتعرض لها، وأضافت من موقعي كقلم حر ودفاعا عن الشفافية وحرية الرأي والديمقراطية، أطالب بالكف عن سياسة التجويع التي تمارسها السلطة في حق الصحفيين، وقد ذكرت لنا أنها تلقت مساندة من المنظمات والنقابات والشخصيات الوطنية، كما أفادتنا أنه قد شكلت لجنة مساندة لها تدعم مطالبها المشروعة،  ضمّت عدة وجوه صحفية تونسية بارزة، منها محمد معالج – محمود الذوادي- توفيق بن بريك وآخرين –وكذلك حسب قولها في اللجنة المساندة عدة محامين وحقوقيين، منهم الأساتذة العياشي الهمامي، محمد جمور شوقي الطبيب، شكري بلعيد، جلال الزغلامي،وعبد الرحمان الهذيلي…

وختمت القول بأنها تتوجه بنداء إلى كل الزملاء الصحفيين في العالم إلى مساندتها والتضامن معها من أجل نصرة الأقلام الحرة في تونس.


 

اللجنة الجهويّة لاصحاب الشهائد العاطلين عن العمل بقفصة تصعّد النضال

خاض العديد من أصحاب الشهائد العاطلين عن العمل بتأطير من اللجنة الجهوية وبحضور عضوتها « غزالة المحمدي » في الأيام الأخيرة سلسلة من التحركات حيث اعتصموا يومي السبت والاثنين والثلاثاء بمقر الولاية مطالبين بمقابلة الوالي من أجل تشغيلهم و أمام مواصلة هذا الأخير تجاهلهم نزلوا يوم الثلاثاء إلى الشارع حيث اعتصموا أمام مقر الولاية رافعين الشعارات المطالبة بتمكينهم من حقهم في الشغل. وقد لاقى هذا الاعتصام مساندة وتعاطفا واسعين من قبل أهالي الجهة التي تعرف نسبة بطالة كارثيّة خاصة في صفوف الشباب.


مدرسو تونس يضربون احتجاجا على ظروفهم المهنية

تونس (رويترز) – قالت مصادر نقابية في تونس ان نحو 80 بالمئة من أساتذة التعليم الثانوي اضربوا يوم الاربعاء عن التدريس للمطالبة بتحسين ظروفهم المهنية واحترام حقهم النقابي في التجمع داخل المعاهد.

ويقدر عدد اساتذة التعليم الثانوي بحوالي 60 الف مدرس.

وقال طارق محضاوي من نقابة التعليم الثانوي لرويترز ان « الاضراب عرف نجاحا منقطع النظير بنسبة عامة بلغت 80 بالمئة في كافة معاهد البلاد. »

ويعتقد على نطاق واسع ان اضراب الاساتذة يسبب حرجا للحكومة التي تعتبر من اكثر دول القارة الافريقية تقدما في مجال التعليم والتي تفاخر بما حققته من نسب عالية في مجال الالتحاق بالمدارس والتي تتجاوز 90 بالمئة حسب احدث الارقام الرسمية.

وقال الشاذلي قاري الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي امام تجمع ضم مئات المدرسين في ساحة محمد علي بالعاصمة اليوم « الاساتذة غاضبون لعدم تنفيذ مطالبهم المهنية ومتمسكون بحقوقهم المهنية والنقابية كاملة. »

وتطالب النقابة الحكومة بخفض سن التقاعد الى 55 عاما من 60 عاما وتسديد منح مالية عند العودة المدرسية والتمسك بحق التجمع داخل المعاهد دون قيود.

وأضاف قاري « يتوجب اعادة الاعتبار للاساتذة احتراما لهذه المهنة النبيلة والشاقة » مهددا باتخاذ خطوات عملية اخرى في المستقبل.

لكن وزارة التربية اعتبرت ان تنفيذ النقابة للاضراب « تصعيد من شأنه ان يزج بالمدرسة في تونس الى متاهات لا حاجة بها ».

وبخصوص خفض سن التقاعد الى 55 عاما قالت الوزارة في بيان ان هذا الامر يهم كافة العاملين بالحكومة ومن ثم لا يمكن حسمه في قطاع واحد دون بقية القطاعات وان حق التجمع داخل المعاهد يكفله دستور البلاد.

وكان أساتذة جامعيون امتنعوا نهاية العام الدراسي الماضي عن تصحيح الامتحانات للمطالبة برفع أجورهم في سابقة نادرة الحدوث في البلاد.

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 19 أفريل 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

مدرسو تونس يضربون احتجاجا على أوضاعهم المهنية

لطفي حجي – تونس

 

نفذ مدرسو التعليم الثانوي في تونس إضرابا عن العمل اليوم للمطالبة بتحسين أوضاعهم المهنية واحترام حقوقهم النقابية. وطبقا لتصريحات نقابية شارك في الإضراب معظم مدرسي التعليم الثانوي البالغ عددهم 60 ألفا.

وقد اتهمت النقابة العامة للتعليم الثانوي التي دعت إلى الإضراب وزارة التربية بالمماطلة والسلبية في التعامل مع المطالب المشروعة لأساتذة التعليم الثانوي.

ويطالب أساتذة التعليم الثانوي بتخفيض سن التقاعد إلى 55 سنة بدل سن الستين المعمول بها حاليا، وبتمكينهم من منحتي العودة المدرسية وإصلاح الامتحانات.

ويشدد الأساتذة في مطالبهم على احترام الحقوق النقابية، وعلى تثبيت مئات المتعاونين الذين ترفض الوزارة تثبيتهم رغم مرور سنوات على مباشرتهم المهنة.

و في رد على مطالب النقابة أبرزت وزارة التربية في بلاغ وزعته على كافة معاهد البلاد حرصها على تحسين وضعية المدرسين المادية والمعنوية وظروف عملهم.

وذكرت الوزارة أنها مكنت أساتذة التعليم الثانوي من مكاسب جديدة هذه السنة تتمثل بالخصوص في إسناد منحة للأساتذة المراقبين بالامتحانات، وتثبيت 3420 أستاذا متعاونا على امتداد السنوات الأربع الماضية.

وأعربت الوزارة عن استعدادها لمواصلة التفاوض مع النقابة فيما يتعلق بالمطالب الأخرى المتعلقة بخفض سن التقاعد، وبالحق النقابي، وبمراجعة القانون الأساسي للأساتذة.

غير أن نقابة التعليم الثانوي التي تضم في صفوفها كافة المدرسين بالمعاهد الثانوية اعتبرت الوزارة رافضة للمطالب الأساسية للأساتذة ولم تحدد جلسات تفاوض حولها.

وأبرز رد النقابة أن الخلاف بينها وبين الوزارة يتجاوز المطالب المادية والمهنية المباشرة إلى الرؤية حول جوهر النظام التربوي.

وفي هذا السياق قال مسؤولون بالنقابة إن الوزارة تخطط لتقليص المواد الإنسانية والتفكير الإسلامي واللغة العربية.

وعلى الرغم من نفي الوزارة ذلك في أكثر من تصريح صحفي، فإن النقابة تطالب بأن ترد الوزارة بصفة رسمية مثلما جرت العادة حتى تطمئن على مصير الأساتذة الذين سيتضررون إذا ما تم تغيير النظام التربوي بالطريقة التي أعلنت عنها الوزارة.

ويعتقد على نطاق واسع أن إضراب الأساتذة يسبب حرجا لحكومة تونس التي تعتبر من أكثر دول القارة الأفريقية تقدما في مجال التعليم، حيث تتجاوز نسبة الالتحاق بالمدارس 90% حسب أحدث الأرقام الرسمية.

 

ـــــــــــ

مراسل الجزيرة نت

 (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 19 مارس 2006 )


 

التونسية سهام بنسدرين تفوز بجائزة (إندكس) لحرية التعبير

حصلت الصحافية شهام بنسدرين رئيس تحرير موقع « كلمة » على شبكة الإنترنت ـ المحظور في البلاد ـ والناشطة البارزة في مجال حرية الصحافة، على جائزة (إندكس) في مجال حرية التعبير.

وجاءت هذه الجائزة تكريماً لها لتسليطها الضوء على افتقار تونس إلى حرية التعبير، ونضالها الشخصي ضد قمع المعلومات، وبصورة خاصة أثناء القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي عقدت في تونس في شهر نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠٠٥.

 

(المصدر: شبكة الصحافة العربية، الرسالة الإخبارية رقم ١٢/ بتاريخ 19 أفريل 2006)


 

تونس تهدف الي جذب استثمارات أجنبية لزيادة الوظائف

تونس ـ من سونيا ونيسي

قالت وكالة حكومية امس الثلاثاء ان تونس تتوقع زيادة بنسبة عشرة في المئة للاستثمارات الاجنبية في 2006 وتأمل أن يذهب جزء كبير من تلك التدفقات الي صناعات كثيفة العمالة لتعزيز سوق العمل.

وقالت منجية خميري مدير عام الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي لرويترز ان البلد الذي يبلغ عدد سكانه عشرة ملايين نسمة يريد جذب حصة أكبر من الاستثمارات من الدول العربية.

وعادة ما تجتذب تونس الاستثمارات الاجنبية من دول أوروبية لاسيما فرنسا وايطاليا واسبانيا. ويعتمد الاقتصاد التونسي بشدة علي السياحة والخدمات والصناعات الخفيفة.

وقالت خميري ان من المتوقع أن تبلغ قيمة الاستثمارات الاجنبية 1.2 مليار دينار (900 مليون دولار) في 2006 ارتفاعا من 1.088 مليار دينار العام الماضي. وأضافت أن تونس تسعي الي جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية الي القطاعات الصناعية والخدمية الكثيفة العمالة التي وصفتها بأنها مستقبل اقتصــاد البلاد.

وسيمثل تدفق للاستثمارات بقيمة 1.2 مليار دينار أكبر حجم للاستثمار الاجنبي المباشر في عام واحد وفقا لارقام الوكالة. وتفاوتت تدفقات الاستثمارات الاجنبية من 718 مليون دينار الي 1.19 مليار دينار في السنوات الخمس الماضية.

وبعد تجربة قصيرة مع السياسات الاشتراكية في عقد الستينات من القرن الماضي بدأت تونس الترحيب بالمستثمرين الاجانب لتعزيز نمو الاقتصاد ومكافحة البطالة التي تبلغ رسميا 13.9 في المئة لكن الكثير من التونسيين يعتقدون أن معدل البطالة الحقيقي أعلي من ذلك.

وتظهر الارقام الرسمية أن الاستثمار الاجنبي أوجد في المتوسط 260 ألف وظيفة جديدة سنويا علي مدي السنوات العشر الماضية 80 في المئة منها في أنشطة كثيفة العمالة مثل الصناعات الغذائية والمنسوجات وتجميع السيارات.

وقالت خميري ان تونس تزداد جاذبيتها امام المستثمرين العرب. وأضافت أنه يجري البحث عن مشروعات تحظي باهتمام المستثمرين العرب في مجالات مثل النفط والسياحة.

وقالت شركة اعمار العقارية الاماراتية هذا الشهر انها تعتزم البدء في مشروع عقاري في تونس باستثمارات قدرها 1.82 مليار دولار سيشجع المستجمين الاثرياء علي شراء منازل هناك.

وقالت خميري ان تونس ستستخدم الروابط الثقافية والمصرفية والدبلوماسية مع البلدان العربية الاخري لجذب المستثمرين العرب لكنها أضافت أن هذه الجهود ستستغرق وقتا.

الدولار يساوي 1.328 دينار تونسي.

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أفريل 2006)


صدر العدد السابع عشر من مجلة « أقلام أون لاين » الالكترونية

 

بين يدي العدد السابع عشر

 

قضايا وتحاليل

 

العلمانيون والإسلاميون والمسألة الديمقراطية نور الدين العويديدي

الإسلاميون والمقاربة البديلة للحداثة والعولمة المهندس محمد علي العمري

أزمة السودان ومحاذير التدويل بين غيبوبة العرب وخطيئة الإسلاميّين بنعيسى الدمني

في المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي: قيادات وشخصيات تونسية تؤكد على الوحدة والحوار من أجل بناء مجتمع ديمقراطي محمد فوراتي

آفاق حركة 18 أكتوبر : من دولة الاستبداد إلى الدولة الفردانية علي كردي

المغرب: مخاوف من انزلاق أمني برعاية أمريكية يهدد المكاسب السياسية مريم التيجي

في السيناريوهات المحتملة للمواجهة هل بات العراق ضحية النزاع الأمريكي – الإيراني؟ إياد الدليمي

السجناء الإسلاميون في تونس  والمأزق الأخلاقي والتاريخي عارف المعالج

 

 

حمادي الجبالي لأقلام أونلاين

نريد تحصين المجتمع من الاستبداد أيا كانت اللافتة التي يمارس تحتها

 

في حوار خاص بمجلة أقلام أون لاين اعتبر الأستاذ حمادي الجبالي السجين السياسي السابق والقيادي البارز في حركة النهضة أن غياب الحرية هو القضية الأساسية في البلاد، مؤكدا أن مؤسسات المجتمع المدني لا يمكن ان تنشط أو تعمل بفاعلية إذا لم تكن حرة، مبينا أن هذه المؤسسات هي التي تدافع عن المجتمع الذي يجب تحصينه من الاستبداد سواء أكان الحاكم إسلاميا أم غير إسلامي.

 

وفي ما يتعلق بظروف سجنه وزملائه من حركة النهضة اعتبر الجبالي مدير جريدة الفجر التونسية الممنوعة من الصدور منذ أكثر من خمسة عشر سنة أن موضوع العزلة يعد من أبرز المشاكل في تعامل السلطة مع المساجين الإسلاميين وأن الوضع في السجن مازال محكوما بخلفية سياسية تنكر الصفة السياسية للمساجين وتصنفهم ضمن مساجين الحق العام. وأضاف أن السجن قد خلّف عاهات مزمنة لعدد من زملائه  لم يعد يجدي في معالجتها التحسينات الشكلية للخدمات داخل السجون.

 

وبيّن الرئيس الأسبق لحركة النهضة أن إطلاق سراح المساجين السياسيين وتمكينهم من أبسط حقوقهم في « التنقل والشغل والعيش بأمان مع عائلاتهم وداخل بيوتهم وفي الشارع » هو الحد الأدنى الذي ينبغي أن يتوفر قبل الحديث عن انفراج سياسي.

 

وردا على حجة السلطة في عدم الاعتراف بحركة النهضة لكونها تتخذ من الدين غطاء أكد الجبالي أن النهضة لم تدّع يوما أنها تمثل الإسلام أو تنطق باسمه وإن اتخذت منه خلفية لتصوراتها السياسية والثقافية مثلها مثل بقية الأحزاب السياسية التي تنطلق في تصوراتها السياسية من أرضيات فكرية مختلفة، وأن مفهوم الحزب الديني مفهوم غامض ظلت السلطة باستمرار تستعمله لتصفية خصم سياسي قوي.

 

وختم الجبالي حواره الذي خص به مشكورا أقلام أون لاين، بدعوة إلى السلطة وإلى كل من يهمه الأمر للتعاون على تجاوز الأزمة التي تمر بها البلاد مؤكدا أن « تونس تتسع للجميع ولا يمكن أن تكون غير ذلك، فلنتعاون على تجاوز مخلفات الماضي  لفائدة مستقبل أفضل »، كما جاء في الحوار التالي:

 

v     الأستاذ حمادي الجبالي نهنؤكم أولا على إطلاق سراحكم ونرحب بكم في مجلة أقلام أون لاين.

 

أشكركم على هذا الاتصال وعلى اهتمامكم بقضية المساجين وبقضية الحريات بصفة عامة وأنا على ذمتكم.

 

v     لو عدنا إلى مرحلة اعتقالكم هل يمكن أن تعطونا فكرة عن الظروف والحيثيات التي تم فيها اعتقالكم؟

 

أنا في الحقيقة لم يتم اعتقالي فقد تقدمت إلى المحكمة العسكرية بسبب دعوى ضد نشر مقال في جريدة الفجر وكان عنوانه « المحمكمة العسكرية محكمة غير دستورية فمتى يقع حلها » بقلم الأستاذ محمد النوري. وفي ذلك الوقت رفعت ضدي قضية  في ثلب مؤسسة قضائية وحكم علي بسنة سجنا نافذا. وخلال هذه السنة لحقت بي قضية ما يسمى بالمؤامرة لقلب نظام الحكم وبالتالي لم اعتقل ولم يتم اعتقالي إذ كنت موجودا في السجن في ذلك الوقت.

 

v     إذا مواصلة سجنكم كانت على خلفية المحاكمة التي تمت لأعضاء حركة النهضة وفي نفس إطار المحكمة التي سجنتكم بسبب المقال الذي أشرتم إليه؟

 

لا ليس نفس الإطار لأن تلك كانت محاكمة في حد ذاتها مستقلة عن القضية الكبرى التي تمت بعد ذلك والتي اعتقل فيها تقريبا كل أفراد الحركة فلحقت بي التهم الأخرى وأنا في السجن أقضي ذلك العام. حكم علي بخمسة عشر سنة إضافية وسنة لما يسمى بالانتماء، يعني ستة عشر سنة ولي سنة ونصف بتهمة الثلب بوصفي مسؤولا عن جريدة الفجر.

 

v     وكم قضيتم من هذه السنوات؟

 

حُكم علي في الجملة بسبعة عشر سنة ونصف قضيت منها خمسة عشر سنة وأربعة أشهر تقريبا.

 

v     خضتم في سجنتكم عددا من إضرابات الجوع، ما كان هدفكم من تلك الإضرابات؟

 

كانت لأسباب مختلفة، بعضها يتعلق بالإقامة في السجن وظروفها وأساسا العزلة الانفرادية وكانت قاسية الى حد كبير في البداية، وكذلك مسألة الفسحة ومسألة الطعام ومسألة الظروف الصحية ومسألة الجرائد والإعلام فكانت هناك بعض التحركات لتحسين وضعيتنا وقد تحسنت.

 

v     هل يمكن أن تفصل لنا بعض الشيء في ما يخص الأوضاع التي اضطرتكم لتلك الإضرابات؟

 

العزلة الانفرادية هي في حد ذاتها مشكلة إذ ليس من الممكن أن يقيم الإنسان في غرفة سعتها نحو متر مربع لمدة سنوات طويلة وقد قضيت في هذه العزلة حوالي أحد عشر سنة كانت في البداية قاسية من حيث الظروف ومن حيث وقت الفسحة الذي لا يتجاوز نصف ساعة ومن حيث نوعية الأكلة ومن حيث الزيارة وحتى من حيث نوعية الحراسة اذ كانت مغلظة وكانوا يحرسوننا حتى من فوق السطح وكنت لا أرى أحدا ولا يقابلني أحد ولا يمكن أن أخرج مع السجناء الآخرين. فالعزلة الانفرادية ضرب من التضييق الشديد المنافي لأبسط حقوق السجين وحتى القانون لا ينص على العزلة الانفرادية لأن القانون يقول إن الانفرادي يأتي بعد حكم قضائي ويكون في أغلب الوقت وأنت في حالة إيقاف وليس في حالة حكم نهائي وربما تحتفظ بك المحكمة لأسباب مختلفة في التحقيق لكن بعد ذلك لا بد أن تمر إلى وضعية عادية في السجن تعيش مع أناس آخرين وتجتمع بهم ولا تستمر هذه الوضعية لأكثر من ستة أشهر في الانفرادي.

 

v     بالنسبة لكم هل استمرت لأحد عشر سنة متواصلة؟

 

شبه متواصلة لم تقطعها إلا فترة استمرت لبعض الأشهر فقط.

 

v     بعض الحجج التي قدمتها السلطة تقول إنها كانت تضع بعض المساجين السياسيين في الانفرادي، ولعلكم أحد المقصودين، بناء على طلبهم بأن يعزلوا عن بقية المساجين وخاصة مساجين الحق العام، فهل تقدمتهم في سجنكم بهذه المطالب؟

 

لا يمكن أن يطلب أحد عزلة انفرادية كهذه. اللهمّ شخص أو شخصان ولأسباب لا بد من التأكد منها. فإذا وضع السجين السياسي في غرفة للحق العام والمعلوم أن الوضعية سيئة جدا مع الحق العام في كل شيء، فان ذلك قد يدفعه لأن يختار العزلة. وقد كان المطلوب أن يوضع أصحاب نفس القضية في غرف مشتركة بعزلة عن أصحاب الحق العام لأسباب يعرفها الجميع. الاختلاط بمساجين الحق العام يمكن أن يحدث ولكن في ظروف مختلفة فالمطلب هو أن يجتمع أصحاب نفس القضية في جناح مخصص لهم، خاصة وأن السجن مقسم. فهناك الأحداث ومساجين الشيك ومساجين الجرائم الكبرى إلى آخره فنحن طلبنا أن يكون التقسيم على أساس نفس القضية وقوبل مطلبنا ذاك بالرفض. أنا دائما أطالب أن أجتمع بإخواني، أذكر أنه في عيد الفطر في سجن صفاقس طلبنا أن نرى بعضنا البعض ولو لدقيقة من أجل المعايدة فكان الرفض هو الجواب.

 

v     تصر السلطة على نفي اعتباركم مساجين سياسيين وأخيرا عبرت السلطة عن أسفها للموقف الذي اتخذته الخارجية الأمريكية إذ اعتبرت أن هناك مساجين سياسيين فالسلطة مصرة على اعتباركم مساجين حق عام وأنه ليس لديها مساجين سياسيين كيف تنظرون إلى هذا الموضوع؟

 

بلى، السلطة إلى حد الآن وللأسف تعتبر أن ليس هناك مساجين سياسيين وكلما طلبنا من إدارة السجن توضيحا بسيطا وأن يصنفونا فإما أن يعتبرونا ضمن الحق العام فيعطوننا حقوق سجين الحق العام وإما أن يعتبرونا مساجين رأي! وعندما تأتي الإجابة يقولون إننا مساجين « الانتماء » وأحيانا مساجين « صبغة خاصة »، قلت لهم فسروا لنا هذه الصبغة الخاصة ماذا ينجر عنها هل تعني حرماننا من كل الحقوق فالصبغة الخاصة لها تفسيرات كثيرة.

 

v     أنتم الآن خرجتم من السجن والحمد لله كيف تركتم زملاءكم هناك كيف تصفون وضعهم هل ما زال سيئا أم تحسن كما ذكرتم من قبل؟

 

لا أقول إنه كما كان من قبل فقد تحسن ولكنه تحسّن شكلي. فمثلا، كنا في غرف انعزال فردي وأصبحنا في غرف انعزال جماعي ولكن دائما عزلة. أعطيك مثالا، في سجن المهدية لا يمكن أن نلتقي بأي شخص آخر خارج تلك المجموعة ومكان الزيارة معزول عن بقية الناس كما أن هناك مجموعة خاصة بنا من الأعوان دون غيرها وحتى الخدمات العادية تتم من خلال هذه المجموعة، وإذا ما خرجت للزيارة يتم إخلاء كل الطريق الذي أمر به حتى لا يراني أحد ولا أرى أحدا. هذه النوعية من المعاملة مازالت ولكن للحقيقة وعلى المستوى الشكلي فقد صار في الغرفة أسرّة مثلا وبيت خلاء أفضل من قبل وصار في الغرفة مرآة وأرضية الغرفة مبلطة والفسحة وقتها أطول ولم يكن عندنا جهاز تلفاز فتحصلنا على واحد سنة 2004 أو 2003 وكذلك الصحافة طالبنا بتوسيعها ولكن تم توسيعها شكليا أيضا « الصباح » كانت تدخل ولكنها تمنع إذا كان فيها بعض الأخبار والآن سمحوا لنا بـ »الصريح » و »أخبار الجمهورية » التي لم يكن مسموحا بها في السابق ولكنها تقطع بعض الأحيان كذلك. الأكلة تحسنت تدريجيا خاصة بعد زيارة الصليب الأحمر، الحقيقة هناك تحسن ولكن العقلية والخلفية السياسية للقضية واضحة يعني ظلت سياسة العزلة قائمة فالناس لا يجتمعون ولا يلتقون بأحد إطلاقا ولكن كي نكون صادقين فإن الظروف المادية تحسنت.

 

v     فقط للتوضيح، لقد تم في الفترة الأخيرة جمعكم مع عدد من زملائكم من نفس القضية، من كان معكم وما دلالة ذلك؟

 

كان ذلك منذ عام تقريبا. المجوعة التي كانت معي قبل إطلاق سراحي تتألف من الإخوة بوراوي مخلوف، والهادي الغالي، وعبد الحميد الجلاصي، ومحمد صالح قسومة.

 

v     وكيف تركتهم من حيث وضعهم الصحي مثلا؟

 

الجانب الصحي جيد فقد تحسنت الخدمات الصحية. فإذا طلبنا مقابلة الطبيب مثلا يأتي بسرعة وأحيانا نخرج حتى إلى المستشفى ونلتقي بأطباء مختصين كما أن الدواء متوفر أكثر من قبل لكن ومع الأسف وبسبب طول المدة بعض الإخوة أصيبوا بأمراض مزمنة مثل الأخ محمد صالح قسومة أصيب بمرض المفاصل بحيث أصبح غير قادر على الوقوف طويلا ولا الجلوس طويلا  حتى الصلاة تتعبه وكذلك بوراوي مخلوف عنده عرق الأسى بظهره أما عبد الحميد الجلاصي فقد فقد تسعة أو عشرة من أضراسه وكذلك الهادي الغالي، أغلب الإخوة أصيبوا بعاهات صحية ورغم أن المداواة صارت متوفرة إلا أن هذه الأمراض أصبحت مزمنة. ومع ذلك من المهم التنبيه أن التعاطي الحالي مع الملف الصحي أفضل مما كان عليه الأمر سابقا.

 

v     بالنسبة لوضعك الشخصي هل ترك فيك السجن بعض الآثار؟

 

لا، الحمد لله ليس هناك آثار واضحة صحيا وعلى كل المستويات فقد كنت أقوم بفحوص طبية دورية تقريبا، من هذه الناحية يمكن أن أقول إني محظوظ من الناحية الصحية بالمقارنة مع بقية الإخوة الآخرين.

 

v     الآن وقد خرجتم من السجن كيف تنظرون لعملية الإفراج عنكم هل هي تعامل مع حالة فردية أم هي كما تصفه السلطة تعامل مع  بعض الوضعيات الإنسانية أم يمكن أن نفهم ذلك باعتباره خطوة سياسية في سياق حل هذا الملف؟

 

السلطة تصر على أن الملف ليس سياسيا وهذا واضح وبالتالي فإن الإفراج لم يكن في إطار معالجة سياسية وإنما  كان لأسباب إنسانية أو تعامل مع وضعيات من الحق العام. ولكن الحقيقة يعرفها كل الناس هذه قضية سياسية بالأساس سمّها ما شئت إرهابا، تطرفا، ولكنها قضية سياسية وحتى الذي يطلق هذه الألقاب والتصنيفات يعلم في قرارة نفسه أنها قضية ذات خلفية سياسية. وحتى وزير العدل قبل سنة أو أقل وخلال ندوة صحفية تحدث عن مجموعة ذات خلفية فكرية أو سياسية. أنا أفهم، ولا أقول أتفهم، لماذا تقول السلطة إنه ليس هناك مساجين سياسيون إذ الإقرار بوجود مساجين سياسيين يقتضي تعاطيا سياسيا مع هذه القضية وهذا هو الذي يرفضونه. إذا فالأسباب المتعلقة بعملية الإفراج معروفة ومتعددة ومنها أن هذا الملف طال وأثقل كاهل الجميع، أثقل كاهل العائلات والمساجين اجتماعيا وماديا وأثقل كاهل البلاد على مستوى صورتها في الداخل والخارج وصار هذا الملف يتناول في كل المؤتمرات وفي كل اللقاءات إلى آخره وأتصور أن الوقت حان لطي هذا الملف.

 

v     كيف تتصورون أن يتم طي هذا الملف. ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها السلطة في هذا الإطار؟

 

بطبيعة الحال، طي هذا الملف يبدأ بإخراج كل المساجين السياسيين دون استثناء وفي أقرب وقت. وهذا مطلب من مطالب كل القوى السياسية المحلية والدولية وهم لا يختلفون حول هذه المسألة وأن هناك ملف مساجين سياسيين لا بد من الإفراج عنهم أولا وتمكينهم من أبسط حقوقهم، ليس فقط الإفراج ولكن الإفراج بأتم معنى الكلمة يعني حريات بأتم معنى الكلمة وأن يكونوا قادرين على التنقل والشغل وأن يعيشوا ويتمتعوا بالشعور بالأمان داخل عائلاتهم وداخل بيوتهم وفي الشارع إلى آخره.

 

v     هل يعني أنكم وبعد خروجكم من السجن مازلتم محرومين من بعض هذه الحقوق في تنقلكم واتصالاتكم؟

 

لا الحقيقة لم أشعر بمضايقة إلى هذه الساعة، هناك بعض الحراسة البعيدة نسبيا عن البيت، على بعد عشرين مترا أو ثلاثين تقريبا، سيارة أو سيارتان أو شخص يتبعني في تنقلاتي حتى في ذهابي إلى بعض شؤوني الخاصة العائلية إلى آخره ولكني لم أشعر بالتضييق بنفس الحدة التي كان عليها الحال سنة 1988 و89 عندما كانت سيارة تتابعني باستمرار ويطلبون بطاقات التعريف لمن يدخل بيتي، الآن أخف نسبيا، أقصد إلى حد هذه الساعة التي أكلمك فيها، ولكن هناك مراقبة هم يعتبرونها عادية ربما ولكنها مراقبة، ولكن ليس هناك مضايقة على مستوى بيتي أو ضيوفي أو من يتردد على بيتي.

 

v     باستثناء إطلاق سراح المساجين، ما هو تصوركم لإمكانية تحقيق انفراج سياسي وإن كان جزئيا؟

 

الواضح من الخطاب الرسمي الآن في ما يخص المساجين أن السلطة مازالت تعتبرهم سجناء حق عام تم الافراج عنهم ضمن عدد كبير من مساجين الحق العام وبالتالي ليس مطروحا إلى الساعة التطرق اليه من جانب سياسي او تعاطي سياسي مع القضية. هم مواطنون عاديون خرجوا من السجن ويعيشون كمواطنين عاديين ولكن ماذا يعني مواطنين عاديين؟ هل لهم حقوق سياسية هل يستطيعون ممارسة العمل السياسي كما يكفله الدستور، هذا غير واضح. إلى حد هذه الساعة فإن التعاطي السياسي مع هذا الملف غير واضح، هناك تعاطي أمني سابق مازال مستمرا في تقديري بدرجات متفاوتة ربما ولكن إلى حد الآن وربما لضيق الوقت الذي يفصلني عن السجن فأنا ربما لم أفهم الوضع بعد ولكن أشعر بذلك جيدا. القضية بالنسبة إلى السلطة هي قضية حق عام.

 

v     في ردها على البيان الذي أصدرته حركة النهضة بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين للإعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الاسلامي خلال الصائفة الماضية قالت السلطة إنها ترفض التعامل مع أحزاب تتخذ الدين غطاء لها. والحركة التي سجنتم بسبب انتمائكم إليها توصف بأنها حركة دينية أو هي حزب ديني وهذا لا يتسع له الدستور في البلاد، ألا يجب على حركة النهضة أن تطبّع وضعها مع القانون قبل أن تطالب بحقها في النشاط كحزب سياسي؟

 

الغريب في الأمر أننا في عام تسعة وثمانين عندما شاركنا في الحوار حول الميثاق الوطني وكيفية تعاطي هذه الحركة مع الأطراف السياسية كان أحد مطالب السلطة آنذاك أنكم الآن حركة الاتجاه الإسلامي ولا بد أن تغيروا إسمكم بحيث تزال منه الصفة الإسلامية، وقد دار نقاش واسع داخل الحركة، وفي نهاية الأمر اقتنع الجميع أنه ليس في الأمر إشكال في ما يخص التسمية وليس ذلك راجع للجانب السياسي فقط ولكن حتى على المستوى الفكري ذلك أننا لا نعتبر أنفسنا ناطقين باسم الإسلام  كما أننا لسنا أوصياء على الإسلام فالإسلام معروف من الجميع ولا يحتاج إلى وصي ولا من يتكلم باسمه ونحن طرف سياسي لنا وعلينا ما على كل الأطراف السياسية من الحقوق والواجبات التي ينص عليها الدستور وقوانين البلاد التي تتلاءم مع هذا الدستور ونحن نخضع لنفس هذه القوانين ولنص الدستور كبقية الأطراف وتقدمنا بملف في ذلك لوزارة الداخلية ورفضوا حتى استلامه بينما قبلوا منا ملف الصحيفة التي كنا تقدمنا به بينما رفضوا مجرد استلام ملف الحزب السياسي الذي كان في قانونه الأساسي أن الحركة لا تنفرد بالحديث باسم الإسلام وأنها لا تكفر أحدا ولا تقدم صكوكا للغفران بل هي طرف سياسي ذو أبعاد حضارية إسلامية تستمد مشروعها الفكري والسياسي من التراث الإسلامي ولها نظرة للإسلام وليست هي النظرة الوحيدة كما لها موقف من القضايا الفكرية والإسلامية وليست هي صاحبة الموقف الوحيد. كما أننا لا ندعي العصمة ولا اكتساب الحقيقة المطلقة بل نؤمن بأن الأمور في عالم البشر نسبية وهناك معلوم من الدين بالضرور كما هناك اجتهادارت ونحن ننتمي إلى مدرسة اجتهادات معينة وهذا حق من حقوقنا. ولنا أيضا نظرة تتطور مع أوضاع المجتمع وهذا أيضا معروف عن حركة النهضة، فمن قال إن هذه حركة دينية! وما معنى حركة دينية بالضبط! ماهو تعريف الحركة الدينية حتى نقول إن هذه حركة دينية! وإن هذه حركة غير دينية! فإذا كان هناك من ينتمي إلى الديمقراطية ويعطي رأيه فيها فنحن كذلك نعطي رأينا بصفتنا حركة ذات أبعاد إسلامية، وقد صارت الحركات الإسلامية الآن موجودة على امتداد البلاد العربية والإسلامية. أما كون الدستور ينص على أنه لا يجوز أن تكون هناك حركات دينية أو أحزاب تتكلم باسم الدين، فمن قال إننا نتكلم باسم الإسلام وماذا عن الأبعاد الدينية فهل يعني ذلك أنه إذا كان عناصر من هذه الحركة يقيمون شعائرهم الدينية ويصلون ويتعبدون فإنه ممنوع عليهم أن يشكلوا حزبا سياسيا فما هو المطلوب من هؤلاء الأفراد؟ أن يتخلوا عن ممارسة شعائرهم الدينية، عن عباداتهم، وحتى  الجهر بأنهم ينتمون إلى الإسلام؟ هذا أمر غير مفهوم. أنا أقول إن على الطرف المقابل أن يوضح أكثر ما معنى أن تكون حركة دينية أو لا دينية. أنا أضرب مثالا بحركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي لها أبعاد عربية إسلامية وهي حزب معترف به ولكن هل من جهتنا قلنا غير هذا؟ هل قلنا إننا نتكلم باسم الإسلام أو حتى مع غيرنا أو أننا نمثل الإسلام وأن غيرنا لا يمثله من قال مثل هذا الكلام! أعطونا نصا واحدا في أدبياتنا أو تصريحا واحدا قلنا فيه مثل ذلك، متى كفّرنا جزء من المجتمع أو المجتمع أو فرقة أو حزبا. لقد كنا نجلس مع الحزب الشيوعي ومع كل الناس ونعمل معهم، هذا جدلا اذا كان الحزب الشيوعي لا ينتمي إلى الإسلام بل هو يقول إن له نظرة للإسلام فلم لا، بل إن الحزب الحاكم نفسه أي التجمع الدستوري الديمقراطي يقيم محاضرات دينية ويجتمع بالأئمة وله أنشطة دينية في المساجد وغيرها. فهذا غير مفهوم. هناك خلط واضح. أما أن يكون هذا شعار لتصفية خصم سياسي أو طرف سياسي منافس فهذا كلام آخر. المقصود أننا لم ندّع يوما من الأيام أننا نمثل الإسلام أو نتكلم باسم الإسلام أو ننفرد بهذه الصفة بحيث نكفر غيرنا أو نمنع غيرنا من النشاط أو نرفع لافتة أن ينتمي الجميع إلى الفكر الإسلامي. بل لنا رأي كبقية الآراء ولنا موقف كبقية المواقف نحترم  هذه المواقف ونتعامل معها ببراغماتية وبالحوار ولا يمكن أن ننعت بأننا حزب ديني فهذا أمر غير مفهوم.

 

v     الأطراف السياسية في الساحة التونسية تنقسم في علاقتها وموقفها من الحركة الإسلامية إلى طرفين على الأقل، طرف بدأ يعبر عن استعداده للتحاور والعمل مع الحركة الإسلامية وطرف لا يزال يعتبرها مشروعا دكتاتوريا بسبب خلفيتها الدينية التي تصنف الناس إلى مؤمنين وغير مؤمنين بما يؤدي إلى إقصاء فئة واسعة من المجتمع. فالإسلاميون بحسب هذا الطرف مشروع استبدادي ينذر باستبداد أشد من الاستبداد القائم، ولذلك فأولية هؤلاء تكمن في العمل على تجنب هذا الاستبداد القادم  ومحاولة التعايش مع الواقع الذي يوفر نوعا من الحرية الاجتماعية على الأقل.

 

إن الذي ذكرته صحيح في ما يخص هذا الرأي ولكن على أي أساس يستند هؤلاء في تعاملهم مع أي طرف وليس فقط النهضة؟ هل على أساس أدبياته أم على أساس ممارساته أم على أساس ممارسة حركات أخرى تنتمي إلى نفس الخلفية الفكرية؟ أنا أقول إن كل الأطراف السياسية تعرفنا جيدا وقد كنا نجتمع معهم ونلتقي ونصدر بيانات وبعد الاعتقالات كان هناك شقان شق رفضها وشق ساندها فعلى ماذا يستند الشق الذي يرفض وجود الحركة؟ هو يعتبر ان هذه حركة دينية كليانية لا تعترف بالديمقراطية ولكن هل لهم حجج في ذلك أم أنهم يقولون إننا سنكون مثل الطالبان أو غيرهم في بلدان أخرى وبالتالي وبما انكم ستكونون مثل هؤلاء فلا بد أن نمنعكم! انظر إلى هذا المنطق: لأنكم تعتبرون أعداء للديمقراطية فلا بد أن نقضي عليكم قبل أن تقضوا علينا، لا بد أن نمنعكم من الوصول. وبما أننا صنفناكم أعداء للديمقراطية فإنه لا يجب أن تشملكم العملية الديمقراطية، يعني حكم غيابي، وحكم على النوايا نطبقه عليك يعني كي لا تكون على الحال الموصوفة فانه يجب ان نمنعك الآن! فأي منطق هذا ومن أنت حتى تمنعني؟! على أي أساس يتم الاستناد في السماح لطرف أو منع آخر أليس على أساس الدستور؟ طيب، فلنطبق الدستور الذي يعطي لكل طرف ومجموعة حق الاجتماع والنشاط وبعد ذلك اذا تجاوز هذا الطرف الدستور والقانون فهناك عدالة وهناك قضاء كما هو معمول به في بقية بلدان العالم. ولكن أن تنطلق من مقدمة مفادها بما أنك عدو للديمقراطية فلا بد أن أقتلك فهذا منطق لا يستوي. جوابي للأطراف السياسية التي ترفع لافتة أعداء الديمقراطية أقول لهم لماذا تنصبون أنفسكم حكاما باسم المجتمع؟ لا يمكن لكم أن تنصبوا أنفسكم قضاة تحكمون على هذا وتمنعون ذاك لأنكم بهذه الطريقة تصبحون الخصم والحكم. فإذا قلنا إن هناك دولة مؤسسات وقانون فهذا يعني أن القانون يسري على الجميع في الحقوق والواجبات وأن القانون فوق الجميع فاذا تجاوز طرف القانون فليحاسب على ذلك والكل يجب أن يستوي في هذا. والحركة قالت إنها مع الاقتراع الحر المباشر ومع الانتخاب ومع التداول على السلطة ومع احترام قوانين البلاد ومع احترام مكتسبات البلاد ايضا. الآن من الحجج أو التعلات أن هؤلاء إذا جاؤوا فإنهم سيقننون تعدد الزوجات ويلغون مجلة الأحوال الشخصية ولكن من قال هذا؟ ولماذا نرفض مجلة الأحوال الشخصية ومنبعها في الأصل فكر إسلامي مستمد من الشريعة؟ فهذه اجتهادات وآراء مختلفة لكن هذه التصنيفات ورشق التهم الاعتباطي هو الذي يضر بالعملية السياسية.

 

v     هذا بالنسبة إلى الأطراف السياسية التي لا تقبل بوجود حركة إسلامية، لسبب أو لآخر، أما بالنسبة للأطراف الأخرى التي لا تمانع في العمل مع الإسلاميين فان بعضهم يرى أن المشروع الإسلامي يمثل تهديدا لمجموعة من الحريات، كما أن هناك خشية من أن هذا الطرف وبسبب شعبيته كما نرى في عدد من الدول العربية والإسلامية سيكتسح الساحة وربما لن يترك المجال لغيره. كيف تردون على مثل هذه التخوفات؟

 

فلنتفق على شيء أولا، في هذا العصر لا يمكن أن نتكلم عن حزب واحد يدير البلاد سواء تونس أو غيرها فقد مضى ذلك الزمن الذي يكون هناك طرف واحد يحكم البلاد سواء أكان إسلاميا أم اشتراكيا أم يساريا أم يمينيا ولم يعد هناك مكان لحكم أي مجتمع من طرف واحد. فالمجتمعات الآن تعددية بطبيعتها وبجبلتها هناك اختلاف وحتى المدرسة الإسلامية هناك اختلاف بين مكوناتها، فما بالك مع غيرها. فإذا كان الإسلاميون الآن يرون أنهم بمقدورهم حكم أي بلد من العالم بمفردهم فهذا خطأ فادح جدا ومأساة محدقة فالمجتمع الآن تعددي ولا بد أن يكون تعدديا وذلك من أجل إثراء الساحة الفكرية والسياسية والاجتماعية وكذلك من أجل أن لا يكون هناك انفراد بالسلطة ذلك أن القاعدة التي تقول بالحاجة إلى سلطة وسلطة موازنة تمثل حاجة ضرورة ملحة جدا وحياتية بالنسبة للمجتمعات. وليس بالضرورة أن تكون العلاقة بين السلطة السياسية والسلطات الأخرى التي تحدها علاقة عنف وتوتر. فالسلطة بموازاة السلطة من مصلحة المجتمع ذاته حتى لا يكون هناك تفرد فالتفرد إفساد وإضاعة للطاقات وإهدار لها وعندما يكون حكم وحكم مضاد يكون الذي في الحكم ساعيا لإنجاز ما وعد به ويعرف إنه إذا أخلف الوعد فان هناك من سيأتي مكانه ويقوم بهذه العملية وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. يجب أن تكون هناك منافسة وكما هو الشأن بالنسبة للمنافسة الاقتصادية فان هناك منافسة سياسية والمنافسة أنواع ففي المجتمعات المتخلفة تكون هذه المنافسة عنيفة وفي المجتمعات المتحضرة تكون سلمية عن طريق صناديق الاقتراع الى آخره. إذا لم يعد هناك مجال اليوم وغدا لأن تنفرد مجموعة واحدة أو حزب واحد بالحكم. وهذا هو الذي لم يفهمه النظام العربي أو ما يسمى بالأنظمة العربية مع الأسف. إن مجتمعاتنا تتطور وهي تعرف مخاضا ففيها آراء مختلفة وتعددية وإن كانت غير مقننة فانها كامنة ولكن أغلب الأنظمة العربية ما زالت مصرة على حكم الحزب الواحد بتفاوت بطبيعة الحال وبمعارضة ربما تكون شكلية ولكن في الحقيقة ليس هناك عملية سياسية عميقة تستتند الى معارضة منظمة مستقلة مسؤولة أيضا في حواراتها وبرامجها متدرجة بشكل سلمي وعلني ونحن نرى ذلك في فلسطين وتركيا لكنها مازالت إرهاصات على الطريق ومازال هذا الطريق طويلا لأنه متعلق بوعي المجتمعات، وليس فقط الأنظمة، ودورها في هذه العملية وهذا ما نصبو إليه.

 

v     هذا على مستوى المبادئ أما في الواقع وفي الممارسة العملية فمعروف أن الجهة التي تنتصر وتصل  البرلمان بأغلبية معتبرة تصبح قادرة على سن قوانين في اتجاه يناسب الآراء التي تحملها، ومن هنا مخاوف بعض الأطراف الوطنية في تونس التي تخشى من إمكانية تهديد بعض الحريات الفردية نظرا لأن الإسلاميين يحملون تصورا معينا للمرأة وللعلاقات بين الجنسين أو للعلاقات الاجتماعية عموما.

 

إن أي طرف يصل إلى الحكم، بصرف النظر عما إذا كان حركة إسلامية أو غيرها، فإنه سيصل ببرامجه وأفكاره ومقترحاته التي يعرضها ويكون التصويت عليه على هذا الأساس يعني أنه إذا ما انقلب على وعوده وبرامجه يكون قد انقلب على الأغلبية التي أتت به إلى السلطة، فيكون قد ضرب نفسه بنفسه في نهاية الأمر لكونه خان الثقة التي أسندت إليه. تقول إنه ربما يشرع قوانين وهنا أقول إن هناك أحد أمرين فإما أن نعتبر أن هذه المجتمعات واعية وتستطيع أن تميز بين البرامج وتختار على وعي أو أنها تكون منساقة كقطيع من الغنم لا قدر الله. أنا اعتبر أن المجتمعات لها من الوعي ما يجعلها تدرك الحقيقة وتعرفها وتميز جدا وهي إذا أعطيت لها الفرصة لممارسة هذا الحق فانها ستختار ما تريده وهي إذا رأت أن تلك المجموعة أو ذلك الحزب انقلب على وعوده فستنقلب عليه. بالإضافة إلى ذلك فان هناك قوانين ومؤسسات ودستور وهذه تحصينات المجتمعات، ومقابل ذلك فانه لا يمكن أن يتم تحصينها بالأمن مثلا ولا بالممارسة الأمنية، وهناك صحافة وعدالة ورأي عام ومجتمع مدني وجمعيات إلى آخره. هذه المؤسسات هي التي تحصن المجتمعات وليست الشرطة ولا الحلول الأمنية ولا المحاكمات السياسية. فمن يصل إلى الحكم بطريقة ديمقراطية وينقلب على هذه الديمقراطية فسوف ينقلب عليه الناس طال الزمن أم قصر وإذا كان لهذا الطرف الأغلبية من الأصوات ويريد أن يغير القوانين بشكل يتناقض مع مصلحة المجتمع فإن الأمر سينقلب عليه. ومن جهة أخرى فإن القضية ليست في الخشية من أن يصل طرف إلى السلطة فينقلب علينا؟ السؤال من أنت حتى يقع عليك الانقلاب هل أنت طرف سياسي أم أنت المجتمع؟ فإن كنت طرفا سياسيا فأنت كغيرك من الأطراف وإن كنت تتكلم عن المجتمع فذلك الذي وصل الى الحكم قد جاء به المجتمع ومن مصلحة ذلك الطرف أن لا ينقلب على المجتمع وعلى قوانينه وتقاليده. وإذا أخذنا المثال الذي ضربته بأن هذا الطرف سيسن قوانين لتعدد الزوجات فهل هذا مطروح في حركة النهضة؟ أو أنهم سيحدون من الحريات الأساسية فهل ننقلب على هذه الحريات ونحن أكبر ضحية لغيابها؟ خذ مثلا ظاهرة الحجاب كيف انتشرت في تونس؟  بعد أن خرجت من السجن وصرت أجول في الشوارع لاحظت أن هذه الظاهرة اتسعت وقد كان الأمر قبل دخولي للسجن أقل بكثير بحيث كنت ترى واحدة من ألف تلبس الحجاب. الآن صارت الأغلبية إن لم يكن اكثر من ذلك، متى حصل هذا؟ لقد حصل عندما دخلت الحركة للسجن. فكيف اقنعت الحركة هؤلاء باللباس الشرعي أو بالحجاب وهي في السجن؟! هذه ظاهرة اجتماعية نسبوها للحركة! وأقول لهم شكرا فقد خدمتمونا! قالوا إن هذا الزي طائفي ويمثل طرفا سياسيا وهذا يعني أن كل من ترتدي الحجاب محسوبة على حركة النهضة وأن كل من يصلي محسوب على حركة النهضة، طيب هذا جيد فنحن لا نطلب أكثر من ذلك! في الحقيقة كان من الأفضل أن يميزوا بين هذا وذاك. العملية تتمثل في حراك اجتماعي وحراك ثقافي اقتنع به الناس فلبسوا الحجاب أو صلوا فالمفروض أن لا يقع الخلط. فهل  نحن فرضنا على الفتيات والنساء لبس الحجاب ومن قال اننا نفعل ذلك في اي مكان فهذه تعلات واهية ولا تقوم على أساس من الواقع لا في أقوالنا ولا أفعالنا ولا داخل بيوتنا ولا أقاربنا ولا في مجتمعاتنا لم نفرض على الناس ذلك. وأنا مثلا لم أفرض على زوجتي ولا على بناتي لبس الحجاب وعندما كنت في السجن لم أتكلم معهن يوما على الحجاب ولم أطلب منهن ذلك أو احتججت على مجيئهن إلي بدونه وهن لبسنه بحرية مطلقة وحتى والدتهن لم تطلب من بناتي لبس الحجاب هذا أؤكده لك. فبناتي لبسن بمحضن إرادتهن فواحدة لبست وهي في السنة الأولى من الجامعة والثانية بعدها بسنة والثالثة بعدهما بسنتين أو ثلاث ولم أطلب منهن ذلك، هذا عن الحجاب. ولكن السؤال هو من الذي يفرض الآن اللباس؟ من الذي يقيد حرية اللباس هل هي حركة النهضة! وهذا الذي ينتقد حركة النهضة بادعائه أنها تفرض على النساء لبس الحجاب فلماذا تفرض عليهن لباسا فتسمح بلباس وتمنع آخر.

 

هذا على المستوى المحلي وأما على المستوى الدولي فهل تظن أن ما يسمى بالنظام العالمي ما زال يسمح بهذه الأشكال من الأنظمة الكليانية، هناك مسار عالمي الآن ليس فقط على مستوى الدول وإنما كذلك على مستوى المجتمعات، هناك انفتاح وهناك حوار كبير وتبادل للمعلومات هناك منظمات عالمية عتيدة الآن للدفاع عن حقوق الانسان بحيث أن أي نظام لا يريد أن ينخرط  ضمن هذا المسار العالمي من فسح المجال للحريات الجماعية والفردية من حقوق الانسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة فإنه ينعزل وسوف يسقط عاجلا أم آجلا. فالعالم يتطور ويتبدل ونحن نسير نحو عصر يكون فيه الانسان محور أي نشاط وأي عمل ولا يمكن للحركة الإسلامية أن تتناقض مع هذا المسار. وهذا المسار لا أقول فقط إنه عالمي بل هو مسار رباني يدعو إليه الإسلام وقد جاء الإسلام ليحرر الإنسان من الإنسان ويجعله حرا طليقا له رب سبحانه  وتعالى أعطاه هذا العقل  ليفكر به وجعله حرا منذ اللحظة الأولى  وأراد أن ينزع عنه هذه القيود فلا يمكن لأي حركة إسلامية أن تعمل ضد  سنن الله سبحانه وتعالى وضد تطور التاريخ وأن تفرض على مجتمعاتها قوانين زجرية وقوانين استبدادية بدعوى الإسلام فهذا غير مقبول وغير معقول أيضا.

 

v     ذكرتم في حديثكم أن من الروادع التي تمنع استبداد أي طرف وجود صحافة حرة وإعلام مستقل ومؤسسات مجتمع مدني، إلا أن الوضع في تونس يتمثل في أن مكونات المجتمع المدني ضعيفة وليس لها سلطة معتبرة في البلاد ما يجعل أي طرف يرث السلطة على ما هي عليه من قوة قادرا في النهاية على الاستبداد، فموازين القوى مختلة اختلالا واضحا لصالح الدولة على حساب المجتمع. فهل يكمن المطلب السياسي المناسب للمرحلة الراهنة في استبدال حاكم بحاكم وحزب سياسي بحزب سياسي آخر،  بمعنى آخر هل الإشكال في من يمسك الدولة أم في طبيعة العلاقة التي تربط بين الدولة والمجتمع بحيث تكون الأولوية السياسية الآن متجهة لتقوية المجتمع وتعزيز دفاعاته قبل التفكير في السلطة؟

 

هذا هو المشكل السياسي فعلا، هذا هو لب الموضوع وهذا هو المشكل الذي نعاني منه الآن. نحن نريد كما يقول البعض أن نحصن مجتمعنا من الاستبداد سواء عندما يحكم الإسلاميون أو غيرهم. هذا هو الهدف، أي أن يكون المجتمع متوفرا على مؤسسات وعلى رأي عام وصحافة حرة وعدالة مستقلة ومؤسسات دستورية يحتكم إليها الجميع تحصنه من أي انفراد ومن أي استبداد أيا كانت الجهة الحاكمة، إسلامية أم غير اسلامية. إذا القضية هي أن نتدرج بمجتمعنا من أجل بناء ما يسمى بالمؤسسات المدنية فكيف السبيل لذلك؟ أول شيء يتمثل في كون القضية الآن هي قضية حريات فمؤسسات المجتمع المدني لا يمكن أن تنشط ولا يمكن أن تعمل بدون حريات، حرية التنظم وحرية الرأي وحرية القضاء واستقلاليته… هذه هي المطالب الأساسية التي يجب أن تنصب عليها كل الجهود وليس جهود المعارضة فقط بل كذلك حتى جهود الحزب الحاكم فذلك ضمان له. فعندما تكون هذه المؤسسات تعمل باستقلالية وبحرية فإنها تحسن من أدائه بالنقد البناء وبالنصح وبأن يكون قوة فاعلة في المجتمع. لأنه بدون هذه المؤسات يصبح هناك حكم يحكم بالأمن وهناك استقالة جماعية للمجتمع وهذا ما نلاحظه ونشهده في المجتمعات العربية الإسلامية مع الأسف. استقالة جماعية في البلاد وهذه الاستقالة ليست سياسية فقط بل هي استقالة اجتماعية وثقافية. إنها استقالة جماعية حتى على مستوى الشغل والمبادرة إذ يصبح الإنسان ميالا لقضاء يومه كاملا في المقهى ولا يشتغل، لماذا لانه لا يشعر بأن هناك حوافز. وليس المقصود بالحوافز الاقتتصادية منها لا، بل أن يشعر الإنسان أنه فعلا يعيش بحرية وأنه يتنفس بحرية وأنه قادر على المبادرة وأنه لا يخشى على نفسه وأن يتعلم أن تكون له قيم اجتماعية في حب العمل والنشاط ونبذ البطالة والكسل وهذه قيم نفتقدها. نحن نضرب مثال الصينيين واليابانيين ونتساءل لماذا يتقدمون؟ لأنهم يقدسون العمل ولأن الواحد منهم إن أصبح عاطلا فإنه يبحث عن شغل كي يقتات بينما لدينا فإن الشاب يكتفي بأن يحصل على دينار من أهله كي يجلس في المقهى ويدخن بها النرجيلة « الشيشة » هذه كلها مرتبطة ببعضها. ماذا نلقن شعوبنا، بماذا نربيهم، هذه قضية متداخلة ومتكاملة فالعمل السياسي ليس مقصودا لذاته فهو عمل وظيفي من أجل أن نرتقي بمستوى الناس اجتماعيا وثقافيا وماديا واقتصاديا وأن نتحرر من هذه العقلية الاستهلاكية للبضاعة ولكل شيء. إن عمق الموضوع ليس قضية تنافس سياسي على منصب فقط ليس ذلك هو الهدف فالهدف أن نتطور بمجتمعنا بحيث يصبح مجتمعا راقيا يأكل من كد يده ومن صنعه يتنافس مع غيره وهذا لا يتم إلا عندما يكون هناك مناخ من الحرية حتى تنطلق كل هذه الفعاليات والتي يجب أن تتحرر. وتحرير الفاعلية في كل المستويات تبدأ بمبادرات أولها إطلاق الحريات. فهل نحن الآن في غنى عن صحافة تنتقد وتنقد وتقول الكلمة ولا تخشى على نفسها؟ نحن في حاجة إلى ذلك والنظام في حاجة إلى ذلك ولكن ما نشاهده هو « بني وي وي » في كل مكان والتزكيات وغير ذلك. والغريب أن الحال هو على  مثل ذلك الشعار الذي كان يرفع  يوم السادس من نوفمبر إذ كانت جريدة « لابراس » تمجد بورقيبة بينما أصبحت تتهجم عليه يوم السابع من نوفمبر! هذا نمط من الصحافة الموجودة ومثال آخر، كان الجميع في وقت من الأوقات مع « الكبّال » الذي يوضع للسيارات وعندما صدر أمر بتنحية « الكبال » أصبح الكل يصفق ويتهم هذا الكبال! هذه هي وضعيتنا. ليس المطلوب أن يكون التهجم على السلطة في كل شيء لكن أيضا لا يمكن أن تتم عملية الإصلاح بإعلام ينافق نفسه وينافق المجتمع فلا بد أن يتوفر حد أدنى من المصداقية. لماذا مجتمعاتنا هكذا، لأنها فقدت القدوة. أعطيك مثالا آخر انفلونزا الطيور، كنت أتابع « القناة سبعة » وقد استدعو كل الأطباء وكل الخبراء وأقاموا موائد الإفطار المكونة من لحم الدجاج وأنا متأكد أنها معافاة، وأنا شخصيا أتناول هذه اللحوم، لكن السؤال لماذا لا يصدقهم أغلب الناس؟ لأن هناك أزمة ثقة في هذا الخطاب. فهم يستمعون للإعلام الخارجي ولا يصدقون الإعلام الداخلي ولذلك فحتى وإن استقدموا ألف طبيب وألف خبير لأجل إقناع الناس بأن هذه الطيور سليمة فلن يصدقوهم. إن القضية مرتبطة بأزمة ثقة ومصداقية، عندما نرفع شعار الديمقراطية لابد من مصداقية وعندما نرفع شعار الحرية لابد من مصداقية وعندما نرفع شعار حقوق الإنسان لابد من مصداقية، ودون ذلك تبقى الشعارات والخطب وتتعمق الأزمة مع الأسف.

 

v     أستاذ حمادي الجبالي، في النهاية،هل من كلمة أخيرة لقراء هذا الحوار؟

 

والله هذه الكلمة الأخيرة لا أقصد بها طرفا بعينه، وإن كان الأقرب هو طرف السلطة، الخطاب موجه لمن يهمه الأمر. أعينونا على تجاوز هذه المرحلة لمصلحة الجميع. تونس تتسع للجميع ولا يمكن أن تكون غير ذلك. هي للجميع وتتسع للجميع لهذا فلنتعاون على تجاوز مخلفات الماضي  لفائدة مستقبل أفضل إن شاء الله.

 

(المصدر: مجلة « أقلام أون لاين » الألكترونية، العدد السابع عشر، السنة الخامسة / أفريل – ماي 2006)

 


جمعية الصحفيين التونسيين

… وفي انتظار التقرير الخامس

بقلم جمال العرفاوي

تستعد لجنة الحريات بجمعية الصحفيين التونسيين لإصدار تقريرها الخامس حول واقع الحريات الصحفية بتونس، وقد دأبت الجمعية منذ عام 2001 على إصدار تقرير يتزامن توزيعه مع الذكرى السنوية لحرية الصحافي يوم 3 ماي.

التقرير يرصد مختلف الإشكاليات التي تعترض الصحافيين التونسيين وكذلك التجاوزات التي يمكن أن يقوم بها بعضهم وتدخل في خانة عدم احترام أخلاقيات المهنة.

ولم يخل أي تقرير من التقارير السابقة من جدل سوى داخل الأطراف الفاعلة في الميدان الإعلامي أو بين الإعلاميين أنفسهم. ولكن لم تتصل إلى حد هذا اليوم الهيئات المديرة المتعاقبة والتي صدرت في عهدها التقارير السابقة بأي تفسير لما نشر في هذه التقارير التي تشير بالاسم والتاريخ للتجاوزات الحاصلة مما يؤكد أن المادة المنشورة قبلت دون أي تكذيب.

وقد انقسمت المواقف حول التقارير السابقة فهناك من يرى أنها تعاملت بسلبية تجاه عمل وأداء أصحاب القرار في الميدان الإعلامي، في حين يتهمها البعض الآخر بمجاراة السلطات في مواقفها الرسمية من الإعلام والإعلاميين.

أما الطرف الثالث فهو يرى في التقرير الذي يجري إعداده الآن فرصة للخروج عن مساري الموالاة والمعاداة. إذ أن هذا الطرف يدعو إلى أن يكون التقرير مهنيا أولا وأخيرا وليس مساحة أو فرصة لتصفية الحسابات أو تسجيل مواقف، والوقوف فقط عند تعداد أخطاء الأطراف الفاعلة في الميدان الإعلامي.

ثانيا يرى هذا الطرف أنه من الضروري أن يبتعد التقرير الذي مهمته الأولى والأخيرة الدعوة لمزيد من الحريات والانفتاح ولم لا التأكيد على أهمية فصل الإعلام عن الدولة، وتعتبر أن طرح أفكار عملية وواقعية يعد ضروريا للتقدم خطوة ملموسة لتجاوز الواقع الحالي.

فواقعنا الإعلامي لم يفصل بعد في قضية الإشهار ومدى تأثيره على حرية الرأي والتعبير والإشهار هنا عمومي أو خاص هو مربط الفرس في القضايا الإعلامية المطروحة على الساحة الدولية وليس في تونس فحسب وبالتالي فإن التفكير في وضع ضوابط له يعد أمرا لا بد منه. إذ لا يعقل ونحن في هذا العصر أن لا نفصل بعد بين الإشهار والمقال الصحفي. فالكثير من صحفنا ومن بينها صحفا كانت في الماضي ترفع راية الشفافية والاستقلالية سقطت في هذا الشراك. كما أن القرير الحالي مطالب أيضا باتخاذ موقف من قضية ذكر المصدر وتسمية الأسماء بمسمياتها، إذ مازالت أخبارنا تتحدث عن « أحد الفنادق بالعاصمة » وعن « احدى البنوك » وعن « إحدى الشركات أو المستشفيات ».

لقد تسبب هذا الخيار الخاطئ في كتابة الخبر في مشكلة اقتصادية لشركات تعليب التن هذه السنة وذلك بعد صدور خبر بهذا الشكل : « إحدى شركات التن بضاعتها فاسدة » مما اضطر جميع الشركات إلى القيام بحملات إعلامية لتأكيد سلامة بضاعتها، ونحن لا ندري كم من المبالغ التي أنفقتها هذه المؤسسات وعلى حساب من ؟ والحال أن الشركة صاحبة البضاعة الفاسدة تسللت بين الشركات الأخرى بفضل كلمة « إحدى » فالمطلوب هو دعوة أهل المهنة إلى تسوية هذه المسألة وتحمل المسؤولية كاملة عند نشرها لأي خبر.

كما أن التقرير مطالب بالتساؤل عن أسباب غياب التحقيقات عن صحافتنا الوطنية وكذلك مطالب أيضا بردع الخلط المتعمد بين الخبر والرأي وكذلك أيضا وضع ضوابط صارمة تضع حدودا ما بين « الرشوة » و »الهدية » و… « البارديام » (

perdiem) التي تسلم للصحافيين أثناء تأديتهم لمهامهم. ونعتقد أن أعضاء اللجنة الذين يعكفون الآن على إعداد التقرير تابع أغلبهم القضية التي عاشتها الساحة الإعلامية والتي أطلق عليها « قضية كوبونات الشراء » والتي عرفت جدلا محمودا في صفوف الصحفيين ولئن كانت هذه الكوبونات التي حصلت عليها مجموعة من الصحفيين من مؤسسة « Géant » يوم افتتاحها رشوة أم هدية ؟

إن تقرير مهنيا يتناول هذه القضايا وغيرها، دون التسليم بالطبع في مسألة هامة وهي المطالبة بانفتاح أكبر على الحريات والتأكيد على الدعوة لتحرير القطاع الإعلامي هي طريق سالكة للنهوض بالقطاع وبالتالي يكون التقرير قد أدى مهمة النبيلة للمهنة.

أما السير في طريق التجريح أو المديح فإن عواقبه لن تكون سليمة على المديين القريب والبعيد. فجمعية الصحفيين التي كانت سباقة في إصدار تقارير عن واقع الحريات الإعلامية في البلاد اكتسبت من الخبرة ما يمكنها من طرح أفكار ورؤى بما يسمح للقطاع بالارتقاء، فالتحديات كبيرة وتشمل مواضيع شتى ولعل من أبرزها مسألة تشغيل الخريجين الجدد من معهد الصحافة وعلوم الإخبار وكذلك البحث في ردم الهوة أو تقليص المسافة بين التطور الكبير الذي شهده قطاع الإعلام في الساحتين الدولية والعربية والحالة المرتبكة التي يعيشها إعلامنا وإعلاميونا الذين مازالوا يجاهدون للوصول إلى مراتب محترمة في حلبة السباق.

 

المصدر موقع Le Journal


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

فعاليات المخيم المشترك بين الجمعية التونسية للثقافة والاندماج بألمانيا وجمعية الزيتونة بسويسرا

 

 

تحت شعار لقاء الإخوان تجديد للإيمان انطلقت فعاليات المخيم الربيعي الأول المشترك بين الجمعية التونسية للثقافة والاندماج وجمعية الزيتونة بسويسرا في منطقة( ميلختال)Melchtal السويسرية وذلك يوم الجمعة 14/  04 / 2006الى غاية 17/04/2006والذي حمل اسم العلامة التونسي الشيخ عبد الرحمان خليف .

 

اقتصرت أمسية اليوم الأول الجمعة على كلمة الترحيب بالضيوف الذين قدموا من أصقاع متعددة , وكذلك الحضور ٬كما قدم البرنامج المفصل لمدة المخيم .

 

 في صبيحة يوم السبت قدم الشيخ راشد الغنوشي محاضرة بعنوان ( وحدة الصف فريضة شرعية وضرورة واقعية ) حاول فيها تأصيل مفهومي الوحدة والتنوع في الوجود ,طبيعة ومجتمعا نصا وواقعا , مراوحا بين النصوص الشرعية وواقع المجتمع .وبين دعوة النص الصريحة للتآخي والتزام الجماعة داخل الصف الإسلامي , وإقراره حقيقة الاختلاف , المتعلق منه عامة بالعمران البشري ٬وداخل المجتمع الإسلامي بصفة أخص.

ففي ظل هذا التنوع لا يسع الصف الإسلامي إلا أن يحول هذا الثراء إلى وحدة وقوة ,يستحيل فيه الاختلاف نعمة ورحمة لا فرقة وعذاب .بل إن الخطاب القرآني عبر عن الواجب الفردي بصيغة الجماعة .فقال المولى عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) آل عمران فحول التقوى التي هي شأن فردي ٬ عملا جماعيا مشتركا يضطلع به الفرد في إطار الجماعة – كما صاغ الصيام الذي يبدو عبادة فردية خالصة ٬تتحقق فيه العلاقة الثنائية المثلى بين المؤمن وربه واجبا جماعيا فقال ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة . وأشار الشيخ إلى أن الواقع بذاته يعبر عن بجلاء عن هذا التداخل والانسجام بين الوحدة والاختلاف ,عبرت عن احد صوره الآية الكريمة ( وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) الرعد واختتم محاضرته بالإشارة إلى خطورة ظاهرة التكفير والتطرف التي تتهدد المجتمع الإسلامي في ديار الغرب , والحال أن التاريخ الإسلامي على امتداده شهد اختلافات كثيرة ٬بلغت في بعض الحالات حد التقاتل لكن لم يكفر بعضهم بعضا . إذ الخلاف السياسي لا يمكن  أن يبرر بأي شكل من الأشكال تكفير بعضنا بعضا , والصف الإسلامي بثراء مكوناته أحوج ما يكون من أي وقت مضى في ظل المؤامرات المتتالية التي تحاك وتنفذ علنا , إلى التماسك والانسجام ٬ ومواجهة ظواهر الفتنة التي تشقه بحلم وأناة.

أما الأمسية فكانت منشطا فنيا بامتياز تعانق فيه الشعر بالموسيقى ,فأفعم على المستمعين  حالة من البهجة والحبور تخللتها دموع حارة ٬حرقة على إخوان تآكلت أجسادهم داخل الزنازين والمعتقلات ٬ حيث نسج الشعر صورا إبداعية اهتز لها الكيان في نظم دارج وفصيح – فانبرى الشاعر(الطاهر تليش) يرسم صورا  من واقع  الاعتقال  في قصيدة بعنوان

 

 

( راح زهوك ليام تعدى        نرجو في الرده

فرج عل يمسح في خده)

 

عشرين الصيد تهيوله           حفرو تقوله

بالخرته يرجوا في وصوله

جبدوها بغدره المعجولة        طاح على طوله

غموه بشبكة محلولة

ليف أحرش سلوله                 شوك القندوله

راسه في كمامة حطوله

قداش حبال الفتولة               عقدوها ثانوله

مكتف والركبة معقولة

تحاموا فيه كلاب الدولة     مشرمط مريوله

بالدم جروده مغسولة

بالمسبط والسوط   وهوله      جلده صلخوله

ثنتين ضلوع انكسروله

زيد كتفه لمين زلوله         صبحت مشلوله

لا حلوه ولا داووله

بوه ومه العيله مشغوله        ناضتلهم غوله

وين نشدو جره مالقوله

 

ثم وصف وقائع التحقيق والمحاكمة ومن ضمن ما قال  :

 

صور عالى لا منه يطوله      تعس الكبسوله

البيبان حديد ومقفوله

ضيق بره منين يخشوله          دنيا مجهوله

كيف حاله وزعمة آش داروله

بالباطل محضر عبوله            مجرم كتبوله

سطاش انتهمه زادوله

خش القاضي وجابوهوله          تحلف قالوله

قال نحلف باطل ما انقوله

حكى في السابق وآش عملوله    كبده مرجوله

يسبوا في ربي ورسوله

قريب عشره وكله تعنوله     الجلسه حضروله

الدفاع سيوفه مسلولة

لا فلت في القاضي           ونوله    حتى استنفوله

طول عمره وشي ما نقصوله

صعبت وسهلها المولاى              دعوه مقبوله

نحصد هاللي طاب سبوله

يرجع حقي ينوض عدوله       ونقطع ها القده

كيب طايح داروله سده

 

 

ثم أطنب في تصوير أوضاع السحن نختار منها الأبيات التالية :

 

فرج عالمظلوم حليله            لا من يشكيله

محبوس وما عنده حيله

عدى اليوم سنين طويلة             مره وثقيله

أجنا ب طابت مالجرتيله

مالتعذيب الوافي كيله      لحم أزرق نيله

يمشي متكي عالقيلة

زاورته قصيرة وعليله     ضب ورتيلة

الفار يشغط فيه بذيله

 

ثم أسهب في وصف معاناة الزوجة فقال:

 

مرته تعانيله في العيله     مانست جميله

احتاجت باعتها  التخليله

باعت خاتمها ونبيله           يقطع تدليله

السوق يبرح بالتحليله

مولى الدار الي كاريله      جاها بتوصيله

خرجت سكنت في ظليله

محتاطه البر جراويله    وفيه ناس عميله

تبات تفصي في البوصيلة

الحاكم دارلها حبيلة        وناس بحصيله

واللي يعاونها يا ويله

وحتى الناس بدت بخيله       وليه وذليله

هبت بالتخمام هزيله

بعد بره ما يقد يمشيله         بعد التنقيله

وصى وما جاته التبديله

 

وانتهى إلى وصف  صبر السجين واستماتته على المبدأ :

 

عنده دين وود فاميله        جت مراسيله

تقول قاعد ثابت في سبيله

رغم الجور الجارف سيله      لقدامه يشيله

كدير وحاير في تحويله

مرصي مش رافع منديله       نوارة جيله

صابر صبرفحول كحيلة (الابل )

ثم مباته وثم مقيله           جمله وتفصيله

يقرى يبكي في ترتيله

خذوا دمه وجت تحااليله     موجب فاصيله

صاحب حق وربي وكيله

لا خان ولا طلب تسهيله         وباقي يتحده

اليوم وغدوه وعنده شده

راح زهوك ليام تعدى        نرجو في الرده

فرج عل يمسح في خده

 

 

كما إنشد الجمهور إلى محطات غنائية رائعة تساوق فيها اللحن الشجي بالكلمة الهادفة والأداء الممتاز ثلة من المطربين , الذين أعادوا للأذهان مكانة الأغنية الملتزمة , لامسوا من خلالها معاناة الخضراء , والشوق الحارق الذي يتلبس أفئدة هجرت عن أوطانها , حتى اختلط التكبير بالدموع والزغاريد.

وتخللت السهرة مشاركات فردية متميزة للأطفال والشباب أضفوا عليها طرافة متميزة, جمعت بين براءة الأطفال والنفس الشبابي المتمرد الثائر على واقع الظلم والفساد المقنع.

 

وفي اليوم الثالث تناوب الدعاة , ضيوف المخيم , الوعظ والإرشاد , لما يعيشه مسلمو الغرب من تحديات , وكذلك ما تستوجبه حياة المسلم عامة من إعادة فهم ومعايشة لكتاب الله الكريم وتذوق حلاوة الإيمان في الصلاة وسائر العبادات و المعاملات , بأسلوب يسير وبليغ استلطفته العقول والقلوب .

 

في المساء نظمت سهرة متنوعة كان للشعر والنشيد فيها النصيب الأوفى , تفاعل فيه الجميع ترنما وطربا بحسن أداء المنشد الذي تغنى بفضائل المصطفى- صلى الله عليه وسلم- , واستعاد لآلئ أغان تراثية تترجم الحنين لأرض تونسنا الحبيبة, وانتهت بدعاء خشعت له القلوب رجاء ولهجت له الألسن بالتأمين .

 

كما لا يفوتني التنويه باللطائف التي عقبت صلوات الفجر ألقاها بعض المشايخ والدعاة , ارتقت بالحاضرين شأوا في مدارج السالكين .

 

في اليوم الختامي تجددت المصافحة مع الشيخ راشد الذي عبر عن استبشاره بالصحوة الإسلامية  التي تشهدها بلادنا في السنوات الأخيرة كأصدق ترجمان على أصالة هذا الشعب وتمسكه بهويته .داعيا جيل الشباب لرفع مشعل الدعوة , فهو مستقبل هذا الدين والمؤتمن لأداء الرسالة التي ناضل من أجلها الأنبياء والصالحون , فمن سار على دربهم وصل- بإذن الله- . فصلاح هذه الأمة منعقد بصلاح شبابها .

 

 وفي الختام وزعت هدايا رمزية على بعض الضيوف وعلى  ممثلي الجمعيتين المنظمتين للمخيم وكذلك على بعض المشرفين هتف لها الحضور  إجلالا وإكبارا ٬ ثم تصافح الجميع على أمل اللقاء مجددا .

Elkoutismail@yahoo.fr


لقاء مع الشاعر التونسي بحري العرفاوي

 

اللقاء مع الشاعر التونسي بحري العرفاوي.. مناسبة للصعود إلى الأعلى .. إنه رحلة الصعود إلى قلب رجل مثقل بهموم وطنه وأمته.. قلب كبير، وروح أكبر، بحجم جبل ريحان، حيث ولد الشاعر ذات يوم من العام 1958. ومن هناك كانت رحلته مع الكلمة.. ركب الحرف مبكرا، وامتطى صهوة القصيد صغيرا، وما زاده جموحه إلا إصرارا على اقتحام آفاقه الرحبة البكر، التي لم تعبث بطهارتها أيادي المخاتلين. لذلك تراه دائم البحث عن الأرض، التي لم تطأها من قبله قدم، وهو بذلك في مقام رحالة دائم، بحثا عن شعاع الفجر.

حديث النشأة والمبتدأ

ولأن لكل شيء بداية، فقد اختارنا أن يعود الحديث مع الشاعر إلى الطفولة ومراتع الصبا. كانت نشأته « في أسرة ريفية بجبل ريحان، وقال كان والدي رجلا عظيما من حفظة القرآن الكريم، حفظت بين يديه، قبل دخول المدرسة أجزاء عديدة من القرآن الكريم.. كان أبي وقورا كادحا وأبيا، رصينا هادئا في جده وهزله، وكان الجيران يثقون به، ويحتكمون إليه في خصوماتهم.. كانت علاقتي به حميمية، وكان يعاملني مذ صغري على أني رجل. يحاورني، ويترك لي كامل الحرية، رغم أنني لم أكن كبير إخوتي، إذ كنت رابعهم، لكنه كان معتزا بي كثيرا ».

 

وعن الإطار الذي نشأ فيه يقول: « نشأت في فضاء فسيح: حقل شاسع، وطبيعة جميلة، وهدوء وأمان .. جبل ريحان يعلمك التسامي والاصطبار وبعد النظر، يعلمك معنى الحياة في حركتها وتجددها وتنوع عناصرها، في براءتها وصفائها وانسيابها، وصدقها ونقاوتها.. وكنت أرى والدي تجسيدا لجبل ريحان إذا تحرك أو تكلم ». ويقول عن دراسته « دراستي كانت في ظروف صعبة جدا، لبعد المدرسة، وعدم وجود وسائل نقل، ثم جاءت تجربة التعاضد لتربك نظام عيش الفلاحين، وتنتهي بهم إلى وضعية أتعبتنا كثيرا ».

 

وفي معرض رده على سؤال عن بداية رحلته مع الشعر، قال الشاعر بحري العرفاوي « من نشأ في جبل ريحان لا يمكن أن يكون إلا شاعرا، حتى وإن لم يمتلك اللغة، بما هي وعاء لفيض الشعر ». وأضاف « تدربي على كتابة الشعر بدأ مبكرا .. وكنت أجد عناء كبيرا في دفق المعنى وقلة المبنى، وكانت أهم الصعوبات مكابدة اللغة حين تعجز مفرداتك المحدودة عن احتواء فيض الشعر ودفق المعنى ».

 

وعن الأسماء التي تأثر بها قال « تعجبني وتشدني بعض الأبيات أو بعض القصائد لشعراء مختلفين دون التأثر بشاعر ما. وربما هذا ما يجعل تجربتي لها ملامحها الخاصة بقطع النظر عن مدى توفقها أو فشلها. أما مناهلي فهي متعددة، فأنا كثير الإقبال على مطالعة الكتب الفكرية والفلسفية والدينية، وإذا أردت الاختصار أقول إني أجد روح الإنسان في النص القرآني، وأجد رشاقة حركته في الفلسفة، وخاصة جون بول سارتر ».

الشعر والالتزام والحياة

بعد استعراض ملامح البدايات مع الشاعر بشيء من الإسهاب تحول الحديث معه نحو الالتزام، وهل إن تحوله إلى الالتزام جاء في فترة محددة من تجربته الشعرية، أم إنه كان رديف البدايات؟ فقال « الشعر هو فيض الذات، النص أو القصيدة ليس أكثر من ترميز لمعنى.. وإننا إذ نكتب أو نتكلم إنما نفرغ ذواتنا في اللغة، بما هي وعاء لسيلان المعنى. فما يسمى « التزام »، ليس إلزاما للنفس بمسار معين، أو نهج أو فكر أو قيم، إنه تعبير عن ذات لها ملامحها وعواطفها ومشاغلها وذائقتها وقيمها .. الالتزام ليس تكلفا أو صناعة ».

 

ويقول في معرض رده على سؤال حول علاقة الشعر بالالتزام « الالتزام ليس طرفا مقابلا للشعر.. الالتزام تعبير عن ذات، وقد يكون التعبير شعرا أو نثرا أو غناء أو رسما أو خطابا أو حتى صمتا، فالالتزام يمكن أن يتجلى في شخصية سياسية أو رياضية أو دينية ».

 

ولأن الحديث عن الالتزام كثيرا ما يوحي بعلاقة ما مع السياسة سألت الإستاذ الشاعر بحري العرفاوي عن علاقته بالسياسة فقال « للإجابة عن هذا السؤال لابد من تحديد ما نقصده بالسياسة، فإذا كان المقصود الانتماء الحزبي والتنافس الإيديولوجي والانتصار لجماعة دون غيرها، ففي هذا تضييق على الشعر برحابته، وفيض دلالاته، وعمقه الإنساني، ونزوعه التحرري، ووهج تمرده على السائد، واستشرافه للأرحب ».

 

وهو يرى « أن أسوا ما يسقط فيه الكثير من الشعراء تجنيد أنفسهم لخدمة الأنظمة السياسية، مقابل امتيازات مادية ودعائية، فأساؤوا للشعر، وأساؤوا لأنفسهم، فلا السياسيون يصدقونهم، ولا الناس كذلك .. يعرف الجميع أنهم مرتزقة، وهم أنفسهم يعرفون ذلك، فلا تراهم إلا أذلة صاغرين، وأنا أدعو إلى استفادة السياسيين من الشعراء، فإذا كانت السياسة هي فن التعامل مع الممكن، كما يقولون، فإن الإبداع هو فن الدفع نحو المستحيل كما أرى ».

 

وعن علاقة الشاعر بواقعه ومجتمعه وهمومه وقضاياه يقول « إن الشاعر الرسالي، ليس متعاليا على واقعه، ولا مجنحا في عالم المثل، ولكنه منغمس في تفاصيل قضايا المجتمع بوعيه وطاقته الروحانية، يكشف عن مواطن العطب، ويبشر بالإنسان السوي، وبعالم يسع آمالنا وأشواقنا، ولا يضيق بفكرة أو رغبة ».

 

وبسؤاله عما كتبه في قضايا مركزية للأمة كفلسطين وغيرها قال « الشاعر الرسالي ليس شاعر حزب، أو قبيلة، أو مجتمع، إنه شاعر الحياة، والإنسان، والجمال، والحب، والحرية ». وأضاف « كتبت عن فلسطين ولبنان وأفغانستان والعراق .. لا بدافع الانتماء الحضاري والديني فقط، وإنما بدافع إنساني، فالحرية لا هوية لها سوى أنها حرية ».

 

(المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت بتاريخ 18 أفريل 2006 على الساعة 2 و39 بعد الظهر بتوقيت وسط أوروبا)

وصلة الموضوع: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=4061

 

وهذه آخر قصائد الشاعر بحري العرفاوي وافانا بها مشكورا أحد القراء الكرام هذا اليوم :

 

عــــــــــائشـــــــــــــهْ

 

ِإذَا ضَـــــــــــــــــــــــاقتْ الارض ِبي

وأستبدت بِيَ النبضة الراعشــــــــــــةْ

وإذا ما تدافع في مهجتي

مُهَجٌ جاهشهْ

وتجيشت الذكرياتُ

مسكتُ على الدمعة و أبوس الولـــــد ْ

و أُسمي البلاد التي اشتقتها: عائشــهْ

وأنادي أيــــــا …… تونـــــــــــــــسَ

هـل تنامين هانيــــةً

وحليبك في الغربة الناهشهْ ؟ّ

و الذي بيننا

ليس بيني وبينك غير المكـــــــــــانِ

وإنك في الروح شامخةً عــــــارشهْ

 

 

سويسرا

18/04/2006

 

بحري العرفاوي

 

آلاء

 

إلى كل اطفال تونس… في غربتهم

ماء الوطن … وحليبه …. و اشواقه

 

قلت اسْمَكِ ؟

قالت  : ألاَءْ

ومن أيّ أرض ألاءْ ؟

من تونسَ

ومن أيّ تربةِ تونسَ

نَبْتَتُكِ المُرسلهْ ؟

– في القيروانِ عروق أبي

وحليب الأمومة في المبتلى

وهل تعرفين الوطنْ ؟

قالت بَلَى

في الصُّوَرِ

وفي الشاشةِ المثقلَهْ

………..

 

بكيتُ … بكيتُ … بكيتُ …

سمعتُ البلاد بكتْ

فوددت إحتضانَ جميعِ الصّغَارِ هُنَا

لأطيرَ بِهمْ

وأدُقَّ لهم خيمة فوق ماءِ الوطنْ

وأقولَ آنظروا أنظروا

هذهِ أُمُّكُمْ … قَبِّلُوا رأسَهَا

وأمْسَحُوا دَمْعَكُمْ فِي إحْمِرَارِ

« العَلَمْ« 

وأهتفوا للعُلاَ أهتِفُوا للعٌلا

 

سويسرا في 16/04/2006

 

بحري العرفاوي


 
قالت ان الشرعية الثورية تمنحه حق التدخل

منظمة حقوقية تناشد القذافي تشكيل لجنة تحقيق في أحداث بنغازي

بنغازي (ليبيا) ـ قدس برس:

 

وجهت منظمة حقوقية تتخذ من جنيف مقرا لها رسالة الي الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي تطالبه فيها بضرورة تشكيل لجنة مهنية ومستقلة للتحقيق في الأحداث الدامية التي وقعت في مدينة بنغازي (شرق ليبيا) وذلك عقب مظاهرة بعد صلاة الجمعة وقعت في 17 فبراير/شباط الماضي أمام القنصلية الايطالية احتجاجا علي الرسوم المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم.

 

وأكدت الرابطة الليبية لحقوق الانسان أن هذه الأيام تصادف مرور شهرين كاملين علي أحداث بنغازي الدامية وما ترتب عليها من تبعات خطيرة ونتائج مأساوية تمثلت في ازهاق أرواح عشرات الليبيين والأجانب المقيمين في ليبيا واعتقال عدد من الناس الذين تخشي الرابطة أن يكون قد تعرضوا الي التعذيب .

 

وأضافت في رسالة للعقيد القذافي تلقت وكالة قدس برس نسخة منها: يؤسفنا بأنه وحتي بعد مضي كل هذه المدة علي الأحداث لم تسمع (الرابطة) ولم تقرأ شيئا عن تكوين لجنة مهنية ولا عن تحقيق ولا حتي عن تقرير رسمي حول ما جري في بنغازي .

 

وأضافت اننا حتي اليوم لا نعرف من أعطي أمر فتح النار علي المتظاهرين، أو من هو المسؤول عن القتل الجماعي ولا حتي عن عدد القتلي الذي حددته معلومات غير رسمية وصلت الرابطة من مصادر شعبية بـ17 الي 26 قتيلا وعشرات الجرحي .

 

وحملت المنظمة الدولة مسؤوليتها علي التعتيم الذي تفرضه حول القضية: اننا لا نعرف من مصادر الدولة الرسمية عدد الموقوفين خاصة بعد أن توسعت الأحداث الي كل من المرج ودرنة وطبرق ومناطق أخري والتي تقدر المعلومات الشعبية عددهم بالمئات كذلك لم تصدر الدولة أية بيانات بعدد الذين تم توقيفهم أثناء الأحداث أو بالذين حقق معهم أو قدموا الي المحاكمة .

 

وقالت المنظمة في معرض خطابها نتوجه اليكم شخصيا بهذا الخطاب المفتوح راجية منكم التدخل المباشر في هذا الملف واصدار توجيهاتكم لفتح تحقيق مهني مستقل وأخذ الخطوات الضرورية لمنع تكراره .

 

وأبدت الرابطة الليبية خشيتها من أن تكون استراتيجية الدولة هي اهمال هذا الملف وعدم اعطائه أية أولوية وتركه لينسي بالتقادم مثل ما جري لملفات انتهاكات أخري لحقوق الانسان .

 

كما لفتت انتباه القذافي الي أن القراءة القانونية الوحيدة لـ وثيقة الشرعية الثورية جعلت من توجيهاتكم أوامر ملزمة وواجبة التنفيذ وهي كفيلة بتحقيق هذا المطلب العام علي حد قول الخطاب.

 

وناشدت الرابطة القذافي استعمال سلطاته واصدار أمر بتشكيل لجنة مهنية مستقلة فورا للتحقيق في أحداث بنغازي واطلاق سراح جميع المعتقلين والموقوفين وتقديم كل من تحدد اللجنة مسؤوليته في الأحداث الي محاكمة عادلة وجبر ضرر الضحايا وتعويضهم تعويضا مجزيا كما أوصت بنشر تقرير اللجنة علي أوسع نطاق .

 

يذكر أن مؤتمر الشعب العام (البرلمان الليبي) وهو أعلي سلطة تشريعية في ليبيا قد أدان ما وصفه بـ الاستخدام المفرط للقوة والمعالجات غير المناسبة التي تجاوزت حدود أداء الواجب من قبل الشرطة ولم تتبع التدرج في معالجة أعمال الشغب .

 

وكرد فعل مباشر علي الحادث قرر البرلمان الليبي ايقاف أمين اللجنة الشعبية العامة للأمن العام (وزير الأمن) نصر المبروك عن العمل واحالته الي التحقيق واحالة كافة المتورطين والمسؤولين عنهم الي التحقيق وعرضهم علي القضاء ومبديا أسفه للأسر علي وقوع ضحايا أبرياء .

 

وعلي الرغم من هذه التصريحات التي أدلي بها البرلمان الا أن منظمات حقوق الانسان تقول ان السلطات الليبية اعتقلت مئات الشباب عقب مظاهرات بنغازي في ظروف سيئــــة كما انها لم تنشر أي شيء عن نتائــج تلك التحقيقات ولم تحدد مسؤولية الفاعلين وعلي رأسهم وزير الأمن الليبي.

 

(المصدر: افتتاحية صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أفريل 2006)


 

قضاة مصريون بارزون يعتصمون احتجاجا على مساءلة قاضيين

 

القاهرة 18 أبريل (رويترز) – بدأ حوالي 15 قاضيا مصريا بارزا يتقدمهم رئيس نادي القضاة زكريا عبد العزيز اعتصاما في مقر النادي يوم الثلاثاء احتجاجا على إحالة قاضيين بارزين الى لجنة تقرر مدى صلاحية القضاة لولاية القضاء.

وقال محمود مكي نائب رئيس محكمة النقض يوم الاثنين انه وزميله هشام البسطاويسي أحيلا الى مجلس الصلاحية الذي يجتمع برئاسة رئيس محكمة النقض.

وأضاف أنهما يعاقبان على أنهما اشتركا في المطالبة بالاستقلال الكامل للسلطة القضائية عن السلطة التنفيذية وتوفير ضمانات تكفل نزاهة الانتخابات منها الاشراف القضائي الكامل على التصويت. وقال مصدر في النادي ان المعتصمين يطالبون بإلغاء قرار إحالة مكي والبسطاويسي الى مجلس الصلاحية.

ويقول قضاة ان الاعتصام هو بداية أعمال احتجاج تصاعدية.

واذا أدين قاض محال الى مجلس الصلاحية فانه يفقد منصبه القضائي.

ويقود عبد العزيز والقضاة المعتصمون ومن بينهم مكي والبسطاويسي حملة لإقرار مشروع قانون وضعه نادي القضاة عام 1990 وتقضي بنوده بإنهاء هيمنة وزارة العدل على الشؤون المالية والادارية للقضاة.

ويطالبون أيضا بأن يكون الاشراف القضائي على الانتخابات كاملا تجنبا لتحملهم المسؤولية عن أعمال تزوير يمكن أن تحدث فيها.

ويقول قضاة يتبنون وجهات نظر الحكومة ان متزعمي الحملة التي يؤيدها بضعة ألوف من القضاة يخلطون بين العمل القضائي والعمل السياسي.

وقال عدد من متزعمي الحملة ان قضاة اشتركوا في تلاعب في نتائج دوائر في الانتخابات التشريعية التي أجريت في العام الماضي وهو ما أثار غضب القضاة المؤيدين للحكومة.

وأحيل مكي والبسطاويسي وقضاة اخرون خلال الاسبوعين الماضيين للتحقيق لكن لم يسألهم أحد الى اليوم. وقال نادي القضاة انه لن يسمح بإجراء أي تحقيق معهم.

 

من محمد عبد اللاه

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 19 أفريل 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


فرنسا لا تقبل بامتلاك ايران لاسلحة نووية

باريس (رويترز) – أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حديث مع صحيفة الاهرام المصرية نشر يوم الاربعاء ان امكانية امتلاك ايران لاسلحة نووية هو امر غير مقبول.

وقال شيراك الذي يزور مصر يوم الاربعاء ان برامج الصواريخ الايرانية مصدر قلق.
وأضاف « موقف ايران الحالي يمثل مصدر قلق للمنطقة وللمجموعة الدولية باسرها.

« بالطبع نحن لا نضع موضع المساءلة حق هذا البلد المشروع في اقتناء الطاقة النووية لاغراض مدنية بمجرد ان يحترم التزاماته على صعيد عدم انتشار الاسلحة وان يعطي الضمانات الموضوعية للطابع السلمي لبرنامجه. »

واستطرد « من جهة اخرى فان ايران مستمرة في برنامج مقلق للتسلح بالصواريخ. »

وفشلت الولايات المتحدة التي تتهم ايران بالسعي لامتلاك قنابل نووية يوم الثلاثاء في كسب التأييد الدولي لفرض عقوبات محددة على ايران ويرفض الرئيس الامريكي جورج بوش استبعاد توجيه ضربات للمنشات النووية الايرانية اذا فشلت الدبلوماسية في كبح طموحات الجمهورية الاسلامية.

وتنفي ايران سعيها لامتلاك اسلحة نووية وتقول انها تخصب اليورانيوم الى المستوى المطلوب لتوليد الكهرباء بموجب حقها كدولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي.

وصرح الرئيس الفرنسي بان الباب مازال مفتوحا امام ايران لاستئناف المناقشات مع المجتمع الدولي اذا التزمت بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن التابع للامم المتحدة.

وقال شيراك في حديثه « انني اعلن بقوة ان الباب لا يزال مفتوحا امام استئناف المحادثات بمجرد ان تلتزم ايران بمطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومطالب مجلس الامن. فالقرار اليوم بين ايدي القيادات الايرانية. »

ومن المقرر ان تقدم الوكالة الدولية تقريرا الى مجلس الامن بنهاية الشهر الحالي عن مدى التزام ايران بمطلب الامم المتحدة لوقف تخصيبها اليورانيوم.

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 19 أفريل 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


 

البضاعة الحضارية المغشوشة تصدر للمسلمين  

د.أحمد القديدي : بعد أن أصمت آذاننا كثرة الكلام الغربي في أمريكا وأوروبا عن الديمقراطية وضرورة الإصلاحات في العالم الإسلامي في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر2005، كدنا نصدق ونصفق، بل وانتظمت الرحلات وشد الرحال إلى ديار الغرب استلهاما منه في مجال الحريات النافقة وطلبا للتعاون من أجل تلك القيم الكونية الضرورية التي أقنعنا الغرب بأنها منه وإليه بينما الإسلام سبق أن أعلنها وأقرها وطبقها في مراحل عزه منذ فجر الدعوة إلى اليوم، بل كان المسلمون هم أول من أنقذ التراث الإغريقي في العلوم والفلسفة من الضياع. ثم جاءت الانتخابات الفلسطينية النزيهة تحت مراقبتهم وبحضور نواب عن الغرب الذين شهدوا شهادة حق وعدل على أن الشعب اختار ممثليه بكل أمانة وحرية ولم يسجل حادث تزوير واحد. ولكن فوجئنا بالولايات المتحدة وتبعها الاتحاد الأوروبي يعلنان وقف المساعدة الطفيفة التي تمنحها شعوبهم للشعب الفلسطيني بمقتضى مواثيق مبصوم عليها بالاصابع العشرة! والسبب عرفناه فذهب العجب، وهو أن الشعب الفلسطيني أخطأ الاختيار وأن صناديق الاقتراع لم تكن المعيار للديمقراطية وأن الماكينة الإصلاحية لم تعمل كما توقع الغرب. وكان الأستاذ عاكف مرشد الإخوان المصريين صادقا حين وصف ذلك الموقف الغربي بأنه غير حضاري ومناقض لكل ما يدعيه الغرب من تقاليد عريقة في احترام إرادة الأمم، كأنما أصبحت إرادة الأمم مقيدة بشروط مصالح إسرائيل وحماتها. عجيب ورب الكعبة ! لقد كنا نعتقد بسذاجة لا نحسد عليها بأن الشعوب كما قال الفلاسفة الغربيون هي مصدر السلطة وهذا ما صار لفلسطين حين انحاز مواطنوها الأحرار إلى كوكبة من الوطنيين من أبناء فلسطين لتحميلهم أمانة الحكم. لقد كنا نعتقد بأن الغرب الديمقراطي سيقف سدا منيعا ضد الاحتيال على إرادة الشعوب ويناصر قرارها ويساند خيارها لا أن تهدد القوى الغربية بقطع أرزاق الذين اختاروا نوابهم عن طواعية وطبقوا بالحرف تعاليم الغرب الديمقراطي ! فجاء جزاؤهم التجويع من الغرب والترويع من إسرائيل أداة قمع الغرب ويده الطولى! حيث بلغ الشهداء الفلسطينيون سبعة عشر منذ يوم الجمعة الماضي والغرب يرى ويسمع ويتابع ولا حياة لمن تنادي! وفي الملف النووي الإيراني نجد أن القوى العنصرية تريد الا يمتلك شعب مسلم أسباب مناعته السلمية والا يخصب اليورانيوم والا يصوت لأحمدي نجاد ! وبدأت الآلة النفسية تتحرك بإيعاز من المنظرين للحرب على الإسلام والمسلمين لتجند طاقات الغرب ومحميته الإسرائيلية استعدادا لحرب جديدة في الشرق الأوسط ضد إيران تحت شعارات واهية ومردودة، مما ستحدث عنه كوارث غير مأمونة لكل المنطقة وعلى جميع الأصعدة. و من جهة أخرى تتحرك اللوبيات العنصرية في وسائل الإعلام المتصهينة واليمينية المتطرفة لتنذر الرأي العام العالمي مما تسميه مغبة الخيار الديمقراطي والحريات لو انخرطت فيها الأمة الإسلامية. فنحن في نظر هذه اللوبيات الشريرة أمة خلقت للخضوع والركوع والجوع لا للحرية والهوية والشرعية! أمة يريدونها في مستوى الأنعام والدواب محرومة من نفس الحقوق التي يمنحونها هم لأنفسهم ويستكثرونها علينا كأننا قوم من القاصرين غير الراشدين ! وتمكنت من القرار الغربي توجهات استعمارية سوغت العودة للاستعمار بأشكاله المعدلة حين اقترع البرلمان الفرنسي مثلا على قانون يمجد الاستعمار يوم 23 فبراير 2005، ثم قام الرئيس شيراك بإلغاء ذلك القانون المارق بعد أن تحرك الوطنيون والمؤرخون الفرنسيون وأحرار السياسيين للتنديد بهذا الإقرار الرسمي بايجابيات الاستعمار وأفضاله علينا نحن قدماء الشعوب المولى عليها بقوة الحديد والنار. ونحن نحيي بادرة الرئيس المناضل عبد العزيز بوتفليقة حين رفض الثلاثاء الماضي التوقيع على نص معاهدة التعاون والصداقة التي عرضها عليه وزير الخارجية الفرنسي السيد دوست بلازي ، وجاء في تبرير الرئيس الجزائري أن فرنسا يجب أن تراجع ذاكرتها وتقرأ تاريخها الاستعماري وتتعامل بكياسة وعدل مع المواطنين الجزائريين الذين يطلبون تأشيرات لزيارة فرنسا. ومن الأخطاء ما كان صرح به الرئيس الفرنسي من أن الشعوب العربية ليس لها من الحقوق سوى الأكل والعلاج والسكن، أي أن العرب ليس لهم سوى نفس حقوق الدواجن والبهائم، وأثار كلامه ذاك ردود فعل قاسية ومنددة في فرنسا ومن بين شرفاء الفرنسيين من مختلف التوجهات. إن ما يجري في العراق اليوم من إنكار للإخفاق لهو عين الانزلاق أكثر فأكثر في المستنقع بلا أي أفق سياسي مقبول ولا أي حل سلمي معقول، ما دام المحتلون يتغنون بفضائل الديمقراطية متجاهلين أن صناديق الاقتراع أقل عددا من جثث القتلى الأبرياء وأن الانتخابات تدور فوق برك من الدماء ! ليعول العرب على أنفسهم عوض انتظار بركات الغرب وليصلحوا شؤونهم بطاقاتهم الذاتية فهم قادرون وأكفاء ولديهم في رصيدهم الحضاري وتاريخ فكرهم السياسي ما يضمن لهم التوفيق لو قرأوا تراثهم العظيم بعيون الواثقين الأحرار ولو تخلوا عن التذيل وعقد استنقاص الذات، ويعلم الله أنني لا أدعو للمواجهة وحرب الحضارات بل للوقوف أمام الغرب وقفة الند للند للحوار وتبادل الخبرات لا لتلقي الأوامر والتعليمات. alqadidi@hotmail.com
 

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 19 أفريل 2006)

 

 

“الانـعـتـاق” الـذري الإيـراني

محمد صادق الحسيني (*)      

 

أن تكتمل دورة إيران النووية يعني أن كفاحها المضني من أجل الاستقلال قد أثمر “تأميماً” مبكراً لتكنولوجيا الطاقة الذرية. وهي بكل المقاييس خطوة نوعية باتجاه التحرير الناجز.

 

سبع دول قبل إيران امتلكت تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، أربع منها هي دول عظمى احتكرت حتى الآن ولا تزال مصرة على احتكار “صناعة الوقود النووي” وفي مقدمها الولايات المتحدة، لا لشيء إلا لأنها تريد التحكم بمسارات هذه الطاقة البديلة المتقدمة في العالم.

 

وكل ذلك الاحتكار كان ولا يزال ساري المفعول بقوة “الغلبة” للأقوى الذي لا يثق إلا بشركائه الذين خرجوا منتصرين في الحرب العالمية الثانية، فأنشأوا الأمم المتحدة ومجموعة القوانين و “المعايير” التي يسمونها اليوم رغم أنف الأكثرية المنتهكة حقوقها من جانب الأقلية المنتصرة “بمعايير المجتمع الدولي”.

 

وعندما نسبر في عمق تفاصيل معركة الاستقلال التي تخوضها إيران بعنوان الملف النووي، سنجدها ملخصة بالأبعاد التالية المغيّبة عن المسرح عمداً بقوة قانون “غلبة” منتصري الحرب الثانية مرة أخرى:

 

1- ان النفط والغاز باعتبارهما المادتين الأساسيتين حتى اليوم في تأمين الطاقة اللازمة للوجود الإنساني على الأرض أخذتا قسطاً وافراً من حظهما في التحكم بمسارات الحراك السياسي والمعادلات الدولية في المشهد العالمي العام، وقد حان الوقت لـ “التحرر” منهما عملياً وبالتالي سياسياً وكل ما يترتب على ذلك من تحولات استبدال هذه الطاقة بطاقة بديلة أو طاقات بديلة.

 

2- تنامي النزعة العالمية لدى الدول بمختلف توجهاتها للبحث عن بدائل مناسبة لهذه الطاقة التي باتت “مؤرقة” للحكام والشعوب معاً عدا بعض المنتفعين الخاصين بحيث أن بعض الدول بدأت تبرمج للعام 2025 من دون نفط وغاز مطلقاً مثل السويد، كما جاء في تقارير دولية، حتى من دون الاعتماد على الطاقة النووية البديلة، هذا فيما لا يخفى على المتابعين اللبيبين مدى الاهتمام الجدي الذي تبذله الدول المحتكرة للطاقة النووية اليوم وفي مقدمها فرنسا والولايات المتحدة للانعتاق من “أرق” الاعتماد على النفط والغاز.

 

3- تجمع التقارير العلمية المتوفرة لدى المجتمع الدولي بأن مادتي النفط والغاز يمكن اعتبارهما بسهولة طاقة “ناضبة” أو آفلة للنفاد والنضوب في الأجيال المقبلة طالت المدة أو قصرت.

 

4- تنامي الاعتقاد لدى العلماء والباحثين بأن الطاقة النووية ستصبح بعد نحو 40-50 عاماً مقبلة هي الطاقة الموازية في الأهمية للطاقة النفطية والغازية إن لم تكن أكثر أهمية منها وأكثر تحكماً في اقتصاديات الدول وسياساتها بالطبع.

 

5- عندما يجري الحديث عن الطاقة النووية والتكنولوجيا النووية في الإعلام الموجه نحو العالم الثالث أو المتداول في أروقة المشهد العام في العالم الثالث غالباً ما يتعمد ايجاد اللغط المبرمج والمخطط له بعناية بأن التكنولوجيا النووية تساوي التسلح النووي، وبالتالي تساوي العنف والقتل وحروب الابادة وأسلحة الدمار الشامل وفي أحسن الأحوال الأخطار البيئية القاتلة على غرار واقعة “تشرنوبيل” لا سيما عندما تكون الدولة المعنية بهذا اللغط المتعمد دولة عالمثالثية مسلمة أو عربية هذا فيما يتم الحديث عن هذه الطاقة وهذه التكنولوجيا وهذا العلم كجزء من العلوم الفيزيائية المتقدمة الضرورية والمطلوبة لاستمرار الحياة والبقاء للجنس البشري – وهي فعلاً كذلك – عندما يتم تداول الأمر في قنوات الإعلام والتواصل المعرفي داخل أطر العالم الأول أو عالم الشمال الغربي المرفه.

 

أخيراً وليس آخراً فإن آخر ما يعلم عنه المواطن المتلقي في بلداننا الفقيرة والمقموعة والتابعة والمتحكم بها من قبل دول المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، هو ان هذه التكنولوجيا المتقدمة باتت ضرورية وأساسية ولازمة لا غنى عنها في أكثر من 200 الى 300 علم أو صناعة أو حقل حياتي أو بناء أو علوم حديثة معلوماتية أو تكنولوجية عالية ليس أقلها الصناعات المتطورة التي جعلت ولا تزال تجعل الدول المحتكرة “للوقود النووي” المنتج بفضل عمليات التخصيب لليورانيوم لها اليد العليا في كل المجالات الحياتية للانسان المعاصر.

 

هل أصبح معلوماً بعد كل ما تقدم لماذا لا يراد لمصر أو السعودية أو ليبيا أو العراق أو ايران أو أي دولة عربية أو مسلمة ان تحصل على هذه التكنولوجيا المتطورة؟! وإذا ما تم “التغاضي” عن حالة استثنائية أو الإهمال في ملاحقة “تفلتها” من هذا القانون فإن ذلك يصبح “مسموحاً” فقط عندما يكون في إطار الاحتواء المزدوج كما هي الحالة مع باكستان لوضعها في مقابل الهند وفي اطار السيطرة على نزاع القوتين الصينية والروسية المنافستين للعالم الغربي.

 

وأخيراً هل بات معلوماً ايضاً لماذا لا تريد الولايات المتحدة ولا حتى الترويكا الأوروبية، بل ثمة من يزعم حتى روسيا ان تصبح دولة مثل ايران مالكة للتكنولوجيا النووية، أو انه كلما رفعت رأسها لتقول كلمة ما أو اقدمت على خطوة ما لرفع ما يسمى بالغموض في برنامجها النووي إلا وأخرجوا لها من تحت الأرض حجة جديدة تحمل شبهة “التسلح النووي” أو السعي من أجل امتلاك اسلحة الدمار الشامل؟!

 

في مثال هذا السياق فقط يمكن فهم واستيعاب الإصرار الايراني على عدم التراجع عن حق ايران ليس فقط في امتلاك التكنولوجيا النووية نظرياً بل وترجمة ذلك الى برنامج علمي متكامل يحمل جدولة زمنية تبدأ بالأبحاث النظرية والتخصيب على نطاق محدود وصولاً الى التخصيب على مستوى الانتاج الصناعي الواسع.

 

إنه “التأميم” المبكر للطاقة البديلة التي ستصبح مع منتصف القرن الحالي هي الطاقة الأكثر انتشاراً إذاً والتي تسعى دول الاحتكار النووي منذ الآن لتصبح “السيدة” المتحكمة بهذه الطاقة بالمقابل.

 

إنه سباق ماراثوني تخوضه ايران في غاية الحساسية والصعوبة قد لا يقبل غير النصر أو الهزيمة كما يبدو من دون ان يعني بالضرورة الصدام أو الاستسلام، ذلك لأن طرق الحكمة والتدبير والتروي واختيار “خير الشرين” لا تغيب عن أذهان صناع القرار الايراني البتة!

 

(*) كاتب متخصص بالشؤون الإيرانية

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 19 أفريل 2006)

 


في مجابهة التشكيك العربي والتضليل الاعلامي الامريكي:

مستقبل المقاومة العراقية

معن بشور (*)

 

في مثل هذه الأيام قبل ثلاث سنوات، وفي ساحة الفردوس القريبة من فندق فلسطين، الذي كان مركز تجمع مراسلي وسائل الإعلام الذين تجمعوا بالمئات لتغطية أخبار الحرب الأمريكية ـ البريطانية علي العراق، انطلقت القذائف الأولي لحرب العراقيين علي الاحتلال، ولتعلن علي مرأي من هذا الحشد الإعلامي أن الساحة التي اختارتها قوات الاحتلال لتعلن من خلالها إعلاميا سقوط عاصمة الرشيد عبر إسقاط مبرمج لتمثال الرئيس العراقي عبر عملية مخططه مسبقا، كما تبين لاحقا، قامت بها احدي شركات العلاقات العامة الأمريكية، هي ذاتها الساحة التي انطلقت منها المقاومة.

 

وعلي الرغم من أن المحتل وعملاءه حاولوا إغراق هذه العملية الرمزية، التي كان لها مثيلات في أنحاء متعددة من العراق لم يسمع بها العالم، بسيل من عمليات السطو والنهب والسرقة المنظمة التي عمت المدن العراقية ومتحف بغداد والمرافق العامة والمكتبات والجامعات والمختبرات والمؤسسات العربية، إلا أن من يعرف الشعب العراقي بوطنيته العالية، وبشجاعته المميزة وايمانه العميق، وبعنفوانه الذي يأبي له الخنوع والإذعان، كان متأكدا أن هذه الرصاصات تعلن ولادة عصر جديد في حياة العراق والأمة والعالم بأسره.

 

واذكر أن الكثير من التشكيك والسخرية والإشاعات المغرضة قد واجهتنا في الحملة الأهلية لنصرة فلسطين والعراق ونحن ندعو إلي مهرجان الدعم للمقاومة العراقية في قاعة الاحتفالات الكبري في الأونيسكو في 18 نيسان (ابريل) 2003، أي بعد اقل من عشرة أيام علي احتلال بغداد، والذي حضره الآلاف من المواطنين وتكلم فيه ممثلو القوي المشاركة في الحملة الأهلية وسط حصار إعلامي خانق تخلله تشويه متعمد لهذه التظاهرة القومية يحمل في طياته تبرما متوترا من هذا الإصرار علي متابعة التضامن مع العراق المحتل، بعد تضامننا مع العراق المحاصر لأكثر من 13 عاما، ومع العراق المواجه لأشرس عدوان وغزو علي مدي أسابيع ثلاثة.

 

لم يكن ذلك الحصار الإعلامي مجرد تعبير عن رغبة محمومة ومدفوعة الأجر في صرف الأنظار تماما عن كل ما يتعلق بالعراق فقط لكي يستتب الأمر للمحتل وأدواته الإمساك الكامل بمقاليد العراق ومقدراته، بل كان أيضا جزءا من خطة إعلامية كبري أنفقت عليها المليارات، واستخدمت فيها، وما تزال، كل وسائل التعتيم والتضليل والتشويه تنفيذا لتكتيك إعلامي شهير أرسي قواعده غوبلز الشهير وزير إعلام هتلر علي أساس أن تكذب.. وتكذب.. وتكذب، فلا بد أن يصدق الناس بعض كلامك .

 

غير أن الكذب هذه المرة كان يعتمد علي آليات التطور الهائل في وسائل الاتصال والإعلام ونقل المعلومات، وكان منخرطا فيه رئيس الدولة الأكبر جورج دبليو بوش ومعاونوه الذين لم يخرجوا من كذبة علي شعبهم والعالم الا ليدخلوا في كذبة أخري، فكانت الأجواء الممهدة للعدوان ملوثة بمزاعم كاذبة، وكانت الأجواء المرافقة للعدوان مليئة بالمعلومات الكاذبة، تماما كما كانت الأجواء اللاحقة للعدوان محشوة بادعاءات ووعود كاذبة يستغرق سردها ساعات طويلة، لعل أبرزها دون شك الادعاء بنشر الديمقراطية في العراق وسط سموم المفردات والمصطلحات والمحاصصات العرقية والطائفية والمذهبية، وفي زنازين أبي غريب وكوبر والمئات غيرها من المعتقلات الأمريكية والبريطانية وملاجيء وزارة الداخلية، تماما كما الوعود المتلاحقة بالقضاء علي المقاومة خلال أسابيع، وبعد كل عملية أمنية كبري، يعطي لها اسم، خاص مطعم بكل أنواع الخناجر والرماح، والتي لم تترك مدينة عراقية في الشمال والغرب والوسط والجنوب العراقي، إلا وعرّضتها لدمار منهجي شامل، استخدمت فيها أسلحة محرمة دوليا، كالفسفور الأبيض في الفلوجة، ومع ذلك لم تكن تلك العمليات تنتهي إلا ويخرج المجاهدون منها أكثر قوة، وأكثر عزيمة علي ملاحقة العدو.

 

وكلكم يذكر تلك الحملة الواسعة من التضليل الإعلامي التي كان يقوم بها المحتل اثر أية عملية اعتقال أو اغتيال موحيا انه قضي بها علي رأس المقاومة، وان نهايتها باتت قريبة وحتمية، ليكتشف العالم كله أن المقاومة باتت أكثر قوة واندفاعا لانها مقاومة شعب باسره، قبل ان تكون مقاومة فرد او قائد او حزب او جماعة.

 

الم تسمعوا بالضربات القاصمة للمقاومة بعد اعتقال نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان ثم بعد اغتيال الشهداء عدي وقصي ابني الرئيس العراقي الاسير وحفيده الشهيد مصطفي في تموز/يوليو 2003، ثم اثر اعتقال الرئيس العراقي نفسه في 15 كانون الاول/ديسمبر 2003، وقد اعلن المحتل يومها انه اسير حرب فاذا به يحال مع رفاقه الي محكمة غير شرعية بكل المقاييس والقوانين، المحلية منها والدولية، وبكل الاتفاقات المعنية بادارة شؤون المناطق المحتلة او بمعاملة اسري الحرب.

 

انني اذ خصصت هذا الجزء من حديثي اليوم للإعلام فلأنكم تدركون ان جزءا رئيسيا من الحروب والضغوط والمناورات التي تواجهنا اليوم بات إعلاميا، وان العديد من الاعلاميين الاحرار او المخلصين لمهنتهم باتوا امام خيارين لا ثالث لهما، اما الانسياق في خدمة هذه الآلة الاعلامية العظمي التي تقودها دائرة ضخمة في البنتاغون شكلت عشية الحرب علي العراق، واطلق عليها دائرة التضليل الاعلامي وخصصت لها المليارات، او ان تلتحق بقافلة شهداء الصحافة الذين بلغ عددهم في العراق اكثر من 40 شهيدا، بدءا بالشهيد طارق ايوب وصولا الي الشهيدة اطوار بهجت مرورا بوليد خالد ناهيك عن اغلاق فضائيات وتفجير مكاتب، وتهديد اعلاميين.

 

ولقد روي لي احد الاصدقاء العراقيين العارفين بمجريات الامور ان كثيرا من الصور التلفزيونية التي تبث حول الاضرار التي الحقتها عملية المقاومة باحياء في المدن العراقية، انما تكون بالاصل عملية ناجحة ضد قافلة عسكرية امريكية، فيحاصر المحتل المنطقة ويخلي الاليات والاصابات الامريكية، ثم يصور مسرح العملية لتبدو وكأنها استهدفت بالاصل الاحياء المدنية العراقية، وقد دفع هذا التكتيك الاعلامي ببعض تشكيلات المقاومة الي ان تصور عملياتها وتبث الصور، لتواجه عبر مواقع محدودة للانترنت حربا اعلامية سخرت لها الطاقات والامكانات ووسائل الضغط المختلفة، ناهيك عن المليارات من الدولارات ساهمت بتوفيرها مع الاسف حكومات عربية، وبالحماسة ذاتها التي ساهمت بتوفير ظروف نجاح العدوان علي العراق، متناسية في كل ذلك، ليس مواثيق الاخوة والمعاهدات الملزمة، بل ان في سقوط العراق وانهياره، لا قدّر الله، سقوطا لدول وكيانات وانظمة عربية واسلامية عديدة في المنطقة.

 

ويدرك العراقيون جيدا ان الكثير من العمليات التي تستهدف تجمعات مدنية عراقية، وبيوت عبادة علي انواعها انما يقف وراءها الاحتلال وادواته واعوانه، بل والموساد الصهيوني الذي دخلت شبكاته العراق مع قوات الاحتلال، وذلك لتحقيق اغراض ثلاثة اولها تشويه صورة المقاومة بعد ان يئس المحتل من القضاء عليها، وثانيها الانتقام من الشعب العراقي الذي تثبت كل الاستطلاعات رفض اكثريته الساحقة للاحتلال، وثالثها التمهيد لحرب اهلية تكون مبررا لبقاء الاحتلال من جهة ومدخلا لتقسيم العراق والمنطقة بأسرها من جهة أخري، وهو التقسيم الذي كشفت الكثير من الوثائق عن انه مشروع صهيوني قديم ألبسته تل أبيب وواشنطن لباس مشروع الشرق الاوسط الجديد او الكبير.

 

ويتساءل هؤلاء العراقيون، ونحن معهم، بأنه اذا كانت المقاومة فعلا، كما يصورون هي لقتل الشعب العراقي، فمن اين جاءت هذه الخسائر البشرية والعسكرية المتعاظمة في صفوف جيش الاحتلال، وقد بلغت الاف القتلي، حتي في الشهادات الرسمية (وصل الرقم بالامس الي 2562 عسكريا امريكيا وبريطانيا)، وبعشرات الاف الجرحي، حيث اعترف مدير المستشفي العسكري الامريكي في المانيا نفسه ان عدد الجرحي الذين استقبلهم مستشفاه قد بلغ الي اسابيع مضت، اكثر من 16 الف جندي، أكثر من 54% منهم ـ حسب مصادر البنتاغون نفسه ـ لم يعد صالحا للعودة الي الخدمة العسكرية مرة اخري.

 

وفي اكثر التقديرات الامريكية تفاؤلا ان اكثر من ثلث القوات الامريكية في العراق قد خرج من المعركة فعليا اما كقتيل او كجريح او كمريض عقليا ونفسيا (بلغ عددهم اكثر من 600 عسكري) او كفار من الخدمة، حيث بلغ عدد الفارين الي كندا وحدها حوالي اربعة الاف عسكري، بالاضافة الي ثلاثة الاف فروا من الخدمة، ناهيك عن النسبة العالية من الضباط الشباب الذين يتركون الخدمة في القوات المسلحة فور انتهاء عقود عملهم.

 

ففي مقالة له في نيويورك تايمز قبل ايام اعلن توم شنكر ان اكثر من ثلث خريجي عام 2000 من اكاديمية وست بوينت العسكرية الذائعة الصيت، قد تركوا الخدمة الفعلية لحظة انتهاء مدة العقد الذي وقعوه بعد تخرجهم، وكشف ان حوافز عديدة تقدمها القيادة العسكرية لجذب الضباط الشباب الي تمديد عقود الخدمة في الجيش الامريكي.

 

ولمزيد من الاطلاع علي الحالة النفسية للجنود الامريكيين في العراق، نشرت دراسة مشتركة لمؤسسة الزغبي الدولية ولكلية لوموين ان 72% من الجنود الامريكيين دعوا الي الانسحاب من العراق في مدد لا تزيد عن 12 شهرا، بينهم 29% دعوا الي انسحاب فوري لهذه القوات.

 

وفي استفتاءات اجرتها بشكل مشترك جريدة الواشنطن بوست مع شبكة A.B.C. للانباء، ونشرتها امس في 11/4/2006، انعكس بوضوح مزاج الجنود الامريكيين في العراق علي اهلهم داخل الولايات المتحدة، حيث بلغت شعبية الرئيس بوش الابن ادني مستوياتها منذ توليه الرئاسة أي 38% فيما بدا ان اكثر من ثلثي الشعب الامريكي غير راض عن ادارته لشؤون بلاده.

 

وتبرز اهمية هذه الاستطلاعات انها تأتي عشية الانتخابات النصفية للكونغرس الامريكي حيث سيعاد انتخاب نصف اعضاء الكونغرس، وكل اعضاء مجلس النواب في الخريف القادم، مما قد يؤدي الي فقدان الرئيس بوش للغالبية الجمهورية في المجلسين، والتي تمتع بها حتي الآن في سنوات حكمه منذ عام 2000، ومما قد يزيد من احتمالات لجوء الاغلبية الديمقراطية الي المطالبة باجراءات عزل بحقه (Impeachment) في ضوء اكاذيبه حول حرب العراق، وقضية التنصت، وقضايا الفساد التي غرق فيها كبار مساعديه، ناهيك عن فضيحة تسريب اسم عميلة الاستخبارات الامريكية للانتقام من زوجها السفير الذي رفض ان يشارك في كذبة الادارة حول شراء العراق من النيجر مواد تستخدم في اسلحة الدمار الشامل، وهي الفضيحة التي طالت حتي الان السيد ليبي كبير مساعدي نائب الرئيس ديك تشيني، والذي افاد امام لجنة في الكونغرس بان التسريبات المتهم بها قد جرت بأمر من البيت الابيض.

 

فهل نحن امام فضيحة ليبي غايت شبيهة بفضيحة واترغيت التي اطاحت بنيكسون عام 1974، بل هل نحن امام فضائح عراق غيت تودي بادارة كاملة نجحت في ازهاق ارواح الامريكيين، وزعزعة اقتصادهم، واعادة العجز الي ميزانيتهم بنسبة 500 مليار دولار (وهو رقم قياسي)، ناهيك عن تصاعد الديون الخارجية الي ارقام مذهلة.

واذا لاحظنا ان نسبة العجز هذه في الميزانية الامريكية تكاد تقارب نفقات الحرب في العراق وافغانستان، التي وصلت الي اكثر من 400 مليار دولار، نستطيع ان ندرك حجم التأثير الذي تحدثه المقاومة العراقية، ومعها المقاومة الافغانية، اساسا داخل المجتمع الامريكي.

 

ومن يتابع وسائل الاعلام الامريكية، خصوصا عشية الذكري الثالثة لاعلان الحرب العدوانية علي العراق وبعدها، ومن يواكب مسلسل الكتب الامريكية التي تصدر تباعا عن هذه الحرب، ومن يقرأ التقارير الصادرة عن مراكز الدراسات الامريكية لا سيما معهد بروكينغز، وتقارير اللجنة الدولية للازمات، وشهادات الخبير الاستراتيجي توني كوردسمان امام الكونغرس الامريكي، يدرك حجم الزلزال الذي احدثته المقاومة العراقية، داخل الادارة الامريكية، وداخل المجتمع الامريكي علي حد سواء، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو شهادة ثلاثة من كبار الضباط الامريكيين حول هذه الحرب.

ففي المقابلة التلفزيونية التي جرت في 2 نيسان/ابريل الحالي مع الجنرال انتوني زيني الذي كان قائدا للقيادة المركزية للقوات المسلحة الامريكية قال: ان وزير الدفاع رامسفيلد، مع آخرين، ينبغي مساءلته ومحاسبته عن العديد من الاخطاء التي ارتكبت في العراق وانه عليه ان يتنحي .

 

(*) كاتب وسياسي من لبنان

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أفريل 2006)

 


الفلسطينيون لن يركعوا

عبد الباري عطوان

 

القت العملية الفدائية الاستشهادية التي نفذها شاب فلسطيني في العشرين من عمره في قلب مدينة تل ابيب، تابع لحركة الجهاد الاسلامي، قنبلة شديدة الانفجار، في منطقة ملتهبة، فأحدثت حالة من الهلع والارتباك غير مسبوقة في مختلف العواصم العربية والعالمية.

فهذه هي العملية السادسة من نوعها في اقل من عام، وتكمن اهميتها في نجاح منفذها، والحركة التي تقف خلفه، في اختراق كل الدفاعات، واجهزة الاستخبارات، وحال الطوارئ القصوي المعلنة في اوساط الجيش والقوات الأمنية الاسرائيلية.

السور العنصري العازل لم يحم العاصمة الاسرائيلية، وجيش المخبرين العرمرم فشل في اختراق الخلية المنفذة، والأهم من هذا وذاك، ان هذا الانسان الفلسطيني الاعزل البسيط المجوع قادر علي الانتقام لشهدائه وبطريقة تحدث اثراً نفسياً هائلاً، وتفشل كل الاحتياطات الأمنية الاسرائيلية التي يتباهي اصحابها بدقتها وفاعليتها.

حكومة ايهود اولمرت التي ما زالت في طور التشكيل، تدرس الرد الملائم، وبالطريقة الملائمة مثلما قال رئيسها، تري ماذا يمكن ان تفعل اكثر مما فعلته جميع الحكومات السابقة وعلي مدي الستين عاماً الماضية؟

قوات الجيش الاسرائيلي تغير بشكل يومي علي مدن الضفة وغزة، وقتلت في الايام العشرة الماضية اكثر من عشرين شخصا بينهم اطفال، واعتقلت المئات من الناشطين الفلسطينيين، ولم يعد امامها الا خيار واحد، وهو اعادة احتلال قطاع غزة وباقي مدن الضفة الغربية، وهي ان فعلت تقدم خدمة كبيرة للشعب الفلسطيني وحركة حماس بالذات، لانها تضع بذلك حدا لظاهرة وهمية اسمها السلطة، ووجود رأسين لها، وتنقذ حكومة هنية من ازماتها الحالية، المالية منها والسياسية.

حركة حماس لا تستطيع ادانة هذه العملية، لانها قطعاً وفي القريب العاجل ستوعز لجناحها العسكري لتنفيذ عمليات مماثلة في قلب المدن الاسرائيلية، لأن الممارسات والمواقف الاسرائيلية والامريكية تدفعانها الي ذلك دفعا، وتعملان علي افشال حكومتها بكل الطرق والوسائل. فعندما تنهار الحكومات يعود اصحابها الي وظائفهم السابقة، ولا نعتقد ان حركة حماس ستتقاعد اذا ما وجدت نفسها مرغمة علي الخروج من السلطة نتيجة لعمليات الحصار والنبذ التي تواجهها حالياً.

الادارة الامريكية تتحمل مسؤولية تدهور الاوضاع في الارض المحتلة، لانها لم تنظر بعين العطف، ولو لمرة واحدة، لشهداء فلسطين، والاطفال منهم خاصة، ولم تستمع لاستغاثات الرئيس الفلسطيني بالتدخل لوقف مسلسل القتل الاسرائيلي، التي نوهت بادانته للعملية، بل وجهت له ادانة من العيار الثقيل عندما هدد مندوبها في مجلس الأمن جون بولتون باستخدام الفيتو ضد مشروع بيان، وليس مشروع قرار في المجلس، يطالب اسرائيل بوقف عدوانها علي الشعب الفلسطيني.

السيد عباس ربما يكون قد حصل علي رضا البيت الابيض وبعض الحكومات الاوروبية عندما وصف عملية تل ابيب بـ الحقيرة ، وادانها بأقوي الكلمات واشدها، ولكنه خسر الكثيرين في اوساط الشعب الفلسطيني، ولم يكن مستغرباً ان تطالبه مجموعة من فصائل المقاومة بتقديم اعتذار واضح وصريح عن هذه الهفوة.

خان التوفيق السيد عباس بكل تأكيد، كلمة الحقيرة التي استخدمها في وصف العملية غير موجودة في جميع القواميس السياسية، العربية او الاجنبية، ولا نذكر ان زعيماً سياسياً، كبر حجمه أو صغر، قد استخدمها، او مثيلاتها، في هذا الاطار او غيره.

الشعب الفلسطيني لم يعد لديه ما يخسره، فلم يكن في نعمة حتي يفقدها بفعل العملية الاخيرة، كما ان الانسحابات الاسرائيلية لم تسر علي قدم وساق من الاراضي المحتلة حتي تعرقلها. فهذا الشعب يواجه عمليات تجويع ظالمة عقابا له علي تصديقه اكذوبة الديموقراطية الامريكية واختياره من يعتقد انهم يمثلون مصالحه الحقيقية وتطلعاته الوطنية، من خلال انتخابات كتب العالم معلقات المديح في نزاهتها.

حكومة حماس ستغادر السلطة ان عاجلا ام آجلاً، بسبب الضغوط الامريكية والعربية، او نتيجة لأي اجتياح اسرائيلي جديد، ولكن هل يملك هؤلاء الذين يقاطعونها ويجوعون الشعب الفلسطيني بسببها خطة بديلة، او مشروع سلام حقيقي يعطي الشعب الفلسطيني الأمل في مستقبل افضل؟

لا أحد يؤيد قتل المدنيين ايا كانت هويتهم، ونحن منهم، ولكن ماذا عن مدنيينا؟ اليسوا بشراً، واطفالنا الا يستحقون الحياة ايضاً، واسرانا الذين تطفح بهم السجون الاسرائيلية الا يستحقون نظرة عطف علي مأساتهم والمعاملة الوحشية التي يقاسون منها علي ايدي الجلادين الاسرائيليين؟

التعريف الغربي الرسمي المتداول للارهاب يقول بانه قتل مدنيين غير مشاركين في العمليات العسكرية ، ولو طبقناه علي اسرائيل سنجد انها الدولة الأكثر ممارسة للارهاب في العالم، فقد قتلت وحسب الاحصاءات الرسمية الاسرائيلية حوالي 3600 مدني فلسطيني ربعهم من الاطفال تحت سن السادسة عشرة، مقابل مقتل 660 اسرائيليا، اي ان القوات الاسرائيلية قتلت خمسة اضعاف ما قتله الفلسطينيون في عملياتهم الفدائية.

نستغرب هذه الضجة الغربية ضد العمليات الاستشهادية، التي لا نتفق معها، فكأن القتل بهذه العمليات جريمة كبري لا تضاهيها اي جريمة اخري في البشاعة، بينما قتل الفلسطينيين بقذائف الدبابات والطائرات ورصاص الجنود الاسرائيليين هو قتل حلال مباح تقره الشرائع الوضعية والالهية وميثاق الامم المتحدة.

الرسالة الواضحة التي تحملها هذه العملية الي القيادة الاسرائيلية والعالم الغربي الذي يدعمها، تقول وباختصار شديد انه لن ينعم الاسرائيليون بالأمن طالما ان الشعب الفلسطيني محروم منه.

تجويع الشعب الفلسطيني لن يزيد الا من طول طابور الشبان المقهورين المحبطين الذين يريدون ان يسيروا علي خطي منفذ عملية تل ابيب الاخيرة. فحجم الاذلال الذي يعيشه هذا الشعب علي ايدي الاسرائيليين والنفاق الغربي، والامريكي بالذات، جعل حياة معظم ابنائه بلا معني ولا قيمة.

جميع التلاميذ في مدارس العالم يتمنون ان يصبحوا مهندسين او اطباء او علماء او فنانين او طيارين، الا نظراءهم الفلسطينيين، فقد باتت الوظيفة المفضلة لهم هي الشهادة دفاعا عن كرامتهم، او انتقاما لاشقائهم او ابائهم الذين قتلوا برصاص الجنود الاسرائيليين، او يقبعون في السجون الاسرائيلية منذ سنوات.

الشعب الفلسطيني لم يركع، ولن يركع، فقد عاش ظروفاً اقسي بكثير من التي يعيشها حاليا، واقتات من حشائش الارض، وتفنن في مقاومة الجوع وتسويق الفقر لاطفاله، وانا واحد منهم، وظل دائماً مرفوع الرأس متمسكاً بثوابته الوطنية كاملة. ولذلك لن تنجح عمليات التجويع والحصار والارهاب التي يمارسها العالم بأسره ضده حالياً ان تحني هامته، ولن تمس من كبريائه الوطني.

 

(المصدر: افتتاحية صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.