الأربعاء، 14 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2487 du 14.03.2007

 archives : www.tunisnews.net


نشريّة المجلسالوطني للحريات بتونس  : الانتهاكات داخل السجون التونسيّة لا تزال متواصلة مراسلون بدون حدود: الحكم على صحافي بالسجن لمدة عام وشهرين في الاستئناف يو بي آي : وزير تونسي: لا نقبل دروسا في الفقه الإسلامي من أي جهة كانت سليم بوخذير: 20 سنة من حُكم الرئيس بن علي في تونس.. عهد تغيير . . أم عهد ترهيب؟ د. عبد المجيد النجار: حوار هادئ مع هيئة 18 أكتوبر: أحمد نجيب الشابي: لبنة أولى في صياغة « عهد ديمقراطي » تتوافق عليه كل القوى د. رجاء بن سلامة : للذكر مثل حظ الأنثيين (2):الثّغرة داخل الحصن عبد المجيد الحواشي :الحجاب وما خلف الحجاب في تونس   عبد الباقي خليفة: الحصاد المر للعلمانية في تونس الرابعة في نسبة الطلاق عالميا الطاهر العبيدي :هوامش من كتابات دون حبر النوري لـ »لموقف » : الوحدة هي الوسيلة المثلى لإصلاح الأوضاع الموقف: بعد إصدار أكثر من برقية إضراب:من المسؤول عن الأزمة التي يعيشها قطاع التربية؟ الموقف:القطاع الموازي في تونس: تخريب للتنمية وإجهاض للتحديث الحياة: مصانع فرنسية وألمانية وأميركية تنقل بعض فروعها إلى تونس الصباح: «الإستثمار في تونس والتحدّيات المستقبليّة»: المشكـلــة الأساسيّـــة الصباح: مساعد وزير الخارجية الألماني في زيارة عمل إلى تونس الصباح: بين تونس وليبيا:انطلاق تطبيق قرار مبدإ المعاملة الوطنية على منتوجات البلدين وإلغاء كلّ العراقيل… زهير الخويلدي: صنمية الصورة في الفضائيات العربية عامر عياد: الصومال بين واقع الاحتلال وأفاق التحرر عبدالباقي خليفة: الحريات الاربع جمال الدين أحمد الفرحاوي:رجاء  الإصغاء


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


نشريّة المجلس – مارس 2007

الانتهاكات داخل السجون التونسيّة لا تزال متواصلة

سجّل المجلس الوطني للحريات بتونس في الفترة الأخيرة العديد من الانتهاكات في حق المساجين السياسيين والموقوفين ضمن قانون مكافحة الإرهاب.

 حرمان السجين السياسي عبد اللطيف بوحجيلة من الزيارة لأكثر من شهرين

لم يتمكّن السيد عبد المجيد بوحجيلة والد السجين عبد اللطيف من مقابلة ابنه منذ 3 أشهر وكانت آخر زيارة له يوم 12 ديسمبر 2006. وكان قد أعلم والده  في آخر زيارة أنّه مضرب عن الطعام منذ يوم 4 نوفمبر 2006 من أجل التمتع بحقه في العلاج ومن أجل تمكينه من رفع قضية عدلية ضد المدعو « توفيق » رئيس القسم المسؤول المباشر عن العلاج داخل سجن المرناقية الذي اعتدى عليه بالعنف.

هذا و قد حرم والد السجين عبد اللطيف بوحجيلة يوم الثلاثاء 6 مارس 2007 من رؤية ابنه بتعلّة أن  إدارة السجن لا تملك كرسيّا متنقّلا للمعاقين، وأنّ عبد اللطيف بوحجيلة  غير قادرا على المشي خاصة بعد إضرابه عن الطعام الأخير.

علما وأنّ القانون المنظم للسجون ينصّ على أنّ عقوبة السجين لاتتجاوز 10 أيام « سجن انفرادي » ولا تتجاوز 15 يوما من الحرمان من الزيارة طبق الفصل 22.

مضايقات متواصلة للسجين السياسي أيمن الدريدي وعائلته

 لم تتمكّن عائلة الموقوف ضمن قانون مكافحة الإرهاب السيد أيمن الدريدي من التمتّع بحقّه في زيارة والدته يوم 17 فيفري 2007، إذ وقع قطع الزيارة بعد 5 دقائق من بدئها وذلك عندما حاول أيمن الدريدي إعلام والدته بالظروف السجنية وبأشكال التعذيب التي يتعرض لها هو ويتعرض لها غيره من السجناء، حيث ذكر لوالدته أنّه تعرض للتعذيب خلال قضائه فترة العقوبة « بالسيلون » من قبل  أعوان هم : سفيان بن رمضان وعباس العسكري ونجيب بوناب ومحمد العوادي.. كما تعرّضت والدته هي الأخرى إلى اعتداء لفظي من قبل أعوان السجن بباجة بعد أن تم طردها واتهامها بالتطاول على أعوان الحراسة عندما احتجت عن معاملتهم لابنه وعن حرمانه من الحصول على الحوالة البريديّة التي بعثتها له منذ بداية شهر جانفي من مكتب بريد باجة. هذا ويذكّر المجلس أنّه وقع  حرمان السيد أيمن الدريدي  من الزيارة يوم 3 فيفري 2007 بتعلّة كونه محل عقوبة سجنية.

رقابة مشددّه على زيارات المساجين السياسيين

تفرض إدارات السجون رقابة مشدده على المساجين السياسيين أثناء زيارة عائلاتهم إذ يتم توصية المساجين قبل دخول بهو الزيارة بعدم الحديث عن غير الشؤون العائلية وبعدم التطرق إلى موضوع قضاياهم والاتصالات بالمحامين والمنظمات الحقوقية. وفي معظم الأحيان يتم قطع الزيارة في صورة مخالفة تلك التعليمات.

يحضر موظفون من وزارة الداخلية بالزي المدني إلى جانب السجناء الموقوفين بموجب قانون مكافحة الإرهاب بعد المواجهات المسلحة الأخيرة لتخويفهم في صورة الحديث عن شؤون غير عائلية.

أمّا سجين الانترنت رمزي بالطيبي فيتم تهديد شقيقه من قبل مدير السجن بقطع الزيارة في صورة الحديث عن المحامين والمنظمات.

الحرمان من حق الفسحة

يحرم المساجين الموقوفين في القضية التحقيقية عدد 7717 /1 من الفسحة اليومية. وهم موزّعون على غرف ضيقة تنعدم فيها التهوئة مغلقة عليهم كامل اليوم. وهو ما يعدّ خرقا فاضحا لقانون السجون الذي ينصّ على أنّه « يحق للسجين الخروج للفسحة اليومية بما لا يقل عن ساعة » الفصل 19.

سجن انفرادي دون موجب لوليد العيوني

يقيم السجين السياسي وليد العيوني الموقوف بموجب قانون مكافحة الإرهاب بسجن المرناقية في غرفة انفرادية ضيّقة تنعدم فيها التهوئة ولا تتسع لغير سرير واحد. وذلك منذ إيداعه بالسجن يوم 16 جانفي الماضي، رغم أنّ الإقامة بالسجن الانفرادي يحددها قانون السجن في فصله 22 بأن لا تتجاوز 10 أيّام « بعد أخذ رأي طبيب السجن وأن تتوفر فيها المرافق الصحية ».  

حرمان سجناء من حق العلاج

تعمّدت إدارة سجن المرناقيّة بتونس حرمان السجين خالد العرفاوي المحكوم بـ5 سنوات سجنا في قضية متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب، من حقّه في المعالجة، بعد أن أصيب بانتفاخ في وجهه ناتج عن عدم تلقّيه العلاج من طرف طبيب أسنان مختصّ رغم توصية طبيب السجن المباشر لحالته بذلك.

كما يحرم السجين الموقوف هشام السعدي من العلاج بعد أن تراجعت الحالة الصحّية لرجله اليمنى التي أصيب فيها بكسر إثر سقوطه من نافذة أحد مكاتب المحكمة يوم 10 أكتوبر 2006، فقد أصبح يعاني من أوجاع ومن انتفاخ في مستوى الإصابة.

 

تونس 13.03.2007

الحكم على صحافي بالسجن لمدة عام وشهرين في الاستئناف

في 9 آذار/مارس 2007، حكم على الصحافي محمد فوراتي بالسجن لمدة عام وشهرين في محكمة الاستئناف في قفصة (على بعد 400 كلم جنوبي تونس) إثر نشره مقالاًَ يثبت انتماءه إلى الحركة المعارضة النهضة على الصحيفة الإلكترونية أقلام في العام 2002 فضلاً عن مقال آخر حول جمع أموال مخصصة لأسرة معتقل سياسي.

في هذا الإطار، أعلنت المنظمة: « يؤكد إصرار القضاء والسلطات التونسية على اتهام محمد فوراتي رغبتها في إسكات الأصوات المعارضة. فلا تقبل الحكومة أي معارضة في الصحافة التقليدية أو على الإنترنت. وتكفي حالة محمد عبو المعتقل منذ آذار/مارس 2005 لنشره مقالات انتقد فيها الرئيس لتذكرنا بذلك ».

في العام 2002، اتهم محمد فوراتي بإنشاء علاقات مع وحدة معنية بمساعدة أسر المعتقلين السياسيين ونشره مقالاً حول جمع الأموال لصالح أسرة عبد الحميد لوحيشي على صحيفة أقلام الإلكترونية التي تتناول قضايا المغرب.

منذ العام 2002، أصدرت محكمة الاستئناف في قفصة قراراً يقضي بعدم وجود أي وجه لإقامة الدعوى لمرتين بحق محمد فوراتي. ولكن النيابة العامة غير الراضية عن هذا القرار قد نقضته وتوصلت إلى فرض إعادة محاكمة الصحافي في الاستئناف. وبناء عليه، حكم على محمد فوراتي بالسجن في 9 آذار/مارس 2007.

إلا أن السلطات لن تتمكن من احتجاز محمد فوراتي لأنه يعمل في صحيفة الشرق في قطر. ولكنها ترفض السماح لزوجته بمغادرة البلاد للإنضمام إليه.

الجدير بالذكر أن محمد فوراتي كان مراسل وكالة الصحافة قدس برس التي يقع مقرها في لندن كما أنه سكرتير تحرير صحيفة الموقف التابعة للحزب الديمقراطي التقدمي وعضو في نقابة الصحافيين التونسيين غير المعترف بها رسمياً.

تذكر مراسلون بلا حدود بأن المحامي محمد عبو لا يزال قابعاً وراء القضبان منذ آذار/مارس 2005 لنشره مقالاً في آب/أغسطس 2004 انتقد فيه التعذيب الذي يتعرّض له المعتقلون السياسيون في تونس وسجن أبو غريب.

(المصدر: موقع منظمة « مراسلون بدون حدود » بتاريخ 13 مارس 2007)

الرابط: http://www.rsf.org/article.php3?id_article=21294


منتدى  الجاحظ دعــوة

 
ينظم منتدى الجاحظ أمسية فكرية ينشطها الدكتور عياض بن عاشــور تحت عنوان:

الاسلام في عصر العولمة.. أي مستقبل ؟

وذلك  يوم الجمعة  16مارس 2007 على الساعة السادسة  مساء بمقر المنتدى شكرا


تتشرف جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي بدعوتكم لحضور

 

ندوة  حول العفو التشريعي العام
   ينشطها الاستاذ محمد النوري 

و ذلك

يوم الجمعة 16 مارس 2007 على الساعة الرابعة  بعد الظهر

. بمقرها الكائن  40 نهج بلجيكا بنزرت شكرا


 

وزير تونسي: لا نقبل دروسا في الفقه الإسلامي من أي جهة كانت

 
تونس ـ يو بي آي: قال أبو بكر الأخزوري وزير الشؤون الدينية التونسي إن بلاده لا تقبل دروسا في الفقه الإسلامي من أي طرف أو طائفة أو جهة كانت. ودعا في كلمة ألقاها خلال ندوة دينية بمدينة قابس جنوبي تونس العاصمة، نشرت مقتطفات منها امس الثلاثاء 13 مارس 2007، الكوادر الدينية في بلاده إلي المساهمة في تحصين الناشئة مما وصفه بأخطار التيارات الفكرية الهدامة. وشدد علي ضرورة تجذير الهوية لدي فئة الشباب، و تفتيح بصائرها وأعينها علي الاخطار والإنزلاقات التي يمكن أن تؤدي لها التوجهات السلفية ذات النزعة الإرهابية المتسترة بالدين علي حد تعبيره. وتركز السلطات التونسية منذ فترة قصيرة علي فئة الشباب، وأهمية العمل من أجل تحصينها كي لا تتوجه إلي التيارات السلفية، كما ما انفكت تدعو المرأة في بلادها إلي الدفاع عن مكاسبها من خلال التصدي للتيارات السلفية. واتّخذت هذه الدعوات شكل الحملة الموجهة منذ الإعلان عن المواجهة المسلحة التي شهدتها تونس في مطلع العام الجاري بين قوات الأمن ومجموعة وصفت بأنها سلفية إرهابية ، والتي انتهت بمصرع 12 فردا من عناصر المجموعة المسلحة، واثنين من رجال الأمن، واعتقال 15 مسلحا من هذه المجموعة. وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد شدد في وقت سابق علي ضرورة الإهتمام بالشباب، وعلي أهمية دفاع المرأة عن مكاسبها تصديا لتيارات الرجعية والتطرف والإنغلاق .. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 مارس 2007)


 

20 سنة من حُكم الرئيس بن علي في تونس..

عهد تغيير .. . أم عهد ترهيب؟

 بقلم : سليم بوخذير

جاءت الدعوة التي أطلقها في الفترة الماضية الوزير الناطق الرسمي للرئيس التونسي زين العابدين بن علي ، و التي تبنّتها بعد الوزير أطراف قريبة من الرئيس منها الجمعيات المساندة له ، بترشيحه للإنتخابات الرئاسية المُقرّرة في 2009 ، لتطرح أكثر من تساؤل عن وعود الرئيس التونسي منذ 20 عاما بالضبط من الآن عندما صعد إلى دُفّة الحكم ، بإلغاء الرئاسة مدى الحياة .

هذه الدعوة لقيت كالعادة إنتقادات المُعارضة حيث أجمعت أحزاب التكتل الديمقراطي و المؤتمر من أجل الجمهورية و حزب العمال و حركة النهضة و غيرها من الأحزاب ، على وصفها بأنّها إستهانة جديدة بحقّ الشعب التونسي في تداول سلمي على الحكم ، على حد وصفها .

و قد كان ردّ الفعل هذا منتظرا من أحزاب المعارضة التي عُرفت منذ سنوات بتشكيكها في أي نيّة للرئيس التونسي في أن يسمح بتداول على المنصب الذي صعد إليه منذ 20 عام ، و كانت قد عبّرت عن هذا التشكيك لا سيما في عام 2001 عندما أدخل الرئيس التونسي تعديلات على الدستور سمحت له بالترشّح لولاية ثالثة في إنتخابات أكتوبر –تشرين الثاني 2004 .

إلاّ أنّ هذه الدعوة الجديدة للتمديد للرئيس بن علي لولاية رابعة كانت تبدو محلّ رضاء من قبل المراقبين لو أنّ فترة حكمه التي إمتدّت الآن على 20 عام ضمّت في رأيهم ما يحفز البلاد إلى المُراهنة على سياسته ل5 سنوات أخرى تبدأ من عام 2009 . فما يحسبه البعض لمرحلة العشرين سنة التي حكم فيها الرئيس بن علي هو تحقيقها لمؤشّرات تُعتبر طيبة على صعيد النموّ الإقتصادي لا تقلّ سنويّا عن 4 بالمائة حسب الأرقام الحكوميّة الرسميّة في تونس ، و هو أمر كان من المفروض في رأي البعض أن يجلب التأييد لفكرة التمديد لبن علي .

بيْد أنّ المُنتقدين يعتبرون أنّ الشعب التونسي لم يجن ثمار هذه المؤشّرات الإقتصادية الطيّبة في ظلّ ما يصفونه بالفساد الإداري و المالي الكبير المُنتشر في مؤسّسات الدولة و الذي إنعكست دلائله في رأيهم على الرُّتبة المتقدّمة التي إحتلّتها الدولة التونسية في ترتيب منظّمة الشفافيّة العالمية الأخير للدول المُنتشر فيها الفساد .. و من دلائل ما يصفه المُنتقدون بظاهرة الفساد في البلاد أيضا ، هذا الإنحدار في الطاقة الشرائيّة للطبقة الوسطى في تونس الذي سجّلته العشرين سنة الأخيرة بشكل لا ينسجم مع بلد يحقق نُموا إقتصاديا متواصلا سنويّا ، و الطبقة الوُسطى هي في الواقع الطبقة الأكثر عددا في المجتمع التونسي ، ممّا جعل المنتقدين يصفون الأمر و كأنّه الدليل الأكبر في نظرهم على أن النموّ الإقتصادي الذي شهدته تونس إنّما جنت ثماره لوحدها أياد قريبة من الحكومة و « تماسيح » كبيرة الحجم قليلة العدد تُمثل نسبة ضئيلة من المواطنين ، في ظلّ الفساد القائم .

و من جهة أخرى ، لم تنجُ تونس من إنتقادات منظّمات و هيئات دولية عديدة مشهود لها بالحياديّة بل و حتّى دول و تجمّعات إقليميّة كبيرة في مقدّمتها الإتحاد الأوروبي المُرتبطة به تونس بإتفاقيّة شراكة ، على صعيد نواح أخرى تُعيق الإقرار لمرحلة العشرين سنة الأخيرة بأيّ إستقرار إجتماعي حقّقته ، من ذلك الإتّهام المُتجدّد من هذه الأطراف لجهاز القضاء التونسي بغياب أي إستقلاليّة له بشكل يُعيق التنمية و الأمن الإجتماعي حيث لا تنمية و أمن إجتماعي دون قضاء مستقل ، حتّى أنّ الإتحاد الأوروبي المُرتبطة به تونس بإتفاقيّة شراكة أعلن صراحة إنتقاده لتونس بسبب ما وصفه ب »إنتفاء إستقلالية القضاء في تونس  » .

على صعيد الأمن الإجتماعي أيضا يعتبر المُنتقدون أنّ إنتشار الفقر في السنوات الأخيرة في الأحياء ذات المعدّل السكاني العالي في المدن التونسية الكبرى و أوّلها العاصمة يقف خير دليل على عدم توفّق حكومة الرئيس بن علي على مدى 20 سنة من الحُكم رغم وعودها السابقة ، بالقضاء على الفقر بل إنّ إرتفاع نسب البطالة و الخصاصة في هذه الأحياء أدّى في نظر البعض إلى رفع نسبة الجريمة من أجل المال كجرائم النشل و السطو و القتل من أجل السرقة التي إرتفعت معدّلاتها حسب أرقام الخبراء المحلّيين بشكل مهول في السنوات الأخيرة ، و هو ما زاد من الإنتقادات لحصيلة 20 سنة من حُكم الرئيس بن علي ،فضلا عن إنحدار مستوى الخدمات الأساسية في البلد لاسيما في قطاع الصحة العمومية و النقل .

و على صعيد البناء الديمقراطي و مجال حقوق الإنسان و الحريات ، يعتبر المُنتقدون لحُكم الرئيس التونسي أيضا ، أنّ العشرين سنة الماضية كانت الأكثر زخما في نظرهم على صعيد سنّ التشريعات المُضيّقة للحريات العامة و الفردية بالبلاد من ذلك سنّ تضييقات على النشر عبر قانون الصحافة وتضييقات على صعيد تكوين الأحزاب و الجمعيات حيث مُنح لجهاز وزارة الداخلية لوحده الصلاحيّة المُطلقة للنظر في أمر الترخيص لهذا الحزب أو تلك الجمعية من عدمه ، و هو ما جعل حقّ الإختلاف مع السلطة يُصبح ممنوعا في البلد حسب عديد تقارير المنظمات الحقوقية حيث تمنع وزارة الداخلية الترخيص لأي حزب أو منظمة تخالف الحُكم في الرأي ، حسب هذه التقارير .

و بتلاحق قرارات المنع لأي نشاط للمخالفين من النّخب في البلد على مدى السنوات الماضية سواء كانوا سياسيين أو حقوقيين ، صارت تونس تنفرد عن غيرها من الدول في نظر العديدين بظاهرة المنظمات و الهيآت التي تُحصّل الإعتراف بها دوليا ، ولكنها في المُقابل تكون محظورة و مُحاصرة في الداخل من ذلك على سبيل المثال المجلس الوطني للحريات و مركز تونس لإستقلال القضاء و جمعية مساندة المساجين السياسيين و جمعية مناهظة التعذيب و المرصد التونسي لحرية الصحافة و النشر و أخيرا لا آخرا الرابطة التونسية لحقوق الأغنسان التي هي مرخّص لها لكن الحكومة منعت من النشاط منذ سبتمبر 2005 ، فضلا عن الأحزاب المحظورة .

زد على ذلك ما ناله عديد المخالفين لحُكم بن علي من عقوبات بالسجن وما سُجّل من إنتشار واسع لظاهرة التعذيب في المعتقلات التونسية حيث قدّرت التقارير الحقوقية وفاة ما لايقلّ عن 50 شخص في المعتقلات جراء التعذيب و سُوء المعاملة و إرتفاع عدد السجناء السياسيين ليفوق 500 حاليا يقضون عقوباتهم فيما قُدّر عدد الذين قضوا عقوبات بالسجن في تونس بسبب الرأي بالآلاف في العشرين سنة الأخيرة بينهم شخصيات علمية و صحفية و فكرية و دينية ، كما إنتشرت في تونس للأسف أشكال أخرى من الإعتداء على الحرية الفردية من ذلك الإعتداء على حرية اللباس بالنسبة للنساء (الحجاب) رغم ما تحقّق في تونس من أشواط كبيرة في مجال حقوق المرأة و تضمين حرية اللباس في القوانين التونسية .. هذه الحال الموصوفة بالسيئة جدا على صعيد أوضاع الحريات و حقوق الإنسان تعارضت تماما مع البند الثاني من إتفاقية تونس مع الإتحاد الأوروبي الذي ينصّ على صيانة الشريك التونسي لحقوق الإنسان و الحريات ، ممّا كثف من وتيرة الإنتقاد الأوروبي فضلا عن الإنتقاد الداخلي من المجتمع المدني .

و فضلا عن كلّ هذا يعتبر المنتقدون أن 20 سنة من حُكم الرئيس بن علي أخطأت بإتباع سياسة تعليمية و ثقافية كانت في ظاهرها تهدف إلى تجفيف منابع الإسلام السياسي لكنّ المنتقدين يقولون إنّها في باطنها قطعت إرتباط الأجيال الجديدة بالهوية الثقافية لا الإسلام السياسي ، بل إنّها أعطت الفرصة في نظر عديد علماء الإجتماع لظهور طبقات كبيرة العدد من الجيل الجديد المهتزّ ثقافيا و حضاريا (حيث تمّ تهميش الإختصاصات الإنسانية و الحضارية في السياسة التعليمية في العشرين سنة الأخيرة في نظرهم ) ، ممّا أدّى إلى ظهور جيل جديد بلا ملامح حضارية تقريبا !! كما أن هذه السياسة التعليمية على مدى عقدين من الزمن أدتّ حسب الاحصائيات الأخيرة إلى إنتاج آلاف مؤلّفة من حاملي الشهادات العليا دون شغل و هي ظاهرة كانت غريبة إلى سنوات ماضية عن الجامعة التونسية حينما كان التشغيل متيسّرا لأصحاب الشهادات بعد التخرّج .

20 سنة من حُكم الرئيس بن علي في تونس تميّزت بتسجيل أرقام مقبولة على صعيد النموّ الإقتصادي لكنّ هذا النموّ لم ينتفع به عموم للتونسيين و لم يقترن بشفافية و نزاهة في العلاقة بين القائمين على مؤسسات الدولة وبين المال العام و لم يُصاحبه إستقلال قضاء و تتبّع للأيادي الناهبة في جهاز الحُكم ولا صاحبه إطلاق للحريات و إرساء للديمقراطية و لحقّ التونسيين في الإنتخاب الحرّ والغاء ظاهرة الإعتقال و التعذيب لأصحاب الرأي المُخالف و منح الحق للأحياء الفقيرة في التنمية و تمتيع الأجيال الجديدة بتعليم سليم والمضامين و المناهج و إرساء إستقلال القضاء و علويّة القانون و غيرها من المطالب المشروعة للتونسيين. ولذلك بدت فكرة التمديد للرئيس بن علي ، بالنسبة للتونسيين « نشازا » كبيرا لا يستطيعون قبوله بعد 20 سنة من حكمه ..

(*) كاتب وصحافي تونسي

(المصدر: صحيفة الوطن (اليكترونية – أمريكا) بتاريخ 13 مارس 2007)

الرابط: www.watan.com


حوار هادئ مع هيئة 18 أكتوبر

د. عبد المجيد النجار – أستاذ جامعي مقيم بباريس abdelmajidn@yahoo.com صدر مؤخرا عن هيئة 18 أكتوبر إعلان يتعلّق بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الموافق ليوم 8 مارس من كلّ عام.وقد كان هذا الإعلان ثمرة لحوار واسع دار بين مجموعة من العائلية الثقافية والسياسية هي العائلات المنضوية تحت هيئة 18 أكتوبر المعارضة للنظام الحاكم في تونس. إنه لا يسع المرء حينما يكون مواطنا مخلصا حاملا لهمّ الشأن السياسي والثقافي في تونس إلاّ أن يبارك كلّ حوار يدور بين المكوّنات الثقافية والسياسية للمجتمع التونسي متعلّقا بالقضايا ذات الاهتمام المشترك، وخاصّة منها تلك التي لها مدخل معتبر في تقرير المستقبل الاجتماعي للبلاد بمظاهره المختلفة، وفي بناء الوحدة الوطنية على أصول قويمة من التوافق على القواسم المشتركة الكبرى، وعلى ثقافة متينة يُدار بها الخلاف فيما هو مختلف فيه بأسلوب سلمي حضاري. وأحسب أنّ الحوار في مثل هذه القضايا ومن أجل هذه الغاية يكون أدعى إلى مباركته وتشجيعه والدفع إليه كلّما كان دائرا بين الأطراف التي تكون أكثر تباعدا في رؤاها السياسية، وفي قناعاتها الثقافية والإيديولوجية، إذ بذلك تتوفّر الفرصة لنزع فتائل التوتّر التي قد تحدثها حدّة الاختلاف أو مخلّفات أحداث تاريخية أو راهنة، ولإحداث تقارب بين المتباعدين قد يظنّه بعض الظانّين لسبب أو لآخر من الأسباب أمرا غير ممكن، ولكن يسفر الواقع الحواري من منطلق وطني على أنّه أمر ممكن؛ وبناء على ذلك فإنّ الحوار بالمواصفات المشار إليها لو كان شاملا لكلّ المكوّنات السياسية والثقافية والفكرية في تونس ما كان منها في الحكم وما كان في المعارضة، وما كان في أقصى اليمين وما كان في أقصى اليسار لكان أوجب للمساندة والدعم، وأدعى إلى أن يُعتبر ظاهرة أعلى صحّية وأكثر نضجا، وفي كلّ الأحوال فإنّ الفضل محفوظ دوما لأصحاب المبادرة والريادة. وتفاعلا مع هذا الحوار الذي وقع بين أطراف 18 أكتوبر في مبادئه بصفة عامّة وفيما أسفر عنه من إعلان لحقوق المرأة ـ وهو باكورة ثماره ـ وسعيا إلى القيام بواجب الإسهام فيه والدعم له ممن يعتبره همّا من همومه الوطنية، واجتهادا للمشاركة في ترشيده قد يكون مصيبا وقد يكون مخطئا ولكنه يبرئ الذمّة بالنسبة لمن يؤمن به، ويراه مسلكا صحّيا في التعامل الوطني بصفة عامّة، وفي الظروف الراهنة بصفة خاصّة، فإننا نورد عليه جملة من الملاحظات يتعلّق بعضها بترتيب الحوار وأولوياته، ويتعلّق بعضها الآخر بالإعلان الصادر في شأن المرأة، ونجملها فيما يلي: 1 ـ أولويات الحوار: لاشكّ أنّ قضية المرأة وحقوقها، وقضايا أخرى مشابهة لها ذات طابع فكري ثقافي عقائدي هي قضايا جديرة بأن يتمّ فيها حوار ينتهي إلى قواسم مشتركة تكون أرضية للتوافق الوطني العامّ، إلا أنّه بالنظر إلى الواقع الراهن الذي تعيشه البلاد لا نرى أنّها قضايا تحتلّ المرتبة الأولى في سلّم أولويات الحوار، وإنما تسبقها منطقيا وعمليا قضايا أخرى تُعتبر هي بالنسبة إليها على أهميتها كالفرع من الأصل، إضافة إلى أنّ هذا السبق يوفّر عاملا من العوامل التي تضمن نجاح الحوار واستمراريته وإثماره. وهي قضايا ذات طابع سياسي ولكنها في ذات الوقت ذات أبعاد فكرية ثقافية، وذلك باعتبار أنّ القضايا السياسية من هذا النوع هي التي تؤطّر مجمل العلاقات والتفاعلات بين الأطراف الاجتماعية المختلفة، وكلّ ما عداها إنما يتمّ في إطارها وتحت إشرافها. وأولى هذه القضايا فيما نقدّر قضية الحرية بأبعادها المختلفة، وهي القضية التي ما فتئت كلّ الأطراف المشاركة في هيئة 18 أكتوبر وأطراف غيرها تشكو مرّ الشكوى من غيابها، وتحمّل مانعيها كلّ الأوزار فيما يشوب الحياة الاجتماعية من خلل، وتجعل منها المطلب الأسمى الذي تهون من أجله كلّ التضحيات، وتقدّر أنّها المفتاح الذهبي الذي يفتح باب الازدهار المعنوي والمادّي، فإذا كان ذلك حقّا ـ وهو فيما نحسب كذلك ـ فهلاّ جعلت الهيئة هذه القضية قضية الحرّية على رأس أولوياتها الحوارية وهي تستشرف بحوارها المستقبل القريب والبعيد. إنّ الحرّية كشعار عامّ لا يختلف عليها المطالبون بها، ولكن في تفاصيلها وفي تمثلاتها الواقعية تمثّل مكمنا للشياطين يجدر بالشركاء أن يكشفوا عنه بالحوار لتكون الشراكة على كلمة سواء. ولنا لتصوّر ذلك أن نتساءل مع يقيننا بأنّ الأجوبة ستكون مختلفة إلى حدّ التناقض أحيانا: هل للحرية التي يطالب بها الجميع حدود؟ وإذا كانت لها حدود فما هي تلك الحدود؟ هل على سبيل المثال إذا قام قائم في المستقبل المأمول الذي يجري من أجله الحوار يطالب بأن يؤسّس حزبا تقوم مبادئه الأساسية على الدعوة إلى تعدّد الزوجات، وإلى إقامة الحدود، وإلى جعل الشريعة الإسلامية هي المصدر الأوحد للتشريع، هل لهذا القائم الحقّ في أن يؤسّس حزبه على هذه المبادئ، وأن يدعو إليها وينافح عنها بحرّية؟ وهل على سبيل المثال أيضا إذا قام قائم في هذا المستقبل يطالب بأن يؤسّس حزبا يقوم في مبادئه الأساسية على الدعوة إلى الإباحية الجنسية، وربما على المطالبة بحقوق الشواذّ وشرعية الزواج المثلي، هل له الحقّ في أن يؤسّس ذلك الحزب، ويدعو إليه بحرّية؟ إنما ضربنا هذين المثالين المتناقضين لنبيّن مدى ما تتصف به قضية الحرية من أولوية في جدول الحوار المؤسّس للمستقبل. ثمّ من هو صاحب الحقّ في أن يحدّد الحدود في قضية الحرّية وغيرها، وفي أن يختار هذا المنهج في إدارة شؤون الحياة العامّة أو ذاك، وفي أن يقبل هذا المشروع المجتمعي ويرفض غيره؟ هل هو الشعب أم هو غيره؟ هل كلّ الخيارات من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها تُطرح على الشعب ليختار منها ما يرتضيه ويرفض ما لا يرتضيه، فإذا ما اختار ما يريد كان خياره القول الفصل الذي لا يحتمل التعقيب، أم أنّ جهة أخرى هي التي تختار للشعب ما يصلح له وما ينفعه بحجّة التقدّية والحداثة، أو بحجّة التأصيل، أو بغيرهما من الحجج؟ إنّ الخيار الشعبي وحدوده ومداها لهي قضية من أهمّ القضايا ذات الأولوية في أجندة الحوار، ليُصار فيها إلى رأي متوافق، وإلا فإنّ أوّل فرصة تتاح فيها الحرية ستكون أيضا أوّل فرصة يؤسّس فيها لاستبداد جديد بذوره موفورة لدى الأطراف كلّها أو جلّها كما تفصح عنه تصريحات من هنا ومن هناك بين الحين والآخر، وإذا لم يكن حوار يقضي على تلك البذور فسيكون لها نماء وازدهار، ولا يكون حينذاك لقضية حقوق المرأة وما شابهها محلّ من الإعراب. وألا ينبغي أيضا أن يتقدّم في برنامج الحوار قضية تحديد هوية المجتمع الذي هو مناط كلّ القضايا محلّ البحث؟ إنّ دساتير العالم تفتتح بما يحدّد هوية الشعب الذي يوضع من أجله الدستور، إذ تلك الهوية هي الإطار الموجّه لكلّ القضايا المنظمة له، وإذا لم تحدّد تلك الهوية الجامعة المؤطّرة كان الحوار في غيرها من القضايا منفلتا قابلا لأن يؤول إلى التناقض بل إلى التوتّر الذي لا ترجى منه فائدة. وإذا كان دستور البلاد يحدّد هوية الشعب التونسي فإنّ ثمّة أصواتا تنادي بين الحين والآخر بالتغير في هذا الدستور، وثمّة أقلام من ذات المشاركين في 18 أكتوبر تكتب بأنّ الهوية ينبغي أن تكون متغيرة بتغير الأزمنة والظروف دون أن يكون لها ثبات. وهذا كلّه يدلّ على أنّ الأولوية في الحوار ينبغي أن تكون لمثل هذه القضايا الكبرى المؤسّسة لتستوي فيها الآراء على وفاق يكون أرضية صلبة للحوار في القضايا الهامّة الأخرى مثل قضية المرأة وأمثالها. 2 ـ المرجعية في شأن قضية حقوق المرأة: الإعلان الذي صدر عن الهيئة في خصوص حقوق المرأة لم تحدّد فيه مرجعية مؤطّرة، وإنما أُرسل الكلام فيه إرسالا بحيث يكون صالحا أيضا لو صدر في الصين أو في الكونغو أو في نكراقوا أو في أي بقعة من العالم، نعم وردت فيه ألفاظ من مثل  » مقومات هويته الحضارية الخصوصية » و  » مقومات الحضارة العربية الإسلامية »، ولكنها عبارات وردت في سياقات غير تأطيرية، ويظهر للقارئ كأنما قد أقحمت إقحاما ربما لرفع العتب، ولكن لم يكن لها تأثير في الروح العامة للإعلان، وهنا يحقّ التساؤل: ألسنا نتحدث عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل في بلد عربي إسلامي، ينص دستوره في أول فقرة منه على أنّه بلد لغته العربية ودينه الإسلام، مهما يكن من تأويل في نطاق هذه المرجعية؟ وأليس يقتضي ذلك ضربا من الخصوصية مهما اتسعت مساحة ما هو مشترك من هذه الحقوق في النطاق الإنساني العامّ؟ وإذ لم يحدد الإعلان المرجعية المؤطرة ولو في متسع من التأويل، فإنه ربما استُشفّ من روح عامّة سارية فيه، ومن تلميحات بين السطور نكران للمرجعية التي حددها الدستور، ويبدو ذلك على سبيل المثال في ذلك الإطناب الذي تناول بالبيان ما لحق بالمرأة من اضطهاد وهضم حقوق إطنابا يوحي بأنه امتزج في سببيته على حدّ سواء العادات والتقاليد التي اضطهدت المرأة بالأحكام الدينية نفسها التي جاءت في خصوصها، وذلك ما يوحي به على سبيل المثال ما جاء في الإعلان من قول بأنّ  » ما تضمنته مجلة الأحوال الشخصية من حقوق وإصلاحات ساهمت في الحدّ من مظاهر الحيف والتمييز ومن أسباب التوتر في العلاقات الأسرية من ذلك أن منعت مجلة الأحوال الشخصية تعدد الزوجات وأقرت التراضي أساسا لقيام عقد الزواج … » . وإذا كان هذا الاستنتاج صحيحا ـ وأحسبه كذلك ـ فإن الإعلان لم يكتف بأن لم يحدد لنفسه مرجعية، بل وضع نفسه خارج مرجعية الدستور. 3 ـ مجلة الأحوال الشخصية: إذا كان ليس من شكّ في أن مجلة الأحوال الشخصية قد أسهمت بقسط مقدّر في رفع كثير من المظالم التي كانت تُسلّط على المرأة جراء عادات وتقاليد منافية لأحكام الدين، وإذا كانت هذه المجلة قد أُ نجزت في إطار من الاجتهاد الديني مهما يكن من أنّ أكثرها كان اجتهادا مطابقا بصفة مباشرة لأحكام الدين، وأنّ بعضها كان اجتهادا متأوّلا قد يكون له مساغ، وأنّ بعضا آخر منها قد جافاه الصواب الاجتهادي مثل في التبنّي على الطريقة التي ورد بها في المجلة، إذا كان ذلك كلّه فإنه لا ينبغي أن يؤول بهذه المجلة إلى أن تصبح مقدّسا معصوما متعاليا عن المراجعة كما قد توحي به مسالك بعض الغلاة فيها، وكما ظهر نفَس منه في الإعلان الذي صدر عن الهيئة. مهما تكن عليه هذه المجلة فإنها ليست إلا عملا بشريا يعتريه النقص، ويتطلّب المراجعة والتكميل. وإذا كان البعض يطالب بمراجعة كلّ شيء حتى ما هو قيم الدين الثابتة التي يتديّن بها التونسيون فإنه من الأولى أن يقبل المراجعة لهذا العمل البشري لعلّه يكتشف فيه عيبا يستحقّ الإصلاح، أو نقصا يستحقّ الإكمال. لقد جُرّبت هذه المجلة خمسين عاما على محكّ الواقع، وهي مدّة كافية تدعو إلى أن تُدرس دراسة علمية دقيقة تعلو على الشعارات، ما كان منها مغاليا فيها ذات اليمين، و كان مغاليا فيها ذات الشمال، ثم توضع نتائج ذلك الدرس العميق بين أيدي المختصين لينظروا فيها علّهم يجدون فيها ما يدعو إلى المراجعة والتصويب والتكميل، إما بإضافة بنود، أو بتعديل أحكام، أو بتضييق ما وسّعت، أو بتوسيع ما ضيّقت، ليكون العلم هو الحكم المطلق لا الشعارات والمزايدات من أيّ نوع كانت. وفي هذا النطاق هل يمكن للناظر في المجتمع التونسي وعينه على مجلة الأحوال الشخصية أن يدفن رأسه في الرمال وإحصائيات العلم تأتيه بأن تونس أصبحت رابع دولة في العالم من حيث ارتفاع نسبة الطلاق، ثم يقول كما قال الإعلان: إن المجلة قد أسهمت في الاستقرار الأسري، وعملت على نزع أسباب التوتر في العلاقات الأسرية؟ وهل يمكن لهذا الناظر أن يغمض العين ـ وقد منعت المجلة تعدد الزوجات ـ عما يقع في المجتمع من حالات في هذا التعدد تُطلّق فيه الزوجة الأولى قانونا، ويُعقد على ثانية قانونا وشرعا، ثم تُسترجع الأولى شرعا، وهي حالات ما أظن أحدا لم تصل إلى مسامعه عينات منها، هذا فيما يتعلّق بتعدد الزوجات، أما تعدد الخليلات فذلك شأن آخر. وفي هذا النطاق أيضا هلاّ من المطلوب أن يُجرى بحث علمي موضوعي على أولئك الذين وقع تبنّيهم على طريقة المجلّة، فنُسبوا في بطاقة الولادة إلى آباء غير آبائهم، ثم لما بلغوا الرشد اكتشفوا هذا الزيف الكبير الذي أصاب منهم أكباد حقائقهم ، فيُعلم بهذا البحث ماذا كان لذلك من تأثير نفسي فيهم، وماذا كان من أثر في تفاعلهم مع المجتمع، ليقع الحكم بهذه النتيجة العلمية على التبني كما حددته المجلة بأنه كان خطأ أو صوابا بميزان العلم، أما ميزان الدين فليس فيه لهذه المسألة من تأويل. ولما اقتحمت المرأة مجال العمل مع أخيها الرجل شبرا بشبر وذراعا بذراع، ولكنها بقيت مع ذلك أما تشرّفها وظيفة الأمومة، هلاّ يكون من الواجب أن تقع مراجعة ما أصبح ثقافة لكثيرين وكان للمجلّة إسهام مقدّر فيه من استنقاص لقدر الأمومة بإلغاء أن يكون العمل الأمومي في البيت عملا محتَسبا ضمن عمل المرأة، بل من احتقار لهذا العمل تلوكه الألسن حينما يُعلى من مقام عمل المرأة خارج البيت حتى وإن كان في صناعة المكانس وخياطة الثياب ـ مع الإقرار بشرف كلّ عمل شريف ـ ويُحطّ من عمل المرأة في بيتها لمجرّد الولادة كما يقولون والعناية بالمولود، والحال أنّ عملها هذا هو صناعة النساء والرجال، بل هو صناعة المستقبل بأكمله، وأشرف بها من صناعة، هل يكون حريا بالمجلة أن تراجع نفسها لتجعل من العمل الأمومي في أوضاع مقدرة وحالات محسوبة على الأقلّ جزء من العمل الذي تتقاضى عليه أجرا، ويُخصم من نصابها في العمل الخارجي كما انتهت إلى ذلك كثير من الأمم المتقدّمة مثل اليابان وغيرها؟ أسئلة نطرحها لا للمصادرة ولا للتقرير المسبق لأفكار قبلية، وإنما هي دعوة للبحث العلمي تكون به مجلة الأحوال الشخصية خاضعة لمحاكمة المصلحة التي يحدّدها العلم، غير مقدّسة ولا معصومة، ولا محمية بالشعارات الغافلة، هذا مع الاحتفاظ بما حققت من المصالح، وما ضمنت للمرأة من حقوق، ومع استصحاب مرجعيتها التي انطلقت منها استصحابا يُعدّل ما قد يظهر من خلل، ويحول دون أن يُدرج فيها ما هو مخالف لها مخالفة لا تقبل تأويلا معتبرا كما ترتفع به أصوات تدعو إلى تغييرات لا هي من المطالب الشعبية، ولا الشعب سيوافق عليها فيما نقدّر في يوم من الأيام إلاّ أن يكون الخيار الشعبي غير مأخوذ بعين الاعتبار كما طرحناه سؤالا في صدر هذا المقال. إنّ هذه الملاحظات ليس من شأنها أن تحطّ من قدر الحوار الذي جرى ويجري بين الأطراف الصادر عنها هذا الإعلان، ولا أن تلغي النقاط الإيجابية التي تضمنها إعلان حقوق المرأة، وإنما هي إسهام في هذا الحوار الذي نرجو أن يتوسّع ليصبح حوارا وطنيا شاملا، وليكون ثقافة عامّة تختصر الطريق إلى الوفاق، وترشّد إدارة الخلاف، وتنزع أسباب التوتّر والاحتقان، وفي ذلك الخير للوطن وأهله. والله ولي التوفيق . (المصدر: موقع الحوار نت (ألمانيا) بتاريخ 14 مارس 2007)


لبنة أولى في صياغة « عهد ديمقراطي » تتوافق عليه كل القوى

 
أحمد نجيب الشابي أصدرت « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات »، بمناسبة الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة، بيانا حول « حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين » تضمن تعدادا لما تحقق للمرأة التونسية من مكاسب في ميدان الأحوال الشخصية والتعليم والشغل وفي الحياة العامة. ووقف البيان من جهة أخرى على النواقص المسجلة في كل هذه الميادين سواء من حيث التشريعات أو الفجوة التي لا تزال تفصل هذه التشريعات عن الواقع المعيش، ليعلن في خاتمته عن عدد من الأهداف والمطالب المشتركة التي تعتزم القوى السياسية المنضوية تحت لواء الهيئة العمل على تحقيقها في إطار ما تنشده لتونس من مجتمع ديمقراطي يكفل الحرية والمساواة لجميع المواطنين دون تمييز. ويُعد هذا البيان-الوثيقة بلا ريب أهم حدث فكري- سياسي يأتي في الذكرى الخمسين لصدور مجلة الأحوال الشخصية، فهو يمثل من جهة أول وثيقة مشتركة تصدر في البلاد العربية والإسلامية عن قوى علمانية وإسلامية تضم كامل ألوان الطيف السياسي تُجمع فيها على التمسك بالإصلاحات التي طالت وضعية المرأة والأسرة خلال النصف الثاني من القرن الماضي من منع لتعدد الزوجات وإخضاع الطلاق لمراقبة القضاء والتسوية بين الجنسين في الحقوق والواجبات واعتبارهما شريكين في إدارة شؤون الأسرة، بل وطالبت بتعميق هذه الإصلاحات في اتجاه توسيع صلاحيات المرأة في مجال الولاية وإسناد الجنسية والرفع من السن الدنيا للزواج. وثمنت هذه القوى ما تحقق من تطور في النظرة إلى المرأة لدى الناشئة وفي المجتمع بفضل التعليم المختلط ودخول المرأة إلى مختلف مجالات النشاط المهني وطالبت بتعزيز هذه المكاسب حتى تتخلص العقليات نهائيا من موروث عصور الانحطاط وتفتح في وجه المرأة حظوظا متساوية لتقلد جميع الخطط النيابية والمسؤوليات الإدارية والسياسية دون تحديد أو استثناء. ولا غرو أن يحدث هذا التطور في تونس إذ جاء معبرا عما عرفته البلاد من نهضة بدأت مع نهاية القرن التاسع عشر على يد مصلحين كبارا من أمثال خير الدين باشا وعبد العزيز الثعالبي والطاهر الحداد والطاهر بن عاشور وعبد العزيز جعيط، كما عكس ما عرفته البلاد من تطور مذهل منذ الاستقلال طال جميع هياكلها الاجتماعية وبُناها الثقافية، وصهر جميع فئاتها ومكوناتها في مجتمع متمسك بهويته المميزة متطلع إلى الانصهار في عصره الحديث. أما الأهمية الثانية لهذه الوثيقة-الحدث فتكمن في أنها جاءت لبنة أولى في بناء إجماع ديمقراطي يتوافق عليه المجتمع التونسي بكل تياراته الفكرية وقواه السياسية. فالديمقراطية لا يمكن أن يُكتب لها الاستقرار ما لم تكن محل إجماع من كل القوى تتنافس وتتداول في إطارها ولكنها لا تهدم أركانها. ومن أول أركان الديمقراطية حقوق الإنسان والعدل والمساواة بين المواطنين. وبهذا المعنى لا تعد الديمقراطية مجرد آلية لحكم الأغلبية دون قيد أو حد بل هي آلية لإدارة شؤون مجتمع حديث قوامه حرية الفرد في المعتقد والضمير وفي التفكير والتعبير والمساواة بين المواطنين دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو الدين، وبهذه الشروط فقط تكفل حقوق الأقلية وفرص التداول بينها وبين الأغلبية والتعايش السلمي بين مختلف القوى. ومنذ أن تأسست هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات على أرضية المطالبة بالحريات الأساسية الثلاث (حرية الإعلام والتنظيم والعفو العام) كانت على وعي تام بأن الارتقاء بوحدة حركة المعارضة إلى مستوى القطب السياسي يبقى رهين قدرتها على صياغة « عهد ديمقراطي » يحدد أركان المجتمع الديمقراطي البديل. وكانت الهيئة حددت ركائز هذا العهد في محاور أربعة عُني الأول منها بحقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، والثاني بحرية الضمير والمعتقد، والثالث بالحرمة الجسدية، أما الرابع فبعلاقة الدين والدولة في مجتمع إسلامي كما هو حال المجتمع التونسي. وفي هذا الإطار جاء البيان الصادر هذا الأسبوع بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تتويجا لندوات فكرية ونقاشات داخلية نظمتها الهيئة على الرغم من المصاعب والعراقيل التي وضعتها الحكومة على طريق تحركها بل وحتى على مجرد اجتماع أعضائها منذ تأسيسها حتى يومنا هذا. وبهذا المعنى يعد البيان انتصارا للقوى المنضوية تحت لواء الهيئة وتأكيدا من جانبها على أنها ماضية في تحقيق مشروعها مهما كانت جسامة المصاعب والعراقيل الموضوعة على طريقها. وعلى الرغم من أن هيئة 18 أكتوبر تضم فعاليات سياسية تمثل مختلف ألوان الطيف السياسي التونسي ( شيوعيون وقوميون وديمقراطيون-اجتماعيون وإسلاميون) فقد أثار تأسيسها تحفظ بعض الحساسيات الفكرية والسياسية التي عبرت عن خشيتها على حقوق الإنسان وعلى مكاسب المجتمع التونسي في ميدان المساواة بين الجنسين من عودة الحركة الإسلامية إلى الحضور السياسي من خلال الهيئة بعد غياب طال زهاء الخمسة عشر سنة، بينما استند عدد من مؤسسي الهيئة على ما حدث من تطورات فكرية وسياسية طوال هذه الفترة ليراهنوا على إمكانية صياغة إجماع وطني جديد يكون أساسا لعمل ديمقراطي معارض وفعال. واليوم وبعد أن أثبتت الهيئة ببيانها حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين بأن تلك التخوفات لم تكن في طريقها فإن المتحفظين حيالها لا يملكون سوى الانقسام إلى فريقين: فريق أول يأخذ البيان مأخذ الجد ويطور نظرته إلى الهيئة وبرنامجها في الاتجاه الإيجابي، وفريق ثان يستمر في التشكيك في مدى تعبير الوثيقة عن « قناعات الإسلاميين الحقيقية » ورميهم « بالازدواجية في الخطاب » والتشكيك في جدية القوى المتحالفة معهم والطعن في أهدافها ونعتها بالسياسوية وتعريض الديمقراطية إلى الخطر بإعادة البعبع الإسلامي إلى المشهد السياسي التونسي. لكن هذا الجحود سوف يعرض أصحابه إلى مزيد من العزلة السياسية والغربة عن تطورات الواقع التي تظهر في تركيا وفلسطين وربما في بلدان أخرى بأن كثيرا من المياه جرت تحت الجسور منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي في اتجاه إجماع ديمقراطي جديد يعمق مكتسبات الحداثة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. والمتأمل في أدبيات الحركة الإسلامية التونسية يدرك بلا عناء أن محتوى البيان حول المرأة الصادر هذا الأسبوع والذي شاركت رموز إسلامية في صياغته لم يأت مُسقطا أو وليد الصدفة، بل جاء تعميقا وتتويجا لمسار طويل عبرت عنه حركة النهضة منذ منتصف الثمانينات كما يثبت ذلك من كتاب « المرأة في القرآن وواقع المجتمع » للشيخ راشد الغنوشي الصادر في موفى الثمانينات من القرن الماضي والذي تضمن نقدا ذاتيا صارما وانتهى إلى مواقف متقدمة في ميدان المساواة بين الجنسين وفتح مجالات جديدة لمشاركة المرأة في الحياة العامة. إن ميلاد الديمقراطية، كما تثبت التجربة التاريخية ذلك، رهين صياغة إجماع وطني حول أسس وأركان مجتمع الحرية المنشود تنخرط فيه جميع القوى السياسية والمدنية طوعا وعن قناعة ويكون قاعدة لتوحد قوى التغيير الديمقراطي في صراعها ضد نظام الحزب الواحد والحكم الفردي. أما ضمان استقرار هذا الإجماع وسريانه فهو محكوم من جانبه بالتوازن بين القوى والكتل السياسية الذي يفرض على كل طرف الوفاء بتعهداته، وهو توازن لن يتحقق إلا بتحرير الحياة السياسية وفتح مجال التنافس النزيه في وجه مختلف القوى والكتل بما فيها الحزب الحاكم بعد أن تكون قد قُطعت جميع الصلات التي تشده إلى جهاز الدولة وتكبل تطوره كقوة سياسية قادرة على الحياة بل والتي جعلت منه على مدى نصف قرن القوة المضادة للديمقراطية بامتياز.

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 396 بتاريخ 9 مارس 2007) 


 

للذكر مثل حظ الأنثيين (2)

 

الثّغرة داخل الحصن

د. رجاء بن سلامة     

الثّغرة هي الفتحة التي تأخذ في الاتّساع داخل الحصن، إلى أن تحمل المتحصّنين داخله على استقبال المختلف الآتي من ذواتهم قبل أن يكون آتيا « من الخارج ». والثّغرة التي نقصدها هي تلك التي تنفتح بالوعي بضرورة المساواة، أو بما يسمّى  بـ »المسيرة المخلّصة نحو المساواة« . وتوجد كذلك الثّغرة التي تكون في البدايات، قبل أن يتمّ بناء الحصن وتحصينه. وفيما يخصّ الميراث يمكن أن نقول إنّ ثغرة البدايات تجسّدت في مطالبة النّساء من حول الرّسول بحصّتهنّ الكاملة من الميراث أو بحصّتهنّ من الجهاد. أُغلقت هذه الثّغرة طيلة قرون طويلة، كانت النّساء فيها لا يحرمن من النّصف الآخر فحسب، بل كنّ كثيرا ما يحرمن من كامل نصيبهنّ من الميراث. فالذي يحرم من النّصف لأنّه أقلّ درجة، يمكن أن يحرم من الكلّ، والرّجل الذي يرث أكثر من المرأة لأنّه أفضل منها، ولأنّه يملك مفاتيح الحصن، من السّهل أن يتصوّر أنّ أفضليّته تملي عليه السّيادة التّامّة على الجنس الخاضع لمبدإ التّنصيف. ولذلك طالما سمعتُ في طفولتي نساء يردّدن عبارة ربّما ردّدتها جدّاتهنّ وجدّات جدّاتهنّ، وهذه العبارة هي : « لا حرّم اللّه وارثا » (اللّه لم يحرّم الميراث). كنّ يردّدن هذه العبارة كلّما تعرّضن إلى جور الإخوة الذّكور وأريد حرمانهنّ من ميراث آبائهنّ، بحجّة أنّ النّساء يرثن أزواجهنّ. قد لا تساوي حصّتهنّ من الميراث أحيانا أكثر من بيت خرب أو من بضعة أشجار زيتون. ولكنّ الشّعور بالضّيم كان يمتزج بمحبّة الأب الرّاحل، فكنّ يتحدّثن عن « شمّ الرّائحة »، رائحة الأب إذ يهزّهنّ الحنين إليه، ويعتقدن أنّ هذه الرّائحة يمكن أن تهبّ عليهنّ عبر البيت والشّجرة. وكثيرا ما كنّ يمتن بحسرتهنّ، دون أن يحصّلن متاعا ولا رائحة. ثمّ فتحت الثّغرة في العصر الحديث، فتحها الطّاهر الحدّاد بمطالبته بجملة من الحقوق منها المساواة في الميراث في كتابه « امرأتنا في الشّريعة والمجتمع » الصّادر سنة 1930. مات الحدّاد ضعيفا منبوذا، لأنّه أُلحق بصفوف الضّعفاء الذين ناصرهم في زمن لم يستعدّ فيه الأقوياء بعد لاستبدال القوّة بالشّوق والطّموح. وبعد أكثر من أربعين عاما، في سنة 1974 تحديدا، أراد الحبيب بورقيبة إعادة فتح الثّغرة في خطاب كان عنوانه: « الإسلام دين عمل واجتهاد »، وفي فقرة نورد منها ما يلي: « على أنّي أريد أن ألفت نظركم إلى نقص سأبذل كلّ ما في وسعي لتداركه قبل أن تصل مهمّتي إلى نهايتها، وأشير بهذا إلى المساواة بين الرّجل والمرأة، وهي مساواة متوفّرة في المدرسة وفي المعمل وفي النّشاط الفلاحيّ وحتّى في الشّرطة، لكنّها لم تتوفّر في الإرث حيث بقي حظّ الذّكر مثل حظّ الأنثيين. وهذا المبدأ له ما يبرّره عندما يكون الرّجل قوّاما على المرأة، وقد كانت المرأة بالفعل في مستوى اجتماعيّ لا يسمح بإقرار مساواة بينها وبين الرّجل. فقد كانت البنت تدفن حيّة وتعامل باحتقار، وها هي اليوم تقتحم ميدان العمل وقد تضطلع بشؤون أشقّائها الأصغر سنّا (…) فعلينا أن نتوخّى طريق الاجتهاد في تحليلنا لهذه المسألة وأن نبادر بتطوير أحكام الشّريعة بحسب ما يقتضيه تطوّر المجتمع، وقد سبق لنا أن حجّرنا تعدّد الزّوجات بالاجتهاد في مفهوم الآية الكريمة. ومن حق الحكّام بوصفهم أمراء المؤمنين أن يطوّروا الأحكام بحسب تطوّر المجتمع، وتطوّر مفهوم العدل ونمط الحياة. » (لطفي حجّي، بورقيبة والإسلام، تونس، 2004، ص233) انطلق بورقيبة من وعيه الحقوقيّ بالمساواة، وهو رجل القانون المتخرّج من السّوربون، ورئيس الجمهوريّة ذات الدّستور المستوحى في جانب كبير منه من مبادئ حقوق الإنسان، وانطلق من تجربة النّساء اللاّتي أحطن به، ولكنّه أراد أن يتكلّم لغة يفهمها المسلمون ويقبلونها، كما فعل عندما اجتهد في إلغاء تعدّد الزّوجات، بل ذهب به الأمر إلى اعتبار نفسه جامعا بين السّلطتين الرّوحيّة والزّمنيّة، أي « أمير مؤمنين ». حجّة السّلطة المتمثّلة في النّصّ الدّينيّ لم تسعفه، لأنّ آية المواريث لا يمكن الاجتهاد في تأويلها، وإن كان يمكن الاجتهاد في علّتها، والإقرار ببطلان حكمها لبطلان علّتها. وهذه الحجّة الممكنة أيضا لم يسعفه بها رجال الدّين من حوله، ولذلك نصّب نفسه سلطة دينيّة بدلا عن النّصّ الدّينيّ. إلاّ أنّ السّياق الذي سمح له سنة 1956 بمنع تعدّد الزّوجات وفرْض مجلّة الأحوال الشّخصيّة قد تغيّر. السّياق كان سياق هيمنة الآليّة الدّينيّة- الدّبلوماسيّة السّعوديّة، لاسيّما إثر الحصار النّفطيّ الذي خرجت منه المملكة السّعوديّة منتصرة سنة 1973، فتبادر للعرب لوهلة قصيرة أنّهم يمثّلون فعلا قوّة سياسيّة موحّدة. تحرّكت الآليّة الوهّابيّة السّعوديّة إذن بقوّتها النّفطيّة للضّغط على بورقيبة بسبب آرائه الواردة في هذا الخطاب، ومن بينها رأيه في المساواة في الميراث. يقول المفتي ابن باز في رسالة بعث بها إلى الوزير مدير الدّيوان الرّئاسيّ آنذاك، مفنّدا « شبهة » المساواة في الميراث، مذكّرا بمبدإ أفضليّة الرّجال على النّساء : « ثمّ يقال لهذا الرّجل وأمثاله إنّ مساواة المرأة والرّجل في كلّ شيء لا يقرّه شرع ولا عقل صحيح، لأنّ اللّه-سبحانه قد فاوت بينهما، في الخلقة والعقل وفي أحكام كثيرة، وجعل الرّجل أفضل منها وقوّاما عليها لكونه يتحمّل من المشاقّ والأعمال ما لا تتحمّله المرأة-غالبا-، ولأنّ عقله أكمل من عقلها-غالبا-ولذلك جعله اللّه، سبحانه، قائما عليها حتّى يصونها… وجعل شهادة المرأتين تعادل شهادة الرّجل لكونه أكمل عقلا وحفظا منها… » (المرجع المذكور، ص217) لم يكتف المفتي السّعوديّ بإبداء رأيه باعتباره رجل دين، بل اتّهم بورقيبة بالكفر الصّريح، وكانت رسالته إليه تحمل تهديدا واضحا : فهو مخيّر بين إعلان التّوبة النّصوح أو التّكذيب. وقد ذكر محمّد المصموديّ، وزير الخارجيّة في عهد بورقيبة أنّ الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود هو نفسه أرسل إلى بورقيبة هدّده فيها بالقطيعة في صورة إقراره المساواة في الميراث. (« حقائق »، عدد 954، 14 / 4 / 2004). ألا يعدّ هذا تدخّلا في شؤون بلاد مستقلّة ذات سيادة؟ هل هو الصّراع التّقليديّ بين كونيّة الأمّة وكونيّة حقوق الإنسان؟ ألم يتصرّف ابن باز وكأنّه بابا من العصور الوسطى، بل كأنّه البابا الأوحد لكلّ المسلمين بمختلف مذاهبهم، وكأنّ مسلمي تونس الحديثة يجب أن يخضعوا إلى فقه ابن تيميّة وإلى الفكر الوهّابيّ المحرّم لكلّ اجتهاد، والنّافي لكلّ تطوّر ممكن؟ ولكنّ الملفّ لن يطوى هذه المرّة كما طوي في الثّلاثينات، أو لن يطوى لفترة طويلة، لأنّ الثّغرة انفتحت ولن تغلق، ولذلك مظاهر عدّة. أهمّ هذه المظاهر أنّ مبدأي أفضليّة الرّجال على النّساء والقوامة، وهما المبدآن اللّذان ذكّر بهما المفتي السّعوديّ، في تجديفه الأصوليّّ ضدّ التّاريخ، أصبحا متعارضين مع واقع الحال في سائر البلدان العربيّة، وفي تونس خاصّة. لم يعد لهذين المبدأين أساس اجتماعيّ اقتصاديّ، بما أنّ المرأة أصبحت منتجة، أو متاح لها أن تكون منتجة، وأصبحت تنفق على نفسها وتساهم في الإنفاق على الأسرة، وهو ما تبطل معه حجّة الأفضليّة والقوامة، بما أنّ مبرّرهما المعلن عنه هو إنفاق الرّجل على المرأة. فالأساس التّيولوجيّ لأفضليّة الرّجال على النّساء قد انهار في واقع الحال، وإن ظلت ظلاله الرّمزيّة تضفي قداسة على بعض الأحكام المتعلّقة بالقوامة، منها عدم المساواة في الميراث في تونس، وتعدّد الزّوجات وغير ذلك من الأحكام في البلدان العربيّة الأخرى. وحتّى المهر الذي ذهب إخوان الصّفاء إلى أنّه يعادل النّصف الذي يقتطع من نصيب النّساء من الميراث، فإنّه لم يعد معمولا به في تونس، بل إنّه في الصّيغة الحاليّة لعقد الزّواج الذي يعقده ضابط الحالة المدنيّة أو عدل الإشهاد لا تتجاوز قيمته دينارا تونسيّا (أقلّ من دولار أمريكيّ). وهذا « المهر » الرّمزيّ عادة ما يكون محلّ تندّر بين المحتفلين بالزّواج، وهناك بعض الأزواج يحتفظون به في ألبوم صور الأسرة، على أنّه ذكرى لحفل الزّواج، أو ذكرى بعيدة للعصر الذي كانت تباع فيه النّساء لأزواجهنّ. وفي هذا الوضعيّة الجديدة التي خلقها خروج النّساء وعملهنّ، لم تعد المرأة ملكا للرّجل، بل أصبحت عمليّا شريكة للرّجل وقرينة له، حتّى وإن كانت لا تعمل خارج البيت، حتّى وإن كانت غير مجبرة في القوانين الحاليّة على الإنفاق على الأسرة. وحلّت سلطة الأبوين محلّ  سلطة الأب، بزوال مبدإ طاعة الزّوجة زوجها وتعويضه، في القانون التّونسيّ، بـ »حسن المعاشرة« . كما لم يعد لهذين المبدأين أساس دستوريّ وقانونيّ وخاصّة في تونس التي تتّسم فيها القوانين بالطّابع الوضعيّ، ولا تعدّ الشّريعة فيها مصدرا للتّشريع. فالدّستور التّونسيّ ينصّ في فصله السّادس على المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، وينصّ في فصله الخامس على أنّ الجمهوريّة التّونسيّة « تضمن الحرّيّات الأساسيّة وحقوق الإنسان في كونيّتها وشموليّتها وتكاملها وترابطها… » وعلى أنّها « تضمن حرمة الفرد وحرّيّة المعتقد وتحمي القيام بالشّعائر الدّينيّة ما لم تخلّ بالأمن العامّ ». ثمّ إنّ الاتّفاقيّات والمعاهدات الدّوليّة التي أمضتها تونس تتنافى مع اللاّمساواة في الميراث، وهذه الاتّفاقيّات لها سلطة أعلى من سلطة القوانين. ولذلك فقد أمكن للقضاء التّونسيّ أن يحكم في مسألة المواريث بما يخالف مجلّة الأحوال الشّخصيّة التي تعتمد مبدأ عدم التّوارث بين المسلم وغير المسلم. « فقد صرّحت المحاكم التّونسيّة بأنّ « عدم التّفرقة على أساس دينيّ مبدأ أساسيّ يقوم عليه النّظام القانونيّ التّونسيّ وبأنّ التّمييز لاعتبارات دينيّة يتعارض مع الفصل السّادس من الدّستور التّونسيّ بإحداث فئتين اثنتين من المواطنين التّونسيّين« . (انظر تقرير « دفاعا عن المساواة في الإرث »، إصدار جمعيّة النّساء الدّيمقراطيّات، وجمعيّة النّساء التّونسيّات للبحث حول التّنمية« ). وما يجعل الثّغرة غير قابلة لأن تغلق هذه المرّة، هو نوعيّة المطالبة بها، فهي لم تعد مقصورة على مُصلح أعزل كالطّاهر الحدّاد، أو مستبدّ مستنير محاصر كبورقيبة. أو لنقل إنّ عبء المطالبة انتقل عبر الأجيال، ولم يُرم به على قارعة الطّريق.. إنّ المطالبين بالمساواة في الميراث اليوم، إضافة إلى مثقّفين بارزين أمثال العفيف الأخضر ومحمّد الشّرفيّ، ولطيفة الأخضر، وإضافة إلى ألف مواطن أمضوا عريضة في الموضوع، هي بعض فعاليّات المجتمع المدنيّ، مثل الجمعيّتين المحرّرتين للتّقرير المذكور آنفا والرّابطة التّونسيّة لحقوق الإنسان، وفرع منظّمة العفو الدّوليّة بتونس. تحوّل النّداء الفرديّ إذن إلى مطالبة جماعيّة وسياسيّة، وهو ما ينفي عن هذا المطلب طابع الحلم الفرديّ أو الفكرة النّخبويّة، ويتطلّب تدخّلا من المشرّع التّونسيّ واستجابة لصوت العدالة والعقل. والمهمّ هو أنّ النّساء لأوّل مرّة في تاريخ هذه المطالبة، خرجن من صمتهنّ وحوّلن الأمنيات والحسرات إلى فعل سياسيّ يلعبن فيه دورا أساسيّا. ولكنّنا لا يمكن أن نكتفي بمثل هذا التّفاؤل، أو لنقل إنّ التّفاؤل النّاتج عن الإيمان بضرورة المساواة وعن واقع انفتاح أفق حقوق الإنسان يجب أن يكون موقفا مختلفا عن التّبشيريّة السّاذجة. فهذه المطالبة بالمساواة في الميراث لم تتبنّها بعد دوائر صنع القرار، وهي تظلّ مهمّشة في وسائل الإعلام الرّسميّة. الثّغرة انفتحت ولكنّ محاولات غلقها متواصلة، وهي متواصلة في منابر الصّحافة التّونسيّة شبه الرّسميّة والمعارضة، وهي تستخدم نوعا من أساليب الدّفاع التي لا بدّ من الوقوف عندها.

(المصدر: موقع « الأوان، منبر العقلانيين العرب »، تصفح يوم 14 مارس 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=67&Itemid=4


الحصاد المر للعلمانية في تونس الرابعة في نسبة الطلاق عالميا

عبد الباقي خليفة مرت أكثر من 50 سنة على رحيل جيوش الاحتلال الفرنسي عن تراب تونس الخضراء ،ولكن الاحتلال ظل جاثما على أرض عقبة بن نافع وبن الحبحاب وبن رشيق وبن الجزار و بن عرفة وأبي يد القيرواني ، ولاسيما من النواحي، السياسية والثقافية والاقتصادية ،فلا تتم كبيرة أو صغيرة إلا بمشاورته ومباركته ..مما يجعل الاستقلال مجرد ذر للرماد في العيون ، سيما وأن سياسة فرنسا وثقافة فرنسا هي التي يمكن لها في البلاد على حساب الثقافة الاسلامية التي تتعرض منذ سنوات لحملات شرسة تحت عناوين » تجفيف الينابيع » وهي استمرار للسياسة التي اتبعها الرئيس المقبور الحبيب بورقيبة ،والتي أدت وتؤدي إلى كوراث اجتماعية واقتصادية وأمنية وغير ذلك ، فقد ازدادت حالات الطلاق والعزوف عن الزواج والاجهاض وتعاطي المخدرات فضلا عن التدخين ،ولا يخفي بعض ممن يتم استدعاهم للمشاركة في برامج الاعلام الرسمي فرحه بذلك لانه يبعد الشباب عن الالتزام و »يساهم في خلق مجتمع جديد  » حيث أن تونس هي البلد العربي والمسلم الوحيد الذي يقيم بيوت دعارة في مختلف المدن لتدنيس الشباب وإبعادهم عن الإسلام ،وكما أنه البلد الوحيد الذي يصنع الخمور ويروج لها داخل تونس، والبلد الوحيد الذي يستورد الخمور من الخارج لشعبه، والبلد الوحيد الذي تم فيه تحويل بعض المساجد إلى مراحيض لقضاء الحاجة ( 1 ) والبلد العربي الوحيد الذي أصدر قانونا لمنع الحجاب ، ويمنع الطالبات من مواصلة دراستهن بالجامعات لارتدائهن الحجاب أو إعفاء بعض الشباب للحيته . إضافة إلى أن شرطته هي الوحيدة التي تعتقل الشباب المواظب على صلاة الفجر ولا سيما في ظروف الطوارئ وما أكثرها في تونس. وعندما طفح الكيل عمد بعض الشباب إلى حمل السلاح في مواجهة النظام انتصارا للحجاب و للاسلام الذي يذبح في البلاد منذ أكثر من نصف قرن ،ولولا طبيعة الاسلام الغلابة لما بقي لدين الله أثر في بلد يحارب فيه كل ما يمت للدين القويم بصلة ، ولا سيما الالتزام بتعاليمه .. ويفتخر النظام الحاكم في تونس بأنه حقق مستويات جيدة من التنمية ،ولكن الواقع يكذب كل ذلك ،غم الدعم الغربي السخي للنظام وقيام بعض الدول الشقيقية باستثمارات ضخمة في تونس وتقديمها معونات كبيرة لنظامه ،فإذا كان النظام قد حقق المعدلات التي يتحدث عنها فلماذا لا يكف عن استجداء المساعدات من الأشقاء والاصدقاء،وتلقي القروض السخية من البنك الدولي والأوروبي والعربي ومن كل بلد ممول سواء كان في الغرب أو الشرق . فكلما زارت شخصية أوروبية أو شرقية تونس إلا وأثقلت بالطلبات و بملفات مشاريع سرعان ما تجير لصالح النظام على أنه من أقامها و شيدها . أرقام مفزعة : أظهرت دراسة ميدانية أن نسبة عزوبية الإناث في تونس سجّلت اٍرتفاعا بنسب متفاوتة خلال الفترة ما بين عامي 2001 و 2006. ووفقا لهذه الدراسة التي أعدّها الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري (مؤسسة حكومية) فٍان نسبة العزوبية بالنسبة للشريحة العمرية ما بين 20 و 24 عاما ارتفعت من 85.3 % عام 2001 إلى 88.4 % عام 2006. وارتفعت هذه النسبة للشريحة العمرية ما بين 25 و 29 عاما من 53.9% إٍلى 65 % كما ارتفعت هذه النسبة للشريحة العمرية ما بين 30 و 34 عاما من 17.7 % إلى 37.5 % و من 14.8 % إلى 20 % بالنسبة للشريحة العمرية ما بين 35 و 39 عاما. وفسرت الدراسة أسباب ارتفاع نسب العزوبية وتأخر الزواج بين الشباب إلى ارتفاع تكاليف الزواج والدراسة وصعوبة الحصول على سكن. لكن تلك الجهات لم تشر من قريب او بعيد إلى انتشار الفاحشة و بيوت الدعارة ، أو لسياسات الحكومة العاملة على نشر الفساد في المعاهد المختلطة ، نظام الدراسة في تونس مختلط ،من الابتدائي للجامعة ، وهو ما ساهم في ظاهرة العنوسة والعزوبية .. ورأى الديوان أن هذه « الظاهرة » تستوجب التعمق في دراستها والاستعداد لتبعاتها الديموغرافية والصحية والاجتماعية وإيجاد الحلول لها لما قد يبرز من ظواهر وإشكاليات والتي من أهمها تواصل انخفاض الخصوبة بفعل تقلص عدد سنوات الإنجاب لدى المرأة المتزوجة. وحذر هذا الهيكل الرسمي من أن ظاهرة العزوبة يمكن أن تتسبب في تعرض الشباب إلى خطر الإصابة ببعض الأمراض نتيجة العلاقات خارج إطار الزواج فضلا عن مسألة الإنجاب خارج إطار الزواج وما ينجر عنها من إشكاليات .. وبيّنت دراسة أعدّها الديوان الوطني التونسي للأسرة والعمران البشري، يوم 14 ديسمبر الماضي إنه « تم تسجيل حوالي 30 ألف حالة إجهاض إرادي تمّت داخل المؤسسات الصحية التابعة للقطاعين العام والخاص خلال  » 2006 « وفسّر الديوان، وهو مؤسسة حكومية، تزايد إقبال التونسيات على عمليات الإجهاض إلى « تأخر سن الزّواج وطول فترة العزوبة » مضيفا أنه يعتزم التّقدّم باقتراح لتعديل النص القانوني الخاص بالإجهاض، قصد إجازة استخدام تقنية الإجهاض الدوائي إلى جانب الإجهاض الجراحي. وأشارت الدّراسة إلى تطوّر حالات الإجهاض لدى الشابات غير المتزوّجات من 1164 حالة عام 2002 إلى 2126 حالة إجهاض خلال سنة 2005 مما دفع هذه المؤسسة الحكومية  » إلى العمل على توفير وسائل وقائية ملائمة للشباب مثل الحبوب الاستعجالية المانعة للحمل، والواقي من الحمل وذلك لحماية الشباب من الأمراض المحتملة وللتّقليص من الحمل خارج إطار الزواج (*) » تونس الرابعة عالميا في نسبة الطلاق: وقد أطلق أستاذ علم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله صيحة فزع بسبب تفشي ظاهرة الطلاق في تونس. وقال في لقاء مع جريدة الصباح التونسية في عددها الصادر يوم 10 فبراير 2007 إن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق. ودعا إلى ضرورة الوقاية من هذه المعضلة الاجتماعية وذلك بمزيد توعية الشباب المقبلين على الزواج وتحسيسهم بأن الزواج هو مشروع جاد.. ويتعين عليهم حسن اختيار القرين وإدراك أن الحياة الزوجية تختلف عن حياة العزوبية. وتعزى أهم أسباب الطلاق على حدّ تعبيره إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية للقرينين. ودعا إلى إيجاد الظروف المناسبة للسكن بالنسبة للمتزوجين الجدد وذلك بتخفيض تكاليف السكن الاجتماعي وطالب بمراجعة توقيت العمل بما يسمح لأفراد الأسرة بإيجاد الوقت اللازم للالتقاء والتعاون على حل مشاكلهم وعلى تصريف شؤونهم.. كما بين أنه من الضروري تعزيز دور المؤسسات العاملة في المجال الاجتماعي للتصدي لمشاكل الحياة الزوجية وحلها بالتراضي. وعوضا عن إسراع الزوجين المتخاصمين إلى المحكمة والاستنجاد بالمحامي سيكون من الأفضل لهما التوجه نحو مراكز الرعاية الاجتماعية والتوفيق العائلي ومكاتب الوساطة. ولاحظ أن المختصين في علم الاجتماع مدعوون إلى القيام بدور الوساطة وإلى الانفتاح على اختصاصات أخرى والتعاون معها لحل مشاكل الحياة الزوجية والحيلولة دون وقوع الطلاق الذي يتسبب في تشتيت شمل الكثير من الأسر. ودعا في هذا الصدد المقبلين على الطلاق إلى زيارة مؤسسات تعنى بالطفولة الجانحة والمشردة وذوي الحاجيات الخصوصية لكي يكونوا على بينة من آثار الطلاق.ولم يذكر المصدر أو من نقل عنه أي إشارة للبعد الديني في التقريب بين وجهات النظر أو الحل الاسلامي للخلافات الزوجية أو لمواصفات الزوجين المطلوبة وفق التصور الاسلامي لأن ذلك مما يجب تجفيف ينابيعه ،و هو ما دفع لاستفحال ظاهرة الطلاق و غيرها .. الجدير بالتذكير، أن أسباب الطلاق في تونس مختلفة وكثيرة حيث بينت دراسة حول انعكاسات الطلاق على الأزواج والأبناء أن المشاكل الاجتماعية تتسبب في 43،3 في المائة من حالات الطلاق وهي تتمثل في المعاملة السيئة والعنف ـ الذي يتم عادة بعد تناول الزوج الخمرـ كما تتمثل في الادمان على المخدرات وفي الخلافات حول تربية الأبناء وقلة الاكتراث وعدم الشعور بالمسؤولية والاختلاف في المستوى العلمي بين القرينين والتفاوت في السن.. و هناك 22،7 بالمائة من حالات الطلاق تعود إلى عقم أحد الزوجين أو إصابته بمرض عقلي أو بإعاقة وتتسبب المشاكل الجنسية وخاصة الخيانة الزوجية وقلة الثقة وشدة الغيرة بين الأزواج في 15،8 بالمائة من حالات الطلاق في حين أن رداءة الوضعية المادية بسبب البطالة والفقر تتسبب في 13،2 بالمائة من تلك الحالات … وهناك دراسة بينت أن الطلاق يؤدي إلى تدهور ظروف السكن للأسرة التونسية في 64 بالمائة من الحالات حيث يتم تغيير مقر السكنى إلى مقر أقل رفاهية.. ويؤدي ذلك إلى ضعف مردودية الأبناء في الدراسة وإلى إصابتهم باضطرابات نفسية وبالأرق وإلى ميولهم إلى العنف والتشرد ويؤدي إلى تدهور علاقاتهم بآبائهم. نتائج لها أسبابها : إن الارقام المذكورة والمستقاة من المصادر التونسية الرسمية ، قد لا تعبر عن حقيقة الاوضاع داخل تونس ، حيث يعتقد البعض بأن الحالة وصلت إلى درجة الخطر مما يجعل المجتمع التونسي ، 10 ملايين نسمة ، يحتضر ببطء نتيجة تلك السياسات التي تحارب الدين و تستبعده من جميع مناحي الحياة ، حتى من البرامج الإعلامية التي تتحدث عن الظواهر المفتكة بالمجتمع. وقد أكدت دراسة بعنوان « تشيخ الهرم السكاني بتونس: رهان كبير للجهازين الصحي والاجتماعي » ، نشرها المعهد التونسي للصحة العمومية (مؤسسة حكومية)، أن نسبة السكان الذين يبلغ سنهم 80 سنة ستبلغ حوالي 18 % مع حلول سنة 2029 و الحال أنها لم تتجاوز 9,3 % في سنة 2004 في حين تقلص عدد الأطفال الأقل من 15 سنة من 18,3 % سنة 1956 إلى 8,1% سنة 2004 وهو ما سبب تقلصا في نسبة الأطفال في سن أقل من 5 سنوات وأيضا في سن التمدرس. وذكرت إحصائيات تضمنتها هذه الدراسة أن جميع الفئات العمرية ستعرف تقلصا ما عدا في سن 80 سنة فما فوق حيث ستمر نسبة هذه الشريحة العمرية من 9,6 % سنة 2009 إلى 12,8 % سنة 2019 ثم إلى 17,7 % سنة 2029 أما الشريحة الأقل من 5 سنوات فستمثل 5,3 % سنة 2029 في حين ستمثل الفئة العمرية 15- 59 سنة والتي تشمل السكان الذين هم في سن النشاط نسبة 68,2% سنة 2009 وهو ما سينعكس حسب هذه الدراسة على تقييم عدد النشطين وتفاقم عدد الطلبات الإضافية التي ستواجهها سوق الشغل والتي تقتضي مواصلة المجهودات المبذولة وتدعيمها لإحداث أكثر ما يمكن من مواطن الشغل والتي تقتضي استيعاب هذه الطلبات الإضافية. وأضافت الدراسة التي أعدها الدكتور، سعيد الحجام، أن هذا « التهرم » ستكون له انعكاسات اجتماعية على جميع الميادين الصحية والتغطية الاجتماعية والتقاعد والتعليم والتكوين والتشغيل والسكن وغيرها . الامية في تونس : ففي دراسة نشرتها الباحثة سامية الجبالي في جريدة  » الجريدة  » التونسية ( 2 ) بمناسبة اليوم العربي لمحو الامية  » لا يسعنا والمجموعة العربية تحتفل باليوم العربي لمحو الأمية إلا أن نندهش للبيانات التي أصدرت مؤخرا والمتعلقة بأمية الشباب من الفئة العمرية دون 30 سنة حيث تبين الإحصائيات أن 220 ألف شاب يعانون من الأمية بمعنى أنهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة  » و تابعت  » لئن أشارت التقارير ذاتها إلى إقبال هذه الفئة على برنامج محو الأمية فإن النسبة المذكورة تبدو مثيرة للاستغراب خاصة وأن إقرار إجبارية التعليم ومجانيته في تونس يعود إلى ما يقل عن أربعة عقود مما يفترض بالضرورة أن تتمتع شريحة الشباب ممن لم يتجاوزوا 30 سنة بكل فرص التعليم أقله إلى حدود المرحلة الابتدائية التي تشير الإحصائيات بشأنها إلى تطورها لتبلغ 99% بالنسبة إلى الأطفال في سن السادسة مع تسجيل تراجع في نسبة الانقطاع بالمرحلة الابتدائية إلى 1,5% خلال سنة 2006  » . وفي السياق ذاته تشير إحصائيات وزارة التربية والتكوين للسنة الدراسية 2005-2006 إلى انقطاع حوالي 83 ألف تلميذ من المرحلة الأولى والثانية للتعليم الأساسي وحوالي 65 ألف تلميذ في مرحلة التعليم الثانوي وتسجل السنة السابعة أساسي بنصيب الأسد من عدد المنقطعين وتفوق نسبة انقطاع الفتيات عن الدراسة بكثير نسبة الانقطاع لدى الفتيان. وقد كانت سلط الإشراف بحثت في أسباب الانقطاع المدرسي وتوصلت إلى أن أهمها يعود إلى ضعف نتائج المتعلمين في مواد العربية والفرنسية والرياضيات علاوة على معاناة عدد كبير مهم من صعوبات عند الارتقاء من مرحلة تعليمية إلى أخرى مما ينعكس على بقية المراحل التعليمية، تنضاف إليها صعوبة الاندماج في الحياة المدرسية لدى بعض المتعلمين وتبقى الغيابات المتكررة للتلاميذ والمدرسين مؤثرا رئيسيا في مستوى التلميذ ويساهم في إضعاف مكتسباته وعدم القدرة على المواصلة إلى مستويات تعليمية أخرى. أما فيما يتعلق بأمية الشباب التي ينتظر أن يتم إعداد سجلات خاصة بهم تساهم في تحديدهم واستهدافهم ببرنامج تعليم الكبار قصد القضاء على الأمية في مجتمعنا فقد أرجع الخبراء أهم الأسباب إلى عدم قيام أوليائهم بترسيمهم بالمدارس عند بلوغهم سن التمدرس وينتظر أن تكون مصالح وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين قد اتصلت ببيانات من العمد ومديري المدارس ذات الأولوية توضح عدد الأطفال المنقطعين وعدد الأطفال البالغين من العمر ست سنوات وأكثر الذين لم يقع ترسيمهم بالمدارس وتحديد أسباب هذا العزوف. ولنعود إلى مسألة أمية الشباب فإن تسجيل نسبة 6% من مجموع الشباب من الفئة العمرية دون 30 سنة التي تمثل نحو أربعة ملايين، من مجموع السكان يدعو إلى التساؤل عن مصير هؤلاء في عالم يتحدث عن صنف جديد من الأمية هو الأمية الرقمية وفي مجتمع يواجه تحديات مرحلة قادمة تتطلب ثقافة من نوع جديد هي ثقافة التكنولوجيا الحديثة. ويعود ارتفاع نسبة الأميين في تونس و لا سيما الشباب لارتفاع اكاليف المعيشة والدراسة التي لم تعد مجانية كما يزعم النظام التونسي ، وقد دفعت البطالة ببعض الآباء لعرض ابنائهم للبيع في السوق العام و هو ما تحدثت عنه وسائل الاعلام الدولية في حينه . ارتفاع نسبة التضخم : ونظرا للعلاقات غير العادلة في الميدان الاقتصادي الدولي سجلت الدوائر الرسمية عجزا في الموازنة، مع التأكيد باستمرار بأن الارقام الرسمية دون الحقيقة ،و إنما نسوقها من باب من فمك أدينك ..فقد أظهرت إحصائيات نشرها يوم الثلاثاء 9 يناير 2007 معهد الإحصاء التونسي أن معدل التضخم في تونس في عام 2006 بلغ 4.5% في مقابل 2% في عام 2005 بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والتفاوت في النمو بين الصادرات والواردات. وأضاف المعهد، وهو مؤسسة حكومية، أن هذا العجز بلغ 4.47 مليار دينار2.79) مليار يورو) وأن الأسعار قد ارتفعت بنسبة 1.3% في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي مقارنة بنفس الشهر من عام 2005. من جهة أخرى، ارتفعت الواردات بنسبة 15.8% لتصل إلى 19.7 مليار دينار في حين سجلت الصادرات التونسية خلال عام 2006 نموا بنسبة 12.6% مقارنة بعام 2005 حيث بلغت نحو 15.3 مليار دينار. ولاحظت الدوائر الرسمية التونسية أن هذا التفاوت في النمو بين الصادرات والواردات خلف تفاقما في عجز الميزان التجاري بنسبة 28% مقارنة بعام 2005، وصل إلى 4.47 مليار دينار وهو ما جعل نسبة تغطية الواردات بالصادرات تتراجع عام 2006 بـ2.2 نقطة مقارنة بعام 2005 لتصل إلى 77.4% . إقبال الشباب على التدخين : وفي ظل سياسة تستهدف لتدمير المجتمع على فرضية أن ذلك سيقود لخلق مجتمع جديد ( مجمتع منهار على كافة الاصعدة ) نشرت صحيفة الحياة الصادرة في لندن يوم 8 يناير 2007 تقريرا عن حالة طلاب المدارس و تعاطيهم للتدخين ،فقد ذكر التقرير ما يلي  » في سن الثانية عشرة يدخن الطفل أول سيجارة بدافع الفضول، لكن شيئاً فشيئاً يتعود عليها فلا يستطيع تركها. وعبثاً يحاول الكبار إقناع الأبناء بمضار التدخين، إلا أن 61 في المئة من المدخنين اليافعين في تونس يعرفون حقيقة الأخطار التي تتربص بصحتهم ومع ذلك يمضون في صحبة السيجارة، لا بل ويقبلون عليها بشراهة  » .. هذا ما أظهرته نتائج تحقيق بين الشباب أجراه فريق طبي في مستشفى « سيدي مخلوف  » في محافظة مدنين التونسية (جنوب). ورأى خبراء اجتماعيون أن الدراسة غير بعيدة عن الأوضاع في المحافظات الأخرى. وكشف التحقيق الذي نُشرت نتائجه أخيراً أن التدخين يرتفع بنسبة 75 في المئة بين الشباب الذين يوجد في أسرهم مدخنون، لكن التأثير متفاوت بين الأب والأم، فإذا كان الوالد هو المدخن تصل النسبة إلى 61 في المئة أما إذا كانت الوالدة فالنسبة لا تتعدى 5 في المئة، وهي تزيد إلى 40 في المئة حين يكون للشاب صديق مدخن. وفي سياق متصل أجري تحقيق بين الطلاب في ثلاث ثانويات في محافظة زغوان (شمال) في فترات مختلفة من عام 2006 وأظهر أن 25 في المئة من الطلاب يدخنون. ورجح الباحث منصف رماحي الذي شارك في التحقيق أن هذه النسبة مقاربة للمتوسط الوطني. وعزا المدخنون إقبالهم على السجائر إلى كونها « تهدئ الأعصاب » 47 في المئة ، أو إلى أنها « تمنح المدخن نكهة خاصة  » ،5 في المئة، غير أن التحقيق كشف أن 98 في المئة من المدخنين هم من الذكور، وهذه ليست الحال في المحافظات الأخرى وخصوصاً في العاصمة تونس حيث يعادل عدد المدخنات عدد المدخنين أو يتجاوزه، ذاك أن زغوان منطقة زراعية وأهلها يميلون الى المحافظة الاجتماعية.من جهة أخرى اظهر التحقيق أن 52 في المئة من الشباب الذين جربوا التدخين تعلقوا به واستمروا عليه، وأوضح أن السيجارة الأولى بالنسبة لـ 32 في المئة منهم كانت فقط بدافع الفضول. وتأتي السيجارة الأولى عادة في سن الثانية عشرة، ثم تتزايد نسبة المدخنين مع ارتفاع سن الطلاب. واعترف ثلاثة طلاب من أصل كل أربعة بأنهم يعرفون جيداً الأضرار المترتبة عن التدخين ومع ذلك يستمر 61 في المئة منهم في التدخين. أما الطلاب غير المدخنين فإن ثلثيهم عزوا ابتعادهم عن السجائر إلى أسباب صحية ولكونهم لا يشعرون برغبة في التدخين، وقال نصفهم إنهم لا يكونون مرتاحين أمام زملائهم المدخنين، لا بل ويشعرون بنوع من الحرج كونهم ليسوا مثلهم. وركز التحقيقان على درجة انشداد الطلاب الى السجائر، فأظهر التحقيق الذي أجري في ثانويات زغوان أن النسبة تتصاعد من 1 في المئة لدى الأطفال الذين تراوح سنهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة إلى 46 في المئة لدى من تزيد سنهم على 18 سنة. أما التحقيق الذي أجري في سيدي مخلوف فكشف أن 39 في المئة من الطلاب المدخنين يستطيعون التخلي عن التدخين وأن 25 في المئة منهم لديهم انشداد خفيف الى السيجارة، فيما صار 19 في المئة منهم مرتبطين بها و15 في المئة لا يستطيعون مفارقتها. وشمل التحقيق الثاني 156 شاباً و7 فتيات. واعتبرت الدكتورة زكية البرتاجي المتخصصة بالطب الرياضي أن الشباب غير مطلعين في العموم على مخاطر التدخين وهم يستهينون بها حتى لو عرفوا، وأكد التحقيقان عمق الجهل بالإنعكاسات الصحية الحقيقية للتدخين، إذ طُرحت عليهم أسئلة دقيقة في شأن الأضرار التي يمكن أن تطاول القلب والرئتين والجنين بالنسبة الى الحوامل، إلا أن الأجوبة لم تكن دقيقة. وهذا أحد العناصر التي تفسر انتشار التدخين بين الشباب الذي لديه فكرة عامة عن أضرار التدخين. وأظهر التحقيقان في هذا الصدد أن 40 في المئة من المدرسين غير ملمين بمضار التدخين وأن ثلاثين في المئة لا يعرفون أن النرجيلة لا تقل ضرراً عن السيجارة فيما لا يعرف 44 في المئة أن الدخان الذي يبثه المدخن يحمل مواد سامة. ارتفاع نسبة البطالة : تشير المصادر الرسمية التونسية إلى أن نسبة البطالة في تونس لا تتجاوز 14 في المائة بينما تترواح الارقام المستقلة بين 36 و 46 في المائة ..ويوجد الآلاف من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات العليا . « كل العاطلين عن العمل يتوقون إلى النفاذ إلى سوق الشغل والظفر بمكان لهم فيه. وجل المتخرجين من الجامعات ومراكز التكوين المهني ومدارس المهن يتردّدون على مكاتب التشغيل دون هوادة وينتظرون فرصة الحصول على موطن شغل على أحر من الجمر. ويعيشون على أمل كثيرا ما ردده على مسامعهم المشرفون على مكاتب التشغيل ومفاده أن البطالة لن تدوم طويلا وأن هناك حلولا في الطريق. لكن في الحقيقة فإن كل التوقعات المتعلقة بقطاع التشغيل تشير إلى أن المستقبل القريب سيكون صعبا  » كان ذلك جزء من مقدمة دراسة أجريت حول البطالة في تونس  » وفي هذا السياق ينتظر أن تبرز عوائق كثيرة ناجمة عن التغيرات الديمغرافية من ناحية وعن تزايد عدد السكان الذين هم في سن النشاط المهني من ناحية أخرى إضافة إلى ارتفاع عدد المجازين وخريجي التكوين المهني. فباعتبار فرضيات عدد السكان الذين هم في سن النشاط سيرتفع الطلب الإضافي للتشغيل ليبلغ حوالي 87.2 ألفا سنويا خلال العشرية 2007ـ2016 مقابل 80.3 ألفا كمعدل سنوي خلال المخطط العاشر » وتشير الدراسات إلى أن  » تأثير انخفاض الخصوبة والنموالسكاني المسجل في الفترات الأخيرة على حجم الطلبات الإضافية للتشغيل لن يكون محسوسا إلا بداية من أواخر الخماسية 2012ـ2016 ومن المؤكد أن هذا الارتفاع المهم في حجم الطلب الإضافي للتشغيل وفي عدد حاملي الشهادات سينجم عنه ضغوط كبيرة على سوق الشغل  » وباعتبار التحديات المرتقبة على الصعيدين الوطني والعالمي وخاصة الضغوط المنتظرة على سوق الشغل جراء المستويات القياسية التي ستبلغها الطلبات الإضافية خاصة من بين حاملي الشهادات العليا، يجب الارتقاء بنسق النمو إلى مستويات أرفع تتجاوز 6 بالمائة ومضاعفة الدخل الفردي والتقليص في نسبة البطالة بأربع نقاط قبل نهاية العشرية. و هو ما تجد الحكومة نفسها عاجزة تماما عن الوفاء بذلك. ويستوجب تجسيم هذا الهدف تحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الإجمـالي بمعدل 6.3 بالمائة خلال كامل العشرية 2007-2016 على أن تتطور هذه النسبة بصفة تصاعدية لترتقي من معدل 6.1 بالمائة خلال المخطط الحادي عشر إلى 6.5 بالمائة في المخطط الثاني عشر. كما يستوجب إحداث 925 ألف موطن شغل جديد بمعدل 85 ألف موطن شغل في السنة خلال المخطط الحادي عشر و100 ألف موطن شغل في السنة خلال المخطط الثاني عشر. و لكن ليست هناك أي مؤشرات على إمكانية النظام تحقيق تلك الطلبات .. ويبرز من خلال تطور هيكلة البطالة حسب المستوى التعليمي تزايد حجم العاطلين عن العمل الذين لهم مستوى التعليم العالي حيث ارتفعت نسبهم في مجموع العاطلين من 3.6 بالمائة سنة 1997 إلى 13.6 بالمائة سنة 2005. ويرجع هذا التزايد بالأساس إلى الارتفاع المتواصل لحاملي الشهادات العليا والذي أدى بدوره إلى ارتفاع نسبة البطالة لمن لهم مستوى التعليم العالي والتي بلغت 14.8 بالمائة سنة 2005 مقابل 8.1 بالمائة سنة 1997. في المقابل تجدر الإشارة إلى تراجع نسبة الذين تتعدى مدة بطالتهم السنة من 49.1 بالمائة سنة 1997 إلى 40.2 بالمائة سنة 2005 أي ما يوازي قرابة 9 نقاط كاملة. وكانت نتائج الاستشارة الشبابية ( 3 ) قد كشفت أن 75,9 بالمائة من الشباب العاطل يرى أن بطالته تعزى لعدم توفر مواطن شغل وأن 45,5 بالمائة يرغبون في وظيفة قارة بالقطاع العمومي و46 بالمائة يرغبون في العمل للحساب الخاص و52,7 بالمائة مستعدون لتعاطي عمل يدوي و72 بالمائة من الذين لا يحبون العمل اليدوي يرجعون ذلك لأنه لا يستجيب لطموحات الشباب ويرى 51,3 منهم أن وسيلة الحصول على شغل هي الشهادة و34,2 بالمائة يرون أن التدخلات والعلاقات الخاصة أي  » الواسطة  » هي التي تمكن الشباب من الحصول على شغل ونجد 69,6 بالمائة يرفضون الشغل بعقود قصيرة المدى أو دون عقود شغل. (1) حصل ذلك في معهد المنصورة بأول مدينة اسلامية في افريقيا ،القيراون ، وكأن الجريمة تشفيا من ذلك التاريخ. (*) تمعنوا في الحلول المطروحة للشباب ( حبوب منع الحمل والواقي) (2) بتاريخ 13 يناير 2007 (3) تجدر الإشارة إلى أن جميع البيانات وما يوصف بالدراسات التي تقوم بها الجهات الرسمية لا تطلع الرأي العام سوى على ما يخفف من حدة الانتقادات أو حجم الإخفاقات أو يخدم بصورة أو بأخرى سياسة النظام الحاكم ،ولكن الأرقام على قلتها أو تطويعها أو تزويرها تظهر جانبا من حصاد العالمانية المدمر على كل مناحي الحياة في تونس. (المصدر: موقع الحوار نت (ألمانيا) بتاريخ 14 مارس 2007)


الحجاب وما خلف الحجاب في تونس

     

  عبد المجيد الحواشي     « الإسلاموية الجديدة » والأدوات البالية في مواجهتها… حملة جديدة قديمة أطلقها مؤخرا النظام القائم في تونس ضد مرتديات الخمار. وقد عودنا هذا النظام في مثل هذه المناسبات على تكثيف دعايته لحجب الحقائق حتى وان غدت ستائره شفافة. لذلك فان إدراك أبعاد مسألة الحجاب في تونس يظل متوقفا على النظر فيما وراء الحجاب… كثيرة هي العلامات الدالة على أن هذه الحملة، خريف 2006، لم تخرج عن نسق وأسلوب مثيلاتها التي عرفتها البلاد التونسية في مطلع التسعينات من القرن الماضي والتي استهدفت الإسلاميين وغير الإسلاميين من معارضي نظام الحكم. وحمل هذا التماثل إلى خشية بعض الملاحظين من أن تكون هذه الحملة تمهيدا لموجة جديدة من الإيقافات والملاحقات والمحاكمات كما كان الحال في السابق و كأن التاريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه. فقد تحرك الحزب- الدولة بسائر آلياته ومن أعلى هرم السلطة أولا لتعم بعد ذلك حركة الحشد الاستعراضي للمواطنين و »مناضلي » التجمع الديموقراطي الدستوري (الحزب الحاكم في تونس) وملأ الخطاب الأحادي الأوحد ذو اللغة الخشبية فضاءات الاجتماعات و أعادت هذه الأجواء إلى الأذهان مناخ بداية التسعينات سيما وأن الخطاب التعبوي حافظ على كل مفرداته و نبراته وبدا دعاته في تماهيهم وكأن الواحد منهم يستنسخ الآخر. ولم تفوت بعض الأحزاب المعترف بها فرصة الانخراط في هذه الحملة واستنفرت كالعادة وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة لتعزف سيمفونيتها المعهودة لترقص على نغماتها أشباح الماضي… منذ ما يزيد عن الخمسة عشر عاما خلت كانت الدعاية الرسمية « المعادية » للمد الاسلا موي قد ركزت تحريضها على أن الخمار « لباس مستورد » لا يمت بصلة إلى » اللباس التقليدي التونسي الأصيل ». ولم يفت هذه الأصوات أن تؤكد على أن هذا اللباس له صبغة « طائفية » تدل على انتماء إلى « أقلية ضالة من المتطرفين ». وقد تسنى آنذاك للنظام القائم كبح جماح الحركة الاسلاموية بواسطة السياسة القمعية التي سرعان ما انسحبت على جميع المعارضين لخياراته بمن فيهم الأطراف الليبرالية. وبعد أن تباهى رموز النظام التونسي و في أكثر من مناسبة في المحافل الدولية باستئصال » التطرف » و »الإرهاب » من البلاد ها أنهم يعودون إلى نفس الاسطوانة. عودة بدا من خلالها من الوهلة الأولى هزال و اهتزاز الخطاب الدعائي الرسمي الذي اكتفى في البداية بالتركيز على الطابع « المستورد » للحجاب وكأن اللباس العصري من صنع أجدادنا. ويبدو أن الهيئات القائمة على الشأن العام في تونس توجست برهة من الزمن من « تسييس » هذه الجولة الجديدة من معركتها مع الإسلاميين وآثرت إدانة أنصار الخمار باعتماد قرائن  فلكلورية. ولما اتضح هزال هذه الأساليب لم تجد السلطة بدا من العودة الى عبارات « الزى الطائفي » وترسانة العبارات الأخرى المتقادمة… ولا يفوتنا في هذا السياق التشديد على الخلفية الاديولوجية و السياسية الواعية أو غير الواعية لارتداء الخمار في شتى الأقطار العربية والإسلامية. لذلك فالمسألة لا تدخل في رأينا في الحيز الحقوقي لـ »حرية اللباس » كما يدعو إلى ذلك البعض عن حسن نية أو عن تملق للتنظيمات الاسلاموية. على أننا نكتفي بهذا الاستطراد لنعود في مناسبة أخرى قد تحتم فيها المجادلة حول هذا الموضوع. والذي يهمنا هنا في المقام الأول هو تبين الرفض الرسمي للتعاطي السياسي مع الظاهرة الاسلاموية وتفضيل المعالجة الأمنية لهذا الملف من طرف نظام يدعي المحافظة و الدفاع على المقومات التحديثية للمجتمع. ولا يقتصر هذا الرفض فقط على التفقير المدقع للخطاب السياسي المناهض للإسلاميين وحبسه في دائرة ماضوية عقيمة بل و خاصة على عدم الاعتراف بالحجم المفزع لاتساع دائرة التأثير الاسلاموي و النظر في أسباب هذه الاتساع.يكون من المفيد جدا ضبط النمو الكمي للوافدين الجدد على الشعائر الدينية لو توفرت الدراسات ولو سمح للبحث العلمي أن يتخطى هذه العتبات الممنوعة حتى يفيد البلاد والعباد. وعلى الرغم من هذه الهنات فان المتأمل في الواقع التونسي يمكنه أن يتبين بالعين المجردة الطفرة المذهلة للـ »متدينين » و »المتدينات » حسب التعبير التونسي والتي طالت جميع الطبقات والفئات والمناطق بدون استثناء. و مما يشد الانتباه أن هذا التضخم المشهود في عدد المتعبدين جد في فترة تعرضت خلالها حركة « النهضة » الاسلاموية إلى موجة قمع أضرت أيما ضرر ببنائها التنظيمي. لذلك فان اتساع الظاهرة المذكورة تم ظاهريا بصفة معزولة عن التعبيرية الاديولوجية و السياسية الأم للحركة الاسلاموية في تونس و التي تمثلها حركة  » النهضة » وريثة « الاتجاه الإسلامي ». غير أن فك الارتباط التنظيمي هذا لا يعني أن هذه الظاهرة بريئة ومحايدة اديولوجيا وسياسيا أو ستظل كذلك على الدوام. ومما يسترعي الانتباه أيضا الطقسية الجماعية لهذه الظاهرة من خلال تنظيم اللقاءات و استغلال المناسبات في الأفراح و المآتم للدعوة إلى « التدين ». هذا فضلا عن البدع التي تروج خلال هذه اللقاءات حول « عذاب القبر » و « صلاة الاستخارة » وتبادل النصوص والكاسيتات المروجة لهذه المحتويات…. وبطبيعة الحال فان مزيد الإقبال على الخمار رغم وجود المنشور 108 الذي يحجر هذا اللباس يتنزل ضمن هذه الظاهرة العامة التي يمكن المجازفة  بنعتها  بـ » الاسلاموية الجديدة ». وتبقى هذه الظاهرة الاجتماعية في حاجة إلى أكثر من دراسة أنثروبولوجية قد تنير السبيل إلى رصد تداعياتها السياسية ولو بطريقة استباقية ما لم تتأكد علاقتها العضوية أو المباشرة بالمجال السياسي. والواقع أن وجوب الحذر في توصيف هذه الظاهرة لا يمنع من معاينة منشئها و سماتها العامة في علاقة بنوعية المناخ و التربة التي ترعرعت فيهما وهو ما تتجنب السلطة القائمة في تونس على لدوام الخوض فيه.ولا نضيف جديدا عندما نذكر بوطأة الأزمة الهيكلية العامة والتي ما انفكت تغذي لدى الشباب الشعور بالإحباط مع استفحال البطالة و انسداد الأفق، هذا فضلا عن التصحر الفكري والسياسي والثقافي الذي يتعهده النظام القائم. و يكفي أن نذكر في هذا السياق أن الحملة الأخيرة على الخمار تزامنت مع منع الفرقة المسرحية العتيدة « فاميليا » من عرض مسرحيتها « خمسون » التي تتناول موضوع مرور خمسين سنة على استقلال تونس. وعلاوة على ذلك فان السنين العجاف هذه قد شهدت تخريبا دائما لأطر الحوار الاجتماعي والفكري والسياسي التي تميزت بها تونس منذ القدم. وقد عششت في هذه الأطر شتى أرهاط البيروقراطية والوصولية والوشاية وكاد المجتمع يفقد مناعته وحسه النقدي بل والاحتجاجي ضمن الإطار الواعي و الحضاري و البناء. كما أصبحت أخبار و نوادر الفساد على كل لسان و استعصى التفريق بين الغث و السمين منها. فكيف يمكن لنتوء ظاهرة ما وسط هذه الأوضاع أن لا تحمل دلالة سياسية لا سيما بعد أن أرادت لنفسها أن تكون إسلامية والإسلام سياسي أو لا يكون. كما أن الإسلام السياسي يمثل أيضا المحيط الطبيعي لانتعاش الاسلاموية الجديدة بفضل الثورة التكنولوجية من ناحية و استفحال المظالم و الحروب العدوانية على الشعوب العربية من ناحية أخرى هذا فضلا عن اتساع مجال التطرف والجهادية السلفية والإرهاب المعولم. وقد جعل هذا الاكتساح الإعلامي من الصعب جدا بل ومن المستحيل على التونسيين أن يظلوا بمنأى عن الدعاية الإديولوجية والسياسية لعمرو خالد وبن لادن و الزرقاوي و حسن نصر الله وأحمدي نجاد… وأكثر من ذلك فان الدعاية لهذه الرموز الاسلاموية تأتي حتى من رحم النظام القائم نفسه وأجهزته الإعلامية، والا كيف نفسر صلف و مغالاة صحف الإثارة في الدفاع عن النظام القائم كلما تعلق الأمر بتصفية حساب تنظيم أو جمعية أو شخصية معارضة والتغني في ذات الحين ببطولات هذه الرموز الاسلاموية بدعوى « دعم المقاومة »؟ ولم يعد يخفى على أحد الابتزاز والتوظيف السياسي للمشاعر الدينية للتونسيين لصالح أطراف اسلاموية أجنبية من اجل ترفيع مبيعات الجرائد و تكديس الأرباح على مرأى ومسمع من أجهزة الرقابة والمصالح السياسية التي لا يمكن أن يخفى عليها في طاحونة من تصب هذه الازدواجية؟ فهل رأيتم فصيلا اسلامويا واحدا ممن تسبح بأسماء قادتهم صحفنا في تونس يقوم بالدعاية في الأوساط النسائية دون أن تكون عضواته ترتدين الخمار أو على الأقل تقبلن بحرية اللباس للمرأة المسلمة؟ يحدث كل ذلك و الأصوات الحرة للنخبة النيرة في تونس ممنوعة من التعبير عن آرائها ومحرومة من حريتها ومن تبوء مكانتها الطبيعية في هذا السجال الذي يتعلق بتقرير المصير. ولا نخال صيحة الفزع هذه على الرغم من الجهود المبذولة في الأوساط الرسمية لتقليصها إلا اعترافا ضمنيا بالفشل الذريع لأسلوب المعالجة الأمنية. وعبثا تسعى السلطة السياسية إلى حصر المسألة في قضية الخمار فان ذلك لن يحد من خطورة المأزق الذي آل إليه الوضع في علاقته بالملف الاسلاموي. وبما أن التاريخ لا يعيد نفسه فان جوهر التناقض حول هذا الموضوع قد تغير بصفة خطيرة بين الأمس و اليوم. بالأمس، طرحت مسالة الخمار في علاقة بنصيرات وعضوات « الاتجاه الإسلامي » ثم « النهضة ». أما اليوم فالظاهرة توسعت بصفة غير مسبوقة واتخذت صبغة مجتمعية بل و لم يعد بوسع النظام القائم أن يدين طرفا سياسيا معينا بوصفه مسئولا عنها. لذلك فان التناقض أصبح بين الدولة وفصائل عريضة من المجتمع تشمل على ما يبدو حتى أفواجا من منخرطي الحزب الحاكم نفسه الذين جرفهم سيل الاسلاموية الجديدة. وفي ظل شمولية النظام القائم و انعدام الحوار الحر و طغيان الأحادية فان الأوضاع قد تؤول إلى معضلة حقيقية. ذلك أن بقية القطاعات المجتمعية التي ترفض المعالجة الأمنية للقضايا العامة والتي تنتصب على طرفي نقيض من السلطة والحركات الاسلاموية وتتطلع إلى مشروع مجتمع يناهض الاستبداد بشتى أشكاله ستظل مواقفها مصادرة وآراؤها غير مسموعة لا لشيء إلا لأنها ترفض الانخراط في لعبة المضاربات السياسية الممتطية للدين. وبم أن هذه المضاربات قد تؤدي إلى متاهات خطيرة على مستقبل البلاد و العباد فانه يتحتم على كل القوى النيرة أن لا تنسحب من الصراع القائم حاليا حول مسالة الخمار ولا من غيرها من المسائل المصيرية. لان هذه القوى هي الوحيدة القادرة على تحويل المعركة من معركة أمنية أو تكفيرية إلى معركة فكرية ترتقي من خلاها إلى اقتراح العقلانية كمنهجية للتقدم بالوعي الجمعي ومعالجة معضلات المجتمع. ومهما يكن من أمر فان المرجعية في حل الخلاف القائم حاليا حول مسالة الخمار وفي علاقته بالمسألة الاسلاموية لا يمكن أن تكون غير دولة القانون الملتزمة بالحياد، وهي ولا يمكنها أن تضمن هذا الحياد ما لم يتم فصل الدين عن الشأن السياسي. (المصدر: موقع « الأوان، منبر العقلانيين العرب »، تصفح يوم 14 مارس 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=32&Itemid=4

هوامش من كتابات دون حبر

 الطاهر العبيدي / رئيس تحرير مجلة تواصل باريس
الإهداء إلى الراحلة فاطمة غشام صفر( 1 )، إلى المسافرة في صمت دون كلام، وإلى كل الأمهات الراحلات منهن والباقيات، المحرومات من أبنائهن وهم على قيد الحياة، سواء كانوا في السجون أو في الشتات…    أستسمحك سيدتي الكريمة وأنت بين يدي الرحمان، في تسجيل هذه السطور المستعارة من زمن الوطن المستعار، وزمن واقع التيه والحصار، وزمن مواطن مع وقف التنفيذ، وزمن الإهانة والذلّ بالجملة والتقسيط، وزمن ديمقراطية المدافع وحرية المشانق، وزمن الانهيار الأخلاقي والقمع الإسمنتي، وزمن الاستكبار العالمي في محاولة ترجمة بعض تفاصيل يوميات الحزن العادي، ومعارك اغتراب الوطن السبي، ورسم عناوين نبأ رحيلك إلى جوار ربّك، ورصيدك في الحياة ابنا اختار التمركز خلف فوهة القلم الحر، للدفاع عن طوابير المهجّرين واللاجئين والمسجونين والفارّين من سعير أوطان تدوس القيم وتستعبد الإنسان، فكانت الضريبة باهظة الأثمان، تغادرين أنت الحياة وتحرمين من وداع ابنك الوداع الأخير، ويحرم منذر صفر من حضور جنازتك وتقبيلك قبل السفر والرحيل…

سيدتي الكريمة قد لا تعرفيني، كما بدوري لا اعرف كل أمّهات المنفيين والمطاردين والممنوعين والمسجونين، الذين تتساقط أنباء فقدان أمّهاتهم الواحد تلو الآخر، كما تتساقط أوراق الخريف، أو كما تتساقط النجوم في الليالي القمرية وليالي الحصاد، أو كما تهوي السنابل المثقلة بأمطار الخريف، آخرها ولا أدري إن كانت معلوماتي حديثة  » الحاجّة فاطمة « ، والدة الأستاذ عبد الحميد العدّاسي اللاجئ السياسي ب  » الدانمارك « ، الذي ظل طيلة سنوات الهجر والتشرّد والترحال، يحلم بعناق والدته، كما يحلم السجين بمعانقة الحرية، والتخلص من السجن والقضبان،  وكما يحلم الصبية بملابس العيد، وكما تتوق السنابل لعودة الربيع، وكما يحلم الغريب بالرجوع للأوطان، وكما يحلم الغريق بقوارب النجاة، فكان أن لطمه خبر الوفاة بدل اللقاء والعناق، ورحلت والدته وهي تحلم يوما أن تعانق ذاك الطفل الذي نهشته سنوات المنفى والاغتراب، وفرّقت بينه وبين والدته سنوات العطش والجفاف، وتوالت مواسم رحيل الأمّهات، وتتالت الفواجع والأحزان، وبتنا ننام ونستيقظ على فراق الآباء والأمّهات، فراق بلا رجوع وأمّهات وآباء وأحبّة يوارون التراب، وجنائز دون حضور الأبناء، وأنباء هنا وهناك عن فقدان أمّهات وآباء.. ومسجونين ومنفيون ولاجئون  يقفون منتصبون أمام قصف مواجع أخبار فقدان الأحبّة وفراق الأمّهات، منتصبون دون خضوع، واقفون دون ركوع، وأنباء عن احتضار أحبّة ومن صار منهم  من أهل القبور، وأمّهات يغادرن الحياة دون رجوع، مخلفين لأبنائهم المنفيين والمسجونين وجعا مستترا ما بين القلب والضلوع وجرحا نازفا بين طيّات الصدور، منهم على سبيل المآل  » عبد الكريم الهاروني – فخري شليق – منذر صفر- مراد الشابي – والدة زوجة العربي القاسمي – شعبان الشارني – عامر العريض…والقائمة مفتوحة على أخبار الوداع الذي يصفع الوجدان والشعور، ويحرّض الأذهان والعقول أن إيذاء الناس سيظل لعنة إلى يوم النشور…     

    سيدتي الكريمة مرة أخرى دعيني أنقل لك بكثير من الخشوع، خبر وفاتك كيف اعتمل في صدري، وجعلني أخط هذه السطور المفجوعة في أوطان تصادر الفرح وتزرع الأحزان، هدية بسيطة مني لك ولكل أمهات المنفيين والمسجونين والممنوعين والمهجّرين الفارين من التوحّش والاستبداد، والمحرومين من دفء الأوطان، لكل أولئك  الأمّهات اللائى تقاسمن مع أبنائهن محنة السجون والمنافي وعذابات الفراق والرحيل، لأولئك الأمّهات اللائى شاركن في كتابة صفحة الجراحات، لأولئك الأمّهات اللائى غادرن الدنيا وهن يحلمن يوما ما بانقشاع الغيوم والسحاب، وانتصار الفجر ومعانقة فلذات الأكباد، لأولئك اللائى رحلن وفي صدورهن حرقة، وفي قلوبهن لوعة، وفي حلوقهن غصّة، وفي عيونهن أنهار من الدمعة وكثير من التنهّد والأنين، للأمهات اللائى  فجعن في أبنائهن وهم على قيد الحياة، سواء كانوا في السجون أو في الشتات، أو من فارقوا الدنيا نتيجة التعذيب ورطوبة المعتقلات، لكل الأمّهات اللائى فارقن الحياة دون أن يتمكنوا من  رؤية واحتضان الأولاد، للأمهات اللائى تشققت عيونهن بكاء ولوعة على فراق الأبناء والبنات، ولرفاق المحنة الذين باتوا أيتاما، أقول لهم أن كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر، إلا المصائب تبدأ كبيرة ثم تصغر، ولكل هؤلاء أقول أن أعظم كتابات التاريخ، كتبها المنفيون والمسجونين على جدران آلامهم وعلى صفحات عيونهم، وأن دموع الأحزان هي بمثابة المياه الجوفية الكامنة داخل الإنسان، والتي ستظل تختزن كل الملاحم، في انتظار مواعيد الطوفان…

سيدتي الكريمة دعيني مرّة أخرى اعترف لك وأنت بين يدي الرحمان، أني كلما سمعت نبأ وفاة أحد الأمّهات، وخصوصا من كنّ لهن أبناء وبنات في السجون أو في الشتات، يجتاحني حزن عميق، ويفترسني ألم سحيق، ويلطمني وجع كالحريق، وأقف ما بين الصمت والسكوت، أراجع ما يمكن أن يكون، وأتصوّر نفسي مكان من نزل عليه نبأ فراق أمّه بعد سنوات النفي والفراق، وسرعان ما تقفز إلى ذهني صورة والدتي التي لا تملك من حطام الدنيا سواي، والتي لا زالت على قيد الحياة، تحلم هي الأخرى كما يحلم الجياع بقطعة رغيف، أو كما يحلم الضمآن بحفنة مياه، تحلم أن تراني يوما قبل أن يرحل أحد منا إلى مثواه الأخير، فتتضاعف أوجاعي مع كل من فقدوا ويفقدون أمهاتهم، وآلامي تكبر مع آلامهم، فكل أمّهات المنفيين والمسجونين هن دون أن أعرفهم أمهاتي، وحزن أبنائهم أحزاني، ومصائبهم مصائبي، فإن كنت شعرت أنا بألم لفقدانك أيتها الأم الفاضلة  » فاطمة غشام صفر » الراحلة في صمت دون كثير من فوضى الكلام، فعزائي أنك خلفت ابنا ثائرا على أمواج الاستبداد، يرفض أن يقتات من موائد السلطان، ويأبى الارتزاق على حساب قيم الإنسان، وعزاني ثانيا أنك وغيرك من الأمّهات الراحلات والباقيات، جزء من تاريخنا المصلوب على الجدران، ساهمت في تحبير صفحاته، ونسج فصوله وتدوين عناوينه، أمّهات مثلك تحمّلن الأذى، تحمّلن فراق الأبناء، تحمّلن الهجر والبعد والفراق، وتقاسمن معركة الحرية والكرامة والانعتاق، تحمّلن عشرات الأعياد دون أعياد، تحمّلن فظاعة المراقبة وبشاعة التحقيقات، تحمّلن البحث والتنقيب عن أبنائكن وبناتكن في المخافر والمعتقلات، تحملن اللهث والركض ما بين السجون والمستشفيات، تحمّلن رؤية فلذات أكبادكن مقيّدين مكبلين ممنوعين من الكلام، تحمّلن التجويع والتقريع وكل أنواع الحصار، تحمّلن صرير الحرية على إيقاعات الأقدام العسكرية، وكل السنفونيات الصخرية التي تتغزّل بإنجازات الشعوذة السياسية، تحمّلن رؤية أبنائكن وهم يحملون آثار التعذيب والجروح والكسور الظاهرة بالفتحات الدالة على فعل الدولة الإسمنتية، تحمّلن محنة إضرابات الجوع، التي صارت تخسف الأبصار وتدمي القلوب وتوقظ الحس والضمير، تحمّلن السنوات العجاف وسنوات الجمر، وسنوات مواطنة من السلم الوضيع، ومع ذلك أيتها الأمهات الراحلات والباقيات ورغم كل أنواع المظالم والمعاناة، ظللتن واقفات كما أشجار النخيل، باقيات كما أغصان الزيتون، شاهدات على مرحلة من مراحل العهد الرمادي، فأنتن أيتها الأمهات المستيقظات في واقع النعاس، منشور ناطق، يروي للجيل الحاضر والقادم، دون حبر ولا قلم ولا قرطاس، حكايات التصدي للقهر والاستبداد…  فمليون شكر لكن أيتها الأمهات والآباء، مليون شكر لكنّ أيتها الأمهات المساهمات في صمت ودون أضواء، في بذر معاني الرفض والتحدي والصبر وعدم الانحناء، مليون شكر لكن أيتها الأمهات المقاومات، اللائى لا تنتظرن مناسبة 8 مارس يوم عيد المرأة العالمي لأجل نثر التصريحات أو صياغة البيانات… مليون شكر لكن أيتها الأمهات الباقيات والرحلات، فأنتن ببساطة قصائد آتية من رحم الوجيعة، وعدسة تاريخ عهد يشار له بالبنان، فمليون شكر لكن أيتها الأمهات الراحلات والباقيات، فأنتن بيانات أرضية ترجّ الذهن وتلطم النعاس، وأنتن بلاغات عسكرية أبلع من دوي الرصاص، وأنتن المعارضة الواقعية، التي تنبثق من التعب والعرق والكمد وتتجول في الأسواق، وتتكلم لغة بسيطة في لون الهموم وطعم أحزان الناس…  ********************************* فواصل 1 / فاطمة غشام صفر/ والدة المناضل الحقوقي د. منذر صفر التي توفيت يوم السبت  20 – 1 – 2007 ودفنت بمقبرة الجلاز بالعاصمة التونسية يوم الأحد 21 – 1 – 2007 وطبعا لم يحضر جنازتها لأنه أحد الممنوعين من العودة 2 / عبد الكريم الهاروني / أحد قيادات الاتحاد العام التونسي للطلبة التونسيين، محاكم بالمؤبد توفيت والدته السيدة بنت حسن التركي حزنا وهو في السجن ولا يزال. 3 / فخري شليق / قضى 13 سنة بالسجن وفر من تونس، وهو الآن لاجئ سياسي بهولندا وقد توفيت والدته وهو في المنفى الاضطراري. 4 / روى لي عامر العريض، أن والدته المرحومة  » بشيرة  » رأته أحد المرات عبر بعض الفضائيات، وهو يمشي في إحدى المظاهرات، فقفزت من فراشها ونادت بأعلى صوتها ابنتها، أن عامر   » دخل الحوش  » ( دليل على شدة الشوق لرؤية ابنها). 5 / شعبان الشارني / لاجئ سياسي توفيت أمه حزنا على فراقه وبعد أسبوع وهو ما زال يتقبل التعازي يأتيه نبأ وفاة والده ولكم أن تتصورا شدة المصيبة 5 / أحد الأصدقاء اللاجئين، يدعى  » عكاشة  » ذكر لي منذ يومين،  » لقطة  » من واقعة وفاة والده المرحوم محمد الذي انتقل إلى جوار ربه يوم 7 – 7 – 2002 قال: لما كان والدي يحتضر على فراش الموت، جيء بطبيب لمعاينته، وبالصدفة كان هذا الطبيب يحمل نفس اسمي، فبينما جميع أفراد العائلة متحلقين حوله للاطمئنان عليه، أحدهم قال: لقد وصل عكاشة، وحين سمع والدي اسمي نهض مبتسما، وهو يعاني سكرات الموت باحثا بعينيه عني، ولمّا عرف أن المقصود باسم عكاشة الطبيب ولست أنا، عاد واضعا رأسه على الفراش، ليفارق الحياة بعدها مباشرة… 7 / استسمج القراء الكرام في نقل هذه الأبيات من الشعر الملحون، كما وردت على لسان والدتي في إحدى المكالمات الهاتفية الأخيرة، وهي تعبيرات مشحونة بالشوق والحنين، كما حال كل الأمهات اللاتي يعانين من قيض فراق الأبناء، مع الإشارة إلى طلب قرائتها بشكل  » فونيتيكي  » عامي وليس من زاوية عربية فصحى. ********** آه يا مضنوني بعد فراقك الدمعة ولت ساكنة عيوني وما عاد الكلام يصبّرني ولا عاد الدواء ولا الطبيب يداويني آه يا مضنوني بعد فراقك ولت الدنيا ظلمة في عيوني آه يا مضنوني وحشك ورّق في الكبدة غرّق ومعادش مدرّق آه يا مضنوني ارجع وعود وامسح عليّ الأيّام السود قبل ما نفارق الدنيا ونولي تحت اللحود الحاجة فاطمة العبيدي / والدة الطاهر العبيدي تونس أونلين. نت في 14 مارس 2007 www.tunis-online.net info@tunis-online.net

 


بعد إصدار أكثر من برقية إضراب

من المسؤول عن الأزمة التي يعيشها قطاع التربية؟

محمد الحمروني

قررت نقابة التعليم العالي والبحث العلمي الدخول في إضراب إنذاري عن العمل كامل يوم الخميس 5 أفريل 2007 بكل مؤسسات التدريس والبحث بالجامعة التونسيّة، كما أعلنت النقابة العامة للتعليم الثانوي عزمها شن إضراب عن العمل  كامل يوم الخميس 11 افريل 2007، أما النقابة العامة للتعليم الأساسي فتستعد هي بدورها لعقد هيئة إدارية ينتظر أن يكون من أهم نتائجها الإعلان عن موعد قادم للإضراب في القطاع. إضرابات وتلويح بالإضرابات القاسم المشترك بينها أنها صادرة عن هياكل نقابية ممثلة لمختلف قطاعات التعليم، فما الذي يجري في هذا القطاع الذي يهم مستقل أجيالنا ومستقبل البلاد؟ وهل هناك أزمة في قطاع التعليم ببلادنا؟ وما هي الدوافع لمثل هذه الإضرابات التي أصبحت تتكرر مع نهاية كل سنة دراسية؟

مطالب معلقة

وبخصوص التعليم العالي يمكن تقسيم الدوافع إلى الإضراب إلى مطالب مهنية تتعلق بالزيادة في الأجور، وأخرى بيداغوجية وعلمية وتتعلق بالحريات الأكاديمية وخصوصية التدريس والبحث وهامش الاستقلالية والتصرف بالنسبة للهياكل المسيرة للمؤسسات الجامعية المسموح به، وثالثة تتعلق بالحق النقابي وضرورة إشراك الجامعة العامة في كافة مراحل الإعداد لمشاريع القوانين الإطارية للتعليم العالي وكذلك الأمر بالنسبة لتحوير القوانين الأساسية لمختلف أسلاك الجامعيين.

ونفس هذه المطالب تقريبا نجدها لدى أساتذة الثانوي الذين أعلنوا في اللائحة المهنية الصادرة عن الهيئة الإدارية المنعقدة يوم 26 فيفري الماضي جملة من المطالب يمكن تقسيمها هي أيضا إلى مطالب مهنية – مادية ومطالب بيداغوجية ومطالب تتعلق بالحق النقابي. وفي الجانب المادي يطالب الأساتذة بالترفيع في منحة التكاليف البداغوجية والنظر في وضعية المدرسين بمعاهد المهن بما يضمن لهم الاستقرار المهني. وفي الجانب البيداغوجي يطالبون بتشريكهم في وضع التصورات والبرامج التربوية. وبخصوص الحق النقابي يطالبون بحقهم في ممارسة العمل النقابي بما في ذلك حق الاجتماع والإعلام وتعليق البيانات والاتصال بالمنخرطين.

وضع متردي

في حديث مع جريدة الموقف شددت الأستاذة نعيمة الهمامي عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي على إن إضراب يوم الإربعاء 11 افريل القادم يأتي احتجاجا على رفض الوزارة الاستجابة لما تم الاتفاق عليه بينها وبين النقابة.

وقسمت الهمامي نقاط التفاوض مع الوزارة إلى ثلاثة أنواع منها ما وقع الاتفاق بشأنه مع الوزارة وأخرى ما زالت في طور المفاوضات والأخيرة هي التي لم تتلق النقابة بشأنها أي رد.

وشددت على أن الإضراب القادم سببه الرئيسي رفض الوزارة لمطلب تطوير منحة التكاليف البيداغوجية والذي كان يفترض أن يبدأ مفعولها المالي بداية من سبتمبر 2007 ووقع الاتفاق بان يكون آخر فيفري الماضي موعد الاتفاق النهائي بشأنها ولكن هذا لم يحصل.

والى جانب المنحة والحق النقابي يطالب الأساتذة بتحسين ظروف العمل التي أصبحت متردية بشكل كبير. فالاعتداءات على الأساتذة كثرت بشكل لافت إلى جانب التسيب الكبير الذي بات تعرفه المعاهد والمؤسسات التربوية. هذا دون الحديث عن العنف الموجه ضد الأساتذة والإداريين من طرف الأولياء والتلاميذ على حد سواء.

وتعقد النقابة العامة للتعليم الأساسي هيئتها الإدارية يوم السبت 10 مارس القادم وتأتي الدعوة إلى عقد هذه الهيئة بسبب عدم احترام الوزارة بما تم الاتفاق عليه خاصة الزيادة في منحة التكاليف البيداغوجية ومسالة النواب والمنح الجامعية لأبناء المعلمين.

تسويف ومماطلة

وفي تصريح لجريدة الموقف قال الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي محمد حليم أن  الوزارة تكتفي بجلسات التفاوض وأنها لا تبدي الجدية المطلوبة في التعامل مع مطالب المعلمين. فبخصوص المنحة البيداغوجية مثلا تقول الوزارة أنها ليست معنية  بهذا المطلب وهي تقوم في مقابل ذلك على المماطلة والتسويف وغلق الأبواب ومحاولة التفاف على المكاسب. إلى جانب ذلك شدد حليم على أن اغلب قرارات الوزارة تتخذ من جانب واحد بما في التحويرات و سد الشغورات الخ. وعن تشريك المعلمين في وضع السياسات الخيارات التربوية الكبرى قال حليم منذ 3 سنوات ونحن نطالب بتشريك الطرف النقابي في برامج وطرائق التدريس وفي سنة 2004 أقامت النقابة ندوة شرّكت فيها الوزارة. ومنذ ذلك التاريخ والنقابة تطالب بتشريكها في وضع التصورات والخيارات دون جدوى. وشدد حليم على أن النقابيين هم أول من نبه إلى تدني مستوى التعليم بالبلاد.

وتتلخص مطالب المعلمين في الترفيع في منحة التكاليف البيداغوجية وترسيم « المندوبين » وهم صنف من المدرسين غير مرسمين – وقتيين- وحسب النقابة فان أعدادهم تترواح بين 1500 ويصبح العدد اكبر إذا تم اعتبار العرضيين منهم.

وتعتبر الدعوة إلى اجتماع للهيئة الإدارية القطاعية إشارة إلى تأزم العلاقة بين النقابة والوزارة، وحسب بعض المتابعين للشأن النقابي فان مقررات الهيئة الإدارية للتعليم الابتدائي لن تختلف كثيرا عن مثيلاتها في الثانوي والعالي.

رفض الإنصات

ويبدو جليا من خلال ما تقدم أن هذه القطاعات تعاني أنواعا مشتركة من المشاكل هي أساسا مشاكل مادية تتعلق بتدهور الوضعية المادية للمنتسبين للقطاع ومشاكل أخرى تتعلق بحق الممارسة النقابية والحق في المشاركة في وضع التصورات والخطوط العريضة للسياسة التعليمية بالبلاد. ويعني بحسب المتابعين أن ما « تعانيه » قطاعات التعليم ذو طبيعة هيكلية تتجاوز قطاعات التعليم وهي بحسب رأيهم تعبير عن الأزمة التى باتت تعانيها اغلب القطاعات بالبلاد والمتمثلة بالأساس في إقصاء الطاقات عن المشاركة في وضع التصورات وأخذ رأيها فيما يهم الصالح العام. ولا يخص هذا الوضع مجالا بعينه بل يمتد من التعليم إلى الصحة إلى الشؤون الاجتماعية ليصل إلى المجالات السياسية وغيرها.

رفض الجهات الرسمية للإنصات وإشراك مختلف الشركاء الاجتماعيين يتوافق مع رفضها للحوار وهو ما شددت عليه النقابات الثلاثة في بياناتها ودعواتها للإضراب.

فقد شددت الجامعة العامة للتعليم العالي في لائحتها الصادرة عن المجلس القطاعي ليوم 24 فيفري 2007 على استنكارها رفض الوزارة للحوار الجدي والمسؤول ولجوءها بدل ذلك إلى أسلوب المماطلة وعدم الجدية في التعامل مع مطالب الأساتذة الجامعيين.

ونفس الأمر تحدث عنه أساتذة الثانوي إذ أكدوا في لائحتهم المهنية على « عدم تفاوض الوزارة حول الترفيع في منحة التكاليف البيداغوجية وعدم فتحها التفاوض حول مدارس المهن.

وفي المقابل تصر السلطة على رفض تشريك الأساتذة في كل ما يخص العملية التربوية بل تعمد إلى تنصيب الهياكل التي عادة ما تعمل على انتقائها حتى تكون موالية لها .

هذه هي إذا المعالم الرئيسية لتعامل سلطة الإشراف مع نقابات التعليم ببلادنا: رفض الحوار معها رفض تشريكها في وضع الخيارات والتصورات ولتحقيق ذلك تعمد إلى التضييق على العمل النقابي

وتقوم في المقابل بتنصيب الهياكل غير الممثلة والتي عادة ما تكون موالية. إضرابات وتذمر في قطاعات التعليم بكل مستوياته بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام أزمة حقيقية في هذا القطاع فهل تقبل سلطة الإشراف الدعوات المتكررة للانكباب على مشاكل القطاع ومحاولة البحث الجدي عن حلول لها أم أن شؤون القطاع ستظل تدار بنفس الطريقة ….؟

(المصدر: صحيفة الموقف (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 396 بتاريخ 9 مارس 2007)


متابعة للحراك الدائر في قطاع المحاماة في علاقة بالانتخابات القادمة للعمادة والهيئة الوطنية تشرع جريدة « الموقف » في نشر سلسلة من الحوارات مع المترشحين لمنصب العمادة. ونبدأ هذا الأسبوع مع الأستاذ محمد النوري الذي نشر مؤخرا برنامجه الانتخابي على صفحات الانترنت.

النوري لـ »لموقف »: الوحدة هي الوسيلة المثلى لإصلاح الأوضاع

محمد الحمروني

** رفعتم، حسب ما جاء في بيانكم الانتخابي الذي أعلنتموه مؤخرا، ثلاثة شعارات وهي العزة والوحدة والاستقلالية فهل تلخص هذه الشعارات مطالب المحامين؟

إن الشعار الذي رفعته في البيان الانتخابي هو الوحدة والإصلاح: الوحدة لأنني أؤمن بان التفاف المحامين حول هيئتهم يكون سندا قويا لها للقيام بنشاطها على أحسن وجه ، وحدة جميع المحامين هي الوسيلة المثلى لبلوغ الغاية المنشودة ولأنني أؤمن بان العمل الجماعي المشترك هو أساس النجاح عملا بقوله تعالى « ولا تفرقوا فتفشلوا » أنا أؤمن بتعددية المنطلقات والمشارب الفكرية للمحامين أؤمن بان للمحامين الحق في الاختلاف في آرائهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية إذ في ذلك إثراء للمحاماة أؤمن بالوحدة كوسيلة لبلوغ الهدف الذي هو الإصلاح، إصلاح الوضع الراهن الذي أصبح مأساويا أردت بذلك التعبير عما يختلج في نفسي من شعور تجاه الوضع الذي تعيشه المحاماة  والمحامين في هذه الفترة من الزمن فأطلقت صيحة  فزع .  فالوحدة هي الوسيلة للإصلاح  الذي هو الهدف.

قمت بتشخيص الوضع الحالي واقترحت الحلول وقد أشرت إلى مبادئ سامية رأيت من الواجب الحفاظ عليها مثل شرف المهنة ومسؤولية المحامي والنضال المتواصل وتحدثت ولا شك عن العزة والكرامة عندما دعوت المحامي إلى رفع الرأس لأنه يقوم بأشرف وأنبل رسالة على وجه الأرض ألا وهي مؤازرة المظلوم والدفاع عنه ونصرة الحق وإقامة العدل ولأن المحامي عزيز لا ينبغي إذلاله .

** هناك من يرى أن ترشيح هيئة معروفة باستقلاليتها (عن التيارات والأحزاب)  يكون أفضل لخدمة مطالب أبناء القطاع ما رأيكم؟

مادمت أؤمن بان للمحامين الحق في الاختلاف في الرأي وأؤمن في نفس الوقت بوجوب توحيد المحامين أو على الأقل  جعلهم يتبنون موقفا واحدا بعد الحوار المعمق والتوافق فإنني أرى أن قيادة مستقلة للمحامين تكون لها إمكانيات أوفر للتقريب بين وجهات النظر المختلفة لكني لا أقول انه يستحيل على من له خلفية إيديولوجية أو سياسية معينة أن يصل إلى تلك الغاية  إذ يظهر لي أن شخصا غير مستقل يجد صعوبة في الوصول لذلك أكثر مما يجدها المستقل.

** ألا ترون أن وجود أكثر من مرشح واحد للمستقلين من شانه أن يضعف حظوظهم في الفوز ويقوي حظوظ منافسيهم؟ ولماذا لم يقدم أيا من المرشحين المستقلين على سحب ترشحه؟

إن الأنانية أو النرجسية التي يمكن أن تطغى لدى البعض تجعل من الصعب إقناعهم  بسحب ترشحاتهم بالإضافة إلى ذلك فان هذه الطريقة من شأنها تضييق حق  المحامين في الاختيار. وللحد من هذا التسلط فإني أرى انه  يمكن لكل مجموعة البحث قدر الإمكان عن طريقة توصلها إلى تقديم مرشّح واحد وذلك عبر برنامج انتخابي داخلي أو عبر إمكانية التفرغ للمهمة من طرف مترشح أكثر من سواه عبر الاستعداد لتنفيذ البرنامج  الانتخابي المقترح من طرف المجموعة.

وإذا كان من السهل فرض مترشح واحد على مجموعة سياسية متجانسة نظرا للانضباط الذي هو شرط أساسي للتحزب فان  ذلك الفرض قد يؤدي إلى التصدع داخل نفس المجموعة إذا لم يكن مؤسسا على طريقة توافقية  أو انتخابية مسبقة  لكننا نرى انه يوجد تشرذم في كل مجموعة داخل المحاماة  يجعل من الصعب حصول توافق داخلها.

ولنكُنْ صرحاء مع بعض ألا يحمل هذا السؤال خلفية معينة؟ الم يكن المقصود منه هو توحيد المعارضين ضد الموالين للسلطة؟ الم يكن هذا السؤال مؤسسا على قناعة مغلوطة لدى البعض نتيجه للدعاية أو للتهويل وللوسائل المتبعة من طرف السلطة؟ في حين أن الواقع ليس  كذلك.  فالموالون لا يشكلون وحدة متجانسة والمعركة ليست في الحقيقة بين موالين ومعارضين والانتخابات السابقة  أحسن دليل على ذلك إذ دارت الجولة الأخيرة للانتخابات بين شخصين لا يمكن أن نصف أيّا منهما بكونه مواليا ؟

والحقيقة أن المواليين لا يشكلون إلا جزءا يسيرا من مجموع  المحامين  إذ أن اغلب أبناء القطاع معروفون باستقلاليتهم، ولا يمكن للحزب الحاكم أن يحصل على دعم عدد كبير منهم في صورة حصول انتخابات شريفة ونزيهة، إذ ليست لدى الحزب الحاكم  مبادئ سياسية معينة يمكن أن يجمع حولها عددا كبيرا من المحامين فالأغلبية الساحقة من المحامين مستقلون حقيقيون. وإذا أردنا تصنيف من وقعت تسميتهم بالمستقلين فإننا نجد أن هذه الشريحة تحتوي في واقع الأمر على مستقلين حقيقيين يمثلون أغلبية أرادت أقليات ضعيفة الانضمام لها أو التحلي في الظاهر بتلك الصفة لما لها من ثقل انتخابي  وهم على وجه الترتيب الإسلاميون الذين يشكلون لوحدهم الجزء الأوفر من تلك المجموعة  والقوميون الذين لم يحصل بينهم توافق حول زعامة واحدة واليساريون وهم أقليات متفرقة لكنها فاعلة وتنشط في الفترات الانتخابية.

** ألا ترون أن إعلانكم عن نية التخلي عن مهنة المحاماة والتفرغ لمهام العمادة (في صورة الترشح) مناقضا لمبدأ كون العميد يجب أن يكون من أبناء القطاع الممارسين للمهنة؟

أنا لم أعلن أبدا عن نية التخلي عن المحاماة وترشحي لعمادة المحامين اكبر دليل على كوني أتمسك بصفتي كمحام مناضل من اجل تحقيق الأهداف السامية للمحاماة وسأبقى منتميا لقطاع المحاماة طيلة ممارستي لمهمة  العمادة، أنا قلت أني سأتفرغ لمهام العمادة بمعنى أني سأقلص  نشاطي في جميع الميادين الأخرى وسوف أتخلى عن القضايا التي من شأنها  أن تستوعب جزءا كبيرا من وقتي وأجمد نشاطي الحقوقي أو الجمعياتي لتوفير الوقت الضروري للقيام بأعباء العمادة.

** ألا ترى أن حديثك في برنامجك الانتخابي عن انك ستعمل من أجل ان تكون أبواب الهيئة مفتوحة باستمرار أمام المحامين وانك ستتفرغ بالكامل لعمل العمادة، فيه نقد ضمني لعمل الهيئة الحالية؟

أنا لم أتعرض لا بالتصريح ولا بالتلميح إلى نقائص الهيئات السابقة بل بالعكس أرى أن البعض من تلك الهيئات قامت بمجهود محمود لكن أسبابا كثيرة من بينها عدم التفرغ لمهام الهيئة والعمادة حال دون الوصول إلى النتائج المؤملة، والتاريخ وحده هو الذي سيحكم للهيئات السابقة أو عليها علما انه لم يكن الغرض من طرح برنامجي الانتخابي المزايدة على من سبقني أو من سيترشح معي بقدر ما كنت ارغب في البناء. أنا اقترحت برنامجا طموحا عزمت بصدق على التفرغ له لإنجاحه وسيتحقق ذلك بفضل الله وبعونه والله ولي التوفيق.

(المصدر: صحيفة الموقف (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 396 بتاريخ 9 مارس 2007)


القطاع الموازي في تونس: تخريب للتنمية وإجهاض للتحديث

 
عبد الجبار الرقيقي حين تطرح قضية القطاع الموازي في تونس فان أول ما يتبادر إلى الأذهان هو ما يسمّى بـ « الانتصاب الفوضوي  » او التجارة الموازية » في حين أنّ الواقع المعيش يبرهن أنّ القطاع الموازي في بلادنا اشد اتساعا و تعقيدا. و نكاد نجزم بان لكل قطاع وجهين متلازمين متعايشين: وجه « نظامي » و آخر مواز، و محاولتنا ليست دراسة علميّة لهذه الظاهرة الخطرة وإنما هي مجرّد مدخل لرصدها و لفت انتباه الدارسين إليها حتى يقفوا على تجلّياتها و اسبابها و آثارها خصوصا في علاقة المجتمع بالدولة. « التهريب المباح » وهي ابرز ما في هذا القطاع الموازي لأنها طافية على سطح الحياة اليومية و المواطنون يتعاملون معها على مدار السنة و تغلغلت في النسيج الاقتصادي و الاجتماعي لبلادنا و تضخمت حجم المعاملات في إطارها فاكتسحت الشوارع و الساحات العامّة و الأسواق الأسبوعيّة بل استقرّت في المحلاّت و تسرّبت إلى مسالك التوزيع القانونية و أصبحت تساهم في تمويل صندوق الدولة و الجماعات المحلية بالاداءات و الضرائب المختلفة و المخالفات المتأتية من حملات المراقبة العرضية. أما مصادرها فإنها تعود إلى شبكات التهريب و جماعات « التهريب المباح » أي الاستيراد غير الخاضع للقوانين و هذا النوع ينسب إلى الدوائر المتنفذة. و هذا القطاع يحقق وظائف كثيرة مثل امتصاص جانب من العاطلين و يوفر موردا اضافيا للفئات محدودة الدخل و يسمح للعائلات بمواجهة اهتراء قدرتها الشرائية و مسايرة نسق الاستهلاك بما ان التجارة الموازية توفر بضائع ذات أسعار منخفضة مقارنة بالسوق « النظامية »، وهو ما يجعل مخاطر هذه التجارة تختفي تحت غطاء المنافع الاجتماعية الآنية فلا تدركها الا النظرة الشمولية بعيدة المدى. فهذا القطاع شجع تسارع نسق تفشّي الفساد الإداري و الأمني و زاد من استفحال أزمة الصناعات المحلية وهو يهدد جدّيا بشلَ الاستثمارين الداخلي و الخارجي في قطاعات إنتاجية كثيرة. كما ان البضائع المروّجة تطرح علينا قضايا في غاية الخطورة مثل « تبييض الأموال  » او « تمويل الإرهاب » دون أن نغفل عن افتقار المنتوجات المروّجة في غالب الأحيان للمواصفات الدنيا الضامنة لصحّة المواطن و أمانه. و الغريب في الامر أن الجهات الرسمية و الصحف المروّجة لاطروحاتها تتحدث باستغراب و استنكار عن هذه الظاهرة و تتوعد على مدار السنة بالقضاء عليها ترضية لنداءات القطاع التجاري « النظامي » لكن الوعيد و التهديد صرخة في واد و ذرّ رماد على العيون لان هذه البضائع لا تروّج في السرّ و الخفاء و لم تمطر بها السماء، فالجميع يعلم انها تجتاز حدودنا من نقاط العبور و في الموانئ الرسمية و المطارات، كل ذلك تحت انظار الأجهزة الأمنية و الجمركية وهي تُروَج في الأسواق و الساحات و يحصل التجار على وثائق تثبت التزامهم بالاداءات كغيرهم من أصناف التجار فإلى متى الإيهام الذي لا ينطلي على أحد، و الحقيقة المرّة ماثلة أمامنا بأن كل منتوج في السوق الموازية هو مفتاح لإغلاق مصنع و حرمان عمال من مورد رزقهم؟ إدارة موازية هذا الأمر لا علاقة له بنزاهة الموظفين أو جدّيتهم بل يتعلّق بآلية اجتماعية استقرّت و ترسخت منذ سنوات طويلة يطلق عليها البعض مصطلح « الأكتاف » او المحسوبية و لكنها في الحقيقة أبعد من كل ذلك إذ تلتقي فيها ظواهر عديدة متشابكة، فالرشوة تعانق الولاء الجهوي و الولاء السياسي يحتضن إرضاء مراكز النفوذ المالي فتنشأ من كل هذا إدارتان واحدة للمواطنين العاديين مرهقة بتعقيداتها وشدّة بطئها و اعتباطيتها أحيانا، وهي مُهدرة للوقت و الجهد مرهقة للأعصاب مضيعة للمصالح غير مكترثة بمعاناة المواطنين. أما الثانية فسريعة متسامحة يسيرة و لا همّ لها سوى خدمة مصالح الفئات المؤهلة للانتفاع بخدماتها. و المواطن اليوم بعد ان ادرك وجود إدارة « نظامية » و أخرى موازية اصبح حين يعتزم التوجّه الى إحدى الإدارات لا يعد وثائقه بل يتسلّح بكلّ ما يجعل الادارة الموازية تقبل بخدمته وإن لم تفلح أسلحته فالجحيم في انتظاره. والأدهى من كل هذا هو قبول ذهنية المواطن بهذه الظاهرة والانخراط فيها و البحث عن منافذها حتى و إن لم يتطلب الأمر ذلك. و في هذا الخضم تتحول الإدارة إلى محلاّت لإعدام المساواة أمام القانون و تكافؤ الفرص و تتحوّل الى مرادف للفساد و إهدار حقوق المواطنين اعتباطيا. (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 396 بتاريخ 9 مارس 2007)

 

مصانع فرنسية وألمانية وأميركية تنقل بعض فروعها إلى تونس

 
تونس – سميرة الصدفي كشف مسؤولون في مجموعة «متسيلير» (Metzeler) الألمانية المتخصصة بتصنيع قطع غيار السيارات لـ «الحياة»، أن المجموعة «قررت نقل مصانعها من مقاطعة نورماندي شمال فرنسا إلى تونس». لكنهم لم يعطوا تفاصيل عن حجم الاعتمادات التي ستستثمر في إنشاء المصانع الجديدة. كما أعلنت مجموعة «بروسيديك» (procidec) الفرنسية المتخصصة في التعدين عزمها «استثمار 500 ألف يورو لفتح فرع لها في تونس قريباً». فيما أعلنت مجموعة «سانفورد» الأميركية المتخصصة بتصنيع أقلام الحبر الجاف تحت الاسم التجاري «راينولدز»، أنها تخطط لـ «نقل فرعها من فرنسا إلى تونس». وكانت المجموعة تُصنع الأقلام في تونس طوال 35 عاماً في فرعها المحلي، الذي أطلقت عليه اسم «سياب»، ويصدر منتوجاته إلى 27 بلداً في العالم. وستتقدم «سياب» بعد ضم المصنع الفرنسي إليها إلى المرتبة الخامسة عالمياً في مجال صناعة أقلام الحبر الجاف. وأظهرت إحصاءات وُزعت أمس أن تونس «استقطبت مزيداً من المشاريع الاستثمارية في قطاع الخدمات منذ مطلع العام الجاري. وشمل التوسع تحديداً مكاتب الدراسات التي زاد عددها إلى 150 مكتباً للدراسات والاستشارات، فيما لم يكن يتجاوز 6 مكاتب عام 1995، أي قبل انطلاق خطة تأهيل المصانع المحلية التي موَّلها الاتحاد الأوروبي، بموجب اتفاق الشراكة الذي توصل إليه مع تونس في العام نفسه. من جهة أخرى، أفاد المصرف المركزي التونسي في إحصاءات حديثة أن «صادرات زيت الزيتون شكلت ما يزيد على 50 في المئة من الصادرات الزراعية العام الماضي. وتُعتبر تونس رابع مُنتج عالمي لزيت الزيتون، وقُدرت صادراتها منه العام الماضي بنحو 750 مليون دولار، مُحققة إيرادات قياسية. وأظهرت إحصاءات المصرف أن تونس صدرت 167 ألف طن من زيت الزيتون، لتحتل المرتبة الثانية عالمياً على صعيد التصدير والرابعة على مستوى الانتاج. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 مارس 2007)


«الإستثمار في تونس والتحدّيات المستقبليّة»: المشكـلــة الأساسيّـــة

 
تونس-الصباح: حاول منظّمو الندوة الدراسية حول «الاستثمار في تونس والتحدّيات المستقبلية» على مستوى مجلس المستشارين في الأسبوع الماضي معالجة هذه المسألة من كلّ زواياها تقريبا للخروج بحلول أو اقتراحات قد تساهم في التسريع بتدارك مكامن الضعف الحالية التي قد تعرقل تحقيق الأهداف جدّ المتفائلة والمتمثلة أساسا وكما أكدها رئيس مجلس المستشارين عبد الله القلال في «مضاعفة الدخل الفردي للمواطن التونسي الى8 آلاف دينار والى التقليص من نسبة البطالة الى 10.3 بالمائة والقضاء على الفقر المدقع». هذه الأهداف وفي صورة تحقيقها بعد عشره سنوات من الآن فإنّ تونس قد تقترب من مستوى دول منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية OCDE))، التي تعدّ حاليا نحو 30  دولة  أغلبها متقدّمة صناعيا ذات دخل فردي عال  حتى وان ضمّت دولا مثل تركيا ودولا من اوروبا الشرقية اعتبرت قريبة من الدول المتقدمة. وحسب وزير تكنولوجيات الإتصال منتصر وايلي في مداخلة له بالندوة المذكورة فإنّ «50 بالمائة من الناتج المحلي  الإجمالي لأهم دول منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية يرتكز حاليا على انتاج المعرفة ويتطلع الإتحاد  الاوروبي من جهته الى أن يصبح اقتصاده بحلول 2010  أكثر الإقتصاديات العالمية اعتمادا على المعرفة». هذه الارضية قد ينظر اليها في تونس من زاوية «الكأس نصف الملآى» إذا انطلقنا من واقع رقم الـ80 الف  خريج تعليم عال في تونس سنويا  وما يعنيه ذلك من تكوين يتلاءم مع ما يبحث عنه المستثمرون بهذه الدول التي بدأ يلمس فيها عامل التهرّم السكاني وما يعنيه من تقلص الموارد البشريّة لتلبية حاجيات المستثمرين لانتاج الثروة. ومن البديهي ان تكون العقول المفكرة في تونس الواعية بفقر البلاد من الثروات الطبيعية مقابل امتلاكها لثروة  الموارد البشرية التي تم التأسيس لها منذ منتصف القرن الماضي  قد ادركت فرصة هذا الظرف  لتعمل على توجيه اقتصاد البلاد نحو اقتصاد ذي محتوى معرفي وتكنولوجيا عالية بقطع النظر عن مجالات القطاعات صناعة كانت ام خدمات او فلاحة. هذا المنحى يؤكّده وزير تكنولوجيات الإتصال وفي ذات الإطار بقوله من باب الاستباق «ستكون شهادات التعليم العالي حجر الأساس لتمكين الفرد من الإنخراط  الفاعل في اقتصاد المعرفة والاقتصاد الرقمي». هذا الواقع الملائم لطبيعة السياسة التعليمية المنتهجة في تونس المتمثّلة في مجانيتها وشمولها كافة شرائح المجتمع التونسي لا يمكنه حجب حقيقة وكما تمّ التعرض اليه في ندوة «الإستثمار في تونس والتحدّيات المستقبلية» وهو ان الجانب الكمي في التعليم بدا يطغى على الجانب الكيفي له أو جودته الى حد انعكاس ذلك على الاقتصاد حيث انّ بعض الملاحظين يرى أن الجامعة التي يعوّل عليها في تكوين باعثي  المشاريع ذات التكنولجيا العالية وبالتالي المساهمة في احداث أكبر عدد ممكن من المؤسسات، تعرف تقهقرا في دورها جسّمه ضعف وجود مثل هذه المشاريع مقارنة بآليات المساندة التي وفّرتها الدولة لهذه الفئة من الباعثين أصحاب الشهائد العليا على غرار شركات «السيكار» التي يكمن دورها الحقيقي في مساعدة الأفكار المبتكرة وتجسيمها على أرض الواقع… ذات الملاحظين يرون أن الوقت لم يفت بعد للتدارك ومعالجة هذه المسألة بأكثر عمق شفافية لتكون العلاقة بين التعليم والمؤسسة الاقتصادية مضمون مثل هذه الندوات الدراسية الأساسي. التدارك قد يتحقّق إذا انطلقنا من  خلفية تحول كاتب الدولة السابق السيد رضا بن مصباح من مهمّة الإعتناء  بالطاقة المتجدّدة والصناعات الغذائية وما لذلك من علاقة بإحداث المؤسسات الى كاتب الدولة المكلف بالبحث العلمي والتجديد التكنولوجي حاليا وما لذلك من علاقة وثيقة بالجامعة.. لتكون بالتالي معاينة هذه المسألة أكثر واقعية.. عائشة بن محمود (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 مارس 2007)


مساعد وزير الخارجية الألماني في زيارة عمل إلى تونس

 
يؤدي السيد غونتر غلوسر مساعد وزير الخارجية الألماني زيارة الى تونس وذلك من 15 الى 17 مارس الجاري. وتأتي هذه الزيارة في إطار العلاقات الثنائية بين البلدين فيما تتولى ألمانيا رئاسة الاتحاد الأوروبي، كما تأتي أيضا بمناسبة انعقاد الدورة البرلمانية الأورومتوسطية العادية الثالثة التي تنعقد بتونس يومي 16 و17 مارس، وبمناسبة الذكرى الخمسين للعلاقات الديبلوماسية بين البلدين تحيي السفارة الألمانية سهرة وسيلقي خلالها المسؤول الألماني خطابا. شارة احتجاجية حمل موظفو وعملة البريد شارة حمراء طيلة يوم أمس وذلك احتجاجا على بعض الاجراءات الادارية ومطالبة بتوضيح بعض الترتيبات الادارية المتعلقة بالعلاقات بين الادارة والموظفين من جهة وبين الموظف والحريف من جهة أخرى. مؤتمر العمل العربي  تشارك تونس حاليا في أشغال الدورة 34 لمؤتمر العمل العربي الملتئمة بمدينة شرم الشيخ بمصر من 10 الى 17 مارس الجاري وذلك بوفد ثلاثي التركيبة يترأسه السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج. ويضم ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد العام التونسي للشغل. ترويج المنتوج السمعي البصري شرع المجلس الأعلى للاتصال في الاعداد لدراسة معمقة حول ترويج المنتوج السمعي البصري الوطني الواقع والتحديات. وتهدف هذه الدراسة الى تشخيص مختلف العراقيل التي تعيق ترويج المنتوج السمعي البصري وتحد من انتشاره وطنيا وعربيا ودوليا والبحث عن سبل وآليات النهوض به وتحديد سياسة ترويجية جديدة وناجحة. وقد ارتأى المجلس لمزيد التعمق في الموضوع استضافة مختلف الاطراف الفاعلة في القطاع، وفي هذا الإطار عقد المجلس مساء الاثنين 12 مارس 2007 لقاء مع السيدة هاجر بن نصر صاحبة وكالة انتاج مختصة في انتاج البرامج الوثائقية والسيد ناصر الكتاري المخرج والمنتج السينمائي المعروف للتحدث عن واقع الانتاج السمعي البصري في تونس وطرق ترويجه انطلاقا من تجربتهما. وسيواصل المجلس دعوة وجوه أخرى في الميدان السمعي البصري لمواصلة اثراء الحوار حول نفس الموضوع. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 مارس 2007)


بين تونس وليبيا: انطلاق تطبيق قرار مبدإ المعاملة الوطنية على منتوجات البلدين وإلغاء كلّ العراقيل الانتهاء من إجراءات الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة لجميع السلع قبل نهاية النّصف الأوّل من سنة 2007

 
تونس ـ الصباح شهد نهاية الاسبوع الماضي حدثا هاما في العلاقات التونسية ـ الليبية بانطلاق تطبيق قرار مبدا المعاملة الوطنية على الصناعة المتبادلة بين الدولتين والغاء كل العراقيل القمرقية وغير القمرقية امام الانسياب العادي للسلع بين البلدين تكريسا لمبدا المعاملة الوطنية للمنتوجات المتبادلة اي انتقال السلع بين البلدين كانتقالها داخل البلد الواحد وهوما يعد خطوة هامة على درب تعميق مسار الاندماج بين تونس وليبيا. يذكر ان الدولتين كانتا وقعتا منذ فيفري الماضي اتفاقية في هذا الاطار تهدف الى بلوغ المراحل المتقدمة على درب الاندماج في ظل ديناميكية كبيرة تميز العلاقات التونسية ـ الليبية في مختلف المجالات. وسيكون لهذا الاجراء فوائد جمة على المنتوجات التونسية المنشا من ذلك: ـ إلغاء رسم الخدمات الديوانية (في حدود4 بالمائة) إلغاء كاملا. ـ التخفيض من الضريبة على الاستهلاك الى حدود 18 بالمائة بالنسبة للسلع التي كانت نسبة الضريبة بشانها من 25 بالمائة فاكثر، وهواجراء تستفاد منه تقريبا قائمة بـ70 منتوجا على الاقل اهمها الصناعات الغذائية مثل الحلويات والعجين الغذائي والهريسة والمثلجات والمياه المعدنية والغازية وملح الطعام، ومنتوجات الصحة الجسدية مثل الصابون والشامبو، والمواد والاواني المنزلية، والمواد الكهرومنزلية واهمها افران الطبخ والثلاجات والمجمدات، والاثاث، والمواد الحديدية مثل الانابيب والخزانات والاسلاك، وعربات النقل مثل المجرورات وانصاف المجرورات لنقل البضائع، والدراجات النارية، وبعض اصناف الزوارق السياحية، والخراطيم والمواسير، وانابيب الري المصنوعة من الاليمنيوم. استكمال المنفذ القمرقي المشترك وبعد التوقيع على اتفاقية مبدا المعاملة الوطنية،تواصلت المشاورات بين الحكومتين التونسية والليبية وتعددت التوصيات من الجانبين من ذلك التاكيد على ضرورة الانتهاء من اجراءات الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة بالنسبة لجميع السلع قبل نهاية النصف الاول من سنة2007  (انطلاق التطبيق بالنسبة لاكثر من 50 منتوجا) والعوة الى الاسراع بعقد الاجتماع الاول لفريق العمل المكلف بدراسة تطوير وتحديث اتفاقية التبادل الحر.والتاكيد على الاسراع في استكمال المنفذ القمرقي المشترك، الذي هوالان بصدد الانجاز، والذي سيمكن من العزل بين كل ما هونقل بضائع ونقل الاشخاص وسيساهم في تسريع انسياب السلع وتحسين ظروف انتقال الاشخاص. بلوغ عديد الاهداف ويشهد التبادل التجاري بين تونس وليبيا ارتفاعا متواصلا في السنوات الاخيرة خاصة منذ سنة2002 حيث تضاعف بين السنوات 2004/2006 حيث كان لا يتجاوز الـ960 مليون دينار سنة 2004 ليصل الى 1790 دينارا سنة 2006. وعلى مستوى التبادل التجاري تحقق الهدف الاول المتمثل في بلوغ وتجاوز رقم المليار دولار. والمرحلة الحالية يسير التوجه نحو تحقيق هدف بلوغ الملياري دينار مبادلات مع ان التبادل التجاري تميز بالتنوع الى جانب الكم. ويبقى مجال الشراكة بين البلدين كبير جدا خاصة في قطاع الخبرات والخدمات. والمؤكد وحسب تصريحات مسؤولي البلدين ان اهداف الفترة القادمة في مجال الاستثمار طموحة، وان الامكانيات بقدر ما هي متوفرة في البلدين بقدر ما يمكن العمل المشترك من الانطلاق نحو اسواق اخرى وخاصة الافريقية منها وكلما تم التقدم في الاندماج كلما خدم ذلك اهداف التنمية في تونس وليبيا خاصة في المجال الاقتصادي والاجتماعي في ظل المنافسة والعولمة. صالون «ميديبات» وقد تجلت رؤية التعاون التونسي ـ الليبي موخرا في فعاليات الدورة التاسعة للصالون المتوسطي للبناء «ميديبات»التي التامت بصفاقس الذي شهد مشاركة مكثفة لرجال الاعمال من ليبيا (حوالي 100 رجل اعمال) وتخلله كذلك لقاء شراكة بين رجال اعمال البلدين. وقد اكد السيد المنذر الزنايدي في افتتاح الصالون على الدور البارز لرجال الاعمال لتنمية التبادل التجاري المنشود بين تونس وليبيا وكذلك في الاسواق الاخرى ونفس الشيء اكده السيد محمد الحويج امين اللجنة الشعبية العامة للمالية بالجماهيرية الذي اشار الى ان هدف الدولتين هو خلق قوة اقتصادية متكاملة. وبدوره اكد علي عبد العزيز العيساوي امين اللجنة الشعبية العامة للاقتصاد والتجارة والاستثمار على دعوة رجال الاعمال لمزيد استغلال الرصيد الثري للاتفاقيات المبرمة بين تونس وليبيا من اجل خلق قوة اقتصادية متكاملة. سفيان  رجب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 مارس 2007)
 


صنمية الصورة في الفضائيات العربية

 
زهير الخويلدي « لاشك أن عصرنا يفضل الصورة على الشيء،النسخة على الأصل،التمثيل على الواقع،المظهرعلى الوجود…وماهو مقدس بالنسبة إليه ليس سوى الوهم أما ماهو مدنس فهو الحقيقة. » فيورباخ التطرق إلى مسألة الصورة في الحياة اليومية هو موضوع مثير ومشوق مثل إثارة وتشويق الصور المرسلة من قبل  الفضائيات المرئية،والإثارة ليست فقط جسدية بل فكرية والتشويق ليس فقط عاطفيا بل وأيضا روحيا،فنحن نعلم أنه خلال عشر سنوات الأخيرة شهد المشهد الإعلامي العربي ثورة كبيرة في مستوى عدد القنوات التلفزية الخاصة وكمية البرامج الترفيهية والتثقيفية المعروضة فيها وكذلك تنامى حجم الاستثمار المدفوع عليها وهذا كله كان على حساب القنوات الإعلامية الرسمية وأدى إلى كسر الاحتكار المضروب على حرية التعبير من طرف الأنظمة السياسية مما أشاع جو من السهولة في نقل المعلومة واليسر في التواصل بين كافة أرجاء الوطن العربي على نحو غير مسبوق بحيث صارت الحقيقة أمرا يصعب إخفائه على أحد وصار الحدث التاريخي الراهن معروضا على طاولة الشاشات للتحليل والتشريح، وفي كل هذا لعبت الصورة دورا مركزيا،فهي العين الثالثة القادرة على الالتقاط والتصوير من قلب الأحداث والنقل على الهواء ومباشرة ولكن ورغم كل هذا المنظر الجميل يبرز إشكال حول مهمة الفضائيات العربية ومصدر تمويلها ومن يتحكم فيها ويكتشف الفكر الحاذق التباسا حول حقيقة الصورة التي ترسلها إلى العالم وتبثها للمشاهدين وسبب الالتباس هو مضمون المادة المعروضة والأهداف المضمرة والغايات المخفية من هذه الصور، فهل جعلت كما أريد لها المشرفين عليها والمبرمجين أم أنها حققت غايات غير منتظرة وأثرت في أفعال الناس بطريقة غير متوقعة وغير محتسبة؟ ولكن بادئ ذو بدء ماهي الرسالة الخاصة بالفضائيات العربية؟ أو لنقل هل كانت لها رسالة محددة عندما وقع إنشاؤها أم أنها نشأت لسد الفراغ وتحقيق الحاجة دون تنظير وتأطير؟ ثم أليست الصور التي تعرضها على النظارة هي بمثابة رؤى للتواجد في العالم ؟ ألا يتراوح وجود هذه الصور نفسها بين التقليد والتجديد وبين الاستنساخ والمحاكاة من جهة والابتكار والإنشاء من جهة أخرى؟ كيف ينبغي أن  ينظر إلى الصورة؟ هل هي فرصة للانتشاء بالجمال والتمتع بالحياة والإحساس بالسعادة أم أنها تصدير للموت وتكريس للعجز والانحطاط وتصدير للأوهام والسموم؟ هل نذمها أم نمدحها ؟ ماهي تأثيراتها على الحياة اليومية؟ وكيف نحد من مخاطرها إن كانت لها تأثيرات سلبية وكنا لا نقدر على الاستغناء عنها؟ ينبغي تفادي النظر إلى الصور بعيون باهتة محملقة متقبلة والعمل على التسلح بالنظارة النقدية التي تتمثل مهمتها في الفرز والتقويم والتشخيص حتى يتسنى لنا التمييز بين الأباطيل والحقائق وبين العلمي والإيديولوجي وبين الذاتي والموضوعي.
1-     سطوة الصورة:
« إن الرقمية هي المبدأ الميتافيزيقي الآن… » بودريار الإنسان مخلوق الطبيعة الثائر وهي في تقدم مستمر وهذا التقدم شمل المجال الذي من خلاله يظهر للآخر ويتواصل معه وهذا المجال هو مجال الأدوات والسبل التي يستعملها لإدراك الكون والتعبير عن هذا الإدراك ورغم أنه خلق هلوعا جزوعا وأبدى انزعاجه وحيرته أمام غموض الطبيعة ولا تناهي الكوسموس وعبر عن ذلك حكماء الإغريق بقولهم: »إن الوجود غير موجود وان وجد لا يمكننا إدراكه وان أدركناه لا يمكننا التعبير عنه » إلا أنه تجاوز هذه الحيرة و فك عقدة الارتياب بتبني بعض الرؤى العفوية للعالم مثل الأسطورة والسحر والدين التي أعطته تمثل موحد للكون جعله ينتصر للثقافي المكتسب ضد الطبيعي الموروث وليبدأ رحلة الحضارة ويكتب مسيرة التنوير يتعرف عبرها عن كل ما يحيط به أولا وعن كل ما يوجد في قرارة نفسه ثانيا. ولم يتميز الانتقال إلى الحداثة  باستبدال صورة العالم القديمة بصورة حديثة فقط بل بتحويل العالم نفسه إلى صورة منظمة ناتجة عن القدرة التمثيلية الخاصة بالذات. اللافت للنظر أن هذه القصة الحضارية عرفت ثلاث فصول كبرى:الأولى هي فصل القراءة وعرفت بالبداوة والمشاعة حيث كان إنسان يعتمد على الملفوظ الحي المباشر وكانت اللغة هنا قريبة من الحركات الطبيعة وأصوات الحيوانات ووقع الاعتماد على الذاكرة والخيال التكراري وقوة الحفظ ،والفصل الثاني سمي بمرحلة التدوين وهي مرحلة الانتقال من القراءة إلى الكتابة حيث اكتشفت آلة الطباعة وصارت الأفكار تحفظ في برديات ومصاحف وكتب،أما الفصل الثالث سمي بمرحلة المشاهدة وهنا ظهرت التلفزة والسينما والقنوات الفضائية التي تضخ كم هائل من الرموز والصور والمشاهد وتفجرت الثورة الرقمية باختراع الأنترنت بحيث صار العالم قرية صغيرة يمكن الاطلاع على ما يحدث فيها في بضع دقائق وصار بالإمكان التحكم والتوقع والتعرف على ما وقع في الماضي البعيد دون مشقة تذكر. ما نلاحظه أن ارتقاء الإنسان كان من القول الشفوي إلى النص المكتوب ومن النص المكتوب إلى الصورة المرئية وبالتالي تم التحول من استعمال الفم واللسان والأذن إلى استعمال اليد والذهن وإلى التركيز على العين والخيال وصار الإنسان في كل هذا مجرد ذات تقتصر مهمتها على  البرمجة والملاحظة والقياس. في هذا السياق »يقسم دوبريه تاريخ النظرة في الغرب إلى ثلاث مراحل ترتبط كل مرحلة منها باختراع محدد:الأولى بالكتابة،الثانية بالطباعة،والأخيرة بالتقنيات السمعية البصرية،وهو يسمى هذه المراحل تباعا: 1- مرحلة اللوجوسفير أو الخطاب أو الأصنام أو المنتجات الخاصة بعالم الرسم والصورة وتمتد من اختراع الكتابة حتى ظهور الطباعة. 2- مرحلة الجرافوسفير أو الكتابة:ويربطها الكاتب بمرحلة الفن منذ نشأة الطباعة حتى ظهور التلفزيون الملون الذي يراه أكثر دلالة من الصورة الفوتوغرافية والسينما. 3- مرحلة الفيديوسفير أو عصر المرئيات أو عصر الشاشة الذي نعيش فيه الآن. »[1] يلزم عن ذلك أن الصورة هي رسالة بين باث ومتقبل وهذه الرسالة ذات مضمون وهذا المضمون يمكن أن يكون مشفرا وينبغي على القارئ أن يحل ألغازه وإما أن يكون واضحا ومنقولا من الواقع وما على المشاهد إلا استهلاكه وتقبله والاستئناس به والتعامل معه كأمر عادي وإذا كانت الصورة المشفرة لا تثير إشكال فأن الصورة المستنسخة من الواقع يمكن أن تؤدي إلى الإهلاك خاصة حينما يتعلق الأمر بصور الحروب  والدماء أو الصور المائعة والماجنة التي تتصادم مع الحياء وهي كلها صور عنيفة تمارس عنف رمزي كبير على النظارة. لذلك يمكن أن نميز بين الصورة المحسوسة المرئية والمسموعة والصورة المتخيلة والصورة المتذكرة والصورة المتوهة والصورة المتفكرة وهذه العناصر هي مكونات عالم الرؤية لأن الصور أصبحت هي وسيلتنا في معرفة العالم ولأن كل أنواع الاتصال أصبحت تحدث عن طريق الصور،فماذا نتج عن ظهور الفضائيات واستخدامها المبرمج لسلاح الصور في التأثير على المشاهدين؟
2-    دور الفضائيات:
« إن كثيرا مما تقدمه القنوات الفضائية العربية الغنائية أشبه بالمحاكاة السطحية لقنوات عالمية…يعتمد على الإبهار البصري على رغم فجاجة الكلمات وسطحيتها. »[2] إن الدور المتنامي للفضائيات في الساحة العربية هو في الحقيقة جاء ليلبي أفق انتظار يخص المجتمعات الفتية وبالخصوص الطبقات الناشئة الكثيرة العدد خاصة في ظل الانفجار الديمغرافي المشهود وتراجع  دور المؤسسة التربوية وتفشي الأمية وتغييب النخب المثقفة من الحراك الاجتماعي وقد أصبح بالنسبة لأي عربي أن يطلع ويتفرج وينمي معارفه ويشاهد مقالات الصحف وآخر الأخبار الثقافية وما تعرضه دور المسرح والسينما بمجرد أن يشتري لاقط هوائي وأن يضغط على زر من الأزرار التابعة لتلفزته فيتجول في العالم بأسره ويقابل العديد من المفكرين دون أن يبذل أي جهد ودون أن يلاقيهم في الواقع، ثم إن هذه الفضائيات تتدخل في أدق تفاصيل حياته وتحدد له أكله وملبسه وشكل بيته ولون سيارته ونوع شريك حياته وتكون سبب بهجته ومسرته ونجاحه وسبب فشله وبؤسه. انه لأمر محير فعلا أن نحكم على أي قناة فضائية بمثل هذا المعيار المزدوج وأن نظل في حالة من الاندهاش والذهول أمام هذا الكم الهائل من الصور والرموز التي يتم ضخها وإرسالها يوميا دون أن يكون لنا الوقت الكافي لفرزها وانتقائها ومن ثمة الحكم عليها،إن أشد أنواع الفكر تصميما ليبقى حصيرا فمابلك بالفكر الضعيف لدى عامة الناس المتأثر المنبهر على الدوام،ألا ترى أنه يساق إلى حيث لا يدري ؟ وألا تؤثر فيه هذه الصور كما لم يؤثر فيه أي أحد من قبل؟ لاشك أن فريق أول يرى في الفضائيات العربية مصدر انتشار النزعة الإيمانية نظرا لتكاثر البرامج الدينية فيها وظهور نمط من الدعاة والوعاظ الجدد الذين تخلوا عن العمامة  وعن اللغة العربية الفصحى وعوضوها بالبدلة واللهجة الدارجة وأن فريق ثان يرى أن القنوات الغنائية وتلفزات الواقع هي سبب موجة التفسخ الأخلاقي وتكاثر موجة التقليد للغرب بسبب مسابقات ستار أكاديمي التي تحث على الاختلاط  وتشجع على الموضة والاستهلاك والاعتناء بجمال الجسد والطبخ والرياضة. فكيف تكون الصورة هي هذا الرقم السري الذي إما أن يؤدي إلى الإيمان والالتزام أو يؤدي إلى المجون والتفسخ؟ وهل من المشروع أن نتحدث عن صنمية الصورة بوصفها صورة سلفية؟ تنقسم الفضائيات إلى ثلاث أنماط: * فضائيات تركز على إرضاء القلب وطمأنة الوجدان وهي الفضائيات الدينية وهي كثيرة ومعظم تمويلها متأتي من الأنظمة التقليدية التي تحصر الثقافة في إعادة إنتاج الرموز الروحية المتوارثة (إقرأ/الكوثر) . * فضائيات تركز على تهييج الغرائز وإثارة المشاعر وهي الفضائيات الغنائية وهي كثيرة ومعظم تمويلها متأتي من القطاع الخاص ومن الأنظمة التحديثية التي تتبني سياسة خارجية هادئة و تحصر الثقافة في مهادنة الدول الكبرى وإعادة إنتاج ثقافتها الغربية المهيمنة(روتانا/دريم) . * فضائيات تركز على تنمية الوعي وتهذيب الذوق وهي الفضائيات النقدية وهي قليلة العدد إن لم نقل نادرة وقد يقتصر بثها في بعض الأحيان لمدة قصيرة وهي من تمويل خاص وبمجهودات فردية وتحاول كسر المحظور وتجاوز الموجود بتعرية الواقع وكشف أوضاعه المأساوية وبناء المنشود(الجزيرة/المنار).
3 – في مخاطر الصورة:
« إن الصور هي قاتلة للواقع »‘ بودريار صارت الصورة المرئية التي تضع الحواس خلف العين هي لغة التواصل بين الذوات وحلت محل لغة العلامات والرموز وصار العقل التلفزي-التكنولوجي (كما يسميه دريدا) هو الوسيط الضروري الذي من خلاله يقيم المرء علاقاته مع نفسه ومع الآخر ومع العالم وحل محل العقل النظري والعقل العملي وملكة الذوق،كما صار المشهد المبرمج سلفا هو الذي يحدد نمط حياة الناس وتوجهاتهم واهتماماتهم وخثر كل إمكانية وعي وسطح كل مبادرة وشل كل إرادة وعطل كل حرية اختيار. لقد تحدث البعض عن صنمية الصورة لكونها تمارس لعبة الإغواء والعنف والترهيب والترغيب ولأنها اخترقت الحياة الإنسانية بشكل لا يمكن إيقافه،فجعلت عالم السلع والأزياء والعلامات والملتيميديا يتحكم في عالم الثقافة والاقتصاد والسياسة. أليست الصورة هي البضاعة والتسويق والاستهلاك والمجتمع ذو البعد الواحد والتنميط المهيمن على كل شيء في المجتمع؟ ألم ينتج الإنسان هذه الأشياء وهاهو خاضع الآن لسلطتها وأصبح هو نفسه شيئا أو شبيها بالسلع والعلامات والصور التي أنتجها؟  لقد أوقعت الصورة الإنسان في الاغتراب عندما أصبح مجرد آلة راغبة تسيطر الدعاية والومضات الاشهارية على إدراكه وتفكيره وسلوكه ولقد كرست الصورة الوعي الزائف بالزمن وحولت البشر إلى سيملاكر ومسوخ ومستهلكي أوهام وقصرت اللذة على المتع البصرية الخاصة بالعيون حيث سيطرت قيم السوق والابتذال على المشهد أين يقع استبدال العالم الواقعي بعالم افتراضي غير واقعي. إن الصورة المتأتية من الفضائيات تتلاعب بالعقول وتقتل الأحاسيس الصادقة وتميع الثقافة وتجعل كل شيء معروض للبيع والاستهلاك وتجفف كل منابع التلقائية والعفوية وتحرم المرء من الإبداع وتخدره وتفصله عن العالم الحقيقي بحيث لم يعد يعرف الواقع إلا من خلال صورة شبحية باهتة تبقيه في حالة تنويم وتسقطه في النظرة المخدوعة وتوهمه أن حاسة الإبصار هي الحاسة الأولى وأن الملكات الأخرى لم يعد لها محل من الإعراب. كما تمارس الصورة هيمنة على المتلقي المنبهر وتمثل سلطة على المشاهد المستهلك السلبي لأن العلاقات الاجتماعية تتم من خلال الصور وصلة الحشد بنفسه تمر عبر نمط الإنتاج والعرض والطلب بالنسبة للسلع والماركات والعلامات التي يتبادلها ويهيم بها ويجد فيها سعادته. أليست الصورة هي النظرة المراقبة المتحكمة؟ وأليست هي السلسلة المقيدة التي تنوم العقل وتقيد السلوك؟ وألا تمتلك النظرة المحدقة  قوة مؤثرة في صورة الذات الخاصة بنفسها؟   ما يلفت النظر أن مجتمعنا المعاصر ليس مجتمع المشهد والاستعراض والاستهلاك بل مجتمع المراقبة والضبط والتوجيه ،فلقد حولت فكرة العين المطلقة والنظرة المحدقة الحياة إلى جحيم والجسد إلى جثة وأدخلت الأرواح في توابيت معدة للدفن. لقد برزت الرؤية اليوم محاطة بنزعات ضارة ومؤذية وتسلطية وان أكبر فاشية تمارس على الذات هي فاشية نظرة العين التي تنزل بها كل أنواع العقاب وتحطها إلى مرتبة الموضوع وان الصورة المعروضة للعموم من حيث قابليتها للمشاهدة من الجميع هي التي تتحمل مسؤولية ذلك. إن الناس ليسوا متساوين إلا في تفرجهم على أنفسهم في نفس البرامج ونفس صور الموت والبؤس والخراب التي ترسلها الفضائيات وإنهم قد يجدون في هذه المساواة الفارغة فرصة للعزاء والتعويض يبررون بها تفريطهم في المساواة الحقيقية. علاوة على أن الصورة تغذي لدى الإنسان مشاعر عدوانية وتثير فيه انفعالات نرجسية تقوده إلى الانتفاخ الذاتي والإصابة بمرض جنون العظمة خاصة حينما يتباعد المرء عن صورته الحقيقية ويحيل ذاته إلى أنا متخيل متوهم ينتقيه  من صور النجوم والأبطال المعروضة في المرئيات، بحيث تجعله الصورة يتوقف عن الاعتقاد في هذا العالم بل ويعتبر الأحداث التي تقع له مثل الحب والموت وكأنها أشياء لا تعنيه. لكن عندما تجسد الصورة استعراضا بالغا للقوة ومشهدا مثيرا من العري والرعب فإن الذي يحدث داخل العالم هو فقدان الأشياء شيئيتها والذوات هويتها و تصل سيطرة الرموز على الأضواء إلى حد التلاعب بقيم الحياة والموت وان الوجود الإنساني هو وحده الذي يضيع،فكيف نعيد للصورة قدرتها على الكشف والتوضيح؟ كيف نعطيها تلك القوة على وضع الحقيقة في دائرة الضوء لتجعل المشاهد يرى المطلق  مجسما في المرئي نفسه؟نا متخيل متوهمأنا متخيل مث
4 – في الانتفاع بالصورة:
« إن التفكير مستحيل دون صور » أرسطو من البين أن التفكير الفلسفي لن يدافع عن حق الفضائيات في المواطنة الإعلامية ولن يتحدث عن أهلية الصور في أن تكون موضوع مشاهدة ،فهذا الأمر قد تم واستقر ولا مرد له طالما أن معركة تحريم الصور في حضارة إقرأ قد حسمت لفائدة دعاة التنوير وطالما أن هناك جماليات إسلامية بالمعنى الحقيقي للكلمة قد ازدهرت وطالما أن التحريم الفقهي للتصوير قد أدى إلى تأسيس الفن التشكيلي المجرد قبل سبعة قرون من الغرب باعتراف المستشرق ألكسندر دي بابولو نفسه،فالله ذاته قد خلقنا على أحسن صورة،بيد أن مهمة التفلسف تكمن في فهم واستيعاب ما تمثله الفضائيات عامة والصورة خاصة من دور ملتبس ومفارق في الحياة الإنسانية وما لها من تأثير مزدوج يجعلها في موضع الذم والمدح في الآن نفسه. إن مشكل الصورة الأول هو مشكل العلاقة بين المادة والذاكرة على ما بين برجسن في كتابه الفكر والمتحرك عندما لم ير في فن السينما سوى وهم لفكر غير قادر على الارتباط بجوهر الحركة وعندما عرف الصورة السينماتوغرافية على أنها لقطات غير متحركة يتم تحريكها بشكل صناعي  وعندما أدرك أنها مجرد فراغ معتم أو شاشة سوداء قادرة على التقاط أي بث قادم من عالم مضيء بذاته. أما المشكل الثاني الذي تثيره الصورة المرسلة من قبل الفضائيات فهو مشكل العلاقة بين الزمن والفكر وقد أثاره دولوز فيلسوف الاختلاف عندما أوضح في كتابيه « الصورة-الحركة » و »الصورة-الزمن » عن وجود عالم مرئي قائم الذات وبين أن الصور كائنة بذاتها وتؤثر في بعضها البعض. على هذا النحو ليست الصور لأحد ولا هي موجهة لأحد بل إنها قادرة على الإتيان بشيء جديد متميز ومتفرد في أي لحظة من لحظات العرض لأن الحركة فيها حركة حقيقية، »فالصورة في حالة حركة أي صورة قادرة على التحرك الذاتي،أي أنها صورة-حركة ». كما أن الفضائيات العربية مثلا تخلق صورا غير مباشرة للزمن وأن الحاضر هو الشكل الوحيد الذي يمكن أن تتحقق فيه هذه الصور ولكنها تفشل في الوصول إلى ذلك لأن الحاضر ما فتئ يحضر وهو الآن  الذي ما انفك يعبر من الماضي إلى المستقبل وبالتالي فإن ما يهم ليس المادة المصورة بل هذه الصور المتحركة وعملية ربط الصور بعضها ببعض وتسويقها للمشاهد دون أن تترك له الزمن الكافي للفرز والتمعن والحكم والتقويم. يقول دولوز: »الصورة-الحركة تبدو في حد ذاتها حركة غريبة غير عادية والحركة غريبة لأنه على الشاشة في الواقع تظهر الأبعاد بنسب منحرفة بصورة غير عادية وعن زوايا مستحيلة ».[3] عندئذ لم تعد الصورة تعبر عن وضعية وعن موقف يبديه الإنسان بل أصبح السمع والرؤية أهم من أي عنصر حركي حسي آخر وبالتالي يقع المرء في وضع فصامي وتتفكك أية علاقة تواصل كان يقيمها مع العالم. هكذا كرست الفضائيات العربية حالة الفصام التي يشهدها الإنسان العربي المسلم في هذا العالم وأوقعته في حالة من الاغتراب الروحي وأبعدته عن الوجود في العالم بخلطها بين الأزمنة وبين الخيالي والافتراضي والواقعي،إذ هناك نوع من الفضائيات ليس له من هدف غير إعطائنا صورة لما نؤمن به، الصورة الافتراضية التي تعكسها المرآة. إن هذه الصور تدفع المرء إلى التخلي عن الإيمان بهذا العالم البشع والمظلم وتجعله في حاجة إلى الإيمان بعالم افتراضي غريب يخضع للصدفة والحظ تحيكه قوى الزيف وهو من نسج الخيال.    الحل عند دولوز هو الانتقال من الصورة الحركة إلى الصورة الزمن،فالزمن هو ما ينبغي على الصورة المرسلة من قبل الفضائيات أن تبرزه وتجعله مرئيا بشكل مباشر ولن يكون ذلك ممكنا إلا بالانتقال من الصورة العضوية إلى الصورة البلورية التي تجعل ماهو غير مرئي-الزمن- مرئيا. والبديل ليس صورة الزمن الخالص بل الصورة البلورية، صورة الزمن المعيش التي تتكفل بالإجابة عن سؤال:كيف يصبح إتيان شيء جديد أمرا ممكنا؟،  من هنا لابد أن تعبر الصورة البلورية عن الزمن المتسلسل الذي يأتي بالتحولات الجذرية التي من خلالها تنتقل إمكانية حياة إلى إمكانية أخرى دون واسطة حيث لا فرق بين ما يحدث قبل وما يحدث بعد. من هذا المنطلق لابد أن تتخلى الفضائيات عن النموذج العقلاني التقليدي وتعمل على خلخلة وتفكيك الصورة القديمة للفكر لكونها صورة سلفية دغمائية وتعمل على خلق صورة مبتكرة غير متصلة. يقول دولوز: »صورة الزمن المباشرة هي الشبح الذي يطارد السينما دائما لكن السينما الحديثة تحاول تحسين هذا الشبح »[4] صفوة القول أن الصورة لا تكون نافعة إلا إذا كانت غير سلفية أي غير استنساخية وغير مقلدة سواء للماضي أو الحاضر ومرتبطة بالزمانية وأبعادها المختلفة وذلك عندما تحدث نوع من التكامل بين الرؤية بالعين وبقية الحواس والملكات المعرفية وتشرع في نقد العقل التلفزي-التكنولوجي وتكف عن اختزال العالم في المشهد بل تكون مجرد مسافة نقدية يتخذها الرائي من أجل التفطن باللامرئي في المرئي،وكذلك بالعمل على صنع صورة منتجة خلاقة وليس صورة مستهلكة منمطة مخدرة،صورة تحير وتغير لا صورة تسكن وتحبس من خلال التمييز بين صورة تأتي من الخارج وصورة تترسخ في الداخل وفك أي ترابط وتأثير بينهما. كما أن الفضائيات العربية لها دور كبير في تربية الأجيال وتدارك الفراغ الذي تتركه نظم التربية والتعليم القاصرة وعوض أن تنشر ثقافة  التغريب والتقليد وتتنافس على تنظيم مسابقات ستار أكاديمي وعروض الأزياء والموضة عليها أن تتنافس على نشر فن الالتزام والاتزان وترغب الشبيبة في فكر التنوير وتستقطبهم نحو التكاتف واليقظة والتسلح بالوعي التاريخي وتحسسهم بقيمة الوقت والمال والعمل وتلك هي رسالتها الحقيقية.  لكن ما قيمة الوعي بالصورة والصورة الواعية ورأس المال الذي يسندها ليس له وطن ويصطاد في الماء العكر؟ ماذا نقول عندما يتعامل البعض مع الفضائيات كفرصة للغفران والتوبة تارة ومصدر للربح والدعاية طورا ؟ ألا ننتقل من صنمية الصورة إلى صنمية القناة الفضائية التي تخدم رأس المال؟

المراجع: جيل دولوز سينما1:الصورة والحركة طبعة مينوي 1983 جيل دولوز سينما2:الصورة والزمن طبعة مينوي 1985 شاكر عبد الحميد  عصر الصورة  سلسلة عالم المعرفة الكويت عدد31 سنة2005 * كاتب فلسفي [1]  شاكر عبد الحميد  عصر الصورة  سلسلة عالم المعرفة الكويت عدد31 سنة2005ص139 [2]  شاكر عبد الحميد  عصر الصورة  سلسلة عالم المعرفة الكويت عدد31 سنة2005ص362 [3]  جيل دولوز سينما1:الصورة والحركة طبعة مينوي 1983 ص36/37 [4]  جيل دولوز سينما2:الصورة والزمن طبعة منوي 1985 ص41


الصومال بين واقع الاحتلال وأفاق التحرر

 
عامر عياد
بدخول القوات الإثيوبية إلى الصومال واندحار قوات المحاكم الإسلامية إلى ما قالت انه انسحاب تكتيكي لتجنيب قواتها خسائر هي في غنى عنها وذالك أمام قوة المحتل الإثيوبي …يكون الصومال القطر العربي الثالث بعد فلسطين والعراق ضحية الانهيار العربي واللامبالاة ،بل والتواطؤ الدولي والإقليمي ..والسؤال الذي يطرح نفسه أمام وقائع الاحتلال الأثيوبي هو هل انهارت قوات المحاكم الإسلامية وما مدى قدرتها على استعادة زمام المبادرة السياسية والعسكرية؟ ما هو مستقبل الصومال في ظل تركيز حكومة عميلة تابعة لواشنطن وهل سيكون الصومال بؤرة أخرى من بؤر الصراع ضد المشروع  الأمريكي؟ يرجع المحللون و المراقبون السياسيون « سقوط » المحاكم الإسلامية لعدة عوامل: *وجود حالة من الانقسام الداخلي بشان التعامل مع إثيوبيا .و قد حسم الأمر لصالح التيار السلفي الذي يعد التيار الأقوى نفوذا داخل المحاكم و هو ما أدى إلى إغلاق الطرق الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة و الدخول في المواجهة العسكرية التي لم تكن بأية حال من الأحوال في صالح المحاكم. *تباين الاتجاهات الفكرية والسياسية بين التيارات التي تتكون منها المحاكم الإسلامية ..فالمحاكم تظم 12 تيارا فكريا يتراوح بين أقصى اليمين  وأقصى اليسار فضلا عن التيار الإسلامي بتلويناته المتعددة.. وقد يكون هذا التنوع علامة صحية ودليلا على شرعية المحاكم التي تظم كافة الطيف السياسي …لكن قد يكون مشكلا في حد ذاته وذالك عندما يتحول الخلاف في المواقف من القضايا المهمة مثل الخلاف حول التعامل مع أثيوبيا …وحدود دولة الصومال …وهل يتمثل في الحدود الراهنة أم أنها تشمل إقليم اوجادين والفند المحتلين من طرف أثيوبيا وكينيا. ولعل عدم توضيح هذه الأمور كان احد العوامل الأساسية التي ساهمت في التآمر الإثيوبي الكيني ضدها. *عدم التكافؤ العسكري بين الطرفين و هنا يجدر بنا أن نسلط الضوء على قدرات كل من الطرفين المتصارعين. -يبلغ أجمالي القوات الأثيوبية حسب مصادر حكومية رسمية حواي150 ألفا وتذهب الحكومة الصومالية المؤقتة أن عدد القوات الأثيوبية لا يتجاوز ال35 ألفا فيما يقدرها رئيس البرلمان الصومالي السيد شريف حسن شيخ  بحوالي 20الفا..تملك قوة جوية تقدر ب150مروحية اغلبها سوفيتية الصنع و يملك 270دبابة …تلقى الجيش الأثيوبي تدريباته على يد الولايات المتحدة الأمريكية حيث تؤتي منها اغلب المساعدات العسكرية.. –أما قوات المحاكم فمن الصعب إيجاد حصر دقيق لقواتها بحكم أنها قوات شعبية وليست نظامية ولكن التقديرات تشير لامتلاكها ل10الاف مقاتل يعتبرون من المتطوعين « المعتادون على الحرب »و تسليح تلك القوات يعتمد غالبا على البنادق وقاذفات الصواريخ المضادة للدبابات لدى البعض منهم. في حين أن الأسلحة الثقيلة لقوات المحاكم تتكون من مئات الآليات المجهزة بالأسلحة والسيارات التي تسمى محليا « تكنيكا » وهي السيارات ذات الدفع الرباعي تثبت عليها رشاشات ثقيلة أو مدافع مضادة للطيران و قطع مدفعية مضادة للدبابات. ورغم التفاوت الكبير بين ميزان القوى العسكري و الإقليمي لصالح الحكومة الصومالية وحلفاءها و خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية فان نقاط ضعف عديدة تبرز لتعرقل سير عملية بسط النفوذ الكامل على التراب الصومالي ومنها *أن القوات الأثيوبية تقاتل في محيط عدائي مليء بالألغام التاريخية والقبلية والعقدية *ضعف الحكومة الانتقالية رغم كل المحاولات التي تبذلها للخروج من المأزق السياسي التي وقعت فيه بتبرير دخول القوات الغازية وأيضا تبرير الغارات الأمريكية على قوات المحاكم في الجنوب.هذا الضعف سيجعلها عبئا على القوات الإثيوبية و سيزيد من عبئها الانقسامات الداخلية بين أعضاء الحكومة و الصراع الذي كان بينها وبين أمراء الحرب السابقين ،بل و الانقسام بين نواب البرلمان نفسه والذي يطلق عليه البرلمان التسعيني بسبب انقسامه ثلاثة أقسام ،قسم مؤيد لموقف الحكومة في استعانتها بأثيوبيا وقسم رافض وقسم متردد. *عدم إغلاق الملف الارتري العدو اللدود لأثيوبيا مما يجعل القوات الغازية تقاتل على جبهتين وهو ما يعسر مهمتها. *من العوامل المهمة التي قد تكون حاسمة إذا طال أمد المواجهات هو أن نصف الشعب الأثيوبي هو من المسلمين الذين يشعرون بالغبن نتيجة انتقاص حقوقهم السياسية والاقتصادية لصالح المسيحيين الذين يتولون المواقع القيادية في أجهزة الحكم الأثيوبية طوال تاريخها .هذا بجانب إقليم اوجادين الذي ضمه الاحتلال البريطاني بالقوة إلى أثيوبيا في الخمسينات والذي ما زال يشكل سكانه من أصل صومالي الأغلبية الساحقة وهو ما يرجح أن ينقلب هؤلاء على الدولة الأثيوبية في حال إطالة مدة الحرب أو تعرض القوات الأثيوبية لبغض الهزائم المؤثرة .. ومما يزيد في إرباك الوضع الداخلي والإقليمي ما تتمتع به قوات المحاكم الصومالية من عناصر قوة قادرة أن تقلب موازين القوى ومنها : * البعد العقائدي في قوات المحاكم،حيث تلعب العقيدة الإسلامية دورها في تقوية العزيمة وتنمية الروح الجهادية و الاستشهادية للشعب الصومالي. *تقاتل المحاكم على أرضها مستندة على قاعدة اجتماعية واسعة مؤيدة لها في أوساط الشعب الصومالي وقد أشارت نيورك تايمز إلى حالة التأييد الشعبي للمحاكم  وأكدت في تقريرها ليوم 17-01-2007 أن المئات من الشباب الصومالي بدؤوا فعلا   في مجابهة القوات الأثيوبية ضمن حرب العصابات .. *نجاح المحاكم في فترة حكمها   فيما فشلت فيه الحكومة و أمراء الحرب من إعادة الأمان و الاستقرار للبلاد مما أعطاها شرعية في أوساط الشعب الصومالي. لذلك و أمام تعقيدات الوضع المحلي والإقليمي فالاعتقاد السائد أن انسحاب قوات المحاكم من المدن التي كانت تسيطر عليها بصورة  سريعة ودون قتال في اغلب الأحيان لا يعني بالمرة انهيارا لقواتها بقدر ما يعني إعادة انتشار وتجميع لخوض ما قالت انه حرب عصابات .. وحرب العصابات هي حرب الأضعف العقائدي في مواجهة القوة المادية و الهدف منها هو عدم الدخول في مواجهة حسم عسكري ،ولكنها تراهن على إطالة أمد الحرب بأي ثمن ولو أدى ذلك إلى التراجع المكاني ،وتهدف إلى استنزاف العدو مع تحقيق مكاسب سياسية تجعله يذعن في نهاية المطاف.وهو ما يعني أن الحرب رغم هدوءها النسبي يمكن أن تشهد تصعيدا كبيرا خلال الفترة القادمة ، ولذلك فان إستراتيجية المحاكم تشير إلى أن هذه التطورات تنبئ ببدء الحرب لا بانتهائها ، وهذا ما أكده رئيس المحاكم الصومالية الشيخ شريف احمد عندما أعلن انسحابه من العاصمة مقديشو متوعدا بإخراج القوات الأثيوبية من البلاد .. لقد تمكنت اثوبيا من تحقيق تقدم تكتيكي سريع على الارض بحكم انها جيش نظامي مدجج بسلاح ثقيل و متطور،ولكن هذا التقدم سيكون على المدى القريب.. اما  على المدى المتوسط و البعيد فلن تستطيع أثيوبيا أن تحتفظ بالأرض التي استولت عليها، وسوف تورط نفسها في حرب سيعود تأثيرها على الداخل الأثيوبي نفسه. فأثيوبيا دخلت حربا لا تعرف لها نهاية ،وتورطت في المستنقع الصومالي ،ولن تخرج منه بسهولة ،نعم قد تستطيع إثيوبيا توجيه ضربة للمحاكم ، ولكنها لن تنعم بالبقاء المريح في الصومال وسوف يخوض الشعب الصومالي ضدها حربا ضروسا، فإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية بحدها وحديدها قد ذاقت الويلات على أيدي الصوماليين فكيف سيكون حال أثيوبيا في الصومال الذي استمرأ شعبها صناعة الحرب والموت .. وخلاصة القول :إننا أمام صورة متعددة الجوانب وبالغة التركيب ، يمكن تلخيص أطرافها وملامحها في التالي: نحن أمام تحالف أثيوبي أمريكي يحاول تحويل السيطرة المؤقتة الحالية إلى حالة دائمة،من خلال تقوية الحكومة الانتقالية وتثبيتها ،وفي طريق ذلك يواجه هذا التحالف تعقيدات خطيرة من داخل الصومال ومن دول الإقليم ومن الدول الأوروبية الساعية لموقع نفوذ لها في داخل الصومال أيضا، وهي لذلك تركز على إضعاف المحاكم و شق صفوف مؤيديها و اكتساب بعضهم الى داخل تلك التشكيلة.كما هي تتحرك بسرعة لإنهاء خطتها التي اعتمدتها منذ البداية و القائمة على جر المحاكم إلى معركة مبكرة –قبل أن تثبت وضعها في الصومال-و تغيير الواقع السياسي وتحالفاته انطلاقا من حالة الفراغ التي خلفها الانسحاب السريع للمحاكم. وفي المقابل ،فان المحاكم تعمل على إطالة الوقت واستثمار عوامل الاضطراب والتفكيك داخل التحالفات الجارية،لمنع الوصول إلى حالة من التحالف الشامل بين القوى الداخلية على حسابها، كما هي تسعى بصمودها ومقاومتها إلى إثارة التناقضات بين الولايات المتحدة وأوروبا و دول الإقليم،ولذا هي تعطى إشارات و مؤشرات على استمرار وجودها، الذي في حد ذاته كفيل بإرباك كل المعادلات.


 
الحريات الاربع كلمات / عبدالباقي خليفة * الصحافة و الحرية أربعة محمية وفي تونس المسبية جميعها منسية أو منكوسة / أو معكوسة الحرية من الخوف / الخوف من الحرية الحرية من الحاجة / لا حاجة للحرية الحرية الدينية / لا حرية دينية حرية التعبير / التعبير ليس حرية هكذا في تونس الألفية الثالثة الاثنية ورغم أنف الاحرار و الحرية هناك في تونس حرية حرية في الحكم بلا حرية حرية اعتقال من يطالب بالحرية والتعذيب على الهوية وحرمان ضحايا الحرية وأهاليهم و ذويهم ومن يجمعه بهم نسب أو يربطه بهم سبب من الحرية فهل بعد هذه الحرية  
 
من حرية في جمهورية الغد الوحشية
(المصدر: موقع الحوار نت (ألمانيا) بتاريخ 12 مارس 2007)

 

رجاء  الإصغاء جمال الدين أحمد الفرحاوي سأقولها وأقولها وأقولها لن أستكين سأعيدها وأعيدها وأعيدها لن أجعل قلمي يلين وأنا على درب الأمين ((خير الجهاد…. كلمة حق…)) وبها أعري الحاكمين لن أجعل شعري مديحا لن أجعل منه سفين أنا غاضب ملء إغترابي أنا رافض رفضي دفين ياسادتي رجاء الإصغاء أنا شاعر يستوي في شعره الإظهار والإخفاء أنا شاعر لا يستجيب جيبه  المثقوب للإغراء شاعر   ,…..,. قد أفلس في مالهم لكنه  لشموخه فاض به الثراء أعترف بأنني ألعنهم جميعهم ودونما  إستثنا ء رؤساؤهم وملوكهم وألعن الأمراء لأنهم في عرفنا ليسوا سوى هباء لأنهم في عمرنا العلّة والدّاء لأنهم في دربنا ليسوا سوى إستثناء لأني    يا سادتي يئست من خوائهم فكلهم   خواء وكلهم في كلهم لكلهم …. هراء فكيف  يا أحبتي لا أمعن ..في لعنهم وأدعي الحياء وكيف أدعي ,,,أستحي وكلهم عراء اويستوي مهاجر بصدقه وكاذب ….دعّاء أوتستوي شمس  النهار سطوعها والظلمة الدهماء أويستوي يا سادتي الإصباح والإمساء كل الذي قد يستوي قد يصبح سواء هو القهر في أوطاننا والنأي …والأنواء هو اننا في  دارنا أنكى من الغرباء هو أننا من شرقنا لغربنا في ضيمنا سواء كل الذي قد يستوي حكامنا العظماء ياسادتي حميرنا في جهلهم سواء عفوا قصدت بالحمير السادة الرؤساء لاهاي في 14 مارس 2007
 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.