الأربعاء، 12 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2849 du 12.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:  القاضي محرز الهمامي يؤجل النظر ..و يرفض الإفراج ..! حـرية و إنـصاف: اعتقال عمر البرهومي شقيق حافظ البرهومي مؤسسة المنتدى التونسي في هولندا: إدانة اختطاف السائحين النمساويين من تونس الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين: في اليوم العالمي لحرية التعبير على الأنترنيت :  – إلى زهير اليحياوي ..!  الشرق: تونس تعترف باختفاء السائحيْن النمساويين وتعزيزات أمنية جزائرية على الحدود قدس برس: المعارض التونسي نجيب الشابي:  – اختطاف السائحين عمل مرفوض أخلاقيا وسياسيا الخبر:جماعة أبو عمار التيارتي وراء اختطاف النمساويين – الجيش يطارد الإرهابيين على طول الحدود الجزائرية التونسية الخبر: فيينا تفتح تحقيقا في انتظار طلب الفدية – الأمن يتحقق من الرواية التونسية لتحديد مكان السياح المختطفين الشروق اليومي: الرهائن لا يزالون على الحدود التونسية الليبية – أمير الصحراء « أبو عمار » اختطف السياح النمساويين داخل التراب التونسي الشروق اليومي: الحكومة التونسية ترجح اختطاف الرعيتين النمساويتين بالتراب الجزائري  يو بي أي: مسؤول أمريكي يستبعد إقامة منطقة تبادل حر بين بلاده وتونس قريبا وات: تقدم هام على درب تكثيف المبادلات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية عبد الجليل الخضراوي: الدكتور الصادق شورو : أكثر من 17 سنة وهو في السجن … ألا يكفي؟ محسن المزليني: تقرير جديد للبنك الدولي حول التعليم  – نصف العاطلين من المتعلمين معز الباي: المسرح المحوّر جينيّا الصحبي عتيق: غزة…والتيه العربي بعد التيه الإسرائيلي مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات: سيمنار الذاكرة الوطنية مع السيد الحبيب بوغرارة – بدايات الموسيقى التونسية من 1904 إلى عهد الاستقلال الصباح: اللعب بالنار توفيق المديني: ريمون آرون فيلسوف مقاتل من أجل الحرية صلاح الجورشي: بين بعض جماعات العنف ولعبة المخابرات.. نقاط استفهام عدنان المنصر: إبن خلدون والبسكويت … صدمتان في وقت وجيز محمد كريشان: سـاركوزي والانتخابات المحلية وسام فؤاد: « أساليب ملتوية » لإسكات الصحفيين بـ10 دول عربية ياسر الزعاترة: الإعلام في سياق مطاردة الإسلاميين! محمد أبو رمان : «القاعدة» إذ تبتكر حلولاً «تنموية»!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 

 
 
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حـــــــــــرية و إنـــــــــــصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr —————————– تونس في 12/03/2008

اعتقال عمر البرهومي شقيق حافظ البرهومي

علمت حرية و إنصاف أن البوليس السياسي اقتحم صباح يوم أمس الثلاثاء 11 مارس 2008 على الساعة السابعة صباحا منزل السيد محمد بن عبد الكريم البرهومي الكائن بنهج 13 أوت عدد 9 بالياسمينات من ولاية بنعروس دون أن يكونوا مصحوبين بإذن من وكالة الجمهورية و اعتقلوا ابنه عمر ( 21 سنة / طالب سنة ثانية بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بالمنار ) الذي لم يقع إطلاق سراحه إلى حدود مساء اليوم الأربعاء 12/03/2008 ، كما أخذوا معهم جهاز الحاسوب المحمول المملوك لشقيقه الأكبر ( طالب مرحلة ثالثة ) الذي خزن فيه كل الأبحاث التي تتعلق بدراسته و خاصة المذكرة التي سيقدمها خلال الأيام القليلة القادمة في إطار تحضيره لنيل شهادة الماجستير و أن عدم إرجاع الحاسوب إليه في أقرب وقت ممكن سيحرمه من نيل هذه الشهادة ، و قد أخبرنا والده أنه كلف محاميا للاتصال بوكالة الجمهورية ببنعروس بغرض استصدار إذن في استرجاع الحاسوب. و تجدر الإشارة إلى أن الابن الثالث للسيد محمد البرهومي الشاب حافظ البرهومي المعتقل حاليا بسجن المرناقية قد وقعت محاكمته على أساس قانون الإرهاب و قضت محكمة الاستئناف بتونس بسجنه مدة ثلاث سنوات و قد أخبرنا والده أن إدارة السجن منعته من مراسلة عائلته و حجزت جميع مراسلاته السابقة التي بعث بها مكان اعتقاله. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري 

 
“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 12 مارس 2008  

كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب  » ..! :

القاضي محرز الهمامي يؤجل النظر ..و يرفض الإفراج ..!

 

 
* نظرت  الدائرة الجنائية  الرابعة بالمحكمة الإبتدائية  بتونس برئاسة القاضي  محرز الهمامي اليوم الإربعاء 12 مارس 2008  في : * القضية عدد 15041 التي يحال فيها كل من : منير الوشتاتي و زياد المعموري و محمد العطوي و رمزي الرمضاني و صفوان العموري ( بحالة إيقاف ) ، و كل من  كريم العرفاوي و الشاذلي اللموشي و شكري البوغديري و سامي الهويملي ( بحالة سراح ) ، و كل من ياسين الفرشيشي و رياض البرهومي و سامي الصيد و قيس المليتي و صفوان العياري و رضا اليحياوي ( بحالة فرار )  بتهم الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و كلمة ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و  الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية و الإنضمام إلى تنظيم  اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الإنضمام داخل تراب الجمهورية و خارجه  إلى تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخله و خارجه و إعداد محل لاجتماع و إيواء أعضاء وفاق و أشخاص لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و المشاركة في الإنضمام خارج تراب الجمهورية إلى تنظيم  اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية وخارجه ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة   أنور أولاد علي و سمير بن عمر و شكري بلعيد و قرر القاضي تأخير النظر في الملف لجلسة يوم 15 مارس 2008 لتمكين المحامين من تقديم ما يفيد اتصال القضاء. عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو  


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 12 مارس 2008

في اليوم العالمي لحرية التعبير على الأنترنيت :

إلى زهير اليحياوي ..!

 

 
لا يزال هاجس الرقابة ملازما لتعامل السلطة مع كل ما يكتب و ينشر و يقرأ على الأنترنيت و لا يمكن إحياء يوم يحتفى فيه بحرية التعبير على الأنترنيت دون استحضار ما شهدته السنوات الأخيرة من محاكمات على خلفية الإبحار على مواقع  » ممنوعة  » ( مجموعتا جرجيس و أريانة*،  و علي  رمزي بالطيبي* .. ) أو كتابة مقالات  تخرج عن المسموح به  » وطنيا  » .. ( محمد عبو ) .. و إذ تحيي الجمعية هذا اليوم التي تنظمه مراسلون بلا حدود برعاية من منظمة اليونسكو فهي تلفت الأنظار إلى الآثار المدمرة لرقابة حطمت مستقبل مئات الشبان و سرقت من زهير اليحياوي* زهرة شبابه قبل أن يختطفه الموت دون أن يتمتع بيوم واحد من.. حرية التعبير.. كما تجدد الجمعية دعوتها لرفع الحصار المضروب على الصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري و وقف المضايقات المسلطة على السجين السياسي السابق و مدير جريدة الفجر حمادي الجبالي ، وإلغاء كل القوانين التي تجرم التعبير الحرّ و بالخصوص قانون 10 ديسمبر 2003 اللادستوري … ………………………… خلفيــــــة :  *قضية مجموعة أريانة : تتعلق القضية بتسعة ( 9 ) شبان أغلبهم من الطلبة تم إيقاف أغلبهم في فيفري 2003 وقد كان بحوزتهم وثائق مسجلة من الإنترنت وقد تعرضوا للتعذيب و صدرت عليهم أحكام قاسية و قد أفرج عنهم بعد حملة دولية واسعة قبل أن يتم إعادة اعتقالهم بموجب قانون  » مكافحة الإرهاب  » . *قضية شباب جرجيس :  يتعلق الأمر بمجموعة من التلاميذ أبحروا في مواقع تعتبرها السلطات  » ممنوعة  » لتضمنها  » محتويات تحث على الجهاد و المقاومة  » ( و قد أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس في 16 أفريل 2004 حكما بـ19 سنة وثلاثة أشهر سجنا وبـ5 سنوات مراقبة ادارية على كل من عمر الشلندي وحمزة المحروق وعمر راشد ورضا الحاج إبراهيم وعبد القادر قيزة وأيمن مشارك ويبلغ جل هؤلاء من العمر 21 سنة ، ومثل عبد الرزاق بورقيبة 19 سنة أمام محكمة الأحداث لأنه لم يتجاوز 17 سنة عند إيقافه وحكم على طاهر قمير وأيوب الصفاقسي غيابيا بـ19 سنة و 3أشهر وبـ26 سنة و 3 أشهر ). * تم اعتقال الشاب زهير اليحياوي على خلفية بعثه موقعا معارضا و قد انطلقت حملة دولية ووطنية واسعة انتهت بإطلاق سراحه في 08 نوفمبر 2003 بعد أن قضى سنة ونصفا في السجن من مجمل الحكم القاضي بسجنه لمدة سنتين و قد خلفت له ظروف السجن القاسية آثارا صحية خطيرة لم تمهله أكثر من فترة وجيزة توفي بعدها إثر نوبة قلبية ، * اعتقل الشاب علي رمزي بالطيب في 15 مارس 2005 بتهمة نشر بيان على موقع على الأنترنيت يهدد فيه أصحابه الدولة التونسية بهجمات إرهابية و قد حكم عليه بعد محاكمة غير عادلة بـ 5 سنوات سجنا ..! عن الجمعيــة      الرئيس  الأستاذة سعيدة العكرمي

 


مؤسسة المنتدى التونسي في هولندا Stichting Het Tunesisch Forum in Nederland www.tunesischforum.nl  

بيـان إدانة اختطاف السائحين النمساويين من تونس

  تعبر الهيئة الإدارية لمؤسسة المنتدى التونسي في هولندا، عن استنكارها الشديد وإدانتها البالغة للعملية الإرهابية التي أقدم ما يسمى ب « تنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي » على تنفيذها مؤخرا، والتي قام من خلالها باختطاف سائحين نمساويين، جاء لقضاء عطلتهما في أحد المنتجعات السياحية التونسية. وترى إدارة المنتدى التونسي في هولندا، أن اختطاف المدنيين الأبرياء وترويع السياح الآمنين عمل إجرامي خطير وجبان، لا يقبل التبرير تحت أي طائل أو عذر، ومدان لدى كافة الشرائع والقوانين السماوية والأرضية على السواء، وهو مخالف لكافة المبادئ الدينية والإنسانية، وفي مقدمتها مبادئ الشريعة الإسلامية السمحاء. ويهيب المنتدى التونسي في هولندا، بكافة القوى الوطنية، على اختلاف مواقعها ومشاربها، إلى التكاتف والتضامن في وجه التنظيمات الإرهابية، وإلى اعتبار السياحة وكافة مصادر الدخل الوطني التونسي، خطوطا حمراء لا يمكن التلاعب بها أو تسخيرها لتصفية الحسابات في المعارك السياسية أو الإيديولوجية، أو إعلان الشماتة في موضوعها إزاء أي جهة، فالخاسر والمهدد في هذه الحالة هو اقتصاد واستقرار ونماء الوطن. نسأل الله أن يحفظ تونس العزيزة، وسائر بلاد العرب والمسلمين من كل شر، وأن يهدي ولاة الأمور إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يعينهم على القيام بواجباتهم و كل ما يمكن أن يحقق مطالب المواطنين في عيش حر وهانئ وآمن ومعتدل، إنه قريب مجيب الدعاء.   عن الهيئة الإدارية رئيس المنتدى د.خالد شوكات
 

 
دعـــــوة يتشرف
 

الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية

 بدعوتكم لحضور التظاهرة التي ستنظمها لجنة المرأة التابعة للفرع احتفالا باليوم العالمي للمرأة في إطار حملة « مدارس آمنة حقّ لكل الفتيات » و ذلك يوم السبت 15 مارس 2008 بداية من الساعة الثانية بعد الزوال  بقاعة الحمراء نهج الجزيرة عدد 28. *********** البرنامج – شريط وثائقي بعنوان: « NASSIMA UNE VIE CONFISQUEE »                          De Marianne Denicourt      – شريط قصير بعنوان « علّي صوتك »  لفاطمة اسكندراني. – نقاش – الفنان عادل بوعلاق
– المجموعة الموسيقية: ديما ديما.    


    

   

FTCC       

     LTDH           IADH            ATFD           AFTURD       Amnesty InternatioSection Tunisienne

 

   دعـــــــــوة إثر صدور حكم بالإعدام على الشاب صابر الراقوبي ينظم « الإئتلاف الوطتي من أجل إلغاء  عقوبة الإعدام »   تظاهرة تهدف إلى إطلاق حملة وطنية للمطالبة بسنّ قانون يتعلّق بإلغاء هذه العقوبة     وذلك يوم الجمعة 14 مارس2008  على الساعة الثانية بعد الزوال  بمقر الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية الكائن بتونس العاصمة نهج أم كلثوم عدد 67 الطابق الثالث المدرج « ب » ************************** البرنامج : – كلمة الضيوف – كلمة النائب عادل الشاوش حول مشروع قانون من أجل إلغاء عقوبة الإعدام – مداخلة الأستاذ رابح الخرايفي حول عقوبة الإعدام – عرض شريط : « Quand l’Etat assassine » – الإمضاء على العريضة ندعوكم للمشاركة في هذه التظاهرة وتقديم مساهمتكم لدفع وتفعيل هذه الحملة.


بسم الله

السيد علي الشرطاني في المستشفى

 

تعرض أخونا السيد علي الشرطاني إلى حادث مروري يوم السبت الماضي8 فيفري، كان ذلك على الساعة الخامسة          و النصف مساء، كان الشرطاني ممتطيا دراجته النارية على الطريق الرابطة بين مدينة قفصة و قصر قفصة… كان الاصطدام بين الدراجة النارية و سيارة رينو (4 أل)… قدم أعون المرور و عاينوا الحادث.. و تمت نقلة السيد الشرطاني إلى المستشفى الجهوي بقفصة، و بعد الفحص بالأشعة تبين للطبيب أن عظم الفخذ قد أصيب إصابتين خفيفتين .. و احتفظ به هناك في قسم جراحة العظام، و قد تستغرق فترة ملازمته للمستشفى فترة تتراوح بين 12 و 15 يوما في انتظار التئام الإصابتين ( تشعيرة)  و استعادة السيد علي الشرطاني القدرة على المشي على قدميه. و نأمل أن يسترجع السيد علي الشرطاني عافيته قريبا ليلازم الثغرة التي هو عليها  قياما بحق الإسلام و البلد و الأمة عليه.. للمواساة: السيد على الشرطاني 21836486 عائلة السيد علي الشرطاني 76273845    عبدالله الزواري جرجيس في 12 مارس 2008


من قاع الأرشيف!

فوجئت هذه الأيام بمطالعة مقال غريب.. أقول غريبا لأن كاتبه تناول فيه موضوع التعريب! وكما تعلمون أو كما لا تعلمون.. سكتنا عن طرق قضية التعريب منذ «عدة قرون»!! بل أدهى من هذا: ما لم يعد بالعكس يبعث على الاندهاش والاستغراب.. هو أن نسمع تلفزتنا الوطنية نفسها تتكلم فرنكو-اراب! محمد قلبي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 مارس 2008)


تونس تعترف باختفاء السائحيْن النمساويين وتعزيزات أمنية جزائرية على الحدود

تونس – محمد الحمروني – وكالات  أكد مصدر أمني وجود تحركات أمنية كبيرة على طول الشريط الحدودي بين ولايتي تبسة والوادي بالقرب من الحدود التونسية (700 كم شرق العاصمة الجزائرية) , وذلك بالتزامن مع تواتر أنباء حول إمكانية تهريب تنظيم القاعدة لسائحين نمساويين إلى داخل الجزائر بعد اختطافهما. وقال المصدر لـ»وكالة الأنباء الألمانية» إن تعزيزات أمنية أحيطت بسرية كبيرة تحركت على طول الشريط الحدودي» دون إضافة تفاصيل أخرى , مستبعدا في الوقت نفسه «أن تقوم تلك القوات بعمل عسكري في المنطقة على الأقل في الوقت الحالي». إثر إعلان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عن اختطافه لسائحين نمساويين من التراب التونسي صرح مصدر رسمي في تونس أنه لا توجد لحد الآن «أية عناصر يمكن أن تثبت أن المواطنين النمساويين موجودان على التراب التونسي، أو أنهما قد اختطفا داخل الحدود التونسية». وأوضح المصدر نفسه أن «السلطات التونسية بادرت منذ بلغتها معلومات حول اختفاء المواطنين النمساويين بإجراء عمليات بحث وتمشيط مكثفة برا وجوا». ومما جاء في توضيحات السلطات التونسية حول الحادث أن «المواطنين النمساويين دخلا تونس يوم 10 فبراير الماضي عن طريق ميناء حلق الوادي (الميناء الرئيسي بالعاصمة) قادمين من ميناء جنوة الإيطالي للقيام بجولة في المناطق الصحراوية»، مضيفا أن المواطنين المعنيين توغلا بسيارة رباعية الدفع في الصحراء في اتجاه خارج الحدود التونسية حسب آخر المعلومات المتوفرة إثر اتصالهما هاتفيا بمختص ألماني في المسالك الصحراوية». وأعلن تنظيم القاعدة أمس الأول مسؤوليته عن خطف السائحين، وهما المستشار فولفغانغ أبنر الذي يبلغ من العمر (51 عاما) وزوجته الممرضة أندريا كلوبير (43 عاما). وكانت السلطات النمساوية قد أعلنت منذ يوم 3 مارس الماضي أنها فقدت الاتصال باثنين من رعاياها في تونس، وأن آخر اتصال بهما كان من منطقة «مطماطة» في الجنوب التونسي، وأنهما كانا على متن سيارة جيب تحمل رقما نمساويا. ورفض مارتين قيتنار المتحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية تأكيد خبر الاختطاف، وقال في تصريحات صحافية إن النمسا ستطلب نسخة من الشريط الصوتي الذي بثته قناة «الجزيرة»والذي تبنت فيه القاعدة عملية الاختطاف، لتحليله. وأكد صلاح أبومحمد الذي قدم نفسه على أنه المسؤول الإعلامي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أن عملية الاختطاف تمت يوم 22 فبراير الماضي، وأن الهدف منها معاقبة «الغرب على جرائمه في حق شعوبنا العربية الإسلامية». وفي تصريح للقناة التلفزيونية النمساوية «ORF» أكد سفير النمسا في تونس أنه التقى بمسؤولين في وزارة الداخلية التونسية بخصوص المفقودين، ونفى علمه بفقدان رعايا نمساويين آخرين. يذكر أن تنظيم القاعدة كثف من نشاطه في التراب التونسي منذ الإعلان عن تكوينه في 13 سبتمبر 2006، بعد إعلان الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر عن تغيير اسمها إلى «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، إثر «تشاور مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن. (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)

 

المعارض التونسي نجيب الشابي: اختطاف السائحين عمل مرفوض أخلاقيا وسياسيا

تونس ـ خدمة قدس برس أدان مرشح الرئاسيات التونسية للعام 2009 عملية اختطاف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وطالب بالإفراج الفوري واللامشروط عن النمساويين المختطفين. واستنكر المحامي ومرشح الانتخابات الرئاسية للعام 2009 أحمد نجيب الشابي في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » إقدام عناصر القاعدة على اختطاف سائحين نمساويين، وقال: « إذا صح إعلان تنظيم القاعدة أنها اختطفت هذين السائحين فإن ذلك يمثل خطرا حقيقيا لانزلاق البلاد إلى العنف، وهذا أمر لا أعتقد أن تونسيا يرضى به، لأنه عمل لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، فهو أخلاقيا مرفوض لأنه يستهدف مدنيين أبرياء، وهو مرفوض سياسيا لأنه يجر البلاد إلى العنف ويهدد ركنا أساسيا من أركان الاقتصاد التونسي، وهو السياحة التي تشغل 11 في المائة من اليد العاملة ». ورفض الشابي تحميل مسؤولية بروز ظاهرة القاعدة في تونس إلى جهة سياسية بعينها، لكنه قال « أخشى أن التطرق للظروف الموضوعية لهذه الظاهرة يظهر كما لو أنه تبرير لعمل مدان لا سبيل لتبريره على الإطلاق، يبقى أن هذه الظاهرة انتشرت في العالم العربي لا سيما بعد احتلال العراق، وهذه العمليات تتغذى من الظروف الإقليمية ولكن أيضا من انسداد الآفاق في وجه قطاعات واسعة من الشباب، والتي تتخذ في هذه المرحلة أيديولوجية دينية، ولا أرى أن الوقت مناسب للاسترسال في الحديث عن الموضوع، إذ ما جرى حدث سياسي لا بد من إدانته بغض النظر عن أي ظروف محلية أو إقليمية »، على حد تعبيره. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 12 مارس 2008)

جماعة أبو عمار التيارتي وراء اختطاف النمساويين الجيش يطارد الإرهابيين على طول الحدود الجزائرية التونسية

تبسة: ع. إبراهيم / الجزائر: سامر رياض شهدت الحدود الشرقية للبلاد، منذ صبيحة أمس على طول الحدود التونسية الليبية الجزائرية، حالة استنفار قصوى مباشرة بعد إعلان وتبني تنظيم القاعدة اختطاف الرعيتين النمساويتين بالأراضي التونسية. ورجحت مصادر أمنية أن المجموعة التي نفذت الاختطاف هي نفسها التي تقف وراء مجزرة اغتيال سبعة أعوان من حرس الحدود في الوادي. وذكرت ذات المصادر أن الخاطفين لم يستقروا في مكان محدد بالجزائر أو تونس، بل أنهم وللإفلات من قبضة مصالح الأمن يرجح أنهم انتشروا في مواقع عديدة على الشريطين الحدوديين بين الجزائر وتونس وبين صحراء الجزائر والصحراء الليبية. واستبعدت مصادر  »الخبر » أن تكون الرهينتان اقتيدتا إلى أي بلد في الساحل الإفريقي، قياسا إلى المسافة الطويلة التي تفصل الحدود الجزائرية التونسية عن أقرب بلد من المنطقة العابرة للساحل. وأفادت ذات المصادر أن السائحين النمساويين كانا في جولة سياحية على متن سيارة رباعية الدفع، وأن المجموعة الإرهابية باغتتهم فوق التراب التونسي ليس بعيدا عن الحدود الجزائرية. وحسب نفس المصادر فإن تحرك قوات الأمن المشتركة الجزائرية سيكون بناء على المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لديها حول مسالك تحركات المجموعات الإرهابية ومواقعها المتحركة والقارة، على طول الحدود بين كل من الجزائر وتونس. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الاستعلامات الأمنية التونسية كانت تتوقع مثل هذه العمليات بناء على معلومات استخباراتية توصلت إليها منذ أشهر قليلة، وهو ما دفعها إلى الدخول الفعلي في تنسيق أمني مع الأجهزة الجزائرية على طول الحدود بين البلدين، على غرار ما تم تبنيه العام الماضي بين الأمن الجزائري والليبي خلال الزيارة التي قادت الفريق فايد صالح إلى ليبيا، بهدف وضع استراتيجية أمنية مشتركة لمكافحة الجماعات الإرهابية وشل تحركاتها على طول الشريط الحدودي الليبي الجزائري. ورجحت المصادر الأمنية، وجود الرهينتين بين يدي أمير الصحراء وقائد المنطقة التاسعة في هيكل التنظيم الإرهابي، يحيى جوادي المعروف بـ »يحيى أبو عمار التيارتي » الذي كان وراء اغتيال 7 من حرس الحدود الشرقية بالوادي الشهر الماضي، والذي يزداد نشاطه خطورة منذ أن خلف مختار بلمختار قبل عام. وفي نفس السياق، علمت  »الخبر » من مصدر يتابع تطورات القضية، أن قوة أمنية تونسية انطلقت في عملية استطلاع واسعة برا وجوا، انطلاقا من مدينة  »مطماطة » جنوبا بحثا عن تحديد موقع الجماعة الخاطفة. وقالت إن الرهينتين أطلقا آخر إشارة لهما تفيد بأنهما مازالا على قيد الحياة صبيحة يوم 15 فيفري 2008، حيث أكد أحد النشطين في السياحة الصحراوية، ألماني الجنسية، أنهما تحادثا معه بشأن اقترابهما من بعض الواحات التونسية. من جهة أخرى، وحسب بعض المواطنين الجزائريين العائدين من تونس، فقد قامت المصالح الأمنية التونسية بتعزيز الرقابة على تحركات المواطنين الجزائريين، حيث تعرض غالبيتهم لتفتيش دقيق للسيارات والملابس عبر مراكز العبور ببوشبكة أو رأس العيون. من جهة أخرى، رجح قرويون يعرفون جيدا مسالك الحدود الجزائرية التونسية أن الخاطفين يكونون قد تنقلوا إلى المناطق الجبلية الجنوبية لولاية تبسة من  »زريف الواعر » مرورا بوادي سوف وورفلة وامتدادا إلى غاية  »البرمة » بولاية ورفلة، نقاط تماس الحدود التونسية الليبية الجزائرية.  (المصدر: صحيفة « الخبر » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)

جماعة أبو عمار التيارتي وراء اختطاف النمساويين الجيش يطارد الإرهابيين على طول الحدود الجزائرية التونسية

تبسة: ع. إبراهيم / الجزائر: سامر رياض شهدت الحدود الشرقية للبلاد، منذ صبيحة أمس على طول الحدود التونسية الليبية الجزائرية، حالة استنفار قصوى مباشرة بعد إعلان وتبني تنظيم القاعدة اختطاف الرعيتين النمساويتين بالأراضي التونسية. ورجحت مصادر أمنية أن المجموعة التي نفذت الاختطاف هي نفسها التي تقف وراء مجزرة اغتيال سبعة أعوان من حرس الحدود في الوادي. وذكرت ذات المصادر أن الخاطفين لم يستقروا في مكان محدد بالجزائر أو تونس، بل أنهم وللإفلات من قبضة مصالح الأمن يرجح أنهم انتشروا في مواقع عديدة على الشريطين الحدوديين بين الجزائر وتونس وبين صحراء الجزائر والصحراء الليبية. واستبعدت مصادر  »الخبر » أن تكون الرهينتان اقتيدتا إلى أي بلد في الساحل الإفريقي، قياسا إلى المسافة الطويلة التي تفصل الحدود الجزائرية التونسية عن أقرب بلد من المنطقة العابرة للساحل. وأفادت ذات المصادر أن السائحين النمساويين كانا في جولة سياحية على متن سيارة رباعية الدفع، وأن المجموعة الإرهابية باغتتهم فوق التراب التونسي ليس بعيدا عن الحدود الجزائرية. وحسب نفس المصادر فإن تحرك قوات الأمن المشتركة الجزائرية سيكون بناء على المعلومات الاستخباراتية المتوفرة لديها حول مسالك تحركات المجموعات الإرهابية ومواقعها المتحركة والقارة، على طول الحدود بين كل من الجزائر وتونس. وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الاستعلامات الأمنية التونسية كانت تتوقع مثل هذه العمليات بناء على معلومات استخباراتية توصلت إليها منذ أشهر قليلة، وهو ما دفعها إلى الدخول الفعلي في تنسيق أمني مع الأجهزة الجزائرية على طول الحدود بين البلدين، على غرار ما تم تبنيه العام الماضي بين الأمن الجزائري والليبي خلال الزيارة التي قادت الفريق فايد صالح إلى ليبيا، بهدف وضع استراتيجية أمنية مشتركة لمكافحة الجماعات الإرهابية وشل تحركاتها على طول الشريط الحدودي الليبي الجزائري. ورجحت المصادر الأمنية، وجود الرهينتين بين يدي أمير الصحراء وقائد المنطقة التاسعة في هيكل التنظيم الإرهابي، يحيى جوادي المعروف بـ »يحيى أبو عمار التيارتي » الذي كان وراء اغتيال 7 من حرس الحدود الشرقية بالوادي الشهر الماضي، والذي يزداد نشاطه خطورة منذ أن خلف مختار بلمختار قبل عام. وفي نفس السياق، علمت  »الخبر » من مصدر يتابع تطورات القضية، أن قوة أمنية تونسية انطلقت في عملية استطلاع واسعة برا وجوا، انطلاقا من مدينة  »مطماطة » جنوبا بحثا عن تحديد موقع الجماعة الخاطفة. وقالت إن الرهينتين أطلقا آخر إشارة لهما تفيد بأنهما مازالا على قيد الحياة صبيحة يوم 15 فيفري 2008، حيث أكد أحد النشطين في السياحة الصحراوية، ألماني الجنسية، أنهما تحادثا معه بشأن اقترابهما من بعض الواحات التونسية. من جهة أخرى، وحسب بعض المواطنين الجزائريين العائدين من تونس، فقد قامت المصالح الأمنية التونسية بتعزيز الرقابة على تحركات المواطنين الجزائريين، حيث تعرض غالبيتهم لتفتيش دقيق للسيارات والملابس عبر مراكز العبور ببوشبكة أو رأس العيون. من جهة أخرى، رجح قرويون يعرفون جيدا مسالك الحدود الجزائرية التونسية أن الخاطفين يكونون قد تنقلوا إلى المناطق الجبلية الجنوبية لولاية تبسة من  »زريف الواعر » مرورا بوادي سوف وورفلة وامتدادا إلى غاية  »البرمة » بولاية ورفلة، نقاط تماس الحدود التونسية الليبية الجزائرية.  (المصدر: صحيفة « الخبر » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)  

فيينا تفتح تحقيقا في انتظار طلب الفدية الأمن يتحقق من الرواية التونسية لتحديد مكان السياح المختطفين

 
الجزائر – عاطف قدادرة صرح المتحدث باسم الخارجية النمساوية، كارتي غارتنر، أمس، بخصوص الخطوات التي باشرتها بلاده عقب تبني تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لحادثة اختطاف رعيتين من النمسا قائلا:  »سنقوم بدراسة شريط الفيديو لمعرفة نسبة مصداقية ما ورد فيه ». وأضاف المتحدث أنه حتى الآن فإن هذا  »الشريط الذي بثته قناة الجزيرة هو الوحيد الذي يذكر فرضية خطف السائحين، وأن النمسا لم تتلق بعد أي اتصال من الجهة الخاطفة المزعومة تحدد فيه مطالبها ». وعلم في هذا الشأن أن السلطات النمساوية باشرت مشاورات موسعة مع السلطات التونسية وكذا الجزائرية قبيل اتخاذ أي قرار في سياق محاولة فك أسر الرعيتين. وأبلغ المتحدث بإسم الخارجية في النمسا أن هذه الأخيرة تأخذ تهديدات التنظيم على محمل الجد بالرغم من عدم التأكد من صدق روايته بعد.  وقد أغلقت سفارة النمسا بالجزائر أي باب للاستفسار لديها حول الحادثة، ونصحت بالاتصال بمسؤول العلاقات والاتصال بالخارجية النمساوية، بيتر لاونسكي، بحجة أن كل المصالح ممركزة في فيينا، وتمكنت  »الخبر » من التأكد لديه في اتصال هاتفي أن  »أي اتصالات مباشرة مع أتباع القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي لم تتم بعد »، مشيرا إلى عدم التوصل لأي إجماع حول اختيار طريق التفاوض أو أي حل آخر في انتظار ما تسفر عنه التحقيقات الأولية والمشاورات مع الجزائر وتونس وربما دول جوار أخرى. وتكون السلطات النمساوية قد دخلت في اتصالات منذ مساء أول أمس، في مفاوضات مع إدارة قناة الجزيرة في الدوحة القطرية للحصول على نسخة من الشريط الصوتي المنسوب لمسؤول الخلية الإعلامية للجماعة السلفية للدعوة والقتال صلاح أبو محمد، وأشار في هذا الشأن السيد عز الدين عبد المولى، مسؤول الاتصال والعلاقات الخارجية بمقر الجزيرة بالدوحة لـ »الخبر » أمس، أن السفارة النمساوية هناك تقدمت باستفسارات لدى إدارة القناة فور بث التسجيل، وهي في اتصالات متواصلة مع إدارة القناة. وكان المسؤول الإعلامي في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، سلاح قاسمي، المكنى صلاح أبو محمد البسكري، قد أعلن في تسجيل بثته قناة الجزيرة الفضائية القطرية مسؤولية التنظيم عن  »اختطاف سائحين نمساويين منذ 22 فيفري الفارط »، وهما رجل قال عنه التنظيم إنه مستشار واسمه  »ولفغانغ ابنر » وامرأة تعمل ممرضة اسمها  »اندريا كلويبر ». وذكر أبو محمد أنهما  »في صحة جيدة ويعاملان معاملة حسنة وفق ما تنص عليه الشريعة الإسلامية ». ولم يصدر أي تأكيد أو نفي من الجزائر، لتشكيك تونس الرسمي في رواية تعرض السائحين للخطف فوق أراضيها، ورمت بالمسؤولية على الجزائر حتى قبل معرفة نتائج التحقيقات. وأفاد المتحدث بإسم المختطفين أن العملية تمت بعد  »التغلغل داخل الأراضي التونسية »، حيث قال مصدر رسمي تونسي  »حتى الساعة ليس هناك أي عنصر يسمح بتأكيد أن المواطنين النمساويين موجودان حاليا على الأراضي التونسية أو أنهما خطفا داخل الحدود التونسية ». وذلك في خطوة لتبرئة الساحة التونسية خشية تأثر السوق السياحية. وتتناقل وكالات أنباء أن أجهزة الأمن بين تبسة ووادي سوف تتحرك في سياق تحديد مكان تواجد المجموعة الإرهابية للتأكد من واقعة الاختطاف، ومعلوم أن القاعدة هددت في بيانها بالقول  »كما نعلن لدولة النمسا أن أي تحرك عسكري من طرف الدولة الجزائرية لتحرير المختطفين سيعرض حياتهما للخطر، وقد أعذر من أنذر »، مضيفا أنه سيعلن في وقت لاحق مطالبه مقابل الإفراج عن النمساويين.  (المصدر: صحيفة « الخبر » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)  

الرهائن لا يزالون على الحدود التونسية الليبية أمير الصحراء « أبو عمار » اختطف السياح النمساويين داخل التراب التونسي

أفادت مصادر أمنية، أن الجماعة التي نفذت العملية، تتواجد في مواقع متحركة على الحدود الجزائرية الشرقية مع ليبيا وتونس. وكانت هذه الجماعة تسعى لنقل السائحين إلى شمال مالي، حيث يتواجد أبو عمار أمير الصحراء لإطلاق مفاوضات لطلب فدية لكنها لم تتمكن من ذلك ـ حسب مصادرنا ـ ما جعلها تتنقل في أماكن متحركة على الحدود بين تونس وليبيا.   ولم تستبعد مصادر أمنية جزائرية أن يكون منفذو الاختطاف أنفسهم تورطوا في اغتيال حرس الحدود بوادي سوف. ويجري تنسيق أمني في المنطقة لتطويق تحركات هذه الجماعة.وأشارت ذات المصادر إلى أن السر وراء محاولة تهريب الرهائن إلى شمال مالي وعدم إدخالهم إلى التراب الجزائري هو تحييد الجيش الجزائري وتفادي دخوله خط المفاوضات مما قد يجهض العملية من أساسها، مثلما كان الأمر مع اختطاف الألمان.  وقالت مصادر أمنية جزائرية، تشتغل على ملف « الجماعة السلفية للدعوة والقتال »، إنها كانت تتوقع أن تنقل قيادة درودكال نشاطها خارج حدود الجزائر منذ إعلان انضمامها إلى « القاعدة » نهاية عام 2006 وفشلت في الإلتزام بضوابط القاعدة الأم، وأدرج خبراء أمنيون التزام أسامة بن لادن إزاء العمليات الانتحارية التي تبنتها قيادة درودكال وعدم مباركتها « عدم رضى عنها »، خاصة وأنها لقيت معارضة شديدة من طرف التنظيمات المسلحة وعلماء الدين، وسعى درودكال إلى تبييض جماعته وتدارك تجاوزاته بتنفيذ عمليات « نوعية » يسترجع من خلالها ثقة زعماء « القاعدة » الذين يراهنون على الجماعة السلفية للدعوة والقتال في شمال إفريقيا، بعد المشاكل التي يواجهها تنظيم « القاعدة » في العراق وحركة « طالبان » في أفغانستان، حيث كان الموقوفون المشتبه صلتهم باغتيال سياح فرنسيين بموريتانيا، قد كشفوا عن الإستراتيجية الجديدة لتنظيم درودكال المتمثلة في « الإعتداء على الفنادق والمطاعم التي تأوي الأجانب والمطارات ومقرات القوات المسلحة والأمن وشركات الدولة الاستراتيجية مع التشديد على الإعتداءات الإنتحارية من خلال تجنيد عناصر جديدة تحت غطاء « مواجهة الحرب الصليبية »، ما يعكس محاولات قيادة درودكال تبرير عملية اختطاف سائحين نمساويين بالرد على المجازر المرتكبة ضد الفلسطينيين العزل، لكن تبقى الخلفيات الحقيقية للعملية غامضة، سيما وأن قيادة درودكال أعلنت تبنيها الإختطاف بعد حوالي أسبوعين من الواقعة وتحرك ذويهما، إضافة إلى عدم تسجيل تحركات أتباع درودكال في تونس. لكن متتبعين للشأن الأمني، يشيرون إلى الإعتداء الإرهابي الأخير الذي استهدف دورية لحرس الحدود بمنطقة الوادي على الحدود الشرقية، ومنه لا يستبعد نقل السائحين عبر هذه الحدود إلى الجزائر، خاصة وان مصادر رسمية تونسية تحدثت عن « تواجدها بصحراء تونس استنادا إلى مكالمة هاتفية جرت بينهما وبين أحد المرشدين ».ويكشف بيان « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »، أن السائحين يتواجدان بالجزائر وتوقع أن تتوصل أجهزة الأمن إلى تحديد مخبئهما، حيث سارع إلى « إبلاغ السلطات النمساوية، أن أي تحرك عسكري من طرف الدولة الجزائرية لتحرير المختطفين سيعرض حياتهما للخطر »، وهي محاولة، حسب مراقبين، لدفع السلطات النمساوية للضغط على السلطات الجزائرية لعدم التدخل العسكري »، وذلك لربح الوقت مع احتمال نقل السائحين إلى مناطق بعيدة، لكن هذا « التحذير » يعكس رغبة التنظيم الإرهابي في التفاوض لاحقا عندما يشير إلى عرض لائحة مطالب « للإفراج عن الرهينتين ».وكانت أول عملية خارج الحدود، تتبناها « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » منذ التحاقها بتنظيم « القاعدة »، تتعلق باغتيال سياح فرنسيين بموريتانيا، وصرح المتهمون الموقوفون في الإعتداء، أنهم نفذوا العملية بأمر من مختار بلمختار (خالد أبو العباس)، المعروف بـ « الأعور »، أمير المنطقة التاسعة سابقا وتحت إشراف « أبو عمار »، أمير الصحراء، وأكدوا ان الهدف هو « خطف السياح لطلب فدية » على خلفية أن التنظيم يواجه صعوبات كبيرة في الحصول على المال، وهو ما اعترف به « أبو محمد العثماني » في بيان نشر في المنتديات الجهادية، وأشاروا إلى أن العملية تم التخطيط لها بسرعة، ولا يستبعد التنسيق بين شبكات التهريب والإجرام النشطة على الحدود وتنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ». نائلة. ب (المصدر: صحيفة « الشروق اليومي » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 12 مارس 2008) الرابط: http://www.echoroukonline.com/ara/une/1017.html  

فيما تتبرأ الجزائر من مسؤوليتها الحكومة التونسية ترجح اختطاف الرعيتين النمساويتين بالتراب الجزائري

 

 
تبرأت الحكومة التونسية، من مسؤولية اختطاف الرعيتين النمساويتين الشهر المنصرم، من قبل قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلامي. وجاء التعاطي التونسي مع هذه القضية، معاكسا لمجريات الحقيقة على أرض الواقع، من خلال التصريح الذي نقلته وكالة تونس إفريقيا للأنباء (الرسمية)، عن « مصدر رسمي » تونسي، قوله إن « الرعيتين النمساويتين توغلا في عمق الصحراء إلى اتجاه خارج الحدود التونسية ».  ولم يحدد « المصدر الرسمي » التونسي، البلد الذي غادر إليه الرعيتان النمساويتان، غير أن وزيرا في الحكومة التونسية قال في تصريح لقناة « حنبعل » الفضائية، ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، إن الزوج النمساوي، لم يتم خطفه من على التراب التونسي، وإنما بعد دخولهم إلى التراب الجزائري.وقالت السفارة التونسية بالجزائر، في بيان تلقت « الشروق اليومي »، نسخة منه، إن السلطات التونسية، « لا تتوفر لديها أي عناصر يمكن أن تثبت أن الرعيتين النمساويتين، موجودتان على التراب التونسي، أو أنهما قد اختطفا داخل الحدود التونسية »، بالرغم من عمليات البحث والتمشيط المكثفة، برا وبحرا وجوا، التي أقيمت بحثا على المخطوفين، كما جاء في البيان. بيان الحكومة التونسية، وإن اعترف بأن الرعيتين النمساويتين دخلا تونس يوم 10 فيفرى 2008 عن طريق ميناء حلق الوادي، قادمين من ميناء جنوة الايطالي للقيام بجولة سياسية في المناطق الصحراوية، إلا أنه لم يقدم أدلة ثبوتية عن خروج، باستثناء استناده إلى ما قاله مختص ألماني في مسالك الصحراء، من أن المخطوفين يكونان قد تجاوزا الحدود الجزائرية خطأ. ويتناقض تصريح المسؤول التونسي، مع التسجيل الصوتي، الذي نقلته قناة الجزيرة الفضائية، عن شخص أطلق على نفسه صفة المسؤول الإعلامي في تنظيم « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »، أكد من خلاله مسؤولية « القاعدة » في اختطاف الرعيتين النمساويتين من على الأراضي التونسية، مؤكدا قدرة هذا التنظيم الإرهابي في الوصول إلى السياح الذين يزورون تونس، وأن الحكومة التونسية لن تستطيع حمايتهم، كما جاء على لسانه. وقالت وزارة الخارجية النمساوية، إن أندريا كلوبير البالغة من العمر 43 عاما، والتي تعمل ممرضة، وفولفغانغ إيبنز البالغ من العمر 51 عاما، الذيت يعمل مستشارا، أصبحا في عداد المفقودين، وقالت إنها تحقق في التقارير التي تتحدث عن خطفهما، وشكلت خلية أزمة مع وزارة الداخلية (النمساوية)، مشيرة إلى أنها طلبت نسخة من التسجيل الصوتي للناطق باسم « القاعدة »، الذي أذاعته قناة « الجزيرة ».من جهة أخرى، نفت مصادر مسؤولة بالجزائر، أن يكون الرعيتان النمساويتان المفقودتان، قد دخلتا التراب الجزائري، مشيرا إلى أن مصالح حرس الحدود، لم تسجل دخول أي رعية نمساوية، ولا أن تكون مصالح وزارة الخارجية قد منحت تأشيرات بأسماء المواطنين النمساويين، فولفغانغ إيبنز وأندريا كلوبير، اللذين يوجدان محل بحث من قبل حكومة بلدهما، بعد أن تم تصنيفهما في خانة مفقودين. محمد مسلم (المصدر: صحيفة « الشروق اليومي » (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 12 مارس 2008) الرابط: http://www.echoroukonline.com/ara/une/1020.html

 


مسؤول أمريكي يستبعد إقامة منطقة تبادل حر بين بلاده وتونس قريبا

 
تونس / 12 مارس-اذار / يو بي أي: استبعد شون دونالي مساعد وزير التجارة الأمريكي المكلف بأوروبا والشرق الأوسط إقامة منطقة للتبادل الحر بين بلاده وتونس قريبا،ودعا إلى إرساء مناخ ملائم لتشجييع الأعمال بين البلدين. وقال دونالي خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء عقب انتهاء أعمال الإجتماع الثالث لمجلس الإتفاق الإطاري للتجارة والإستثمار بين البلدين »تيفا » (TIFA)،إن إقامة منطقة تبادل حر بين تونس أمريكا يعد « هدفا يتحقق على المدى البعيد ». وعقدت أميركا حتى الآن إتفاقيات تبادل حر مع 14 دولة منها 4 دول عربية هي المغرب و الأردن و البحرين وعُمان،كما أنها تتفاوض حاليا مع الإمارات العربية للتوقيع على إتفاقية مماثلة. وبحسب المسؤول الأمريكي،فإن هذا الهدف يتدعي أيضا » إرساء مناخ ملائم وتحفيزي للأعمال بين البلدين،كما يتطلب ضبط برنامج متناغم يهم كافة الميادين الصناعية والزراعية والتجارية ويكون مطابقا لمواصفات منظمة التجارة العالمية ». وإعتبر أن تحقيق هذا المشروع يبقى « ممكنا على المدى الطويل رغم ما يتسم به من صعوبة »،ولكنه أشار بالمقابل إلى أن تونس وأمريكا ستواصلان مشاوراتهما » لإستكشاف المسالك والفرص الجديدة بهدف إرساء شراكة وثيقة والنهوض بالتبادل والإستثمارات المشتركة ». وكان شون دونالي مساعد وزير التجارة الأمريكي المكلف بأوروبا والشرق الأوسط الذي وصل الأحد إلى تونس قد ترأس وفد بلاده إلى الإجتماع الثالث لمجلس الإتفاق الإطاري للتجارة والإستثمار بين البلدين »تيفا » (TIFA). وأسفر هذا الإجتماع الذي ترأسه عن الجانب التونسي محمد النوري الجويني وزير التنمية والتعاون الدولي عن تشكيل أربع لجان مشتركة لتعميق البحث في المحاور الأساسية لهذا الإتفاق،وهي « الإستثمار » و »النفاذ إلى الأسواق » و »الخدمات » و »الملكية الفكرية ». يذكر أن مجلس الإتفاق الإطاري للتجارة والإستثمار بين تونس وأمريكا إنطلق عام 2002 بهدف الدفع بفرص التبادل التجاري والإستثمار من خلال إزالة العراقيل التي تعيق سيولة المبادلات بين الولايات المتحدة الأمريكية وتونس.  


تقدم هام على درب تكثيف المبادلات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية

 
تونس 12 مارس 2008 (وات) وصف السفير السيد شون دونالي مساعد الممثل التجارى الامريكي لاوروبا والشرق الاوسط مضمون المحادثات التي جمعته طيلة اسبوع بعدد من اعضاء من الحكومة التونسية ب/الممتازة/ و »بالخطوات الهامة » على درب ارساء منطقة تبادل حر تونسية امريكية على المدى الطويل. واضاف السيد شون دونالي خلال ندوة صحفية عقدها يوم الاربعاء في ختام الزيارة التي اداها الى تونس بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة للمجلس المشترك التونسي الامريكي للتجارة والاستثمار ان ارساء منطقة تبادل حر بين تونس والولايات المتحدة الامريكية تعد « هدفا يتحقق على المدى البعيد وهو يقتضي ارساء مناخ ملائم وتحفيزى للاعمال بين البلدين ». واوضح ان انجاز هذا المشروع يتطلب ايضا ضبط برنامج متناغم يهم كافة الميادين الصناعية والفلاحية والتجارية والخدماتية ويكون مطابقا لمواصفات منظمة التجارة العالمية مشيرا الى ان « تجسيم هذا التمشي ممكن على المدى الطويل رغم ما يتسم به من صعوبة ». ولاحظ ان « تونس التي تتوفر على يد عاملة مؤهلة وبنية اساسية عصرية فضلا عن ابرامها لاتفاقية شراكة مع الاتحاد الاوروبي قادرة اليوم على استقطاب المستثمرين الاوروبيين والامريكيين ». واكد المسؤول الامريكي انه يمكن في مرحلة اولى تسويق 5 الاف منتوج تونسي في السوق الامريكية دون الخضوع الى اداءات جمركية او نظام حصص محددة وذلك وفق مقتضيات النظام التجارى متعدد الاطراف الذى يوفر امتيازات تفاضلية للبلدان الشريكة. وبالتوازى مع هذا التمشي الاول سيواصل الجانبان الامريكي والتونسي مشاوراتهما لاستكشاف المسالك والفرص الجديدة المتاحة بهدف ارساء شراكة وثيقة والنهوض بالتبادل والاستثمارات المشتركة. اما في ما يهم النقل فستتولى وزارتا الاشراف وشركات الطيران الخاصة فضلا عن حكومتي البلدين بالتعاون مع الغرفة التونسية الامريكة للتجارة والصناعة دراسة الفرص المتوفرة وخاصة في اطار نظام النقل الجوى /الاجواء المفتوحة/. وتتمركز حتى الان في تونس نحو 70 مؤسسة امريكية غير مقيمة باستثمارات تناهز 750 مليون دولار امريكي وتؤمن 18 الف موطن عمل. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 12 مارس 2008)
 

الدكتور الصادق شورو : أكثر من 17 سنة وهو في السجن …

ألا يكفي؟

عبد الجليل الخضراوي

 

منذ أكثر من سبعة عشر سنة يقبع الدكتور الصادق شورو في السجن  وهي أطول مدة يقضيها سجين سياسي في تونس لم يرتكب جرما في حق تونس ولا شعبها… لم يحمل السلاح ولم يعتدي على احد… كل مافي الأمر أن الرجل كان رئيسا لحركة  سياسية ضلت تطرق أبواب التقنين منذ عشرية كاملة…ضلت تطالب بحقها في الوجود وحق التونسيين في المواطنة…التزم بالنضال من اجل الحرية واعتبرها المعركة الأساسية والأولوية المطلقة متسلحا بالوسائل السلمية…فكانت الضريبة  في مستوى لايمكن لعاقل أن يتصوره…17 عشر سنة من العذاب  والقتل البطيء…يحتار العاقل حينما  يعرف شخصية هذا الرجل الهادئ … الذي لايملك طموحا ولامجرد رغبة شخصية في أن يكون يوما ما في السلطة … وإنما رغبته الأساسية هي سيادة قيم الحرية والكرامة في وطنه…وفقا للقيم الإسلامية التى امن بها والتزم بها في سلوكه وعلاقته بالآخرين… انها ولاشك اكبر ضريبة من اجل الحرية في هذا العهد يدفعها مناضل سياسي في تونس.

1- ضريبة الحرية في تونس

معركة الحرية في تونس   معركة طويلة  بدأت مع الاستعمار الفرنسي حيث قاوم الشعب بمختلف فئاته الوجود الاستعماري و بأساليب مختلفة أملا في أن  تشرق شمس الحرية يوما ما ويصبح فيه سيد  نفسه دون وصاية أو إقصاء  ولكن دولة الاستقلال التي ضحى من اجلها آلاف التونسيين  مافتئت أن تحولت إلى حكم فرد أصبح  فيه الشعب مجرد رعايا  لا مواطنين ,… فكان من واجب الطلائع والنخب الوطنية آن تنهض وتقاوم هذا الانحراف.., فكان اليوسفيين ثم الزيتونيين فالقوميين فاليساريين  فالنقابيين فالا إسلاميين  فالوطنيين بكل أصنافهم…

عرف كلهم السجون والمعتقلات والمنافي… اعدم الكثير…مات الكثير تحت التعذيب…

بقيت السلطة طيلة الحكم البورقيبي سلطة الحزب  ورئيس الحزب الذي كان له فضل التحرير  وكانت السلط الامنية هي الذراع الذي يستعمله الزعيم لتأديب الخارجين من بيت الطاعة

ولكن الذي حصل بعد 7 نوفمبر أن بنية السلطة تحولت من سلطة مدنية إلى سلطة أمنية بالدرجة الأولى فقد أصبح البوليس هو المتحكم الأساسي والحقيقي في أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية…وأصبحت وزارة الداخلية من خلال القصر هي التي تسوس    البلاد وضعف دور المؤسسات المدنية لتصبح في خدمتها

فلا يمكن لأي ملاحظ موضوعي للأوضاع في تونس سوى أن يشهد بسلطان القبضة الأمنية التي تتحكم في البلاد في كل المجالات فالرعب الذي تعيشه كل القوي الحية منذ 18 سنة تقريبا أصبح ظاهرة تميزت بها البلاد عن بقية الدول العربية المجاورة.

فلم يحدث في تاريخ تونس الحديث أن حدث انفصام بين الحاكم والمحكوم وتحول تونس إلى ضيعة على ملك العائلة الحاكمة… اخذ فيها النهب مأخذه… كما حدث في هذا العهد.

 

ولم تعرف البلاد في تاريخها تجريم فئة في المجتمع كما عرفته البلاد منذ بداية التسعينات في القرن الماضي… لقد أصبح الإسلاميون في تلك المرحلة العدو الرئيسي في البلاد فسخرت كل إمكانيات البلاد لاجتثاثهم فاستبيحت أعراضهم ودماؤهم وأموالهم … وسلط على كل من له علاقة بعيدة أو قريبة بهم صنوفا من المحاصرة والتعذيب…

ولم يحدث أيضا  في تاريخ المحاكمات السياسية التي حدثت في العهد البورقيبي أن حدثت محاكمات بمثل هذه الضراوة … والقسوة… فأقصى ماكان يقضيه المحاكمون في قضايا سياسية لايتجاوز الخمس  سنوات ويغادر الجميع السجون  … ولكن الذي حدث في المحاكمات الأخيرة أن السلطة لم تبدأ في إطلاق سراح المساجين إلا بعد انقضاء قرابة 10 سنوات…

والآن بعد سبعة عشر سنة تقريبا مازال هناك من  يدفع   ضريبة الحرية  رغم انه منذ  1999   »  برزت شبه رغبة لدي  السلطات بإغلاق ملف السجناء النهضويين لكن بالتقسيط أو بالقطارة  حتى أن احد المعلقين اعتبر أن  » تونس تبدو البلد ألمغاربي الوحيد الذي لا يستعجل التخلص من سجنائه السياسيين، على رغم أن الصراع في هذا البلد الصغير لم ينزلق دوما إلى مسالك الصدام العنيف مثلما حدث في الجزائر مثلا «  

 

الدكتور الصادق شورو السجين المأساة

 

قليلة هي الكتابات التي تعرف بمحنة الدكتور الصادق شورو   ومن خلاله بهذا الرجل الذي لم يكن الراى العام يعرف عنه شيئا قبل  المحاكمات التي عرفتها البلاد في بداية التسعينات… رغم انه كان رئيسا لأكبر تيار سياسي معارض  في البلاد… فاغلب المراقبين لا يعرفون سوى الشيخ راشد الغنوشي كرئيسا للحركة ويفاجئون حينما يعلمون أن رئاسة الحركة مابين مارس 1988 و فيفري 1991 كانت بيد هذا الرجل…فهو الشخص الوحيد الذي وقع اختياره في مؤتمر للحركة من طرف المؤتمرين بعد الشيخ راشد الغنوشي .. أما بقية الذين تحملوا هذه المسؤولية في فترات استثنائية ولفترات متفاوتة  فقد كان اختيارهم سواء من طرف المؤسسة الشورية  أو التنفيذية وفق التراتيب التى حددها القانون الأساسي للحركة…

لا نكاد نسمع بمحنته إلا بمناسبة إضرابات الجوع التي يخوضها وآخرها  الإضراب المفتوح  الذي خاضه بداية من  12 نوفمبر 2007 للمطالبة برفع المضايقات التي يتعرض لها في سجن العزلة وتمكين زوجته و أبنائه من جوازات السفر واحتجاجا على حرمان شقيقه الدكتور عباس شورو من التدريس بالجامعة رغم الحكم الصادر لفائدته من طرف المحكمة الإدارية

ورغم الإفراج عن اغلب قيادات الصف الأول في الحركة … ومنهم من يملك حضورا بارزا   في الساحة السياسية قبل المحنة  فان الدكتور الصادق مازال يخضع لسياسة التشفي  والقتل البطئ التي سلطت عليه منذ إيقافه… وقد يتساءل المرء عن منطق السلطة من وراء ذالك…

قد يكون من المفيد التعريف بهذا الرجل  والعودة إلى فترة إيقافه والتهم التي سلطت عليه في محاولة للفهم…

 

من هو الدكتور الصادق شورو

 

الصادق بن حمزة بن حمودة شورو من مواليد 10 فيفري 1947 بجربة حاصل على دكتوراء في الكيمياء من كلية العلوم بتونس، ومدرس بكلية الطب في مادة الكيمياء إلى حدود اعتقاله سنة 1991 وعضو بلجنة البحث العلمي في تخصصه بالمركز الجامعي للبحث العلمي بمنطقة برج السدرية في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس، وعضو بنقابة التعليم للاتحاد العام التونسي للشغل.(1)

وقد عرف الدكتور شورو بتأييده للنضال الطلابي. وحضر المؤتمر التأسيسي للاتحاد العم التونسي للطلبة.

انضمّ الدكتور شورو لعضوية مجلس الشورى المركزي للحركة الإسلامية  منذ بداية الثمانينات،  وانتخب في مؤتمر 1988 رئيسا للحركة وواصل القيام على مهامه حتى 23 فيفري 1991 تاريخ اعتقاله

رحلة الدكتور الصادق شورو مع التعذيب

 اعتقل في 23 فيفري 1991، وقد سلط عليه تعذيب شديد في وزارة الداخلية ثم في ضيعة في نعسان  لحمله على الاعتراف بالسيناريوهات الأمنية التي وضعتها هذه الوزارة لتوريط الحركة وتشويه سمعتها فصبر صبرا جميلا حتى نقل للمستشفى في حالة خطيرة أكثر من مرة.

لقد تفتق العقل الامنى الذي حاول تجميع أحداث متفرقة في شكل خطة منظمة تتكون من خمس مراحل

– مرحلة الإعلام الشعبي

مرحلة التحرك الميداني

مرحلة تجرئة اتباع الحركة على المقرات الأمنية

مرحلة الثورة والعصيان المسلحين

تحريك الجناح العسكري للحركة

فتوزيع المناشير من طرف أنصار الحركة بعد حملة الإيقافات التي شملت أنحاء البلاد للتعريف بهذه المظلمة وخاصة أن الحركة لاتملك وسيلة إعلامية واغلب وسائل الإعلام غير الرسمية متواطئة… يعتبر جريمة… وبعض المسيرات الاحتجاجية ضد التعتيم والمداهمات الوحشية التي عرفتها مختلف الأحياء هو عمل مدبر اما المرحلة الثالثة التي تتحدث عن مهاجمة المقرات الأمنية فيكفي أن يحتج مجموعة من الطلبة على مركز للبوليس يقع أحداثه أمام المركب الجامعي ليكون ذالك مؤشرا على تخطيط مدبر… أما المرحلتين الربعة والخامسة فيكفي أن نقرا تصريح بن علي لصحيفة

   « لوموند » الفرنسية  في 11 جويلية   1991 عندما سئل(2)   

 لقد تم اكتشاف مؤامرة دبرها إسلاميون في تونس في ماي الماضي ما هو بالتحديد

مدى اندساس أفرادها في الجيش والحرس الوطني والشرطة ؟

فيجيب:

إن ما يسمى « بالنهضة » ليس بالحركة الديمقراطية. وهي تسعى للاستيلاء على السلطة بكل الوسائل مما جعلها تتخذ من محاولات الاندساس في مؤسسات الدولة منهجا. فجيشنا سليم وهو متشبع بمبادئ النظام الجمهوري. وانحصرت محاولات الاندساس في صفوفه في عناصر متعصبة من بين دفعتين من الضباط. كان أحد أساتذتهم قياديا إسلاميا وهو « الأمير » الصادق شورو الذي خلف « الأمير » راشد الغنوشي في ربيع 1989 عندما اختار هذا الأخير تلقائيا المنفى….

 

وكان هذا « الأمير » يدرس بعض الوقت بالأكاديمية العسكرية في فندق الجديد. وقد تم شحن أدمغة هؤلاء الضباط الشبان قبل دخولهم الأكاديمية ولم يبق من بين قرابة المائة عسكري الذين تم استنطاقهم على إثر اكتشاف هذه المؤامرة سوى 34 مورطا.

 

* وعندما يسال : لقد رأى البعض في هذه المؤامرة قضية مصطنعة لتدبير القمع ضد الإسلاميين  ؟ فيجيب:

المؤامرة ثابتة ولا جدال في ذلك وليس هناك تركيب ولا خلط. وقد أحيلت القضية على العدالة التي ستقول فيها كلمتها بكل رصانة واستقلالية. وكل يوم تتوفر أدلة جديدة حول هذه المؤامرة. ولقد اكتشفنا خلال الأسابيع الماضية مخازن جديدة لقنابل المولوتوف وقوارير ماء الفرق…

وياتي قرار ختم  البحث لدى المحكمة العسكرية في سنة 1992  ليؤكد  ماسبق حيث ورد مايلي (3) 

أجاب المتهم الصادق بن حمدة شورو لدي الباحث المنتدب مقرا بنشاطه على  رأس الحركة بصفته أميرا لها  وقد شكل مع غيره من العناصر القيادية مجلس الشورى والمكتب التنفيذي  ومثيلهما جهويا  كما رتب البيت الحركي بمساعدة معاونيه من القياديين ببعث أجهزة خاصة استعلامية تنظيمية كما قرر وهو على رأس المكتب التنفيذي التخطيط للتصعيد الشامل مع السلطة عن طريق  مراحل خمسة تنتهي بالعصيان المدني  وتمرد الجناح العسكري قصد الإطاحة بالنظام بالعمل المسلح  ولم تم الكشف عن ذالك المخطط استبدل بآخر سمي بالخطة الاستثنائية  الرامية إلى إحداث الفراغ  الدستوري  باغتيال السيد الرئيس  الدولة  وبعض وزراء السيادة بصفة توازية للقيام باعتداءات على مراكز السيادة  من امن وتشكيل حكومة انتقالية مطعمة من الشخصيات السياسية أمثال محمد مزالى  واحمد بن صالح مبينا انه شكل الأجهزة الخاصة  واسند لمعاونيه  مهمة الإشراف عليها وتوفير جميع الوسائل  لها للوصول بها الى تحقيق الغاية المرجوة وهي الإطاحة بالنظام باستعمال السلاح ودعا البعض منهم ممن كانوا من العسكريين الى إعادة تشكيل الجناح العسكري لدعم بقية الأجهزة الخاصة  وإعلان التمرد عند إعلان حالة العصيان  كالاستغاثة في ذالك المضمار ببعض الضباط  السامين المتقاعدين في تحقيق تلك الغاية « 

 

ذالك ماتم انتزاعه تحت التعذيب في محلات وزارة الداخلية ومحلات التعذيب الخاصة في نعسان وسكرة حينما سلم  الصادق شورو وبعض العناصر إلى الجلادين الذين اخذوا التفويض الكامل …

 

أما إمام حاكم التحقيق فقد ورد في قرار ختم البحث مايلي:

ولدي قلم التحقيق  أمام المحكمة العسكرية … امتنع عن الجواب بتعلة أن محاميه لم يطلع على كامل أوراق القضية  وهو ذات الأمر الذي تمسك به محاميه وانسحب…

 

فهكذا يكفي أن يدرس الصادق شورو بعض الوقت  في الأكاديمية العسكرية  ليكون متهما بإعداد مجموعة من الانقلابيين … ويكفي أن تلتقط قوات البوليس بعض العصي ووسائل دفاعية بدائية يستعملها المتظاهرون لتكون أداة لقلب نظام الحكمويكفي أن يقع إيقاف عسكريين متدينين بعد انقلاب 7 نوفمبر فيما عرف بقضية المجموعة الأمنية ليكون ذالك مؤشرا أن حركة النهضة اخترقت من جديد المؤسسات الأمنية وتهيئ لتنظيم انقلاب… ولا يخفي عن أي مراقب موضوعي أن الجيش الوطني قد وقع إفراغه من الكفاءات الوطنية بداية من سنة 1981 … فقد وقع آنذاك تسريح كل من يشك في تدينه ووصل هذا الأمر إلى منتهاه بعد 1987 حيث أحيل العديد من الضباط على التقاعد… ووضع الكثير من ضباط الصف  في مهام ثانوية… فكيف يعقل أن يقوم ضباط على انقلاب وهم مقطوعين عن القطاع…منذ سنوات… خاصة وقد عملت السلطة على خلط الأوراق بنقل متعددة  في صفوف الضباط وضباط الصف …ووضع العناصر التي يشك في ولاءها في الثلاجة…

ولكن منطق المؤامرة لايقف عند حده…

 

2- القضية التي لم يعرف لها تاريخ القضاء التونسي مثيل حوكم الدكتور الصادق شورو  أمام المحكمة العسكرية سنة 1992 على رأس 265 من الإطارات القيادية للنهضة. وقد طلب الادعاء العام إعدامه، ولكن تحت ضغوط المنظمات الحقوقية والإنسانية اكتفى النظام بإصدار حكم في حقه بالسجن مدى الحياة. ونقل بعد ذلك لأكثر من سجن، وتعرّض لضغوط شديدة لحمله على إدانة الحركة وطلب العفو من رئيس الدولة فأبى إلا الصمود والاعتزاز بانتمائه ونضالاته ونضالات إخوانه. ومما أثر عنه أمام المحكمة العسكرية قوله:

« « يا سيادة القاضي إذا كنتم بعملكم هذا تريدون اجتثاث حركة النهضة من مجتمعها ومن التربة التي أنبتتها، فهي شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء…

سيذكر التاريخ شهر جويلية 1992 … تاريخ المحاكمة الاستثنائية  التى عقدتها السلطة  لتصفية الوجود السياسي لحركة النهضة… سيذكر التاريخ ذالك المناخ الذي صنعته السلطة لتمرير تلك المظلمة الكبرى … كتبت المنظمات الحرة عن الخروقات الخطيرة التى عرفتها هذه المحاكمة … ووضحت البعض من خلفياتها ولكن ستبقي الوثيقة التي أنجزها المحامون النائبين في هذه القضية من أدق الوثائق التي وقفت عند خفايا هذه القضية...(4)

كان أهم مابينته تلك الوثيقة  افتعال وقائع لتبرير الاتهام  ومن أهم هذه الوقائع اجتماع براكة الساحل وقصة صاروخ الستينجر

ورد في الوثيقة مايلي:

إجتماع براكة الساحل

يعلم الجميع أنّ الإتهام الموجه ضدّ المظنون فيهم من قيادات و عناصر حركة النهضة المحالين أمام القضاء العسكري صائفة 1992 سواء بمناسبة القضيّة عـ76110ـدد أو      عـ76111ـدد قد تأسّس على حادثتين هامتين أوّلهما « إجتماع براكة الساحل » و ثانيهما « صاروخ ستينجر » لقد تمّ التركيز على الواقعتين المذكورتين إعلاميا في محاولة لإقناع الجميع داخليّا و خارجيّا بخطورة ما خططت له حركة النهضة و ما عزمت على تنفيذه بمشاركة عناصر من الجيش الوطني من مختلف الرتب و المواقع و الثكنات برّا و بحرا و جوّا. و قد كان الإعلان عن اكتشاف الإجتماع المذكور بمناسبة الندوة الصحفيّة التي عقدها وزير الداخليّة يوم 22/05/1991 منطلقا لحملة إعلاميّة و سياسيّة و أمنيّة إنجرّ عنها الزجّ بأكثر من ثلاثين ألف تونسي و تونسيّة في السجون و عزل المئات من الضبّاط و ضبّاط الصف بعضهم تمّت إحالته على التقاعد المبكّر دون أن يتعرّض لأيّة مساءلة أو مؤاخذة(111) يذكر الملاحظون أنّ حملة الإيقافات شملت أكثر من ستمائة عسكريّ من رتب و قطاعات و جهات مختلفة    و أمام شكّ إدارة الأمن العسكري في جديّة الأبحاث المجراة من طرف إدارة أمن الدولة و نظرا لأنّ الإيقافات طالت عددا كبيرا من كبار الضباط و خيرة إطارات الجيش و قياداته بما أضحى يهدّد بإفراغ المؤسّسة العسكريّة من أكفأ كوادرها تولت لجنة خاصّة من قيادة الجيش الحضور بمقرّات وزارة الداخليّة و استنطاق بعض كبار الضباط الموقوفين فعاينوا تعرّضهم للتعذيب و قد تمّ إثر حضور اللجنة المذكورة الإفراج عن عدد كبير من العسكريّين دون تتبّع مع حرمانهم من مباشرة وظائفهم . و قد جاء الحكم ليتمخض الجبل فلا يلد حتى فأرا إذ ثبت بالدليل الساطع أنّ الإجتماع المذكور كان مجرّد دعاية لتبرير الحملة المتعدّدة الجوانب على حركة النهضة من جهة و على بعض المشكوك في ولائهم في المؤسسّات العسكريّة من جهة أخرى لضرب عصفورين بحجر واحد و لقد أكد الحكم الصادر في القضيّة عـ76110ـدد أنّ أغلب من اتهموا بالمشاركة في الإجتماع المذكور لم يحضروا يوم 6/1/1991 أيّ إجتماع بل كانوا يمارسون يومها حياتهم بصفة عاديّة بعضهم في مكان العمل و بعضهم بين عائلاتهم و ذويهم من ذلك أنّ الحكم أثبت أنّ النقيب الهادي العرفاوي المتهم بالمشاركة في الإجتماع كان يوم 6/1/1991 التاريخ المزعوم لعقد اللقاء رفقة زوجته التي كانت بصدد الولادة بأحد المستشفيات كما أثبت الحكم أنّ النقيب محجوب بريك الذي أرغمه باحث البداية على الإعتراف بحضور الإجتماع كان قائما يومها بواجب الأسبوع بالفوج 33 للمدرّعات حسبما تضمنته المكاتبة الواردة على المحكمة من رئاسة أركان جيش البرّ كما أثبتت الأحداث أنّ الرائد سامي كوردة كان يوم 6/1/1991 بين أهله و عشيرته في تونس العاصمة التي لم يغادرها طوال ذلك اليوم في حين أنّ النقيب الهادي الأجنف الذي أجبر تحت التعذيب على الإعتراف بالإنتماء لحركة النهضة و حضور اجتماع براكة الساحل كان حسبما ثبت من مكاتبة قيادة جيش البرّ يوم 6/1/1991 في مهمّة في المناطق الساحليّة و قد نوّهت الشهادة بنشاطه و قيامه بالمهمّة على أحسن وجه و لقد انتهت المحكمة إلى القضاء في حقّ المذكورين آنفا بعدم سماع الدعوة لثبوت عدم حضورهم أيّ إجتماع(112) رغم ما سجله عليهم باحث البداية من إعترافات انتزعت تحت الإكراه و التعذيب كما اعتبرت المحكمة أنّ بقيّة العسكريّين المتهمين بحضور الإجتماع المزعوم لم يثبت في حقهم القيام بأي عمل إيجابي من شأنه أن يوفّر ضدّهم أركان جريمة الإحالة علما أنّه و بمراجعة الحكم المذكور لا نجد أثرا في تعليله للإجتماع المذكور كدليل إدانة ضدّ العسكرييّن أو المدنيين.

صاروخ الستينجر

تحدّثت وسائل الإعلام كثيرا عن صاروخ ستينجر كان الهادي الغالي و من معه عازمون على جلبه للإعتداء على حياة رئيس الدولة و لكن بالرجوع إلى الحكم الصادر في القضيّة عـ76110ـدد و كذا الصادر في القضيّة عـ76111ـدد لا نجد أيّ أثر مادّي للمشروع الإجرامي المذكور إذ يتضح أنّ المسألة (هذا و لو افترضنا جدلا صحّة ما نسب لبعض المتهمين من تصريحات) لا تعدو أن تكون فكرة خطرت على بال فرد بعد إيقاف أغلب المتهمين دون أن يسعى إلى تحويلها إلى واقع و دون أن يكون قادرا على تحقيقها حتى لو رغب في ذلك لأنّه لا يتوفّر حسب الأبحاث على أيّة إمكانيّات للوصول إلى تنفيذ ما فكّر فيه إن ثبت أنّه فكّر فيه حقّا(113).

كما أثبتت الأبحاث أنّه لم يكن بيد أحد في الداخل و لا في الخارج لا صاروخ و لا حتى مسمار من بقايا صاروخ مهما كان نوعه كما لم يكن بيد أحد في الداخل و لا في الخارج ما يكفي لشرائه و لا كان أحد يعرف طريق الوصول لشرائه و لا كيف و أين يباع أصلا هذا علاوة على خلوّ محاضر أغلبيّة الموقوفين من الموضوع علاوة على أنّ من الموقوفين من تمّ إيقافه منذ نوفمبر 1990 و هو تاريخ سابق بسنتين لتاريخ ما نسب لأحدهم من تفكير في الاعتداء على حياة رئيس الدولة بواسطة هذا الصاروخ المزعوم.

3- مصانع الموت في تونس في عهد السابع من نوفمبر

لم تعرف السجون التونسية ضراوة في المعاملة واستمرار لتعذيب المعارضين السياسيين كما عرفته في المرحلة الأخيرة… لقد تحولت السجون إلى مصانع للموت والحراس إلى جلادين … مما انجر عنه  موت العديد  … إصابة العديد بعاهات وأمراض مزمنة ويكفي أن ننضر في التقرير الصحي الذي قدمته منظمة حرية وإنصاف لنفهم حجم الكارثة (5)

أصاب الدكتور الصادق شورو الكثير مما أصاب إخوانه

ـ تنقل بين العديد من السجون وعاش في سجن العزلة أكثر من 14 سنة.

ـ حرم من أبسط حقوق السجين كحق التداوي وقراءة الصحف والكتب والكتابة.

ـ سلط عليه التعذيب  البدني والنفسي بهدف تدميره

ـ أمام هذه  الممارسات التعسفية المستمرة، شن الدكتور صادق شورو العديد من الإضرابات عن الطعام خلال سنوات سجنه ولم تستجب السلطة لمطالبه ممعنة في سياسة التشفي التي اعتمدتها مع مساجين الحركة والتي ذهب ضحيتها عدد من المساجين غير آبهة بنداءات المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية الداعية إلى إطلاق سراح المساجين السياسيين.

 

لقد لخص الأخ رضا السعيدي الذي افرج عنه بمناسبه 25 جويلية 2007  السياسات المتبعة في مصانع الموت  في  التاءات السبع:  تعذيب – تنكيل – تغريب- تمييز- تجهيل-  تعتيم- تجويع

يقول  (6)

ولو أردنا تلخيص السياسة التى حكمت تعامل ادارات السجون مع مساجين النهضة لوجدناها تتلخص فى العناصر السبع التالية

1- التعذيب النفسي والجسدي الارهاب اليومي، التفتيش المتواصل، العقوبة بالحبس الانفرادي لأتفه الأسباب وفى ظروف سيئة ومهينة مع الضرب(الفلقة) والربط بالأغلال، العقوبة بالاقامة فى غرفة الشاذين جنسيّا.

2- التنكيل الفصل بين يوم القفة ويوم الزيارة، المراقبة اللصيقة أثناء زيارة العائلة، منع النّساء والبنات من ارتداء الحجاب أثناء الزيارة، منع استعمال أواني الفخار والزجاج ..واجبارنا على استعمال الأواني البلاستيكية المضرة بالصحة، الحرمان من زيارة الطبيب إلاّ فى الحالات القصوى، التفتيش المهين لكامل الجسد قبلالزيارة و التحديد في سقف الشراءات من مغازة التزود بالسجن، الفسحة القصيرة،….

3- التغريب والابعاد الاقامة فى سجون بعيدة عن مكان سكنى العائلة والحرمان من الجمع بين يوم الزيارة ويوم تسليم القفة.

4- التمييز فى المعاملة بين مساجين الحق العام وبين مساجين الصبغة الخاصة أو »الانتماء »(التسمية الادارية للمساجين السياسيين) سواء في الإقامة أو الفسحة أوفي الزيارة أوفي الشراءات من القنوة(مغازة السجن) أو في التمتع بالزيارات المباشرة(بدون حاجز) أوفي التمتع بحق التسجيل في المعاهد أوالجامعة.

5- التجهيل الحرمان من إدخال الكتب الخاصة ومن الدراسة(الحرمان من التسجيل), وفي فترات طويلة وقع حرماننا من القلم والكراس, بل حتى من مصحف القرأن.

6- التعتيم الإعلامي الحرمان من الاطلاع على الصحف(ما عدا الصحف الرسميّة أو التابعة للحزب الحاكم), الحرمان من التلفزة طيلة 10سنوات..وعند التمتع بالتلفزة وقع تثبيتها على القناة الرسميّة فقط…

7- التجويع الأكلة الرّديئة، الفصل بين يوم الزيارة ويوم القفة ، تحديد سقف المشتريات الشهرية بمغازة السجن بما لا يحقق الكفاية,خاصة في ظروف تباعد الزيارات.

 

4- سلاح المقهورين في تونس

لم يبق من سلاح للمقهورين في مصانع الموت سوى أجسادهم… فإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام…

إن إضراب الجوع يكاد يكون الوسيلة الوحيدة التي يلجأ إليها المقهورين في سجون تونس… ولكن أنى لأصواتهم أن تسمع… لأنهم لابواكي لهم…  

تعددت صرخات الدكتور الصادق شورو … صرخات  احتجاج من خلال إضرابات الجوع …

والادهي ان إضراباته كان اغلبها احتجاجا على الضريبة التي يدفعها أقربائه وعائلته  … من اجل زوجته وابناؤه وبناته المتابعون من طرف البوليس باستمرار… احتجاجا على

 الاستيلاء على أملاكه … سيارة وأموال…من طرف البوليس السياسي وكذالك جواز سفر زوجته وحرمان أخيه عباس شوروا من التدريس رغم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لفائدته وهو يطالب البوليس بإرجاع ممتلكاته دون جدوى إن هذه الهموم كلها مسجلة في تقارير المنظمات الإنسانية والحقوقية وان ساعة الحقيقة سوف تأتي

في هذا الزمن أو غيره

 

5- محنة حركة   أم محنة شعب

من المظاهر المدمرة لحياة السجين وضعية عائلته بعد سجنه…فإذا كانت الشرائع والقوانين تعتبر انه  لاتزر وزارة وزر أخري فان  نظام 7 نوفمبر قد حكم على كل من له صلة بالسجين …

فهذا ابنه وجيه  عرف اضطرابات نفسية  ووقعت معالجته من مرض الأعصاب وهو في عز الشباب  مما اضطره إلى الانقطاع عن الدراسة

وآخر أبنائه وهو إسلام محروم من والده منذ أن كان عمره ثلاث سنوات…

أما ابنته ألكبري – أسماء وهي متزوجة وهاجر التى كانت  طالبة في المرحلة الثالثة فقد لقيتا من العنت الكثير…

زوجته السيدة امنة شورو اضطرت لمغادرة  منزلها  في المروج لتعيش مع أهلها  على مايو فره كراء منزلها ولكن احد المسئولين الحزبيين الذي اكترى المنزل… لم يمكنها من معلوم الكراء طيلة ثمانية أشهر  إلا بعد صدور حكم قضائي

اخته السيدة زهرة شورو وقع افتكاك جواز سفرها   وفرض عليها عدم التنقل خارج البلاد…

أخوه عباس شوروا وهو دكتور في الفيزياء ممنوع من التدريس في الجامعة رغم الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لفائدته…  (7)

 

6- القيادة والمحنة

يعتبر الصادق شورو  احد نماذج  القيادة بدون كاريزما في حركة النهضة فقد سبقه قبل ذالك المهندسان حمادي الحبالى وعلي العريض مابين 1981 و1984

كانت أهم انجازاته  ترسيخ القيادة المؤسسية والتخلص من الآفات التقليدية التي غلبت علي مجمل قيادات الحركات الإسلامية… ولم تحدث طيلة رئاسته للحركة لهث من المؤسسات وراءه كرئيس لمحاولة فهم وتفسير تجاوزاته… ولذالك فان كل الخيارات التي تبنتها حركة النهضة كما يؤكد بعض العارفين  منذ توليه لرئاسة الحركة كانت نتيجة حوار داخل المؤسسات …

لم يدفعه طول المحنة وضراوة التعذيب إلى الانحناء بل ضل صامدا ولم يتهم أحدا…

ففي  رسالة  من سجنه إلي الشيخ راشد الغنوشي في منتصف التسعينات  يقول :

، إنّي لا أريد أن يذهب في خلدكم أنّكم مسئولون وإن جزئيا عن طول محنتنا وشدّتها كما قد يظنّه بعضنا ربّما تحت وطأة المصيبة. إنّ الإيمان بقضاء اللّه وقدره يجعلنا نرى أنّ خروجنا من السّجن إنّما له أجل في كتاب عند اللّه تعالى الذّي قال : « لكلّ أجل كتاب » فإذا جاء هذا الأجل فلن نستأخر عنه ساعة وما لم تأت فلن نستقدم عنه ساعة أيضا…(8)

 

عبد الجليل الخضراوي

__________________________________________

(1)- موقع النهضة انفو

(2)- موقع رئاسة الجمهورية

(3)-نص قرار ختم البحث أمام المحكمة العسكرية

 4)-تقرير المحامين النائبين أمام المحكمة العسكرية…  نشر الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين

 (5)- تقرير أعدته  منظمة حرية وإنصاف

عبدالله الزواري-  حوار مع رضا السعيدي (6)

. (7)- الأستاذ محمد النوري رئيس جمعية  حرية وإنصاف

. (8)- موقع نهضة انفو

 


 

تقرير جديد للبنك الدولي حول التعليم نصف العاطلين من المتعلمين

محسن المزليني هل أصبح تعليمنا مؤسسة لتخريج العاطلين؟ وأين هي الإجراءات الحقيقية لمعالجة هذا الخلل الفادح، إن وُجدت الرغبة أصلا في معالجته؟ ذلك ما يطرحه العديد من المراقبين بعد أن توالت التقارير المنبهة إلى خطورة التحديات التي تعترض النظام التعليمي التونسي. فعلى غرار تقرير الأمم المتحدة الصادر أواخر السنة المنقضية، نبّه تقرير جديد صدر عن البنك الدولي أوّل شهر فيفري الجاري إلى الحيرة التي يبعث عليها وضع التعليم في تونس، خاصّة بعد الفشل المسجل في تحقيق أهداف عملية تنموية غير متحكّم في مفاصلها. لقد أشار التقرير الصّادر بعنوان « الطريق غير السالك: الإصلاح التعليمي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا » إلى الفجوة الكبيرة بين ما ينتجه النظام التعليمي وبين ما تحتاجه البلاد لتحقيق الأهداف التنموية الحالية والمستقبلية. أرقام محيرة لا شكّ أنّ الأرقام التي أصدرها التقرير لا تحتاج إلى خطب أو بلاغات دعائية دأب عليها الكثير من المسؤولين كلما تعلّق الأمر بمعطيات تختلف عن المعطيات الرسمية. فقد أشار التقرير إلى أنّ نسبة العاطلين عن العمل ممن لا يقل تعليمهم عن مستوى الثانوي بلغت 42.5 بالمائة، وهي نسبة احتلت بها بلادنا مرتبة ثالثة على المستوى العربي، بعد كل من مصر بـ80 بالمائة والبحرين 59 بالمائة والأردن 43.6 بالمائة. وإذا كان البعض سيجادل بأن ذلك يُعدّ دليلا على انتشار التعليم،إلاّ أنّ ذلك لا يمكن أن يحجب الكثير من التساؤلات حول نوعية التعليم ومدى نجاحه في استيعاب عطالة الخريجين. وهي عطالةأشارت إليها عديد الإحصائيات المحلية، رغم الإختلالات المنهجية في طرق الإحصاء و المقاييس المعتمدة، كما يشير إلى ذلك الخبير الإقتصادي الدولي عزام محجوب. وأضاف أنّ عدد العاطلين من ذوي الشهائد العليا تطوّر حسب المسح الميداني الذي تقوم به وزارة التشغيل من 6.500 شاب سنة 1994 إلى 66.000 سنة 2005، أي أنّ النسبة قد تضاعفت عشر مرات. وبذلك تغيرت نسبتهم من 1.6 بالمائة من مجموع العاطلين إلى 13.6 بالمائة. وهو ما يشير إلى تطور مطرد حسب الدكتورعزام دائما. غير أنّ هذه الأرقام الجملية تصمت عن التفاوت بين الجهات في هذا الخصوص، إذ لا تحصي نسب العاطلين من أصحاب الشهائد العليا والتي تدلّ عديد المؤشرات إلى ارتفاعها في كثير من الجهات المحرومة، مثلها مثل النسبة الكلية للبطالة التي أشارت نتائج التعداد السكاني لسنة 2004 أنّها تجاوزت في بعض المناطق المعدل العام للبطالة، على غرار الحال في قفصة والقصرين (21 بالمائة في قفصة وجندوبة والقصرين وزغوان، في حين بلغت النسبة الوطنية 13.9 بالمائة). وقياسا على ذلك يعتبر محجوب أنّها ستكون على نفس الشاكلة من التفاوت. أمّا عن الأسباب فيرى أنّ أهمها هيكلي ويتعلّق بعدم التطابق بين الكفاءات المتخرجة من الجامعات والمعروض في سوق الشغل، بعد أن ضمرت قدرة القطاع العام عن استيعابهم جراء تغير سياسات الدولة الإقتصادية، إضافة إلى عجز القطاع الخاص عن القيام بهذا الدور نظرا إلى غلبة المؤسسات الصغرى والعائلية، وهو ما حد من قدرتها على استيعاب الكفاءات العليا، واكتفائها بتكوين عملة مختصين. واعتمادا على تقارير البنك الدولي، أكد عزام على المفارقة بين التطلعات الكبيرة للشباب المتخرّج وتجربته الصغيرة في ميدان العمل. وبناء على ذلك يرى أنّ التركيز لابد أن يتم على قضية التصويب ciblage أي تحديد التخصص الذي تحتاج إليه الظرفية الإقتصادية، إضافة إلى تقييم جدوى وفعالية البرامج لتطوير مشاريع قابلة للصمود والبقاء. الوجه الآخر للبطالة لا شك أنّ الأرقام مهمة لدراسة الظواهر، غير أنّ مسألة البطالة تحتاج إلى زاوية أخرى لتأثيث المشهد. فإذا كان التعريف المؤسساتي (معهد الإحصاء) للعاطلين عن العمل يحددهم بأنّهم « أولئك الذين لم يشتغلوا في الأسبوع السابق للإحصاء وهم في حالة بحث عن شغل. وينقسم هؤلاء إلى فئتين: فئة الأشخاص الناشطين الذين لا يشتغلون من 18 إلى 59 سنة وهم العاطلون. وفئة الأشخاص الناشطين الذين لا يشتغلون من15 إلى 17 سنة ومن 60 سنة فما فوق هي فئات أخرى غير ناشطة » إلا أنّ هذا التعريف الجاف لا يشير إلى البعد الإنساني والإجتماعي لهذه الظاهرة وكيفية تدبير هذه الفئة لعيشها اليومي. إنّه عالم البطالة والإستقالة بكل خيباته وطموحاته، آماله وآلامه.  باختصار فإنّ البطالة لم تعد مجرّد تجربة لشكل من الإقصاء، إنما هي كذلك مختبر اجتماعي تتجاذبه نزعات معقدة فيها الكثير من التجريب و »تدبير الراس ».  مجدي شاب حاصل على أستاذية في علم الإجتماع، عاطل عن العمل، وإن كان يفضل نعت نفسه بالمعطّل. عطالة مستمرة طيلة خمس عجاف، كما قال، رسّبت في نفسه شعور بالإحباط ليس متأكّدا من قرب الخروج منه، خاصّة وأنّه خريج شعبة لا تعترف بها الدولة في مناظراتها وكأنّها ليست وزارة التعليم من جعلتها اختصاصا يُدرّس. إنّها شعبة فخّ كما يقول فهي منذ إنشائها بإنشاء الجامعة التونسية لم تعترف لها السلطة بالوجود إذ لم توفّر لها قانونا أساسيا يحدد مآل خريجيها. كما أنّه لا يمتلك مفاتيح دخول عالم الشغل لأنّه لا يملك أكتاف سمان أو مالا يفتح الأبواب. أمّا عن يومياته فتفاصيلها قليلة. يبدأ يومه مع زوال الشمس عن كبد السماء. « الزمن بالساعات لا يعنيني كثيرا » قال مجدي. فالمقهى هو قاهر الزمن، متسائلا عن معنى الأمل وهو يطلب كلّ يوم من الوالدة بعضا من دريهمات تقتطعها من مصروف العائلة لتحافظ على « القدرة الشرائية » لابنها الأستاذ الذي أفنت جزءا كبيرا من جهدها ووقتها من أجل أن يتخرّج، قبل أن يتحوّل نجاحه حسرات عليه. وبمرارة يضيف « لعلنا من البلدان القليلة التي لا يقيم الناجح فيها وزنا لنجاحه، بل قد يكون مثار سخرية من اختار الإنقطاع باكرا، فاكتسب صنعة أو ابتكر طريقة تجلب له رزقا. إذ لم يعد الرزق مرتبطا بالنجاح في الدراسة. وتساءل أبهذا المصير نعطي المثال للتلاميذ الصّغار؟

 


 

المسرح المحوّر جينيّا

 منذ زمن ليس ببعيد، تخلّت اللوحة السرياليّة الكابوسيّة للثقافة في بلادنا عن سرياليّتها دون (أن تتخلّى عن كابوسيّتها) وانحنى شاربا « سلفادور دالي » ليأرجحا اأرضيّة المثقف التونسي تحت إشارات عصا « فرانكو » الجديد-المتجدد، أرجحة ليس القصد منها هدهدة النوم فقط، وإنما زعزعة الأرض الثابتة وخلخلة ترابها حتى لا يشبّ الطفل المثقف عن الطوق ويغامر خارج رحاب البيت، بيت الطاعة. ومنذ زمن قريب جدّا، تجاوزت كوابيسنا الثقافيّة طموح إفزاعنا، بعد أن تجسّدت وخرجت من أثيريّتها، فكففنا عن الصراخ وقد كبرت آثار مخالبها على أجسادنا. ويبدو أن الطموح الشره لمخلوقات الشواش والعوالم السفليّة قد تضخّم حتى مدّ أذرعه إلى كل ركن من لوحة الثقافة ليحتلّه ويشوّهه. آخر هذه الأركان، ركح كان بوّابة لتكوين شعوب عريقة النضج، ومتنفسا ترتاده الآلهة كلما احتدمت الأزمة واستحال الحلّ Deus es machinae لتفتح الأفق للانفراج ولو بجسّ حبال اللعبة. هو المسرح الذي فوجئنا منذ أيام (8 مارس 2008) في الحلقة الأولى من الاستشارة الوطنيّة حوله والجهويّة (بصفاقس) في إطارها – إطار الهيكلة والتنظيم في المهن الدراميّة – فوجئنا، لا فقط بتهميش أهمّ قضاياه من أزمات الإنتاج والتلقي والرقابة والهواية والاحتراف وغيرها من القضايا التي ذرف الحبر روحه فيها حتى جفت منابعه وجفت عيون قارئيه، وإنما أدخلوه سوق « السوق » من أوسع أبوابها، فصارت وزارة الثقافة تدعو إلى إخضاعه لقاعدة العرض والطلب، حيث صرّحت مسؤولة « التسويق » بها، في مداخلتها التي افتتحت اللقاء، « بضرورة تكييف « المنتوج » المسرحي حسب الحاجيات الاقتصاديّة للجهات التي تطلب العرض ». هكذا – لم تخطئ الأذن السمع ولا القلم طريقه إلى المعنى – تدعونا وزارة الثقافة والتراث إلى « إنتاج » مسرح يخدم المصالح الاقتصادية الضيقة للجهة التي تطلبه، فننتج بذلك « مسرح خدمات » و »مسرح سياحة » ومسرح… ليس لدينا صناعات تستوجب مسرحا إلا ما قلّن وإلا كنا دعينا لإنتاج « مسرح للسيارات » و »مسرح للحبوب » و »مسرح للتكنولوجيا…لكننا – ضرورة – سندعى لإنتاج « مسرح للقنانة » وآخر « للاستهلاك » ومسرح « للتطبيع »… وغير ذلك من أشكال الإنتاج المحوّر جينيّا حسب رغائب وحاجات أهل المال والأعمال. والأخطر من هذا، حديث وجوه المسرح وأربابه (وليتهم خرسوا) عن المسرح المعولب بعلامة « م.ت » الموجّه للتصدير، حتى كدنا نسمعهم يتحدّثون عن إلحاق المسرح بالصناعات التقليديّة، وقد نسوا أن الأجدى أن نحقق اكتفاءنا الذاتي من المسرح قبل أن نوجّهه إلى « أسواق » تشبّعت به، حين سأل أحدهم – فداس « شيكسبير » في ذهني –  « هل نحن بحاجة إلى المسرح؟ ». فهل نحن بحاجة إلى الفن يا سيدي؟ وهل نحن بحاجة إلى فضاء للتعبير حتى وإن حاصرته الكلاب؟ ما شاهدناه في هذا اللقاء الأوّل « للاستخارة » الجهويّة-« الوطنيّة » حول المسرح، كان بلا شكّ مسرحيّة هزليّة حدّ النخاع، لم يخل كن من أركانها الركحيّة من طرافة، سواء كان النصّ، أو الإخراج، أو الممثلين، أو الإضاءة الغائبة أو الديكور… وعلى ذكر الديكور: خارج قاعة الاجتماع، انتنظم معرض لتاريخ الحركة المسرحية بصفاقس، وجد مُعِدّه فيه فسحة لعرض تاريخه الشخصيّ، ولم يجد مثلها للحديث عن دور مسرح الجهة في معركة التحرر من الاستعمار، بل نسي – وهو في خضمّ الحديث عن جمعيّة الهلال المسرحي، مثلا، ومؤسسها محمد التيجاني السلامي – أن هذا الأخير قد باع أملاكه ليموّل الجمعيّة، بل وسجن بسبب جرأة مسرحيّاته وخطرها على المستعمر بما تفرزه من وعي لدى الشعب بقضاياه الوطنيّة، نسي هذا، ونسيه الذين تحدّثو عن الدعم والتمويل، ونسي المشرفون على اللقاء (تذاكروا فيما بينهم)أن المسرح مدرسة للوعي، وأنه أهم من الخبز، وأن ضحايا سقطوا ومازالوا يسقطون صرعى وشهداء رابع الفنون لأنهم آمنوا بالركح « ولم ينته الطرح » بعد! معز الباي  

 

غزة…والتيه العربي بعد التيه الإسرائيلي

الصحبي عتيق خرج النبيّ موسى عليه السلام بالشعب الإسرائيلي المؤمن لفتح فلسطين ،وبعد كلّ المراحل التي قطعوها مع موسى وما أظهره الله على يديه من معجزات آخرها غرق فرعون وجنوده و نجاة الشعب الموحّد بقيادة موسى عليه السلام أمرهم نبيّهم بدخول الأرض المقدّسة…وبعد نقاش طويل سجّله القرآن الكريم في سورة المائدة(20-26) قالوا له: »اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون »(المائدة:24) وكان الردّ الإلهي صريحا: »قال فإنّها محرّمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين »(المائدة 26).. و اليوم وبعد أن تحوّل شعب الجبّارين إلى شعب مؤمن يدافع عن الإسلام والعروبة والأرض والحريّة والكرامة ويقاوم العدوان الصهيوني تاه العرب في صحراء التواطىء المخزي والاستبداد…لقد صمتت الضمائر العربيّة ولم يستفزّها القتل والإبادة ولا صرخات الأطفال ولا الثكالى ولا دماء الرضّع ..بل إنّ أغلب الفضائيّات العربيّة واصلت بثّ برامج الطرب والخلاعة..وربّما فهمت أنّه الالتزام الصحيح بوثيقة وزراء الإعلام العرب من حيث تكميم الأفواه وإسكات الأصوات الحرّة،بل إنّ بعض الأطراف العربيّة اتهمت المجاهدين الشرفاء بتقديم المبررات لشنّ العدوان وأنهم جاءوا بالقاعدة إلى غزة ؟وكأنّ إسرائيل تبحث عن مسوّغات لما تفعله.ووقوفا عند هذا الحدث أريد أن أسجّل:     1-أن هذا العدوان هو حلقة من سلسلة السياسة الصهيونية-الأمريكية في المنطقة تتضمّن الحصارو محاولات التركيع والتجويع و الحضور العسكري الأمريكي في المنطقة والتدخل في الشؤون اللبنانية واغتيال عماد مغنية. 2-إن محالات كسر الإرادة بالحصارثمّ العدوان هو شكل من أشكال العقاب للشعب على ممارسة حقّه في اختيار من يمثله   فى انتخابات حرة ومحاولة لتغليب مسار التفاوض المذل. 3-ما كان هذا ليحدث لولا التوافق الصهيوني-الأمريكي والتواطىء الأوروبي والصمت العربي الرسمي الّذي لايفهم إلاّ أنه تشجيع ضمني.. عرب لا تسمع لهم ركزا ولا حسيسا. 4-إن تونس ما زالت تمثل الإستثناء في « الإصلاح السياسي » والديمقراطية وحرية الشعب في التعبير وأضحى غياب التعابير الشعبية الميدانية هو القاعدة التي  تؤكد مسايرة لحالة قائمة وفارقة في الواقع العربي وتعبر عن حالة الرعب والخوف وهو نتيجة حتمية لغياب الحريات وقمع  المعارضة الشعبية. وكل من يقبل اظطهاد الحركة الإسلامية وقمعها لايرفض هذا الواقع. 5-يبدو أن السلطة في تونس تتبنى المذهب المالكي في « سدّ الذرائع » وهذا الأصل المختلف فيه والذي يعني بإيجاز »:منع ما يجوز إذا أدي إلى ما لايجوز » ويعني في السياسة  أن فتح الباب للتحرك في قضايا الأمة(فلسطين-العراق-لبنان…) سيفتح الباب للتحرك في القضايا الاجتماعية و السياسية الداخلية(المساجين السياسيين ، الحريات،البطالة، غلاء المعيشة ..) مع الاعتذار لإمام دار الهجرة رضي الله عنه.


مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات تونس في 11 مارس 2008 سيمنار الذاكرة الوطنية مع السيد الحبيب بوغرارة حول :

بدايات الموسيقى التونسية من 1904 إلى عهد الاستقلال

يوم السبت  15 مارس 2008 على الساعة التاسعة صباحا  

عندما أطلقنا هاته المبادرة منذ 8 سنوات حول الذاكرة الوطنية وسعينا من خلال الحفاظ عليها من عوادي الزمن والنسيان والإهمال وموت الفاعلين المباشرين, كانت تلك السمينارات قد غطت أوجه الحياة السياسية والنقابية ومختلف التيارات الفكرية ولليساريين والبرسبكتيفيين والبعثيين والعروبيين, كما اهتممنا بالجوانب التربوية والفنية. وقد دعونا د. صالح المهدي الذي أثار تطور الموسيقى التونسية خلال القرن العشرين. وتواصلا مع هذا التوجه, ودعما لإذكاء الذاكرة الوطنية, نتوقف مع أحد المولعين بالاحتفاظ بأصالة الأغنية التونسية, عندما قام بعمل ميداني طوال مسيرة حياته باقتناء أجهزة وقراءة التسجيلات الموسيقية القديمة, وحيث ورث هذا الشغب من والده الذي كان تاجرا للتحف والأثاث القديم وشغفه بالفن الأصيل وبالأجهزة التي احفتظ بها والده لنفسه, ليرثها بعده ابنه سي الحبيب بوغرارة ويواصل اقتناء مجموعة جديدة لقراءة التسجيلات والأقراص النادرة والعائدة إلى بدايات التسجيل الموسيقي في المشرق العربي. وعلى امتداد ثلاثة عقود, برزت العلاقة بين الجامع ومجموعته وأصبح سي الحبيب متخصصا في معرفة أسرار تلك التسجيلات والتمييز بين الأصل والمزيف وقد ضم بيته اليوم مئات التحف الفنية من هاته الأجهزة التي عكست شغفه الكبير بموسيقى العصر الذهبي بالمشرق والموشحات والقصائد والطقطوقات بصوت أعلام الطرب الأصيل وشيوخه, وهو يسعى إلى بعث متحف خاص لعرض هاته التحف الرائعة والتي تشكل رصيدا ثمينا للذاكرة الموسيقية التونسية. وما أحوجنا إليها اليوم أمام عدم قيامنا بأرشفة أرصدة الأغاني القديمة والتي شكلت مصدرا نادرا يرنو إليه التونسيات والتونسيون للاحتفاظ بها والحنين إليها والاستماع لها. مع العلم أن سي الحبيب بوغرارة تمكن من تسجيل عشرات الآلاف من الأغاني القديمة التونسية والمشرقية منذ سنة 1904 إلى منتصف القرن العشرين. وفي هذا السيمنار سوف يشنف السيد الحبيب بوغرارة أسماعنا بتسجيلات صوتية نادرة لحبيبة مسيكة وغيرها من الفنانين والفنانات الذين خلفوا لنا روائع موسيقية. فلنعمل مخلصين على دعم مبادرة سي الحبيب بوغرارة في تحقيق حلمه في إنشاء هذا المتحف وتلك هي رسالة نوجهها إلى رجال الأعمال ومدراء البنوك الذين نادرا ما اهتموا بهذه المجالات وهذا خلافا لتركيا مثلا والتي أعطت المثال الرائع لدعم التراث الفني والموسيقي. والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بمقر المؤسسة المذكور أسفله. الأستاذ عبد الجليل التميمي العنوان : المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس الهاتف : 0021671231444 / 0021671751164. – الفاكس 0021671236677 البريد الإلكتروني fondationtemimi@yahoo.fr الموقع على الإنترنت( باللغة العربية)  (site en français) www.temimi.refer.org
 

 
اللعب بالنار

 

يكتبه: كمال بن يونس الانفتاح الذي شمل مؤخر عددا من المؤسسات مهم جدا.. ويعكس وجود إرادة لتطوير علاقة التونسيين بهياكل رسمية وشبه رسمية كثيرة.. من بينها الهيئة العليا لحقوق الانسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلسي النواب والمستشارين.. فضلا عن التطور الايجابي الذي برز خلال الاشهر الماضية في علاقة الادارة بممثلي عدد من الجمعيات والاحزاب البرلمانية وغير البرلمانية.. وبصحفها.. إلى درجة أن بعض الصحف المعارضة مثل الموقف ومواطنون والوطن والوحدة أصبحت تخوض في ما كان يعتبر « خطوطا حمراء »..  كما تحسن هامش الحرية في غالبية بقية الصحف الوطنية.. واعتبر البعض أن هامش حرية التعبير فيها أصبح يفوق ما تمتعت به صحف مثل « الرأي » و »المستقبل » سابقا.. بما في ذلك عند الخوض في مشاغل تهم النخب المعنية بالتعديلات الدستورية.. والاجراءات السياسية الاستثنائية.. وكل هذا ايجابي.. بل ضروري..  ولا تقدم لأي بلد دون ضمان حرية التفكير والتعبير.. ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون حد ادني من الحريات والتنمية السياسية.. لكن ما تبثه بعض المواقع الالكترونية مؤخرا عن عدد من دول المنطقة.. بينها تونس.. خطير.. بل خطير جدا.. ويؤكد أن أصحابه يفتقرون إلى الحد الأدنى من الوطنية.. في هذا السياق لا يمكن إلا استنكاف ما صدر عن مواقع الكترونية تابعة لتنظيمات متطرفة من تجن على تونس ورموزها.. وتحريض للسياح الأجانب على عدم زيارتها.. هذا العمل مرفوض.. مرفوض.. ولا مجال لتبريره والتسامح مع المورطين فيه.. لأنه يعكس نظرة « فوضوية » ومرجعيات « أيديولوجية » محنطة.. تخلط بين الحق في الاختلاف وواجب احترام المصالح العليا للبلاد والعباد.. وشتان بين الحق في النقد والتلاعب بالنار.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 12 مارس 2008)

ريمون آرون فيلسوف مقاتل من أجل الحرية

 
توفيق المديني ولد ريمون آرون في باريس يوم 14 مارس 1905، وحصل على الأغريغاسيون في الفلسفة من مدرسة المعلمين العليا عام 1928، واحتل المرتبة الأولى في دورته، بينما رسب سارتر في العام عينه، وتظهر لنا صورة مجموعة من المتخرجين من الجامعة عام 1924، ريمون آرون وإلى جانبه جان بول سارتر، وبول نيزان، والفيلسوف جورج كانغيهان، وعالم النفس دانيال لا غاش.. وكان معظم زملائه في الجامعة، مثله من مؤيدي النزعة السلمية..‏ كان أساتذته المفضلين ليون برونشفيغ وآلان، قبل أن يكتشف ماكس فيبر, وكانت الفلسفة تستهويه، لكن هناك شيئاً ما لا يرضيه، وعندما تخرج من مدرسة المعلمين العليا صرح في إحدى محاوراته مع جان لويس ميسيكا ودومينيك وولتون (المشاهد الملتزم، جوليارد، 1981): « أعرف الشيء القليل عن العالم، والواقع الاجتماعي، والعلوم الحديثة. حينئذٍ ما جدوى ذلك؟ وعلى ماذا ممارسة الفلسفة؟(…) عندئذ هربت بطريقة ما، تركت فرنسا، ووجدت شيئاً آخر ».‏ في بداية عام 1930 سافر آرون إلى ألمانيا لدراسة الفلسفة، وشهد لبضعة أشهر الانتصار الأول للاشتراكيين القوميين في سبتمبر 1930. ووجد أن النازية ليست جنوناً مؤقتاً فقط، بل إنها يمكن أن تقود إلى معانقة أوروبا. ولم يكن حدسه واضحاً، حسب قول رفيقه الصغير سارتر الذي أقام في ألمانيا في نهاية 1930، عندما استلم النازيون السلطة، والذي عبر عن اللامبالاة، التي حملها هذا النظام القائم على الإرهاب والقتل.‏ لقد كتب ريمون آرون في مذكراته ميوله العاطفية للثقافة الألمانية، ويمكن القول أيضاً عن ميول عاطفية خطيرة، لأن معرفته للثقافة الألمانية فاجأت العديد من زملائه، الذين صدموا أيضاً، ويمكن أن نذكر مثالين، الأول وقع في بداية دراسته الجامعية، والثاني في قمته: عندما قدم رسالة الدكتوراه عام 1938، ودرسه الافتتاحي في الكوليج دو فرنسا عام 1970.‏ في عام 1938، كان عمر آرون 33 عاماً، عندما قدم أطروحة الدكتوراة تحت عنوان: مدخل إلى فلسفة التاريخ، وهو حدث غير عادي، بوصفه العارف بألمانيا وتاريخها، وقد حصل مابين 1930 إلى 1931 على منصب أستاذ مساعد لتدريس اللغة الفرنسية في جامعة كولونيا، بالقرب من الأستاذ الشهير ليو سبيتزر. وفي كولونيا قرأ (آرون) رأس المال لكارل ماركس لأول مرة، ومن سنة 1931 إلى 1933، كان آرون طالباً داخلياً في دار أكاديمية برلين، وأعطى دروساً باللغة الفرنسية للمخرج السينمائي الشهير ماكس رينهارد، وشهد صعود هتلر إلى قمة السلطة، وكان شاهداً أيضاً مع غولدمان على إعلان حكم صادر عن غوبليس لتفتيش الكتب، أمام الأوبرا، في مايو 1933.‏ لقد جعل صعود القومية الاشتراكية ريمون آرون حذراً من السياسة وبرر موقفه الذي حمله طيلة حياته عن الإيديولوجيا وبنية الأنظمة التوتاليتارية، ففي تلك الفترة، أثار آرون اكتشافه لعلم الاجتماع الألماني « كعجب ». وأصدر كتاباً بهذا الصدد في عام 1935. وما اكتشفه ريمون آرون في ألمانيا التوتاليتارية الناشئة هذه، تهوده الخاص. فقد ولد آرون في كنف عائلة برجوازية يهودية فرنسية مندمجة كلياً ومتحررة من يهوديتها، بيد أنه وعى فجأة أصوله اليهودية. ومنذئذٍ، قرر أن يقدم نفسه على أنه يهودي، ولاحقاً، أسهمت حرب حزيران عام 1967، التي شكلت له صدمة من طبيعة مختلفة، تمتين روابطه بـ »إسرائيل » التي لم يشتبه بها: حرب الأيام الستة، وهناك تلك المقولة الشهيرة للجنرال ديغول حول: « شعب الله المختار هذا، الواثق من نفسه، والمسيطر »، وقبل هذه المقولة، التهديد الذي كان جاثماً على الدولة اليهودية حسب وجهة نظره. آنذاك، كتب آرون في كتاب « ديغول، إسرائيل واليهود »، الصادر عن (بلون 1968″نما فينا شعور التضامن الذي لا يقاوم، لا يهم من أين يأتي، إذا تركت القوى العظمى(…)، تتحطم دولة إسرائيل الصغيرة التي ليست دولتي، هذه الجريمة البسيطة على الصعيد العالمي تخطف مني قوة الحياة ».‏ عقب عودته من ألمانيا، في عام 1933، كان آرون مصدوماً من حادثة، ظاهرياً لا قيمة لها، فقد عبر له صديق عن القلق الذي انتابه من « عنف القومية الاشتراكية الذي بات يكتسح الشعب كله »، وطلب منه تحذير وكيل وزارة الخارجية الفرنسية. وبعد أن سمع منه هذا الأخير أجابه: « أنت الذي حدثتني كثيراً عن ألمانيا والمخاطر التي تلوح في الأفق، ماذا يمكن أن تفعل لو كنت في مكاني؟ ». انذهل آرون من الإجابة. واستخلص الدرس إلى الأبد ». في مواجهة هتلر، الفلسفة لا تشكل وزناً »، والفكر السياسي لايقتصر على طرح الأسئلة فقط.‏ وبشكل موازي بدأت تظهر تباشير الطلاق بينه وبين « عائلته » من اليسار، ففي عام 1936، كان آرون دائماً « اشتراكياً بغموض »، و »بالقلب »، مع الجبهة الشعبية التي صوت لها، ولكنه انتقد في الوقت عينه لا معقولية برنامجها الاقتصادي. ويقول آرون: « إن شعوراً متناقضاً كان هو الذي يحدد دائماً شخصيتي وموقفي من الأحداث »، ففي حديثه لابنته دومينيك، يفسر لها آرون أن البرود الأسطوري، الذي نشأ معه فعلياً في تحولات عقد الثلاثينات من القرن الماضي، يترجم مجهوداً مستمراً ضد نفسه.‏ ولذلك أيضاً قاده ذلك الوضع ( ضد نفسه) إلى تجسيد القطيعة مع سارتر، والتقى الزميلان بعد الحرب، وكان آرون نشر أول كتاب كبير له »، « مدخل إلى فلسفة التاريخ »، (1938)، وعاد إلى لندن، والتحق بالجنرال ديغول-من دون أن يكون ديغولياً- وبدأ بكتابة مقالاته الصحافية. وفي باريس أصبح كاتب الافتتاحيات في صحيفة « المعركة » وأسهم مع سارتر وسيمون دي بوفوار، وأندريه مارلو في تأسيس « الأزمنة الحديثة » ثم ترك.‏ واشترك في تجربة وزارية قصيرة في ديوان مارلو، وانضم إلى صفوف تجمع شعب فرنسا، الذي كان يقاوم الشيوعية ودستور الجمهورية الرابعة، وفي 29 حزيران عام 1947، التزم بالعمل مع صحيفة لوفيغارو اليمينية كمعلق عن الأحداث السياسية، وظل يعمل فيها لمدة ثلاثين عاماً، قبل أن يلتحق بمجلة الإكسبريس الأسبوعية.‏ وكانت الحرب الباردة التي قسمت عالم المثقفين مصدر انفلاق بين آرون وسارتر. ونظر آرون إلى حقيقة الاتحاد السوفياتي بالمرونة المباشرة عينها التى توقع بها نتائج النازية. وساند آرون منظمة الحلف الأطلسي في إطار الصراع بين « المعسكرين »: وكتب سارتر « كل المعادين للشيوعية هم كلاب »، في معرض تعليقه على حكم آرون عن بلد ستالين الذي اعتبره لا يطاق أخلاقياً.‏ بالنسبة لآرون كانت بداية الوحدة. فقد تم رفضه من قبل اليسار، وهو غير مفهوم من جانب قسم من اليمين المحافظ، المصدوم من التزام آرون منذ الساعات الأولى بمصلحة استقلال الجزائر، ولما كان في حالة ارتباك مع صحيفة الفيغارو، نشر في صحيفة لوموند، الأوراق الجيدة لتجربة ثورية بنقاء المأساة الجزائرية (1958 ). وبين أفيون المثقفين (1955)، الذي حلل فيه أساطير مثقفي اليسار، والمأساة الجزائرية (1958)، أزعج ريمون آرون كل العالم في قليل من الوقت، فهو غير رجعي، وغير ثوري، لكنه إصلاحي، وكان قرن الإيديولوجيات موضوع دراسته. فهو يحلل التوتاليتارية، ويواجه الماركسية، وجرائم الثورات، ويفكر في الحرب، والاستراتيجية، وضرورة موازين القوى. وكان هذا الموقف غير مقبول في محيط ثقافي وجامعي مسيطر عليه من قبل الماركسية، وسلطة ألتوسير، ورمز سارتر.‏ ومع ذلك كان يتمتع بسلطة معنوية في قسم العلوم السياسية بجامعة السوربون، وفي مدرسة الدراسات العليا (قسم العلوم الاجتماعية)، قبل أن يدخل إلى الكوليج دو فرنسا عام 1970، وكانت جماعة من أتباعه الأوفياء تحضر منتداه في شارع تورنون، وهنا نجد جان كلود كاسانوفا، المؤسس المشترك مع آرون لمجلة « commentaire »: تعليق: « بيار هاسنير، فرانسوا فوريت، دومينيك شنابير، آلان بيسانسون أو بيار مانيت، ومن ألمع المهاجرين من أوروبا الشرقية مثل فرانسوا فيجتو، بيار كيندي أو ألكسندر سمولار، وكلهم « آرونيون »: ليسوا حاملين إيديولوجيا –فأستاذهم لم يكن كذلك –إنما كانوا يعملون من أجل فكرة معينة عن العدالة السياسية: « بدلاً من الانفعال، الحقيقة والدقة ».‏ لم تكن مفاجأة الطلاب الباريسيين المستمعين كبيرة في عام 1970، عندما رنن آرون درسه الإفتتاحي في الكوليج دو فرنسا » من الشرط التاريخي لعلم الاجتماع ». فقد سمح لعالم اجتماع فرنسا الأول بوجه خاص بشرعنة توجه، كان في أساس جوهر آثار كتاباته، مؤسس على أعمال عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر، لا على أعمال إيميل دور كهايم، على الرغم من أن هذا الأخير كان مؤسس المدرسة الفرنسية لعلم الاجتماع، وبما أن آرون حاسم في هذه المسألة، فقد كان « حساساً لعلم اجتماع دور كهايم »، منتقداً هذا الأخير وأتباعه بسوء تقديرهم لدور السياسي، خاصة نضالات الأحزاب والصراعات الطبقية، اللذين عرفهما القرن العشرين، المطبوع بالتوتاليتارية.‏ أية سذاجة في أقوال إيميل دور كهايم الذي وصف الثورات السياسية بالأحداث السطحية والمسرحية لحوادث عابرة غير جديرة بلفتة انتباه علماء الاجتماع! لقد علمت تجارب آرون في ألمانيا شيئاً آخر، إذ جعلت منه « مشاهداً ملتزماً »، ومحللاً سياسياً بارداً، ولقد اختبر آرون قرابته الروحية مع فاكس فيبر، ميكيافيلي هايدلبرغ « الجاهز والوحيد »، الذي كان يتمتع بشجاعة قل نظيرها في التحليل برؤية ثاقبة « لخيبة أمل » العالم.‏ لقد شكلت أحداث أيار 1968 نقطة الأوج في المواجهة مع اليسار، وكان آرون مغتاظاً جداً من موت الجامعة وتفكك الدولة، وشجب الثورة الطلابية التي أصبح عدوها اللدود، وكان أحد طلابه القدامى، الذي كان قائداً لحركة مايو 68، الفيلسوف أندريه غلوكسمان، قد تجنب كرهه، عندما ذهب يتفاوض مع بعض الثوريين المسلحين بقارورات البنزين، والذين قرروا « حرق منتدى آرون » في شارع تورنون.‏ وكان أحد طلابه الأوفياء جان كلود كاسانوفا، اعترف على مضض: « أن آرون لم يفهم مايو 68″، هذه هي حدوده. « إنه مرتاح عندما يحلل المسائل السياسية، والاقتصادية، والدبلوماسية والاستراتيجية. لكنه يكون أقل ارتياحاَ حين يتعلق الأمر بأزمة اجتماعية، تتطلب التحليل وفق محددات الأجيال والثقافة ». ويقول أحد قادة ثورة 68 دانيال كوهن بنديت: « لم يفهم آرون هذه القوة التحررية والإرادوية، الضرورية للسياسة. ولكن حول مايو 68، لامس آرون أشياء حقيقية، تتعلق بالتيارات التوليتارية داخل الحركة. وكان الدفاع عن الديمقراطية المتعلقة بالمؤسسات، التي انبثقت لاحقاً، مرتبطة بفكر آرون ».‏ وبدأت المناهضة للتوتاليتارية تسيطر تدريجياً على اليسار، وجاء صدور كتاب المنشق السوفياتي ألكسندر سولجنستين، أرخبيل الغولاغ، في عام 1974، ليجعل تحاليل ريمون آرون حول إيديولوجيات القرن، طبيعية، وكان آرون أوضح لابنته دومينيك شنابير، مايلي: « لقد قلتها، ولكن هل يجب إعادة قولها بطريقة أخرى. على الجيل الجديد أن يبلورها، بكلماته الخاصة به ».‏ وكان يجب انتظار بعض الوقت لإمكانية التلاقي مجدداً مع صديقه الصغير بولو، واستنفر مثقفون من اليسار لنجدة قوارب المهاجرين الفيتناميين الفارين من المعتقلات. وفي 26 يونيو عام 1979، ذهبوا إلى البحث عن سارتر وآرون، المتنافرين، لكي يدافعا عن قضية الفيتناميين في قصر الإليزيه. ولم يتمنع أي منهما عن تلبية الطلب، ويتذكر أندريه غلوكسمان: « أن آرون كان متأثراً أكثر من سارتر، واستقبل بحفاوة أكبر، أما سارتر الذي كان فاقد البصر لم يعط أهمية كبيرة للقاء ».‏ لقد طالب الرئيس فاليري جيسكار ديستان بمنح 3000 تأشيرة، ويذكر غلوكسمان أنه بعد أن أدمعت عيناه، منح هذا الأخير 1000 تأشيرة، وبعد هذا اللقاء غادر سارتر وآرون القصر جنباً إلى جنب مثلما جاءا. إن استعادة هذا الشعور بضرورة التحرك في مواجهة ارتجاج العالم الذي وحدهما في بداية الأزمنة الحديثة. كان سارتر ساخطاً. بينما حلل آرون القضية بجملة: « لقد نسوا أن التاريخ هو تراجيديا ».‏ لقد شهد ريمون آرون مرحلة نشر مذكراته في سبتمبر عام 1983، قبل أن يموت بشهر واحد، وقبل ست سنوات من سقوط جدار برلين تقول ابنته دومينيك شنابير: « إنها حسرتي. لقد كان يستحق أن يرى سقوط الجدار، وهو الذي آمن بالحرية الإنسانية ».‏ إن ريمون آرون، عالم الاجتماع والفيلسوف، والمترجم، وكاتب الافتتاحيات، هو قبل كل شيء أستاذ كبير للمرونة. وفي هذه الذكرى المئوية الأولى لولادته هناك كثيرون يكتشفون أو يعيدون اكتشاف نوعية تحليلاته، والقدرة التي يتوصل بها إلى التجريد من المعارك الثانوية لتحديد الرهانات الكبيرة. ففي مواجهته للهذيان الإيديولوجي الذي اجتاح القرن العشرين، من القومية-الاشتراكية الغازية، إلى الشيوعية المنتصرة، كان آرون من بين المثقفين الفرنسيين النادرين –الوارث بإنصاف لمونتسكيو وطوكافيل-الذي لم يخضع للإنزلاقات الحزبية، وحافظ على رؤية باردة.‏ ولأن آرون درس الفلسفة وعلم الاجتماع في ألمانيا في الثلاثينيات من القرن الماضي، فقد قدر نتائج فساد النظام الهتلري مبكراً. ولأنه قرأ ودرس بتمعن أطروحات كارل ماركس في الرأسمال، فقد تخلص من القداسة الماركسية قبل الأوان، ولأنه التحق بالجنرال ديغول بلندن في خضم الحرب، فقد أحب المقاومة، إن لم نقل الديغولية، وكان شغله الشاغل بالحرية وضماناتها يقوده، إلى أن تتجاوز رؤيته بكثير التناقض التقليدي بين اليمين واليسار، بين الرجعية والثورة. إنه يحمل في نفسه فكرة الإصلاح، إلى درجة أنه أرعب أصدقاءه، كما في نهاية الخمسينات 1950، عندما أصبح يطالب باستقلال الجزائر في حين كان اليسار في ذلك الوقت لم يتحرر بعد من الغل الثقافي الكولونيالي.‏ كانت قوة آرون في قلمه، إنه قلم باحث مستنير، ومبسط منقطع النظير، لكاتب افتتاحيات محترم. إننا ننتقده، ونغطي ذلك بالتهكم، لكننا نقرأه. وهو يتوصل في المحصلة النهائية إلى تلقيح جماعة من المثقفين الشبان ضد الأفكار المتسرعة المحبذة للشيوعية، في الوقت الذي كانت فيه الجماعة خاضعة لسيطرة الماركسية. ولما كان آرون مرهقاً بسبب مواقفه وسباحته ضد التيار، فقد عمل لإزالة الانسمام من العقول.‏ ولم يكن تشاؤمه نوعاً من القدرية، إذ إن بروده الظاهري لم يكن يعدل تهكمه، وكان متلهفاً للتقرب إلى أقرب نقطة من قلب الواقع. فقد كان دائماً يحب القول: « بدلاً من الانفعال، الحقيقة والدقة »، وأصبح هذا نوعاً من الحكمة الشخصية. وهكذا، كان آرون « مشاهداً ملتزماً » في القرن العشرين.‏ ولكن قد ينقصنا الجوهري، إذا لم نشدد على ماهو باق راهن عند آرون، فمن خلال التفكير في الاستراتيجية العسكرية والردع النووي، وعبر إصراره على أولوية السياسي، من خلال التذكير بالتراجيديا في التاريخ، جمع هذا الفيلسوف بطريقة استباقية عناصر التفكير لمرحلة مابعد 11 سبتمبر مع بداية القرن الواحد والعشرين.‏ عند ملتقى فلسفة الأنوار، المرتبطة عضوياً بفكرة معينة عن العقل، بالمعنى الإدراكي لكانط، والتقاليد الليبرالية الفرنسية المنبثقة عن مونتسكيو وكوندورسي، وتوكافيل، وإيلي هاليفي، مع الفلسفة الألمانية للتاريخ الممثلة بماكس فيبر، يظل آرون المؤرخ لقرن الإيديولوجيات والحروب الكبيرة المتولدة عنه، الذي لا مثيل له، إذ ظهر كشخصية كبيرة في المعركة بين الديمقراطية والتوتاليتاريات. صحيفة المستقبل الإربعاء 12 مارس2008، العدد2902، ثقافة ص 20

 

هجمة الفكر الصليبي الصهيوني لاستئصال الإسلام

د. أحمد القديدي (*) نشهد هذه الأيام تفاقم ظاهرة أكبر من السياسة لأنها ظاهرة حضارية توسعت حلقاتها بشكل متصاعد في الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي وهي ظاهرة يمكن أن نطلق عليها عودة الفكر الصليبي بكل آلياته التاريخية الجائرة لكن بتحالف جديد مع الصهيونية المتعصبة من جهة ومع لفيف عربي جهول ومخادع من أشباه المثقفين الذين يناصرون هذه المظلمة الحضارية تحت ستارات التنوير والتحديث. ويكفي أن تفتح صحيفة باريس الأولى (فيجارو) صباح الثلاثاء 4 مارس حين تقرأ العنوان الكبير يقول: مأساة أهالي عسقلان الإسرائيليين الأبرياء تحت تهديد صواريخ حماس! ولا كلمة عن المحرقة التي نفذها جيش الاحتلال في غزة بمائة وعشرين ضحية فلسطينية! كما يكفي أن نتصفح الجمعة 8 مارس مجلة (لكسبرس) ونقرأ الحديث الذي أدلى به رئيس حكومة إسبانيا السابق (أزنار) الذي طرده شعبه من السلطة بسبب مشاركة بلاده في تخريب العراق وهو يقول جهارا إن أوروبا قارة مسيحية ورسالتها اليوم المواجهة مع الإسلام الذي يصفه هذا السياسي الفاشل بالجهادي! يكفي هذه النماذج لتعرف مدى حجم الحيف وتزييف الحقائق! وأصبحنا نخشى لا على المسلمين فقط من اضطهاد صليبي صهيوني يتواصل بعمليات إبادة الأطفال الفلسطينيين في غزة وقصف المواطنين الأبرياء في العراق واستمرار الإرهاب الدخيل في افغانستان ولبنان، بل على الإسلام كمنظومة قيم خالدة ساهمت وما تزال في صنع الحضارة الإنسانية. ولعل المتابعين للشأن الدولي أدركوا كيف تعامل الغرب ووسائل إعلامه مع شراسة حملة هتلر والنازية الألمانية لإنجاز المحرقة ضد شعب فلسطين الأعزل. ولعلكم أيها القراء العرب الأعزاء تابعتم أيضا أخبار عودة الأمير (هاري) ابن ولي العهد البريطاني من حرب أفغانستان إلى قصر برمنغهام بعد المساهمة في العمليات العسكرية للقوات البريطانية ضمن فيالق حلف شمال الأطلسي. فقد قدم الإعلام الغربي هذه العودة في شكل عودة الملك البريطاني الصليبي (ريتشارد قلب الأسد) من الحروب الصليبية وذهبت صحيفة (ذي سان) إلى حد تلقيب (هاري) بملك هلمند، المقاطعة الأفغانية التي مارس فيها الأمير الشاب مهاراته الحربية في بلاد مسلمة، وذلك جريا على سنة التقاليد الصليبية منذ ألف عام حين كانت الكنيسة تتوج ملوك أوروبا الغزاة أمراء على البلدان المسلمة التي احتلوها. وأمطرتنا الصحف السخيفة بحكايات بطولة الأمير الضابط ومغامراته في أفغانستان التي قدمتها هذه الأقلام البلهاء على أنها وكر للحشاشين والإرهابيين والمجرمين ، ناشرة صور الأمير الجندي وهو يطلق نار المدفع الرشاش على أهداف مجهولة! أساطير جديدة قديمة كنا قرأناها في أدبيات الحروب الصليبية هي التي تصنع المخيال الشعبي في الغرب بالأمس واليوم وتجيشه لا ضد التطرف لأننا جميعا ضد التطرف بل ضد المسلمين والإسلام بنوع من الصفاقة التي لم تعد تستحي فتداري بل أصبحت تعلن عن نفسها بوقاحة. ونشهد الله أننا لسنا نحن- المسلمين- الذين ندين هذه الظاهرة بل يدينها معنا وقبلنا شرفاء المفكرين الغربيين أنفسهم وحتى اليهود منهم، حين شعروا بما شعرنا به من تحالفات مشبوهة بين متطرفين مسيحيين ومتعصبين يهود للنيل من رسالة الإسلام وكرامة المسلمين، وبالتالي تهديد السلام العالمي بسلوكيات اجرامية خارجة عن القانون الدولي . فالمثقف اليهودي الفرنسي (جون دانيال) صاحب ومدير المجلة الأسبوعية الباريسية (لونوفل أبسرفاتور) كتب في أخر كتاب صدر له هذه الأيام بعنوان ( إسرائيل والعرب وفلسطين)يقول : » إن الفلسطينيين اليوم بالنسبة لليهود يشبهون يهود الأمس بالنسبة للأوروبيين النازيين: شعب يجب القضاء عليه ». أما المثقف الفرنسي الكبير (ريجيس دوبريه) فقال في كتابه الأخير (مسافر في الأرض المقدسة) إن الشعب الفلسطيني ضحية لعمليات تشويه مقصودة جعلت منه إرهابيا بينما هو يقاوم من أجل حقوقه المسلوبة وأرضه المغتصبة. ونقرأ أيضا للخبير الإعلامي (برنار لانجلوا) في العدد الأخير من مجلة (بوليتيس) قوله إن الإعلام الغربي أصبح متحيزا ضد العرب والمسلمين بشكل غير مسبوق ويقدم على ذلك نماذج دامغة منها أن كل من يكتب عن الشرق الأوسط يجب أن يقول إن العرب هم دوما المبادرون بالحرب وأن إسرائيل دوما هي المدافعة عن نفسها وأن سقوط ضحية مدنية إسرائيلية هو إرهاب، بينما سقوط ضحايا عرب هو دفاع شرعي إسرائيلي عن النفس، وأن ليس من حق العرب أسر جندي إسرائيلي واحد، ولكن من حق إسرائيل سجن 10000 عربي مدني، وأنك حين تنطق باسم حزب الله عليك اضافة عبارة المدعوم من إيران وسوريا، ولكن عند النطق بكلمة إسرائيل لا تقل إنها مدعومة من أمريكا وأوروبا، ويختم الكاتب تحليله بالقول إنك اذا لم تكن موافقا على هذا الانحياز المفضوح فإنك بلا شك معاد للسامية أو مساند للإرهاب! في هذا العصر المعولم والذي قام فيه المسلمون باعادة تقييم تاريخهم وبتتويج العقل سلطانا على مواقفهم وسلوكهم نلاحظ مع الأسف استفحال ظاهرة تجديد الفكر الصليبي المتخلف واعادة تكريره ورسكلته في أشكال أخرى أكثر تسترا وتخفيا لكن مع نفس الغايات الأيديولوجية الاستكبارية التي كان دعا اليها البابا يوربان الثاني منذ ألف عام في كاتدرائية ( كليرمون) حين أشعل فتيل الحملات الصليبية التي استمرت قرنين كاملين منذ نداء البابا عام 1095م إلى موت الملك لويس التاسع في تونس عام 1270م. وكانت الحملات الصليبية العدوانية خلال هذين القرنين سلسلة من حروب الإبادة والاضطهاد الديني والفكري تواصلت بالحملات الاستخرابية التي نطلق عليها نعت ( الاستعمارية) منذ أن وطأت أقدام نابليون وحوافر خيله فناء الجامع الأزهر في الحملة على مصر والشام منذ 1798 إلى تاريخ تحرير الجزائر عام 1961 . وظل هذا الفكر الغربي الطاغي يتسلل إلى العقول المسلمة بدعاوي حمل الحضارة الينا وتعليمنا استعمال أدواتها إلى أن تحقق ما كان يخطط له أقطاب الفكر التنصيري من نشأة أجيال متعاقبة من المسلمين سماهم أستاذنا الدكتور محمد الطالبي في كتابه الأخير بالانسلاخيين. ولا أدل على ما نقول من ازدهار الحملات التنصيرية وزرع المدارس والجامعات الغربية في بلاد العرب والمسلمين لأن عمليات الغزو الخارجي لابد في رأي المنظرين المتعصبين أن توازيها عمليات غزو الروح وتشويه الهوية وإفراغ القلوب من أي مقاومة وأي كرامة. (*) رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)  

بين بعض جماعات العنف ولعبة المخابرات.. نقاط استفهام

صلاح الجورشي (*) مفاجأة لم تكن في الحسبان. عبدالقادر بلعيرج، زعيم الشبكة الإرهابية التي أعلنت السلطات المغربية عن تفكيكها في الأشهر الماضية، له علاقة بأجهزة المخابرات البلجيكية، حسبما ذكرت مصادر إعلامية في بروكسل. فصحيفة «لوسوار» البلجيكية ذكرت أن هذا المهاجر المغربي والحامل لجنسية مزدوجة كان يعمل مخبرا بأجر شهري لدى أجهزة الأمن، وهو ما رفضت السلطات البلجيكية إثباته أو نفيه. هذا الأمر إن تأكَّد فإنه يطرح أكثر من سؤال، ويدفع إلى إعادة النظر في جوانب رئيسة تتعلق بظاهرة شبكات العنف التي يزعم أصحابها أنهم في حرب مقدسة، والتي تعددت وتنوعت خلال السنوات الأخيرة. علاقة التنظيمات المسلحة ذات الدوافع السياسية بأجهزة المخابرات متعددة الجنسيات ليست مسألة جديدة، وإنما لها تاريخ طويل ومتشعِّب. إنها لعبة الوجوه والأقنعة التي يلجأ إليها الطرفان ضمن صراع قد تتعدد أطرافه داخل حدود الوطن وخارجه. لهذا، كان الخيار المسلح ضد الأنظمة ولايزال خيارا غير مضمون العواقب، مهما كانت درجة حسن نوايا أصحابه. فهو يبدأ بفكرة ورغبة في مقاومة جهة سياسية محددة لأسباب متعددة قد يبدو بعضها مشروعا، لكن سرعان ما يكتشف أصحاب المبادرة أنهم دخلوا في متاهة لها عشرات الأبواب، وكل باب يفتح على نوعية مختلفة من التحديات والمخاطر والمزالق. تكون البداية بتجنيد العناصر الذين تتوافر فيهم مجموعة مواصفات من أهمها الكتمان. وكلما اتسعت الدائرة تراجعت «الجودة»، وقلت نسبة الانضباط، وتضاعفت احتمالات الاختراق. ثم تطرح مشكلة تمويل التنظيم، حيث لا ينفع في هذا المجال القول بالاكتفاء بتبرعات الأعضاء، فتلك الأموال لا تسمن ولا تغني من جوع، ولابد من صيغة أكثر «جدية». من هذه الصيغ اللجوء إلى الأنظمة المخاصمة للنظام المحلي. وهذه تدفع ولكن بمقابل. وهو مقابل ينتهي في الغالب إلى عمالة وتبعية كاملة، أي تغيير طبيعة التنظيم وأولوياته وأهدافه. وبذلك ينقلب الأعضاء من «مناضلين» إلى مرتزقة. في حالات أخرى، ابتكرت بعض التنظيمات حلولا تصورت أنها أقل سوءا وارتهانا، من ذلك السطو على البنوك، وابتزاز بعض الأثرياء والجهات، ولِمَ لا؟ الاتجار في السلاح أو المخدرات. وبذلك يقع الانزلاق من تنظيم سياسي مسلح إلى شبه كيان يتقاطع مع عالم الجريمة المنظمة والعابرة للقارات. في هذه الأجواء الملغَّمة والملوثة، التي تتعاظم فيها الحاجيات وتتراكم المصالح، وتتوالد التهديدات والمخاطر، تدخل أجهزة المخابرات لهذه الدولة أو تلك على الخط بوسائلها المتعددة، بدءا من الاختراق، وصولا إلى الإغراق المالي والفساد ومسك الملفات وتوظيف الأخطاء، وتبادل المعلومات والخدمات. وشيئا فشيئا يقع إفراز ما يُعرف بالعملاء المزدوجين الذين يعملون مع أكثر من جهة، ويحاولون أحيانا توظيف كل ذلك لصالح ولائهم الأصلي. هذه الدوامة لم تنجُ منها كثير من التنظيمات اليسارية أو القومية التي عملت في الساحة العربية والتي اختارت الكفاح المسلح، بما في ذلك التي ارتبطت بالمقاومة الفلسطينية. وقد خلفت تلك التجارب كوارث وضحايا كثر. لكن عندما جاء دور بعض الجماعات الإسلامية التي اختارت العنف أسلوبا للتغيير، ارتُكبت في البداية أخطاء من حجم أقل، عندما بقيت تعمل داخل جغرافيتها القُطرية، مثل ما حل مع الجماعات الإسلامية في مصر. لكن مع بروز ظاهرة ما يسمَّى بتنظيم القاعدة، حدث تحول في استراتيجية المؤمنين بهذا الخيار، عندما تم ما سمِّي بـ «عولمة الجهاد» من خلال عولمة الشبكات. في المرحلة الأولى كان الجميع يطوفون حول مركز قيادة في إطار جغرافي محدد هو أرض أفغانستان. لكن بعد الشروع في خطة بوش الخاصة بالحرب العالمية على الإرهاب، أصبح العمل لامركزيا، وأصبحت المجموعات الصغيرة بقياداتها المحلية تتمتع بصلاحيات واسعة إن لم تكن مطلقة. وعندها تعددت «الاجتهادات»، وتفرَّعت التكتيكات. كل ذلك وفَّر مناخا ملائما لتفريخ المجموعات والزعامات المحلية من جهة، كما أعطى الفرصة من جهة أخرى لكي تنشط المخابرات متعددة الجنسيات. وفي خضمِّ ذلك، أصبحت «مقاومة الإرهاب» عباءة واسعة يمكن باسمها تنفيذ عدة سياسات متضاربة ومتنوعة الأهداف والأغراض. إذ في الفترة الأخيرة سربت بعض الصحف الإسبانية خبرا مفاده أن بعض أعضاء الشبكة التي نفذت تفجيرات قطارات مدريد كانوا أيضا على علاقة بالمخابرات الإسبانية. الخلاصة أننا أمام ظاهرة تزداد تعقيدا يوما بعد يوم. وبالتالي، إلى جانب المعارك الدائرة بين مجموعات العنف وأنظمتها، هناك عامل آخر يجب الانتباه إليه، ويتعلق بتباين مصالح وأهداف المخابرات المحلية والعالمية. فظاهرة الإرهاب يمكن أن تستفيد منها أطراف عدَّة في الداخل والخارج. ولا يُستبعد في هذا السياق أن تعمل بعض هذه الجهات على تغذية الظاهرة، من أجل توظيفها لتحقيق أهداف بعيدة جدا ولا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالديمقراطية. السؤال الأهم هو: كيف يمكن تجفيف منابع العنف في مجتمعاتنا، حتى لا يتحول الآلاف من شباب المنطقة إلى وقود لمعارك ليست معاركهم، وخدمة لمصالح متعارضة مع مصالحهم ومصالح أوطانهم وشعوبهم؟ أليس الأجدى هو فتح الحوار مع هؤلاء الشباب، وتمكينهم من حق المشاركة في بناء المستقبل؟ إنهم طاقات مبدعة، بعضهم في غاية من الذكاء والشجاعة، لكنها طاقات موظَّفة في الاتجاه المضاد. هل من آذان تسمع وقلوب تستوعب، أم أن الجميع يستفيدون من هذه المحرقة؟ (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)  

إبن خلدون والبسكويت … صدمتان في وقت وجيز

عدنان المنصر (*) في المنطلق خبران: قناة «الجزيرة» تعلن نقلا عن مصادر ثقافية مصرية عن افتتاح متحف للزعيم التونسي الحبيب بورقيبة في القرية الفرعونية المصرية، وهو المتحف الثالث من نوعه المخصص لزعيم معاصر بعد المتحفين المخصصين لكل من جمال عبد الناصر ومحمد أنور السادات. والثاني أن ابن خلدون شوهد على شاشة إحدى قنواتنا التلفزيونية يلاحق أحد أنواع البسكويت في شوارع العاصمة التونسية في ومضة إعلانية تفتقت عنها عبقرية أحد مخرجي الإعلانات التلفزيونية الباحثين عن العمق التاريخي! صدمتان في زمن وجيز، الأولى أن مصر هي التي- برغم الخلافات التي طبعت العلاقات بين عبد الناصر والزعيم التونسي- قررت أن تخصص لبورقيبة متحفا لا بد أن ملايين السياح، وهؤلاء ليسوا من سقط متاع أوروبا الشرقية حتما، سيزورونه سنويا. وقد يرسخ في أذهان بعضهم عندما يفعل الزمن فعله في الذاكرة، أنه أحد زعماء مصر. لا يمكن للتونسيين إلا أن يشكروا أشقاءهم رجال الثقافة في مصر الذين لا ينامون كما ينام غيرهم، ولا يعدمون وسيلة لإثراء السياحة الثقافية في بلادهم. غير أننا كنا نتمنى أن يبادر تونسيون إلى ذلك، فالزعيم تونسي مهما اختلف الناس في تقويمهم لمسيرته السياسية، ومن حق وطننا علينا أن نرعى رموزه في ذاكرتنا وأن ننقل عنها للأجيال المقبلة صورة تليق بنا وبها. لا يتعلق الأمر مطلقا في هذا المثال بالذات بإنشاء متحف للزعيم بورقيبة، فقد يكون ذلك مكلفا لوزارة الثقافة في بلدنا ونحن لا نريد أن نرهقها بطلبات لم تتوقعها عندما وضعت موازنتها. الأمر يتعلق فقط بتنشيط متحف موجود منذ فترة طويلة وهو متحف «معقل الزعيم» في العاصمة تونس والذي يجهل وجوده كثير من الناس وقد يمرون أمام المبنى ويتساءلون عما يكون داخله دون أن يجرأ معظمهم على الولوج إلى داخله. وقد نختلف في قيمة الدور التاريخي لبورقيبة أو نتفق. قد لا تكون لنا نفس النظرة لمسيرته السياسية سواء في فترة الكفاح من أجل التحرر الوطني أو في فترة بناء الدولة الوطنية. قد نترحم عليه عندما يذكر اسمه أو قد نرفض ذلك مطلقين العنان لمشاعر الشماتة إزاء خصم أعيانا أمره ردحا من الزمن. قد نعترف له ببعض الميزات أو ننكرها عليه، لكن لا أحد يجرؤ على الشك في أنه كان محور الحياة في تونس طيلة خمسين عاما. أليس ذلك مبررا كافيا كي يعتبر من معالم الذاكرة؟ أما ابن خلدون فهو أكثر حظا، إذ شيد له تمثال ضخم في قلب العاصمة تونس التي ولد فيها، وأطلق اسمه على أحد أكبر شوارعها وعلى دار ثقافة وعلى حي سكني وعلى عشرات المدارس والمعاهد. واحتُفي في السنة الماضية بالذكرى المئوية السادسة لوفاته. أكثر من ذلك بإمكانه أن يختار بين تونس ومصر «وطنا» له، فهما تتنازعانه وربما أتاح له ذلك هامشا جيدا للمساومة! غير أن تصوير أحد فاقدي الخيال له في مشهد اللاهث وراء البسكويت لا يعتبر إهانة للثقافة ولمجهودات المسئولين عنها فحسب، بل هو إهانة لأحد رموز ذاكرتنا وتاريخنا الذي حقق للبشرية فتحا في الفكر والمعرفة. قد تسأل العبقري الذي أبدع تلك الومضة الإعلانية عمن يكون ابن خلدون؟ ربما ادعى معرفته بالرجل وبرمزيته حتى لا يبدو في صورة الجاهل، لكننا نرى أن من مصلحته أن يقر بأنه جاهل، لأنه سيكون في منزلة المجتهد الذي أخطأ، وهذا يسمح له بالمطالبة بأجر واحد على الأقل. لكن إذا ما كان هو جاهلا لقدر الرجل، فما عذر الذي وافق على بث الإعلان، وما عذر مدير القناة العتيدة، إلى آخر السلسلة؟ إن انعكاسات هذا الإسفاف على ثقافتنا وعلى نظرة الأجيال المتعلمة لرمزية الهرم الخلدوني ستكون وخيمة ما لم تضبط معايير واضحة في التعامل مع هذا النوع من المسائل. كان بإمكان بعض الذين قيض لهم أن يتحكموا في ما نشاهده أن يسألوا أهل الذكر وما أكثرهم، عمن يكون ابن خلدون، وأن يصلحوا خطأهم الفادح، حتى لا نفجع بإبداعات أخرى قد تتجرأ على هانيبعل أو على أليسار أو القاضي أسد بن الفرات أو الطبيب ابن الجزار أو أي مصباح آخر من مصابيح ثقافتنا الجمعية. إن المسألة تتعلق بالطريقة التي ننظر بها إلى تاريخنا وإلى فرادة المزيج الذي أنتج ثقافتنا الحاضرة. فنحن شئنا أم أبينا حلقة في سلسلة عمرها آلاف السنين، ومن حق الإنسانية كما من حق الأجيال المقبلة علينا أن نحسن التصرف في هذا التراث، مهما اختلفنا في تقويم مرحلة من مراحله. هل قمنا بالواجبات التي تحتمها علينا هذه المسؤولية؟ الأمر يحتاج بالتأكيد إلى تفكير. لنقارن بين تونس ومصر على سبيل المثال، صحيح أنه ليست لدينا أهرامات ولا أبو الهول، لكن كان في وسعنا توجيه السياحة في بلدنا وجهة ثقافية وإنشاء مسالك سياحية جديدة بالاعتماد على ثراء موروثنا الثقافي بدرجة أساسية، عوضا عن إقامة سياحة لا تقدم للزائر سوى ما لا نملك فيه تصرفا: الصحراء والشمس والبحر. لا يعني ذلك أن السياحة الثقافية غير موجودة، فنحن نلقى سياحا في متحف باردو وفي السقيفة الكحلاء في مدينة المهدية وفي بلاريجيا وحمامات أنطونينوس… نلقاهم فحسب لأنهم لا يأتون خصيصا لزيارة تلك المعالم. لا بل إن القضية قبل ذلك قضية ذاكرة، وفي ذاكرتنا من الثقوب ما قد يعجز الراتق عن إصلاحه. ومرة أخرى فلا يجب برأينا التعويل على الدولة ومصالحها لتنجز ما يجب إنجازه في هذا المجال. فالمسألة تتجاوز القرار السياسي وإن كان ذلك ضروريا باستمرار. في البلدان العريقة في التاريخ تتكون الجمعيات لحماية شجرة أو جسر أو طريق قديمة أو للتعريف بمفكر أو شاعر. وفي بلدان أخرى يصبح الآباء والأجداد آلهة تعبد ويستنجد بحكمتها، أما نحن فنعتقد دائما أننا ولدنا البارحة وأنه يتحتم علينا أن نبدأ في كل مرة من جديد. بديهي أن ذلك يجعلنا عاجزين عن إدراك ثراء الموروث الذي قيض له أن يضع مصيره بين أيدينا، وبديهي أن تكون النتيجة انبتاتا للأجيال الجديدة برغم مجهودات المدرسة، وضياعا في عالم تكاد تنقرض فيه القيم. بل لعلنا اليوم في حاجة إلى أن نبدأ من جديد بالفعل، إلى أن نجد للثقافة والفكر مكانا يقيهما غائلة الاضطهاد الذي تمارسه عليهما «قيم» الإسفاف والربح السهل، إلى أن نعيد اكتشاف تاريخنا وثقافتنا، إلى أن نعود إلى المدرسة من جديد حتى نتذكر أبسط الأشياء: لون الراية الوطنية وشكلها. فلمناسبة تنظيم الدورة السابقة لبطولة العالم لكرة اليد في تونس شاهد كثير من التونسيين مترو تونس يتهادى في شوارع العاصمة حاملا راية تركيا خطأ عوضا عن راية تونس (وهما متشابهتان) ولم يتفطن لذلك أحد طيلة أكثر من أسبوع. (*) مؤرخ تونسي (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 مارس 2008)  

سـاركوزي والانتخابات المحلية

محمد كريشان (*) معاقبة لساركوزي ، تحذير للرئيس وحكومته اليمينية ، هزيمة شخصية .. هكذا أجمعت تقريبا أغلب تعليقات المحللين والسياسيين الفرنسيين علي حد سواء في قراءة نتائج الدورة الأولي من الانتخابات البلدية الفرنسية التي انتهت بتقدم لأحزاب اليسار، لاسيما الاشتراكي، لكن دون اكتساح مهول وبتراجع لأحزاب اليمين، لاسيما حزب ساركوزي الحاكم الاتحاد من أجل حركة شعبية ، لكن دون هزيمة نكراء. الميزة الأساسية للانتخابات البلدية الفرنسية التي تنتظر دورتها الثانية الأحد المقبل أنها جاءت بعد أقل من عام من انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا للبلاد مما جعلها تعني بالضرورة استفتاء أوليا علي شعبيته عبر صناديق الاقتراع بعد كل ما أكدته عمليات استطلاع الرأي من تراجع كبير في تأييد الفرنسيين له ولسياساته. من هنا جاءت النتائج بمثابة الورقة الصفراء التي يرفعها الناخب الفرنسي في وجه رئيسه دون أن يعرف أحد علي وجه الدقة ما إذا كانت هناك ورقة صفراء ثانية في الطريق مما يؤدي في النهاية إلي ورقة حمراء، ذلك أن مثل هذا السيناريو ما زال في الوقت الحاضر افتراضيا إلي حد كبير وإن لم يكن مستبعدا في المطلق ذلك أن التراجع الكبير في شعبية الرئيس بين الفرنسيين، والذي وصل إلي حد الثلث، لم يكن عائدا فقط إلي خيبة أمل في صدقية الوعود التي رفعها الرجل لتحسين المستوي المعيشي لمواطنيه بل أيضا إلي أسلوب حياته الشخصي وما اتسم به من طابع فضائحي لم يعهده الفرنسيون في رؤسائهم من قبل يمينييهم ويسارييهم علي حد سواء. ما يلفت الانتباه في هذا الشأن أن ساركوزي لم يبد من ذاك النوع الذي أظهر استعدادا لفهم هذه الرسالة والاستفادة منها بل علي العكس إذ استقبل النتائج أو استبقها بنوع من المكابرة حين أكد أنه ليس مستعدا للإلتهاء بـ التقلبات وبأن استحقاقه الحقيقي الواضح هو في نهاية فترته الرئاسية عام 2012 التي يمكن الحكم الحقيقي عليه من خلالها، مما كرس صورته في نظر بعض الفرنسيين كشخصية ميالة للعجرفة ومعجبة بنفسها كثيرا. وقد لا يكون مستبعدا أن يساهم هذا النوع من التعليق علي النتائج في تعميق النفس العقابي للتصويت الأحد المقبل كما تمنت ذلك بوضوح المرشحة الاشتراكية السابقة للانتخابات الرئاسية سيغولين روايال، وإن كان بعض المحللين لا يستبعدون أن تتعدل الكفة إلي حد ما بحيث لا يكون التوبيخ الذي أريد إيصاله إلي الرئيس أكثر قسوة مما يجب. لقد أكدت الانتخابات المحلية الفرنسية الأخيرة حيوية الناخب الفرنسي الذي تبقي عينه يقظة دائما علي أداء السلطة السياسية لديه قادر في كل مرة علي التدخل لــــ فركة أذن لهذا أو ذاك، مما يتعذر معه في المطلق وصف الكتلة الانتخابية في البلاد بأنها يمينية بالكامل أو يسارية بالكامل فهي قادرة باستمرار علي التمايل قليلا يمنة أو يسرة في منعطفات ما، ولهذا كثيرا ما شكلت الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية في البلاد محطات هامة عبر فيها الفرنسيون عن رضاهم النسبي أو الكبير أو بالعكس سخطهم المحدود أو الشديد علي الطبقة الحاكمة حتي أنها أجبرت اليمين واليسار في أكثر من مرحلة علي التعايش الصعب مع بعض برئيس يساري كفرانسوا ميتران ورئيس حكومة يميني كجاك شيراك قبل أن تنقلب الأدوار ويرضي شيراك برئيس حكومة يساري في شخص ليونال جوسبان. أما ساركوزي فإنه إذا استمر في الاستخفاف بما أراد أن يوصله له الناخب الفرنسي، لاسيما إذا تكرس الأحد المقبل، فإنه قد يكون شرع في أولي خطوات السقوط السريع علي غرار صعوده الأسرع. (*) صحافي تونسي (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 مارس 2008)
 

تتطلب تغيير تكتيكات المنظمات الحقوقية، بحسب الصحفي كمال العبيدي « أساليب ملتوية » لإسكات الصحفيين بـ10 دول عربية

وسام فؤاد (*) إذا كان التراجع الملحوظ والمستمر في حرية الصحافة بمعظم الدول العربية منذ مطلع القرن الميلادي الحالي لم يعد بالأمر الجديد، فإن كمال العبيدي الصحفي التونسي البارز وممثل اللجنة الدولية لحماية الصحفيين بالشرق الأوسط يرصد « أساليب ملتوية » جديدة بدأت تلجأ إليها السلطات العربية في الفترة الأخيرة للتنكيل بالصحفيين دون التورط بشكل مباشر أو ظاهر في ذلك. وفي مقابلة خاصة مع « إسلام أون لاين.نت »، يسلط العبيدي الضوء على هذه الأساليب مشيرا إلى أنها دفعت الحقوقيين المعنيين بحرية الصحافة لتغيير تكتيكاتهم في رصد انتهاكات حرية الصحافة لإثبات تورط السلطات فيها. ويشير العبيدي، الذي يشغل أيضا منصب مستشار الشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول حرية التعبير، إلى أن هذه « الأساليب الملتوية » منتشرة بنحو عشر دول عربية في مقدمتها مصر والمغرب. وفي ما يلي نص المقابلة: * كيف ترصد ملامح علاقة الصحافة العربية بالحكومات؟ – تشهد أوضاع حريات الصحافة العربية تراجعًا ملحوظا بسبب الهجمات الحكومية عليها. وقد رصدنا تغيرا واضحا في أساليب الحكومات العربية بصورة خاصة، حيث بدت ملامح أساليب ملتوية لإسكات الصحفيين والصحف بدلا من الاعتداء المباشر عليهم أو جرهم لمحاكمات مباشرة بسبب ممارساتهم الإعلامية. وقد رصدنا هذا التغير في حوالي عشر دول، على رأسها مصر والمغرب، حيث بدأت هذه الدول العشر تلجأ لأطراف أهلية أو أجنبية لتباشر رفع دعاوى قضائية ضد صحفيين مستندين لاتهامات مطاطة أو على الأقل لا علاقة لها بالدور السياسي الإعلامي الذي يمارسه الصحفيون. وهذا ما يستتبعه إصدار أحكام بالسجن على صحفيين أو إثقال كاهل صحفهم بغرامات مالية باهظة. * هل هناك أمثلة واضحة على هذه الممارسات الجديدة بخلاف النموذج المصري؟ – النموذج المصري مشهور وشهد تعاطفا وتعاضدا من الصحفيين بسبب ادعاء بعض المحامين على رؤساء تحرير عديدين بنشر تقارير تكدر السلم العام وتضر بالمصلحة العامة. لكن هناك أيضا مثال المغرب، فخلال العام الماضي تحركت الحكومة لإغلاق عدة صحف عبر إثقال كاهلها بغرامات باهظة، ومنها صحيفة « Le Journal Hebdomadaire » التي استقال مالكها أبو بكر الجامعي ولجأ للخارج خشية مصادرة أمواله وممتلكاته، وكان سبب الحكم بالغرامة دعوى قضائية رفعها بلجيكي على صلة وثيقة بالحكومة، ويترأس مركز أبحاث، ادعى فيها أن الصحيفة شككت في تقرير كتبه عن مشكلة الصحراء، وصدر الحكم ضد الجامعي. وهناك كذلك صحيفة « نيشان » التي حكم على صاحبها بالسجن، وتم إغلاقها وتوجيه اتهامات لكل من مديرها إدريس كسيكس، والصحفية سناء العاجي لنشرهم مقالا اعتبرته السلطات مسيئا للإسلام. اتضح بعد هاتين الحادثتين أن القضاء المغربي غير مستقل. وهناك أيضا اعتقال المدون فؤاد الفرحان بالمملكة العربية السعودية وهو أحد أشهر المدونين السعوديين، ومعروف بكتاباته المطالبة بالإصلاح السلمي والعدالة المساواة، والأمثلة كثيرة. * أظنني اطلعت على الموضوع محل التهمة بالمغرب والذي دار حول نكت المغربيين في موضوعات الدين والجنس والسياسة، وهذا مقال مهني. لكن هل من خلفية سياسية لهذا الاتهام، وهل هناك محاولة لتوظيف الدين للتخلص من الصحفيين والتأثير على القضاء؟ – هذا واضح بسبب الخط الليبرالي والرافض للفساد الذي كانت تتسم به كتابات إدريس كسيكس. والأهم من هذا أن رئيس الحكومة المغربية الحالي عباس الفاسي كان قد صرح لصحيفة « المساء » المغربية بأن القضاء غير مستقل، وناشد القضاة بتحكيم ضمائرهم. * كانت المواجهة قديمًا بين الصحافة والحكومات واضحة ومباشرة. فكيف تتابعون أساليب المواجهة الجديدة؟ – كنا قديما نرصد أطراف المواجهة القضائية من جهة، أو نرصد عملية الاختفاء القسري للصحفيين من جهة أخرى. الآن تواجه الدول العربية ضغوطا من بعض الحكومات الغربية حيال سجلاتها الحقوقية، وتريد الدول العربية إيهام المجتمع الدولي بنواياها وجهودها حيال تحسين أوضاع الحريات، لكنها تلجأ لهذه الأساليب التي ذكرناها سلفا. هذا يقتضي منا تغيير تكتيكاتنا، وبذل جهد أكبر في تحقيقاتنا الميدانية، فبما أن العلاقة التي تربط الحكومات بأنماط المحاصرة الجديدة للحريات صارت غير واضحة؛ صار علينا التحرك لإلقاء مزيد من الضوء على علاقة الحكومات بالأطراف التي ترفع الدعاوى القضائية، وهو ما فعلناه حيال الاتهامات الموجهة لرؤساء التحرير المصريين، وكذا رؤساء التحرير المغاربة، وأثبتنا وثاقة العلاقة التي تربط بين المتصدرين لرفع تلك الدعاوى وبين الحكومات التي أوكلت إليهم -سرًّا-هذه المهام. غير أني لا أريد أن يفهم البعض من هذا أن الأساليب القديمة اختفت، بل لا يزال هناك محاكمات مباشرة، ولا يزال هناك اختفاء قسري للصحفيين والمدونين. لكن التكتيكات الحكومية الجديدة أصبحت تخفى طبيعتها. فهناك مثال المحامي التونسي محمد عبو الذي كتب ينتقد زيارة شارون لتونس (في إطار المؤتمر الدولي للمعلوماتية) قبل عامين، وتم اعتقاله بعد 24 ساعة من كتابة مقال بتهم شخصية لا علاقة لها بالمقال. * هل هناك تغير في المناخ المساند لكم بعد أحداث 11 سبتمبر؟ وكيف تتعاملون مع هذا المناخ؟ – لا شك في أن تصدر مفهوم الإرهاب ومكافحته يأتي على رأس قائمة أولويات الأمم المتحدة وقد قلص من مساحات وهوامش مناوراتنا لتوفير الدعم العالمي لمواجهة الانتهاكات التي تباشرها الحكومات ضد الصحفيين، كما أن مناورات الحكومات العربية ومقايضاتها مع بعض الحكومات الغربية تحبط بعض جهودنا. لكن هناك سياسيون بارزون وبرلمانيون في كل أنحاء العالم وكذا منظمات غير حكومية معنيون بشأن الحريات كقيمة في ذاتها بعيدا عن لغة المصالح؛ ومهتمون لأجلها، وهم يضغطون لتحسين هذه الأوضاع متى تم توثيق معلومات قمع الحريات أمامهم، ونحن نبذل جهدا كبيرا في توثيق الوقائع وتدقيقها وعرضها أمام المجتمع العالمي ليساندنا من يحترم قيمة الحرية وبخاصة حرية الصحافة.  * كنا قد تحدثنا عن مقايضات حكومية وواقع دولي يعوق جهودكم، فهل لجأتم لبديل مدني عربي يعوض التعويق؟ – الواضح أن الواقع المدني العربي، وبخاصة الإعلامي، يشهد تكاتفا قويا حيال الهجمة على حرية الصحافة. وتضامن الصحفيين المغاربة والبحرينيين الذي سمعنا عنه مؤخرا مع الصحفيين المصريين هو دليل على ذلك. ويضاف إلى ذلك تكاتف المنظمات الحقوقية غير الحكومية العربية والعالمية، فتضافر هذه الجهود معا ينتج بعض الأثر. ونحن لا نقف عند تلك الحدود، بل نكثف جهودنا ونباشر مهام دبلوماسية، ونتواصل مع الحكومات والسفراء والمنظمات الدولية، وهذا ينتج أثرا أيضا. ففي تونس مثلا، كان لتضامن الجماعات الصحافية المدنية والحقوقية الإقليمية والدولية دوره في الإفراج عن الصحفي محمد الجبالي رئيس تحرير صحيفة « الفجر » الإسلامية بالرغم من أن عقوبة سجنه كانت 15 عاما. * أظن أننا نحتاج لوقفة حيال حديثك عن مفهوم الإرهاب ونحن نتحدث عن الصحافة وحريتها. فهل هناك علاقة ما أدت لربطك بين الموضوعين؟ – الحقيقة نعم، فبعض الصحفيين توجه إليهم تهمة الإرهاب. فالصحفي التونسي زهير اليحياوي تم اعتقاله قبل وفاته، ووضع في فترة إقامته الأولى بجناح الإرهاب في السجن قبل أن يتم نقله بعد فترة ليست بالقليلة لجناح آخر. وهناك أيضا الصحفي اليمني عبد الكريم الخواني الذي اعتقل أثناء مواجهات الحكومات اليمنية مع أحد الخارجين عليها، حسين الحوثي، وكان سبب اعتقاله ورود معلومات قوية ودقيقة في تقاريره الإعلامية رجحت معها السلطات وصوله لقيادات بحركة التمرد هذه والحصول على معلومات منها، وهو ما أسفر عن اعتقاله بتهمة الإرهاب، بينما كان يباشر دوره كإعلامي، وهو مختلف في توجهاته الفكرية مع الجماعة المناهضة لحكم الرئيس علي عبد الله صالح. * كنا نتحدث عن حريات الصحافة وتحدثت عن المدونين. وهو ما يدفعنا للسؤال عن تكييفكم لهم باعتبارهم صحفيين؟ – المدونون يباشرون عملا إعلاميا. ونشاطهم يدخل ضمن دائرة اهتمامنا بحرية التعبير. وهذا اعتبار مزدوج يجعلنا نربط بينهم وبين الصحافة برباط وثيق. * لاحظنا من خلال التدفق الإعلامي وجود اهتمام أمني عربي عام بالمدونين. فكيف ترى هذا الانتباه؟ – أنا أؤيدك في سؤالك. فاعتقالات المدونين لم تأخذ طابعا تدريجيا، بل بدت كظاهرة، وأنا أرجح أن هذا الارتباط صنيعة التنسيق الأمني العربي على مستوى وزراء الداخلية، والذي ترعاه تونس وتستضيفه في شهر يناير سنويا. فالتنسيق الأمني لفت انتباه الدول جميعًا حيال الدور الإعلامي الذي يلعبه المدونون، وتزامن الاعتقالات لا تفسير منطقيا له إلا بالتنسيق الأمني. (*) باحث بوحدة البحوث والتطوير بشبكة إسلام أون لاين.نت. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 12 مارس 2008)  


 

الإعلام في سياق مطاردة الإسلاميين!

ياسر الزعاترة (*) كان صديقي الكاتب السعودي (غير المتفرغ) والمحسوب على خط «التنويريين» الإسلاميين (علمانيين بحسب المتشددين)، كان قد تعاون لبعض الوقت مع ملحق ديني في صحيفة شهيرة، قبل أن يسرحوه بعد يأسهم منه، كما قال لي. مضيفاً إنهم كانوا يريدونه مثل فلان وفلان من الإسلاميين الذين استقطبوهم، فتحولوا مع الوقت إلى سياط تجلد الظاهرة الإسلامية بكل ألوانها، «المعتدل» منها و«المتطرف». لم تحتمل الصحيفة الشهيرة ذات الخط المناهض للظاهرة الإسلامية بقاء صاحبنا في مربعه الإسلامي مع مراجعات مهمة في السلوك والخطاب، فقد أراده القائمون عليها عارياً من بضاعته الفكرية والسياسية السابقة، بل يستخدم خبراته ومعارفه في مطاردتها. في الدول العربية حشد من الكتاب الذين خرجوا من عباءة التيارات الإسلامية يُستخدمون هذه الأيام من قبل وسائل إعلام متعددة الأشكال في سياق الهجوم الشرس على كل ما هو إسلامي. فتراهم يستخدمون بذكاء معارفهم السابقة، مستشهدين بكتابات ابن تيمية وابن عبدالوهاب وسيد قطب وحسن البنا وسواهم من رموز الصحوة الإسلامية القدماء والمحدثين في حربهم تلك، أكان بمنطق الاستئصال أم بمنطق الاستدراج وتغيير الخطاب. نتذكر أن نسخة من هذه الردة الفكرية قد توفرت في السبعينيات والثمانينيات في صفوف اليسار الذي تعرض لهزيمة مدوية، فيما كانت الأنظمة تلتقط بعض كتابه ومثقفيه وتستخدمهم في سياق الحرب عليه، فكان أن تحول كثير من رموزه إلى أدوات بيد السلطات العربية، فيما تحول بعضهم إلى سياسيين ووزراء وناطقين باسم الحكومات يستخدمون بلاغتهم وخبراتهم في نصرة طروحاتها. في الحالة الإسلامية يبدو الموقف أكثر صعوبة، وبالطبع في وقت تنهض الظاهرة الإسلامية كأهم تحد للأنظمة التي ترفض التغيير. ففي حين وصل اليساريون ذروتهم في العالم العربي وهم يتربعون على عرش الصحافة ومؤسسات الثقافة ومنابر «الإبداع»، فقد وصل الإسلاميون ذروتهم الشعبية، فيما حضورهم الإعلامي بالغ التواضع. الآن، وفيما يحضر الإسلاميون بشكل من الأشكال من خلال منابر كثيرة من حيث العدد، إلا أن الصوت المناهض لهم في وسائل الإعلام هو الأقوى، وهو هنا على صنفين، الأول يعادي لأسباب أيديولوجية أو طائفية، فيما يعادي الثاني من منطلق مصلحي بحسب موقف الجهة المشغلة، رسمية كانت أم من القطاع الخاص. هكذا يبدو المشهد سريالياً إلى حد كبير، إذ يحضر في وسائل الإعلام أناس لا حظ لهم من الحضور الشعبي، بينما يغيب الإسلاميون رغم حضورهم الشعبي الواسع، وإذا حضروا ففي سياق انتقائي هدفه تغيير لغتهم وخطابهم. لعل ذلك هو السبب الكامن خلف الهجمة الشرسة على فضائية الجزيرة. إذ إن حضور الإسلاميين فيها، ورغم محدوديته، فإنه يواجه باستهجان، لأن فصائل العلمانيين لم يعتادوا رؤية إسلاميين يعملون في مؤسسات إعلامية مهمة. سيبرر القوم ضآلة حضور الإسلاميين الإعلامي بسنّة المدافعة والكفاءة ومعادلة العرض والطلب، الأمر الذي لا يبدو مقنعاً بحال، لأن الإسلاميين الذين نجحوا في مختلف الميادين لن يفشلوا في عالم الإعلام، بدليل نجاح الكثيرين منهم في الجزيرة وسواها، وحين ترفض مطبوعات كثيرة مجرد نشر تعقيب لإسلامي على مقال ما، فلن نتوقع أن تمنحهم من أعمدتها ما يناسب حضورهم في الشارع. نعلم أنه منطق السياسة الذي يقوم على تقديم الموالين وإقصاء المعارضين، أكانوا إسلاميين أم يساريين أم بوذيين، سانده بالطبع دخول الأميركيين والغربيين على الخط بإعلامهم المباشر وغير المباشر، لكن منطق إقصاء الإسلاميين ما زال يتجاوز الأروقة الرسمية إلى مؤسسات إعلامية كثيرة يديرها علمانيون متطرفون أو يساريون تحولوا أميركيين بعد الحرب الباردة، من دون أن نعدم بعض الإنصاف في هذه المؤسسة أو تلك. وتبقى الظاهرة البارزة في العالم العربي، والعالم الثالث عموماً، ممثلة في السعي لاستدراج كل ناجح في السياق الإعلامي ليصبح بوقاً من الأبواق الرسمية، سواءً تم ذلك من قبل الصحف نفسها بقدراتها المالية الكبيرة، أم تم من قبل السلطات الرسمية ذاتها التي ما إن ترى كاتباً أو إعلامياً ناجحاً حتى تعمل على استقطابه. (*) كاتب فلسطيني (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 12 مارس 2008)

 

«القاعدة» إذ تبتكر حلولاً «تنموية»!

محمد أبو رمان (*) «القاعدة» أحد العناوين الرئيسة في المشهد العربي اليوم، وتُمثل خطّاً فكرياً وسياسياً متصاعداً، يعكس حالة من المزاج السياسي العام، ناجمة عن هيمنة الخارج وفشل الداخل، لكنّها تشكل في الوقت نفسه أحد تجليّات البؤس الاجتماعي العربي، سواء ما تنتجه سياسات النظم والحكومات من تشوهات أخلاقية وثقافية أو ما ينتجه عجز النخب المثقفة ومحدودية دورها أو استقالتها من مسؤولياتها تاركة الفراغ لأنصاف المتعلمين والجهلة يسيحون في ساحات الانترنت، فيستبيحون عقول الشباب المغرر بهم ويودون بهم إلى المهالك بعنوان «طريق النجاة أو الخلاص». بإشارة مصادر أمنية عراقية أنّ مقتل نائب قائد عمليات سامراء (قبل أيام) كان بهجوم انتحاري نفذه شاب مُقعد، يجلس على كرسي متحرك، فإنّ ذلك يكرّس ظاهرة أصبحت ملفتة بحق خلال الشهور الأخيرة تتمثل في استخدام القاعدة وتوظيفها لذوي الاحتياجات الخاصة والنساء في العمليات، ليس في العراق بل وفي مناطق عربية أخرى، وكأننا أمام استراتيجية جديدة للقاعدة تواجه فيها استراتيجية الحكومات العربية في مجال تمكين المرأة وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة! فحوى «الاستراتيجية» الجديدة أنّ الفئات الضعيفة (أو المستضعفة) بمثابة عبء كبير على «مشروع المقاومة والتحرر»، لكن بالإمكان تحويل هذه الفئات إلى قوة حقيقية في سبيل مقاومة «الاحتلال الصليبي» وأعوانه من «الحكومات المرتدة» والاستفادة من هذه «الطاقات المهدرة» وذلك بصناعة «انتحاريين» يفجّرون أنفسهم، حتى وإن كان ذلك في سوق في بغداد أو مخفر شرطة في الجزائر أو فندق في عمان. فالعبرة ليست بتلك الأرواح التي تُزهق جوراً وظلماً إنّما بالمعركة الإعلامية والسياسية التي تشتعل وراءها، وسيُبعث الجميع على «نيّاتهم»، وفقاً لمن سوّغوا نظرية «التترس»! أعتقد أنّ من ابتكر وساهم في صوغ الاستراتيجية الجديدة للقاعدة (تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة وتمكين المرأة) عدّد لهم فوائدها وإيجابياتها، إذ تتمثل أوّلاً في تحويل مصادر الضعف إلى مصادر قوة وتدمير تتماهى مع الخط «القاعدي» الجديد (الانتحار، التدمير، القتل..). فما دام الأمر لا يتطلب أكثر من الوصول إلى تجمع عام وتفجير النفس (وربما عن بعد!) وقتل أكبر عدد ممكن من الحضور، فلماذا تخسر القاعدة شباباً مدرّبين مؤهلين لعمليات نوعية، إذا كان بالإمكان تنفيذها من خلال الفئات «المستضعفة!». ثانياً تُسهّل هذه الاستراتيجية التخلص من عبء بعض «المعوّقين» الذين ربما تؤدي إصابتهم أثناء القتال والعمليات إلى شلّ قدرتهم، فيكون الحل بتأمين طريق سريعة لهم إلى «الجنة!». أخيراً فإنّ هذه الاستراتيجية تُوفِّر للقاعدة موارد بشرية جديدة كفيلة باستمرارها وحيويتها. ولأنّ عالم الانترنت يمنح فرصة كبيرة لأعضاء القاعدة وأنصارها وتبادل الخبرات والتجارب فإنّ الاستراتيجية الجديدة طارت في الآفاق، وتمّ العمل بها في عدة ساحات بين المغرب والعراق! أحد النماذج الأوّلية والاختبارات الحقيقية لهذه الاستراتيجية تمثّلت في تفجير مبنى أمني في ولاية بومرداس في الجزائر (في آواخر كانون الثاني العام الحالي). فالمنفّذ معوّق بنسبة 70 في المئة، إذ كان موحون كمال (30 عاماً) قد أصيب في اشتباكات مع الجيش الجزائري سابقاً، واقتنعت قيادته بضرورة التخلص منه «كونه يعيق حركة ناشطي التنظيم، خصوصاً بعد تزايد الضغوط الأمنية والعسكرية»، وفقاً لتقرير الزميل محمد المقّدم في «الحياة». الحال نفسها تكررت بعد أيام على تفجيرات الجزائر، لكن في العراق، إذ تؤكّد مصادر أمنية أنّ امرأتين «مريضتين عقلياً» وراء تنفيذ تفجيري سوق الغزل وسوق آخر في بغداد، يوم الجمعة المنصرم، وهما التفجيران اللذان أدّيا إلى مقتل قرابة ستين شخصاً ومائة جريح. ولعلّ أغرب ما في القصة أنّ التفجير حدث بطريقة «التحكم عن بعد». أي أن الاحتمال الأغلب أنّ هاتين الامرأتين لم تكونا راغبتين في تنفيذ العملية أو أن هنالك عدم ثقة بقدرتهما على أداء هذه المهمة. ولا يبعد نموذج ساجدة الريشاوي، التي شاركت في تفجيرات عمان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005، عن النماذج السابقة، وهنالك حالات أخرى تؤشر على الاستراتيجية الجديدة. لعلّ القاعدة (بذلك) تُقدّم إبداعاً جديداً في خيارات المواجهة مع «الولايات المتحدة وأعوانها»، أو أنّها ترسم خطّاَ آخر في مسار التنمية مقابل فشل الحكومات العربية في هذا المجال. إذا كانت أكثر الحكومات العربية هي أساس البلاء والابتلاء، وتجد بغيتها في هذا الواقع الفاسد الذي يُسهّل فسادها، وإذا كان هاجسها الرئيس هو البقاء والاستمرار، ولو على «رفات الشعب»، ولا تعدو سياساتها إلاّ عملية «تحديث للاستبداد»، على حد تعبير الباحث الأميركي ستيفن هايدمان، فإنّ البلاء الأكبر والمرض الأخطر أن تكون هذه الحكومات، على جميع علاّتها، التي تسوّد مجلّدات من الورق، هي أقلّ بلاء وأفضل حالاً من الخيارات البديلة المطروحة! ألسنا مجتمعات تنتحر، أو برسم الانتحار! (*) كاتب أردني (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 مارس 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.