الأحد، 8 فبراير 2009

 

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3183 du 08.02.2009

 archives : www.tunisnews.net


المؤتمر من أجل الجمهورية : بلاغ

  الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة: بـــــيــــــان

22 منظمة حقوقية عربية: دون محاسبة:الحكومة التونسية تواصل انتهاكاتها لحقوق الإنسان :بيان صحـفي

تلقت حرية و إنصاف الرسالة التالية من السيد وسام التستوري  و نحن ننشرها كما وردت: ارتفاع وتيرة التضييق …..

حزب الخضر للتقدّم:بلاغ

الموقف :ماحصل مع القيادة النقابية سوء تفاهم

كلمة:البوليس السياسي يلاحق الصحافيين المستقلين

كلمة:قائمة مراسلات صحيفة يوميّة تزرع برامج تجسس

فرحات الدريسي :الحراك الطالبي في رحاب الجامعة

ا ف ب:محام تونسي يندد بالحكم الفرنسي بشان اعتداء جربة

الجزيرة نت :معارضة تونس تتهم الحكومة بتهميشها بعد مصادرة صحيفة

جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة

كلمة:الحملة على « الفايس بوك » تتواصل في الصحف التونسية

كلمة:شبان ينتحرون في عرض المتوسط وآخرون في مواقع عملهم الحقيرة

كلمة:بعد تصفية جامعيين بارزين قانون جديد لتمديد سنّ التقاعد

 عبدالسلام الككلي : اعترافات ماعز

الصباح : الهادي البكّوش يحاضر في «نادي كتب وقضايا» بدار الثقافة ابن خلدون

الصباح:اليـوم إحيـاء الذّكـرى 51 لحوادث ساقية سيدي يوسف

د ب أ:أربعة مليارات دولار حجم صادرات صناعة النسيج والملابس في تونس

 شعر بحري العرفاوي:قطْرٌ/ قطَرْ

محمد العروسي الهاني : من وحي الذكرى 8 فيفري 1958-8 فيفري 2009 من ملحمة تارخية .

منصف المرزوقي:من أجل بناء الاتحاد العربي

طارق الكحلاوي:السمعة المشوهة لـ «الاعتدال»

صالح بشير:عن مفهوم «الجماهير» والتعويل عليه وعليها في تجاربنا

الحياة  :الجزائر: الانتخابات الرئاسية في 9 نيسان وبوتفليقة يوصي الإدارة بـ«الحياد الدقيق»

الدكتور محمود الذوادي:هل يزداد ويتواصـل تراجـع سذاجـة العرب والعجم إزاء الطبيعة العدوانية لإسرائيل؟

مالك التريكي:أيها العرب اشتروا الاندبندنت!

الحياة :الخلل المتزايد في توازن القوى في المنطقة

الحياة :دمج مستغرب بين الوطن وأهل الحكم … نحو حل تاريخي عربي لأزمة النظم الجمهورية


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


المؤتمر من أجل الجمهورية بلاغ 
 
يلفت المؤتمر من أجل الجمهورية انتباه كل الديمقراطيين في تونس والوطن العربي إلى خطورة التقنية التي تعتمدها الدكتاتورية في تونس ألا وهي القمع بالجباية ويتعرض لها هذه الأيام الأستاذ عبد الوهاب معطر. فبعد الاستعداد لبيع ممتلكاته بعد أن أثقلت كاهله إدارة الضرائب بغرامة سريالية تقارب 240.000 دينار، ها هي السلطة تضع اسمه على قائمة المطلوبين بحجة أنه لم يؤدي غرامات سابقة بحوالي عشرين ألف دينار وتستعد للإلقاء القبض عليه في كل لحظة وذلك باسم قانون الجبر  بالحبس الآلي لمن لا يدفع الغرامات. والحقيقة أن هذه التقنية استعملت من قبل خاصة لتركيع رجال الأعمال وابتزازهم لتقاسم ممتلكاتهم مع العصابات وخاصة عائلة بن علي وأنها كانت دوما سيفا مسلطا على المناضلين السياسيين، لكن استعمالها بهذا الشكل الفجّ  والتكالب على عبد الوهاب معطر هو منعطف خطير لبعث رسائل إنذار وتهديد لكل الطبقة السياسية وأن هناك وسائل لتدميرهم اجتماعيا . والأخطر من هذا كله ما تدل هذه الأساليب من انهيار كل مفهوم لدولة القانون والحضيض التي وصلت إليه مؤسسات الدولة  وخاصة إدارة الضرائب والقضاء وهما مسخران لتسليط الظلم والانتقام الرخيص من مناهضي النظام. إن المؤتمر من أجل الجمهورية يطالب كل القوى الحية بإدانة هذه الممارسات الحقيرة والتشهير بها وإضافتها لملف هذا النظام الذي تؤكد كل ممارساته أنه نظام عصابات حق عام خصخصت الدولة لصالح مآربها وتستعمل القانون لتجاوزه وتنتهك ابسط قيم العدالة التي تدعي السهر عليها

الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة نفطة في : 08 فيفري 2009   بـــــيــــــان

 
متابعة للوضع الحقوقي بالجهة ووقوفا على حقيقة وخلفيات إضراب الجوع المنفذ من طرف سبعة عمال داخل نزل القاري بمدينة توزر منذ يوم الأربعاء 04 فيفري 2009  تحول يوم السبت 07 فيفري 2009 كل من السيدين شكري الذويبي رئيس فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمر قويدر عضو الفرع ومراسل الطريق الجديد إلى مدينة توزر إلا أنهما منعا في مرة أولى من دخول المدينة وبعد إصرارهما على مواصلة الطريق وعند وصولهما إلى مقر اضراب الجوع حال أعوان أمن بالزي المدني دون دخولهما وإطلاعهما على حالة المضربين رغم وجود وفود نقابية وحزبية داخل مقر الإضراب وهو ما يعني أن المنع أن المنع يخص فقط فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومراسل الطريق الجديد إن هيئة فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تعبر عن شديد استيائها لمنعها من متابعة وضعية المضربين عن الطعام والإطلاع على حالتهم الصحية فهي تنكر على السلط المعنية منعها للنشطاء الحقوقيين وللمراسلين الصحفيين من القيام بمهامهم، كما تعبر عن تمسكها بالقيام بواجباتها ومن ضمنها حق أعضائها في الوصول إلى المضربين وتدعو لوضع حد لمثل هذه الإنتهاكات الخطيرة    عن فرع توزرـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس شكري الذويبي

القاهرة 8 فبراير2009
22 منظمة حقوقية عربية:

دون محاسبة:الحكومة التونسية تواصل انتهاكاتها لحقوق الإنسان بيان صحـفي

 
تُعرب المنظمات الموقعة على هذا البيان عن إدانتها الشديدة للاعتداءات والتهديدات المتزايدة التي تستهدف الصحفيين والنشطاء الحقوقيين في تونس، وتُظهر العداء المستحكم لحرية التعبير من جانب السلطات التونسية واحتقارها لمنظومة حقوق الإنسان والمدافعين عنها، حتى أصبحت الأراضي التونسية مكانًا يتسم بالخطورة على سلامة النشطاء الحقوقيين والصحفيين المستقلين. كما يتواصل استخدام القضاء غير المستقل في قمع مختلف أشكال الاحتجاج والحراك الاجتماعي. إن المنظمات الموقعة على البيان تدين بشدة العقوبات الجائرة التي أصدرتها الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بقفصة، ضد 38 متهمًا، بينهم عدد من النقابيين والنشطاء الحقوقيين، الذين ساندوا أشكال الاحتجاج التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي خلال العام الماضي، وهي العقوبات التي تصل بحق بعضهم إلى السجن ما بين عام و 10 أعوام. وقد شابت هذه المحاكمة الكثير من أوجه العوار؛ إذ انتزعت اعترافات المحكوم عليهم تحت وطأة التعذيب، ورغم تأكد المحكمة من ذلك، إلا أنها امتنعت عن عرضهم على الفحص الطبي، كما رفضت سماع شهود لصالح المتهمين، وقد منع الأمن الراغبين في حضور جلسات المحاكمة من الوصول إلى المحكمة، الأمر الذي يجعلها أقرب للمحاكمة السرية. وتؤكد المنظمات استهجانها الشديد لقيام قوات الأمن باقتحام وإغلاق مقر الإذاعة الجديدة (كلمة) في 30 يناير 2009، ومصادرة معداتها، بعد حصار بدأ في 27 يناير 2009 عقب بدء بث الإذاعة بيوم واحد عبر القمر الاصطناعي هوت بيرد. وقد اقترن ذلك بجملة من الانتهاكات بحق فريق عملها وضيوف برامجها، وعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان؛ فقد منع الأمن فريق العمل من الدخول إلى مقر الإذاعة، كما اعتقل الصحفي بالإذاعة ضافر أوتاي لعدة ساعات تم تهديده خلالها بالسجن، وكذلك تم الاعتداء على عمر المستيري مدير الإذاعة والناشط الحقوقي وتهديده بالقتل، قبل أن يصدر قرار بمنعه من السفر. وأبعدت قوات الأمن ضيوفًا على برامج الإذاعة بمجرد اقترابهم من مقرها، واعتدت قوات الأمن على الناشط الحقوقي زهير مخلوف حين حاول دخول مقر المجلس الوطني للحريات الذي يقع في ذات البناية التي تضم إذاعة كلمة، كما تم منع عدد من النشطاء الحقوقيين من التوجه إلى مقر الإذاعة. يذكر أن السلطات التونسية دأبت على تشويه سمعة رئيسة تحرير (كلمة) والناشطة الحقوقية السيدة سهام بن سدرين في الإعلام التابع للحكومة في تونس وكذلك في عدد من الصحف العربية. وكانت بن سدرين قد تلقت شكوى من النيابة العام بزعم القيام بنشاط إعلامي دون ترخيص، وقد أوقفت السلطات خطوط الهواتف الثابتة والجوالة لكل العاملين في كلمة. إن المنظمات الموقعة، تعبّر عن تضامنها مع كل نشطاء حقوق الإنسان والمحرومون من حرية التعبير في تونس، وتطالب الحكومة التونسية بإلغاء قرار إغلاق إذاعة كلمة والتوقف عن التربص بالصحفيين المستقلين وغير الموالين للحكومة، والعمل على تحرير الصحف والإذاعات المستقلة من هيمنة الرقيب ومنحها الحق في الحصول على التراخيص القانونية وضمان حرية النشر والبث، ورفع الحصار المتواصل على مقار العديد من المنظمات الحقوقية ومنح المدافعين عن حقوق الإنسان حرية العمل والحركة والتنظيم وفقًا للمعايير الدولية، والالتزام الكامل بكافة المبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وإذ تطالب المنظمات بوقف تنفيذ الأحكام الصادرة بحق المتهمين في أحداث الحوض المنجمي، فإنها تشدد على ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لضمان استقلال القضاء ووضع حد لتوظيفه وفقًا لأهواء السلطة التنفيذية. كما توجه المنظمات ندائها إلى كل من المقرر الخاص بحرية التعبير، والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، للعمل على تفعيل آليات الحماية الدولية لحقوق الإنسان، وإلزام الحكومة التونسية بواجباتها تجاه تعزيز حقوق الإنسان.     المنظمات الموقعة: 1.  جماعة تنمية الديمقراطية (مصر). 2. الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية. 3. جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان. 4. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (مصر). 5. لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان (سوريا). 6. اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية (مصر). 7. لجنة العريضة النسائية (البحرين). 8. لجنة شهداء البحرين وضحايا التعذيب. 9.  مؤسسة الأرشيف العربي (الأردن). 10.مؤسسة المرأة الجديدة (مصر). 11.مؤسسة مهارات (لبنان). 12.المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. 13.مركز الأرض لحقوق الإنسان (مصر). 14.مركز البحرين لحقوق الإنسان. 15.مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والصحافية في الشرق الأوسط (لبنان). 16.المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. 17.المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية. 18.مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. 19.مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف (مصر). 20.مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان. 21.مركز هشام مبارك للقانون (مصر). 22.المنظمة العربية لحقوق الإنسان (سوريا).    Cairo Institute for Human Rights Studies Fax           : 202 27921913 Phone      : 202 27951112 / 202 27963059 Web site  : www.cihrs.org   Email       : info@cihrs.org
 

أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 13 صفر 1430 الموافق ل 08 فيفري 2009

تلقت حرية و إنصاف الرسالة التالية من السيد وسام التستوري

أصيل دار شعبان الفهري و نحن ننشرها كما وردت: ارتفاع وتيرة التضييق على مستعملي الانترنت بمدينة نابل

نابل في  6 فيفري 2009  

في إطار التضييق على الحريات عمدت قوات الأمن بمدينة نابل على الاهتمام المتزايد بمسألة استعمال الانترنت فهي ما انفكت تراقب المحلات العمومية ومحاصرة بعض المستعملين لما يسمى ب »الفايسبوك » وفي هذا الإطار تم إيقافي في منتصف شهر رمضان الفارط لمدة خمسة أيام أربعة منها في منطقة نابل والباقي بوزارة الداخلية وقد تم إرغامي على إمضاء محضر بحث وحجز جهاز الحاسوب ولم أتمكن من استرجاعه حتى الآن وكل ذلك على خلفية استعمالي الفايس بوك وترويجي لبعض أقراص متعلقة بأحداث الحوض المنجمي .ولم تقف الأمور عند هذا الحد بل تعدتها إلى التنبيه على أصحاب محلات الأنترنات العمومية بعدم قبولي في هذه المحلات مما اضطرني الى اللجوء إلى بعض الأقارب و الأصدقاء لاستعمال حواسيبهم لبعض الوقت لمتابعة ما يجد من أحداث .غير أنه وفي المدة الأخيرة تمت مداهمتي من طرف رئيس مركز دار شعبان الفهري  بمحل أحد جيراني حيث تم حجز حواسيبه واستدعائه وأصحابه من الغد إلى فرقة الإرشاد بنابل للتحقيق معهم حول كيفية استعمالي للمواقع المحجوبة ببلادنا والضغط عليهم، وهم ثلاثة أصدقاء وجيران في نفس الوقت،من أجل مقاطعتي وعدم التواصل معي بأي شكل من الأشكال لذا أناشد فعاليات المجتمع المدني ومن ضمنها رابطة حقوق الإنسان من أجل الاهتمام الجدي بهذا الموضوع صيانة لأبسط الحقوق الفردية للمواطنين ومساعدتي على استرجاع حاسوبي المحجوز منذ مدة. الإمضاء: وسام التستوري عاطل عن العمل وقاطن بدار شعبان الفهري ملاحظة: لم أذكر رقم بطاقة تعريفي بسبب حجزها منذ سنتين من طرف عون البوليس فيصل الصيد ومن يومها وأنا أعيش بدون هوية. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

تونس في، 7 فيفري 2009 بلاغ

 
اجتمع المكتب السياسي لحزب الخضر للتقدّم يوم الجمعة 6 فيفري 2009 برئاسة الأمين العام الأخ منجي الخماسي وبعد استعراض مجمل التطورات المحليّة والدوليّة والإقليميّة أقرّ المكتب ما يلي: فـــــي الشأن الوطني: الإشادة بالإجراءات الرئاسيّة الأخيرة لفائدة قطاعي الشباب والرياضة ، وعبّر المكتب عن ارتياحه لتواصل الاهتمام والرعاية للشباب وثمّن بعث « المنتدى الدائم للحوار مع الشباب » وأمّل المكتب في أن تتوفّر كلّ الظروف الملائمة لعمل « اللجنة الوطنيّة » الّتي ستنكبّ على صياغة « سياسة إستراتيجيّة للشباب للفترة 2009-2014 ويُطالب المكتب بضرورة تشريك كلّ الأطراف في وضع لبنات هذه السياسة الشبابيّة وباعتماد المزيد من الجرأة والصراحة في مقاربة الملف الشبابي وعلاج مختلف المظاهر السلبيّة وحالة العزوف عن الاهتمام بالشأن العام ورصد المشاغل الحقيقيّة الّتي يعرفها الشباب اليوم وضبط طموحاته وتطلعاته للمستقبل.وأكّد المكتب عن استعداده للمساهمة في بلورة جملة التصورات والمشاركة الجادّة والمسؤولة في هذا التوجّه الوطني الرائد. بقدر مباركته لكلّ الخطوات الرسميّة المقطوعة من أجل التصدّي لتأثيرات الوضع الاقتصادي العالمي وتداعيات الأزمة المالية على البلاد ، فإنّ المكتب يرى أنّ سرعة التحوّلات الجارية تقتضي المزيد من الحذر والمتابعة اللصيقة في سبيل تحقيق تواصل الصادرات التونسيّة وتوافد الاستثمارات الأجنبيّة وديمومة الإنتاج في المؤسّسات التونسيّة والمحافظة على مواطن الشغل ، ويدعو المكتب إلى توسيع دوائر الاستشارة والحوار والقرب من مواقع الانتاج ومزيد تحفيز المستثمرين والباعثين الجدد مع إيلاء جانب الإشهار الخارجي وإبراز المناخ الأمن المساعد على الاستثمار في بلادنا المنزلة المخصوصة عبر استغلال كلّ ما توفّره الوسائط الإعلاميّة والاتصاليّة والمشاركة في المعارض والصالونات الدوليّة لتقديم المنتوج التونسي لأكثر الأسواق العالميّة وفي هذا الصدد يُشيد المكتب بالإجراءات الرئاسيّة الأخيرة الداعمة للمؤسّسات المصدّرة ورفع قدرتها التنافسيّة من أجل الحدّ من تأثيرات الأزمة المالية وولوج المزيد من الأسواق. يجدّد المكتب إدانته لكلّ الجهات الخارجيّة الّتي تسعى للتدخّل في الشأن الوطني على خلفيات محاكمة الحوض المنجمي ويستنكر وقوف البعض من التونسيّين ممّن يدّعون الدفاع عن حقوق الإنسان في صفّ هؤلاء للتحريض والدعاية السياسويّة وخدمة أجندات بعيدة عن المطامح الحاليّة للشعب والوطن ، ودون التعرّض إلى حيثيات المحاكمة وملابساتها والّتي هي شأن قضائي بالأساس فإنّ المكتب يُجدّد التماسه لسيادة رئيس الدولة بالتدخّل وفق الصلاحيات الدستوريّة المتوفّرة والعفو عن المحاكمين وإدخال البهجة لأسرهم وذويهم وطيّ هذه الصفحة بصفة نهائيّة والمكتب له كامل الثقة في عطف سيادته على كلّ أبنائه وخاصّة منهم الشباب.   فـــــي الشأن الإقليمي والعربي: يدعو المكتب السياسي كلّ الفصائل الفلسطينيّة إلى تقريب وجهات النظر والعمل على توحيد صفوفهم لمجابهة التحديات القائمة والوقوف في وجه العدوان المتواصل وإفشال المخطّطات والأهداف الإسرائيليّة  الّتي بدت واضحة في تصفية القضية الفلسطينيّة . يُجدّد المكتب وقوفه إلى جانب المقاومة الفلسطينيّة والعربيّة ويعتبرها الخيار الناجع لإفشال كلّ المشاريع الاستعماريّة ومخطّطات الهيمنة الجديدة الّتي تستهدفُ العالم العربي، ويُثني المكتب المواقف المبدئيّة للرئيس زين العابدين بن علي دعما لعدالة القضية الفلسطينيّة ووقوفه الدائم واللامشروط إلى جانب الشعب الفلسطيني يطالب المكتب السياسي الأنظمة العربيّة بالتحرّك وفق ما يُوفّره ميثاق الأمم المتّحدة والمطالبة بفتح تحقيق لدى محكمة الجنايات الدوليّة وملاحقة مجرمي الحرب من الإسرائيليين وعدم السكوت عن مجازر الإبادة الّتي تعرّض لهل أهلُنا في قطاع غزّة ، ويُثمّن المكتب المجهودات الّتي تبذلها المجموعات والتكتّلات الحقوقيّة والمحبّة للسلام العربيّة والدوليّة من أجل تثبيت الجريمة الإسرائيليّة وفضح الهمجيّة والعدوان البشع الّذي لحق قطاع غزّة. يأمل المكتب في تفعيل قرارات القمّة العربيّة الأخيرة بالكويت من أجل مزيد توحيد الصف العربي وضمان تحرّك ناجع على كلّ المستويات لإنهاء حالة الانقسام العربي وتجاوز مخلّفات المواقف المتباينة حيال العديد من القضايا والملفات ، ويرى المكتب أنّ المصالح العربيّة مهدّدة اليوم بحكم العديد من التحوّلات والتطوّرات ويعتقد أنّ المصالحة العربيّة الشاملة والصادقة هي البوابة والمدخل الرئيسي لتغيير الوضع العربي نحو الأفضل. فـــــــي الشأن الحزبي: ثمّن المكتب السياسي الحراك السياسي الدائر حاليّا استعدادا للمواعيد الانتخابيّة المقبلة وجدّد المكتب ترشيحه للرئيس زين العابدين بن علي وأقرّ بدء الإعداد لخطّة في هذا الاتجاه مع بعث لجنة خاصّة للانتخابات التشريعيّة القادمة مهمّتها الاتصال بكلّ الجهات ووضع التصوّرات والمضامين السياسيّة والفكريّة والحزبيّة الّتي سيتمّ العمل على ضوئها في إطار الحملة الانتخابيّة وشدّد المكتب على ضرورة اغتنام هذه المناسبة من أجل مزيد التعريف بالحزب وأوصى المكتب اللجنة الانتخابيّة بتثمين لوائح المؤتمر الوطني الأوّل للحزب وجعلها الأرضيّة للتحرّك . كما وضع المكتب السياسي برنامج العمل للسداسيّة القادمة والّذي يتأسّس على المحاور التالية: زيارات لمختلف الجامعات والجهات لتحفيز المناضلين على التحرّك الميداني وتوسيع الحضور الشعبي والجماهيري للحزب في مختلف أنحاء البلاد مع بدء الإعداد لبعث جامعات جديدة . التركيز على الملف البيئي عبر التنبيه إلى مختلف النقاط السوداء ومظاهر تلويث البيئة والمحيط وذلك بالتعاون والتنسيق مع الهياكل الإداريّة وفتح قنوات اتصال مع النسيج الجمعياتي والخبراء والمختصّين في المجال البيئي من أجل تحقيق مكاسب بيئيّة جديدة تحسّن من ظروف عيش المواطنين خاصّة في الأحياء الشعبيّة ذات الكثافة السكانيّة العالية والمدن الّتي بها مركّبات صناعيّة . تفعيل أنشطة وتحرّكات الحزب على المستوى العربي والإفريقي عبر الأطر والهياكل الموجودة وربط الصلّة بمراكز البحث العلمي البيئي في تونس وفي الخارج. برمجة ورشات عمل وتكوين بيئيّة دوريّة لإطارات ومناضلي الحزب داخل المقر المركزي لدعم المرجعيّة البيئيّة الأساسيّة الّتي يقوم عليها الحزب. مُطالبة منظمتي المرأة والشباب و »اللجنة العليا للدراسات والاستشراف » بمزيد التحرّك ودعوتها لوضع برامج عمل للفترة المقبلة تنسجم مع تطلّعات الحزب وتوصيات المؤتمر الوطني الأوّل وتُواكبُ الحراك السياسي والاجتماعي في البلاد. حزب الخضر للتقدّم عن/ المكتب السياسي الأمين العام منجي الخماسي

 

ماحصل مع القيادة النقابية سوء تفاهم

 
شدد سامي العوادي الكاتب العام لنقابة للتعليم العالي على أن المشكل الرئيسي للجامعيين في الأزمة الأخيرة التي نشبت بسبب الزيادات الخصوصية ليست مع الاتحاد وإنما هي أساسا مع سلطة الإشراف التي أصرت على حصر الزيادة في 50مليار لجملة من القطاعات النوعية بما فيها الجامعيون . وقال العوادي إن النقابة مدعومة بالتفاف قواعدها حولها ستواصل النضال من أجل إقرار زيادة مجزية تتماشى مع ما يقدمه الأستاذ الجامعي من مجهود. وشدد على أن النقابة ستقوم بكل ما من شأنه تبديد سوء التفاهم الحاصل مع القيادة النقابية إيمانا منها – بغض النظر عما جد مؤخرا – بان الوحدة النقابية هي السلاح الرئيسي لتحقيق المطالب
(المصدر : جريدة الموقف العدد بتاريخ 6 فيفري2009)


البوليس السياسي يلاحق الصحافيين المستقلين

 
اعتقل البوليس السياسي صبيحة هذا اليوم الصحفية فاتن حمدي واحتفظ بها في مركز الشرطة مدة ثلاث ساعات وبعد استجوابها و تحرير محضر تم تهديدها بالسجن اذ تواصل عملها ضمن فريق راديو كلمة. كما تم اعتقال في نفس اليوم الصحفيين العاملين بقناة الحوار التونسي و هم أيمن الرزقي وأمينة جبنون و بدر السلام الطرابلسي و مورست ضدهم نفس التهديدات من اجل التخلي عن عملهم ثم اطلق سراحهم.  كما وقع الاستيلاء على آلة تصوير رقمية ووحدة ذاكرة وأقراص مضغوطة لبدر السلام الطرابلسي. فيما تعرض الصحفي سليم بوخذير طيلة نهار اليوم السبت إلى المراقبة اللصيقة من قبل اعوان بوليس على دراجة نارية (انظر الصورة) و المحاصرة لمنزله. (المصدر : موقع  » كلمة » بتاريخ 7 فيفري 2009 .) الرابط : http://www.kalimatunisie.com/ar/14/80/254/


قائمة مراسلات صحيفة يوميّة تزرع برامج تجسس

 
نشرة في الحدث السياسي,  عطّل أحد محرّكات البحث على الانترنت قائمة المراسلات اليومية لموقع صحيفة « لوكوتيديان » التونسية اليومية لأغراض السلامة محذّرا من برامج التجسس التي قد تنقل عبر هذا الموقع وتقوم بالاستيلاء على معطيات أو تعطيل أجهزة الكمبيوتر واستخدام بعضها قاعدة لمهاجمة أخرى وحسب معاينة قام بها محرك « قوقل » لصفحة نشرية لوكوتيديان خلال التسعين يوما الماضية تم اكتشاف عمليات تلقائية لتحميل وزرع برامج تجسس تبدأ خلال تصفّح الموقع دون موافقة المستخدم. ويضيف تحذير السلامة أنّ الموقع المذكور رغم أنّه يشكل خطرا على المستخدم فإنّه لا يعدّ وسيطا ولا مستضيفا لبرامج التجسس.
(المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 8 فيفري 2009)  


الحراك الطالبي في رحاب الجامعة

 
بقلم: فرحات الدريسي (*) لا عاقل بوسعه أن يجحد أنّ التعليم العالي يشهد حراكا متسارعا من جهات شتّى مباشرة وغير مباشرة، علميّا وبحثيا، قانونيا وإداريا، ماديا ومعنويا، منذ ثلاث سنوات. فقد تتالت القوانين، والتأمت الهياكل، وتعددت اللجان وتنوعت، واتّسعت مسالك التكوين والتحصيل، واقترنت بمطالب التشغيل، تدريجيا وبانتظام، وصارت الجدوى معيارا، والجودة مقياسا، والتقييم مسلكا، والتقويم حَكَما. وكان ذلك رهانا لا مفرّ منه، وسعيا لا بدّ منه، واختيارا لا غنى عنه، انخراطا في إرادة الحياة بذهنيّة إبداعية، وعقلية انتاجية، ومنهجية تنظيميّة ومنطقية، وهي إرادة حياة رأس مالها العلوم والفنون والصنائع، عموما، واقتصاد المعرفة، خصوصا، وعمادها الكفاءة في الأداء والقدرة على الانتاج العلمي والفنّي والتقني، وعيار وظائفها مدى إسهامها في التحديد والتّحديث وأمارات تحقيق التنمية المادية والمعنوية والحصانة الذاتية والمناعة الوطنيّة. ولا أحد ينكر أنّ الطلبة ضلع من أضلاع ذلك الإصلاح مثلهم في ذلك مثل الأساتذة والإداريين على اختلاف مراتبهم ووظائفهم. ولم يعد لأحد منهم، عن دراية أو عن غفلة أو عن جهل، الحق في الخطأ أو في الفشل أو في الكسل، شاء أم أبى لأنّ حركة الإصلاح الجامعي كانت، هذه المرّة، شاملة وعامّة، ما استثنت أحدا، ولا أعرضت عن كفاءة فعلية ولا غفلت عن مكان أو عن اختصاص، لأنها حركة قد انحكمت من البداية بمبادئ التعاون والتشارك والتساند والتداول والتحاور والنّظام، في المكان والزمان، بين كافة الفاعلين. ولئن لاحت أمارات النّجاح، وبدأت تتتالى علميا وبحثيا، نظريا وعمليا، متجاوزة مواطن الصعوبة المادية التي تلوح، في البداية طبيعية، لأنّها موصولة بحراك غير معهود ومتعدّد الاتجاهات ومختلف المناحي، فإنّ الضّلع الطالبي مدعوّ دعوة لزوم وضرورة، إلى استتمام أركان الإصلاح بأسسه البشرية والقانونية والإدارية والمادية والهيكلية التنظيمية. ب – فكيف يكون ذلك؟ يتعين موقع الحياة الطالبية بفلسفة الاصلاح الجامعي والموصوف إجمالا، آنفا، ذهنية وعقلية ومنهجية. وهي، عندنا، الحراك الذي يحدد الرسوم ويضبط الاحداثيات بل قل ان مبادئ الإصلاح، المعدودة، سابقا، هي التي ترسم الأشراط اللازمة لصون الحراك الطالبي من التعطل والتعطّب والتأزم. ولذلك لا نرى الأداء الطالبي إلاّ من داخل أنظمة التكوين والتحصيل، ومن طريق التفوق والنبوغ والإبداع والابتكار، باعتبارها حقوقا وواجبات تقاس وتقيّم وتقوّم. ولا نرى الحياة الطالبية الا مسلكية مساعدة على بناء روح المواطنة التي هي، في الأصل، روح الجماعة والعطاء والبذل وإرادة الحياة والفعل في التاريخ بالفعل والتأثير الملموس والمقدّر. وهو فعل ينبغي أن ترقى إحداثياته في درجات سلّم الفكر الإنساني، وان تسهم في تثبيت القيم الثابتة والخالدة. ولذلك لا خوف من حراك طالبي متعدّد المشارب والمصادر والمراجع، ما دامت مبادئ الحريّة والمساواة والعدل والديمقراطية وتكافؤ الفرص والتّداول على المواقع والتمثيل الطالبي الحقيقي والفعلي، أشراطا ثابتة، وحدود شراكة، لا يمكن أن تكون محل إرباك أو تراجع أو اختلاف أو خلاف… ذاك هو العقد الاجتماعي الحرّ، والتعاقد المدني النزيه والموضوعي، والفهم المستنير للميثاق الطالبي المأمول والمنشود في رحاب الجامعة. إنّه، عندنا، تعاقد يثريه التغاير، ويغنيه الاختلاف، وتصونه مبادئ حقوق الانسان التي لا تلغى، ولا تقصى، ولا تحصر، ولا تقصر، ولا تستثنى، ولا تتعجب، ولا تستغرب، ولا تستنكر، بل تستسيغ وتستوعب، وتصهر، وتألف، وتأنس، وتتسامح، وتحاور، دون أن تقيد أو أن تستبد، أو أن تتشدّد وتتطرّف… من الواجب أن يفقه الطّلبة روح الإصلاح الجامعيّ والمتواصل، ومراس الحياة الطالبيّة الجماعية الجامعية، وأن تتنوع إحداثيات الحراك، وأن تساعد كل الهيئات والهياكل ذات العلاقة بالحياة الجامعية، على إنجاح العقود والمواثيق والقوانين، والأعراف الجامعية السمحة والنافعة. وعلينا، جميعا، أن نفقه أنّنا شركاء في ملكية الجامعة وفاعلون حقيقيون في بنائها وتحصينها مادّيا ومعنويا، وأننا لسنا مستأجرين لها، ولا أجراء عرضيّين، فيها، لأن الجامعة محرار التعقّل وعيار التمدّن، مثلها في ذلك مثل الوطن والهويّة والثقافة… ــــــــــــــ (*)  أستاذ تعليم عال (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 8 فيفري 2008 )


محام تونسي يندد بالحكم الفرنسي بشان اعتداء جربة
 
تونس (ا ف ب) – اعتبر محام تونسي متخصص في شؤون الإرهاب ان الحكم الذي صدر الخميس بسجن الألماني الذي اعتنق الإسلام كريستيان غانزارسكي 18 سنة بتهمة التآمر في اعتداء على كنيس يهودي في جربة (تونس) في 2002 « غير مقبول وغير عادل ». وقال سمير بن عمر المحامي الرئيسي في المحاكمة التي جرت في تونس ضد بلقاسم نوار عم وشريك الانتحاري في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن « القرار غير عادل وغير مقبول وما من دليل مادي يسمح بتحميل كربيستيان غانزارسكي مسؤولية اعتداء جربة ». واعتبر المحامي ان « كريستيان غانزارسكي استخدم كبش محرقة في محاكمة ذات أبعاد سياسية لتبرئ فرنسا جانبها ». وكان الانتحاري نزار نوار فجر شاحنة مفخخة يقودها في 11 نيسان/ابريل 2002 ما أسفر عن مقتل 21 شخصا بينهم 14 سائحا ألمانيا وخمسة تونسيين وفرنسيان. وأفضى وجود فرنسيين إلى قيام إجراءات قضائية في فرنسا. واصدرت محكمة الجنايات الخاصة في باريس الخميس حكما على كريستيان غانزارسكي وحكمت ايضا على وليد نوار شقيق الانتحاري بالسجن 12 عاما بعدما دانته بالتواطؤ. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 8 فيفري 2009)


معارضة تونس تتهم الحكومة بتهميشها بعد مصادرة صحيفة
 
خميس بن بريّك-تونس أكد معارض تونسي بارز وجود أزمة تواصل حادّة مع الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول القادم، بعدما أقدمت السلطة على حجز العدد 133 من صحيفة الطريق الجديد الأسبوعية بدون إعلام المعنيين بالأمر مباشرة. وبالرّغم من أنّ الحكومة في تونس كانت قد أعلنت –السبت الماضي، عبر وسائل الإعلام- قرار حجز صحيفة الطريق الجديد لسان حال حزب حركة التجديد، فإنّ المعارضة امتعضت من عدم إعلامها مباشرة بالأمر. ونقلا عن مصدر حكومي -لم يكشف عن هويته- ذكرت وكالة الأنباء التونسية أنّ الحجز كان نتيجة مخالفة الصحيفة للفصل 63 من مجلة الصحافة، الذي يحجر نشر الأعمال المتعلقة بالإجراءات الجزائية قبل تلاوتها في جلسة عمومية. وأوضح المسؤولون عن الصحيفة أنّ قرار الحجز استند إلى نشر الجريدة نص استنطاق بشير العبيدي -أحد المتهمين بقيادة الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي- أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بقفصة. اتهام بالتهميش واعتبر الأمين العام لحركة التجديد أنّ قرار حجز الجريدة -بدون سابق إعلام- يندرج في سياق ما وصفه بتهميش المعارضة وتجاهلها. وتحدث أحمد إبراهيم -وهو مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة- عن أزمة تواصل مع الحكومة من شأنها أن تلقي بضلالها في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول القادم. واستنتج إبراهيم أنّ مصادرة العدد الأخير من الجريدة « يمثل خرقا للقانون وتجسيما للإقصاء المنهجي وتقزيم المعارضة من خلال تضييق الحصار على صحفها ». وأكّد أنّ صحيفة الطريق الجديد لم تخالف مقتضيات الفصل 63 من مجلة الصحافة بنشرها نص استنطاق أحد المتهمين فيما يعرف بأحداث الرديف، معتبرا أنّ « قرار المصادرة هو سياسي صرف يندرج ضمن التضييقات المسلطة على حرية الإعلام ». ويقول للجزيرة نت إنّ « قرار الحجز جاء مخالفا للقانون لأنّ جميع أوراق ملف قضية الحوض المنجمي تمّ تداولها أمام المحكمة الابتدائية والاستئنافية بقفصة، وأنّ الإستنطاقات أصبحت عمومية بحكم تداولها في جلسة مفتوحة للعموم ». دعوى وانتقاد وأضاف أحمد إبراهيم أنّ حزبه رفع قضية عاجلة إلى المحكمة الإدارية بتونس لاستصدار قرار بوقف التنفيذ ورفع المصادرة عن العدد المحجوز. لكن المحكمة لم تأخذ أيّ قرار بإلغاء الحجز، مما ألحق ضررا ماديّا بالجريدة حسب قوله. وقد انتقدت نقابة الصحفيين قرار حجز عدد من صحيفة الطريق الجديد التي كثيرا ما تناولت محاكمات المتهمين باحتجاجات الحوض المنجمي -التي اندلعت العام الماضي- بمواجهات بين الشرطة وأهالي قفصة احتجاجا على ما وصفوه بتردي الأوضاع الاجتماعية. واعتبر عضو بالمكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين أنّ قرار الحجز جاء مخالفا لمقتضيات الفصل 63 من مجلة الصحافة مشيرا إلى أنّ الوثيقة المنشورة المستند عليها الحجز هي جزء من ملف قضية سبق الحكم فيها في جلسة علنية. دعوة متجددة ويقول الحبيب الشابي للجزيرة نت « يبدو أنه لا توجد رغبة من قبل الحكومة في فسح المجال لصحف المعارضة للحديث عن وضع أهالي المناجم بجهة الرديف أو عن محاكماتهم ». وأضاف أنّ النقابة تجدد دعوتها لتنقيح الفصل 73 من مجلة الصحافة بإلغاء المحاسبة على أساس عبارة « ما من شأنه أن يعكّر صفو الأمن العام » لأنها عبارة فضفاضة تعطي سلطة مطلقة لوزير الداخلية وتجعله مشرعا ومنفذا للقوانين في آن واحد، وهو ما يتعارض مع مبدأ فصل السلط حسب قوله. ولم يتسن الاتصال بوزارة الداخلية للتعقيب. بيد أن الحكومة ترى أنّ قرار الحجز يستند إلى أساس قانوني، وهي تقول إنها قامت  بإصلاحات كثيرة لترسيخ تعددية الإعلام بتمكين جميع أحزاب المعارضة من عناوينها التي كثيرا ما تنشر مقالات نقدية على أعمدتها. يذكر أنّ صحيفة الطريق الجديد تعد واحدة من سبع صحف معارضة تصدر في تونس هي الموقف، والوحدة ومواطنون والمستقبل والأفق، والوطن.  

 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 7 فيفري 2009)
 


تونس: وطن وبوليس ورشوة

 
عندما تنتشر ظاهرة القمع تخلق بيئة مناسبة لبروز ظاهرة الرشوة وسرعان ما تنشأ بين هاتين الظاهرتين علاقة تلازم وتفاعل ويتكاملان في نخر جسد المجتمع فينهكانه ويشلان قدراته على النهوض وتحسس سبل الحياة الكريمة. وعموم التونسيين يكتوون يوميا ويتلظون بنار هاتين الظاهرتين اللتين أطبقتا على حياة المواطنين في جميع مناحي حياتهم بسبب انفراد التجمع الدستوري الديمقراطي(الحزب الاشتراكي الدستوري سابقا) لأكثر من نصف قرن بالحكم ومصادرته لجميع الحريات الفردية والجماعية وتحكمه بمصادر المعلومات ووسائل الإعلام وهيمنته على السلطات الثلاثة. وقد لعب جهاز البوليس دورا محوريا في إدارة القمع وتغذيته والاستفادة منه كما ينبغي في تحقيق الرغبات المادية والطموحات المهنية ومع ذلك بقي بعيدا عن نقد الكتاب والسياسيين كما لم تحظ ظاهرة الرشوة بالاهتمام المطلوب وبقيت مسألة هامشية يتم التطرق إليها بصفة عرضية وحتى الكتابات القليلة التي تناولت بالنقد هذين الموضوعين لم تنجح في جعلهما محوري الساعة وبالتالي لم يحظيا بأولوية في الفكر والممارسة وبقيت يد البوليس طويلة ويد المرتشين ممدودة. إن إخضاع البوليس كجهاز قمعي للنقد وفضح الرشوة كمرض مستشر أمران في غاية الأهمية ولا بد أن يلقيا الاهتمام اللازم وأن يحظيا بأولوية مطلقة نظرا لما لهما من آثار مدمرة على حاضر التونسيين ومستقبلهم. ومن هذا المنطلق أجد في نفسي دافعا قويا إلى الكتابة في هذين الأمرين من خلال عرضي لشهادات عايشتها شخصيا في محطات مختلفة من حياتي فرسمت في ذهني صورة قاتمة وخلفت في نفسي آثارا مؤلمة عسى في مساهمتي المتواضعة دعم لجهود غيري في الضغط على السلطات التونسية وإحراجها من أجل فتح باب الإصلاح السياسي كمدخل للإصلاح الشامل الذي ينشده التونسيون جميعا وسيكون عملي ضمن فصلين مستقلين الأول ينصب على جهاز البوليس التونسي والثاني يتركز على ظاهرة الرشوة. الفصل الأول: شهادات على البوليس البوليس التونسي مؤهل كما يجب للقمع ومهيأ له وهو يقوم بهذا الدور داخل المجتمع بتفان غريب بل إنه لحريص على الظهور في عيون الناس بالشدة والعنف ليزرع فيهم الخوف الدائم وحتى ينظروا إليه بصفة مواطن استثنائي يطال كل شيء لا بصفة مواطن عادي وموظف يقوم كغيره بمهامه في إطار القانون والمصلحة العامة حتى أنه يكون باستمرار ظالما لغيره مبتزا له متجاوزا للقانون متعاليا متعالما عنيفا في اللفظ والحركة ويجد ذلك من المقومات الأساسية للشخصية الأمنية. وما سأعرضه على القراء من شهادات من صميم حياتي الشخصية ومعايشاتي اليومية لدليل ساطع على ذلك  بل إنذار بمدى خطورته على عموم المواطنين وأعتقد أن آلافا من التونسيين عايشوا وقائع شبيهة متعلقة بجهاز البوليس ولكن أنى لهم أن يحدثوا بها أو يكتبوا عنها وهم يستبطنون الخوف ويستشعرون خطر الاستبداد في كل لحظة ولهم في أهاليهم أو أقاربهم أو أجوارهم أوأصدقائهم أو زملائهم أمثلة لأشخاص وقعوا ضحايا بين مخالب البوليس دون ذنب وكان مصيرهم مصيرا مشؤوما.  – يتبع جيلاني العبدلي (Blog :http://joujou314.frblog.net) Email : joujoutar@gmail.com


الحملة على « الفايس بوك » تتواصل في الصحف التونسية
نشرة في النشرة الاخبارية يتواصل في صحف تونسية نشر تحقيقات ومقالات متزامنة عن الفايس بوك يبدو من محتواها أنّها حملة تحذير من هذا الفضاء، بعضها بعنوان أخلاقي على نحو « كيف يتحوّل الفايس بوك من نعمة إلى نقمة » أو « صور فاضحة ومشاهد ساخنة والرقابة غائبة »، وبعضها بعنوان « مهنيّ » على نحو ما ورد في إحدى الصحف الحكومية في سياق التحذير من «فايس بوك» و«ماي سبايس» وما شابههما أنّ « الواب ليست فضاء للانتهاكات ومن لم يلتزم بجوهر عملية النشر الافتراضي يحيل نفسه على هامش مهنة الاتصال إن كان محترفا، وعلى رصيف التطفّل إن كان مبتدئا يحلم بنحت اسم أو سمعة حيث يبدو النشر سهلا غير ممتنع ».  وهكذا بعد أن كان إلغاء حجب صفحة « فايس بوك » في تونس الصيف الماضي بإرادة رئاسية نتوقع اليوم أن يكون الحجب بمسوّغات مهنيّة وتربوية فضفاضة.
(المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 8 فيفري 2009)  


شبان ينتحرون في عرض المتوسط وآخرون في مواقع عملهم الحقيرة
 
نشرة في النشرة الاخبارية,  فوجئت إدارة معهد ثانوي بتاجروين (ولاية الكاف) منذ أسابيع بجثة حارس المعهد الليلي الشاب تتدلّى في أحد فصول المعهد بعد أن أقدم على الانتحار بواسطة حزام جلدي. الشاب « تليلي » مستواه التعليمي باكالوريا زائد سنتين دراسة جامعية يشتغل حارسا بالمعهد لحساب الحظيرة براتب قد لا يتجاوز شهريا مائة دينار، علما وأنّه يتيم الأبوين ويعول أشقاء يدرسون بالجامعة. ويبدو أنّ اليأس والفقر كانا طريق موته الاختياري.

(المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 8 فيفري 2009)  


بعد تصفية جامعيين بارزين قانون جديد لتمديد سنّ التقاعد
 
 
نشرة في النشرة الاخبارية  أقرّ مجلس وزاري انعقد في شهر جانفي المنقضي دراسة مشروع قانون للتمديد في سنّ التقاعد للأساتذة الجامعيين والأساتذة المحاضرين والأطباء الجامعيين إلى حدود 65 عاما والتمديد للبعض بمقتضى أمر لسنّ السبعين. ويأتي هذا القانون سنوات قليلة بعد مطالبة عدد من الجامعيين المعروفين بالتمديد في سنّ إحالتهم على التقاعد وتم رفض مطالبهم بحزم وأجبروا على مغادرة الجامعة التونسية. وكانت عملية إحالة هؤلاء على التقاعد قد وصفت بالتصفية والغربلة شبه الأمنيّة التي طالت عدد من الأسماء المعروفة بمواقفها السياسية النقدية وارتباطها بمنظمات المجتمع المدني المستقلة مثل عياض بن عاشور في القانون وهشام جعيط في التاريخ وعبد الجليل البدوي وعبد الجبار بسيس وعزّام محجوب وعبد السلام دمق في الاقتصاد وأحمد بن إبراهيم في اللسانيات وعبد القادر بن خميس في الكيمياء وغيرهم. بعد التخلص من هذه الأسماء من العجيب أنّه يجري الحديث عن الخبرة والتجربة العلمية والقدرة على الإفادة والتأطير لمن سيقع التمديد لهم مستقبلا وهي نفس الأسباب التي استندت إليها مطالب التمديد لمن وقع إقصاؤهم. أسباب أخرى مالية مرتبطة بعجز الصناديق الاجتماعية لا تذكر رسميا فبتواصل المباشرة تتواصل المساهمات الاجتماعية ويخفّ العبء المالي.
(المصدر: موقع مجلة « كلمة » (اليكترونية محجوبة في تونس) بتاريخ 8 فيفري 2009)  


                                  اعترافات ماعز  
القصة تناقلتها وسائل إعلام ومواقع انترنيت عالمية خلال الأسبوع الماضي وعلق عليها أحد صحافيينا الأفذاذ :   » لقد أكد مخبرون (متعاونون مع البوليس السري) لضباط أمن في بلد أوروبي أن مجرما خطيرا مختصا في سرقة السيارات الفخمة شوهد في مكان معين داخل سيارة مسروقة.. تحولت قوات أمن خاصة وحاصرت المكان وكانت المفاجأة كبيرة لما تبينوا أن في المقعد الأمامي للسيارة ماعزا. استغرب رجال الأمن من عدم دقة تقارير المخبرين لكنهم قاموا بتنفيذ الأوامر احتراما لقاعدة الانضباط  واعتقلوا الماعز  »  وقال صديقنا الصحافي المحترم بدون غمز ولا لمز تعليقا على هذه القصة الفكهة  » انه بعد طول انتظار.. انزعج الماعز من بطء التحقيقات.. فقرر خوض سلسلة من النضالات.. افتتحها بالدخول في إضراب عن الطعام.. ورفض كل أشكال الحشيش الذي قدم إليه في الظلام.. واكتفى بتناول قدر من الماء مع شيء من السكر..خوفا على صحته من التدهور » . اما نحن فنقول إنه تجنبا لبطء التحقيق يمكن إرسال الماعز بالشحن السريع إلى إحدى البلدان التي تحترم فيها حقوق الإنسان وسيعترف الماعز المظنون فيه في ربع ساعة لا أكثر بكل ما نسب إليه و ما لم ينسب . ولا يهم بعد ذلك إذا دوّن قاضي التحقيق في أوراقه انه عاين كسرا بإحدى أسنان الماعز أو زرقة أسفل واحدة من عينيه الجميلتين… لا شك أن الماعز قادر على أن يفعل ذلك بنفسه تضليلا للعدالة.  عبدالسلام الككلي    (المصدر: جريدة الموقف العدد بتاريخ 6فيفري 2009 )
 


الهادي البكّوش يحاضر في «نادي كتب وقضايا» بدار الثقافة ابن خلدون:

«أحداث الساقية فتحت باب المقاومة ضدّ الاحتلال الفرنسي وعبّدت الطريق للقضاء عليه»

 
تونس – الصّباح: تمرّ اليوم الذكرى الواحدة والخمسون لأحداث ساقية سيدي يوسف وقد خصص نادي كتب وقضايا الذي يشرف عليه الأستاذ رضا الملولي عضو مجلس المستشارين لقاء مساء أمس الأول للحديث عن هذه الأحداث من خلال محاضرة قيمة ألقاها السيد الهادي البكوش الوزير الأول السابق وعضو مجلس المستشارين. شهد هذا اللقاء حضورا لعدد كبير من السياسيين ومن أعضاء مجلس المستشارين ومجلس النواب إلى جانب جمهور غفير من المثقفين. وأشار السيد الهادي البكوش في بداية مداخلته أن «أحداث ساقية سيدي يوسف تمثل ذكرى هامة لمعركة حاسمة  تتعلق بجلاء الجندي الفرنسي عن تونس… وهي ذكرى هامة لحدث حاسم من أحداث الجهاد المشترك التونسي الجزائري ضد الاحتلال الاستعماري». اعتداءات قبل الساقية وبيّن السيد الهادي البكوش أن الاعتداء الغاشم على  ساقية سيدي يوسف لم يكن حدثا فجئيا ولا منفردا أومعزولا عن أحداث أخرى مثل التي سبقته كما لم يكن مستقلا عنها، وهذه الاعتداءات التي لا يقل عددها عن الأربعة والعشرين توقف المحاضر عند البعض منها مثل اعتداء فج حسين وحيدرة (أكتوبر 1956) أولاد مسلم والخمائرية (ماي 1957) الكريب (سبتمبر 1957)… وخلص إلى أن تونس لم تسكت عن هذه الاعتداءات، فقاومتها بردود فعل قوية حسب استراتيجية محكمة، حيث خلقت من كل اعتداء أزمة واجتهتها بشجاعة ووعي. الاعتداء على الساقية وبعد أن استعرض المحاضر الموقف التونسي حيث تم الاعلان عن حالة الطوارئ في الولايات الحدودية الخمس وعبأت المواطنين واستنجدت بالأمم المتحدة أشار الى التحرك الفرنسي وملاحقته المجاهدين الجزائريين داخل الأراضي التونسية… ليأتي القرار من باريس القاضي بالهجوم على ساقية سيدي يوسف. كان الاعتداء على ساقية سيدي يوسف – والكلام للسيد الهادي البكوش «جريمة شنعاء شبهها بعض الفرنسيين بجريمة «أورادور» حيث أباد الجيش الألماني يوم 10 جوان 1944 بقساوة بالغة أهلها عن بكرة أبيهم… وقال المحاضر «هي غزّة قبل غزّة، وما أشبه اليوم بالبارحة فالبطش الفرنسي في الساقية لم يكن أقل ضراوة من البطش الاسرائيلي في فلسطين». لقد أقدم قادة الجيش الفرنسي في الجزائر على مهاجمة ساقية سيدي يوسف لأنهم فشلوا في القضاء على ثورة الشعب الجزائري ولأنهم خشوا أن تعرف الجزائر على أيديهم مصير الهند الصينية وأن يخرجوا منها مغلوبين مقهورين مهزومين. *    * وتوقف المحاضر كثيرا عند الوقفة الحازمة لتونس ومناصرتها الجزائر على أكثر من صعيد ضد الاحتلال الفرنسي ليحصل  الاتفاق التونسي الفرنسي الذي أنهى أزمة الساقية وقد كان لهذا الاتفاق انعكاسات هامة على مسيرة الثورة الجزائرية. انعكاسات الساقية وخصص المحاضر الجزء الأخير من مداخلته التاريخية للحديث عن انعكاسات أحداث الساقية على أكثر من صعيد فالتضامن الشمال الافريقي عرف تقدما كبيرا بعد الساقية وأصبح من المؤكد مواجهة التهديدات التي توجه ضد استقلال تونس والمغرب والتزام أكبر لمساعدة مسيرة الجزائر التحريرية. وبالنسبة لفرنسا فقد كان الجلاء العسكري عن تونس وتواصل الثورة الجزائرية بامكانيات أكثر وحظوظ أوفر والرجوع الى التضامن  المغاربي هي النتائج الكبيرة للاعتداء على الساقية تضاف اليها نتيجة اخرى مباشرة وحاسمة وهي ثورة 13 ماي وما ترتب عنها من نهاية الجمهورية الرابعة وعودة الجنرال ديغول الى الحكم لم تحقق أهداف زعماء الفرنسيين بالجزائر وكان ان تغيرت علاقة فرنسا ببلدان الشمال الافريقي تغيرا جذريا وأخذ التاريخ منعرجا جديدا. وختم المحاضر بالقول: «هو انتصار للشعوب المولى عليها في المغرب الكبير وكان لتونس في هذا الانتصار دور طلائعي حاسم، فهي الاولى في افريقيا بعد الهند الصينية في آسيا التي بالضغوط السياسية وبالمعارضة المسلحة زعزعت الاستعمار الفرنسي وفتحت باب المقاومة ضده وعبدت الطريق للقضاء عليه.» وقال السيد الهادي البكوش «الشعب التونسي مسالم، لا يحب العنف، لكنه اول شعب في افريقيا حمل السلاح ضد فرنسا في صورة عارمة بدأها يوم 18 جانفي 1952 ووفر لها أسباب النجاح وحقق لها النصر. وأضاف «يدعون أن القيادة التونسية معتدلة تهادن الدول الكبرى وينسون أن تونس هي من البلدان القلائل التي رفضت دوما قيودا لاستقلالها ولم تسمح لأي بلد بإقامة قواعد فوق ترابها»… محسن بن أحمد (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 8 فيفري 2008 )


اليـوم إحيـاء الذّكـرى 51 لحوادث ساقية سيدي يوسف

 
في مثل هذا اليوم (8 فيفري) من سنة 1958 فوجئت بلدة ساقية سيدي يوسف الحدودية مع الشقيقة الجزائر بغارات جوية قامت بها طائرات جيش الاستعمار الفرنسي المتواجد في البلاد الجزائرية   وقد صادف ذلك اليوم انتصاب السوق الأسبوعية التي يقبل عليها التونسيون والجزائريون لقضاء شؤونهم المعيشية في هذه البلدة وبلغ العدد الجملي للطائرات المغيرة 25 طائرة ظلت تمطر بقنابلها كل الأهداف المتاحة لمدة ساعة كاملة… ومن جملة هذه الأهداف مركز الجمارك ومبنى المعتمدية ومركز الحرس الوطني ومكتب البريد والمدرسة الابتدائية وبطحاء السوق وادارة الغابات وادارة المنجم والمساكن والدكاكين اضافة الى شاحنات الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي التي تواجدت يومها بساقية سيدي يوسف لتوزيع المساعدات من المؤن على اللاجئين الجزائريين القاطنين بالتراب التونسي… وكانت الذريعة وراء هذا الاعتداء الغاشم هي تعقب الثوار الجزائريين الذين كانوا يتخذون من الأراضي التونسية منطلقا لهم للدفاع عن بلدهم ومنها يحصلون على الدعم المادي والمعنوي من قبل الأهالي بالخصوص الذين يفتحون لهم الأحضان لمعالجة الجرحى وأخذ قسطا من الراحة قبل معاودة الكرة في مقاومة المحتل. وبخصوص الخسائر البشرية التي نجمت عن هذا الاعتداء فانها بلغت 79 قتيلا منهم 20 طفلا و11 امرأة وعون جمارك… وقد وصف هذا الاعتداء بأنه أبشع ما عرفته تونس في كفاحها الطويل من أجل استرجاع السيادة والاستقلال… وهي اذ ذاك حديثة العهد بهذا الاستقلال ولم تزدها المحنة الا تحد وثبات على المبدأ ايمانا بالمصير المشترك بين دول المغرب العربي. ساقية سيدي يوسف اليوم بحكم موقعها الحدودي وتاريخها النضالي المشرق حظيت مدينة ساقية سيدي يوسف بنظرة تنموية خاصة جعلتها تحظى بكل مقومات النهوض والتطور وباعتبارها تصنف ضمن مناطق التنمية الجهوية ذات الاولوية فهي تتمتع بأقصى الامتيازات والتشجيعات في مجال الاستثمار ومنها منحة استثمار بنسبة 25% وتصل الى  30بالمائة للباعثين الجدد وتكفل الدولة بمساهمة الاعراف في النظام القانوني للضمان الاجتماعي لمدة 5 سنوات… وتكفل الدولة بمصاريف البنية الأساسية في جميع الحالات… ونتيجة لذلك بدأت تشهد انجاز جملة من المشاريع الصناعية الصغرى في مختلف المجالات.. وفي تاريخ قريب جدا (10 ماي 2008) تمتعت هذه المعتمدية ضمن الاجراءات الرئاسية لدعم مسيرة التنمية بولاية الكاف ببعض المشاريع منها انجاز مشروع للتنمية الريفية المندمجة  بقيمة 5 ملايين دينار وانجاز الدراسة الفنية المتعلقة بمشروع التنمية الفلاحية المندمجة بالشريط الحدودي ووضع خطة لمقاومة الانجراف ومكافحة ظاهرة الانزلاقات انطلاقا من السنة الحالية وانجاز برنامج خصوصي لدعم قطاع تربية الماشية وآخر لدعم قطاع الأشجار المثمرة والزياتين على مساحة 400 هكتار اضافة الى تخصيص  حصة اضافية في اطار تدخلات الصندوق الوطني للتشغيل والترفيع بنسبة 50% في الاعتمادات المخصصة للبرنامج العادي للحضائر الجهوية وتوفير اعتماد اضافي في اطار الحضائر الوطنية للغابات بما يساوي حوالي 27 ألف يوم عمل. برنامج احتفالات إحياء الذكرى لأول مرة يعطى لحدث إحياء ذكرى حوادث ساقية سيدي يوسف على مستوى ولاية الكاف بعدا وطنيا بالاعلان عن مسابقة وطنية في الرسم موضوعها (الساقية في عيون الطفولة) تشارك فيها جميع المؤسسات الثقافية والشبابية والتربوية الوطنية (انطلقت يوم 2 جانفي واختتمت يوم 30 منه) وعلى مستوى الجهة عقد ملتقى رجال الأعمال التونسيين والجزائريين واجتماع مجلس الغرفة المشتركة الحدودية للبلدين وتنظيم أمسية طلابية تظمنت تدشين معرض وثائقي وعرض شريط وثائقي وسهرة (الفداوي في عرض الحجاي) وانتظمت الحلقة الثالثة من منتدى الفكر السياسي حول الازمة المالية وانعكاساتها الاقتصادية على الفضاء المغاربي وتنظيم معرض وثائقي حول اصداء الحادثة في الصحافة العالمية اضافة الى الدورة المغاربية 29 للعدو الريفي المدرسي والحفل الفني المشترك الكبير ويختتم البرنامج اليوم 8 فيفري بالاجتماع العام بدار الثقافة بساقية سيدي يوسف. الهادي الخماسي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 8 فيفري 2008 )
 


أربعة مليارات دولار حجم صادرات صناعة النسيج والملابس في تونس

 
تونس 6 شباط/فبراير(د ب أ)-أعلنت تونس اليوم الجمعة أن حجم صادرات صناعة النسيج والملابس التونسية بلغ  180ر5 مليار دينار تونسي سنة 2008 (حوالي 4 مليارات دولار أمريكي). وذكرت وزارة التجارة التونسية أن نسبة 5ر97 % من صادرات تونس من النسيج والملابس تم توجيهها إلى الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس. وأفادت أن تونس خامس مزود عالمي للاتحاد الأوروبي بحاجاته من المنسوجات والملابس فيما تحتل الصين المركز الأول. وتعتبر صناعة النسيج والملابس في تونس قطاعا اقتصاديا استراتيجيا إذ وفرت في 2008 نحو 22 % من إيرادات التصدير الكلية في البلاد.   (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 8 فيفري 2009)


قطْرٌ/ قطَرْ شعر بحري العرفاوي*      1 يأتيكِ كلّ ُالعَالمِ وكأنّ قطْرَكِ منْ قدَرْ وكأنّ منْ ضَاقتْ بهِ كُنتِ اتسَاعَهُ والمَفرْ قطْرٌ/ قطَرْ……. والظامِئونَ جَمِيعُهُمْ وَرَدُوا »الجزيرَة » يوْمَ حرْ يتدَافعُونَ لِنبْضِهَا كالوَمْضِ تكشفُ ما سُترْ وتطوّقُ الحَدَثَ… كأنّ عُيُونَها نُطْقُ الوقائعِ والحَوَادِثِ والنذُرْ قطْرٌ/ قطَرْ………. سُحُبٌ تضخّ تفاؤلاً تسْقي بُذورَ ترْبةٍ ـ لا تندثرْ ـ!! وتقاوِمُ الرّيحَ السّمُومَ… والدّخانَ والصّواعِقَ والظلامَ المُدّثِرْ!! ظلمٌ .. ظلامٌ … ظلمَةٌ والظالمونَ تكشفوا… تحْيَا قطرْ تحْيَا « الجزيرة » … وهْيَ بحْرٌ وهيَ أمْواجٌ… تهيجُ وتنتصرْ قطْرٌ/ قطرْ………. قطَرُ العُرُوبَة ِوالقضيّةِ … غضْبَة ٌٌ للأمّةِ…. ولغزةَ … لا تنكسِرْ                                                                    2                                                                  قطْرٌ/ قطَرْ………. وظِلالُ « دَوْحَتها » انشرَاحٌ وانقِدَاحَاتُ فِكَرْ لا تنتظِرْ لبّتْ… إذا دُعيَتْ قطرْ وتقدّمَتْ لدماءِ غزة َ تدْعَمُ حَقّ الرّصَاصَةِ في مُقاومةِ الأشِرْ قطْرٌ/ قطرْ…….. قطَرُ الأبيّ المُسْتفيضِ المُقتدِرْ لا تبْرَاُ من أهْلها !! لا تغلقُ بابًا إذا لمَحَتْ خطرْ!! وإذا العُرُوبةُ عُرّبتْ… وتعرّبتْ     غضبتْ قطرْ ………………… قطْرٌ/ قطَرْ…….. واللهُ يجعلُ بابَ نصْره ِحيثُ شاءَ لا مفرْ ذا وَعْدُ رَبّي قدْ سُطِرْ سَيكُونُ أمْرٌ… وَ »الأميرُ » شاهدٌ وَيَخيبُ كلّ ُخائنٍ … ويُذلّ ُكلّ ُمَنْ غدَرْ سَيَقومُ دَمّ ُأهْلنا وسَيَكتبُ التاريخَ… يُشهِدُ مَنْ حَضَرْ وَسَيَشهَدُ وَسَيُشهِدُ وسيُقسِمُ أنّ الشهَادَة في « الجزيرة »….                                      في قطرْ قطْرٌ/ قطَرْ قطْرٌ/ قطَرْ شاعر من تونس   (المصدر: جريدة العرب  ( يومية – قطر ) بتاريخ 8 فيفري 2008 )

 


 بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين  الرسالة548 على موقع تونس نيوز بقلم محمد العروسي الهاني 

من وحي الذكرى 8 فيفري 1958-8 فيفري 2009 من ملحمة تارخية .
 
تونس في07- 02- 2009 إن لكل شعب من شعوب العالم أيام خالدات و محطات مضيئة و تاريخ حافل و مواقف و أبطال و صمود و شعب و بطولات و انتصارات و جولات و محن و شدائد و الشعبان التونسي و الجزائري لهما تاريخا  حافلا و بطولات و محن و انتصارات و صمود. و ان إحداث ساقية سيدي يوسف و الإعتداء الغاشم على سكانها و أهلها و تلاميذها و أبناء الشعب المناضل الصامد أبناء جبهة التحرير الجزائرية المرابطين في الحدود التونسية المفتوحة أمامهم بإرادة سياسية كاملة و دعم كبير و عناية فائقة من لدن قيادة الحزب الحر الدستوري بزعامة المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله و بدعم من الحكومة الوطنية التونسية التي يقودها الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة و بتعليمات منه لدعم الثورة الوطنية الصامدة المباركة التي انبثقت في الجزائر يوم غرة نوفمبر 1954 و دوخت الاستعمار الفرنسي و الجيش القوي الذي لا يهزم حسب اعتقاد غلاة الاستعمار. هذه الثورة المباركة استطاعت بفضل تضامنها و صمودها و إعتدالها و نضالها و إيمانها بالشرعية الوطنية و الاستقلال و السياسة و مصداقيتها وجدت الدعم و التأييد من الشعب التونسي قيادة و حزبا و حكومة .و فتحت تونس الأبواب على مصرعيها للشعب الجزائري المناضل الشقيق المكافح الصامد و قد رأت حكومة الطغيان و الجبروت و حكومة القمع و البطش الاستعمار الفرنسي المتعنت ان تأدب تونس حكومة و قيادة شعب . و عمدت يوم 8 فيفري 1958 إلى قصف ساقية سيدي يوسف في يوم السوق الأسبوعية و اختارت يوم تجمع الناس بكثافة لقضاء شؤونهم و قصفت الأبرياء وهي من أفعال الجبناء الغادرين مثلما تفعل إسرائيل اليوم في غزة و الضفة الغربية … و الإحتلال واحد و الظلم منبعه و أصله العداوة و القهرو البطش و الكراهية للإسلام و إستغلال خيرات أمة الإسلام وأمة لغة القرآن و كان الإعتداء الغاشم على الساقية و مدرسة إبتدائية في القرية الشهيدة و سقط عددا من الشهداء التونسيين و الجزائريين في ساحة الوغى و أمتزج الدم العربي التونسي و الجزائري و هو دم الحرية و الكرامة و دم الاستقلال و السيادة و دم العزة و الأنفة دم العروبة و الإسلام دم الوفاء و العهد دم المحبة الوطنية دم التضامن و الأخوة الصادقة و هذا ما نحتاجه اليوم في فلسطين و في لبنان و في العراق و في كل مكان نحتاج إلى هذه الروح النضالية العالية و الى الصمود و الصبر و التعاون و التضامن و الى الدعم و الشجاعة دون حسابات دون موازين دون من هو الرابح و من هو الخاسر تلك هي معاني النضال الوطني . تلك قيم المناضلين و هذا هو الدرس البليغ للكفاح الوطني . التونسي الجزائري المشترك بروح عالية و صمود و تلك هي قيم النضال المشترك الصادق الهادف …و تلك الروح العالية و الخطة الحكيمة الرائعة و مد اليد المبسوطة و القلب المفتوح النظيف و بهذا العمل الجليل كان النصر من الله و كان الفوز المبين و النجاح و كان الاستقلال و الحرية يوم 5 جويلية 1962 هو اليوم التاريخي لإستقلال الجزائر المكافحة و المناضلة المسلمة العربية رغم 131 سنة على احتلالها و كانت إرادة الشعوب أقوى و صمود الأبطال أعظم و إستراتجية القيادة أبلغ و حب الأشقاء أكبر أنفع و بعد القصف جاء النصر و للحرية ثمنها و اليوم تمر خمسة عقود  و نيف على الذكرى واحد وخمسون عاما على معركة العزة و الكرامة و الصمود و يوم 07  فيفري 2008 زار المناضل الكبير الزعيم عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية الجزائرية بلده الثاني تونس أرض الكفاح الوطني المشترك ليجدد العهد مع أخيه و صديقه الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية و ألتقيا معا في تونس أرض البطولات و الأمجاد و الصمود و رفعا أيدهما عالية للتاريخ و عبرا عن وفائهما للشهداء و الأبطال و الزعماء و الأحرار و يقولان للعالم ها نحن هنا صامدون و مكافحون عاملون على رفع التحديات و الضغوط و عازمون على مواصلة بناء مغربنا العربي و قادرون على تذليل الصعوبات و يسعيان لدعم الحريات و بناء المجتمع المدني المتوازن . و سنحقق الديمقراطية لشعوبنا و ضمان الكرامة و العيش الكريم و مزيد الحرية للإعلام و جعل شعوبنا حرة منيعة تجديدا للعهد و وفاء لدماء الشهداء و الزعماء و نبني مغربنا بقوة طبقا لطموحات شعوبنا مع المحافظة على الشهداء و الزعماء و نبني مغربنا بقوة طبقا لطموحات شعوبنا مع المحافظة على هويتنا و لغتنا العربية و مغربنا العربي حلم الشعوب . و نستخلص العبرة و الدرس كما أشرت في مقالاتي السابقة و في تدخلاتي لقناة المستقلة مشكورة حيث اتصلت بي في مناسبتين خلال شهر جانفي 2009 للمشاركة في حوار تلفزي هام حول معركة الكرامة  و الصمود لشعب غزة الصامدة أيام الحرب القاسية و الغاشمة و غير متكافية بين العدو الصهيوني صاحب القوة و العناد و الدعم الأمريكي و غيره … و بين شعبا مناضلا صامدا سلاحه الإيمان و العقيدة و العزم و الصمود و أنتصر هذا الشعب بفضل الله و بوحدة صفوفه و إيمانه بقضيته علينا استخلاص الدرس و العبرة من الكفاح الوطني التونسي الجزائري و الصمود و التعاون الذي جسم الوحدة و التضامن الفعلي ان مساعدة الحكومة التونسية و الشعب التونسي بدعم قوي و إرادة سياسية مطلقة و حكمة و رأي سديد و قلب مفتوح من لدن الزعيم الحبيب بورقيبة لإخوانه المجاهدين أبناء جبهة التحرير الجزائرية و ما أحوجنا اليوم في مصر العربية أن تأخذ من ذاكرتنا الوطنية و الشعبية التونسية الرائعة ومن هذه الملحمة التاريخية الدرس و العبرة و تفتح المعابر بصفة نهائية و دون مماطلة أو مساومة أو حسابات سياسية أو ربح مادي أو ابتزاز أو خوف من الكيان الصهيوني كما فعلت تونس الحرة المستقلة عام 1958  و فتحت أبوابها و حدودها و لو أدى إلى قصفنا بالطائرات و المدافع و القنابل المحرمة دوليا كما فعلت إسرائيل في حربها على غزة لمدة 22 يوما. فهل تستنتج مصر اليوم على غرارها قامت به تونس حكومة و قيادة و شعبا بدعم لا مثيل له من لدن قائد الجهاد الحبيب بورقيبة و هذا ما حصل عام 1985 مع إخواننا المجاهدين الفلسطينيين يوم غرة أكتوبر 1985 في حادثة حمام الشط و هذا الدرس التاريخي الذي لا يمحى من ذاكرتنا . الملحمة التونسية و الجزائرية ستبقى العلامة البارزة و المنارة المشرقة لشعوب المنطقة و كافة قادة أمتنا العربية أن الملحمة التضامنية التونسية الجزائرية و صمود شعبنا التونسي و الجزائري ستبقى مرجعا للأجيال و درسا عميقا للشعوب المجاورة و نبراسا هاديا لمزيد التضامن العربي و الوحدة العربية و التعاون بين الشعوب بصفاء و وضوح و دون طعن من خلفاكما يفعل الغير. و مواقف تونس أفضل أنموذج لدعم الأشقاء العرب و على حاكم مصر و حكام الدول العربية المجاورة لفلسطين أن تأخذ التجربة التونسية و تعمل على تنفيذها على الساحة لدعم الكفاح الفلسطينيين بوضوح دون طعون و خذلان. إن   إخواننا في المهجر و في فرنسا و سويسرا و لندن يتابعون حواراتنا باهتمام و علمنا أن إخواننا في المهجر خاصة في أروبا يتابعون بكل اهتمام ما يجري من حوارات على شاشة المستقلة خاصة التي جرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة و قد كان اخواننا المهاجرين يؤيدون ما دار من حوارات حرة على شاشة المستقلة يؤيدونها و يتفاعلون معها  وقد إتصل بي بعض الأخوة و شكروني على التدخل الشجاع . قال الله تعالى : »  و لنبلونكم  حتى نعلم المجاهدون منكم و الصابرون و نبلوا أخباركم «  صدق الله العظيم


من أجل بناء الاتحاد العربي
 
منصف المرزوقي
ربما لا يصدّق أحفادنا أن أجدادهم عرفوا حضيض العجز الذي نعيش مثلما يصعب على الصينيين أن يصدقوا أنه وجد يوما لافتة على باب حديقة عمومية في بلدهم مكتوب عليها « ممنوع على الكلاب والصينيين »، أو على اليهود أنه وجد من تجرأ عليهم وحشرهم في المحتشدات. قد تعقد الدهشة لسانهم وهم يستعرضون عبر ما سيعرف بمجزرة وملحمة غزة أهم مظاهر هذه الحقبة المشينة من تاريخنا. – أطفال ونساء يستغيثون وامعتصماه طيلة ثلاثة أسابيع تحت كل أصناف القنابل ليلا ونهارا ولا من نصرة جدية. – شعوب عربية تغلي غضبا ولا تستطيع شيئا وهي محاصرة بجيوش جرارة تقف مكتوفة الأيدي وإن استعدّت في ثكناتها فلضربها هي. – اثنان وعشرون دولة لا تزن صفرا، وأعجز على صعيد السياسة العالمية من فرض الحقوق الدنيا لضحايا أكبر جرائم حرب بداية القرن الحادي والعشرين. – ملوك طوائف أضعف حتى مما عرفت الأندلس في أوج تفككها، نظموا ثلاث قمم « للتشاور » ولم تخرج واحدة بنتيجة لإنقاذ أطفال غزة ونسائها. – رئيس أكبر جملكية عربية طرف في حصار غزة ووزير خارجيته يهدّد بقطع رجل أي جائع أو مريض يتجاسر على حدود مزرعة سيده، ووزير مخابراته يلعب دور الوسيط بين العدوّ الصهيوني والضحية العربية بل ويسعى لفرض شروط الأول على الثانية. ولأننا نفترض أنه سيكون لنا مستقبل غير الأظلم الذي ينذر به الوضع الحالي فإننا سنجعل تلامذتنا يبدون استغرابهم وذلك لعيشهم في وضع جد مختلف، ومنه النظام السياسي. كم سيبدو لهم بديهيا أن شيئا كمجزرة غزة ما كان يحصل لو كان لعرب تلك الجاهلية الأخرى كيان سياسي مثل الذي يحميهم ويعطيهم مكانتهم في العالم: الاتحاد العربي. نعم هل كانت غزة تعيش ما عاشته لو كان للعرب اتحاد له رئاسة دورية فاعلة وبرلمان حقيقي منتخب من قبل شعوب هي سيدة مصيرها ومعاهدة دفاع آلية. هل كانت قيادة إسرائيل تتجاسر على مغامرتها الخرقاء وهل كان الربيب الأميركي يسمح لها بإطلاق رصاصة واحدة ونحن متحدون، بل هل كنا نجد نفسنا أصلا في الوضع الذي سمح بالمأساة المخزية؟ لكن لماذا نعجز عن إيجاد الحد الأدنى من التنسيق الفعال، والحال أن الاتحاد العربي، لو وجد، لجعل منا خامس أمة عظمى بعد الصين والهند والولايات المتحدة وأوروبا؟ ما الذي منع ولا يزال من قيام مثل هذا الاتحاد الموجود وإن بسلطات مختلفة، في أوروبا، وفي الهند، وفي الولايات المتحدة، وكلها بلدان تعيش شعوبها في كنف نظام سياسي يجمع دولا مختلفة تقوى ببعضها ومن ثم تستطيع الدفاع عن مصالحها بنجاعة أكثر؟ لماذا يبدو وكأنه حكم علينا نحن العرب بأن نبقى مشتتتين ضعفاء مهزومين تابعين عاجزين عن حماية أنفسنا وثرواتنا وفرض مصالحنا المشروعة؟ أخيرا لا آخرا لماذا فشلت لحد الآن كل محاولات بناء اتحاد جدي وفعال بدأت مع المغفور لها الجامعة العربية التي تتواصل بمفاوضات البحث عن وحدة الفصائل الفلسطينية مرورا بالتجربة الناصرية والبعثية واتحاد المغرب العربي ودول الخليج وكل الهياكل الفارغة التي تولدت عنها مثل البرلمان العربي؟ الرد ببساطة لكن دون تبسيط: طبيعة النظام السياسي العربي المسلط على شعوبنا من الخليج إلى المحيط. هذا النظام لا يختزل في شخص هذا الدكتاتور أو ذاك، حيث من الثابت أنه لن يجدينا نفعا أن يستلم السلطة غدا القلال أو السرياطي بدل بن علي في تونس، أو سيف الإسلام بدل معمر في ليبيا، أو جمال بدل حسني في مصر، مثلما لم يغير شيئا استلام بشّار بدل حافظ في سوريا ومحمد بدل الحسن في المغرب وعبد الله بدل الحسين في الأردن. خذ أحسن الناس وضعهم لإدارة النظام السياسي العربي الحالي ولن تختلف النتيجة عما وصلت إليه الناصرية. الداء ليس في الأشخاص وإنما في نظام له نفس الخصائص وطرق العمل وبالتالي نفس النتائج الكارثية. إن أردت أن تفهم بعمق طبيعة الأسد الذي علينا، والنعامة التي وضعت رأسها عميقا داخل الرمل في الحرب على غزّة، تخيله كثمرة الخوخ. – القشرة الخارجية هي السلطة الصورية (برلمان وانتخابات ومؤسسات وكل مظاهر الدولة العصرية). – اللب هو السلطة الفاعلة لأجهزة القمع الممثلة أساسا بالمخابرات. – النواة الصلبة وهي السلطة الفعلية المتمثلة في إرادة الزعيم الأوحد وحقه المطلق في أخذ كل القرارات ناهيك عن حقه في التأبيد والتوريث. مثل هذا النظام أينما وضعته سيكون طريق المجتمع إلى الهلاك بآليات لا تخفى على أبسط الناس. – اصطفاء الزعيم الأوحد لكل من هو متملق وخانع، وتخلصه من كل شخصية قوية قد تشكل خطرا على تسلطه ومن ثم امتلاء مراكز القرار بالردائقراطية التي تصبح هي فعلا سيدة البلاد والعباد. – انتشار الفساد بما أن السلطة المطلقة تعني نهب المال العمومي وتوزيعه على العائلة والبطانة، بل واستعماله لشراء الذمم كإحدى أنجع وسائل الحكم. – لا فعاليات السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخارجية لأنها تقاد بمعزل عن كل نقد وتقييم ولا تخضع إلا للقرارات « السديدة » و مزاج وأهواء القائد المفدى وحكمته « الفطرية »، ومن ثم كثرة الأزمات المغطى على عمقها وخطورتها واستفحالها المتواصل. – أخيرا ولا آخرا ضرورة تثبيت وضع يتناقض مع مصالح الأغلبية وقيمها بإرهاب الدولة، وخاصة التعذيب الذي يجب أن تصل بعض صرخاته للمجتمع ليفهم أنه لا مزح مع سيده المطلق. كل هذه الآليات تنهك المجتمع وتستنزف طاقاته نتيجة الأزمات الناجمة عن سوء الإدارة والقمع الوحشي، وخاصة نتيجة كسر روحه المعنوية وكرامته بفرض تصرفات الخنوع وانتشار الجبن والانتهازية والعدمية، وتصاعد مشاعر المهانة التي كثيرا ما تنتهي بكره الذات والوطن نفسه. هذه الشعوب المنهكة الخائرة القوى هي التي أفشل الاستبداد كل قدرة لها على أن يكون لها وزن على الصعيد الخارجي، أو أن تستطيع فعل شيء، ومثل هذا النظام يمنع آليا قيام أي نوع من التنسيق -اللهم إلا في المجال البوليسي- بين دولها. فالأسياد لا يقبلون أي تدخل في شؤون مزرعتهم أو أي تنازل عن ذرة نفوذ لصالح سلطة أعلى من سلطتهم، اللهم إلا إذا كانوا هم من يمارسونها. أضف لهذا أن كل دكتاتور مصاب بتورم في الأنا يصل به أحيانا إلى جنون العظمة، ومن ثم فهو لا يطيق كبيرا بجانبه خاصة إذا كان جارا يمكن أن يشكل تهديدا له ويتطلب الوضع الاستعانة بالأجنبي عليه. كيف نستغرب ألا يخرج شيء من قممهم ومتى اتحدت الدكتاتوريات بينها؟ لنفرض الآن أن أحدهم هداه الله لمصلحة الشعب والأمة فقام بينهم مناديا بالإصلاح الداخلي والاتحاد الفعلي ولو على حساب سلطته هو، متصورا أنه يستطيع المناورة داخل نظام فاسد برمته، مثل هذا المسكين لن يعمر طويلا وقد أصبح خطرا على الجميع. إنها الآلية التي طولب بموجبها برأس عبد الناصر، إذن فطبيعة نظامنا السياسي تمنع كل تقدم فعلي وكل إمكانية الإصلاح السلمي عندما تختل التوازنات كما تمنع أي تنسيق فعلي بين دولنا، فما بالك بوحدة القرار. لذلك نحن اليوم أكثر من أي وقت مضى في مفترق طرق مصيري، إما أن نقضي على نظامنا السياسي الحالي وإما أن يقضي هو على امتنا لأجيال طويلة. قيل إن كل الأحلام لا تتحقق، لكن ما تحقق من كبريات الأمور في تاريخ الأمم كان يوما مجرد أحلام. وما نحن مطالبون به اليوم العودة إلى الأحلام الكبرى، وخاصة التخطيط لها لتصبح مشروعنا الجماعي وهديتنا للأجيال القادمة. واليوم لا وجود لشعوبنا إلا بحلمين اثنين وهما مترابطان، الأول هو تحقيق الاستقلال الثاني عبر وضع نظام يكون نقيض النظام الفاسد أي يبنى على سيادة الشعب عبر ممارسة كل الحقوق والحريات وخاصة حرية اختيار من يحكمه عبر انتخابات نزيهة تنظم التداول السلمي على السلطة، وحل البوليس السياسي وتجريم التعذيب وحماية المال العام وإرساء استقلال القضاء على أصلب الدعامات. مثل هذا النظام السياسي السليم هو الذي سيطلق كل القوى الهائلة من عقالها، ومثل هذا النظام هو القادر وحده على إرساء أول دعامات الاتحاد العربي، ذلك لأن انتصاب الدولة الديمقراطية في كل شبر من أرض الوطن الكبير -ولا يهم أن تكون جمهورية أو ملكية- هو الشرط الضروري لقيام الاتحاد العربي. بديهي أن دولا يحكمها القانون وتخضع لرغبة شعوبها مؤهلة أكثر من غيرها لبناء سلطة مشتركة تنسق بينها، إن أوروبا لم تخرج من حروبها الأهلية ولم تخلق الاتحاد الأوروبي إلا بعد تصفية النازية والفاشية والأنظمة الاستبدادية الشيوعية. لكن الديمقراطية شرط غير كاف، حيث يمكن للديمقراطيين في هذا البلد أو ذاك أن يكونوا انعزاليين وطنيين شوفينيين، بل يكرهون كل ما هو عروبة وإسلام. يكفي أن يعرف المرء كيف يفكر غلاة العلمانية والليبرالية في تونس أو الجزائر أو لبنان أو مصر ليقدر الخطر، ويجب إذن أن يكون وراء المشروع قوى تتمسك في نفس الوقت بالرؤية العربية الإسلامية للأمة بوصفها معطى ثقافيا موجودا ومعطى سياسيا للإيجاد، وتأخذ في الاعتبار فشل كل الأنظمة الاستبدادية في تحقيق الحد الأدنى من التقدم الداخلي والتنسيق الخارجي أيا كان الغلاف العقائدي ولو كان الغلاف القومي والإسلامي. كما أن من مصلحة الديمقراطيين العرب -إن أرادوا دورا- أن يمتلكوا الهوية وقيمها، ومن مصلحة العروبيين والإسلاميين أن يمتلكوا سلاح الديمقراطية وإلا أعادوا نفس النظام البائس الذي أوصل أمتنا للحضيض الذي يريدون الخروج منه. هذا ما يجعل تحقيق الاتحاد العربي -لنقل في العقدين أو الثلاثة الآتية- مسؤولية قوى سياسية جديدة تربط في برامجها بين تحقيق الديمقراطية في القطر وتحقيق الاتحاد مع بقية الأقطار باعتبارهما دعامتين أساسيتين للخروج من التخلف داخليا والتبعية خارجيا. هذه القوى لن تجد صعوبة في ربح معركة القلوب والعقول، والتجارب المأساوية التي نمر بها هيأت أمتنا لقبول فكرة تزاوج قيم العروبة والإسلام وتقنيات الديمقراطية. وهي لن تجد صعوبة للتغلغل في مشاريع التنظيمات الاجتماعية والأحزاب السياسية القطرية التي تناضل لدفن النظام المتعفن، وقد أظهرت محرقة غزة قوة حسها العربي. ثمة مسؤولية خاصة لكل الاتحادات المهنية العربية، كاتحادات الأطباء والمحامين والكتاب إلخ.. لدفع المشروع قدما ثقافيا وسياسيا وكذلك التنظيمات السياسية كاتحاد الأحزاب العربية أو كالمؤتمر القومي والمؤتمر القومي الإسلامي. ربما يجب التفكير في مراجعة مصطلح « قومي »، لا لما تعلق به من دنس فقط لفرط استعماله من أبشع الأنظمة الاستبدادية العربية، لكن لأنه يوحي بأننا نتحرك من باب العدوانية ضد أقوام أخرى، أو أننا لا نقبل بأن يكون لهويتنا مستوى أرقى هو انتماؤنا للإنسانية، ومن ثم يستحسن استبداله، وتسمية التيار بالعربي أو بالاتحادي. يجب أن يكون بديهيا للجميع أن المستقبل ليس للتجمعات المركزية المحكومة باستبداد هذا الحزب الإسلامي أو ذاك -ومصيرها المحتوم كيوغسلافيا أو الاتحاد السوفياتي- وإنما لتجمعات شعوب حرة تحافظ على خصائصها الوطنية وتسييرها الذاتي لشؤونها، وتتفق فيما بينها على آليات تنسيق عادلة وممثلة وفعالة وفق قيم وقوانين تضمن مصالح الكل والأجزاء الذي تكونه. إنها الآليات التي سمحت البارحة بتكوين وبقاء الولايات المتحدة والهند، واعتمدتها أوروبا لبناء اتحادها الذي يصلب عوده يوما بعد يوم، نعم ثمة تحديات اللحظة لكن المستقبل الذي ندين به للأجيال المقبلة هو أيضا كامن في هذه اللحظة. __________________ كاتب تونسي  
 
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 7 فيفري 2009)

السمعة المشوهة لـ «الاعتدال»

 
طارق الكحلاوي
هناك في العادة علاقات ملتبسة بين أي دال ومدلول. كيف لا يكون ذلك وعلاقات اللغة ما هي إلا علاقات صانعها البشري الملتبس بالصراع والذي تصريحه غير متماهٍ في أحيان كثيرة مع تلميحه؟! الدال أو التعبير اللغوي ليس بالضرورة تعبيراً عما يدعي أنه موضوعه. من الدوال التي يمعن الخطاب الراهن في تمويه علاقتها بمدلولها كلمة «الاعتدال»، حتى إن البعض أصبح يرتاب من هذه الكلمة ويرى أنها فخ بذاتها، وأن مجرد القبول بها من دون وضع القوسين اعتراف بالهزيمة، وهكذا يتم اختطاف «الاعتدال». فهل يستحق «الاعتدال» وكلمته أن نرتاب منهما أو نخافهما؟ لنحاول أن نفهم لماذا تصبح كلمة بمثل هذه البساطة والرقة مشوهة السمعة، علينا أن نجرب النظر إليها لا من حيث إنها كلمة بقدر ما هي ثوب أيديولوجي مزوق. «الاعتدال» بما هو أيديولوجيا سائدة في السياق العربي الرسمي كلمة منفصلة عن مدلولها، هي مجرد حالة صوتية تشبه الحالة الصوتية لكلمة «الاعتدال». هي الشكل المختار لإخفاء تعبير فكري يرغب في التخفي. ويصبح الأمر في غاية السريالية عندما يأخذ الخطاب العربي الرسمي كلمة «الاعتدال» بجدية مفاجئة ويجعل منها ثابتا من ثوابت خطابه. عندما يصدق أنه يعني الكلمة ومدلولها وليس المنظومة الأيديولوجية التي ألصقها بها. فكرت بكل ذلك عندما قرأت مقالا لمراسلة عربية مقيمة في واشنطن لإحدى الصحف العربية الدولية المقربة بدورها من أحد الأطراف العربية الرسمية. المقال الذي يتساءل عن قدرة أوباما على «عقد صفقات مع تحالف الممانعين» يمثل نموذجا كلاسيكيا للسلطة التي يمكن أن تمثلها كلمة «الاعتدال». ساق المقال عنصرين يحتاجان تحليلا خاصا ليس هذا مجاله، وهو ما يبدو أنه إعادة تموقع الطرفين الأميركي والتركي، ولو بدرجات مختلفة، من فسطاط «الممانعة»، الطرف الأول بإعلان رغبته في حوار معلن مع «الممانعة»، والثاني بقربه المتزايد وبعده المتزايد تباعا من قوى المقاومة الفلسطينية وإسرائيل. ليست المشكلة هنا أن هذه مؤشرات يجب أن تدعو للقلق بالنسبة لأطراف عربية رسمية عدلت أوتار المنطقة على مصادرات عملية من بينها ثبات مواقف «الحلفاء» الأميركيين والأتراك. من الصعب ألا نفهم حنق أي محلل مقرب من أي طرف عربي رسمي يشعر بالقلق تجاه أوضاع من هذا النوع. المشكلة، في المقابل، هي الصورة التي يتم عبرها إخراج هذا الحنق، إذ في هذه الحالة يصبح التحليل لائحة دفاع عن موقع «الاعتدال» لهذه الأطراف العربية، وعندها نشهد لحظة غير معتادة في الخطاب العربي الرسمي أو الخطاب المتواري وراءه بداعي «التحليل»، نشهد لحظة التنظير والتعبير عن عناصر المنظومة الأيديولوجية التي يرى عبرها المنطقة. يقدم لنا المقال تشكيلة «الاعتدال» وخصائصه المركزية، خاصة منها الترابط الآلي بين دول محددة وبين تعابير «الاعتدال» و»الإصلاح» و»التعايش»: «حلف المعتدلين هو الشريك الطبيعي للولايات المتحدة لأنه محور الإصلاح والتعايش والاعتدال ويضم السعودية ومصر والإمارات والأردن وتونس والمغرب والبحرين واليمن والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس وسلام فياض». لكن الأمر أكثر تعقيدا، إذ هناك من لم يحسم أمره بعد: «العراق لا ينتمي رسمياً إلى محور المعتدلين، أما لبنان فإنه بالتأكيد من محور الاعتدال لو لم يعرقل اعتداله حزب الله، والكويت كذلك. عُمان تبدو أقرب إلى محور الممانعة مما هي إلى محور الاعتدال». بطاقة «الاعتدال» هذه يصعب منحها لأي كان وفقاً لمثل هذه المعايير المضبوطة، وبالمناسبة يذكرنا المقال في هذا الشأن بأن تركيا خرجت عن السيطرة، وتلعب «دوراً مريباً» أقرب لـ «الممانعين». إن اللغز التركي، خاصة من خلال حوادث صدامية مثلما حصل في «دافوس»، يكمن في مجرد «التحدي الشفوي» لانتزاع أوراق «الوساطة». علينا في هذا السياق أن نقرأ جملاً تجرد ردة فعل رئيس الوزراء التركي من الآنية والحد الأدنى الإنساني، وجملاً تقرأ النوايا بشكل سلبي مطلق وتخلق الأعذار بشكل يجعل «بصاق» بيريز المتطاير ناتجاً عن «الطوق» الذي أطبق عليه من محاوريه، وأن مدير الحوار «الزميل» من صحيفة «الواشنطن بوست» كان «كبش الفداء» حتى «يعود أردوغان إلى بلاده بطلاً». ليست تركيا حملا وديعا ولا أيضا رئيس وزرائها، لكني أتساءل: كيف ستحلل المراسلة سلوكاً مماثلاً لمسؤولين عرب رسميين؟ هل ستقرأ نواياهم بسلبية تجردها أيضا من حياديتها الإعلامية المفترضة، ومن إنسانيتهم المفترضة؟ يقدم التحليل في الأثناء نصيحة أو رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة: «عليها أن تقرر إن كانت مع الاعتدال والتعايش وإنهاء الإفلات من العقاب، أو مع حلف التطرف ورفض التعايش وإبرام الصفقات من أجل الإفلات من المحاسبة والعقاب، والتحايل على القوانين والقرارات الدولية». طبعا كل الكلمات تتوجه إلى انعكاس ما يمكن أن يجري في علاقة بالحوار مع سوريا، خاصة الانعكاسات على لبنان و «المحكمة الدولية» مع بروز أصوات في واشنطن تدعو للتخلي عنها في سياق الحوار الأميركي السوري المرتقب. لكن في أثناء ذلك كله تتراكم مرادفات «الاعتدال» في أفق من الصفات الوردية التي يفسر بعضها بعضاً، المعتدلون هم المصلحون، وهم المتعايشون (مع إسرائيل)، وهم المناهضون لـ «تطرف» البقية. «الاعتدال» هو كل هذه المنظومة السريالية في بعض أطرافها (خاصة أقصوصة «الإصلاح») والهشة واللاواقعية في بقية أطرافها (بما في ذلك موضوع «التعايش»). هل يمكن أن يفشل تعبير البروباغندا في توصيف خطاب من هذا النوع؟ عدا ذلك يجب أن نسأل عن مناهضة «التطرف» في سياق بعض الأنظمة التي تتطرف بشكل متفاوت على حقوق أساسية لدى شعوبها ولطالما بذرت ما يكفي من بذور «التطرف» (بكل تعريفاته) بالنسبة لبعضها، إذ يوجد لدى بعض الأطرف العربية الرسمية انفصام بالغ، يستنسخه صحافيوها، فهي «ليبرالية» في مقراتها الإعلامية الدولية ولنقل في أقل الأحوال «غير ليبرالية» عندما يتعلق الأمر بشأن داخلي مهترئ. يمكن أن نختلف حول وجاهة أي موقف بشري لكن سنتفق بأية حال على أنه موقف يعبر بالتأكيد عن الزاوية التي ينظر منها قائله. اعتدالي أنا يمكن أن تنظر إليها أنت تطرفاً، وتطرفك أنت يمكن أن تنظر إليه اعتدالاً، ولكن خطاب «الاعتدال» الراهن يأخذ نفسه بجدية أكبر من اللازم، إذ لا يزال يلبس بكل حماسة ثوب «الاعتدال» الذي تم تجهيزه في سياق التحضير للحرب على إيران، أي في سياق متقادم. وبدلا من توجيه النصائح للآخرين حان الوقت أن يحاول أن يفهم لماذا يقوم معتدلون حقيقيون (ومصلحون أيضاً) مثلما هي تركيا بإعادة تموقعها (حتى تكتيكياً) وفق الظروف الراهنة.   * أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» في جامعة روتغرز tkahlaoui@gmail.com   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 8 فيفري 2009)


عن مفهوم «الجماهير» والتعويل عليه وعليها في تجاربنا
 
صالح بشير (*)      قد لا يكون التعويل على الجموع، أو «الجماهير» (على ما يقول ذلك المصطلح الغريب الذي يحمل معنى الإطناب النافل طالما أنه يجمع ما هو جمعٌ أصلا) بالفضيلة التي تُنسب له عادة في القول السياسي السيّار في ربوع هذه المنطقة، لا سيما المشرقي منها. والحال أن مركزيته المدّعاة تلك قد تتطلب تمعنا وقد تستوجب، على الأرجح، مراجعة. فذلك المصطلح يُحكِّم في شؤون المنطقة، في تطوراتها وفي مواجهاتها الفاصلة أو التي يُطلق عليها بسخاء مثل ذلك النعت، «مفهوما» قد تكون جدواه الفعلية وسيلةَ تعليل لمجريات الأمور أو تموقع في خضمّ شؤون المنطقة وصراعاتها الكبرى، متواضعة أو في حكم المنعدمة. وفي ذلك ما قد يستوي تفاوتا صارخا بين ذلك «المفهوم» وحضوره الطاغي على صعيد «الخطاب» وبين واقع الحال الذي يلوح مسفّها له أو لا مباليا به. لا يعني ذلك بطبيعة الحال أن لا وجود لتلك «الجماهير»، بل هي على العكس من ذلك، تتبدى، جارفة جياشة أحيانا، في هذه المناسبة أو تلك، خصوصا عندما يتعلق الأمر بشأن «قومي»، عابر للأوطان، جليل أو ذي شأن، كالحرب «الكونية» التي خاضها جورج بوش الأب، في مطلع تسعينات القرن الماضي، ضد عراق صدام حسين، أو كجرائم العدوان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين والعرب، كما حصل في قطاع غزة مؤخرا واستثار سخطا وتعاطفا بالغين. غير أن ما يراد قوله إن «الجماهير» تلك ليست قائمة ككائن سياسي أو كقوة سياسية فاعلة. يحول دون امتلاكها مثل تلك الفاعلية التغييرية المرتجاة منها الافتقار إلى عامليْن أو إلى واسطتيْن أو إلى وسيلتيْن: تأسيسية «ثورية»، أو مؤسساتية إصلاحية. إذ لا يكون لتلك «الجماهير» من فعل ملموس إلا في إحدى تلك الحالتين، في أثناء حقبة توصف بـ»الثورية» تستحوذ فيها تلك «الجماهير» على المبادرة، «التاريخية» إن جازت مثل هذه العبارة التي استبدت بها الخطابة حتى شوهتها وابتذلتها، وتقبض على زمامها كما حصل على سبيل المثال لا الحصر، في الثورة الفرنسية وفي ما أعقبها من تحركات من قبيلها شملت في زمانها القارة الأوروبية أو أرجاء منها واسعة، أو أن وسيلة «الجماهير» في الفعل في الشأن العام وفي توجيهه والتأثير على الخيارات الكبرى تتحقق بواسطة الاقتراع الحر، الملزم نتائجَ، أي عندما يستوعبها وينظم اندفاعها سياق ديموقراطي مستتبّ. وبديهي أن المنطقة وشعوبها ليست في هذا الوارد ولا في ذاك، لا تندرج في حالة ثورية، «الجماهير» فيها أداة لتغيير جذري أو معوَل له، ولا هي، من باب أولى وأحرى، تستند أنظمةَ حكم إلى جموع من «مواطنين» في أنسقة ديموقراطية، قد تلتقي على رفض أو على مصادقة، وقد تكتسب بصفتها تلك قدرة على فرض توجهات وعلى اجتراح قرارات، لا سيما تلك المتعلقة بالحرب والسلام. ليســـت «الجماهير»، وقد انتفـــت عنها الصفتان المذكورتان، واستحضارها على نحو ما يجري في هذه المنطقة، غير تعويذة يستجير بها البعض لاستدرار شرعية، أو يتوجسها البعض الآخر توجسا يكاد يكون من قبيل سحري. فإذا «الجماهير» تلك لا تعدو في نهاية أمرها أن تكون كائنا «إيديولوجيا» لا كائنا سياسيا، أي أنها، بصفتها تلك، ماثلة في الأذهان أكثر مما هي قائمة في الواقع، مع أن توسلها أو توجسها يفضيان، بسبب من ذلك تحديدا، إلى سوء فهم أو تفاهم، يورد مورد الخلط وربما الفصام في العلاقة بالواقع. إذ يتصرف كل طرف انطلاقا من تمثّل في الذهن، يتصوره مصيبا منطبقا على واقعة محددة، حول «جماهير»، هي في نظره، ثائرة بطبعها، ممانعة جبلّة، غاضبة هائجة، تمجّ واقع الحال ولا تنتظر سوى فرصة الانقضاض والارتداد عليه. خذ مثلا عدوان الدولة العبرية الأخير على غزة، حيث كانت حركة «حماس»، وهي تستدرجه ثم تخوضه، على يقين من أنها لا تفعل في ذلك غير الانسجام الناجز مع رغبة «الجماهير»، مزاجها، إرادتها، وقد استقت شعورها بـ»الانتصار» في أعقاب المواجهة تلك، من يقينها ذاك، في حين كان الطرف العربي المقابل، مصر على سبيل المثال، وهو يعترض على تلك الحرب ويرفض الانسياق فيها، يستشعر منافاة، تفرضها الواقعية، لذلك المنحى «الجماهيري»، لكنه لا يرى لتلك الواقعية من شرعية منتجة لخطاب. هكذا جاء التفاوت صارخا بين الحسم في توخي تلك المقاربة من جهة، وبين الاضطراب أو الحرج في التعبير عنها. ذلك أن سطوة ذلك «المفهوم»، مفهوم «الجماهير»، لا تزال طاغية تفرض نفسها على الجميع، إرثاً لحقبة ولت، لزمن «ثوري»، لا يتورع البعض عن وصفه بـ»الجميل»، ما عاد قائماً. وهو مفهوم، يشوّش من جراء سطوته تلك، على السياسة، ويكون فاعلا في دعم المواقع أو في نسفها، على نحو قد يجافي الواقع الفعلي لميزان القوة، كما هو قائم على الأرض، منافاة تامة. إذ أن ذلك المفهوم هو الذي يزين لحركة «حماس» ادعاء الانتصار، والتصرف بمقتضاه، والإمعان في ذلك، إلى درجة رفع شروط هي، عادة، من طبيعة ما لا يجرؤ عليه إلا من ظفر بنصر جلي ناجز، يخوله طلب الأقصى، شأن ما لا يقل عن فرض بديل لهيئة أساسية ومحورية تجسد الوجود الوطني الفلسطيني هي منظمة التحرير. بديهي أن الحركة الإسلامية الفلسطينية إنما تسير في ذلك على سنّة راسخة لم تخترعها، تلك التي لا تقيس المواجهات مع العدو بمقياس ما تلحقه أو لا تلحقه به من أذى، بل بمعيار حظوة «محلية»، وطنية أو إقليمية، ينالها الممانع أو المقاوم بمجرد إقدامه على الممانعة أو المقاومة، باسم شرعية متعالية على كل حيثية واقعية أو تأسيسا لها، ولكن ذلك موضوع آخر. أما عن مدى إيديولوجية مفهوم «الجماهير» المشار إليه، فربما تبدّت على النحو الأوضح في أن «الجماهير» تلك لا يمكنها أن تكون إلا «عربية» أو «إسلامية»، لا تكاد تُعرَّف إلا بإحدى تلك الصفتين أو بهما معا، أي أنها منتمية حكما إلى فضاءات بالغة العمومية، ما فوق وطنية، أي لا تكاد تقيم من علاقة بحياة الناس، فلم نسمع عن «جماهير» مصرية أو تونسية أو سورية أو سواها، عبّأها وأخرجها عن طورها همّ عيني ومحليّ ملموس، منذ انتفاضات الخبز في سبعينات القرن الماضي أو ثمانيناته. (*) كاتب تونسي (المصدر:ملحق « تيارات » بصحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 فيفري 2009)


الجزائر: الانتخابات الرئاسية في 9 نيسان وبوتفليقة يوصي الإدارة بـ«الحياد الدقيق»
 
الجزائر – الحياة     وقّع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أمس، المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات الرئاسية المقبلة، وحدد المرسوم تاريخ التاسع من نيسان (أبريل) المقبل موعداً لإجرائها. وذكّر بوتفليقة في المرسوم الذي يُعتبر آخر إجراء قانوني يمهّد للرئاسيات، السلطات والموظفين العموميين بـ «إلزامية احترام قواعد الحياد احتراماً دقيقاً»، كما عيّن وزير العدل السابق محمد تقية منسّقاً للجنة السياسية الوطنية لمراقبة الانتخابات بدل السعيد بوشعير الذي اعتاد شغل هذا المنصب. وأعلن بوتفليقة أنه بتوقيع المرسوم الرئاسي يكون «أتم الإجراءات التكميلية الرامية إلى تعزيز سلامة الاستشارة الانتخابية»، ودعا الإدارة إلى التزام «احترام قواعد الحياد احتراماً دقيقاً»، وذلك من أجل انتخاب الرئيس المقبل للجمهورية في 9 نيسان (أبريل) المقبل، عملا بأحكام المادة 154 من القانون المتعلق بنظام الانتخابات. وأوضح بيان لرئاسة الجمهورية أن رئيس الدولة «أصدر هذا اليوم (أمس) تعليمة رئاسية موجهة إلى السلطات والأعوان العموميين المعنيين بتنظيم هذا الانتخاب وسيره آمراً إياهم بالسهر على حسن سير هذه الاستشارة المهمة في كنف مراعاة القانون والحياد». ووردت في بيان الرئاسة إشارات عدة متكررة تتعلق بحياد الإدارة والنزاهة في متابعة العملية الانتخابية، إذ نقل البيان عن بوتفليقة حرصه الشخصي «على تنظيم هذا الانتخاب وفق الشروط المطلوبة من حيث النزاهة والشفافية والصدقية»، وتذكيره بـ «الضمانات الأساسية المكرّسة قانوناً لإتاحة إجراء الاقتراع في ظروف الشفافية والسلامة المطلوبة». وتعتبر هذه الخطوة دستورياً الإجراء القانوني الأخير الملزم لرئيس دولة منتهية ولايته تمهيداً لانتخابات رئاسية. ويفسح هذا الإعلان المجال أمام بوتفليقة للجهر بنيته الترشح لولاية رئاسية ثالثة. وأعلنت مداومته الانتخابية المعيّنة من «التحالف الرئاسي» (يضم ثلاثة أحزاب) والتي يرأسها عبدالمالك سلال، وزير الموارد المائية، وتضم المدير العام السابق للتلفزيون الجزائري حمراوي حبيب شوقي ووزير الاتصال (الإعلام) السابق أيضاً عبدالرشيد بوكرزازة، أن حفلة ترشيحه تحدّدت يوم الخميس المقبل في القاعة البيضاوية (قاعة أولمبية) في العاصمة. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 8 فيفري 2009)


هل يزداد ويتواصـل تراجـع سذاجـة العرب والعجم إزاء الطبيعة العدوانية لإسرائيل؟

 
بقلم: الأستاذ الدكتور محمود الذوادي(*) سذاجة الشخصية السياسية العربية الرسمية إن الباحث الاجتماعي المتتبع للسلوك السياسي الجماعي العربي إزاء إسرائيل في السنوات الأخيرة يكتشف أن هناك ما يسمى في العلوم الاجتماعية المعاصرة نمطا من الشخصية السياسية القاعدية العربية الرسمية. ويعني هذا المفهوم الأخيروجود شخصية سياسية عربية رسمية نموذجية تعكسها أغلبية السلوكات السياسية الرسمية إزاء الدولة العبرية.يتمثل هذا السلوك السياسي الجماعي لمعظم الأنظمة العربية في اعتقاد تلك الأنظمة أن الكيان الصهيوني يرغب فعلا في إقامة سلم عادلة مع الفلسطينيين ومع العرب بصفة عامة.ومن ومنظور علم النفس الاجتماعي،فإن ذلك الاعتقاد أدى بالعديد من الحكومات العربية إلى تبني سلوكات سياسية ميدانية تتمثل بالتحديد في إقامة علاقات دبلوماسية و/أوتجارية و/ أو تواصلية مع الحكومات الإسرائلية المتتالية.وجاءت مبادرة القمة العربية في بيروت لتؤكد جماعيا أن العرب يرغبون في إبرام سلم مع إسرائيل إذا انسحبت هذه الأخيرة من الأراضي العربية التي احتلتها في حرب 1967. ونتذكر أن الرد الإسرائيلي على تلك المبادرة العربية لم يتأخر. فكان الهجوم الحربي للتو على الضفة الغربية ومحاصرة عرفات أكثر الأمر الذي جعله غير قادر على حضورالقمة. فاضطر إلى إلقاء خطابه عن بعد.. ورغم ذلك، استمرت حسن نية الأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية إزاء العدو الإسرائيلي. فتعددت اللقاءات بين محمود عباس ومساعديه مع رؤساء الوزراء الإسرائيليين وأعضاء حكوماتهم. ويحضر ممثلو كل الدول العربية تقريبا مؤتمر أنابوليس بالولايات المتحدة الأمريكية اعتقادا منهم أن إسرائيل وحليفتها الأمريكية يودان فعلا الوصول إلى حل للنزاع الإسرائيلي مع الفلسطنيين والسوريين واللبنانيين. ثم جاءت تصريحات الرئيس بوش وإدارته بخصوص تحقيق اتفاق مع نهاية 2008 بين الفلسطينيين والإسرائيلين يضع حدا للنزاع بينهم. وكما نعرف غادر بوش البيت الأبيض دون حصول أي شيء ملموس على أرض الواقع يبشرفعلا بقرب نهاية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بل تستمرحركة الاستيطان الصهيوني على أشدها في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تشرف عليها السلطة الفلسطينية في رام الله. معالم تراجع سذاجة الأنظمة العربية تفيد الملاحظات السابقة فقدان حسن نية الطرف الإسرائيلي في الوصول إلى حالة سلام عادل مع الفلسطينيين وسوريا ولبنان.وبالتالي لم ترحب حكومات إسرائيل بالمبادرة العربية ولا هي كانت راغبة في إنجاح عمليات المفاوضات المتكررة لسنوات طويلة مع السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليا ومن طرف إسرائيل نفسها وهو ما أدى إلى تذمر محمود عباس وأعضاء سلطته في الضفة الغربية وإلى التصريح أخيرا أن الدولة العبرية لاتريد السلام مع الفلسطينيين. فكأن مثل هذا التصريح يشير إلى أن السلطة الفلسطينية كانت ساذجة في اعتقادها وحسن نيتها إزاء الطرف الإسرئيلي المحتل للأراضي الفلسطينية بالضفة الغربية. وتنطبق حالة السذاجة هذه على أغلبية الأنظمة السياسية العربية. وظلت السذاجة السياسية العربية الرسمية على حالها حتى جاء الهجوم الوحشي على قطاع غزة الأمر الذي جعل البعض من تلك الأنظمة تستيقـظ من سباتها الطويل وتدرك البعض من معالم موقفها الساذج إزاء النوايا الحقيقية لساسة وضباط وجنود إسرائيل. لقد شنت الدولة العبرية حرب إبادة وارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية كما شهد على ذلك الهجوم العسكري الوحشي البربري على أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة في نهاية 2008 ومطلع 2009. فقد بدى ملك الأردن مرتبكا وحائرا إزاء النوايا الحقيقية لإسرائيل من ارتكابها مجازر ضد المدنيين في غزة. وصرح قائلا: أنا متخوف مما سوف يلي القصف الإسرائيلي لاهل غزة. وكما أصبح معروفا فإن العدو الإسرائيلي قد استعمل قنابل الفسفور والقذائف المدفعية وبقية الأسلحة الفتاكة جوا وبرا وبحرا والتي طالت كل شيء في غزة : البشر والشجر والحجر والدواب الأهلية والوحشية على حد سواء. فكأن الملك الأردني يلوح ـ رغم إقامته علاقات ديبلوماسية مع الدولة العبرية ـ بأن قادة إسرائيل بعملهم الوحشي هذا يناقضون الاعتقاد السائد والساذج عند معظم حكام العرب بأن إسرائيل ترغب في إقامة سلام عادل مع جيرانها العرب.كما يتجلى الشعور بالقلق والخوف من سوء النوايا الإسرائلية في إعلان أعلى هرم السلطة السياسية بالمملكة العربية السعودية، هذا البلد العربي الذي يوصف بالإعتدال في الغرب ولدى إسرائيل. ففي القمة العربية الإقتصادية بالكويت أشار الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أن مبادرة السلام العربية لن تبقـــــى طويلا على الطاولة أمام اللامبالاة الإسرائيلة آثارحرب غزة على المستوى الرسمي على صورة إسرائيل عند المسلمين والمسيحيين  إن مارأيناه من بداية لتراجع سذاجة بعض الحكام العرب إزاء الطبيعة العدوانية لساسة وضباط وجنود الكيان الصهيوني امتد على المستوى السياسي الرسمي بأكثر قوة وصراحة خارج فضاء أغلب أنظمة الحكم في العالم العربي. فقررت كل من فينزويلا وبوليفيا طرد السفير الإسرائيلي من عاصمتيهما.أما رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان فقد انتقد بشدة وبدون تردد أو خجل ـ أثناء الحرب وبعدها ـ ساسة إسرائيل وعسكرييها على هجومهم الوحشي على أطفال ونساء وشيوخ غزة. ويمثل رد أردوغان على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في منتدى دافوس بسويسرا في 30/01/2009 ملخصا للموقف الرسمي السياسي التركي من العدوان الإسرائيلي الظالم على غزة. لقد وبخ أردوغان بيريز على الأكاذيب التي وردت في خطابه أمام الحاضرين في المنتدى، كما وبخ أيضا الذين صفقوا لما جاء من تشويه للحقائق في كلمة المسؤول الإسرائيلي. وذكر أردوغان بيريز والحاضرين بالحقد الدفين لدى الإسرائيليين ضد الفلسطينيين. فقد قال إن رئيسي وزراء لحكومات إسرائيل ذكرا له أنهما يكونان فرحين عندما تتوغل الدبابات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وتقصف سكانها. وأكد أنه يستطيع أن يسمي هذين الرئيسين. ثم غادر أردوغان المنصة احتجاجا على عدم إعطائه نفس الوقت للحديث كما أعطي بيريز. وقرر أنه  لن يعود مرة ثانية إلى هذا المنتدى في السنوات القادمة. وفي هذا المشهد الدرامي الذي يشرح فيه رئيس وزراء تركيا أمام الحاضرين سياسة الإبادة الإسرائيلية لسكان غزة ثم يخرج احتجاجا على المصفقين وعلى رئيس الجلسة يرتبك أمام المشاهدين السيد عمرو موسى ويكتفي بمصافحة أردوغان المغادر للقاعة. أي ان الأمين العام للجامعة العربية ـ ممثل الدول العربية ـ عز عليه ترك كرسيه فرجع إليه للتو عوض أن يساند بقوة بسلوك مشرف موقف أردوغان أمام الحاضرين. وبوضوح، تتمثل رسالة أردوغان في المنتدى وقبله وبعده في أن احترام الأعداء والأصدقاء لايتحقق بالإستجداء والمهادنة إلى حد التذلل.وهذا ما يغلب اليوم، مع الأسف، على معظم مواقف الأطراف العربية الرسمية. أما على مستوى الرد الرسمي الأوروبي والأمريكي على الهجوم الإسرائيلي البشع على غزة، فإن المسؤولين الحكوميين لا يصرحون بأي شيء يلومون به إسرائيل ناهيك عن التنديد بسلوكات جرائم الحرب لنظام الدولة العبرية في هجومها الوحشي على الجامد والحي في قطاع غزة. فالرئيس الأمريكي براك أوباما ظل صامتا ومتحيزا للكيان الصهيوني قبل وبعد انتهاء الحرب في غزة. ومن جانبهم، هرول رؤساء دول الإتحاد الأوروبي بعد اجتماعهم في شرم الشيخ مع الرئيس مبارك للقاء ومساندة من أعطوا الأوامر في أسرئيل لشن ذلك الهجوم البربري على غزة. وعي الشعوب الصاعد بعدوانية إسرائيل وفي مقابل تعدد المواقف الرسمية للدول والحكومات في العالم العربي وفي تركيا وفي أمريكا اللاتينية وفي أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية التي أشرنا إليها، فإن هناك، لأول مرة، بداية هبة غير رسمية لافتة للنظر تشير إلى ميلاد وعي شعبي لايستهان به في مجتمعات غيرعربية وإسلامية نحو إدراك الطبيعة العدوانية لدولة إسرائيل. وقد أدى هذا الوعي الجديد إلى تظاهرات شارك فيها آلاف المواطنين منددين بالعدوان الإسرائيلي على غزة في عواصم ومدن المجتمعات الغربية في أوروبا والأمريكيتين وأستراليا. وهي ظاهرة مفاجئة للعقول المفكرة والمدبرة والمخططة والساسة والعسكريين في المجتمع الإسرائيلي. إذ يصعب الإقدام على القيام بغزو غزة بتلك الطريقة الوحشية لوأنهم كانوايتصورون وقوع النكسة الكارثية لسمعة إسرائيل بين شعوب العالم الغربي المسيحي على الخصوص.  إن ما أصاب ويصيب سلبيا سمعة الدولة العبرية عالميا بسبب عملها العسكري الوحشي في غزة أسوأ مما أصاب ويصيب سلبيا سمعة الولايات المتحدة الأمريكية عالميا منذ غزوها للعراق في 2003. هذا الوعي الجماهيري الصاعد في أوروبا والشرق الأوسط تجسم في تكوين شبكة من الهيئات واللجان لملاحقة ومحاكمة الإسرائليين المرتكبين لجرائم الحرب في غزة مثلهم مثل النازيين. وهوحدث يقع لأول مرة في أوروبا ضد الساسة والعسكريين الإسرائليين. وقد دشن القضاء الإسباني عملية التحقيق في جرائم الحرب التي يوجه الإتهام فيها إلى كبارالمسؤولين الإسرائليين مثل بن أليعازر. وينتظرأن يكون فتح القضاء الإسباني لهذا التحقيق مجرد بداية لما سوف يتلوه في الأسابيع والأشهر والسنوات القادمة من تحقيقات عديدة في المحاكم الأوروبية وفي طليعتها محاكم النرويج وفرنسا وبلجيكيا وبريطانيا. إن استفاقة الوعي العالمي بجرائم نظام الدولة العبرية ضد الفلسطينيين في غزة على الخصوص لم يكن عموما ينتظر وقوعها لا الفلسطينيون ولا العرب ولا الإسرائيليون.فيبدو أن الأمركان مفاجئا للجميع،فأحرجت أنظمة عربية كثيرة من المظاهرات الشعبية الصاخبة التي عرفتها العواصم والمدن والقرى. وغضب العسكريون والسياسيون الإسرائيليون الكبار من أمواج الإحتجاجات العارمة التي شهدتها بعض العواصم والمدن الأوروبية لمرات متكررة تعاطفا مع أهل غزة، من ناحية، وتنديدا بفظائع الهجوم الإسرائيلي الوحشي على المدنيين بغزة من أطفال ونساء وأطباء ومسعفي المستشفيات، من ناحية أخرى فالوعي العالمي المتصاعد في إدراك الطبيعة العدوانية للدولة العبرية يمثل جبهة جديدة يكون الانتصار فيها من أقوى أسلحة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية في مقاومتها وكفاحها ضد المشروع الإسرائيلي الذي يغتصب الأراضي العربية ويسلب الفلسطينيين حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم.  إن كسب معركة الوعي العالمي ضد صورة إسرئيل السائدة في القارات الخمس ممكن خاصة بعد مشاركة وتحمس جهات ومنظمات عالمية للقيام بالتحقيقات في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة وفي غيرها وملاحقة ومحاكمة المسؤوليين الإسرائيليين بسبب ارتكاب تلك الجرائم. تفيد آخر المعلومات أن هناك 320 منظمة حقوقية ومعنية بحقوق الإنسان مهتمة بالملف الإسرئيلي. فقد بلغ اهتمام هذه المنظمات ذروته في اجتماع ممثليها في جنيف على مدى يومي 17و18/01/2009 حيث شدد المجتمعون على عدم إفلات المجرمين من العقاب، لا لمحاسبتهم على قتل وجرح الآلاف من المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ فقط، بل لأن إفلات الإسرائيليين وحلفائهم في واشنطن وغيرها من العواصم الغربية على الخصوص من العقاب على مجازر وجرائم عديدة سابقة كان دائما عاملا رئيسيا من العوامل التي شجعت قادة إسرائيل على اعتماد القتل الجماعي المتكرر على مدى ستين عاما كاملة.ومن المؤكد بهذا الصدد أن عمليات الملاحقات والمحاكمات سوف لن تقتصرعلى قادة الدولة العبرية وحلفائها بل ينبغي أن تمتد أيضا إلى الشركات والمؤسسات التي تخصص جزءا من مواردها لصالح الكيان الصهيوني مثل كبرى المطاعم والمقاهي العالمية. وقد تتوسع الدعاوى القضائية لتشمل كذلك الحكومات التي تمول الجيش الإسرائيلي بالأسلحة الفتاكة والمحظور استعمالها دوليا باعتبار تلك الحكومات شريكة في جريمة الحرب والإبادة الجماعية، خصوصا أن بعضها كالحكومة الأمريكية وحكومات عدة دول غربية لها ما يكفي من الملفات المثقلة بقضايا جرائم الحرب والتعذيب والإختطاف القسري والإيذاء بكل أصنافه وألوانه. إن فتح هذه الجبهة القانونية والقضائية ضد الدولة العبرية وحلفائها ينبغي أن يتبناها بالكامل الفلسطينيون والعرب وأحرار العالم ومحبو الإنسانية على هذه الكرة الأرضية. وإن جبهة مركزية تتكامل مع الجبهات الأخرى: السياسية والإقتصادية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية والتربوية.بهذه المنظومة من الجبهات المتشابكة تقوى حظوظ انتصار الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين لطرد الاحتلال الإسرائيلي من أراضيهم وكشف القناع عن الوجه العدواني الحقيقي لإسرائيل أمام العالم بأسره. ومن منظور علم اجتماع المعرفة يمكن فهم مثلا سبب تحمس المنظمات الحقوقية والإنسانية الأوروبية لملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب في إسرائيل.يرجع ذلك إلى عاملين رئيسيين: 1ـ تعرض العديد من الشعوب الأوروبية لجرائم الحروب النازية. فالكثير منهم يرى وجه تشابه كبير بين جرائم القتل والإبادة التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل في غزة وفي غيرها من قبل في الأراضي الفلسطينية والعربية المجاورة للدولة العبرية والجرائم النازية. .2ـ تتصف المجتمعات الأوروبية بمستوى عال من ثقافة الدفاع عن القوانين وحقوق الإنسان.ومن ثم تفهم مشروعية درجة تحمس تلك المنظمات المفاجئة للإسرائليين والعرب على حد سواء. إنه تحمس صلب إذ ينبع من قيم ثقافية متجذرة في شخصيات ممثلي تلك المنظمات.تتمثل تلك القيم في قوة موقفها بالنسبة للدفاع عن احترام القوانين العالمية والمحلية، من جهة، ورباطة الجأش في صيانة منظومة حقوق الإنسان، من جهة أخرى. أهمية المقاومة على الجبهة الثقافية لا يسع على الخصوص عالم الإجتماع الثقافي إلا أن يؤكد أن إسرائيل قد فتحت على نفسها ـ من حيث لاتدري ـ في مطلع 2009 جبهة ثقافية ليست لصالح صورة إسرائيل .فالقيم والتصورات المنحازة للدولة العبرية منذ نشأتها في الغرب مرشحة للتغيير لصالح حقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية.لكن يشير علم الإجتماع الثقافي إلى أن تغيير القيم الثقافية والعقليات أمر بطيء. لكن يمكن الدفع به حثيثا إلى الأمام إذا عرفت تلك المنظمات وممثلوها آليات واستراتيجيات الإسراع في التغيير الثقافي في المجتمعات البشرية.ونظرا لنمط بط ء مسيرة التغيير الثقافي فإن طول النفس والصبر مطلوبان لسنوات عديدة قادمة لإمكانية كسب رهان أعز معركة لصالح العرب في صراعهم الطويل ضد اغتصاب فلسطين واحتلال أراضيهم ولصالح العالم بأسره. إذ ينتظرأن تتجلى الطبيعة الحقيقية لعدوانية إسرائيل لمعظم سكان القارات الخمس من خلال سلسلة الملاحقات والمحاكمات التي سوف يتعرض لها الإسرئيليون وحلفاؤهم في المستقبل القريب. *عالم الاجتماع  (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 8 فيفري 2008 )


أيها العرب اشتروا الاندبندنت!

 
مالك التريكي
ليس هذا إعلانا تجاريا يدعو القراء العرب المقيمين في بريطانيا وبقية بلدان أوروبا إلى شراء جريدة الاندبندنت، ولو أنها أجدر الصحف البريطانية بأن يواظب العرب على قراءتها لأنها الصحيفة الوحيدة التي لا تهاب اللوبي الصهيوني ولا تتردد، منذ إطلاقها عام 1986، في فضح الكيان العنصري الإسرائيلي المارق وفي الجهر بحقائق سياسية وإنسانية صافعة لوجه العالم الغربي المنافق. ويكفي الاندبندنت فخرا أن رئيس الوزراء السابق السيئ الذكر توني بلير قد اتهمها، مسميا إياها بالاسم، عندما وصف في أحد آخر خطاباته، قبل التنحي في منتصف 2007، وسائل الإعلام بـ’الوحوش الضارية’ التي تجعل الحكم الديمقراطي في عصرنا مستحيلا، حسب زعمه، بسبب ميلها إلى ‘الخلط بين الرأي والخبر’. وما ذاك في حقيقة الأمر إلا لأن الاندبندنت نغصت على بلير السنوات الأخيرة من حكمه المشؤوم، حيث ظلت له بالمرصاد منذ أن كذب على بلاده فأقحمها في العدوان على العراق. لا، ليس هذا إعلانا يستهدف القراء. إنما المقصود بالعرب في العنوان هم رجال الأعمال والاستثمارات تحديدا. والمناسبة هي أن الغارديان قد نشرت قبل أيام مقالا بعنوان ‘مذكرة إلى كارلوس: اشترِ الاندبندنت’. وكارلوس المقصود هو الملياردير المكسيكي ذو الأصل اللبناني كارلوس سليم حلو، الذي بدأ يهتم أخيرا بالاستثمار في الإعلام، حيث اشترى في أيلول (سبتمبر) الماضي أكثر من 6 بالمائة من أسهم شركة نيويورك تايمز، ثم منحها الأسبوع الماضي قرضا بـ250 مليون دولار لمساعدتها في مواجهة مصاعبها المالية البالغة وديونها التي تتجاوز مليار دولار. كما أنه يملك منذ مدة واحدا بالمائة من أسهم الشركة الناشرة للاندبندنت التي يملك أغلبية أسهمها، منذ 11 عاما، رجل الأعمال الإيرلندي أنثوني أورايلي. صحيح أن قطاع الصحف في مختلف أنحاء العالم يعاني من الركود منذ بضعة أعوام بسبب التراجع الحاد في عوائد الإعلانات وتناقص أعداد القراء وتحول الإنترنت مصدرا أساسيا للمعلومات والترفيه خاصة لدى شرائح الشباب. وصحيح أن صحفا عريقة، مثل شيكاغو تريبيون، قد أعلنت الإفلاس بينما أعلنت صحف أخرى، مثل كريستيان ساينس مونيتر، إلغاء نسختها الورقية والاكتفاء بموقعها على الانترنت. وصحيح أيضا أن صحيفة بريطانية عريقة مثل لندن إيفننغ ستاندارد، التي يتجاوز عمرها 181 عاما، كانت ستعلن الإفلاس والإغلاق لو لا أن أنقذها الشهر الماضي المستثمر الروسي ألكسندر ليبديف الذي اشترى أكثر من 75 بالمائة من أسهمها مقابل جنيه استرليني واحد (!) في صفقة اهتزت لها ساحة الإعلام البريطاني. كما أن من الصحيح أن الاندبندنت تتكبد منذ أعوام خسائر لا يقل معدلها السنوي عن عشرة ملايين جنيه، وأن ناشرها لم ينف هذه المرة الأنباء المتزايدة عن احتمال استعداده لعرضها للبيع، ولو أنه لم يكد يخلو أي عام طيلة العقدين الماضيين من شائعات عن قرب إغلاق الاندبندنت أو بيعها. على أن السبب الأساسي لكثرة هذه الشائعات لا يكمن في الوضع المالي للاندبندنت بقدر ما يكمن في ضيق الصحف النافذة (وكلها، باستثناء الغارديان، محافظة أو يمينية) بالاندبندنت وانزعاجها منها إما لاعتبارات مهنية تتعلق بنفَسها التجديدي الجريء في المعالجة الصحافية والإخراج الفني، أو لاعتبارات سياسية تتعلق بجسارتها في السباحة ضد التيار. بل إن الغارديان العريقة، إذ يعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1821، هي من أكثر الجرائد ترويجا للأنباء المتكررة عن قرب موت الاندبندنت (رغم أنها ‘أنباء موت مبالغ فيها’، حسب قولة مارك توين الشهيرة) وذلك لاعتبارات تجارية بحتة، حيث أن الجريدتين تتنافسان إجمالا على الشريحة ذاتها من القراء. فهل يمكن أن يظهر من بين رجال الأعمال العرب أو مسؤولي الصناديق السيادية الخليجية، الذين قاموا في الأعوام القليلة الماضية باستثمارات هائلة في البلدان الغربية خاصة في قطاعات العقار والفنادق وكبريات الشركات، مستثمر يهتم بأن يضمن للاندبندنت من الاستقرار والرعاية مثل ما يضمنه الأمير خالد بن سلطان، على سبيل الحصر لا المثال (إذ لم يفعل هذا أحد من العرب سواه)، لجريدة ‘الحياة’ منذ صار ناشرها قبل أكثر من عقدين؟ هل مثل هذا ممكن، أو حتى قابل للتصور؟ معذرة عن سذاجة السؤال.   (المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 8 فيفري 2009)


الخلل المتزايد في توازن القوى في المنطقة

 
 
محمود عوض    
بدا التدفق الإخباري متزاحماً بما يعبر عن وجوه متقاطعة للحالة الفلسطينية في آخر أبعادها المأسوية، نتيجة لتوحش إسرائيل المعلن في قطاع غزة، والمستمر بغير إعلان في الضفة الغربية. وحينما استقبل الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما قبل أيام مبعوثه الخاص جورج ميتشل للاستماع إلى نتائج جولته الأولى في المنطقة، كانت هذه إيماءة مبكرة الى حرصه على متابعة الموقف أولاً بأول. وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قد اجتمعت بجورج ميتشل أيضاً لمدة ساعة وقالت بعدها إنه شرح الخطوات اللازمة التي بحثها مع جميع الأطراف في المنطقة للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار (في قطاع غزة)، معلنة أن ميتشل سيعود إلى المنطقة قبل نهاية الشهر الجاري. لكن الوزيرة الأميركية قطعت الطريق على أي مفاوضات مباشرة مع «حماس» ما لم تقبل بشروط الرباعية الدولية، وهي الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف واحترام الاتفاقات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل. إذن في هذه المرحلة فإن الأولوية الأميركية هي لاستعادة وقف إطلاق النار وبشكل دائم وعلى أساس اتفاقية المعابر التي سبق لسلطة محمود عباس إبرامها مع إسرائيل برعاية أميركية في 15/11/2005. لكن المشكلة هنا تظل غياب الأفق العام لهذا الذي يجري، وإلا أصبح كل المأمول إنجازه هو المزيد من الشيء نفسه. فالشرط المطلوب من «حماس» الآن هو تسديدها مسبقاً ما سبق للسلطة الفلسطينية تسديده أيضاً، ومسبقاً، من دون أن يؤدي هذا إلى أي إنجاز تفاوضي حقيقي بالنسبة الى الأراضي المحتلة. كل ما جرى هو «تنظيم» الاحتلال بدلاً من إنهائه. وحتى ملف الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال الإسرائيلي – وهم أكثر من 11 ألفاً – لم تتحرك إسرائيل فيه قيد أنملة. وإذا كانت المجزرة التي مارستها إسرائيل في قطاع غزة أخيراً، لمدة 22 يوماً، روعت العالم فإن إسرائيل لها ملف متضخم ومتكرر من المجازر ضد الفلسطينيين من قبل حكم «حماس» لقطاع غزة. مجازر بحجم ما فعلته في جنين (2002) وفي رفح (2004) وفي جباليا (2004). والآن لدينا وجه إيجابي يعبر عنه تحرك الإدارة الأميركية من أسبوعها الأول بإيفاد جورج ميتشل إلى المنطقة، وله فيها سابق تجربة منذ سنة 2000. لكن في اليوم نفسه الذي استقبله فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما كانت الدانمرك تشهد وجهاً آخر للتوجه الأميركي نفسه. ففي كوبنهاغن بدأ اجتماع رتبت له أميركا، وحضره مسؤولون من وزارات الدفاع والخارجية والاستخبارات. هؤلاء يمثلون أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وإسبانيا وهولندا والنروج والدانمرك. والهدف المعلن إعلاميا للاجتماع هو وضع ترتيبات لمنع وصول الأسلحة إلى حركة «حماس» في قطاع غزة. المثير للتأمل في هذا الجانب هو أن اجتماع كوبنهاغن يجيء تنفيذاً لمذكرة تفاهم، كان قد جرى التوقيع عليها في واشنطن في 16/1/2009، بين كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية في حينه وتسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل. المذكرة عبرت عن اتفاقية خطيرة مفاجئة، خصوصاً أن الملتزمة بها كانت إدارة أميركية غاربة لم يكن باقياً على خروجها من السلطة سوى أقل من أربعة أيام، يومان منها إجازة رسمية. لكن مضي إدارة باراك أوباما الآن في الالتزام بتلك المذكرة، وحماسها في المسارعة الى تنفيذها، يعني أنه جرى التشاور معها بشأنها مسبقاً. الغطاء المختار لمذكرة التفاهم تلك كان منع إعادة تسلح حركة «حماس» ووقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. لكن مسارعة فرنسا إلى إرسال إحدى سفنها الحربية بموازاة ساحل غزة، وتلقي مصر رسالة مشتركة من حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا، والآن الترتيب لهذا الاجتماع الطارئ في كوبنهاغن بين عشر دول تتقدمها أميركا، كل هذا أصبح مؤشراً ملفتاً لأوضاع واهتمامات أمنية مستجدة. تلك الترتيبات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية تشمل منطقة متسعة من مضيق جبل طارق غرب البحر المتوسط إلى خليج عدن مروراً بالبحر الأحمر إلى مضيق هرمز مروراً بالمحيط الهندي. هل تصلح لافتة «منع إعادة تسلح حماس» غطاء لكل هذا، ومن تحت عباءة عشر دول تجمع بينها عضوية منظمة حلف شمال الأطلسي؟ لقد كان مفهوماً هنا توجس مصر من هذا الذي يجري وأيضاً – حسب ما نشر صحافياً – أن ترفض دعوة أميركية لها للمشاركة في مؤتمر كوبنهاغن هذا (4 و5/2/2009). التوجس هنا منطقي ومبرر، خصوصاً أن واشنطن لم تأخذ في الاعتبار مصالح مصر عند توقيع مذكرة التفاهم مع إسرائيل، ولا حتى تشاورت معها مسبقاً. في الوقت نفسه تابعنا اجتماعاً تشاورياً في أبوظبي لوزراء خارجية تسع دول عربية قالت عنها التقارير الإعلامية إنها تمثل «معسكر الاعتدال» في العالم العربي (في مواجهة معسكر الممانعة). وذكرت ثلاثة اهداف للاجتماع: أولها دعم جهود المصالحة الوطنية الفلسطينية الهادفة إلى إنهاء حالة الانفصال بين غزة تحت سيطرة «حماس» منذ صيف 2007، والسلطة الفلسطينية في رام الله. ثانياً تقديم دعم عربي لمحمود عباس للتجاوب مع مقترحات يقال إن جورج ميتشل المبعوث الرئاسي الأميركي كان قد طرحها لاستئناف التفاوض الإسرائيلي الفلسطيني بعد أسابيع من مؤتمر المانحين لإعادة إعمار غزة المقرر انعقاده في مصر في الشهر المقبل. وثالثاً إعطاء رسالة إلى «معسكر الممانعة» بأن أي مصالحة عربية ستتوقف على مدى تكيف حركة «حماس» مع الترتيبات الجديدة. في الواقع إن كل هذه الوجوه المتقاطعة تبرز الخلل المتزايد أخيراً في توازن القوى في المنطقة. فإسرائيل شنت حرباً متوحشة ضد أهالي قطاع غزة استمرت 22 يوماً، كادت تحول مبانيه إلى خراب وسكانه إلى أشلاء. وإذا كانت الحجة في هذه المرة صواريخ «حماس»، فماذا كانت الحجة الإسرائيلية في كل المجازر السابقة ضد الشعب الفلسطيني قبل أن تحكم «حماس» قطاع غزة؟ بل إن إسرائيل ردت على مبادرة السلام العربية المعلنة من قمة بيروت في سنة 2002، بإعادة احتلال المنطقة «أ» من الضفة الغربية، وحاصرت ياسر عرفات ومقر السلطة ذاته في رام الله. من جانب آخر فقد ارتكبت منظمة «فتح» وحركة «حماس» خطايا مريعة من البداية، ومن مداخل مختلفة، بما أدى إلى تراجع غير مسبوق في القضية الفلسطينية وشرخ حاد قسم الشعب الفلسطيني ذاته. سلطة رام الله صدقت أنها سلطة فعلا، فعاثت فساداً وقمعاً. وحركة «حماس» تهيأ لها أنها قادرة على الدخول إلى مفرمة اتفاق أوسلو وتوابعه، والاستمرار في الوقت نفسه في نهج المقاومة. على المستوى الفلسطيني كانت القضية بالأساس هي تنفيذ قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1947. ثم تحولت إلى استعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وبعد اتفاق أوسلو تحولت القضية إلى تقسيم التقسيم. والآن تنقسم السلطة نفسها إلى سلطتين لا تملك أي منهما حتى حرية الحركة من مدينة إلى أخرى. وبينما أصبحتا تكيدان لبعضهما بعضاً يستمر الاحتلال الإسرائيلي في ابتلاع الأرض، فسجل في العام الماضي بمفرده أعلى زيادة في معدل الاستيطان في الضفة الغربية. وبينما تختصر السياسة الأميركية القضية إلى مجرد بعد أمني، ويقتصر الانشقاق العربي على من هو معتدل ومن هو ممانع، تكاد القضية الفلسطينية تتحول من الأسمنت الذي يلحم العالم العربي معا إلى الديناميت الذي يمزقه إربا. مع ذلك لم يتأخر الوقت على التصحيح إنما بشروط. في المقدمة منها حقيقة أن القضية الفلسطينية تستحق قيادات أفضل من تلك القائمة. والعالم العربي يستحق أولويات مختلفة في مقدمها أن إسرائيل تظل – أمس واليوم وغداً – هي العدو حتى إشعار آخر. * كاتب مصري   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 9 فيفري  2009)

:دمج مستغرب بين الوطن وأهل الحكم …
نحو حل تاريخي عربي لأزمة النظم الجمهورية

عبدالله الأشعل     يعاني العالم العربي من أزمات متلاحقة تختلط فيها الأسباب الداخلية بالأسباب الخارجية وتكون النتيجة توتراً بين الشعب والحاكم، وإرهاقاً للمواطن، وظواهر جديدة يحاول فيها الحاكم أن يؤكد سلطاته ويحكم قبضته، فترتفع حساسيته تجاه الانتقاد والمراجعة، ما يؤدي إلى تعديل الدساتير، وتزوير الانتخابات، وأضحى كل من يبدي اعتراضاً على الانحرافات، معارضاً، والتصدي للمعارضة بكل أنواع الإيذاء والمطاردة « دفاعاً مجيداً » عن الوطن ضد الأعداء ما دام الوطن هو النظام، أما نقد النظام فهو تهجم غير مقبول على هذا الوطن. في سياق هذه المنظومة تتم التضحية بالمصالح العليا في مقايضة مع الأطراف الأجنبية. وشهدنا انقلاباً خطيراً في مفهوم السيادة، فأصبح النيل من مصالح الوطن على يد الحاكم ضرباً من الوطنية وممارسة صحيحة للسيادة، وأمسى انتهاك الحاكم للدستور والقوانين من أعمال السيادة الحقة، ونقد سلوك الحاكم إزاء المواطنين في دولته سنوات تطاولاً وفضولاً وتدخلاً في ما هو مقدس بين الحاكم والمواطنين. والهدف من هذه المقالة ليس مقالاً آخر في نقد الحاكم أو ذم التدخل الأجنبي، بل هو البحث عن حل تاريخي يريح الجميع، فيحفظ كرامة الوطن وحقوق المواطن، ويرضي الحاكم، ولا يغضب الأطراف الأجنبية. وإذا أردنا الانتقال من هذه العموميات إلى تشريح الواقع العربي، نلاحظ أن النظم السياسية قسمان، قسم جمهوري اعتبر أن إعلان الجمهورية انتصاراً على الاستعمار في بعض الدول، أو قضاءً على الملكية الفاسدة المستبدة في دول أخرى، فاحتفل الناس به بطريقة ذكرتنا بانتصار الثورة الفرنسية على الإقطاع، وصار كل جمهوري فضيلة وكل ملكي رذيلة، وبلغ تمسك الشعب المصري بالنظام الجمهوري أن ورد النص في دستور مصر 1971 على أن النظام الجمهوري أبدّي، وأن هذا النص يفلت من كل فرص تعديل الدستور، أي أننا نعدل كل أحكام الدستور ويظل لهذا النص قداسته وحصانته. على رغم إنني عندما قرأت هذا النص والأعمال التحضيرية للدستور أدركت أن مصر عام 1971 بدأت تدخل مرحلة الاتزان والحياد بين الملكية والجمهورية، وأن عداءها للملكية بدأ يتآكل، خصوصاً مع ظهور سلوكيات النظام الجمهوري وما أحدثه في مصر، فضلاً عن أن الحماس في النظام الجمهوري ارتبط بحالة ثورية في الداخل وبحركة استقلالية في الخارج، ولكنها ترقد في النهاية في الحضن السوفياتي، وبذلك أدخلنا هذا الحماس من دون أن ندري داخل هذا التقسيم الثنائي بين الشرق والغرب، فوقعت حرب باردة في العالم العربي أيضاً بين النظم الجمهورية «الشرقية» وبين الملكية «الغربية». وسجل العقد الأخير محاولات مستميتة لتعديل الدساتير العربية الجمهورية حتى تضمن البقاء للحاكم في السلطة إلى يوم الوفاة، فانتهى واحد من أهم قسمات الحكم الجمهوري، وهو عدم الارتباط بين الحاكم وبين السلطة، ولم نعد نشهد رئيساً سابقاً. وظهرت الرغبة العارمة في توريث الحكم لأبناء الحكام، وهذه صفة النظم الملكية، بصرف النظر عن الطريقة التى يتم بها التوريث، وأظن أن تعديل الدساتير والسعي للتوريث أصبح ظاهرة عامة لا تحتاج إلى بيان. ولكي يتمكن الحكام الجمهوريون، الذين تمتعوا بسلطات تفوق أي ملكية في العالم، من تعديل الدستور تمهيداً لتوريث الحكم فإنهم أحاطوا أنفسهم بثلة من المتخصصين في تحقيق هذه النقلة وهذا اللغز: كيف تظل جمهورياً وأنت ملكي حتى الثمالة؟ فيرضي ذلك غرور البعض من المتمسكين بأذيال الجمهورية، كما يحقق لهم الهيمنة الكاملة على مقدرات الوطن. وصدر كتاب قيم عام 2006 في جنوب افريقيا يعالج ظاهرة التمسك بالسلطة، التي ركز الإعلام الغربي على حالة واحدة منها وهي زيمبابوي والرئيس روبرت موغابي. والذي رفض الحكام الأفارقة في قمة شرم الشيخ، على رغم التحريض الغربي عليه، أن يعلقوا بكلمة واحدة على تزويره الانتخابات، ودخوله هذه الانتخابات وحده بعد أن فر زعيم المعارضة بجلده إلى السفارة الهولندية في هراري. أما أسباب التمسك بالسلطة فهي كثيرة ولكن ليس هذا مجال تحليلها. وهكذا نخلص في النهاية إلى أن بعض رؤساء الجمهوريات في العالم العربي يسلكون سلوكاً لا جمهورياً ولا ديموقراطياً. ويترتب على هذه الحقيقة أن أسرف الحكام الجمهوريون في تزوير الانتخابات وأقاموا مع الخارج جسوراً عريضة من المصالح المتبادلة، بينهم وبين هذا الخارج. وتكفي الإشارة السريعة إلى المشروع الأميركي لنشر الديموقراطية في العالم العربي، الذي ظهر ثم اختفى كالبرق، بعد أن ظهرت الديموقراطية العراقية نموذجاً في فشل هذه الدعوة. ويؤدي تزوير الانتخابات إلى تشكيل مجالس نيابية على هوى الحاكم، فبدلاً من أن يصبح البرلمان أداة مهمة لرقابة الحكومة ومراجعتها والمطالبة بسقوطها، أصبحت الحكومة تحل محل البرلمان. فتنتهك الدستور، وتتجاهل أحكام القضاء الذي أفسدته ومزقت صفوفه بين مؤيد للحاكم ومؤيد للوطن واستقلال القضاء، فانهارت مؤسسات الدولة، وعمد الحكام إلى توظيف أسوأ عناصر الأمة وأدناها كفاءة وأبعدها من النزاهة، فأساؤوا إلى مصالح الوطن. وحتى يتحقق للجميع ما يصبون إليه أقترح أن نعدل دساتير الدول الجمهورية لتصبح دولاً ملكية، على أن يلتزم الحاكم الملك بعدد من الضوابط، أولها أن يستخدم في حكومته أكثر العناصر كفاءة في وطنه، وثانيها أن يحقق النزاهة الواجبة في الانتخابات، وثالثها أن يبني علاقة صحيحة بين البرلمان والحكومة، فلا يحمي فساداً أو يساند ظلماً، ويتلبس بالوطن ويصبح حارساً ورمزاً للوطنية فيه، فيمسي ملكاً يملك الوطن ولا يحكمه، ويترك الحكم والإدارة والسياسة للقادرين عليها بكل تجرد. * كاتب مصري   (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 9 فيفري  2009)

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.