الأحد، 4 مارس 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2477 du 04.03.2007

 archives : www.tunisnews.net


المرصد التونسي للديمقراطية وحقوق الإنسان: النظام التونسي يشن حملة متعددة الواجهات

 صــابر : شهادة مؤلمة لأم السجين السياسى ( من ضحايا  قانون الإرهاب ) أحمد سهيل أ. ف. ب. : تونس: تأكيد الحكم على الشريك الانتحاري منفذ إعتداء جربة رويترز:محكمة تونسية تؤيد حكما بسجن عم مفجر انتحاري الجزيرة.نت: تونس تخطط لخصخصة أكثر من 20 منشأة اقتصادية رويترز: تونس تؤكد على ضرورة تطوير الخطاب الديني لدرء للتطرف ارنا: تونس ترغب في مشاركة ايران بتنفيذ مشاريع البني التحتية فيها آكي: خمسة ملايين يورو لإصلاح تعليم الفرنسية في تونس الاستاذ علي العريض: تأكيد حقوق المرأة التونسية و تفعيل دورها الثابتي بن بلقاسم: إليك إن كان فيك خير و رجاء يا رجاء عباس: للذكر مثل حظ الأنثيين (2) : عدالة إلهيه إلاّ أن أكثر الناس لا يعلمون عبدالباقي خليفة: تونس أو جمهورية الغث إلى أين ؟! د.نجيب عاشوري: إشكاليات التحول الديموقرطي في البلدان العربية3 الأستاذ الهادي المثلوثي: عن أي مجتمع مدني نتحدث وأي مصير ينتظرنا؟  توفيق المديني: تحويلات المهاجرين خميس قشة الحزامي: نحو بناء ثقافة إسلامية أوروبية فاعلة. »جواب على التصريحات المسيئة  » الهادي بريك: الأسرة : أكبر مقاصد الإسلام وأول مصانع الإنسان مرسل الكسيبي :التجديد والتشبيب والواقعية والانفتاح والا تعميم الحالة القطرية إسلام أون لاين.نت: باحث تونسي يزعـم: أن الاسم الحقيقي لمحمد صلى الله عليه وسلم.. « قـثـم »! المصريون اليوم: ميلاد بيرم التونسي


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


المرصد التونسي للديمقراطية وحقوق الإنسان

 

بيـــــان

النظام التونسي يشن حملة متعددة الواجهات

في 4 مارس 2007

يتابع « المرصد التونسي للديمقراطية وحقوق الإنسان » بانشغال كبير الانتهاكات المسجلة في مجال حقوق الإنسان في تونس منذ بداية السنة الإدارية 2007 في حق المواطنات والمواطنين  التونسيين والمنظمات الوطنية.

 

1 – فقد شهدت تونس نهاية 2006 وبداية 2007 « اشتباكات مسلحة » بين قوات الأمن مدعومة بالجيش، وعناصر « مسلّحة » صحبتها حملة اعتقالات واسعة في صفوف الشباب المتديّن في مختلف ولايات البلاد. و أكد المعتقلون تعرضهم لأنواع مختلفة من التعذيب في مراكز الإيقاف و عبروا عن امتعاضهم من الظروف القاسية التي يعيشونها داخل السجن والمتمثلة في الاكتظاظ وغياب التهوية والمرافق الصحية إذ يتقاسم 70 سجينا في غرفة واحدة مرحاضين وحنفيتين، وهو ما يتسبب في انتشار أمراض جلدية خطيرة بينهم. كما تولّت مصالح أمن الدولة تزوير محاضر البحث بتغيير تواريخ الاحتفاظ وذلك بغرض التغطية على تجاوز مدة الاحتفاظ القصوى التي حددها القانون بـ6 أيام. وقد أكد العديد من المراقبين للشأن التونسي أن الطريقة التي تم بها إيقاف العديد من المعتقلين تنم على إصرار في التشفي والتنكيل وفي انتهاك الحرمات حيث اتسمت عامة بملابسات و ظروف غير إنسانية ومرعبة.

ولم تقتصر معاناة الإيقاف على استهداف المساجين بل تعدتهم إلى التنكيل بعائلاتهم، حيث تم اتخاذ بعض أفراد العائلات رهائن لإجبار الفارين من المطلوبين – الذين اضطروا إلى الاختفاء تهربا من ويلات التعذيب والإيقاف وإلصاق التهم المجانية – على تسليم أنفسهم. كما تعمدت السلطات الأمنية التونسية التكتم عن أماكن حجز الموقوفين مما زاد في حيرة و معاناة أهاليهم.

وقد أحالت السلط التونسية خلال شهر جانفي 2007 أكثر من مائة مواطن على قلم التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بتونس وذلك بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب.

2 – و في محاولة من السلطات التونسية لمنع الرابطة من ممارسة نشاطها وتحييدها عن كشف حقائق ما يجري في أقيية وزارة الداخلية، أصدرت الدائرة المدنية الأولى بالمحكمة الإبتدائية بتونس يوم السبت 17 فيفري 2007 الحكم في القضيتين اللتين كان رفعهما عدد من المنتمين إلى الحزب الحاكم، التجمع الدستوري الديمقراطي ،لإلغاء الدعوتين اللتين كانت الهيئة المديرة للرابطة وجهتهما في سبتمبر 2005 ثم في ماي 2006 لعقد المؤتمر الوطني السادس للرابطة .

وقد قضت المحكمة  »إبتدائيا بإبطال الدعوة الموجهة من الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لعقد مؤتمر الرابطة أيام 09 و 10 و 11 سبتمبر 2005 وكل ما ينتج عنها من قرارات وأشغال وهيئات وحمل المصاريف القانونية عليها …مع الإذن بالنفاذ العاجل  ». ( أما الحكم الثاني فهو بنفس الصيغة مع تغيير بخصوص تاريخ المؤتمر الذي تلغى الدعوة له وهو تاريخ 27 و 28 ماي 2006) .

3 – في الاسبوع قبل المنقضي عمدت السلطات التونسية إلى قطع خطوط الإنترنت على مقر الجمعية التونسية للدفاع عن المساجين السياسيين.

4 – ازدادت المضايقات التي يتعرض لها المساجين السياسيون وذلك بتعرض السادة أيمن الدريدي و محمد عبو و رضا البوكادي إلى الإهانة والتعنيف من طرف حراس السجن.

5 – تواصل معاناة المساجين السياسين السابقين واللذين تم اطلاق سراحم في مناسبات سابقة وذلك بمنعهم من الشغل وحرية التنقل واستدعائهم إلى مصالح وزارة الداخلية والتحقيق معهم حول نشاطاتهم.

 

و « المرصد التونسي للديمقراطية وحقوق الإنسان »  إذ يسجل هذه الدفعة الأولى من الانتهاكات التي بلغت إلى علمه، فإنه يدينها ويطالب السلطات التونسية بإطلاق سراح جميع الموقوفين فورا وباحترام المواثيق الدولية التي أمضت عليها الدولة التونسية في مجال حقوق الإنسان وفي مقدمتها حق التعبير بجميع الصيغ السلمية.

 

كما يستنكر « المرصد » الحكم الصادر في حق الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ويطالب السلطات التونسية بالتراجع عنه وفسح المجال أمام الرابطة لممارسة أنشطتها بكل حرية. ويناشد كل المنظمات الوطنية والدولية الوقوف إلى جانب الرابطة في محنتها.

يدعو المنظمات الدولية إلى زيارة السجون التونسية والتحقيق في الاعتداءات المتكررة على المساجين السياسين وكذلك للاطلاع على ظروف الحبس والإقامة.

يطالب السلطات التونسية بالكف عن مضايقة المسرحين من السجن و تمكينهم من الشغل وحرية التنقل.

 

المرصد التونسي للديمقراطية وحقوق الإنسان

لمراسلتنا:      info@tunis-online.net

 

لزيارة موقعنا:   www.tunis-online.net

 


 
بسم الله الرحمان الرحيم

شهادة مؤلمة لأم السجين السياسى ( من ضحايا  قانون الإرهاب ) أحمد سهيل

مقطع من العدد 43 من قناة الحوار التونسى ( قام بعملية القطع والتسكين صابر http://www.dailymotion.com/video/x1cz3m_te…-de-mamon-ahmed بحرقة الأم الملتاعة .. تجلجل بشهادتها المؤلمة.. موجوعة من سوط الظلم الأرعن .. طفح بها الكيل وإستوت حياتها إلى ألم مستديم لفقد فلذة كبدها الذى سُرق من بين يديها فى لمحة البصر على أيدى عصابات الا أمن التونسى من أجل جرم يقترفه كل العالم التحضر اليوم ألا وهو السباحة فى العالم الإفتراضى : الأنترنت .. لقد تحول هذا الشوق إلى المعرفة إلى مقصلة لحرية الشباب فى تونس بدعاوى متهاوية وهي الإرهاب زعموا … أي إرهاب غير ذلك الذى يمارسه النظام الجاثم بقوة الحديد والنار على صدور التونسيين يذيقهم من الإرهاب ألوانا ومن الظلم كؤوسا لم يعرفها تاريخ تونس الحديث على الإطلاق ليست الكلمات معبرة عن هذه الفاجعة فى شباب هم مستقبل تونس الغد , يقضم مستقبلهم السجن القاسى ويلهب أفئدة أمهاتهم وآباءهم لهب فقد الأبناء خلف حيطان عالية صماء تحرسها قلوب قدت من صخر وأشربت الغل ونزعت من سويداء قلوبها كل معانى الإنسانية شهادة أم السجين السياسى الشاب أحمد سهيل التى قدمتها قناة الحوار التونسى فى عددها الأخير ( عدد 43 ) تصيب المرء بالفاجعة وتغتصب منه العبرات والحسرات على ما وصلت إليه حال أسر تونسية ربت أبناءها على التقوى والإستقامة فسجلهم نظام تونس فى قوائم الإرهاب ليبيعهم فى سوق نخاسة السياسة الدولية بكرسى لا يريد أن يفارقه إلا للقبر … فأي حق يتسلط حكام تونس اليوم على البلاد ليحكموها بقوانين الجور والإسبداد !!!!؟ كم بلغ المظالم فى بلدى الحبيب تونس ؟؟؟؟؟؟؟!!! .. لقد تحولت البلاد إلى منفى لأهلها ومزرعة لحكامها الظلمة… لقد قال سيد قطب رحمه الله يوما عن الظلم الذى وقع فى مصر آن ذاك أن ما نسبته 99 % من الظلم موجودة فى مصر وأن 1% طاف العالم وعاد إليها , ونحن اليوم فى تونس يصدق فينا هذا القول تماما … ولكن مهما عتى الظلم وإمتد بطشه وعلى صوته فإن قوة الحق تقهره ولو بعد حين وإن من المحنة لتولد المنحة … والله نسأل أن يربط على قلوب كل أسر المساجين السياسيين وأن يرفع عنهم البأس والأذى إنه ولي ذلك والقادر عليه.. والحمد لله رب العالمين صــــابر : سويســــرا


محكمة تونسية تؤيد حكما بسجن عم مفجر انتحاري

تونس (رويترز) – قالت مصادر قضائية إن المحكمة العليا في تونس أيدت يوم السبت حكما بالسجن لمدة 20 عاما على عم مفجر انتحاري بسبب دوره في الهجوم الذي أودى بحياة 21 شخصا غالبيتهم ألمان. وقتل فرنسيان و14 المانيا وخمسة تونسيين عندما اقتحم مفجر انتحاري بشاحنة صهريج محملة بغاز الطهي مزارا يهوديا بتونس في عام 2002. وكان التفجير الذي وقع في جزيرة جربة الجنوبية وهي المزار السياحي التونسي الرئيسي هو أول هجوم تعلن القاعدة مسؤوليتها عنه في دولة عربية بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة. وقال سمير بن عمور محامي بلجاسم نوار (45 عاما) ان القاضي فتحي بن يوسف أيد الحكم ضد موكله بسبب مساعدته للمفجر الانتحاري في تنفيذ الهجوم. وكانت محكمة أدنى درجة أدانته في يونيو حزيران بنفس الاتهامات وحكمت عليه بالسجن 20 عاما. ودفع نوار ببراءته أمام كلتا المحكمتين. وقال بن عمور « نحن متأكدون من أنه بريء… نأمل في عفو رئاسي. »  


تونس: تأكيد الحكم على الشريك الانتحاري منفذ إعتداء جربة

أ. ف. ب. تونس: أكدت محكمة النقض التونسية الحكم بالسجن عشرين عامًا الصادر على الشريك التونسي منفذ الإعتداء على المعبد اليهودي في جربة (تونس) الذي أوقع 21 قتيلاً عام 2002، كما صرح محاميه لفرانس برس اليوم السبت. وأكد مصدر قضائي أن محكمة النقض قضت الجمعة برفض الالتماس موضوعًا وتأكيد العقوبة.  وكان بلجاسم نوار (45 سنة) ادين بالتواطؤ الجنائي للقتل مع سابقة الإصرار والترصد مع ابن شقيقه نزار نوار الذي أعلنت وفاته حرقًا في شاحنة صهريج فجرها في 11 نيسان (أبريل) 2002 أمام معبد الغريبة في جزيرة جربة. وقتل 14 سائحًا المانيًا وخمسة تونسيين وفرنسيين في اعتداء تبناه تنظيم القاعدة.  كما اتهم بلجاسم نوار بـ « الانضمام إلى عصابة إجرامية والتواطؤ في حيازة مواد متفجرة وصنعها « . وحكمت عليه محكمة الدرجة الأولى في حزيران (يونيو) 2006 قبل أن تؤكد محكمة الإستئناف الحكم في كانون الاول(ديسمبر) الماضي. وقد أنكر بلجاسم الذي ألقي القبض عليه غداة الهجوم كل التهم المنسوبة إليه مؤكدًا عدم علمه بمخططات ابن شقيقه الارهابية.  واتهم بلجاسم الذي يعمل في صنع عربات الخيل بمساعدة ابن اخيه نزار نوار في وضع صهريج غاز منزلي في الشاحنة التي فجرها أمام المعبد اليهودي الذي يزوره العديد من السياح. وبلجاسم نوار هو المتهم الوحيد الذي يحاكم في تونس في إطار هذه القضية التي كان لها تشعبات في فرنسا واسبانيا والمانيا. وقام باستجوابه قضاة ألمان وقاضي مكافحة الإرهاب الفرنسي جان لوي بروغيير وفقًا لمحاميه سمير بن عمور.  
 

 

تونس تخطط لخصخصة أكثر من 20 منشأة اقتصادية

تخطط السلطات التونسية لخصخصة أكثر من 20 مؤسسة ومنشأة اقتصادية خلال العام الجاري، وذلك ضمن إطار برنامج تنموي يستهدف تفعيل الاقتصاد التونسي وإعادة هيكلته لتحسين قدرته التنافسية. وبحسب تقرير اقتصادي تونسي فإن المؤسسات والمنشآت المعنية بهذا البرنامج تنشط في مجالات متنوعة منها الطاقة والبنوك والسياحة والتجارة والصناعات المعملية. وأوضح التقرير أن عمليات الخصخصة المبرمجة خلال العام الجاري ستخضع لأكثر من صيغة منها فتح رأس مال هذه المؤسسات أمام القطاع الخاص، إلى جانب بيع أصول شركات وإسناد إنجاز تمويل واستغلال بعض المشاريع الكبرى. وأشار إلى أن المشاريع الكبرى التي يشملها البرنامج هي بناء مصفاة لتكرير النفط بمنطقة الصخيرة وتشييد مطار دولي وميناء المياه العميقة بمنطقة النفيضة، إلى جانب إقامة محطتين لتطهير المياه بتونس العاصمة ومحطة ثالثة لتحلية مياه البحر في جزيرة جربة. وكانت تونس نفذت العام الماضي عددا من عمليات الخصخصة منها صفقة بيع 35% من رأسمال مؤسسة « اتصالات تونس » التي وصفت بأنها الأبرز والأضخم في تاريخ تونس الحديث. وكانت قيمة هذه الصفقة التي فازت بها شركة ديجيكوم الإماراتية على حساب مؤسسة فيفندي الفرنسية قد تجاوزت 2.2 مليار دولار. يشار إلى أن تونس دخلت منذ 26 عاما في مسار تدريجي للخصخصة بهدف تحسين القدرة التنافسية لاقتصادها وتعزيز دور القطاع الخاص ومساهمته في جهود التنمية، بالإضافة إلى محاولة التخفيف من الضغوط على موازنة الدولة وتوجيه الموارد نحو مشاريع البنية الأساسية. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 4 مارس 2007)  

تونس تؤكد على ضرورة تطوير الخطاب الديني لدرء للتطرف

تونس (رويترز) – دعا مستشار بارز للرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاحد الى ضرورة تطوير الخطاب الديني واثراء مضامينه تجنبا لخطر التطرف الذي بات يهدد دول المغرب العربي بشكل جدي أكثر من اي وقت مضى. وشدد عبد العزيز بن ضياء المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية ووزير الدولة على الحاجة « لتطوير الخطاب الديني لمواجهة الدور الخطير الذي تلعبه بعض القنوات التلفزية في التأثير على قناعات الشباب عبر خطابات مغلوطة وافكار هدامة » ورأى بن ضياء خلال منبر للحوار نظمه حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم بضاحية المرسى أن تطوير الخطاب الديني يكون « عبر اثراء مضامينه من خلال مواصلة تأهيل رجال الدين والائمة والخطباء حتى يكونوا ملمين بانجع تقنيات الخطابة والتبليغ والاقناع ». وأضاف مستشار الرئيس التونسي أن « افضل طريقة لدحض الاشاعة والتصدي لها هو القدرة على اثبات عكسها ». وتأتي هذه الدعوة بعد اسابيع من مواجهة مسلحة نادرة بين قوات الامن التونسية وعناصر جماعة سلفية انتهت بمقتل 14 واعتقال 15 اخرين وفقا لوزارة الداخلية. وشدد بن ضياء على « جسامة المسؤولية الموكولة لكل من الاسرة والمدرسة ومكونات المجتمع المدني في الاحاطة بالشباب وتحصينه من التربية والحوار والتوعية والتثقيف ازاء مخاطر التطرف والارهاب ». ويشكل الاهتمام بمشاغل الشبان وخصوصا ايجاد فرص عمل لخريجي الجامعات ابرز التحديات التي تسعى الحكومة التونسية لمواجهتها. ويشكل الخريجون شريحة كبرى من 80 الف شاب يدخلون سوق العمل كل عام.

تونس ترغب في مشاركة ايران بتنفيذ مشاريع البني التحتية فيها

طهران اعلن وزير التجارة والصناعات اليدوية التونسي منذر الزنايدي الرغبة بان تشارك الجمهورية الاسلامية الايرانية في تنفيذ مشاريع البني التحتيه في بلاده. وقال الزنايدي لدي استقباله مساعد رئيس منظمه تنمية التجارة الايرانيه علي هوشمندي منش، ان العلاقات بين البلدين ممتازة الا ان الامكانيات والطاقات لديهما ليست معروفة كل للجانب الاخر لكي يتم اختيار المجالات المناسبة للتعاون. واضاف، ان ايران يمكنها اقامة تعاون مشترك مع تونس في مجال الخدمات الفنية والهندسة في قطاع احداث مصافي النفط ومصانع الاسمنت وسائر المشاريع الانمائيه.وقال الزنايدي، ان تونس يمكنها بدورها ان تكون بوابه للسلع الايرانيه الي اوروبا وافريقيا وان توفر الارضيه للتعاون مع طرف ثالث بصوره جيده. من جانبه قال مساعد رئيس منظمه تنميه التجارة الايرانية في هذا اللقاء، ان ايران تمتلك قدرات وفيره في مختلف المجالات الصناعيه والاعماريه والزراعيه وان الشركات الايرانيه العامه والخاصه راغبه بالمشاركه في تنفيذ المشاريع التنمويه في تونس. ويضم الوفد الايراني ‪ ۳۰‬شخصا من مسوولي الوزارات والشركات التابعه للقطاعين الخاص والعام وكان قد زار قبل ذلك المغرب والجزائر واقام فيها ملتقيات اقتصاديه مشتركه عرض فيها القدرات الصناعيه والتجاريه ومجالات مشاركه الشركات الايرانيه مع الاطراف الخارجيه، الامر الذي لقي ترحيبا في هذه الدول. ارنا

 

 

خمسة ملايين يورو لإصلاح تعليم الفرنسية في تونس

تونس وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – أعلن يوم (الجمعة) عن توقيع فرنسا و تونس على اتفاقية للتعاون في مجال التعليم العالي بتمويلات تقدر 5.1 مليون يورو تتعلق ببرنامج إصلاح وتعصير تعليم اللغة الفرنسية في مستوى التعليم العالي وذلك للنهوض باللغات الأجنبية . وسيسمح هذا البرنامج بتعصير التعليم في أقسام اللغة الفرنسية بالجامعات التونسية ودعم تنويع الشعب وملاءمتها مع سوق الشغل إلى جانب تشجيع الشعب التطبيقية وشعب الامتياز وضمان تكوين مستمر للمدرسين وإيجاد شعب جديدة تهم تعلم اللغة الفرنسية لأغراض مهنية والترجمة والمقاربات الاتصالية وغيرها. كما يرمي البرنامج أيضا إلى تمكين هذه الأقسام من مراكز توثيق ميلتيميديا تسمح بالتكوين الذاتي للطلبة كما يرمي إلى ضمان التكوين المستمر للمدرسين خارج أقسام الفرنسية على غرار معاهد عليا أخرى وكليات الطب والعلوم وغيرها فضلا عن تعصير مناهج اللغة الفرنسية لغير المختصين. هذا و قد تولى التوقيع على هذه الاتفاقية سفير فرنسا بتونس سارج ديغالي و الأزهر بوعوني وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا في الحكومة التونسية
 


مداخلة  الاستاذ علي العريض  في الندوة التي عقدت حول دور المرأة  والمساواة بينها و بين الرجل  و ذلك في إطار نشاط منتدى الحوار الفكري لهيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات بتونس بسم الله الرحمان الرحيم

تأكيد حقوق المرأة التونسية و تفعيل دورها

-I تأطير القضية :
إن تحرير المرأة من المظالم المسلطة عليها عبر التاريخ و تكريس حقوقها و تفعيل دورها في المجتمع كمواطنة قضية ليست خاصة بمجتمع دون آخر أو بثقافة دون أخرى لكن التفاوت كبير بين ما تحقق في مجتمعات متقدمة و بين أخرى ما تزال في خطواتها الاولى نحو هذا التحرير و التفعيل فهي قضية لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها لكل من رام الاصلاح الشامل و البحث عن عوامل النهوض بالمجتمع و تنميته و تحديثه. و هي كذلك قضية ذات ابعاد سياسية و اجتماعية و ثقافية و اقتصادية. و من هذا المنظور المتشابك العناصر يجب أن تطرح لا من منظور ضيق قد يحصرها في بعد فلسفي مجرد او فروع فقهية منزوعة عن سياقها و أصولها أو تستعمل هذه القضية الشريفة للمزايدات الانتخابية أو الحملات التشويهية او للمساومة و المن على المرأة مقابل الأصوات و الولاء أو تستغل للعيش منها بدل العيش من أجلها. انها قضية المراة و الرجل و الاسرة و المجتمع تطرح في جوهر قضية التنمية و في إطار قضايا مجتمعنا التونسي اليوم و التحديات التي تعترضه و تطلعاته للاصلاح و التغيير و في اطار البحث عن الحلول المناسبة لثقافته العربية الاسلامية المتحركة تفاعلا مع تجارب العصر و  روحه. II – تقييم عام
1 – لقد تحققت للمرأة التونسية مكاسب في مجال التعليم و الصحة و التشغيل و الأحول الشخصية كما بذلت جهود في مجال الاجور و المشاركة في الشأن العام و في الحماية الاجتماعية و تشريعات لدفع المساواة بينها و بين الرجل لكن الواقع ما زال بعيدا عما تتضمنه القوانين و التشريعات. و تدارك هذه الهوة يحتاج إلى سياسات و مبادرات و الى جهود لا تمثل التشريعات إلا جزءا منها و لا يمكن لها أن تؤتي ثمارها ما لم يكن الاصلاح شاملا للحريات العامة و العدالة الاجتماعية و التوعية الثقافية في تفاعل مع المجتمع و دون إكراه.
من ناحية أخرى فقد تراجع نسبيا سلطان بعض التقاليد و التصورات الخاطئة التي ساهمت في تغييب المرأة و إعاقة تفعيل دورها في المجتمع و الإقرار بحقوقها كمواطنة و شريكة للرجل في مختلف مجالات الحياة تتكامل الادوار بينهما لكن النظرة الدونية للمرأة سواء اتصلت بالجسم أو بالعقل أو بالمزاج ما تزال مؤثرة و تساهم التنشئة الاجتماعية في البيت و عبر وسائل الاعلام و المحيط في توارث بعض الابعاد السلبية لهذه النظرة الدونية و قد تتلبس قيم الانحطاط بقيم الدين و يقع الخلط بينهما لا سيما في ظل ثقافة أحادية و فقيرة لا تساعد على تعميق الوعي العام بانسانية المرأة و مسؤوليتها و حقوقها كما لا تساعد على نشر وعي ديني أصيل معاصر و مقبول.
2- إن المرأة التونسية كالرجل تعيش آثار الظلم و الاستبداد و الاستغلال المسلطة على المجتمع و كلها عوامل تفاقم من مشاكل الأسرة الاقتصادية و الاجتماعية و تضيق أمام المرأة أبواب الانطلاق و التحرر و تزرع العوائق امامها بدل الحوافز. و معلوم ان الانغلاق السياسي و مصادرة الحريات الخاصة و العامة يغذي الاستبداد الاجتماعي و الاستغلال و يتقوى بهما و يعطل حراك المجتمع و يضاعف من عزل المرأة خاصة و الرجل عن العناية بالشأن العام (العمل السياسي، العمل الجمعياتي…) و تتضاعف كل هذه العراقيل مع انتشار وسائل اعلام تغيب صورة المرأة الانسانة الفاعلة في كل المجالات في الحقل وفي المصنع و المؤسسة و في الاسرة الواعية بدورها و حقوقها و مسؤولياتها و تكرس صورة المرأة الجسد أو الشيئ اللاحق بالرجل او برأس المال للاستغلال. صورة المرأة التي يصير اكبر همها العناية بمظهرها بدل العناية بأنسانيتها في كل أبعادها بما يحقق ذاتها و انعتاقها من كل صور الاختزال و الاستلاب .
3- إن معاناة المرأة العاملة تضاعفت بسبب تحملها لعبء الشغل و عبء شؤون المنزل و التنشئة ذلك أن تقسيم العمل لا سيما المنزلي منه لم يجار التغيير الحاصل في واقع المراة و بقي بصفة عامة محافظا على اتجاه الرجل نحو العمل و العناية بالشأن العام و اعتبار المنزل و الاطفال من شؤون المرأة و مما زاد في اعباء المرأة التونسية لا سيما العاملة قلة المرافق المساعدة كالمحاضن و رياض الاطفال و سائر الخدمات التي تخفف عنها أعباء الاسرة خاصة في ظل قدرة مالية ضعيفة. و هذا الوضع زيادة على إنهاكه للنساء العاملات فقد أفرز انعكاسات سلبية على تماسك الاسرة و توازنها و على تنشئة الأطفال و رعايتهم. -III مبادئ و منطلقات
ان المجموعة الوطنية تعتز بهويتها العربية الاسلامية و بخصوصياتها الوطنية و تتطلع الى بناء مجتمع حر متضامن و متوازن، مجتمع يستلهم من قيم الاسلام و مقاصده المنفتحة على مشاغل الانسانية و قضايا العصر و يتفاعل مع الحداثة و الخبرة الانسانية و يصون رصيد مكتسباته و ينميها باطراد. هذه المبادئ و المنطلقات المرجعية نفصلها كالتالي :
1-   ان المرأة و الرجل في تصورنا الاسلامي خلقا من نفس واحدة فهما متعادلان في الانسانية و خوطبا في القرآن الكريم بالاستخلاف و التكريم و حمل الأمانة دون وصاية أحدهما على الآخر ولا وساطته كما أنه لا تفاضل بالذكورة و الأنوثة و إنما التمايز بالعمل و الخلق. و المساواة و العدل بينهما في الحقوق و الواجبات اصلان و مقصدان لا يحتاجان الى اثبات موجبات لهما و انما الى تدارك ما قد يعرقل تحقيق هذين المقصدين من العوارض المختلفة الناجمة عن واقع المجتمع و مسار تطوره. 2-   ان المرأة و الرجل خلقا للتراحم و التكامل لا للصراع الثنائي و الاسرة السليمة ضمانة لتنشئة أجيال متوازنة و مجتمع متماسك و هي تستلزم تضحيات الرجل و المرأة و تعاونهما و تكاملهما و تنزيل حقوقهما ضمن توازن بين حقوق الفرد و حقوق الاسرة و حقوق المجتمع. 3-   ان روح الدستور التونسي كعقد عام جامع لكل التونسيين حول مجموعة من المبادئ و القيم المشتركة قد أقرت و ابرزت الهوية العربية الاسلامية للبلاد و ضمنت سيادة الشعب و خيار النظام الجمهوري الديمقراطي المبني على قيم الحرية و العدالة و المساواة في الحقوق و الوجبات بين كل التونسيين أي على أساس المواطنة. 4-   لقد أكد التاريخ أن عزل المرأة عن المجتمع هو العامل الرئيسي في تكريس دونيتها و مضاعفة العقبات امام تنمية شخصيتها و الاقرار بحقوقها و تفعيل دورها في نهضة المجتمع و دعم أركانه في الاسرة و في سائر ميادين الحياة كما أكدت تجارب المجتمعات المتقدمة التلازم الوثيق بين تقدمها و ارتقاء مكانة المرأة فيها و قطع أشواط في مساواتها مع الرجل قانونا و واقعا و دعت المواثيق الدولية و التوصيات العاكسة لخلاصة الاعتبار من رصيد الخبرة الانسانية الى تأكيد حقوق المرأة و تدارك الاختلال الحاصل بينها و بين الرجل و لو بمبادرات و سياسات استثنائية و مؤقتة. و في ضوء هذه المبادئ و المنطلقات و اخذا بعين الاعتبار التقييم العام لواقع المرأة في مجتمعنا اليوم فإننا نجدد رسوخ القناعة و الالتزام لدينا : 1-   بصيانة مكتسبات المرأة المحققة و بتأكيد حقوقها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية حتى تضطلع بدورها متحررة من عوائق التقاليد الموروثة و المستوردة كما نؤكد أن تحررها الحقيقي و تحرر الرجل مرتهن بتحقيق الحريات الاساسية و الديمقراطية. 2-   بضرورة العمل على الارتقاء الدائم بحقوق المرأة كمواطنة في تساو و تكامل مع الرجل و اتخاذ السياسات و المبادرات لتدارك كل الاختلالات  و إن يكون الارتقاء و التطوير مع الرجل و بتعاونه لا ضده ضمانا لنجاعة الاصلاح و تجذيره و بناء مجتمع الحرية و العدل و المساواة. 3-   نشر ثقافة تؤكد التصور المستلهم من قيمنا الاسلامية و من روح العصر و عصارة تجاربه تصور يرسخ المرأة الانسانة و المواطنة و المتساوية و الشريكة و المتكاملة مع الرجل، تصور ينمي شخصية المرأة و الرجل و لا تطغى فيه خصوصيات كل من الجنسين على وحدة الاصل و يدمجهما ضمن رؤية تنموية لمجتمع حديث تصور يحاصر النظرة الدونية للمرأة أيا ما كان مستندها. 4-   العمل على توفير الخدمات و المرافق المساعدة للأسرة و دراسة تكييف ظروف العمل و أوقاته بالنسبة للمرأة العاملة بما يسهل عليها خاصة و على الرجل النجاح في الحياة الاسرية و المهنية و المشاركة الفاعلة في الشان العام و مسايرة التحولات العميقة في المجتمع و يحفظ مناعته.
 إننا و من منطلق مبدئي مع قيم الحرية و العدالة و المساواة مع الديمقراطية و حقوق الانسان و نعتقد ان لها موقعا مريحا في قيم ديننا التحررية و مقاصده السامية و ان تمكبن هذه القيم و المبادئ في مجتمعنا يحتاج الى المثابرة على تخليصها مما علق بها من رواسب الانحطاط و الانبتات بدعم حركة التجديد في الفكر الاسلامي و الارتقاء بالوعي العام و تكريس الحقوق في النصوص القانونية و الممارسة كما نعتبر ان لمجتمعنا من رصيد الوعي و التجربة ما لا يقبل معه اي وصاية او اكراه على اختيارات تهم مصيره فالمشروعية في كل امره العام ينبغي ان تعود اليه مباشرة و من خلال مؤسسات ديمقراطية ترسي مجتمع المواطنة و الحكم الرشيد. ديسمبر 2006  

 

إليك إن كان فيك خير و رجاء يا رجاء

 

ابن بلقاسم الثابتي

سويسرا في 4 مارس 2007 

 

 و أنا أتصفح  نشريه تونس نيوز المحترمة  رقم2475    ليوم 2 مارس 2007 توقفت عند مقال الدعية رجاء بن سلامة و هي تجرح كما ادعت في )التّفضيل الإلهيّ للرجل على المرأة(.

 

و لم استطع  مواصلة القراءة و توقفت و أنا اتامل  و أتساءل هل أنها كتبت هذا المقال و هي واعية بما تكتب? او لحساب من تخط?  أو أنها تقصد تعمية كل ما وضحه السابقون الأولون و اللاحقون من التشريع الإسلامي و خاصة في ما له صلة بالمرأة, وانطلاقا من البداية حيث  انطلقت  من مثال سيئ لتربطه بآية كريمة من أحكام الله لتشينها و تضفي عليها من الشك ما يدخل الريبة في عقول الناس و خاصة الذين لم تتضح لديهم أبعاد الأحكام الشرعية  في الإسلام.

 

و لن ادخل في الرد على هذه الدعاوى الباطلة , و لكن أقول من منطلق الشفقة بك أن تفكري مليا في ما سودت  و ما أضعت من جهد ومن وقت قد يضل به واحد من الناس فيكون عليك إثم ما سودت وإثم من عمل به إلى يوم القيامة و سوف يكون هذا المقال شهيدا  عليك يوم تقفين لوحدك إمام الجليل الديان,  فماذا أنت مجيبة ?

 

إليك إن كان فيك خير و رجاء يا رجاء :

أن تتوقفي عن هذا التضليل و تكفي قلمك عن إيذاء المومنين في دينهم )و الله متم نوره و لو…(,

او يهديك الله و يفتح بصرك و بصيرتك إلى نوره و يكون قلمك نورا يضيء طريقك.

فان أبيت, فأني اسال الله – و هو القدير على ذلك – أن يحيل بينك و بين قلمك و القدرة علي التسويد بما شاء وكيف ما شاء انه على كل شيء قدير.

 

و السلام

الثابتي بن بلقاسم

سويسرا في 4 مارس 2007


 

للذكر مثل حظ الأنثيين (2) : عدالة إلهيه إلاّ أن أكثر الناس لا يعلمون

في 4 مارس 2007، عباس سبق أن ذكرنا أن الأحكام، ومن بينها الميراث، مسألة إيمان بعدل الله أو إنكار لذلك. أنصافُ الحلول لا تَصْلح مع القرآن. إما أن تؤمن بأن الكتاب كلّه من عند الله أو لا تؤمن. فإن آمنت فلا تناقش في الأحكام، لأنّك آمنت بأن صاحبها عادل بل هو العدل. وإن لم تؤمن فقل ذلك بوضوح وابحث عن شيء آخر سوى القرآن لتستقي منه أحكامك للأنثى النصف من هنا وثلاثة الأضعاف من هناك، فنعم القسمة هي هل سَمعَت الكاتبة عن حقوق الأمّ في الإسلام قبل أن تشرع برمي الإسلام بما ليس فيه من إهانة للمرأة ؟ سأل أحد الصحابة رسول الله عن أكثر الناس حقّا عليه، فقال صلى الله عليه وسلم « أمّك »، قال « ثمّ من ؟ »، قال  « أمّك »، قال « ثم من ؟ »، قال  « أمّك »، قال « ثم من ؟ »، قال  « أبوك ». إن كانت الأنثى تأخذ نصف ما يأخذ الذكر في ميراث الأولاد (المادي البحت)، فها هي تأخذ ثلاثة أضعاف ما يأخذ الذكر من حقوق ماديّة ومعنوية عند الكِبَر. فهل بعد هذا الإكرام من إكرام، وهل بعد هذا العدل من عدل، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. لتسأل الكاتبة أيّ أمّ تونسيّة « أتحبّذين التّساوي في الميراث على هذا الإكرام الذي نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ » ثم لتحدثنا عن إهانة الإسلام للمرأة هل التساوي يعني العدل بالضرورة كلاّ، الذي يُنفق ليس كالذي لا ينفق، والمعافى ليس كالمعاق، والفقير ليس كالغني، والمقاتل ليس كالقاعد، والمهاجر ليس كالأنصاري، …، في القسمة، سواء كانت ميراثا، أو منحا إجتماعية، أو نظاما صحّيا، أو غنائم حرب، أو غيرها. الذي يقطن في منطقة باريس له امتيازات جبائيّة خاصة لأنّه أكثر إنفاقا من غيره في المناطق الأخرى. رجلان ذوا دخلين متساويين، قد يكون أحدهم له الحق في المساكن الشعبية في أروبا، ويحرم منها الآخر، لأنّ الإنفاق على السكن غير متساوي بين المناطق والبلدان. فالإنفاق عامل أساسيّ في القسمة إذا أردناها عادلة الهنود الحمر في أمريكا الشمالية مُعفَوْن من بعض الضرائب ويدرسون مجّانا في الجامعة. لا يتساوون مع غيرهم لأنّ لهم ظروف خاصّة. هذا لا يمكن تطبيقه في أروبا لأنّ لها تاريخا آخر، فمشكلة السكان الأصليين غير مطروحة في أوروبا كما هو الحال في أمريكا وأستراليا. لكل بلد وثقافة خصوصيّاتها، وللمجتمع المسلم خصوصيّاته ونظامه الإجتماعي والأسري أسرتان متساويتان في كل شيء (عدد الأفراد، الدّخل، قيمة الإيجار، المقدرة الشرائية، …) لا تتحصّلان على نفس المنحة الإجتماعية إذا كان أحد أفراد إحداهن صاحب إعاقة، لأن الإنفاق مختلف. وتزيد المنحة مع مدى الإعاقة، فالأعرج ليس كالأعمى، والأصم ليس كالمتخلف ذهنيا، وهكذا فهل يُعقل أن يرث الولد مثل أخته، وهو مجبور بأمر الشرع على الإنفاق على من يعول وهي مخيّرة في ذلك. أين العدل ؟ العدل في ما قال العدل في كتابه الكريم سورة النساء (سورة الميراث)، محورها العدل هناك سورة الإنسان (الرجل والمرأة) والنّاس (الرجال والنساء) والنّساء، وليس هناك سورة الرجال. أليس هنا تفضيل للمرأة يا صاحبة المقال ! سورة النساء محورها العدل، ويرجح بعض المفسرين أن آيتها المحورية هي

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، 58 النساء

والعدل يكون من القادر (الحاكم، الرجل، المقاتل، …) نحو المقدور عليه (المرأة، الطفل، اليتيم، المستضعف، مريم، …). فنرى السورة تُذكّر بالعدل والدفاع عن هذه الأصناف التي تُهضَم حقوقها عادة. وآيات الميراث أتت في نفس السورة وفي نفس السياق تذكّر بقيمة العدل وتتوعّد من يأكل حق الضعيف

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا، 10 النساء

لأترك القارئ مع طائفة من الآيات من هذه السورة العظيمة، سورة العدل، سورة الوعيد على الظالمين، سورة المستضعفين، سورة اليتامى، سورة المظلومين، سورة النساء. ليقرأ القارئ بقلب المؤمن الرقيق

وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا، 4 النساء

وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ، 6 النساء

وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا، 8 النساء

فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ، 12 النساء

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا، 19 النساء

وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً،20  النساء

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ،29  النساء

وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا ،36  النساء

إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ،40 النساء

وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا  ،75 النساء

وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ،86 النساء

وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ،93 النساء

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ،98 النساء

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاء الَّلاتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ،127 النساء

وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ،129 النساء

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ،135 النساء

لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ،148 النساء

وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ،157 النساء

فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا،160، وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا، 161 النساء

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً ، 168 النساء

أخي القارئ، أختي القارئة، أبَعْد هذا الوعيد على الظالم وهذه الدعوات إلى رقّة القلب على الضعيف، يقول قائل « سورة فيها ما يهين المرأة »، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، 31 النور

الوصية في الإسلام

تقوم الوصية على مبدإ العدل، ولذا يحكمها ظابطان أساسيان

ـ عدم حرمان الورثة : « والثلث كثير ». الوصية لا تفوق الثلث

ـ الإنصاف بين الورثة وعدم الحيف : « لا وصية لوارث ». لا يعطى الوارث أكثر مما نص عليه الشرع

أول شيئ هو تسديد دين المتوفّى، ثم تقسيم ما أوصى به (لغير الورثة طبعا). ثم تكون القسمة على الورثة

اللاقانون في الميراث عند الغرب

عند الغرب، الوصيّة لها حق النقض (الفيتو) على كل القوانين. ليس هناك قيد ولا شرط في الوصيّة. بلغة أخرى لا قانون يعلو فوق قانون المتوفّى. هذا الأخير، له الحق أن يوصي بكل ماله أو بعضه، للورثة أو غيرهم، داخل الوطن أو خارجه، للصديق أو الخائن لوطنه، للإنسان أو للحيوان، … له الحق أن يوصي كلّ ماله لعشيقته، أو لأحد أبنائه دون غيرهم، أو لصديقه دون أبنائه، لكلبه (وقد وقع هذا)، … أين العدل ؟ في الإسلام ليس لأحد أن يحرم وارثا من حقه

بكلمة واحدة، الميراث في الغرب جزء من الحرية الشخصية، أيّ : هذا مالك وأنت حرّ فيه، لا قانون، فأنت القانون


تونس أو جمهورية الغث إلى أين ؟!

لا تظلموا تونس وتدفعوا بها إلى المجهول ، لأن مدارككم لا تقوى على الاستشراف كما يبدو .

عبدالباقي خليفة *
تتسع الآفاق من حولنا ،ويضيق الضيق في بلدنا ، كعقدة بين طرفي حبل مشدود ،بين الشرق والغرب ،والشمال والجنوب . انتخابات ديمقراطية في موريتانيا ،وحياة ديمقراطية في المغرب ،وهامش لا بأس به من الحريات في الجزائر ،وإطلاق سراح المساجين وإعادتهم لأعمالهم السابقة ،ووقف ملاحقاتهم في ليبيا . أما في تونس الحداثة ( الرثاثة ) و ( خوار الحضارات ) و( جمهورية الغث ) فجميع الآفاق مسدودة ، والأوضاع تزداد سوءا وقتامة يوما بعد يوم .وتقطيع أعضاء تونس الثقافية والحضارية تستأصل بدون مخدر موضعي لتباع لهذا الطرف الدولي وذاك كما تباع الاعضاء البشرية ودماء التونسيين المتبرع بها ،( التبرع بالدم أجمل تبرع ) إلى مستشفيات باريس وروما وغيرها .
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة والمبوءة بدأت عملية الاعداد لتتويج بن علي رئيسا مدى الحياة ، أو بالاحرى تتويج بن علي لنفسه رئيسا مدى الحياة . ليس ذلك فحسب ، بل التأسيس لديكتاتورية مؤبدة في تونس ( جمهورية الغد ) . فلو كان الأمر متعلقا ببن علي لهان الأمر رغم السنين العجاف التي عرفتها تونس في عهده ، لأن رؤية النور في آخر النفق مهما كان طويلا تبعث على الامل ،ولكن ما نراه ليس سوى صحراء الياس والتيه التي يعيشها الشعب التونسي منذ 20 عاما وتزيد . إذ يسود الساحة التونسية ولا سيما في أوساط المعارضة ،استعداد للقبول ببن علي رئيسا مدى الحياة لو توفرت الشروط الدنيا من الحياة السياسية ،والمشاركة الحزبية ،والانشطة الحقوقية والثقافية ، والكرامة الانسانية لكل التونسيين .
لكن الأمر على ما يبدو يتجاوز بن علي وحزب التجمع وكل شعرة في ذيل الكلب . إنه نظام  » سيستم  » له ذيول في الداخل والخارج ، لا يمكن لاحدها أن يتخذ موقفا بدون موافقة ومراجعة الآخر . لا الجهة الخارجية ولا الجهة الداخلية بإمكانها البت في الشأن التونسي بدون توافق الجهتين . والحوار الذي أجرته صحيفة الصباح مع السفير الفرنسي في تونس ، يقدم دليلا على محاولة كل طرف إرضاء الطرف الآخر وعدم إغضابه ،ومصالح الطرفين تقضي بخنق الحياة السياسية في تونس ما لم يكن هناك انفجار يعيد ترتيب الاوراق وتغيير الاستراتيجية المتبعة . وللأسف فإن النظام التونسي وأزلامه كذبوا كذبة وصدقوها عندما زعموا أن الشعب التونسي والشارع التونسي لا تهمه السياسة وإنما معيشته ،وكلنا يعلم أن الشعب التونسي مسيس إلى حد كبير ، وأكبر دليل على ذلك عدم انخراطه في الأحزاب المزيفة بما فيها الحزب الحاكم بالحديد والنار منذ سنة 1956 . أما المنخرطون في ( الحزب ) وهو تعبير يستخدمه التونسيون ( بما في ذلك الدساترة ) للتدليل على نوعية التعددية الموجودة في تونس ، فهم مجموعة من المتسلقين الراغبين في تحقيق أطماعهم الخاصة ونزواتهم المختلفة حيث غير أغلبهم جلده وتنكروا لبورقيبة بعد اعلان عزله مباشرة ،لذلك كان رد بورقيبة على أولئك الذين شاهدوه بعد عزله ومناداتهم  » يحيا بورقيبة  » قاسيا  » أتعرفون بورقيبة « ؟!!! . وظل بورقيبة يردد على مسامع بن علي ، كلما زاره ، على حد قول دبلوماسي تونسي ، لي شخصيا  » أعطيتك ثقتي ولكنك خنت الامانة  » . وكان يردد أيضا  » أنا الرئيس  » حتى توقف بن علي عن زيارته . واليوم يذرف البعض دموع التماسيح على بورقيبة ،ومع ذلك يشيدون بالانقلاب ،ويصورون صاحبه كمنقذ لبورقيبة ولتونس،ونسوا أن تونس ( دولة المؤسسات ) فهل كان بن علي يعبر عن موقف المؤسسات كالبرلمان ومجلس الوزراء ،أم كان قرارا شخصيا تم اتخاذه مع مرؤسيه في وزارة الداخلية ؟!!!
مرة أخرى ليست لدينا مشكلة مع بن علي وإنما مع سياسات بن علي ، سنغير موقفنا عندما يغير سياسته . ويمكن لبن علي أن يظل رئيسا في إطار صفقة وطنية ،أول بنودها أن تكون هناك  » ديمقراطية الغد  » وليس « ديكتاتورية الغد  » التي تتضمنها العبارة المبهمة والمظللة ( جمهورية الغد ) . أن يكون آخر ديكتاتور في تونس ، وأن تتنفس الأجيال القادمة هواءا نظيفا بدل التلوث السياسي الذي يخنق شعبنا و قواه السياسية و الحياة برمتها في تونس . لكن السؤال ، هل يملك بن علي لوحده اتخاذ قرار بهذا الخصوص أم أن المسألة أكثر تعقيدا وتتجاوزه إلى البطانة وأصحاب الأطماع والمصالح داخل الحزب الحاكم،ومن يعدون أنفسهم أو يتم إعدادهم لدورة ديكتاتورية جديدة في بلادنا ، كما تتجاوزه إلى البعد الآخر ، البعد الخارجي ، والذي عبر عنه الرئيس الفرنسي جاك شيراك بوضوح تام في زيارته المشئومة لتونس ، وكأننا لا نزال مستوطنة فرنسية ،وهو كذلك .
بامكاننا أن نسامح ونتسامح في حق أنفسنا ، لكن ما مصير الاجيال القادمة ،وماذنبها حتى تعيش في الكابوس الذي نعيشه اليوم .
– ربما لا يشعر بن علي أو من يدافع عن بن علي ايمانا به أو رهبة منه أو طمعا في حسناته وعطياه بمعاناة المساجين منذ ما يزيد عن 16 سنة ، الدكتور الصادق شورو ، والعجمي الوريمي ، وعبدالكريم الهاروني ومحمد عبو ، وعبدالحميد الجلاصي و الصحبي عتيق وغيرهم ممن لم تذكرهم المصادر .
– ربما لا يشعر بن علي وأزلام النظام بمعاناة المساجين في العتقل الكبير الذي يسمى تونس ،ولا سيما المفرج عنهم ، ممن لا يزالون محرومين من حق العمل ومن العودة لاعامالهم السابقة.وممن لا يزالون يوقعون في مراكز البوليس .ومن لا يزالون محرومين من حرية الحركة في دولة القانون و جموهورية القانون والكامانجا .
– ربما لا يشعر بن علي بمعاناة أسر وأهالي المساجين والمهجرين ،وحاملي الشهادات العليا والمتوسطة و الدنيا من الخريجين العاطلين عن العمل .
– ربما لا يشعر بن علي وأزلام النظام بالاختناق الذي يشعر به الشعب التونسي وقواه المناظلة التائقة لاجواء الحرية والديمقراطية . فغالبا ما يساورني شعور بأن بن علي وجماعة الحزب المتنفذة ليس لديهم شعور البتة ،لانه لا يمكن لانسان يملك شعورا انسانيا أن يتغافل عن معاناة هؤلاء من أجل أنانيته مهما كانت … ولا سيما أوضاع المساجين السياسيين ،و المناضلين السياسيين و المهجرين . لا يمكن لانسان لديه أبناء وأسرة ويعرف ما يعانونه لوأصابه مكروه ،وهو يرى الآلاف يتجرعون الالم وحتى الدم … بسبب سياساته ،وامعانه في التنكيل بهم و تعذيبهم بكل الوسائل . كيف يكون انسانا من يفعل هذا أو يرضى به أو يسكت عنه ؟!!!
البعض لا يرى في حرية هؤلاء وأمثالهم حق من الحقوق ،وإنما منا ومكرمة وانسانية ممن سجنهم ،ويطلب العفو عنهم ؟!!! من يعفو عن من ؟ ومع ذلك يمكن تجاوز هذه الاشكالية بإعادة الحرية للمساجين والحقوق لاصحابها ، العودة للشغل وتسليم جوازات سفر المعارضة في الداخل والخارج ، ووقف التتبعات القضائية والادارية ، ووقف الحملة على مظاهر التدين .
لقد قلنا أكثر من مرة أن ما حدث من مواجهات مسلحة ، وهذا لمن قرأ التاريخ فقط ، ليست سوى ، بروفة ، فالنار التي أحرقت الجزائر في التسعينات ،لم تكن وليدة وقف المسار الانتخابي فحسب ،بل تجربة مطورة لزخات رصاص حدثت في الستينات والسبعينات . ومن قرأ عن الثورة الفرنسية وكذلك البلشفية والايرانية يدرك أن بروفات كثيرة وبسيطة وربما محتقرة سبقتها،ورغم كل القسوة التي ارتكبت بحق اصحابها حتى لا تتكرر إلا أنها عادت كالأعاصير لا تنفع معها التحصينات مهما قويت ، لذلك لا تظلموا تونس و تدفعوا بها للمجهول ، لان مدارككم لا تقوى على الاستشراف كما يبدو .
أحدهم يصف نفسه بأنه ديمقراطي جدا ، ويتهم نفسه بالثقافة ،على حد قول أحد الزملاء في تونس ( لا أذكر إسمه للاسف ) قال ويا للعار… أن  » تونس ليست بحاجة للنهضة  » هكذا وبجرة قلم ،وباعتاد بالنفس لا سابق له ، نصب نفسه وصيا على تونس وشعبها ،وقرر أن البلاد ليست في حاجة للنهضة . وهو حكم لا يمكن أن يجيزه استفتاء شعبي ،أو قانون نظام ديمقراطي ، ومع ذلك لم يستند لأي منهما ،لأنه لا يملك أحدهما فضلا عن كليهما . استئصالي بامتياز ويدعي الدفاع عن الديمقراطية . كنا نتمنى أن يكون هناك خصوم بحق ،في الميدان السياسي والفكري ، فذلك لا يخيفنا بل يساعدنا في منهجة طرحنا الفكري والسياسي وتطويره .هناك خصوم في مستوى الخطأ فمن أخطائهم في فهم النص الاسلامي نتعلم اسلامنا ، ونحن نحترمهم رغم اختلافنا معهم . وهناك آخرون من الضحالة بمكان ، الأمر الذي يجعلهم يكررون المكرر ويجترون المجتر ويأكلون منسأتهم .
وعودة لعنوان المقال ، ولما تبشر به ( جمهورية الغد ) حيث وإلى حد الآن ، لم يعلن عن الخطوط العريضة لهذه الجمهورية الافلاطونية ، فهي أشبه ما تكون بالطلاسم ، جمهورية يوحي كل شئ بأنها نسخة من جمهورية اليوم ، جمهورية الرعب ، بكل ما تعني الكلمة من معنى .
1 ) جمهورية يرفض فيها الشباب الانخراط لاداء الخدمة الوطنية ، مما دفع النظام لاستخدام نظام الاعلانات والدعاية في وسائل الاعلام دون جدوى . 2 ) ويفر منها الشباب نحو البحر بحثا عن حياة أفضل في أحشاء الاسماك ، إذا لم يصل إلى الضفة الشمالية سالما .وهي حالة تجاوزت الظاهرة جعلت النظام يبالغ في العقوبات المسلطة على الفارين من يوم بن علي وغد من يخلفه أو خلفه. 3 ) جمهورية يسلط فيها الاوباش و( الزوفرية ) على الاحرار من أمثال المنصف المرزوقي والصحافي الشهم سليم بوخذير 4 ) جمهورية تعكر صفو أفراح الاحرار من أمثال المهندس حمادي الجبالي و المحامي الشيخ عبد الفتاح مورو 5 ) جمهورية تهدد معارض سياسي قضى أكثر من 16 بإعادته للسجن و هو المهندس علي العريض لممارسته السياسة 6 ) جمهورية تنتهك حقوق الانسان جهارا نهارا ولم تستح عندما تفتخر باعادة انتخابها عضو في لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة ، وأن  » ذلك دليل على احترامها لحقوق الانسان  » في صفاقة (و صحة رقعة ) غير مسبوقة ، يكشف طبيعة النظام ،وهو ما ينطبق عليه الحديث النبوي الشريف  » إن لم تستح فاصنع ماشئت  » . 7 ) جمهورية تحجب المواقع الالكترونية المعارضة مثل تونس نيوز ،والحوار ،وموقع 18 اكتوبر ،وتونس انلاين ، نواة وغيرها ، وتعتبر الاطلاع على تلك المواقع الحرة والديمقراطية والتي تنشر لاعوان النظام مقالاتهم مهما كانت درجة تقويمها في سلم القراء ، من الممنوعات . ويطرد المحامي طارق العبيدي من إحدى مقاهي الانترنت ، لانه طبع حوارا مع معارض سياسي من موقع الحوار . فماذا لو طبع حوارا للشيخ راشد الغنوشي ؟!!! وهو ما حصل مع الصحافي سليم بوخذير الذي نشر مقالا في تونس نيوز تحدث فيه عن معاناته مع الانترنت في تونس ،وحرمانه من جواز سفره وقبل ذلك طرده من عمله في  » شريدة الشروق  » … 8 ) جمهورية يختطف فيها الاحرار كما حصل مع كريم شعشوعي في 12 يناير الماضي بعد خروجه لاداء صلاة الجمعة ، وتسجيل حالات اختطاف مشابهة مما يحول بلادنا لدولة أشباح ودولة رعب حقيقي ،ويجعل الغد في مهب الريح . 9 ) جمهورية تنكل بالمساجين والمواطنين كما حصل مع أيمن الدريدي الذي كشف عملية الاعتداء على المصحف الشريف من قبل المدعو عمار العجمي ، واستفزازه بسب الجلالة والكلام البذئ . 10 ) جمهورية تحول فيها البرلمان إلى نادي للتصفيق أكثر منه هيئة تشريعية تمارس حق الرقابة على السلطة التنفيذية حتى أصبح البرلمان مثالا للتندر بين أبناء الشعب التونسي ومصدرا للنكتة بين الفيئات المحرومة . 11 ) إن استراتيجية ( جمهورية الغد ) تتمثل في ذلك الشعار الذي يختصر كل شئ في تلك الجمهورية ( اللهلوبة ) وهي  » أحبك يا بن علي  » . وهكذا يختزل الوطن في شخص ،و يغتزل الشعب في شخص ،وتختزل السياسة في شخص ،و يختزل الحزب في شخص ، فبن علي هو الوطن وهو الشعب وهو السياسة وهو الحزب وهو كل شئ ، فإذا قلت بن علي ، قلت كل ذلك جميعا . تلك هي جمهورية الغد ألم يقل بورقيبة  » أنا تونس  » !!! إنها مدرسته إنه زرعه و بذرته و فصيلته وبضعة منه .
فما الذي تبشر به جمهورية الغد إذا كان رمز جمهورية اليوم هو خيار المستقبل ،وهل بالامكان في ظل قيادة لا ترى في السياسة الداخلية سوى الاستبداد والقهر ،وفي السياسة الخارجية سوى الارتهان للآخر ،وفي الثقافة سوى تقليدا للآخر ، وفي الاقتصاد سوى بيع البلاد للآخر والاعتماد على مساعداته .وفي الدولة سوى عصا البوليس . فإذا كانت هذه جمهورية الغث التي يسمونها ( جمهورية الغد ) فعلى تونس السلام .
* كاتب و صحافي تونسي (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 4 مارس 2007)  


بسم الله

 

إشكاليات التحول الديموقرطي في البلدان العربية3

 

تحتاج التحولات الديمقراطية لتصبح واقعا مستقرا إلى إجماع واسع حولها، شكلا ومضمونا، وإلى توافق بشأن ما ينتظر منها.

ولتحقيق هذا الإجماع – سواء وافقت الحكومات أم لم توافق- نحتاج إلى تحديد وتوضيح نقاط أساسية لن يقوم الإجماع إلا بها، وإن قام بدونها فسرعان ما سوف ينفرط عقده.

وأولى هذه  النقاط أن الديمقراطية هي آلية للتداول على السلطة، تداولا فعليا حقيقيا لبرامج وتصورات مختلفة ومتباعدة بالقدر الذي يجعلها تيارات مستقلة وهي مع ذلك متوافقة على أرضية مشتركة تسمح بتداولها الطوعي على سلطة هي في كل الأحوال خادمة للمجتمع، متسقة مع تياره الغالب. فلا مجال هنا للقبول – ولو مرحليا- بديمقراطية تجميل الواجهة لأي كان…

أما النقطة الثانية فهي – حسب رأيي – مفصل محوري في قيام هذا الإجماع وشرط ضروري لتواصله وهي توحيد التصور حول الديمقراطية وذلك باعتبارها مجرد آلية للممارسة السياسية السلمية، غايتها التداول على السلطة، ومراقبتها ومنع الاستبداد بها. أما المعايير والقيم الحاكمة للمجتمع والتي تشكل لحمته وسداه وروح قوانينه وتشريعاته والموجّه لسلوكه الداخلي والخارجي، فشأن لا دخل فيه للديمقراطية. إلا من حيث أنها آلية تسمح بالحوار محل التنافي والتدابر.

ويندرج تحت هذا الإطار الفصل التام والكامل بين الديمقراطية من جهة، واحترام حقوق الإنسان أو حقوق المرأة أو حقوق الشعوب من جهة أخرى. وبدون إجراء هذا الفصل التام لن نستطيع الدفاع عن الديمقراطية أصلا، فكيف باستنباتها في أرضنا المبتلاة بقحط الاستبداد والدكتاتورية.

ذلك أن الجرائم الأكثر فظاعة في تاريخ البشرية قد ارتكبتها أنظمة تحترم الديمقراطية احتراما كاملا، ولست بصدد الإشارة إلى هتلر أو موسوليني، بل إلى الإمبراطوريات الاستعمارية وما جنته من جرائم معلومة وإلى  الديمقراطية الأمريكية ونظيرتها الجنوب الإفريقية اللتين تعايشتا طويلا مع التمييز العنصر وإلى ديمقراطية بوش وبلير التي تسمح بما يجري في العراق وأفغانستان وإلى « الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط » والتي لا تحتاج جرائمها وانتهاكاتها إلى تعليق…

فالديمقراطية كآلية توافقية لممارسة السلطة ولتركها لا تمثل أي مرجعية معيارية لسلوك الدول أو المجتمعات داخليا  ولا خارجيا. فالاعتداء والإبادة الجماعية والسلب والنهب، أو الامتناع عن ذلك كله تحكمه التصورات العامة التي تنشأ الحضارة.

فلا مجال حينئذ لارتهان التحول الديمقراطي بفرض أي نموذج أيديولوجي أو مجتمعي مسبقا وجعل ذلك النموذج بعينه شرطا لحلول الديمقراطية. وإن لم نحترم هذه الحقيقة وظللنا نتمسك بالوهم الذي مفاده أن الديمقراطية هي « مدرسة » لاحترام الحقوق البشرية فسوف نفشل فشلا ذريعا في سعينا للتخلص من دكتاتوريات تبدو جرائمها أحيانا أقرب إلى جنايات منحرف  صغير مقارنة بفظاعات الديمقراطيات العريقة.

 

د.نجيب عاشوري 

 

باريس في  12.01.2007

 


 

عن أي مجتمع مدني نتحدث وأي مصير ينتظرنا؟

بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي.
المدنية قضية اجتماعية وسياسية مرتبطة بجودة الثقافية ورقي الوعي وهما من ضرورات المواطنة إذ تعتبر الثقافة الأصيلة ذات الكفاءة الإبداعية مصدر قوة للفرد والمجتمع ويعد الوعي الاجتماعي والسياسي أداة فعالة لحماية الحقوق والحريات الفردية والعامة وتفعيل الواجبات الوطنية. فلا معنى للمجتمع المدني دون توفر تلك الثقافة المبدعة وذلك الوعي الحيوي المسؤول. ومن المؤكد أنهما لا يأتيان من فراغ بل هما حصيلة رسالة تربوية جادة وجهود تعليمية هادفة. وكي نضع المسألة في إطارها لا بد من التذكير بأهمية التربية والتعليم في بناء المجتمعات وترقيتها وضمان تقدمها ومن المهم أيضا التمييز بين مصطلحي التربية (Education) والتعليم (Enseignement) . فالتربية تنشئة إنسانية أخلاقية واجتماعية للفرد أي تهذيب سلوكي وثقافي يمكن المتعلم من اكتساب مؤهلات الاندماج الإيجابي في المجتمع وقد يفشل البعض في تحقيق الامتثال للقيم والضوابط السائدة وهي حالات شاذة نسمي أصحابها بالمنحرفين. وكلما تفشت هذه الحالات من الانحراف تعد مؤشرا على خلل في العملية التربوية. والحقيقة لا يوجد مجتمع بدون تربية محددة تضمن الانسجام والاستقرار الاجتماعيين.
لكن المجتمعات لا تقوم فقط على سلامة التربية حيث يعد التعليم ركنا مهما من أركان بناء المجتمع وتطوره ماديا والحقيقة أيضا لا يستقيم أمر التعليم دون الركن التربوي. وإن ساد قديما ترادف المصطلحين وتلازما إلى حد اندماج المفهومين، فإن المجتمعات المعاصرة قد مالت إلى التركيز على التعليم لما له من دور في نشر المعرفة وفوائد العلوم ودورها الحاسم في تحقيق النهضة الاجتماعية والاقتصادية أي التنمية بمختلف أبعادها وميادينها وخصوصا المادية منها.
وتدريجيا تراجع الاهتمام بالتربية واقتصر على مرحلة دون أخرى من التعليم وضمن دائرة أضيق مقارنة بالمناهج العلمية الموازية للمناهج التربوية لأسباب متعددة ومنها:
1- أن التربية مسألة مشتركة بين المدرسة والأسرة غير أن وضع الأسرة قد تغير فلم تعد قادرة على الإيفاء بدورها في ظل ما استجد من تحولات مثل خروجها للعمل بما أوكل الدور التربوي لدور الحضانة وروضات الأطفال وللمدرسة الحصة الأكبر في الاهتمام بتربية النشء. وهذا أمر لا نعتقد أنه كفيل بتعويض دور الأم والأسرة عموما وخصوصا أن المدرسة قد فقدت من هيبتها وفاعليتها في صقل السلوك.. 2- تأثر المؤسسات التربوية بالتحولات العالمية وما تقتضيه من اعتبار لدور العلوم في تحقيق التقدم ولذا يسعى الجميع إلى التركيز على تطوير المهارات العلمية التي تعد من عوامل التفوق والتميز على حساب التربية وكأن المؤسسة التربوية والتعليمية ورشة لتعليم المهارات المهنية والتقنية على حساب مهارة السلوك وجودة القيم الأخلاقية والإنسانية. 3- تحوّل مهمة المعلم من أداء رسالة تربوية تعليمية إلى وظيفة يطغى فيها التفكير بالراتب علاوة على تراجع مكانته من منظور اجتماعي مادي الأمر الذي قلل من احترام المعلم لنفسه واحترام الناس له لكونه لا يختلف عن أي موظف. 4- حقوق الطفل وهامش الحرية الذي فرضته التحوّلات والتراتيب والنظرة إلى التربية مقارنة بالعلم ودوره في التحسين المادي لصاحب الكفاءة العلمية حيث يسأل عن شهادته العلمية قبل السيرة السلوكية له لأن التفكير منصب على عامل الإنتاجية. 5- تراجع القيم الأخلاقية أمام تنامي القيم المادية، فقيمة الإنسان ليست في أخلاقه بل في حجم ما يملك من ثروة. ولكن لا بد أن نعي جيدا أن هذه النظرة ذات البعد المادي في تقييم المكانة الاجتماعية ليست مقياسا اجتماعيا ثابتا بل مسالة ظرفية أفرزتها التحولات العالمية الجديدة بعد انتصار الرأسمالية الغربية وثقافتها المادية التي تعتبر القوة المادية سبيلا حاسما في بسط النفوذ بمختلف أبعاده واعتبار الظاهرة الاستهلاكية من عوامل تنمية الاستثمار الرأسمالي وتلبية الحاجات المتزايدة والمتطورة بتأثير الإعلام الاشهاري الاغرائي حيث سادت النزعة المادية والربح السريع على حساب القيم التربوية والثقافية والدينية.
في ظل هذه التغيرات وبفعل هيمنة الثقافة الرأسمالية والتجارة المالية لم يسلم التعليم من الخصخصة بدمجه في الدورة الاقتصادية واعتباره قطاع خدمات تجارية قابلة للاستثمار وجني الأرباح. والتعليم الخاص يغطي حاليا جميع مراحل التربية والتعليم من الحضانة إلى الجامعة. وطالما أن المسألة فيها أهداف تجارية ومال وأرباح فإن الدور التربوي للمؤسسة لن يكون من الأهداف الأساسية وإن كانت جودة التجهيزات أحيانا من العوامل المهمة لجذب الحرفاء من طالبي العلم. أضف إلى ذلك أن أغلب رواد المؤسسات التعليمية الخاصة هم ممن لفظتهم المؤسسات العمومية لأسباب سلوكية أو ضعف في المستوى العلمي.
وهنا لا يخفى أن الإخفاق في التعليم العمومي أصبح رافدا مهما للتعليم الخاص الذي يراد منه الحصول على الشهادة قبل جودة التأهيل التربوي والعلمي.
إن تراجع دور الدولة في الحفاظ على التعليم المجاني والإلزامي له انعكاساته على تأهيل المواطن تربويا وعلميا ونتائج ذلك بدأت ترتسم مشاهدها في الشارع والأماكن العمومية وداخل الأسرة أيضا وفي مؤسسات العمل حيث يدرك كل ذي ضمير أن الجيل الجديد يعاني من تأزم عميق ومتعدد الأبعاد تعكسه شخصيه الهشة ونفسيته القلقة لأسباب كثيرة يأتي في المقدمة منها حسب تقديري خلل التربية وضعف التعليم وبالتالي انحسار الثقة في النفس والاعتماد على الذات. وإذا ما استمر الوضع على حاله فقد يتعمق النزيف القيمي وتآكل جهاز المناعة الاجتماعية وتتسع دائرة الانحلال لدى الأكثرية من مجتمع الشباب.
فإلى متى نظل ندفع بسفينة الشباب إلى عباب العولمة والحياة المفتوحة والمقود فيها ليس بأيدينا والدفة مكسورة فلا تتقدم السفينة ولا نستطيع توجيها فتبقى في مهب رياح العولمة ترمي بها إلى حيث لا نريد فقد تتحطم على الشاطئ الصخري للجهل وقد تغرق في معترك عواصف الغزو الثقافي المادي الزاحف من خلف الحدود والغزو الثقافي المذهبي العائد إلينا من مجاهل القرون الماضية ؟؟. أيعقل أن يكون نصيبنا من التطور تفاهات الغرب ومن ماضينا سخافات الدجل الأسود ؟ والحال أن في الغرب علم وفي الماضي علوم كثيرة يجب أن نهتدي إليها بنور العقل ونقاوة الإيمان وصدق الانتماء حتى نكون كما يكون الإنسان الحر والقادر على تقرير مصيره وحفظ كرامته وحقوقه ومعتقداته ووطنه. والحقيقة ليس ثمة ما يضمن مناعة الشباب وما يحميهم من الوقوع ضحايا ضعف وعيهم وهشاشة ثقافتهم.
لا شك أن بالتربية السليمة وبالتعليم الجدي نستطيع تحرير النشء من الاستسلام للطوفان المادي وللجهل والانحلال الفاتك بإنسانية الإنسان ليعود إلى طبيعته الحيوانية. فعن أي مجتمع مدني نتحدث ؟ والتربية فيه مختلة والتعليم فيه مجرد مطية للحصول على شهادة عبور إلى سوق التشغيل أو البطالة دون اعتبار لحرية الإرادة والوعي والضمير والمسؤولية والقيم الأخلاقية والوطنية وكأننا بذلك نريد بناء مجتمع من المرتزقة والمهمشين والمعطلين وفاقدي الشخصية والمواطنة.
أبعد عقود من التضحيات ينتهي بنا المآل إلى بناء مجتمع متهالك ؟ تتلاعب به الأهواء الذاتية وسياسة التدجيل والتدجين تحت شعارات المجتمع المدني ومجتمع المعرفة والجيل الصاعد والشباب الواعد.
لا أعتقد أني لست على صواب فيما أراه من انعطاف خطير في حياتنا الراهنة وفيما ألمسه من فقدان للبوصلة. فأي مصير ينتظرنا إن لم نتحرك ونعيد حساباتنا التربوية والتعليمية؟.
الأستاذ الهادي المثلوثي، تونس في 3/3/2007. hedi_mathlouthi@yahoo.fr (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 4 مارس 2007)

تحويلات المهاجرين
 توفيق المديني
تستفيد البلدان المستقبلة للمهاجرين مثلما هي البلدان المصدرة للعمال، من الهجرة، حسب تحليل بروس كويلين، الخبير الاقتصادي بالبنك الدولي الذي شارك في تحرير التقرير الصادر مؤخرا عن “الهجرة والتحويلات النقدية”، “إن الهجرة، الوافدة من هذه المنطقة والمتوجهة إليها، موجودة لتبقى”. وتجذب بلدان أوروبا الوسطى وآسيا الوسطى ثلث التحويلات النقدية العالمية من هذه التدفقات المالية الموجهّة إلى العائلات الباقية في بلدانهم الأصلية.
ومن بين البلدان العشرة الأوائل التي يفضلها المهاجرون، نجد ألمانيا وفرنسا، تحتلان المرتبتين الثالثة والخامسة على التوالي، ولكننا نجد روسيا التي تضم ثاني أكبر عدد من المهاجرين في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يبلغ عدد المهاجرين نحو 5,3 مليون ممن لا يحملون الوثائق اللازمة، وكذلك أيضا أوكرانيا، وكازاخستان، وبولندا. ويضيف البنك الدولي الذي يهتم عادة بمسائل التحويلات النقدية للمهاجرين، في تقريره الصادر في يناير/كانون الثاني الماضي، دراسة عن الحركات الهجرية. وطبقا لما ورد على لسان كويلين، فإن معدلات الهجرة ستشهد كذلك على الأرجح زيادة في السنوات المقبلة، ويرجع ذلك إلى أن روسيا والبلدان الأخرى، التي كانت ذات يوم جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق، تعاني نقصا في القوة العاملة مع تقدم سكانها في العمر،إضافة إلى سعي العمالة الماهرة الصغيرة السن لديها إلى العمل في بلدان شرق وغرب أوروبا، وأمريكا الشمالية.
بعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة، تعتبر أموال المهاجرين المصدر الثاني للتمويل الخارجي للكثير من بلدان المنطقة. وتعتمد الكثير من الاقتصاديات بشدة على التحويلات النقدية التي يرسلها العمال المهاجرون إلى عائلاتهم في بلدانهم الأصلية من الخارج، حيث تشكل تلك التحويلات النقدية، وفقا للبيانات والأرقام الرسمية و27 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الاجمالي في مولدوفا والبوسنة، وأكثر من 10 في المائة في ألبانيا وأرمينيا وطاجكستان. ويجمع الخبراء أن العديد من تدفقات الهجرة الأكبر حجما في العالم، في حقيقة الأمر، تأتي من منطقة أوروبا الوسطى والشرقية، وآسيا الوسطى، أو تتوجه إليها.
وشكلت تلك التحويلات النقدية إلى بلدان أوروبا الوسطى وآسيا الوسطى مبلغ 19 مليار دولار، في العام 2004، أي ما يعادل 8 في المائة من مجموع التحويلات النقدية في العالم (232 مليار دولار)، ونحو 12 في المائة من المبلغ الذي تلقته البلدان النامية. وتضفي هذه التحويلات النقدية طابعا إيجابيا على التطورات الماكرو اقتصادية البعيدة المدى، فضلا عن أنها تشكل احتياطا من العملة الصعبة لهذه البلدان الصغيرة ذات الاقتصاد المفتوح.
ويمكن لحركات السكان، أن تفيد أيضا، الدول التي يفضل المهاجرون الاستقرار فيها. ومن أجل حل التناقض بين حاجة البلدان الغربية لليد العاملة المهاجرة، وبين التخوفات من رؤية العمال المهاجرين يستقرون فيها بصورة نهائية، يقترح البنك الدولي استخدام منح مكافآت للعودة الجزئية لتشجيع الحركة الدائرية. أما في حال التنقلات المؤقتة، فإن الاندماج لهذه التعليلات الاقتصادية سوف تسمح بضبط حركة العرض والطلب. ويعتقد البنك الدولي أن الهجرة الدائرية يمكن أن تكون مربحة: للمهاجرين، وبلدان الاستقبال للمهاجرين، والبلدان المصدرة للعمالة.
وفيما ترغب العمالة الأكبر سنا التي تهاجرمع عائلاتها إلى البلدان الغنية في أوروبا على الارجح البقاء هناك، تميل العمالة الأصغر سنا والمتعلمة وغير المتزوجة إلى أوطانها الأصلية بعد العمل في الخارج.
ويقدر البنك الدولي أنه في آفاق الخمس والعشرين سنة، أو الخمسين سنة المقبلة، سوف تتطور هذه التوازنات. فحركات السكان المهاجرة، المعللة أولا بسقوط جدار برلين، وإعادة تقسيم الحدود في عام 1991، وحروب دول البلقان والقوقاز، هي اليوم موجهة بفعل العوامل الاقتصادية. وفي أقل من عشر سنوات، سوف يغيرانخفاض معدل الولادة وشيخوخة السكان في أوروبا الوسطى والشرقية، الكثير من المعطيات. وسيتعين آنذاك على توفير العمالة من البلدان الآسيوية والإفريقية لتلبية حاجيات الاقتصاديات من اليد العاملة.
ويتدفق العمال من كل طاجيكستان وجمهورية قيرغيزستان وأرمينيا وجورجيا والصين بالفعل في الوقت الحالي للحصول على فرص عمل في روسيا وكازاخستان، ويشمل ذلك المناطق التي تعاني نقصا شديدا في السكان في روسيا والبلدان التي شكلت الاتحاد السوفييتي السابق. ويخلص تقرير البنك الدولي إلى القول إن جزءا كبيرا من هذه الهجرة هومن البلدان الأعضاء في كومنويلث الدول المستقلة إلى روسيا، ومن بلدان وسط وشرق أوروبا إلى بلدان منطقة غرب أوروبا.
* كاتب اقتصادي (المصدر: صحيفة الخليج بتاريخ 4 مارس 2007)


 

نحو بناء ثقافة إسلامية أوروبية فاعلة. »جواب على التصريحات المسيئة « 

خميس قشة الحزامي – هولندا- * يتميز المجتمع الهولندي بتعدد الثقافات وتنوعها و يشكل الوجود الإسلامي جزءا مهما من نسيجه الاجتماعي، يزيد عدده على مليون نسمة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 16 مليونا، اذ تعرض هؤلاء عقب هجمات 11 سبتمبر وما تلاها من أحداث أنفاق أسبانيا وبريطانيا، إلى مضايقات وتحرشات إعلامية مسيئة تفاقمت أخيرا بعد التصريحات العنصرية للبرلماني الهولندي « خيرت فلدرس » زعيم حزب الحرية اليميني المناهض للهولنديين المسلمين من أصول أجنبية والتي تهكم فيها عليهم وتطاول على رسولهم الكريم…
وسط هذه الأجواء المشحونة بالاستياء والغضب ينتظم الملتقى التربوي الرابع بهولندا وهو رسالة من الأقلية المسلمة لتوفر المعرفة للطرف الآخر الذي تفاقم عنده التمييز الديني والعنصري، والتباين الثقافي والحضاري فانعكس على سلوكه، فتعاظمت لديه الكراهية للثقافات الوافدة.. و لنؤكد له من جديد – ضمن شراكة ثقافة حضارية- على القوا سم المشتركة التي تحقق حياة جماعية قائمة على العمل المشترك والاحترام المتبادل حتى نقرب النفوس والأفكار وننزع الضغائن والأحقاد، لأن الثقافة تراث بشري، لا تخص قوما دون قوم، أو جهة دون جهة، كذالك هي الثقافة الإسلامية، فالإسلام رسالة سماوية متكاملة جاءت من لدن حكيم عليم امتدت منذ نزولها حتى اللحظة، ووصل مفعولها التأثيري إلى عدد كبير من الناس كوَّنت لهم أسساً حضارية تراكمت ثقافياً عبر الزمن لتكوِّن في النهاية خصوصية دينية ثقافية حياتية تطبيقية و سلوكية في آن واحد•
و من خلال هذه المناشط التربوية والثقافية التي يحضرها عدة وفود شبابية ممثلة لمنظمات ومؤسسات هولندية تهدف لتعليم المسلمين أصول الدين وتعريفهم بتعاليم القرآن من خلال جمعهم مع عدد من العلماء و الدعاة علاوة على المحاضرات والندوات التي يشارك فيها أبرز القيادات الإسلامية من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، أناس مختصون بالعلوم الشرعية والفكرية، التي ترشد الشباب نحو فهم معتدل للإسلام ونظرته المتسامحة إلى الغير وسلك طرق حضارية بخطاب يحترم مبدأ القبول بالآخر، ويضمن البقاء للأقليات الدينية، و التمتع بحقوقها في المجتمع، والعمل على إشاعة هذا الخطاب بين المسلمين داخل المجتمع الهولندي عموما من خلال القدوة الحسنة في أخلاقهم وأعمالهم وسلوكهم لترسيخ سياسة التعايش السلمي بين مختلف الأديان و الثقافات. غير آبهين بالمشككين الساعين إلى إقصائهم و إقفال الأبواب أمامهم لكي يبقوا على هامش المجتمع باستدراجهم وإشغالهم بقضايا جانبية (مثل موضوع ختان المرأة أو موضوع النقاب…)
ويتمثل الرد المناسب على هؤلاء عبر المواقف الرافضة للإرهاب والعنف أيا كان مصدره، والانتقال من حالة التشتت ولا استقرار إلى توطين الإسلام بالاندماج الايجابي في المجتمع و ذلك بامتلاك الشباب المسلم مفاتيح النجاح والمعرفة للفعل والإنجاز بكل طمأنينة وثقة نفس عبر الوسائل المناسبة لذالك، متسلحين بدينهم ، الذي يحوي قيما وحضارة ومبادئ عابره للحدود الجغرافية، ويحمل ثقافة عادلة تخولهم التفاعل مع القوميات والشعوب المتباينة العادات والتقاليد، حتى وان وصلت هذه التصريحات المستفزة إلى تخيير المسلمين بين الاستغناء عن هويتهم وثقافتهم أو مغادرة البلاد فلا بد أن نثبت لكل لهؤلاء أننا جزء لا يتجزأ من مكونات المجتمع الذي نؤكد انتماءنا له مادام يكفل لنا خصوصيتنا الدينية والثقافية التي تزيده إثراء وتنوعا.
* مدير المركز الثقافي الاجتماعي بهولندا

الأسرة : أكبر مقاصد الإسلام وأول مصانع الإنسان

الهادي بريك
خلق الله سبحانه الإنسان ـ كائنا عاقلا مسؤولا مستخلفا مستأمنا معلما ـ ليتأهل لعبادته التي جعلها عنوان رسالة الوجود الإنساني في حياته :  » وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون « . كان لا بد لنيل شرف العبادة حسن معرفة لولي النعمة الأكبر سبحانه من وسائل تعين على ذلك منها : التكريم والتحرير فولد الإنسان حرا لا يكره على شيء حتى على عبادة ربه وخالقه ومالكه وولي نعمته :  » لا إكراه في الدين « . ثم زمجر الفاروق عليه الرضوان في وجه الدنيا مجددا الدين للناس بتجديد فريضة التحرير :  » متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ». ومن كمالات التحرير أن تزين الإنسان بزينة التكريم هدية من الرحمان لا يملكها سواه سبحانه : » ولقد كرمنا بني آدم « . الحصيلة إذن : إنسان محرر مكرم معلم مسؤول على العبادة والخلافة والعمارة تحت لواء رب كريم وفي فناء بلدة طيبة هي الأرض التي نتفيأ ظلالها ونعيمها بالغداة والعشي.
كان لا بد لذلك الإنسان الذي بلغ درجة من التكريم لم يبلغها ملك مقرب حيث سجد هذا لذاك .. أن يتعاون على مهمات العبادة والخلافة والعمارة مع أخيه الإنسان فكانت أولى دوائر ذلك التعاون : الأسرة. بلغت عناية الإسلام ببناء الأسرة درجة لا تضاهى : يسر أمر الإرتباط فيها فلم يشدد سوى في ما يزيد الإنسان ـ ذكرا وأنثى ـ تكريما وتحريرا أي عقد التراضي ثم زين ذلك برضى الأسرة الأم : من والدين وغيرهما حتى تكون الأسر بعضها من بعض مودة تبذل وحبا ينداح كما زين ذلك بإشهاد الناس على ميلاد خلية جديدة من خلايا المجتمع البشري إمعانا في تكريم الإنسان وإشاعة الفضيلة وغرس التعارف والتآخي بين الناس أجمعين حتى أن الحبيب عليه الصلاة والسلام أقر مهرا بخاتم من حديد أو بتعليم سورة من القرآن وقال : » أكثرهن بركة أيسرهن مهرا « . وحث على الزواج والتكاثر بسبب أن التكاثر في النسل بين الأمم والشعوب مصدر قوة بمثل ما هو اليوم مثلا في الصين والهند وأمريكا وغيرها فقال :  » تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة « .
الأسرة إذن من أكبر مقاصد الإسلام لأن الحياة البشرية لا تتواصل بدون إنشائها ولأنها حلقة التعارف الأولى بين الناس فهي بكل ذلك وبغيره مما يضيق عنه المجال هنا حقل العبادة الأول فيها يترجم الإنسان ذكرانا وإناثا المعاني التي مدحت بها الأم الكريمة خديجة عليها الرضوان محمدا بعلها عليه الصلاة والسلام :  » إنك لتصل الرحم وتكسب المعدوم وتبر اليتيم وتقرئ الضيف وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق  » أو كما وصفته الأم الحبيبة عائشة عليه الرضوان لما سئلت عن خلقه :  » كان خلقه القرآن « .
أما الوظيفة الثانية للأسرة في الإسلام فهي صنع الإنسان . الإنسان ـ كل إنسان ـ هو صنيعة لقاء بين ذكر وأنثى فإذا تم ذلك في عش الزوجية الدافئ بالرضى المشهود له تزكية من المجتمع من خلال وليمة  » ولو بشاة  » .. فإن المشروع البشري الأول يلقى من الرعاية ماديا ومعنويا ما يجعله بشرا سويا خلقا وخلقا مؤهلا لخوض غمار حياة وصفها الباري سبحانه بغلبة الكدح والمكابدة عليها :  » إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه  » و  » لقد خلقنا الإنسان في كبد « . الإنسان يصنع في عش الزوجية الدافيء إذن صنعا ماديا ومعنويا برعاية الرحمان سبحانه الذي أودع في الوالدين حيال وليدهما رأفة ورحمة إستوجبت بها الأم أن تكون أولى الناس ببر الإنسان كما جاء في الحديث النبوي الصحيح : من أولى الناس ببري ؟  » أمك  » ثم من؟  » أمك » ثم من؟  » أمك ».
إذا كانت الصناعة البشرية تمضي وفق إرادة الرحمان سبحانه فيما يتصل بالمادة بدنا وجسما على منوال فطرة مفطورة لا تتبدل فإن الصناعة المعنوية للإنسان كثيرا ما توكل إلى الوالدين سيما بعد غرس الخميرة الروحية الأولى التي قال فيها سبحانه :  » ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها  » وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : » يولد الولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه « . ذلك يعني ما تواضع عليه علم الإجتماع حين قال قديما وحديثا : الإنسان إبن بيئته. وأول دوائر البيئة لكل إنسان هي : الأسرة وخاصة الأم ثم الأب ثم الأدنى فالأدنى خلقيا وخلقيا سواء بسواء ولذلك قالت العرب : من شابه أباه فما ظلم.
إذا كان ذلك كذلك فإنه يتعين علينا تأكيد كون الأسرة أحد أكبر مقاصد الإسلام طرا مطلقا وأنها أول مصنع يخرج المشروع البشري إلى الدنيا تماما كما تفعل المعامل والمصانع التي تخرج المواد والآلات التي يحتاجها الإنسان لحياته ضروريا أو حاجيا أو تحسينيا وكما تكون صناعة المعمل جيدة أو رديئة تكون صناعة الإنسان ـ خلقيا لا خلقيا ـ كذلك والمسؤولية على رئيس الأسرة أول مصنع يصنع فيه الإنسان سيما في سنيه الأولى دون إشتداد عقده الأول.
لا يعني ذلك أن فساد الإنسان هو من فساد الأسرة يقينا مطلقا لا مجال فيه للإستثناء والدليل على ذلك فساد إبن نوح ونوح عليه السلام في قمة الصلاح والإصلاح فهو من أولي العزم الذين أخذ عليهم الميثاق كما ورد في سورة الأحزاب. ذلك يدور ضمن عجائب قدرة الرحمان سبحانه الذي يخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت فلا نسأل عن ذلك ولكن نديم أكثر دعاء كان عليه الصلاة والسلام يدعو به :  » اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك « .
صنع الطفولة في عش الزوجية الدافيء ليس أمرا يسيرا بالمطلق ولا عسيرا بالمطلق ولكنه يسير على من يسره الله له وأظن أن كثيرا منا لا يلوذ بسلاح الدعاء كثيرا سيما في السجدات وفي غدوات البكور وروحات العشي بضراعة خفية وجهرا والله سبحانه يغضب على من لا يدعوه ومن يغضب عليه لا يهبة ذرية طيبة زكية. صنع الطفولة لنا فيه في القرآن الكريم في سورة لقمان درس مثالي نموذجي فهلا تدبرناه.
صنع الطفولة يتطلب بادئ ذي بدء إدامة الوعظ وهو بخلاف النهر والتأديب فضلا عن العقاب والتأنيب والرحمة من لقنها قلبه حاز حذافير الدنيا والأخرة ومن حرمها حرمهما ولا شماتة وبذلك يكون مفتاح صنع الطفولة التعبؤ بالرحمة والإمتلاء بالرأفة. صنع الطفولة يتطلب في كنف الرحمة توفير مناخ منزلي يشع إيمانا من خلال العبادة بكل معانيها ومظاهرها علنا بين يدي الطفل الذي نظن لفرط جهلنا أنه لا يفهم ولا يعي وما نحن بأوعى منه ولا أفهم سوى بملكة اللسان وهو أقدر على التخزين اللاواعي كما يقول علماء النفس بسبب تمحض فطرته كلها لذلك فلا وجود للسان يبدد تلك الطاقة كما نفعل نحن.
صنع الطفولة يتطلب الجمع دوما بين التربية العملية وبين التربية القولية حتى ينمو الطفل متوازنا في ملكات تلقيه ومحاضن إستقباله لرسائل محيطه ولعل أخطر شيء في ذلك هو إكتشاف الطفل عدم تطابق تربيتنا القولية مع العملية وعندها لا نلوم سوى أنفسنا بعد فشل ذريع يعسر جدا جبره. صنع الطفولة يتطلب غرس الإيمان بأسلوب حان  » يا بني  » يمج الخطابات الكلامية ويهرع إلى التمثيل الذي يفعل في الطفل فعل السحر في النفس :  » يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله إن الله لطيف خبير ». لم يشبع القرآن الكريم سوره بالقصة وبالمثل وبالكون عبثا ولكن لتعليمنا أن أنسب وسائل التربية قولا وعملا هي الإنفتاح قولا وعملا على التاريخ بقصته وعلى المثل بحكمته وعلى الكون بمعالمه.
صنع الطفولة يتطلب التربية على نعمة الشكر التي عدها العلماء أكبر نعمة لا توهب سوى لمن رضي الله عنهم بما رضوا عنه والنعمة المقصودة هنا هي نعمة الإبتلاء والأذى وليست نعمة البسط في الجسم والمال والآل. لو لم نرب طفولتنا سوى على نعمة الشكر لكل صاحب نعمة علينا أولا بأول لحفظنا عليهم ما به يحيون سعداء أهنياء. صنع الطفولة يتطلب تربيتها قولا وعملا منذ نعومة الأظافر على تحدي الصعاب داخل البيت وخارج البيت :  » و أمر بالمعروف وأنه عن المنكر وإصبر على ما أصابك « . أكثرنا اليوم يسرف في الدلال اللاهي أو في الغلظة الجافية فأين الأمة الوسط ؟ أن تبصر طفلك بخطئه ثم تعفو عنه خير له ألف ألف مرة من أن تغض الطرف عنه. وأن تعاقبه بما يناسب خطأه وسنه وكسبه العام مرة بعد عشر صفحات خير له ألف ألف مرة من أن تترك حبل غريزتك على غاربه تدللـه.
لقد بينت تجارب كثيرة بأن اليتيم والمحتاج والفقير عادة ما يكونون أكثر نبوغا ثم نجاحا بسبب عوامل كثيرة منها الحرمان من طعم الدلال الفارغ. عندما نعلم أبناءنا بالقول والفعل معا خلق الصبر فإننا نعلمهم في الآن ذاته خلق الرحمة لأن الصبر هو خلق وسط بين الثأر وبين الجبن وبذلك يكونون صالحين مصلحين نافعين إيجابيين.
صنع الطفولة يتطلب تربيتها على خلق التواضع : » ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا  » وعلى خلق التوسط والإعتدال والتوازن في أصاغر الأمور قبل كبائرها :  » وأقصد في مشيك وأغضض من صوتك « .
وكاء كل ذلك هو : صنع الطفولة يتركز على أمرين : التربية بالقدوة والعمل إلى جانب التربية بالقول والتعليم وكذلك غرس الخلق الإسلامي الكريم لأن الخلق هو الأمر الوحيد الذي يبقى في الإنسان سواء حين يتدين ويصلح أمره حتى يكون للناس أجمعين إماما أو حين يفسق فسوقا كبيرا أما ما سوى ذلك من مثل العقائد والعبادات فإنها يجب أن تغرس ضمن الخلق الكريم وليس ضمن تعليمات مدرسية جافة. لذلك تجد اليوم كافرا على خلق وتجد مسلما على غير خلق وأنت تتساءل حائرا ما الذي دها هذا وأغرى ذاك؟ يجيبك صاحب الرسالة عليه الصلاة والسلام مختصرا رسالته في كلمة واحدة لا ثاني لها : » إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ».
أمر آخر أختم به هنا : مشاكل المراهقة النفسية هي أعقد مشاكل يتعرض لها الإنسان في حياته بأسرها فإذا أضفت إلى ذلك مناخات أخرى من مثل حياة الشاب ذكرا أو أنثى في مجتمع يشعر بالغربة عنه وهو فيه يحيا في كل مظهر ولون ومناخات دولية أخرى لا تشجع سوى على الإستخفاف والإستفزاز والإثارة .. تجمعت كل تلك العوامل النفسية والمادية لتصنع من المراهق متمردا يبحث عن موطن يثبت فيه إرادته وذاته فإذا كان التعامل داخل الأسرة والمساحات القريبة منها من مثل المسجد والأقرباء والأصدقاء غير موفق لا يراعي ظروف التخفيف تلك لا تفهما ولا صفحا .. كانت النتيجة واحدة معروفة : التمرد.
ذلك يعني : المحضن الناجح هو : من يوفر للمراهق مسرحا يثبت فيه ذاته ويفجر فيه طاقاته ويفرغ فيه شحناته فهي لا محالة زاهقة مهما طال حبسها فإذا كان الجسم يحوي سوائل سبعة بحسب إبن القيم يحسن إفرازها طوعا قبل أن تفرز كرها فإن الكائن النفسي الذي يعيش فينا نتجاهله وهو يقود مركبنا غريزيا يحوي كذلك سوائل روحية وشحنات نفسية تقرع دوما سيما زمن الإثارة الخارجية باب الحبس فإن أذن لها عادت إلى مربضها بعد هنيهة آمنة سالمة طائعة وإن صدت صدودا أبت إلا إستفراغ رهقها الذي أثقل ظهرها رضينا أم كرهنا.
ذلك يعني : ما ينبغي علينا الصدح في صفارات الإنذار بأكثر مما يتطلبه الموقف حتى لا نخرج من موقف النصيحة والتعليم والتأديب والرحمة  » يا بني  » إلى موقف الإدانة الشديدة. لنذكر دائما أن كل مشكلة مهما تقعدت وتشعبت لها حل علمناه أم جهلناه. لنذكر دائما أننا نتعامل مع نفوس آدمية معقدة التكوين الفطري متشابكة الهموم الروحية من عقل وذوق وعاطفة وأبعاد أخرى كل ما عرفنا منها الأن : البعد الفردي والبعد الجماعي.
ذلك يعني : ليس صحيحا أن مصير المراهق في سني مراهقته هو القدرالغلاب على بقية مراحل حياته وليس كالتجارب البشرية من حولنا ـ بل فينا ـ خير مكذب لذلك الوهم الناشئ عن الخوف الغريزي ولكننا بحاجة إلى خوف عقلي لا يستبعد أي عامل من عوامل المراهقة وما يسعر لهيبها في ظروف إستثنائية دوليا ومحليا بكل المقاييس.
لو كان المجال هنا سانحا لذكرت بمشاهد عظيمة من مشاهد الرسول الأكرم عليه الصلاة والسلام وهو يربي الشباب المراهق توقا نحو النساء أو غير ذلك مما زينه الله في قلوبنا تزيينا فطريا لا نملك عنه حيدانا . ملخص ذلك المنهج النبوي في التربية هو : التعويل على الأداء الذاتي والجهد الشخصي :  » إنما العلم بالتعلم والصبر بالتصبر والحلم بالتحلم  » وتقديم الرحمة بدل النقمة مثلما كان الحال في قصته المعروفة مع من شرد جمله. وثالث أركان ذلك المنهج هو : توفير المحضن المطلوب في كل مراحل البيئة شغلا للنفس وجمعا بين اللهو وبين الجد معا وفي ذات الآن. لما وقع حديث الإفك عزم عليه الصلاة والسلام على المضي بالقافلة أميالا طويلة وساعات ثقيلة برغم الحاجة الشديدة إلى الراحة والسكينة فلما حل بهم كان النوم الثقيل أسرع إلى الأجفان ولم يجد المنافقون وضعاف الإيمان فرصة لا زمنية ولا بدنية للإيقاع بالناس. لم يكن ذلك منه عليه الصلاة والسلام سوى مبنيا وفق خطة مدروسة في التربية العملية الصارمة المتنزلة في أوانها المناسب بدون أدنى تقديم ولا تأخير. كثير منا اليوم يشفق على الشاب من الحيوية الزائدة في نظرنا متناسيا ما كان عليه هو نفسه ذات يوم معاملا إبنه المراهق الذي يفيض نشاطا وحيوية بسبب الفطرة البدنية والروحية المغروسة بحسب ما يعامل نفسه بعدما دب الترهل إليه وتناوشته أعراض الشيخوخة.
شرود المراهق لئن كان أمرا غير مستحب ولا مرغوب في عيون الآباء فهو مشكلة لها حل نتعاون عليه جميعا إنطلاقا من محكمات الوحي ومن تجارب الناس معا وربما كان ذاك هو الأصل الذي لا نستسلم له ولكن لا نملأ الدنيا من حولنا عويلا عليه ولكنه أصل يباشر شغاف كل مراهق بشكل مغاير عن صاحبه وبذا لا تكون الحلول واحدة جاهزة ولعل عامل الزمن من أكبر البلاسم التي عليها إجماع العالمين ولينظر كل أب وكل أم إلى طفولته ومراهقته فلا تذهب نفسه على فلذة كبده حسرات ولا يبخع نفسه يقتلها قتلا قبل أوان موتها وليذكر دوما أن من هو أكبر منه ألف ألف مرة نوح عليه السلام ولد إبنا كافرا كفرا وليس مجرد فاسق أو مراهق زلت به القدم.
الأسرة مقصد أصيل من مقاصد الإسلام ومصنع أولي للبشر طفولة ومراهقة. ورعاية الإنسان في مراحل المهد والتربية مطلوب أبدا دون جدال ولكن الرضى بقضاء الرحمان أشد طلبا أبدا دون جدال والحل لا نملك منه نسخة جاهزة ولكن يتأطر ضمن مفاتيح الرحمة بدل النقمة والإنابة بالدعاء بدل السخط والأخذ بالأسباب بدل السلبية والتوسط في كل شيء إعتدالا وتوازنا والمباشرة الجماعية حوارا هادئا وتبادلا لتجارب فاشلة لأن الحاجة إلى الفشل هنا أولى من الحاجة إلى النجاح الذي لا يبنى سوى على فشل وما بني النجاح على نجاح أبدا ووكاء ذلك الصبر على عامل الزمن فسبحان من يقلب الليل والنهار ليجعل في ذلك عبرة لأولي الأبصار ولعل بعض من ندين من شبابنا اليوم يكون محل غبطة من الناس أجمعين في الغد القريب وإن غدا لناظره قريب.
مشكلة الشباب والطفولة والمراهقة مشكلة دولية عالمية حاضرا ومشكلة تاريخية غابرا وإرتباطاتها لا تقتصر على الدين ولو كان أرضى دين عند الله الإسلام ولكن فيها شركاء متوافقون من مثل علم الإجتماع وعلم النفس والسياسة والإقتصاد والتربية بل تؤثر فيها التضاريس الجغرافية كذلك فضلا عن ملامح المحيط القريب من ذلك ولكن المشكلة هي فينا نحن هل نحن متوافقون لبسط تلك المشكلة وفق تلك الأصعدة كلها أم نحبس الحل في الدين فحسب؟
علينا أن نكون واعين إذن بأن مكاننا وزماننا ليسا من طبيعة الزمان والمكان الذي يبوئ الأسرة وحدها لتأدية دور المربي والمعلم والمؤدب والمؤطر والصانع بالكامل للطفل والمراهق فذلك زمان ولى ونحن اليوم نجاهد لإستعادة بعض من دور الأسرة التي إغتصب دورها أو كثير منه في تلك العملية وبالتوازي مع ذلك يجب علينا مد السبيل بين الأسرة وبين المحاضن الجديدة مسلمة و غير مسلمة لتكون ممهدة لتوفير أكثر ما يمكن من ضمانات الأمن أو بالأصح والأحرى لتكون ممهدة لتوقي أكبر ما يمكن من الأضرار.
رعاية تبدل الزمان والمكان شرط مشروط في إنجاح العملية التربوية أو الحوار حولها أما الإقتصار على دور الدين أو دور الأسرة أو دور الفرد بدل الجماعة فكلها مؤطرات خاطئة التربية إذن ليست علما جامدا ثابتا لا يتطور ولا يتحرك ولا يتأثر بمؤثرات الزمان والمكان والحال والعرف حتى لو كانت تتأسس على أصول ثابتة والحقيقة أن تلك الأصول الثابتة ليست محل خلاف كبير بين المجموعة البشرية بأسرها بسبب أنها ترتكن إلى الغريزة قبل إرتكانها إلى الدين وهي أسبق طبعا وعلى فطرتها السليمة بإزدواجها التكويني بني.
آفة التربية فينا بسبب تكوين ديني مثالي نظريا لا عمليا هي : التعويل على المثالية ولو أبحر المرء اليوم في كتب التراث ـ بل في كتب الحديث والسنة والسيرة ـ لألفى عجبا عجابا في خير القرون الأولى وليس الخلاف سوى في ما سماه علماء الإجتماع تحول القضية إلى ظاهرة بالمعنى الإجتماعي للكلمة أم هو دون ذلك. خذ إليك مثلا سبب نزول قوله سبحانه :  » إن الحسنات يذهبن السيئات « . صحابي قبل إمرأة لا تحل له. مشكلتنا هي : كل واحد منا عندما يجد ذلك مكتوبا صحيحا في تراث أمته يلعق ما فاض عنه من حياء ودهشة ثم يمر مر الكرام فلا يتدبر الحادث لنفسه ولا يتطارحه مع إخوانه وبذلك يموت العلم ويموت الحوار ويظل كل واحد منا عالما ( بفتح اللام) كبيرا ثقيلا يعيش بنفسه لنفسه في مملكة مستقلة معزولة تتبادل السفارات مع الناس مجرد تبادل في أحسن الأحوال. ذلك ما تيسر لي جمعه في هذه العجالة في أخطر موضوع يؤرق الناس الملتزمين إسلاميا فوق أديم أرض تنكر فيها أكثر مما تعرف ولكن القضية تظل مفتوحة للإجتهاد الجماعي لا الفردي دوما معزرة بالقول والعمل معا فائدة علمية ثابتة وتجربة فاشلة مع مراعاة ظروف التخفيف وتبدل موجبات التغيير وفي كنف الضراعة الخالصة لمن بين إصبعيه سبحانه قلوب العباد وخفض سقوف المطالب من زرع لا يجد على الإستواء أعوانا.
والله تعالى أعلم . الهادي بريك ـ ألمانيا (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 4 مارس 2007)


التجديد والتشبيب والواقعية والانفتاح والا تعميم الحالة القطرية

 
مرسل الكسيبي*   طالعت منذ أسبوع المقال الهام والعميق للدكتور عبد الله النفيسي-راجع المقال على صحيفة الوسط التونسية*1- والذي ثمن فيه حل تنظيم الاخوان المسلمين في دولة قطر الشقيقة,ودعى فيه الى الانتقال بالتجربة الاسلامية الاخوانية الى حالة التيار بعد تعميم تجربة حل التنظيم الاخواني  وفروعه القطرية في بلاد العالم العربي والاسلامي . تأملت قبل تحريري لهذا المقال في العديد من النصوص والمقالات التفاعلية التي كتبت تعقيبا واثراء لدعوة الدكتور النفيسي ,ولعلني قصدا تريثت في ابداء الرأي في موضوع شائك من السهل اعتماد الحلول الجاهزة والمريحة للأنظمة العربية  فيه ,ولاسيما اذا ماعلمنا أن الأنظمة ستكون من أكثر الأطراف ترحابا بفكرة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت ,خاصة وأن مقترح الأستاذ النفيسي يخلصها من أكثر الأطراف السياسية والاجتماعية تأثيرا فكريا وثقافيا في مكونات الساحة القطرية العربية والاسلامية… لم أرد أن أقدم في هذا الموضوع رؤية نافرة من الهدوء والتريث في التفكيك والتحليل والاستخلاص ,ولذلك حرصت على قراءة ماكتب من رؤى متقابلة وأحيانا متعاكسة تصل الى حد التضاد في ماتنتصر اليه من استخلاصات تبشيرية أو نقدية بحسب قرب المحلل أو بعده عن المدرسة الاخوانية . وعموما أمكن لي القول من خلال تعليق أولي على استخلاصات النفيسي بأن الظاهرة الاسلامية الاخوانية تعيش مأزقا سياسيا حقيقيا في ظل ماتعرفه التجربة من حالة صدام مفتوح مع أكثر من نظام عربي ولاسيما في أقطار مصر وتونس وسوريا وليبيا  وحالة احراج قلق في أقطار الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية واليمن والأردن والجزائر ,ثم حالة اصطدام متراوح بن التهدئة والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة . جاء مقال الدكتور النفيسي في فترة تاريخية قلقة من عمر التجربة ولاسيما في ظل تداخل العوامل السياسية الداخلية مع العامل الدولي الضاغط باتجاه محاصرة التجربة والضغط عليها مع غض الطرف عما تتعرض له من عمليات اضطهاد سياسي وأمني وحقوقي بلغ ذروته مع انتهاء مرحلة الحرب الباردة ودخول العالم في طور الحرب العالمية ضد الارهاب. ولئن تميز تيار الاخوان المسلمين وفروعه القطرية عما سواه من التيارات بالاعتدال في الرؤية والطرح والقبول المعلن بقواعد اللعبة الديمقراطية ,الا أن حجم الانتشار الاجتماعي الواسع لهذه المدرسة الفكرية والسياسية شكل احراجا حقيقيا للكثير من الأنظمة السياسية العربية في موضوعات الاصلاح ,ولاسيما بعد تمكن الجهاز التنظيمي للتيار من اكتساح العملية الانتخابية في أكثر من دولة عربية مغاربية أو شرق أوسطية . وحينئذ فانه لايشك اثنان من العاقلين في أن سر نجاح الحركة الاخوانية باشتقاقاتها الحزبية المختلفة في أي عملية انتخابية ,يكمن في اعتماد الخطاب الذي يرتكز الى الموروث الديني ,هذا علاوة على وجود جهاز تنظيمي قوي يهدف الى تأطير الظاهرة الدينية في اطار مشروع سياسي علني يهدف الى التغيير والاصلاح والتعويض عن فشل الأنظمة في التفاعل مع مايسمى بقضايا الأمة وعلى رأس ذلك قضية فلسطين وماشابهها من قضايا ملتصقة بواقع الاحتلال العسكري المباشر. ثمة عامل اخر ساهم هو الاخر في قدرة التيار على الفعل السياسي المؤثر وهو امتلاك التيار لمقدرات المنافسة الاقتصادية للأحزاب الرسمية من خلال ضبط مشاريعي منتشر في أكثر من عاصمة ومدينة عربية واسلامية وهو ماجعل بعض الأنظمة تتهافت على تفكيك هذه القدرة الاقتصادية من خلال استهداف أبرز رجال المال والأعمال من الأطر القيادية الفاعلة داخل المنتظم الحزبي للتيار الاخواني. أدركت أنظمة الحل الأمني بأن أي مواجهة قائمة أو محتملة أو قادمة مع تفريعات الاخوان المسلمين لابد أن تتجه الى ضرب وتفكيك الروابط التنظيمية التي تشكل عمودا فقريا للجهاز الحزبي ,مع الحرص على تجريد المدرسة من مقدرات الفعل المالي بوضع اليد على ممتلكات شخصية وجماعية شكلت عرق عقود متتالية من التخطيط والتضحية والاستثمار ,غير أن جل الأنظمة السياسية العربية غفلت عن حقيقة الفكرة الجذابة التي ارتكز عليها حملة المشروع الاخواني من خلال طرح رؤية تحديثية معاصرة للاسلام . كان من الممكن جدا لأكثر من نظام عربي سحب البساط فعليا من تحت أقدام التيار الاخواني من خلال ممارسة أقدار عالية من الانفتاح السياسي في مقابل التصالح مع الهوية العربية الاسلامية وممارسة أقدار محترمة من التحديث والتشبيب والتجديد والصدق مع الجماهير في معالجة القضايا الداخلية والخارجية المطروحة ,غير أن اصرار بعض الأنظمة على تكرار نفس الخطاب السياسي مع الاعتماد على نفس الأساليب الأمنية بالتوازي مع التحالف مع خصوم المشروع الاسلامي داخليا وخارجيا ,كل ذلك ساهم في اضعاف الجبهة الداخلية وتعميق الانقسام السياسي ووئد أحلام التحديث والاصلاح والتغيير الهادئ في مقابل توغل المتربص الخارجي وتقوية اسلام متشنج وعنيف شكل ردة فعل على انغلاق الأنظمة واستئساد المجتمع الدولي في تعاطيه مع طموحات شعوب المنطقة في الاستقلال الحقيقي والتنمية الجادة والحياة الكريمة … ان رؤية شاملة لموضوع التيار الاخواني لايمكن فصلها عن عوامل داخلية وخارجية ساهمت في تعميم الحلول الأمنية المتشنجة عند التعاطي مع مشكلات المنطقة ,وهو مابرز من خلال عودة نموذج الاحتلال الخارجي وتبخر موضوعات الاصلاح وبريقها على مستوى الخطاب السياسي الرسمي العربي والدولي ولاسيما في ظل تضخم هيمنة الأجندة الأمريكية في محاربة الارهاب ورغبة بعض الأنظمة العربية المتهافتة في استثمار هذه الحملة الدولية من أجل التغطية على ماارتكبته من جرائم حقوقية وسياسية واجتماعية في حق شعوبها… غير أن هذا لايعني اطلاقا أن المشروع الاخواني وبعد مرور حوالي ثمانين سنة على التأسيس له في الساحة المصرية , لايحمل في طياته بعض مظاهر الانغلاق والرغبة في امتلاك الحقيقة والهيمنة أحيانا على الخطاب الفكري والسياسي العربي ومن ثمة فان الجهاز التنظيمي شكل داخله أداة محافظة واقصاء وتجميد وتسريب للطاقات والفعاليات نتيجة استحكام المنطق الحزبي الفئوي الضيق على أجندته ,ومن ثمة حدوث حالات من ضيق التنفس الداخلي ساهمت في بروز ظواهر من التذمر والانشقاق والقلق على مصير الحالة الاسلامية في أكثر من قطر ,خاصة بعد أن بات بالكاشف أن المسؤولية عن المواجهات السياسية والامنية المتكررة التي عرفتها أقطار المنطقة ولاسيما في شمال افريقيا لايمكن تحميلها حصريا وقصريا الى ماسمي يالأنظمة البوليسية ,وانما لابد من الاعتراف بأن اخلالات كبرى في اداء التيار نتيجة استحكام منطق السرية والمغالبة والشمولية لمجالات الفعل البشري مع الاستعجال وحرق المراحل والاصرار على مغالبة أنظمة كان من الممكن التعاون معها فيما هو داخلي مشترك أو خارجي مهدد ,هذا بالاضافة الى عدم تجدد الدماء واستئثار النخبة القيادية المؤسسة بمراكز القرار مع استخفاف بمدلولات الشورى واغلاق العيون على أهمية العوامل الدولية في استساغة أي تغيير قطري داخلي… ان هذه العوامل مضافا اليها استخفاف التيار الاخواني بالتيارات العلمانية وغيرها من التيارات الاسلامية الناشئة نتيجة رؤية هيمنية مستصحبة من خلال البنية التنظيمية الشمولية ,برغم بريق الفكرة وجمالية المشروع الاسلامي المعتدل ووطنية المنشأ وعظم التضحيات ,مع فشل التيار في نقل التجربة من مجال النظرية السياسية والفكرية الى مجال المساهمة العملية في صناعة قرار الأوطان مع ماأصاب التجربة في أكثر من قطر من صدام أمني مدمر ضيع مئات الالاف من الطاقات التنموية ,جعل في تقديري الدكتور النفيسي ذي الميول الاخوانية يحبذ فعلا التجربة القطرية التي انتهت الى حل التنظيم في مقابل الاكتفاء بتيار فاعل اجتماعيا وفكريا سوف يؤمن طاقات مستقبلية هي في غنى عن تكرار سيناريو مصري أو تونسي أو سوري يبدو أن افاقه لن تنجلي الا في ظل تغيير شروط ومعادلات السياسة الدولية تجاه أقطار العالم العربي والاسلامي.   *1- راجع المقال المذكور على الوصلة التالية   http://www.tunisalwasat.com/wesima_articles/index-20070225-4506.html حرر بتاريخ 3 مارس 2007-14 صفر 1428 ه   *كاتب واعلامي تونسي – رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية reporteur2005@yahoo.de


باحث تونسي يزعـم: أن الاسم الحقيقي لمحمد صلى الله عليه وسلم.. « قـثـم »!

إسلام أون لاين.نت – محمد الحمروني

تونس– لم يستبعد الباحث والمفكر التونسي الدكتور هشام جعيط في كتابه الأخير « تاريخية الدعوة المحمدية » أن تكون بعض العبارات والآيات زيدت في النص القرآني عند تدوينه. واعتبر أن التأثيرات المسيحية على القرآن لا يمكن إنكارها. وعن محمد -صلى الله عليه وسلم- قال إنه ولد في حدود سنة 580م، وإنه كان يدعى « قثم » قبل بعثته، وتزوج وهو في الثالثة والعشرين وبعث في الثلاثين، وإنه لم يكن أبدا أميّا…. وفي ندوة عقدت في تونس نهاية الأسبوع الماضي وعرض فيها لكتابه، شدد الكاتب على أن ما توصل إليه من نتائج هو ثمرة « عشرات السنوات من البحث والدراسة وفق مناهج علمية صارمة » وأنه إذ ينشرها فلأنه على يقين بأن ما يورده من « حقائق ينشر لأول مرة ». غير أن باحثا تونسيا أشار في معرض تعقيبه على الكتاب إلى أن الرؤى التي يطرحها سبق أن طرح معظمها مستشرق ألماني في القرن الـ19 الميلادي.
الكتاب كما يقدمه صاحبه
يقول جعيط مقدما كتابه « تاريخية الدعوة المحمدية » إنه « عنوان يشير إلى وضع الدعوة في تاريخيتها الخاصة، في وسطها الداخلي والخارجي وبين البشر ». وهو الجزء الثاني من مشروع للباحث يتناول فيه السيرة النبوية، وصدر الجزء الأول منه تحت عنوان » الوحي والقرآن ». وحسب الكاتب فان مبحثه في هذا الكتاب يتناول مسار -محمد صلى الله عليه وسلم- في مكة من ولادته إلى الهجرة بما في ذلك المناخ المحلي والعالمي اللذين ظهر فيهما الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- ودعا فيهما إلى دعوته. وهي دراسة تاريخية وضعية بحتة، التزم خلالها أن يضع بين قوسين قناعاته العقائدية؛ فهو « يتناول الحقائق الدينية بالوصف والتحليل بالبحث في التأثيرات والتطورات، ويضعها في لحظتها التاريخية من دون الالتزام بالمعطى الإيماني ».
المنهج المعتمد
اعتمد الدكتور –كما قال- في كتابه على علم التاريخ الذي يرى أنه بلغ درجة من المصداقية قربته كثيرا من العلوم الصحيحة، وهو يستعمل علم التاريخ بتداخل مع مجموعة أخرى من العلوم والمعارف مثل الأنثروبولوجيا (علم الأجناس) والفيلولوجيا (علم اللغة). ويلخص جعيط -كما جاء في الجزء الأخير من مقدمة الكتاب- منهجه في التعامل مع هذا الموضوع بقوله: « إنه استقراء الماضي متسلحا بمعرفة دقيقة بالمصادر والمراجع وبالتعاطف اللازم مع موضوعه وبرحابة صدر وثقابة الفكر.. » وأضاف: « ما سنحاوله هنا هو إعطاء نظرة أنثروبولوجية للثقافة العربية قبل الإسلام أولا، واستقراء للنص القرآني وتتبع التأثيرات الخارجية والنظر النقدي في المصادر التاريخية والبيوجرافية ». وعن غرض الكتاب يقول جعيط إنه إنما ألف كتابه عن السيرة؛ لأنه « أراد أن يوثق خلاصة بحوثه التي توصل إليها خلال مرحلة تدريسه بالجامعة التونسية ». كما شدد على لو أنه « لم يكن فيما توصل إليه جديد ما كان لينشر هذا الكتاب ».
وشدد المؤلف في ندوة جمعته نهاية الأسبوع الماضي بثلة من الباحثين والأساتذة الجامعيين وهو يشرح دواعي تناوله لهذا الموضوع على أنه « ليس هناك أفضل من الرسول محمدا -محمد صلى الله عليه وسلم- لتسليط الأضواء على حياته وسيرته بشكل علمي »؛ لأن ما غلب على دراسات السيرة هي الرؤية الدينية الصرف. وهذا ما لا يطمئن إليه الباحث الذي عليه أن « يضع اعتقاداته بين قوسين »، كما قال.
وفيمايخص ما كتب عن حياة الرسول اعتبر أن المصادر التاريخية مثل سيرة ابن إسحاق أو ابن هشام أو غيرهما « لا تعطي إجابات علمية دقيقة؛ نظرا لتأخر تدوين هذه السير ولغلبة النزعة الوعظية عليها ». أماالكتابات الحديثة فقد أعتبر أن « أغلبها لا يرقى حتى إلى ما كتبه القدامى من حيث القيمة العلمية »، واستثنى من هذا الحكم كتاب « حياة محمد » لمحمد حسين هيكل والذي اعتبره « آخر الكتابات المحترمة ».
وأكد على أن غرض الباحث دائما هو « مناقشة المسلّمات » وأن « المعرفة التاريخية تبقى نسبية ومتغيرة بتغير المصادر والوثائق »، كما أشار إلى أن هناك نقاط استفهام عديدة تطرح حول معرفتنا عن تلك الحقبة؛ لأن هناك نقصا في هذه الوثائق، وهو نقص أدركه كل من اشتغل على الشأن الديني أيا كان هذا الدين. إلا أن وجود هذه الصعوبات لا ينفي إمكانية إنشاء معرفة تاريخية عن الدين مستقلة ومختلفة عن الأبحاث الفقهية.
نتائج البحث
وينتهي البحث إلى جملة من النتائج تتعلق بالقرآن والنبي محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- والصحابة والدعوة بصفة عامة. بالنسبة للقرآن، يشدد الكاتب في بداية الجزء المخصص للقرآن أن الباحث في الإسلاميات محظوظ؛ لأن « النص المتضمن على محتوى الرسالة، أي القرآن، طويل ومديد قياسا بما احتفظ به لنا من قبل، مثل ما يتعلق بزرادشت وبوذا والمسيح ». وشدد على أن القرآن « منغمس في تاريخية الدعوة؛ لأن النبي أفصح به إلى محيطه في مكة في فترة معينة من الزمان؛ لذلك فالقرآن يتخذ طابعا موضوعيا تاريخيا، وهذا بغض النظر عن كون القرآن كلاما منزلا على النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- أو هو مجرد كلام النبي معتقدا أنه وحي »، ويخلص بالتالي إلى أن « اللجوء إلى القرآن كمصدر تاريخي مهم جدا لأنه يعطي تفاصيل عن الأحداث التي يثبتها فيجعلنا نتحقق من وجودها ». ويثبتالكاتب بالنسبة للقرآن أنه جمع في عهد النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- وأنه سهر شخصيا على جمعه وكتابته. غير أن هذا لم يمنعه من إيراد احتمال أن تكون هناك آيات أو كلمات سقطت من القرآن وأخرى زيدت فيه. ويضرب مثلا على ذلك بقوله تعالى « وأمرهم شورى بينهم » ويرى جعيط أن هذه الآية لا تنسجم مع نسق الآية التي وضعت فيها، إضافة إلى أن « أمرهم » أي حكم المسلمين لأنفسهم في زمن النبي عن طريق الشورى غير مقبول، « فاعتماد مبدأ الشورى يكون مقبولا بعد النبي، أما في حياته فلا؛ لأنه هو ولي الأمر حينها ». كما استغرب الكاتب أن يرد الخطاب بصيغة الغائب في حين أن الرسول كان بينهم.
محمد.. قثم!
وبالنسبةلشخص الرسول محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- يقول الكاتب إنه ولد سنة 580م وإن كل حديث عن ميلاده -محمد صلى الله عليه وسلم- سنة 570 أو 571م « لا يصمد أمام الفحص ». وهو يرى أن ربط تاريخ ميلاد النبي بهجمة أبرهة على العرب، « زيادة على أنه مخالف لما وجد في بعض النقوش والذي يجعل تاريخ الهجمة في حدود سنة 547م؛ فهو لا يعدو أن يكون علامة زمنية، ذلك أن عام الفيل أصبح أداة للتأريخ وليس له بعد غيبي يعطي لتاريخ ميلاده أي رمزية دينية ». وحسب جعيط، فإن الرسول بعث وهو في الثلاثين من عمره باعتبار أن تاريخ الميلاد هو سنة 580 وليس 570 ولأن سن الأربعين سن الشيخوخة؛ لذلك فهو يستغرب كيف يقرر القران أنها – أي الأربعين- هي السن التي يبلغ فيها الإنسان أشده. ويخلص مبحثه في هذه المسألة بالقول: « رأيي أن محمدا بعث في الثلاثين أو حتى قبل ذلك ولم يولد إلا حوالي سنة 580 ميلاديا ولم يعش إلا خمسين سنة ».
وقالعن والده -محمد صلى الله عليه وسلم- إن اسمه لم يكن عبد الله، والأرجح حسب رأيه هو أن النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- هو من أطلق عليه هذا الاسم. أما عن اسمه -محمد صلى الله عليه وسلم- فقال الكاتب إنه لم يكن محمدا منذ الولادة مستشهدا في ذلك بأن القرآن لم يسمه باسم محمد إلا في السور المدنية « محمد رسول الله والذين آمنوا معه » (الفتح)، « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل » (آل عمران)، واعتبر الكاتب أن اسم محمد هو واحد من التأثيرات المسيحية وأنه نقل إلى العربية عن السريانية وأنه يعني في تلك اللغة « الأشهر والأمجد » وأن صيغتها الأولى كانت « محمدان ». أما الاسم الحقيقي للرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- فهو « قثم »، وسمي بهذا الاسم لأن أحد أبناء عبد المطلب كان اسمه « قثم » ومات على صغرٍ فسمي النبي على اسم عمه المفقود، بحسب رؤية الكاتب.
ويضيف الكاتب جملة أخرى من الاستنتاجات التي توصل إليها بخصوص النبي محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- منها أن والده توفي بعد ولادته وأن زواجه -محمد صلى الله عليه وسلم-من خديجة رضي الله عنها كان في سن 23 وأن عمرها حين تزوجها النبي كان 28 سنة.
التأثيرات المسيحية
ويرى الكاتب في هذا الخصوص أن خروج محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- للتجارة في اليمن والشام فتح له المجال واسعا للاطلاع بدقة على التراثين المسيحي واليهودي؛ وهو ما تعكسه التوافقات الكبيرة بين الكتاب المقدس بعهديه والكتب المنحولة وبين القرآن، وأن « كل ما قيل عن ثقافة محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- القائمة على السماع أو بالاطلاع المتدرج غير صحيحة، كما نفى قصة تشجيع ورقة ابن نوفل للنبي -محمد صلى الله عليه وسلم- لأن « ما قاله ورقة لا معنى له ». ويضيف « قصة ورقة ابتدعت لإضفاء صبغة الحقيقة لما أتى به النبي في الأول ».
وأشار إلى أن الرسول -محمد صلى الله عليه وسلم- لا بد أن يكون قد تلقى بعض التأثيرات المسيحية قبل حتى أن يبدأ رحلاته للشام حيث تعمقت تلك المعارف، وما ساعده على ذلك هو أنه كان يعرف السريانية؛ وهو ما ينفي -حسب رأيه- فكرة أن النبي -محمد صلى الله عليه وسلم- كان أميا. وأما « الله » عند محمد -محمد صلى الله عليه وسلم- « فهو اسم الإله الواحد عند مسيحيي الشام كما أن « رحمنان » هي تسمية الإله الأب عند مسيحيي اليمن. ويخلص الكاتب بعد أن أمعن في محاولة تبيان مواطن التشابه بين القرآن وعدد من الكتب المقدسة التي سبقته إلى القول: « كمؤرخين يجب أن نقر بتأثير المسيحية السورية على إسكاتولوجيا (العلم الأخروي) القرآن وعلى قسط وافر من الأفكار والتعبيرات، وأن القرآن كنص من القرن السابع الميلادي ووثيقة من هذه الفترة قد أخذ من موروثها ببراعة فائقة ».
ويضيف: « فالإسلام ملأ ثغرة لمن كان يتوق التنصر… ومعنى ذلك أن الإسلام الأولي في منبعه متأصل جدا في المسيحية »، وهو ما يؤكده تشابه بعض التعبيرات القرآنية واللغة السريانية، فسبحانك تقابلها في السريانية شبحالك، وتباركت تقابلها بريك أت. إلى جانب هذه النتائج التي يقول الكاتب إنه توصل لها، يعرض جملة أخرى من الاستنتاجات، منها مثلا أن معنى الكفر لم يتبلور في معناه العقائدي إلا في المرحلة المدنية، أما في المرحلة المكية فلم يكن هناك تفريق بين المؤمنين والكافرين بهذا التوصيف، ومنها تشكيك في بعض الروايات عن تاريخ إسلام عمر رضي الله عنه بالنسبة لتاريخ الدعوة المحمدية.
على نهج المستشرقين
ويقول مراسل « إسلام أون لاين.نت » إنه رغم أهمية وخطورة ما جاء في الكتاب، فلم يسجل له صدى يذكر لا في الشارع التونسي ولا بين النخبة التونسية، كما أن وسائل الإعلام لم تهتم به إلا فيما ندر. الدكتور سامي براهم وهو من القلائل الذين ردوا على الكتاب، شدد في مقالة صحفية بعنوان « العقل الوضعي دارسا للإسلام » على أن « الكتاب الأخير للدكتور جعيط امتداد للأفق النظري الذي يتحرك فيه الاستشراق المعاصر عموما رغم نقده الشديد والصريح لترهات الكثير من المستشرقين، لكن تبقى -حسب رأيه- المقاربة الوضعية قاسما مشتركا بين أعمال الدكتور جعيط وأعمال المستشرقين ».
وأكد براهم على « أن الصدور عن مسلّمات العقل الوضعي في مبحث تاريخ الأديان الكتابية ولا سيما الإسلام يوهم أن الانطلاق من الإقرار بألوهية النص المؤسس يستحيل معه إنتاج معرفة علمية موضوعية عن الدين، وهو حكم تفنّده الحركة العلمية التي نشأت حول النص تستكشف بنيته اللغوية والحجاجية والمفهومية وتستفهم معانيه ودلالاته لتنتهي -بعيدا عن سياق الحجاج الدّيني العقائدي- إلى فرادته وانسجامه الداخلي. واعتبر براهم أن ما ذهب إليه الدكتور جعيط لا يخرج عما جاء في كتابات المستشرقين فقال: « ولا نجد فيما ورد في كتاب الدكتور جعيط خروجا عن هذا السياق النظري والمفهومي والمنهجي لما جاء في بحوث المستشرق الألماني تويودور نولدكه (1836/ 1930م) ».
وضربأمثلة عما قاله المستشرق الألماني في مؤلفه الضخم « تاريخ القرآن » الذي أصدره سنة 1860م حيث قال: « الإسلام في جوهره دين يقتفي آثار المسيحية، أو بعبارة أخرى أن الإسلام هو الصيغة التي دخلت بها المسيحية إلى بلاد العرب كلها ». اعتبر هذا المستشرق أن أفضل ما في الإسلام أنه نشأ على منوال التعاليم اليهودية والمسيحية وقال: « إن محمدا حمل طويلا في وحدته ما تسلّمه من الغرباء وجعله يتفاعل وتفكيرَه ثم أعاد صياغته بحسب فكره حتى أجبره أخيرا الصوت الداخلي الحازم على أن يبرز لبني قومه… ». وذهب براهم إلى أن الكثير من الاستنتاجات بنيت على معلومات ناقصة؛ لأن « مبحث النص يتطلّب معرفة لغوية تعصمه من الوقوع في زلات وهنات بدأت مع دراسات المستشرقين والتقطها الباحثون المعاصرون على اعتبار أن المقاربة الوضعية بنسختها الاستشراقية هي الصراط المستقيم لإنتاج المعارف العلمية ».
تناقضات.. جعيط
من جانبه، اعتبر الباحث في الحضارة العربية سمير ساسي أن « ما يلفت الانتباه في بحث الدكتور جعيط هو إقراره بأن المؤرخ الموضوعي عليه أن يتوقف عن كل بحث إذا لم يقر بتأثير المسيحية على القرآن أي إذا اقر بألوهية القرآن ».
وأكد أن استغراب الكاتب من اعتبار القرآن سن الأربعين سن الرشد أو « الأشُدّ » ليس له أي سند علمي أو موضوعي، واعتبر ما جاء في البحث عن معدل الأعمار زمن النبي واعتبار أن سن الأربعين سن الشيخوخة لا يصمد أمام أدنى بحث أو تدقيق، واستشهد بالبيت الشهير لزهير ابن أبي سلمى الذي قال فيه: « ومن يعش ثمانين حولا لا أبالك يسأم ».
 
وأضاف لـ »إسلام أون لاين.نت »: « ناهيك عما ذكره الباحث عن وقوع جعيط في تناقضات أخرى صارخة وغير مقبولة مثل إقراره في بداية الكتاب بأن القرآن هو الذي أوجد التجريد المفاهيمي في اللغة العربية ليعود ويقول في مواطن أخرى أن اللغة العربية لا تعرف إلا الحسي ».
جملة أخرى من الأسئلة طرحها الباحث ساسي، وهي هل فعلا هناك جديد في كتاب الدكتور؟ وهل كان وفيا لمنهجه وإلى مبدأ الصرامة العلمية اللذين قال إنه سيعتمدهما؟. ويجيب الباحث بأن « ما ورد في الكتاب ليس جديدا بالمرة بل هو منتشر في كتب المستشرقين وحتى في مواقع الإنترنت التابعة لبعض الأقليات المسيحية في العالم الإسلامي. كما أنه لم يلتزم الصرامة العلمية التي وعد بها في بداية كتابه، فأغلب استنتاجاته لم تكن مدعومة أو مبرهنا عليها لا بالوثائق كما قال ولا بالبرهنة العقلية السليمة ».
ويقع الكتاب في 352 صفحة من الحجم المتوسط، طبعة أولى لدار الطليعة.
والدكتور هشام جعيط: باحث ومفكر تونسي، تخرج في فرنسا في بدايات استقلال تونس، كتب في الشأن التاريخي أطروحته « الكوفة ونشأة المدينة الإسلامية » و »تأسيس المغرب الإسلامي » وكتابه الأشهر « الفتنة: جدلية الديني والسياسي في الإسلام المبكر ». كما كتب في الشأن الفكري والفلسفي « الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي » و »أوروبا والإسلام »، إضافة إلى الكثير من المؤلفات باللغة الفرنسية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 3 مارس 2007)


 ميلاد بيرم التونسي

  كتب  ماهر حسن    ٤/٣/٢٠٠٧ ولد بيرم التونسي «زي النهارده» من عام ١٨٩٣م بالإسكندرية في حي يقع إلي جوار الطابية، وبيرم تونسي لجده «مصطفي بيرم» الذي جاء إلي مصر مطروداً من تونس، ووالده محمد، مولود في الإسكندرية التي ولد فيها بيرم أيضاً، غير أن بيرم مصري حتي النخاع بتاريخه وعطائه ونضاله، وأشعاره، وأزجاله ،  كان والده صانعاً وبائعاً للحرير وعمل هو منذ صغره في محل عطارة عام ١٩١٦، ولم يكمل تعليمه في المعهد الديني، فلما بلغ الرابعة عشرة ألحقه أبوه بمسجد «المرسي أبوالعباس»، فعرف مبادئ اللغة والبلاغة والنحو، ولما مات أبوه عمل في أحد محال البقالة، تزوجت أمه من صانع «للبرادع» بعد وفاة أبيه فعمل مع زوج أمه،  لكن أمه ماتت أيضاً فشارك آخرين في محل بقالة، ثم تاجر في بيع السمن بالقطاعي وبعد هجائه للسلطان فؤاد، طلب السلطان من الإنجليز أن يتدخلوا لدي الفرنسيين لتسهيل ترحيل بيرم عن مصر، وتم الترحيل في ٢٥ أغسطس عام ١٩٢٠ في أول أيام عيد الأضحي ومنعته السلطات التونسية من العمل في الصحافة وبعد أربعة أشهر رحلوه إلي فرنسا، وهناك عمل حمَّالاً في مارسيليا ثم بائعاً في أحد مصانع الخمور، ثم انتقل إلي ليون عام ١٩٢٠،  وهناك عاني الفقر والجوع والمرض، وفي ٢٠ مارس عام ١٩٢٢ سافر إلي الإسكندرية بجواز سفر مزور وهناك عرف أن زوجته تزوجت بآخر، وتم اكتشاف وجوده في مصر فجري ترحيله مرة أخري عام ١٩٢٣ وفي هذه المرة التقي هناك سعد زغلول في إحدي زياراته لباريس وفي عام ١٩٣٢ رحلته السلطات الفرنسية لتونس التي ما لبثت أن رحلته لسوريا، وفي عام ١٩٣٨ عاد لمصر وكتب استعطافاً للملك فاروق بمناسبة عيد جلوسه في ١١ فبراير ١٩٣٩.
 
(المصدر: موقع المصريون اليوم بتاريخ 4 مارس 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.