فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
10ème année, N°39436 du 13.03.2011
archives : www.tunisnews.net
بيان مجلس حماية الثورة بالمرسى حول تعيين المعتمدين الجدد
حــرية وإنـصاف:بيان:البوليس السياسي يتقصى أخبار الناشطة الحقوقية زينب الشبلي… !!!
حــرية وإنـصاف:اعتصام أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل من المسؤول عن إهمال هذا الملف؟
كلمة:توقع لقرار رئاسي يقضي بحل المجالس البلدية
خالد العقبي:بئر « وادي الرتمه » بنفطة…مظهر من مظاهر الفساد الأسود
حــرية وإنـصاف:العمال الأجانب في ليبيا مهددون بالموت والمصير الغامض
كلمة:مسؤولون ليبيون يهربون عائلاتهم عبر تونس
صالح عطية:القضاء العادل
الصباح:بعد سماعهم أمس أمام التحقيق بن ضياء والقلال وعبدالله في سجن المرناقية
الصباح:أحمد نجيب الشابي قوة خفية كانت تتخذ قرارات عوضا عن الحكومة
الحزب الديمقراطي التقدمي:بــلاغ
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ:بيـــــــــــــــان
النقابة الوطنية لمهندسين التونسيين:بيــــــــــــان
الأينوبلي:ما يحدث في تونس هو نوع من الترتيبات الخفية ..رغم يقظة فئات واسعة من الشعب
المجلس الوطني للحريات:دعـــــــوة
منصف المرزوقي لجريدة الشرق القطرية:الشعب الفلسطيني ألهم التونسي واستفدنا من حركة » كفاية » المصرية
د نجيب العاشوري:ها قد عادوا…فبأي شكل نعود؟؟
كمال بن سعد الضيف:اليوم حصحص الحق واتضحت للجميع «عصابة المفسدين» الحقيقية
مركز الجزيرة للدراسات:إلى أين يتجه المشهد السياسي التونسي؟
بلقاسم الهمامي: المعضلة الاقتصادية
د. عبد الآله المالكي:الاعلام والاقلام والثورة
مراد رقية:تداعيات انتفاضة14جانفي2011 فصول من مؤامرة مافيا الداخل على السلم الأهلي-ويكيليكس قصرهلال
عبدالحميد العدّاسي:لا للتمثيل بالحجاب
جمال الدين احمد الفرحاوي:صمت الكلام وتاهت الأشواق
لبيب الفاهم:
ما لا يعلمه العلمانيون « التوانسة »
د. فهمي هويدي:كي لا تبتذل الثورة
عبد الباري عطوان:تفرقة ‘اعلامية’ بين الثورات
محمد بن المختار الشنقيطي:فضائل الثورة والفقه السياسي المرهَق
الجزيرة نت:بعد كمين تعرض له فريق القناة بنغازي تشيع مصور الجزيرة علي الجابر
الجزيرة نت:الجزيرة وضريبة الحقيقة
الجزيرة نت:الإعلام الإسرائيلي يتناغم مع القذافي
الجزيرة نت:العرب والديمقراطية بين الثورات والتغيير الاستباقي
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس نوفمبر 2010
https://www.tunisnews.net/30Decembre10a.
تونس في 13 مارس 2011 بيان مجلس حماية الثورة بالمرسى حول تعيين المعتمدين الجدد
بعد عودة الانفراج النسبي إلى الواقع السياسي منذ تشكيل الحكومة المؤقتة و الإعلان عن التوجّه نحو انتخاب مجلس تأسيسي. و بعد أن عبّـرت السلطة عن اعترافها بأنّ الشرعية الثورية هي الأصل و التزمت باحترام الإرادة الشعبية و بالقطع التام مع المنظومة الاستبدادية البائدة و المتمثلة خاصة في إبعاد رموز التجمع و الفساد من الحياة السياسية و من مواقع القرار. نفاجـأ اليوم بارتباط أغلب المعتمدين المعينين الجدد بالنظام الاستبدادي و بدائرة الهيمنة والمصلحيّة و الفساد و بالحزب المنحل اللاّ دستوري و اللاّ ديمقراطي. و في الوقت الذي كنا ننتظر محاكمة بعض المعتمدين الضالعين في الإجرام و الفساد و خاصة الذين طردهم الأهالي بعد سقوط الطاغية نفاجـأ بإعادة تعيين 14 معتمدا من الذين أسقطهم الشعب و طردهم من مقرات المعتمديات و اعتبارا لذلك نعلن ما يلي : 1- إنّ هـذا الإجراء يتناقض مع الحكم القضائي بحلّ التجمع. إذ حـلّ التجمع كـذات معنوية بينما يظـلّ منخرطوه من الأفراد في مواقع القرار الرسمية، فتجميد كوادر التجمع من الترشح لأي مواقع سياسية (أحزاب، بلديات، برلمان…) طيلة 5 سنوات مطلب شعبي نسانده و ندعمه. 2- رفض المجلس المحلي لحماية الثورة بالمرسى الإبقاء على معتمد المرسى الذي عيّـن في أكتوبر 2010 بقرار تزكية من الدكتاتور المخلوع. 3- نتساءل كيف يضمن هؤلاء المعتمدون الذين طالما ساندوا و برروا الاستبداد و صادروا حقوقنا في التنظّم و التعبير … و طالما زوّروا الانتخابات… كيف يضمن هؤلاء انتخابات نزيهة لمجلس تأسيسي؟ 4- نحمل السلطة المسؤولية الكاملة عن الاحتقان الشعبي نتيجة لهذا التمشّي المستفزّواللاّمسؤول خاصة بعد بروز استعدادات شعبية واسعة للإعتصام أمام المعتمديات … كما نحذر من خطورة إقصاء مجالس حماية الثورة في كل الجهات من العملية السياسية. -عن المجلس المحلي لحماية الثورة بالمرسى-
حــرية وإنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 06 ربيع الثاني 1432 الموافق ل 13 مارس 2011
بيان البوليس السياسي يتقصى أخبار الناشطة الحقوقية زينب الشبلي… !!!
في الوقت الذي أعلنت فيه السلطة عن قرار حل جهاز البوليس السياسي، أقدم أربعة من المنتسبين لهذا الجهاز الذي بث الرعب في صفوف المواطنين طيلة العهد البائد يوم الجمعة 11 مارس 2011 على التحري حول الناشطة الحقوقية السيدة زينب الشبلي عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية وإنصاف ووالدة سجين الرأي المسرح خالد العرفاوي، فقد سألوا عنها جيرانها بحي فرحات حشاد بمدينة منزل بورقيبة كما سألوا عن تحركاتها ونشاطاتها.
وتجدر الإشارة إلى أن السيدة زينب الشبلي التي سجن ابنها قرابة الخمسة أعوام تحت طائلة قانون الإرهاب اللادستوري نالها ما نال جميع الحقوقيين في تونس من مضايقات واعتداءات واضطهاد بسبب نشاطها الحقوقي الذي مثل حلقة مهمة في التعجيل برحيل الاستبداد والظلم. فإلى متى يظل هذا الجهاز الذي حل رسميا يعبث دون حسيب أو رقيب؟
و حرية وإنصاف
1) تستنكر هذا التناقض الموجود بين الخطاب الرسمي الذي أعلن حل جهاز البوليس السياسي وبين الواقع الذي يؤكد أنها مجرد إعادة انتشار لهذا الجهاز الذي مثل طيلة عقود وسيلة الجريمة التي استعملها النظام البائد لضرب خصومه. 2) تدين بشدة مضايقة الناشطة الحقوقية السيدة زينب الشبلي من قبل أعوان مجهولين بالزي المدني وتطالب بفتح تحقيق في الموضوع وتقديم من سيكشف عنه البحث للمحاكمة. 3) تطالب بالتحقيق في كل الجرائم التي ارتكبها جهاز البوليس السياسي وعرض منفذيها على القضاء ومنع المتورطين فيها من الإفلات من العقاب
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
حــرية وإنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 06 ربيع الثاني 1432 الموافق ل 13 مارس 2011
اعتصام أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل من المسؤول عن إهمال هذا الملف؟
يعتصم منذ ما يزيد عن 17 يوما مجموعة من الشبان والشابات أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل أمام وزارة التربية بشارع باب بنات في ظروف قاسية وأوضاع صحية متدهورة وسط تعتيم إعلامي ممنهج ولامبالاة تامة من الوزارة المعنية رغم محاولات المعتصمين المتكررة لمقابلة وزير التربية أو بعض المسؤولين المتنفذين بالوزارة المذكورة. ويشتكي المعتصمون من غياب وسائل الإعلام وحتى التي زارتهم وقامت بتغطية الحدث لم تسجل لهم أية مداخلة صوتية لشرح قضيتهم للرأي العام الوطني، علما بأنهم تقدموا بقضية رسمت لدى وكالة الجمهورية حول السمسرة في التوظيف بالوزارة المذكورة وخاصة في قطاع التعليم الثانوي. وحرية وإنصاف 1) تدين بشدة اللامبالاة الرسمية تجاه هذا الملف الهام وتندد بالتعتيم الإعلامي الذي يستهدف تكميم أفواه المعتصمين وتحقيرهم وعدم إعانتهم على إيصال صوتهم وتبليغ مطالبهم المشروعة. 2) تدعو الحكومة المؤقتة إلى الاستجابة الفورية لمطالب المعتصمين وإيلاء حقوقهم العناية اللازمة ولو صلب برنامج طويل المدى وتعتبر أن من بين واجبات الحكومة الحالية هو الاستمتاع لمطالب كل الناس بما يوحي بأن هناك نية حسنة وصادقة لتسوية كل الملفات العالقة. 3) تحذر من انتهاج نفس السياسة التي كان ينتهجها النظام البائد من خلال تهميش القضايا وعدم الاستماع للمطالب الملحة.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
توقع لقرار رئاسي يقضي بحل المجالس البلدية
حرر من قبل التحرير في السبت, 12. مارس 2011 علمت كلمة انه من المنتظر أن يصدر مرسوما من الرئاسة المؤقتة يقضي بحل كل المجالس البلدية وسط الأسبوع القادم وذلك بعد أن قامت المصالح المعنية بتشخيص واقع العمل البلدي خلال الفترة الماضية والتي أثبت أن العمل البلدي يواجه صعوبات و إخلالات نتيجة الإستقالات العديدة. وذكر مدير عام الجماعات المحلية بوزارة الداخلية أن 173 بلدية بدون رئيس بعد رفضهم من قبل الأهالي فيما اتسم عمل الباقي بالتذبذب. وقد علمنا أنه تقرر تعييبن نيابات خصوصية لتصريف الشؤون و الخدمات البلدية على أن يستند قرار الحل اعتمادا على الفصلين 11و12 من المجلة الانتخابية بمقتضى تنصيصهما على حل المجالس البلدية في صورة عجزها عن القيام بمهامها و ذلك لفترة لا تتجاوز سنة. كما علمنا أنه من المنتظر أن لا يشرف المعتمدون على رئاسة النيابات الخصوصية وأن تسند الرئاسة لأحد أعضاء المجلس الذي سيتم انتخابه، كما علمنا أنه سيتم اعتماد مقاييس الإستقلالية والكفاءة وعدم الإنتماء للتجمع أو المنظمات والجمعيات التابعة له. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 مارس 2011)
بئر « وادي الرتمه » بنفطة…مظهر من مظاهر الفساد الأسود
إنّ الكشف المتوالي عن مظاهر الفساد في النظام السّابق يعزّز بما لا يدعو مجالا للتردّد ضرورة الإصلاح الجذري و القطع النهائي مع رموز و سياسات ذلك النظام المتعفّن كما يعكس مدى انتشار ذلك الفساد و عبثيّته إلى حدّ الغرابة أحيانا. و لعلّ ما سنورده حول مشروع البئر الارتوازيّة بمنطقة « وادي الرتمه » بمعتمديّة نفطة سيكون مثالا على حجم هذا الفساد الذي يرقى إلى مستوى الجريمة في حقّ المال العام و في حقّ البيئة و في حقّ المحرومين من الشباب المعطّل عن العمل. فقد تقرّر حفر هذه البئر العميقة بقرار رئاسي و ذلك لفائدة الشباب المعطّلين عن العمل بقصد امتصاص بطالتهم و تمكينهم من مقاسم فلاحيّة لغراسة الباكورات تحت البيوت المكيّفة و يقدّر منسوب هذه البئر بـ200 لتر في الثانية و هو تدفّق مرتفع قد يغطّي أكثر من 100 هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في تلك المنطقة الصحراوية القاحلة. و قد تفجّر الماء في هذه البئر بتاريخ 03 ديسمبر 2007 فاستبشر الجميع خيرا و انتظروا إسناد المقاسم على مستحقّيها لكن هيهات؟ فقد مارست السلطة نوعا من الإغاضة المتعمّدة لفلاّحي المنطقة و شبابها حيث تركت مياه تلك البئر تتدفّق بمنسوب معتبر (20 ل/ث) في سبخة شطّ الجريد طيلة أربع سنوات ؟؟؟تصوّروا أربع سنوات من هدر ثروة حيويّة في سبخة مالحة و غير صالحة للزراعة ؟؟ دون استفادة الشباب الموعود بتلك المياه و الأراضي و لا استفادة الفلاّحين المجاورين لتلك البئر من الذين تعاني غراساتهم من شجر النحيل العطش و الجفاف رغم اتصالهم المتكرّر بالمصالح المعنيّة من مندوبيّة فلاحة وولاية و معتمديّة …إذ تصدّهم في كلّ مرّة إجابة واحدة خشبيّة متكلّسة مفادها تعذّر الاستجابة لطلبهم لأنّ المشروع رئاسي؟؟؟ و عندما يذكرون أنّ تلك المياه تهدر عبثا في شط الجريد يهزّون أكتافهم مشيرين إلى التعليمات الفوقيّة التي تحرّم التصرّف في المشاريع الرئاسيّة و كأنّها مقدّسات لا تقرب ؟؟ و هنا يلحّ التساؤل حول : · كمّ الأمتار المكعّبة من الماء الساخن التي خسرتها المائدة المائيّة طيلة أربع سنوات تقريبا ؟ · كم كانت هذه البئر تشغّل من يد عاملة في قطاع زراعة الباكورات؟ · كم كانت توفّر للسّوق الدّاخليّة و للتصدير من منتجات؟ · كم كانت تستفيد حركة النقل الجوّي للبضائع من مطار توزر / نفطة الدّولي ؟ · كم كان يستفيد أصحاب الضيعات الفلاحيّة المحاذية للبئر لو أنّهم استفادوا من مياهه طيلة تلك المدّة في انتظار توزيعها على الفلاّحين الشبّان؟ و الأسئلة الأهمّ التي يجب أن نطرحها و نحن ننعم بما حققته ثورتنا المجيدة : * من يتحمّل مسؤوليّة هذه الجريمة التي مسّت : 1)المال العام الذي يتعلّق بكلفة البئر في حدّ ذاتها و كلفة المياه المهدورة أيضا. 2)الجانب البيئي ، حيث تبدّدت ثروة نادرة كانت ستقلب وجه تلك المنطقة الصحراوية لو استغلت في التشجير و الزراعة و مقاومة التصحّر. 3)الجانب الاجتماعي حيث كانت ستمتص بطالة عشرات الشباب المعطّل عن العمل و من ورائهم عائلاتهم و كلّ العاملين الجانبيين . 4)الجانب الاقتصادي ، حيث كانت ستضخّ في خزينة الدولة أموالا ضخمة من العملة الصعبة المتأتية من تصدير تلك المنتجات الفلاحيّة . هذه عيّنة مما عانته معتمدية نفطة من مسؤولي العهد السابق و سياساته العقيمة التي وجب اليوم كشفها و متابعة المتسببين فيها حتّى لا تتكرّر مأساتنا مع طاغية و حزب فاشيّ آخر. خالد العقبي المنسّق العام لمجلس حماية الثورة بنفطة
حــرية وإنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 06 ربيع الثاني 1432 الموافق ل 13 مارس 2011
العمال الأجانب في ليبيا مهددون بالموت والمصير الغامض
تواترت الأنباء الواردة علينا من رأس جدير بالحدود التونسية الليبية أن ما يزيد عن 70 ألف لاجئ من مصريين وبنغال وأفارقة من الصومال وعدة بلدان أخرى هم الآن في حالة حصار إذ عمدت قوات العقيد القذافي إلى طردهم إلى غرب مدينة طرابلس ومنعهم من الوصول إلى مدينة الزاوية التي كانوا يصلون إليها ولا يبعدون عنها إلا 10 كلم ويقع ترويعهم بإطلاق الرصاص عليهم وهو ما جعلهم يبحثون عن طريق يوصلهم إلى الحدود التونسية بعد الالتفاف على مدينة الزاوية التي يتم منعهم من دخولها فيقضون أسبوعا كاملا للوصول للحدود التونسية وهم في حالة من الإرهاق والجوع والمرض. وقد دخل إلى تونس في الأيام الموالية لعشرين فيفري 2011 معدل 12000 إلى 15000 في اليوم ثم نزل العدد بصورة فجئية إلى ما بين 1700 و2000 لاجئ يوم الأربعاء 02 مارس 2011 وبقي على ذلك النسق في الأيام الموالية وقد تم استقبالهم من قبل أعوان الوكالة الدولية لغوث اللاجئين والهلال الأحمر التونسي ومنظمات المجتمع المدني التونسية الحقوقية منها والخيرية. ويذكر بعض اللاجئين التونسيين أنهم تمكنوا من الفرار من مجمع للعمال التونسيين يقع غرب مدينة طرابلس وتركوا وراءهم ما يقرب من 50 إلى 60 تونسيا تمت تعبئتهم من طرف كتائب القذافي في سيارات من نوع لاند كروزر وتويوتا جديدة لا تحمل أرقاما ونقلوهم إلى وجهة غير معلومة وبقيت عائلاتهم تترقبهم في الحدود دون أن يصلوا إليها وبقي مصيرهم غير معروف. وحرية وإنصاف 1) تطالب الحكومة التونسية ببذل المزيد من الجهد في تقديم المعونات اللازمة وتسهيل التحاق العالقين بمنطقة رأس جدير ببلدانهم الأصلية والعمل على طمأنة العائلات عن مصير أبنائها والتدخل الفوري لاستقدام التونسيين العالقين في ليبيا. 2) تلفت نظر السلطات التونسية إلى وجود عدد كبير من التونسيين متهمين بإصدار شيكات بدون رصيد صادرة بشأنهم أحكام قضائية هم الآن بين الموت والحياة ولا يمكنهم الدخول إلى تونس خوفا من إيقافهم من طرف السلطات التونسية.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
مسؤولون ليبيون يهربون عائلاتهم عبر تونس
حرر من قبل التحرير في السبت, 12. مارس 2011 قال الناشط الحقوقي الليبي نوري ابو دربالة في تصريح لموقع الشروق أولاين يوم أمس السبت أن معلومات مؤكدة وصلتهم تفيد أن نافذين كبار في النظام الليبي يعملون على إخراج عائلاتهم من ليبيا عبر منفذ راس جدير الحدودي تحسبا لاستخدام نظام القذافي للاسلحة الكيمياوية لوقف زحف الثوار. وورد في الموقع المذكور أنه لوحظ على غير العادة دخول سيارات فاخرة عبر معبر راس جدير قدرها الناشط الحقوقي الليبي ب 120 سيارة وعلى متنها عائلات النافذين الكبار في النظام الليبي و قال الناشط الليبي إنهم دخلوا التراب التونسي تحت رقابة مشددة من قبل الامن التونسي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 12 مارس 2011)
القضاء العادل
صالح عطية ـ
القضاء أساس العدل في أي دولة ديمقراطية. والدول التي قطعت أشواطا في مجال الحكم الرشيد هي التي بدأت بإصلاح وضع القضاء بوصفه الرافعة الأساسية لأية عملية انتقال ديمقراطي حقيقي. ولا شك أن المؤسسة القضائية قد عانت في تونس خلال ما يناهز الخمسين عاما الماضية من هيمنة القصر الرئاسي، وتعليمات التجمع الدستوري والمؤسسة الأمنية، بما نخر عظمه، وأفقد ثقة المواطن فيه، لكن ذلك لا يمكن أن يحجب عنا حرص بعض القضاة ـ وهم قلة قليلة ـ على استقلاليتهم وحرمة هذه المؤسسة وقدسية دورها في الحياة العامة. واليوم إذ يجادل المختصون ورجال القانون حول مستقبل القضاء من خلال بحث الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، في الصيغة المثلى لتركيبة المجلس الأعلى للقضاء، والنظر في عملية الفصل بين المجلس الأعلى للقضاء والسلطة التنفيذية، وإعادة هيكلة الصلة بين السلطتين بعيدا عن المساس باستقلالية القضاء، فإن ذلك يعدّ مدخلا لا مشاحة فيه لكي يسترد القضاء هيبته ومكانته كجزء من العملية الديمقراطية وبناء الحكم العادل ودولة القانون والمؤسسات فعلا، وليست تلك التي اتخذ منها النظام المخلوع عنوانا للكذب على عقولنا والضحك على ذقوننا طوال أكثر من عشرين عاما. إن استقلالية القضاء، تبدأ تحديدا من إعادة النظر في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء، وفصله نهائيا عن رئيس الجمهورية وبالتالي عن السلطة التنفيذية، وإرساء مبدأ الانتخاب صلبه، حتى لا يسطو عليه أي طرف في الحكم أو من خارجه، ولا بد كذلك مراجعة مسألة نقلة القضاة، باتجاه التنصيص دستوريا على عدم قابلية نقلة القاضي بدون رضاه، بما يجنب القضاة الخضوع لأي سلطة تأديبية، كما يجنبهم عمليات العزل والنقلة التعسفيين اللذين يمثلان بحق مسا واضحا من استقلالية القضاء. الغريب في الأمر، أن الدستور الحالي لبلادنا، لا يعترف بوجود سلطة قضائية مستقلة حيث يكتفي بالتنصيص على أن القضاة مستقلون فحسب، وهذا معناه أن التواطؤ ضد المؤسسة القضائية بدأ منذ تأسيس الجمهورية في خمسينيات القرن المنقضي، وهو ما يفترض مراجعة عميقة لهذا السلك الهام في مستقبل تونس. لا يمكن الحديث عن منجزات ثورة، وعن مستقبل سياسي ديمقراطي للبلاد، خارج تحرير القضاء من كل هيمنة، ومن دون استقلال تام للقضاء بلا أدنى قيد أو شرط، لأن أي محاولة للالتفاف على الثورة المباركة، سيكون مدخلها القضاء، لأنه أساس العدل الذي يترقبه التونسيون، كل التونسيين..
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 مارس 2011)
بعد سماعهم أمس أمام التحقيق بن ضياء والقلال وعبدالله في سجن المرناقية
اصدر امس قاضي التحقيق الخامس بالمحكمة الابتدائية بتونس بطاقات ايداع بسجن المرناقية ضد عبد العزيز بن ضياء امين عام سابق بالتجمع الدستوري الديمقراطي وعبدالله القلال امين عام مساعد للحزب مكلف بالمالية وعبدالوهاب عبدالله وزير سابق وعضو باللجنة المركزية… بتهمة اختلاس موظف عمومي او شبهه اموال باطلا واستغلال موظف عمومي او شبهه صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره او للاضرار بالادارة او خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة أو الحاق الضرر المشار اليهما. ودام استنطاق المتهمين خمس ساعات تقريبا حيث انطلقت الابحاث التحقيقية بسماعهم تباعا وكانت البداية مع عبدالعزيز بن ضياء على الساعة التاسعة والنصف صباحا وتواصلت الى حدود الثانية والنصف بعد الزوال وقد شهد بهو المحكمة عند ايصال المتهمين الى غرفة الاحتفاظ حضورا مكثفا من المحامين والمواطنين هتفوا منادين بتحقيق العدالة وبالرغم من تدافع البعض منهم لمشاهدة المتهمين فقد كان للحضور المكثف لاعوان الامن دورا بارزا في توفير الحماية اللازمة والحيلولة دون حدوث انتهكات. ويذكر ان الشكاية تعرضت اليها » الصباح » في السابق وللتذكير بها فقد تقدم 25 محاميا ضد أعضاء من الحكومة السابقة وبعض الأمناء العامين السابقين للتجمع الدستوري الديمقراطي تم ذكر 15 منهم وتمت المطالبة بفتح بحث تحقيقي للكشف عن تجاوزات مالية حصلت بموجب تداخل الحزب في الدولة وتضررت منها الميزانية العامة للدولة وتم الاستيلاء على مبالغ هامة تعد بعشرات المليارات وتمت الاشارة في الشكاية الى ان المشتكى بهم كانوا يتولون مقاليد التسيير واستغلوا صفتهم الحكومية للاستيلاء على المال العام علاوة على الاستحواذ على عقارات لفائدة الحزب وتمكين اعداد هائلة من اعوان الوظيفة العمومية من التفرغ على ذمة الحزب وتمتيعهم بامتيازات. خليل لحفاوي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 مارس 2011)
أحمد نجيب الشابي قوة خفية كانت تتخذ قرارات عوضا عن الحكومة
اعتبر الأستاذ أحمد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب الديمقراطي التقدمي ووزير التنمية الجهوية السابق حل التجمع الدستوري الديمقراطي قرارا سياسيا وليس قضائيا.. وقال خلال لقاء علمي نظمته مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات أمس بالعاصمة: « كنت أتمنى أن يكون القضاء التونسي بعد الثورة قضاء هادئا مستقلا يأخذ الوقت الكافي للاستماع إلى الناس وتتبع المسؤولين شخصيا وليس وضع الجميع في سلة واحدة ومحاسبة الحزب بالجملة وبقرار سياسي.. كنت أنتظر أن تدوم في تونس قضية التجمع سنة أو سنتين لكن قضي فيها في ظرف أسبوعين ». وبين أن التجمع الدستوري الديمقراطي اقترف الكثير من الجرائم والأخطاء في حق الشعب التونسي لكنها كانت أقل بكثير من الجرائم التي ارتكبتها الأحزاب الشيوعية في القرن الماضي في بلدان أخرى ورغم ذلك لم يقع حلها بل تم تجميد أرصدتها وتتبع المسؤولين فيها كأشخاص وليس بالجملة كما وقع مع التجمع. وأضاف: « إنه من باب الديمقراطية، ولأنني ديمقراطي، فإنني أرفض فكرة اجتثاث التجمع لأنها تذكرني باجتثاث اليوسفيين ثم الشيوعيين فالإسلاميين.. وشدد على أن تونس التي نريدها اليوم ليست تونس التي يجتث فيها الدساترة والتي يحاسب فيها من يخطئ بقرار سياسي وليس بقضاء عادل.. كنت أتمنى أن يتثبت القضاء من الأمور ليصدر حكما عادلا وليس حكما يستجيب للرغبة الجماهيرية ». ثورة بلا زعامات أكد الأستاذ الشابي في أكثر من مناسبة خلال الندوة على أن الثورة التونسية كانت بلا زعامات ولا قيادات.. وهي ثورة قوية بتلقائيتها وضعيفة من حيث التأطير حتى أنه عندما سقط النظام لم تكن هناك قوة تنطق باسمها.. وبين مقيما تجربة حكومة تصريف الأعمال بعد الثورة أن حصاد حكومة محمد الغنوشي كان مشرّفا على الصعيدين السياسي والاجتماعي ولخص ذلك في ما يلي: (العفو العام، فصل الحزب الحاكم عن الدولة، المصادقة على كل المعاهدات الدولية حول حقوق الإنسان: باستثناء الاتفاقيتين المتربطتين بعقوبة الإعدام والمساواة في الإرث نظرا لأنهما تطرحان خلافا عقائديا وليس من حق الحكومة اتخاذ قرار بشأنهما دون استشارة الشعب، وفتح المجال للأحزاب السياسية التي وصل عددها الآن إلى الخمسين وفتح المجال للإعلام وإلغاء الأمن الجامعي وبرنامج أمل ورفع عدد المتمتعين بإعانات العائلات المعوزة والترفيع في جراية العجز ودعم المؤسسات الاقتصادية.. » واستدرك الشابي ليشير إلى أن نقطة الضعف الوحيدة لحكومة الغنوشي تكمن في عدم مسكها بزمام الأمور وعدم حرصها على تعبئة الشعب والتعامل مع وسائل الإعلام. وفسر سبب التحاقه بالحكومة: « لقد كنا طالبنا سابقا وقبل الثورة بحكومة إنقاذ وطني وحل البرلمان ومجلس النواب والتحضير لانتخابات شفافة في سنة 2014.. لكن هذه المبادرة كانت تبدو خيالية ولا قوة لها وعندما سقط الرئيس السابق في ظروف غامضة.. هل خاف فعلا وهرب أم أجبر على الهروب.. أصبح مطلب حكومة وحدة وطنية قابلا للتطبيق ».. وأضاف : »عندما استقبلني محمد الغنوشي في مناسبة أولى وعرض علي بعض الإصلاحات الجزئية لم أعرها اهتماما لأنها لم ترتق لما نريد.. فأعاد استقبالي في اليوم الموالي وعبّر عن استعداده لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية قبلت لأنها كانت تعني بالنسبة لنا وحينما كان بن علي في الحكم القطع مع الحكم المطلق والاستبداد السياسي والحد من درجة احتكار الحزب الحاكم للقرار السياسي ».. وبين أنه نظرا لأن جميع الحركات السياسية جميعها ودون استثناء كانت أبعد ما تكون عن المسك بالحكم.. وحرصا على الحيلولة دون حصول الفراغ لم يكن قبول حكومة الوحدة الوطنية خيارا وإنما كان اضطرارا.. كما أن من بقوا من الحكومة السابقة هم تكنوقراط وغير مورطين في الرشوة والفساد وعبروا عن رغبتهم الانتقال بتونس لضفة الديمقراطية.. وبين معلقا على انقسام النخبة السياسية حول مسألة الانتماء للحكومة أنه لم يكن لها برنامج بديل عن برنامج الحكومة بل كانت لها دوافع ايديولوجية واعتمدت على قوى من الاتحاد لزعزعة الحكومة وكسب نوع من القاعدة الشعبية.. وهو أمر مشروع من وجهة نظر حزبية لكنه غير مشروع من وجهة نظر وطنية في وقت حساس تمر به البلاد. وأضاف مفسرا إصراره على الثقة في محمد الغنوشي: « لقد رأيت كيف كان هذا الرجل يعمل من السابعة صباحا إلى منتصف الليل.. ولاحظت أنه كان يحظى باحترام كبير من قبل المجتمع وتبينت تمرسه بالقضايا الدولية والمسائل الاقتصادية لكنه كان يفقد لأبسط مقومات الزعامة السياسة فخاب أمل الرأي العام فيه وانتهى به الأمر إلى الاستقالة. وقال: » بعد أن تم تعيين الباجي قائد السبسي استبشرت لاعتقادي أنه سيملأ ذلك الفراغ (الزعامة السياسية) لكنه استقبلني وأعلمني بالتخلي عن الانتخابات الرئاسية والدعوة لانتخابات مجلس تأسيسي ومنع أعضاء الحكومة من الترشح للانتخابات القادمة فأعلمته برفضي الاستمرار في هذه الحكومة لاعتباري أن هذا الشرط غير ديمقراطي ثم لأنني لم أقبل التخلي عن مسألة الانتخابات الرئاسية.. وأرى أن الذهاب لانتخابات تأسيسية سينتهي إلى انتخاب هيئة تفتقد للتأطير سياسي.. لذلك سنعمل كحزب على أن يكون لنا أكبر نصيب في هذا المجلس التأسيسي وإني تخليت على مهامي الحكومية لأعود للعمل المدني الشعبي من أجل خوض معركة المجلس التأسيسي ومحاولة تجديد الحزب ليتحول إلى حزب حكم. أياد خفية عن سؤال وجهه الشاب مروان حمري حول ما إذا كانت هناك أياد خفية حركت حكومة الغنوشي أجاب الأستاذ أحمد نجيب الشابي : فعلا حدثت عدة أشياء لم تكن واضحة.. فتغيير الحكومة الأول لم يكن بفعل ضغط الشارع فحسب بل كانت وراءه أمور أخرى.. كما أن تجميد الحزب الحاكم وقع خارج إطار الحكومة حتى أن الغنوشي لم يكن على علم بالأمر.. وبالنسبة لقائمة الولاة فقد تمت استشارتنا حولها بعد الاتفاق على ألا يكون لأي منهم انتماءات حزبية لا للتجمع ولا لأي حزب آخر وأوكلنا الأمر للجنة إدارية لكننا فوجئنا بعد ذلك بأن هناك من يقول إن 19 منهم تجمعيون وعندما أردنا التثبت من الأمر وجدنا أن أحدهم كان رئيس شعبة في أحد أرياف جندوبة.. ونظرا لأنه كانت هناك عدة أشياء تجري بكيفية غير معقولة اتخذت قرار الاستقالة,, وكان ذلك قبل إعلان الغنوشي استقالته لأنني لم أرد أن أكون ورقة توت لقوة خلفية تتخذ القرارات عوضا عن الحكومة ».. وعن سؤال آخر لمحمد بلحاج عمر حول علاقة الشابي ببن علي أجاب الشابي أنه شعر بخيبة الأمل في بن علي منذ انتخابات 1989 وتأكد من استبداده عند قمعه حركة النهضة وانقطعت علاقته به منذ ديسمبر 1990 وتحول إلى الخط الأول في معارضته السياسية. ولاحظ مجيبا عن سؤال عبد الفتاج التريكي أستاذ التصرف بالمعهد العالي للتصرف بتونس أنه لا يرفض فكرة المجلس التأسيسي بل كان يريد تنظيم انتخابات رئاسية في جوان وتكوين مجلس تأسيسي بعد ذلك. وقال معلقا عن تساؤل الدكتور عبد الجليل التميمي حول كيفية قبوله الدخول في حكومة فيها رضا قريرة ومنصر الرويسي أنه لم يكن سعيدا بهما أما زهير المظفر فلم يكن على حد قوله مؤثرا.. ونفى الشابي مجيبا عن سؤال الباحث الهادي الغيلوفي اختياره حقيبة التنمية بغاية توسيع شعبيته في الجهات. وعن سؤال يتعلق بموقفه من التمويل الأجنبي للأحزاب قال إنه يرفض هذا الأمر وأضاف : »لقد اتصلت بي أطراف أجنبية فقلت إننا نقبل بكل مساعدة فنية إلا التمويل.. حتى وإن وجد تمويل فيجب أن يصب في صندوق وطني ويتم توزيعه على الأحزاب بالقسطاس.. وفي ما يتعلق بي فيشهد التاريخ أنني لم أتقبل مليما واحدا من أي طرف أجنبي وعاش الحزب بالدينار التونسي من جريدة « الموقف ». سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 13 مارس 2011)
بــلاغ
تلقى الحزب الديمقراطي التقدمي باستغراب شديد تعيين الحكومة المؤقتة لعدد من المعتمدين الجدد ممن تقلد في السابق المسؤولية وفشل فيها أو ممن عرف بانتمائه لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل. و الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يشدد على أن المرحلة الانتقالية تفترض فتح باب المشاورات واسعا مع مختلف الأطراف والتحلي بروح التوافق لتجنيب البلاد هزات هي في غنى عنها في هذا الظرف الدقيق فهو يذكر بأن القطع مع عهد الاستبداد والفساد يتطلب فسح المجال أمام الكفاءات الوطنية وتبويبها المكانة التي تستحق للمساهمة في تسيير شؤون البلاد وتقديم صورة جديدة للإدارة التونسية في مرحلة ما بعد الثورة بما ينسجم مع روحها ويحقق أهدافها. و بناء على ذلك فإن الحزب الديمقراطي التقدمي يطالب الحكومة المؤقتة بمراجعة هذه التعيينات حالا وسحب كل الأسماء التجمعية بما يحقق مبدأ حياد الإدارة وينسجم مع تطلعات التونسيين.
تونس في 13/3/2011 المكتب السياسي
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بيـــــــــــــــان
على اثر التطورات الحاصلة في البلاد والتي من أهمها استقالة محمد الغنوشي الوزير الأول السابق وتعيين وزير أول جديد وإجراء تحوير على الحكومة والإعلان عن موعد لانتخاب المجلس التأسيسي وحل البوليس السياسي وصدور حكم قضائي بحل التجمع على إثر ذلك فإن جبهة 14 جانفي تعرب عن: 1- إن هذه المكاسب قد تحققت بفضل نضالات جماهير الشعب التي أضربت وتظاهرت واعتصمت في القصبة وعديد مدن البلاد وقدمت التضحيات الجسام من أجل المضيّ قدما في تحقيق أهداف الثورة. 2- إن الطابع الرئيسي لسلوك الحكومة لم يرتق بعد إلى مستوى القطع مع سياسات الماضي، لذلك فإن الاستجابة للمطالب الشعبية لم تكن حاسمة ومنسجمة مع متطلبات القطيعة التامة مع سياسات الاستبداد والفساد والعمالة التي طالما عانى منها شعبنا. فقد وقع تشكيل الحكومة دون تشاور جدي مع القوى السياسية والتشكيلات المدنية والاجتماعية الفاعلة، وكان من المفروض أن يقع الإعلان عن حل الحكومة ثم إعادة تشكيلها لا أن يقع ترميمها. وقد ظلّت هذه الحكومة محتفظة بعناصر ذات صلة بالنظام البائد، وأخرى تدافع عن سياسات وخيارات ليبرالية أوقعت البلاد ومازالت في أزمات اقتصادية واجتماعية ما انفكّت تتفاقم، وهي تدافع عن إبقاء البلاد ضمن إطار الخضوع لسياسات الهيمنة الامبريالية. 3- تؤكد الجبهة على ضرورة المضيّ قدما في تطهير كامل هياكل الدولة والإدارة من القاعدة إلى القمة من كل المسؤولين الذين تورطوا في جرائم الاستبداد والفساد في كل الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، والأمنية والقضائية والإعلامية والثقافية. كما يتمسك بمتابعة المسؤولين عن إراقة دماء الشهداء ومعاقبة من تثبت إدانته وجلب من هم بحالة فرار. وتتمسك الجبهة باسترداد كل أموال الشعب وممتلكاته المنهوبة منقولة وغير منقولة وتسخيرها لخدمة قضايا التنمية والتشغيل وتوفير مقومات العيش الكريم لكل أبناء الشعب وهو الأمر الذي يجب أن يتصدّر اهتمام كل مؤسسات الدولة. وتطالب بتعليق سداد الديون التي تورط فيها النظام البائد مع مؤسسات النهب الدولية. 4-إن إن حل التجمع الدستوري يجب أن يرفق بمحاسبة رموزه ومحاكمتهم على ما اقترفوه، ومنعهم من العودة لإفساد الحياة السياسية بعناوين جديدة وذلك بمنع كل من تحمّل مسؤولية في لجنته المركزية من النشاط السياسي القانوني مدة خمس سنوات، كما أن الاعلان عن حل البوليس السياسي يجب أن يرفق بفتح ملفات هذا الجهاز ومحاسبة المسؤولين فيه عن قتل المناضلين وتعذيبهم والتنكيل بهم وتطهير كل الأجهزة الأمنية من أي تأثير لها، مع إعادة صياغة العقيدة الأمنية بما يتوافق مع أهداف الثورة وتأهيل كل الكوادر الأمنية لتتوافق مع هذه الأهداف. 5- أن انتخاب المجلس التأسيسي لا يجب أن يتم وفق رزنامة مسقطة ووفق صيغ لم يقع التحاور الجدي في شأنها مع كل المكونات السياسية والتشكيلات المدنية والاجتماعية الفاعلة بل يجب أن يتم ذلك في ظل التوافق بين سائر هذه القوى. 6- تعلن الجبهة عن رفضها لأي مبادرة لتحديد الخيارات السياسية والاقتصادية وغيرها من قبل الدول الامبريالية، كما ترفض أي تواجد عسكري تحت أي تعلة في المياه الإقليمية أو المجال الجوي أو الحوزة الترابية لبلادنا. 7- تدين الجبهة سعي الحكومة المتواصل لضرب المجلس الوطني لحماية الثورة وإحداث هيئة لم تكن تركيبتها ومهامها وأهدافها محل توافق بين القوى السياسية والمدنية والاجتماعية وذلك في تعارض واضح مع الأرضية التي تأسس عليها المجلس الوطني لحماية الثورة ومع مشروع المرسوم الذي اقترحه، وفي سعي مكشوف لشقه بإقصاء جزء هام من مكوناته الثورية المناضلة وبدون رجوع للتشاور داخل المجلس. 8- تدعو الجبهة إلى إعادة النظر في هذه الهيئة على ضوء الاتفاقات الحاصلة داخل المجلس الوطني لحماية الثورة في جلسته الأخيرة. 9- تدعو الجبهة كل القوى السياسية الوطنية والتقدمية وكل فصائل الحركة الشعبية والهياكل المحلية والجهوية وعموم تشكيلات حماية الثورة إلى مواصلة اليقظة والنضال لإتمام ما ضحّى من أجله شهداء شعبنا والمضيّ على طريق الثورة حتى تحقيق كل أهدافها. تونس في 10 مارس 2011 جبهة 14 جانفي قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
النقابة الوطنية لمهندسين التونسيين تونس في2011-03-12 : بيــــــــــــان
يشكل المهندسون قوة الدفع الرئيسية لعجلة التنمية في كل المجتمعات و تساهم جهودهم الفردية والجماعية مباشرة في ازدهار الحضارات و رخاء الشعوب كما يؤدي تهميشهم و تكبيلهم إلى إضعاف مقدرتهم على إيجاد الحلول لمجتمعاتهم و على الإبداع و الابتكار. و في تونس عانى المهندسون على مدى عقود من التهميش في غياب رؤية واضحة لتوظيف امكانياتهم ابتداء من مرحلة تكوينهم حيث تفتقد البرامج الدراسية و التدريبية إلى الفعالية و إلى مواكبة نسق التطور التكنولوجي بما يساير حاجيات المجتمع و يفي بمتطلباته كما كانت ترصد للبحث العلمي الهندسي إمكانيات لا ترقي لمستلزماته الحقيقية . لقد تورط النظام البائد انصياعا لإملاءات الجهات المانحة و سائر دوائر النهب العالمي لثروات الشعوب البشرية منها والمادية، في التفريط في الأدمغة التونسية و الخبرات في ضل غياب برامج اقتصادية سواءً في القطاع الفلاحي أو الصناعي أو الخدماتي لاستقطابهم و استغلال كفاءاتهم. و على غرار كل المعطلين عن العمل، يمثل المهندسون المعطلون عن العمل خسارةً فادحة للوطن تستوجب إحداث أطر و مشاريع جدية لاستغلال هذه القدرات. كما من شأن تردي أوضاع المهندسين اجتماعيا إضعاف دورهم و تقليص مردود إنتاجهم في العطاء لمؤسساتهم و بالتالي للمشروع التنموي في تونس. لقد كان للمهندسين في تونس و لعديد الأجيال محاولات لإحداث نقابة وطنية لهم تسهر على جمع شملهم و تنهض بمكانتهم و تدافع عن حقوقهم على غرار كل المهندسين في أغلب الدول. إلا أن محاولاتهم تعرضت للقمع و الإجهاض. و على اثر ثورة شعبنا الأبي من أجل الحرية و الكرامة و التقدم التي شكلت أيقونة الثوار في الوطن العربي و العالم و مثلت أنموذجاً تهتدي به الشعوب في نضالها ضد الاستبداد و الفساد والتي كان للمهندسين فيها دورٌ في التصميم و الإنجاز و تقديم التضحيات، تأسست نقابة مهنية مستقلة لكل المهندسين التونسيين و الطلبة المهندسين سنة نهائية، أطلق عليها اسم « النقابة الوطنية للمهندسين التونسيين » على اثر اجتماع عام تأسيسي بتاريخ 05/03/2011 سبقته عدة اجتماعات لعديد المهندسين و نقاشات على الشبكات الاجتماعية و كان ذلك على خطى ثورة أحرار تونس. تأتي النقابة الوطنية للمهندسين التونسيين تعزيزا لمكاسب ثورتنا المجيدة لجمع شمل المهندسين من كل الاختصاصات و كل الشرائح العمرية و تعمل على النهوض بمكانتهم و الدفاع عن حقوقهم المادية و المعنوية و لتفعل دورهم التاريخي في التنمية و الازدهار و لتمثل حاضنة لهم تمكنهم من الالتقاء و التدارس و من الإنتاج الفكري الجماعي لمشاريع و مقترحات تعود بالفائدة على المهندسين و على الوطن. إن النقابة الوطنية للمهندسين التونسيين، كنقابة مهنية مستقلة لكل المهندسين التونسيين تطرح نفسها شريكاً فعالا في المجتمع المدني و تحرص على تكاملها مع عمادة المهندسين التونسيين رغم إدانة أدائها المشين و تجاوزاتها في الحقبة السابقة في انتظار محاسبتها كما تحرص النقابة مع استقلاليتها على التنسيق و التفاعل مع جميع المنظمات و الهياكل النقابية الوطنية. و إذ نرحب بجميع المجهودات المساندة والداعمة للنقابة، نعتبر أن الحملة ضدها، والتي تقودها أطراف مشبوهة، هي جزء من مؤامرات جيوب الردة على ثورة شعبنا و مكاسبها و محاولة بائسة لإحباط عزائمنا و إجهاض مشروع النقابة، سيسقطها المهندسون لاحقا . و نعلن أن مقر النقابة الكائن ب 12 نهج القرش الأكبر الطابق الثاني عدد 14 تونس. مفتوح لكافة المهندسين و الطلبة المهندسين في السنة النهائية للانضمام و المشاركة الفعالة في بلورة كل ما يخص النقابة و الإعداد لمؤتمرها العام الانتخابي الأول و لدعم مكانتها وطنياً، إقليمياً و دولياً. النقابة الوطنية للمهندسين التونسيين عن الهيأة التنفيذية المؤسسة النقيب : عبد الحفيظ الزريبي
دائرة الإعلام والاتصال الأمين العام للحزب في حديث مطوّل لصحيفة « الصحافة » التونسية:
ما يحدث في تونس هو نوع من الترتيبات الخفية ..رغم يقظة فئات واسعة من الشعب
أدلى الأمين العام للحزب الأستاذ أحمد الاينوبلي بحديث مطوّل لصحيفة » الصحافة » التونسية نُشر في عددها الصادر اليوم الأحد 13 مارس/آذار..وفيما يلي النص الكامل عندما ترك السيد عبد الرحمان التليلي منصب الأمانة العامة للاتحاد الديمقراطي الوحدوي، وعلي بعد أمتار قليلة عن انتخابات 2004، لم يجد أبناء الديمقراطي الوحدوي المنحدرون من مدارس فكرية شتى ، بدا من البحث عن شخصية توافقية تؤمن التوازن للحزب. وبعد تجاذب لم يدم سوى بضعة أشهر لم يبق من المترشحين لهذه المسؤولية غير اثنين، أحدهما المرحوم مصطفى اليحياوي، وثانيهما الأستاذ أحمد الإينوبلي الذي نال ثقة الأغلبية، وتولى الأمانة العامة لأحد أكثر الأحزاب التونسية تنوعا إيديولوجيا، ناصريون وبعثيون و«قوميون تقدميون» و «ماركسيون عرب».. ليس من السهل على أي أمين عام أن ينجح في إدارة هذه التوليفة السياسية، غير أنه قام بالمهمة واجتهد أحيانا فأصاب ولم يصب… وجاءت ثورة 14 جانفي 2011 واستقال من استقال ربما للتملص من إرث ما قبل الثورة وتهمة «الموالاة» وظل من ظلّ… عن هذه المستجدات، وعن رؤية الاتحاد الديمقراطي الوحدوي لوضعه في المستقبل تحدث أحمد الاينوبلي لـ«الصحافة» فكان هذا الحوار: ـ وسط أجواء الاستقالات، وعلى أبواب مؤتمر، كيف هي أحوال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي? الاستقالة من أي حزب مسألة شخصية كما الانخراط ولا تعكس الاستقالات بالضرورة وضعا سياسيا أو تنظيميا مأزوما ونحن نعلم أن الانخراط في الأحزاب أو الخروج منها أو الانشقاق أو حتى تكوين الأحزاب لايستند بالضرورة الى معايير سياسية في تجاربنا الحزبية العربية، وفي ما يخص الاستقالات من الحزب فإننا بقدر احترامنا لمن غادر فاننا نؤكد ان ذلك لن يؤثر على وضعنا التنظيمي والسياسي فقد استطاع أهم هيكل في الحزب وهو المجلس الوطني تجاوز هذه الاشكاليات وترميم البنية التنظيمية ومواصلة الاعداد للمؤتمر فتحديات المرحلة لا تتعلق بانسحاب هذا أو ذاك بل بالوضع السياسي العام الذي نرى أنه يتسم بغموض وضبابية وبمخاطر جمة قد تضع كل الأحزاب أمام تحديات خطيرة وهذا ما نفكر فيه ونحن نعد للمؤتمر القادم وكل المسائل الاخرى هي في نظرنا جزئية وعرضية. ـ يرى بعض من غادر الاتحاد الوحدوي أنكم فتحتم المجال لتيار محدد وأقصيتم البقية، في حين أن الأرضية التأسيسية لهذا الحزب نصت على تجميع صف القوميين من مختلف المشارب. التيار المقصود لم يعبر عن نفسه عندما كان داخل الحزب ولم يعلن عن نفسه الا بعد الخروج، لذلك تعاملنا مع المناضلين كأفراد لهم قناعات خاصة لأن هذا هو جوهر الأحزاب الديمقراطية ربما تعامل هؤلاء بمنطق التيار ولكن نحن لم نتعامل وفق ذلك، ثم إن بقية المكونات لم تحسن إدارة التنافس من الداخل وكان البعض يسرع الى المغادرة أمام أي تحدّ ولو كان صغيرا. إن الحزب كان ولا يزال مفتوحا على كل الكفاءات بغض النظر عن كيف يفكر هذا أو ذاك. حزبنا يستند الى أرضية ديمقراطية جامعة وبامكان أي فرد فيه أن ينتصر لرأيه ويجعله أغلبيا بالحوار والنقاش ولا غير، والحزب ما زال مفتوحا أمام كل رؤية وحدوية منتصرة للخط الجامع بعيدا عن المتاريس خاصة أمام انفتاح الساحة على حرية التنظيم. كان النظام السابق ينظر اليكم كمتشددين لابدّ من ترويضهم، وكانت المعارضة تنظر اليكم كموالين للنظام… فأين الحقيقة من كل هذا? ـ نحن قبل كل شيء حزب سياسي وقضية العلاقة مع الحكم أو مع بقية الاحزاب تطرح في مقام ثان لأن الحزب هو أولا وقبل كل شيء أفكار ورؤى وموقع في خضم الصراع الاجتماعي وحتى نكون واضحين فان الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كان ضمن أحزاب الوفاق الوطني التي أمضت على الميثاق في ظرف سياسي له خصوصيات ليست خصوصيات اليوم ورغم كل ذلك مارسنا حالة من الاعتراض الواضح في ما يخص السياسات الاجتماعية والتعاطي مع القضايا القومية وحتى على المستوى السياسي وإ ن كان بدرجة أقل ولم يكن ذلك مستندا الى إرادة نخبوية ضيقة بل لاننا لا نؤمن بالقفز على حالة الوعي العام وأولوية المطالب بالنسبة الى عموم الشعب إذا كانت المطالب السياسية قبل الثورة في آخر الترتيب ولهذا رتبنا أولوياتنا ارتباطا بمشاغل شعبنا فنحن ومن خلال وثائقنا نشكل حالة اعتراض واضحة ولا يهمنا كبيرا ما يقال من هذا أو ذاك من الذين ينظرون الى الحزب بعين العداء. وكلّ وثائق الحزب وبياناته تؤكد ان حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي كان منتصرا للقضايا الحقيقية للشعب وحاملا لمشروع أساسه البناء الوطني على أسس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فهو اول حزب نادى بضرورة قيام جمهورية برلمانية في تونس وهو الذي خاض غمار الانتخابات الرئاسية والتشريعية تحت شعار «من اجل التضامن بين الجهات والتكافؤ بين الفئات» كما ان الحزب ظل دائما منحازا لخط المقاومة العربية ومتموقعا في صف الممانعة في مواجهة العولمة والأمركة والصهيونية وبالرجوع الى البرنامج الانتخابي لسنة 2009 سيقف القارئ على أن شعارات ثورة الكرامة احتواها هذا البرنامج بدقة حتى تخال ان هذا البرنامج وقعت صياغته بعد 2011-01-14 وليس سنة 2009. صرحتم أنكم جاهزون لانتخابات المجلس التأسيسي ولو بعد شهر، فهل ستسمح اوضاعكم الحزبية والتنظيمية بذلك ؟ نعم اوضاعنا التنظيمية تسمح بذلك على مستوى الموارد البشرية ولكن في نفس الوقت لا نخفي وجود بعض التحديات التي لا تواجه حزبنا فقط بل كل الاحزاب لان ما يتم في تونس الان هو نوع من الترتيبات الخفية التي قد تفعل فعلها رغم يقظة قطاعات واسعة من الشعب نحن من ناحية المشاركة جاهزون بشريا ولكن من ناحية النتائج السياسية فذلك معقود على القانون الانتخابي وعلى سير العملية الانتخابية في ذاتها وعلى موازين القوى المالية التي بدأت تطفو للانظار كما نخشى ان تكون الترتيبات قد صيغت بعقول وأياد خارجية وهو ما وقع التعبير عنه بالدعوة لمؤتمر دولي للاصلاحات السياسية والاقتصادية في تونس وما تشهده من زيارات مكوكية للامريكان لبلدنا ومحاولات التدجين من هنا وهناك لثورة الشعب واستحقاقاتها السياسية والحضارية. ما يقارب العشرة أحزاب تنطلق من ارضية وحدوية، ألم يحن وقت إنهاء التشرذم وتوحيد الصفوف ـ على الأقل ضمن جبهة انتخابية ؟ توحيد الصفوف لا يكون بقرار فوقي من هذا او ذاك والممارسة هي وحدها الكفيلة بتقريب وجهات النظر، نحن نحترم كل الاطياف والأحزاب ذات المرجعية الوحدوية ونرى ان هناك تحديات مشتركة تجمعنا لكن التوحيد أو الحلف الانتخابي ليست مسألة بأيدينا لانها ليست شأنا داخليا بل هي نتيجة لتفاعل اطراف عديدة نحن من جهتنا سنتعامل بايجابية مع اي شكل من اشكال التوحد أو التحالف نرى فيه نجاعة سياسية في ضوء ما يفرضه علينا الصالح العام ونعتقد ان الزمن كفيل بتوحيد هذه القوى وذلك بعد ارهاصات التجربة. ما هو موقف الاتحاد الديمقراطي الوحدوي مما يحصل في ليبيا، وما هو تقييمه لما يجري في المنطقة العربية عموما ؟ ما يجري في ليبيا فيه بعدان هناك من جهة رغبة في التغيير والتحديث السياسي وهذا مقبول من حيث المبدإ ولكن هناك من جهة اخرى استهداف واضح لليبيا من قبل القوى الدولية وهناك محاولة واضحة لفرض وصاية جديدة على منطقة المغرب العربي عامة وما يجري في الوطن العربي هو رغبة شعبية مشروعة في التغيير والدمقرطة لكن بمحاذاتها محاولات استثمار دولية في اطار الابقاء على المصالح التقليدية لذلك نرى من الضروري الربط الجيد بين المطلب الديمقراطي والمصالح القومية العليا لصيانة القرار العربي المستقل وحتى تكون الموجة الثورية الحالية تدشينا لنهضة عربية جديدة يجتمع فيها الديمقراطي والقومي والاجتماعي دون فصل بين هذه الابعاد التي يجب ان تتلاقى مساراتها تحصينا لهذه الموجة الثورية وقطعا للطريق امام كل محاولات الاحتواء من القوى الاستعمارية وما نلحظه اليوم في ليبيا من تدخل خارجي سافر على كافة الأصعدة يؤكد حجم المؤامرة التي تستهدف تطلعات الأمة العربية والتي تحاول هذه القوى الهيمنة عليها ووضعها في الخانة التي رسمتها دوائرها وبالمحصلة فأي ثورة عربية لا بد ان تحقق مصالح الغرب اولا والا فمصيرها الوأد والالتفاف والشعب العربي في ليبيا اليوم كله يحمل السلاح وبالتالي نحن امام نزاع مسلح وان الجهات الدولية تعيش هذه الايام حالة طوارئ بدعوى حماية الثوار والحقيقة انها تريد حماية مصالحها في المنطقة والسيطرة على مقدرات ليبيا والا لماذا لم تتدخل هذه الجهات لحماية الشعب الفلسطيني او حماية لبنان سنة 2006 من جحيم محارق الصهاينة. ونحن نرفض اي تدخل خارجي مهما كان نوعه في ليبيا وليبقى مصير الشعب الليبي بين يديه. حاوره : خليل الرقيق
دعـــــــوة
يتشرف المجلس الوطني للحريات بدعوتكم لحضور فعاليات الندوة التي سينظمها يوم الثلاثاء 15 مارس 2011 و ذلك على الساعة السادسة و النصف مساءا بنزل قولدن توليب المشتل بتونس و ذلك تحت عنوان: »النظام الإنتخابي للمجلس التاسيسي » بحضور الأساتذة:قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري،عبد الوهاب معطر أستاذ القانون و المحامي، زهور كوردة أستاذة القانون، و بمشاركة خبراء من الإتحاد الأوروبي المختصين في النظام الإنتخابي. عن الناطقة الرسمية سهام بن سدرين
منصف المرزوقي لجريدة الشرق القطرية
الشعب الفلسطيني ألهم التونسي واستفدنا من حركة » كفاية » المصرية
الدوحة- الشرق 13 مارس 2011 أكد المنصف المرزوقي مؤسس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في تونس أن الثورات العربية أشعلت الحطب اليابس المكدس في الوطن العربي ولن تنتهي إلا بسقوط كل الأنظمة الاستبدادية واستثنى المرزوقي الأنظمة الملكية إن هي تداركت نفسها واقرت الملكية الدستورية مستدلا على ذلك أن الثورة الفرنسية لم تتمدد لبريطانيا المجاورة التي ارتضى شعبها الملكية الدستورية التي يسود فيها الملك ولا يحكم. وحول الثورات العربية بعد ثورة تونس قال المنصف المرزوقي أن قصة من بدا الأول لا نعتبر بها كثيرا وأن التونسيين تعلموا كثيرا من نضال الشعب الفلسطيني وقال أن المصريين كان لهم السبق في كثير من الميادين حيث تابع الشعب نشاطهم في حركة كفاية وما تلاها من تحركات الشعبية وإنه من كل هذا الاستبطان سواء من النموذج المصري أو النموذج الفلسطيني قام التونسيون بثورتهم التي ألهمت المصريين وأن كل الشعوب لها بداياتها وتدور كلها في نفس الحلقة معربا عن أمله الا تكون هذه الحلقة مفرغة. وقال ان الشرارة التي تولدت من تونس اشعلت الحطب اليابس المكدس في كل الوطن العربي المتمثل في الاستبداد والقمع الذي ولد الثورة مؤكدا أن هذه العملية لن تنتهي إلا بسقوط كل الأنظمة الاستبدادية سواء بالمقاومة السلمية أو الحل العسكري كما يقع في ليبيا أو بخضوع الأنظمة الملكية ودخولها شيئا فشيئا إلى الملكية الدستورية ليتأكد للجميع أن النظام العربي الاستبدادي قد انتهي . وحول بقاء الملكية الدستورية في بعض الدول وعدم الإطاحة بها إلى جمهوريات قال منصف المرزوقي أن هناك بلدانا مثل المغرب أو الأردن او جزيرة العرب يمكن أن يسود فيها الملك ولا يحكم وأنه لا يرى مانعا من بقاء هذه الملكيات لأن المهم الانتقال إلى الديمقراطية دون ثمن باهظ وإذا قبلت هذه الملكيات الانتقال إلى سيادة الشعب الحقيقية عبر الملكية الدستورية فهو أمر مقبول مثلما حدث في بريطانيا أو السويد أو النرويج دون أن يحدث بالضرورة ما حدث في فرنسا, وحول استعادة أموال الأنظمة العربية قال المرزوقي أنه طرح هذا الموضوع على السويسريين وطلب منهم اتخاذ قر ار سياسي بشأن اموال القادة الغرب المخلوعين وإرجاعها إلى الشعوب العربية دون البقاء أسرى للقضاء الذي يطيل أمد التقاضي وتبقى الأموال تدرّ فوائد في صالح بنوك سويسرا. وأعرب عن أمله في ممارسة الضغوط على سويسرا والغرب حتى يلجأ لإرجاع أموال الشعوب بقرار سياسي قبل القضاء منوها إلى أنه خاطب المجتمع المدني السويسري للضغط على الحكومات لتعيد هذه الأموال قبل أن تحتج الشعوب العربية أمام السفارات الغربية لإرجاع أموالهم. وقلل منصف المرزوقي من خطر تداعيات الانقسام داخل حركة النهضة التونسية مؤكدا أن هذا الانقسام ظاهرة صحية وانه بعد الحرب في اليابان أصبح هناك أكثر من 400 حزب سياسي وانفجرت كل التناقضات وهو ما حدث ايضا في البرتغال حيث أصبح هناك نحو 80 حزبا وهي ظاهرة طبيعية بعد أن يتم رفع غطاء الدكتاتورية حيث تظهر الاختلافات العقائدية والسياسية واننا يجب أن نقبل هذه الفترة من الفوضى الخلاقة رغم أن هذه الكلمة مرتبطة سلبيا بالعقل الغربي وبالأمريكيين وأن هذه الفوضى الخلاقة ستعيد ترتيب البيت الاسلامي والديمقراطي والعربي وستؤدي إلى ظهور الكثير من الأحزاب ،ثم تقع بعدها التصفيات في الانتخابات وفي البرتغال لم تبق إلا 4 أو 5 أحزاب من الثمانين وفي اليابان لم يبق إلا حزبان من الاربعمائة وهو ما يتوقع في تونس ومصر وبقية الأنظمة العربية. وحول تراجع تونس عن بعض مبادئ العلمانية التي جاء بها التجمع الدستوري منذ أيام بورقيبة مثل تحريم تعدد الزوجات قال المنصف المرزوقي أن تونس لن تتراجع أبدا عن المكتسبات التي تحصل عليها خاصة حقوق المرأة مؤكدا أن الحركة الاسلامية لا تراجع هذا الموقف اسوة ببقية الحركات ولن يكون هناك أي تراجع عن مكتسبات المرأة أو تعدد الزوجات. وقال أن هذه المبادئ لم يتم إقرارها نتيجة قهر لكن في إطار علمانية الدولة وأن الخط الفاصل لن يكون بين العلمانيين والإسلاميين وإنما بين الديمقراطيين وغير الديمقراطيين وأن هناك علاقة طيبة تربط حزب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وبينه وبين الشيخ راشد الغنوشي وأن الاختلاف في العقائد لا يؤدي إلى الاختلاف في السياسة وأكد أن تونس تريد التخلص من هذه الثنائية العلمانية الإسلامية وأنه مسلم علماني وليس ملحدا ولذلك تم التحول من كلمة علماني إلى مدني تحمي فيه الدولة المحجبة وغير المحجبة وان الدولة المدنية ترفض ما يقع في أيران من فرض للحجاب بالقوة وترفض ما كانت تفعله العلمانية الدكتاتورية في تونس من رفع الحجاب بالقوة عن المرأة وأن دور الدولة حماية حق كل إنسان في الاعتقاد وأن يكون الاهتمام بالنسبة للدولة هو حماية الحريات الفردية والجماعية وقال أن من السابق للأوان الحديث عن التنسيق بينه وبين حركة النهضة بشأن دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية وحول تأكيده بقرب نفاذ صبر الشعب قال أن هناك من يريد مواصلة الثورة وهناك من يجنح إلى الاستقرار وأن كلا المطلبين مشروع وأن هناك مطلب كبير بالنسبة للشعب التونسي لعودة الاستقرار وعودة الاستثمارات الخارجية وعودة الشعب إلى العمل وهناك قناعة لدى الشباب بأن الثورة يجب أن تتواصل حتى لا يتم سرقتها وأن من الواجب تصفية البوليس السياسي وفلول الحزب الحاكم وأن التحدي الحقيقي هو التوفيق بين المطلبين وأن مهمة الحكومة المؤقتة الآن استعادة ثقة الشعب وتصفية فلول البوليس السياسي ضمانا لعدم سرقة الثورة
بسم الله الرحمن الرحيم ها قد عادوا…فبأي شكل نعود؟؟
د نجيب العاشوري الأحد 13 مارس 2011
1- قوى الردة لا تيأس: من الواضح أن قوى الردة لم تيأس بعد من إمكانية خداع الشعب وإجهاض ثورته، ولا يبدو أنها ستيأس وتترك الأمر بسهولة. فبعد فرار المخلوع طلع علينا وزيره الأول الغنوشي مواصلا نفس المشوار، ولم يتزحزح إلا يجهد جهيد، واعتصامين اثنين وسقوط ضحايا جدد وأعمال حرق وسلب ونهب… فلما رحل غير مأسوف عليه جاءنا السبسي، وكان « أول القصيدة مراوغة ». فقد وقعت تسميته دون أدنى استشارة لأي من القوى السياسية والمدنية التي باتت ملأ السمع والبصر. ثم شكل حكومته متعاميا عن الجميع، مستغلا فض الاعتصام الذي لم يكن سوى فرصة أعطاها إياه الثوار ليختبروا حسن أداءه منتظرين منه استجابة كاملة لمطالب الثورة. غير أن الذين هم خلف الستار يضعون الخطط الواحدة تلو الأخرى لإجهاض الثورة ليس لهم على ما يبدو من خيار غير مواصلة الألاعيب طمعا في استغفال الغالبية الكبرى من الشعب للاستفراد من بعد ذلك بالناشطين و شباب الثورة. فبعد تصريحاته المستهترة بالمطالب الشعبية بحل البوليس السياسي وما أثارته من غضب شديد، سارع السبسي وحكومته إلى الإعلان عن حل هذه الجهاز مع الضمان الكامل لإفلات مجرميه، كبارهم وصغارهم من العقاب، مما يعد إفراغا لهذا القرار من أي مضمون إيجابي. ثم كانت السخرية من ذكاء الشعب التونسي بالزعم أن أعداد البوليس السياسي لا تتجاوز المائتين، في حين يعلم الجميع أن هذا العدد كان يهاجم منزلا واحدا لاعتقال مناضل واحد، مع ترويع الأهل والجيران وجيران الجيران إلى الجار الأربعين… وفي مقابل القرار القضائي بحل التجمع، سارعت هذه الحكومة بالترخيص لأربعة أحزاب تجمعية، في انتظار البقية التي سوف تأتي سريعا إن سمحنا لهذه المهزلة أن تتواصل. وآخر ما صدر عن السبسي وحكومته هو هذه التعيينات المستفزة للمعتمدين الفاسدين المرتشين كاتبي التقارير المتسببين في المآسي التي قاساها جميع الشرفاء طيلة الثلاث وعشرين سنة الماضية. فقد عمد السبسي إلى لعبة « الكراسي الموسيقية » في استخفاف شديد بذكاء الشعب واستهتار واضح بتحذيرات المعتصمين وجميع القوى المدافعة عن الثورة. 2- خطة مفضوحة وإصرار على تنفيذها: إن كل هذه المناورات والمخاتلات والألاعيب لن تنتهي ما لم ننجح في فرض البديل التوافقي الحقيقي على رأس الدولة. فطالما استمر بقايا الدكتاتورية وأيتام الدكتاتور في المسك بزمام الأمور فلن ييأسوا أبدا من إمكانية تطبيق خطتهم رغم افتضاح أمرها. هذه الخطة القاضية بتزوير الانتخابات القادمة على طريقة المهزلة المغربية بحيث يحصل كل حزب من أحزاب « التجمع الجديد » على نسبة من الأصوات لا تزيد عن 15 بالمائة تضاف إليها نسب مماثلة لأحزاب « الموالاة الجديدة »، بحيث يكون المجموع من 70 إلى 80 بالمائة من المقاعد لهؤلاء. والأموال حاضرة بمئات الملايين لإنجاح هذه الخطة. ولا يقولن أحد، أو يخطر بباله أن مجرد افتضاح أمر هذه الخطة سيمنعهم من المضي فيها قدما، ولنتذكر جميعا أن الخطة المشؤومة « لقطع الجذور وتجفيف الينابيع » كان أمرها قد افتضح قبل تطبيقها بوقت طويل، فلم يمنع ذلك من أن تحل على تونس سنوات الجمر الطويلة. 3- الخطة المضادة وضرورة الرد القاصم: يجب أن يكون ردنا هذه المرة قاصما لكم أمل لأعداء الشعب في إمكانية تحقيق مخططاتهم الجهنمية. ومن أجل ذلك اقترح الخطوات التالية: – قبل المناداة إلى الاعتصام من جديد يجب الاتفاق على شخصية وطنية جديرة بالثقة لتولي المسؤولية الأولى خلال هذه المرحلة، ولتكن هذه الشخصية السيد أحمد المستيري مثلا، مع اشتراط الالتزام بالتشاور الدائم مع جميع القوى السياسية والمدنية. ولا يتم فض الإعتصام حتى يتولى من نصبه الشعب دفة المرحلة الانتقالية ويبدأ بإحالة مجرمي البوليس السياسي وكافة رموز التجمع على القضاء مع تجميد كل أحزاب التجمع الجديد حتى صدور الأحكام القضائية ضدهم. – لا يشارك في الاعتصام إلا جزء من شباب الثورة بينما يحرص الباقون على منع شراذم التجمع والبوليس السياسي من ارتكاب جرائم جديدة في الجهات، ويتولى الجميع مطاردة المسئولين المحليين من عمد ومعتمدين وولاة ورؤساء لجان تنسيق وغيرهم ممن أذاقوا الشعب الأمرين ويريدون إعادة الكرة ثانية. – لا مجال لأن يشارك في الانتخابات القادمة كل من ساهم في المأساة المرة التي عاشتها بلادنا من عتاة مجرمي التجمع ومن شايعهم وأعانهم على سرقة أموال الشعب وانتهاك كرامته و قتل أبناءه. 4- مخاطر ومحاذير: إن أكبر خطرين يتهددان الثورة هما: – أن تخبو جذوة الحماس والاندفاع لدى الشباب، فلو حدث هذا لا سمح الله لارتدت علينا فورا آلة التعذيب والتزييف الجهنمية المتحفزة وأحالت مكاسب الثورة هباء منثورا. – أن تصدق القوى الاجتماعية المناصرة للثورة أن ما تحقق من مكاسب غير قابل للردة، فينفرط عقد تحالفها المتين، وتنخرط قبل الأوان في معارك وخصومات سياسية وفكرية تضعف أداءها في تأطير الشباب وتجييشه لإفشال خطة إجهاض الثورة، والتي لا يقف وراءها عتاة مجرمي التجمع فقط، بل تساندهم قوى خارجية عظمى تعتبر أن شعوبنا لا يجب أن تتاح لها أبدا فرصة الاختيار الحر وتفعل كل ما في وسعها لمنع أي تحول ديمقراطي حقيقي في البلدان العربية. إن مهمتنا الأساسية في هذه الظرف التاريخي هي الحرص على قراءة الواقع ومآلاته قراءة صائبة، والقيام بواجب التوعية لقوى الثورة وشبابها حفاظا على زخمها حتى تحقيق جميع أهدافها.
اليوم حصحص الحق واتضحت للجميع «عصابة المفسدين» الحقيقية
بقلم: كمال بن سعد الضيف (*) اسمح لي سيدي الوزير الأول أن أتوجه إليك بالتحية والتهنئة والدعاء بالتوفيق والنجاح في المهمة التي قبلت مشكورا تحمل أعبائها الثقيلة في هذا الظرف العصيب والدقيق. واسمح لي أيضا سي الباجي أن أتوجه إليك بشكر خاص لانتقائك – وأنت رجل السياسة المحنك والقانوني الضليع – مصطلحا دقيقا لتوصيف الذين حكموا تونس بالقمع والترهيب والنهب والسطو منذ 23 عاما فأسميتهم بلا وجل أو تردد « عصابة مفسدين ». ما هو مبرر هذا الشكر؟ في الواقع، لا يكمن السبب في دقة التعبير الذي استخدمه سي الباجي قائد السبسي وبلاغته وحسن استيعابه لحجم الإجرام المرتكب بحق البلاد والعباد فحسب، بل في ما تضمنه – بالنسبة لي ولعائلتي بشكل خاص – من إصلاح لما انكسر ورد اعتبار وجبر معنوي لمظلمة رهيبة وإجحاف فادح ارتكب في الأيام الأولى من عهد الطاغية المخلوع بحق عشرات الوطنيين المخلصين لتونس من ضباط وضباط صف من شتى الرتب من الجيش الوطني والشرطة والحرس والديوانة والحماية المدنية إضافة إلى حوالي 20 مدنيا. للتذكير وتنشيطا لذاكرة الجميع، عقد الحبيب عمار، أول وزير داخلية في عهد بن علي آنذاك يوم 23 نوفمبر 1987 ندوة صحفية حظيت بتغطية إعلامية واسعة داخل البلاد وخارجها أعلن فيها أنه تم الكشف عن « عصابة مفسدين » وإلقاء القبض على عدد من الأشخاص (نشرت أسماء وصور بعضهم في نشرات الأخبار الرئيسية والصفحات الأولى من الجرائد) كانوا يُعدّون حسب مزاعمه للإستيلاء على السلطة إلخ… وإثر ذلك توقف الإعلام الرسمي والتابع تماما عن الحديث عن القضية وأحاطها بستار كثيف من التعتيم فيما استمرت وبلا هوادة حملة المداهمات الوحشية للبيوت وترويع العائلات وممارسات التعذيب والتنكيل الوحشي بنخبة من أبناء تونس البررة من العسكريين والأمنيين والوطنيين الذين تشاوروا أو فكروا في التحرك في تلك الفترة من أجل إنقاذ الوطن من كارثة محققة ولم تتلطخ أيديهم بقطرة دم تونسية واحدة، وجرى ذلك في ظل صمت مطبق من الجميع، سياسيين وحقوقيين وإعلاميين (أستثني منهم بعض الشخصيات الحقوقية النزيهة وصحيفة « الموقف » المحترمة). وبالعودة إلى بداية القصة الأليمة التي لا تعلم عنها الأغلبية الساحقة من التونسيين شيئا، شهدت الليلة الفاصلة بين 30 نوفمبر و1 ديسمبر 1987، سقوط أول ضحايا « العهد الجديد » القمعي عندما طلعت روح الرائد محمد المنصوري (أصيل نفزة، ولاية باجة) إلى بارئها تشكو ظلم زبانية بن علي والحبيب عمار وأعوانهم بعد أن تعرض الرجل الأمين لوجبة رهيبة من التعذيب اللاإنساني والهمجي من طرف الجلادين استمرت لساعات طويلة في إحدى زنزانات التعذيب بمقر وزارة الداخلية ولا زال الشهود على تفاصيل ما حدث يومها أحياء يرزقون. ومنذ الخامس من نوفمبر 1987، تاريخ اعتقال أول أفراد المجموعة التي أطلق عليها أول وزراء داخلية بن علي افتراء وبهتانا تسمية « عصابة مفسدين » وإلى تاريخ 4 ماي 1989، موعد الإفراج عن الفوج الثالث والأخير من المجموعة بعفو رئاسي مغشوش لم تترتب عليه استرجاع المعتقلين ظلما لحقوقهم المدنية أو إعادتهم إلى وظائفهم (وهم الذين لم يُحاكموا أمام أي هيئة قضائية ولم تثبت بحقهم أي تهمة)، عاش الآباء والأمهات والزوجات والأبناء بل المئات من أقارب المعتقلين في شتى أنحاء البلاد في ظل أجواء مظلمة من التعسف والمحاصرة والملاحقة والتشويه والثلب والتخوين والإتهام. وهو ظلم بواح وحيف شديد لا يعرف وطأته وحجم معاناته إلا من عاشه فعلا وتضرر منه مباشرة صباح مساء لأعوام متصلة كقطع الليل المظلم. هذا الظلم البواح اقترن أيضا بحصار بوليسي محكم من أجل الحيلولة دون إمكانية عودة معظم أفراد المجموعة إلى ممارسة حياة عملية عادية ولمنعهم من السفر طلبا للرزق أو التداوي من مخلفات التعذيب الشنيع الذي تعرضوا له، وهو حصار استمر وتصاعد واتخذ أشكالا شتى لا يعلم إلا الله وحده مداها وأصنافها وحجم الأضرار النفسية والصحية والمادية والمعنوية التي خلفتها لهذه المجموعة من أبناء تونس البررة وللمئات من أفراد عائلاتهم وأقاربهم وحتى ذويهم الأباعد. لذلك، عندما استمعت إلى الوزير الأول سي الباجي قائد السبسي يُعلن ببليغ العبارة في أول خطاب له إلى الأمة يوم 4 مارس أن « التونسيين حُكموا على مدى 23 عاما بعصابة من المفسدين » بل يضيف مشددا أن « تونس في العشريتين الماضيتين عرفت عصابة مفسدين أكلوا من لحم شعبنا وماله ومن مكاسبه »، شعرت فعلا بأنني استعدت – أنا شخصيا وزوجتي (وأعتقد أيضا جميع أفراد المجموعة الذين يفوق عددهم الـ 170 شخصا مع التشديد على أنني لا أمتلك أي صفة للتحدث باسمهم) – كرامتي المهدورة وشرفي المهني كضابط في الجيش الوطني رغم كل الجرائم والمغالطات والتجاوزات التي ارتكبتها عصابة المفسدين الحقيقية من أجل وصمنا وتلويث سمعتنا وتشويهنا والإساءة إلينا. لقد جاء تصديق الرئيس فؤاد المبزع على قانون العفو التشريعي العام التاريخي ليبدد الشكوك ويعزز الثقة واليوم يأتي خطاب السيد الباجي قائد السبسي ليكرس القطيعة التامة مع العهد البائد ويؤسس لوطن مُحرّرِ الإرادة يحتضن كافة أبنائه ويعيد لهم اعتبارهم كاملا ويضمن لهم جميعا أعلى درجات الكرامة والإحترام. وبالمناسبة ، أدعو الحكومة المؤقتة إلى المسارعة بفتح أرشيف وزارتي الداخلية والدفاع بوجه الباحثين والمؤرخين كي يكشفوا للشعب التونسي العظيم حقيقة ما حدث في الأيام الأخيرة من حكم بورقيبة وخلال الأيام الأولى من عهد بن علي البائد ويُطلعوا شباب الثورة والأجيال القادمة على المعدن النادر للرجال (والنساء اللواتي شددن أزرهم وحفظنهم في غيابهم) بما يحفظ للذاكرة الوطنية ويصون للتاريخ التونسي قيمة الشرفاء المخلصين الذين عقدوا العزم في لحظة دقيقة وملتبسة على إنقاذ البلاد والعباد مما كان يحيق بها. رحم الله الشهداء جميعا وعجل الشفاء للجرحى والمصابين وحفظ شباب الثورة وشيوخها ووفق الله الجميع لما فيه خير البلاد وعزتها وسؤددها.
(*) نقيب سابق في جيش الطيران التونسي
(المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ 13 مارس 2011)
إلى أين يتجه المشهد السياسي التونسي؟
مركز الجزيرة للدراسات
اتسمت المرحلة التي أعقبت رحيل بن علي بالارتباك والتردد، وقد بدا ذلك واضحا من خلال عملية نقل السلطة بصورة سريعة إلى رئيس الوزراء محمد الغنوشي الذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد خلفا لبن علي، ليتم بعد 24 ساعة فقط نقلها مجددا إلى فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب، بعدما تبين وجود ثغرات دستورية فاضحة، كما بدا هذا الاضطراب لاحقا في سرعة تشكيل الحكومة المؤقتة ثم تعديلها. إرادة قوية بدون رؤية واضحة
القوى الفاعلة والمؤثرة
احتمالات المرحلة القادمة
إرادة قوية بدون رؤية واضحة
لا تمتلك نخبة الحكم التي تولت مقاليد الأمور بعد رحيل الرئيس المخلوع بن علي، رؤية واضحة للمرحلة القادمة، ويتسم سلوكها السياسي في الغالب بالتكيف الاضطراري وتجنب مصادمة الشارع، ولكن مع وجود إرادة قوية لاحتواء الوضع الناشئ وعدم الذهاب بعيدا في عملية التغيير. لكن ضغوط الشارع الذي لا يزال مصرا على قطف ثمار ثورته كاملة، ثم رفض الاتحاد العام التونسي للشغل وجل أحزاب المعارضة لتركيبة الحكومة الانتقالية الأولى بقيادة محمد الغنوشي، حتى بعد إعلان استقالة أعضائها من التجمع الدستوري الديمقراطي، اضطرت السلطة إلى إدخال تحوير جزئي على الحكومة تم بموجبه إبعاد الشخصيات المحسوبة على الحزب الحاكم، مع الإبقاء على وزراء المعارضة الذين يغلب عليهم التوجه اليساري أساسا، وإدخال وجوه جديدة من ذوي الخبرة الفنية. ورغم أن فكرة تكوين مجلس لقيادة الثورة يشرف على إدارة المرحلة الانتقالية يضم شخصيات وطنية مقبولة مثل أحمد المستيري، ومصطفى الفيلالي، وأحمد بن صالح، كانت موضع تداول في أروقة الحكم، وفي وسائل الإعلام التونسية، إلا أن خيار الاستمرارية والتعديل الجزئي كان هو الأرجح في نهاية المطاف.
وهذا منحى ينم على وجود إرادة داخلية متأتية من داخل الأجهزة أولا، ثم من طرف جهات دولية مؤثرة في القرار السياسي التونسي ثانيا، ترغب في مسك خيوط المرحلة الانتقالية والاستناد على الهيئات التي خرجت من رحمها. يبدو هذا الأمر جليا سواء من خلال استقراء تركيبة الحكومة الانتقالية، أو اللجان الثلاث التي تكونت تحت عباءتها بسرعة ومن دون استشارة الهيئات السياسية العامة.
فتونس تشهد حاليا تجاذبا واضحا بين نظام قديم يواجه صعوبات الاستمرار، ولكنه يمتلك قدرة فائقة على التكيف وإعادة إنتاج نفسه، وبين نظام جديد هو بصدد التخلّق من رحم الثورة ومطالبها الجذرية، ولكنه مازال يتلمس طريقه نحو البزوغ والبناء. لقد تمكنت قوى « العهد القديم » من حماية نفسها وترسيخ مواقعها عبر استخدامها الذرائعي لشرعية الثورة والتبرؤ الظاهري على الأقل من مخلفات حقبة بن علي، ثم من خلال نفوذها الواسع في الإدارة وسائر أجهزة الدولة. أما القوى الجديدة التي أفرزتها الثورة، والتي تستمد قوتها ومصدر شرعيتها أساسا من الشارع والضغط الشعبي العام، فهي لم تقو بعد على ترجمة مطالبها السياسية في الإصلاح الجذري سواء على صعيد مؤسسات الحكم أو رجالاته.
ثمة إشارات متناقضة تطبع المشهد السياسي والمؤسسي والتشريعي التونسي الراهن. فعملية تعيين وزير داخلية جديد (فرحات الراجحي) المعروف بالحياد والمهنية، ثم الإقالات الأخيرة التي طالت عددا واسعا من كبار قادة الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية الحصينة، وأخيرا قرار حظر كافة أنشطة الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) تمهيدا لحله قضائيا وإرجاع مقاره وممتلكاته للدولة، كلها تبين نوعا من الاستجابة لمطلب التغيير، وأخذ مسافة من حقبة بن علي. بيد أن هناك مؤشرات أخرى كثيرة تسير في الاتجاه المقابل تماما، من ذلك تعيين 24 محافظا جديدا، بينهم 19 ينتمون إلى الحزب الحاكم إبان حقبة بن علي، وبعضهم كان وثيق الصلة بأقرباء وأصهار الرئيس المخلوع ومتورطا في قضايا الفساد واستغلال النفوذ. ومواجهة المظاهرات الاحتجاجية في العديد من المحافظات التونسية مثل الكاف وسيدي بوزيد وقبلي وجندوبة بقدر غير قليل من العنف. كما أن البطش بالمعتصمين أمام مقر الحكومة بساحة القصبة، بعد بضع ساعات فقط من الإعلان عن تشكيلة الحكومة « الجديدة »، كلها تبين الميل إلى مواصلة سياسة القبضة الحديدية المعهودة. من الواضح أنه لا توجد جهة واحدة ومحددة يتمركز فيها القرار السياسي، وقد بينت جملة من الأحداث الأخيرة أن هناك قوى خفية تدير الأمور من وراء حجاب الحكومة المؤقتة، وهي تتوزع بين المؤسسة العسكرية تحت قيادة رشيد عمار الذي لعب دورا حيويا في الإطاحة بحكم بن علي، ووزراء ومستشارين سابقين باتوا يحيطون بالرئيس فؤاد المبزع، ورئيس الوزراء محمد الغنوشي، وبين أجهزة البوليس السياسي التي اعتمد عليها بن علي بصورة شبه كاملة في تركيز حكمه والبطش بخصومه. وهنالك شخصيات محسوبة على العهد السابق لا تزال مؤثرة، بعضها تم استبعاده من حكم بن علي، مثل الوزير الأول الأسبق الهادي البكوش الذي كان شريكا له (إلى جانب الحبيب عمار) في الإطاحة ببورقيبة، وبعضها الآخر احتفظ بموقعه إلى غاية خلع بن علي، مثل منصر الرويسي الذي كان يشغل منصب مستشار خاص لبن علي، وقبل ذلك تولى مهام وزارية مختلفة، والمعروف بصلاته المتينة بالأوساط اليسارية خاصة.
القوى الفاعلة والمؤثرة
تظل فرنسا أكثر القوى الخارجية تأثيرا ونفوذا في الساحة التونسية بحكم الميراث الاستعماري الثقيل الذي خضعت له تونس وبلدان المغرب العربي عامة، ثم بحكم الجوار الجغرافي المؤثر. فحكومة ساركوزي عملت على دعم نظام بن علي حتى اللحظة الأخيرة، وقد فاجأها الرحيل للرجل بهذه السرعة، إلا أنها مع ذلك مازالت تحتفظ بخيوط تأثير كثيرة سواء داخل أجهزة الحكم أو بين المعارضين ونشطاء المجتمع المدني.
والأمريكيون شأنهم في ذلك شأن أقرانهم الأوروبيين فاجأتهم تطورات الأحداث في تونس، بيد أنهم لم يمانعوا تماما في رحيل بن علي واستبداله بوجه آخر من داخل النظام. وقد كانت الآمال معلقة على كمال مرجان وزير الخارجية السابق لقيادة المرحلة الانتقالية إلا أن قوة الرفض والممانعة كانت أقوى من رغبة الأمريكيين والأوربيين.
الجيش: ضابط الإيقاع
لعبت المؤسسة العسكرية دورا رئيسيا في التعجيل برحيل بن علي من خلال الامتناع عن إطلاق الرصاص وملازمتها الحياد، ثم تحولت إلى انحياز واضح للمتظاهرين في الأيام الأخيرة قبل سقوط الرئيس المخلوع. وما هو جلي حتى الآن هو أن المؤسسة العسكرية لا ترغب في التورط المباشر في الشأن السياسي، وهي تميل إلى لعب دور الحكم، وضبط إيقاع الساحة السياسية من خلال التدخل عند الضرورة. من المعلوم هنا أنه لا توجد تقاليد انخراط العسكر في السياسة في تونس منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذي كان شديد التوجس من العساكر، خاصة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي قادها لزهر الشرايطي إلى جانب مجموعة من الضباط اليوسفيين (نسبة إلى صالح بن يوسف غريم بورقيبة) سنة 1962. فأولوية المؤسسة العسكرية تتمركز في المرحلة الراهنة في حماية الدولة من الانهيار والحيلولة دون السقوط في الفوضى، مع الاستجابة المحسوبة لمطالب الثورة.
الاتحاد العام التونسي للشغل: انبعاث جديد
رغم ما تعرض له الاتحاد العام التونسي للشغل من إنهاك واحتواء خلال حقبة بن علي، وخاصة على مستوى قيادته التنفيذية المركزية، إلا أن أحداث الثورة بينت أنه يظل أهم الهيئات المدنية المنظمة على الإطلاق، وقد بدا ذلك جليا من خلال الحضور القوي للقيادات النقابية الوسطى التي تحولت إلى قيادات ميدانية للحركة الاحتجاجية منذ الأيام الأولى، ومن المنتظر أن يكون للاتحاد دور أكبر في المرحلة القادمة مع اتساع مناخ الحريات، وحالة الديناميكية السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، ولكن ذلك سيكون قطعا على حساب القيادة التنفيذية، وعلى رأسها الأمين العام عبد سلام جراد، لارتباطها بحكم بن علي.
الشباب: قوة ضغط
تمكنت هذه القوة الجديدة من فرض نفسها على الأرض من خلال ما تتسم به من جسارة وجرأة، فضلا عما تتمتع به من قدرة على استخدام تقنيات التواصل الحديثة واطلاع على ما يجري في العالم من حولها. ويتسم هذا القطاع بالاندفاع الثوري والرغبة الجامحة في التغيير، فضلا عن غياب المنزع الإيديولوجي الواضح. ولكن خلافا للحالة المصرية لم تتبلور قيادة شبابية واضحة يمكن أن يكون لها أثر ملموس في المرحلة القادمة، بل يظل هؤلاء أقرب إلى قوة ضغط أكثر من أي دور آخر.
المعارضة السياسية: ملامح ثلاث تكتلات
تتسم أوضاع المعارضة بشيء من التشتت وبطء الحركة قياسا بوتيرة الأحداث السياسية المتقلبة. فمجموعة 18 أكتوبر/تشرين الأول التي تضم قوى متنوعة من المعارضة قد تفككت بالأمر الواقع بالتحاق أحمد نجيب الشابي بصفوف الحكومة المؤقتة. كما أن المخاوف من العودة القوية للإسلاميين مجددا قد دفعت إلى ظهور شيء من الاستقطاب الإيديولوجي في الساحة. رغم ذلك، من الوارد جدا أن يحصل اتفاق بين المعارضة على مجموعة من المطالب ومهام المرحلة القادمة، علما أن هناك خطوط حوار وتنسيق ممتدة اليوم بين التشكيلات السياسية المعارضة فيما بينها، ومع الاتحاد العام التونسي للشغل. والأرجح أن تنتظم الساحة السياسية التونسية في ثلاث تكتلات سياسية كبرى، كتلة أولى تضم القوى اليسارية والليبرالية، وثانية تضم الإسلاميين والعروبيين وثالثة تضم بقايا الحزب الحاكم الذي يتجه إلى إعادة تنظيم صفوفه تحت عناوين جديدة.
احتمالات المرحلة القادمة
يظل الوضع التونسي مفتوحا على احتمالات متعددة في ظل غياب حالة الحسم والوضوح التي أعقبت غياب الرئيس المخلوع، ولكن ما هو مؤكد هنا أن الديناميكية التي فتحتها الثورة ما زالت تعتمل في عموم الجسم السياسي التونسي. فهناك حالة يقظة ومراقبة شعبية مستمرة لمجريات الأمور من خلال حركة التظاهر والاحتجاج التي غدت تقليدا شبه يومي تقريبا، كما أن ظاهرة التسييس واسع النطاق بين عامة التونسيين وخاصة فئات الشباب، والشعور المتزايد بالثقة في النفس، كلها من العوامل الضاغطة باتجاه التغيير.
ورغم غياب الأجندة المشتركة بين الطبقة السياسية التونسية إلا أن هنالك ما يمكن تسميته بعقدة 7 نوفمبر/تشرين الثاني (تاريخ انقلاب بن علي). أي الخشية من تكرار تجربة بن علي في الالتفاف على الوضع الناشئ استنادا إلى وعود سياسية بالإصلاح من دون وجود ضمانات وآليات حقيقية على الأرض داعمة لمشروع التغيير، وهذا ما يفسر استمرار الزخم السياسي الراهن بما في ذلك حركة التظاهر والاعتصام، وحتى المواجهة مع قوات الأمن، خصوصا في المدن الداخلية.
ما هو مؤكد هنا هو أن بنية النظام التسلطي الذي ورثه بن علي عن سلفه بورقيبة منذ استقلال البلاد سنة 1956 وزاده تشابكا وتعقيدا، قد فقد بعض حلقاته وتلقى ضربات موجعة ولكنه مازال يحتفظ بمقومات الحياة والانبعاث مجددا. فلقد اضطرت حكومة محمد الغنوشي إلى اتخاذ قرار الفصل بين الحزب الحاكم والدولة ثم دفعتها الضغوط الشعبية دفعا فيما بعد إلى إصدار قرار بحل التجمع الدستوري ومصادرة مقاره، وهو أخطر القرارات على الإطلاق منذ خلع بن علي. كما أن أجهزة الأمن الضاربة بما في ذلك البوليس السياسي تعيش حالة ارتباك وحتى تصدع داخلي نتيجة الهجوم عليها، وتحميلها انحرافات المرحلة السابقة، إلا أنها مع ذلك تظل قوة هائلة وقادرة على الالتفاف على الوضع ما لم يتخذ قرار واضح بحل بعض أجنحتها وتقليص حجمها؛ ففي ظل تفكك الحزب الحاكم وتواريه عن الساحة يبقى جهاز البوليس الضخم القوة الرئيسية الخفية والمؤثرة.
يظل مستقبل المشهد السياسي التونسي محكوما بمدى قدرة كل من الطرفين، السلطة من جهة وحركة شارع ومعارضة من جهة أخرى، على المبادرة وافتكاك مساحات لصالحه. فكلما اشتد الضغط الشعبي وارتفع صوت المعارضة اضطرت السلطة إلى تسجيل تنازلات لصالح الثورة والاستجابة لمطالبها، وكلما سكنت الأمور وعادت وتيرة الحياة الطبيعية إلا والتقطت السلطة أنفاسها وعادت إلى الإمساك بخيوط المعادلة السياسية على النحو الذي ترغب فيه اعتمادا على قوة النفوذ الإداري والسياسي والدعم الخارجي الذي تتمتع به.
التونسيون قطعوا نصف الطريق بفرض الرحيل على الرئيس بن علي من قصر قرطاج، إلا أن عملية بناء وضع مؤسسي وتشريعي جديد على أنقاض العهد القديم ما زالت في بداية الطريق. ومن شأن نجاح الثورة في مصر، وهي الأكثر ثقلا وتأثيرا، أن يعطي زخما قويا لعملية التغيير في تونس وفي المحيط العربي الأوسع. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 مارس2011)
المعضلة الاقتصادية
ـ مقدمة:
ـ الهاجس الاقتصادي: إرهاب الشعب و نخبه الوطنية الاقتصادية أو تعدد ميادين الوطنية التنوير و الاستعمار ـ السياسة و الجودة السياسية: الجودة السياسية و الهيمنة الأقطاب الثلاثة الرأسمال العالمي بين المزاحمة و الصراع التسابق في بسط النفوذ و نسف معاهدة سيكس ـ بيكوت 1.مقدمة
ملخص:
سنحاول في هذا المقال أن نبين الأزمة التي يتخبط فيها الرأسمال العالمي والصراع بين أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة توزيع المناطق المعتبرة غنائم أوروبية منذ مؤتمر ساكس بيكوت 1916 كما سنتعرض إلى المؤامرة التي تتعرض لها الثورة التونسية خاصة بغية إحباطها و تحويل مسارات باقي الثورات في العالم العربي فالمجتمع التونسي بنخبته النوعية و الصغيرة العدد يمكن أن يكون عينة لدراسة مختلف ردود الفعل داخل المجتمعات العربية و من ثم ضبط شبكات تصرف [ grille ] خاصة و أن السوسيولوجي الغربي عموما أصبح مولعا بوضع قواعد عامة [ قواعد شليتر و برتننج في تعلم الفرنسية كلغة ثانية, الإستراتجيات العشر في التلاعب بالجماهير لنوام شومسكيNoam Chomsky , و هرم الحاجيات لماسلوف Maslow إلخ…] [1] ليس من التعصب بمكان القول بأن العالم العربي فتح بثورة تونس صفحة جديدة من التاريخ المعاصر وهي صفحة عامة ليست خاصة بتونس أو بالعالم العربي وإنما نقطة بداية لحقبة تاريخية اختلطت فيها أوراق كل القوى التي أضاع بعضها بوصلته فبقي يخبط خبط عشواء. إن الاستعمار بفكره و رأسماله و جنوده يمر الآن بأحلك مرحلة في حياته قد تصل إلى انهيار بعض من الأنظمة المحسوبة على العالم الأول [ أوروبا الشرقية, البرتغال, اليونان, ازلاندا, بلجيكا…] أو حتى الأنظمة المعتبرة تقليديا قوى عظمى, فرنسا مثلا لا تحديدا, وشعورا بهذا الخطر الداهم سارعت كل من فرنسا ممثلة عن الجانب الأوروبي بمقاومة هذه الثورات التي بدأت تمتد كالنار في الهشيم و بوتيرة أذهلت المراقبين و أعجزت حتى بعض وسائل الإعلام عن متابعتها بدقة وسارعت الولايات المتحدة لاحتوائها خدمة لمصالحها المستقبلية فأين يبرز هذا الاحتواء و تلك المقاومة.
2. الهاجس الاقتصادي الثورة في الواقع هي انقلاب على أوضاع سياسية أساسا أدت إلى أزمة عامة متعددة الجوانب و كان الجانب الاقتصادي أحد هذه الجوانب المتأزمة ويحاول بعض المفكرين أحدي الجانب[2] أن يجعل انطلاق الثورة العربية المعاصرة من تونس لأسباب اقتصادية بحتة, كما لو كان المواطن العربي لم يتعد بعد مرحلة التفكير بالبطن أو مرحلة الحاجيات الفيزيولوجية حسب تعبير عالم الاجتماع الأمريكي ماسلوف [1908 ـ 1972] [3] والسر في تركيزهم على أسبقية دور الاقتصاد إنما الغاية منه: ـ التهديد بأنياب الفقر و الجوع و إحداث فزع من شأنه إدخال ارتباك في ضبط أولويات الثورة وهذا يدخل في باب إرهاب الشعب ـ إحداث شعور بالحاجة إلى الأجنبي لتمويل المشاريع و تشغيل الشعب وضبط المخططات و أما هذا فينضوي تحت باب إرهاب النخبة المثقفة إذ لا يخفى على أحد أن الشعب يحتاج إلى نخبه لضبط توجهاته الثورية. هذه الغاية الثانية تفتح مجالا للتدخل الأجنبي تحت مختلف اليافطات التي تبدأ بالإعانة الإنسانية لتنتهي من جديد بالاستعمار وهذه هي الدائرة المفرغة للاستعمار. الشعوب التي تنجز ثوراتها تكون عادة قد أقدمت على كل التضحيات بما في ذلك الموت المعتبر استشهادا شرعا و عقلا إلا أن خاصية الثورة التونسية, وما تبعها من ثورات, تتمثل في تقدم الشعب على النخب و من هنا وجدنا الإعتصامات في الساحات العامة والمراقبة المستمرة لنشاط الحكومة المؤقتة وعدم إمهالها مزيدا من الوقت لتمرير برامجها المشبوهة في حين أن النخبة المنخرطة في تكتلات حزبية بقيت تلهث وراء الجماهير المتعطشة لتحقيق أهداف الثورة بل و البعض من هذه الأحزاب خرج عن خطه الوطني رغم صموده في مواجهة الجنرال المخلوع , وقد أصبحت هذه الأحزاب تهدد الشعب وتتبنى مقولات الحكومة في تضخيم هروب رؤوس الأموال الأجنبية إلى دول عربية أخرى والبعض منهم يذكر حتى جهة الهروب [المغرب الشقيق ] وهو محض هراء لأنه لا توجد دولة عربية واحدة أمنة في هذه الأيام يمكن لرأسمال أجنبي أن يستقر فيها بل إن البعض ممن يجري فيه الآن تحركات شعبية يمكن اعتباره أقل دموية ممن لم يبدأ الشعب فيه ثورته فالمتأخر أكثر دموية من المتقدم و أخرهم أشدهم عتوا على شعبه ليس لأن الأنظمة التي سقطت كان فيها ذرة من الوطنية بل لأن الأنظمة المتأخرة في السقوط قد استفادت من كيفية مقاومة الطغاة السابقين لشعوبهم الثائرة وأخذت احتياطات أمنية غير عادية والبعض من هؤلاء الطغاة يعمل جاهدا على قلب الثورة إلى حرب أهلية يطول مداها فأين نحن من أسطورة فرار رؤوس الأموال إلى بلدان عربية أخرى يتوفر فيها الأمن بل الأمر على عكس ما يلوحون به إذ أقرب الدول إلى بلوغ شاطئ الأمن ,ومن ثم الشروع في انجاز البرامج الوطنية, هي الدول التي أنجزت ثورتها و تونس من أوائلها. إن مغالطة الشعب بهذه الطريقة لا يمكن أن يمت إلى الوطنية بصلة بل هو تنفيذ لبرامج عصابات النظام البائد و لأجندات أجنبية استعمارية. إن ضبط أولويات اقتصادية وطنية هي الخطوة الأولى التي يجب على الإخاصائيين الحكوميين اتخاذها و ذلك بمعزل عن كل تدخل أجنبي و دون الأخذ بعين الاعتبار ما تريده الأنظمة الاستعمارية إذ لم توجد إلى حد الآن ثورة وطنية بنت اقتصادها و تطورها بالاعتماد على رؤوس أموال أجنبية نظرا لتضارب المصالح ثم إن الأنظمة السياسية بمختلف أنواعها, حتى و إن ارتبطت بمعاهدات إقليمية مثل الإتحاد الأوروبي, إذا رأت مصلحتها الخاصة مهددة فإنها تتخذ ما تراه مناسبا لها حتى و إن خالفت روح المعاهدة[4] إضافة إلى ذلك فإن الأوضاع الخاصة لها حلول خاصة لا تسري على الأوضاع العادية فالوضع إذن يتطلب من الجميع سلوكا وطنيا اقتصاديا[5] على اعتبار أن الوطنية ليست متعلقة بمواقف سياسية فحسب بل هي أيضا سلوك استهلاكي يتمثل في اختيار الإنتاج المحلي مهما كانت رداءته أو ثمنه و هي تضحية في سبيل إنقاذ الاقتصاد الوطني عندما تتخلى الدولة عن حمايته بموجب اتفاقيات خارجية فهذا السلوك هو في واقع الأمر حماية اقتصادية [ protectionnisme ] يقوم بها الشعب عوضا عن الدولة وتساهم الشركات المحلية في هذا السلوك عند اختياراتها الاقتصادية إن فكرة القدرة على المنافسة [compétitivité ] هي فكرة استعمارية وهي من الثقافات التي يروج لها الرأسمال العالمي ليتمكن من السيطرة على اقتصاديات البلدان النامية إذ كيف يمكن لشركة محلية ان تصل في جودة إنتاجها شركة عالمية والحال أن الشركة المحلية هي ابنة بيئتها بمختلف مستوياتها السياسية و الثقافية و حتى الأخلاقية واليد العاملة في الشركة المحلية لا يمكن أن تصل في مهاراتها الحالية المستوى الذي بلغته اليد العاملة في البلدان المتقدمة, وهذا موضوع متشابك لا نريد ولوجه الآن لأن الأمر متعلق بسياسات البلدان[6] و بنظم التعليم فيها.فالحديث عن المنافسة يجب أن يعالج بالنظر إلى المستوى الصناعي للبلد فجاز أن يدخل عامل الجودة في المنافسة بين الصين و فرنسا مثلا أو بين الوليات المتحدة و بريطانيا لأن عامل تكافؤ الفرص متاح وهو مفقود إذا اعتبرنا التنافس سيكون بين تونس و أمريكا على سبيل المثال وهذا لا يمنع من أن تكون المنافسة داخل البلاد أي بين الشركات المحلية… فتين إذن أن هناك ثقافة استعمارية تعمل رؤوس الأموال العالمية جاهدة على نشرها لأنها تشكل آلية تفكير تبعي بواسطته يمكن تحديد المسارات والتوجهات فهي ثقافة لا تحررية تمليها الطبيعة الاستغلالية للرأسمال العالمي. لا يمكن لبلدان العالم الثالث إلاّ أن تكون مستودع خردوات إذا أرادت أن تطور صناعتها المحلية بالاعتماد على الرأسمال العالمي 3. السياسة و الجودة السياسية من فضل الله على النخبة المثقفة التونسية أن تكون وريثة لثقافات متعددة تساهم في بلورة القاعدة الفكرية للبلاد ونعني بها الإسلام وما سواه يعتبر روافد تساهم في الفهم و لا تحدده وهذا الثراء الثقافي يحمّل المثقفين التونسيين مسؤولية خاصّة تجاه الأمة عامة أنها مسؤولية القطيعة المعرفية مع الماضي في جميع الميادين و إن لم تقع هذه القطيعة فإن هذه الثورة الاجتماعية الجبارة تصبح مهددة بالانتكاس خاصة إذا طغت على الساحة الفكرية طروحات سفسطائية متخمة تشابه إلى حد كبير الألغاز الصينية [casse-tête chinois] أو ألغاز الفلسفة اليونانية ـ [les paradoxes grecques ] [7] و دون أن تكون هناك دولة دينية بالمفهوم التقليدي أو بالأحرى الشيعي يجب العمل في إطار القاعدة الثقافية للبلاد على بلورة مبادئ الجمهورية وسيكون للنخبة المثقفة التونسية الأسبقية التاريخية في إقامة أول نظام جمهوري حقيقي في العالم الثالث يضمن للمواطن حريته و يكفل كرامته خاصة بعد أن أظهرت الثورة التونسية للعالم إفلاس ممارسات الهيمنة بالاعتماد على جهاز الدولة المحلي وجعله بواسطة المنح و القروض جهازا لتطبيق قرارات و سياسات الرأسمال العالمي ممثلا في الدول الصناعية الكبرى من قبيل [G8 ;G20…]. حيث ارتبطت الصناعة بالبنوك. إن هذا المنهج أدى إلى تكوين جهاز بوليسي مهمته تكبيل أي تحركات مهما كان حجمها و فرض وضع سلمي بالقوة تحت غطاء محاربة الإرهاب حتى يتمكن الرأسمال العالمي من استنزاف أكثر ما يمكن من خيرات بلدان العالم الثالث لقد تحولت الدولة المحلية إلى مجموعة من الموظفين الأمنيين تابعين لداخلية العالم المصنع مهمتهم حراسة شعوبهم و التجسس على طموحاتهم. إنّ أتعس مرحلة شهدها العالم كانت بزعامة الرئيس الأمريكي السابق ورغم أن ملفاتها لم تفتح بعد إلا أنها مرحلة دخلت في العد العكسي للانتهاء بقيام الثورة التونسية و هو ما أدخل ارتباكا لدى حكومات العالم المصنع فبقيت إما تتابع الأحداث من الخلف و إما تحاول أن تركب موجة التغيير علها تستطيع أن تنقص من حدة الوطنية فيها و هذا ما ساهم في ابراز ثلاثة كتل سياسية في العالم: 1] الولايات المتحدة الأمريكية تتزعم العالم بمفردها إلى حد ألان كقوة اقتصادية تفرض هيمنتها بالحديد و النار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وقد نشرت قواتها العسكرية في جميع أنحاء المعمورة و خاصة منها الأماكن الإستراتيجية اقتصاديا مثل مناطق إنتاج الطاقة و مناطق إنتاج المواد الأولية الضرورية للصناعة… وهذه المناطق تكون عادة مستهلكة للإنتاج الحربي الأمريكي[8]. سياسة استخدام القوة للهيمنة لم تعد تجد نفعا بل و على العكس مما يرجى منها فقد أصبحت تؤدي إلى مزيد من عزلة الولايات المتحدة في العالم ولذلك كان من المفروض , بعد وصول أوباما إلى الحكم, أن تفكر في ايجاد سياسة جديدة تستعيد بها صورتها التي اكتسبتها اثناء حرب الإستقلال[1775 ـ 1783] ودعمتها بعد الحرب العالمية الأولى[1914 ـ 1918] ثم الثانية[1939 ـ 1945] حيث برزت أثناء الحربين كمنقذ للعالم, الأوروبي عسكريا, رغم مشاركتها المتأخرة في الحربين, ثم اقتصاديا ببرنامج مخطط مارشال مارشال[1947][9] هذه القوة الاقتصادية لا يمكن ان تعيش بدون أسواق وانتاجها الحالي يجب أن يتخطى حدودها الجغرافية ويحطم كل قوة من شانها أن تشكل منافسة في السوق ولعل ابرز قوة من شأنها أن تنافسها الان هي الإتحاد الأوروبي خاصة بعد موت الإتحاد السوفيتي أو لنقل ضياعه في الصحراء[سنوات التيه لا تقل تاريخيا عن 40 سنة]. ولكن تعدد الدول في أوروبا وعدم التزامها بقرارات القيادة الموحدة سياسيا[ اليونان, البرتغال…] والاختلاف الضريبي كل هذه تشكل عوامل ضعف في مقاومة المد الأمريكي في العالم و خاصة في إفريقيا حاليا ومن هنا جاء احتواء أمريكا للثورات العربية ورغم أن الأمر قد جرى في غفلة من جواسيسها مثل أوروبا تماما إلا أنها تحاول ركوب امواج الثورة في حين أن العالم الأروبي لا يزال يتخبط في اتخاذ قرار من شأنه أن يعيد له الإعتباروللحديث صلة غن شاء الله:
بلقاسم الهمامي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ [1] http://www.pressenza.com/npermalink/les-dix-strategies-de-manipulation-de-masses وانظر أيضا: http://www.syti.net بالنسبة لشليتر و برتننج Shlyter et Bartning أنظر INGE BARTNING and SUZANNE SCHLYTER (2004). Itinéraires acquisitionnels et stades de développement en français L2. Journal of French Language Studies, 14, pp 281-299 doi:10.1017/S0959269504001802 ـ [2] انظر موقف الأكاديمية السعودية أمل عبد العزيز الهزاني لما قالت[ ربما كان التوانسة سيصبرون على حكم بن علي و تضييقه عليهم وتستحي عيونهم لو أطعم أفواههم ولكنه لم يفعل فقد يحكم المغبون و لكن من الصعوبة أن يحكم الجائع. [ الشرق الأوسط 29 يناير 2011 العدد 11750 مقال ثورة الياسمين و ثورة الزعفران بقلم: أمل عبد العزيز الهزاني أكاديمية سعودية من جامعة الملك سعود ] يمكن أن نعلق على هذا الرأي بالقول أن مثل هذا التشخيص للمرض يقود الساسة إلى حلول مغلوطة من قبيل زيادات في الأجور و تخفيض في الأسعار وهي سياسات سلكتها كل الممالك العربية بدون استثناء وللإطلاع على المقال كاملا انظر الرابط التالي: http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=11750&article=605993 ـ[3] انظر على سبيل المثال هرم الحاجيات pyramide des besoins الذي ضبطه ماسلوف Maslow [1908 ـ 1970ـ1908 ] http://semioscope.free.fr/article.php3?id_article=8 [4] انظر مقالين حول اشتراء البنك الفرنسي لأصول بنكية يونانية Spiegel online international 31ـ1ـ2010 BCE achetant les obligations grecques http://translate.googleusercontent.com/translate_c?hl=fr&langpair=en|fr&u=http://www.spiegel.de/ [5] تعريف الوطنية الإقتصادية : Le patriotisme économique désigne un comportement spécifique du consommateur, des entreprises et des pouvoirs publics consistant à favoriser le bien ou le service produit au sein de leur nation ou de leur groupe de nations[1] http://fr.wikipedia.org/wiki/Patriotisme_%C3%A9conomique [6] Baïdy Agne ; Le développement économique, il faut le voir presque comme une guerre. Et quand on rentre dans une démarche de cette sorte, il est nécessaire de rassembler toutes les troupes. ـ http://www.dakaronline.net/Il-faut-mettre-en-oeuvre-le-patriotisme-economique_a9867.htm [7] Les paradoxes de Zénon forment un ensemble de paradoxes imaginés par Zénon d’Élée pour soutenir la doctrine de Parménide, selon laquelle toute évidence des sens est fallacieuse, et le mouvement est impossible [8] انظر مقال بعنوان « الإستراتيجية الأمريكية في حماية مصالحها في الشرق » بقلم عبد الحفيظ أبوقاعود صدر في حلقتين على موقع: http://www.ammonnews.net/article.aspx?articleNO=80467 بتاريخ 16 ـ 02 ـ 2011 ـ انظر أيضا مقال : تاريخ الاتفاقيات العسكرية الامريكية الخليجية :محمد فلاح الزعبي على الرابط التالي : http://www.neworientnews.com/news/fullnews.php?news_id=21820 http://fr.wikipedia.org/wiki/Paradoxes_de_Z%C3%A9non « la science de l’État comme organisme géographique ou comme entité dans l’espace : c’est-à-dire l’État comme pays, territoire, domaine ou, plus caractéristique, comme règne. Comme science politique elle observe fermement l’unité étatique et veut contribuer à la compréhension de la nature de l’État » (Stormakterna., 1905) http://www.toupie.org/Dictionnaire/Geopolitique.htm مخطط مارشال كما يراه المعارضون في فؤنسا اhttp://histoire-geo- [9] documents.blogspot.com/2007/06/le-plan-marshall-et-la-confrence-de.html
الاعلام والاقلام والثورة
فى جو الحريات التى اقتلعها الشعب باظافره الدامية ونحورة المخضبة يجب إطلاق حركة وعي كبيرة عن طريق الإعلام النزيه والعاقل والأقلام الواعية لتوعية الشعوب بكيفية استثمار هذه الحرية وهذه من أوكد الأعمال التى تتزامن مع اطلاق الحريات العامة وهذا عمل صعب يجب بذل الجهد فيه لان الإعلام تمركز وربض وراء استاره اعداء الانسانية بمشروعهم الافسادى لصناعة عقول المشرفين عليه حتى غدا جُلُهُ غارقا اما فى مخططاتهم السياسية يبنى ليدمر، ويحمى ليتلف، ويصلح ليفسد ادواته « المجاراة والتلميع والنفاق ». وأما فى فلك التطرف والانغلاق ينشر الاخلاق وينفر ويعسر ويضيق ويفرق حائدا عن الاصل وتائها فى الفروع، وأما فى مستنقع الفساد يثبت الرذائل بسحق الفضائل تحت عنوان الترفيه والفن والإبداع، واما فى برك الالهاء والتهميش والتخدير والتغييب لحماية مخططات التدمير المجتمعى من غضبة الشعوب تحت غطاء الرياضة للجميع وهو كلام حق مزج بباطل.لان عملية الهاء الشعوب وتهميشها وافقارها وملأ الفراغ الوقتى الذى تعيش فيه مسألة فى غاية الاهمية بالنسبة لاعداء الانسانية لان الفراغ الوقتى لهذا الكم الهائل من الناس المحرومين والمحتاجين يعكر صفوة الساحة الامنية التى يسيطرون عليها ومن خلالها يسيطرون على الشعوب ولذلك تجد فى مخططات البنك الدولى التى يمليها على الدول المقهورة التركيز على مسألة البيرقراطية لتسيير الاعمال الادارية باعداد هائلة تفوق ما هو مطلوب بثلاث اضعاف تحت شعار القضاء على البطالة والحقيقة هو سجن اكبر عدد ممكن فى المكاتب والكراسي اكثر من نصف الوقت المعاش والحيلولة دون دخول هذا الكم الهائل فى عملية الانتاج التى تربك مخططات الهيمنة الاقتصادية على الاقوات والمكونات الاساسية للشعوب واما فى فخ حرية الكلمة بفضح ممارسات الحكام لتوسيع الهوة بينهم وبين شعوبهم حتى يستفرد بهم الاعداء، ويدفعهم هذا الانفصال عن الشعوب الى زيادة القهر والتغول عليها لكى يأمنوا انعتاقها وتكسير اغلالها كذلك يدمر الاعلام بالخبر والصورة المنتقاه معنويات الشعوب المهزومة ذاتيا فيعمق جرح هذا الانهزام وإن التدمير المعنوى للذوات أشد وأنكي وأضر من تأثير القنابل والصواريخ التى صبها الغرب على المسلمين بملايين الاطنان فى فلسطين ولبنان والعراق وافغانستان وغيرها ، ضف الى ذلك مما يبث من برامج الارهاب والترهيب باستعراض القوة المدمرة بطريقة غير مباشرة تحت غطاء برامج يفهم منها انها تبث الوعي وتفضح اساليب العدو وقوته وجبروته، اضافة الى الخدمات الجليلة التى يقوم بها لصالح مشروع التطبيع مع العدو الصهيونى والذي حُشد له كل العالم للاعانة عليه لانه من اهم الركائز التى تمكنهم من بناء اسرائيل الكبري الحلم الذي يسعي لتحقيقه جميع اليهود والنصاري والذي استغرق العمل الدؤوب لمحاولة تحقيقه القرون العديدة وقد اضحى سرابا عندما استفاقت الشعوب من غيبوبتها ولذلك كان الاعلام من اهم الآليات المعينة على هذا البناء الامر الذي دعاهم الى السيطرة الكاملة عليه مباشرة وعن طريق الاختراق والتحكم عن بعد بكيفية دقيقة المعالم والخطط بشكل يجعل المنفذين يحسبون انهم يحسنون صنعا بما يلبس عليهم من الدسم الذي يخفى تحته السم الزعاف وها هو نص مخطط المشروع الافسادى بالحرف الواحد يقول » لكى نبعد العوام عن ان تكتشف اى خط عمل جديد، سنلهيها بأنواع شتى من الملاهى والالعاب ومزجيات ملء الفراغ والمجامع العامة وسرعان ما سنبدأ الاعلان فى الصحف داعين الناس الى الدخول فى مسابقات شتى من كل نوع، كالفن والرياضة، وما اليهما، وهذه المتع الجديدة ستشغل أذهانهم وتذهلهم حتما عن التفكير فى المسائل التى ستضعهم فى مواجهتنا اذا انشغلوا بها »، وهو ما نراه الآن مطبق بحذافيره فى برامج وسائل الاعلام التى تشرف على جميعها هيئات التخطيط الممتطية لظهر الغرب اشرافاً كاملاً إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة أو بالاختراق وغيره من الوسائل التى برعت فى إخفائها بحكم دقة التخطيط وطول التجربة وقد جاء فى البند الثانى لهذا المخطط ما نصه » بين يدي الدول اليوم قوة عظيمة هى التى تصنع افكار الناس وتوجهها الا وهى الصحافة وان حرية الكلام قد ولدت مع الصحافة غير ان حكومات الاميين لم تعرف كيف تسخر هذه القوة فسقطت فى ايدينا فمن خلال الصحافة حزنا سلطة توجيه البشر وقوة التأثير عليهم ونحن فى الظل وخلف الستار ». ونستثنى هنا كل إعلام حر ونزيه وكل قلم مخلص وهم قليلون، فهؤلاء القلة المخلصون هم المعول عليهم فى التكاثر واعادة بناء هيكلة المنظومة الاعلامية ببروز بدائل سليمة الاسس والمناهج للمساعدة على نشر وعى مرحلة التحرر وثقافة التنمية الحضارية بمفهومها الشامل وثقافة الحماية لان المرحلة دقيقة ويجب التعامل معها بحكمة بالغة والا سوف يكون الانعتاق وهمياً وتطول مدة الهيمنة على الشعوب بطرق جديدة تبدو حضارية بـِـطـُـعْـمٍ سلسٍ يسهل ابتلاعه كما ابتلعت الشعوب من قبل طـُـعـْـمَ الاستقلال ورقصت فوق امواج تصفية الاستعمار، فخابت آمالها وتبخرت احلامها وهذه هى فرصة من اعظم الفرص لاكتمال الانعتاق التام وبناء أسس الاستقلال الحقيقي الذي سيكون حجر الاساس لاستقلال شعوب العالم بما فيها الشعوب الغربية الخيرة فى عموم توجهاتها الذاتية والمأسورة بطريقة تبدو حضارية فى سجون الشراذم الضالة المعروفة والتى تقودها الى الهاوية وهى لا تدري. وقد لعب الاعلام الممنهج دورا هاما فى عملية اسرها واختراق عقلها وتوجيه مسارها وهى عند العقلاء ليست افضل حال من شعوبنا المقهورة بالاستبداد الهمجى. وخوفنا الشديد هو ان يُلتف على ثورة الشعوب ويُغير الغرب آليات حكمه الى استبداد بلا رائحة ولا طعم ملفوف فى قوالب حضارية كما هو حاله الان مع شعوبه المأسورة والتى نتوهم نحن انها حرة نتيجة الخلل الذي احدثه الاختراق المعلوماتى فى عقولنا. هذه رسالة مختصرة ارسلها الى عقول المخططين لاستراتيجية مرحلة التحرر والانعتاق…. ولا يفوتنى بهذه المناسبة ان انبة اصحاب الاديولجيات الى ان التلويح بالشعارات العاطفية والثورية الجوفاء والخالية من الخطط العملية لحل الاشكالات والمازق التى تعصف بالمجتمع وتعوق تقدمة الحضارى هذة الاشكالات ليست فقط مختزنة فى تحسين الوضع الاجتماعى واطلاق الحريات فهنالك آليات اساسية مساعدة على النهوض العام الذى لن يتم الا اذا وقع اعادة بناء منظوماتها حيث كانت هذة الاليات محلا لتنفيذ المخططات التدميرية الغربية المعيقة لنهضة الشعوب وهى مسالة الهوية العربية الاسلامية و المنظومة الثقافية والاعلامية ومنظومة التعليم وهذا المثلث المتحكم فى الهزيمة والنصر لمبادىء الثورة سوف يشهد صراعا سلميا اكثر حدة من الصراع السياسى وبالامكان تجنب هذا الصراع المعيب بتخلى اصحاب الاديولجيات عن مواقعهم الحزبية والفئوية والانخراط فى المشروع الاصلاحى للشعب التونسى المسلم من مواقع خبراتهم، وعليهم ان بنتبهوا ويفتحوا اعينهم وعقولهم ليتيقنوا أن عملية التغريب التى كرست على الشعب منذ عقود من الزمن لم تؤثر فى جوهر اسلامه وانما غيرت بعض القشور وسترجع المياه الى ينابعها الاصلية لتخرج صافية زلالا فى ظرف وجيز ولذلك فان مراهنة الفئة القليلة جدا على الاستمرار فى طمس هوية الشعب المسلم هى خاسرة ولم يعد لها مكان فى تونس خاصة وان هذا الشعب بدا يستفيق من غيبوبتة وسوف يعرف معرفة اليقين ماهية من يقفون وراء هذة الاطروحات ونحن مشفقون عليهم لانهم من ضحايا الاختراق المعلوماتى وقد جنت عليهم مصادر التلقى فلا يمكن لا عقلا ولا نقلا ولا ذوقا ان نقف منهم موقفا معاديا بل موفق التعاون والنصح والترابط على المصالح العامة للشعوب ولذلك لم تعد تنفع الان قضية الاستيلاء على المواقع والفضاءات للتاثير فى الانتخابات وفى المسار العام فهذة اليات كانت نافعة فى موازنات النظم الاستبدادية اما الان فان تونس اصبحت بيضاء ناصعة ليلها كنهارها تظهر فيها بجلاء كل نقطة سوداء مهما صغر حجمها وقل ضررها. ونحن نستغرب من غياب هذه الحقائق عن عقول (فرسان الحركة الثقافية) وخاصة منهم ازلام النظام الاجرامى الاستبدادى الذين يُعُدُّهم القانون مشاركين مشاركة فعلية فى كل الجرائم التى ارتكبها بن علي وهم الان يحاولون اعادة الانتشار مستغلين وجودهم فى الاماكن الخلفية لدفة الحكم المؤقت ، كيف يغيب عنهم ان فى كل بيت تونسي شاب واعى من شباب الثورة، على ماذا يراهنون؟! سؤال يحيرنى وليس له من جواب، الا النداء الذي وجهته فى مقال سابق الى القوى الاستعمارية الغربية بان يرفعوا ايديهم عن الثورة التونسية فهى فى بدايتها و(مشوارها) ونفسها طويلان. د. عبد الآله المالكي Malki1001@hotmail.com www.abdelilahmalki.com
تداعيات انتفاضة14جانفي2011 فصول من مؤامرة مافيا الداخل على السلم الأهلي-ويكيليكس قصرهلال
مراد رقية
لقد بدأت فصول المؤامرة تنكشف يوما بعد يوم برغم التعتيم الاعلامي المقصود ومحاولة اختصار ماحدث في مجرد تصفية حسابات بين سكان أصيلين ضاقوا ذرعهم بتجاوزات »عصابة أولا الشيخ » التي حاولت أن تخضع لارهابها وصلفها أهالي الأحياء الطرفية من قصرهلال المعروفة اصطلاحا ب »منطقة2″و »منطقة3″؟؟؟ 1-حيتان قصرهلال وتحالفهم مع العائلتين المتنفذتين خلال العهد البائد: لم يعد خافيا على أحد وجود ارتباطات مصالح من الدرجة الأولى بين عديد حيتان قصرهلال المختصين في تجارة الحاويات عبر الشرق الأقصى،وعبر بوّابة دبي،وبين العائلات المتنفذة المسيطرة على هذا القطاع بعد اخضاعها للسلط الجمركية.وقد تبين بأن العديد من الحيتان المحليين قد تضرروا من تداعيات الثورة بسبب حجز حاوياتاهم بميناء رادس،أو بسبب عدم امكانية استرجاعها لانتفاء ربحية العمليات بعد اعادة اخضاع الواردات الى التعريفات المتداولة وحرمان الشبكات من حماية العائلات المتنفذة وأعوانهم،وقد كشفت التحريات بأن بعض هؤلاء الحيتان يحتفظ لبعض رموز النظام البائد ببعض الأصول من أموال وسيارات و؟؟؟؟ 2- مؤامرة أذيال النظام البائد منتسبي التجمع(الأحباش): لقد كشفت عديد المعطيات بأن أذيال النظام البائد من المنتسبيت للتجمع الدستوري المنحل قد قرروا استغلال حالة الفراغ السياسي والأمني والاداري بالمدينة لتجهيز احتفال ولو جزئي بذكرى2مارس1934 استعراضا للعضلات مستغلين في ذلك ما يتوفر لهم من علاقات داخل الجهة والمدينة،وقد دعوا لهذه المناسبة وجوه من خارج الجهة،وخاصة من العاصمة لم يقع الكشف عنها،ولم يتراجعوا عن ذلك الا بعد أن وقع تهديدهم بأن شباب مدينة قصرهلال سيتصدون لهم بالحجارة وبأنهم لن يترددوا في ازالة واقتلاع تمثال الرئيس بورقيبة الموجود بالمدينة مع العلم بأن هذه العناصر التجمعية الهلالية مازالت مطلقة اليدين وتحاول مواصلة الظهور بالساحة،وتتردد على مكتب معتمد المدينة الذي كانت على صلة وثيقة به منذ مرحلة ما قبل14 جانفي2011؟؟؟ 3-فساد الهيئة البلدية وبخاصةرأسها: لقد كشفت بعض التسريبات بأن بعض حيتان قصرهلال المدعومون بالفتوات المتفرّغة والذين لم يتمكنوا من تحقيق كل مآربهم في مرحلة ماقبل14جانفي حتى عبر رشوة الهيكل البلدي التجمعي حصولا على لزمة من لزم الأسواق البلدية دخلوا على الخط وحاولوا عبر تأجير بعض الفتوات المبادرة ببناء كشك في منتزه النافورة للضغط على الهيكل البلدي والزامه باعادة ما دفع له من تبرعات سخية تدخل في اطار الفساد الاداري والمالي؟؟؟ولعل من مظاهر هذا الفساد الاداري المستشري الذي لم يجعل متساكني المدينة يضعون حدا لعمل الهيئة البلدية التجمعية الفاسدة في مرحلة مابعد14 جانفي2011 الاتفاق الذي كان قائما بين رأس الهيكل والكاتب العام أصيل مدينة المنستيربهدف شراء كل حاجيات المؤسسة من المنستير حصولا على بعض المكافئات مما دفع البعض من الداخلين على الخط الى رفع لافتة تنادي بوجوب رحيل الكاتب العام الذي تميّز بتعنفه على الأهالي المترددين على المؤسسة البلدية،وباساءة معاملتهم بتغطية من معتمد المدينة الذي لم ير ما نعا من الثناء عليه برغم كل هذه المساوىء؟؟؟ 4- بعض حيتان قصرهلال ودورهم ك »سوجيقات »للفتوّات؟؟؟ لقد بلغني بأن أحد حيتان قصرهلال أخذ على عاتقه استقبال الفتوات في منزله،والمبالغة في اكرامهم أكلا وشربا كحوليا ليوظفهم في انجاز عديد المهام الموازية مثل التدخل في التعيينات التجمعية منذ تصفيات30 مارس2010 وفي الحصول على اللزمات خاصة لزمات مكوس وسط المدينة وهو يوفر لهم ما يلزم من المال للاتجار حتى في الممنوعات مما يكشف عن خطورة هذا النوع من الحيتان المتميزبمحدودية مستواه الدراسي وتكديسه للأموال السهلة التي يوظفها في الأغراض المشبوهة،وخاصة في تصفية حساباته الشخصية محليا،وحتى في تمويل أعمال الشغب الأخيرة بمدينة قصرهلال التي أريد لها بأن تقدّم وتظهر كمجرد تصفية حسابات بين عصابة »أولاد الشيخ » وشباب قصرهلال الذي ضاق ذرعا بأعمال النهب والسلب والاعتداء على الأخلاق الحميدة ومصدرها هذه العصابة التي تأكد عبر أكثر من مصدرعلاقتها بحيتان قصرهلال الذين يريدون ارتهان المدينة والسيطرة عليها وتوجيهها لمصالحهم الخاصة حبّ من حبّ،وكره من كره مستغلين في ذلك ما يتوفر لهم من أموال ومن علاقات ادارية وأمنية وسياسية بدون أن يتغافلوا عن محاولة اثارة الفتنة بين متساكني المكنين وقصرهلال عبر نقل اشاعات مغرضة للطرفين هدفها الوصول الى تصادم الطرفين عبر الأحداث الأخيرة ،ثم الدخول على الخط ومحاولة تقديم أنفسهم كوسطاء تغطية على جرائمهم وتجاوزاتهم في العهد البائد؟؟؟؟ 5- استعمال مغازة »كارفور-ماركت » هدفا مميّزا لانطلاق أعمال الشغب في أكثر من فصل في الأحداث الأخيرة وبداية من 14 جانفي؟؟؟ يعلم الجميع من أهالي قصرهلال بأن هذا الفضاء هو مؤجّر من قبل عائلة الديماسي التي ينتسب اليها رئيس البلدية الحالي الى شركة « شامبيون » ثم »كارفور-ماركت » لسداد ديون متخلدة بذمة العائلة للمؤسسات البنكية،وبرغم تنصيص قانون التهيئة العمرانية بعدم امكانية تركيز مثل هذه الفضاءات التجارية في شعاع أقل من خمس كيلومترات خارج المدينة ،فان رئيس البلدية قد أصرّ على تمكين السلسلة التجارية من هذا الموةقع برغم ما كان لذلك من تداعيات على انسيابية حركة المرور المتعثرة أصلا؟؟؟ ما هو اذا سبب تركيز العصابات المأجورة خلال الأحداث الأخيرة على مغازة كارفور-ماركت،السبب هو وجود خلاف عميق بين أحد حيتان قصرهلال ذي العلاقات المميزة مع الفتوات ،وخاصة مع « عصابة أولاد الشيخ » ورئيس المجلس البلدي صاحب المصلحة هو وعائلته في بقاء الفضاء التجاري في ذلك المكان،فسعى ذلك الحوت موظفا صبيانه وفتواته مؤلبا اياهم على تلك المغازة نظرا لما تزخر به من منتوجات وتجهيزات يمكن أن يستفيدوا من بيعها بعد الاستيلاء عليها فوقع منعهم من ذلك عبر بعض عناصرحماية المدينة فاغتاظ الجماعة من الحيلولة دون استيلائهم على مغازة كارفور-ماركت واضطروا الى تحويل اتجاههم الى متساكني الأ؛ياء الطرفية(منطقة2) و(منطقة3) عساهم يظفرون هناك بما لم يظفروا به في وسط المدينة عبر استباحة المغازة،فكان ما كان من شغب وسلب ونهب دبّر بليل كما يقال ودخلت على الخط أذيال التجمع بالمدينة التي سعت الى استغلال ذكرى2مارس1934 لاقامة حفل أو مسيرة تذكارية دعيت لها أطراف من خارج المدينة لم يكشف عنها؟؟؟ ان أ,ضاع مدينة قصرهلال كانت متردية قبل14جانفي بسبب محاصرتها سياسيا واداريا وخدماتيا تصفية لحسابات غير معلنة،وقد ازدادت أ,ضاعها سوءا لا ستباحتها من قبل الحيتان المتورطين مع العائلات المتنفذة للعهد البائد،هذه الحيتان التي وظفت امكانياتها المادية وفتواتها لتفرض ميزان قوى يخدم مصالح القلة الجاهلة الفاسدة على حساب مصالح الغالبية؟؟؟والغريب في الأمر أن بعض المتورطين في هذه الأ,ضاع ظهروا خلال أحداث الشغب في الصورة مع السلطة الجهوية الجديدة باعتبارها واسطة خير،أ, مفاوضين بين الشباب الهلالي وعصابة « أ,لاد الشيخ »،فالى متى تظل الغالبية صامتة وتكتفي بلعب دور الوقود لهذه الحيتان الفاسدة المتغولة؟؟؟؟
لا للتمثيل بالحجاب
قال تعالى: [وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ]، فالأمر هنا للمؤمنات بغضّ البصر وحفظ الفرج وإخفاء الزينة إلاّ عن أصناف سمّتهم الآية، وبيان وسيلة الإخفاء ومنها الخُمر على الجيوب أو ما بيّنه الشارع الكريم ممّا فاضت به الكتب الفقهية التي يمكن الرّجوع إليها، ومجمل ما فيها أن يكون الثوب سابغا (أي ساترا لجميع البدن)، لا يصف (لا يظهر تضاريس البدن) ولا يشفّ (ثخينا، لا يظهر لون بشرة أو لون ثوب داخلي)، وليس زينة في ذاته فإنّ « من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلّة يوم القيامة » كما جاء في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد ذهب بعض العلماء إلى عدّ ذلك (أي الثوب الزينة) من الضرب بالأرجل قصد التنبيه إلى ما خفي من الزينة؛ وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: [وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ]… رأيت التعريج من جديد على هذا الموضوع الحسّاس، وأنا أرى نِعَمَ الله تُبسطُ في البلاد بفضل الله ثمّ بفضل ما بُذل من الجهد عن طريق مقاومة الظلم والإفساد… وقد استوقفني ما كُتِب بشأن الحملة الوطنية لمساندة ودعم حقّ المرأة المحجّبة في تونس، وقد رأيت أنّه ما كان ينبغي للتونسيات أن ينتظرن – بعد الثورة – تعليمات ممّن لا يخاف الله سبحانه وتعالى حول طريقة لبسهنّ، فإنّ أوامر أو مناشير صُنِعت أو صيغت إبّان تواجد المغيّرين الفاسدين قد بطُلت كلّها بمفعول هروب الشرّ من البلاد. ولقد تعجّبت كيف تُقبل صورُ نسائنا المحجّبات لاعتمادها في الأوراق الرسميّة (جواز سفر، بطاقة هويّة) هنا في بلاد الغرب حيث لا يدين الحكّام بالإسلام ولا يعترفون به في بعض الأقطار، ويُمنع نساؤنا في تونس وغيرها من البلاد الإسلاميّة من إصدار أوراقهنّ الثبوتية بالصورة والزيّ المحترم الذي يخترنه. وتعجبت أكثر لجُرأة جهاز (مهما كان هذا الجهاز) وتجرّئه على منع حقّ فطري طبيعي، وهو يرى مآلات الظالم وثمرة الظلم ماثلة بين عينيه… أحسب أنّه لا بدّ من الاعتذار لنساء تونس ولا بدّ من التعويض لهنّ عمّا طالهنّ من اعتداءات لا يرتكبها في حقّهنّ إلاّ فاقد ضمير وناقص دين وعديم تديّن!.. وإذ أؤكّد على حقّ المرأة المسلمة في ارتداء حجابها الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، فإنّي أدعو بعض النّساء المحجّبات إلى مراجعة موقفهنّ من الحجاب ودعوتهنّ إلى الإقلاع عن التمثيل به؛ فإنّ المثُلة في الإسلام حرام!… فلقد كثرت صور سيّئة مسيئة للحجاب ولمرتديته ولذوي مرتديته وللإسلام عموما حتّى بتنا نرى حجابا شتويا وآخر ربيعيا وثالث صيفيّا دون أن نرى منها جميعا حجابا شرعيا!.. بل لقد بتنا نخشى على أنفسنا الفتنة من « المتحجّبات » أكثر ممّا نخشى من مظهرات الزينة غير المتحجّبات!.. وقد زاد الأمر تعقيدا تبنّي بعض القنوات المحسوبة على الإسلام والإسلاميين التبشير بالحجاب الموضة الشفّاف الفاضح المتبرّج كما تفعل مثلا قناة « إقرأ »، وقد زاد الأمر اشتباها تصريحات بعض المشايخ الذين وجدوا ظهورهم ونجاحهم بصحبة أولئك « المتحجّبات النماذج »… لقد تعرّضت المرأة إلى الكثير من المضايقات والتضييق في الرّزق وفي الحياة؛ ما دفعها إلى تغيير شكل حجابها (زيّها الإسلامي) اتّباعا لمنطق ما لا يُقدَر على كلّه لا يترك جلّه، ولكنّا اليوم – وقد شاء الله سبحانه وتعالى لعباده الحريّة والنّجاة من الظالمين المغتصبين – قد لا نجد للنّساء الراغبات في الحجاب عذرا في عدم السعي لإتقان هذا الحجاب والمحافظة عليه كما كان دليل عفّة وقناعة واتّباع، ولنعلم أنّ الله لا يقبل من العمل إلاّ ما كان خالصا صوابا وأنّه مع المتّقين، فلنحرص على الإتقان ولنتّق الله في لباسنا، والله من وراء القصد!… عبدالحميد العدّاسي الدّنمارك في 13 مارس 2011
صمت الكلام وتاهت الأشواق
صمت الكلام وتاهت الأشواق
ومضى اللقاء وحل فينا فراق وتسربلت آهاتنا بدموعنا فإذا العيون دمعها رقراق وإذا مصابك يا اخي مصابنا وإذا النفوس إلى الأسى نتساق جرح تفتح برحيلك أمنا والجرح فينا مفتح رتاق بالأمس كانت جراح نأي حارق واليوم هجر بالقضاء يساق الله يرحم امنا ويجلها ويهدي قلب شاعر خفاق كم كان خط حروفه بشجاعة واليوم صبره عنده الترياق وايمانه ان الحياة محطة والموت آت والنفوس تراق هداك ربي سيدي يا شاعرا كم حل فيه الصبر والإشفاق صبرا عهدتك (قاسمي ياعربي) يا علما نثباته خفاق رحم الإلاه امنا يا صاحبي وسقاك بردا دونه الأشواق جمال الدين احمد الفرحاوي لندن في 11 مارس 2011 اخي الحبيب عربي يشهد الله اني لم اسع بنبئ وفاة والدتك رحمها الله الا قبل كتابة هذا النعي الشعري بدقائق وذلك عبر الأنترنت ةيشهد الله انياحسست اني افقد كل احبتي من جديد صبرك الله ورزق امنا الجنة ان شاء الله اخوك وحافظ ودك جمال farhaoui jamel eddine ahmed
ما لا يعلمه العلمانيون « التوانسة »
أقرأ كثيرا عن العلمانيين التونسيين بأصنافهم: الذين يجاهرون ويعتزون بعلمانيتهم، والذين يخفونها ويتسترون بحجاب من الوطنية، والذين يجهلون معنى العلمانية وهم عمَلِياًّ علمانيون. والمشكلة في تونس أن عشرات السنين من علمانية النظام الرسمي حفرت في أذهان التونسيين أفكارا وردية عن العلمانية الغربية، وأفكارا أخرى مخيفة عن الإسلام، ومفاهيمَ مخالفةً تماما لقيمه وحقائقه الصافية الراقية. ما يجهله كثير من العلمانيين التونسيين أنهم أبعد ما يكونون عن فهم نصوص الإسلام ومقاصده الشرعية، وما يظنه العلمانيون التونسيون وخاصة المتحزبون منهم، وهم مخطئون حتما، أن الخطاب الديني هو ذاك الذي يسمعونه من النهضويين. ما يظنه العلمانيون التونسيون أيضا أن الإسلام بشموليته لا يختلف عن غيره من الأديان التي جرفتها العلمانية منذ زمن، واقتلعت أظفارها، وعزلتها في الأديرة والكنائس. لذلك ولغير ذلك..، نسمع في عصر الثورة أصواتا ترتفع بالتحذير من التيار الإسلامي، وتذكر بحدود الرجعية، وتدعو إلى تقديس مكاسب المرأة في سنوات الانفراد العلماني. فهل تريد هذه الأصوات أن تُبقي على الأغطية والحجب التي طمس بها نظام الحزب البائد أعيُنَهم عن الحقيقة. ليعلمِ العلمانيون من ألطفهم إلى أعنفهم أن الإسلام كالشمس يُشِعُّ على الكون متى ما تنقشع السحب، ويلِج نورُه إلى البيوت والغرف، ويجتذب الأجسام الباردة ليملأها حرارة وإيمانا، ويكشف الطريق من بعد ظلمة الليل البهيم للحائرين والتائهين. ولن يكون أمام العلمانيين في قريب أيامهم إلا أن يقفوا أحد موقفين: إما الإيمان والاتكال على خالق الموت والحياة ومدبر الأكوان والعمل بأوامره سبحانه، أو رفض العقيدة والشريعة الإسلامية في آن معا وإبداء المفارقة لدين الشعب التونسي. أدعو الطائفة العظيمة من العلمانيين التوانسة إلى طي كتب العلمانية الغربية وفتحِ أعيُنهم على واقع البلاد العربية اليوم وإلى حسن قراءة الثورات المتتالية فيها، والتي انطلقت من تونس ومن مناطقها الظليلة بالذات. فالمستفيدون من هذه الثورات في المقام الأول هم من تدعونهم الإسلاميون ثم الفقراء ثم الصادقون من كل الفئات، والفائدة الأولى التي جناها الملايين في البلاد العربية هي الحرية بمعناها الديني لا بعناها العلماني، تلك الحرية التي تفتح الأذهان وتنير الأفكار وتكشف حقائق الأمور دون خوف من طمس. أقول للعلمانيين رواد التبعية للغرب أن مفاهيم العلمانية ومكتسباتها الفكرية لا تصمد أمام الفكر الإسلامي المتجدد، وأنه قد آن الأوان لتسمعوا عن ضعف منظومات الغرب الفكرية وكذبها ما لم تسمعوه من قبل. ولا تظنوا أننا في تونس عاجزون عن الإبداع السياسي والثقافي الإسلامي السليم. فمبتكرات الغرب « المعجِزة » من ديموقراطية وحداثة وعقلانية ومدنية وحرية وحقوق إنسان، و… تكتسي بعد عرضها على ميزان الإسلام معاني ومفاهيم أخرى غير التي يضفيها الفكر الغربي، مفاهيم أخرى هادئة وواقعية ومفيدة ومقنعة وصادقة، مفاهيم متوافقة تماما مع التراث الإسلامي الذي ضللتم تصارعونه طيلة سنوات التطعيم العلماني « البورقيبي ثم الزِّيني ». ليفهم العلمانيون التونسيون، سياسيون كانوا أو حقوقيون أو أشباه فلاسفة، أن تمام الحرية التي تريح أعصابهم وأذهانهم هي تلك التي تسوقهم إلى العلوم الصحيحة الثابتة سواء كانت رياضية منطقية، أو لغوية أصيلة، أو تاريخية موثقة، أو دينية منصوصة ودلالية. وحتى لا تفْرِق قلوب العلمانيين السياسيين التوانسة بالذات أقول إن قيادة النهضة السياسية لن تكون صمام أمان لمشاريعكم الفكرية والثقافية، ولن تكون مرتكزا لحكم استبدادي جديد، فلن تصوغوا دستورا محجّرا للفكر، ساداًّ لأبواب الاجتهاد أو مانعا لدعوة الحق. وإننا نظنكم حفظتم الدرس، فالمنع والحجر على الحريات لم يعد مقبولا، خاصة أمام أنوار العقل المتنبه لآيات الحق سبحانه. وأخبركم بأننا لن نسلِّم لكم بأمر حتى تسلموا لنا ولشعب تونس بأمرين هما القرآن والسنة الصحيحة، فإن خالف ما تطلبون هذين الأصلين فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولكم علينا ألا نطالبكم إلا بما يتحمله العلم والمنطق، فلا وقت لدينا لنضيعه في المهاترات الفارغة واللهث وراء الفزاعات الفكرية والقانونية الدولية. أيها العلمانيون إن أردتم ونحن نتمنى ذلك، التزمنا وإياكم بعدم مهاجمة أحدنا الآخر، بل يعرض كل منا بضاعته على الشعب الحر، وإذا سعى أحدنا إلى الآخر فبالحسنى، وإن أبيتم فلسنا نخشاكم لشيء أو على شيء وما عند الله خير وأبقى، وإنما أنتم الذين تخشون على المناصب والأموال، فاختاروا، وسوف نقرأ أجوبتكم في مقالاتكم وتصريحاتكم. وإلى لقاء آخر. لبيب الفاهم
كي لا تبتذل الثورة
د. فهمي هويدي
موضوع التظاهر في قلب القاهرة أصبح يحتاج إلى مراجعة وضبط، حتى لا يتحول ميدان التحرير من ساحة ورمز للثورة إلى بؤرة لتشويه الثورة وابتذالها. لست ضد مبدأ التظاهر في الميدان ولكن دعوتي تستهدف مجرد مراجعة وضبط العملية. ولعل البعض يذكرون أنني كنت قد دعوت إلى استمرار التظاهر كل يوم جمعة فيما نشر لي في هذا المكان يوم 2/3 تحت عنوان «استمرار التظاهر واجب الوقت». وهذه الدعوة أطلقتها أثناء وجود السيد أحمد شفيق رجل مبارك على رأس الحكومة. التي ضمت بعض وجوه النظام السابق. وكان هدف الدعوة هو التضامن مع المطالبة الشعبية بإقالة رئيس الحكومة واستبعاد تلك الوجوه، لإعلان القطيعة مع ذلك النظام. وقد كان التظاهر – ولا يزال – هو الصيغة الوحيدة المتاحة للتعبير عن رأى الشارع ومخاطبة السلطة. كما أن الميدان أصبح المنبر الوحيد المتوفر لإعلان صوت الشارع. إذ لم يعد سراً أن النظام السابق دمر أغلب مؤسسات المجتمع المدني بحيث لم تعد لدينا أحزاب حقيقية ولا نقابات مهنية أو اتحادات عمالية، رغم أن لدنيا ما لا حصر له من اللافتات التي تحمل تلك المسميات. بعد إزاحة حكومة مبارك واستبعاد رجاله تحقق أحد المطالب الأساسية للثورة، خصوصاً حين رأس الحكومة شخصية موثوقة اكتسبت شرعيتها من انتمائها إلى المتظاهرين في ميدان التحرير، وهو ما يطرح سؤالين هما: كيف يمكن الإسهام في إنجاح مهمة تلك الحكومة؟ ثم كيف يمكن أن يظل الشارع حاضراً ومساهماً في الضغط على السلطة لتحقيق بقية المطالب المشروعة؟ اقتراحي المحدد كالتالي: أن يتوافق ممثلو جماهير 25 يناير على مجموعة من المطالب الأساسية للمرحلة المقبلة (حبذا لو أدرجها رئيس الوزراء في برنامج حكومته) منها مثلاً: إطلاق الحريات العامة بما في ذلك حرية تشكيل الأحزاب لاستعادة الحيوية السياسية قبل الانتخابات التشريعية القادمة ــ إلغاء قانون الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ــ محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين وتطهير جهاز أمن الدولة.. الخ. وفي حالة الاتفاق على هذه العناوين أو غيرها وعلى آجال تنفيذها، تتوقف المظاهرات تماماً، في حين تستمر الجهات التي تمثل جماهير الميدان (مجلس أمناء الثورة والائتلاف مثلاً) في متابعة الموقف ومراقبة التنفيذ. ولها أن تدعو الشعب إلى التظاهر مجدداً إذا تبين أن هناك إخلالاً بما اتفق عليه، ويستمر الأمر كذلك إلى حين يتم انتخاب مجلس نيابي جديد يمثل إرادة الشعب. إن التزام الحكومة بتنفيذ مطالب الشعب، ينبغي أن يستتبعه انفضاض الجمع المرابط في ميدان التحرير تمهيداً لإعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية في العاصمة وفي غيرها من مدن الثورة. وسيساعد على ذلك كثيراً لا ريب أن تظهر الشرطة لكي تؤدي واجبها في إعادة الانضباط إلى الشارع ووقف الانفلات الأمني الذي أصبح عبئاً على المجتمع وعلى الثورة. أدري أن ثمة مجموعات ظلت مصرة على البقاء في ميدان التحرير، تتراوح أعدادها ما بين 300 و500 شخص، وهذه المجموعات تنقسم إلى فريقين، فريق الشبان المتحمسين الذين يعتبرون أن بقاءهم في الميدان هو الضمان الوحيد لتنفيذ مطالب الثورة، الفريق الآخر يضم أعداداً من العاطلين عن العمل الذين اعتبروا أن انتظامهم في الميدان بمثابة وظيفة بديلة لهم. وإلى جانبهم آخرون تعاملوا مع الميدان بحسبانه سوقاً يروجون فيها بضاعتهم ويرتزقون منها. وأغلب الظن أن هؤلاء وهؤلاء لم يكونوا من ثوار الميدان لا في 25 ولا في 28 يناير، وإنما التحقوا به بعد ذلك، إما بدافع من الحماس أو الرغبة في الانتفاع. إذا اعتبرنا أن وجود المتحمسين في الميدان من قبيل ممارستهم لحقهم القانوني في التظاهر السلمي الذي يمكن أن يستمر لبعض الوقت، فإن وجود غيرهم من البلطجية والباعة الجائلين يعد نوعاً من ابتذال الميدان الذين ينبغي التعامل معه بحزم. ولا أجد سبباً للتسامح معه من جانب جهات الاختصاص في السلطة. لقد سارع البعض إلى إعلان ضيقهم واستيائهم من المشهد الراهن في ميدان التحرير، فظلموا الثورة بذلك التسرع، لأن الثوار الحقيقيين هم الذين حافظوا على الميدان، وغيرهم هم الذين قصفوه حيناً وابتذلوه في أحيان أخرى.
(المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 13 مارس 2011)
تفرقة ‘اعلامية’ بين الثورات
عبد الباري عطوان سألت الصحافية البريطانية سو اللويد روبرت التي تعمل في محطة تلفزيون ‘بي. بي. سي’ مسؤولاً سعودياً كبيراً في السفارة السعودية في لندن عما اذا كانت بلاده ستشهد مظاهرات مثل بقية الدول العربية الاخرى. فأجاب بانه لا يستبعد ذلك ولكنه لا يتوقع ان يكون لها اي تأثير، وعندما استفسرت عن اسباب اطمئنــانه الملحوظ والراسخ، قال لها وابتسامة عريضة على وجهه: السبب بسيط وهو انه لن تجرؤ اي قناة عربية او اجنبية على تغطيتها وبث وقائعها مثلما حدث في مصر وتونس ويحدث حالياً في ليبيا. تذكرت كلام هذا المسؤول السعودي يوم امس، وانا اقلب معظم المحطات التلفزيونية بحثاً عن تقرير او خبر عن مظاهرات احتجاج دعت اليها جهات سعودية معارضة للنظام، او حتى الاستعدادات الامنية المكثفة للتصدي لها في حال قيامها، ولكن دون جدوى، كل ما عثرت عليه هو اخبار مقتضبة جداً، وغير مصورة، عن مظاهرات وقعت في المنطقة الشرقية حيث تتركز الاقلية الشيعية، واصابة ثلاثة اشخاص بجروح نتيجة اطلاق رجال الامن النار على المتظاهرين. الصحافية البريطانية المذكورة حصلت على تأشيرة دخول الى المملكة لاجراء سلسلة من التحقيقات عن المرأة السعودية، وبعد انتظار دام اكثر من ستة اشهر، وعندما علمت بانباء مظاهرات الهفوف والقطيف في منطقة الاحساء ذهبت الى هناك وصورت هذه المظاهرات، ولكنها فرحة لم تكتمل، فقد هاجمتها مجموعة من رجال الامن وصادرت جميع الافلام، واقتادتها وزميلها المصور رهن الاعتقال الى مدينة الرياض حيث جرى تسفيرهما على أول طائرة مغادرة الى لندن. هذه الواقعة تؤكد ان هناك ‘تفرقة سياسية’ في تغطية الثورات في الوطن العربي تمارسها بعض محطات التلفزة العربية والامر هنا يتوقف على اعتبارات عديدة، بعضها يعود الى عامل النفط، والبعض الآخر ‘جغرافي’، وثالث له علاقة بامريكا، ورابع ‘طائفي’ واحيانا يتداخل اكثر من عامل في هذه المسألة. بمعنى آخر هناك ‘ثورات حميدة’ واخرى ‘خبيثة’ في نظر الفضائيات العربية والاجنبية، الاولى تتطلب الدعم المفتوح على الاصعدة كافة، والثانية يجب ان يتم التعتيم عليها، وتطويق فعالياتها، والامتناع عن تقديم اي دعم اعلامي او سياسي لها بكل الطرق والوسائل. المتظاهرون في البحرين يشتكون مر الشكوى من اهمال الفضائيات العربية لهم، ويقولون انهم يثورون للاسباب نفسها التي ثارت من اجلها الجماهير المصرية والتونسية والليبية. ويتمسكون بالطابع السلمي والحضاري لاحتجاجاتهم، ويطالبون بالاصلاح السياسي. وليس تغيير الحكم، ومع ذلك يواجهون بالاهمال واللامبالاة، واذا حصل خروج عن هذا الوضع، فعلى استحياء شديد. ‘ ‘ ‘ الاشقاء في اليمن يولولون، ويقولون انه اذا كانت ضخامة اعداد المتظاهرين هي التي تغري الفضائيات لتكثيف تغطياتها للثورات، فان الملايين يتظاهرون في صنعاء وعدن، واذا كانت المسألة تتعلق بسيل الدماء، فدماء اليمنيين المحتجين تسيل يومياً، ولا احد يهتم، ويتساءلون عما اذا كان الدم اليمني رخيصاً الى هذه الدرجة في اعين اشقائهم العرب؟ ولعل اغرب الانتقادات جاءت من سلطنة عمان، حيث شهدت البلاد سلسلة من المظاهرات الشبابية المطالبة بالاصلاح، مرفوقة بالكثير من العتب بل والغضب، من تجاهل الفضائيات، والاعلام العربي عامة لمثل هذه المطالب، ويصرخون قائلين بانه اذا كان النفط هو عامل الاهتمام فنحن لدينا شيء منه، واذا كان الفقر والبطالة عاملاً آخر فلدينا منهما الكثير ايضا. المسألة محيرة فعلا، فنحن امام اهتمام عربي وعالمي غير مسبوق بما يجري في ليبيا، قمة اوروبية تعقد، ويسبقها اجتماع لوزراء خارجية حلف الناتو، واليوم ستشهد جامعة الدول العربية في القاهرة اجتماعا لوزراء الخارجية العرب للمطالبة، من دول الخليج والاردن خاصة، بدعم اي توجه لاقامة مناطق حظر جوي فوق ليبيا، بل والتدخل العسكري الكامل اذا تطلب الامر ذلك، بينما لم نر مثل هذا التحرك عندما كانت قوات الامن المصرية تقتل المحتجين بدم بارد وهم المدنيون العزل، ونظيرتها التونسية تفعل الشيء نفسه. في ليبيا فساد وديكتاتورية قمعية شرسة، وحاكم اطلق العنان لابنائه وافراد اسرته لتحويل البلاد الى مزرعة خاصة بهم يتصرفون بثرواتها وملياراتها كيفما يشاؤون، ولكن هناك فساداً وبطالة وديكتاتورية اكبر في المملكة العربية السعودية واليمن والعراق، وهي دول شهدت وستشهد مظاهرات احتجاجية، فلماذا الاهتمام بثوراتها يتراجع الى الحدود الدنيا سياسيا واعلاميا؟ فاذا كانت ليبيا مهمة بالنسبة الى الغرب لانتاجها مليوناً ونصف مليون برميل من النفط يوميا معظمه من النوع الخفيف الجيد القريب من الاسواق الاوروبية، فان اليمن فيه ما هو اهم من النفط بالنسبة الى العالم الغربي، ونقصد بذلك تواجد تنظيم ‘القاعدة’ على ارضه، بحيث بات اليمن الفرع القيادي للتنظيم. الامر المؤكد ان عمليات التعتيم على هذه الثورات الشعبية اليتيمة لن تعطي ثمارها في حجب الحقائق، والحيلولة دون تحقيق جل اهدافها. ‘ ‘ ‘ نحمد الله ان الثورة المصرية انتصرت، وان عجلة التغيير الديمقراطي تسير فيها بسرعة متصاعدة، وهذا الانتصار سيصب حتما في مصلحة الثورات العربية الاخرى، سواء التي انفجرت فعلا او التي ما زالت تنتظر، ومصر هي نقطة الارتكاز، وهي القاطرة التي ستقود المنطقة الى بر الامان. الصحوة العربية التي انطلقت من مدينة بوزيد التونسية ووصلت شرارتها الى دول عديدة، تواجه حاليا بصحوة امريكية مضادة، بهدف حرف هذه الثورات عن اهدافها، ومحاولة تدجينها، وهذا ما يفسر الجولة الحالية للسيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية في المنطقة التي ستبدأ من تونس مرورا ببنغازي وانتهاءً بالقاهرة. الادارة الامريكية فوجئت بالثورات العربية، وهذا ما يفسر ارتباكها في بادئ الامر، الآن تريد ان تعوض ما فاتها، وتحاول ركوب موجة هذه الثورات، او ما لم ينتصر منها، وتوظيفها في خدمة السياسات الامريكية الداعمة لاسرائيل والمصرة على استمرار تدفق النفط العربي رخيصا الى الغرب. صحيح انه لا بواكي على شهداء ثورات ‘اليتم الاعلامي’ في البحرين وسلطنة عمان واليمن والعراق، ولكن الصحيح ايضا، ان عجلة التغيير انطلقت، وارادة الشباب اقوى من ان تتوقف في منتصف الطريق، حتى تحقيق كل مطالبها العادلة.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 مارس 2011)
فضائل الثورة والفقه السياسي المرهَق
محمد بن المختار الشنقيطي في كتابه « خريف العصور الوسطى » بيّن الفيلسوف والمؤرخ الهولندي جوهان هويزينغا أن أوروبا في نهاية عصرها الوسيط كانت تتغذى على رصيد من الأفكار المرهَقة التي لم تعد تلهم العقل الأوروبي، بل أصبحت عبئا ثقيلا عليه. وحينما تصبح الأفكار الموجِّهة لحياة الناس مرهقَة، فإنها تتحول إلى أطلال دارسة، تغلق مسالك المستقبل، وتُعشِي الأنظار في تطلعها نحو الأفق البعيد. ولم تتخلص أوروبا من هذه الأطلال المعيقة إلا بعد ثورة في الأفكار أعادت تعريف إنسانية الإنسان أخلاقيا وقانونيا، وقلبت العلاقة بين الحكام والمحكومين رأسا على عقب. وتبدو نظرية هويزينغا مفيدة لفهم المخاض الذي تعيشه شعوبنا اليوم خلال هذه الثورات العربية المجيدة، فمن الواضح أن فقهنا السياسي في مجال الثورة على الظلم فقه مرهَق، وقد أصبح هذا الفقه عبئا علينا، لا مصدرا لإلهامنا. لقد زرعت مذابح الأمويين في القرن الأول الهجري ضد معارضيهم من خيار أهل الإسلام روح تشاؤم دفين في الثقافة الإسلامية حول أي جهد للإصلاح السياسي مهما يكن متعينا. وضاعف من هذا التشاؤم سوء صنيع بعض المعارضين السياسيين مثل الخوارج الذين استباحوا المجتمع كله بحجة تخليصه من الجور السياسي. وهكذا أصبح « الخوف من الفتنة » هاجسا دائما وكابحا عقليا ونفسيا يستبطنه العقل المسلم في كل الأحوال. لقد ضحى العقل الفقهي الإسلامي بالشرعية حفاظا على وحدة موهومة تتأسس على القهر، ويا لها من صفقة خاسرة!! والحق أن لا فتنة أعظم من الاستبداد على المدى البعيد، وهو ما تشهد به عبرةُ 14 قرنا من تاريخ الإسلام، وقد أدرك ذلك الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنهما حينما كتب إلى معاوية مرة: « وما أظن لي عند الله عذرا في ترك جهادك، ولا أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة » (ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، 14/206). ولو أن فقهاءنا السياسيين تعاملوا مع سلطة الأمر الواقع بصياغة عملية، فوضعوا القبول بالاستبداد ضمن فقه الضرورات المؤقتة، وميزوا بين « الطاعة بالواجب » و »الطاعة بالضرورة » -كما فعل جان جاك روسو- لما كان عليهم من حرج، فللضرورة أحكامها ولا ريب. لكنهم أوغلوا في طريق الكبح، وأضفوا شرعية دائمة على الاستبداد والقهر، ومنحوا السلطة غير الشرعية حقوق السلطة الشرعية من طاعة ونصح ونصرة، ولم يجرؤوا على مطالبتها بالتزام قيم الإسلام في الحكم والقسم، وهذا باب واسع من أبواب التدليس والتلبيس. ومصدر هذا الانحراف الخطير في فقهنا السياسي، هو اختلال في الذاكرة التاريخية. لقد رفعت دولة النبوة والخلافة الراشدة عن الشعوب ظلم الأكاسرة والقياصرة، فلما رجع الظلم إلى ديار الإسلام مع تحويل الخلافة إلى ملك عضوض، قاومه خيرة الصحابة وبذلوا أرواحهم في سبيل تغييره، كما حدث في ثورة الحسين بن علي، وثورة عبد الله بن الزبير، وثورة أهل المدينة ضد يزيد، وثورة التوابين بالعراق التي قادها الصحابي الجليل سليمان بن صرد، ثم ثورة الفقهاء بعد ذلك بقيادة عبد الرحمن بن الأشعث. لكن فقهاءنا السياسيين الذين دونوا كتبهم بعد استقرار الملك العضوض قرؤوا تلك الثورات العظيمة بعيون الملك وهواجس الخوف من الفتنة، فطعنوا في شرعيتها الأخلاقية بناء على عدم نجاحها العملي، وبنوا ذاكرة تاريخية تشرِّع الظلم والقهر، وتزيِّن الخنوع والاستسلام. وهذا اختلال كبير في التوصيف الفقهي والميزان الأخلاقي، فعدم نجاح تلك الثورات العظيمة في صدر الإسلام في استرداد الخلافة الراشدة لا يطعن في سلامة منطلقها وشرعية فعلها، وإنما يقول ذلك من اعتادوا التكيف مع الواقع وتبرير الظلم. إن من أعظم أسباب اللبس في دراسة ثورات القرن الأول الهجري الخلط السائد بين الخطأ والخطيئة، والحكم على الأفعال بنتائجها لا بصورتها ومراميها. ومن المعلوم أن الخالق سبحانه لم يضمن النصر الدنيوي لكل من جاهدوا في سبيله، وإنما ضمن لهم إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة. فالمعيار الصحيح في الحكم على الثورات السياسية هو السعي إلى إقامة الحق والعدل، والتزام قواعد الشرع في ذلك المسعى، وليس النتيجة الدنيوية المترتبة على الفعل. وكم من طالب حق أخطأ التقدير السياسي أو العسكري، لكن فعله يظل فعلا حميدا بموازين الشرع. فالأحكام الشرعية تنبني على سلامة المنطلق وشرعية الفعل، أما الثمرات الدنيوية لمقاومة الظلم فليست مضمونة دائما، والأيام دول والنصر بيد الله. ولو كانت الأحكام الشرعية مبنية على النتائج لاعتبرنا غزوة أحد إثما، وغزوة مؤتة انتحارا، وما يقول بذلك مسلم عامي، فضلا عن حامل فقه. – لقد وقع الحسين بن علي في بعض الأخطاء، بمبالغته في تقدير قوة أنصاره في العراق، وعدم استيعابه للمعادلة السياسية والعسكرية القائمة هناك، وللتغيير الأخلاقي والنفسي الذي دخل على المجتمع مع اتساع الفتوح، مما جعل قلوب بعض الناس معه وسيوفهم عليه. – وأساء أهل المدينة التقدير السياسي والعسكري في ثورتهم على يزيد بن معاوية، مع ميزان قوة مختل اختلالا واضحا، فانتهت الثورة بفاجعة « الحرَّة »، واتخذها يزيد ذريعة ليعيث فسادا في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ويستأصل بقية الصحابة. – وعوَّل عبد الله بن الزبير على قوة قوم سرعان ما انسحبوا من المعمعة، وتركوه في ثلة من أصحابه الأبطال، يواجه بطش الحجاج بن يوسف ودمويته، وهو يترنم: أسماء يا أسماء لا تبكيني لم يبق إلا حسبي وديني وكان من أسباب هذه الأخطاء أن أهل المدينة والحجاز اعتادوا على جيوش الجهاد، وهي جيوش تطوعٍ يدفعها الإيمان للقتال، وفي ظروف كانت الراية واضحة لا لبس فيها. وكان جيش الشام قد تحول مع الزمن إلى جيش نظامي، يقاتل مهنةً لا رسالةً، بعدما أدخل معاوية النظام الإداري والعسكري الموروث عن الدولة البيزنطية في الشام. ثم أصبحت الراية أقل وضوحا بعد حربيْ الجمل وصِفِّين. ولم يكن جيشٌ من المتطوعة في هذه الظروف ليستطيع هزيمة جيش نظامي، ولا كانت النفوس تجود بالقتل والقتال كما كانت أيام الفتوح والغزوات. ولعل أولئك السادة الثوار لم يستوعبوا تلك الحقيقة الجديدة، ابتداء من الحسين وأهل المدينة، وانتهاء بابن الزبير وابن الأشعث. لكن الخلط المنهجي دخل على بعض الفقهاء هنا، حين ساووا بين الخطأ السياسي والعسكري الذي اجتهد صاحبه في طلب الحق، والتزم قواعد الشرع في مسعاه، وبين الخطيئة الشرعية والمبدئية التي لم يبذل صاحبها جهدا في طلب الحق، ولا التزم مبادئ الشرع في مسعاه، بل اتخذ إلهه هواه. فكون الحسين وأهل المدينة وابن الزبير وابن الأشعث أخطؤوا التقدير السياسي أو العسكري لا يجعلهم مذنبين، بل هم مجاهدون اجتهدوا في طلب الحق، وبذلوا النفس والنفيس في نصرته، فخطؤهم من النوع المرفوع، بل هو من الاجتهاد الذي يؤجر صاحبه سواء أصاب أم أخطأ. لقد قاتل أولئك الأخيار من أجل الحق والعدل، وقاتل خصومهم من أجل السلطة والثروة. فمن التبلد الأخلاقي وضع الطرفين في سياق واحد، وتسوية خطأ أحدهما بخطيئة الآخر، وتسمية ذلك كله « فتنة » بحياد لا يميز بين ظالم ومظلوم، وبين محق ومبطل. وما أبعد الشقة بين يزيد بن معاوية الذي حركته شهوة الملك وبين الحسين الذي ثار « غضبا للدين وقياما بالحق » حسب تعبير ابن العربي (العواصم، ص 237)، وأهل المدينة الذين « قاموا لله » حسب تعبير الحافظ الذهبي (سير أعلام النبلاء، 4/37). وقد برهن عبد الرحمن بن خلدون على بصيرته الشرعية وحسه السياسي حينما تجنب هذا المنزلق الذي وقع فيه بعض الفقهاء الذين خلطوا بين الخطأ والخطيئة. فحينما تحدث ابن خلدون عن مقتل الشهيد الحسين رضي الله عنه في كربلاء، بيَّن أن الحسين ارتكب خطأ في تقديره لاستعداد أتباعه في العراق وقوتهم، لكن ابن خلدون لم يغفل التنبيه على أن ذلك « خطأ دنيوي، وليس دينيا » حسب تعبيره (مقدمة ابن خلدون، ص 217)، أي أنه قصور في الخطة والأداء، وليس تقصيرا في الشرع والمبدأ، فهو خطأ لا خطيئة، بخلاف ما فعله أعداؤه، فهو جريمة وخطيئة منكرة. وما قاله ابن خلدون عن الحسين يصدق على أهل المدينة وابن الزبير وابن الأشعث، وكل من بذل دمه من أجل تثبيت أو استرداد الخلافة الراشدة في القرن الأول الهجري، ثم أخفق في ذلك أمام كثافة القوة وبطشها. كما يصدق على كل من يثور ضد الظلم السياسي اليوم، ويستخدم الوسائل الشرعية في ذلك، سواء نجح في إزاحة الظلم وتحرير الأمة من الاستبداد أم مات على هذا الدرب المضيء. وهذه المعادلة التي تميز بين القصور والتقصير وبين الخطأ والخطيئة هي التي تعوز الجامدين من فقهائنا اليوم الذين استأسروا لصور تاريخية، فبنوا عليها خلاصات فقهية تناقض مبادئ الإسلام في العدل والحرية والديمقراطية. ومهما يكن فإن أولئك الصحابة الذين حملوا السيف ضد الاستبداد أفقه في الإسلام من أي فقيه متحذلق يأتي بعدهم، ولذلك قال ابن حجر إن مذهب السيف « مذهب للسلف قديم، ولكن استقر الأمر على ترك ذلك » (تهذيب التهذيب، 2/250)، ومقصوده بمذهب السيف مقاتلة الحاكم الجائر. فحريٌّ بمن يريدون اتباع السلف أن يأخذوا بمذهب السلف القديم، ويرفعوا ظلم المستبدين عن أمتهم، ولا تستعبدُهم مقولات المتأخرة من الفقهاء. على أن ما ندعو إليه اليوم ليس الخروج المسلح على الحكام، وإنما الثورة السلمية والعصيان المدني، وغير ذلك من وسائل لم يكن فقيه العصر القديم يدري عنها، ولا أخذها في الاعتبار في صياغاته الفقهية. وليس من حاجة إلى القتال اليوم مع توفر هذه الوسائل السلمية للشعوب، إلا إن فَرضَ عليها القتالَ طاغيةٌ متعطشٌ للدماء، مثل القذافي. ويكفي استدلالا على فضائل الثورة السلمية قول النبي صلى الله عليه وسلم: « سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله » (رواه الحاكم وصححه الألباني في « صحيح الترغيب والترهيب »، الحديث رقم 2803). وهذا القيام بالحق في وجه أئمة الجور هو ما يفعله المتظاهرون الثوار في شوارع الدول العربية اليوم، كما يفعله الصحفيون الأحرار من أمثال الشهيد علي حسن الجابر تقبله الله تعالى، وهم يعلموننا اليوم أن أرحام الأمهات المؤمنات لم تنضَبْ، وأنها لن تتوقف عن إنجاب أحرار يتوقون إلى اللحاق بسيد الشهداء حمزة.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 مارس 2011)
بعد كمين تعرض له فريق القناة بنغازي تشيع مصور الجزيرة علي الجابر
أدى الآلاف في مدينة بنغازي بشرق ليبيا صلاة الجنازة على جثمان رئيس قسم التصوير في قناة الجزيرة علي حسن الجابر الذي استشهد أمس السبت في كمين تعرض له فريق القناة في منطقة الهواري جنوب غرب المدينة. وقد رفع المتجمعون في ساحة الشهداء وسط المدينة لافتات تنعى الشهيد وتعبر عن تضامنها مع قناة الجزيرة، منتقدين عملية الاغتيال التي « تفضح إجرام نظام الطاغية » بحسب إحدى اللافتات. وارتفعت الأكف والحناجر بعد الصلاة بالدعاء للشهيد. وقال مراسل الجزيرة في بنغازي بيبه ولد امهادي إنه كان إلى جوار الشهيد, مشيرا إلى أن الجابر أصيب بثلاث رصاصات أودت بحياته, حيث فشلت جهود إسعافه. وأضاف ولد امهادي أن جثمان الشهيد سينقل برا إلى مصر حيث من المتوقع أن يصل غدا إلى بلده قطر. ملاحقة الجناة وقد قال المدير العام لشبكة الجزيرة وضاح خنفر إن الجزيرة لن تسكت على هذه الجريمة وستلاحق مرتكبيها قانونيا وجنائيا. كما قال إن الزميل علي الجابر تم اغتياله نتيجة حملة تحريض غير مسبوقة من جانب النظام الليبي على الجزيرة والعاملين فيها. وقدم خنفر العزاء لعائلة الشهيد علي الجابر ولزملائه ولكافة مشاهدي الجزيرة، مشيرا إلى أن الفقيد استشهد وهو يؤدي واجبه المهني وأن الجزيرة لن تتراجع عن أداء رسالتها مهما كلفها ذلك من ثمن. وقد أصدرت شبكة الجزيرة بيانا تنعى فيه للمشاهدين والوسط الإعلامي مصورها علي حسن الجابر. وقالت البيان إن الجزيرة تتقدم بخالص العزاء والمواساة لأسرة الفقيد ولزملائه وتتمنى الشفاء العاجل للزميل ناصر الهدار، الذي أصيب في الهجوم. حملة استهداف وأوضحت الجزيرة أنّ هذا الاعتداء المتعمد يأتي في ظل حملة استهداف وتحريض ضد صحفيي الجزيرة وطواقمها ممن يقومون بواجبهم المهني في تغطية أحداث ليبيا. وأضاف البيان أن الجزيرة إذ تدين هذا العمل الإجرامي فإنها تندد بالحملة التحريضية المنظمة التي دأب النظام الليبي على شنها ضد الشبكة والعاملين فيها في تحدّ سافر للمواثيق والأعراف الدولية التي تضمن حرية الإعلاميين وسلامتهم. وأكدت الشبكة أنها ستواصل تغطيتها للأحداث أينما كانت بمهنية وعزيمة، كما تؤكد الجزيرة عزمها على الملاحقة القانونية والجنائية للقتلة ومن يقف خلفهم. مسار مصور يشار إلى أن علي الجابر, قطري الجنسية وهو من مواليد عام 1955, وحاصل على بكالوريوس وماجستير في التصوير السينمائي بأكاديمية الفنون في القاهرة. وعمل مديرا لمكتب « سي أن بي سي » العربية بالدوحة, ومشرفا على اللجنة الأولمبية الأهلية من 2002 إلى 2005. وكان رئيس قسم التصوير في تلفزيون قطر لأكثر من عشرين عاما. وقد أنجز الشهيد المصوّر خلال حياته المهنية عدّة أفلام تسجيلية منها فيلم عن قطر وعن الكويت بعنوان « محنة وابتلاء ». كما عرف عن الزميل علي الجابر تفانيه في عمله وتعاونه. رحم الله فقيد الجزيرة، وأسكنه فسيح جناته. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 مارس 2011)
الجزيرة وضريبة الحقيقة
انتهجت قناة الجزيرة منذ تأسيسها سياسة الرأي والرأي الآخر، وعرض وجهات النظر المختلفة، لذلك تعرضت مرارا للمضايقات والاعتداءات المختلفة من قبل أطراف رأت فيما تكشفه الجزيرة من حقائق ووقائع مساسا بمصالحها. وفيما يلي أهم التحديات التي واجهت الجزيرة خلال مسيرتها الإعلامية التي انطلقت في نوفمبر/ تشرين الثاني 1996. يونيو/ حزيران 1999 إغلاق مكتب الجزيرة في الكويت للمرة الأولى إثر قيام مواطن عربي بتوجيه شتائم للأمير خلال برنامج يذاع على الهواء مباشرة. أكتوبر/ تشرين الأول 2000 مراسلة الجزيرة بالمغرب إقبال إلهامي تتلقى تعليمات من مسؤول بوزارة الداخلية بعدم التعامل مع القناة « حتى إشعار آخر » وقد أعلن اتحاد الصحفيين المغاربة تضامنه مع إلهامي. مارس/ آذار 2001 إغلاق مكتب الجزيرة بمدينة رام الله بالضفة الغربية ردا على بث إعلان عن مسلسل وثائقي عن الحرب الأهلية في لبنان اعتبرت السلطة الفلسطينية أنه يتضمن إهانة زعيمها. أغسطس/ آب – موريتانيا تطلب من سفير قطر بنواكشوط إغلاق الهوائي « الدش » الذي كان تقوم السفارة بواسطته ببث الجزيرة والذي يمكن غالبية سكان هذه المدينة ممن لا يستطيعون شراء هوائي من التقاط القناة. ورأت الحكومة في الجزيرة وسيلة إعلامية تحرض الشارع الذي كان يومها مشدودا إلى تغطية الانتفاضة بفلسطين. – الأردن يغلق مكاتب الجزيرة بحجة عدم رضاه على طريقة تغطية القناة للشأن الأردني. سبتمبر/ أيلول عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (FBI) يقتحمون شركة إنفوكوم في دالاس ويستولون على الأجهزة المرتبطة باستضافة موقع الجزيرة نت، بينما رفضت أكبر شركة برمجيات وأنظمة نشر في العالم عقدا للشراكة مع الجزيرة نت متعللة بتعرضها لضغوط رسمية لا تستطيع تحملها. أكتوبر/ تشرين الأول – وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) توقع عقدا بقيمة 16.7 مليون دولار مع مجموعة ريندون للعلاقات العامة، ويتضمن فقرة تنص على أن تقوم الأخيرة بتقديم « تحليل مفصل لمحتوى البث اليومي لقناة الجزيرة.. وأن تحدد التحيز الذي يتسم به صحفيون محددون (في القناة) ليتسنى فهم ولاءاتهم وعلاقاتهم واحتمال وجود ممولين يرعون توجهاتهم ». – السلطات السويسرية تمنع مراسل الجزيرة في بروكسل أحمد كامل من دخول جنيف. نوفمبر/ تشرين الثاني الجزيرة تتولى تغطية الحرب الأميركية على أفغانستان، والولايات المتحدة تشن هجوما صاروخيا على مكتب القناة في كابل. ديسمبر/ كانون الأول اعتقال مصور الجزيرة سامي الحاج السوداني الجنسية، أثناء أداء عمله في أفغانستان، بتهمة الانتماء للقاعدة، وإيداعه معسكر غوانتانامو في كوبا. نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 صدور قرار إغلاق مكتب الجزيرة بالكويت للمرة الثانية بعد أن بثت القناة تقريرا حول حظر منطقة الشمال التي تغطي ربع الأراضي الكويتية بسبب تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة. واعتبرت السلطات أن هذا التقرير يسيء إلى الكويت, في حين قالت هيئة التحرير بالجزيرة إنه « موضوعي وغير منحاز ». مارس/ آذار 2003 – بورصة نيويورك تمنع الجزيرة من تغطية المعاملات المالية اليومية لسوق نيويورك بحجة « مخاوف أمنية ». واستمر المنع عدة أشهر. – الجزيرة نت يتعرض لقرصنة إلكترونية يعتقد أنها من جهات كبرى، وقد أثرت على إمكانية وصول القراء إلى الموقع قبل أن يتمكن المهندسون من التغلب على المشكلة. وقد طلبت الشركة الأميركية المستضيفة للموقع بالولايات المتحدة من الجزيرة نت البحث عن مستضيف آخر « خارج الولايات المتحدة بأكملها » في غضون أيام قليلة بعد نشر الموقع صور بعض الأسرى الأميركيين في الحرب على العراق. – المجلس الأعلى للإعلام المرئي والمسموع يستدعي مدير مكتب الجزيرة في باريس ميشيل الكيك للاستفسار حول بث القانة صور الجنود الأميركيين القتلى والأسرى. أبريل/ نيسان استشهاد مراسل الجزيرة طارق أيوب في قصف صاروخي لمكتب القناة بالعاصمة العراقية بغداد أثناء الغزو الأميركي. مايو/ أيار وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أي) تنشر وثائق تدعّي أن الجزيرة كانت إحدى الأذرع الإعلامية للحكومة العراقية برئاسة الرئيس الراحل صدام حسين، والجزيرة تنفي. يونيو/ حزيران مصمم مواقع إلكترونية أميركي يدعى جون وليام راسين يعيق دخول الزائرين للجزيرة نت ويحول كل من يزور الموقع إلى موقع ابتكره وسماه « دع الحرية تصدح » (Let Freedom Ring) ويحتوي على علم أميركي. واستطاع جون الحصول على كلمة سر الجزيرة والدخول لحساب قناة الجزيرة الفضائية عبر إرساله فاكسا للشركة المستضيفة لموقع الجزيرة نت (Network Solutions Inc) مستخدما توقيعا وهوية مزورين. سبتمبر/ أيلول – اعتقال مراسل الجزيرة تيسير علوني بمدينة غرناطة الإسبانية حيث كان يقضي إجازته السنوية بين أفراد عائلته، وبررت الشرطة القرار بأنه يأتي في إطار تحقيق حول علاقة مزعومة تربطه بالقاعدة على خلفية مقابلة صحفية أجراها مع زعيم التنظيم أسامة بن لادن لحساب الجزيرة. وصادرت السلطات هاتفه النقال والحاسوب المحمول التابع له إضافة لعدد من الأوراق الخاصة. – الحكومة الانتقالية العراقية تمنع الجزيرة من تغطية النشاطات الحكومية أسبوعين، مدعّية أن القناة تؤيد هجمات المقاومة على أعضاء الحكومة والقوات الأميركية. مايو/ أيار 2004 استشهاد سائق فريق الجزيرة رشيد والي الذي كان يغطي الأحداث بمدينة النجف العراقية أثناء المواجهات بين مؤيدي رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والجيش الأميركي. أغسطس/ آب الحكومة الانتقالية تغلق مكتب الجزيرة في بغداد شهرا بدعوى « حماية الشعب والمصالح العراقية ». وعند انتهاء الشهر، مدد الغلق إلى أجل غير مسمى وأغلق المكتب بالشمع الأحمر حتى يومنا هذا. أبريل/ نيسان 2005 إيران تغلق مكتب الجزيرة لعدم رضاها على تغطية القناة للاحتجاجات الشعبية لعرب إيران في الأهواز. نوفمبر/ تشرين الثاني صحيفة ديلي ميرور البريطانية تقول إنها حصلت على وثيقة مسربة من مكتب رئيس الوزراء السابق توني بلير تثبت أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش كانت لديه نية قصف مقر الجزيرة بقطر في أبريل/ نيسان 2004. أبريل/ نيسان 2006 اعتقال مدير مكتب الجزيرة بمصر حسين عبد الغني لتغطيته تفجيرات سيناء. أكتوبر/ تشرين الأول تونس تغلق سفارتها في الدوحة احتجاجا على استضافة الجزيرة معارضين تونسيين. مايو/ أيار 2010 تجميد نشاط مكتب الجزيرة في مملكة البحرين بصفة مؤقتة. وكالة الأنباء البحرينية قالت إن التجميد سيستمر إلى حين الاتفاق على مذكرة تفاهم تحدد العلاقة بين وزارة الإعلام والقناة « بما يحفظ حقوق الطرفين وفق مبدأ المعاملة بالمثل في ممارسة العمل الصحفي والإعلامي في البلدين الشقيقين ». أكتوبر/ تشرين الأول المغرب يعلق عمل الجزيرة إلى أجل غير مسمى. ديسمبر/ كانون الأول الكويت تغلق مكتب الجزيرة في العاصمة للمرة الثالثة منذ تأسيس القناة، وتسحب التراخيص والاعتمادات الممنوحة لمراسليه. وبررت إدارة الإعلام المرئي والمسموع القرار بأن الجزيرة غطت بعض الأحداث مما اعتبرته الحكومة تدخّلا « في الشأن الداخلي الكويتي، وعدم التزام القناة بتعليمات الوزارة ». من جانبه قال الناطق الإعلامي باسم الجزيرة إن وزارة الإعلام الكويتية قامت بالاتصال بمدير مكتب القناة هناك وأبلغته بأنها ستغلق المكتب في حال استضافة النائب المعارض مسلّم البراك على الجزيرة مباشر في ذلك اليوم. يناير/ كانون الثاني 2011 إغلاق مكتب الجزيرة في مصر بأمر من وزير الإعلام أنس الفقي. مارس/ آذار استشهاد مصور الجزيرة علي حسن الجابر أثناء تغطيته لأحداث ليبيا، بعد أن استهدف كمين سيارة فريق القناة بمدينة بنغازي. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 مارس 2011)
الإعلام الإسرائيلي يتناغم مع القذافي
محمد محسن وتد-أم الفحم انحازت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة إلى نظام الزعيم الليبي معمر القذافي حيث تناغمت تغطيتها للثورة الشعبية في ليبيا مع مواقف القذافي وتصريحاته ورؤيته الإستراتيجية. واتسمت الأيام الأولى من تغطية الإعلام الإسرائيلي للثورة الشعبية في ليبيا إلى حد ما بالاتزان والمهنية، حيث اعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلي ما يحصل في ليبيا ثورة شبيهة بتلك التي حصلت في تونس ومصر. لكن مصطلحات الثورة سرعان ما اختفت، وتحولت براعم الثورة إلى حرب أهلية وأصبح الثوار « متمردين »، وبات ربيع الديمقراطية الذي يصبوا إليه الليبيون يتلخص في مخاوف من سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة بنغازي. كما أصبحت وسائل الإعلام الإسرائيلي تساوي بين الجلاد والضحية، وغابت من التغطية حقائق المجازر وسفك الدماء وإبادة الشعب، خصوصا بعد أن استعادت كتائب القذافي بعض المواقع التي حررها الثوار. تناغم مفضوح ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن موقف وسائل الإعلام الإسرائيلية إزاء الثورة الشعبية في ليبيا، والذي ينم عن قدر مفضوح من التناغم مع نظام القذافي، يعبر عن مصالح المؤسسة السياسية والأمنية بإسرائيل. ولفت إلى أنه سبق لعدد من قادة هذه المؤسسة أن أعربوا عن خشيتهم أن تؤدي الأوضاع إلى « نشوء فراغ سلطوي » ربما تدخل إليه قوى عديدة، ومن إعلان تنظيم القاعدة تأييده للثورة. وأشار شلحت إلى أنه كانت « هناك تلميحات إسرائيلية شبه رسمية إلى أن أميركا والدول الأوروبية لا يمكنهما أن تجازفا بسقوط ليبيا في أيد خطرة، بسبب موقع ليبيا القريب من أوروبا وثروتها النفطية واحتمال وجود سلاح كيماوي بحيازتها ». ورجح أن إسرائيل تسعى لتوفير فرصة لإعادة تصميم السياسة الأميركية بما يتسق مع أهداف السياسة الإسرائيلية الإقليمية، وبناء قوة الردع الأميركية بالمنطقة، وتمرير رسائل ردع إزاء الوضع في المستقبل قد تتعرض فيه أنظمة مثل الأردن والبحرين والسعودية أيضا إلى الاهتزاز. مصير القذافي وتساءل الصحفي بوعز بوسمط في صحيفة « إسرائيل اليوم » هل سيكون مصير معمر القذافي كمصير صدام حسين؟ ورد بالنفي القاطع، مراهنا على بقاء النظام ومتوقعا تقسيم ليبيا ما بين القذافي ومن وصفهم بالمتمردين. وانتدبت صحيفة يديعوت أحرونوت قبل أيام وفي خطوة وصفتها بالتاريخية مراسلها العسكري رون بن يشاي إلى ليبيا، ليوثق ما يحدث من قلب العاصمة طرابلس، ناقلا من هناك المواقف والانطباعات الجماهيرية المساندة للعقيد القذافي. وكشفت الصحيفة أن مراسلها سافر إلى طرابلس عن طريق لندن حتى بدون تأشيرة دخول، مستغلا قرار سيف الإسلام القذافي فتح الباب أمام كل صحفي يريد تغطية ما يجري برؤى تتماشى مع النظام. مصالح ومخاوف كما لاحظ أستاذ الإعلام مصطفى كبها أنه حصل تحول في التغطية الإسرائيلية لأحداث ليبيا، حيث كانت في البداية إلى حد ما عادية قبل أن تصبح منحازة للنظام الليبي على غرار وسائل إعلام دولية، وذلك بشكل يعكس مدى ارتباط مصالح بعض الدول مع القذافي ونظامه. وأشار كبها إلى أن الإعلام الإسرائيلي كان في البداية يعوّل على نهاية قريبة للحكم بليبيا، لكن تصريحات القذافي الذي وازى ما يحدث ببلاده وربطه بالقاعدة وقارنه بحماس في غزة أحدثت التغيير، ثم بدأ التناغم الإسرائيلي. ويقول كبها إن ما يؤكد التناغم مع نظام القذفي هو انتداب صحافيين بارزين مؤثرين في الرأي العام الإسرائيلي، أمثال يشاي ليبث، ليكتبوا من قلب طرابلس ومن المواقع التي تسيطر عليها الكتائب الموالية للقذافي. ويرى كبها أن هذا التناغم الإعلامي يشير إلى مخاوف إسرائيلية من استمرار واتساع الثورات لتكون أشبه بكرة الثلج، وعليه تعتبر إسرائيل بقاء القذافي في الحكم فرصة لإيقاف هذه الكرة والتخفيف من هالة المخاوف التي تسيطر على الرأي العام الإسرائيلي. المصدر:الصحافة الإسرائيلية (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 مارس 2011)
العرب والديمقراطية بين الثورات والتغيير الاستباقي
لا ينفع تجاهل ما يجري من تطورات وتحولات في عدد يتزايد كل يوم من المجتمعات العربية، ولا يفيد القول بأن موجة المطالبة الشعبية بالتغير والديمقراطية التي تشهدها هذه البلدان لن تشهدها بلدان عربية أخرى. صحيح أن مصر ليست تونس، واليمن ليس ليبيا، والبحرين ليست الجزائر، وصحيح أن لكل مجتمع خصوصيته ويختلف عن غيره في شكل تجلي أزماته وطابع تفاقمها، وفي إيقاع خطواته نحو الخلاص ونيل الحرية، لكن الصحيح أيضاً أن الشعوب العربية أول المعنيين بما يحدث وأكثر المتأثرين بنتائجه، ليس فقط بسبب ما يجمعها من روابط قومية وجغرافيا سياسية، وإنما أيضاً لتشابه أسباب أزماتها وتماثل ما تكابده وتعانيه من قهر وفقر، وتالياً تقارب طرق الحل والعلاج. إن تركز الثروة والمال بيد سلطات تحتكر كامل الحياة السياسية ومعظم أوجه النشاط الاقتصادي واستشراء الفقر والقهر والفساد بصورة غير مسبوقة، أفضى إلى تخريب البنى الوطنية وامتصاص طاقة المجتمعات وتدمير خلايا النمو والتجدد فيها، واستدراكاً إخفاق برامجها التنموية وفشل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية جميعها بما في ذلك تهميش دور هذه المجتمعات في الساحة العالمية، مما وضع الشعوب في حالة تثير الشفقة، وفتح الطريق واسعة أمام ما يحصل من انتفاضات وثورات، تقول ببساطة إن هذه المنطقة من العالم لم يعد باستطاعتها الاستمرار بالصورة التي هي عليها، وإنه بات من الملح الشروع في التغيير وإرساء قواعد الحياة الديمقراطية في العلاقات القائمة بين السلطة والدولة وبينهما وبين المجتمع. لقد جربت الشعوب العربية كل الخيارات الأيدولوجية والسياسية، كالأيدولوجية القومية الاشتراكية والأيدولوجية الدينية، وتلك التي قاربت الماركسية في بعض أشكالها. وجرب بعضها الدوران في فلك الاتحاد السوفياتي السابق، والتحق بعضها الآخر بالقاطرة الأميركية التحاقاً تاماً. وكانت النتائج مخيبة للآمال، فلا الأرض تحررت ولا حدثت النهضة ولا أنجزت الوحدة الموعودة، ولا ارتقى الإنسان إلى مجتمع العدالة والحرية والرفاهية. ونظرة متفحصة إلى ما صارت إليه أوضاعنا، تسقط الكثير من الأوهام الأيدولوجية المعششة في الأذهان، وتكشف في الوقت ذاته جذر المشكلة وأنه يتكثف أساساً في انعدام الثقة بالإنسان ودوره، إلى غياب الحريات والتعددية السياسية، إلى مناخ الاستبداد والفكر الوصائي الذي ساد أمداً طويلاً ودفع بالتجارب كافة إلى طريق مسدود. في الماضي أهملت الديمقراطية واتجه الفعل السياسي العربي بصورة رئيسية نحو مسألتين، تعلقت الأولى بالوطن والقومية، وبالأخص القضية الفلسطينية وبناء الوحدة العربية، وارتهنت الثانية بالبعد الاجتماعي والتطلع نحو مجتمع العدالة والمساواة والقضاء على الاستغلال، لكن أحوالنا اليوم تبدد هذه « الصور المغرية » وتكشف زيف الشعارات الوطنية والاجتماعية التي فاقمت أزماتنا وأمراضنا، لينهض مشروع الانتقال إلى الديمقراطية بصفته خياراً لا غنى عنه لمواجهة تردي الأوضاع العربية وتدشين مرحلة حقيقية تمكن البشر من تقرير مصيرهم وبناء حياة جديدة. وفي الماضي أيضاً ورداً على الانعكاسات التي خلفتها التحولات التي شهدتها بلدان أوروبا الشرقية، وكي يهرب مناهضو التغيير الديمقراطي من استحقاقاته، بالغوا في عرض الصعوبات والإرباكات التي عانت منها تلك المجتمعات في مخاض بحثها عن حريتها، وكرامتها لتخويف الناس من أي تبديل أو تحول نحو الديمقراطية، وتالياً لتسويغ استمرار الوضع القائم. وعندما جاءت النتائج عكس ما كانوا يروجون، اندفعوا عن سابق تصور وتصميم إلى طمس النتائج الايجابية التي حققتها الشعوب هناك، وقد نجحت بخيارها الديمقراطي في تجاوز حالة الترهل والركود ومعالجة أهم السلبيات والمثالب التي وسمتها طيلة عقود، ليبدأ هؤلاء البحث عن فزاعات جديدة، بعضها مستمد من مآسي التجربة العراقية وآلامها، للاستمرار في ترويع المجتمعات من التغيير الديمقراطي، مرة بالطعن في أهلية هذه المجتمعات لتقبل الديمقراطية والتلويح بالفوضى والاضطرابات التي سيستصحبها برأيهم أي تغيير! ومرة بإشاعة ثقافة معادية للديمقراطية على أنها بدعة استعمارية، وتشويه سمعة دعاة الإصلاح والحرية بذريعة الاستقواء بالخارج وارتباط أجندتهم بمشاريع أجنبية مغرضة! ومرة ثالثة بتخويف الشعوب العربية من خطر وصول الإسلاميين إلى السلطة، ومن حالات القمع والتضييق على الحريات العامة وحقوق الإنسان التي ترافق نمط حكمهم، كذا!! لكن ثورات اليوم والانتفاضات الشعبية العربية قدمت إجابات معاكسة وأثبتت بالملموس هشاشة هذه الذرائع، وأن لا صحة للحجج السياسية التي استخدمتها الأنظمة لضمان شرعية استمرارها، فلم يعد يقنع أحداً شرعية الأمن ولا مقاومة الخارج ولا التهديد بالإسلاميين أمام فظائع الفساد والاستبداد، مما ساعد على تنامي يقظة الشعوب ودرجة تحسسها لمصالحها، وشجعها على التحرك دفاعاً عن حقوقها وحرياتها، بدأت بثورتي تونس ومصر ولحقتهما ليبيا ثم اليمن والحبل على الجرار. وهنا إذ لا يصح استنساخ هذه التجارب ونقل صور الحراك الشعبي من بلد إلى آخر، لكن ثمة مشتركات تفرض نفسها بقوة على كافة المجتمعات العربية وتضع أصحاب القرار والمسؤولية عند مفترق طرق ولنقل أمام خيارين: الأول- الإصرار على الدفاع عن الوضع القائم وتمرير الزخم الجماهيري الراهن بالممانعة والمماطلة في إجراء أي تغيير جدي، على أمل تفادي هذه الموجة التي تعتبر برأيهم طارئة وعابرة، بما في ذلك محاصرة أي مشروع للتحرك باندفاعات قمعية واسعة غرضها إحكام الضبط والسيطرة الأمنية، والاستمرار في خنق هوامش الحراك الثقافي والسياسي المحدودة أصلاً. وهذا الخيار يحمل في أحشائه مخاطر جمة، فإن نجحت عصا القمع في الماضي في الرد على حراك البشر وأجهضت الكثير من مبادراتهم لنيل حريتهم وحقوقهم، فهي عاجزة في عالم اليوم عن إنجاز هذه المهمة، فقد ولت سياسة تجميد المجتمع بترويعه، ولم تعد تنفع طريق القمع والإرهاب في إسكات الناس وشل دورهم، وما نشهده اليوم يدشن مرحلة جديدة عنوانها العريض انتزاع الوصاية على مجال السياسة من أصحاب القوة والجبروت ووضعها بين أيادي الشعب!! فلم لا نريد أن نتعلم من محن الماضي وتجارب الآخرين كي ننأى عن عثرات وأخطاء دفع ثمنها باهظاً؟! وألم يتأكد الجميع بالملموس أن أكبر عنوان لتخلفنا هو عندما ذهبت مجتمعاتنا منذ فجر الاستقلال حتى اليوم إلى اعتبار الديمقراطية شعارا غريباً عن ثقافتنا العربية، واختارت معاداتها ومواجهتها بأنظمة لا تؤمن بالتعدد السياسي والحوار والتشارك، بل تمارس -على نقيض من ذلك- الجبروت والطغيان والظلم؟! وهذا يعني أن ثمة كارثة حقيقية تنتظرنا في حال استمرار الوضع القائم وإحجام الأنظمة عن البدء بإصلاحات سياسية واسعة تنقل المجتمعات من عالم الاستبداد إلى الديمقراطية، ولا يستبعد أن يفضي تأجيل هذا الاستحقاق إلى انفجار الأزمات المتراكمة بصورة مريعة، وأن تسفر حالة الممانعة عن التغيير والانفتاح إلى ثورات قد لا تحمد عقباها أو انهيارات واسعة لن يرحم التاريخ مسببيها!! الثاني- وهو الخيار الأفضل للمجتمع، لكنه الأصعب على الأنظمة الحاكمة ومصالح بعض المتنفذين فيها، ويقوم على تعاطٍ عقلاني مع الواقع والتفاعل مع اتجاهات تطوره تحسباً من أن تصل الأمور إلى حافة الهاوية، وذلك باستثمار الوقت الضائع، لكن هذه المرة ليس من أجل تقديم بعض الرشى للناس لتخفيف حدة معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية، كما شهدنا في عدد من البلدان العربية، من زيادة أجور وإعطاء منح وقروض ميسرة وتخفيض أسعار سلع أساسية ومحاربة بعض وجوه الفساد، بل المسارعة صوب مهمة مركزية ينظمها خيط واحد هو إجراء إصلاحات ديمقراطية جدية وجريئة تنزع صواعق التفجير الداخلي، بدءاً من تخفيف حضور القبضة القمعية ودرجة استئثارها بالثروة والأنشطة السياسية والاقتصادية، انتهاءً بضمان حقوق الناس وبصورة خاصة حرياتهم السياسية. إذا كانت الإصلاحات التي ينشدها المجتمع تعني انفتاحاً واسعاً وجريئاً على الشعب وقواه الحية وتفضي في نهاية المطاف إلى إزاحة حالة التسلط والاحتكار عن ساحة النشاط السياسي وإرساء قواعد العمل الديمقراطي، فإنها لا تزال تتأرجح عند غالبية الأنظمة بين حل مشكلاتها الخاصة وبين امتصاص تأثير ما يحدث من تطورات بأقل تكلفة ممكنة، وتنحو في أحسن الحالات نحو صياغة مهمات تجميلية، لا تمس جوهر السيادة السياسية، ويراد منها تحسين أداء مؤسسات الدولة المترهلة وتجديد قوى النظام وتخفيف حدة الاحتقان الاجتماعي ولو إلى حين. فأي قيمة نوعية لمواجهة الفساد وتردي الأوضاع الاقتصادية إذا نظرنا إليها كظواهر وأمراض متفرقة، ولم نقرأها كنتائج ومخلفات متنوعة لداء رئيس تكثّفه سيطرة مستديمة أدت إلى تكبيل الإنسان وقضت على روح المبادرة والإبداع لديه؟! وأي معنى لتغيير ديمقراطي يقتصر على إجراءات فوقية متفرقة أو تعديلات جزئية هنا وهناك، مرجئاً القيام بإصلاحات شاملة -سياسية واقتصادية وإدارية وقضائية- تعالج جدياً أمراض المجتمع المختلفة وتختصر دورة آلامه؟! ومع أن الكثيرين نفضوا أياديهم من السلطات القائمة وفقدوا الثقة بدورها في التغيير بعد مراوحة في المكان دامت سنين وسنين، فإنه لا ضير الآن من التذكير بأن المهمة الملحة والمجدية أمام الأنظمة العربية للخروج من أتون الأزمات الراهنة هي السير قدماً نحو الانفتاح الديمقراطي على الناس وقواها الحية، بما يعني التطلع إلى تقديم تنازلات جريئة على صعيد حقوق المواطنة والعدالة وسيادة القانون، وإعادة صياغة مصادر الشرعية لا بفعل القمع والشعارات الطنانة بل على أساس نيل رضا الناس لما تقدمه من ضمانات حول حرياتهم وعيشهم الكريم، وتالياً القبول بالتعددية والاختلاف كمقدمة لا غنى عنها لصياغة عقد اجتماعي متوازن يوفق بين منازعات بشر تتباين همومهم ومصالحهم ويضمن للجميع حقوقهم على قدم المساواة في المشاركة السياسية وإدارة الشؤون العامة. وإذ نعترف بأن وسائل التغيير ووتيرته وآفاقه تتعلق بخصوصية كل مجتمع وتالياً بتنوع أنماط الحكم وتمايز مصادر شرعيتها، يصح تصنيف النظم السياسية القائمة في البلدان العربية إلى نمطين يتوزعان بين النظم الجمهورية والنظم الملكية، لكن الجامع بينها مع حفظ المسافات والتباينات هو ضعف قوامها الديمقراطي بصورة عامة، وتتفاوت درجة الضعف بين نظم تعادي أبسط مظاهر الحياة الديمقراطية بغياب أدنى حقوق الإنسان وحرياته وهي الأغلب عدداً، وبين أخرى يتمتع إنسانها ببعض حقوقه وحرياته. وتالياً إذ تختلف هذه النظم بين بعضها من حيث شدة أزمتها وإلحاح حاجتها للإصلاحات، فإنها معنية من حيث الجوهر بهدف واحد هو إعادة إنتاج مصادر شرعيتها، على النحو الذي تلغى فيه المصادر الديماغوجية، لتحل محلها الشرعية الديمقراطية المستمدة من الرجوع إلى الناس ومن التوافق الوطني العام. ولعل عنوان هذا التحول هو إسباغ المعاني الجمهورية على النظم الجمهورية بتحريرها من أساليبها التسلطية، وأيضاً تحويل النظم الملكية إلى ما يشبه الملكيات الدستورية لتنشيط تفاعلها مع الدينامكية الاجتماعية والسياسية واستحقاقاتها. تقول الشعوب العربية في ثوراتها إن القادم -أياً كانت حيثياته- أفضل مما تعيشه حاليا، فحصاد الشعارات البراقة طيلة عقود لم يكن إلا الهزائم والانكسارات ومزيداً من التردي والفساد وقهر الإنسان وإفقاره. وتقول أيضاً إن التغيير -أياً كانت صوره وأدواته- مغامرة تستحق أن تخاض للخروج من هذا المستنقع الآسن وفتح صيرورة جديدة، لعل أهم ما فيها تقدم دور الناس في تقرير مصيرهم وصياغة مستقبلهم دون إقصاء أو وصاية من أحد!! (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 13 مارس 2011)