الأربعاء، 25 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2528 du 25.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


 منظمة هيومن رايتس ووتش : رسالة لرئيس زين العابدين بن علي بخصوص إفراج فوراً دانيال زروق الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بــيـــــان  الصحفي التونسي محمود الذوادي: بيان إلى الزملاء الصحافيين و إلى الرأي العام رويترز : منظمة حقوقية تطالب تونس بإطلاق سراح سجين سياسي بي بي سي: إعلامية تونسية على رأس الفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان الحوار نت تحاور الأستاذ الفاضل البلدي د. محمد الهاشمي الحامدي: رسالة جوابية للأخ بوعبد الله رضا الرجيبي: ترنيمة إلى أمي عادل القادري: في منتدى التقدم: اللائكية اليوم  سليم بوخذير: اليوم الوطني ل. . .”شتم” الجمعيّات  صابر التـّونسي: ســواك حـار (27) فتحي بن الحاج يحيى: من دفاتر اليسار التونسي في الزمن البورقيبي: في حضرة الزعيم     الصباح: وفاة الأستاذ الجامعي والنائب السابق في مجلس النواب عبد الله الشابي مدير معرض تونس الدولي للكتاب في لقاء إعلامي:استبعدنا المؤلفات ذات المضامين السطحية والخالية من الفكر النيّر الأستاذ عبد اللطيف فطوم يتحــدث لـ«الصـباح» عـن مسيرته العلمية وبحوثه في مجال الخلايا السرطانية نـداء وحـداء من جمعية الأنصار بالبوسنة إسلام أونلاين. نت: بعد ربع قرن.. المهاجرون من إسرائيل فاقوا القادمين بي بي سي-القدس: “حافلات الفصل” (بين النساء والرجال) في اسرائيل سويس إنفو: الأمم المتحدة تنتقد كردستان العراق بسبب حرية الصحافة القدس العربي: استطلاع: أغلبية المسلمين تريد رحيل القوات الأمريكية من الشرق الأوسط محمد كريشان: صـنـاعـة الأوهــام د. عمرو حمزاوي: المواطنة وسياقاتها الغائبة: ثنائيات الدين والعرق داود الشريان : تركيا تعلمنا المصالحة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الأستاذ عبد الرؤوف العيادي على شاشة قناة “الحوار”

إستضاف برنامج “حقوق الناس”على قناة “الحوار التي تبثّ برامجها من لندن  في حلقته الجديدة التي وقع بثّها مساء اليوم الإربعاء 25 أفريل ، الحقوقي التونسي المعروف الأستاذ عبد الرؤوف العيادي نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ، ولمن فاتته مشاهدة الحلقة يمكن له متابعة إعادة البرنامج في الأوقات التالية على قناة “الحوار”التي تبثّ على القمرين نايل سات و هودبارد :

–         على الساعة السادسة صباحا بتوقيت تونس ، وعلى الساعة الخامسة بعد الزوال بتوقيت تونس الخميس 26 أفريل . –         على الساعة منتصف النهار و النصف بتوقيت تونس والخامسة بعد الزوال يوم الجمعة 27 أفريل  و الساعة العاشرة صباحا  يوم السبت 28 أفريل بتوقيت تونس.


رسالة لرئيس زين العابدين بن علي بخصوص إفراج فوراً دانيال زروق

25 أبريل/نيسان 2007  فخامة الرئيس زين العابدين بن علي  رئيس الجمهورية التونسية  قصر قرطاج  قرطاج، تونس 2016  فخامة الرئيس،  تكتب إليكم هيومن رايتس ووتش ترجوكم الإفراج فوراً ودون شروط عن دانيال زروق الذي مضى عليه في السجن أكثر من 15 عاماً حتى الآن.  ولا تترك الدراسة المتأنية للأحكام التي صدرت بحق السيد زروق أربع مرات مجالاً للشك في أن القضاء التونسي أدانه مراتٍ كثيرة في الجريمة عينها، وهي الانتماء في حركة النهضة الإسلامية غير المعترف بها، وذلك في مخالفةٍ للقانون الدولي ولمجلة الإجراءات الجزائية؛ وكلاهما يحظر الحكم على المتهم أكثر من مرة واحدة بسبب جريمةٍ سبق وأن أدين أو تم تبرئته فيها (مفهوم عدم جواز محاكمة الشخص أكثر من مرة في الجريمة الواحدة – اتصال القضاء).  كما يساور هيومن رايتس ووتش القلق بفعل تقارير ترد من محامي الدفاع التونسيين ومفادها أن معاناة السيد زروق ليست فريدةً من نوعها بين سجناء المدد الطويلة من ذوي الصلة بحركة النهضة. فالمحامون يقولون إن من الشائع أن تصدر المحاكم أحكامها أكثر من مرة في الجريمة الواحدة بحق متهمين في قضايا ذات طبيعةٍ سياسية، وذلك بما يطيل أمد بقائهم في السجن.  ومن هنا فإن هيومن رايتس ووتش تأمل في قيام وزير العدل التونسي بإصدار تعليماته إلى القضاء حتى يدرس بعنايةٍ ما يطرحه المتهمون من حججٍ تقول إنهم يمثلون للمحاكمة، أو إنهم أدينوا، أكثر من مرةٍ واحدة في الجريمة عينها.  وإليكم وقائع حالة السيد زروق:  ولد السيد زروق في 23 يوليو/تموز 1955؛ وهو مقيم في مدينة رادس ويعمل مدرس التربية المدنية والإسلامية ووالد لثلاثة أطفال. ومنذ اعتقاله عام 1992، قامت السلطات بمحاكمته أربع مرات، مع إدانته كل مرةٍ بجرم “احتفاظ” منظمة غير مرخصة، إلى جانب تهمٍ أخرى. وهو حالياً سجين في سجن مرناقية.  وبموجب المادة 30 من قانون الجمعيات (القانون 154 لعام 1959) فعلى الأشخاص المشاركين في “احتفاظ أو إعادة تكوين جمعية غير مرخص فيها، سواءٌ على نحوٍ مباشرٍ أو غير مباشر”عقوبة الحبس من عام واحد إلى خمسة أعوام، وغرامة قدرها 100 ألف دينار، أو إحدى العقوبتين. وفي حين تشير المادة 30 من القانون 154/59 إلى جريمة “احتفاظ” منظمة غير مرخصة، فإن المحاكم عادةً ما تشير في الأحكام التي تصدرها إلى الجريمة بأنها “الانتماء” إلى منظمة غير مرخصة.  وفي محاكمته الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، طلب السيد زروق من المحكمة إسقاط التهم الموجهة إليه بموجب هذه المادة لأنه سبق أن حوكم وأدين فيها (اتصال القضاء). إلا أن المحكمة رفضت حجته هذه في كل مرة وقررت حبسه فتراتٍ جديدة بلغ مجموعها أربع سنوات في هذه الجريمة وحدها، علاوةً على السنوات الخمس التي تلقاها في المحاكمة الأولى. وقد فرضت المحكمة بحق السيد زروق ما فاق مجموعه 20 عاماً من السجن في هذه التهمة، وفي غيرها. وتعلم هيومن رايتس ووتش أن زروق نال تخفيضاً للحكم الصادر بحقه، وأنه سيفرج عنه عام 2009.  وخلال محاكماته كلها، ظل السيد زروق ثابتاً على إنكار جميع تهم المشاركة في نشاطاتٍ عنيفةٍ أو التخطيط لها، رغم إقراره بأنه من ناشطي حركة النهضة.  ومن حيث المبدأ، تعارض هيومن رايتس ووتش القوانين التي تجرّم “الاحتفاظ” أو “الانتماء” لأية منظمة سياسية (بمعزلٍ عن أي فعلٍ جنائي من قبيل ارتكاب أعمال العنف، أو محاولة القيام بها، أو التآمر لارتكابها). ولهذا السبب لا تتفق المادة 30 من قانون الجمعيات التونسي مع المبادئ الدولية المعترف بها لحماية الحق في حرية التنظيم.  كما أن القلق يساور هيومن رايتس ووتش بصدد مجمل مجريات محاكمات السيد زروق، وما إذا كانت منسجمةً مع المعايير الدولية للمحاكمة المنصفة. ففي مناسباتٍ كثيرة أصدرت المحاكم التونسية أحكاماً بحق أشخاصٍ متهمين بالانتماء إلى حركة النهضة، وذلك اعتماداً على إفاداتٍ انتزعتها الشرطة منهم أو من أحزابهم باستخدام تدابير قسرية غير جائزة. وفضلاً عن هذا، فإن السيد زروق وكثيرين غيره حكم عليهم بسبب نشاطٍ سياسي غير عنيف من قبيل حضور اجتماعات “غير مرخصة”. وهذا خرقٌ لحقهم في حرية الاجتماع.  وعلاوة على هذا القلق العام، تنزعج هيومن رايتس ووتش من الطريقة التي تتعامل بها المحاكم التونسية مع “انتماء” أو “احتفاظ” منظمة غير مرخصة بصفتها جريمةً مستمرة، وإلقاء عبء إثبات صلة التهم الموجهة إلى المتهم في المحاكمة الثانية بعين الوقائع والفترات الزمنية التي وُجّه إليه الاتهام فيها أول مرة على عاتق المتهم.  فخامة الرئيس،  في السرد التالي لوقائع قضية السيد زروق، نأمل منكم التجاوز عن شيءٍ من عدم الدقة يشوب عرضنا للمقتطفات المأخوذة من قرارات الأحكام. فلم يتيسر لنا على الدوام التثبت من النص بسبب تعذر قراءته في كثيرٍ من المواضع، وبسبب الأخطاء الإملائية والنحوية، وكذلك بسبب شدة اختصار الحجج التي توردها الأحكام.  في 28 مايو/أيار 1992، أصدرت محكمة بدايةٍ تونسية حكمها (رقم 20721) على السيد زروق بالحبس خمس سنوات بسبب مساندته منظمة غير مرخصة، فضلاً عن الحبس 16 يوماً بسبب حضوره اجتماعاً غير قانوني، والحبس 15 يوماً بسبب جمع الأموال دون ترخيص؛ وكذلك حكمت عليه بسنتين من الرقابة الإدارية بعد خروجه من السجن.  وفي 27 يوليو/تموز 1992، صادقت محكمة الاستئناف التونسية على قرار محكمة البداية (القرار رقم 72466). ويقول قرار المحكمة أن دانيال زروق ينتمي إلى حركة النهضة، “وذكر إنه مسئولٌ عن الدراسات منذ 1985” (صفحة 2). ولا يتضمن قرار المحكمة المكتوب أية إشارةٍ أخرى إلى الفترة الزمنية التي كان زروق خلالها عضواً في الحركة أو قدم خدماته لها.  وفي 27 يونيو/حزيران 1992، أدانت محكمة بدايةٍ تونسية السيد زروق مرةً ثانية بسبب “احتفاظ منظمة غير مرخصة”، وحكمت عليه بالسجن عاماً واحداً (القرار رقم 21610). ثم صادقت محكمة الاستئناف على القرار في القضية الثانية يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1992. وقال قرار محكمة الاستئناف (القرار رقم 72922): “ينتمي لحركة النهضة من سنة 1980، وعُين عضواً لمكتب النهضة، ثم بالمنطقة سنة 1985 ثم انتخب عامل منطقة تونس…. في الحركة الغير المعترف ولا مرخص فيها، حيث اعترف المتهم بما ]نسب[ إليه” (صفحة 1).  ولم يورد قرار محكمة الاستئناف أية تفاصيل أخرى عن عضوية السيد زروق في حركة النهضة. كما لم تنظر المحكمة في الحجج الشفهية التي قدمها الدفاع خلال محاكمة الاستئناف ومفادها أن زروق يحاكم في جريمة أدين فيها من قبل.  وفي 26 يناير/كانون الثاني 1994، حكمت محكمة استئنافية منعقدة بصفة محكمة بداية على السيد زروق بالسجن 10 سنوات بتهمة “تكوين عصابة بقصد تحضير وارتكاب الاعتداء على الأشخاص والأملاك”، وسنة أخرى بتهمة “حضور اجتماع غير مرخص”، فضلاً عن سنتين من المراقبة الإدارية بعد إخلاء سبيله (القرار رقم 18980). ونص قرار محكمة الاستئناف المكتوب على أن السيد زروق اعترف “بانتمائه إلى حركة النهضة وأنه استأنف نشاطه في صلبها بعد العفو عنه إثر التغيير [في نوفمبر/تشرين الثاني 1987]، وعين مشرفاً على جهة سيدي البشير وأنه حضر اجتماعاً بحي الزياتين أشرف عليه القيادي الحبيب اللوز الذي دعاهم إلى التفرغ للمواجهة وبعد ذلك تم اجتماع آخر… سترت فيه خطة المواجهة وأصبحوا ينفذونها تدريجياً بمسيرات سلمية ثم مسيرات مسلحة”. وأخيراً، قال القرار إن السيد زروق جمع التبرعات لمساعدة عائلات مساجين حركة النهضة. (الصفحتان 11 و12).  ودافع السيد زروق عن نفسه أمام محكمة الاستئناف قائلاً بوجوب تبرئته من تهمة “احتفاظ” حركة النهضة لأنه سبق وأدين بها مرتين. لكن المحكمة رفضت هذه الحجة زاعمةً أن ما من شيءٍ “يفيد محاكمته في شأن الانتماء عن زمن الواقعة… إن جريمة الانتماء جريمة مستمرة” (صفحة 13).  ومن هنا يبدو أن محكمة الاستئناف ألقت على كاهل المتهم عبء إثبات أنه يحاكم مرتين في الجريمة ذاتها. وهذا عبءٌ غير منطقي، إن لم يكن مستحيلاً، إذ أن الأحكام السابقة لم تحدد فترة ارتكابه جريمة الانتماء إلى الحركة إلا بإشاراتٍ عامة مثل “منذ 1985″ و”منذ 1980”.  وفي 23 مايو/أيار 1995، وفي قضيةٍ رابعة (قرار رقم 19630)، حكمت محكمة استئناف منعقدة بصفة محكمة بداية على السيد زروق (وكان في ذلك الوقت يمضي سنته الرابعة في السجن) بالسجن سنتين بسبب احتفاظه منظمة غير مرخصة، علاوة على سنة واحدة بسبب المشاركة في عقد اجتماعات بدون رخصة، وأربعة أشهر بسبب جمعه أموالاً دون ترخيص، فضلاً عن خمس سنوات من الرقابة الإدارية بعد إخلاء سبيله. وكان زروق واحداً من بين 36 متهماً في هذه القضية تزعم السلطات أنهم من أعضاء حركة النهضة.  ومن جديد، طالب السيد زروق بإسقاط تهمة “الاحتفاظ/الانتماء إلى” حركة النهضة انطلاقاً من أن المحكمة أدانته بها ثلاث مرات من قبل. لكن المحكمة قالت في قرارها المكتوب إن أحد شروط نجاح الدفاع في كسب البراءة استناداً إلى عدم اتصال القضاء هو قدرته على بيان أن جرائم الانتماء في الحالات المتعددة توفر “وحدة الزمان والمكان” (صفحة 19). وبالتالي، فإن محكمة الاستئناف تلقي مرةً ثانية على الدفاع عبء إثبات أن الوقائع كانت مختلفة في كل حالةٍ من الحالات. على أن المحكمة نفسها لم تميز بين زمان ومكان الانتماء السيد زروق في هذه القضية وبين زمان ومكان الانتماء في القضايا السابقة، وعمدت إلى إدانته مرةً رابعة بتهمة الانتماء.  ويبدو أن ثمة أدلة وافرة على أن المحاكم في محاكمات زروق الثانية والثالثة والرابعة قضت من غير إنصاف بإدانته في نفس الجريمة على نحوٍ يخالف مبدأ عدم جواز المحاكمة أكثر من مرة في الجريمة الواحدة.  تقول المادة 14.7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “لا يجوز تعريض أحدٍ مجدداً للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق وأدين بها أو بُرئ منها بحكم مبرم وفقاً للقانون ولمجلة الإجراءات الجزائية في كل بلد”. كما تقول مجلة الإجراءات الجزائية في المادة (5)4: “تنقضي الدعوى العمومية… باتصال القضاء”.  ويثير قلقنا أيضاً ما ألمحت إليه المحكمة في القرار رقم 18980 من أن عبء إثبات كون تهمة “احتفاظ” منظمة غير مرخصة تتعلق بفترةٍ تلقى المتهم حكماً عنها يقع على عاتق المتهم الذي يطلب إسقاط التهمة الجديدة عنه. ويناقض هذا الرفض القاطع لدفع المتهم بعدم جواز المحاكمة أكثر من مرة في الجريمة الواحدة يناقض مبدأ افتراض البراءة، وهو قاعدة قانونية عامة. وهذا المبدأ يلقي عبء الإثبات على عاتق النيابة العامة، لا المتهم؛ إذ تكون النيابة مطالبةً بإثبات توفر جميع أركان الجريمة، بما فيها إثبات كون الجريمة المنظورة أمام المحكمة متمايزة عن الجريمة التي صدر فيها حكم سابق.  كما يبدو هذا الرفض القاطع مخالفاً لمجلة الإجراءات الجزائية؛ فالمادة (4)168 من هذا القانون توجب أن ينص قرار المحكمة على “المستندات الواقعية والقانونية ولو في صورة الحكم بالبراءة”. وبموجب هذا الحكم القانوني يتعين على المحكمة عند رفضها اعتراض المتهم على التهمة بموجب مبدأ عدم جواز المحاكمة أكثر من مرة في الجريمة الواحدة أن تبين، بالحد الأدنى، علة تمايز الجريمة الأولى عن الثانية.  وكما أشرنا أعلاه، تصف المحاكم التونسية “الاحتفاظ” في منظمة غير مرخصة بأنها جريمة “مستمرة”. ويوحي هذا الوصف لنا بأنه يمكن محاكمة الشخص على هذه الجريمة مرة واحدة فقط عن فترةٍ مضت؛ فالفعل فعلٌ واحدٌ مستمرٌ متواصل منذ لحظة انضمام المتهم إلى المنظمة، وهو لا يتطلب أفعالاً إضافيةً من جانبه. لكن المحاكم التونسية في حالة السيد زروق قامت بتجزئة الفترة الماضية على نحوٍ يسمح لها بإدانته عدداً من المرات بجرم الاحتفاظ.  وبهذا المنطق، ما الذي يمنع محاكمة السيد زروق مراتٍ كثيرة منفصلة عن كل يومٍ من أيام انتمائه إلى منظمة “غير مرخصة”؟  ونود الإشارة إلى أن أحد محامي السيد زروق، وهو سمير بن عمر من نقابة المحامين بتونس، وجه إلى وزير العدل بشير تكاري في 17 يونيو/حزيران 2005 رسالةً تطلب منه إعادة النظر في الحكم على السيد زروق مرات متعددة بموجب المادة 30 من القانون 154/59، وذلك بغية تحديد ما إذا كان هذا يشكل خرقاً لمبدأ عدم جواز المحاكمة أكثر من مرة في الجريمة الواحدة. وقد قال لنا الأستاذ بن عمر إنه لم يتلقَ حتى اليوم رداً على رسالته المسجلة إلى وزارة العدل تحت رقم 63546.  كما وجهت هيومن رايتس ووتش رسالةً خاصة باللغة العربية إلى الوزير بشير تكاري في 16 مارس/آذار 2007 أوردت فيها تفاصيل قضية السيد زروق وطالبت بأدلةٍ على أن الإدانات المتعددة الصادرة بحقه كانت بسبب جرائم متمايزة. لكن الوزير تكاري لم يرد على الاستفسارات، ولم يعلن عن تلقيها، وذلك رغم ما تم بذله من جهدٍ لمتابعة الأمر.  ورغم عدم اقتناع هيومن رايتس ووتش بعدالة إدانة السيد زروق بتهم كثيرة لا علاقة لها بالانتماء، فإننا نود الإشارة إلى أنه فرغ عام 2003 من تنفيذ أحد عشر عاماً ونصف العام من عقوبة السجن التي تم فرضها عليه في هذه التهم.  ومن هنا فنحن ندعوكم إلى منح السيد زروق حريته دون شروط أو تأخير.  وقد أشرنا إلى الأسباب التي تجعلنا نعارض تجريم الأشخاص لمجرد انتماء/احتفاظ حزب “غير مرخص”. ونحن نحثكم على بدء إعادة النظر في تلك المادة من قانون الجمعيات بما يجعلها متفقة مع المعايير الدولية للحق في حرية التنظيم.  أما فيما يخص إدانة الأشخاص أكثر من مرة في الجريمة الواحدة، فتأمل هيومن رايتس ووتش في قيام القضاء التونسي بإجراء مراجعةٍ جدية للأمر، وفي الاستجابة الملموسة لاعتراضات الأشخاص الذين يزعمون أنهم تعرضوا، على نحوٍ غير منصف، للإدانة مرةً ثانية في نفس الجريمة. كما تأمل أيضاً في أن يعمل القضاء التونسي، في الحالات اللاحقة المتعلقة بمتهمين يستندون إلى مبدأ عدم جواز المحاكمة أكثر من مرة في الجريمة الواحدة (اتصال القضاء)، على تحميل النيابة العامة، لا المتهم، عبء إثبات كون الوقائع المنظورة متمايزة زماناً ومكاناً عن تلك التي حوكم المتهم بموجبها في مرةٍ سابقة.  نشكر لكم عنايتكم بهذا الأمر، ونرحب بتلقي أية ملاحظاتٍ من جانبكم.  مع وافر الاحترام،  سارة ليا ويتسن  المديرة التنفيذية  قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (المصدر: موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بتاريخ 25 أفريل 2007) الرابط: http://hrw.org/arabic/docs/2007/04/25/tunisi15756.htm


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 نهج المختار عطية 1001 تونس

الهاتف /الفاكس:71354984

Email: aispptunisie@yahoo.fr

تونس في 25/04/2007

بــيـــــان

 أعلمنا السيد عبد المجيد بوحجيلة أنه تمكن يوم أمس 24/04/2007 من زيارة ابنه السيد عبد اللطيف بوحجيلة الذي يقضي عقوبة بسجن المرناقية و قد أعلمه ابنه أنه ما زال يواصل الاضراب المفتوح عن الطعام الذي بدأه منذ 04 / 11/2006 للمطالبة بإطلاق سراحه و بتمكينه من من مقابلة محاميته الأستاذة راضية النصراوي كما يطالب بنقله من الغرفة التي يقيم بها بسجن المرناقية المخصصة لمساجين الحق العام الذين كثيرا ما يعتدون عليه بالسب و الشتم و استفزازه  بسب الجلالة و الاعتداء على الأخلاق الحميدة و يطالب أيضا بفتح بحث ضد رئيس الجناح المدعو ” الملّيتي“.

و قد كانت حالة السجين السياسي السيد عبد اللطيف بو حجيلة متدهورة للغاية و أصبح والده يعيش في حيرة كبيرة خاصة و أن ابنه يشكو من الربو و من مرض القلب و الكليتين.

كما أعلمنا السيد عبد المجيد بو حجيلة أنه سبق له أن تقدم بشكاية رسمت بوكالة الجمهورية بتونس تحت عدد 15087 بتاريخ 7 أفريل 2007 ضد كل من المدعو فيصل الرمّاني مدير سجن المرناقيّة و المدعو توفيق مسؤول المصحة بالسجن و المدعو سيف ملازم بالسجن المذكور من أجل الاعتداء بالعنف على ابنه عبد اللطيف الذي أصبح يعيش حالة من الرعب ربما تؤدي إلى المس بمداركه العقلية .

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تطالب :

– بإطلاق سراح السجين السياسي السيد عبد اللطيف بو حجيلة خاصة وأن خطورة الأمراض التي أصيب بها تجعل من المستحيل مراقبة حالته الصحية بالسجن.

– بنقله من الغرفة التي يقيم بها .

– بالتعجيل بالنظر في قضية الاعتداء عليه بالعنف الشديد من قبل مسؤولي السجن.

– و تحمّل إدارة السجون مسؤولية ما قد يصيب السجين المذكور من مكروه.    

 

رئيس الجمعية                                                                              

الأستاذ محمد النوري

 


بيان إلى الزملاء الصحافيين و إلى الرأي العام

بقلم: الصحفي التونسي محمود الذوادي   اليوم 25 أفريل 2007 شرعت المحكمة في تونس في النظر في قضية تبدو فرديّة و لكنّها في الحقيقة تُعتبر قضية عامّة تشغل جميع الصحافيّين التونسيين و تتعلّق بحرماننا من مُمارسة حقّنا الذي يكفله الدستور و الأعراف التي تنظّم المهنة ، في النشر . ففي الوقت الذي ظلّ القائمون على الإعلام يُلقون بمسؤولية تردّي وضع القطاع على كاهل الصحافيين ويتّهمونهم بمُمارسة الرقابة الذاتية ، أصبح أمامنا أن نختار بين الصمت و الصمت معناه القبول بهذه التهمة الخطيرة بما فيها من إهانة للذات البشرية ، و بين تحمّل مسؤولية الردّ على الذين يُمارسون منذ سنوات كلّ  الضغوط  المادّية و المعنوية لترهيب الصحافيين و اجبارهم على التخلّي عن مسؤوليتهم في المطالبة بحقّهم في ممارسة مهنتهم . و في هذا السياق إخترت كصحفي يُمارس المهنة منذ أكثر من 20 سنة ، أن أدافع على حقّي و أشهّر بحالة التعتيم التي تمنعني  وزملائي من القيام بواجبنا و تُباعد بيننا و بين أحداث تقع على بُعد كيلومترات من المؤسّسات الإعلاميّة لكنّنا نُجبرمن قبل أصحاب النفوذ على مُتابعتها عبر الأنترنت أو الصحافة الأجنبيّة مع أنّ المصلحة الوطنيّة و الواجب كان يحتّم أن نتولاّها قبل غيرنا . إحتراما للقانون ها أنّي أرفع قضيّتي إلى المحكمة إحتجاجا على منعي منذ 4 سنوات من مُمارسة عملي الصحفي و أجبر على القيام بمهمّة أخرى ، و هذا يتعارض مع إتّفاقيّة الشغل التي أمضتها مؤسّسة دار لابراس . إنّ هدف المنع واضح و ذلك بدعوى أنّ “مقالاتي لا تتماشى مع منهج الجريدة” ، و هذا الكلام هو بالضبط جواب ممثلة دار لابراس في الردّ على سؤال رئيسة المحكمة و ذلك أثناء الجلسة الصلحية بتاريخ 10 – 4 – 2007 . و حين تُصرّ الإدارة على تسيييس قضيّة مهنيّة ، يمكن للرأي العام أن يفهم حجم الضغوطات التي تُمارس على الصحافيين في تونس و تسلبهم سلطتهم . إنّي أعتبر أنّ هذه الخطوة القانونية و الإحتجاجيّة ضرورة يُحتّمها علينا الواجب والميثاق المهني الذي نُدافع عنه ، وأدعو كلّ زملائي من الصحافيّين و الحقوقيين إلى مُساندة قضيّتي نُصرة لحريّة التعبير ولحرمة الصحفي و قدسيّة المهنة .  


بــلاغ من موقع الحزب الديمقراطي التقدمي PDPinfo.org

تعرض موقع الحزب الديمقراطي التقدمي”PDPinfo.org” إلى عملية قرصنة وإتلاف فقدت خلالها قائمة عناوين البريد الإلكتروني لرسالة الموقع. نرجو من  قرائنا إعادة التسجيل وذلك ببعث رسالة إلى العنوان التالي: info@pdpinfo.org والسلام المسئول على الموقع


الحوار نت يجدّد تضامنه الكامل مع “الموقف”

سبق للحوار نت أن عبّر عن مساندته وتضامنه مع الزّملاء في الموقف ضدّ هجمة السّلطة التونسية على المعارضة التونسية. واليوم وبعد تنفيذ تلك التّهديدات التي وصلت الصّحيفة ، فإننا نجدّد وقوفنا الغير مشروط مع الموقع المخترق ونعلن استنكارنا الشّديد لكل محاولة لإسكات الأصوات التي ظلت على مدى سنوات منبرا للكلمة الحرّة. ونحن نعتقد أن المستفيد الوحيد من محاولات إختراق المواقع الجادّة والهادفة إنما هي الأطراف المعادية للحرّية وحقوق الإنسان؛ وأن ما حدث هو محاولة مستمرة بطرق أكثر خسّة من محاولات الطرد من المقرّ لإسكات تلك الأصوات  عن  قول الحقيقة. الحوار نت 24/04/2007
 

 

منظمة حقوقية تطالب تونس بإطلاق سراح سجين سياسي

نيويورك (رويترز) – طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بالافراج فورا عن ناشط سياسي تقول انه ادين بشكل غير قانوني عدة مرات عن نفس الاتهامات. واضافت المنظمة التي يوجد مقرها في الولايات المتحدة ان دانيال زروق اودع السجن في عام 1992 ومنذ القبض عليه ادين اربع مرات بالانتماء الى حركة النهضة الاسلامية المحظورة في تونس. وفي رسالة الي بن علي دعت هيومن رايتس ووتش ايضا الى مراجعة جميع قضايا السجناء الذين يقضون احكاما متعددة بالسجن عن مخالفة واحدة وهو ما قالت انه انتهاك للقوانين الدولية والمحلية. واضافت ان المحاكم التونسية أصدرت احكاما بالسجن يصل مجموعها الي أكثر من 20 عاما على زروق بتهمة الانتماء الى حركة النهضة وتهم اخرى. وقالت المنظمة انها على علم بان الاحكام على زروق خففت وان من المنتظر ان يطلق سراحه في 2009 . وفي نوفمبر تشرين الثاني قالت جماعات حقوقية ان تونس أفرجت عن 55 سجينا سياسيا بمقتضى عفو سنوي في ذكرى تولي بن علي الحكم. لكن منظمة العفو الدولية قالت ان 100 سجين على الاقل من اعضاء حركة النهضة كانت صدرت عليهم ايضا احكام بالسجن بعد محاكمات غير عادلة في اوائل عقد التسعينات لم يطلق سراحهم. وتقول الحكومة التونسية انها ملتزمة بتعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وتصر على أن منتقدي سجلها لحقوق الانسان منحازون ويعبرون عن اراء اقلية تسعى الي تشويه صورة البلاد في الخارج. وتنفي تونس بشكل قاطع استخدام التعذيب وتقول انه لا يوجد فيها أي سجناء سياسيين. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 25 أفريل 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
 

إعلامية تونسية على رأس الفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان

كمال بن يونس تونس- بي بي سي انتخب المؤتمر العالمي للفيدرالية العالمية لمنظمات حقوق الإنسان ـ التي تضم 140 منظمة حقوقية ـ الناشطة الحقوقية والإعلامية التونسية سهير بلحسن رئيسة له. وبذلك تكون السيدة سهير بلحسن الرئيس العاشر والسيدة الأولى التي تتولى المسؤولية الأولى على رأس المنظمة الحقوقية العالمية التي تتخذ من باريس مقرا دائما لمركزيتها. وقد فازت الحقوقية التونسيةـ في مؤتمر لشبونة ـ برئاسة المنظمة الحقوقية بعد منافسة قوية مع مرشح منظمات أمريكا اللاتينية الـ30. وقد استفادت خاصة من دعم المنظمات الإفريقية والأسيوية الأوروبية لها. وتستلم الحقوقية والإعلامية التونسية سهير بلحسن رئاسة المنظمة الحقوقية العالمية خلفا للمحامي السنغالي سيديكي كابا ..بينما كانت رئاستها تسند سابقا و بالأساس إلى شخصيات أوربية و خاصة إلى حقوقيين بارزين من فرنسا مثل السيد باتريك بودوان الذي منع مرارا من دخول تونس خلال الأعوام الماضية، بسبب تصريحاته التي وصفت ” بالمعادية ” و” الوقحة ” “ضد تونس ورموزها “. وقد عرفت سهير بلحسين البالغة الـ63 من عمرها كاتبة صحفية ومراسلة طوال 25 عاما لمجلة “جون أفريك” ( إفريقيا الفتاة ) التي يصدرها من باريس الإعلامي التونسي البشير بن يحمد منذ حوالي خمسين عاما، والتي لها رواج في أوساط النخب والمثقفين في البلدان الناطقة بالفرنسية وخاصة في شمال إفريقيا. وقد عرفت سهير بلحسن بمراسلاتها الجريئة مما تسبب في منعها مرارا من الترويج في تونس خلال العقود الماضية؛ خاصة عندما تطرقت لعدد من المحظورات في عهد الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، ومنها ملفات الإسلام السياسي ومعركة الخلافة وخفايا الصراعات بين أجنحة القصر والحكومة والأحزاب القانونية وغير القانونية والنقابات. كما خاضت السيدة سهير بلحسن تجربة إصدار مجلة ثقافية سياسية تصدر في تونس تعنى بالتلفزيون والإعلام. لكن مجلتها سرعان ما توقفت بعد أزمة مالية خانقة لأن المؤسسات التي تعاقدت معها على نشر إعلانات على أعمدتها أوقفت كلها التعاون معها ” فجأة ” في خطوة فسرت وقتها ب” استياء ” عدد من الرسميين من محتوى تلك المجلة . وقد انخرطت الإعلامية سهير بلحسن في الأنشطة الحقوقية والنسائية وناضلت في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى أن انتخبت في المؤتمر الوطني عام 2000 عضوا في هيئتها المديرة فنائبة للرئيس مكلفة بالعلاقات الخارجية، ثم عضوا في قيادة الفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان خلال مؤتمر المنظمة في كيوتو عام 2004. و تميزت السيدة سهير بلحسين وعدد من رفاقها مثل الإعلامية والحقوقية سهام بن سدرين(رئيسة المرصد الوطني للحريات غير المعترف به) والمحامية راضية النصراوي ( رئيسة فرع شمال إفريقيا للمنظمة العالمية لمكافحة التعذيب ) والمنصف المرزوقي الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان خلال العشرية الحالية بتكثيف تحركاتهم الحقوقية في بروكسيل وجنيف والعواصم العالمية، وبمشاركتهم في العديد من المؤتمرات العالمية المناهضة للتعذيب والمناصرة لحقوق المرأة ولتحسين أوضاع الحريات الصحفية والسياسية في العالم وفي دول الجنوب خاصة. وهو ما جعلهم عرضة لانتقادات لاذعة في وسائل الإعلام التونسية الرسمية، وفي خطب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شخصيا. وكان آخر تحذير وجهه الرئيس التونسي لهؤلاء، خطابه يوم الاثنين الماضي بمناسبة الاحتفالات في تونس باليوم الوطني للجمعيات. و حذر بن علي من الخلط بين النضال الحقوقي و”التبعية لجهات أجنبية “. كما خاضت سهير بلحسن تجربة الكتابة فنشرت مع الإعلامية الفرنسية التونسية صوفي بسيس كتابا عن بورقيبة منع في عهد بورقيبة وسمح ببيعه عام 1990، ثم كتابا آخر بالاشتراك مع صوفي بسيس أيضا في العقد الماضي عن “النساء في منطقة المغرب العربي”. (المصدر: موقع بي بي سي أونلاين بتاريخ 25 أفريل 2007) الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/news/newsid_6591000/6591727.stm

 

 

الحوار نت تحاور الأستاذ الفاضل البلدي

الحوار نت : أستاذ الفاضل البلدي مرحبا بك ضيفا على صفحة الحوار نت. الأستاذ الفاضل البلدي:  الــسـلام  عـليـكم و رحـمـة  الله  وبـركــاتــه الحوار نت :   بداية لو نعرّف السادة القراء من هو الأستاذ الفاضل البلدي فاضـل الـبلـدي  مـعلّم  ثم  تاجـر ، أب لي أربـعة أطـفـال ( بـنت و3 أولاد  ) من مديـنة بـوسـالم – بـالـشـمال الـغـربي نشأت في عـائـلة ريـفية فلاحية. الحوار نت :  كيف كانت بدايتك في العمل الإسلامي؟ الأستاذ الفاضل البلدي: كـان تديني مـبكّرا  وقد  يـكون بسـبب الانتماء  لأب  زيـتــوني  وعـائـلة ريـفية  محـافـظـة ، ثـم بــدأت الـمـشاركــة و أنـا تـلـمـيذ مـقـيــم  بـمـعـهـد خـزنـــدار حـيث كـان لــنـا  بـيت صـلاة بـالـمـبـيت و ذلـك في سـ1967ـنة و كــنّا و نـحن تــلامــيـذ نتـبادل بـعـض الأحـاديـث الـديـنـيـة (قــراءة الـقـرآن و الأحـاديـث) كـما بـدأنـا مبـكّـريـن الـمـشاركـة في الـحـركـة الاحتجاجية الـطـلابـية  والـتلميـذيـة في سـ1968ـنـة ضـمن وعـينا الـشـبابي في ذلـك الـوقت الـمـبكّـر، وتـطور الأمـر قلـيلا في سـنة1970عـندمـا انتقلت للـدراسة بمـعـهد ابن شـرف، وبـدأت أشـهد اللـقاءات الفكرية الأسـبـوعـية بقـر الـجمعـية الـقومـية للمـحافـظة عـلى الـقـرآن الـكـريـم بنهج سـيدي بن عـروس بالـمديـنة العـتيـقة حـيث شـهدنـا محـاضرات الشيخ الزيتوني الحـبيب المتـساوي و د. فـاضل الـجمالي ( رئيس وزراء العـراق الأسبق/ لاجئ بتونـس) و الشـيخ محمد الشاذلي الـنيـفر أحـد مـشائخ جـامع الزيتـونة،  كـما حـضرنا محـاضـرات الشيخ م الـفاضـل بن عـاشـور في كلية الشـريـعة عنـدما كنت ملحـقة بكلية الآداب شارع 9 أفـريل بتونس العاصمـة ، كما بـدأت أتابـع بعـض دروس مشائخ الزيتونة و الشيخ حـسن الخـياري و الشيخ عـباس والشيخ الزغـواني. و بـدأت معالـم العمل الإسـلامي المـنظم تنضحُ من خـلال نـدوات الـجمعـية القـومية للمحافـظة عـلى القـرآن الـكريم و الإعـتكافات بمـساجـد العاصمـة و الخرجات على منهج جماعـة التـبليغ، حـيث سـاهمت تلك النـدوات في بـلورة الأفـكار و بدأ التعاطي مع الـفكر الإسلامي ممثلا في كـتب  أبي الحـسن الـندوي و أبي الأعلى المـودودي والجزائري مـالك بن نبي و كتب الإخـوان المسلمين في مصر و سـوريا ، وتجدر الإشـارة إلى أن  بدايات العمل الإسـلامي كان  يوجّـههـا عملان اثنـان أحـدهـما  فكري يقـوم على المـطالـعة و شـهـود الـندوات الفكـرية و ثـانيهما عملي و يتمـثل في الإعـتكافات و حلقات الـوعـظ و الخـرجات، ثم تدعّـم هـذا عـندما بدأت تتكوّن نخبة طلاّبـية في الأحـياء الجـامعـية ( رأس الطـابية ، بـاردو 1 و2) . وقـد تـتوّج هـذا الـعـمل بالإهـتداء إلى ضـرورة تـأسـيس حـركة منظمة تقـوم على إيـجاد حلقات تكـوينية تنظم الـشباب إرهاصات الـتخطيط لـتنظيم الـعمل في الجامعة و المعاهـد و المـساجـد وتـدعّم هـذا بإيجـاد منبر إعلامي هو مـجلة الـمعرفـة لـصاحـبهـا الشيخ عـبد الـقادر سـلامـة رحـمه الله ، الذي آوى اللقاءات الـتنـظيمية الأولى في مـزرعـته بـمرناق و فتح مـقرّ مـجلته لـفعالـيات الحـركة الإسـلامـية في ذلك الـوقت ، كما كان لـزمـيله الشيخ محمد صـالح النـيفر دور كبير في رعـاية العمل الإسلامي الـناشئ من خـلال الـدروس و الحـلقات و النـدوات الأسبوعية في البيت أو جـامع سيدي يـوسف  وجـامع صـاحب الـطابع و جـامع أبي مـحمد . . . الحوار نت : أنت من مؤسّسي  حركة الإتجاه الإسلامي سابقا و حركة النهضة حاليا لو تبيّن لقراء الحوار نت دور الحركة في ترشيد الصحوة و تأطير الشباب؟ الأستاذ الفاضل البلدي: لـقد تطـوّر الـعمل الإسـلامي تـدريجـيا فكرا و مـنهـاجا و تـوسّع بـشكل سـريع خـلال الـسبعـينات حـتى انعقد المؤتمر الأول للجماعـة الإسـلامـية في سـ1978ـنة حيث أشـرفت على الإعـداد الـتنظيمي للمؤتمر.و انتهى المـؤتمـر بآنتخـاب أمـير للحـركة و مـجلس شـورى لأوّل مــرّة . و أصـبحت هـناك لـجان متخـصّصة تـعـنى بالـتنـظيم و الإعـلام و الـتكـوين و الاقتصاد الـقطاعات التـلمذية و الـطلابـية ، و بـدأ الـتفاعل العملي مـع القضـايا الـوطـنية ( النـقابية) و الـقضايا الـعالمية ( الـثورة الإسـلامية في إيـران) و كان لـذلك أثـر كبـير في تـطور حـضور الحـركة في الـحياة العـامـة و هو ما لـفت إلـيها الأنـظار بـقوة وكـانت مـنابـرها الإعـلامـية  ( الـمـجتـمع/الـحـبيب ) ذات  إسـهام قـوي في تـوسيع إشـعاع الـحركـة الإسـلامـية،كـما أنّ تـوسّعهـا الأفقي في الـجـامـعة و المعـاهـد والمساجـد و دور الثـقـافـة و الكـشافــة نبـه السـلطـة فبـدأت تـفـكّر في محـاصـرتـها و التـضييق علـيها ثمّ إنّ تطـور الأحـداث في الـجامـعة و الـمعـاهـد الـثانـوية و غـلبـة الـعنصـر الـشبـابـي على الـحـركة و تأثـره بـزخـم الـثورة الإيرانـية و محاكـاته لـها في أشـكال الـتحرك جعل الإسـلامـيين هم الحاضر  الأكـبــر في الـحيــاة الـسـياسية ، فآنـعقــد الـمــؤتمر الثــاني للحـركـة الــذي آخـتـــار الإعــــلان عــن مـيـــلاد حركة الإتجـاه الإسـلامي كـخـيار طـبيعي لـتطور الـحركـة و آنـسجاما مع تطـور الأوضـاع الـعامـة في الـبلاد و محـاولـة للـتوقي من الحـمـلـة الأمـنـية الـمنـتظرة . و لــكن هـــذا الـسلوك لم يـمنع الـسلطة من مـواجـهة الحركة و الزج بجل قـياداتها المـركزيـة أو الـجـهويـة في الـسجن . وكــان ذلـك سـببـا في إيـقـاف و عـرقـلة  الـتطـور الـطبـيـعي للحـركـة الإســلامـية . حـيث سـجن الـعـدد الأكـبر مـن الـقـيـادات الـمــؤسـسـة وهــاجــر الجزء الآخـر و كـنت منهم إلى أوربـا. و في سـ1984ـنة أفــرج حـركـة الإتجـاه الإسـلامـي و عـدت أنـا من فـرنسـا .  وآنـشغلت الـحركـة بتـقييم مـسيرتـها من نـاحـية و إصـلاح بـناءهـا وتـطويره و لكن وقع بعض النـكوص عن الخـيار العلني و بقيـة  تتـجاذبـها و جـهتا نظـر الأولى تـدعـو إلى تـكريـس  الـعلـنيـة و الثانية تـؤكد على سـرية المـؤسسـات و القيادات و بدأ من جـديد الاحتكاك مـع الـسلطـة حـتى الاشـتباك  من جـديد و ابـتليت الحـركة الإسـلامية ابتـلاء أشـد بحمـلة الإعـتقالات في سـ1987ـنة ، و لـكنـها نجحت في تنـظيــم الحـركـــة الإحـتجاجـيــة الـشعـبيـــة   ( مـظاهـرات ، مسيرات ، مناشـير ، بيانات وتعـبئة عـامة. . .) التي هـيأت مناخ وظـروف الـتغيـيــر ، ولـكــن نبّـهت إلى خـطــورة الحركــة الإسـلامـية من حـيث التـنظـــم و الجـماهـيرية و الـبرامج و غيـره و هو مـا جـعل الحاكـم الجـديـد ينــظر إليهـا بعين الـريـبــة دون أن يمنــع ذلـك من الإنـفتاح عـليهـا و فسح مـجالات الـعمل لـها ( حـوار – رخـصة مجـلة ) اعـتراف بتنظـيمها الطـلابي و لـكن الحـركـة الإسـلامـية وقعت في خـطإ الإعـجاب بالـنفس و سـوء التـقديـر لـلنـظام الجـديـد الحـريــص على تـوفـير شـروط الاستمرار  لـنفسه .كـما كـانت سـهلة الآسـتدراج من طـرف خـصومـها الـسياسـيين الذين عـمــلوا على حـرمـانـها مـن فـرصـة استـثمـــار مـا تـراكـم من مـكـاسـب عـبـر الــسـنـوات الـمـاضـية . و جـاءت الانتخــابــات التــشريـعيــة التي كـشـفــت للــنـظام خـطورة حـركـــة الـنهـضة و أنـها غـير قـابـلة للـضـبط فوقـع إســتـداجـها  مــن جـديـــد لمـعركـة جـديـــدة و لـكــن هـذه الـمــرة مع نـظام فتي يـمــلك المعـلومـات عن الـحركـة و يـقدر خـطرها . فـوقـعت في مـحنة جـديـدة آمـتـدت لـعقد و نـصف و طـالت جـل أبـناء الـحركـة وكـانت شـديـدة من كـلّ الـنواحـي الـنفـسية و الاجتماعــية و الـمــاديــة والـثقـافـية و الـسياسيــة . فـأعــادت الـحركـة الإسـلامـية عـشرون سـنة إلى الـوراء . بـل إنـها ارتـدت بالمـجـتمـع كـلّــه إلى الــوراء ، و أهـــدرت فـيـها إمــكانـات بـشـريـة و مـاديـة كــبـيـرة . الحوار نت :  أين يقف الأستاذ الفاضل البلدي الآن من حركة النهضة ؟ الأستاذ الفاضل البلدي: لـقد آخــترت في سـ1991ـنة تـجـميد عــضويـتي في حـــركـة الـنـهـضة آحـتجـاجـا عـلى أحـــداث الـعـــنف الـمـنسـوبـة إلـيـهـا ، وآعــتــراضـا  عـلى مـخالـفـة مـنـهـاجـها و دسـتــورهــا و رغــبـــة في إيــقــاف الـتـدهـــور و مــحاولــة  لـحـمايــة مــا تــيـسّـر من الأعــضـاء ، وحـتـى لا أنــزّه نــفسي قـد يـكون في ذلــك بـعـض جـبن. و لـكـني أردت أن أكــون شـاهـدا عـلى مـا يـجـري في الـوطـن لـذلـك آثـــرت الـبـقــاء في الـــبلاد قـــانـعـا بـهامــش بـسـيط من الـحـريــة و راضـيـا بـالـقـيل و الـقـال مـن نـاحـية الإخــوان و الـمـلاحــقة والـمـتــــــابـعـة من نـاحـيـة الـسـلـطان و حـاولـت أن أبــقـى واقـفـا مـا آسـتـطــعت أصـل الـبـعـض و أواسـي الـبـعـض الآخــر. أتــعـهد الـبـعض بـالـنـصيـحة و أشــحذ الـهـمـم لـتـبـقى  صـــامــــدة و أراقـب الـتـحــــولات في الــمـجـتـمـع بعين الـمـثـقف و الـسـياســي و رجــل الـتـعـلـيـــم و الـتاجـر . و قـد أدركــــت بـحـكم هــذا الــشهــود حــجــم الــخـــســـارة الـتي لــحـــقــت الـمـجـتـمــع الـتـــونـسي بـسـبـب الـمـواجــهـة الـتي حـصـلـت بــيـن الـنـظــــام و الـحـركــة  و أنــا الــيوم حـريـص كـلّ الــحـرص عـلى أن تــنـتـهي هـذه الـمـحـنـة بـخـيـر و أن تـتـمّ مــصـالـحـة سـيـاسـيـة تـقـوم عـلى الـمـصـارحـة و الـتـقـويـم الـرّصـيـن ، و أن يــكـون لــنـا مـن الـشـجـاعـة مـا يـجـعـلـنـا قـادريـن عــلى الإعــتـراف بـمـا لـنـا و مـا عـلـيـنـا ، و أنــا لــسـت مـن الــذيـن يـبـالـغـون في آتـهـام الآخــر وتـبـرئــة الـنـفـــس و صـــــدق الله جـل و عـلا ( ومـا أبـرّئ نـفـسي إنّ الـنـفـس لأمـارة بـالـسـوء . . . ) و أعـتـبـر أنّ الـحـركـة الإسـلامـيـة مـــسـؤولــــة قـبـل غـيـرهـا عـن الـسـعـي إلى تـأمـيـن الـمـصـالـحـة و إقـامـة الـسـّلــم الإجـتـمـــاعـي . و أنـا حـــريـص عـلى الـنـهـوض بـمـسـؤولـيـــتي في تـرشـيــد الـصـحـوة الإسـلامـيـة و حـسـن آسـتـثـمـار مـا تـراكـم من مـكـاسـب وتـجـنـيـب الحـسـاسـية الإسـلامـيـة مـا يـمـكن أن يـطـرأ عـليها مـن تـنافـر وتـدابـر و ربّـمـا تـنـاحـر لإيـمـــاني بـأنّ الـحـركـة الإســـلامـيـة يـنـبـغـي أن تـكــون عـامـل إثـــراء و آسـتـقرار في الـبـلاد . الحوار نت :  مع تواصل التضييق على الحريات في تونس تبرز من حين لآخر مبادرات لتفعيل العمل المشترك آخرها 18 أكتوبر كيف تقيّم هذه التجربة؟ و هل لا زلت تراها إطارا للعمل المشترك. الأستاذ الفاضل البلدي: لا شــكّ أنّ تــونــس شـهـدت تــراجــعـا فـي الـحـريـات و تـخـلّـفـا عـن الـنـمـو الـطـبـيـعـي و آلـتـفـافـا عـلـى الـشـعـارات  الـتي رفـعـهـا الـنـظـام الـجـديـد مـنذ تـسعـة عـشـرة سـنة (19 ) و لـكـن الـمـعـارضـة في ظـنّي لـم تـفـهـم طـبـيـعة الـتـحـولات الـتي وقـعت في الـبـلاد و خـــاصـة مـا وقـع من تـفـكك في الـمـجـتمع بـأحـزابـه ومـنـظـمـاتـه و جـمـعـيـاتـه و مـا أصـاب الـمـواطـن من فـتور في الـحـمـاس و الـنـضـالـيـة من جـهـة ووقـوع فـي مـصـيـبـة الآسـتـهـلاك مـن جـهـة أخـرى . كـمـا أنّـهـا بـقـيـت طـوال الـسـنـوات الـمـاضـيـة تـتّـهــم الآخر وتـحـمـلّـه مـسـؤولـيـة تـردّي الأوضـاع … دون أن تـقـوم بـنـقـد ذاتي يـسـاعـدها عـلى تـحـديـد مـسـؤولـيـتـها  هي من حيث خـطإ مناهجها و قصور وسائلها و محدودية إمكاناتها و تـفـرّق كـلـمـتـها ورغـم تـنامي عـدد الأحـزاب ومـشـاركـة بـعـضـهـا في الـمـنـاسـبـات الآنـتـخـابـات ودخـولــها الـبـرلـمـان إلاّ أنـّهـا بـقـيـت مـحـدودة الأثـر والـتـأثـيـر غـيـر قــادرة على مـنـافـسـة الـحـزب الـحـاكـم في الـبـرنـامـج أو تـعـبـئـة الـجـمـاهـيـر بــل بـقـيـت عـرضـة للإحـسـاس و الـمّـن و هـو مـا لا يـمـكـن مـعـه إحـداث تـوازن في الـحـيـاة الـسـيـاسـيـة يـسـاعـد على تـطـويـر الـبـلاد في الاتـجـــاه الـصـحـيـح و الـمـطــلـوب وأحـسـب أنّ مـبـادرة 18 أكـتـوبـر مــازالــت في طـور الـبـحـث عـن نـفـسـهـا رغـم الـهـالـة الإعـلامـيـة التي رافـقـت نـشـأتـهـا ولا يـحـسـن بـالـتـابـعـيـن لـلـشـأن الـعـام أو الـمـتـطــلّـعـيـن إلى الـمـشـاركـة في عـمـل مـعـارض فـعـّال أن يـغـالـطـوا أنـفـسـهـم أو يـقـعـوا في آفــة الـتـضـخـيـم أو الـغـرور . لأنّ الـعمـل السـياسي في ظـني لا يـنبـغي أن يـقـوم على المزاجـيـة أو الارتـجـال أو الحسـابـات الضيقة. الحوار نت : كيف يرى الأستاذ الفاضل البلدي دور المهجر في معركة الحريات ؟ الأستاذ الفاضل البلدي: أنا معترض آبتداءا على مصطلح المهجر, ولكنّي سأتحدث عن الفعاليات الإسلامية التي آضطرتها المحنة إلى الآغتراب ثم طال بها المقام هناك وتحمّلت مسؤولية الحركة الإسلامية في الداخل متابعة وآحتجاجا ونهوضا بالعبء الاجتماعي… وكلّما آمتدّ الزمن كلّما غابت المعلومات وقلّ الحماس وكثرت المشاكل وفترت العلاقات وبدأت عملية الآستقرار في الموقع الجديد. و هو حال جلّ الفعاليات الإسلامية في الغربة. أنا بحكم التجربة أخاف كثيرا من الإبطاء في الغربة بالنسبة للمشغولين بالعمل الإسلامي لأنّه كلّما تقدّم الزمن ولم يتحدد الدور و الوظيفة للموقع الجديد قلّت الجدوى وتضاعفت مخاطر الاستقرار ولم يعد مقبولا الادّعاء بتسيير العمل الإسلامي في الداخل بل المطلوب التواضع ومصارحة النفس و عدم إهدار الإمكانيات المادية في الآتصال غير المجدي بالفعاليات الإسلامية بالداخل.  “شحذا للهم أو طلبا للمعلومات أو تكليفا بالمهمّات أو تشاورا أو …” و في ظنّي أنّ المغتربين مدعوون: أ-   الآستفادة من مـواقـعهم في بـلدان الإغـتراب للتـعريف بـقضـيتـهم و بـناء شـبكة مـن الـعـلاقـات مـع الـمنـظـمات و الـجـمعـيات و الـهـيئات و وسـائل الإعـلام تـساعـد عـلى تـخفـيف الـضـغط عـلى إخـوانـهم في الـداخـل ب –  تحـقـيق مـا لا يمـكن في الـدّاخـل مـن تـدريـب الـقـيادات و تـأهـيـلهـا اسـتفادة مـن مـناهـج الـحـرية و تـوفـر وسـائـل و فـضاءات الـتدريـب . ج-  تـوجـيه الـشـباب لـتحـصـيل و آكـتـساب الـمـعارف في مـخـتلف الـفـنون و آلاخـتصـاصـات اسـتعـدادا للـمـستـقـبل الـمـنـظور . د-  تـكـويـن مـكاتـب دراســات تـلبي حـاجـات الـحـركـة و الـبـلد و تـساهـم في الـتـطـويـر رجـاء لـنـهـضة جـديـدة مـؤسـسـة على الـمـعرفـة و الـعـلم . هـ-  الإسـتـفــادة من كـل أبـنــاء الـحـركـــة الـمـغــتـربــين دون إقـصـاء و لا تـهـمـش اسـتــمـاعـا و تـشــريـكــا و إحـاطـة  . لأن الـحـركـــة مـحـتاجـة لـكل أبـنـائـها و تـتـسـع لـكـل الآراء بـعـيدا عـن الـولاءات الـشـخـصـية أو الـمـنـافـع الـمـاديــة أو غــيـره مـن أسـباب الـتـفرق . و-  بـناء تـجـربـة إقـتـصـاديـة مـتـطورة تــفي بـالـحـاجـات الـيـومـيـة و تـوفـر الــقـوة الـمـاديـة الـتي تـسـنـد الـعـمـل مـسـتـقـبلا و تـلّـبـي كـلّ احـتـياجـاتـه . الحوار نت :  برزت في الفترة الأخيرة أفكار و مبادرات مرجعيتها إسلاميّة و يعتبرها البعض مغالية و بعيدة عن الفكر الوسطي ، كيف تقيّمون الساحة الدعويّة في تونس؟ الأستاذ الفاضل البلدي: لا شـك أن الـمـحـنـة الـتي آمـتـدت خـمـسـة عـشـر سـنة وطـالـت آلاف الـعـائـلات و أشـاعـت الـخـوف و الـرّعـب و خـلّـفت آثـارا نــفـسـية و اجـتـمـاعـيـة و مـاديـة كـبـيـرة و أخـلت الـمـسـاجـد مـن روّادهـا قـد تـركـت فـراغـا رهـيـبـا زاده عـجـز الـدولـة و عـدم نـهـوضـهـا بـواجـب الـتوجـيه الـديـني الـصـحـيح و آنـسحـاب و آسـتـقـالـة الـمـثـقـفـين زاد هـذا مـن إحـداث فـراغ ديـنـي كــبـير لـكن شـاء الله أن يـحـيـي الـديـن مـن جـديـد فـآنـتـشـرت الـقـنـوات الـفـضـائـيـة و تـنـوعـت وسـائـل الإتـصـال ( إعــلام – أنـترنـت ) و رصـت الأحـداث الـعـالـمـيـة وعـي الأمــة و خـاصـة شــبابـهـا ( غـزو أفـغـانـسـتان – الـشـيـشـان – كـوسـوفو – الـصـومـال – الـعـراق – فـلـسـطـين . . . .) فـآمـتـلأت الـمـسـاجـد مـن جـديـد وآنـتـشـرت مـظاهـر الـتديـن في كـلّ الأوسـاط مـتـلـقـيـة الـمـعـارف الـديـنـيـة عـن الـقـنـوات الـفـضـائـيـة و مـواقـع آلانـتـرنت إلى غـيـر ذلـك مـن وسـائـل الإتـصـال الـجـديـد . كـلّ ذلـك مـن غـيـر ضـابــط و تــوجـيـه  ولا  أدوات تـمـحـيـص و فـي غــيـاب الـحـركـــة الإسـلامــيـة و فــعـالـيـاتــهـا مــن نـاحـيـة و آسـتـقـالـة الـمـؤسـسـات الـرسـمـيـة و قـصـورهـا مـن نـاحـيـة أخـرى كـما يـنـبـغي الإشـارة و الـتـشـديـد مـن جـهــة أخــرى  إلى أنّ خــصـــوم  و أعـــداء الإســـلام و الـعـالــم الإســـلامـي كـانـوا يـراقـبـون الـصـحـوة الإسـلامـية بـعـين الـريـبـة و الـحـذر الـشـديـد و يـرصـدنـهـا رصـدا و يـخـطـطـون  للالـتـفـاف عـلـيـهـا وتـوجـيـهـهـا في غـير الـوجـهـة التي تـخـدم الأمـة فــروّجـوا للارهــاب ثمّ حـرّضـوا الأنـظـمـة عـلى الـحـركـات الإسـلامية و على الـشـباب بـإعـتـباره مـسـتـقـبل الأمـة و قـلـبـها الـنـابـض و الـشـباب في بـلادنـا بـين خـطـريـن كـبـيريـن إمـا الإنـحـراف بـما يـعـنيـه مـن تـدخـين و كـحـول و مـخـدّرات و جـنـس ، أو الـتـديـن و مـا قـد يـنـتـهـي إلـيـه من تـطرف و تـكـفـير و وقـوع في خـطر الإرهـاب لأنـه لا يـجـد دولـة نـاهـضة بـواجـبـها في الـتوجـيه و الـتأطـير ،  و لا مـثـقـفـين قـائـمـين بـواجـبهم في الـتـعـلـيم و الـتـرشـيد و لا أحـزاب أو حركـات قادرة عـلى إسـتيـعاب الـشـبـاب بـمـا في ذلـك الـحـزب الـحـاكـم . و في الـنتـيجة لـيس غـريـبا أن نـرى ما يـحـصل الـيوم من إيـقافـات طـالـت آلاف الـشـباب تـحت عـنـوان الـسـلـفـية الـجهاديـة و هم صـفـوة الـتلامـيذ و الـطلـبة عـمـومـا و هي إيـقافات في ظني غـير مبررة و لا مقـبولـة لأنّ العـلاج الـطـبـيعـي و الأفـضـل هـو محاورتهم و تـوفير فـرص الـمـعـرفـة الـصـحـيـحـة آسـتـعـانـة بـأهـل الإخـتـصـاص من مفكرين و عـلماء و بـاحـثين اجـتمـاعـيين و أطـباء نـفـسانـيين و غـيرهـم ، و أخـذهـم بـعد ذلـك بـالـرفـق و الـرحـمة لأنـهم هم المـسـتـقبل وهم الأبـناء و لـيس مـقـبولا من الأب أو الـسـلطـان أن يـأخـذ ولـده بـالـشـدة دون أن يـحاول فـهمـه و فـهم الأسـباب و الـظـروف التي سـلكت به هـذه الـطـريـق . الحوار نت :  نعلم أنّ ابنك معتقل نسأل الله أن يفرّج عنه و جميع المسجونين ؟ كيف رأيت السجن كأب بعد أن جرّبته كسجين سابق؟ الأستاذ الفاضل البلدي: الـسجن  في ظـني مـؤسـسة فـاسـدة و تـدمـريـة ، و خـاصـة إذا  كـان الـمقـصود مـنها الـتـشـفي ، و كـان الـقائـمون عـلـيها فـاقـديـن للأهـلـية من مـعـرفـة و ديـــن و خـلق و غــابت مع ذلـك مـؤسـسـة الـرقـابــة الإجـتـماعـية من مـنـظمات حـقوقـية و مـدنـية و سـياسـية . لـكـل هـذا أنـا مـشـفـق عـلى ولـدي و علـى الـمـئات أمـثـالـه من خـيـرة شـبابنا . لـكني مـحـتـسب إلى الله و لا أحـب أن تــترك هــذه الـمـحـنة الـجـديـدة في نـفسي جـرحا جـديـدا يـخـرج بي عـن آعـتـدالي و مـسـؤولـيتي و يـعـطلـني عـن الـنـهوض بـواجـبي في الـتـوجـيه و الـترشـيد و الإصلاح و الـبحث عـن الـمناهـج والـوسـائل الـتي تـوفـر الـمـناخ الـصالـح لـحل مـشكـلات الـوطـن وقـايـة له من الـهـزات و تأمـيـنا لـنـهـضـة حـضاريـة راشـدة يـكون الإنـسان فـيها إنـسانا  (حـرّا ، مـسـؤولا ، مـعـطاءا  ، آجــتمـاعـيا  ، عـارفـا ، نـظـيـفا ) الحوار نت :  كلمة ختام لإخوانك في المهجر و للجيل الجديد الذي يسمع عنك و لا يعرفك ؟ الأستاذ الفاضل البلدي: لـقـد جـربـت الـهـجرة و عـرفت مـرارتـها و الحـمـد لله أنّ هـجـرتي لم تـطل لـذلـك أنـا مـشـفق على كـلّ مـغـترب خـاصـة إذا كـان مـمـنوعـا مـن زيـارة الـوطـن و الأهـل و لـكني أحـبّ لإخـوانـي و أصـدقـائـي أن يـحـوّلـوا  غـربـتهم  إلى عـامـل إثـراء فـيـنهـلـوا مـن الـمـعارف و الـتـجارب ويـكـسـبوا مـا اسـتـطاعـوا مـن الـمـهارات و يـوسّـعـوا مـن عـلاقـاتــهم ويـحـافـظـوا عـلى مـا بـيـنهـم مـن روابـط زيـارة  وآتـصـالا ونـصـحـا وتـرشـيـدا . كـمـا أريـد لإخـوانـي أن يـشـغـلوا أنفـسـهم بـالـعـمـل و الـعـلم حـتى لا يـبقى وقت لـقـيل و قـال ولا يـبقى مـجال لـفرقـة أو تـشـتت أو تـنافـر ، لأنـهم سـيـسألـون عـن الـوقـت الـمـهـدور و الـفـرص الـمـهـدور . . . أمــا عـن الـشـباب فأنـا أحـب لـهم أن يـسـتوعـبوا الـماضي ثـمّ يـؤسّـسوا لـمـسـتـقـبل راشـد قـائم على الـمـعـرفـة و الـفـهم و الـحـكـمة ( ومـن يـؤت الـحـكـمة فـقد أوتـي خـيـرا كـثـيرا ). و لـنـا عــودة إن شاء الله لمحاورة مــع الجيل الجـديــد      . و بـــارك الله فـــيـكم الحـوار نت  :  وفيـكم بـارك  الله. ———— نلفت انتباه السادة والسيدات قراء الموقع أن الحوار أرسل منذ مدة ليست بالقصيرة للأستاذ الفاضل   ولكن ظروفه الخاصة حالت دون إتمام الحوار إلا مؤخرا  www.alhiwar.net، ألمانيا في 24/04/2007  (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 24 أفريل 2007)


 
بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة جوابية للأخ بوعبد الله

د. محمد الهاشمي الحامدي كتب الأخ الفاضل بوعبد الله بوعبد الله في مقالته المنشورة قبل يومين في نشرة “تونس نيوز” الغراء الصادرة في 22 أفريل 2007 ما يلي:
“الأخ الحامدي يتحدث عن دعوة للمصالحة ونحن نحتاج الى مبادرة تحدد ما هو المطلوب من الأطراف المعنية.  فالأخ الحامدي يتحدث عن دعوة  للمصالحة ولا يتحدث عن مبادرة . لذا اساله هل يملك الأخ مبادرة كاملة, فالأغلبية الساحقة من الإسلاميين  تريد طي صفحة الماضي تماما. وعلى الأخ الحامدي ان يبين لنا من هي الأطراف المعنية بهذه المصالحة السلطة ام النهضة؟ ام السلطة والنهضة معا ام اطراف اخرى ؟ وما هو المطلوب من هذه العناصر او الأطراف المعنية ؟ اي ماهي الخطوات التي يجب عليهما او على احدهم ان يخطوها.  اذا حددت لنا هذه المسائل  يمكن ان نقول ان هناك مبادرة.  والله الموفق لما فيه الخير”.                        (انتهى النقل)
أحب أولا أن أسلم على الأخ بوعبد الله بوعبد الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكرك أخي على اهتمامك بما كتبت وعلى تدخلك المفيد في المناقشة. كما أحب أن أثني على وضوحك في الحديث وحسن أخلاقك وتواضعك، وأقول له: كثّر الله من أمثالك ومن أمثال المهندس محمد بن جماعة، والأخت أم أسامة، وأمثال الأخ رضا التونسي الذي كتب اليوم مقالة جميلة عن أهمية الكلمة الطيبة وعرض بالأمثلة الحية الملموسة فوائدها كبديل للنصوص التي توغر الصدور بين الإخوة وتعقد الأمور.
جوابي حفظك الله على سؤالك هو الآتي:
إنني طرحت دعوة صادقة لتحقيق الوفاق والمصالحة الكاملة بين الإسلاميين المعتدلين من جهة وقيادة التجمع الدستوري الديمقراطي وجماهيره من جهة أخرى.
وبينت أن العلاقة بين الطرفين نحت باتجاه الصدام منذ ثلاثين سنة، واستمرت في طريق الصدام والمواجهة منذ ذلك التاريخ، من دون أن يكون ذلك ضروريا، لأن الحزب الحاكم حزب مسلم، حرر البلاد وبنى دولة الإستقلال، وأثبت الهوية العربية الإسلامية لبلادنا في دستور البلاد، وبنى أول جامع في قرطاج، واجتمعت في صفوفه أفضل الكفاءات والنخب التونسية تقريبا في العقود الماضية.
كان الأفضل للتيار الإسلامي أن يتحالف مع التجمع الدستوري ورجاله لا أن يدخل في صدام معهم. وكان هذا متاحا في عهد الزعيم بورقيبة رحمه الله في أكثر من مناسبة. لكن قدّر الله وما شاء فعل.
وكان هذا متاحا في أول عهد السابع من نوفمبر، عندما تم الإتفاق المبدئي على تكوين تحالف وطني يدخل الإنتخابات التشريعية لعام 1989 بقائمة واحدة، وكان هذا التحالف يضم التجمع الدستوري الديمقراطي وحركة الديمقراطيين الإشتراكيين والإسلاميين وأحزابا أخرى. قبل الإنتخابات بفترة قليلة قرر السيد أحمد المستيري، وهو رجل جدير بالإحترام، الخروج من التحالف. وكان أولى بالإسلاميين آنذاك الحفاظ على تحالفهم مع التجمعيين. فهم أقرب الناس إليهم من الناحية السياسية والفكرية. وكنت صرحت بهذا المعنى بكل صراحة لجريدة “البطل” التونسية بقيادة الأخ محمد المنصف المؤذن آنذاك. وإن لزم الأمر، كان الأولى ترك الإنتخابات جملة وإعطاء الأولوية لتضميد جراح الماضي وإعادة بناء علاقة جديدة قائمة على الثقة والأخوة والتآلف بين الطرفين. لكن قدر الله وما شاء فعل.
أخي بوعبد الله: هل مكتوب على الإسلاميين أن يكرروا أخطاء الماضي جيلا من بعد جيل؟
جوابي هو: لا قطعا. يجب أن تطوى صفحة الماضي، وأن تفتح صفحة جديدة.
ودعوتي للإسلاميين هي: قولوا للسلطة صراحة إننا آسفون على عدد من خيارات العقود الماضية. فكرة حزب سياسي ديني في تونس تبين أن مضارها أكثر من منافعها. الترويج للأحزاب في المساجد فكرة غير موفقة. التنظيمات السرية عبء ثقيل على منتسبيها وأنصارها.
دعوتي للإسلاميين هي: قولوا لأهل السلطة: أخطأنا في حقكم وفي حق أنفسنا. جل من لا يخطئ. ونريد أن نصحح المسيرة، بصدق وشفافية، من دون خداع ولا تقية. هل تقبلوننا لكم إخوة وأصدقاء؟ هل تحتاجون فترة من الزمن للتأكد من صدقنا؟ لا مانع لدينا. هل لديكم مانع من البدء في فك الإشتباك السابق وتضميد الجراح.
سيقول أهل السلطة: اعطونا فرصة نفكر. اعطونا وقتا نقارن بين الأقوال والأفعال. قولوا لهم: كم تحتاجون؟ إن قالوا نصف عام، قولوا لهم: بل عام أفضل. إن قالوا عاما، قولوا لهم: خذوا عامين.
في اليوم الأول الذي يحسب من فترة الإختبار هذه، تكون صفحة جديدة قد فتحت في علاقات الطرفين.
المبادرة
هذه الدعوة التي لخصتها من جديد ليست نظرية في الفلسفة، وإنما خطة عمل واضحة. ولكنها تحتاج طبعا أن يتبناها الإسلاميون المعتدلون أو قطاع معتبر منهم.
تحتاج أن تتبناها هيئات إسلامية معروفة، أو عدد معتبر من المواطنين التونسيين المصنفين في دائرة الإسلاميين، في عريضة أو في بيان مشترك.
يصدر البيان علانية للناس. وفي نفس الوقت، توجه رسالة أخرى مباشرة، غير علنية إلى رئيس الدولة تؤكد ذات هذه المعاني وتطلب منه التكرم بالتفاعل مع هذا العرض.
ونحن نعرف الآن من تجارب الشيخ عبد الفتاح مورو عام 1992، وتجارب كاتب هذه السطور عامي 1998 و1999، وتجارب الأخ الأزهر عبعاب الصيف الماضي أن السلطة لم ترد أحدا من الإسلاميين سعى للتقارب معها.
أمام تونس فرصتان مهمتان هذا العام: فرصة الإحتفال بالعيد الخمسين لإعلان الجمهورية في 25 جويلية المقبل، وفرصة الإحتفال بالذكرى العشرين لتحول السابع من نوفمبر. وإذا ما تحرك الإسلاميون بسرعة، فإنهم يعطون الرئيس بن علي فرصتين نادرتين للرد على توجهاتهم الجديدة بالأفعال لا بالأقوال.
أنهي بسؤال مباشر لك أخي بوعبدالله، وللأخ رضا، وللمعنيين بهذا الموضوع من القراء الكرام:
هل تعتقد أن التيار الإسلامي المعتدل، هيئات وأفرادا، جاهز لتبني هذا الخيار الجديد في العلاقة مع السلطة والإستثمار فيه؟
مناقشة هذا السؤال، ستسمح لنا جميعا ببلورة أفكار عملية ملموسة عما يجب القيام به في المرحلة المقبلة إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


 

ترنيمة إلى أمي

بقلم:رضا الرجيبي أيام تمر, تعقبها أيام, تطويها أيام, يطول بعادي ويزداد شوقي,شوق إليك ياأمي هيّجه الفراق. صار فؤادي يعتصره الحنين إليك كلما سمعت همسة أمي, قلبي يتفطر ألما كلما داعبت عيناي صورتك اليتيمة المعلقة في غرفتي المنحوتة في داخلي. كم حدقت فيها تلك الصورة, كلما وقع نظري عليها همت فيها والتهمتني فلن تراني في ذات المكان     ولا ذات الزمان, تحضنني الصورة فأحس بدفء صدرك, فأدفن رأسي بين ذراعيك فتنبعث منك كل روائح الأمومة, أستنشقها ملأ رئتيّ فتتشرّبها كل حواسّي ومسامي. لعل الفراق ليس غريبا عنا فمند عقد وحزمة من الزّمن حل الفراق ضيفا ثقيلا بيننا, منذ داهمتنا ذات ليلة ذئاب عوت في بيتنا فنثرت في أرجائه الخوف والرعب. كنت ليلتها صيدهم المقصود أو طريد تهم ـ كما قال أحدهم مزهوا وهو يعرضني علي أسياده ـ انتزعوني من بين أحضانك الدافئة ليقتادوني تحت ليل بهيم لا تكاد تسمع فيه إلا عواء ريح سموم تقطع صمته أوعواء تلك الذّئاب المسعورة وصفعات مخالبها تنهش لحمي….عندها, وخطاهم تبتعد بي أحسست بسهام الفراق تخترق فؤادي,لم أحسّ بجلداتهم تنهال عليّ ولابعوائهم,بل سمعت صوتا ينبعث من ورائي فيشقّ سكون الليل< يا حليلي وليدي> تسمّرت في مكاني,مادت بي الأرض,أردت أن أقبّلك أن أعتذر إليك ولكن…. لن أحدثك عن البقيّة يا أمّي,لن أحدثك عمّا يلقاه الأنسان في حفر الموت,حيث تداس الكرامة البشرية ,حيث تنقلب المفاهيم والتّعريفات,حيث يصبح المواطن العاشق لوطنه مخرّبا ومارقا عن القانون والتعبير عن الرأي تقويضا وهدما للوطن ونشرا للفوضى والمتديّن ظلامياّ,حيث تهتك الحرمات وتكشف العورات وتقطّع الأجساد,حيث البانو والرّوتي والسلاسل والحبال والعصيّ….إنها المسلخة يا أمي. من هنا, بدأت رحلة العذاب والفراق. فرّقت بيننا القضبان وتقاذفتنا السّجون والسّجانون وتهتِ بين مدن< الوطن السّجن>تبحثين عن ابن التهمته حفر الظّلم. لم يمنعك بعد المسافات ولا لهيب الشّمس ولا شدّة البرد ولافظاظة الحرّاس ولا……من محاولة الزّيارة حتّى وإن باءت بالفشل. في كلّ زيارة كنت أقرأ في وجهك المنهك من وعثاء السّفر ومن اهانة السّجان…أقرأ إرادة تفل الحديد وعزيمة تكتسح الجبال وصبر ينساب إليّ تحت نظرات السّجان الرّامقة أحيانا والمتوعّدة أحيانا والمشفقة أحيانا, ينساب إليّ ذبذبات تشحنني وتشدّ من أزري حتّى اللّقاء المقبل. عظيمة أنت يا أمي, امرأة أنت من زمن القمم الشّامخات,وقفت وسط الوحوش صامدة لم تبعثر رياح المحنة الهوجاء إيمانك.لم يكن المدد مالا ولا متاعا ولا علما إنّما يحدوك إيمان بأن الدّين أمانة تحملها الرّجال وأن الرجال خلقوا للمحن,كنت أقرأ ذلك في كلماتك البسيطة التي كنت تهمسين بها إلي في يقين حتى كأني أراها فتشدّ من أزري كلما رأيتِ الوهن ينتابني. لا زالت الغربة تلاحقنا يا أمي, فالغربة في وطني ألوان وأشكال وأغرب الغربة أن نعيش غرباء على أرض الوطن. حتّى نلتقي على صفحات ورقات أخرى ألثم يدك وأقول لك سامحيني يا أمي.


 

في منتدى التقدم: اللائكية اليوم

انتظم منتدى التقدم بمقر جريدة الوحدة يوم 20 أفريل 2007 حول موضوع: اللائكية اليوم. وقد رحّب السيد حسين الهمامي (عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية) في بداية اللقاء، الذي شارك فيه عدد من  ممثلي وممثلات المجتمع المدني التونسي، بضيف المنتدى المناضل الحقوقي السيد صالح الزغيدي (عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان)، مبرزا أهمية الموضوع مع التأكيد على ضرورة عدم الخلط بين اللائكية والإلحاد. وذكّر بموقف حزب الوحدة الشعبية المتعلق بالفصل بين السياسة والدين وبين النسبي والمطلق وبين الشأن الخاص والشأن العام.
السيد صالح الزغيدي، ركّز في مداخلته التمهيدية على ما اعتبره نواة مركزية في مفهوم اللائكية أو العلمانية بعد أن بيّن أنه يفضل استعمال مصطلح اللائكية (جذرها اللغوي القديم في اللغة اليونانية يعني الانتماء للشعب وليس إلى رجال الدين أو المؤسسات الدينية) باعتبار أن انتشار مصطلح العلمانية مردّه ترجمة متأثرة بالثقافة الانقلوساكسونية في المشرق العربي، وفنّد الفكرة الشائعة التي تقول إن اللائكية ذات خصوصية فرنسية حتى وإن كانت مرتبطة في فرنسا بتاريخ ثوري و راديكالي أثمر في الأخير قانون 1905 الذي يفصل بين الدولة والكنيسة الكاثوليكية لينصّ بعد ذلك الدستور الفرنسي في مادته الأولى على لائكية الدولة وهو ما نجده أيضا في الدستور التركي، مذكرا أن دستور الولايات المتحدة الأمريكية كان أول دستور لائكي في الدول الحديثة يفصل بين السلطة السياسية وأي مرجعية دينية ولم يعن ذلك موت الدين أو يتعارض مع بقائه فاعلا في المجتمع الأمريكي. وتقوم النواة المبدئية للائكية التي تجسم حرية المعتقد والمساواة والتسامح على أساس أن الدين لا يتحكم في الدولة أو يسيّرها كما أن الدولة لا تتحكم في الدين أو تسيّره. وأشار المحاضر إلى أن الدين يقوم على نصوص مقدسة ورجال دين. والمطلوب في الدولة أولا تشريع إنساني يختار من خلاله البشر المواطنون أي مجتمع يريدون بناءه وثانيا أن لا يكون لرجال الدين أي سلطة على الدولة. وما زال هذا المفهوم السياسي والثقافي المرتبط بقيم الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان  مندرجا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية ضمن المحظورات (تابوهات). فلا نكاد نجد جمعية واحدة  أو حزبا سياسيا يعلن بوضوح ودون تردد لائكيته بدعوى انتهازية مفرغة من أي معنى تزعم أنها إذا أعلنت لائكيتها قد تخسر مساندة الجماهير في حين أنها ضعيفة جدا ولا شعبية لها أصلا. ولكل ذلك يعتزم عدد من التونسيين والتونسيات، يؤمنون بحق الفكر اللائكي بالتواجد في بلادنا، تقديم مطلب للترخيص بنشاط جمعية تونسية للدفاع عن اللائكية هي اليوم بصدد التأسيس.
وأكد المتدخل على أهمية فتح نقاشات جدية حول الموضوع المتعدد الأبعاد والمحاور (كالتعليم ورعاية المؤسسات الدينية وتمويلها…) ولو أن المحور الأساسي يبقى قائما حول عدم تديين الدولة و دولنة الدين. داعيا إلى عدم اعتبار الفكر اللائكي غريبا عن مجتمعنا أو دخيلا عليه كما كان يقال عن الديمقراطية منذ عقود  حين كان يردّ رسميا بأولوية مشاكل التنمية والخبز في وجه المطالبة بالديمقراطية والتعددية الحزبية التي تصلح للغرب ولا تصلح لنا… وهذا ما أعاده على أسماعنا السيد شيراك حين تحدث عن الشعب التونسي والحرية.في حين أننا جديرون بكل ما نريد وبكل ما نطمح إلى تحقيقه. وفي هذا السياق أشار السيد الزغيدي إلى الارتباط الوثيق بين إنجاز الديمقراطية وإنجاز اللائكية. فالديمقراطية منظومة قيم وليست  مجرد آليات (انتخابات، تنظم…) والفكر اللائكي هو الذي يقبل الاختلاف والتعدد أما الفكر الديني فهو يرفض الاختلاف. ومن هذا المنطلق اعتبر أنه لا ديمقراطية في بلاد بها تعددية حزبية (وإن كانت حقيقية) والمرأة فيها مقصاة وغير مساوية للرجل. وهنا يتدخل الدين لتبرير ذلك الإقصاء وعدم المساواة، كما هو حال الإرث عندنا حين طلعت علينا وزيرة تونسية (وليس شيخ من التيار الإخواني) كأنها إمام فقيه أو رجل دين لتقول ( لا يوجد نقاش حول الإرث… الآية واضحة). وإذا كانت الدولة تدعو إلى عدم توظيف الدين فعليها أن تلتزم بذلك قبل غيرها، فالقيم الديمقراطية ترفض كل التمييزات المبنية على الدين أو الجنس أو اللون. ومع ذلك أكد المحاضر أن تونس هي من أكثر الدول العربية تقدما باتجاه وضع مسافة بين الدولة والدين (الدستور التونسي لا ينص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريعات مثلما نجده في معظم الدساتير العربية) كما يبرز ذلك في عديد المجالات الاجتماعية. ولكن تبقى بعض الثغرات الدستورية والقانونية حيث ينص الدستور التونسي من جهة على ضمان حرية المعتقد (التي تعني حق اختيار الفرد وممارسته لدينه أو  دخول دين آخر دون اعتباره مرتدا ) والمساواة بين المواطنين والمواطنات ثم يحدد من جهة أخرى دين الدولة (الفصل الأول) ودين رئيسها (الفصل 40 ). كما تمنع بعض النصوص الإدارية عقد قران المسلمة بغير المسلم رغم أن مجلة الأحوال الشخصية لا تمنع ذلك. وهو ما دفع بعض التونسيات إلى التزوج في الخارج مشيرا إلى أننا نولد مسلمين بالوراثة والاسم وليس بالاختيار والقناعات. ومع ذلك أعاد السيد الزغيدي التأكيد على أن اللائكية ليست الإلحاد. بل إن الفكر اللائكي هو أكثر من يدافع عن حرية المعتقد وممارسته. أما ما يسمى بالدولة الإلحادية التي تعمل على نشر الإلحاد (مثل الاتحاد السوفياتي السابق) فهي نقيض للائكية، وكما نرفض الدولة الدينية فنحن نرفض الدولة الإلحادية.
وقد أثارت هذه المداخلة نقاشا ثريا بدأه السيد الحبيب قيزة (رئيس جمعية محمد علي للبحوث والدراسات والتكوين) الذي أشار إلى وجود إجماع على الديمقراطية وخلاف حول اللائكية. ورأى في ذلك تناقضا خطيرا. حيث أنه لا ديمقراطية بلا لائكية فالديمقراطية حيث السيادة للشعب ليست مجرد مسألة تقنية وحسابية ( أغلبية وأقلية) مذكرا القائلين بأن اللائكية غريبة عنا بالفصل بين العقل والنقل في تراثنا وغياب سلطة الكنيسة، داعيا إلى وجوب  القيام بالقطيعة مع العقل الفقهي الذي اعتبره محمد أركون سياجا دغمائيا مغلقا. وطرح سؤالا واقعيا واستشرافيا حول مكانة الدين الإسلامي في إطار دولة عقلانية لائكية، أجاب عنه بإمكانية الاستفادة من بعض التجارب الأخرى (المعتدلة) ولاسيما في بعض الأنظمة البرلمانية التي تركت لرئيس الدولة (الذي لا يحكم ولا يشرّع) تجسيم بعض القيم الرمزية والتاريخية .
السيدة حسينة دويك لاحظت ضعف الحضور النسائي في الأحزاب السياسية وعدم مبادرة مناضليها بتحسيس قريباتهم في هذا المجال واعتبرت أن مشاركة المرأة في الشأن العام عامل أساسي للتقدم في مسار الديمقراطية واللائكية.
بينما أكد السيد خليفة معيشر أن الأحزاب والحركة التقدمية لم تنجز مهامها في المسألة اللائكية التي بقيت ضبابية. ودعا إلى قبول اللائكية تشريعيا وتنظيما.
أما السيد العياشي بالسياحية عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية فقد أوضح الخلفية الاجتماعية والطبقية للائكية التي أنجزتها البرجوازية في فرنسا. معتبرا أن الدولة جهاز حماية ورعاية للمشترك مهما كان حجم الأقلية الذي يبقى قابلا للتطورفي حين أن الدين ليس المشترك بين المواطنين. وإذا كان البعض يعتبر أنه لا بد للدولة أن ترعى أماكن العبادة والقائمين عليها،  فالسؤال هو: على حساب من وعلى حساب أية مشاريع اجتماعية وثقافية أخرى (مدارس ومستشفيات…) يكون ذلك؟
الأستاذ زهير الشرفي تحدث عن كتيب أعده للنشر بعنوان (كنيسة حرة في دولة حرة)، متسائلا لماذا تدرس الدولة الإسلام  والمذهب المالكي ولا تدرس الديانات والمذاهب الأخرى. في حين أن دور المدرسة العمومية هو تخريج تلميذ حر قادر على الاختيار و التمييز بين العبادات وفعل الخير بعيدا عن الحقد الديني . مشيرا إلى بلدان مثل الباكستان حيث تتنشر مدارس دينية يتم تمويلها من الخواص. تماما مثل العديد من القنوات والبرامج الدينية التي لا قبل للائكيين بمواجهتها في ظل غياب دعم حرية الرأي والمعتقد وتواطؤ الحكومات العربية، وأعطى مثالا على ذلك برفض بعض الصحف التونسية منذ سنتين نشر مقال له في هذا المجال (ملف حول الحجاب). وتساءل إذا كان لا يسمح لنا بمنافسة إعلامية للقرضاوي وأمثاله فماذا سيفيد كلامنا ونقاشنا وجلساتنا المغلقة. وفي ذات السياق أشار إلى أن العداء للعلمانية ليس متأصلا في تونس التي يقبل مجتمعها الاختلاف بل هو آت من الشرق بواسطة حركات إسلامية وراءها مصالح. وقد قرأ في مقال لأحد الإسلاميين ( راشد الغنوشي) يقول فيه أنه يوافق على حرية التعبير والاجتماع وحرية التنظم وحين وصل إلى العلمانية سبّها ورفضها… أي أنه بعبارة أخرى يريد ديمقراطية بلا علمانية أي دولة تستعمل الدين… وإذا أمسك بدواليب الدولة فسيوظف الدين كما يريد ويشتهي…
الأستاذ سليم الزواوي عبّر عن عدم حسم الرأي في الموضوع (لا لائكية إذن لا ديمقراطية) بما أنه لا دولة دينية عندنا. والمهم بالنسبة إليه عدم الإرهاب الفكري. مستشهدا بعابد الجابري الذي أكد على قيم العقلانية. فالتاريخ كحامل اجتماعي للمفهوم غائب عنا. والعلمانية مطروحة في بلداننا من منطلق الخوف من توظيف الحركات الدينية للدين في المجال السياسي أكثر منها كواقع  ضاغط بصفة ملموسة كما كان في سيطرة الكنيسة على الدولة في الغرب الكاثوليكي. أما المسيحية البروتستانية فهي أكثر تسامحا في دول أوروبا الشمالية. وقد استوعبنا المفهوم الفرنسي والتاريخ الفرنسي بحكم قراءاتنا الفرنسية.و شكك في التلازم الشرطي بين العلمانية والديمقراطية مذكرا بأن الاتحاد السوفياتي كان لائكيا واستبداديا في حين أن بريطانيا العظمى أو البلدان الاسكندينافية (باستثناء السويد) ليست علمانية ولكن لا أحد يشك في ديمقراطيتها . أما البند الأول من الدستور التونسي فهو لا يلغي كل شيء وهو قابل للتأويل (كرعاية الشعائر الدينية) بعيدا عن السلطة التشريعية، ويبقى الدين للمجتمع.
السيد منذر جغام أكد أن اللائكيين مضطهدون مثل النساء. وبالمقارنة مع بعض بلدان المشرق العربي فإن نسبة العداء للائكية أقل في تونس (في المجتمع والمدرسة والشارع …) حيث لا اكليروس وهابي متحالف مع الأمراء. أما القرضاوي فلم ينزل علينا من السماء ولم يخرج علينا من وسادتنا بل أنتجته آليات ثقافية أصولية متواصلة من أيام رشيد رضا ودعمته آلة إعلامية ضخمة. فاللائكية عندنا لا يسمح لها بالاشتغال سواء من داخل الدولة أومن خارجها، لكأن دولة البايات متواصلة رغم (عهد الأمان). واستنتج أن دولتنا ليست لائكية. وإلا لما وجدنا إماما خطيبا في مسجد يتحدث عن نسب البطالة في تونس وكأنه وزير التشغيل. وإذا كنا لم نوفر الحد الأدنى الديمقراطي فلأننا لم نحقق الحد الأدنى اللائكي. كما أن المادة المقدمة في المدرسة هي بالأساس من وجهة نظر رجل الدين. وأكد على أهمية الشروط المادية للائكية التي تحتاج إلى تحولات اجتماعية.
الدكتورة جليلة السويسي ذكرت أنه لا يهمها المفهوم النظري أو تدقيق المصطلحات اللغوية (علمانية أو لائكية)  بقدر ما يهمها واقعيا وفعليا مراعاة حقوق الإنسان دون تمييز بجميع أشكاله. وما نشاهده ونسمعه يوميا من تكفير متبادل بين الشيعة والسنة يبرز كيف تحول الدين والصراع الطائفي إلى أداة قتل وتمزيق لمجتمعاتنا ودولنا مما يؤكد حاجتنا الملحة التي لا تقبل الانتظار إلى اللائكية ونشر قيمها التي ستفرض نفسها مثلما تم تجاوز مسألة العبودية وقطع الأيدي…كما أشارت إلى بعض الظواهر المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية بطريقة غير منظمة في الشارع التونسي، وأكدت على أهمية دور الإعلام لأن التلفزة والإذاعة هي من أموال الشعب.
وإجابة عن بعض الملاحظات والأسئلة أوضح السيد صالح الزغيدي أن قضية اللائكية مطروحة على الدولة ( كمشرع) وليس على المواطنين. فالمهم أن لا نفتح كتب الأحاديث والقرآن لنستخرج القوانين. ونظرا إلى أن للدين جانبا جماعيا (يهم الدولة) وليس فقط فرديا،يبقى السؤال مطروحا فعلا فيما يتعلق بتسير المساجد كفضاءات عمومية. والمطروح علينا مواصلة النقاش لتعميق المفاهيم والمقترحات، مثل مسألة التعليم وبرامجه (تدريس الدين الإسلامي فقط أم جميع الأديان أم تاريخ الأديان أم الأخلاق..) وتبقى اللائكية سيرورة طويلة قد تحتاج بالنسبة إلى مجتمعنا أكثر من خمسين سنة أخرى. فالثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر لم تكن لائكية كما يقول البعض. بل انتظرت اللائكية بداية القرن العشرين لتتحقق في فرنسا (بعد قانون فيري سنة 1882 المتعلق بالمدرسة اللائكية) . أما المرأة فلم تأخذ حقها في التصويت هناك إلا سنة 1944 أي سنوات قليلة فقط قبل تونس. ويبقى الفكر الديمقراطي اللائكي مرتبطا إلى جانب الحراك الاجتماعي بدور أساسي للنخب الثقافية والسياسية من أجل نشره وتعميقه . وقد حان الوقت لنفتك حقنا في التعبير عن رأينا كلائكيين غير منبتين. وليس صحيحا أن التدخل الأجنبي يمنعنا من الوصول إلى اللائكية. وإذا كان الأمريكان يريدون تشجيع الإسلاميين المعتدلين لمواجهة الإرهاب فإن أطرافا خارجية أخرى (مثل الاتحاد الأوروبي) لا تتوخى هذا المنهج . وللوصول إلى دولة لائكية تفصل بين الإسلام والدولة هناك منظومتان فكريتان أولاهما من داخل الفكر الديني نفسه ،وهي قلة قليلة مجتهدة تعرض بعضها للتهميش مثل علي عبد الرازق في مصر( صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم) أو للاغتيال (مثل  محمود محمد طه في السودان) والأخرى من خارج المنظومة الفكرية الدينية (وهي التي ينتمي إليها السيد صالح الزغيدي) أي من منظومة عقلانية لا دينية، لا تقدم قراءة جديدة للإسلام أو تأويلا مستحدثا له ولا تعتبر أن ذلك من مهامها أومنطلقاتها ومرجعياتها. أما المطلوب من الإسلاميين فهو أن يعلنوا بوضوح أنهم لا يريدون دولة دينية ولن يطبقوا الشريعة الإسلامية.
ملاحظة: شرفتنا التلفزة التونسية بتصوير فعاليات منتدى التقدم أما البث فما زلنا ننتظر… وليست هذه المرة الأولى !!
عادل القادري  ( جريدة الوحدة)                                                                     http://adelkadri.maktoobblog.com


تمتمة
* القلم الحرّ سليم بوخذير

اليوم الوطني ل. . .”شتم” الجمعيّات

خصّص نظام بن علي في تونس 364 يوما على طول العام لتكون “أياما وطنية” لإطلاق يد البوليس على الجمعيات التونسية الشريفة المناهظة لسياسته القمعية ليفعل بها الأعوان ما يُستطاب لهم من منع إجتماعات و سدّ طرق و تعنيف نشطاء . . إلخ. . .. و أمّا اليوم الوحيد المتبقّي في العام ، فبن علي لم يُخصّصه لإطلاق يد البوليس على الجمعيات ، وإنّما تكفّل هو شخصيا بأمر هذا اليوم ليطلق هو لسانه على هذه الجمعيات الشريفة بدل يد البوليس ، مُخوّنا إيّاهم . أعني يوم 23 أفريل من كلّ عام الذي خصّصه سيادة الرئيس حفظه الله (للشُعَب) ، ليكون اليوم الوطني ل….”شتم” الجمعيات. (المصدر: مدونة “القلم الحر” بتاريخ 25 أفريل 2007) الرابط: http://alkalamhor.maktoobblog.com/?post=298082


ســواك حـار (27)

سواك الحوار نت إعداد: صابر التـّونسي

إن الله يحب الفأل ويكره التطيّر

إن الله يحب الفأل ويكره التطير ولكن جرمني شنآن قوم فتطيرت ولذلك فإنني أقول: (*) ( في النهاية)

7 نوفمبر1862 : وفاة السلطان بهادر شاه الثاني آخر سلاطين الدولة الإسلامية في الهند، وبموته انتهى الحكم الإسلامي في هذه المنطقة بعد أن استمر فيها ثمانية قرون ونصف، وشهدت فترة حكمه الثورة الهندية التي كادت تقضي على الإنجليز وتُخرجهم من الهند، وكان الثائرون قد اختاروه قائدًا لهم على الرغم من كبر سنه، لكن الثورة لم تنجح، حيث قبض الإنجليز على بهادر شاه، ونفوه خارج الهند

يبدو أن 7 نوفمبر يوم نحس على المسلمين منذ القدم ولو لا أنهم مأمورون بعدم التطير لألحقوه بالرقم الـ 13 عند المسيحيين!!

 7 نوفمبر1911 :صدر في تونس  القرار المسمى “ألا بتيت” والذي عطلت بموجبه جميع الصحف العربية وانسدل الستار بسببه على حركة التأسيس الاولى وأصيبت الحركة الفكرية بأولى انتكاساتها التي جعلتها تنكمش في انتظار ما ستأتي به الاحداث.

ما أشبه الليلة بالبارحة!!  

7 نوفمبر 1914 :الحرب العالمية الاولى: القوات البريطانية الهندية تقوم بانزال عند مصب شط العرب شكل الخطوة الاولى من احتلال جنوب العراق.

“شيء من الحنّة (7 نوفمبر) وشيء من رطابة اليدين (تقهقر الأمة)”

 7نوفمبر 1918 – سقوط مدينة بيروت التي كانت تحت سيطرة العثمانيين في أيدي الحلفاء، أثناء الحرب العالمية الأولى

بما أنها سقطت يوم 7 نوفمبر فهي معذورة!!

7 نوفمبر 1921 :ـ موسوليني يعلن نفسه “دوتشي” الحزب الفاشي.

وعلاقتنا مع إيطاليا وطيدة و”دوتشينا خير من دوتشيهم”!

7نوفمبر 1962 ـ صدور الحكم بالسجن مدى الحياة على المناضل نلسون مانديلا.

لو أن الحكم صدر يوم 6 أو 8 نوفمبر لكان مستغربا! ولكن الشيء في يومه غير مستغرب!

7نوفمبر ـ 1987 تولى زين العابدين بن علي رئاسة تونس إثر انقلاب سلمي أطاح بالرئيس بورقيبة.

أكلما اغتال عبد السوء سيده ** أو خانه فله في “مصر” تمهيد!! ( القائل هو المتنبي، وأنا لم  أقل في تونس)

7نوفمبر1988: “تونس” تحتفل بالذكرى الأولى للتغيير السعيد والعهد الجديد  وتستعد للاحتفال بالذكرى الثانية!

7نوفمبر1989: “تونس” تحتفل بالذكرى الثانية للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الثالثة!

7نوفمبر1990: “تونس” تحتفل بالذكرى الثالثة للتغيير السعيد والعهد الجديد   و تستعد للاحتفال بالذكرى الرابعة!

7نوفمبر1991: “تونس” تحتفل بالذكرى الرابعة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الخامسة!

7نوفمبر1992: “تونس” تحتفل بالذكرى الخامسة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى السادسة!

7نوفمبر1993: “تونس” تحتفل بالذكرى السادسة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى السابعة!

7نوفمبر1994: “تونس” تحتفل بالذكرى السابعة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة!

7نوفمبر1995: “تونس” تحتفل بالذكرى الثامنة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى التاسعة!

7نوفمبر1996: “تونس” تحتفل بالذكرىالتاسعة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى العاشرة!

7نوفمبر1997: “تونس” تحتفل بالذكرى العاشرة للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الحادية عشر!

7نوفمبر1998: “تونس” تحتفل بالذكرى الحادية عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الثانية عشر!

7نوفمبر1999 : “تونس” تحتفل بالذكرى الثانية عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الثالثة عشر!

7نوفمبر2000: “تونس” تحتفل بالذكرى الثالثة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الرابعة عشر!

7نوفمبر2001: “تونس” تحتفل بالذكرى الرابعة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الخامسة عشر!

7 نوفمبر2002: “تونس” تحتفل بالذكرى الخامسة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى السادسة عشر!

7نوفمبر2003: “تونس” تحتفل بالذكرى السادسة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى السابعة عشر!

7نوفمبر2004: “تونس” تحتفل بالذكرى السابعة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة عشر! وتعلن عن رئاسة حتى الممات!

7نوفمبر2005: “تونس” تحتفل بالذكرى الثامنة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى التاسعة عشر!

7 نوفمبر 2006: “تونس” تحتفل بالذكرى التاسعة عشر للتغيير السعيد والعهد الجديد  و تستعد للاحتفال بالذكرى العشرين!

7نوفمبر2007: “تونس” تحتفل ـ كان عشنا ـ  بالذكرى العشرين للتغيير السعيد والعهد الجديد  وتستعد لاحتفالات الشوط الثاني للتغيير السعيد والعهد الجديد بعد انقضاء الشوط الأول “بأمن وسلام”

ولمن تعب من قراءة هذه الفقرة المملة التي امتدت من 7نوفمبر 1987 حتى 7 نوفمبر 2007 (المأمول) أقول له أنت معذور ولكن فكر في المسكين الذي كتبها والمساكين الذين عاشوها بأيامها وشهورها وأعوامها، يهن الأمر عليك!

ومن يهن يسهل الهوان عليه!!

(*) وأستغفر الله من التطيّر!! وغفر الله لمن كان السبب!

 وكل عام وتونس بخير!

 ســـواك: صابـر التونسي

 الأربعاء 24 -04- 2007


 

من دفاتر اليسار التونسي في الزمن البورقيبي: في حضرة الزعيم

     

فتحي بن الحاج يحيى     الحبيب بورقيبة حلّ ركبنا في حوالي العاشرة صباحا بالقصر الرئاسي بقرطاج، وكان أقربَ إلى القافلة منه إلى الرّكب. كنت لابسا سروال “دجنس” وقميصا صيفيّا، وكان رفاقي على نفس الهيئة تقريبا، لا ربطة عنق، ولا بذلة، ولا أحذية لـمّاعة، وقد أصررنا على ذلك لغرض واضح كنّا نعني به امتناعنا عن المشاركة في الطّقوس، وعدم اندماجنا في المراسم، من حيث المظهر على الأقلّ، في انتظار البقيّة. لم يكن الأمر مدروسا أو واعيا بالشكل الذي أتحدّث عنه اليوم، ولكنّه كان حاضرا بقوّة في أذهاننا، فيه نوع من الحرص على الحفاظ على هويّتنا، وعدم التّورّط الكامل في اللّعبة. وكان يحدوني الشّعور، وأعتقد نفس الشّيء بالنسبة لرفاقي، بأنّ الحديث إلى الرئيس من خلال عدم تقمّص الدّور المطلوب منّا، بداية من اللّباس، سيمنحنا حرية أكبر لتوليد الكلام المناسب لوضعنا. كان مهمّا أن لا ينسوا صفتنا كمساجين، وأن لا ننسى نحن الأمر، وفي مظهرنا إشارة، ولو شكليّة، إلى هذا التّمايز. استقبلتنا وسيلة بورقيبة في مدخل القصر، ووجدنا سجينين سياسيين آخرين أتوا بهما لم تكن لنا سابق معرفة بهما. كان يقف، إلى جانب الرّئيسة، عدد من الوزراء صحبة مدير الحزب المنجي الكعلي الذي علت محيّاه علامات الاستياء من حماسة وسيلة التي بادرتنا بالتّرحيب وكأنّها تستقبل عرسانا شبّانا، جاؤوا لخطبتها في بناتها أو بعض قريباتها. أسْقَطَتْ كلّ تَكَلُّف بالمراسم وبطبيعة الموقف، وأخذت تحدّثنا عن إعجابها بوسامتنا وثقافتنا، وقالت بأنّه من المفروض أن نكون مسؤولين كبارا في الدّولة، وأنّها ستزوّجنا، وأشياء أخرى لم نكن ندري إن كانت تؤمن بها، بفعل ثقافتها المجتمعية الصّالونية الواسعة، أو لطبعها المرح، أو لحنكة سياسية في تمهيد نفسيّاتنا للأخذ بخاطرها في صورة ما إذا خرج الرئيس عن حدود اللّياقة. قالت لنا صراحة وبأريحية لا لُبْسَ فيها، ما قاله وزير الدّاخلية بكثير من التّعقيد : “سي الحبيب راهو بوكم، ما يسالش كان بدا ياخذ ويعطي، ما تاخذوش عليه، خوذو بخاطري، راهو باش يسيّبكم”، (سي الحبيب بمثابة أبيكم، لا يهمّ إن تجاوز حدود اللّياقة، لا تَدَعوا الأمر يحزّ في نفوسكم، إكراما لي. إنّه سيُطلق سراحكم). كان البقيّة منقبضين عدا عبد الحميد الصّخيري الذي كان يتصرّف بمثل تصرّفها. قدّموا لنا عصيرا ولا أتذكّر من الّذي شرب ولم يشرب، وبدأ الخوف ينتابني باقتراب الامتحان. كنت أخشى أن يقع صِدَامٌ مع بورقيبة، وكنت، كما تعوّدت أن أفعل عند الشّدائد، أستجمع خوفي لأحوّله إلى جسارة، وتحدٍّ، وقلة حياء إن لزم الأمر. يصعب تفسير هذه اللّحظة التي اختزلت جميع معاني حياتنا ونضالنا. فاليسار التونسي، بقطع النّظر عن أفكاره وتحليلاته ورؤاه في السياسة والمجتمع وغيرها، لم يكن في نهاية الأمر سوى لحظة كرامة في هذا البلد، لكونه الوحيد الذي رفض أناويّة بورقيبة، ورفض أن يُختزل البلد في شخص واحد، ورفض الإخصاء الذي مارسه بورقيبة على الطبقة السياسية ورجالات الدّولة والحزب. والآن تفصلنا بضع دقائق عن وقوف موسى أمام فرعون، ونحن لا معجزة في جرابنا، ولا عصا في أيدينا، ولا ربّ يحمينا! دخلنا مكتبه فأصبح مكتظّا بنا، وبالوزراء، وأعوان الأمن المقرّب. حوالي الأربعين نفرا، أو أقلّ أو أكثر، لا أدري. ودخل بورقيبة. كان قصير القامة. يمشي بشيء من الصّعوبة لكن دون عناء، واتَّجَهَتْ إليه وسيلة لتُسنده وتستبق الأمور. قالت له “هذوما ولادك عاد” (هؤلاء أولادك، أليس كذلك). فرفع يديه كما عهدناه يفعل في خطبه، وتقدّم نحونا وهو يتمعّن في وجوهنا وفي وجوه البعض من الملتفّين حولنا من الأمن والوزراء قائلا “ترا نشوف. هاو تبارك اللّه نظاف. ماهوش وجوه مقلّبة كي هاكه جماعة قفصة (1)، أولادي هذوما، آش عملولكم تحطّوهم في الحبس”. (كانت أحداث قفصة لا تزال ماثلة في ذهنه بعد بضعة أشهر من حدوثها، وأشهر أقلّ من شنق رموزها). كنّا نعلم الكثير عن قدرات بورقيبة المسرحيّة وعن دهائه السياسي، وكنّا كثيرا ما نتقمّص دوره في السّجن. لا أعتقد أنّ تونسيّا واحدا لم تنتبه يوما رغبة في تقمّص دور بورقيبة للحديث مثله أو في استنباط كلام كان يمكن أن يقوله وإن لم يقله. ورغم ذلك فلم أكن أنتظر أن أجد نفسي، وأنا أتساءل، إن كان الرّجل صادقا فيما يقول، أو كان يرتجل حديثه وانطباعاته، أم هو يستحضر دورا تدرّب عليه ولو قليلا. لو طُلب منّي أن أراهن وقتها على شيء ثمين، لرجّحت الكفّة إلى صدق النيّة لكي لا أخرج خاسرا. فهو ينتمي إلى مدرسة المسرح الواقعي التي يُشترط فيها أن لا يترك الممثّل أيّ مسافة بينه وبين الشّخصية التي يلعبها، كأن يتقدّم يوسف وهبي في حياته العادية إلى خطبة التي ستصبح زوجته الحقيقية مستعملا نفس الحركات والتّعابير والألفاظ التي يستعملها في أفلامه وهو يخاطب الممثّلة شادية، مثلا، في دور خطيبته في الفلم. في أحد أفلامه تَطْرُق فاتن حمامة، على ما أظنّ، باب منزل فيفتح لها رجل وهو يقول، أمام اعتذارها عن الغلط، “إنتِ مش عارفه أنا مِينْ ؟ أنا يوسف وهبي”. وكان هو فعلا يوسف وهبي يمثّل دور يوسف وهبي! هكذا كان بورقيبة يمثّل إلى حدّ الإقناع التّامّ دور بورقيبة، وهي حالة تعرّض لها علم النّفس التّحليلي ولها اسمها ومواصفاتها وعلاماتها وعوارضها. قال لنا إنّه يعلم أنّنا شيوعيّون وإنّه يعرف عن الشّيوعيّة أشياء نجهلها نحن. وحكى عن اختلافه معهم منذ فترة المقاومة حين كان ينادي بالاستقلال وكانوا يرونه مرتبطا بتحرّر الطبقة الشّغيلة في العالم، وكان يقول لهم “اقعدو استنّاو” (ابْقَوْا في الانتظار). ثمّ انتابته لحظة عاطفة ولِينٍ وهو يقول أنّنا نذكّره بما قالته له فرنسا، يوم وقف في وجهها : “نحن فتحنا لكم المدارس وعلّمناكم وها أنت تتعلّم لتلتفّ علينا” (كان ينظر إلى ناحية وزرائه)، ثمّ توجّه إلينا بتأثّر “هَاكُمْ اليوم بعد ما قَرِّيتْكُمْ وكَبَّرْتْكُمْ تْحِبُّو تْنَّحِيوْني… لو كان ما قرّيتْكُمْشْ رَاكُمْ ما زلتم سُرَّاحْ” (وها إنّكم بعد أن علّمتكم تريدون تَنْحِيَتِي و لو لم أعلّمكم في المدارس لكنتم اليوم لا تزالون رُعَاةَ غَنَمٍ). “موش هكّة ؟” وكان يدور وسط فراغ الحلقة الملتئمة حوله ويلتفت بين الحين والآخر إلى الحاضرين قائلا، على عادته التي نعرفها من التّلفاز، “موش هكّه ؟” (أليس كذلك؟). “تركيزة” الكلام هذه عند بورقيبة يعرفها الشّعب التّونسي كلّه، وهي دارجة في لهجتنا التونسية، ولا أدري إن كان بورقيبة هو الذي أسّسها، أو أنّها كانت واردة قبله وأشاعها ملكا مشتركا بين النّاس. كنّا نتندّر بها كثيرا كلّما أراد أحدنا أن يؤكّد لحظة تسلّط “سُوفْتْ” أي مرنة (فقاموس الإعلامية لم يوجد بعد وقتها). وعندما يرمي بها بورقيبة إلى حاشيته فإنّما لقراءة درجات الولاء وأصنافه، وربّما للتأكّد من أنّه لا معارضة تُذكر لرأيه، أو لخلق شعور لدى أتباعه بأنّه أعطاهم فرصة لإبداء الرّأي تصبح بعدها مخالفته غدرًا وجحودا، تدخل في خانة “انعدام الرّجولة” أكثر منها في باب الاختلاف السياسي الذي كان متاحا لحظتها. هذا الأمر تفطّنت له يوم أصبحت لي بنت، وكلّما خاصمتها ولاذت بالصّمت أمام بلادة حججي، أكتشف نفسي يائسا في انتزاع قبولها بمنطقي وأنا أردّد، عملا بقاعدة الحوار، “موش هكّة (؟)”… وقد تجيبني أحيانا “طبعا هكّة… أنت دائما تعلم كلّ شيء، فلما تسأل ؟” حوار سريالي ولتقديم صورة أوضح عن بقيّة المقابلة، فسأصوغها في حوار قد يساعدني فيه الرّفاق الحاضرون معي على استحضار تفاصيل، وتصويبات، وتعديلات، فاتتني بالضّرورة، لبعد الزّمن، وانطبع ما انطبع منها في ذاكرتي من خلال رؤيتي الخاصّة للحدث، والتي قد لا تتوافق مع بعض زوايا النّظر الأخرى، وهو أمر طبيعي. إضافة إلى أنّ مقابلة المجموعة الثانية التي تمّت يوم 3 أوت 1980، أي بعد شهرين من مقابلتنا، وكان ذلك بقصر صقانس بالمنستير، قد كرّرها لنا الرّفاق مرّات ومرّات بما خلق تداخلا بينها وبين الأولى لتشابه الأوضاع والظّروف، وهو ما قد ينجم عنه بعض الخلط بين هذه وتلك. بورقيبة : (يواصل حديثه وقد تفطّن إلى أنّه ليس أمام شيوعيين فقط بل أمام مساجين أيضا، وكأنّ الأمر عَزَّ عليه بأن نبقى الشّخصيات الدّرامية الوحيدة في هذا المشهد) : – أنا أيضا سُجنت زمن فرنسا، وقاسيت الويلات والمحاكم والتّعذيب… (وظلّ يحكي طويلا عن السّجن، والمعاناة، ووحدته القاسية…). لم نتقاسم الأدوار فيما بيننا قبل قدومنا، لاستحالة توقّع مسار الأحداث. الاتّفاق الوحيد تمّ على المسائل الثلاث أو الأربع التي ذكرناها لوزير الدّاخلية، وقد أنهى المقابلة دون الخوض فيها وبقي الأمر مفتوحا. وكنّا نرصد حركات بورقيبة ونشغّل أدمغتنا لقراءة حديثه والمنحى الذي سيأخذه. وأنا أنظر في عمق عينيه الزّرقاوين. كان فيهما نوع من الشّفافية البصرية، ربّما بفعل المرض رغم أنّ الذين عرفوه من قبل يقولون أنّ لون عينيه هو أحد أسراره في التّأثير على الغير. تلقّف الحديث أحدُنا قائلا : – كان ذلك في عهد الاستعمار، أمّا نحن فقد سجنّا في زمن الاستقلال، وعُذّبنا كثيرا من طرف البوليس السّياسي، وذلك من أجل أفكارنا وآرائنا… ونحن نطالب بفتح تحقيق في الأمر ومحاكمة الذين مارسوا التّعذيب علينا… التفت بورقيبة إلى حيث كانت ثلّة وزارئه، وهو يبحث عن وزير الدّاخلية : – علاش تعذّبو فيهم …آش عملولكم… أولادي هاذمك… توّه نشوفو الحكاية… ثمّ استدرك قائلا وهو يبتسم : – ماهو زاده كيف ما تحبّش تقرّ… آش تحبّهم يعملو… لازم كفّ… وشويّه كذا… (إذا ما رفض أحدكم الاعتراف فماذا عساهم يفعلون…لا بدّ من صفعة على الوجه…أو شيء من هذا القبيل). ردّ عليه أحدنا بأنّ الأمور تتجاوز الصّفعة المعتقدة وأنّ التّعذيب مناف لجميع الأعراف الدّولية ومبادئ حقوق الإنسان، فبدا عليه الاضطراب، وشعرنا بغيوم الغضب تتلبّد في داخله، وظلّ يدور في مكانه ويبحث عن كلماته. وقتها تدخل وزير الداخلية لإنقاذ الموقف قائلا إنه على علم بالموضوع وسيتولى التحقيق في الأمر، فتلقّف عنه بورقيبة الكلام ليقول إنه هو أيضا ضد التعذيب و يأمر بإجراء تحقيق حول هذه القضية… – أحد الرّفاق : نحن نطالب بالاعتراف بنا كحزب سياسي له حقّ الوجود وبأن تكون لنا جرائدنا الحرّة. – بورقيبة : لقد أذنتُ بحريّة الصّحافة. أنا أيضا كنت أكتب في الصّحافة. كانت مقالاتي في اللّغتين تهزّ المستعمر…أعطوهُمْ جرائد. ثمّ تراجع قليلا إلى الوراء ولم يعد يفرّق بيننا وبين الحاضرين، وقد التصق بنا بعض من الوزراء ومدير الحزب ليطلبوا منّا، همسا، بأن نخفّض من أصواتنا، وأن ننهي المقابلة وقد عبّرنا على ما نريد. بدا له الجمع غفيرا، وقد نسي كم كان عددنا كمساجين، أو تناسى الأمر. صاح قائلا (وقد بدا عليه التّعب): – أتريدون جريدة لكلّ واحد. كم جريدة سنعطي. ستعمّ الفوضى ! – قال أحدنا: ليست المسألة مسألة عدد أو كثرة. إنّها مبدأ يقرّه الدّستور في فصله الثّامن. ولكثرة ما سمع بورقيبة لفظة “البند الثامن”، التي وردت مرارا على ألسنتنا، فقد انتهى به الأمر وهو يزمجر: سألغي هذا البند… ثمّ تدارك الأمر، وكأنّه يريد قطع الطّريق علينا، وإنهاء الجدل، وفسح المجال مرّة أخرى للحديث عن نفسه: أُعطوهم حزبا وجريدة. نبّهته “وسيلة” إلى أنّه يُحدّث وزراءه، فأمرهم بالابتعاد ليتمكّن من فرزنا، ونسيتُ ما الذي حدث بعدها قبل أن يتدخّل رفيق آخر لإثارة مسألة العفو التّشريعي العامّ من قبل مجلس الأمّة، وبورقيبة يردّد بأنّه عفا عنّا شخصيا ضمن مجموعة أولى، وأكّدت وسيلة بورقيبة أنّ البقيّة سيكون موعدهم يوم عيد ميلاد الرئيس في الثالث من أغسطس المقبل (وهو ما تمّ فعلا لاحقا). وكأنّي به لم يفهم، رغم ضلوعه في القانون، أنّنا نطلب عفوا تشريعيّا يفوق قيمة وقوّة، قرار العفو الرّئاسي المرتبط بشخصه! انتهت المقابلة داخل نوع من الفوضى، وقد تبادلنا معه حجما من الحديث يفوق ما ذكرت، عندما ألحّ بعضهم، ربّما يكون طبيبُه الخاصّ، إنهاءها، وسحَب بورقيبة من مكتبه، وهو يعود إلينا في كلّ مرّة ليواصل حديثه، والحاضرون يدفعون بنا نحو الباب، وهم يردّدون بأنّ الرئيس قد تعب وها قد قلنا كلّ ما نريد قوله. فخرجنا على غير ما كان يخرج به “لو دوك ثيو” من وثائق موقّعة، واتّفاقيات واضحة، وخرائط مرسّمة، ولكنّا كنّا نشعر بنوع من الارتياح لتوفّقنا في الوقوف في وجه بورقيبة، ولم يكن الأمر سهلا. فقلّة هم الّذين وقفوا أمامه على نمط وقفتنا. ولم أتساءل وقتها ما الّذي كان سيحدث لو قابلناه في عنفوانه وأوج سلطانه! يوم الخروج … لا علاقة بسيناء والبحر الأحمر!. خرجنا من قرطاج، لنعود إلى السّجن المدني بتونس، وانتبهت وقتها إلى الطّقس. كان رائعا. كنت أعيد رسم خارطة العاصمة في ذهني وأرى النّاس يتجوّلون في الفضاء الواسع. بدا لي أوسع بكثير ممّا كنت أعرفه. نوع من البرمجة تتمّ في دماغ السّجين في إعادة صياغة مقاسات المسافة والزّمن داخل بضعة الأمتار المربّعة التي يعيش فيها، وبفعل تعاقب اللّيل والنّهار في حلقة دائرية مفرغة، تقطعها بين الفينة والأخرى أخبار ترد علينا من الخارج مثل أحداث المواجهة بين النّظام والاتّحاد العام التّونسي للشّغل، أو أحداث قفصة أو غيرها، فندرك معها أنّ الزّمن يسير بخطاه الطبيعية خارج أسوارنا. وذات الأمر نقف عليه كلّما زارنا أخ أو أخت تركناهما صغيرين ونراهما يكبران مع مرّ السّنين ونحن نشعر بأنفسنا وكأنّنا لم نتغيّر. وجه الحبيبة
لم أعد أتذكّر المسار الذي سلكته السيّارة الفخمة التي عادت بنا إلى رفاق ينتظرون على أحرّ من الجمر. كنت خارج السّجن تماما بذهني ومخيّلتي. صورة صديقتي ترتسم في الأفق وتسكن كامل كياني. شوق عارم إلى اللّقاء وخوف كبير من التّلاقي. ماذا سنقول لبعضنا بعد خمس سنوات وشهرين من الانقطاع وحكاية الحبّ بيننا لم تكد تنشأ. كان الزّمن زمن تساقط الرّفاق الواحد تلو الآخر تحت ضربات البوليس السّياسي، وكنت عائدا من فرنسا لمساعدة مناضلي الدّاخل على إعادة هيكلة المنظّمة. كنّا نعيش في السريّة بهويّات مزيّفة، ونتنقّل بصعوبة بين المناطق، وعمري وقتها لم يتجاوز العشرين سنة، وهي في نفس السنّ تقريبا. آوتنا في بيتها لزمن كنّا نغيّر فيه سكننا حسب ما تتيحه إمكانيّاتنا الماديّة شبه المنعدمة، وقد أصررنا على طبع الجريدة السريّة في أوج حملة الإيقافات للدّلالة على أنّنا واقفون لا نركع، وأنّنا نقاوم. كنّا لا نعرف من الكرّ والفرّ سوى اللّفظة الأولى، ولم يكن لدينا متّسع من الوقت أو البال للحديث في مثل هذه الأشياء، أو ضبط استراتيجية تتوافق مع الأوضاع. وكان مثل هذه العقليّة والتّصرّفات يمنح المناضل هالة رومانسية، ومسحة من التّراجيديا، ولحظة من الهشاشة العاطفية التي تستند إليها صلابة المعنويات وفولاذية العزيمة اللّتان يفرضهما الوضع. وإذا ما تقابل مناضل ومناضلة في مثل هذه الأحوال، تنشأ بالضّرورة مشاعر من نوع خاصّ تمتزج فيها العاطفة بالشّهوة، والحبّ بالشّبق، وأحاسيس الذّنب بما يصعب كبحه، وإن كُبِحَ فليُولّد سراب حبّ ينضاف إلى لائحة الحوافز التي نبحث عنها لصناعة فولاذ العزيمة، ومجابهة إيقاف يلوح في الأفق، ونحن نعلم أنّه قادم لا محالة. كانت تجلس إلى جانبي وأنا بصدد تحضير أوّل عدد من جريدة “العامل التّونسي” سيصدر بالدّاخل، بعد أن كانت تأتينا مهرّبة من رفاقنا بفرنسا بطرق شتّى، والشّيخ الإمام يغنّي “تجمّعوا العشّاق في باب القلعة…”، وأنا أشرح لها بعض الكلمات المصريّة. كان صوتها أجمل من صوت الشيخ في أذني عندما تعيد على مسامعي بعض المقاطع، وأنا أتلو عليها قصيدة “بلدي وحبيبتي” لِمَلَكَةٍ طبيعية ِفيَّ لا يستقيم معها الغناء. كنتُ ظاهرة صوتية وكانت ظاهرة موسيقية. وفيها حلاوة النّكتة التي لم تكن حتّى لتحتاج إليها، لفرط جمالها. كانت تقول : أُحِبُّ أن أكون غَانِيَتَك لتعملَ أفضل. وعندما فسّرت لها معنى “الغانية” في العربية، اعتذرت عن عدم ضلوعها في اللّغة، لكنّها سرعان ما تنسى شروحي، ككلّ الفاتنات، فتقول: أنا غانيتك وأنت نَجْمِي (إشارة إلى أحمد فؤاد نجم) قبل أن تعتذر من جديد عن ضعفها…في اللّغة العربية. تفارقنا على عِناق. كان لزاما عليّ أن أغادر المحلّ لأنّ أحد الرّفاق القياديين، الذي كان لاجئا إليه مثلي، قد “سقط” بمعنى أُلقِي عليه القبض. كنّا نشعر بأنّنا لن نتقابل بعد اليوم، لمدّة طويلة على الأقلّ. خرجت تائها وقد انقطعت جميع خطوط الاتّصال بيني وبين من تبقّى من الرّفاق الّذين لم يوقَفوا بعد. من يومها حملتها حلما خفّف عليّ إلى حدّ كبير وطأة سنوات السّجن وعُمْقَ الحاجة لدى السّجين إلى خيال أنثى تؤثّث فراغ الوجدان و تملأ وحشة الجسد. (1)- استفاقت البلاد في شهر يناير 1980 على مجموعة من المسلّحين قدموا من ليبيا وسيطروا على مدينة قفصة. قرأ البعض هذا الحدث كردّ فعل من “الأخ” العقيد القذّافي على تراجع بورقيبة عن اتّفاقية الوحدة بين تونس وليبيا التي وُقعت في ظروف سريالية سنة 1974. (المصدر: موقع “الأوان” بتاريخ 25 أفريل 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=175&Itemid=7  

فاجعة في الأوساط الصحية والسياسية والثقافية بصفاقس:

وفاة الأستاذ الجامعي والنائب السابق في مجلس النواب عبد الله الشابي

تونس ـ الصباح: اهتزت الأسرة الصحية والسياسية والثقافية بصفاقس أول أمس الاثنين على نبإ وفاة المأسوف على شبابه المغفور له عبد الله الشابي اثر نوبة قلبية لم تمهله طويلا ليلتحق بجوار ربه. فقد أحس الفقيد صبيحة يوم الاثنين بألم حاد في صدره بعد تناوله قهوته مع أحد أصدقائه قرب المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة أين كان يتأهب للالتحاق بالمعهد الأعلى للصحة حيث يدرس هناك كمتعاون باعتباره موظفا بوزارة الصحة وبالمستشفى الجامعي وسرعان ما سقط مغشيا عليه في رحاب المؤسسة الصحية المذكورة الشيء الذي عجل بتقديم الاسعافات الطبية اليه لكن دون جدوى اذ رغم توافد عدد هام من الأطباء المختصين في كل الميادين لانقاذه فان المنية داهمته بعد تعرضه الى ثلاث نوبات قلبية متتالية كانت كافية بأن يلفظ أنفاسه الاخيرة.. وطبعا أحدث خبر الفاجعة موجة من الحزن والأسى خصوصا أن الفقيد معروف على الساحة السياسية بانتمائه لعضوية حزب الاتحاد الوحدوي وبالتالي الى مجلس النواب في الدورة قبل الماضية قبل أن يلتحق بحزب الوحدة الشعبية وينفصل عنه لينشط كإطار سياسي مستقل منذ سنوات قليلة.. وقد عرف الفقيد بمواقفه الاجتماعية والبيئية والصحية الجريئة وساهم من موقعه في اثراء الساحة الجهوية في حدود امكانياته وتبعا لهذا العطاء ودعت الاسرة الصحية والسياسية والثقافية امس الفقيد الى مثواه الأخير بعيون دامعة وقلوب دامية راجية من الله العلي القدير أن يرزق عائلته وأصدقاءه جميل الصبر والسلوان وأن يسكنه فراديس جنانه.. والفقيد من مواليد 1951 وهو أب لثلاثة أبناء اضطر أكبرهم الى العودة أمس من ألمانيا لحضور موكب الجنازة والدفن في حين تخرج الثاني كمهندس ويتأهب الثالث لاجتياز امتحان الباكالوريا. إنا لله وإنا اليه راجعون. الحبيب الصادق عبيد (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  


مدير معرض تونس الدولي للكتاب في لقاء إعلامي:

استبعدنا المؤلفات ذات المضامين السطحية والخالية من الفكر النيّر

أنشطــة ثقافيــــة ومهنيـــــة طيلة أيام المعــــرض

تونس/الصباح حرص السيد بوبكر بن فرج المدير العام لمعرض تونس الدولي للكتاب خلال الندوة الصحفية التي عقدها صباح امس على ابراز ملامح التجديد والخصوصية التي تميز الدورة الخامسة والعشرين لهذا المعرض الدولي للابداع الفكري والادبي. فهذه الدورة التي تنطلق فعالياتها يوم 27 افريل لتتواصل حتى يوم 6 ماي عملت على اعطاء قيمة اكبر وأنجع لمضامين المؤلفات.. حيث عمل المشرفون على تنظيم المعرض والكلام للسيد بوبكر بن فرج ـ على استبعاد كل المؤلفات ذات المضامين السطحية والتي تفتقد لكل ما له علاقة بالفكر الجاد والنير كما تم استبعاد كل الناشرين والمؤلفين التي تفوح من مؤلفاتهم ظاهرة الاستخفاف بالقارىء التونسي. لكن هل يعني ان معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الجديدة يسير في اتجاه النجومية؟  نفى السيد بوبكر بن فرج هذا الاستنتاج مؤكدا ان ابعاد المؤلفات ذات المضامين السطحية لا يعني بالضرورة ان المعرض معد لصفوة الادباء والمفكرين والمثقفين بل هو  جماهيري يستجيب لكافة المستويات من خلال المحافظة على التوازنات في كل ما يتعلق بالمضامين. فالمعرض سيكون شاملا لكل اوجه المعرفة (العلوم ـ التكنولوجيا ـ القانون ـ الادب ـ علوم الدين ـ الاطفال ـ الاقتصاد). ولاحظ مدير معرض تونس الدولي للكتاب انه الى جانب تحسين المضامين تم الترفيع هذه السنة في سقف الانتقاء عند اختيار دور النشر المشاركة وهو ما ادى الى استبعاد بعض الترشحات وتعويضها بدور نشر معروفة بجديتها لم يسبق لها المشاركة. وتلافيا لما لوحظ خلال الدورات السابقة في شأن غياب الكتاب الافريقي سعت هذه الدورة الى التدارك بمساعدة من سفارة جمهورية افريقيا الجنوبية بتونس والمنظمة الدولية للفرنكفونية وتم بذلك تأمين حضور ناشرين من اربع دول جنوبي الصحراء. ندوات فكرية ويوم للشعر تقدم الدورة الخامسة والعشرون لمعرض تونس الدولي للكتاب 14 نشاطا فكريا وابداعيا على كامل ايام المعرض الى جانب الحصص اليومية المخصصة للتعريف بالاصدارات الجديدة وبمؤلفيها. ومن أهم الانشطة المبرمجة: * ندوتان دوليتان: ـ تطرح الاولى اشكالية «التنوع الثقافي وكونية القيم« وهي تاتي تثمينا لمصادقة تونس على الاتفاقية الاممية لحماية وتعزيز تنوع اشكال التعبير الثقافي». ـ وستعالج الندوة الثانية قضية «الرهانات الجديدة للنقد الثقافي» من منظور عدد من ابرز النقاد من تونس والخارج. * يوم الشعر: تقديرا لمكانة هذا الجنس الابداعي، سيتضمن الاحتفاء بيوم الشعر ثلاث فعاليات تبدأ بالتعريف بمجموعة من الشعراء الناشئين، تليها مسامرة  نستحضر فيها ذكرى نخبة من شعراء تونس في النصف الاول من القرن الماضي، لا تزال الاجيال تترنم بقصائدهم وتعتز بعطائهم الغزير لثقافتنا الوطنية في مرحلة من أدق مراحل تاريخنا. اما الحلقة الختامية، فستكون امسية تلتقي فيها القاءات نخبة من الشعراء التونسيين والضيوف العرب. * لقاءات مع ادباء: خص البرنامج عددا من الادباء الضيوف بلقاءات منفردة من بينهم اربعة ضيوف ومبدع تونسي يعيش بالمهجر. هذا اضافة الى امسية شعرية افردت للشاعر احمد عبد المعطي حجازي. * فضاءات الحوار: ـ فضاء حوار حول ظاهرة «الانحباس الحراري» التي صارت اليوم مشغلا عالميا  وتساؤلا يتصل بمستقبل الحياة على وجه الارض في العقود القادمة. ـ فضاء حوار للتعريف «بمدينة الثقافة» تقديرا لاهمية هذا المشروع الحضاري الذي سيرى النور عن قريب. * الانشطة المهنية: خصص يوم الخميس 3 ماي لتنظيم ورشتي تفكير وعمل بين المهنيين. ـ ورشة اولى حول واقع مهنة المكتبي وافاقها بمشاركة تونس والجزائر وفرنسا. ـ ورشة ثانية حول اشكاليات نشر الكتاب القانوني بتونس. ضيوف في المعرض عديدة هي الشخصيات الفكرية والادبية التونسية والعربية والعالمية التي ستحضر فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب للمشاركة وتأثيث الانشطة الفكرية للمعرض بالدراسات والمداخلات والحوار ويمكن ان نذكر هنا على سبيل الذكر لا الحصر: ـ اندراسن فانتكولم: ممثل المدير العام لليونسكو. ـ ماسيمو كورسالي ـ ايطاليا ـ توماس فان درفالت جنوب افريقيا ـ جابر عصفور: مصر ـ سعيد يقطين: المغرب ـ احمد عبد المعطي حجازي: مصر ـ فاروق شوشة: مصر ـ صلاح الزهراني ـ السعودية ـ جمال الشاعر: مصر ـ بياريارجو: الكندا ـ فيرونيك تادجو: الكوت ديفوار فضاء خاص للاعلاميين تم تخصيص فضاء خاص بالاعلاميين يتوفر على كل مستلزمات العمل الصحفي من فاكس وانترنات وهاتف وحواسيب. …وحافلة للنقل كما تم تخصيص حافلة لنقل الاعلاميين كل يوم  بداية من التاسعة والنصف صباحا مجانا الى قصر المعارض بالكرم. نشرية يومية يصدر معرض تونس الدولي للكتاب نشرية يومية تتضمن كل المعلومات ومن كل ما يدور ويعيشه المعرض من انشطة ولقاءات ومواعيد. نقل مجاني للطلبة تقرر تخصيص حافلات لنقل الطلبة ذهابا وايابا من الاحياء والمؤسسات الجامعية الى قصر المعارض بالكرم لزيارة ومتابعة كل فعاليات المعرض. حدثان وطنيان تقترت الدورة 25 لمعرض تونس الدولي للكتاب باستعدادات تونس للاحتفال بمرور نصف قرن على اعلان الجمهورية وقيام النظام الجمهوري وعقدين على التغيير المبارك وسعت هذه الدورة كما اكد ذلك مدير معرض تونس الدولي للكتاب الى الانخراط في موقعها في هذا الاحتفاء المضاعف من خلال اختيارات وتوجهات ننتصر لاشاعة المعرفة ورواج الثقافة وتفعيل تفتح بلادنا على الثقافات الاخر. التظاهـــــــرة في أرقـــــــــــام الناشرون
ـ عدد الناشرين: 817 (من ضمنهم 92 ناشرا تونسيا) (زيادة بنسبة 5،21% بالمقارنة مع الدورة الاخيرة) ـ عدد الناشرين المشاركين لاول مرة: 250 ـ عدد الدول الممثلة: 33 ـ عدد المنظمات الاقليمية: 4
العارضون
ـ عدد العارضين: 309 (من ضمنهم 103 عارضين تونسيين) ـ عدد العارضين المشاركين لاول مرة: 67 ـ عدد الدول المشاركة: 29 ـعدد المنظمات الاقليمية: 2 ـ اما عدد العناوين التي سيقدمها المعرض فهي تناهز الـ100 الف عنوان. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  

تونسي يحتل مرتبة علمية رفيعة في اختصاص البيوكيمياء وعلم الوراثة في أوروبا

الأستاذ عبد اللطيف فطوم يتحــدث لـ«الصـباح» عـن مسيرته العلمية وبحوثه في مجال الخلايا السرطانية

قفصة ـ الصباح: هو علم من اعلام تونس في الخارج ونجم صعد من هذه الارض الطيبة من ربوع جهة قفصة ولمع في سماء اوروبا والعالم في علم أصبح محط انظار الباحثين والمختصين والمتابعين في العالم وهو البيوكيميا وعلم الوراثة. وهو فرع من العلوم العلمية الحديثة يراهن عليه الجميع لايجاد حلول للأمراض المستعصية والاوبئة وغيرها كالسيدا والسرطان وجنون البقر ووباء أنفلونزا الطيور وغيرها من المشكلات العلمية المتعلقة بالحيوان والنبات. هذا العلم هو البروفيسور التونسي المقيم في فرنسا ورئيس أكبر مركز للبحوث بأوروبا في البيوكيميا وعلم الوراثة في مونبيليي بفرنسا. وقد التقينا البروفيسور عبد اللطيف فطوم بمناسبة ترؤسه  للدورة الاولى للمؤتمر العالمي حول البيوكيميا وعلم الوراثة والذي انعقد بقفصة من 12 الى 16 افريل المنقضي، وخص جريدة «الصباح» بهذا الحديث حول الجذور والحاضر والمستقبل الشخصي والعلمي: س: كيف كانت البداية ـ البداية  كانت من مدينة القطار بقفصة اين ولدت وترعرعت بين احضان الواحة والمدينة العتيقة واستمديت من جبل عرباطة المطل على المدينة  معاني الشموخ والأمل والاصرار.. ودرست في المرحلة الابتدائية بالقطار اما المرحلة الثانوية فكانت بمعهد الذكور بسوسة اين تحصلت على الباكالوريا ثم التحقت بمدرسة  الترشيح العليا بتونس سنة 1966 والتحقت  في نفس السنة بكلية العلوم بتونس اين تحصلت على شهادة الاستاذية اختصاص بيولوجيا وفي نفس السنة تحصلت على ديبلوم من مدرسة الترشيح العليا. س: كيف كان المنعرج الذي دفعك للهجرة ومواصلة تحصيل العلم؟ ـ المنعرج الاول كان جائزة رئيس الجمهورية نظرا لحصولي على شهادة الاستاذية في البيولوجيا بامتياز فاعطتني هذه الجائزة شحنة قوية وحافزا لمواصلة البحث عن الافضل. فالتحقت بـ«كلاج فرنسا» وهو من المؤسسات الجامعية المعروفة وتحصلت هناك على دكتوراه دولة في اختصاصي بامتياز. س: حدثنا عن مسيرتك في البحث والمناصب العلمية التي تقلدتها؟ ـ التحقت بعد حصولي على الدكتوراه بالمركز الوطني للبحوث بفرنسا «C.N.R.S» ثم التحقت بالكلية الوطنية للصحة والبحوث الطبية بفرنسا «I.N.S.E.RM» من سنة 1972 الى سنة 1979.. فيما بعد التحقت بأكبر كلية في امريكا «Harvard University» اين عينت لمدة 3 سنوات كمسؤول عن وحدة بحث في البيوكيميا ثم عدت الى مونبيلي اين سميت مديرا للبحوث العلمية هناك وانتخبت بالاجماع في لجنة علمية وطنية مكلفة بتنسيق البحوث في جهة «لونق دوك روسيون (وهو اول عربي انضم الى لجنة في هذا المستوى وظل هناك لمدة 4 سنوات) اما الان فأنا مدير مركز البحوث المذكور بمونبيليي وأشرف على عدد هام من الباحثين من فرنسا ومن الوافدين من جميع بلدان العالم بما فيها تونس (مهندسين، مديري بحوث، جامعيين، والمشتغلين على رسائل دكتوراه..). س: حدثنا الان عن بحوثك العلمية ومكتشفاتك (ولو سمحت بالتبسيط) ـ محور بحوثنا في المركز الذي اشرف عليه هو آليات تحويل الطاقة الكيميائية الى طاقة ميكانيكية مستعملا كعامل البروتينات المسؤولة والمتدخلة في الحركة سواء في مستوى العضلات او الخلايا الحرة في الجسد. كيف تتمكن الخلايا من التصدي للميكروبات التي تهاجم الجسم وما هي آليات حركتها؟ هذه البروتينات هي بالاساس اثنان «اللاكتين» و«الميوزين» وقد وقع اكتشاف اللاكتين منذ 50 سنة وله دور هاكم في اندمال الجروح والجهاز التنفسي وترسل اشارات بين الخلايا وغيرها، اما الميوزين فهي اقوى محرك في جسم كل الكائنات الحية وان كان هناك خلل في الميوزين 6 و7 النتيجة هي امراض الكلى والرمد وفقدان البصر والسمع. س: سمعنا في اكتشافك في ما يتعلق بالكشف عن مرض السرطان وعلاجه ـ الاكتشاف العلمي الذي انفردت به وكان له نتائج علمية هامة اكتشافي في كون بروتين «الجنسولين» شريك اللاكتين موجود في كامل جسم الانسان في الشرايين والخلايا والدم وليس فقط في الكلى كما كان يعتقد والكشف الهام الذي توصلت اليه هو ان «الجنسولين» يندثر تماما من الجسم في صورة وجود خلايا سرطانية في الجسم (في المعدة، الثدي، المثانة، الرئتين) وبالتالي هذه البروتينة اصبحت تعتمد كمؤشر بيولوجي لوجود السرطان في الاعضاء مما يسهل الكشف المبكر عنه وعلاجه كما يفتح هذا الاكتشاف الباب لانتاج ادوية لمعالجة السرطان والربو وغيرها. هذا بالاضافة الى اكتشافي لدور «الكلبونين» في امراض عنق الرحم وامكانية علاجها.. حتى ان الجلسولين والكلبونين اصبحا مقترنان باسم عبد اللطيف فطوم لدى الاوساط العلمية. اجرى الحديث: رياض بدري (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)

 

نـداء وحـداء من جمعية الأنصار بالبوسنة

بسم الله الرحمن الرحيم

اسمحوا لي في البداية ان أعرفكم بنفسي انا من الطلبة العرب السوريين الذين جاؤا الى يوغسلافيا في الثمانينات و درست الطب البشري فيها. مع بداية الحرب في البوسنة تزوجت من ارملة امام بوسنوي قتله الصرب في معتقل اومرسكا وترك خلفه بنتان وولد لم يراه. بعد ولادة ابني حمزة حصلت على الجنسية البوسنوية والتحقت في الجيش البوسنوي مع المقاتلين العرب. مع نهاية الحرب بتوقيع دايتون انتقلنا الى قريتينا بوجينيا وكنت الناطق الرسمي باسم المقاتلين العرب السابقين في البوسنة. ومع بدايات عام 2000 أخرجنا منها وكل ذهب في طريقه . وولد لي بنت وولد في الفترة الماضية فأصبحنا عائلة من 8 أفراد وانتقلنا للعيش في سرايفو. بعد احداث 11 سبتمبر سحبت الحكومة البوسنوية الجنسية منا جميعا وتصاحب ذلك مع سجن المجموعة الجزائرية وما رافقه من مشاكل. واعترضنا على الحكم في المحكمة العليا البوسنوية التي حكمت لنا وقالت ان الحكم غير قانوني ولكن الحكم كان متأخرا لان المجموعة الجزائرية سلمت للامريكان واصبحت في غوانتانامو و المجموعة المصرية سلمت لمصر وبعض الاخوة من سلم لفرنسا والمغرب وتونس . اما من بقى منا ولم يهرب من البوسنة فكان تحت المراقبة الدائمة والمضايقات من كل الانواع والاشكال. ومن بقي بعد ذلك شكل لهم خصيصا مجلس الوزراء البوسنوي لجنة خاصة على مقاسهم لسحب جنسياتهم مع العلم انه قبل ذلك شكلت مرتين مثل هذه اللجنة لمراجعة جنسياتنا دون ان تجد سبب لسحب الجنسية منا. وبدأت اللجنة عملها وسحبت الى الان 400 جنسية معظمهم من العرب الذين جاؤوا إما للدراسة أو العمل الاغاثي وكان نصيب الاسد فيها للمقاتلين العرب وكنت من أولهم. مع العلم ان قرار اللجنة يعتبر نهائي ولا يحق لنا الاعتراض عليه ولكن لنا الحق برفع دعوة على الحكومة البوسنوية في المحكمة البوسنوية ولا يوقف ذلك تنفيذ الحكم السابق. وهذا ما حصل بالضبط و مع اننا رفعنا قضية سحبت الحكومة البوسنوية من بعض الأخوة أوراقهم الشخصية ومنعتهم من الحركة إلا السفر الى أوطانهم. وقمنا بتشكيل جمعية الأنصار للدفاع عن حقوقنا لم ترخصها لنا حكومة البوسنة مع اننا استوفينا كل المتطلبات القانونية والزمنية. ومن خلال خبرتنا وما حصل سابقا لنا وقناعتنا ان قرار سحب الجنسية هو قرارا سياسي وليس قانوني اتخذ قبل الحكم علينا من المحكمة البوسنوية لذلك نلتمس منكم ما يلي: 1. مساندتنا بكل الوسائل المسموح بها دوليا. 2. فضح كل ما تقوم به حكومة البوسنة من تعدي وهضم لحقوقنا في المحافل الدولية. 3. الاتصال مع كل المنظمات والهيئات التي تستطيع مساعدتنا. 4. الضغط على حكومة البوسنة ومؤسساتها لاحترام ما وقعت عليه من قوانين. للإتصال بنا: www.ensarije.com 0038733513869telfax: 0038761454457mob. 0038761153218mob. الناطق باسم جمعية الأنصار ابو حمزة Abu_hamzasuri@hotmail.com

الأمم المتحدة تنتقد كردستان العراق بسبب حرية الصحافة

بغداد (رويترز) – قالت الامم المتحدة في تقرير حول كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي إن الصحفيين هناك يواجهون الاعتقال والتحرش بسبب كتابة أخبار عن فساد الحكومة وتدني الخدمات العامة. كما انتقدت الامم المتحدة مسؤولين أكرادا لعدم معالجتهم قضايا “جرائم الشرف” المتكررة مع النساء وقالت إن المئات في سجون كردية محتجزون بدون اتهامات. ويروج الاكراد لكردستان العراق باعتبارها الجزء العراقي الذي يتمتع باستقرار نسبي بما يتناقض مع باقي أجزاء البلاد الغارقة في عنف طائفي. وللاستفادة من هذه الصورة تعتزم كردستان بناء “قرية اعلامية” بتكلفة 400 مليون دولار للمنظمات الدولية. وفي حين أن أغلب الصحفيين الذين ماتوا في العراق كانوا في بغداد فإن تقرير حقوق الانسان حول العراق قال إن أغلب اعتقالات الصحفيين التي سجلها بين يناير كانون الثاني ومارس اذار قامت بها قوات الامن الكردية. وقالت بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق إن السلطات الكردية “واصلت تعريض الصحفيين للتحرش والاعتقال والاجراءات القانونية لتغطيتهم فساد الحكومة أو تدني مستوى الخدمات العامة أو غيرها من قضايا المصلحة العامة.” وأشاد التقرير بمراجعة أجراها البرلمان الكردي مؤخرا لتشريع عن حرية التعبير وبدء التحقيق في عدة قضايا متعلقة بفرض قيود على حرية الاعلام. وقال تقرير الامم المتحدة إن حقوق المرأة في الحياة والسلامة الشخصية لا تزال تمثل “قلقا بالغا” في محافظات أربيل ودهوك والسليمانية التي تسكنها أغلبية كردية نظرا لارتفاع نسبة حوادث “جرائم الشرف وغيرها من الانتهاكات ضد المرأة.” وتابع التقرير “بين يناير ومارس تلقت بعثة الامم المتحدة للمساعدة في العراق معلومات عن نحو 40 قضية متعلقة بجرائم الشرف المزعومة…حيث لقيت شابات حتفهن نتيجة حروق أصبن بها في حوادث بمنازلهن أو أن أحد أفراد أسرهن قتلهن بسبب الشك في سوء سلوكهن.” وأضافت البعثة أنها تلقت تقارير باستمرار عن العنف داخل المنازل والمجتمعات والتي تجاهلتها السلطات الكردية بصورة كبيرة. وأبدت الامم المتحدة أيضا قلقها ازاء الاحتجاز التعسفي الذي تمارسه السلطات الكردية. وقال التقرير إن مئات ظلوا محتجزين لفترات طويلة دون توجيه اتهامات أو دون احالتهم لقاضي تحقيق. وفي بعض الحالات كان المحتجزون يعتقلون بدون أوامر قضائية وحرموا جميعا من فرصة الطعن في مدى شرعية احتجازهم. وقال التقرير إن البعثة تلقت مزاعم عن التعذيب أو سوء المعاملة للمحتجزين في مراكز الاحتجاز الحكومية. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 25 أفريل 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  

يرون ان الولايات المتحدة لا تريد اقامة دولة فلسطينية وتسعي لإضعاف العالم الإسلامي

استطلاع: أغلبية المسلمين تريد رحيل القوات الأمريكية من الشرق الأوسط

واشنطن ـ اف ب ـ رويترز: اظهر استطلاع للرأي اجري في مصر والمغرب وباكستان واندونيسيا ان اغلبية المسلمين ترغب في ان تغادر القوات العسكرية الامريكية الشرق الاوسط. واعربت اغلبية كبيرة (نحو 74%) من الاشخاص الذين سئلوا رأيهم في مصر والمغرب وباكستان واندونيسيا عن رغبتهم في ان تتخلي الولايات المتحدة عن قواعدها وان يغادر جميع الجنود الامريكيين الدول الاسلامية ، وفق ما جاء في هذا الاستطلاع الذي اجراه معهد ورلد بابلك اوبنيون دوت اورغ بالتعاون مع جامعة ميريلاند (شرق). من جهة اخري، ايدت اغلبية ساحقة (91%) من المصريين واغلبية المغاربة (69%) الهجمات علي الجنود الامريكيين في العراق في حين رفضها 61% من الاندونيسيين. وايد 31% من الباكستانيين الهجمات علي القوات الامريكية في العراق ورفضها 33%. ولا يعرف 11% من الباكستانيين ما اذا كانوا يؤيدون هذه الهجمات ام لا. وهذه الاراء هي تقريبا مماثلة بالنسبة للهجمات علي الجنود الامريكيين في افغانستان والخليج. وبالمقابل، فان الهجمات علي المدنيين الامريكيين او الغربيين لاقت معارضة كبيرة في الدول الاربع حيث جري الاستطلاع. كما اعربت اغلبية الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع في هذه الدول عن تأييدهم لعدد كبير من اهداف تنظيم القاعدة مثل تطبيق الشريعة او اقامة دولة خلافة في الدول الاسلامية. بالمقابل، لم يحظ اسامة بن لادن علي تاييد في هذه الدول الاربع. وجاءت اعلي نسبة تاييد في مصر حيث اعرب 40% عن آراء ايجابية او ايجابية جدا حيال زعيم القاعدة. لكن فقط 17% من الاندونيسيين اعربوا عن الشعور نفسه. وفي ما يتعلق بهجمات 11 ايلول (سبتمبر)، اعتبر 3% فقط من الباكستانيين ان القاعدة مسؤولة عن الهجمات في حين اتهم 20% الحكومة الامريكية بالوقوف وراءها. وبالواقع، قال 71% من الباكستانيين انهم لا يعلمون من هو المسؤول عنها وكما هو حال 29% من المصريين و43% من الاندونيسيين و28% من المغاربة. واظهر الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع شكوكا كبيرة حول رغبة الولايات المتحدة في اقامة دولة فلسطينية. فقط 7% من المصريين و23% من المغاربة و27% من الباكستانيين و38% من الاندونيسيين اعتبروا ان اقامة الدولة الفلسطينية احد اهداف الولايات المتحدة. وبالمقابل، اعتبر 91% من المصريين و64% من المغاربة و40% من الاندونيسيين و28% من الباكستانيين ان قيام دولة فلسطينية ليس هدفا للامريكيين. أظهر الاستطلاع ان أكثر من 70 في المئة من المصريين والباكستانيين والاندونيسيين والمغاربة يعتقدون أن الولايات المتحدة تسعي لاضعاف وتقسيم العالم الاسلامي. ويظهر الاستطلاع أن أكثر من 40 في المئة يعتقدون ان ذلك هو الهدف الاساسي للحرب التي تقودها الولايات المتحدة علي الارهاب في حين أن 12 في المئة فقط يعتقدون ان هدف واشنطن هو حماية الولايات المتحدة من الهجمات. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  

“حافلات الفصل” (بين النساء والرجال) في اسرائيل

كاتيا أدلر بي بي سي-القدس كنت أنتظر الحافلة في وسط القدس، وبالتحديد في حي ميا شاريم الذي يقطنه المتدينون اليهود. كان موقف الحافلة مزدحما، وحين وصلت حصل شيء لم يخطر على بالي: ترك الأزواج زوجاتهم الحوامل وأخريات يزاحمن من أجل الصعود بعربات الأطفال من الباب الخلفي، وصعدوا عبر الباب الأمامي. حين صعدت حاولت الاحتيال على النظام والتوجه الى مقدمة الباص، الا أنني دفعت الى المؤخرة، باتجاه النساء الأخريات. هذا الفصل بين الجنسين قائم في 30 حافلة من خطوط المواصلات العامة في أنحاء اسرائيل. تقول السلطات المعنية ان هذا الفصل اختياري، ولكني لم ألمس هذا.  “انتهاكات وتهديدات” ناؤومي ريجين هي امرأة يهودية متدينة رفعت قضية ضد “نظام الفصل” في الحافلات. “لم أكن أريد أن أقوم بثورة، كل ما هنالك أنني أريد الوصول الى بيتي”، هذا ما قالته لي ناؤومي، وتابعت: “كنت في وسط المدينة، ورأيت حافلة متجهة الى الحي الذي أقيم فيه. صعدت اليها وجلست في المقعد خلف السائق. كانت الحافلة فارغة في البداية ثم بدأ رجال متدينون بالصعود، وخاطبني أحدهم قائلين ان علي التوجه الى الخلف، وانه محظور علي الجلوس في الأمام”. نظام الفصل هذا لا ينطوي على تمييز فقط، بل قد يكون فيه خطر على نساء مثل ناؤومي اذا حاولوا تجاهله، كما تقول، وتتابع: “قلت للرجل، أرني أين يوجد هذا النظام في تعاليم الدين اليهودي، عندها سوف أمتثل. حاول الرجل طلب مساندة الرجال الاخرين في الحافلة، أما أنا فأحسست بانني أتعرض للاذلال والتهديدات، وحتى الايذاء الجسدي”. “تمييز ايجابي” الذين يؤيدون الفصل في الحافلات يقولون ان خطها يخترق الأحياء المتدينة في العادة، ولكن هذا ليس دقيقا. الكثير من الركاب ليسوا راضين، وبالامكان سماع الانتقادات والاعتراضات. أحد الرجال قال لي انه اذا كان البعض يريدون حافلات فيها فصل بين الجنسين عليهم أن يتفقوا مع شركة خاصة لتسيير حافلات كهذه، على نفقتهم الخاصة. رجل اخر قال لي انه في مجتمع ديموقراطي يجب أن لا تطغى رؤية الأقلية على الأغلبية. شلومو روزنستاين، عضو المجلس البلدي في مدينة القدس حيث تسير معظم هذه الحافلات يقول:”هذا تمييز ايجابي، ديننا يفرض عدم حصول اتصال بين الجنسين، وهو ما تؤمنه هذه الحافلات”. التجديف عكس التيار المعارضون لحافلات الفصل كمن يجدفون عكس التيار، فاليهود المتدينون ذوو نفوذ في اسرائيل. ناؤومي ريجين تقول ان الحافلات المختلطة هي أحد مظاهر السلوك العدائي تجاه النساء في بعض أوساط اليهود المتدينين. وتضيف:”لقد ألغوا التعليم الجامعي للنساء المتدينات، وملأوا المحاكم بقضاة متدينين. في بعض الأحياء يخصصون جانبا من الشارع لتسير فيه النساء”. ومن بين الممارسات التي تذكرها ريجين ان البعض يقذفون النساء “غير المحتشمات” بالدهان أو حتى بالمحلول المبيض، وتضيف قائلة :”اذا لم نضع حدا هنا فلا أدري كيف سيكون عليه ديننا بعد 20 سنة من الان”. (المصدر: موقع بي بي سي أونلاين بتاريخ 25 أفريل 2007) الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/middle_east_news/newsid_6587000/6587353.stm


صـنـاعـة الأوهــام
 
محمد كريشان لنوضح منذ البداية أننا سنضع أنفسنا، حقيقة أو جدلا، داخل خانة خيار التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولنضف أيضا بأننا لن نرفع شعارات المقاومة، لا اقتناعا ولا تظاهرا، ولنقل كذلك إننا قبلنا، ودون رجعة، السلام خيارا استراتيجيا مع الدولة العبرية، وبالتالي لن نؤيد أو نبرر أو ندعو لأي عمل مسلح أو عنيف ضدها. لن نتحرك إلا في سياق العمل الديبلوماسي السلمي الهاديء. نقول كل ذلك منذ الأسطر الأولي حتي لا نتهم سريعا بالشعاراتية أو بالمزايدة أو العدمية، حتي نتمكن لاحقا وضمن ذات السياق المؤمن بالحلول السلمية حتي النخاع إلي الإقدام بشجاعة سياسية وأمانة شخصية علي جردة الحساب لهذا الخيار. من أكثر المفردات ترددا علي لسان أكثر من مسؤول عربي ودولي هذه الأيام مفردتا أفق سياسي و فرصة تاريخية دون أن يبادر أي واحد إلي توضيح، دعك من محاولة الإقناع، بماهية هذا الأفق السياسي وما الذي يعنيه عمليا بما يجعل السياسي أو الرأي العام الواسع يقف علي مضمون حقيقته علي الأرض وكذلك دون أن نعرف حقيقة هذه الفرصة التاريخية حتي يدفع الجميع باتجاهها تجنبا لأن يقال في حقنا دائما، عربا وفلسطينيين خاصة، بأننا لم نفلح في شيء فلاحنا في إضاعة الفرص ثم التحسر عليها مما قاد باستمرار إلي سقوط متواصل في سقف التسوية المأمولة. الأفق السياسي تردد كثيرا علي لسان المسؤولين الأمريكيين ومعهم الإسرائيليون والعرب ولكن هذه المفردة سرعان ما سحبت من أفواه الأوائل بعد فورة جولة كوندوليزا رايس ولقاءاتها الماراثونية الأخيرة ولم يبق من مردديها تقريبا إلا مسؤولونا في وقت يعرف فيه القاصي والداني أن لا أحد قادرا علي فتح أفق، مهما كان متواضعا، إلا هم فيما يقتصر دورنا علي الأمل والرجاء حتي لا نستعمل كلمة أخري. وبعد ما ذهب في ظن كثيرين منا، طمعا أو غباء، أن مبادرة السلام العربية التي أعلنت في بيروت قبل خمس سنوات وجدد التأكيد عليها ومحاولة تفعيلها في قمة الرياض الأخيرة قد تكون هي هذا الأفق السياسي الذي ربما اقتنعت به واشنطن وقد تفرضه صفقة متكاملة ونهائية علي الإسرائيليين، لم يستمر ذلك الانطباع طويلا حيث بدأ تتسرب تدريجيا عبارات من نوع أن هذه المبادرة ليست سوي مبادئ عامة و إطار عام للتفاوض الشيء الذي أتاح للإسرائيليين تدريجيا التسلل للعودة إلي الزاوية الأولي من المربع الأول عبر التأكيد أن لا شيء علي الطاولة حاليا إلا خطة خارطة الطريق وبالتحديد المرحلة الأولي منها الداعية إلي محاربة الإرهاب الفلسطيني . وهذا المنطق قاد بدوره إلي عودة الطائرات الإسرائيلية مؤخرا إلي غاراتها علي قطاع غزة واجتياحاتها داخل مدن الضفة الغربية وما يصحب ذلك من سقوط ضحايا مدنيين كثر من بينهم حتي الشابة اليافعة التي تجلس تراجع واجباتها المدرسية داخل بيتها. هذا المسمي أفقا سياسيا والذي اتضح أن لا معالم له سوي ما يري علي الأرض من ممارسات الاحتلال أوصلنا إلي وهم آخر لا يقل خطرا وهو الزعم بأننا أمام فرصة تاريخية قد لا تعود ثانية مع أننا لا نلمس أبدا أية مؤشرات تفيد من قريب أو من بعيد بوجود هكذا فرصة بل لا توجد مطلقا فرصة يمكن حتي مجرد وصفها بالتاريخية أو غير ذلك فلا واشنطن تبدو مهتمة بشيء آخر غير مأزقها في العراق وتنطع إيران ولا إسرائيل طبعا في وارد أن تقدم شيئا مهما كان محدودا إذا لم تكن مقتنعة بثمن غال جدا لبضاعة قد لا تستحق فلسا واحدا. إذا كان مسؤولونا العرب لديهم معلومات ليست متاحة لغيرهم فليقفوا صراحة ويقولوا لنا علي رؤوس الأشهاد معالم هذا الأفق السياسي الذي قاد إلي هذه الفرصة التاريخية فقد يجدوننا وقتها إلي جانبهم نؤازرهم وندفع في الاتجاه الذي يأملون، أما غـــير ذلك فتضليل لا يليق وإرساء لصـــناعة الــوهم بعد أن فشلت عندنا كل الصناعات الأخري. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  

بعد ربع قرن.. المهاجرون من إسرائيل فاقوا القادمين

أحمد الغريب (*) للمرة الأولى في تاريخ الدولة العبرية منذ عام 1982، شهدت الهجرة “العكسية” في إسرائيل ارتفاعا عن عدد المهاجرين إليها في الأعوام القليلة الماضية، بسبب تردي الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بحسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية. وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت – نقلا عن دائرة الإحصاء المركزية – إن: “متوسط عدد المهاجرين من إسرائيل خلال السنوات الثلاث الماضية بلغ نحو 20 ألف مهاجر سنويا في الوقت الذي يقل بشكل مستمر عدد المهاجرين إليها عن هذا العدد (20 ألف) خلال نفس الفترة الزمنية (الأعوام 2004 و2005 و2006)”. وكشفت أرقام الدائرة عن أن هناك تصاعدا في عدد اليهود الذين يغادرون إسرائيل، في الوقت الذي ينخفض فيه – بشكل تدريجي – عدد “القادمين الجدد”. وتوقعت الدائرة أن يستمر هذا المعدل خلال العام الجاري. وتشير الأرقام التي نشرتها صحيفة “يديعوت أحرونوت” الجمعة 20-4-2007 إلى أنه في عام 2005 هاجر إلى إسرائيل نحو 21,168 يهوديا، وفي عام 2006 تناقص عددهم إلى 19.267، بينما بلغ عددهم في الأشهر الأولى من العام الحالي 2.398 وتتوقع دائرة الإحصاءات في تقديراتها أن يبلغ عدد “القادمين الجدد” في نهاية العام الحالي نحو 14.400 قادم. وفي المقابل كشفت الإحصاءات عن تزايد عدد اليهود الذين يغادرون إسرائيل سنويا إلى نحو 20 ألف يهودي في الأعوام الثلاثة الماضية خاصة خلال عام 2006 الذي شهد العدوان الإسرائيلي على لبنان، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل الهجرة “العكسية”. ولفتت الصحيفة في تقريرها – الذي يأتي مع اقتراب الاحتفال بذكرى مرور 60 عاما على إعلان قيام الدولة العبرية – إلى أن هناك ثلاثة فترات زمنية تميزت بزيادة أعداد المغادرين من الدولة العبرية مقارنة بعدد المهاجرين إليها، أولها الفترة التي أعقبت حرب أكتوبر 1973 مع مصر وسوريا، والثانية بعد حرب 1982 والتي خاضتها إسرائيل في لبنان، والثالثة بعد حرب يوليو 2006 في لبنان. وفي سياق متصل أوضحت دائرة الإحصاء المركزية أن المهاجر من إسرائيل هو “الشخص الذي لا يقوم بزيارة واحدة على الأقل لإسرائيل خلال 12 عاما”. ولتفسير عدم وجود رقم محدد بل متوسط لعدد المغادرين من إسرائيل، أشارت الصحيفة إلى أن هناك صعوبة في تحديد عدد الذين يغادرون إسرائيل إلى الأبد إلا أن هناك اتجاها ملحوظا في السنوات الأخيرة لمغادر إسرائيل. وأضافت الصحيفة أن تحديد عدد من يهاجرون من إسرائيل عملية صعبة نظرا لعدم معرفة أي منهم ينوي القدوم مرة أخرى، غير أن دائرة الإحصاءات تعتبر أن من غادر إسرائيل لمدة تزيد عن 3 أو 4 سنوات “مهاجرا عكسيا”. الهروب لأمريكا وألمانيا وفي ختام تقريرها قالت “يديعوت أحرونوت” إن الأرقام الأخيرة تكشف عن أن ما يقرب 700 ألف يهودي ممن كانوا يعيشون في الاتحاد السوفييتي “السابق” يفضلون العيش في الولايات المتحدة، ويتركز غالبيتهم في ولايتي نيويورك وكاليفورنيا . وتابعت: بينما يعيش في ألمانيا 160 ألف يهودي روسي يشكلون 80% من اليهود في ألمانيا، وفي أستراليا وصل عدد اليهود الروس إلى 50 ألف يهودي، بالإضافة إلى عشرات الآلاف في أوروبا. وفي سياق متصل نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية الجمعة 20-4-2007 استطلاعا للرأي أجراه معهد “تلي سيكر” بمناسبة مرور ستين عاما على إقامة دولة إسرائيل أظهر أن نحو 26% من الإسرائيليين لديهم الرغبة في الهجرة من إسرائيل إلى الولايات المتحدة أو أي من دول الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الأخيرة، وذلك بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وجاء في الاستطلاع الذي شارك فيه نحو 5 آلاف إسرائيلي، أن 96% من المستطلعة آراؤهم ليسوا راضين بالمرة عن القيادة السياسية في إسرائيل . وأكد القائمون على الاستطلاع أن النتائج النهائية أكدت تنامي القلق لدى الشباب الإسرائيلي أكثر من كبار السن، حيث أعرب نحو 50 % منهم عن رغبته في الهجرة. وكشف الاستطلاع عن تنامي قلق الإسرائيليين من تراجع مستوى التعليم، فيما أعرب 27% من الإسرائيليين عن تراجع الأوضاع السياسية، وقال 16% أن هناك رعبا لديهم من تردي الأوضاع الأمنية في إسرائيل. وأضاف الاستطلاع أن 14 % من الإسرائيليين أكدوا أن هناك انحطاطا في المستوى الاجتماعي، وقال 9.5 % إن الأوضاع الاقتصادية صعبة للغاية بل هي الأسوأ منذ إقامة إسرائيل عام 1948. جرس إنذار وأرجعت الخبيرة الإسرائيلية “عليزه شنهار” مديرة كلية “عميق يزراعيل” التي أجرت الاستطلاع أسباب رغبة الإسرائيليين في مغادرة إسرائيل إلى تنامي الأزمة بين القيادة السياسية في إسرائيل وبين الشعب. وقالت إن ما يقلقها هو رغبة نحو50% من الشباب الإسرائيلي في الهجرة للخارج، مؤكدة أن ذلك يعد بمثابة جرس إنذار لصناع القرار بسرعة التحرك قبل أن يشرع الشباب في ترك إسرائيل والهجرة منها. (*) باحث في الشئون الإسرائيلية. (المصدر: موقع إسلام أونلاين. نت (القاهرة – الدوحة) بتاريخ 24 أفريل 2007)

 

المواطنة وسياقاتها الغائبة: ثنائيات الدين والعرق

د. عمرو حمزاوي (*) لن يجدي التعامل مع التوترات الطائفية المستمرة في عالمنا باختزالها إما إلى شواهد مؤسفة على تآكل ثقافة التسامح بين الأغلبيات والأقليات العربية أو إلى ظواهر استثنائية مآلها إلى زوال إن أحسنت الدولة القومية وقوى المجتمع التعامل معها. لن يفيد مجرد المطالبة برفع المظالم المتعلقة بالحقوق الدينية والمدنية والسياسية للأقليات أو الدعوة إلى الشروع في حوار مجتمعي موسع حول قيم المواطنة والعيش المشترك، على رغم أهمية هذا وذاك في تخطي محدودية المقاربات التحريمية والتجريمية. وربما تمثلت نقطة البدء في إدراك محورية عاملين رئيسيين لفهم مركزية الولاءات الدينية والعرقية وانفجاراتها الطائفية المتتالية في عدد من المجتمعات العربية الشديدة الاختلاف في ما بينها. يرتبط العامل الأول بجوهر علاقة السلطوية الحاكمة بمواطنيها. قضت النظم العربية منذ خمسينيات القرن الماضي، على دور واستقلالية المؤسسات السياسية والمدنية غير الحكومية. فقدت الأحزاب والحركات السياسية دورها كأدوات للتعبير المنظم عن قناعات ومصالح جماعات المواطنين وكإطارات لبلورة هويات حديثة تنتظم في فضاء رابطة المواطنة من دون أن تنفيها. تلاشت أيضاً، إن في ظل الإلغاء أو السيطرة السلطوية، وظيفية التنظيمات المدنية من نقابات عمالية واتحادات اقتصادية – تجارية ومنتديات فكرية في تمكين المواطنين من تخطي حواجز الولاءات الأولية العازلة بينهم وترسيخ المضامين القيمية والعملية لرابطة المواطنة في خبرتهم الحياتية. الحال إذن أن النظم العربية أعادت هيكلة بنى مجتمعاتها مبلورةً لما يمكن تسميته نموذج المجتمع الشفاف، ليس استناداً إلى نقائه أو ديموقراطيته، وإنما تأسيس على اختفاء المساحة السياسية والمدنية الوسيطة الفاصلة بين النظام والمواطنين. لم تترك السلطوية العربية لمواطنيها سوى دوائر الولاءات الأولية، دينية وعرقية وقبلية، للاحتماء بها كملاذ أخير فتعلقوا بها وأعلوا تدريجياً من شأنها في مقابل رابطة مواطنة اختصرتها نظم عاجزة في سيطرة وقمع وإرهاب. أما العامل الثاني في تفسير التوترات الطائفية الراهنة في ديار العرب فيتعلق بعمليات الحراك السياسي والتحولات النيوليبرالية التي تمر بها بعض النظم العربية. تراجعت فاعلية مؤسسات السلطوية الحاكمة في سياق أزمات اقتصادية – اجتماعية ضاغطة أو تم اختزالها تدريجياً في آلة الأمن القمعية تاركة وراءها مساحات غير مسبوقة لتدافع قوى المجتمع المختلفة. إلا أن حقيقة اختفاء التنظيمات السياسية والمدنية أو ضعفها البين مكن الولاءات الأولية من غزو بل والاستئثار بمساحات الحرية الجديدة سريعاً لتصبح بمثابة البدائل الفعلية الوحيدة للنظم الحاكمة. لا ترتكز شعبية القوى الدينية والعرقية أو التنظيمات القبلية بالأساس إلى برامجها السياسية أو رؤاها حول إدارة شؤون مجتمعاتها، إنما تعود في المقام الأول إلى رأسمالها الاجتماعي المتمثل في ثقة المواطنين بقدرتها على حمايتهم إزاء قمع النظم الحاكمة وتقديم الخدمات لهم. من جهة يترجم مثل هذا الرأسمال الاجتماعي في لحظات الحراك ثقلاً سياسياً واضحاً ويستحيل آليةً محورية للمشاركة في الشأن العام، ويرغم من جهة أخرى من أقصي من جماعات وأفراد على اعتماد المنحى ذاته للحصول على درجة من التمثيل المجتمعي الفعال. بعبارة بديلة، يصير من الطبيعي بل المشروع أن تتصاعد الأهمية النسبية للولاءات الأولية كمداخل لتأطير حركة مواطنين تتنازعهم وجودياً أشباح ثنائية القمع والخوف. وواقع الأمر أن هذه التطورات تعمق من الانفصال الحياتي بين أبناء المجتمع الواحد على أساس الانتماء الديني أو العرقي أو كليهما معاً وتفرغ في التحليل الأخير رابطة المواطنة من المضمون. ليس من الغريب إذن أن تستدعى المشاعر الطائفية وآليات الفعل الإقصائي في لحظات الأزمة المجتمعية وأن ترتب صراعات طائفية قبيحة يقابلها عموم المجتمع المعني إن بادعاء الصدمة والخوف على الوحدة الوطنية أو بإنتاج خطابات تبريرية خلاصية ترفض الاعتراف بالدولة القومية كإطار ملزم. فلحظة الأزمة هي بحكم التعريف لحظة كاشفة والطائفية هي بلا ريب واحدة من المكونات الرئيسية المشكلة للحقيقة الحياتية في العديد من الحالات العربية وليس فقط في العراق ولبنان. إذا اعترفنا بأن الطائفية ليست ظاهرة استثنائية وأن صعود الولاءات الأولية لن ينحسر سريعاً، يصبح لزاماً علينا البحث عن مداخل واقعية تمكن على المدى القصير من استنقاذ ما تبقى من رابطة المواطنة وعلى المدى الطويل من إعادة تأسيس فضائها الجامع على نحو ينأى بمجتمعاتنا عن مخاطر التفتت والانقسام. تتمثل القضية المفصلية هنا، وعلى خلاف رؤى وطروحات السواد الأعظم من دعاة الديموقراطية بين ظهرانينا، في حتمية التعايش مع الطائفية وشرعنة وجودها الاجتماعي والسياسي ومحاولة ترشيد تداعياتها على المجتمع المعني باكتشاف مساحات المشترك الفعلية بين مواطنيه، أو بالأحرى بين طوائفه وأعراقه المتنوعة وتثبيتها تدريجياً في مؤسسات وممارسات عامة تلتزم قاعدتي الحياد والتوافق، وهما معاً في موقع القلب من الفكرة العقدية في علاقة الدولة بالمواطنين المنشئين لها. فالأصل في الدولة القومية الحديثة كي يصح وصفها بالديموقراطية أنها تنظر أولاً بعين الحياد إلى الولاءات الأولية حين تصوغ الأطر الدستورية واللوائح القانونية المنظمة لعلاقتها بالمجتمع ولحركة مكوناته، وتعتمد ثانياً في تحديدها الصالح العام وصنعها للقرارات المعبرة عنه آليات توافقية تمكّن، إن بصيغ تمثيلية أو غيرها، من إشراك جموع المواطنين في هذا الجوهر الخالص للعملية السياسية بصورة تضمن على الأقل خطابياً ووظيفياً وجود مساحة متماسكة من الرضى الشعبي لا يتسنى الحكم من دونها. إذاً فالقناعة الشائعة بين الديموقراطيين العرب بأن رفع المظالم عن جماعات بعينها من المواطنين وتطوير آليات الحوار بين الأغلبيات والأقليات في سياق عملية تحول ديموقراطي شاملة تطول مجمل المنظومة السلطوية الحاكمة كفيلان بالقضاء السريع والمبرم على الطائفية هي قناعة تجافي الحقيقة. ليس فقط لأن الولاءات الأولية تمكنت من بنى المجتمع كما أشرنا أعلاه، بل لأن عملية التحول الديموقراطي إنما تعبر في أحد مضامينها الجوهرية عن النزوع نحو تمكين قوى وفعاليات المجتمع المختلفة من المشاركة في الشأن العام بحصص وأشكال تتسق مع أوزانها النسبية. من غير المقبول إذن باسم الديموقراطية وبحجة الحفاظ على النسيج الوطني ولحمته المصيرية منع تكوين الأحزاب أو التنظيمات الدينية والعرقية عندما تكون الأخيرة هي القوى الأكثر أهمية مجتمعياً. قلب هذا التوجه رأساً على عقب بما يتضمنه من الإقرار بصيرورة تحولات مجتمعاتنا العربية وإخراج مركزية ولاءاتها الأولية إلى السطح السياسي والسماح لها بالوجود الشرعي ربما مثل مناط الأمل الوحيد لترشيد انفجارات طائفية هي بالتأكيد مرشحة للتكرار والعصف بالاستقرار إن لم تعالج جذرياً. (*) باحث مصري في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي – واشنطن. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)  

تركيا تعلمنا المصالحة

داود الشريان (*)     كان من المتوقع ان يعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ترشحه لانتخابات الرئاسة خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، لكن الذي حدث ان الترشيح وقع على وزير الخارجية عبدالله غل، وهذا التغيير الذي أعلن في اللحظات الأخيرة مؤشر الى سعي الحزب لقيادة تركيا لسنوات قادمة بأقل قدر من التكاليف السياسية، مع ضمان استمرارية تماسكه وقدرته على مواصلة النجاح الذي تحقق له حتى الآن. فوصول رمز الحزب القادم من خلفية اسلامية سياسية، والأكثر اثارة لأحزاب المعارضة العلمانية، سيعيد الى الاذهان تجربة حزب الرفاه الذي قاده نجم الدين اربكان وخرج من الحكم تحت ضغوط من قيادة الجيش عام 1997، فضلاً عن ان انتخاب اردوغان رئيساً، وهو الذي سبق أن ادين بالسجن لتحريضه على الكراهية الدينية، كان سيمنعه دستورياً من العمل السياسي، وهذا بدوره ربما يفضي الى انشقاقات او ارتباك في الحزب الذي تكون حديثاً من شخصيات وقوى تجمعها المصالح والتقارب في وجهات النظر. لكن رغم معارضة المجتمع العلماني في تركيا الذي يضم كبار قادة الجيش ورجال الاعمال وقضاة واساتذة جامعات، استطاع حزب العدالة والتنمية ان يحقق صعوداً متنامياً في الحياة السياسية التركية، وهو نجاح يحسب للتيار الاسلامي الذي تعلم من درس عام 1997، فانتقل من فرض الاجندة الاسلامية بالقوة الى السعي الى خلق مصالحة بين الدين والدولة، من خلال تخفيف القيود الصارمة على الممارسات الاسلامية مثل ارتداء الحجاب، وعدم التنكر للتقاليد الاصيلة للشعب التركي. ولم يكتف برفع هذا الشعار من دون مضمون سياسي واجتماعي حقيقي، فحقق نجاحات عديدة على المستويات الاقتصادية والسياسية والديبلوماسية، وزيادة الاستثمار الاجنبي، وبدء محادثات الانضمام لعضوية الاتحاد الاوروبي، والأهم انه لعب دوره من خلال الدستور والشرعية، واستطاع تعميق التجربة الديموقراطية، فنجح خلال عام 2002 في تمهيد الطريق امام تولي رجب طيب اردوغان رئاسة الحكومة بإجراء تعديلات في الدستور تمنع صدور فيتو رئاسي بهذا الشأن. وفي المقابل فإن النظام العلماني في البلاد واجه حركة المجتمع وتوجهاته بطريقة راديكالية، فمنذ فتح باب التعددية الحزبية واعطاء الاتراك فرصة التعبير عن دعم تقاليدهم الاسلامية كان التيار العلماني يحبط هذا التوجه وتوالت الانقلابات العسكرية فأسقط الجيش اربع حكومات منذ عام 1960 وحتى عام 1997، فضلاً عن أن العلمانيين فشلوا في ادارة الصراع مع حكومة العدالة والتنمية، فتعاملوا معها بشك كبير وباعتبارها جزءاً من تركة اربكان وحزب الرفاه، وتمثل هذا التوجه بموقف الرئيس نجدت سيزر ورفضه التصديق على بعض القوانين البرلمانية، والامتناع عن الموافقة على تعيينات كبار موظفي الدولة التي قام بها رئيس الحكومة، الامر الذي جعل منصب الرئاسة هدفاً للحزب الذي بات يؤمن ان الحل هو في حكم تركيا برئاستيها. لا شك في ان حزب العدالة والتنمية اصبح يقف على باب الرئاسة، لكن غالبية البرلمان ليست مضمونة، فالحزب الحاكم يضم في صفوفه مشارب مختلفة، واستمرار تماسك الغالبية امر تحيطه شكوك، لكن القضية هنا ليست في وصول مرشح الحزب من عدمه بقدر ما هي نجاح حزب العدالة والتنمية في تكريس تجربة اجماع وطني على رعاية مشروع سياسي يستند الى التوفيق بين ميراث تركيا من جهة، ومستقبلها وعلاقاتها الدولية والاسلامية من جهة ثانية، فضلاً عن أن استمرار العملية السياسية على النحو الذي تجري به الآن، يعني ان الحزب الحاكم جعل تدخل الجيش جزءاً من الماضي، او على الأقل لا يجد قبولاً شعبياً يمكنه من تكرار تجارب الماضي. صحيح ان الخيار العسكري ليس مستحيلاً، لكن من المستبعد ان يلجأ العلمانيون لهذا الخيار، فذلك حل يعرض مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي لموت محقق، وهو ما لا يريده التيار العلماني. في العالم العربي يتابع الناس العملية السياسية التركية بشغف بالغ، ليس لأن تركيا دولة اسلامية مؤثرة في منطقة الشرق الاوسط، واستقرارها يعني لهم الكثير فحسب، وإنما لأن التيار الاسلامي في تركيا استطاع ان يتجاوز الكوارث التي نشهدها في بعض البلاد العربية. فالتيارات الاسلامية العربية لم تنجح حتى الآن في استيعاب ضرورة التمسك بثنائية الشيخ والزعيم، وفشلت حتى الآن في تحويل شعار الاعتدال الى واقع عملي. ولو استعرضنا اسباب فشل الاسلاميين في الوصول الى الحكم لوجدنا ان العنوان المشترك بين هذه التجارب هو رفض الآخر، والسعي الى الحكم بهدف اقامة دولة الخلافة بين عشية وضحاها ومن دون طرح برنامج اقتصادي وسياسي واضح، ناهيك عن اللجوء الى العنف لتغيير نتائج اللعبة السياسية، وعدم استيعاب التجربة التركية التي رد فيها الاسلاميون على الانقلاب بالصبر والتمسك بالسياسة. ولعل من المفارقة ان فشل الاسلاميين في العملية السياسية في بعض الدول العربية، يقابله فشل العلمانيين الاتراك في وقف تنامي دور التيار الاسلامي في تركيا، والسبب ان كلا الفريقين كان ولا يزال يفكر من خلال مبدأ القوة وجر الناس الى ما يريد عنوة. الأكيد ان حزب العدالة والتنمية نجح حتى الآن في تطبيق تصوره للمصالحة بين الدين والدولة، وتركيا بهذه التجربة تعلمنا في العالم العربي فكرة المصالحة، لكن هذا الاشتقاق التركي لكلمة التعايش، يعتبر، بأسف، في نظر بعض المتشددين، تنازلاً عن المشروع الاسلامي، او دعماً لفكرة الفصل بين الدين والدولة، رغم انه طريق آمن لقيام اجماع بين ابناء الشعب الواحد، فضلاً عن ان هذه الفكرة تنطوي على مبدأ احترام شرعية الدولة، وتكريس الوحدة الوطنية، والاحتكام الى تطلعات الناس في نهاية الأمر. (*) كاتب سعودي (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 أفريل 2007)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

22 octobre 2005

Accueil TUNISNEWS 6 ème année, N° 1980 du 22.10.2005  archives : www.tunisnews.net الرابطـة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان: أخبار سريعة

En savoir plus +

31 août 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année,N° 3752 du 31.08.2010  archives : www.tunisnews.net  Bureau légitime de l’Association des Magistrats Tunisiens

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.