Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2436 du 22.01.2007
الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بلاغ
إسلام أون لاين: تونس.. المعارضة تستنكر “المعالجة الأمنية البحتة” مواطنون: غوانتانمو: خمس سنوات… يكفي!! مواطنون: : الضمان الاجتماعي في تونس إلى أين؟ الموقف: المغرب العربي…18 سنة من الغياب مواطنون: ما بعد انتخابات نواب الطلبة في المجالس العلمية: هل ينجح الاتحاد في مواصلة مسار التوحيد؟؟!! مواطنون: “الشاهد” لمصلحة من نؤجل الجمهورية الديمقراطية؟ الموقف: حملة اعتقالات واسعة واصرار على الخيارات الأمنية الموقف: محمّد التّومي المنصوري: مهدد بالعودة إلى ما وراء القضبان الموقف: حملة عالمية وتونسية من اجل إغلاق “غوانتانامو” خالد الماجري مؤلف كتاب قوانتانامو أو مأساة القانون “للموقف”: المعتقلون اسرى حرب حسب التشريع الدولي صـابر التونسي: ســواك حـار (14) مرسل الكسيبي: في تعميق التطرف الديني عبر اشاعة التطرف السياسي والثقافي والاعلامي حسين المحمدي: اليوم الثالث من الإضراب علي شرطاني: تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين المواقف والغايات والأهداف رويترز: روسيا تبحث تطوير الطاقة النووية في الجزائر
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 شارع المختار عطية تونس 1001 الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr 22/01/2007
علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن فرقة من ثلاث سيارات قدمت يوم السبت 20 جانفي 2007 و أوقفت السيد بدرالدين عبد الكافي السجين السياسي السابق أثناء انشغاله بحفل ملاك ابن أخيه السجين السياسي السابق السيد محمد بن حمودة و وقع احتجازه بمنطقة الأمن بصفاقس من الساعة الثامنة و النصف ليلا إلى حدود منتصف الليل و ذلك بعد تدخل محاميه الأستاذ عبد الوهاب المعطر الذي أبرق للسيد وكيل الجمهورية بصفاقس و قد طلب منه محتجزوه مصاحبتهم إلى منزله حيث دخلوا دون الاستظهار بإذن في ذلك و حجزوا خمسة عشر كتابا دينيا. رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري
تونس.. المعارضة تستنكر “المعالجة الأمنية البحتة”
تونس- محمد الحمروني- إسلام أون لاين.نت طالبت قوى تونسية معارضة السلطات برفع ما أسمته “التعتيم الإعلامي” عن المواجهات المسلحة التي شهدتها البلاد نهاية عام 2006 وبداية الشهر الجاري واتهم فيها مجموعة تابعة لتيار “السلفية الجهادية”. كما استنكرت المعارضة اعتماد السلطة على “المعالجة الأمنية البحتة” في التعامل مع الملفات السياسية، وعلى رأسها ملف “الإسلاميين”. وفي اجتماع عقد بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي (معارض) مطلع الأسبوع الجاري، أبدت مجموعة من القوى السياسية وعلى رأسها “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” رفضها لاعتماد السلطة على المعالجة الأمنية البحتة للملفات السياسية، مشددين على ضرورة أن تكون المعالجة الأمنية “ظرفية ومحدودة”. وتضم هيئة 18 أكتوبر التي تأسست عام 2005 العديد من الأحزاب والتيارات السياسية. واعتبر المشاركون أن المعالجة الأمنية وحدها لن تكون كافية للحد من بعض الظواهر الاجتماعية، ومنها تنامي وجود التيارات الإسلامية في البلاد؛ نظرًا لأنها ظواهر مركبة يتداخل فيها الثقافي بالاقتصادي والاجتماعي بالسياسي، كما يمكن أن تلعب الأوضاع الدولية دورًا في سرعة انتشارها. معالجة أمنية وقال صلاح الدين الجورشي عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية لحقوق الإنسان في كلمته: “هناك إصرار من السلطة على معالجة ملف الإسلاميين معالجة أمنية بحتة”. وأوضح الجورشي قائلاً: “بدأنا في السنوات الأخيرة نلاحظ عودة التشنج للأجهزة الأمنية في التعامل مع الظواهر الإسلامية التي عادت لتنمو في بلادنا وتخترق كل الفئات الاجتماعية، ومثلت الحملة على الحجاب التي عشناها خلال بداية السنة الدراسية الحالية أوج مراحل ذلك التشنج”. ميّة الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي قالت في تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت”: “صحيح أن ظاهرة الجماعات المسلحة تحمل ردًّا على ما تعيشه الشعوب العربية والمسلمة من ظلم واستعمار، ولكن مظاهر الظلم الاجتماعي والانغلاق السياسي والتهميش الثقافي يمكن أن تمثل التربة الخصبة لانتشار مثل هذه الظاهرة”. وأضافت: “فالشاب الذي يعيش في مجتمع أغلق في وجهه أبواب النشاط المدني، مهدد بأن يكون عرضة لحلول يائسة قد يكون الإجرام أو الهجرة غير الشرعية عنوانها الأبرز، ولكنها قد تأخذ عناوين أخرى ومنحى آخر هو العصابات المسلحة”. ورفض معارضون آخرون شاركوا في الاجتماع استعمال السلطات العنف لحسم الخلافات السياسية باعتبارها أسلوبًا مضرًّا وخيارًا يائسًا، واعتبروا أن السلطة “تتحمل جانبًا من المسئولية في بروز ظاهرة الإرهاب والعنف المسلح نتيجة الاستمرار في إقصاء مكونات المجتمع السياسي والمدني عن القيام بوظيفتها في تأطير المواطنين”. وشدّدوا في المقابل على أنه “لا يوجد خيار آخر للاستقرار والتنمية أمام التونسيين غير خيار الإصلاح الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني… ولكن إذا رفضت الحكومة هذا الاتجاه، ستنزلق البلاد إلى المجهول”.
تحقيق لكشف التعتيم
ودعا المشاركون إلى فتح تحقيق شامل فيما جرى ورفع التعتيم الإعلامي عن الحادث، واستندوا إلى سابقة تاريخية قامت بها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إثر ما بات يعرف بأحداث الخبز لسنة 1984 التي سقط فيها عدد كبير من الضحايا خلال مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين كانوا يحتجون على رفع أسعار الخبز، وقامت حينها الرابطة بتحقيق شامل في الأحداث. ومن شأن إجراء مثل هذا التحقيق أن يرفع العديد من الهواجس التي باتت مهيمنة على الحياة السياسية والعامة في البلاد، كما أن من شأنه أن يجنب البلاد تكرار مثل هذه الحوادث بالوقوف على أسبابها ومحاولة تجنبها. وقال المشاركون: إن هذا التعتيم يفتح الباب أمام المغرضين لاستغلال الحدث وبث الفوضى في صفوف المواطنين ويسمح بتناقل الشائعات بما يمكن أن يربك الوضع العام في البلاد، وزاد من تغذية تلك الهواجس ما يتم تروجيه بخصوص إقالة أحد مستشاري الرئيس وإيقاف مجلة أسبوعية لأحد “المقربين من السلطة”. وكانت الداخلية التونسية قد أعلنت أن قوات الأمن قتلت 12 مسلحًا واعتقلت 15 آخرين بالضاحية الجنوبية للعاصمة بعد مطاردة أمنية واستخدام للأسلحة الثقيلة. واكتفت السلطة عقب وقوع المواجهات بإصدار بلاغين إعلاميين قصيرين يومي 23 سبتمبر تاريخ بدء المواجهات و3 يناير تاريخ انتهائها، إضافة إلى تصريح لوزير الداخلية في اجتماع لكوادر الحزب الحاكم، وهو ما اعتبرته المعارضة استخفافًا بالرأي العام وتعاطيًا لا يتماشى مع حجم الحدث الذي لم تعرف له البلاد مثيلاً منذ 20 عامًا. ويقول مراسل “إسلام أون لاين.نت”: إنه كان يفترض حسب بعض الأصوات التي بدأت ترتفع في تونس أن تعقد الجهات المسئولة مؤتمرًا صحفيًّا تبين فيه للمواطنين وللشركاء السياسيين وللمعارضين حقيقة ما جرى، وتعرض خلاله المضبوطات التي قيل إنها كانت مع المسلحين مثل المتفجرات والخرائط وقوائم الأسماء وغيرها مثلما هو معمول به في مختلف بلدان العالم في مثل هذه الأحداث.
لا وجود لحملة اعتقالات
من جهتها نفت الحكومة ما تردد في وسائل الإعلام، نقلاً عن بيانات لمنظمات حقوق الإنسان، قيامها بحملة اعتقلات واسعة على خلفية الأحداث التي شهدتها الضاحية الجنوبية للعاصمة. وقال مصدر رسمي: “لا وجود في تونس لحملات اعتقال ولا لاعتقالات خارج نطاق القانون، من غير المعقول أن تطلق تخمينات لا أخلاقية وغير دقيقة في الوقت الذي يواصل فيه الأمن التحريات اللازمة بشأن المجموعة الإرهابية التي أميط عنها اللثام مؤخرًا”. وكانت عدة منظمات حقوقية مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمجلس الوطني للحريات، إضافة إلى الحزب الديمقراطي التقدمي، وعدد من الناشطين الحقوقيين والمحامين طالبوا في بيانات مختلفة بوقف “حملة اعتقالات واسعة” شملت مختلف جهات البلاد. يُذكر أن الدائرة الجنائية بمحكمة تونس الابتدائية أصدرت يوم 18 يناير الجاري حكمها ضد 3 شبان متهمين بارتكاب جرائم إرهابية اعتقلوا في يونيو 2005. وتراوحت الأحكام بين سنتين وإحدى عشرة سنة سجنًا، إضافة إلى 10 سنوات من المراقبة الإدارية.
(المصدر: إسلام أون لاين.نت بتاريخ 22 جانفي 2007)
الجلسة العامة للمحامين يعقد المحامون جلستهم العامة يوم الأحد 21 جانفي 2007 (أو بعد أسبوعين من هذا الموعد إن لم يتوفر النصاب القانوني). و ينتظر أن يتركز النقاش خلال هذه الجلسة على مشروع النظام الداخلي الذي أعدت مسودته عدة لجان برئاسة عمداء سابقين و اشتملت على حوالي 160 فصلا. نظام داخلي لتنظيم المهنة و العلاقات بين الهياكل المهنية: ظل قانون 1958 الذي تم تنقيحه سنة 1989 و الخاص بالمحاماة فاقدا لنظام داخلي ينظم المهنة. و لم يكن عدد المحامين سنة 1989 يتجاوز 1500 محاميا، و قد تجاوز عددهم اليوم 6000. و قد ناقشت اللجان عديد المسائل، من أهمها: علاقة المحامي بهياكله المهنية. الترسيم. علاقة المحامي المتمرن بالمحامي المشرف. علاقة المحامي بالحريف. علاقة المحامي بالادارة. علاقة الهياكل فيما بينها: علاقة الفروع فيما بينها وعلاقتها بالهيئة الوطنية. أخلاقيات المهنة. وضع معايير عامة للأتعاب. وجوبية الدفاع عن القضايا العادلة: أثار بعض المحامين نقاشا ساخنا حول أحد مقترحات النظام الداخلي و التي تؤكد على ضرورة أن يدافع المحامي عن القضايا العادلة، و قد عبر المحتجون على ضرورة تحديد كنه “هذه القضايا العادلة”. و تعد هذه المسألة سياسية بالأساس، خاصة أن الرافضين إلى حد الآن، و المطالبين بتوضيح هذه النقطة ينتمون إلى الحزب الحاكم. عدم تمكن ثلاثة أرباع الملتحقين بالمهنة في السنوات الأخيرة من قوانينها : يأتي أغلب الملتحقين بالملتحقين بالمحاماة في السنوات الأخيرة عن طريق الماجستير، و ليس عن طريق “الكابا” التي تمنحهم فرصة التمرس بالقوانين الخاصة بالمهنة. هذه الظاهرة انعكست على الاهتمام بهياكل القطاع و قضاياه بما في ذلك اهمال المشاركة في الجلسات العامة الانتخابية (20% فقط من عدد المحامين يشاركون فيها). و لكنه لا يمكن القول أن “الماجستير” هو السبب الوحيد لضعف الاهتمام بهياكل القطاع بما يعيد للأذهان الجدل الدائم بشأن مسألة تسييس القطاع. وجوب ضبط عدد الملتحقين بالقطاع: على عكس القضاة و عدول التنفيذ، الذين ينضمون إلى قطاعاتهم عن طريق المناظرات، ليس هناك ما يضبط ويحدد الملتحقين بقطاع المحاماة مما جعل عددهم يتزايد بشكل كبير. لهذا ينتظر أن تقترح الجلسة العامة وضع آلية في النظام الداخلي تسمح بالحد من هذا التضخم الذي يعد أحد أسباب تردي الوضع الاجتماعي للمحامين. و نشير إلى أن هذا الرأي يناقض في نظر العديدين حق المتحصلين على شهادات عليا في القانون، على طرق كل الأبواب الموصلة إلى تمكينهم من الالتحاق بالمحاماة. المنتديات الجهوية بلجان تنسيق التجمع تكثف نشاطاتهاو تجربة انتخابات جمعية المحامين الشبان قد تعاد صياغتها: كثفت المنتديات الجهوية للمحامين (التي أنشأت من طرف المحامين المنتمين للحزب الحاكم) جلساتها بمقرات لجان التنسيق، و يبدو أن هذه المجموعة ستكون أكثر استعداد من غيرها، و قد أثبتت جاهزيتها من خلال مؤتمر جمعية المحامين الشبان حيث أمكن لها السيطرة على مكتب الجمعية. كما أنها حرصت على “الانتدابات” الجديدة للتعبئة و لضمان أوفر الحظوظ. فهل يمكن للمحامين المنتمين للحزب الحاكم أن يحضوا بأغلبية الأصوات في الانتخابات القادمة؟ و هل سيتمكنوا من فرض مرشحهم في انتخابات العمادة. تعدد الترشحات للعمادة، و التحالفات غير واضحة: عبر عدد من المحامين عن رغبتهم في الترشح لعمادة المحامين و من أبرزهم الأساتذة: البشير الصيد (العميد السابق) و راضية النصراوي و شرف الدين الظريف و محمد النوري. و لم تستبعد بعض المصادر، من داخل القطاع، امكانية ترشح الأستاذ ابراهيم بودربالة و الأستاذ محمد المكشر. و قد سبق للعميد عبد الستار بن موسي أن أكد، اثر انتخابه في المناسبة الأخيرة، انه لن يعيد ترشحه. و هذا ما قد يفسر سعيه في المدة الأخيرة لتثبيت النظام الداخلي و المصادقة عليه. و لئن تكثفت النقاشات أكثر هذه الأيام بخصوص مسألة الترشحات، و العميد القادم، فإن مسألة التحالفات لم تتضح بعد، و دون شك ستكون هناك تبعات لما جرى خلال الانتخابات الأخيرة للعميد و الهيئة، ستتواصل تفاعلاتها و تتوضح ملامحها شيئا فشيئا إلى غاية شهري جوان و جويلية 2007 موعد انتخابات هيئات الفروع و الهيئة الوطنية و العميد. سكوت كربنتر و فرانسوا لوو في تونس حل بتونس يوم الأربعاء الفارط السيد ج. سكوت كربنتر المسؤول رفيع المستوي في الخارجية الأمريكية بمكتب الشرق الأوسط. و تتزامن زيارته التي لم يتم الاعلان عنها إلا بعد يومين من زيارة السيد فرانسوا لوو الوزير الفرنسي المكلف بالصناعة. و على خلاف المندوب الأمريكي، فقد اهتم الاعلام كثيرا “بالمندوب الأمريكي”.
مناشدة: في اختتام ندوة اطارات التجمع تواصلت مناشدات ترشيح رئيس الجمهورية لولاية جديدة.. سنة 2009.. لتتواصل بذلك أطول حملة انتخابية رئاسية من جانب واحد. لا وجود لـ”شباب الجهاد و التوحيد بتونس”: تناقلت عديد الصحف عن وكالة تونس افريقيا للأنباء ما أسمته تكذيبا من مصدر رسمي للبيان الذي روجت له عديد المواقع على شبكة الانترنت و الذي ينسب الأحداث الأخيرة إلى مجموعة تدعى “شباب الجهاد و التوحيد بتونس” و يؤكد هذا المسؤول أن البيان لا يعدو أن يكون مجرد “دعابة ثقيلة” قام بها شخصان تم التعرف عليهما و ايقافهما بعد أن اعترفا بكتابة البيان ووضعه على شبكة الاتنرنت. و في نفس السياق استغرب هذا المسؤول أن تتناقل عديد وسائل الاعلام مثل هذه الأخبار دون تحر. تعاون: لم يستبعد وزير الداخلية و الجماعات المحلية بالجزائر أن يكون ثمة تنسيق بين الجماعة السلفية التي تم تفكيكها مؤخرا في تونس و “المجموعة السلفية للدعوة و القتال” بالجزائر حيث أفاد، على هامش حفل الافتتاح الرسمي” لتظاهرة “الجزائر عاصمة الثقافة العربية” أن “أجهزة المن في البلدين تعملان بتنسيق كامل منذ سنوات عديدة و أن العلاقة بين المجموعتين السلفيتين أمر لا يفاجؤنا”. استهداف سفارتي أمريكا و بريطانيا بتونس: أكدت جريدة ‘إكسبريسيون” اليومية الجزائرية، في عددها الصادر الأحد 14 جانفي، أن المجموعة السلفية التي تم تفكيكها بتونس كانت تنوي استهداف السفارتين الأمريكية و البريطانية بتونس ليلة رأس السنة. و أوضحت الجريدة أن التنسيق بين أجهزة الأمن الجزائرية و التونسية كان قد بدأ منذ أن اعتقلت السلطات الجزائرية في “مفتاح”، أحد ضواحي عاصمة الجزائر، شابين تونسيين مما سمح لها بالتفطن لوجود علاقات بين المجموعة السلفية للدعوة و القتال و مجموعة تونسية. كما ذكرت الجريدة أنه لأهمية المجموعة التونسية تولى قيادة العمليات السيدان عبد الرحمان الإمام العقيد الأول للحرس الوطني و الجنرال بن حسين عضو قيادة أركان الجيش الوطني السابق و المدير العام للأمن الوطني السابق. القيروان عقدت اللجنة الوطنية للاعداد للندوة الوطنية حول المؤتمر القادم لحركة التجديد اجتماعا بجهة القيروان، يوم الأحد 14 ديسمبر 2006، و قد حضر الندوة جل أعضاء الندوة و على رأسهم السيد محمد حرمل الأمين العام و السيدان أحمد ابراهيم و هشام سكيك، كما لم يغب عن الندوة أبرز الوجوه المستقلة المشاركة في عملية اعداد المؤتمر القادم مثل السيدة سناء بن عاشور و السيدين توفيق حويج و ياسين قيقة و دارت النقاشات خلال هذا الاجتماع بشأن مشاريع وثائق تتعلق بالتوجهات الفكرية و السياسية و التنظيمية للمؤتمر القادم. و معلوم أن حركة التجديد تخوض منذ “المبادرة الديمقراطية” لقاءات مع عديد المناضلات التقدميات و المناضلين التقدميين من أجل أن يكون مؤتمرها القادم مؤتمرا ديمقراطيا تقدميا واسعا. (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
أخبار المعطلين : توجه أعضاء ” اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل ” إلى مقر وزارة التربية و التكوين يوم الأربعاء 09 جانفي 2007 منذ الساعة العاشرة صباحا حيث قاموا باعتصام أمام مدخل الوزارة الرئيسي بشارع باب بنات وذلك احتجاجا على إغلاق باب الوزارة من طرف قوات البوليس السياسي و الأمن العمومي مع رفض كل مسؤولي الوزارة استقبال ممثلي الاتحاد. وقد تم في الأثناء الاعتداء بالعنف المادي و اللفظي على هذه المجموعة من خريجي الجامعة المعطلين عن العمل و الذين يتحركون من أجل فتح باب الحوار مع الوزارة حول ملف التشغيل تحت اسم نقابتهم. وقد أسفر الاعتداء على هؤلاء أضرارا بدنية عديدة لكل من حسن الرحيمي و سالم العياري و زياد الراجحي و فلة الرياحي و شريف الخرايفي ومسلم الفرجاني. وإثر هذا الاعتداء تجمع عدد من المحامين و المواطنين في نفس المكان حيث عبر مناضلو الاتحاد عن تنديدهم واستنكارهم للسلوك الأمني والقمعي الذي تنتهجه وزارة التربية إزاء منظوريها من أصحاب الحق في التشغيل من حاملي الشهادات العليا، ورأى الجميع أن هذا السلوك هو خرق للقوانين وسد لأبواب الحوار المدني والحضاري من أجل التعامل الإيجابي مع الأزمة الوطنية المتمثلة في بطالة خريجي الجامعة التونسية.
(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
على اثر الاشتباكات بين المجموعة المسلحة و قوات الأمن، أصدر الحزب الديمقراطي التقدمي بيانا يوم 7 جانفي 2007. أكد خلاله “رفضه استخدام العنف لخدمة أهداف سياسية”، واصفا ذلك الخيار باليائس، و مستنكرا قي نفس الوقت التعتيم الإعلامي الرسمي عن حيثيات و تفاصيل الوقائع، و مطالبا “وزيري الداخلية و العدل بعقد ندوة صحفية عاجلة لتسليط الأضواء لإنارة الرأي العام”، ومعربا خصوصا عن “خشيته من تعلل السلطات بالظروف الأمنية و الإجراءات الاحتياطية للتضييق على الحريات الفردية و العامة”.
أوساخ متراكمة!! أصبحت مدينة صفاقس الأكثر تلوثا و أوساخا. فوسط المدينة أصبحت تغطيه الأوساخ. علاوة على ذلك فقد تم قلع أشجار يعود وجودها بالمدينة إلى ما قبل الاستقلال و تم نقلها إلى الحديقة العمومية حيث ذبل أغلبها، كالمدينة تماما. غضب و سخط في الجامعة بينما لا يزال المدرسون الجامعيون يتساءلون عن أسباب و كيفيات اعتماد نظام إمد في تونس الذي تم مؤخرا و بسرعة، فوجئ المدرسون برسالة من وزير التعليم العالي تعلمهم بإعادة تنظيم وحدات البحث. و تعلمهم هذه الرسالة بأنه على وحدات البحث التي تعمل منذ سنتين تحت اشراف أستاذ أو أستاذ محاضر (درجة أ) عليها أن تجد أستاذا آخر لتبرير وجودها الاداري. فلتكون هذه الوحدات وجب أن تجد لها مشرفا ثانيا و في وقت وجيز. (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
مشاهد تونسية
مشهد أول: في وطننا الحزين ينتشر العشرات من ” المناضلين ” في ساحات ومقاهي المدينة، ينظرون لثورة عظيمة تنتصر لأحلام المستضعفين الكادحين، للعمال والفلاحين. ثورة تمحق هوان العبيد كما قال أدونيس ذات مرة، وكل ذلك في مقاهي المدينة يحتسون قهوة بدينار، والدينار عزيز صعب المنال… في هذا الزمن الرديء. مشهد ثان : وجوه بائسة يائسة تملأ الساحات والحانات وترتاد الحدائق للنوم وقضاء الليل هناك. وجوه تحمل الكثير من الحلم والأمل في حياة كريمة لا باذخة فاحشة. تعطلت أمامهم كل السبل و الطرق، فلا شغل ضامن للكرامة أو دولة متحملة للمسؤولية. فتزداد هذه الوجوه بؤسا على بؤس، وتزداد جيوب المترفين ترفا على ترف. ترى المال العام يُصرف على” نانسي عجرم” حبيبة الملايين أو “أليسا” فاتنة الجماهير في حفلة صاخبة كصخب أمعاء الجوعى البائسين أو ربما يصرف على أفلام تونسية تحت شعار ” الثقافة الوطنية” تطرح مشاكل العقد الجنسية والملابس الداخلية…إرضاء لـ”جهات أجنبية”… فعن أي ثقافة تتحدثون؟ سؤال موجه إلى وزارة الثقافة… مشهد ثالث : تهمس أمّي: “القناعة كنز لا يفنى”. و يقول أبي: ” وإنكم لتؤثرون الحياة الدنيا و للآخرة خير وأبقى”. ويقول غسان كنفاني: ” أنا أعرف أن جنتي لا تعطيني الاكتفاء الذي أريد، ولكنها جنّة أفضل من جنّة لم أبنها أنا “. فلو عرف بعضهم ما قال كنفاني، لخجلوا من العيش على المال العام.. و يزعمون الوطنية .. ولو عرف شعبي قيمة ما قال كنفاني لاختار طريقه بإصرار ليثبت ذاته في معارك الحرية والتغيير، ولرفض قطعا النهج الاستئصالي والفكر اللاهوتي الاستسلامي ولثار على كل القوالب الجاهزة ليبني بساعده جنته الأرضية دون أن ينتظرها بهبة ربانية أو منحة حكومية… مشهد رابع : منذ سنتين نظمت الرسامة الإنجليزية “أليانا كازاليت” معرض “الكتابة على الجدران” في فلسطين، وذيلت خطابها بقولة إنجيلية : ” (…) فعندما ظهرت يد غامضة تكتب على الجدار، وقد كان “بلشازار” يتناول طعام إفطاره، فزع ورأى أنها تنذر بسقوطه وسقوط مملكته”. وكان المعرض محوره الغضب الفلسطيني، حيث تزدحم الكلمات لتنذر بطوفان غضب، فــنرى شعارات “فلسطين عربية ” و”سنقاوم” و” نحن عشاق شهادة”… أما على جدراننا التونسية فنجد كلمات ” ملاوي .. كسكروت حار وحلو ..” أو بعض الكلمات البذيئة ….وشتان ما بين ” ملاوي ” و ” سنقاوم “. خولة الفرشيشي (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
في ذكرى إحياء” أحداث الخبز”
بدعوة من هيئة فرع المنستير للرابطة التونسي للدفاع عن حقوق الإنسان التأم يوم السبت 06/01/2007 موكب لإحياء ذكرى استشهاد الشاب شاكر المبروك أصيل مدينة قصيبة المديوني على إثر ما عرف “بأحداث الخبز في 03 جانفي من سنة 1984. حيث تنقل العشرات من مناضلي الفرع يتقدمهم كلّ من رئيس الفرع السيّد سالم الحدّاد والسيّد الهذيلي عبد اللاحمان عضو الهيئة المديرة إلى مقبرة المدينة أين وضعوا باقة ورد على قبر الشهيد وتلوا فاتحة الكتاب على روحه الطاهرة. كما تداول على الكلمة عدد من الحاضرين ومن أصدقاء الفقيد ليعرفوا به وليذكروا العديد من مناقبه وليشيدوا بما عرف به من أخلاق عالية ومن غيرة على كرامته ومن حرص على ممارسة مواطنته ومن تحفز للدفاع عن القضايا العادلة ومن استعداد للتضحية من أجل إعلاء كلمة الحق.
كذلك أشار بعض المتدخلين إلى أنّ مشاركتهم في هذه الذكرى إنما تتنزل في إطار تكريم الفقيد والتخفيف من آلام عائلته وأهله وأصدقائه، ومن أجل بعث رسالة أولى إلى العموم مفادها أنّ الحركة التقدمية لا تنسى مناضليها وأبنائها البررة ورسالة ثانية إلى قتلة شاكر المبروك لإعلامهم بأنّ جريمتهم في حق شاكر لم ولن يطويها النسيان وأنّها ستبقى ماثلة في ذاكرة الشعب ولن تسقط بالتقادم و أنّ زمن محاسبة مقترفيها آت بلا ريب. (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
إشارة لا يمر يوم إلا وتشهد فيه الشوارع وخصوصا شوارع العاصمة انضمام وجوه جديدة إلى عالم التسول. بعد انسداد الأفق في وجوه هؤلاء الذين تم إسقاطهم من حسابات المشرعين ومتخذي القرار. وأنكر عليهم حتى اعتبارهم ضمن من تشملهم دائرة الفقر ليتمكنوا من بعض المساعدات. لم يبق لهم إلا الشارع، لا كمنددين بالتفقير أو التهميش بل لالتماس ما يمكنهم من الاستمرار في الحياة رغم المهانة وانتقاص الكرامة.
من المفارقة أن التسول أصبح أحد القطاعات الاقتصادية المستقطبة للأيدي التونسية الممدودة من بين الأيادي الكثيرة. لكن الفرق يضل في المبلغ المطلوب وفي صيغة الطلب. والغريب أن المصادر الرسمية تصر دائما على تقارير اقتصادية واجتماعية ربما تنطبق على سكان “المريخ” من حيث ما تعكسه من ارتفاع متواصل للمقدرة الشرائية لمختلف شرائح المجتمع وازدياد دخل الفرد. فماذا نصدق؟ ما نراه على أرض الواقع! أم تقارير الإدارة ؟
في مقابل جحافل الشحاذين نجد أشخاصا أرقام معاملاتهم تتعذر قراءتها. وبنايات لا تكفي لفظة” راقية” لوصفها، وسيارات فخمة وضخمة. يبدو أن التسول ليس ظاهرة أو أزمة عرضية لظرف اقتصادي عابر، وطنيا ودوليا فالثروات موجودة. فماذا عساها تكون أسباب الاختلال الكبير في توزيع ثروات وطننا خصوصا وأنه يفترض أن كل التونسيين ينتمون إليه بنفس الدرجة. أنيس العميري (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
دورة تكوينية في اتحاد الشغل بسليمان
ينظم الاتحاد المحلي للشغل بسليمان، في إطار البرنامج الوطني للتكوين و التثقيف النقابيين (محمد علي الحامي)، دورة تكوينية على 3 مراحل، لفائدة أعضاء النقابات الأساسية التابعة له. وانطلقت الدورة يوم الأحد 14 جانفي، بمحاضرة ألقتها المكونة نجاة الحناشي، عضوة المكتب التنفيذي للاتحاد المحلي. و ذلك تحت عنوان ” الحقوق الأساسية للعمال”. و من المنتظر أن تليها في الأسابيع القادمة، مداخلتين، الأولى حول هيكلة الاتحاد.و الثانية تخص العقلية الجماعية. سفيان (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
غوانتانمو خمس سنوات… يكفي!!
نظمت منظمة العفو الدولية -فرع تونس- على امتداد يومي 11 و 12 جانفي 2007 تظاهرة تندرج ضمن الحملة الدولية من أجل غلق معتقل غوانتانمو و قد أطلق الفرع على حملته اسم مؤسسه المناضل أحمد العثماني في الذكرى الثانية لرحيله.
انطلقت الحملة الدولية حول معتقل غوانتانمو منذ الاعلان عن انشاءه في 11 جانفي 2002 عندما رحلت الولايات المتحدة الأمريكية من أسمتهم بـ”معتقلي الحرب على الارهاب” إلى قاعدة غوانتانامو البحرية بكوبا. و اعتبرت المنظمة هذا المعتقل خارجا عن الشرعية الدولية و عن كل القوانين حتي الأمريكية. و معتقلو غوانتانامو أشخاص لم يتم توجيه أي تهمة لهم و هم يواجهون نظاما عقابيا قاسيا قائما على العزل يبلغ مرتبة المعاملة اللاإنسانية و الحاطة بالكرامة، وهو ما يتنافى و نصوص القانون الدولي. و إزاء هذه المعاملة حاول عديد من المعتقلين اللجوء إلى الانتحار و الاضراب عن الطعام، و قد تم العثور على ثلاثة منهم موتى شنقا داخل زنازينهم و لطالما مثل معتقل غواناتمو مبعث قلق للكثيرين حاولوا زيارته لكن لم يتسن سوى للجنة الدولية للصليب الأحمر كهيئة دولية زيارة المعتقل و التي عبرت فيما بعد عن قلقها بشأن تدهور الصحة النفسية لعدد من المعتقلين. و قد لخصت منظمة العفو الدولية حملتها من أجل اغلاق معتقل غوانتانامو 12 نقطة أساسها “غلق كل مراكز اعتقال مستعمل للإحتفاظ بأشخاص خارج حماية القانون الدولي الانساني، بما في ذلك معتقل غوانتانامو”. و طابت الولايات المتحدة الأمريكية برد الاعتبار للمعتقلين الذين أطلق سارحهم و إعادة تأهيلهم و منحهم تعويضا مناسبا للضرر الذي لحق بهم. و في إطار حملتها العالمية لغلق هذا المعتقل قامت جميع فروع منظمة العفو الدولية بعدة تظاهرات و تحركات في الساحات العمومية. و لقد عبر فرع تونس عن أسفه لإقامة التظاهرة داخل مقره و عدم تمكنه من الخروج إلى الشارع للتظاهر في الساحات العامة، و أكد رئيس الفرع السيد الحبيب مرسيط أن إقامة مثل هذه التظاهرة في أماكن مغلقة وراء الجدران لن يدوم طويلا و لابد أن يعلو صوت الحقوق في تونس ليلتحق ببقية أصوات حقوقيي العالم و أشار إلى أن الدعوة وجهت إلى كل المؤسسات الاعلامية، إلا أن الحضور اقتصر على البعض منها. و لقد كان برنامج الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية حول موضوع غلق غواتانامو ثري، فعلاوة على الندوة الصحفية و النقاشات التي تخللت اليوم الأول داخل مقر الفرع، تم عرض بعض صور المعتقلين و توجيه رسالة إلى السفارة الأمريكية بإسم الحاضرين تناشد بغلق المعتقل، كما تم توجيه ارساليات قصيرة في الذكرى الخامسة نصها: “المعتقل العار”، منظمة العفو الدولية تطالب بغلقه. و امضاء ألف بطاقة و توجيهها للسفارة الأمريكية.و أكد الفرع أن الحملة العالمية لمنظمة العفو الدولية مستمرة بأشكال مختلفة. إيمان مداحي (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
الضمان الاجتماعي في تونس إلى أين؟
أقدمت الدولة التونسية مباشرة بعد الجلاء الفرنسي على إرساء نظام إجباري للضمان الاجتماعي المهني يقوم على تأمين النشطين (حسب مجموعات متشابهة من الانتماء المهني) ضد المخاطر الاجتماعية وذلك من خلال حمل هؤلاء النشطين ومؤجريهم (بالنسبة للأجراء) على دفع مبالغ قارّة لفائدة هذه الصناديق لتتم إعادة توزيعها في شكل خدمات ( جرايات تقاعد، منح عائلية، مساهمة في تسديد مصاريف علاج وتداوي). وما تجدر ملاحظته في الأوّل هو أنّ نسب مساهمة المواطن التونسي بعنوان الاشتراك في الضمان الاجتماعي تبقى مرتفعة مقارنة بنسب مساهمة مواطني البلدان الأخرى وبنوعية الخدمات المقدمة. فنسبة ربع الدخل تقريبا التي يقتضيها اشتراك المواطن التونسي في خدمات الضمان الاجتماعي -تتساوى فيها تقريبا مع الجزائر (27٪) – تعتبر من أرفع النسب في العالم ولا تتجاوزها إلا نسب معاليم اشتراكات مواطني الدول الأوروبية (43.13٪ في فرنسا و33.41 ٪ في بلجيكا و 32.04 ٪ في ألمانيا) مع اعتبا الاختلاف النوعي في الخدمات المسدات وفي سرعتها وفي شموليتها. أمّا بقية الدول الأخرى التي تتشابه أوضاعها الاقتصادية وخدماتها مع تونس فإنّ نسبة مساهمة مواطنيها في الضمان الاجتماعي لا تصل في بعض الحالات إلى 3/10 مساهمة المواطن التونسي مثل ما هو الشأن في تايوان (7 ٪)أو في ساحل العاج (9.1 ٪) أوفي في ليبيا(10.9٪)أو في موريطانيا(13٪) أو في المغرب 15.7٪)أوفي ماليزيا(21٪). وحيث كانت نسبة المتقاعدين في الستينات والسبعينات محدودة مقارنة بالنشطين ضمن منخرطي صناديق الضمان الاجتماعي (ما بين 10 إلى 13 ناشط مقابل كل متقاعد) قبل أن تتراجع هذه النسبة تدريجيا لتبلغ حوالي 5.6 ناشط مقابل كل متقاعد سنة 1995 و4.7 ناشط مقابل كل متقاعد سنة 2005 وهي مرشحة لمزيد التراجع في السنوات القادمة.
لقد مكنت ظروف “الرخاء” في السنوات الستين والسنوات السبعين الصناديق الاجتماعية من مراكمة ثروة هائلة ومن أرصدة مالية ضخمة ممّا شجعها على الاستثمار في العقارات وعلى تشييد مقرات ضخمة وعلى الاستجابة لخيارات الدولة بخصوص “التشجيع على الاستثمار -سواء بإعفاء أصحاب المؤسسات الغير مقيمة من تسديد حصتها في اشتراكات الضمان الاجتماعي، أو بإعفاء عموم المؤجرين لفترات مختلفة من دفع هذه المستحقات تحت عنوان “التشجيع على الانتداب”بل وصل الأمر إلى حدّ دفع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لإسناد قروض ميسرة وهبات لفائدة بعض المؤجرين بعنوان “تحسين ظروف الصحّة والسلامة المهنية” (وصلت في سنة 1998 إلى 10 مليون دينار في شكل قروض و3 مليون دينار في شكل هبات). كما قبل الصندوق أو أجبر على القبول بتعويض الدولة في مجال التضامن الاجتماعي فأنفق 272 مليون دينار تعويضا للعمّال المسرحين في إطار “الصعوبات المالية والفنية”ودفعت 2.735 مليون دينار لفائدة برنامج “العائلة المعوزة”(موائد إفطار ومساعدات بمناسبة الأعياد والعودة المدرسية)، وسدّد 1.741 م د لفائدة جمعيات المعاقين، و434 ألف دينار لفائدة مصائف الأطفال ، و800 ألف دينار لنقل جثامين الموتى. كما أجبر في نفس الإطار الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية على التكفل بصرف جرايات” للمناضلين” ( أغلبهم من الموالين لحزب الدولة ومخبري أجهزة البوليس)وعلى تنفيل كلّ من تقدم” بشهادة” تفيد أنّه تحمل مسئولية في هذا الحزب أو في إحدى المنظمات الموالية إليه، وعلى تحمل تبعات السياسة الأمنية للدولة وإحالتها للعديد من إطارات وزارتي الداخلية والدفاع على التقاعد المبكر ( البعض قبل بلوغ سن الأربعين وما يولده هذا الأجراء من استنزاف لمالية الصندوق على مستوى المداخيل والمصاريف)
وتبعا لذلك فقد بدأت موازنات الصناديق تتجه نحو العجز ممّا اضطر الدولة بداية التسعينات لإقرار مبدأ التمديد في الفترة المرجعية المعتمدة في احتساب معدل الأجر عند تصفية جراية التقاعد من 3 سنوات إلى 10 سنوات في القطاع الخاص ومن سنة إلى 3 سنوات في القطاع العام وشبه العام وللترفيع في نسبة مساهمة المضمون الاجتماعي بنقطتين(2٪)إظافة لجملة الإجراءات الأخرى والتخفيضات التي منحتها لفائدة المؤجرين بعنوان “التشجيع على الاستثمار”.
رغم ذلك لم تفلح هذه الإجراءات في وقف تراجع موازنات الصناديق الاجتماعية ومن اتجاهها نحو العجز التدريجي. فقد استطاع الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية -الذي سجلت موازنته سنة 2002 ناتجا سلبيا ب حوالي8 م. د- أن يسجل نتيجة لهذه الإجراءات فائضا ماليا ب11م.د سنة 2004، إلا أنّ موازنته سرعان ما تراجعت من جديد وسجلت ناتجا سلبيا ب26 م.د. أمّا بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقد شهد نفس النسق في التراجع حيث تراجع ناتجه من فائض 120م.د سنة 2003الى فائض 143 م.د سنة 2004 ليسجل سنة 2005 ناتجا سلبيا ب9 م.د.
انطلاقا ممّا أسلفنا يمكننا أن نجزم بأنّ الإجراءات المتخذة سنة 2002 في إطار المجلس الوزاري لم تفلح في معالجة الانخرام المالي للصناديق الاجتماعية ولم تمثل أكثر من عملية تزويق للتستر على واقع العجز الهيكلي ولسوء التصرف المزمن الذي تعاني منه هذه الصناديق وهي في آخر التحليل أفضل تعبيرة عن فشل الخيارات الرسمية للدولة التي دأبت على معالجة المظاهر والأعراض وتغاضت عن أسبابها الحقيقية والعميقة.
إنّنا نعتقد أنّ المعالجة الجذرية لواقع الصناديق الاجتماعية وإعادة التوازن لها يتطلب جملة من الإجراءات الجريئة والحاسمة تنطلق من إعادة النظر في سياسة التفاوض الاجتماعي وإقرار مبدأ العدالة في توزيع الثروة بتمكين الشغالين من التعويض الكامل عن تدهور مقدرتهم الشرائية ومن نصيبهم من ناتج النمو الاقتصادي ومن التصدّي لظاهرة السمسرة باليد العاملة ومحاسبة وتعقب كل تحايل في التصريح بحقيقة الأجور وإنهاء الإعفاءات والتسهيلات بخصوص الاشتراك في الضمان الاجتماعي. ومن تدخل الدولة لتعبئة موارد مالية جديدة لتساهم بها عوضا عن مؤسسات الضمان الاجتماعي في تمويل قطاع الصحّة ولتتكفل بواجب التضامن الاجتماعي بوصفه شأنا وطنيا أن تتعهد به الدولة من خلال موارد الجباية لا من خلال موارد ومدخرات بعض الفئات الاجتماعية. ومن خلال التوقف عن معالجة مشاكل المؤسسات الاقتصادية-الحقيقية والمفتعلة- على حساب مؤسسات الضمان الاجتماعي وإجبار الصناديق على تعويض المشغلين في تسديد ما يتخلد بذمتهم من مستحقات وديون وغرامات لفائدة الأجراء وبإحداث صندوق خاص يعنى بمتابعة فقدان مواطن الشغل على أن تخصص له اعتمادات تساهم الدولة والمؤجرون والعمّال في توفيرها. ومن خلال الإقرار بحق الأجراء في المساهمة الفعلية -عبر ممثليهم- في ضبط السياسات المتبعة في تسيير الصناديق وفي الإشراف على تنفيذها.
إنّ وضع مؤسسات الضمان الاجتماعي قد بلغ درجة من الخطورة أصبحت تهدد مستقبل هذه المؤسسات وتبعث على الشك والريبة بخصوص قدرة مسيريها الحاليين على مواصلة تأمين إنقاذها ممّا بات يتهددها من إفلاس محقق. إنّنا نطرح قضية وطنية نعتقد أنّه آن الأوان لفتح حوار جدّي وعميق حولها لمعالجتها وتجنيبها خطر ما حصل لمثيلاتها في أكثر من بلد من بلدان أمريكا اللاتينية حيث فوجئ المواطن هناك بإفلاس مؤسسات الضمان الاجتماعي وبتوقفها عن تسديد جرايات المتقاعدين وعن تأمين مستلزمات علاج واسترجاع مصاريف التداوي للمنخرطين
إنّنا في التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ندعو كلّ المواطنين عموما والأجراء خصوصا -بما في ذالك فرق البوليس التي دأبت على منع أنشطنا ومحاصرة مقراتنا- ندعوهم لمشاركتنا هم البحث عن الصيغ الكفيلة بوقف استنزاف مدخرات الصناديق الاجتماعية ولوضع سياسة رشيدة وشفافة تؤمن استمرارية أداء هذه المؤسسات لدورها الاجتماعي وتضمن تواصل صرفها لجرايات المتقاعدين حتّى لا يتفاقم العجز ويتحول إلى إفلاس سوف لن يتحمل نتائجه إلا المواطن البسيط أما أصحاب الخيارات الحالية فسيستأجرون أول طائرة بإمكانها أن تنقلهم إلى حيث هربوا أموالهم التي اختلسوها على حساب عرقنا وصحتنا وظروف حياتنا. المنجي بن صالح (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
كلفة اللامغرب
المغرب العربي…18 سنة من الغياب
نظمت مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بالاشتراك مع مؤسسة كونراد أديناور بتونس والجزائر والأردن المؤتمر الواحد والعشرون لمنتدى الفكر العربي المعاصر وذلك أيام 11 و12 و13 جانفي الجاري وكان موضوع المؤتمر ” تكلفة اللامغرب “. وقد حضر هذا المؤتمر عدد هام من الأكاديميين والوزراء السابقين في مجالات الاقتصاد و التخطيط والتنمية. كان من بينهم الأستاذ مصطفى الفيلالي الأمين العام السابق للاتحاد المغاربي والوزير السابق والسيد الشاذلي العياري وزير التخطيط الأسبق من تونس والوزير المغربي الدكتور العربي المسيري وعن مؤسسة كونراد أديناور الدكتور هاردي أستري إضافة إلى مجموعة من السفراء العرب والدوليين والأساتذة المتميزين ورجال الاقتصاد و الأساتذة الباحثين.
اليوم الأول من المؤتمر : افتتح الأستاذ عبد الجليل التميمي المؤتمر بخطاب توجه به إلى السادة الوزراء والسفراء العرب والأجانب والضيوف الحاضرين، عدد فيه المؤتمرات والندوات التي تدارست موضوع الاتحاد المغاربي وعوائق انجازه منذ إعلان تأسيسه في مؤتمر مراكش فيفري 1989 والذي جمع كل القادة المغاربة وبين الأستاذ التميمي خطورة فشل مشروع المغرب العربي في ظل الواقع الدولي الراهن المتميز بالتكتلات الاقتصادية والسياسية والتكولوجية الكبرى في العالم.
وفي نفس السياق، تناولت السيدة ألفة الرفرافي في كلمة الدكتور هاردي آستري عن مؤسسة كونراد اديناور، الذي تعذر عليه الحضور، مسألة الوحدة المغاربية التي لم توجد إلا على الورق. في حين تبدو تطلعات أكثر من 80 مليون مواطن مغاربي كبيرة في اتجاه وحدة تسمح بتجاوز حالة الضعف والعجز عن المنافسة الاقتصادية الدولية. وكانت مداخلة وزير التخطيط التونسي الأسبق، السيد الشاذلي العياري بعنوان ” تكلفة اللامغرب : تأملات تمهيدية “، شخصت تطلعات الشعوب المغاربية على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ورأى الوزير ” أن هذه التطلعات يجب أن ترتب لها الفضاءات المؤهلة لتحقيقها”. وقد اختصرها في ثلاث. ” أولا : الرخاء المادي المتمثل في تحسين مستوى الدخل والمستوى الاقتصادي لشعوب المنطقة التي تعاني من ركود الدخل الفردي. وضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي واتساع أزمة بطالة الشباب وخاصة خريجي التعليم العالي. ثانيا: التطلع نحو الرقي المعرفي والعلمي والثقافي “. ورأى أن النظم التعليمية والتربوية غير متأقلمة مع ما يشهده العالم من تطورات. كما ذكر حالة الضعف التي عليها التجهيزات والمعدات والتقنيات الحديثة. وتمثل التطلع الثالث في ” النفاذ إلى حرية المواطنين …”، بمعنى تحسين واقع الحريات في البلدان المغاربية. وألقى الدكتور العربي المساري، الوزير المغربي السابق كلمة بعنوان ” التكلفة السياسية للامغرب” ذكّر فيها بعواقب عدم التنسيق بين بلدان اتحاد المغرب العربي. مبينا الخطأ الذي ترتكبه بلدان الاتحاد بإقامتها علاقات خارجية معزولة عن الوحدة المغاربية، وساعية لضمان المصالح الخاصة لكل قطر على حدة. في الوقت الذي يدخل فيه الجميع كل المفاوضات بصفتهم تكتلات كما هي حالة الاتحاد الأوروبي.
وقد تعددت مواضيع جلسات اليوم الأول حيث ألقى الدكتور ميكال برندينو، من إيطاليا، محاضرة بعنوان ” المغارب بين التنوع والوحدة : رهانات التحديث و الديمقراطية “، تناولت ضرورة الاهتمام بالعملية الديمقراطية في المنطقة المغاربية والحاجة الماسة إلى تحديث العقلية السياسية المغاربية من أجل تحديث المؤسسة. أما الدكتور توفيق البشروش، الأستاذ الجامعي في تونس، فقد ألقى محاضرته بعنوان ” مستقبل الوهم المغاربي ” مؤكدا فيها على ضرورة تقديم مقارنة بين عولمة القرن الماضي وعولمة هذا القرن والنتائج المترتبة عن كل منهما. في حين تناولت مداخلة الدكتور المنصف وناس ” حالة اللاتكامل في المغرب العربي : الواقع والنتائج”وقدم الدكتور محمد سالم ولد سالم، مدير المركز العربي الافريقي للإعلام والتنمية بنواكشوط، مداخلة حول المجتمع المدني ودوره في البناء المغاربي، معددا أهمية المؤسسات المدنية والأحزاب في إنجاح البرامج التنموية والمساهمة في بنائها. و من الجزائر حضر الدكتور محمد المختار عمريو عن الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين وكلية العلوم الاقتصادية والإدارية الذي تناول موضوع ” التطور الإنساني المندمج والمكثف في الفضاء المغاربي” وقد قام في مداخلته بتقييم الوضع وآفاق التحرك من أجل المجتمع المدني ”
اليوم الثاني : ترأس الدكتور محي الدين الحضري الجلسات العلمية لليوم الثاني من المؤتمر التي انطلقت بمحاضرة الأستاذ مصطفى الفيلالي الوزير السابق والأمين العام للاتحاد المغاربي.
كلمة الأستاذ الفيلالي ” بناء المغرب العربي مسؤولية من؟” ركزت على الإمكانيات المهدورة، وعلى أسباب فشل المشروع الذي رأى أنه كان نخبويا وغير صادر عن أصحاب القرار. وأنه أغفل موقع الشباب وموقع الإنسان بصفة عامة وأن”المعوقات الباطنية” و”عقلية الاستيلاء ” كانت أكثر تأثيرا من المعوقات المعلنة والمتعلقة بالحدود.واستنتج أن ليس للقيادات السياسية الإرادة اللازمة والكافية لبناء المغرب العربي. ثم تطرق ” إلى أن المسؤولية اليوم ملقاة على عاتق المثقف وأن الدور الأساسي موكول له قبل المؤسسات السياسية والاقتصادية وقبل أرباب القرار السياسي. ورأى الأستاذ الفيلالي ” أن المستقبل المغاربي المشترك لا يزال يتنفس في الصدور بحمية الحلم العنيد ” ورأى أن مسؤولية المثقفين ” لا تكون إلا بوسائل الفكر ….ووسائل الفكر مجالاتها عريضة ومضامينها عديدة “. وفي خاتمة مداخلته الهامة طرح الأستاذ الفيلالي على الحاضرين سؤالا خطيرا وملفتا :” أي تنمية نختار؟ اقتصاد السوق أم نموذج المطالبين بعولمة بديلة في بورتو أليغوي على غرار سمير أمين؟”. وتناول الدكتور الحبيب الجنحاني أستاذ التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس موضوع “التحول الديمقراطي وآفاق البناء المغاربي ” وقد أشار الأستاذ الجنحاني إلى أن السبب الرئيسي في تعطل المسار المغاربي يرجع إلى تحول الدولة الوطنية إلى” دولة سلطانية” فشلت خاصة في التخلص من التبعية كما فشلت في التحديث السياسي واعتبر المحاضر أن المسألة ” المواطنية ” لابد أن توضع في المرتبة الأولى من الأولويات، ” كيف نتحاور مع الآخر ولا نتحاور بين بعضنا؟”. الجلسة الثانية التي افتتحها الدكتور مصطفى الزعنوني وزير التخطيط السابق في تونس بمحاضرة عنوانها “الاندماج المغاربي يتم بالحكومات لا بالمؤسسات”، أكد فيها على دور القيادات السياسية في السير بجدية نحو التطبيق العملي لاندماج و وحدة مغاربية. وكانت الكلمة التي ألقاها الأمين العام السابق لحزب الوحدة الشعبية ومؤسسه، السيد محمد بالحاج عمر، قد تمحورت حول “دور المجتمع المدني في تأخير بناء المغرب العربي “. وأشار السيد بالحاج عمر إلى غياب الدور الإيجابي للأحزاب السياسية عن طريق مؤسساتها الدستورية والنقابات الذين غيبوا في رسالتهم السياسية والاجتماعية مسألة المناداة بوضع أرضية واحدة لتجاوز معوقاتّ بناء مغرب عربي حقيقي. واختتم كلمته بالإشارة إلى خسارتين ناتجتين عن غياب الوحدة المغاربية وهما على المستوى السياسي :”انعدام ملكيتنا لقرارنا السياسي ” وعلى المستوى الاقتصادي : ” عدم التخلص من التبعية التي تتخبط فيها المنطقة “.
الجلسة الأخيرة ليوم الجمعة كانت بمثابة حوار مفتوح حول ثلاث إشكاليات أساسية ذات أبعاد جيوسياسية إفريقية وهي ” الاتحاد المغاربي في إطاره الإفريقي :بين الموانع السياسية والآفاق الاقتصادية” ثم” التحولات الجيوسياسية الموريتانية ” وأخيرا” إشكاليات الصحراء الغربية وتكلفة اللامغرب” ..
اليوم الثالث: كانت المحاضرة الأولى للأستاذ محي الدين الحضري، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة التونسية، بعنوان ” المغرب العربي في مفترق الطريق، من أجل مشروع مغاربي للقرن الواحد والعشرين” وكانت إشارات الأستاذ الحضري متميزة بإحالتها على الوضعية الهامشية التي يعيشها المغرب العربي والعالم العربي باعتبار أن هذه المنطقة تعد الحلقة الأضعف في النظام الدولي المعاصر. وقد عجزت أقطار المغرب العربي منذ مؤتمر طنجة 1958 عن وضع ” الأسس الكفيلة بتحقيق وحدتها السياسية واندماجها الاقتصادي “. كما أشار الأستاذ الحضري إلى مخاطر فشل مسار برشلونة، التي قد تعصف بالاستقرار السياسي والسلم الأهلية، إضافة إلى تأثير الأوضاع المتفجرة في المشرق العربي”. وتناول الأستاذ عبد اللطيف الشطري من جامعة محمد الخامس بالرباط وممثل وزارة التخطيط المغربية جملة من الإحصائيات الهامة لبلدان المنطقة، في مداخلته المعنونة بـ” آفاق الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي، المعوقات الموضوعية وحتمية الشراكة “. وقد انطلق من فرضية “العقلانية الاقتصادية” كأحد مرتكزات إعادة المشروعية للمشروع المغاربي، محاولا الابتعاد عن المداخل ” الحماسية و الإيديولوجية “. وركزت المداخلة على ” الإمكانات الحقيقية للتبادل التجاري بين دول المغرب العربي “، ومبينا العوامل الاقتصادية التي حالت دون تعميق المبادلات البينية. واعتمد الشطري ” النموذج الأكثر استعمالا لتفسير التجارة الخارجية والمعروف باسم “نموذج الجاذبية “. وقد عدّ الحاضرون هذه المداخلة من باحث شاب، مداخلة هامة ومشجعة على إنجاز أبحاث عميقة في المجال الاقتصادي البيني لبلدان المغرب العربي.
ولعل أهم ما ورد في هذه المداخلة هو الإشارة إلى ضعف المبادلات البينية لبلدان المغرب، في الوقت الذي من المفترض فيه أن يكون التصدير الخارجي والتعامل مع الأسواق الأجنبية خاضعا للتنسيق المشترك. وأشار الشطري إلى أن الفارق بين بلدان المغرب العربي والاتحاد الأوروبي يمثل نسبة( 01 على 27 ) في الميزان الاقتصادي العام. نقاط أخرى هامة ذكرها الأستاذ منها مؤشر التماثل في الصادرات. وقد قارن بين المغرب وتونس فاستنتج تماثل البلدين في 79 % من الصادرات للأسواق الأوروبية. وخلصت المداخلة إلى أن دول المغرب العربي ليست فقط منفتحة على الأسواق الخارجية أكثر من انفتاحها على بعضها البعض، إنما هي منغلقة على بعضها أكثر مما هو متوقع. هذه القراءة الاقتصادية المرفوقة بإحصائيات، تحصل عليها الباحث من مؤسسات دولية محايدة وليست رسمية أو مغاربية، بينت التكلفة الاقتصادية الباهظة لغياب المغرب العربي الموحد بعد 18 سنة من إعلان تأسيسه من قبل القادة المغاربة الخمس في مؤتمر القمة بمراكش في فيفري 1989 .
غياب المغرب العربي، كانت كلفته باهضة من خلال الأرقام المهولة للشباب العاطل عن العمل والعجز الفادح في مجال المنافسة الدولية وتراكم المشاكل الاجتماعية والتي تمثل أرضية خصبة للهزات السياسية ولإنتاج احتمالات متغيرات سلبية على الخارطة المستقبلية للمنطقة. ورأى الأستاذ سليمان الدقي، القادم من فرنسا، في مداخلته التي عنونها باستفهام حول أسباب فشل وحدة المغرب العربي رغم توفر كل المقومات أن القادة المغاربة لم يجتمعوا طيلة13 سنة أي منذ قمة تونس 1994. ودعا إلى اتخاذ موقف حضاري من القضايا السياسية الداخلية والخارجية لحل الإشكاليات والدفع نحو الوحدة. وكانت المداخلة الأخيرة لهذه الجلسة للدكتور علي الحوات نائب رئيس الأكاديمية المغاربية بليبيا بعنوان
” التعليم العالي وبناء المستقبل المغاربي”. وقد فتحت عقب هذه الجلسة فرصة النقاش الذي أثراه الأستاذ مصطفى الفيلالي بتناوله خطورة الإشكال القائم بين الجزائر والمغرب حول قضية الصحراء التي قد تكون مصدرا لإثارة النزعات الانفصالية داخل الجزائر نفسها. وكان ذلك في إطار تنويهه بمداخلة الأستاذ الحضري. إضافة إلى قضية الهجرة التي تمثل نزيفا حقيقيا، إذ يوجد أكثر من 5 ملايين مغاربي في الدول الأوروبية المشتركة وقد أشار الأستاذ الفيلالي إلى كتابه ” قضية العمل”، الذي درس فيه كلفة الهجرة على بلدان المغرب العربي، مستشهدا بمثال هام وهو وجود أكثر من 7000 طبيب جزائري من جملة 10000 طبيب أجنبي في العاصمة الفرنسية باريس. فهجرة الأدمغة والكفاءات تدفع إلى الاستفهام عن هؤلاء الذين هم “جند التغيير في المستقبل. فمن سيصنع المستقبل في هذه الأوطان ؟ ” و قد أكد على الاختلالات الاجتماعية التي لابد أن ننظر إليها. حيث بين أن كلفة إنشاء طبيب عربي تتجاوز 155000 دولار ” فعندما ندفع هؤلاء على الهجرة للعمل في الخارج نظرا لانعدام ظروف العمل في البداية ” وانعدام العمل نفسه في الفترة الأخيرة نكون نحن من يعين فرنسا وغيرها من البلدان المتقدمة وليست هي من يعيننا. نعينها بتقديم خيرة أبنائنا ليساهموا في بناء تقدمها في حين نعيش نحن تبعات التخلف. و قبل تلاوة البيان الختامي للمؤتمر، تناول الكلمة عن اتحاد النقابات العمالية للمغرب العربي السيد مصطفى التليلي الذي قدم توصيتان. الأولى : دعوة الحكومات المغاربية إلى التعامل بأكثر جدية ومصداقية بعد معاهدة 89 التي حملت وعودا كبيرة ولم يطبق منها شيء أما التوصية الثانية : تتعلق بقضية البطالة والتي تمثل أزمة حقيقية يمكن التخفيف من حدتها وإيجاد حلول لها في الوحدة الاقتصادية وطالب بتمكين العامل المغاربي من فرصة التنقل في سوق الشغل المغاربية بحرية مما قد يخفف من حدة المشكل.
البيان الختامي : تناول البيان الختامي جملة من المقترحات المقدمة من المشاركين في المؤتمر وهي : “أولا، إحداث برنامج ابن خلدون على شاكلة مشروع erasmus الأوروبي. ثانيا، إحداث جامعة افتراضية مغاربية . ثالثا، إحداث كرسي للدراسات المغاربية على المستوى الجامعي في كل البلدان الخمس. رابعا، إحداث بيت حكمة مغاربية “. وأعلن البيان انه ” نظرا لأهمية هذا الملف، أبدى المشاركون تطلعهم لمواصلة هذا الحوار حول تكلفة اللامغرب في المؤتمر الثاني بمراكش في الأسبوع الثاني من شهر أفريل 2007 والمؤتمر الثالث في خريف 2007، أما الرابع فإنه يؤمل عقده بطرابلس أو نواكشوط، على أساس جدولة تناول التداعيات الاقتصادية والسياسية والمعرفية والاجتماعية”.
وتوجه البيان بالشكر إلى مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات كونراد أديناور وممثليها وإلى كل المشاركين المغاربيين والأوروبيين الذين ساهموا في إنجاح هذا المؤتمر العلمي حول موضوع شغل الرأي العام المغاربي بكل أطيافه وشرائحه. تغطية : الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
“الشاهد”
لمصلحة من نؤجل الجمهورية الديمقراطية؟
آثر السيد رفيق الحاج قاسم، وزير الداخلية و التنمية المحلية و عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي أن يتقدم للتونسيات و التونسيين بالموقف الرسمي من الأحداث الأخيرة، أثناء ندوة إطارات التجمع صباح يوم الجمعة الفارط بمقر دار التجمع –الحزب الحاكم. و بقطع النظر عن أهمية التفاصيل التي قدمها و عن مدى دقة الرواية الرسمية، فإن اختياره للإطار و التوقيت له أكثر من دلالة. فمرة أخرى يختار عضو في الحكومة ان يخاطب التونسيين بشأن قضية وطنية استدعت في الآونة الأخيرة اهتمام كل المواطنات و المواطنين، من خلال إطار حزبي ليعزز بذلك التداخل بين الدولة و الحزب. و ليكون التجمع الدستوري الديمقراطي هو الوسيط الدائم بين الحكومة و الشعب.
صحيح أن الحكومة الحالية هي حكومة تجمعية بإعتبار انتماء أعضائها للتجمع و لكنها من جهة مهامها و حسب دستور البلاد حكومة لكل التونسيين بوسعها بل و من واجبها التخاطب مع كافة أبناء الشعب و دون وسائط بقطع النظر عن مشاربهم الفكرية و اختلافاتهم الحزبية. هذه الملاحظة تقودنا إلى إعادة طرح قضية فصل الحزب عن الدولة كأحد الركائز الأساسية للحكم الجمهوري الديمقراطي، إلى جانب الفصل بين السلط و علوية الدستور و حماية الحريات الخاصة و العامة من قبل مؤسسات شرعية محل وفاق وطني ناتج عن حوار معمق بين كل التونسيات و التونسيين.
و بالفعل و بالعودة إلى الأحداث الأخيرة، فإن الرواية الرسمية تأتى لتأكيد أن ما حصل منذ أيام لم يكن مجرد زوبعة عابرة في سماء صافية. إن مجموعات السلفيين الجهاديين الذين تسللوا و”تحت مراقبة الأمن” إلى داخل تونس، تعبّر عن اهتمام خاص و متزايد لتنظيم القاعدة ببلادنا. و رغم أن هذا الاهتمام مرفوض و غير مرغوب فيه أصلا و رغم أنه ليس لما قاموا به أو ما كانوا ينوون القيام به أي نوع من أنواع الشرعية، فإن استجابة فئة من الشباب التونسي لهذه الأفكار و إقدامهم على حمل السلاح و الانضمام إلى “القاعدة” يعبر عن مشكل عميق و أنه على الحكومة و على الحزب الحاكم – طالما لم يتم فصله عن الإدارة- أن يراجعوا أشياء كثيرة داخليا و خارجيا.. صحيح أن هذه الظاهرة عالمية و صحيح أنه لاتوجد أي دولة بمنأى عن هذا التهديد. و صحيح أن “يقظة الأمن” قد استطاعت إلى حد الآن أن تنأى ببلادنا عن ضربة قوية بإستثناء واقعة “الغريبة” 2000. إلا أنه من المستحيل أن يتواصل التعويل على الجانب الأمنى وحده. ذلك أن صورة تونس الآمنة بفضل قوة أمنها أحد أكبر دواعي هذا الاهتمام العدواني بتونس. فعناصر تنظيم القاعدة بالجزائر الذين أشرفوا على تدريب و تكوين المجموعة التونسية يعرفون أن أقل خدش في صورة “واحة الأمن” سيكلف بلادنا غاليا في ظل خيارات اقتصادية قائمة أساسا على السياحة و الاستثمار الأجنبي.
إن “المحنة الأخيرة” التي مرت بها البلاد يمكن أن تكون مناسبة للتفكير الجدي في تطوير الحياة السياسية ومراجعة مطالب و مقترحات الحركة الديمقراطية و النخب التقدمية النيرة من أجل نظام سياسي أكثر عدلا و انفتاحا و تفاعلا مع قضايا الشعب. لا أحد يستطيع أن ينكر أن لبلادنا مكاسب عديدة مقارنة بجيرانها في فضائها الأفرو-عربي و لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أيضا أن هذه المكاسب تخضع الآن إلى تهديد متواصل. إن الايديولوجيات التدميرية و الثقافة الانطوائية و “الجهادية” لا يمكن إلا أن تكون تجلّيا لأزمة أكثر عمقا و لعقود بل وربما لقرون من ثقافة الصمت و المحرمات و تعميم نموذج المواطن-الطفل غير القادر على تدبر شؤونه و غير القادر على الاهتمام بالسياسة و غير القادر على المشاركة في إدارة الشأن العام. إنه لا بديل على الانغلاق و الانطواء و التطرف سوى الحوار و المشاركة و التفاعل: ليسأل الجميع الجميع و ليسمع الجميع الجميع.
إنني هنا لا أتحدث عن التحالفات السياسية ولا عن حقوق السلفيين في الوجود السياسي. إنني أتكلم عن حق المواطنين في إعلام نزيه ينقل مآخذهم و يعبر عن آرائهم و عما يقلقهم، و عن حقهم في نظام حكم “رشيد” يحسن التصرف في المال العام و لا يميز بين المواطنين بحسب آرائهم أو معتقداتهم أو انتماءاتهم الجهوية و لا يمنح أيا كان أي نوع من أنواع الامتيازات أمام القانون بسبب لقبه أو منصبه. و عن سلطة منتخبة في ظروف طبيعية و عن مؤسسات دستورية قوية قادرة على حماية الديمقراطية باعتبارها منظومة قيم و ليست مجرد إجراءات مناسباتية. و عن قضاء مستقل وعن مجتمع مدني حر و عن فضاءات ثقافية مفتوحة للإبداع… في كلمة عن نظام جمهوري يكرس المواطنة الفعلية. و لست الوحيد في هذا البلد الذي يؤمن بأن هذا ليس مستحيلا في بلادنا تونس.
لقد آن الأوان لتحالف واسع بين القوى الديمقراطية و التقدمية و بين كل المؤمنين بنظام جمهوري مدني و حياة سياسية عصرية و مؤسسات دستورية قوية لدفع البلاد في الاتجاه الصحيح.
إنه علينا أن نختار بين إطلاق الحريات الخاصة و العامة و إرساء الجمهورية الديمقراطية و بين خسارة كل مكاسب الحداثة في بلادنا و الانطواء إلى نماذج الاستبداد المطلق وعصور الانحطاط و”دولة الخلافة”. الأمجد الجملي (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
ما بعد انتخابات نواب الطلبة في المجالس العلمية:
هل ينجح الاتحاد في مواصلة مسار التوحيد؟؟!!
عرفت انتخابات نواب الطلبة في المجالس العلمية لهذه السنة الجامعية طابعا خاصا فيما يتعلق بقائمات الاتحاد العام لطلبة تونس. فللمرة الأولى منذ سنة2002 خاضت أغلب فصائل “الحركة الطلابية ” هذه الانتخابات بشكل موحد تحت راية الاتحاد العام لطلبة تونس وبشعار موحد : “صفا واحدا ضد البرامج المسقطة على الجامعة”. وللتذكير فإن شهر ماي 2002عرف انقساما مدويا صلب قيادة اتحاد الطلبة المنبثقة عن مؤتمره 23 ، أدى إلى مكتبين تنفيذيين، و إلى مؤتمرين منفصلين، وتنازع ميداني وإعلامي حول الشرعية كان هو الحصيلة الأبرز لخمس سنوات تراجع خلالها أداء المنظمة النقابية إلى مستوى قلّ أن عرفته في الماضي. وذلك بإجماع أغلب متتبعي الشأن الطلابي . و تأتي انتخابات 14 ديسمبر الماضي لتقدّم صورة مختلفة تماما، يرى العديد أنها تمثل خطوة حاسمة في سبيل إعادة الاتحاد إلى مساره الصحيح و إنهاء مرحلة الصراع التي أضرت كثيرا بالمنظمة وحرمت الطلاب من منظمة نقابية متماسكة قادرة على الدفاع عن مصالحهم و هم في أمسّ الحاجة إلى ذلك… الاستعدادات للانتخابات: النداء و البلاغ “تشكيل اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد ” من الواضح أن النقاشات التي سبقت قرار خوض الانتخابات بشكل موحّد قد كانت هذه المرة أكثر مرونة و عقلانية وواقعية. فبعدما تشكلت في السنة الماضية “القيادة الموحدة “بين المكتب التنفيذي لمسار التصحيح و أربعة من أعضاء المكتب التنفيذي للمؤتمر 24 لتمثل أول تفاعل ملموس بين المكتبين التنفيذيين للاتحاد ، توّجت النقاشات بين القيادة الموحدة و المؤتمر 24 بجملة من الاتفاقات الهامة .
والجدير بالملاحظة أن السيد عزالدين زعتور الأمين العام للاتحاد (المؤتمر 24 ) قد باشر بنفسه مجمل النقاشات و أخذ على عاتقه التوجه بنداء إلى كل “الطالبات و الطلبة داخل تونس و خارجها “. و قد استعرض النداء مختلف أوجه الأزمة الجامعية و الطالبية-كما يراها – مشيرا إلى ” استخفاف سلطة الإشراف بكل مكونات الحركة الطلابية و على رأسها الاتحاد العام لطلبة تونس، داعيا إلى أن يضع الفرقاء خلافاتهم و اختلافاتهم جانبا دون إنكارها ” . و قد عبر هذا النداء عن رغبة صريحة في أن يكون مؤتمر الاتحاد مؤتمرا موحدا، و دعا ” كل الأطراف الطلابية للتشكل في لجنة ممثلة تحت إشراف الأمين العام ” .كما ضبط البلاغ مهام اللجنة مسندا إليها صلاحيات واسعة فيما يتعلق بالإشراف على إعداد المؤتمر الموحد. و بالفعل فقد تشكلت” اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد” يوم 08 ديسمبر لتضم أعضاء بارزين من المكتبين التنفيذيين و من مكونات الحركة الطلابية تحت إشراف عزالدين زعتور بصفته ناطقا رسميا باسم هذه اللجنة .
المجالس العلمية : الاختبار الأول للجنة الوطنية أصدرت اللجنة الوطنية بلاغا إعلاميا مباشرة بعد انتهاء انتخابات المجالس العلمية عبر عن كون الاتحاد حقق انتصارا هاما في هذه المحطة النضالية من جهة استرجاعه ” لمواقعه التقليدية في جامعة تونس والمنار واكتساحه لمواقع جديدة كجهة بنزرت و قابس و صفاقس بما جعل تمثيليته ترتفع إلى أكثر من ثلثي الطلبة المرسمين بالجامعة التونسية ” كما نوه البلاغ بالأجواء المسؤولة التي عبرت عن التزام و نضج أنصار الاتحاد و مرشحيه بما فوت الفرصة على كل أعداء الديمقراطية المتربصين به. والجدير بالملاحظة أن البلاغ أكد على أن هذا الانتصار ما كان ليتحقق لولا وحدة كل العزائم الصادقة والتفاف كل مناضليه حوله، مؤكدا رفض الشباب الطلابي لكل أشكال الوصاية مهما كان مأتاها . ما يستشف من هذا البلاغ و من الأجواء المحيطة بالانتخابات أن جهود التوحيد التي أصبحت تقودها اللجنة الوطنية قد استفادت جدا من هذه الانتخابات التي مثلت درسا تطبيقيا في كون العمل الموحد والديمقراطي هو المخرج الوحيد بالنسبة إلى المنظمة الطلابية . ما بعد الانتخابات : أي معنى للوحدة ؟؟ عقدت اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد عديد الاجتماعات بداية من عطلة الشتاء .. وحدد اجتماعها الأول آليات عمل هذه اللجنة وطرق اشتغالها . ورغم الأجواء الإيجابية المشجعة التي حفت بالانتخابات، فإن عمل اللجنة لم يكن سهلا بالمرة . فالمسائل التقنية طرحت عديد الصعوبات على جدول أعمال اللجنة. فرغم القناعة المشتركة لدى كل أعضاؤها بأن المؤتمر المقبل سيكون مؤتمرا وفاقيا، فإن تدقيق النظر في طبيعة هذا الوفاق ومضمونه وكيفيات توزيع المواقع والحقائب داخل القيادة المقبلة قد يثير خلافات كبيرة داخل اللجنة. هذا علاوة على الانتخابات السابقة التي قامت بها هياكل الاتحاد (للمؤتمر 24 )وما إذا كان سيتم القبول بها كلها أو بعضها و ما إذا كان سيتم طباعة انخراطات جديدة تحمل اشارة واضحة إلى اللجنة الموحدة بدل المؤتمر 24 محل الجدال من عديد المكونات. والملف الثاني والأكثر أهمية والذي يتعين على اللجنة، حسب مهامها، أن تواجهه هو ملف توجهات ولوائح المؤتمر القادم والخطة النضالية للاتحاد فيما بعد المؤتمر. ذلك أنه إذا ما تواصل العمل بنفس الآليات وبنفس الخطاب وبنفس طرق التدخل النقابي، فإن الوحدة ستكون خاوية وخالية من أي إضافة بل ستحمل في ذاتها عناصر انفراطها كما لم تنفك تنفرط منذ المؤتمر 18 خ ع… وإذا ما طرحت هذه المواضيع للنقاش فهل تكون اللجنة الإطار الأنسب لخوضها؟ ألا يتعين التفكير في إطار أوسع والانفتاح على مختلف الطاقات التي تزخر بها الجامعة التونسية للاستفادة من طرق التسيير العصرية وللاقتراب فعلا وبطرق مدروسة من اهتمامات وحياة الشباب الطالبي؟ لا شك أن هذه الأسئلة وغيرها تشغل بال كل أعضاء اللجنة ومن ورائهم فصائل الحركة الطلابية ومناضلات ومناضلي الاتحاد. ولا شك إن الاختلاف بشأنها أمر طبيعي ومطلوب أصلا، إلا أن التوفق في طرحها هو الذي سيعطي للوحدة معناها الإيجابي أو السلبي. وشخصيا أرى أن الوحدة بحد ذاتها، رغم أهميتها القصوى في المرحلة الحالية، ليست أمرا مقدسا ولا مطلبا بحد ذاتها.
إن المطلوب هو تقنين الصراع الديمقراطي صلب الاتحاد وإعادة الاعتبار للثراء والتنوع اللذين تزخر بهما قاعدته الطلابية. أما الوفاق، مقابل القفز على القضايا الأساسية، فلن يكون سوى مرهم مسكن قد يفيد في تخفيف آلام البعض ولكنه لن يستأصل الداء المتمثل في تخلف قوانين وهيكلة الاتحاد الحالية وبقائه سجين عقلية وممارسات لم يعد لها أي مبرر في الواقع. إن طرح قضايا أولويات الاتحاد اليوم ودور العمل النقابي الطلابي والاستفادة من تكنولوجيا الاتصال في التعريف بالاتحاد وضبط رزنامة عمل دقيقة حول أهداف جزئية هو المدخل الضروري من أجل نقابة ناجعة قادرة على تقبل ملفات الطلبة والمفاوضة بشأنها وعلى تحقيق المكاسب.
واعرف أن هذا الطرح مازال في نظر العديدين من الأمور بعيدة المنال ومن الطوباويات القافزة على واقع القمع والحصار والتضييق الذي تعانيه المنظمة والحركة. وأنا أقر مثلهم أن السلطة تتحمل مسؤوليات هامة في انحسار نشاط الاتحاد، لكنه من التجني القول إنها تتحمل كامل المسؤولية. وإني أدعو الجميع إلى مغادرة فرضية القمع كأفق للتفكير والدخول في فرضية المقاومة: أن نكف عن القول إن هذا ما فعلوه بنا، وأن نحاول التفكير في ما الذي نريد فعله وما الذي بإمكاننا فعله. الأمجد الجملي (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
حملة اعتقالات واسعة واصرار على الخيارات الأمنية
محمد الحمروني انتهت أحداث الضاحية الجنوبية واتجهت الأنظار لتستشرف ردة الفعل الرسمية بعد الأحداث. وكان الأمل معقودا على أن تحمل ردود السلطة ما يمكن أن يفهم منه أنها تنوي مراجعة بعض خياراتها ولو على مراحل أو “بالتقسيط” على الأقل، وعلى رأسها خيار المعالجة الأمنية البحت لملفات يتداخل فيها الأمني بالسياسي والثقافي بالاجتماعي. ولكن السلطة خيرت أن تكون إجابتها أسرع مما كان ينتظر المراقبون، فبادرت، وبشكل آلي، إلى استعادة الطرق التي ظلت تعالج بها أوضاع البلاد منذ بداية التسعينات والتي لم تخلف إلا مزيدا من زعزعة الثقة بين الحاكم والمحكوم في بلادنا. فمنذ انتهاء الأحداث شنت حملة اعتقالات واسعة في صفوف مرتادي المساجد وعادت لتشدد المراقبة على المسرحين من أبناء “النهضة” ووصل الأمر في بعض الجهات مثل سليمان والكاف وسيدي بوزيد إلى ترهيب المواطنين عبر اقتحام البيوت وتفتيشها وحجز بعض اجهزة الإعلامية. مدينة سليمان التي دارت بها اشتباكات يوم 3 جانفي عرفت اشد حملات المراقبة والملاحقة الأمنية، وطالت الإعتقالات عددا من شباب المدينة ومنهم الطالبة سندس الرياحي، والشبان احمد بشكوال (تلميذ) وإبراهيم الواعر وجوهر (لم نتمكن من معرفته لقبه العائلي) وكمال وهشام ومحمد الحميدي وزبير العربي ولا تعلم عائلاتهم عنهم شيئا إلى حد الآن. ودفع هذا الوضع أهالي المدينة إلى توجيه مناشدة عبر الانترنت إلى رئاسة الجمهورية للمطالبة فيها بالتدخل من اجل إطلاق ابنائهم المعتقلين منذ الفترةالسابقة على انطلاق الاحداث. وفي تونس علمت “الموقف” أن الطالبة وسام العيساوى أوقفت في التاسع من هذا الشهر وحجز حاسوبها المحمول الذي كان معها ولما حاول والدها اعتراض سيارة الأمن بجسده قام الأعوان بإبعاده بالقوة، قبل أن يطلق سراحها لاحقا.
وفي بنزرت تحدث فرع الرابطة هناك عن حملة اعتقالات ومداهمات واختطافات شملت عددا من الشبان من مرتادي المساجد. وذكر البيان أن من بين من تعرضوا للإيقاف الطالب مجدي المشرقي والشبان عصام الـمـزي ومروان بن راضية ومحمد الصفاقسي.
وجاء في البيان “يواصل أعوان الأمن حملاتهم المكثـفة ضد الشبان خاصة رواد المساجد وكذلك في صفوف النساء والفتيات ممن يرتدين الخمار، ويتم اقتيادهم جميعا إلى مراكز الشرطة حيث يقع استنطاقهم حول الصلاة وأين يؤدونها ومع من يلتقون أثناء الصلاة ومن يتولى إمامتهم، ثم يقع إجبارهم تحت التهديد على التوقيع أسفل مكتوب يمنعونهم من الاطلاع على فحواه، ويطلق سراحهم في نفس اليوم بعد إنذارهم …. وأضاف البيان أن “الفتيات يطلق سراحهن بعد حجز خمورهن ويمنع عليهن الدخول إلى المؤسسات التعليمية وكذلك تشغيلهن ما لم يتخلين عن لباسهن الشخصي”.
وفي مدينة الكاف تحدثت أنباء صحفية عن حملة اعتقالات ومداهمات واسعة جرت في المدينة قبل وبعد عيد الإضحى المبارك. وقال الأستاذ محمد نجيب حسني المحامي أن ما يقرب من 23 شابا، اغلبهم لم يتجاوز عمره العشرين عاما، اعتقلوا بالمدينة ونقل بعضهم إلى العاصمة. وقال البيان “أن الاعتقال تم بشكل عشوائي من أمام المساجد وتأكد أن هؤلاء لا ذنب لهم إلا المواظبة على ممارسة شعائرهم الدينية”.
وفي اتصال هاتفي مع “الموقف” تحدث الأستاذ حسنى عن حملة مداهمات واعتقالات واسعة شملت إلى جانب مرتادي المساجد من الشبان والشابات عددا من مساجين حركة “النهضة” المسرحين. وشدد على أن حالة من الخوف تسيطر على سكان المدينة بسبب المداهمات والاقتحامات الليلية المتكررة. وحسب إفادات سكان كل من منطقتي العمران الأعلى وحي ابن خلدون القريبتين من العاصمة تشن قوات الأمن منذ أحداث سليمان حملة اعتقالات ومداهمات غير مسبوقة في صفوف مرتادي المساجد وبعض الطلبة. وأكدت نفس المصادر اعتقال عدد كبير من الشبان احتفظ بستة منهم في الحجز. وحسب افادات بعض المفرج عنهم فان هؤلاء الستة يقبعون الآن في مركز الأمن ببوشوشة ويتم التحقيق معهم بمركز الأمن بالعمران. وناشد أهالي الموقوفين منظمات المجتمع المدني والرأي العام الوطني الوقوف إلى جانب أبنائهم من اجل إطلاقهم. واستدعت هذه الأحداث ردود فعل مستنكرة من قبل اغلب المنظمات الحقوقية.
والى جانب فرع الرابطة ببنزرت الذي ندد بالاعتقالات حذرت الهيئة المديرة للرابطة من الخلط المتعمد الذي يمكن أن يحصل بين “من يحملون السلاح … وبين غيرهم من المواطنين بقطع النظر عن توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية وعقائدهم الدينية”.
ودعت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إلى “فتح تحقيق فوري في شان الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون بعد الأحداث الأخيرة”. وأضافت الجمعية في بيانها “إن موجة الاعتقالات الواسعة شملت عشرات الشبان و ما بلغ إلى علم الجمعية من الانتهاكات الجسدية والمعنوية التي صاحبتها وطالت الموقوفين وعائلاتهم تجعلها تخشى من توظيف الحوادث الأخيرة لتوسيع دائرة الانتهاكات وإيجاد التبريرات والحماية لمرتكبيها”. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
محمّد التّومي المنصوري
مهدد بالعودة إلى ما وراء القضبان
من مواليد 1953 بالقصرين، متزوّج وأب لولدين وبنت، متخرج من كلّيّة الفلاحة بشطّ مريم برتبة مهندس فلاحي. تحمّل العديد من المسؤوليّات بالإدارة الفلاحيّة بالكاف منذ تخرّجه سنة 1980 حتى تاريخ اعتقاله سنة 1987 والحكم عليه بعشر سنوات سجنات ضمن محاكمات الاتجاه الإسلامي.
ألقي عليه القبض مرّة ثانية سنة 1991 و أودع السجن حيث تعرّض لتعذيب رهيب لا يزال يحمل آثاره إلى اليوم. حكم عليه بـ 16 سنة سجنا و5 سنوات مراقبة إداريّة ضمن محاكمات حركة “النّهضة” قضّى منها 13 سنة متنقّلا بين سجون البلاد كلّها حيث سامه من التّعذيب والقهر ما لا يمكن وصفه. فقد والدته (رحمها الله) خلال فترة سجنه ولم يمكنوه حتى من حضور جنازتها كما أصيب والده بشلل تام أقعده الفراش من كثرة المصائب.
أطلق سراحه في نوفمبر 2004 وأجبر على الإقامة بقرية القصور ولاية الكاف التي تبعد 220 كلم عن العاصمة حيث منع من ممارسة أيّ شغل وألزم بالإمضاء يوميّا لدى السّلط المحلّيّة إلى تاريخ رفع هذا القرار خلال نوفمبر 2006 مع مواصلة منعه من مغادرة القرية حتى لتفقد حال والده الذي يبعد عنه حوالي 150 كلم. كما منع من حقّه الطبيعي في العمل والعيش الكريم ككل مواطن مسئول عن قوت عياله رغم العديد من الرسائل التي بعث بها إلى رئاسة الدولة والإدارات الوطنيّة والجهويّة قصد رفع التّضييقات المسلطة عليه، إلاّ أنها باءت كلّها بالفشل وهو الآن مهدّد بالدّخول إلى السجن للمرّة الثالثة بعد أن أعلم رسميّا أن مغادرته للقرية تعني رجوعه للسجن. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007
حملة عالمية وتونسية من اجل إغلاق “غوانتانامو”
محمد الحمروني عبر الأستاذ الحبيب مرسيط رئيس فرع منظمة العفو الدولية بتونس عن أسفه لحضور عدد قليل فقط من الصحافيين الندوة الصحفية التي عقدها الفرع يوم الخميس 11 جانفي الجاري في إطار الحملة الدولية من اجل إغلاق معتقل قوانتاناموا. وقال مرسيط “يؤلمنا جدا عدم استجابة اغلب ممثلي الصحف التونسية لمثل هذه الدعوة في الوقت الذي تعمل فيه المنظمة على حشد اكبر عدد من الأصوات المنادية بإغلاق معتقل قوانتانامو”.
وقارن مرسيط بين مجالات العمل المتاحة لفروع المنظمة في مختلف دول العالم وبين المجالات المتوفرة لفرع المنظمة بالبلاد، وقال “في حين تقام التظاهرات في الشوارع والساحات العامة والجامعات ومقرات الأحزاب والنقابات في مختلف انحاء العالم تظل أصواتنا هنا في تونس حبيسة الجدران وخافتة في الوقت الذي نريد إسماعها لكل العالم”. وأوضح أن الندوة الصحفية تندرج ضمن الحملة التي تشنها المنظمة منذ أيام من اجل إغلاق معتقل قوانتاناموا، وأنها تمثل ضربة البداية لسلسلة من الفعاليات التي يقيمها فرع المنظمة بتونس منها بث شريط بعنوان “الطريق لغوانتانامو” إلى جانب بعث إرساليات قصيرة وفاكسات إلى البيت الأبيض والسفارات الأمريكية عبر العالم للمطالب بإغلاق المعتقل. وذكر بان الحملة التي تقوم بها المنظمة انطلقت منذ أن أعلن عن إنشاء المعتقل في 11 جانفي 2002 لأنه “خارج عن كل القوانين والشرائع الدولية وطالبت بإغلاقه ونقل من فيه إلى سجون تخضع للقانون”. ويفترض أن تتواصل تلك الفعاليات عبر مختلف بلدان العالم حتى إغلاق المعتقل كما قال القائمون على التظاهرة.
وتحدثت الناشطة الحقوقية الصحفية نورة البورصلي عن الخروقات الكبيرة التي تجري في المعتقل ومنها التعذيب وسوء المعاملة. وشددت على موت ثلاثة معتقلين يبدو أنهم قرروا وضع حد لحياتهم بعد معاناة طويلة عاشوها بين ظروف الاقامة السيئة وجلسات التعذيب والاستنطاق، إضافة إلى إضرابات الجوع لمدد طويلة وإطعام بعضهم عنوة عن طريق الأنابيب. وعبرت عن انشغال المنظمة العميق لوضع المعتقلين وخاصة حرمانهم من حقوقهم القانونية. وذكرت بأن عددهم الآن في قوانتانامو يصل إلى حدود 430 معتقلا وان هذا العدد كان في سنة 2002 في حدود 775 معتقلا، ينتمون إلى 35 جنسية، وانهم احتجزوا في ما لا يقل عن عشرة دول دون إتّباع أية إجراءات قانونية. ومن تلك الدول أفغانستان وباكستان ومصر والإمارات العربية المتحدة وموريتانيا. وحسب الإحصاءات التي قدمتها العفو الدولية فان 17 معتقلا كانت أعمارهم عندما تم احتجازهم دون 18، أربعة منهم مازالوا معتقلين إلى نهاية 2006. وطالبت نورة في ختام كلمتها باسم المنظمة بمحاكمة السجناء أو إطلاق سراحهم على أن لا يكون إغلاق المعتقل مبررا لنقل من كانوا فيه إلى بلدان أخرى يمكن أن يتعرضوا فيها لأشكال أقسى من التعذيب. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
خالد الماجري مؤلف كتاب قوانتانامو أو مأساة القانون “للموقف”
المعتقلون اسرى حرب حسب التشريع الدولي
حاوره محمد الحمروني التقت “الموقف” على هامش التظاهرة التي أقامها فرع العفو الدولية بتونس من اجل إغلاق معتقل قوانتانامو، بالأستاذ خالد الماجري صاحب كتاب “قوانتانامو أو مأساة القانون” وأجرت معه هذا الحوار:
– لو أردت أن تعطي للقارئ فكرة عامة عن الكتاب ماذا تقول؟ – الكتاب ينطلق من تلك الصدمة البصرية التي عشناها جميعا بداية من يوم 12 جانفي 2002 عندما نقلت إلينا الفضائيات صورا لمعتقلي قوانتانامو وهم ينقلون معصوبي الأعين على متن طائرات خاصة، ولكن الكتاب يتعدى ذلك المشهد إلى محاولة دراسة التوصيفة القانونية لهؤلاء المعتقلين وهو ما استوجب منا التوقف عند طريقة تكييفهم القانونية باعتبارهم أسرى حرب في مقابل ما تذهب إليه السلطات الأمريكية من اعتبارهم مقاتلين غير شرعيين.
ما هي الاستتباعات العملية والقانونية لهذا التصنيف؟ استتباعات التعريف الأمريكي الذي يصنف هؤلاء على أنهم مقاتلين أعداء أو غير شرعيين، وهو صنف قانوني موجود في التشريع الانقلوساكسوني القديم، يؤدي إلى اعتبار هؤلاء بمثابة مجرمي حق عام، أي أن الدولة التي تعتقلهم بإمكانها الاحتفاظ بهم إلى اجل غير مسمى. في حين أن التصنيف القانوني لأسرى الحرب يؤدي ضرورة إلى تسليم المعتقلين مباشرة اثر انتهاء العمليات العسكرية. فأسير الحرب هو مجرد مبعد عن ميدان المعارك حتى إذا وضعت الحرب أوزارها أمكنه العودة إلى بلده أو إلى صفوف جيشه.
كتابك عن المعتقل يندرج ضمن المعركة القانونية التي تخاض ضد الإدارة الأمريكية هل تعتقد أن هذه الجهود يمكن أن تؤتي أكلها؟ يجب أن نقول أن المسألة القانونية الخاصة بهذا المعتقل وقع تناولها بالبحث من طرف رجال قانون أمريكيين رفضوا الاستسلام لقرارات الادارة الأمريكية ولكن ورغم كل مجهودات المؤسسات والمنظمات غير الحكومية من سعي إلى غلق هذا المعتقل تبقى غير ذات صدى لدى إدارة بوش على الأقل. وأملي أن يساهم هذا الكتاب في تحسيس الرأي العام بقضية المعتقلين بعيدا عن الشعارات والتوظيف السياسي وإنما بطريقة قانونية بحتة.
لماذا اخترت هذا العنوان لكتابك؟ انطلقت فكرة العنوان من قولة لرولون بارت (عالم لسانيات فرنسي) مفادها “انه ليس مهزوما ولا منتصرا فهو كائن تراجيدي” ومن هذا المنطلق لاحظت خلال دراستي لمعتقل قوانتانامو أن القانون الدولي الإنساني والقانون الداخلي الأمريكي يبدوان منتصرين في هذا المعتقل. فالإدارة الأمريكية تقدم بعض التنازلات أحيانا رضوخا للضغوط الدولية وهذا ما يوحي بان القانون الدولي يمكنه أن ينتصر في معتقل قوانتانامو. وأحيانا أخرى يبدو ذات القانون مهزوما، وهذا ما يحدث في اغلب الأوقات، نظرا لما تسعى إدارة بوش إلى تكريسه من انتهاكات لحقوق المعتقلين. فالقانون ليس مهزوما ولا منتصرا لذلك يبدو كأنه قانون تراجيدي قدره أن يبقى في منزلة بين المنزلتين.
ما هي أطرف المواقف أو الأقوال أو غيرها التي اعترضتك خلال بحثك؟ قولة لكوفر بلاك رئيس مركز مقاومة الإرهاب في المخابرات الأمريكية CIA أمام الكونغرس الأمريكي، وهي من المضحكات المبكيات، قال فيها “لقد عشنا مرحلة ما قبل 11 سبتمبر واليوم نعيش مرحلة ما بعد 11 سبتمبر وفي هذه المرحلة الجديدة قررنا أن نتوقف عن وضع القفازات”. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
ســواك حـار (14)
*الآن يبدو ان الوقت قد حان لكشف حساب واقعة الاشتباك مع المجموعة المسلحة تقديرا وتفهما لكل الذين طالبوا بحقهم في معرفة ما حصل على ارض بلدهم من وقائع طارئة لم يعتدْها الوطن الآمن المستقر. (البعد الآخر) المعلومات “الأمنية” خزانة مفتاحها برهان!! وإن ضاع المفتاح أو تكسر… لا بد من خلع الخزانة!!
* كيف وصل السلاح بهذه الكميات المخيفة الى يد هذه الحفنة من الشباب المغامرين؟! (البعد الآخر) على أيدي المتنفذين الذين صنعوا “مفتاح” خزانة المعلومات “الأمنية”!!
* ما الذي يدفع شبابا في مقتبل العمر وبمستويات تعليم جامعية الى الانتهاء الى مثل مصير مغامرة السلاح العدمي؟! (البعد الآخر) دفعهم لسان برهان العلني وعصاه الخفية! وحساباته الإنتهازية! *في الأيام الماضية جرت انتخابات في تركيا لاختيار المدير العام الجديد للمنظمة الدولية للإتصالات ….تقدم للمنصب ستة مرشحين من ألمانيا ومالي والبرازيل والأردن وسويسرا وتونس لكن أعضاء المؤتمر العام اختاروا المرشح المالي محمدو توري الذي فاز ب 95 صوتا بينما حصل المرشح التونسي (وزير تكنولوجيات الإتصال الحالي) على 9 أصوات فقط. (رشيد خشانة) لعل عملية التصويت تمت عبر الأنترنت لذلك لم يفز مرشحنا!! وعلى نفسها جنت براقش!! ومن حفر جبا لأخيه يحتمل أن يقع فيه!! * نحن أميل إلى اعتبار هؤلاء (المهمشين) شريحة اجتماعية، لأن الوضع الاجتماعي، مع تجلّياته النفسية، يزداد حدة في الحالة الراهنة مؤديا إلى الإكثار من حجم هذه الشريحة التي ننعتها بالبروليتاريا، و ليست البروليتاريا بالمعنى الاقتصادي فحسب إنما هي أيضا بروليتاريا نفسية عاطفية و لكنها غير متجانسة. (مهدي مبروك) السيد مهدي مبروك يحاول أن يكون “قرامشي” تونس!! لكنها محاولة متأخرة جاءت بعد فوات إمكانية الإسعاف! (أنطونيو قرامشى، مفكر إيطالي يعتبر مجددا في الفكر الماركسي، مات شابا في العشرينات من عمره) *تلقى الرئيس زين العابدين بن علي من اعضاء المكتب التنفيذى الجديد للاتحاد العام التونسي للشغل برقية شكر ضمنوها اصدق معاني العرفان لما ابداه رئيس الدولة من مشاعر نبيلة تجاه المنظمة الشغيلة ومن تقدير لدورها في دفع مسيرة التنمية الشاملة وتعزيز مسار الحوار الاجتماعي بالبلاد.(أخبار تونس) “العشاء الطايب يعرضك افّاحو”!! و ” من المرسى بدينا نجدفو”!! * تلقى الرئيس زين العابدين بن علي برقية من أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى ومن الأساتذة والشيوخ المشاركين في الجلسة العلمية التي انتظمت حول مفهوم الزكاة والحكمة من تشريعها وإمكانيات توظيفها لفائدة التنمية الشاملة… (أخبار تونس) يبدو أن موارد النهب بدأت تشح!! … الزكاة بديل و 26/26 من مصارفه *وأشادوا بالرؤية الاجتهادية التنويرية لسيادة الرئيس التي تقوم على الجمع بين التأصيل ومرتكزاته والتحديث ومقتضياته. (أخبار تونس) بما أن “السيد” الرئيس قد أصبح مجتهدا ومؤصلا فإنني أدعوه أن يضع شيوخ الآثار في المتحف ويتولى بنفسه رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى وعضويته! ومن يدري قد ينتج عن ذلك تفسيرا “أمنيا” للقرآن الكريم!! *وعبر المشاركون في هذه الندوة في ختام البرقية عن مناشدتهم سيادة الرئيس الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 لمواصلة قيادة المسيرة الموفقة لتونس وتعزيز مكاسبها ودعم إشعاعها وضمان المستقبل الواعد لأجيالها. (أخبار تونس) المناشدة لا تكفي “سادتي العلماء”!… يجب أن تصدروا فتوى تلزم “السيد” الرئيس مواصلة المسيرة وتحرم عليه الإنسحاب! وتحذره من أليم عقاب الله إن “تولى”! وترك شعبه كالأيتام! وستجدونه في هذه وقافا عند حدود الله ومطيعا لألي “الأمر” من “العلماء”! ـــــــــــــــــ النصوص منقولة عن تونس نيوز ســواك: صــابر التونسي
في تعميق التطرف الديني عبر اشاعة التطرف السياسي والثقافي والاعلامي
مرسل الكسيبي (*)
سبق وأن أدنت في بيان سابق بصفتي مسؤولا مباشرا عن منبر اعلامي تونسي يحظى بمتابعة الالاف من المثقفين التونسيين والعرب جملة الأحداث الأليمة التي شهدتها تونس مابين أيام 23 ديسمبر 2006 و3 جانفي 2007 ,ولعل الفرصة تتيح لنا من جديد بعد أن هدأت الخواطر بعض الشيء مع عودة الهدوء في تدرج الى ساحات تونس ومدنها وقراها ,تتيح لنا مجددا التعليق على الحدث من زوايا أكثر تجردا وموضوعية .
أذكر بداية فيما يشكل تناسقا فكريا ومبدئيا مع مواقفنا السابقة بأننا نرفض مطلقا وبشكل جذري اعتماد أسلوب العمل المسلح في مناوءة مصالح الدولة وهياكلها القائمة سواء تعلق ذلك بالقطر التونسي أو غيره من الأقطار العربية أو الاسلامية أو غيرها من الأقطار,حيث أن استعمال هذا الأسلوب تترتب عنه مفاسد لاتقدر بقدر وهو مايمكن تلخيصه بالنظر الى ماصارت اليه الأمور في القطر الجزائري من ضياع للأرواح والأنفس والثمرات والجهود والأوقات والممتلكات التي لايمكن تعويضها مهما ترسخ مسار السلم والمصالحة والوئام والعفو في بلد قدم من أجل استقلاله وعزة شعبه مايربو عن المليون ونصف شهيد.
وليس بعيدا عن كل مسلم ناصح لله ولرسوله وللمؤمنين أن قتل النفس بغير حق أو فسادا في الأرض تترتب عنه في الاسلام عقوبات جزرية صارمة تصل الى حد تطبيق تشريعات على غاية من الحزم والصرامة قصد ردع من تخول له نفسه ازهاق أرواح الناس أو اتلاف ممتلكاتهم.
اننا نعتبر ماوقع ناقوس خطر وقع دقه بجلجلة في ربوع مجتمع امن ,وهو مايدعو في الحاح الجميع سلطة ومعارضة الى التداعي من أجل معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت بشرائح شبابية لم تتجاوز منتصف العقد الثالث الى رفع السلاح ضد من يفترض فيه حماية أمن الوطن والمواطن.
بلا شك أن طرحنا للموضوع لن يكون من باب الشماتة أو الاستعراض الذي يعتمده البعض عند تطرقه لما حدث بناء على استرجاع الذاكرة السياسية الى مراحل مر عليها تونسيا مايناهز العقد ونصف,حيث أن الكل يدرك فيما عدى الجاهل بأن أغلب الجماعات السلفية التي تعتمد النهج المسلح جماعات خطيرة لاتتوانى في تكفير السلط الحاكمة أو وصفها بالطاغوت الذي يجب الخروج عنه لمجرد أحلام تراودها باقامة حكم “فاضل” رأينا تحقيقاته العملية المتخلفة في الواقع الأفغاني والصومالي والجزائري وهي تمعن في عسكرة الجماعات والمجتمعات وتحويلها الى ميليشيات مسلحة تنقلب شيئا فشيئا وبشكل دموي على مكاسب المدنية الحديثة حرقا وتدميرا وتخريبا بدعوة منافاتها لشرائع وأحكام الاسلام ,حيث يتحول الفن والعمران البشري والعلم والمكتسبات المدنية وأحيانا العلمية والتقنية الى أهداف سهلة يتفنن شباب حرم من استعمال الة العقل الاسلامية في تخريبها واتلافها والتلذذ بحرقها وتدميرها-فلنتأمل في مصائر الفنون والاثار وقاعات السينما ودور التعليم النسائي والثروات المكتبية والمعرفية في ظل النموذج الطالباني=حرق واتلاف وحظر ونظام عقوبات صارم ضد رواد هذا المؤسسات ومتعاطي هذه الفنون ورواد هذه المعارف أو العلوم…!!!
يتوجب على كل صادق مع نفسه وغيور على اسلامه ووطنه أن يدرك أن هذا النموذج الذي يبدأ برفع السلاح ضد سلطات بلده ينتقل في مرحلة الفشل أو النجاح الى استعمال نفس هذا السلاح ضد المجتمع وقواه الحية من أجل تركيع المخالفين في الرأي والتنكيل بهم بدعوى القضاء على الفاسقين والفجار والمشركين والمرتدين وماالى ذلك من ألفاظ تستعمل في سياق غير سليم جاء في ظرف تاريخي وديني معين.
غير أننا وبالقدر الذي نحذر فيه الجميع في منطقتنا العربية والاسلامية من سواد هذا النموذج الارتدادي الذي يركب موجة الصحوة الاسلامية المعاصرة من أجل اختطافها وتحويل وجهتها باستعمال السلاح في غير مواطنه التي أجمع عليها علماء الاسلام ونقصد بذلك الاحتلال المباشر ورد عدوان الدول الأخرى وسد الثغور وحماية حدود الأوطان ,فاننا لابد أن نوجه رسائل صادقة الى أنظمتنا العربية من أجل مراجعة جملة من السياسات التي ساهمت في تعميق وتغذية التطرف الديني ,وهو ماسنجمله في جملة من النقاط الهامة :
1- ان الرصيد الحقوقي والسياسي لمعظم الأنظمة العربية رصيد لايخلو من كبير الاخلالات والثغرات,حيث أن ملف التعذيب والاعتقال السياسي وسياسات الاستئصال الجماعي عبر مصادرة مطلقة للحريات ,كل ذلك من شأنه أن يشكل صناعة متقدمة لليأس والاحباط والاكتئاب ومن ثمة أرضية مناسبة لجماعات صناعة الموت بدل الحياة .
2- ان المبالغة في التحوط من كل ماهو ديني والخلط بين الاعتدال وقوى التطرف عبر ممارسة سياسة الاستئصال الجماعي من شأنه أن يعزز من حجج الراديكاليين ويضعف عناصر التوسط والاعتدال في المنطقة العربية والاسلامية ,اذ أن انفتاح الدولة وهياكلها على العناصر اللادينية المتطرفة في مقابل ايصاد ابوابها أمام دعاة الكلمة الطيبة والدفع بالتي هي أحسن سوف لن يعزز في نهاية المطاف الا من مواقع اليائسين والمحبطين وقوى الموت في مواجهة التيارات الاسلامية الحداثية التي تؤمن بالمشاركة السياسية والتداول السلمي على السلطة.
3- ان سياسة الهروب الى الأمام التي تعتمد لدى بعض البلاد العربية والاسلامية عبر انكارها لوجود مأزق سياسي تمر به الدولة نتيجة غياب التعددية الحقيقية ومناخات التعبير الحر والاعلام الشفاف والنزيه , لن يساهم اطلاقا في معالجة جذور الأزمة السياسية التي تمر بها هذه البلاد , بل من شأنه أن يعرض أمن مجتمعاتنا الى التعفن والاهتزاز في ظل غياب مسارب التفريج عن الطموح الفكري والسياسي الطبيعي لدى الشرائح الشبابية.
4-ان مناهج التطرف الثقافي والاعلامي المعتمدة لدى معظم البلاد العربية عبر الاتجار الرخيص بجسد المرأة والهاب غرائز الشباب عبر تعريض كيانها البشري المقدس الى البيع في عمليات اشهارية تافهة وساقطة وأفلام استعراضية رخيصة وماجنة وأغاني فيديو كليب تصل الى حد الدعوة المباشرة الى ممارسة الفاحشة ….الى غير ذلك من مظاهر فرض للمجون تحت غطاء الحداثة ودون مراعاة خصوصية مجتمعاتنا العربية والاسلامية ,ان هذه المناهج من شأنها أن تدعم حجج التكفيريين وخوارج العصر من حملة السلاح من أجل ضرب عرى الأمن والطمأنينة في مجتمعات تعتبر نفسها مستأمنة حضاريا وتاريخيا على رسالة سماوية جعلها الله رقيا في الأخلاق والصفات ومحضنا للطهارة والعفة وليس سوقا لكل ماجن وعاهر لايرقب في ثوابتنا الا ولاذمة.
5- اذا كان البعض يرى في الليبرالية الغربية جسرا يركبه من أجل تمرير هذه الانحرافات الأخلاقية على مجتمعاتنا العربية المسلمة ,فانه أحرى بالليبراليين العرب والمسلمين ممارسة معايير أخلاقية في استيراد البضائع الفلسفية والفكرية والسياسية التي ليس لدينا عقدة في استيرادها مااحترمت ثوابت الأمة وخصوصياتها العقدية والدينية ,ولعله من الأحرى بالقوى الليبرالية التي لم تأخذ من الليبرالية الا قشورها استيراد نماذج التحديث السياسي والاداري والاعلامي والحقوقي وتوطينها في مجتمعاتنا من أجل تخليصها من قيود التسلط والاستبداد والقهر الاجتماعي والجماعاتي الذي طالما عانت مجتمعاتنا منه دون أن تعرف طريقها الى الخلاص من واقعه المفروض علينا منذ عدة قرون.
6- أخيرا لابد من الاعتقاد الجازم في قيم الحرية والتحرر والتنظم والمأسسة وبسط الحريات واعادة الحقوق الى أصحابها واحترام القانون من قبل الجميع والتوزيع العادل للثروات واشاعة التعليم والتمدرس والرقي بمستوى معاهدنا وجامعاتنا ووسائل اعلامنا كسبيل وحيد من أجل تأمين مصير أفضل لمجتمعاتنا بعيدا عن تجارب الغلو العلماني أو التطرف الديني التي لم تورث بلادنا الا مزيدا من القهر والضياع والتخلف.
(*) رئيس تحرير الوسط التونسية
(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” الالكترونية بتاريخ 22 جانفي 2007)
اليوم الثالث من الإضراب
حسين المحمدي تونس
.نقدم لهذا اليوم بما بدا يتقاطر على جنابي من دعوات أمنية فجة.بعد أن احكم منع العمل والتحرك والتنقل.وبعد أن وصلت يدالترهيب وعقليةالإرهاب الى كل من عرفت.كان هذا بتاريخ9سبتمبر2005.والدعوةوردت في30اوت 2005.
السيد وزيرالداخليةوالتنميةالمحلّية
الموضوع..حول إستدعائي من قبل مصالح أمن الدولة ومطالبتي بحقوق دستورية
وبعد
لقدوجّهت إليكم بياناضمّنته رؤيتي لتونس الجديدةومااطمح إليه.إلى جانب طلب شهادات دوليةحول صناعات الإرهاب .وكان جوابكم على ذلك إستدعائي من قبل مصالح أمن الدولةبتاريخ 30أوت2005؟استجبت وتوجهت الى حيث يجب.
وكانت النتيجةمطالبتي بالإمضاءعلى التزام يرمي الى تطبيق منطوق الفصل61 من المجلّةالجنائية؟(يوم 23/12 2006 رأيناماجرى وكيف تحوّل رجال الإرهاب الى محاربين للإرهاب.وكماسنرى لاحقاالعمليةثأريةوانقلابيةلا غير)
ورغم يقيني أنّ منطوق هذاالفصل وشروطه وفقراته لاتنطبق على وضعيتي وأنشطتي وإتّصالاتي فقد تولّيت الإمضاء عليه ودون تردّدلإيماني الكبيربأنّ الصّورةالدّبلوماسيةأوغيرهالأيّ بلدتصنعهاالحرّية والديمقراطيةوشفافيةالعمليات الانتخابيةونزاهتهاوجدّيتهاوالتداول على الحكم والمحاسبةمن الجميع وللجميع إلى جانب حسن إستخراج وتوظيف إمكانات الدولةوالأفرادفي كلّ مجال ومكان من جهة.كما أنّ همومي إنصبّت على رسم هذه الصّورةوتوجّهت إلى كبارمن رجال العالم على قدرعال من المهنية والصّنعةوالأخلاق يكمنكم الرّجوع إليهم ويلزمني ذلك من جهةأخرى وبالتوازي مع هذافانّي أجدّد طلبي الرّامي إلى تمكيني..
أوّلا من حرّيةالمراسلةتطبيقالمنطوق الفصل التاسع من الدّستوربعدأن تولّت مصالحكم التركيزعلى شلّ مراسلاتي الداخليةوالخارجيةعبرجميع وسائل الاتّصال؟إلى جانب يقيني من إاستماعهاإلى مكالماتي الهاتفيةوان كانت غير سرّيةمثلماهوحال المراسلات والاتّصالات.
ثانيا من بطاقة تعريف وطنية ثمّ من جوازسفر يتضمّنان وضعيتي الجديدة وهي أنّه لاعمل لي؟تفاديا منّي في الحصول على وثيقة رسمية مزوّرة ذلك أنّه وقع إعلامي أنّه لا يمكن حصولي إلاّ على بطاقة تعريف تتضمّن أنّني أعمل؟بدعوى وجود منشوراداخليافي الغرض؟يمنع وضع(لا شيئا) في خانةالمهنة بالنّسبةللرّجل؟وهومايدعوللاستغراب لمافي ذلك من مخالفةلأحكام المجلّةالجنائية.كلّ هذاأعاقني السّفرخارج البلادالتونسيةمع مافي ذلك من خرق لأحكام الفصل العاشر من الدستور.
ثالثا أذكّركم بمنطوق الفصل40من الدّستورالمتضمّن أحقّيةترشّحي لمنصب رئيس الجمهوريةوهوالفعل الذي اعتبره
جناب وزيرالدّاخليةويعتبره إجرامياإلى درجةاتخاذنحو شخصي كلّ الوسائل الممكنة لمحاصرتي مادّيا ومعنويا وعملا وتنقّلات وعلاقات..إلى حدّ الآن.
وبناء عليه فانّي أطلب منكم الإذن لأعوانكم بمراجعةهذه الفصول الدستوريةوحسن تطبيقها معي. والسلام
نسخاالى..وزيرالخارجيةووزيرالعدل و….نسخاالى السّفارات التي اتّصلت بها لما قد تكون الحاجة الى شهادتها من جهة وما يمكن أن يكون وجّه إليها من جهة أخرى.
.الى غايةالتاريخ دون بطاقة تعريف وطنية.بل منذ يوم 11جانفي2007 تم السطو على كل وثائقي الخاصة.ربما كان
من يبحث عن شيء ما.
.تذكيراوبغيره من الحقوق الأساسيةلأي فرد أعلن الإضراب عن الطعام.واضعاهذه الأفعال الشنيعةوالبائسةأمام العالم.
وهذا يقول جهرا من مر ويمر الإجرام.أصحاب هذه الأفعال هم المجرمون الحقيقيون.
حسين المحمدي تونس.
22جانفي2007.
تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين المواقف والغايات والأهداف
بقلم: علي شرطاني – قفصة – تونس ـ من هو صدام حسين؟: ليس الغرض من طرح السؤال لوضع ترجمة لحياة صدام حسين المجيد التكريتي، ولكن للقول بأنه كان من الدكتاتوريين الكثيرين على رأس النظام السياسي في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين. وأنه كان من حب الذات بما يجعله لا يرى إلا نفسه، ولا يريد للكل أن لا يرى سواه. وأنه كان كغيره من الإستبداديين الذين لا يملكون قيمة لأنفسهم في ذاتها، ولكنهم حريصون على البحث عن تلك القيمة في إلغاء كل من سواهم، سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوه، وسواء قاموا بذلك أو لم يقوموا به، وسواء علموا ذلك أو لم يعلموه، وسواء أرادوا ذلك أو لم يريدوه. وهو كغيره من الزعماء العرب والحكام وفي باقي الأنظمة في أوطان شعوب الأمة الإسلامية وعالم المستضعفين عموما الذين يختزلون النظام السياسي والشعب والوطن والدولة في ذواتهم، حتى لا يرى غيرهم، وحتى لا يكاد أحد يرى وطنا ولا شعبا ولا دولة ولا نظاما سياسيا. وهو كغيره من مكونات الحركة العلمانية اللائكية ذات الأصول العربية الإسلامية الهجينة العبثية الفاسدة في الجانب الكثير منها باعتبار كل ذلك، والمستعلية على شعوب الأمة، والمؤمنة بالهدم، والعاجزة عن البناء، والتي لا إيمان لعناصرها إلا بأنفسهم وبذواتهم وبالأجنبي الذي تستمد منه قيمتها ووجودها وقوتها واستمرارها في الوجود بالقدر الذي يخدمه ويخدمها، ولا يخدم شعوبها وأوطانها. وهي المؤمنة بالإلحاق الحضاري وبالتبعية للغرب الصليبي. والمولعة بخطب ود اليهود الصهاينة مهما ادعت عناصرها ومهما أظهرت لهم من عداء ومن مناهضة، ومهما زعمت من تهديد لهم باعتبارهم قوة احتلال وحركة تهديد مباشر وحقيقي وموضوعي لأمة العرب والمسلمين وللإنسان عموما، بالنسبة لمن له إيمان بهذه الأمة وبالإنسان، وكان ذلك من المسائل الخلافية في هذه الطائفة. فقد كان الرفيق صدام حسين عاليا من المسرفين. وقد كان استبداديا دمويا موغلا في القتل والإبادة. وكان لا يكتفي في ذلك بما أعد لذلك من أجهزة مختصة ومن تجهيزات وأماكن كافية، وبما رصد لذلك من إمكانيات ونفقات ليقوم بذلك بنفسه أحيانا، بحثا للمتعة وإشباعا للرغبة وإظهارا للقسوة، على رأس نظام علماني معاد للهوية العربية الإسلامية الأصيلة لأمة العرب والمسلمين، مهما كان مدعيا ومظهرا خلاف ذلك، وإن كان يزعم على الدوام أنه العربي المسلم المنافح عن الشرف العربي والمدافع عن الأمة العربية، وإن كان يفعل ذلك بقناعته وبطريقته. وهو الذي كان قائدا كذالك لحزب البعث العربي الإشتراكي القومي النزعة والماركسي المرجعية والقيم والمبادئ، لكنها الماركسية المزيفة في إطار قومي عربي مزيف، بعيدا عن القومية العربية الإسلامية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، وذات العلاقة المباشرة بالمعسكر الإشتراكي الشرقي، حيث كان زمرة من الحكام العرب ومن يدور في فلكهم وسدنة حكمهم من عناصر الطائفة اللائكية وحتى من المستقلين عنهم والمعارضين لهم يولون وجوههم الإتحاد السوفياتي سابقا، والذين أصبحوا يعيشون بعد سقوطه حالة من اليتم أصبحوا بها بين قتيل وشريد وذليل. أحسب أنه لا يختلف إثنان من العقلاء والعدول وأولي الألباب في أن صدام حسين كان موغلا في الدموية والإرهاب من أجل المحافظة على الملك والنفوذ والتفرد بالرأي، وفرض برنامجه ورؤيته لحكم العراق من خلال حزب البعث، كما يرى ذلك ويريده، ووفق ما يتحقق له من مصالح، وما يعتقد أن يتحقق به من مصالح الشعب العراقي، وإقصاء وتهميش واستئصال كل من يخالفه الرأي من أهل الإختصاص وغيرهم، وكل من يطالب بحقه في المشاركة السياسية، ومن يريد أن يكون له رأي ودور في إدارة الشأن العام بالبلاد، وكل من له موقف من سياسته وبرامجه وخياراته الفكرية والثقافية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والعسكرية وغيرها. هذه هي صورة صدام حسين التي يعرفها الجميع. والتي قدم عليها نفسه للجميع. دون أن يعني ذلك أنه ليس للرجل إيجابياته وإنجازاته التي أخفتها على قدر شأنها وعميم نفعها بشاعة جرائمه وطبيعته الدموية في غير حاجة ولغير ضرورة ملحة أحيانا. هذا هو صدام حسين من منطلق ذاتي كما نراه، ومن منطلق مبدئي ثقافي، ومن منطلق سياسي في إطار الطبيعة الإستبدادية للأنظمة السياسية العلمانية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، وفي إطار النظام العالمي الإستعماري الإمبريالي، الغربي الصليبي والصهيوني المادي النفعي. ـ إيقافه ومحاكمته وإصدار حكم الإعدام فيه: فبالرغم من أن صدام حسين قد بدل خطابه للشعب العراقي وللرأي العام العربي والإسلامي منذ حرب الخليج الأولى التي كانت رحاها قد دارت بين نظام البعث العربي الإشتراكي بالعراق بقيادة صدام حسين، وبين ما كان يعتقد، أو ما كان ينبغي أن تكون ثورة إسلامية في إيران، قبل أن تظهر نزعتها الطائفية والصفوية. وقد ازداد هذا الخطاب وضوحا بعد إخراج قواته العسكرية من الكويت. وأثناء الحصار الأمريكي لنظامه وللشعب العراقي، بسبب حماقاته وغبائه السياسي، وفساد رؤيته في إدارة المعركة، وخطإ حساباته في تحديد طبيعة المعركة، وفي عقد التحالفات، وفي عدم تقديره لقدراته ولقدرات خصومه وأعدائه، بإضفاء صبغة إسلامية خالصة عليه لم يعهدها من قبل، وما كان الشعب العراقي ولا الرأي العام العربي الإسلامي يعلمها عنه. فلم يكن هذا الخطاب إلا من مقتضيات المرحلة، في المواجهة التي أصبحت مفتوحة ومفروضة عليه مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا التين كثيرا ما تغاضيتا وغيرهما من القوى الدولية الغربية، والتي كانت داعمة له في حربه التي كانت حربا بالوكالة ضد إيران التي كان يعتقد وكنا نعتقد في البداية وقبل وضوح الصورة بعد ذلك أنها ثورة إسلامية، على الجرائم التي كان يقترفها في حق الشعب العراقي، وعلى الإنتهاكات التي كان يرتكبها في حق مبادئ حقوق الإنسان، التي كان بحكم ثقافته الشرقية في المعسكر الإشتراكي لا يعترف بها. وقد استمر على ذلك حتى بعد انهياره. والذي كان يجد له أصداء أوسع وأكبر في الشارع العربي الإسلامي المناهض للغرب عموما ولأمريكا وبريطانيا خصوصا. والذي كان يلتقي في مناصرته للشعب العراقي وفي دعمه له في الحصار المضروب عليه، وفي التهديد الأمريكي البريطاني له وإعلان الحرب عليه، مع القوى المناهضة للحرب وللعولمة وللهيمنة الأمريكية الإمبريالية على العالم، ومنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية خاصة، والكثير من أحرار العالم، بعد حماقات حزب البعث القومي العربي في العراق بقيادة صدام حسين نفسه في إشعال الحرب مع إيران بإيعاز واضح ومعلوم من الغرب، وبمباركة ومساندة ودعم من النظام العربي الفاسد. وفي غزوه للكويت، بعد أن بلغ به غباؤه السياسي، وحساباته الضيقة، وضيق الأفق الإستراتيجي عنده، وجهله بطبيعة العلاقة مع الغرب الصليبي الإستعماري الإمبريالي، الديمقراطي في أوطانه ولدى شعوبه، والمعادي للديمقراطية في أوطان شعوب كل المستضعفين في العالم وخاصة في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، والإرهابي الراعي والداعم لإرهاب “دولة العدو الصهيوني” في فلسطين المحتلة، ولإرهاب النظام التقليدي والعلماني اللائكي الهجين في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين. وقد ساد عنده الإعتقاد أن الغرب الذي دعمه بدون قيد ولا شرط في حربه مع إيران في ذلك الوقت قد أصبح صديقا. وهو الذي استطاع أن يشن الحرب عليها بالوكالة عبر نظام البعث في العراق. وكما استجاب صدام حسين لدعوة الغرب للتصدي “للثورة الإسلامية” في إيران، فإنه لم يتقدم لغزو الكويت إلا بعد أن استشار الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك، وأعطته الضوء الأخضر لإلحاق الكويت بالعراق. وكانت الفرصة المناسبة التي أعطاها للغرب بقيادة أمريكا لينتزع منه ما كان مكنه منه من نظم ومعلومات وتقنيات كان تصديرها ممنوعا دوليا أي غربيا لغير من لا يريد الغرب أن يصدرها له ذلك، ولمن يتحقق له بذلك معه من مصالح ، وما لا يتشكل عليه به من مخاطر، وهي من التقنيات والمعلومات والنظم والمواد التي لم يمكنه منها حتى أولى أصدقائه في المعسكر الشرقي الذي يدور النظام العراقي في فلكه منذ عقود من الزمن. هذا الخطاب الذي كان معاد له، والذي كان ينزل أشد العقوبات بمن يؤمن به وبمن يتوجه به للشعب العراقي، ويعتبره خطابا رجعيا معاد للنظام وللثقافة التقدمية لحزب البعث القومي العربي، هو الخطاب الذي أصبح الوقت مناسبا ليكون خطاب صدام حسين. وهو الخطاب الذي لم يعد مناسبا ومقبولا إلا عندما يرى القائد أنه أصبح الخطاب المناسب ويمكن أن يكون مقبولا، وإنه لا يحل إلا له عندما يريد أن يستحله. وهو المحرم عندما كان هو يحرمه. وهو خطاب تقدمي عندما يصبح خطابه. وهو رجعي عندما كان ويكون خطاب آخرين من أبناء الشعب أو غيرهم، خاصة عندما يكون صادرا ممن يختلف معه في الرأي. مثلما أصبح الخطاب الذي كان يقول به المعارضون للنظام القبلي في ليبيا، والذي كانوا يحاكمون عليه بمدد طويلة في السجون، وتصدر عليهم من أجله أحكاما بالإعدام، لا حرج منه ولا ضير فيه عندما أصبح العالم يستمع لسيف الإسلام القذافي وهو يتوجه به لليبيين وللعالم ولا أحد يمنعه من ذلك ولا يترتب له عليه فيه شيء. والمواقف من سياسات القذافي الفاسدة التي أصبحت مواقف نفس الشخص ليكون مقبولا لدى الغرب في إطار ظاهرة توريث الحكام العرب في عهد الديمقراطيات الملكية والجمهورية أبناءهم. ولم يكن صدام نفسه خارج هذا الإطار. وهم من يكونوا بذلك قد أضافوا بعد توريث الرفيق حافظ الأسد ابنه بشار في جمهورية سوريا العربية مصطلحا جديدا في فلسفة العلوم السياسية وهو مصطلح ” الجملكيات العربية”. فهذا الخطاب الذي أصبح يتوجه به الرفيق صدام حسين للشعب العراقي ولجماهير أمة العرب والمسلمين، هو خطاب الثقافة العربية الإسلامية الذي كان يلتجئ إليه الزعماء والقيادات في المنطقة العربية خاصة في الملمات وفي الظروف الصعبة وعند النوائب في الداخل، خاصة في مواجهة الحركة الإسلامية، وغالبا ما يشفعونه بزيارة البقاع المقدسة حجا أو عمرة زيادة في التظليل، وفي حروب التحرير في مواجهة الأعداء والغزاة. وهو الخطاب الذي التجأ إليه الرفيق صدام حسين، بدءا بحرب الخليج الأولى، ومرورا بالحصار والغزو الأمريكي البريطاني الغربي للعراق وإسقاط نظامه، وانتهاء بفراره حتى إلقاء القبض عليه وإخضاعه للمحاكمة في محكمة جائرة ظالمة تحت حراب الإحتلال. وقد ألزم نفسه مصاحبة كتاب الله حتى تنفيذ حكم الإعدام فيه يوم عيد الإضحى للسنة السابعة والعشرين وأربعمائة بعد الألف للهجرة. وهل يكون الله قد تقبل منه؟. فهو الخطاب الذي ألقى بصدام حسين في آخر أيام حياته، وبعد سقوط عرشه في بغداد، وبعد مغادرة قصوره الكثيرة إلى المساجد التي أصبح يلتقي روادها ويحرضهم على الجهاد في سبيل الله، ويستنفر من خلالها من كان يلاقيهم من أبناء الشعب العراقي للمقاومة والفداء ومواجهة الغزاة الأمريكيين والبريطانيين، وهو هائم على وجهه لا يلو على طائل، وقوات الإحتلال الأمريكي الصليبي وميليشيات الخونة والعملاء العرقيين والطائفيين تتعقبه. وهي نفس المساجد التي كان يضيق على مرتاديها وعلى خطابها وعلى خطبائها وعلى علمائها ومفكريها، ويخضعهم للمراقبة المشددة، والمتابعة والمطاردة، ويخضعهم للمحاكمات الجائرة من أجل ذلك والحبس والنفي والقتل كغيره من الزعماء والحكام العرب. وهي نفس الأماكن التي كان يحرم على الآخرين التوجه من خلالها للناس بمثل ما أصبح يتوجه به إليهم من خلالها، ويحثهم على التوجه به لجماهير الشعب العراقي التي كانت ممنوعة من الإستماع إليه وبمعاقبتها عليه إذا كان فيه ما لا يروق له وما لا يرضيه به أصحابه وما لا يرضى به عنهم. ورغم ذلك لم يستطع القائد الرفيق صدام حسين أن يجد لنفسه في طول العراق وعرضها ملجأ يلجأ إليه، مثلما ظل المجاهد الملا عمر والشيخ المجاهد أسامة بن لادن والدكتور أيمن الظواهري وغيرهم من المطلوبين دوليا كالحيتان في ماء بحر الشعب الأفغاني والباكستاني المسلم وقبائل وزيرستان المسلمة، ومئات الآلاف من جنود الأعداء الغربيين الصليبيين والعملاء والخونة مزودين بأحدث الأسلحة والأكثرها فتكا، والمعدات الأكثر دقة، وفي انتشار واسع لعشرات الآلاف من العناصر الإستخباراتية المختلفة الإختصاص مجهزين بأحدث الوسائل والأجهزة والمعدات والنظم الإستخباراتية، جادة في البحث عنهم وتعقبهم وترصدهم وتتهددهم بالقتل، سوى جحر أو قبو تم إعداده له تحت الأرض حتى ألقى الجيش الأمريكي القبض عليه فيه. ـ إلقاء القبض على الرفيق صدام حسين: كان إلقاء القبض على الرفيق القائد صدام حسين، الذي عوض أن يبقى مع شعبه على وجه الأرض في مواجهة الغزاة، قد وجد أنه لا ملجأ له إلا تحتها، ولألا تكون له بذلك علاقة بالمقاومة والمواجهة من حيث لا يريد ولا يقصد. وكيف يكون له ذلك وهو مدفون في الأرض ولا علاقة له بالعالم الخارجي معزولا، وهو الذي كان يعلم أنه قد لا يجد مكانا لنفسه فوق الأرض في أي بيت من بيوت العراقيين التي لم تسلم من بطشه وأذاه. ولو وجد ذلك ما كان ليكون ملجأه إلى ذلك القبر الذي لا يستطيع من خلاله أن يعلم ما الذي يدور من حوله، ولا هو يستطيع أن يدافع فيه عن نفسه، ولا هو مستطيع ولا قادر فيه حتى على الإفلات من العدو، قد اعتبرته قيادة البيت الأبيض إنجازا مهما. واطمأن العراقيون الخائفون من عودته حتى وهم يعلمون أن عودته لقيادة العراق قد أصبحت مستحيلة. وأصبحوا يبحثون لأنفسهم عن وضع أفضل أصبح في ظل الإحتلال والصراع والتطاحن الطائفي والعرقي مستحيلا. ـ المحــــاكمة: لقد جعلت قوات الإحتلال، والعملاء والخونة الذين جاؤوا معها على الدبابات البريطانية والأمريكية الغازية من إيران ومن المنافي، والذين انضموا إليها من الداخل واحتضنوها وقدموا لها الدعم والتأييد ومنحوها المساندة، من إلقاء القبض على صدام حسين سريعا ومحاكمته مشروعا مهما تم التركيز عليه، خاصة عندما أضافت إليه قضية الإرهاب وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، والذي سرعان ما تشكل كقوة من قوى المقاومة في حركة تحرير العراق. لقد كان تعويل الغزاة والخونة والعملاء على إلقاء القبض على صدام حسين وعصابته في الحكم سابقا وإخضاعهم للمحاكمة كبيرا، إلى حد الإستخفاف بالرأي العام العراقي والقومي العربي والإسلامي، في محاولة لتقديم أنفسهم على أنهم المنقذون والمحررون للشعب العراقي من الإستبداد والدكتاتورية، وأنهم إنما جاءوا لإحلال عهد جديد في العراق قوامه الديمقراطية والأمن والإستقرار والحرية والسلم الإجتماعي والعدالة والسلام. لقد كان هذا الوهم من قناعات أربع جهات أساسية لها مصلحة في هدم العراق وإنهاء صفة العروبة والإسلام له، والقضاء على الهوية العربية الإسلامية لشعبه الذي وإن كان متعدد الأعراق والأثنيات والطوائف والمذاهب، إلا أن الجامع الذين كان لا خلاف فيه بين كل هذه المكونات هو اللسان العربي على الأقل، وذلك ما نعنيه بعروبة العراق، وهي: 1- الغرب وعلى رأسه الإمبراطورية الأمريكية. 2- إيران التي تبين أن لها أطماعا حقيقية وجدية في العراق بالتنسيق مع عملائها وامتداداتها الفارسية والطائفية والمذهبية فيه وخاصة في الجنوب منه. 3- العملاء والخونة من العرقية العلمانية اللائكية الكردية بقيادة جلال الطلباني ومسعود البرزاني، والطائفة الشيعية بقيادة مومياء النجف السوداء، الصفوي الفارسي الأصل المدعو علي السيستاني، مفتي البيت الأبيض واليمين المسيحي اليهودي الأصولي المتطرف الذي انتهى إليه حكم الولايات المتحدة الأمريكية. هؤلاء الذين دخلوا مع القوات الغربية الصليبية الغازية بتنسيق مع الجمهورية “الإسلامية ” الإيرانية، خاصة بعد التعاون اللامشروط الذي تم بينها وبين ” الشيطان الأكبر” (أمريكا) في غزوها لأفغانستان، وفي ما تسميه حربها على الإرهاب الذي انتهى بكل المراقبين والمحللين إلى القول بأنها حرب على العرب والمسلمين وبدون أدنى شك في ذلك. 4- والكيان الصهيوني المدعوم دعما مباشرا متواصلا ولا مشروطا من طرف الغرب الإستعماري الصليبي الذي أوجده، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية واللوبي الصهيوني العالمي، وصنائعهم في النظام العربي الفاسد وفي الكثير من مكونات النخبة العلمانية اللائكية خاصة. لقد جعلت هذه الجهات والأطراف والمكونات الدولية من مطاردة صدام حسين وزمرته وإلقاء القبض عليه ومحاكمته مشروعا سياسيا وإعلاميا. واعتبرته نصرا ظلت تشغل به قطاعات واسعة من الرأي العام العراقي: 1- في بعده الطائفي الشيعي الصفوي بقيادة السيستاني والتنظيمات المتواطئة مع إيران وأمريكا وبريطانيا والصهيونية والغرب الصليبي الصهيوني عموما، والتي يمثلها: أ- ما يسمى: بالمجلس الأعلى للثورة “الإسلامية”، وهو الأبعد ما يكون عن الثورة وعن الإسلام. ب- وما يسمى حزب الدعوة، وهو الحزب الذي يجعل من أوكد وأهم مهماته ككل التنظيمات والقوى والمراجع الشيعية، إلا ما رحم ربك ربما، الدعوة إلى التشيع في البلاد الإسلامية، بما هناك من فرق بين التشيع السبئي ذات الأصول اليهودية، والإسلام أو التشيع السني ذات الأصول العربية الإسلامية، البعيد عن عقيدة اللاهوت وعن إخضاع النص القرآني للحدث التاريخي،وعن اعتماد منهجية الطعن في التاريخ وفي الثوابت والأصول، والنيل من الصالحين من أبناء الأمة. ج- وما يسمى بالتيار الصدري الذي يبحث عن موقع سياسي له في ساحة لا مرجعية خاصة به له فيها، وعن مكاسب مادية انتهت به إلى بيع السلاح جهارا نهارا للقوات الغازية ولعميلها إياد علاوي رئيس ما يسمى بمجلس الحكم بعد سقوط بغداد، في الوقت الذي كان الواجب الوطني والديني، لو كان له: 1- من الحس الوطني ما يجعله عراقيا حقيقيا. 2- ومن الحس الديني ما يجعله مسلما صادقا، يدعوه لرفعه في وجه الغزاة والعملاء والخونة، ويلتحق: *بالمقاومة الوطنية الشريفة التي دفعها: – إيمانها بالله أولا. – ثم بالوطن وبالشعب ثانيا. – ثم بعزة الأمة واستقلالها ثالثا. لإعلان الحرب على الغزاة، وعلى كل من ثبت وجود أي صلة له بهم. 2- وفي بعده العرقي والأثني بقيادة أكبر وأفسد القيادات العلمانية الكردية جلال الطلباني ومسعود البرزاني، وهما الذان لا يتحرجان من التصريح في تبجح معلن مخجل كغيرهما من العملاء وصنائع اليهود، بأن القوات الأمريكية والبريطانية الغازية لبلاد الرافدين هي قوات تحرير، تماما كمنطق وخطاب الحركة القومية العربية في تحالفها مع القوى الإستعمارية البريطانية والفرنسية في بداياتها من قبل، وليست قوات احتلال وتدمير. 3- وفي بعده الأثني والسياسي كذلك بالنسبة لكل من آمن بالمقاومة السياسية من منطلق مبدئي، وكخيار وحيد يمكن أن يغادر به الغزاة العراق، والذي وضع فتواه المدعو علي السيستاني: أ- وهو الذي لا يفقه في هذه المسائل شيئا. ب- وهو الذي ليس له منها إلا الإمضاء بعد أن تكون الجهات الدينية ذات الأصول الشيعية والعلمانية ذات التوجهات الليبرالية الإنتهازية التي تبحث من حوله لنفسها عن أي دور يتفضل به عليها ترضى به ويرضيه عنها، وهو مفتي البيت الأبيض وممثله بريمر،قد أعدت وبترتيبات إيرانية كل شيء. وأخذت القرارات، وحددت المواقف، ووضعت الأسس، وصاغت الخطاب، وحددت آليات العمل وإدارته، بإشراف أمريكي مباشر. وأريد لهذه القضية أن تستمر، بين مطاردة لصدام حسين وإيقافه والتحقيق معه ومحاكمته أكثر وقت ممكن، لتظل الأنظار مشدودة إلى هذا الذي تعتبر: – الولايات المتحدة الأمريكية. – وحليفتها بريطانيا. – والصهيونية العالمية. – والغرب الصليبي عامة. – والخونة والعملاء من هنا في الداخل العراقي. – ومن هناك في النظام العربي الفاسد. – وفي النخبة العلمانية اللائكية في جوانب وأطياف وجهات كثيرة منها، إنجازا تاريخيا مهما، باتجاه إعادة الإعتبار للعراق وللعراقيين وللعرب والمسلمين، وتخليص المنطقة العربية والعالم الإسلامي من الإستبداد والدكتاتوريات التي لم يعد من مصلحة أمريكا الإبقاء عليها، والتي ترى أنها غير منصاعة بالكامل للأمر والنهي الأمريكي. أي تلك التي تبدي بعض الإستعداد أو بوادر التمرد وإن كان مفتعلا هازلا حينا، وتستطيع أمريكا نفسها أن تتفهمه أحيانا. لقد حاولت: 1- قوات تحالف الإحتلال الغربي الصليبي الحليف الإستراتيجي لليهود الصهاينة وللدولة العبرية في فلسطين المحتلة. 2- والقوى الطائفية والعرقية العميلة الخائنة المدعومة من الدولة الفارسية الصفوية التي طالما أيدناها عندما ظهرت علينا بثوبها الإسلامي الخادع سنة 1979 بعد الإطاحة بنظام الشاه، الذي كان أكثر وضوحا: 1- في بعده القومي العرقي الفارسي. 2- وفي عدائه للإسلام وللعرب والمسلمين. 3- وفي ولائه المعلن للغرب وللولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية، في زمن لم يكن العرب الذين كانوا قد شهروا سيف القومية العربية على الإسلام، وكانوا يلتقوا معه في ذلك، ولم يكونوا يقيموا وزنا للإسلام وللعلاقة بالمسلمين. 4- وهي التي لم تكن إلا ثورة ذات طبيعة طائفية مذهبية. 5- وتشكيك في العقائد دون سند ودون دليل يذكر. 6- وتمكن لثقافة الكراهية والحقد بين المسلمين بالنبش في التاريخ القديم. 7- وإثارة النعرات المذهبية والطائفية التي ليس المسلمون في حاجة إليها، ولم يكونوا يوما في حاجة إليها، ولا مصلحة ولا منفعة لهم فيها قديما ولا حديثا. 8- والنظام العربي المصطف وراء أمريكا في مواجهة شعوبه، وبسط هيمنتها السياسية والثقافية والإقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية وعلى العالم الإسلامي عموما، وعلى دنيا المستضعفين بصفة عامة. 9- وجانب كبير من النخبة التقليدية القريبة من هذه الأنظمة الفاسدة الداعمة لها والقابلة بها. 10- وجانب أكبر من النخبة العلمانية اللائكية التي أصبحت ممثلا لطائفة جديدة من منحدر سني وشيعي إسلامي،واتخذت من الثقافة الإستعمارية الصهيونية الغربية مرجعا لها، ومنطلقا لتفكيرها ومصدر إلهام لها في مشاريعها السياسية والثقافية والفكرية والإجتماعية والإقتصادية. وقد جعل كل هذا النسيج المتناقض والمختلف وغير المتجانس الرجعي العدمي والعبثي، من الحركة الإسلامية الإصلاحية المجددة المجاهدة تناقضها الرئيسي. لقد حاولت كل هذه الجهات مجتمعة في العراق أن تشد انتباه قطاعات واسعة من الرأي العام العراقي أكثر ما يمكن من الوقت، مستفيدة من السمعة السيئة لنظام حزب البعث القومي العربي بقيادة الرفيق صدام حسين، لصرف الأنظار عن الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات التحالف الغربي العسكري الصليبي الصهيوني بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، المنتشية بخروجها منتصرة في الحرب الباردة، بعد أن كانت تعتبر أنها هي التي انتهت بالإتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي كله من حوله إلى السقوط والتفكك والإنهيار، وهو المعسكر الذي كان في الحقيقة يحمل في ذاته كل أسباب التفكك والإنهيار، وهو من استوعب كل الجرائم التي كان يرتكبها الرجل الأبيض في كل المناطق التي حل بها من الأرض غازيا، وقد كان طرفا معه في ذلك بطريقته طبعا بعد ذلك، والتي أقام عليها ثقافته وحضارته، والجرائم التي كان يقوم بها حلفاؤه وعملاءه، وأولئك الذين جاؤوا به من أعوانه باعتباره قوة فتح و تحرير وليس قوة احتلال وتدمير، وقوة إحلال على حد قول بعض الليبراليين الجدد الذين كان من بين مآثرهم أن أرسلوا برقيات تهنئة لزعيم حزب العمل الصهيوني الإرهابي اليساري إيهود باراك بمناسبة فوزه في انتخابات رئاسة وزراء الكيان الصهيوني على الإرهابي اليميني بن يمين ناتانياهو، وليس قوة احتلال، من قتل وتصفية عرقية وطائفية، ومن تدمير للبنية التحتية، ومن استنزاف لقدرات العراق المادية والطبيعية والبشرية. وكان القاسم المشترك بين كل هذه الجهات والأطراف والمكونات هو التخريب والقتل والتهجير وبت الفوضى بالبلاد، والعمل على استئصال المقاومة وإنهائها عسكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا وإعلاميا، بتقديمها للرأي العام الداخلي الذي هو ملاذها ومجال تحركها، والذي منه انطلقت وإليه تعود، وهي الممثل الحقيقي للنسيج الإجتماعي الحر، وهو فضاؤها الذي يؤويها ويرشدها ويدعمها ويؤيدها ويحتضنها من أجل الحرية والتحرير والتحرر، من أجل الإستقلال والإستقلالية وتقرير المصير، بإنهاء الإحتلال واستعادة العراق العربي الإسلامي الموحد، على أنها عنف وطائفية وتطرف، وعلى أنها أطراف وجهات وتنظيمات تكفيرية، وللرأي العام الخارجي على أنها إرهاب. وهي التي مازال العملاء والخونة بقيادة أغلب مراجع الشيعة وبدعم إيراني مباشر وعلى رأسهم المدعو “آية الله العظمى” علي السيستاني الذي فسح المجال لكل من هب ودب من رموز الطائفة العلمانية المتواطئة مع الغزاة لتدخل تحت عباءته بحثا عن مكاسب ومنافع ونزوات تحت سلطة الإحتلال، يحملونها مسؤولية العنف والإرهاب والقتل والتدمير والفساد الذي أصبح مستشريا في بلاد الرافدين، وبقاء الإحتلال التي يسمونها قوات التحالف، وهي التي يعتبرونها قوات تحرير العراق من الدكتاتورية والإستبداد، مثلما جاءت قوات الإستعمار للمنطقة مدعية تحريرها من الإستعمار العثماني التركي، وتقديمها موحدة لزعيم الثورة العربية الكبرى الشريف حسين ومن جاء بعده من زعماء الحركة القومية العربية، ومثلما كانت الحركة الإستعمارية الغربية تعتبر نفسها: – وهي تعيث فسادا في كل أنحاء العالم. – وهي التي لم تترك في أوطان الشعوب التي احتلتها تقدما ولا تقنية ولا ديمقراطية ولا حقوق إنسان. بل كل الذي كان مما يمكن اعتباره إنجازا لها هناك هو: 1- إنهاء النظام الإسلامي. 2- وفرض بدلا منه النظام العلماني ذي الأصول التوراتية الإنجيلية. 3- وفرض الإستبداد والدكتاتورية ومواصلة رعاية ذلك. 4- وفرض الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين العرب والمسلمين بدعم متواصل منها. 5- وفرض ثقافة ولغة الغرب. 6- وإيجاد طائفة جديدة وهي التي تمثلها النخبة العلمانية اللائكية التكفيرية البديل الإستعماري الغربي في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين وسائر أوطان المستضعفين في العالم المناهضة للإسلام والرافضة للبديل الإسلامي في بلاد العرب والمسلمين والمتصدية له، والتي كان نظام صدام حسين أحد نماذجها باسم القومية والتقدم والتطور والعقلانية والإنسانية والحداثة وغيرها من الشعارات. لقد كانت محاكمة صدام حسين وأزلام نظامه طائفية بحتة منذ البداية، وكذلك أرادتها قوات التحالف الصليبي الغازية في إطار البحث عن صيغة تقارب مع النظام الصفوي الإيراني: أ- الذي كان خير معين للقوات الأمريكية في غزوها لأفغانستان واحتلاله. ب- والذي كان الداعم الأساسي لها في احتلال العراق: ج- من خلال القبول بها وهي ” الشيطان الأكبر ” على حدودها. د- ومن خلال الفرصة التي ستكون وكانت سانحة لإيران نفسها للتدخل المباشر وبدون قيد في الشأن العراقي الداخلي. ه- ومن خلال الإفتاء لامتداداتها الشيعية الصفوية في العراق من مثل ما يسمى التيار الصدري وحزب الدعوة وخاصة ما يسمى المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، بالموافقة على التدخل الأجنبي في العراق وإسقاط نظامه واحتلاله والقبول بذلك. و- ومن خلال التعويل على جل مكونات الطيف الشيعي بالداخل العراقي والإنظمام إليه في مهادنة المحتل والتعامل معه والقبول والرحيب به. ز- ومن خلال التصدي للمقاومة التي يغلب عليها الطابع الوطني السني، والتي لم يكن للجانب الشيعي والعرقي الكردي ظهور متميز واضح فيها واعتبارها إرهابا، والتحالف مع الغزاة في مواجهتها، مما أثار النزعة الطائفية التي لم تكن المقاومة ولا السنة مسؤولة عنها: 1- باعتبار أن أعوان الإحتلال من المرحبين به ومن القادمين معه والذي قبلوا بما يسمى العملية السياسية بعد إسقاط نظام البعث العراقي، هم الذين بدأوا بتأكيد الإنقسام الطائفي والعرقي من خلال ما يسمى بالدستور الذي وضعه الحاكم الأمريكي بالعراق بريمر، وكان ذلك قبل انطلاق المقاومة وتشكل حركة التحرير الوطني العراقي . 2- وباعتبار أن الذين كانوا سببا في إثارة النعرة الطائفية والعرقية والإنقسام الطائفي والأثني هم أولئك الذين جاؤوا مع الإحتلال والذين قبلوا به من أغلب الطائفة الشيعية اللاوطنية والمرتبطة بالنظام الإيراني طائفيا ومذهبيا وعرقيا وجغرافيا من جهة الجنوب خاصة، ومن الأكراد بالشمال، إذا ما استثنينا مقاتلي الحركة الإسلامية الذين كانوا في مواجهة دائمة ومستمرة مع مليشيات الرفيق جلال الطالبان ومسعود البرزاني الذان استقويا عليها بسلاح الجو الأمريكي من قبل احتلال العراق. والذين انطلاقا من إيمانهم بالعملية السياسية والقبول بها استنادا إلى فتوى المرجع الشيعي الإيراني الفارسي الأصل المقيم بالعراق المدعو علي السيستاني، التي يلتقي فيها مع فتوى العلماني اللائكي المدعو جلال الطلباني وكذلك ومسعود البرزاني الذان يعملان على اقتطاع كردستان العراق والإستقلال بها، وقد قطعا أشواطا في ذلك، لم يكن أمامهم إلا أن تكون ميليشياتهم المسلحة جنبا إلى جنب مع جنود الإحتلال الأمريكي والبريطاني في مداهمة منازل المدنيين العزل، ومحاصرة المدن وقصفها، وانتهاك الأعراض وقتل الأنفس، ونهب وإتلاف الثروات والمكتسبات، ولتجد المقاومة المشكلة من كل ألوان الطيف العراقي، والتي يغلب عليها الطابع السني كما سبقت مني الإشارة إلى ذلك من قبل نفسها، ليس أمام جنود الإحتلال، ولكنها أمام عناصر الميليشيات الطائفية والعرقية المسلحة، إن لم تقتلها فهي قاتلة عناصرها ومجاهديها. هذه المقاومة العراقية، التي أصبحت محسوبة على الطائفة السنية في المثلث السني، التي ليس أمامها إلا أن تعتبر شرعا وقانونا وأخلاقا ومصلحة وطنية أن من يقف مع الإحتلال ويؤيده ويناصره ويتولاه، ويستهدف العراقيين بالقتل والتدمير والتشريد والتهجير هو مثله، وليس أمامها إلا أن تستهدف بالقتل كل من كان استهدافه لأبناء وطنه الأبرياء العزل بالقتل وغيره من الإنتهاكات، وللمقاومة المسلحة للوجود العسكري الأجنبي، هي التي اعتبرت قد فجرت عند الطائفيين العنف، وتسببت في الاصطفاف الطائفي والإنقسام العرقي والإقتتال الداخلي في مقاومتها للغزاة ومن يساندهم في أعمالهم الهمجية الإجرامية، ويساهم معهم في ذلك. – وهي التي لم تكن هي البادية أولا. – وهي التي لم تكن تستهدف إلا من يستهدفها ويستهدف العراق والشعب العراقي ثانيا. – وهي التي لم تكن لها مشكلة إلا مع الإحتلال ثالثا. – وهي التي في عملها على تحرير البلاد يصبح من حقها أن تستهدف المحتل ومن يقف إلا إلى جانب المحتل ويسانده ويساعده ويتصدى لها معه من الخونة والعملاء، بقطع النظر عن طائفته أو مذهبه أو عرقه أو لونه أو دينه أو وطنه أو موطنه رابعا. – وهي التي لا تؤمن بالطائفية ولا تعمل على الإنقسام ولا الإقتتال الطائفي، ولا تؤمن إلا بالشرفاء من أبناء الوطن وبتحريره كاملا موحدا خامسا. ثم إن طائفية المحاكمة والخيانة الوطنية كانت ظاهرة منذ البداية كذلك، ومنذ أن تم الترحيب بالقوات الأمريكية في قلب بغداد، واجتمع حولها الرعاع مهللين ومكبرين لسقوط نظام صدام حسين. وقد يبدو مقبولا تفهم موقف هؤلاء للجحيم الذي كان يعيش الناس فيه إبان حكمه وعائلته وبطانته الحزبية والعشائرية، ولكنهم لم يكونوا يتصوروا ربما نار جحيم احتلال بلادهم من طرف الأجنبي الأمريكي البريطاني الغربي الصليبي، وما يلحقهم به قبوله من خسائر ودمار، ومن مذلة ومهانة لم يذوقوا مثلها كذلك في نظام الإستبداد، وعار لا ينمحي على مدار ومجرى التاريخ، خاصة بالنسبة لمن هادنوه وأعلنوا موالاته والقبول به. والظلم لا يزال بظلم أكبر منه. والإستبداد لا يستبدل بالإحتلال. والشعوب الحرة هي التي لا تقبل بالإستبداد ولا بالإحتلال. ولا تقبل بغير تحرير نفسها من الإحتلال ومن الإستبداد. ولتكون بذلك وعن جدارة لها السيادة الكاملة فعلا على أوطانها. ومنذ أن تم تقديم الرفيق صدام حسين ومجموعة من زمرته في حزب العبث الإشتراكي للمحاكمة في ما يعتبر من أبسط الجرائم التي كان قد ارتكبها في تاريخ حكمه، وهو المطلوب محاكمته في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بدءا بالجرائم التي ارتكبها في حق الشعب العراقي، ومرورا بالحرب مع إيران باعتباره هو البادي، البادي أظلم، وانتهاء بغزو الكويت، وهي حادثة الدجيل والتي كان الحكم فيها عليه بالإعدام شنقا حتى الموت كافيا لإنهاء المحاكمة في حقه تقريبا في ما زاد عن ذلك من الجرائم الأخرى الكثيرة وهو على قيد الحياة في حق الأفراد والمجموعات والشعب والوطن والدول. لقد تم كل ذلك بخلفية طائفية تم التنسيق فيها بين الطائفيين الشيعة في العراق وإيران والصليبيين في أمريكا وبريطانيا إرضاء للشيعة: 1- للمحافظة على تأييدهم ومساندتهم ودعمهم واستمرار ولاءهم للإحتلال. 2- وتحقيقا لرغبة صفوية فارسية مذهبية طائفية إيرانية لتطمينها على وفاء القوات الأمريكية على عدم المساس بالمصالح والأمن والسيادة الإيرانية على حدودها، باعتبار أن الشيعة الذين كانوا الأكثر انخراطا في حزب البعث، والأكثر تأييدا لصدام حسين كانوا يحسبون أعضاء حزب البعث العلمانيين اللائكيين من أصول سنية وشيعية وعربية وكردية وغيرها أنهم سنة وشيعة، والحقيقة أنهم يصبحوا بمقتضى ذلك وعلى ذلك الفكر وتلك الثقافة لا سنة ولا شيعة. ولكنهم علمانيون لائكيون عربا أو كردا أو غيرهم من الأعراق. ويعتبرون صدام حسين سنيا، ويحسبونه على السنة، خاصة وهم الذين كانوا قد انخرطوا مباشرة في المقاومة المسلحة للمحتل. وقد بدا وكأنهم يقفون إلى جانب صدام حسين ويدافعون عنه وعن نظامه، وعليهم بمقتضى ذلك أن يدفعوا ثمن جرائم صدام حسين في حق الجميع، وأن يتحملوا المسؤولية في ذلك بالكامل. وليتقدم الشيعة المنخرطون منهم في مسلسل العمالة والولاء المحرم نصا للأجنبي المستعمر والخيانة الوطنية أنفسهم للعالم من خلال ذلك ومن خلال الدعم والمساندة الإيرانية لهم على أنهم هم وحدهم الضحايا، أو على الأقل الضحية الأكبر والأكثر خسارة وتضررا. ـ حكـــم الإعــــــــدام: ما إن انتهى مسلسل المحاكمة التي تداول عليها وفق حسابات مختلفة، ولغايات وأهداف مختلفة، أربع قضاة من مختلف الطوائف والأعراق، ولعهم كانوا كلهم شيعة عربا وكردا علمانيين من أصول مختلفة أو شيعة أو سنة، والتي كان الجامع بينها موالاة العدو المحتل والعداء لصدام حسين ونظامه وحزبه، والخيانة الوطنية ومناهضة المقاومة واعتبارها إرهابا، والتي انتهى من الوقت ما يكفي لشد أنظار موالي الإستعمار والنظام الصفوي الإيراني، الذي حسبناه ذات يوم نظاما إسلاميا، من الشيعة والأكراد خاصة، والتي لم يعد هناك حاجة لمواصلتها بعد أن تبين أنها لم تحقق الأهداف التي كان يعتقد أنها يمكن أن تحققها بالتغاضي عن جرائم المحتل والطوائف والأعراق المتحالفة معه، والوقوف عند التشفي في نظام البعث وقياداته، واعتبار أن أهداف الشعب العراقي وغاياته في إسقاط صدام حسين وملاحقته وإلقاء القبض عليه وإخضاعه للمحاكمة وتولي “العراقيين” القابلين بالإحتلال والعاملين معه شأنه بأنفسهم قد تحققت، أصدرت المحكمة الأمريكية بالعراق بمنظومة قانونية عراقية وبقضاة عراقيين طائفيين وعرقيين تحت حراب قوات التحالف الصليبي الغربي بقيادة الإمبراطورية الأمريكية وبإدارة وإشراف مباشرين منها، حكم الإعدام في الرفيق صدام حسين المجيد الرئيس العراقي السابق وإثنان من أركان حكمه، برزان التكريتي الأخ غير الشقيق له، وعواد البندر رئيس محكمة الثورة التي أحيل عليها ما قيل أكثر من 140 من أهالي منطقة الدجيل، في محاولة الإغتيال التي تعرض لها صدام حسين في حينه أثناء مرور موكبه بتلك المنطقة التي كان قد نظم زيارة لها في ذلك الوقت. وقد تمت محاسبة صدام حسين محاسبة عسيرة على ذلك. وكان إنصاف الشيعة وإعادة الإعتبار لهم في تلك المحاكمة من دون بقية مكونات الشعب العراقي الذي لقي من العسف والقمع والإضطهاد والتنكيل به من صدام حسين وعائلته وحزبه أكثر بكثير مما حدث في تلك الحادثة. فكان الإستقواء والإستنجاد بالأجنبي طائفي شيعي بفتوى صفوية فارسية مذهبية. وكانت محاكمة صدام حسين وأركان حكمه طائفية عرقية شيعية كردية. وكان إصدار حكم الإعدام في حقه طائفيا شيعيا إيرانيا كرديا من دون مكونات الشعب العراقي. وكان إعدامه كما سيأتي لاحقا صدريا طائفيا شيعيا إيرانيا، وبتواطئ كردي أمريكي بريطاني. ـ تنفيذ حكم الإعدام في الرفيق “القائد” صدام حسين: وبعد صدور الحكم الذي لم يغير مما كان معلوما من أمر المحاكمة، ومن طبيعة المحاكمين والحكام والمشرفين عليهم والمتابعين لهم أمرا ونهيا شيئا، ولم يغير مما كان محتملا أو معلوما سلفا من الحكم، استنادا إلى ما هو معلوم من الجرائم، وإلى ما هو معلوم من المجرمين الحكام والحاكمين، والمحتلين والمتواطئين معهم بالداخل والخارج العراقي، والمحاكمين من أركان نظام صدام حسين السابق. *- وقد كان طبيعيا أن يصدر الطائفيون العراقيون والصفويون الإيرانيون حكم الإعدام في صدام حسين، لأنه نكل بالأولين وهزم في الحرب الآخرين. *- وكان طبيعيا أن يصدر الغزاة الصليبيون حكم الإعدام في صدام حسين لأنه: أ- لم يكن وفيا بما فيه الكفاية لهم. ب- ولأنه كان متقلبا في مواقفه منهم وعلاقته بهم بين الولاء والعداء. *- وكان طبيعيا أن يكون حكم الإعدام هو الحكم الذي يجب أن يصدر في حق صدام حسين ولكن: أ- بوجه حق لا بغير وجه حق. ب- وبعدل لا بحيف وظلم. ج- وأن يكون في حق الشعب العراقي لا في حق بعض شيعة العراق حلفاء الإستعمار الأمريكي البريطاني وعملاء النظام الصفوي الإيراني الشيعي. د- وأن يصدره في حقه الشعب العراقي، الذي لم يتم إنصافه من صدام حسين، ولم يحاسبه ويحاكمه ويصدر فيه الحكم الذي يستحقه من أجل ما اقترف في حقه من جرائم، وما جلب له من ويلات ومصائب، وما تسبب له فيه من خراب ودمار. كان تنفيذ الحكم فيه يوم السبت 30 ديسمبر 2006 على الساعة السادسة صباحا بتوقيت بغداد، الموافق للعاشر من ذي الحجة 1427 أي فجر يوم عيد الإضحى المبارك لعامة المسلمين في العالم، باستثناء الطائفة الشيعية في العراق على الأقل إن لم يكن في كل العالم. ولقد كان ظاهرا حرص الصفويين في إيران، والأمريكيين بالبيت الأبيض وخارجه، والطائفيين الشيعة، والقوميين العلمانيين التكفيريين الأكراد، واليهود الصهاينة، لا على التخلص من صدام حسين فقط، ولكن للتمتع والتلذذ بإعدامه: أ- بكل حيوانية ووحشية. ب- وبكل ما في الطائفية الشيعية والصفوية المقيتة من حقد لم تبلغ في إي وقت مضى من التاريخ من التمكن والظهور والقوة لتعبر عنه. وليس من باب الصدفة أن يقترن هذا الظهور وهذه القوة وهذا التميز بظهور دولة للعصابات اليهودية الصهيونية في فلسطين من العالم العربي الإسلامي. ولكن لا يمكن إلا أن يكون لذلك دلالاته ومعانيه وانعكاساته وتداعياته ونتائجه، باعتبار أن ذلك كان من الظواهر الطبيعية والكونية والتاريخية التي لم يعرف التاريخ البشري لها وجودا منذ آلاف السنين. ج- وبكل ما في العلمانية الكردية من كراهية للإنسان. د- وبكل ما في الصليبية من عدوانية. ه- وبكل ما في الصهيونية من عنصرية وعداء للإنسان. في يوم عيد الإضحى المبارك، تماما كما قصفت القوات الأمريكية والبريطانية العراق من قبل زمن الحصار في رمضان بدون أي مبرر يذكر، وبدون أي معطى جديد يبرر ذلك التدخل من سلاح الجو وقتها وكما يعربد الجيش الصهيوني في المنطقة كلها وفي فلسطين المحتلة على مدار الزمن على امتداد عقود من السنين في كل المناسبات وبلا انقطاع، غير الإمعان في إذلال وإهانة المسلمين والعرب بصفة خاصة، وانتهاك حرماتهم. وكما يساء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الكثير من العواصم الغربية الصديقة للنظام العربي الفاسد، والقدوة الحسنة والمثال المحتذى للكثير من مكونات الحركة العلمانية الهجينة المزيفة في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين. وما كان حرص الطائفيين بالعراق والصفويين بإيران والصليبيين بالغرب واليهود الصهاينة في كل مكان على الإسراع بتنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين، الذي كان يمضي إقامته داخل المنطقة الخضراء (الحمراء) في قبضة القوات الصليبية الغازية للعراق بمركب القصور الفخمة التي كان صدام حسين نفسه يهدر فيها ثروات الشعب العراقي، وكان ينعم فيها بحياة الرفاه والسيطرة والسطوة والتكبر والتجبر، والذي اتخذت منه القوات الأمريكية مقرا آمنا لها ولعملائها وللخائنين للعراق وللشعب العراقي، الذين لا هم لهم إلا تأمين أنفسهم وفتح أبواب جهنم على الأحرار من باقي أبناء الشعب، وعلى باقي أنحاء العراق، قيل خوفا من هروبه أو تهريبه :
– وهو الذي لم يهرب ولم يكن يستطيع الهروب حين كان يمكن أن يهرب أو حين كان مستطيع الهروب. – وهو الذي لم يتم تهريبه حين كان يمكن أن يهرب. – وهو الذي كان يعلم أنه لم يترك لنفسه ولو ملاذا آمنا واحدا، لا داخل العراق ولا خارجه، بعد أن كان قد فوت على نفسه الفرصة حين طلب منه مغادرة البلاد مع من يريد من أهله إلى روسيا التي أعلنت قبولها به، أو إلى أي مكان آخر يريده ويقبل به. وقد كان الكل في المنطقة وغيرها يرغب في ذلك تجنبا للتدخل العسكري الذي كانت أمريكا نفسها لا ترغب فيه، ولا مصلحة لها فيه وتخشى عواقبه. ولعله كان، وهو من هو، ينظر إلى ذلك العرض على أنه في صالح المنطقة وفي صالح العراق والشعب العراقي، وفي صالح أمريكا والغرب والنظام العربي وانتصارا لهم، وفي غير صالحه وهزيمة له. وأصر على البقاء في محيط عراقي معاد له بالكامل. وهو الذي لم يبق على أسرة واحدة تقريبا لم ييتم فيها صغيرا ولم يرمل فيها امرأة ولم يثكل فيها أما. وكانت تلك آخر حماقاته الكثيرة، وغباءه وتهوره السياسي، ونزعته الإستبدادية الدموية الفردية التي جلبت له وللعراق وللشعب العراقي كله هذه الويلات والمصائب التي لا حد لها.إنما كان كل ذلك حزما من الحكومة الطائفية للطائفي نور(ظلام) المالكي المقبولة أمريكيا، والمدعومة صفويا إيرانيا، لتنفيذ حكم الإعدام فيه، وهو الذي لم تسلمه القوات الأمريكية، على ما يبدو لمأمورها وخادمها المطيع المالكي، إلا في الوقت المقرر لتنفيذ الحكم فيه. ولعلها تعلم أنه سيتم التمثيل والتنكيل به أو حتى قتله قبل حلول موعد تنفيذ الحكم القانوني فيه. وهي المرة الوحيدة وفي المسألة الوحيدة التي تفوض فيها أمريكا لعملائها التقرير في أمر ما، وتستجيب لهم في طلب، وتتفصى من أي مسؤولية على ما حدث من تجاوزات لا أخلاقية ولا إنسانية. وكانت الخطة محكمة في من سيقوم بتنفيذ الحكم. وحضرت عدسات التصوير غير الشرعية لتلتقط مشاهد التنفيذ لحظة بلحظ. وما كان لأعوان التنفيذ أن يكونوا ملثمين وما كان ينبغي أن يظهروا أصلا ولو لم يكن إظهارهم مقصودا، وله دلالاته وأهدافه.
1- لو لم يكونوا أشخاصا بعينهم وليسوا موظفين بالوزارة كما تدعي حكومة المالكي. 2- ولو لم يكونوا يعلمون أن المشهد سيجد طريقه إلى الإنتشار على أوسع نطاق ليدخل كل البيوت التي لم يكن أهلها يتصورون أن ذلك سيكون ممكنا ذات يوم والذين انتظروها في الفترة الأخيرة طويلا، وذلك ما كانت تريده الحكومة، وذلك ما خططت له، وذلك ما حصل فعلا. وما الهتاف باسم مقتدى مرات عديدة من طرف أعوان التنفيذ إلا لأن عناصر ميلشياته هي التي تولت المهمة. وإلا ولما لا، لأن مقتدى نفسه هو الذي كان يتولى تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين بنفسه. ولأنه كان يمكن أن لا يتم تصوير المشهد إلا بعد سقوطه الرجل صريعا، وبعد أن تكون قد فارقته الحياة. ولعه من باب المصادفات النادرة، إن كان ذلك مصادفة:
أ- أن يكون ذلك يوم عيد الإضحى لكل المسلمين باستثناء الشيعة، وأحسب أن ذلك كان في الحسبان. ب- وأن يكون ذلك موافقا ليوم السبت الذي هو يوم العطلة الأسبوعية لليهود، وهو من الأيام المقدسة عندهم، لتكون فرحة المهتمين بالموضوع منهم أكبر، لاسيما وأن صدام حسين كان قد أفزعهم مرة في حياته عندما اشتد عليه الضغط الداخلي والخارجي برمي مجموعة من الصواريخ طويلة المدى باتجاه دولة الكيان الصهيوني التي سقطت بصحراء النقب. ج- وليكون ذلك هدية حكومة المالكي الأمريكية لسيده الصليبي الأكبر جورج بوش بالبيت الأبيض بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة. د- وما كان ليكون ذلك الحرص منه إلا استنادا لحرص مراجع الشيعة المتعاملين مع قوات الإحتلال والمتواطئين مع الصفويين في إيران”الثورة الإسلامية”على جواز إعدام صدام حسين يوم عيد الإضحى المبارك عند أهل السنة والجماعة. ولا يمكن أن يكون ذلك غير مقصود به إبراز مشاعر عدم التقدير لمشاعر المسلمين غير الشيعة، وإن كان صدام حسين كما أسلفت لا يمكن اعتباره سنيا ولا شيعيا، ولكنه علماني من أصل سني. ه- ولعلهم حرصوا على أن يكون ذلك كذلك يوم السبت باعتبار أن التشيع أصلا في ما نعلم من التاريخ وفي ما هو وارد في كتب الطائفتين التين كانتا إفرازا من إفرازات التاريخ. ولا أصل لهذا التقسيم في الإسلام الذي تركه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى بعد استشهاد الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ورضي الله عنه بعشرات السنين، هو صناعة يهودية متأكدة في كل المراجع التاريخية وغيرها، سواء السنية منها أو الشيعية. و- واجتنبوا كذلك أن يكون ذلك مقرونا بيوم العيد عندهم، فتحدي مشاعر أهل السنة أولى عندهم، لما تربوا عليه من حقد تاريخي وكراهية وتكفير لمن خالفهم في فهم النص وفي قراءة التاريخ، ومن خالفهم في المذهب، على قاعدة من ليس شيعيا هو كافر عندهم مستباح الدم والمال والعرض، طالما هو لا يؤمن بالركن السادس في الإسلام عندهم وهو الإمامة، مثلما يفعلوا في العراق تماما عندما أتيحت لهم الفرصة، من أن يكون العيد عندهم عيدين عيد الإضحى وعيد التضحية على صدام حسين. ولا أحسب أن يكون كل هذا الذي حصل مصادفة، وبعيدا عن الإدراك والقصد كله أو جله، وإن لم يكن لدى البعض فلدى الكل. وهي ليست في الحقيقة المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الفعل الشنيع في تاريخ المسلمين. ولعل لسان حاال المالكي كان يقول كما قال من قبله طاغية بني أمية وسفاك دماء المسلمين الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد هشام بن عبد الملك (724 ــ 743 ) عندما أمره بقتل الجعد بن درهم لقوله بخلق القرآن لمن اجتمع حوله من الناس يوم عيد الإضحى “إذهبوا ضحوا فإني مضح على الجعد بن درهم “. بما هنالك من فرق طبعا بين الدولة الأموية الظالمة في ذلك الوقت، وبين الدولة الصفوية الحاقدة والإحتلال الأمريكي الصليبي المعادي. وبين نور المالكي والحجاج بن يوسف. وبين الجعد بن درهم وصدام حسين. ولكن الصنيع واحد والتوقيت واحد والإسلام واحد والمسلمون هم المسلمون وقد أصبحوا سنة وشيعة. وبذلك وبهذا الفعل الطائفي الإستعماري الصليبي الصهيوني الصفوي الشنيع كان صدام حسين قد عاش ظالما وقضى مظلوما. والذي بدا أكثر وضوحا أن تنفيذ حكم الإعدام في الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتلك الطريقة وفي ذلك الإحتفال وفي ذلك الوقت من ذلك اليوم، ليس لأنه كان ظالما مستبدا، ولكن لأنه كان عند الذين أفتوا بجواز أن يكون ذلك كذلك سنيا. أو أنهم كانوا على قدر من الغباء والتجرد من الأخلاق والإنسانية وبعدا عن الإسلام، بما لم يتركوا لأي كان أن يكن لهم من الإحترام والتقدير ما هو جدير به مثلهم. ـ المــــــــواقف: لقد تحددت المواقف من زوايا متعددة ومختلفة، ولغايات وأهداف متعددة ومختلفة، ومن مواقع متعددة ومختلفة، ومن جهات متعددة ومختلفة. فقد اعتبر صدام حسين نفسه في رسالة كشف عنها محاميه خليل الدليمي قبل إعدامه بيومين وجهها للشعب العراقي وللعرب وليس للمسلمين قبل تنفيذ حكم الإعدام فيه يقول فيها(…ها أنا أقدم نفسي فداء فإذا أراد الرحمان هذا صعد بها إلى حيث يأمر سبحانه مع الصديقين والشهداء وإن أجل قراره على وفق ما يرى فهو الرحمان الرحيم وهو الذي أنشأنا وإليه راجعون فصبرا جميلا وبه المستعان على القوم الظالمين). والملاحظ أنه لم يتوجه بهذا الخطاب للمسلمين، ولم يكن معنيا بالخطاب فيها إلا بالعراقيين والعرب. ولم يبد أسفا ولا ندما على ما ارتكب في حق أي كان من جرائم كان يمكن أن ينظر له الله به ببعض الرضى، إضافة إلى ما أبداه من ملازمة لكتاب الله منذ إلقاء القبض عليه في ما نعلم حتى إعدامه. ولكنه لم يكن حريصا فيها إلا على تثبيت ذاته في هذه الدنيا حيا وميتا. فلا إعلان فيها للتوبة النصوح التي لا يقبل الله من عبده حتى يعلنها، وحتى يوفي بشروطها في عالم الشهادة، إلا ما كان بينه وبين نفسه، وما بينه وبين الله، ونحن ” أمرنا أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر”. ومنها الندم على ما ارتكب من الإثم والفواحش. والندم على ما فات من غير صالح الأعمال والأقوال، والعزم على أن لا يعود لمثله أبدا. والإعتذار لمن ظلمهم وطلب العفو والصفح منهم، وتعويض كل أو ما هو قادر على تعويضه لهم من أضرار وخسائر… ذلك أن الله كما يقول الأصوليون قد أمر أن لا يعبد إلا بما أمر أن يعبد به. وقد أحدث تنفيذ حكم الإعدام في صدام حسين كائن من كان هو يوم عيد الإضحى المبارك، ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية والشعبية والرسمية داخل العراق وخارجه وفي العالم. وكان ذلك مثار جدل كبير في كل الأوساط وفي كل المواقع. فقد جاءت مواقف الطائفيين بالعراق والصفويين بإيران والصليبيين بالبيت الأبيض ولندن وسدني(استراليا) والصهيونيين في تل أبيب بفلسطين المحتلة متطابقة، معتبرة أن ذلك هو قول القانون فيه، وذلك هو العدل الإلهي، وذلك بما اقترفت يداه وهو مستحق لحكم الإعدام وتنفيذه فيه، وهو إنجاز مهم وتقدم باتجاه تذليل الصعوبات أمام شعار المالكي بإجراء المصالحة الوطنية التي يريدها الأمريكان الغزاة، ولا يريدون أن تكون المقاومة طرفا فيه. وهو الذي دعا البعثيين على إثر الإمضاء على مرسوم الموافقة على تنفيذ حكم الإعدام شنقا حتى الموت في زعيمهم وقائدهم ورمزهم وعنوان ثقافتهم وسياستهم صدام حسين في موعده وعلى إثر تنفيذه، إلى المصالحة الوطنية..هكذا ! وما كان كل ذلك إلا خطوات استعمارية أمريكية غربية صليبية باتجاه فرض الديمقراطية التي لا يريدونها لنا في الأصل إطلاقا، والتي يمنعون حلولها بربوع أوطاننا، على الشعب العراقي بعد الإطاحة بنظام الدكتاتور صدام حسين وبعد إعدامه. وليست تلك إلا ذريعة أخرى كاذبة، كذريعة نزع أسلحة الدمار الشامل التي اجتاحوا بها العراق وسط تأييد رسمي عربي علماني وتقليدي فاسد، وغربي صليبي صهيوني ديمقراطي إرهابي. وما أشبه اليوم بالبارحة، فقد كانت الحركة الإستعمارية الغربية قد اجتاحت المنطقة العربية خاصة، من العالم الإسلامي بذرائع كاذبة كانت الحركة القومية قد تفهمتها ووافقت عليها خاصة في المشرق العربي وهي: 1- تحريرنا من الإستعمار العثماني. 2- تأهيلنا لحكم أنفسنا بأنفسنا (الإنتداب). 3- إلحاق أبناء عمومتنا من اليهود الصهاينة بنا وإقامة دولة عربية يهودية في فلسطين تكون نموذجا حضاريا في الشرق بخبرات اليهود وعلومهم كما يؤكد على ذلك الشريف حسين وابنه فيصل. 4- تسليم المستعمرين البريطانيين، العرب الوطن العربي مستقلا وموحدا. فالديمقراطية الأمريكية الغربية لا تعني سوى الإطاحة بالأنظمة، خاصة الوطنية منها. وإلغاء الدولة وحل الجيوش ووحدات الأمن المختلفة. وذلك ما لم تقم به بالكامل إلا في العراق. وإصدار أحكام الإعدام في الزعامات والقيادات الدكتاتورية في أوطانها، والقيادات الوطنية التي لا تأتمن على مصالحها في ظلها، والتي لا تأتمر بأوامرها ولا تنتهي بنواهيها، من أمثال سلفدور ألندي ونوريقى وميليسوفيتش وأخيرا وليس آخرا صدام حسين. وتنصيب قيادات عميلة خائنة لشعوبها وأوطانها. وإدخال البلاد كلها في وضع استثنائي ودوامة من العنف والتعذيب والقصف والتدمير لا نهاية لها. وكانت مواقف النخبة مختلفة متباينة باختلاف المكان والموقع، والخلفية السياسية والفكرية والعقدية. ولكن لا أحد يستطيع أن ينكر على الرجل دكتاتوريته. ولا أحد يعتبر أن صدام حسين لم يكن دمويا ولم يجرم في حق شعبه وجيرانه بصرف النظر عن المبررات والتبريرات، وعلى اختلاف في المراوحة بين العقل والعاطفة، إلا من كان مجانا للصواب أو منكرا للحقيقة أو جاحدا لأصحاب الحق من الشعب ومن الجيران حقهم، أو منحازا انحيازا عاطفيا أو مصلحيا أو حزبيا أو عشائريا أو أسريا. وقد لعبت العاطفة والطائفية والعصبية إضافة إلى الأخلاق والأبعاد الإنسانية دورا كبيرا أمام: 1- وجوده في قبضة الإحتلال الأمريكي. 2- والمأساة التي أصبح الشعب العراقي يعيشها، والوضع المتفجر الذي بدا معه زمن حكم صدام له أفضل. 3- محاكمته من طرف قوات الإحتلال عن طريق أعدائه الطائفيين، وضحاياه العراقيين والعرقيين الأكراد. 4- التواطؤ الإيراني الصفوي مع قوات الإحتلال، والتدخل المباشر عبر عملائها الطائفيين هناك في الشأن العراقي. 5- الإنقسام الطائفي الذي فرض نفسه بفعل قوات الإحتلال، وبأداء المقاومة ضد الخونة والعملاء الذين كانوا على مستوى طائفي معين وعرقي معلوم. 6- النزعة الطائفية التي اكتستها المحاكمة والحكم، وتنفيذ حكم الإعدام في الرفيق القائد العربي صدام حسين. 7- تعامل الطائفيين الشيعة معه منذ البداية حتى النهاية على أنه سني. 8- التحرك السني وردود الأفعال المختلفة في وجه أمريكا وفي وجه النفوذ الإيراني والتبجح الطائفي الشيعي المرتهن لها والمتحالف مع قوات الإحتلال. وقد كانت ردود فعل الشارع في بعض الأقطار العربية والإسلامية عاطفية صرفة لكل الإعتبارات السالفة الذكر. فقد استمات في الدفاع عنه والإشادة به والتعاطف معه حتى أولئك الذين الحق بهم من المظالم واقترف في حقهم من الجرائم ما لا يقل عن تلك التي ارتكبها في حق الشيعة والأكراد، أمام النزعة الإنتقامية الطائفية والصفوية والصليبية والصهيونية، خاصة لما نرى أن وزير خارجيته سابقا ……الصحاف لم تتضمنه قائمة المطلوبين أمريكيا بعد سقوط بغداد، وليس معنيا بشيء مما كان طرفا فيه، بما أنه كان ضمن الزمرة البعثية الحاكمة من حول صدام حسين، لا لشيء إلا لأنه علماني شيعي الأصل. وعندما نرى طارق عزيز في وضع أفضل، وهو كذلك أحد أركان نظامه، لا لشيء إلا لأنه مسيحي، إلى آخر ذلك من الدلالات التي تفيد بكل جلاء ووضوح تركيز قوات الإحتلال الصليبي على الجانب الطائفي، وتكريم الشيعة المتحالفين معها بتنسيق مع النظام الشيعي المذهبي في إيران، للمحافظة على تأييدهم لتقوية جانبها وموقفها السياسي والعسكري والأمني، للإنتقام ممن تريد أن تنتقم منهم، ولتمكن لديمقراطية الإنتقام والثأر وانتهاك حقوق الإنسان في السجون وخارجها. ديمقراطية القصف والإبادة والكراهية والعنصرية والإنقسام الطائفي والعرقي في البلد الواحد. ـ تنظيم مجالس ومواكب العزاء في الداخل والخارج العراقي:
1- فقد كان طبيعيا أن يستلم أهله جثمانه وأن يتولوا مواراته التراب وقد أصبح من التاريخ. وقد شهد النقلة المحتومة من عالم الشهادة إلى عالم الغيب حيث الحياة الأبدية التي ليس بعدها موت. وحيث الحياة الحقيقية. وحيث يعرض الناس لا تخفى منهم خافية. ومن عمل خيرا فلا يجد إلا خيرا منه، ومن عمل خلاف ذلك فلا يلومن إلا نفسه. 2- وكان طبيعيا كذلك أن تنظم مواكب العزاء في الداخل العراقي لاعتبارات أخلاقية وإنسانية بصرف النظر عن كل شيء، وقد أصبح الرجل من الماضي ولا طمع فيه مثلما كان يطمع فيه الطامعون، ولا خوف منه مثلما كان يخافه الخائفون. 3- وقد كان طبيعيا أن يكون ذلك على أساس القرابة الدموية أو المصاهرة أو الصداقة، وبخلفية عشائرية وطائفية وعرقية: أ- أمام ما حصل من استفزاز وتجاوز طائفي صفوي. ب- وأمام الوجود العسكري التخريبي التدميري لقوات التحالف الصليبي الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي جعلت من الوطن العربي والعالم الإسلامي مسرحا لعملياتها العسكرية، في الشيشان وباكستان وأفغانستان، وفلسطين والعراق والسودان والصومال…من دون مختلف ساحات العالم، في مواجهة حركة التحرر العربي الإسلامي، بتعاون وثيق ومعلن مع طرف الأنظمة العميلة الفاسدة، ومن طرف الطائفة العلمانية في جل مكوناتها إن لم تكن كلها، ومن طرف النخبة التقليدية ذات العلاقة عادة بالأنظمة أي كانت طبيعتها، للإبقاء على الأمة كلها تحت رحمة العملاء والخونة والقوى الإستعمارية الصليبية والصهيونية المساندين لها والداعمة لهم. أما في الخارج، فلنفس هذه الإعتبارات، وبنفس هذه الخلفيات كذلك، ولاعتبارات أخرى ذات صلة بالموقف العربي الرسمي الذي لاذ بالصمت في الغالبية العظمى منه إزاء ما حصل خوفا وتهيبا من أمريكا، والذي أراد ربما أن يعبر عن نفسه بأسلوب لا يحسب عليه ولا حاجة له في أن لا يحسب له، فسمح بهذه المجالس والخيمات والمواكب والمسيرات التي خلت منها المنطقة العربية، إذا ما استثنينا فلسطين والأردن، والتي كان لها ظهور أكبر في بعض الأوطان الأخرى من العالم الإسلامي، أن تكون تعبيرا ربما وبطريقة غير مباشرة عن عدم رضاها بالنهج الطائفي الذي سلكه شيعة العراق ومن ورائهم الصفويون في إيران، دون إغضاب أمريكا والكيان الصهيوني ودول الخليج، وخاصة الكويت التي عانت حكومة وشعبا من الغزو العراقي زمن حكم صدام حسين للعراق عليهم. فقد جعل الطائفيون والإستعمار الأمريكي للعراق بهذا السقوط الأخلاقي واللإنساني، وبهذا التمثيل والحقد والعداء للمسلمين عامة وللمسلمين السنة خاصة، والذي عبر عن نفسه من خلال فتوى مراجع الشيعة الصفويين والعراقيين المتحالفين مع الإحتلال، من الخامنائي حتى السيستاني، في جواز إعدام صدام حسين يوم عيد المسلمين السنة إهانة وإذلالا لهم وللعرب، وبشرى لليهود الصهاينة في يوم سبتهم، ولرعاة البقر بالبيت الأبيض بمناسبة رأس السنة الميلادية وفي غير يوم عيد الشيعة. فلم يكن تصوير مرحلة إعدام صدام حسين لحظة بلحظة صدفة، ولكن لذلك دلالات ومعاني كثيرة منها: 1- لوضعها بين يدي كل الحاقدين لإشفاء غليلهم. 2- ليشاهد كل الشعب ورعاة البقر بالبيت الأبيض والعصابات الإجرامية بتل أبيب وكل الصفويين في إيران والأكراد وزعمائهم وزعماء بعض العواصم العربية العملية ويعيشونها. 3- للتأكيد لكل العالم أن صدام حسين قد أعدم وانتهى. 4- ليكون ربما عبرة لكل المستبدين والظالمين والدكتاتوريين، من وجهة نظر الناطقين باسم الشعب العراقي بالمنطقة الخضراء، ومن وجهة نظر قيادات قوات الإحتلال في العواصم الغربية. 5- للتشفي أمام نجاح المقاومة في إفشال المشروع الأمريكي في حدود إنهاء العملية السياسية وعدم التقدم فيها وتشديد الضغط على الغزاة وإجبارهم على البدء في البحث عن خروج آمن لهم، من أهل السنة والجماعة باعتباره محسوبا شيعيا صفويا وأمريكيا غربيا صليبيا عليهم، شاء من شاء منهم أو أبا من أبا، وسواء كان ذلك صحيحا أو غير صحيح، وسواء كانوا قابلين بذلك ومجمعين عليه أم لم يكن ذلك كذلك. 6- لإعطاء آل الصدر الفرصة للقصاص منه مباشرة وبأيديهم. وللتشفي منه، وقد منحتهم الحكومة الأمريكية بالعراق برئاسة عميلها الطائفي المالكي المعمد غربيا والمزكى إيرانيا والمفوض شيعيا والمدعوم صدريا هذه الفرصة. نقول هذا بكل أسف وحسرة، لأنه ما كان لما حصل أن يكون، وما كنا نريده أن يكون. وقد رأينا كيف أن الأكراد من منطلق عرقي لم يفعلوا ذلك ولم يقبلوا به، ولم يوافقوا عليه في شخص الرئيس المنصب أمريكيا وبخلفية عرقية كردية. لأنه وإن كان عميلا كغيره من العملاء لم يوافق على ذلك وبخلفية كردية وهو الذي كان معافى من الحقد الطائفي الذي بدا الأخطر في العلاقات الإجتماعية والدولية من الحقد العرقي. وليس صحيحا أن أولئك الملثمين هم موظفون بالوزارة، وحتى إذا كان الأمر كذلك فقد تم الإختيار عليهم، ويكونوا هم أنفسهم قد سعوا إلى ذلك، وليكونوا هناك ولينفذوا فيه حكم الإعدام بذلك المشهد الإحتفالي، كما سبق له أن أعدم آل الصدر وغيرهم من قبل. 7- إضعاف الروح المعنوية للعراقيين الذين مازالوا يحافظون على ولائهم لصدام حسين ولزمرته من البعثيين الذين تلوثت أيديهم بدماء الكثير من أبناء الشعب العراقي. 8- لتأكيد ولاء هذه الحكومة العاجزة الفاشلة، التي هي حكومة الوكلاء العملاء في حضور الأولياء الأعداء والإخلاص لهم، ولآل بوش بالبيت الأبيض وللنظام الفارسي الشيعي في إيران. 9- للغباء وفساد الرؤية السياسية للحكومة الأمريكية الفاسدة بالعراق برئاسة المدعو المالكي، وقد غلب الحقد الطائفي على الحكمة والأخلاق والقيم الإنسانية. 10- وربما لتوريط ما يسمى بالتيار الصدري الذي حمل المالكي لرئاسة الحكومة بما يزيد من الإحتقان الطائفي، والذي سعى على ما يبدو وبكل جهده لإنجاز مهمة إعدام الرفيق صدام حسين كعربون ود وردا للجميل، وتعبيرا منه لوفائه له، إضافة إلى تحقيق غاية في نفسه ولإرضاء أكثر من طرف ومن جهة داخلية وإقليمية وعالمية.هذا التيار ذو الصلة المباشرة والوثيقة كذلك بالنظام الإيراني، والذي أوغل في التصفية والإبادة الطائفية، مما أفسد على أمريكا خططها في مغادرة العراق ببعض ماء وجهها وقد أنهكتها المقاومة وألحقت بها خسائر كبيرة، ليس إلا أحد مكونات الطائفة الشيعية المتعاونة مع الإحتلال، والذي ينتهي دائما في رقصاته المتناقضة للعودة إلى عباءة السيستاني السوداء، وهو التيار الأكبر في الساحة الشيعية، وعلى رأسه مجموعة من المراهقين بقيادة صاحب الشطحات العجيبة المدعو مقتدى الصدر الذي مازالت مكونات الطائفة الشيعية مستفيدة من غبائه السياسي، والدفع به لإذكاء الفتنة الطائفية، محافظة منها على وضع متفجر في كل مستوى وعلى كل صعيد، لا يسمح للقوات الغازية بمجرد التفكير في مغادرة العراق حتى يبلغ الإنفصاليون من أنصار التقسيم والداعين له والعاملين عليه مستوى من العدة والعتاد والإعداد الذي يستحقونه لتحقيق مآربهم دون أن تبقى لديهم حاجة لمن يحمى مشروعهم ويدافع معهم عنه، ويتحقق كذلك لأمريكا ما تريده في المنطقة مما تسميه الفوضى المنظمة… وبإعدامه بتلك الطريقة الهمجية اللإنسانية، وفي ذلك التوقيت المقصود، يكون صدام حسين على ظلمه وبطشه وفساد نظامه قد قضى في نظر الكثيرين حتى من خصومه ” شهيدا” .. وبهذه المواقف وبهذا التعاطف الذي لقيه صدام حسين في الكثير من الأوساط للإعتبارات السالفة الذكر: – بعد الذي مازال يشاهده العالم من مأساة بالعراق. – وبعد إلقاء القبض عليه من قبل الأمريكان. – وبعد محاكمته وإصدار حكم الإعدام بحقه. – وبتنفيذه بتلك الطريقة المخجلة بالغ ما بلغ من الإيغال في الجريمة. كان صدام حسين لعنة على أعدائه حيا وميتا، بسبب أن الذين أعدموه، كان من المفروض أنهم إنما جاؤوا وجيء بهم ليكونوا بديلا ديمقراطيا يحتذى في المنطقة كلها، ولينقذوا الشعب مما كان يتعرض له من هلاك كان صدام حسين وحزبه يلحقونه به. ولكن مازال الذي يتعرض له على أيديهم من بعده أكثر بشاعة. وكانوا من الخونة والعملاء. وكانوا أشد نذالة ودموية وإرهابا منه. ـ الغايات والأهداف: فلئن كانت غايات وأهداف الطائفيين هي بعض ما تمت الإشارة إليه سالفا، سواء كانوا يقصدونها أو لا يقصدونها، وسواء كانت حاضرة لديهم أو غير حاضرة، وسواء كانوا يعلمون ذلك أو لا يعلمونه، فإن كل ذلك وغيره يمكن أن يكون صحيحا، وأن لكل ذلك تداعياته على الداخل والخارج العراقي. وإذا كانت الغايات والأهداف القريبة والظرفية التكتيكية كذلك وفي ذلك المستوى، فإن الغايات والأهداف الإستراتيجية التي يجب الوقوف عندها، ليس من خلال إعدام صدام حسين فقط، ولكن من خلال عودة الإستعمار للمنطقة هي أكبر من ذلك. لقد دخلت أمريكا المنطقة غازية عسكريا بأربعة عناوين لغايات أساسية هي: 1- محاربة الإرهاب: وهي الحرب الإستباقية التي أعلنتها أمريكا على العرب والمسلمين، بعد الهجوم الذي شنه عليها تنظيم القاعدة بواشنطن ونيويورك يوم 11/9 /2001، على قاعدة القانون الروماني القديم وعلى قاعدة المعتقد اليهودي القائلين بمعاقبة الجميع بجريرة البعض لإجهاض مشروع حركة التحرر العربية الإسلامية في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي وفي العالم. 2- نزع أسلحة الدمار الشامل: الذي أوهمت العالم أن النظام العراقي في عهد صدام حسين كان يملكها، وهو يشكل بها خطرا على جيرانه وعلى العالم، لضمان أمن جيرانه والمنطقة والعالم، بما في ذلك إيران، التي كان العرب والغرب كله قد مد له يد المساعدة والمساندة المطلقة واللامشروطة لشن الحرب عليها بالوكالة عنهم. وكانت ذريعته في ذلك في حينه، المشكلة الحدودية بين العراق وإيران، والتي كان من المفروض أنها منتهية منذ أن أمضى صدام حسين نفسه بالنيابة عندما كان مستشارا للرئيس العراقي حسن البكر على تسويتها مع نظام الشاه في ذلك الوقت بالجزائر سنة 1975. 3- الإصلاح السياسي وإصلاح مناهج التعليم: وهي التي تفسد ولا تصلح، بهدف فرض الثقافة العلمانية ذات الأصول المسيحية اليهودية، المشروع الإستراتيجي لحركة الإستعمار كلها منذ أن انطلقت في القرن الرابع عشر، وقطع الطريق أمام الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة، المشروع الأساسي لحركة التجديد والإحياء والإصلاح العربية الإسلامية، وليس تلك الرسمية السائدة المغشوشة. 4- فرض نماذج لأنظمة ديمقراطية تحتذى: على الطريقة الأمريكية الغربية وعلى مقاسها، وبما يحقق العولمة الثقافية حيث لا ثقافة غير ثقافة الغرب ولا شعوب ولا أوطان ولا أمم ولا حضارات ولا خصوصيا ولا ثوابت غير ثقافة وحضارة الرجل الأبيض الفاتح المسلح والباحث عن الثروة.
ومن خلال هذه الغايات وغيرها يهدف الغرب الصليبي العنصري بقيادة الإمبراطورية الأمريكية إلى: 1- فرض العولمة كخيار غربي أمريكي، لتكون أمريكا هي الآمر الناهي في العالم كله بما في ذلك الدول الغربية والإتحاد الأوروبي الآخذ في التشكل والإمتداد شرقا حفاظا على أكثر ما يمكن من النفوذ والمصالح أمام تهديد النفوذ والتفوق الأمريكي ماليا واقتصاديا وإعلاميا وعسكريا. هذه العولمة التي يريدها الإتحاد الأوروبي ودول شمال آسيا غربية يهودية صليبية وثنية، وتريدها أمريكا أمريكية صهيونية، بعدما أضافت للصواريخ العابرة للقارات الإعلام العابر للآفاق، والشركات العملاقة العابرة للقارات، والرساميل العابرة للقارات، على أساس قاعدة الإقتصاد الحر القديمة المعروفة :(دعه يفعل دعه يمر). 2- تأكيد الهيمنة المطلقة لدولة الكيان العبري الصهيوني اليهودي في الشرق الأوسط كامتداد طبيعي للوجود وللنفوذ الغربي وللنمط الحضاري والإجتماعي الغربي، و كانت تراهن عليها منذ البداية لتكون إسفينا مدقوقا في ظهر الأمة العربية تحديدا، وعامل إعاقة دائمة للتطور الحضاري المعرفي التقني والعلمي والإجتماعي والإقتصادي والسياسي، وهي التي ساهمت الحركة القومية العربية، والنظام الإقليمي العربي، والدولة القطرية المولود غير الشرعي لحركة الإستعمار، في إيجادها وبقائها واستمراها في الوجود قوية، بشكل ليس هنا مجال تفصيله(يأتي بيان ذلك في دراسة لنا مازالت بصدد الإعداد والمعالجة بعنوان: خلفاء الإستعمار). 3- تنفيذ برنامجها في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي الأكثر تنوعا دينيا وعرقيا وطائفيا وأثنيا، والأكثر انقساما، والذي تسميه الفوضى المنظمة، بتفتيت المفتت لتزيد تلك الأوضاع انقساما وتوترا وتصادما وفرقة على أسس دينية وعرقية وطائفية. ولتكون هي الجهة القائمة على تنظيم هذه الفوضى التي تعمل على إيجادها، كما هي قائمة وبنجاح على تنظيم فوضى الإنقسام القطري. وكما نجح الإستعمار من قبل في تفتيت الموحد من الأمة الإسلامية وبتركيز خاص على المنطقة العربية لرمي العرب فيها بدولة الكيان الصهيوني، وكانت الحركة القومية العربية خير معين له على ذلك. 4- العمل بكل الوسائل وعلى مدار الزمن، ومع كل من يسمع لها ويطيع، على إجهاض مشروع الحركة الإسلامية المعاصرة التي أصبحت الممثل الحقيقي الشرعي صدقا وعدلا لحركة التحرير العربي الإسلامي بالرغم مما تعانيه من نقائص، وممازال يكتنف مشروعها من غموض في مواجهة الإستبداد والصهيونية والإمبريالية العالمية لتحقق برنامجها في الوحدة العربية الإسلامية والتنمية والثورة العلمية والتقنية بالتنسيق والتعاون مع كل الوطنيين والأحرار والمستضعفين في العالم. 5- مواصلة فرض المشروع الثقافي والسياسي والإقتصادي والإجتماعي الغربي على كل أمم وشعوب الأرض وفي استهداف خاص: أ- للعرب والمسلمين بخلفية صليبية. ب- ثم بخلفية استعمارية للهيمنة والنهب. ومن ثمة كان حرصها على الإطاحة بصدام حسين المتقلب في المواقف، والذي لا يؤتمن جانبه بالرغم من علمانيته، ولكن يبقى دائما من بقايا امتدادات الإتحاد السوفياتي سابقا، ومازال محافظا على علاقاته بروسيا. وكان تراجعها في برنامج الديمقراطية والإصلاح للشرق الأوسط الكبير الذي دخلت به المنطقة غازية، عندما جاءت نتائج الإنتخابات النيابية التي حصلت بالمنطقة لصالح الإسلاميين في الحركة الإسلامية، وخاصة بفلسطين. وبالرغم من توتر علاقاتها بإيران منذ الثورة التي أطاحت بشرطيها في الخليج الشاه، إلا أن اللقاء قد جمعهما من أجل الإطاحة بنظام إمارة طالبان الإسلامية السنية التي لا ترغب فيها إيران خاصة، والتي كانت عينها على أقلية شيعية هناك، على قاعدة الحرب على الإرهاب. وإذا كان لابد أن تبقى أمريكا غارقة في الوحل الأفغاني، فإنه لا حاجة ولا ضرورة بعد ذلك لإيران بأن تقاسمها الغرق في نفس الوحل، بعد أن أصبحت علاقة الأقلية الشيعية في مزار الشريف مدينة بالولاء لأمريكا وللقوات الغربية هناك، مثلها في ذلك مثل أغلب مكونات الطيف الطائفي الشيعي في العراق بعد ذلك. وقد تبين أن علاقة التوتر الظاهرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران لا تحول دون الإلتقاء على نفس الصعيد عند تقاطع المصالح، وهي التي لم تلتق معها بوضوح على أي صعيد بالقدر الذي كان عليه الإلتقاء في أفغانستان بدافع طائفي عدواني لأهل السنة، خاصة بعد ما افتعلت قضية قتل الجواسيس الإيرانيين بمزار الشريف من طرف مقاتلي طالبان عندما كان لها السيطرة على نسبة % 95 من أرض أفغانستان، اعتبرت أنهم دبلماسيين في دولة لم تكن إيران معترفة بها أصلا. وليس بنها وبينها بالتالي تبادل تمثيل دبلماسي. وبعد غرق الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة اليمين المسيحي اليهودي المتطرف في أفغانستان، كانت إيران بالرغم من مواصلة الخطاب المتوتر ضد أمريكا، وهو خطاب لا يعدو أن يكون لغير الإستهلاك الإعلامي لا ترى مانعا من إقدام أمريكا على الإطاحة بنظام صدام حسين صديق الأمس بالعراق، وهي التي أذاقها طعم الهزيمة بعد حرب بينها وبينه دامت ثماني سنوات. تلك الحرب التي كانت حقيقتها ودافعها غير المعلن استقطاب الثورة الإيرانية الشيعية المذهبية شيعة العراق بالجنوب. وكان الدافع المعلن لإشعالها، تراجع صدام حسين على رأس النظام العراقي في المعاهدة الحدودية لسنة 1975، وبدعم عربي ومباركة من جل الأنظمة العلمانية اللائكية والنخبة الداعمة لها، من منطلق الفكر التقليدي وطبيعة النظام السياسي العربي التقليدي الملامس للإسلام على المعنى المتوارث منذ الإنقلاب الأموي على نظام الخلافة الراشدة الشوري، وإقرار نظام الوراثة العضوض، وهو الذي أصبح تغلب عليه التقاليد. ومن منطلق طائفي استنادا إلى فهم للإنقسام الطائفي السني الشيعي في تاريخ الإسلام، وتلك الثورة التي كنا في حركة الإتجاه الإسلامي في تونس في ذلك الوقت، والتي هي حركة النهضة في ما بعد، قد دفعنا ثمن تأييدنا لها ومساندتنا لإيران في ذلك الوقت غاليا، عندما كان قد ساد عندنا الإعتقاد بأننا بين يدي ثورة إسلامية. وقد أدخلت بها إيران التشيع بيوتا ما كان له أن يدخلها بغيرها. وإذا كان النظام الإيراني العلماني الفارسي في عهد الشاه مناهضا للعروبة والإسلام، ومساندا وداعما وموال للغرب وللصهيونية، فإن إيران الملالي، إيران الثورة “الإسلامية” قد جعلت:
– من الإسلام في مفاهيمه الطائفية المذهبية الشيعية. – ومن إظهار العداء للإمبريالية الأمريكية والصهيونية العالمية، ومناهضة ثقافة وحضارة الغرب. – ومن القضية الفلسطينية.
البوابة التي دخلت منها العالم الإسلامي والمنطقة العربية لاحتضان الأقليات الشيعية، وللتمكين للتشيع وتصحيح عقائد المسلمين التي يعتبر الشيعة أنها منحرفة وفاسدة يقضي الواجب الشرعي منهم إصلاحها وتوضيحها، وليس لتحرير فلسطين والقدس، لأن للشيعة من المزارات والأماكن والعتبات المقدسة ما لا يجعلهم في حاجة كبيرة للإلتفات للمسجد الأقصى، إلا ربما بعد تحرير البيت الحرام من هيمنة “النواصب” عليها.
وهي التي تملك من الحقد والكراهية: 1- بدافع مرارة الهزيمة التي ألحقها بها صدام حسين والنظام البعثي في العراق. 2- وبدافع عداءها للدولة العلمانية، كدولة طائفية شيعية ذات أصول إسلامية. 3- وبدافع التخلص من رجل قوي جمع كل ثقافة الإستبداد والدكتاتورية على رأس بلد يملك من الثروات والقدرات ما يجعله قوة إقليمية على حدودها مباشرة، لا يمكن إلا أن يكون معرقلا لتصدير الثورة للمنطقة، ولشد أنظار الشيعة بصفة خاصة لها، وإعطائهم روحا معنوية طائفية قوية، والبحث على نفوذ لهم في الأقاليم العربية التي لهم فيها وجود، وحادا من نفوذها ومعرقلا لتقدمها طائفيا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا.
وهي التي كان لابد بناء على ذلك، أن تكون طرفا مساعدا ومهما لا يرى مانعا من وجود القوات الأمريكية على حدودها في العراق، كما كانت لا ترى مانعا من وجودها (وهي الشيطان الأكبر)على حدودها في أفغانستان من قبل، إذا كانت ستغرق مرة أخرى في وحل مستنقع بلاد الرافدين. ولا غرابة في القول من دعم إيران للمقاومة في أفغانستان، وحتى لبعض الجهات ربما في العراق بطريقة أو بأخرى، فليس ذلك على قاعدة تحرير العراق وأفغانستان وفلسطين، ولكن لإحداث توازن يطيل أمد الصراع ويبقي على القوات الأمريكية والوجود الصهيوني في مناطق الصراع العسكري أكثر وقت ممكن، تكون إيران قد أخذت فيه من الوقت ما يكفي لتكون القوة الإقليمية في المنطقة بدون منازع في إطار الإعداد لمشروع أكبر ينتهي بها إلى ما يعتبره الشيعة الصفويون المهمة الكبرى والمسؤولية التاريخية التي يقتضي الواجب الشرعي منهم القيام بها وهي تحرير مكة. وإن كان هذا الذي تقوم به إيران من إعداد وإصلاحات يتناقض مع مقتضيات ظهور المهدي المزعوم الذي يستعجلون فرجه. وهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي استطاعت أن تكون طرفا في الإطاحة بنظامين تكون أمريكا هي الطرف المهم والأكبر في القيام بذلك في إطار تقاطع المصالح، حتى أنها لتبدوا أنها إنما تقوم بذلك بالوكالة عنها. وهي التي عززت موقف أمريكا المهووسة بالحرب على الإرهاب في غزو العراق بتحالف وولاء التنظيمات الشيعية بالجنوب خاصة بها، والتي أحاطها المرجع الديني الطائفي الصفوي علي السيستاني برعايته وتأييده. وفعلا فقد نجحت إيران في الإطاحة بصدام حسين عدوها اللدود بتحالف مع أمريكا عبر ميليشياتها في العراق، كما استفادت من إطاحتها بنظام طالبان وملاحقة القاعدة.
فقد كانت إيران هي المستفيد الوحيد من تورط أمريكا في تحقيق هدفها من رغبتها في الإطاحة بصدام حسين ونظامه لتتحقق لها بذلك رغبة أخرى في الإبقاء على الوضع متفجرا من حولها وفي العراق بالذات لأهداف استراتيجية منها:
1- بلوغ مرحلة متقدمة في برنامجها النووي تفرض به على المجتمع الدولي القبول والتسليم بها كما أسلفت كقوة إقليمية يحسب لها حسابها في المنطقة وفي المعادلة الدولية، وكدولة نووية تكون صاحبة حق في دخول النادي النووي الدولي. 2- الإبقاء على أمريكا في المستنقع الأفغاني والوحل العراقي حتى لا تتفرغ لها فبل بلوغ حالة الإستعصاء على إضعافها والحد من تنامي قدراتها الإستراتيجية الإقتصادية والصناعية والعسكرية، وقبل امتلاكها للسلاح النووي الذي تضعه نصب عينيها، وتسخر له كل إمكانياتها، وتسعى لامتلاكه بكل الوسائل، وهي على ما يبدو على قاب قوسين أو أدنى من ذلك. وليست المسألة إلا مسألة وقت لا غير. فإيران هي الدولة التي لا ترى ربما أمريكا حرجا في النهاية:
أ- بعد ما علمت طبيعتها الطائفية والعرقية الفارسية. ب- وبعد ما علمت أنها لا يمكن على أساس منظومتها الفقهية التقليدية التكفيرية أن تنسجم مع المحيط العربي الإسلامي السني الغالب، وأن لا يتم القبول بها فيه باطمئنان، ما لم تمتد جسور الحوار والتواصل الجاد وتحسن النوايا وتصدق، باتجاه علاقات أكثر وضوحا وأكثر جدية وصدقا في إطار الإحترام المتبادل والجاد من أجل صالح عموم المسلمين، بعيدا عن الحسابات الطائفية والمذهبية والعرقية، من تبادل الأدوار والمصالح معها، وذلك ما لا ترى فيه مانعا، بل لعل ذلك ما تسعى إليه مرحليا على الأقل، مثلما كانت تفعل مع الشاه من قبل، إذا ما تجاوزت حدود السيطرة عليها، وذلك ما ليس من السهل على أمريكا أن تتنازل لها عليه، ولا الإتحاد الأوروبي وإن بدرجة أقل، ولا الكيان الصهيوني الذي مازال يعتبرها خطرا جديا واستراتيجيا عليه:
1- من خلال اهتمامها بالمنطقة. 2- ومن خلال وجودها على خط التماس على الحدود اللبنانية من خلال حزب الله المنحدر من رحمها والذي جعلت منه قوة ضاربة استطاع أن يلحق بها أكثر من هزيمة بعد أن أحاط نفسه بأسطورة المالك للجيش الذي لا يقهر. 3- ومن خلال حملتها الإعلامية المتواصلة عليه، وهي كما أسلفت، مازال ذلك بالنسبة لها ليس أكثر من جزء من خطة لدخول المنطقة، ولتكون لاعبا أو اللاعب الرئيسي فيها، باتجاه استكمال أسباب القوة، وفي الخطاب السياسي والإعلامي المتوتر خاصة بعد صعود الإبن المدلل لمرشد الدولة “الإسلامية” علي خامنائي أحمدي نجاد تجاه الرأي العام العربي الإسلامي للتمكين لعقيدة التشيع والتبشير لها، وهذا ما بدأت تخطوا فيه بنجاح في الكثير من أنحاء العالم العربي الإسلامي. فأمريكا لا تعلم اليوم كيف السبيل للخروج من المأزق العراقي. هذا العراق الذي لم تنجح إلا في الإطاحة بنظامه السابق، وإلا في إلقاء القبض على رئيسه السابق صدام حسين ومحاكمته وتنفيذ حكم الإعدام فيه من أجل أقل جرائمه التي ارتكبها فيه إثارة.
أ- فلا هي قادرة على الخروج منه. ب- ولا هي قادرة على البقاء فيه. حتى وهي “الشيطان الأكبر” في الإعلام وفي الثقافة الإستهلاكية الإيرانية، وهي التي يتداولها الإعلام الأمريكي في تصريحات رعاة البقر من اليمين المتطرف المتصهين في البيت الأبيض على أساس أنها دولة شريرة كانوا قد أنزلوها في محور الشر مع العراق على عهد ” الشهيد ” صدام حسين ومع كوريا الشمالية، كانت الجسور غير الرسمية بينهما مفتوحة على الطريقة الأمريكية الإيرانية، لتتوجه لها ولسوريا بطلب مد يد المساعدة للبحث معها عن حل مشرف للخروج من العراق ولو ببعض ماء الوجه بعد أن أقرت بهزيمتها ومن معها من العملاء والخونة في الشمال والجنوب أمام المقاومة الباسلة المجاهدة، وبعد أن جربت سياسة التحذير والتهديد والوعيد التي عاد إليها الإرهابي بوش الصغير في خطته الأخيرة بعد ما ضرب عرض الحائط بتوصيات بيكر هاملتن وقرر إرسال 27000 جندي أمريكي إضافة إلى الـ130000 القدامى وأدار بظهره لها ولسوريا، وتوجه صوب الأردن ومصر والعربية السعودية ليكون له، ربما مع سوريا وإيران، موقف وشأن خر، وقد قوبل طلبه بالرفض، لأن البلدين من محور الشر بحكم علاقة التلازم القائمة بينهما منذ الثورة الإيرانية، والذي يشكل البعد الطائفي بين النظامين حجر الزاوية فيها، وهما الذان لا يريدان لها إلا أن تظل كذلك، حتى لا تجد ولو فرصة واحدة لمجرد التفكير لفرض أي عقوبة على أي منهما. والحقيقة أنه لا أمريكا ولا إيران ولا سوريا تملك الحل للقضية العراقية، ولا كيفيات وسبل معالجتها والخروج منها. فإيران لم تكن في الحقيقة رافضة للبحث مع أمريكا عن حل للحالة العراقية ولكن:
– أولا: لأنها وسوريا جزء من المشكلة وليستا جزءا من الحل. – ثانيا: لأنه لا مصلحة لهما في ذلك مطلقا. وهما التان لا تريدان لأمريكا أن تخرج من كل هذه الأماكن البركانية المتفجرة. – ثالثا : لأنهما لا تملكان الحل وليستا قادرتين عليه. وكذلك كل دول الجوار التي مازالت أمريكا تعول ربما عليها لإخراجها من المأزق.
ولعل بعد الذي حصل في العراق وخاصة: – بعد الضجة التي أثارها إعدام صدام حسين في الوسط السني والإنساني في العالم. – وحملة التطهير الطائفي التي يقوم بها أصحاب الحل السياسي بالبلاد من شيعة العراق بإشراف إيراني مباشر. – وبعد يأس أمريكا من جدوى البحث عن حلول لمشاكلها في العراق بالتعاون مع إيران وسوريا التين هما كما أسلفت لا يمكن أن يكونا جزءا من الحل باعتبارهما جزءا من المشكلة. – وبعد القلق الأردني والمصري والسعودي من النفوذ الإيراني المتعاظم ومن خطورة الهلال الشيعي الذي تمت الإشارة إليه في العديد من تصريحات كل من قيادات مصر والأردن والسعودية. فيبدوا أن أمريكا قد بدا أنه من الأجدى لها التوجه إلى حلفائها التقليديين الأكثر وفاء للبحث عن سبل أفضل لحل مشاكلها في المنطقة وفي العراق تحديدا، وللحد من النفوذ الإيراني وما يمكن أن يشكله من خطر على المنطقة كلها. وما هذه المحاولات وهذا التخبط إلا محاولة للهروب مما لابد منه في النهاية. فهي محاولات جادة ومتواصلة لاستثناء المقاومة، وهي وحدها التي تملك الحل وتمسك بأوراق اللعبة، وجل إن لم تكن كل خيوطها. وليس أمام أمريكا إذا كانت تريد أن تريح نفسها وتريح شعبها وتريح المنطقة التي لا تريد أن تريحها ولا تريد لها الراحة، وما زالت تعمل بكل جهد وبكل الوسائل لفتح جبهات فيها، والزيادة في حدة التوتر الذي لم يفارقها منذ زمن بعيد، ولعلها أكثر مناطق العالم توترا قديما وحديثا،وستظل على ما يبدو كذلك طالما:
أ- أن أهلها منقسمون على أنفسهم عرقيا وطائفيا ومذهبيا وثقافيا وحضاريا أيما انقسام. ب- وأن ولاء أغلب الفاعلين فيها للأجنبي أكثر من ولائهم لأوطانهم وشعوبهم وللأمة. ج- وأن كل التوقعات على أساس المعلوم من أمر مخزون الطاقة في العالم أن آخر برميل نفط سيكون استخراجه منها ومن العراق تحديدا، وتريح العالم من حولها، إلا أن تتواضع وتتنازل عن كبريائها الزائف وعنجهيتها وتعجرفها واستكبارها الذي لم يجلب لها إلا الهزائم في كل الحروب التي أشعلتها في أنحاء مختلفة من العالم، والذي ساءت بها سمعتها في الكون كله، وتتوجه صاغرة للبحث عن حل لنفسها لدى مختلف فصائل المقاومة التي وحدها كذلك مع كل أحرار العراق القادرة على بحث الحلول المناسبة للعراق وللشعب العراقي، تاركة استراتيجية محاربة الإرهاب وعدم التعاطي وعدم الحوار مع من تصنفهم إرهابيين وراء ظهرها، والإتجاه لبحث حلول للعالم وتحقيق الأمن والسلام لكل الشعوب مع من لا دور لهم في تحقيق السلام والأمن، ومعرضة عمن لا سلام في العالم بدون التشاور والتحاور وبحث الحلول معهم، لإنهاء المظالم وتوجيه النفقات الهائلة المرصودة لتغطية الحروب المدمرة وإشعال أوارها، وتكديس الأسلحة التقليدية وتطوير أسلحة الدمار الشامل، لتطوير البحث العلمي في المجالات الإنسانية، وإطعام الملايين من الأفواه الجائعة، وتوفير مياه الشرب والري لكل شعوب الأرض، ومواجهة الأوبئة الفتاكة المنتشرة في العالم، والعمل على إنقاذ الحياة على الكرة الأرضية كلها من خطر تأثير الإحتباس الحراري ،والتي لا تزيدها الحروب والتلوث الذي يصيب الكون بسبها وبفعلها إلا استفحالا، والتي تفتك بملايين الأنفس يوميا، من مثل الفيضانات والأعاصير والزلازل والجفاف والعواصف والإيدز والسرطان والملاريا والحمى القلاعية وأنفلونزا الطيور والسل الذي افلت مجددا من عقاله وغير ذلك من الأمراض الفتاكة والكوارث الطبيعية. 3- ولعل إعدام صدام حسين هو رسالة موجهة من البيت الأبيض للقيادات في النظام العربي الفاسد، مفادها أن الإطاحة بهم ودق رقابهم هو رهن إشارته في الوقت الذي تراه قياداته مناسبا، وهي القادرة عليه دائما، وهي البالغة مستوى من الإجرام يسمح لها أن تقوم بذلك متى بدا لها ذلك مناسبا إلى جانب القدرة عليه، والتي أصبح لها من التقاليد في ذلك ما لا يستطيع أن ينكرها عليها أحد. فالحي منهم من تريد له قيادة البيت الأبيض الحياة، والمقتول منهم من تريد أن يقتل، تصفية جسدية أو سياسية أو الإثنين معا. فرقابهم مملوكة لها، ومن أطاعها سلمت رقبته، ومن عصاها دقت كما دقت رقبة صدام حسين ورفاقه. وهي الواجدة على ذلك أعونا لها في المنطقة العربية وفي العالم. وقد استوعب ” القائد ” العقيد معمر القذافي الدرس جيدا. فلم يكن هتلر ولا موسيليني ولا شاوسيسكو ولا السادات ولا ميلوسوفيتش الذين أطاحت بهم شعوبهم أو قتلتهم عبرة لهم، ولكن كان صدام ونوريقا والملا عمر وهم بين محتجز و مطارد ومقتول عبرة لمن يعتبر منهم. وما من أحد منهم يخشى الله أو الشعوب على موقعه السياسي أو حياته، بقدر ما يخشى أمريكا والكيان الصهيوني. وقد صاحب ذلك ما يشبه اليقين عندهم أن حياتهم ومماتهم قد أصبحت بيد هذين القوتين. فهما القادرتين على قتلهم كما فعلت أمريكا بصدام حسين وبأيادي عراقية، وكما فعل الكيان الصهيوني بياسر عرفات وبأياد فلسطينية. وهما القادرتان على الإبقاء عليهم أحياء، وهم من كانوا دائما أحرص الناس على حياة. 4- أما هذا الهدف فإن شعوب منطقة أكبر مخزون للطاقة من النفط والغاز الطبيعي خاصة، وشعوب العالم الإسلامي عامة، وعالم المستضعفين عموما هي المعنية به. ذلك أن احتلال العراق وإعدام صدام حسين قد يكون رسالة مفادها، وربما تعني من بين ما تعنيه، أنه لا قدرة لك أيتها الشعوب على الثأر لنفسك بنفسك من المستبدين والظالمين المتسلطين الذين أوجدهم أو يوجدهم غيري، أو وجدوا بطريقة غير شرعية أو غير مقبولة، والذين مازالت لي القدرة وحدي على الإبقاء عليهم أو كنسهم، إلا بتدخلي ومساعدتي. فمن والاني واستنجد بي ليكون بديلا أفضل، وتتحقق من خلاله مصالحي المختلفة، وتدفع به عني المخاطر والخسائر، فإنه بالغ ذلك لا محالة بكل الوسائل وفي الوقت المناسب، كما حصل في الشيلي وفي غيرها من بلاد العالم قديما، خاصة في مرحلة الحرب الباردة وبعدها، ومثلما حصل في أفغانستان وفي العراق وفي الشيشان وفي الصومال حديثا كما يرى العالم كله. ومن عاداني واستغنى عني فلا قدرة له على الخلاص والتحرير. وليس أمامه إلا القبول بالأنظمة الفاسدة المستبدة كقدر مقدور عليه. وهي التي ستظل متسلطة على رقابك وأنا داعمة لها طالما كانت وفية وخادمة لي، ولا أمر لها إلا أمري ولا نهي لها إلا نهيي. فأمريكا هي القوة التي لا صداقة دائمة لها لأحد، ولا عداوة دائمة لها في النهاية لأحد. وهي التي حيث المصلحة والسلامة. وهي التي في النهاية ليس أمامها كما كل قيادات الغرب الصليبي إلا التسليم بحق من يصر على انتزاع حقه منها. والحقوق في شرائع الأرض والسماء وفي ثقافة الظالمين لا تعطى وإنما تفتك. ومن أراد حقا فليس أمامه من خيار إلا أن يفتكه ممن اغتصبه منه أو أن يموت دونه. فما ضاع حق وراءه طالب. ومن مات دون ماله وعرضه مات شهدا كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال. 5- لقد بات شبه متأكدا لأنظمة الإستبداد أن دور الشعوب في الإطاحة بها بدا بعيدا إن لم يكن مستحيلا، لأنه بقدر ما تكون وفية للقوى الدولية الإستعمارية بقدر ما تكون في مأمن من الإطاحة بها من طرف شعوبها، مما يزيدها ولاء وعمالة وخدمة لها لدرء الإسقاط ودق الرقاب، ومما يزيدها استهتارا بالشعوب واستخفافا بها والزيادة في اضطهادها وظلمها والتسلط عليها. هذه الشعوب التي أصبحت لا تأمل هي نفسها في القدرة على ذلك بدون دعم خارجي. ولعل همة أعداء الشعوب الداخليين والخارجيين تتجه نحو إسقاطها في الإحباط حتى تصرفها عن مجرد التفكير في غير ذلك، مما يفسح المجال واسعا أمام القبول دائما بأحد أمرين:
أ- أما الإستبداد. ب- أو الإحتلال. وتتضاءل الآمال لديها في الإستقلال، ويستقر الأمر على حال من الإحباط لم يعد فيه للشعوب أي دور سوى تزكية الإستبداد على قاعدة:
1- أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان. 2- والقبول بالسيئ خوفا من الأسوإ. هذا الدعم الذي إما أن يكون:
أ- لصالح الأنظمة عندما ترى أن خطر إطاحة الشعوب بها أصبح واردا أو ممكنا أو بات وشيكا أو محتملا. ب- أو لصالح الشعوب عندما ترى القوى الدولية أن أي من هذه الأنظمة لم يعد من مصلحتها الحفاظ والإبقاء عليها. وما يبدو لصالح هذا أو إلى جانب ذاك، فليس فيه في الحقيقة شيء لصالح الشعوب المستضعفة أو لصالح الأنظمة العميلة المرتهنة سياسيا، والملحقة والتابعة ثقافيا وحضاريا. وما من تدخل إلا ليكون لصالح الجهة الدولية المتدخلة لإعادة ترتيب الأوضاع في هذا البلد أو ذاك. ولا يمكن لسنن الكون والتاريخ أن تسمح للقوى الشريرة المستبدة الظالمة أن تكون وحدها صانعة التاريخ، من غير أن يكون لحركة الشعوب بقيادة قوى التحرر دورا مركزيا فيها. ومن ثمة فإن هذه القوى بمختلف مرجعياتها وقناعاتها وتصوراتها وثقافاتها وأدواتها وإمكانياتها مدعوة للإلتقاء والتنسيق والتعاون والتضامن للقيام بمهامها التاريخية في مواجهة الظلم والقهر والغبن والحيف والإستبداد والإحتلال حفظا لكرامة الإنسان ولأمنه وسلامته ووحدته الإنسانية. ومن هذا المنطلق وجب على حركة التحرر العربي الإسلامي أن تمد الجسور:
– مع حركة الإحتجاج ضد العولمة. – ومع التحولات السياسية نحو مزيد تحقيق الرفاه والحرية والعدالة الإجتماعية والتداول السلمي على السلطة في أمريكا اللاتينية. – ومع حركة الإحتجاج الداعية لغلق معتقل غوانتانامو بخليج المكسيك وغيرها من المعتقلات السرية والمسالخ في كل أوطان أنظمة الإستبداد وحيث ما حل الإحتلال، والتي تسحق فيها إنسانية الإنسان الحر الرافض للإستبداد والإحتلال والظلم والحيف والاستعباد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان. – ومع المسيرات الإحتجاجية في مختلف أنحاء العالم، والتي ينظمها ويقودها ويشارك فيها الكثير من شرفاء العالم من مختلف الأديان والمعتقدات والثقافات والأجناس والأعراق والألوان لمناصرة الشعب الفلسطيني والداعية لإنهاء الحرب في العراق ومغادرة قوات الإحتلال له. والذي بات مؤكدا ولا مفر منه:
أ- إذا كانت هذه الأمة، من خلال ما حصل وما هو حاصل تعلم أنها كلها في دائرة الإستهداف الغربي الصليبي واليهودي الصهيوني. ب- وإذا كانت تريد أن تكون يوما ما محترمة ومهابة. ج- وإذا كانت تريد أن ترى المنطقة محررة من الإستبداد والإحتلال والإستعمار. د- وأن لا تظل مسرحا للحروب وساحة لتجريب آخر ما تنتجه مصانع شركات وتجار الأسلحة. أن تتجاوز خلافاتها، وقد اختلط في المنطقة العربية أربعة أطراف رئيسية غير متجانسة ومختلفة إلى حد التناقض وهي:
1- النظام العربي العلماني والتقليدي الهجين وملحقاته من النخبتين العلمانية والتقليدية الداعمتين بكل انتهازية وعبثية وعدمية له. 2- الكيان الصهيوني رأس حربة الغرب الإستعماري الصليبي في المنطقة، والذي أصبح يمثل التناقض الأخير في أولويات النظام العربي والنخبة العلمانية التي أصبحت تشعر رغم احتضان القوى الدولية لها، أنها في الهزيع الأخير من ليلها. 3- الحركة الإسلامية التي هي في طريق اكتمال تشكلها كحركة تحرر عربية إسلامية، والتي أصبحت تمثل التناقض الأول في فكر وسياسة واستراتيجية النظام العربي المنتهية صلاحيته والذي يلعب اليوم في الوقت بدل الضائع، والنخبة العلمانية المراهنة في الكثير من مكوناتها على الدعم الغربي لها لتحقيق بعض الإستمرار في الساحات الوطنية والإقليمية. وليس ثمة ما هو أكثر وضوحا في المشهد مما يحصل في العراق وفي أفغانستان وفي فلسطين وفي مصر وفي تونس وفي الجزائر وفي الصومال وفي كل البلاد العربية الإسلامية. 4- النظام الإيراني وطبيعته القومية الفارسية في إطار المنزع الشيعي المذهبي، والذي سعى منذ البداية لأن يكون مركز استقطاب للأقليات الشيعية التقليدية خاصة، وإلى التبشير للتشيع ككل ثورة تعمل على التمكين لفكرها وعقيدتها وثقافتها من خلال طبيعة نظامها السياسي. وذلك ما سعى إليه في المنطقة منذ الإطاحة بنظام الشاه. والذي عمل بذلك على تفجير التناقض الطائفي الذي انتهى إلى الإحتراب خاصة في العراق. وهو النظام الذي مازال أبعد ما يكون إلى الآن عن الإنسجام مع مكونات المنطقة الرسمية منها والإسلامية. والذي يبدو محاربا للكيان الصهيوني من خلال حزب الله في جنوب لبنان، ومتحالفا عبر امتداداته مع قوات التحالف الغربي بقيادة أمريكا في أفغانستان والعراق. وإذا كانت إيران قد اتجهت بعد الثورة إلى المنطقة العربية والعالم الإسلامي بعد أن كانت معرضة عنها قبل ذلك، لتلمس طريقا في العالم الإسلامي إلى الأقليات الشيعية وعبرها، على خلفية عداء تاريخي تكفيري لأهل السنة وكل من خالف الشيعة في المذهب، وذلك ما تنص عليه المنظومة الفقهية الشيعية، وكتاباتهم في التاريخ، وقراءتهم وفهمهم للنصوص القرآنية والسنية، مازالت لم تراجع نفسها فيه، ولم يبدو منها استعداد لذلك، ولا للتخلي عن ما هو منه من الموروث التاريخي الذي يبعد ولا يقرب، ويفرق ولا يجمع، ويفسد ولا يصلح، ويضر ولا ينفع، فإن النظام العربي الفاسد خاصة العلماني منه، كان جادا في استبعاد الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة. وكان أبعد ما يكون عن الموروث الثقافي العربي الإسلامي، والذي ظل يرفض أي معنى وأي وجود للنظام الإسلامي على أي نحو وعلى أي شكل، هو الذي بعدائه للإسلام الذي كان ومازال يعبر عنه من خلال إعلان حربه على الحركة الإسلامية السنية التجديدية الحديثة ومشروعها الإسلامي الأصولي الإصلاحي منذ بداية ظهورها، يمكن للبرنامج الإيراني الطائفي المذهبي، وسط جهل المسلمين بالإسلام الصحيح، وبالثقافة الشيعية التي تغلب عليها الخرافة والأسطورة. وبفسح المجال للجمعيات الثقافية التي تدار من خلالها الكثير من الأنشطة، والتي وهي كذلك، إلا أنها لا تخلوا من أنشطة استخباراتية، ومن ضخ مالي كبير لشراء الذمم لكسب أكثر ما يمكن من الأنصار والمؤيدين (كجمعية أهل البيت الثقافية بتونس) مثلا. في هذا الجهل وهذه الحرب المعلنة على هوية الأمة العربية الإسلامية في المنطقة العربية، ومحاصرة الحركة الإسلامية ومنعها من إنجاز مهمة إقامة النظام الإسلامي الراشد، بدت إيران الأنموذج الوحيد للنظام الإسلامي في العالم، والذي جاءت به حركة الخميني عن طريق ثورة على أقوى نظام في المنطقة. فكان النظام الجديد مركز استقطاب منذ ذلك الوقت للكثير من المثقفين والشباب المتدين منه خاصة، لاعتبارات ولأسباب ولأهداف كثيرة لا يتسع لها هذا المقال. وكغيره من الأنظمة التي قامت في المنطقة العربية، فقد كان اهتمام النظام الإيراني مبكرا بالقضية الفلسطينية، وعمل على إلحاق أكثر من هزيمة بالكيان الصهيوني بالوكالة، عن طريق منظمة حزب الله الشيعية امتداده الطائفي والمذهبي بجنوب لبنان، مقابل تقلص أو انتهاء اهتمام النظام العربي الرسمي بها، هو الذي جعله يكون مع الصفة الإسلامية له قريبا من وجدان العرب والمسلمين غير الشيعة.
لهذه الإعتبارات اعتبر النظام الإيراني والطيف الشيعي من حوله ومن التحق به مذهبيا، كما التحق الكثيرون في العالمين العربي والإسلامي من قبل ومازالوا بالنظام الناصري وبالأنطمة البعثية واليسارية في الحركة القومية وفي الحركة اليسارية الشيوعية في العالم، أن تجربته ناجحة. وبات من حقه أن يعمل على تصديرها بطرقه الخاصة لباقي أنحاء العالم الإسلامي خاصة للشيعة وعبرهم. وهو في ما يبدو أنه صراع مع الغرب وفي ما يبدو أنها مناهضة للصهيونية والكيان العبري في فلسطين المحتلة، يعمل على فرض أمر واقع في المنطقة لتكون بوابته الأوسع إليها بعد لبنان العراق، معولا على الأقلية الشيعية في كل دول المنطقة، ليصنع منها قوى ضغط على الأنظمة داخل أوطانها بحسب ما يراه صالحا، تارة بالقبول بالأجنبي، وأخرى بإظهار مناهضة وجوده فيها كما في سوريا (نظام علماني منحدر من رحم طائفي ) وفي البحرين (أغلبية شيعية تحكمها أقلية سنية) وفي السعودية (أقلية شيعية تعتقد أنها مهضومة الجانب) وفي العراق (ما يقال عن أغلبية موصولة به وهي الحليف الإستراتيجي الأكبر لقوات الإحتلال الغربي الصليبي بقيادة أمريكا” الشيطان الأكبر” في القاموس السياسي” للثورة الإسلامية”). وفي أفغانستان ( أقلية تنعم بالحماية الغربية الأمريكية في نظام كرزاي العميل). وفي لبنان (العلمانية ذات الأصول الشيعية المتمثلة في حركة أمل الإمتداد السياسي ذات الخلفية الطائفية للنظام السوري) (والأصولية الشيعية ذات العلاقة العضوية والمرجعية المباشرة بإيران ). وفي اليمن ( حركة الحوثي التي رفعت عاقرتها في توجيه سلاحها للنظام اليمني رافضة لاستباحة المخابرات الأمريكية للبلاد على قاعدة تعقب عناصر القاعدة في غير تأييد للتنظيم في إطار ما أسمته حربها على الإرهاب، والتي تم إجهاضها) وغيرها من الأماكن في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي.
وهكذا مستفيدا من الوجود الأجنبي بإظهار مناهضته له تارة وبالتحالف معه أخرى، سواء عبر ملاحقه الطائفية والمذهبية أو عبر تقاطع مصالحه معه. هذا الوجود المبغوض جماهيريا في المنطقة والمحسوب على غيره من الأنظمة هو الذي يعمل على أن يكون محسوبا له من خلال إظهار مناهضته، مما يكون له به من التأيد الشعبي ما لا يكون به لغيره من الأنظمة، وما يكون لها به من رفض. فهو النظام المستفيد من الوجود الأجنبي:
أ- من حيث أنه يلتقي في مناهضته له مع الجموع الواسعة من جماهير شعوب المنطقة والأمة مقابل احتماء النظام العربي خاصة به، وتأييده والقبول به وسط رفض شعبي واسع له، مما يتحقق له به الإستقطاب المطلوب، وما يقوم به من حرب بالوكالة معه ومن تحالفات لأغراض طائفية وسياسية واستراتيجية كما في لبنان وسوريا. ب- ومن حيث أنه مستفيد من تقاطع المصالح، بإبرام صفقات معه لصالحه ولصالح الشيعة والتشيع كما في أفغانستان وفي العراق، ولغير صالح المنطقة وأمة العرب والمسلمين من غير الشيعة منهم طبعا. فالذي بدا واضحا أن المشكلة في المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي العالم الإسلامي عموما، هي الأنظمة الفاسدة، والوجود الصهيوني، والأجنبي الغربي. ولمن كان يريد البحث عن حل، خاصة لمعضلة المنطقة العربية التي أصبحت مسرحا للصراع العالمي من أجل النفوذ والطاقة، فليس أقل من أن لا نحيلها إلى صراع طائفي وعرقي وأثني لا يستفيد منه في النهاية إلا الغرب الصليبي والصهيونية العالمية. ويجب أن تتجه الهمم والمجهودات كلها نحو توحيد الموقف من العدو المشترك للأمة كلها، والذي يهدد القابل به والرافض له، والمعادي والموالي له، والمناهض والمساند له. وعلى النظام العربي أن ينتهي من سياسة معاداة الشعوب وحركة التحرر والإصلاح في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، ومن موالاة الأجنبي ومهادنة الصهيونية الحليف الإستراتيجي للغرب، الذي أصبح لا يشك أحد في عداوته للأمة وفي تهديده المستمر لها. وعلى النظام الإيراني أن ينتهي من توظيف الوجود الأجنبي بالمنطقة، ومن قبول النظام العربي به، لغايات وأهداف عرقية طائفية مذهبية تكفيرية. وأن يعدل خطابه وموقفه ليكون نظام دولة إسلامية وليس دولة شيعية. وأن يعمل على: 1- توحيد المسلمين لا على تفريقهم على خلفية طائفية مذهبية، ولا على قاعدة ” ليس مسلما من لم يكن شيعيا”. 2- عدم النظر للأقليات الشيعية في العالمين العربي والإسلامي كما ينظر اليهود للأقليات اليهودية في الحارات قديما وفي العالم حديثا. 3- وان يتجاوز مراجع الشيعة ومفكروهم وقياداتهم في إيران وخارجها الخلافات التاريخية التي مازالوا يبنون عليها مواقفهم واجتهاداتهم الفقهية ويقيمون من خلالها مواقفهم من الآخر المخالف الطائفي والمذهبي والسياسي. 4- الإنتهاء عن سياسة التبشير للتشيع في البلاد العربية الإسلامية إذا كان هذا النظام لا يعتبرها بلاد كفر كما يزعم مراجع الشيعة وقياداتهم ومفكروهم وإنهاء هذه الخطط وهذا التمويل.
كما على النظام العربي العلماني والتقليدي:
1- أن ينتهي من صداقة العدو ومن معاداة الشعوب. 2- وأن يقطع مع سياسة وثقافة التمكين للأجنبي، ومع محاربة حركة التحرر والإصلاح في الوطن العربي. 3- العمل على القطع مع ثقافة التكفير وعدم إحيائها، ومد الجسور مع النظام الإيراني لإقامة علاقات حوار وحسن جوار وتعاون وتكامل باتجاه توحيد الصف بعد توحيد الموقف من مجمل قضايا المنطقة، وخاصة في ما لا يجب أن يكون محل خلاف، وهو الجانب المتعلق بالعلاقة بالأجنبي، والتي يجب أن تتظافر الجهود لتحويلها من علاقة ولاء وتحالف كتلك التي يقيمها معه النظام الرسمي العربي، والتي تؤمن بها بعض مكونات الطائفة العلمانية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وعلاقة تعاون وتآلف كتلك التي يقيمها معه النظام الإيراني، إلى علاقة اقتراب وابتعاد بحسب ما يتحقق للأمة من مصالح وما يجنبها من أضرار وخسائر. وعلى شعوب الأمة أن تتحمل مسؤولياتها في المساهمة الجادة والنشيطة في إحداث من التغييرات ما هي في حاجة إليه بما يقرب شعوب الأمة وعموم المستضعفين بعضهم من بعض باتجاه:
1- وحدة الموقف من الإمبريالية والصهيونية والإحتلال والإستبداد. 2- ووحدة الصف في التحرر والتحرير. أ- من الإستبداد بالمساهمة والمساندة والمؤازرة. ب- ومن الإحتلال بالتأييد والتعاون والتحالف وبكل ما يوحد الأمة في إطار المشترك من الهموم والمشاغل والإهتمامات ومن المبادئ والقيم والثوابت والمقدسات. ج- وبالعمل بكل جدية وصدق على تجاوز النعرات العرقية والمذهبية، وعدم الإلتفات للفتاوى التقليدية القديمة التي تقسم الأمة إلى طوائف ومذاهب، والتي تجد لها أصلا ومبررا في التاريخ ولا تجد لها مبررا ولا أصلا في الواقع، والتي لم تعد الأمة اليوم في حاجة إليها. وهي في أمس الحاجة إلى ما يوحدها أمام أعدائها الذين يتداعون عليها كما تداعى الأكلة على قصعتها وأن لا تعود إليها، وليبق السني على سنته أو أن يتحول عنها إذا أراد وبمحض إرادته وخارج تأثير أي حركة تبشير وأي صفقة شراء وبيع للذمم، وليبق الشيعي على تشيعه أو أن يتحول عنه بمحض إرادته وباختياره الحر إذا أراد. ويجب الإنتهاء عن الإنشغال بعمل كل طائفة على توسيع طائفتها على حساب الأخرى. ولتحذر الأمة المنقسمة اليوم إلى سنة وشيعة وعلمانية من أصل شيعي وأخرى من أصل سني من جعل المعركة بين هذه الطوائف الثلاث باتجاه تكفير الشيعة للسنة كما هو ظاهر الحال اليوم في العراق خاصة، وبدعم إيراني للأسف الشديد واضح، وبغطاء أمريكي غربي صهيوني، والعمل على تصفيتهم واستئصالهم وتهجيرهم. وتكفير السنة للشيعة مقابل ذلك وبناء عليه، والدخول في ردود أفعال تكون مبررا لوجود الأجنبي بالمنطقة وبالأوطان ولبقائه، وليتواصل الصراع والإقتتال بين أبناء الأمة الواحدة. وتكفير الحركة العلمانية ذات المرجعية الغربية الإنسانية التي تجد لها أصلا في المسيحية التوراتية لكل من الشيعة والسنة استنادا إلى أصولهم الإسلامية القرآنية السنية، والتي تجد لها في الصراع الطائفي مبررا للقول بفساد النظام الإسلامي الذي لا تكتمل، ولعلها لا تصح أصلا عبادة الأمة لله إلا به، والذي لا تعترف به هذه الطائفة أصلا، وبصلاح النظام العلماني الذي لا يصلح للأمة في عبادتها لله، ولعلها لا تصح به أصلا. وبعيدا عن كل هذه الإنقسامات الطائفية والمذهبية والعرقية، لم يعد أمام العرب والمسلمين إذا ما كانوا يريدون الحرية والكرامة والإستقلال، إلا أن يبحثوا في ثقافتهم وفي الثقافة الإنسانية عن ما يوحد الأمة بما يقبل به أكثر أبناء ها بمختلف ألوانهم وأعراقهم ومعتقداتهم وطوائفهم ومذاهبهم الإسلامية والعلمانية. وليس ثمة أكثر مرونة من النظام الإسلامي إذا ما أحسن التعامل معه وتطبيقه بعيدا عن التضييق والتعصب والتلفيق والتلبيس، وزيادته ما ليس منه وإنقاص منه ما فيه، لتجد فيه كل مكونات المجتمع المختلفة حقوقها وحاجاتها، وفق مقتضيات المصلحة العامة، ووفق خصوصيات الأعراق والمعتقدات. وبذلك وبذلك فقط تكون الأمة قد وضعت أقدامها على طريق الإستقلال الذي لا يتحقق إلا بالإستقلال الثقافي، والذي من خلاله يكون الإستقلال السياسي. وتخرج الأغلبية الإسلامية من حرج البقاء على طبيعة نظام سياسي وثقافي لا علاقة له بتاريخها وحضارتها وثقافتها وأمجادها ودينها، والذي يجد له أصلا في الديانتين المسيحية واليهودية وغيرهما من المعتقدات والأديان. وهو النظام الذي تجد فيه الأقليات الدينية من غير المسلمين في البلاد ذات الأغلبية الإسلامية ما لا يخل بعقائدها ومعتقداتها، وما لا ينقص من قيمة مقدساتها، في الوقت الذي يجد فيه المسلمون أنفسهم أبعد ما يكون عن ثوابت دينهم وعقيدتهم التي لا تصح بها طاعتهم لله وعبادتهم له،ولا أصالتهم وتاريخهم وحضارتهم. ولا يتحقق لهم به استقلالهم، ولا تتحقق لهم به وحدتهم وحريتهم ومصالحهم التي لا وجود ولا مستقبل لهم بدونها. ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين “.
روسيا تبحث تطوير الطاقة النووية في الجزائر
الجزائر (رويترز) – قال وزير الطاقة الروسي فيكتور خريستينكو يوم الاحد بعد توقيع مذكرة تعاون ان روسيا والجزائر ستبحثان سبل تطوير الطاقة النووية في الجزائر. ونقلت وكالة الانباء الجزائرية عن وزير الطاقة شكيب خليل قوله انه يشعر بالسعادة إزاء اتفاق الدولتين على التعاون في المجال النووي. وفي نوفمبر تشرين الثاني قالت روسيا انها ستقدم عرضا رسميا لبناء محطات للطاقة النووية في مصر. ووافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العام الماضي على اصلاح شامل للصناعة الذرية بهدف تعزيز تواجد روسيا في السوق النووي العالمي واسع النطاق. وبموجب خطة أقرها البرلمان يوم الاربعاء سيتم انشاء شركة حكومية واحدة من الشركات الاصغر الكثيرة المتداخلة في بعض الاحيان والتي تسيطر عليها الدولة في هذا القطاع. وتبني روسيا بالفعل مفاعلات في الصين والهند اضافة الى مفاعل بوشهر في ايران. وتقول بعض الحكومات الغربية انه يتعين على روسيا وقف العمل في بوشهر ضمن جهود اقناع ايران بوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي يخشى الغرب من أن يكون ستارا لبرنامج أسلحة.
Home – Accueil – الرئيسية