TUNISNEWS
3ème année, N° 945 du 21.12.2002
archives : http://site.voila.fr/archivtn
LES TITRES DE CE JOUR:
Appel urgent de M. Abdallah Zouari La Presse: Un Conseil ministériel consacré au secteur bancaire
خدمة قدس برس : تونس: اليحياوي والمرزوقي ينتقدان معارضين يترددون في الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين ولا يتحمسون لتوحيد المعارضة قدس برس : تونس: تصاعد التوتر مع المحامين بعد قرار هيئتهم تقديم قضية ضد الشرطة رشيد خشانة : تونس: نقيب المحامين يلوح بالإضراب الشرق الأوسط: المحامون التونسيون يهددون بالإضراب بعد التعرض لاعتداءات الأستاذ محمد المحرزي عبو: رسالة لسيادة وزير العدل و حقوق الإنسان أخبار تونس : مائدة مستديرة حول “دور الجمعيات في ترسيخ حقوق الإنسان” ماهر عبد الجليل : نساء تونس 2003: سنة أولى لأداء الواجب العسكري الإلزامي
الإتحاد: طلب غريب من اليهود إلى الرئيس التونسي اف ب: إعادة انتخاب التونسي عبد الحفيظ الهرقام مديرا عاما لاتحاد الاذاعات العربية
الإتحاد : عبدالوهاب المؤدب: لا شيء يبرّر العنف ولا أقبل الاعتداء على الأبرياء! القدس العربي : حكاية عربية سامي نصر: محاولة في سوسيولوجيا الحياة السجنية في تونس قدس برس : المغرب يعيش على إيقاع الانتخابات البلدية واليسار يخشى هيمنة الإسلاميين القدس العربي : في المسألة التركية: من الإسلام السياسي الي استلهام انموذج الخمسينات
|
Appel urgent de M. Abdallah Zouari
Texte de l’Appel Chers confrères, Chers amis A vous tous, mes chers confrères, mes braves avocats et tous mes amis militants des droits de l’homme qui m’ont soutenu dans ma dernière épreuve pour vivre en homme libre, je déclare avec amertume que toute ma famille, mes cousins, mes neveux et mes nièces, de la petite qui a à peine 3 ans et la grand-mère qui a plus de 70 ans sont tous malmenés, effrayés voire horrifiés. La maison familiale est encerclée jour et nuit par des agents tantôt en uniforme, tantôt en civil. Ne leur est-il pas suffisant de briser la vie d’un homme, d’une famille ???? Ils en veulent d’avantage. Dernièrement, et à 3 reprises, on m’a interdit de regagner Tunis même pour voire mon médecin traitant. Je ne suis plus maintenant assujetti au contrôle administratif mais une sorte d’assignation à résidence obligatoire. Chères confrères, chers amis, Tous ceux qui seront e n Tunisie pour les vacances et les fêtes de l’année, et, sans avoir l’intention de gâcher votre bonheur, ayez la peine, ou le plaisir, de faire un petit détour pour voir le revers le la médaille. Zarzis, le 20 décembre 2002 Le journaliste Abdallah Zouari 4134 Chmmakh, Khreba, Zarzis, Medenine Tunisie Tél: 00216 75 68 53 00
“خدمة التقارير والأبحاث“ السبت 21 كانون أول (ديسمبر) 2002 تونس: اليحياوي والمرزوقي ينتقدان معارضين يترددون في الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين ولا يتحمسون لتوحيد المعارضة
باريس – خدمة قدس برس
جاهر قاضي تونسي معارض بتوجيه نقد حاد لأحزاب في المعارضة التونسية، متهما إياها بالتحيز في دفاعها عن حقوق الإنسان لتوجهات فكرية على حساب توجهات أخرى. في حين اتهم معارض بارز آخر بعض أحزاب المعارضة بالتسبب في إضعاف المعارضة، بسبب مواقفها غير المتفتحة على التيار الإسلامي، ورفضها الالتقاء معه في جبهة وطنية موحدة. وقام القاضي مختار اليحياوي، رئيس مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة بتوجيه نقد لاذع لبيان مشترك أصدرته مجموعة من أحزاب المعارضة التونسية، حول الاعتداءات، التي تعرض لها عدد من المحامين التونسيين، الأسبوع الماضي، من قبل أجهزة الأمن التونسية. واتهم اليحياوي، الذي عزل من عمله قبل نحو عام، بسبب توجيهه رسالة احتجاج إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، يطالبه فيها بضمان استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، الأحزاب التي وقعت البيان، ومعظمها ينتمي إلى التيار اليساري، بمحاباة بعض الضحايا، القريبين من التوجه اليساري، وغض الطرف عن الانتهاكات التي يتعرض لها الناشطون الإسلاميون. وقال اليحياوي، الذي يحظى باحترام واسع في تونس، في رسالة وصلت نسخة منها إلى وكالة “قدس برس” إن البيان على ما فيه من تضامن مع ضحايا الاعتداءات الأخيرة، التي نفذتها السلطة ضد نشطاء حقوق الإنسان، إلا أنه كان بيانا مغالطا للرأي العام، لما تضمنه من قلب للحقائق، وتضمينا غير بريء للأحداث، يلبي رؤى سياسية وأيديولوجية ضيقة، أكثر منه تضامنا مع الضحايا، حيث رتب البيان الضحايا بطريقة غير عادلة، ولا تكتسي أي مصداقية، بل ذهب إلى حد إغفال بعض الشخصيات، التي كانت في قلب الحدث، وتعرضت أكثر من غيرها لعنف السلطة، بحسب قول الرسالة. واعتبر اليحياوي أن هذا “البيان على ما فيه من نقاط إيجابية إلا أنه يبقى غير معبر عن التضامن الحقيقي للقوى المناضلة مع ضحايا أحداث العنف الأخيرة”. وقال إن هذا البيان عرض عليه للتوقيع، لكنه رفض التوقيع عليه، لأنه “أحدث لنا من الضرر أكثر ممّا عبّر لنا عنه من التضامن والمؤازرة”، بحسب قوله. وانخرط اليحياوي بقوة منذ فترة في الدفاع عن نحو ألف من المعتقلين السياسيين، أغلبهم من التيار الإسلامي، وشارك قبل نحو شهرين في تأسيس جمعية دولية لمساندة المساجين السياسيين، مما عرضه وسائر أعضاء الجمعية للاعتقال والتحقيق من قبل أجهزة الأمن التونسية. وذهب الدكتور منصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المعارض (محظور)، والرئيس الأسبق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، في نفس الاتجاه حين وجه نقدا للتوجهات السياسية، التي تميز في دفاعها عن المعتقلين والمتضررين من السلطة، بحسب توجهاتهم السياسية. وقال المرزوقي، رغم خلفيته اليسارية، في بيان صادر عن حزبه، معلقا على مواقف بعض المعارضين من الاعتداءات الأخيرة على المحامين، إن حزب المؤتمر ينبه “لخطورة بعض المواقف، التي اعتبرت أنّ الهجوم الأخير وجّه ضدّ جمعية حقوقية الغطاء، إسلامية الطبيعة، وبالتالي يمكن التغاضي عنه”. وقال البيان الذي أرسلت نسخة منه إلى وكالة “قدس برس” إن “هذا الموقف ليس غير أخلاقي فحسب، وإنما قمة العمى السياسي، في مواجهة نظام مختصّ في سياسة الاستفراد والتتابع على مختلف مكونات المجتمع المدني، لا يميّز ولا يفرّق بين يسار ويمين”، بحسب قول البيان. ومضى حزب المؤتمر للقول إنه “حتى تكون مواقف المعارضة الحقيقية وبرامجها في مستوى الأحداث، يجب عليها رفض التصنيفات الإيديولوجية العقيمة، والاعتذار بها لاتخاذ مواقف لا تغضب السلطة”. وقال “إن بناء معارضة فاعلة ومؤثرة لن يمرّ إلاّ عبر تكوين جبهة وطنية لا يقصى منها إلا الذين يقصون أنفسهم، تضمّ كل التونسيين والتونسيات المتمسكين باستقلالية القرار الوطني، وبحقهم في نظام يحترم هوية الشعب ومقدساته، ويقوم على أسس الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان”. ويذهب مراقبون للشؤون التونسية إلى أن بعض أحزاب المعارضة التونسية ذات الخلفية اليسارية تتردد في الدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، كما ترفض الالتقاء مع حركة النهضة في جبهة معارضة موحدة، بحجة أنها حركة غير ديمقراطية. ويرى هؤلاء المراقبون أن ذلك أسهم بشكل كبير في ضعف المعارضة التونسية، وإصابتها بالشلل في مواجهة الحكومة. ويذهب المراقبون إلى أن تلك الأحزاب تخشى من عودة التيار الإسلامي للنشاط، كما تخشى أن يتم تهميشها إذا ما تحقق ذلك، وهو ما جعل بعضها يختار التعايش مع الوضع الحالي، بالرغم من أن المعارضة جملة متضررة منه، خشية أن تؤول الأمور إلى وضع لا تحبذه تلك القوى كثيرا، إذا ما استعاد التيار الإسلامي عافيته، وعاد لممارسة نشاطه بشكل طبيعي. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 21 ديسمبر 2002)
اتهمتها بالاعتداء على المحامين بالعنف الشديد تونس: تصاعد التوتر مع المحامين بعد قرار هيئتهم تقديم قضية ضد الشرطة تونس – خدمة قدس برس تتجه العلاقة بين قطاع المحامين والحكومة التونسية إلى المزيد من التدهور، بعد إعلان الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين رفع قضية عدلية ضد مسؤولي الأمن التونسي، الذين اعتدوا على عدد من المحامين الناشطين في مجال الدفاع عن المعتقلين السياسيين، يوم الجمعة الماضية، مما تسبب في حصول أضرار لبعضهم أدخلوا على إثرها إلى المستشفى.
وقالت الهيئة الوطنية للمحامين، التي يرأسها المحامي التونسي البارز بشير الصيد، في بيان صادر عنها، إن مجلس الهيئة المجتمع بدعوة من العميد، استعرض الاعتداءات المادية واللفظية، التي تعرض لها محامون منتخبون في هياكل المهنة وآخرون ناشطون في مجال الدفاع عن المعتقلين السياسيين، وقرر رفع دعوى أمام القضاء ضد أعوان البوليس، الذين اعتدوا على أولئك المحامين.
وقال البيان، الذي أرسلت نسخة منه إلى وكالة “قدس برس” إن مجلس الهيئة قد أكد “بعد المداولة” أن “القانون الوطني، وكذلك الاتفاقيات والأعراف الدولية الخاصة بالمحامين، تمنح للمحامي ولمكتبه حرمة خاصة، وتضمن له ممارسة رسالته بأمان وحرية واستقلالية، لا يمكن أن تقيد إلا بقرار صادر عن هيئة المحامين، أو عن القضاء وفقا للقانون”، بحسب قول البيان.
وعبر المجلس “عن عميق انشغاله إزاء هذه الانتهاكات، التي تكررت وتعددت، وطالت زميلات وزملاء في جهات مختلفة”، وأكد “رفضه المطلق، واستنكاره لها، وللحصار المضروب على مكاتب الزملاء (نور الدين) البحيري و(سعيدة) العكرمي و(محمد) النوري (رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين)، ويطالب بالكف عن ذلك فورا، والحيلولة دون المساس بحرمة المحامي، وحرمته وحقه في ممارسة مهنته، دون عرقلة أو مضايقة”.
وأعلنت الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين عن “عقد ندوة صحفية يوم 30 كانون أول (ديسمبر) 2002، على الساعة الحادية عشر صباحا بمقر الهيئة بقصر العدالة بتونس”، كما قررت “رفع قضية عدلية ضد المعتدين”.
وتعرف العلاقة بين هيئة المحامين والحكومة التونسية توترا حادا منذ فترة، على خلفية اتجاه الحكومة إلى تقسيم هياكل المحامين. ويتهم المحامون الحكومة بأنها تسعى لتقسيم هياكل مهنتهم لإضعاف القطاع.
وكان بيان صادر عن الهيئة قبل أيام قد قال إن الحكومة قررت فرض إصلاحات على قطاع المحامين، دون التشاور مع قيادتهم، وأنها تحاول الاتصال مباشرة مع فروع المحامين من وراء ظهر قيادتهم، لتمرير تلك الإصلاحات.
وتدهورت العلاقات مع المحامين أكثر الأسبوع الماضي، حين أقدمت الشرطة التونسية على الاعتداء بالضرب على أكثر من 15 محاميا، منهم الكاتب العام للهيئة الوطنية للمحامين، ورئيس جمعية المحامين الشبان ورئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فضلا عن رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين والكاتبة العامة لنفس الجمعية، ومحاصرة مكاتب 3 محامين، والتحقيق مع زائريهم.
وقد أصدرت خمسة أحزاب معارضة وست جمعيات حقوقية بيانا مشتركا مطلع هذا الأسبوع أعلنت فيه تضامنها مع الهيئة الوطنية للمحامين، كما أعربت عن وقوفها إلى جانب المحامين الذين تعرضوا للتعنيف من قبل الشرطة التونسية.
وأصدرت أحزاب وجمعيات تونسية أخرى بيانات منفردة، اتهمت الحكومة بالقمع ومخالفة القانون بالاعتداء على المحامين، المخولين بالدفاع عن العدالة والقانون.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 21 ديسمبر 2002)
تونس: نقيب المحامين يلوح بالإضراب
بقلم: رشيد خشانة تحول السجال الإعلامي بين وزير العدل ونقابة المحامين إلى نوع من الاحتقان أمس بعدما لوح نقيب المحامين السيد بشير الصيد بالإضراب لحلحلة الأزمة الناشبة بين الجانبين على خلفية استنطاق محامين الأسبوع الماضي لمشاركتهم في تشكيل لجنة غير مرخص لها تعمل لإطلاق السجناء الإسلاميين. وطلب الصيد في مؤتمر صحافي عقده أمس في قصر العدل وسط حشد من المحامين (اعتذاراً) من وزير العدل وحقوق الإنسان السيد بشير التكاري بسبب ما اعتبره (تهويناً من شأن المحامين وتبريراً للاعتداء عليهم). وبدأ المؤتمر الصحافي حلقة جديدة في السجال مع الوزير الذي اعتبر في مؤتمر صحافي عقده مطلع الأسبوع أن (المحامي لا يمكن أن يحظى بحصانة إلا لدى مباشرة مهنته). وانتقد الصيد منع الأمين العام للنقابة المحامي محمد جمور ومحامين آخرين من زيارة زميلهم البحيري في مكتبه بعد اطلاقه, وتعرضهم لاعتداءات. وطلب من السلطات (فتح تحقيق لمعرفة المعتدين ومحاسبتهم). وأفاد أن النقابة ت عتزم تقديم شكوى إلى القضاء في هذا الشأن (معززة بشهادات طبية ومعاينات شهود تابعوا الحدث). وحض الصيد على الاهتمام بتحسين الأوضاع المادية للمحامين التي قال إنها (تتدهور سريعاً). وأثنى على الاجراءات التي أعلن عنها الرئيس زين العابدين بن علي الشهر الماضي في حق القطاع, إلا أنه شدد على (الانتقال إلى مرحلة التنفيذ والعمل). واعتبر أن المفاوضات ينبغي أن (تجري من خلال المؤسسات الشرعية للمهنة وتحديداً مجلس النقابة المنتخب والنقيب), في اشارة إلى مباشرة وزير العدل أخيراً مفاوضات مع فرعي النقابة في صفاقس وتونس. وكانت (المفاوضات البديلة) أثارت رد فعل من مجلس النقابة وصعّدت السجال بينه وبين الوزارة.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 21/12/2002 )
المحامون التونسيون يهددون بالإضراب بعد التعرض لاعتداءات تونس: «الشرق الأوسط» أكد رئيس نقابة المحامين التونسيين البشير الصيد ان النقابة والمحامين التونسيين يعيشون ازمة خانقة لم يسبق لها مثيل من قبل، ولوح بإضراب سينفذه المحامون اواخر الشهر المقبل. وقال الصيد في مؤتمر صحافي امس الجمعة بقصر العدالة بتونس ان هذه الازمة تعود لسببين، الاول تشريعي ويتعلق بطبيعة القوانين التي تحد من أداء المحامين، والثاني يتعلق ببعض الممارسات التي يتعرض لها المحامون والتي تعيق عملهم في ظروف طبيعية، داعيا الى وضع حد لمثل هذه الممارسات.
وأدان الصيد ما تعرض له مؤخرا اربعة من المحامين التونسيين من اعتداء، مشيرا الى ان نقابة المحامين سترفع شكوى قضائية ضد الذين قاموا بالاعتداء على هؤلاء المحامين. وطالب رئيس نقابة المحامين في تونس وزير العدل التونسي بالاعتذار رسميا لنقابة المحامين، معتبرا ان الوزير مسّ حرمة المحاماة والمحامين في تونس. وأضاف ان النقابة ستقوم بتنفيذ اضراب عام اذا لم يتم حتى يوم 29 يناير (كانون الثاني) من العام القادم تلبية مطالبها. وكشف نقيب المحامين التونسيين ان عائلة بلقاسم نوار، عم منفذ حادثة تفجير المعبد اليهودي في جزيرة جربة والمعتقل حاليا رهن التحقيق بالضلوع والمشاركة في هذه الحادثة، كلفته بالترافع والدفاع عن بلقاسم نوار، الا ان السلطات القضائية في تونس منعته من الاطلاع على الملف او حتى تقديم انابته للدفاع عن نوار. يذكر ان وزير العدل التونسي البشير التكاري كان قد تعرض الى موضوع الاعتداء على اربعة من المحامين في تونس وذلك في مؤتمر صحافي عقده يوم الثلاثاء الماضي بمقر وزارة العدل وقال فيه ان المحامي اذا لم يكن في مهمة لأداء عمله كمحام، فانه تنتفي عنه حصانة المحامين ويصبح مواطنا عاديا ينطبق عليه ما ينطبق على المواطن التونسي امام القانون. ويذكر ايضا ان رئيس نقابة المحامين في تونس ينتمي الى التيار القومي في المعارضة في تونس. (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 21/12/2002 )
رسالة لسيادة وزير العدل و حقوق الإنسان الأستاذ محمد المحرزي عبو المحامي طالعت تصريحات سيادتكم في اللقاء الصحفي المجرى يوم 17 ديسمبر 2002 كما وردت في الصحف اليومية و خاصة منها الجانب المتعلق بمضايقة بعض المحامين و قد أجبتم سيادتكم بأن المحامي يتمتع أثناء أداء مهامه أو بمناسبة أدائه مهامه بحماية قانونية طبق الفصل 45 من قانون المحاماة أما إذا كان ليس بصدد القيام بعمل له علاقة بأداء مهامه فإن مبدأ المساواة في القانون يقتضي بأن يعامل مثل جميع المواطنين . سيدي الوزير إني أسايركم في تأويلكم للفصل 45 المشار إليه و الإجراءات الخاصة لتتبع المحامي لا تقوم إلا في الجرائم التي قد يرتكبها المحامي و تكون لها علاقة بمهامه و إن كان نص القانون يسمح بتأويل مخالف بالنظر لسوء صياغته و من ناحية ثانية فإن المحامي مواطن ينطبق عليه القانون مثل غيره من المواطنين عملا بمبدإ المساواة الذي نستميت في الدفاع عنه و لكنني سيدي الوزير لا أدري إن كنتم تقصدون المساواة أمام القانون أم المساواة أمام الواقع لأنه كما لا يمكن أن يخفى على سيادتكم فالهوة بين النص و التطبيق واسعة في بلادنا فعلى سبيل المثال تعرض عشرة من المحامين يوم 13 ديسمبر 2002 (وهو يوم من الأيام السوداء التي لن تمحى من ذاكرة المحاماة) و كنت أحدهم إلى ممارسات عنيفة ووحشية من طرف أعوان أمن حيث أذكر و سأضل أذكر أني كنت صحبة زميلين نسير في اتجاه مكتب الأستاذ نور الدين البحيري لنواسيه في عملية اعتقال زوجته بطريقة عنيفة لا مبرر لها و الاعتداء عليه بالعنف و على ابنه البالغ من العمر ثلاثة عشر سنة. و بوصولنا لمستوى شارع فرنسا اعترضتنا مجموعة من الأعوان بالزي المدني مع ضابط أمن بزيه الرسمي و أمرونا بلهجة لا تليق بموظفي الدولة بالعودة من حيث أتينا فأعلمناهم بأننا فهمنا المطلوب و كان ذلك تجنبا لعنف نمقته و لا نحتمله و نحن محامون عددنا قليل و نضالنا سلمي و لا نحمل بطبيعة الحال أسلحة خفيفة و لا ثقيلة و رجوناهم أن يمكنونا من مواصلة السير نحو شارع جمال عبد الناصر فبدأت يا سيادة وزير حقوق الإنسان اللكمات و الركلات تنطلق نحو رؤوسنا و كان رئيس جمعية المحامين الشبان قد أصيب قبل ذلك بقليل بإصابة بليغة خلفت له سقوطا على مستوى أذنه . هذه ياسيادة الوزير عينة من المساواة التي تتحدثون عنها و لكنها ليست المساواة أمام القانون و إنما المساواة أمام القمع و تجاوز حدود السلطة و التعذيب و إهانة المواطن التونسي دون حسيب و رقيب. سيدي الوزير لقد أشرتم مشكورين فيما يخص القاضي مختار اليحياوي أنه لم يعد يتمتع بحصانة باعتباره قد عزل من سلك القضاء و أعلمكم بأن ما حصل للقاضي مختار اليحياوي يوم 11 ديسمبر غداة الاحتفال بذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من اعتداء بالعنف دون موجب و تركه ملقى على الأرض و أنفه ينزف دما لا علاقة له بالحصانة الموضوعية أو الإجرائية حسب مفهومهما القانوني و إنما له علاقة بانتهاك الدستور و القانون و الحرمة الجسدية و تجاوز صلاحيات الوظيفة في دولة تسعى بعض الأطراف في السلطة لجعلها دولة ” الباندية” لا دولة القانون كما نريدها ونناضل من أجلها و كما يستحقها شعبنا. سيدي الوزير تعلمون أن إعتقال المحامين الذين قلت أن عددهم أربعةـ وللتوضيح فهم خمسة ـ هذا الإعتقال الذي تم بالنسبة لاثنين منهم على الأقل بطريقة عنيفة جدا و عنفها لا يمكن أن يبرر لأنه لا يتصور أصلا أنهم كانوا خطرين أو مسلحين مثلا ، هذا الاعتقال قد تم لبحثهم حول تأسيسهم للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين فهل تعلمون يا سيادة الوزير أن السلطة التي تسمح لنفسها بتتبع هؤلاء هي سلطة لا تستحي و لا تعمل بالقاعدة القائلة “استر ما ستر الله ” لأنها تخالف قانون الجمعيات الذي جعل من تأسيس الجمعية أمرا بسيطا في حين تمتنع الإدارة من قبول التصريح بتكوين الجمعيات كما يقتضيه القانون ثم تأت بعد ذلك لتتبع الذين يصرون على ممار سة حقوقهم المضمونة دستورا و قانونا. سيدي الوزير لقد قلتم أن المحامين الواقع سماعهم من طرف الضابطة العدلية سبق أن تورطوا في قضايا حق عام و دون أن ندخل في نقاش حول الفرق بين الجرائم العادية و الجرائم السياسية و في ظروف محاكمة من حوكم منهم فإننا نذكركم بأن كل إنسان يمكن أن يخطأ مثلا فيتورط في قضية فأنتم يا سيادة الوزير مثلا و على حد علمي لا حصانة لكم و لستم فوق القانون الذي نعرفه و نقدم الإستشارات للمواطنين فيه قد ارتكبتم في ندوتكم الصحفية جريمة يعاقب عليها قانون الصحافة ( و أنا شخصيا ليس لدي اعتراض على مجلة الصحافة بقدر اعتراضي على طريقة تطبيقها ) حيث ذكرتم أن الأربعة المستجوبين ” حسب قولكم” سبق أن تورطوا في قضايا حق عام و لا شك أن نسبة أمر كهذا لإنسان فيه هتك لشرفه طبق الفصل 50 من مجلة الصحافة و لا يمكن الإعفاء من المسؤولية إلا بإثبات موضوع الثلب و موضوع الثلب لا يمكن إثباته إذا كان الأمر المنسوب يتعلق بأمور مر عليها أكثر من عشرة سنوات عملا بالفصل 57 من نفس المجلة وهو حال ثلاثة منهم كما لا يمكنكم أن تثبتوا أن الأستاذين نور الدين البحيري و سعيدة العكرمي قد تورطوا في قضايا حق عام لأنهم قد وقعت تبرأتهم من طرف قضاء يفترض أن تحترمون أحكامه و تثقون فيها و أنتم و زير العدل. سيدي الوزير لا شك أنكم تعلمون أن ميزتنا في تونس هي التجمل على حساب التغيير الجدي للواقع و إصلاح الأوضاع و التجميل الخارجي لا يفيد وطننا الحبيب في شيء و الحقيقة لن تستطيعوا أن تخفوها و كان أحرى بكم أن تنكبوا على الاجراءات العملية فعلى سبيل المثال و بدل الحديث عن بعض المساجين الذين تمكنوا بفضل التشغيل السجني من توفير كلفة حج الوالدين أو الانفاق على عائلاتهم خارج السجن الشيء الذي سيجعل بعض المحامين أو الأطباء الشبان يغارون منهم و يحسدونهم على وضعيتهم كان يستحسن أن تزوروا السجن المدني بتونس مثلا صحبة فريق طبي تطلبون منه أن يبحث عن سجين واحد في الغرف العادية لا يكون مصابا بالقمل أو عن سجين واحد قضى عشرة سنوات بالسجن دون أن يصاب بمرض الأعصاب أو ضيق التنفس أو غير ذلك من الأمراض المزمنة . سيدي الوزير أعتذر لكم عن جرأتي في نقدكم و اعتذاري ليس مرده أنكم وزير فالوزير مع حفظ حقه و الاحترام الواجب لوظيفته السامية هو في خدمة المواطنين كما أن سيادة الشعب تعطينا سلطة الرأي العام وهي سلطة من سلطات المحكومين كما تعلمون و لكن اعتذاري مرده أننا تتلمذنا على أياديكم في كلية الحقوق و سمعناكم تحاضرون في دولة القانون و في إيمان الإدارة بمفهوم دولة القانون و المؤسسات و إذا كنتم تريدون فعلا أن تطبقوا هذا الشعار فأعلموا أن المحامين قد تعرضوا لاعتداء تجاوز أشخاص المعتدى عليهم ليمس المحاماة و العدالة و كرامة المواطن و لا تتصوروا أن مواطنا واحد سمع أو شاهد ما حصل للمحامين يوم 13 ديسمبر 2002 و في مناسبات سابقة ولاحقة يمكنه أن يشعر بالأمان في تونس . إن الذين لم يحترموا حقوق المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان لا يمكن أن يحترموا حقوق المواطن التونسي و إن المحامين لن يسكتوا أبدا مهما كانت التضحيات على إفلات المعتدين من العقاب. لن نسكت على ذلك و لن ننسى ما حيينا و ليكن واضحا أننا لا تحركنا الاحقاد على أحد و إننا ندافع عن كرامتنا و عن كرامة المحاماة و عن سلطة القضاء و عن كرامة أي مواطن و عن دولة القانون و المؤسسات و عن وطننا و أن نضالنا نضالا سلميا حقوقيا لا ننازع فيه الحاكم في حكمه فذلك لا يعنينا كمحامين و إنما نطالب بمحاكمة عادلة و نزيهة لكل من تورط في أحداث 13 ديسمبر 2002 وما يليها و لن نكون أقل إصرار من إخواننا في المغرب و البحرين و لن تزيدنا الاعتداءات إلا إصرارا مادمنا أحياء و إن م تنا فلنجعلن ارواحنا تقض مضاجع كل المعتدين و كل من سكت على الاعتداء و تحرمهم راحة النوم. سيدي الوزير إن لكم صلاحيات قانونية تخول لكم الإذن بإجراء التتبع ضد أي كان و نحن ننتظر منكم أن تمارسوا صلاحياتكم هذه فذلك واجبكم و حقنا.
مائدة مستديرة حول “دور الجمعيات في ترسيخ حقوق الإنسان”
نظم مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات “إفادة” صباح اليوم مائدة مستديرة حول موضوع “دور الجمعيات في نشر ثقافة حقوق الإنسان”.
وقدم السيد حاتم بن سالم المنسق العام لحقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان خلال هذا اللقاء الذي حضره عدد من ممثلي النسيج الجمعياتي محاضرة تناول فيها بالتحليل أهم الاشكالات التي يعيشها العالم اليوم ومدى تفاعل النسيج الجمعياتي مع متغيرات الساحة الدولية إضافة الى شرعية الصكوك والاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان.
كما تطرق الى الجدل القائم حول كونية هذه الحقوق من منظور بعض المنظمات غير الحكومية التي تنتمي الى حضارات وثقافات مختلفة.
وابرز المحاضر دور انهيار جدار برلين والمعسكر الشيوعي في صعود أيديولوجية حقوق الإنسان وإقرار الترابط بين الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان الذي تجلى بالخصوص من خلال فرض معطى احترام حقوق الإنسان في اتفاقيات التعاون الدولية.
وتحدث المحاضر عن المقاربة التونسية في مجال حقوق الإنسان مبرزا حرص الرئيس زين العابدين بن علي على تطوير حقوق الإنسان وحمايتها وسعيه الدائم الى تكريسها في مفهومها الشامل والمتكامل.
وبعد ان أشار الى إبعاد إقرار مبادئ حقوق الإنسان في نص الدستور بعد الإصلاح الدستوري الأخير أكد المحاضر على أهمية التضامن في ضمان الاستقرار والسلم على المستويين الوطني والعالمي مبرزا نجاح التجربة التونسية في ميدان العمل التضامني والنتائج التي تحققت لتحسين ظروف عيش المواطن بفضل الآليات التي تم إحداثها والبرامج التي تم وضعها في هذا المجال.
وأشار المنسق العام الى دور النسيج الجمعياتي في نشر ثقافة حقوق الإنسان وبناء المجتمع المدني مذكرا في هذا السياق بان تطوير العمل الجمعياتي يقتضي التخصص والكفاءة لضمان نجاعته ووضع سياسة اتصالية محكمة تمكن من دعم حضور الجمعيات في المنظمات الدولية فضلا عن تطوير موارد التمويل.
(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي www.akhbar.tn)
نساء تونس 2003: سنة أولى لأداء الواجب العسكري الإلزامي
بقلم: ماهر عبد الجليل قطعت تونس خطوة جديدة على درب الحداثة ونحو المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة, بإعلانها العام المقبل, سنة اولى جندية للنساء ودعوة شاباتها الى اداء الواجب العسكري, والدفاع عن حرمة الوطن. قالت اماني (21 عاماً) طالبة الحقوق وهي تغادر المركب الجامعي في العاصمة التونسية “لو علمت جدتي في مثواها الأخير بهذا القانون الجديد, لانتفضت من مرقدها وأعلنت نهاية الكون. ولكنني اعتقد جازمة بأن دعوة شابات تونس الى اداء الخدمة العسكرية, يعد حبة فيروز على تاج المرأة التونسية. ومن اعظم المكتسبات التي حازتها منذ اعلان مدوّنة الأحوال الشخصية عام 1956. سيقول بعض بنات جنسي في انطباع اولي, ان الرجال انتصروا في معركة (الاختلال في الموازين), وأنهم حققوا رغبتهم في الانتقام من الحقوق الكثيرة التي تتمتع بها المرأة في تونس. وسيحسبها بعضهم مشقة اضافية للنساء تضاف الى اعباء البيت والأطفال. ولكنني اعلن اليوم عيداً جديداً للمرأة التونسية, فقد اعترف اخيراً بأح د اهم حقوق المواطنة وبأهليتها في الدفاع عن بلدها…”. وفي الحقيقة, فمنذ اعلان الدالي الجازي وزير الدفاع التونسي على هامش مناقشة موازنة تونس لعام 2003, عن اعتزام الحكومة التونسية دعوة الشابات الى اداء الخدمة العسكرية بدءاً من العام المقبل وعلى مراحل تصاعدية, فإن حوارات ساخنة طبعت الحلبات العائلية التي اقيمت على هامش الاحتفال بعيد الفطر المبارك. واستمرت في المكاتب وساحات الكليات ومؤسسات النسيج والملابس القطاع الأكبر والأهم الذي يتدثر بتاء التأنيث. تقول (اسماء) العاملة في مؤسسة (كريستين) المصدرة للملابس الى الضفاف الشمالية وتتقاضى 200 دولار شهرياً: “أشعر بأن هناك نوعاً من الضبابية في الإعلان الحكومي… فقد وقع ربط اداء الخدمة العسكرية للنساء بآلية محددة تعرف في تونس (بالتعيينات الفردية) حيث يتلقى الشاب او الشابة تدريباً عسكرياً اولياً لا يتجاوز بضعة اسابيع, ثم يسرح من العمل في الثكنات, ليعود الى عمله المدني في الحكومة او القطاع الخاص ويقطع من راتبه جزء مهم لمصلحة موازنة الدفاع الوطني… أتفهم رغبة الحكومة في محافظة النساء على فرص عملهن في زمن اصبحت فيه الوظيفة وال عمل عنواناً للكرامة، وشحت فيه فرص الإنتاج, ولكني لا اخفيك قلقي, فراتبي المتواضع الذي اتحمل من اجله مشقة العمل وقوفاً اكثر من 8 ساعات في اليوم, يعيل اسرة متواضعة ربها مقعد وشقيق في حال بطالة دائمة. والأهم من ذلك يساهم بجزء وفير في تحضير جهاز العرس في انتظار قدوم فارس احلامي العامل في فرنسا. فماذا لو اقتطع جزء مهم منه نحو الواجب العسكري ولمدة عام بأكمله؟!” لا شك في ان تونس في بؤبؤ العين ويسري حبها في شرايين كل تونسي وتونسية ولكن الإرث الثقيل لدولة الرفاه حيث الحقوق المتكسبة تتقدم على واجبات المواطنة, لا يزال يلقي بظلاله على إقبال التونسي على اداء واجبه العسكري الذي ينص عليه دستور البلاد او على الالتزام بأداء المعاليم والضرائب على الخدمات الحكومية والأرباح من الأعمال والشركات.
وإذ يرتسم في مخيلة التونسيين هالة من الاحترام والقدسية لجيشهم الوطني الشعبي ولكفاية رجالاته ونسائه العالية وقدراته الاحترافية الجيدة على رغم تواضع الإمكانات والأهم من ذلك لاحترامه لرسالته الدفاعية وخدماته المتعددة في التنمية وابتعاده التام عن عالم السياسة وتناقضاتها وقطاع الأعمال وشبهات الفساد, فإن الميراث الاستعماري والآلاف من التونسيين الذين سيقوا لمعارك خارج تونس تحت راية الجيش الفرنسي, دفعت الأجيال اللاحقة للتوجس من الخدمة العسكرية.
وعلى رغم الحوافز التي اعلنها الجيش التونسي للشباب لأداء واجبهم الوطني من حيث توفير تدريب جيد على وسائل الاتصال الحديثة وتكنولوجيا المعلومات او تعلم حرفة يدوية وإعطاء شهادات علمية للمتسربين من التعليم الثانوي والحملات الإعلانية الترويجية في التلفزيون التونسي التي طبعت بانفتاح وحميمية تقطع من عالم المؤسسة المغلق فإن تلك المعادلة الصعبة بين احترام حق الإنسان وواجبه في الدفاع عن وطنه لا تزال معركة لم تكسب بعد. ويبدو ان دعوة الشابات الى الجندية تحمل ما بين سطور غاياتها وأهدافها, حمل الشباب التونسي للقيام بواجبه في مجتمع لا تزال مفاهيم القوة فيه مرتبطة بعالم الرجال. يرتعد بعض الشبيبة الذين سجلت لهم مخالفات للقانون العسكري او سيحالون على محاكم عسكرية في قضايا مختلفة, عندما يعلمون بأنهم سيعرضون على جناب القاضية العسكرية السامية (فوزية). فقد اشتهرت هذه السيدة بذكائها الحاد وفطنتها امام جيل المنحرفين وألاعيب النفوس البشرية وحرصها الشدي د على الانتصار للقانون والحقيقة. وتعد الضابطة السامية (فوزية) من جيل التأسيس للنساء التونسيات اللواتي اخترن العسكرية كمهنة وطريقة مختلفة في الحياة. وبحسب الذاكرة الشعبية، فإن عام 1977 شهد بداية انتساب شابات تونس كضابطات صف في الجيش التونسي, ثم تبعتهن افواج من الضابطات اللواتي تلقين مثل الذكور تعليماً عسكرياً وأكاديمياً في المدارس العسكرية العليا, وعشن تجارب التدريب العسكري الأساسي وشاركن في المناورات في اعالي الجبال وعباب البحار وارتقين في السلم العسكري الى رتب عالية ستسمح غداً بالإشراف على تدريب المجندات الشابات. وتشير المعلومات المتواترة الى ان ضابطات تونسيات حققن نجاحاً لافتاً في اختصاصات الصحة والإدارة والقضاء العسكري.
(المصدر: ملحق “مجتمع” بصحيفة الحياة الصادرة يوم 21/12/2002 )
طلب غريب من اليهود إلى الرئيس التونسي
تقدمت شخصيات يهودية من اصل تونسي تعيش في فرنسا بطلب غريب الى السلطات التونسية يتمثل في ضرورة احترام حديقة الحبيب ثامرالعامة التي تقع بوسط تونس العاصمة باعتبارها كانت مقبرة لليهود قبل عام 1956 تاريخ استقلال البلاد.
ففي رسالة مفتوحة موجهة الى الرئيس زين العابدين بن علي نشرتها مجلة حقائق الاسبوعية اشار البار سيموني وهو احد الشخصيات اليهودية التونسية المعروفة في فرنسا الى ما اسماه بالتصرفات اللاأخلاقية التي تجري فوق تربة هذه الحديقة معتبرا ان ذلك يمس من قدسية المكان ومطالبا بوضع لافتة ذكرى في مدخلها او بوسطها تشير الى ان هذا المكان يجب احترامه بالنظر الى انه كما قال يحتوي رفات الالاف من الموتى اليهود· وتجدر الاشارة الى ان حديقة ثامر الواقعة بقلب تونس العاصمة وتشمل نحو خمسة هكتارات حولها الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في بداية استقلال البلاد الى حديقة عامة وذلك بموافقة مجلس الطائفة اليهودية في تونس· (المصدر: صحيفة الإتحاد الإماراتية الصادرة يوم 21 ديسمبر 2002)
إعادة انتخاب التونسي عبد الحفيظ الهرقام مديرا عاما لاتحاد الاذاعات العربية تونس (اف ب) –
اعاد اتحاد اذاعات الدول العربية التابع للجامعة العربية ومقره تونس انتخاب التونسي عبد الحفيظ الهرقام مديرا عاما للاتحاد للسنوات الاربع القادمة فى افتتاح اعمال دورته العادية الثانية والعشرين التى انطلقت الخميس بتونس وتستمر يومين. وقال مصدر رسمى تونسي انه تم كذلك انتخاب التونسي ابراهيم الفريضي رئيسا جديدا للاتحاد والسوري رياض عصمت نائبا اول للرئيس والمصرى حسن حامد نائبا ثانيا. وتبحث الدورة الحالية لاتحاد اذاعات الدول العربية في استخدام التكنولوجيات الحديثة فى التغطية الاخبارية واستجلاء افضل الطرق لتوظيف هده التكنولوجيات لتطوير المادة الاخبارية العربية شكلا ومضمونا ونشر الخبر العربي على نطاق اوسع. ويشارك في الدورة ممثلو الهيئات الاعضاء فى الاتحاد وممثلو المركز العربي للتدريب الاذاعي والتلفزيوني ومقره دمشق والمركز العربي لتبادل الاخبار والبرامج وممثلو هيئات الاذاعة والتلفزيون الفرنسية وهيئة الاذاعة والتلفزيون الاسبانية وممثلو المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم واتحاد الاذاعات الاوروبية والمعهد الاسيوي للتطوير الاذاعي.
وقال الصادق رابح الوزير التونسى لتكنولوجيات الاتصال والنقل عند افتتاحه اشغال الدورة ان “التحولات الدولية غير المسبوقة تطرح على الشعوب العربية تحديات جديدة تستدعي مزيدا من التكاتف والتضامن و تفعيلا اكبر لهياكل العمل العربي المشترك”. ودعا الى “الاهتمام باقتحام مجال الاعلام الخارجي لمخاطبة الاخر باساليب تمكن من ابراز الوجه المشرق للعالم العربي و التصدي لحملات التضليل الاعلامية الرامية الى تشويه صورة العرب”. كما دعا الى “ضرورة اقامة مدن للانتاج الاعلامي واطلاق اقمار صناعية لتمتين الصلة بين الشعوب فى المنطقة والتعريف بالمخزون الحضاري العربي ودعم القضايا العادلة و فى مقدمتها القضية الفلسطينية”. واشار ايضا الى الاهمية التى توليها تونس للانتاج ولتطوير الابتكارات التكنولوجية وتجنيدها لخدمة التنمية مضيفا فى هذا المجال بان تونس تحتل المرتبة 16 عالميا في هذا المجال. وتستضيف تونس سنة 2005 المرحلة الثانية من القمة العالمية للمعلومات التي ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات على مرحلتين الاولى فى جنيف سنة 2003 وستبحث في الوسائل الكفيلة بنشرالثقافة التكنولوجية بين جميع بلدان العالم. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 21 ديسمبر 2002 )
حكاية عربية
الاستاذ رئيس التحرير وما ان سمع الطفل الخبر حتي وثب من مكانه واخذ يقفز من شدة الفرح وهو يصيح: جدي! لقد استقلت فلسطين! وما كاد يعود الي جوار جده ليسترد انفاسه حتي ظهر علي الشاشة بوش الأبن رئيس الولايات المتحدة وهو حافي القدمين داخل مسجد بهيج ثم وبملامح خاشعة اغدق الثناء علي الاسلام وبعبارات ودودة كال المديح للمسلمين ومن جديد هب الطفل من مكانه وراح يركض من فرط السرور وهو يصرخ: جدي! جدي! ان الرئيس الامريكي يحترم ديننا ويتعاطف معنا! . وعــــاد يملأ غرفة الجلوس قفزا وتصفــــيقا وغناء في حين ظل الجد خـــــامدا كبئر معطلة يـــتابع نبأ غارة جوية خلفت وراءها في احصاء اولي عشرة قتلي وعشرات الجرحي في مخيم البريج بقطاع غزة، ولما نال منه الاعياء ارتمى الطفل في حضن جده ثم سأله مستنكرا لماذا لا تشاركني فرحتي يا جدي؟ . نظر الجد الذي حنكته التجارب الي حفيده ذي القلب الاخضر باشفاق بالغ وبعد ان تنهد عميقا قال له: في يوم شتاء ثلجي قارس صاد رجل ماكر بطريقة شيطانية خبيثة سربا من العصافير سليمة الطوية وجائعة ثم اخذ يذبحها والدموع تنهمر من عينيه من شدة الزمهرير، وكان علي غصن شجرة قريبة عصفور صغير يتابع المشهد بجانب امه فقال لها: امي! انظري الي ذاك الرجل كم هو رقيق القلب!
تأملي جيدا يا أماه انه يبكي! .. نظرت الأم التي عركتها الأيام الي صغيرها الغر بعطف لا مزيد عليه وبعد ان أطلقت زفرة طويلة قالت له: يا بني! لا تنظر الى دموعه، بل انظر الى ما تفعل يداه!!! . هارون بن سعيد تونس (المصدر: بريد القراء بصحيفة القدس العربي الصادرة يوم 21/12/2002 )
Un Conseil ministériel consacré au secteur bancaireUn double impératif : répondre aux besoins de l’économie et aux exigences de la concurrence • Un programme de transformation des banques de développement mixtes en banques universelles • Création d’une centrale de données et renforcement de la sécurité des transactions financières • Le Président Ben Ali recommande de continuer d’œuvrer à améliorer les indicateurs du secteur et à en consolider les assises financières Un Conseil ministériel tenu, hier matin, sous la présidence du Président Zine El Abidine Ben Ali, a été consacré à l’examen de la situation du secteur bancaire et les perspectives de renforcer davantage son rendement et de le promouvoir à la lumière des objectifs de développement et des exigences de la concurrence. Le Conseil a, à cet égard, passé en revue l’évolution de l’activité des institutions bancaires et financières. Il a mis l’accent sur les préoccupations de ce secteur et pris acte du degré de contribution du secteur bancaire, au cours de l’année 2002, au financement du développement et à la mobilisation de l’épargne comme l’exige la conjoncture économique, et ce, dans le cadre des orientations tendant à préserver les équilibres financiers et monétaires. Le Conseil a également passé en revue, outre l’avancement du programme de transformation des banques de développement mixtes en banques universelles, les résultats réalisés par le programme de modernisation du secteur bancaire, particulièrement en matière d’amélioration du cadre législatif et réglementaire, et de développement du système de paiement en plus de la création d’une centrale de données et du renforcement de la sécurité des transactions financières. Par ailleurs, le Conseil s’est penché sur les préoccupations du secteur bancaire et les moyens d’en développer l’action et d’en renforcer le rendement afin de lui conférer l’efficience escomptée en veillant notamment à sa bonne gestion et à sa restructuration dans le contexte de l’ouverture de l’économie sur l’extérieur. Le Chef de l’Etat a insisté sur le suivi du programme de modernisation du système bancaire à l’effet d’améliorer encore plus les prestations fournies et de contribuer au renforcement de l’efficience de l’économie nationale et de sa compétitivité. Il a de même souligné la nécessité de continuer d’œuvrer à améliorer les indicateurs du secteur bancaire et à en consolider les assises financières aux fins de conforter son rôle dans le financement de l’économie et la mobilisation de l’épargne. Le Chef de l’Etat a également recommandé d’intensifier les efforts afin de renforcer la compétitivité de ce secteur pour qu’il soit en phase avec les aspirations des acteurs économiques et l’un des supports de promotion de l’efficience de l’entreprise économique. (Source : La Presse du 21 décembre 2002) < /DIV>
FLASH INFOS
Le chiffre du jour : 68Soixante-huit tel est le nombre d’entreprises constituées en partenariat entre investisseurs tunisiens et étrangers dans le secteur agro-alimentaire. A ce chiffre s’ajoute celui de 13 entreprises à capitaux 100% étrangers ce qui démontre l’intérêt accru des investisseurs étrangers au développement de ce secteur en Tunisie. Parmi ces entreprises en partenariat on dénombre 27 françaises, 22 italiennes, 5 espagnoles, 5 américaines. (Source : Le Quotidien du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) Distinction arabe pour Béja et NebeurLes municipalités de Béja et de Nebeur viennent d’obtenir une distinction arabe dans le domaine de la propreté et de la protection de l’environnement. Cette distinction décernée par le Conseil des ministres arabes en charge des a ffaires de l’environnement récompense les efforts déployés par les communes tunisiennes primées en matière de développement durable et de protection de l’environnement. (Source : Le Temps du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) 60 mille postes de formation professionnellesLe ministère de la Formation professionnelle a entamé la mise en oeuvre du programme de restructuration des centres de formation et d’apprentissage professionnel qui englobe, dans une première étape, 12 des 54 centres que compte le pays. la capacité d’accueil de ces centres sera renforcée et atteindra 60 000 postes de formation. (Source : Le Temps du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) Association des diplômés des écoles soviétiques (!)Le comité Directeur de l’Association Tun isienne des diplômés des Instituts et universités soviétiques a examiné dans sa réunion du 16/12/2002 la situation, financière de l’association, son programme d’activités pour l’année prochaine et notamment à la tenue de la rencontre annuelle des diplômés prévue pour le mois de Mars 2003. Il a passé en revue les résultats de la IIIème rencontre des associations arabes des diplômés des universités russes et soviétiques organisés à Tunis du 21 au 23 Octobre dernier, dont notamment la création de l’union arabe des associations de diplômés des universités russes et soviétiques. (Source : Le Temps du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) Kaouthar Bachraoui reprend avec ‘Al Arabya’Après avoir créé l’événement médiatique, malgré elle, en rompant avec la chaîne satellitaire « Al Aljazira », Kaouthar Bachraoui se trouve parmi nous pour quelques jours afin d’avoir un peu de repos bien mérité et vaquer à des occupations personnelles. Kaouthar Bachraoui s’envolera incessamment pour Beyrouth où elle s’attellera à la tâche pour préparer le démarrage de son nouveau programme avec la nouvelle chaîne satellitaire “Al Arabiya”, créée par la chaîne mère « MBC » et qui démarrera dans un mois environ. (Source : Le Temps du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) Encadrement des immigrants en ItalieLa maison de l’entreprise de Rades a abrité une session de formation au profit des cadres de l’agence tunisienne de formation professionnelle et du ministère de tutelle. Ces derniers seront en charge d’assurer le meilleur encadrement pour les candidats à l’immigration en Italie parmi les originaires de la région de Gafsa et de Kasserine. Il s’agit de doter cette population des informations nécessa ires sur leurs droits et devoirs pour leur permettre de bien s’adapter avec leur nouveau cadre de vie. La formation porte sur les volets juridique et réglementaire, racial et culturel et sur les conditions de travail en Italie. Les candidats ont également bénéficié d’une formation en langue italienne. (Source : Le Temps du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) L’espace culturel Mad’art fermé : Pourquoi?La gestion des espaces privés pose un problème : où s’arrête la responsabilité de l’Etat et où commence celle des promoteurs privés? La fermeture par la mairie de Carthage de l’espace culturel Mad’Art, situé dans cette banlieue huppée, pour cause de « non conformité aux normes de sécurité » pose le problème de la gestion des espaces culturels privés. Car autant nous regrettons cette décision qui prive la banlieue nord de Tunis de son unique espace de représentation théâtrale, autant nous comprenons les motifs l’ayant justifiée. (Source : Le Quotidien du 21 décembre 2002, d’après le portail Babelweb) Projection du film : ”La saison des hommes” dans un lycée italien20/12/2002–Le lycee ”Dante Alighieri” de la ville de Latina (Italie) a abrité le 13 décembre 2002 une projection du film : ”La saison des hommes” de Moufida Tlatli. La projection organisée par le Consulat tunisien et l’Association italienne des amis de la Tunisie, s’est déroulée en présence de la réalisatrice, de l’ambassadeur de Tunisie à Rome et des cadres italiens locaux. Les participants ont, à cette occasion, convenu de l’importance de ce genre de manifestations culturelles dans le raffermissement des liens entre les deux pays amis. (Source : www.infotunisie.com )
Bribes de débat… Ou est l’opposition ? ou sont les leaders ?
Par : Nouvelle voix Si on considère ce forum et l’Internet comme le dernier bastion de liberté, ou sont donc nos leaders d’opposition ? on lit quelques fois des communiques et on entend parfois parler d’actions mais à part ça .. les communiqués sont le résultat d’une réunion dans un club, ou d’un va et vient téléphonique au sein d’un club de leaders de cette opposition…. Cher Frère Ghannouchi et chers leaders des oppositions : à part Mr Yahyaoui et Mr Karkar, nul n’a osé trouver le temps de venir sur ce forum ou ailleurs pour faire entendre leur voix….et la notre …. Si Mr Yahyaoui est capable de communiquer avec Tunezine depuis l’intérieur de la grande prison, pourquoi pas les autres leaders de l’opposition… ??? Ou bien est ce qu’il faut que Tunezine gagne plus de notoriété pour être honoré par leur présence “eljazeerienne”. Paltalk est un programme totalement peup lé par les midles easterners (moyen-orientaux)…. Ghannoushi peut commencer un audio discours hebdomadaire…. Khomeini l’a fait avec des cassette audio… La révolution française ou bolchevique avaient leur internet à eux… Pour quand nos leaders vont ils entendre et ce faire entendre… ??? Réplique de « Chamseddine » : Avant tout, je veux savoir pourquoi vous tenez à ce que les ‘leaders de l’opposition’ viennent sur Tunezine pour communiquer avec vous, nous… D’un côté le site tunezine est un site de jeunes à peine suivi par la masse du peuple et de l’autre, si on croit le compteur du forum on constate que la présence varie entre 1 et 10 participants et pas plus. Ce qui fait que ce site est encore en train de se frayer son chemin sur l’échiquier politique tunisien. Il ne faut pas tomber dans le piège de l’arrogance et de la prétention comme malheureusement certains participants, Hasni, TIZ.. . qui insistent avec un ton qui rése l’insulte pour qu’on viennent discuter avec eux. Qui est Hasni, qui est TIZ, qui est Ivan, qui suis-je et qui sommes-nous pour oser afficher une telle arrogance? C’est une question qui devra être posée par tout le monde afin de bien connaître notre place sur la cartologie oppositionnelle que certains appellent à reconstituer. Il est clair que les leaders de l’opposition ne veulent pas participer sur le forum parce que ou bien : – ils n’ont rien à dire. – ils ne croient pas en la rentabilité politique d’une telle participation. – ils ont peur d’être insultés, accusés, malmenés…etc. – ils préfèrent s’adresser aux officiels de la politique en Occident ou sur les chaînes télévisées et non pas à une poignée de jeunes ‘paumés’ qui venaient juste de naître tout en se croyant au top de la conscience politique. En tout cas, les forumiers et les participants de Tunezine doivent continuer leur trav ail en négligeant ceux qui refusent de participer. A force que le site grossit, prend de la place et de l’importance ils seront plus convaincus d’y participer. Donc au travail, ceux qui arrivent sont les bien-venus, et ceux qui n’arrivent pas sont libres. (Extraits de certains débats en cours sur le forum Tunezine, le 21 décembre 2002)
عبدالوهاب المؤدب: لا شيء يبرّر العنف ولا أقبل الاعتداء على الأبرياء!
حاوره في باريس – شاكر نوري: صدر للكاتب والباحث التونسي المقيم في باريس، عبد الو هاب المؤدب مؤخرا كتاب بعنوان مرض الإسلام باللغة الفرنسية عن دار سوي ، أثار ضجة واسعة في الأوساط الثقافية الفرنسية وأفردت له كبريات الصحف والمجلات الفرنسية مقالات موسعة، خاصة وأن الكتاب صدر بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر · وستصدر الترجمة العربية عن دار النهار البيروتية قريبا ·
يعمل عبد الوهاب المؤدب أستاذا للأدب المقارن في الجامعات الفرنسية · وهو يشرف على إصدار مجلة ديدال الفكرية، وله عدد من الكتب الرصينة عن الإسلام والصوفي ة إضافة إلى عدد آخر من الكتب الإبداعية السردية والشعرية · في هذا الحوار ركزنا على محتويات كتابه وما يثيره من إشكاليات فكرية في هذا الظرف بالذات : * هل أقدمت على تأليف كتابك بسبب أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر في محاولة لإلقاء الضوء على ما حدث ؟ ** نعم يمكن القول إن سبب تأليفي للكتاب يعود إلى أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر كما أشرت في سؤالك لأنه حدث فظيع يشكل تاريخيا قطيعة بين تاريخين · ويمكن تقسيم هذا التاريخ إلى قبل وما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر · وهو جديد، لأسباب عديدة منها ماهية العنف وكميته · لأول مرة، تضرب أميركا في الصميم وفي داخل حدودها · كان هذا الحدث صدمة بالنسبة لي لأنني لا أقبل الاعتداء على الأبرياء · * ولكن أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر لا تعبر فقط عن اعتداء على الأبرياء بل لها أبعاد رمزية وسياسية وهي رد على ما تفعله أميركا مع الأبرياء بالذات وهي ليست بريئة من كثير من المظالم التي لحقت بالشعوب؟ ** بالنسبة لي لا شيء يبرر هذا العنف وهو اعتداء على الأبرياء لأننا لسنا في حالة حرب معلنة وإلا ستعم الفوضى جميع أنحاء المعمورة · هناك قواعد أولية لا بد منها في الصلة بين الدول والشعوب فلسفيا وأخلاقيا · كان هذا العمل بالنسبة لي جريمة · ولذلك أردت أن أعرف كيف برر باسم الإسلام· الانطلاقة الأولى لهذا الكتاب لن تكون محاولة لتفهم الحادث في حد ذاته بل لإعادة التفكير والتحليل في وضعي كشخص وإنسان أنتجه الإسلام أخلاقيا ونفسيا · لهذا الكتاب مدخل وجودي / أنطولوجي وتأليفه عبر عن ضرورة طاغية للتبرير عن ذاتي · اشكالية دائمة * يشخص كتابك أهم الإشكاليات التي يعالجها الإسلام المعاصر، ما هي هذه الإشكاليات في نظرك ؟ ** منذ البداية، كانت صلتي بالإسلام واضحة كل الوضوح · من السنين الأولى كنت أتساءل عن وضع الإسلام · كيف كان الإسلام حضارة ذات حضور مطلق في التاريخ بارزة بجمالها، في العمارة والمدن وخاصة في إبداعها الشعري والفكري والروحاني والعلمي واليدوي · كيف نزلت تلك الحضارة من الأوج إلى الحضيض ؟ لو ترجع إلى أول نصوصي، إلى روايتي الأولى كتاب الطلسم لوجدت هذه الإشكالية في كل صفحة وفي كل سطر بل وفي كل كلمة · وكل إبداعي الأدبي ووجودي في العالم كانا قائمين، وتجدهما قائمين، على هذا السؤال· أسباب التدهور * هل تعتقد بأن الإسلام الذي انتشر بشكل واسع في الماضي، يعاني حاليا من تدهور تاريخي، ما هي أسباب هذا التدهور ؟ ** في نظري أسباب التدهور هو انتصار رقابة الشريعة على المشروع الحضاري · بدأ الإسلام مبدعا في جميع الميادين، (لنرجع إلى القرن الثالث و الرابع إلى بغداد) وكان هناك مناخ حضاري تكتشف فيه كل مقولات النهضة الأوروبية (أربعة أو خمسة قرون قبل ظهورها في أوروبا) · لنذكر بعض هذه المقولات، الأمير ··· ممول الفنون والعلوم، العالم والمفكر السائح، النظرة الكوسموبوليتية، التضامن بين العلماء والمفكرين، الاعتراف بآلة التفكير اليونانية وبمقولاتهم الأخلاقية · هذه المميزات نجدها عند ابن سينا وابن مسكويه والتوحيدي ··· الخ · هي نفس المميزات التي نجدها عند اراسموس او توماس مور، لكن انتصار الحرفية باسم الشريعة أوقف هذا التيار· محافظة وانفتاح * كيف تفسر المسألة التي تطرحها في كتابك مرض الإسلام بأن الإسلام يمكن أن يكون محافظا ومنفتحا في آن واحد ؟ * * عندما ننجح في التمييز بين ثلاث نقاط يحاول الحرفيون والأصوليون أن يجعلوها نقطة واحدة· الإسلام كحضارة وثقافة ملك للجميع، مسلمين كانوا أم لا · لأنه ارث إنساني، والإسلام كدين، يقترح للإنسان (الذي هو كائن نسبي)، المطلق كغيرية، تجعله قادرا للتخييل والترميز، يعني للكلام والتصور· الإسلام كدين يعني كمطلق، يفبرك الكائن الإنساني · النقطة الثالثة، الإسلام كسياسة، الفشل التاريخي للإسلام هو أن يكون سياسة وخاصة محاولته في التحديث · الاتجاهان اللذان ذكرناهما آنفا، وهما – تحديث الإسلام أو أسلمة الحداثة – في نظري السياسة هي الشر، الجهاز السياسي الأقل شرا في تاريخ البشرية، هو الجهاز الديمقراطي الذي أبدعته أوروبا · لو قبل الإسلام استعادة هذا الجهاز كما هو مع محاولة طبيعية لتأقلمه لنجح في المحافظة على الإسلام كدين وحضارة وتاريخ ونجح أيضا في انفتاحه لهذه الاستعارة السياسية· (المصدر: صحيفة الإتحاد الإماراتية الصادرة يوم 21 ديسمبر 2002)
تضمن العددان الخــامس (السنة الأولى/جويلية 2002 ) والسادس (السنة الثانية/نوفمبر 2002) من مجلة أقلام أون لاين الألكترونية مقتطفات واسعة من أطروحة مرحلة ثالثة تقدم بها الباحث الإجتماعي التونسي سامي نصر حول “سوسيولوجيا الحياة السجنية في تونس”. وقد رأت هيئة تحرير “تونس نيوز” إعادة نشر المقالين لمزيد توضيح صورة الواقع الأليم والمأساوي السائد في السجون التونسية للرأي العام ومن أجل تفنيد مزاعم السيد بشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان، الذي قلل في ندوة صحفية عقدها يوم 17 ديسمبر في تونس من أهمية الإنتقادات الموجهة للأوضاع القائمة في السجون الخاضعة لإشراف وزارته.
محاولة في سوسيولوجيا الحياة السجنية في تونس أطروحة عن السجن بدأت داخـل أسواره بقلم الباحث سامي نصر (*) هذا المقال تقديم لأطروحة الباحث الاجتماعي التونسي الأستاذ سامي نصر, “محاولة في سوسيولوجيا الحياة السجنية”, وهي أطروحة مرحلة ثالثة, قدمت في قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس, وانطلق إعدادها في السجن المدني بتونس, حين كان الأستاذ نصر نزيلا فيه, في إطار قضية رأي.. والتقديم بقلم الباحث نصر نفسه. تقديــم “محاولة في سوسيولوجيا الحياة السجنية” هي دراسة ميدانية للسجن المدني بتونس، أردنا من خلالها تحقيق جزء من الأهداف التالية: – أولا: لفت نظر علماء الاجتماع والباحثين في هذا الحقل, إلى أهمية وثراء الفضاء السجني. – ثانيا: التأكيد على أن الباحث الاجتماعي قادر على القيام بدراساته الميدانية, مهما كانت الضغوط والعراقيل.. وفي هذا الإطار حاولنا أن نساهم في إزاحة كلمة “التابو” أو الممنوعات من قاموس علم الاجتماع, لأننا نحن الذين خلقناها, ونحن المسؤولبن عن إزاحتها. – ثالثا: إعادة الحياة لفئة رفضها المجتمع بمؤسساته وتنظيماته، وذلك بإخضاع ممارسات السجين, كفاعل اجتماعي, إلى الدراسة السوسيولوجية, وكشف المعاني والدلالات الرمزية لمختلف نشاطاته مهما كانت بسيطة. – رابعا: إعادة الاعتبار لذاتي, التي سلبت مني, بمجرد دخولي لهذه المؤسسة السجنية, وتحولي إلى مجرد رقم (168).. فحاولت أن أجعل من هذا الرقم باحثا اجتماعيا، وأن أجعل “بطاقة الإيداع”, التي بموجبها دخلت إلى المؤسسة السجنية, تأشيرة قانونية تخول لي القيام بهذا البحث الميداني الأكاديمي. – خامسا: إبراز أهمية مقولة “م. كروزيي” عن “مجال اللايقين”، إذ أكدت هذه الدراسة قدرة الفاعل الاجتماعي (سجين) على خلق هامش حريته, رغم تنوع وتعدد الضغوط والإكراهات التنظيمية السجنية. وقدرته على خلق عالمه المميز، ومساهمته في نحت ملامح البنية التنظيمية السجنية. تساؤلات ومحتويات البحث تبرز لنا الملاحظات الميدانية, أو حتى مجرد التفكير في النواحي التنظيمية داخل السجن, والصعوبات, التي تواجهها السلطة لتنظيم فئة المهمشين, أو ما يعبر عنهم بفئة المنحرفين. وذلك لتمييزهم عن سائر أفراد المجتمع، إذ الانحراف في بعض معانيه هو عبارة عن رفض, أو عدم تأقلم مع تنظيم المجتمع, الذي تنتمي إليه فئة المنحرفين. فما هي الميكانيزمات التنظيمية, التي تعتمدها السلطة, داخل المؤسسة السجنية, لتنظيم هؤلاء المنحرفين عنها؟. هذه الإشكالية وما يترتب عنها من إشكاليات واستفهامات ستكون أساسية في هذا البحث، لأننا سوف لن نتحدث عن فاعلين اجتماعيين مؤهلين للتنظيم وللعيش ضمن قوانين وترتيبات إدارية, وإنما سنجد أنفسنا، أمام فاعلين يتوقون إلى الانفلات من كل رقابة إدارية، ومن كل أشكال التنظيم.. وإذا كان ما يميز التنظيمات عموما، هو اختيار الفاعل لنوع وشكل التنظيم, الذي سينتمي إليه، فإننا في هذا البحث سوف نتعرض لفئتين على الأقل: الفئة الأولى, والتي سنعبر عنها بـ”فئة المنحرفين المقيمين”، أي تلك التي اعتادت على الدخول إلى السجن, بل وأصبح السجن المكان الأصلي للإقامة بالنسبة لها, في حين يتحول العالم الخارجي (المجتمع) مكانا للزيارة، وهي الفئة التي تجسد “ظاهرة العود”, التي حاول معالجتها كل من علماء النفس وعلماء القانون, وسوف نحاول معالجتها في هذا البحث من الوجه السوسيولوجي.. وعموما فهذه الفئة اختارت التنظيم السجني وتأقلمت معه إلى أبعد الحدود. أما الفئة الثانية, والتي يمكن أن نعبر عنها بـ”المنحرفين الزائرين”، وهي الفئة, التي لم تختر الحياة السجنية, أو الانضمام إلى التنظيم السجني، بل أقحمت فيه إقحاما, نتيجة زلة ارتكبت، أو ردة فعل انفعالية في لحظة غضب.. وسوف نلمس من خلال هذا البحث التباين الجوهري بين الفئتين في كيفية التعامل مع التنظيم السجني, وفي تحديده لشكل التنظيم، وهكذا سيلعب متغير التجربة السجنية دورا أساسا في هذا البحث. ولكن، قبل هذا الحديث عن التنظيم السجني، وعن الإجراءات التنظيمية, التي تتخذها السلطة داخل هذا الفضاء، علينا أن نحدد أولا معنى “الانحراف”، لأنه بارتكاب الفرد للفعل, أو الموقف الانحرافي، يبعد ويعزل عن مختلف المؤسسات التنظيمية, التي ينتمي إليها في مجتمعه ومحيطه, كالأسرة والمؤسسة التي يعمل بها، أو العصابة التي انضوى تحت لوائح تنظيمها.. ليدخل إلى تنظيم جديد له خصوصيته ومميزاته (التنظيم السجني). معنى الانحراف: بالرغم من تجذر هذه الظاهرة في كل المجتمعات, مهما كانت أنظمة الحكم فيها، وبالرغم من تلازم وجود هذه الظاهرة مع وجود الإنسان والمجتمع.. إلا أننا لا نجد تعريفا واحدا للانحراف. ويعود هذا التنوع والتعدد إلى تباين الزوايا, التي ننظر منها إلى الانحراف وأهمها: الوجهة القانونية, والوجهة النفسية, والوجهة الاجتماعية. * الناحية أو الوجهة القانونية: يعرف المختصون في القانون الانحراف بأنه القيام بفعل ما ينتج عنه ضرر يمس مصالح فرد معين, أو مجموعة من الأفراد, أو المجتمع بأكمله، ونجد تعريفا ملخصا للانحراف “بأنه أي فعل أو نوع من السلوك, أو موقف يمكن أن يعرض أمره على المحكمة, ويصدر فيها حكم قضائي”. ومن خلال هذه الزاوية القانونية تم التركيز على النواحي التالية: ـ أهمية حكم المحكمة, التي لها صلاحية ومهمة التمييز بين ما هو سويّ وما هو انحرافي، فالمحكمة إذا هي عبارة عن جسر العبور إلى التنظيم السجني. ـ خطورة الانحراف وأهمية حماية المجتمع منه، وهكذا تمثل المؤسسة السجنية المكان المميز للوقاية والعقاب، وقاية من عدوى الانحراف, وعقابا على السلوك الانحرافي, الذي اقترفه صاحبه. ـ ضرورة حماية المنحرف من ذاته، وذلك بإبعاده عن الظروف, التي دفعته وشجعته على الانحراف. ومن هذا المنطلق تصبح المؤسسة السجنية عبارة عن مؤسسة إصلاحية لرعاية وإعادة إعداد المنحرف, حتى تتوفر فيه أهلية الاندماج في المؤسسات التنظيمية للمجتمع. ولكن إلى أي حد نجحت المؤسسة السجنية في ذلك؟؟؟ * من الوجهة النفسية: في هذا الإطار يمكننا الحديث ولو بإيجاز عن 3 مدارس أساسية في علم النفس، وهي: أ ـ علم النفس العام: يركز علم النفس العام على وصف وتمييز مختلف أنواع السلوك الإنساني، إذ يميز بين السلوك الذكي, والسلوك الغبي، وبين السلوك الفطري, والسلوك المكتسب، وبين السلوك العادي, والسلوك الشاذ المنحرف، وبين السلوك الاجتماعي, والسلوك المضاد للمجتمع.. كما يبحث عن الدوافع الشعورية واللاشعورية الكامنة وراء مختلف أنواع السلوك الانساني. فمن هذا المنطلق يعتبر السلوك الانحرافي ظاهرة إنسانية، أي إن كل فرد له استعدادات فطرية، وله دوافع شعورية, ودوافع لاشعورية, يمكن أن تجعله منحرفا (يمكن الرجوع إلى الصفحة 93 من كتاب “أصول علم النفس” للدكتور أحمد عزت راجح ـ دار القلم بيروت). ب ـ علم النفس الفردي: يهتم هذا التخصص في علم النفس بالشخصية ومكوناتها القبلية، حيث يعتبر الانحراف معاناة للشخصية, ناتج عن التأثر بهذه المكونات القبلية من جهة (انفعالية مفرطة، عدوانية، عصاب…)، ومن جهة ثانية هو ناتج عن الحياة الاجتماعية, وما يرافقها من إخفاقات متعددة. ج ـ علم النفس التحليلي: تركز مدرسة التحليل النفسي على أثر الدوافع اللاشعورية في توجيه سلوك الفرد وتحديده, سواء أكان سويا أو انحرافا. وتتمثل هذه الدوافع في دافعين أساسيين: الدافع الجنسي, والدافع العدواني، لذلك يوجد نوعان من السلوك الانحرافي، أحدهما ناجم عن الدوافع الجنسية، وآخر تعبيرا عن الدوافع العدوانية, كما قد يلتقي الدافعان في سلوك انحرافي واحد, كبعض أنواع الاغتصاب. وقد كثر النقد الموجه لهذه المدرسة, نظرا لإهمالها للدوافع المكتسبة, والظروف المحيطة, والعوامل الاجتماعية. كما تتحدث هذه المدرسة عن الانحرافات النفسية للأحداث, التي لا يعاقب عنها القانون, والتي تتطور شيئا فشيئا لتجعل صاحبها منحرفا بالصدفة, أو منحرفا بالتكوين, أو منحرفا محترفا. ومن مظاهر هذه السلوكات الانحرافية النفسية عند الأحداث يمكن أن نذكر: القلق، الخوف، العزوف عن الطعام، شدة الخجل، الميول العدوانية الهجومية، عدم الطاعة، سرعة الانقياد والاستهواء، الكذب والسرقة.. وهذه السلوكيات وإن لم تكن انحرافا في حد ذاتها, إلا أنها تعمل على ستر الانحراف وإخفائه. الانحراف من الوجهة السوسيولوجية في هذا المجال سنحاول التركيز على علم الاجتماع ونظرته للانحراف والجريمة, وأيضا على علم النفس الاجتماعي. أ ـ علم النفس الاجتماعي ـ “ماكدوقال”: أما “ماكدوقال” فيتحدث عن غريزة اللااجتماعية المسببة لعملية الخروج عن الخصائص الجمعية للأفراد، أي المسببة للسلوك الانحرافي، كما اعتبر هذه الغرائز ومن بينها غريزة اللااجتماعية المحرك الأساسي والموجه للسلوك. ب ـ النظرة السوسيولوجية للانحراف والجريمة لقد مثل الانحراف والجريمة من الظواهر الاجتماعية, التي عالجها علماء الاجتماع، ثم أصبحنا نتحدث عن تخصص في علم الاجتماع يعنى بدراسة الجريمة والانحراف، وهو علم الاجتماع الجنائي، ونفس الشيء بالنسبة للانثروبولوجيا وعلم النفس، إذ نجد الانثروبولوجيا الجنائية، وعلم النفس الجنائي، ولأهمية هذه الظاهرة، تنوعت وتعددت الاختصاصات في مختلف العلوم الانسانية، إذ أصبحنا نتحدث عن: ومن المصادر الأساسية التي يعتمد عليها علم الجتماع الجنائي، نجد “دوركايم”, وتحديدا كتابه “تقسيم العمل الجتماعي”, و”قواعد المنهج في علم الاجتماع”, حين قدم سلسلة من الاقتراحات أهمها: 1) نحن لا نستنكر عملا لأنه جرمي، وإنما هو جرمي لأننا نستنكره. أي أن الصفة الإجرامية أو الانحرافية التي ترافق بعض الأفعال لا يحددها الفعل ذاته، وإنما المجتمع هو الذي يحدد ويميز بين الفعل الجرمي الانحرافي والفعل السويّ. 2) الجريمة أو الانحراف ظاهرة “عادية”، إذ إن شعور الاشمئزاز الذي تثيره الافعال المعروفة على أنها جرمية في إطار اجتماعي معين, قد لا يثيرها في إطار اجتماعي آخر, ولا يمكن أن يتطور بنفس القوة لدى جميع الافراد. وهذا يعني أن الانحراف ظاهرة توجد في كل المجتمعات، وأن لكل مجتمع لائحة جرائمه الخاصة، وبالتالي الصفة الإجرامية والانحرافية يمكن أن تتغير عبر الزمان والمكان، إذ يمكن أن يعتبر عملا معينا جرميا هنا ولكنه عملا مقبولا في مكان آخر، أو ما كنا نعتبره بالأمس انحرافا وإجراما يمكن أن يصبح اليوم عملا معقولا، كما أن الضمير الجمعي الذي هو عبارة عن عملية استدخال واستيطان مبادئ ومعايير ومقاييس المجتمع هي التي تؤدي إلى هذا الاشمئزاز الكلى للسلوك الانحرافي. وأخيرا مهما بلغت درجة انتشار السلوكات اإاجرامية الانحرافية فلا يمكن أن يصيب عدواها كل أفراد المجتمع. 3) أن العقوبة مخصصة للتأثير بصورة خاصة على الناس الشرفاء، إذ هي تدعم شعورهم بالتضامن, أكثر مما هي مخصصة للمجرمين، ويمكن أن يكون للعقوبة بعض الفعالية الرادعة، ولكن بما أن شعور الاشمئزاز تجاه فعل مذموم ضعيف الحضور لدى بعض الأفراد، لا يمكن أن يدعي أحد إمكانية إلغاء الجريمة)، وما نستنتجه من هذه النقطة أو هذه الفكرة الدوركايمية هو أن العقوبة الملازمة للفعل الانحرافي الإجرامي فعاليتها مخصصة للأفراد العاديين أكثر مما هي مخصصة للمنحرفين، لأن العقوبة هي تجسيدا فعليا لهذا الاشمئزاز المجمع حوله, ولهذا التضامن سواء كان عضويا أو آليا. كما أن العقوبة تتجاوز القدرة الفعلية للاشمئزاز على إلغاء أو الحد من الجريمة، وبذلك تكون العقوبة تكملة للاشمئزاز. 4) لا وجود للجريمة إلا حيث توجد العقوبة القانونية، وذلك أنه لا يمكن أن يكون ثمة عقوبة قانونية إلا لأفعال محددة تماما في القانون. إن تصرفا ما يمكن أن يثير استنكارا قويا دون أن يعتبر فعلا جرميا, إذا لم يتعلق الأمر بأفعال يمكن تحديد هويتها بسهولة، إذ الإبن العاق والأناني حتى الأكثر قساوة لا يعاملان على أنهما مجرمان. يؤكد لنا دوركايم أن هوية السلوك الانحرافي الإجرامي لا تحدد بعملية الاستنكار والاشمئزاز وإن كانت ردات فعل ملازمة له، وإنما تحدد بالعقوبة القانونية، وهذا يعني أن كل انحراف يعبر عنه بالاشمئزاز والاستنكار الجمعي, في حين أن ليس كل اشمئزاز يعبر عن عقوبة قانونية أي سلوكا انحرافيا. وهكذا يتضح الفرق بين الاشمئزاز والانحراف. (يمكن الرجوع الى المعجم النقدي لعلم الاجتماع لـ:.ر.بودون وف.بوريكو ـ الطبعة الأولى). ورغم أهمية المساهمة الدوركايمية في تحديد ملامح الظاهرة الإجرامية والانحرافية وتحديد علم اإاجرام عموما وعلم الاجتماع الجنائي، إلا أن العديد من التساؤلات تطرح نفسها اليوم, كما سنحاول تطبيق “البراديغم” الدوركايمي على الظاهرة الانحرافية الإجرامية داخل السجن, ووفق قوانينه الإدارية لمعرفة مدى صلاحية هذا “البراديغم” داخل هذا الفضاء الغريب، للإجابة على جزء من إشكالية هذا البحث. نقد نظرية دوركايم يمكننا أن نلخص النقد الموجه “للبراديغم” الدوركايمي في معالجة الظاهرة الانحرافية في نقطتين أساسيتين: أ ـ يقول دوركايم بأن هوية السلوك الانحرافي لا يحددها السلوك ذاته, وإنما المجتمع هو من يحدد هذه الهوية الانحرافية. كما أن لكل مجتمع لائحة جرائمه الخاصة، لأن الظاهرة الانحرافية تتغير عبر الزمان والمكان. إن الدراسة التاريخية للمجتمع ولظواهره الانحرافية تؤكد, إلى حد ما, صدق ما قاله دوركايم، ولكن، ما يحدث في هذه السنوات الأخيرة من تطورات على المستوى العالمي، تجعل المقولة الدوركايمية محل شك وتساؤل، إذ “ظاهرة العولمة” وما يرافقها من إجراءات عملية سوف تقضي على هذه الخصوصيات المجتمعية، لأننا حين نقول العولمة لا يعني ذلك عولمة الاقتصاد ورفع الحواجز الجمركية فحسب، بل بداية تشكل حضارة عالمية جديدة شعارها وحدة الجنس البشري، لذلك أصبحنا نتحدث عن عولمة حقوق الإنسان, متجاوزين بذلك الفروقات الوطنية أو الدينية. ونتحدث عن عولمة الثقافة كأساس للحكم على الأفعال والأشياء، بل ونتحدث عن عولمة القضاء والتشريع و… وقد دعم ذلك العديد من المؤسسات المتعددة الجنسيات, وخاصة المتعلقة بالمحاماة، حيث أصبح بإمكان محام أجنبي أن يترافع في قضية في مجتمع آخر… ومن الأكيد أن نشاط هذه المؤسسات للمحاماة تقتضي توحيد القضاء، أي توحيد الحكم على الأفعال اإاجرامية والانحرافية… وهذا كله يتناقض مع المقولات الدوركايمية. ب ـ الاشمئزاز والاستنكار: يقول دوركايم بأن الفعل الإجرامي الانحرافي مستنكرا من قبل بقية أفراد المجتمع.. هذا القول يحتاج إلى التوقف والتمعن بعض الشيء. فمن جهة أن العديد من الأفعال الإجرامية الانحرافية يتبعها استنكار واشمئزاز, كقضايا الاغتصاب والقتل العمد، والفاحشة والمفاحشة… ولكن من جهة ثانية قد لا تثير بعض القضايا أي اشمئزاز، بل قد يحصل العكس، أي التعاطف مع مرتكبي هذا النوع من القضايا إلى حد رفض استعمال مقولة الانحراف، فمثلا الشخص الذي يجهل القانون ويستغفله غيره في توريطه في بعض القضايا, والذي يخاطبه رجل القانون بالمقولة الشهيرة “القانون لا يحمي المغفلين”، هذا الشخص عادة ما يعامل بمشاعر العطف لا مشاعر الاشمئزاز والاستنكار، كما يمكننا أن نقدم مثالا آخر يتعارض مع المقولة الدوركايمية، وهو ما يحدث عمليا في قاعدة المحكمة عند المرافعة، فعندما يكون المحامي يتمتع بقدرة بارع ة على الخطابة والمرافعة فإنه يسيطر على الأجواء داخل القاعة, ويتمكن من إزالة مشاعر الاشمئزاز والاستنكار, ويعوضها بمشاعر العطف والحنان على موكله, ليس في صفوف الحاضرين وزملائه المحامين فحسب، بل قد يصل التأثيرإلى رئيس المحكمة. لذلك يجد رئيس المحكمة نفسه أمام أمرين إما أن يعطي الحكم الأدنى، وفي هذه الحالة، شعور التعاطف لا يزيل الصفة الإجرامية والانحرافية على الموكل، بل يخفف في الحكم فقط. وفي الحالة الثانية، يؤجل رئيس المحكمة موعد التصريح بالحكم ويحدد موعدا آخر للتفاوض والتصريح بالحكم، وفي عملية التفاوض يستبعد المحامي الذي يرافع عن موكله (المنحرف), ويستبعد النيابة التي تحاول إثبات التهمة على الموكل، وعادة لا ينجو المتهم من الحكم, لأن السيادة تبقى دائما للقانون. محاور البحث لقد حاولنا الإجابة عن تساؤلات البحث, والكشف عن ميكانيزمات اشتغال المؤسسة السجنية, من خلال أربعة محاور أساسية: أولا: خصوصية فئة المنحرفين (أعضاء المجتمع المدروس), وأهمية مقولة الانحراف, التي تشير دلالاتها اللغوية والسوسيولوجية إلى الابتعاد عن المسار الاجتماعي المتفق عليه، وتوحي بنزعة التمرد والانفلات من الأشكال التنظيمية المؤسساتية الكامنة في السجناء, حيث لعب “الإجبار” دورا أساسا في التنظيم السجني, والذي تجلى في: ثانيا: الخصوصية التنظيمية للفضاء السجني: وفي هذا المحور حاولنا التركيز على نوعين من التنظيم تسير بمقتضاهما الحياة السجنية: 1- التنظيم الشكلي المرتبط أساسا بما تريده وتصبو إليه السلطة السجنية، وبذلك تكون الأهداف واضحة, والترتيب الوظائفي مقنن ومعلوم لدى كل الفاعلين، والتي عادة ما تكون على النحو التالي: 2- التنظيم اللاشكلي: وهو شكل من التنظيم يخلقه السجين داخل هذا الفضاء, ليتحكم في موازين القوى, ويحقق ذاته التي سلبت منه، حيث يعرّف “ميشال كروزيه” هذا النوع من التنظيم بكونه تنظيم إبداعي، خفي وغير معلن, يلعب دورا كبيرا في اشتغال المؤسسة. وأهم ما يميزها عنصران عنصر الهدف أين تكون الأهداف في التنظيم اللاشكلي غير واضحة. أما الميزة الثانية فتكمن في احتضان التنظيم اللاشكلي للفرد, وتسخير جميع مجهوداتها لإشباع حاجاته… وتتجسّد في بحثنا هذا في “أولاد الحومة” أو “أولاد الجهة” أو “أولاد الحيّ” كما يبرز في هذا النوع من التنظيم العديد من الفاعلين الاجتماعيين: ثالثا: الفاعل الاجتماعي بين الحرية والضغوطات التنظيمية: لقد استوحيناهذه الإشكالية التي تضمنها المحور الثالث من كتاب الفاعل والنسق لعالم الاجتماع الفرنسي m. crozier حيث تتمكن الحرية والاستقلالية, في حين توحي مقولة النسق بالضغوط التنظيمية، فكيف توحي مقولة الفاعل إذ تعلق الأمر ب السجين كفاعل اجتماعي من خلق حريته واستقلاليته, وسط تلك الضغوط والإكراهات التنظيمية, فإذا كان صاحب هذا الكتاب أجاب عن هذا التساؤل, عبر تحليله لمجال اللايقين, فإننا اعتمدنا تسمية هذا المجال المتجسد في هامش الحرية الذي يخلقه السجين “بالمجال الزئبقي”, وذلك للتشابه الكبير بينه وبين مادة الزئبق الذي يمكن مشاهدته ولا يمكن مسكه. ولعبت خمسة متغيرات دورا أساسيا في توسيع أو تضييق هذا المجال: رابعا: العلاقة بين المحيط السجني الداخلي والمحيط الخارجي: إن أهم مفارقة تتصف بها المؤسسة السجنية هي “مفارقة ااإنغلاق والانفتاح” على العالم الخارجي. فمن جهة نلمس الطابع الانعزالي / الانغلاقي, الذي ميز السجن المدني بتونس: قضبان وأسوار عالية, وتوجد وسائل المراقبة بعدد ضخم من ممثلي السلطة الشرعية داخل كل جناح, أو كل غرفة.. ومن جهة ثانية تواجد الطابع الانفتاحي على العالم الخارجي, والمتمثل في تعدد الوسائل التواصلية مع العالم الآخر المشروعة منها وغير المشروعة. أو بلغة أخرى نلمس قنوات الاتصال والتواصل ضمن: 1- استراتيجية السلطة الإدارية: لقد تطورت السياسات السجنية في العالم. وأدرك المسيرون والمنظرون خطورة عزل المساجين على العالم الخارجي ودوره في فشل المؤسسة السجنية, لأجل ذلك تم الربط بين الهدف الإصلاحي التأهيلي والانفتاح على ما يدور خلف الأسوار والقضبان. وتأثرت السياسة السجنية في تونس بهذا التمشي. وتم فعلا التخلي عن بعض الأساليب والوسائل العزلية كمنع ارتداء اللباس السجني, وتوفير جهاز التلفزة في أغلب الأجنحة والغرف, إضافة للزيارات والرسائل والجرائد.. ولكن بقي الشكل الهندسي “البانوبتي”, الذي اقترحه “بانتام” منذ 1830, وهو الشكل العالي للسجن المدني بتونس. 2- استراتيجية الفاعل الاجتماعي (السجين): لم يكتف السجين كفاعل اجتماعي بالقنوات الاتصالية التواصلية المشروعة, التي أقحمتها السلطة الإدارية, ضمن استراتيجياتها الإصلاحية, بل حاول من خلال تفاعله مع هذا الفضاء السجني, خلق قنوات أخرى لإشباع بعض رغباته وطوحاته كصنع واستهلاك المسكرات والمخدرات، واللواط، والاهتمام بالأغاني السجنية, وخاصة ما يسمونه بالأغاني المزمومة. وبلغة أخرى محاولة خلق المجتمع التونسي داخل الفضاء السجني, أو إعادة يناءه وتركيبه, ضمن ظروفه المحيطة. خاتمة البحث أما في خاتمة البحث الميداني فحاولنا الإجابة عن الأسباب الكامنة وراء فشل المؤسسة السجنية, التي أصبحت تدور حول نفسها, حيث أصبح الإجرام يغذي المؤسسة السجنية, وهي بدورها تغذي الحياة والنزعة الإجرامية. ورأينا ضرورة إحداث مؤسسة ذات صبغة دولية, تعنى برعاية السجين بعد خروجه من السجن. وبمعنى آخر لا تهدف هذه المؤسسة إلى تأهيل السجين, بقدر ما تهدف إلى تأهيل المجتمع لقبول السجين. كما رافقنا هذه الدراسة الميدانية بملحق خاص بالمصطلحات السجنية, حتى نسهل على القارئ فهم هذا البحث. أما الجزء الثاني فتضمن الأغاني السجنية المزمومة, والتي اعتمدها السجين كأهم وسيلة دفاعية داخل هذا الفضاء السجني. (*) باحث تونسي متخصص في علم الاجتماع أعد أطروحة ماجستير من داخل السجن في تونس أثناء اعتقاله في قضية سياسية
العنف الموجه من الذات وإلى الذات العدد الســادس السنة الثانية/نوفمبر 2002 دراسة سوسيولوجية لظاهرة العنف داخل الفضاء السجني بقلم الباحث سامي نصر (*) ما إن دخلنا إلى الفضاء السجني حتى صادفتنا أشياء غريبة أثارت انتباهنا، وحركت فضولنا، ودفعتنا إلى إجراء بحثنا الميداني، وسط هذا العالم المشحون بالألغاز والمفارقات. وأهم ما صادفنا هو تفاقم ظاهرة العنف الموجه من الذات وإلى الذات، وكيفية تعامل السجين مع جسده. فمن جهة أولى قداسة جسده تدفعه إلى الاعتراف بالتهم، التي لم يرتكبها، حتى يجنب جسده أي نوع من أنواع التعذيب، ومن جهة أخرى يفعل بجسده ما لا يفعله به أي طرف آخر. وأكثر من ذلك أثبتت دراستنا، التي دامت 16 شهرا) أي مدة اعتقالنا بالسجن المدني بتونس) أن نسبة 34.50% من محترفي العنف الموجه للذات مارسوا هذا النوع من السلوك داخل مراكز الاتهام، وذلك للحفاظ على قداسة جسدهم. ومن بين الأسئلة الجوهرية التي تطرح نفسها في هذا الإطار هي: ما هي دوافع هذا النوع من السلوك العدواني؟ و ما هي دلالاته؟ وكيف يمكن فك رموز هذه المفارقة؟ للإجابة على هذه الأسئلة أو على الأقل الاقتراب من الأجوبة، قمنا بهذه الدراسة الميدانية. ونظرا لاختلاف أجنحة السجن المدني بتونس، حسب متغير السن، ونوعية القضية، والتجربة السجنية، والمستوى الاجتماعي والاقتصادي، حاولنا التركيز على ثلاثة أجنحة متباينة، وساعدنا في ذلك عملية النقل، التي يخضع لها سجناء الرأي من حين لآخر. واعتمدنا أولا على إحصاء بسيط لعدد المساجين، الذين يحملون جروحا على أجسادهم، وكانت النتائج على النحو التالي:
(الجدول:1 نتائج إحصاء المساجين الحاملين لجروح على أجسامهم داخل الجناحH)
(الجدول 2: نتائج إحصاء المساجين الحاملين لجروح على أجسامهم في الجناحC)
(الجدول 3: نتائج إحصاء المساجين الحاملين لجروح على أجسادهم في الجناحDa) أهم الملاحظات: * في الجناح H استثنينا الغرفة رقم 2، لأنها كانت في فترة إجراء البحث مخصصة للمساجين الأجانب، ثم بعد ذلك تم نقلهم إلى الجناح F. * يتميز متساكني الجناح H بالتجربة السجنية، وصغر السن (أغلبهم من خريجي الإصلاحيات)، ومستوى تعليمي متدني، والانحدار من المناطق الشعبية. كل هذه المتغيرات لعبت دورا رئيسيا في انتشار هذه الظاهرة، بحيث تراوحت النسبة المئوية بين 74.42 في المائة و82.48 في المائة، أما إذا استثنينا مساجين الرأي، فتصبح النسبة تتراوح بين 88.13 و 93.85 في المائة. * في الجناح C لاحظنا الانخفاض في نسب الإقدام على هذا النوع من السلوك العدواني، ويرجع ذلك إلى المكانة الاجتماعية لمتساكني هذا الجناح خارج الفضاء السجني، والمستوى التعليمي … * في الجناح Da استثنينا الغرفة رقم 4، لأنها غرفة العزلة، ولا تحتوي إلا على 4 مساجين سياسيين. * يسمى الجناح Da في لغة السجن بـ”كولمبيا”، وذلك لأن جل متساكنيه متهمين في قضايا المخدرات، لأجل هذا وجدنا نسب الإقدام على تجريح الجسد متوسطة، بل لا تكاد توجد إلا لدى مستهلكي المخدرات، لا المروجين، لأن المكانة الاجتماعية، التي يحتلونها تحول دون ذلك. رغم أهمية هذا الإحصاء والدلالات التي تحملها الأرقام والنسب المئوية، لم يتسن لنا من خلاله الإجابة على أسئلة بحثنا، وذلك لعدم احتوائه للإضراب عن الطعام كنوع من أنواع العنف الموجه من الذات وإلى الذات. ثم مجرد الإحصاء لا يكشف لنا عن الدوافع الكامنة وراء هذا النوع من السلوك.. لأجل كل ذلك حاولنا الاستعانة باستبيان من بين الأسئلة التي تضمنها: – لماذا أقدمت على هذا السلوك؟ وكانت النتائج على النحو التالي: * الجناح H الغرفة H4 : – السؤال: لماذا أقدمت على هذا السلوك؟ – العينة: 60
* الجناحC الغرفة C3 – السؤال: لماذا أقدمت على هذا السلوك؟
* الجناح Da الغرفة Da.2
أهم الملاحظات والاستنتاجات: * بالنسبة للغرفة C3، لم نتمكن من الحصول على عينة تفوق الـ25 سجينا، وذلك لعدم انتشار هذه الظاهرة في هذه الغرفة. * أولا: الهدف التعبيري: استعمل المستجوبون العديد من الألفاظ للتعبير عن الكبت والحرمان والضغوط السجنية. ومن بين هذه الألفاظ “فدّيت”، “قلقت”، “لأني مظلوم”، “لكي أرتاح “…الخ وكانت النسبة مرتفعة في الجناح H ، ووصلت إلى 38.33 في المائة، ثم يليه الجناح Da، وهذا أمر طبيعي، لأن الطابع المميز لهما هو الطابع العنفي. * ثانيا: الهدف المطلبي: عبر السجناء عن هذا الهدف، من خلال جملة من العبارات، منها: “إنحب إنطيح قضيتي”، و”انحب إنقابل التحقيق”، و”إنحب إمشي إلى جناح آخر”، و”إنحب أنحسن وضعيتي”، إلى غير ذلك من الألفاظ والعبارات. وبهذا حاول السجين أن يجعل جسده أداة احتجاجية، من خلالها استهدف تغيير موقعه داخل هذا الفضاء السجني، حتى لا يكون مجرد رقم … II- – نتائج العنف الموجه من الذات وإلى الذات: * الجناح H، الغرفة H4 :
* الجناح C، الغرفة C3 – السؤال: ماذا حققت من ورائه؟
(*) باحث تونسي متخصص في علم الاجتماع أعد أطروحة ماجستير من داخل السجن في تونس أثناء اعتقاله في قضية سياسية
تغيير القوائم الانتخابية بعد جعل سن التصويت 18 عاما المغرب يعيش على إيقاع الانتخابات البلدية واليسار يخشى هيمنة الإسلاميين الرباط – خدمة قدس برس (مريم التيجي) بدأت الأحزاب السياسية المغربية بمختلف توجهاتها تستعد للانتخابات الجماعية (البلدية) التي ستقام في غضون السنة المقبلة، حيث شهدت الأسابيع الأخيرة انعقاد هيئات بعض الأحزاب، ودعوة أطر أحزاب أخرى إلى عقد مؤتمراتها وجموعها العامة، وحل مشكلاتها الداخلية، استعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. كما صدرت وثائق تدعو للنقد الذاتي من داخل بعض التيارات الحزبية، كان آخرها وثيقة أصدرها تيار “لازلنا على الطريق” من داخل حزب التقدم والاشتراكية، الذي وجه نقدا لاذعا لحزبه خصوصا، ولبقية الأحزاب “التقدمية” على وجه العموم، بسبب تخليها، حسب الوثيقة، عن الاقتراب من هموم المواطنين، وابتعادها عن الطبقات الفقيرة في المجتمع، مما فسح المجال أمام التيارات “الأصولية”، التي تهدد باكتساح الجماعات المحلية عقب الانتخابات المقبلة. كما تجددت الدعوة داخل الصف اليساري إلى الوحدة ورص الصفوف “لإنقاذ الديمقراطية”، حسب مجموعة من التصريحات، التي انتشرت على صدر صفحات الصحف المغربية. وكانت قوى يسارية مغربية قد أعربت عن ارتياحها، عقب إعلان جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية عدم مشاركتها في الانتخابات البلدية القادمة. وتخشى قوى اليسار، التي تراجع حضورها السياسي بشكل كبير، منذ سقوط الاتحاد السوفييتي السابق، وبعد مشاركتها في الحكومة، التي جاءت نتائجها هزيلة، من أن يتمكن التيار الإسلامي من السيطرة على العديد من البلديات الكبرى، خاصة بعد التقدم الكبير، الذي حققه حزب العدالة والتنمية “الإسلامي” في انتخابات أيلول (سبتمبر) الماضي البرلمانية، التي ضاعف فيها الحزب عدد مقاعده في البرلمان أكثر من ثلاث مرات. من جهة أخرى عقد حزب الاستقلال اليميني المغربي، الذي يعتبر الطرف الثاني في الحكومة المغربية، مجموعة من اللقاءات مع قيادة الحزب، التي تعرضت لهجوم عنيف، بسبب تورطها في فضيحة شركة “النجاة” المسجلة في دولة الإمارات، وبسبب مواقفها أثناء تشكيل الحكومة الجديدة. ومن المنتظر أن يعقد الحزب مؤتمره الوطني لينتخب قيادة جديدة له، خصوصا أن المراقبين يجمعون على أن حظوظ عباس الفاسي رئيس الحزب في ولاية جديدة على رأس الحزب ضعيفة، بسبب الأحداث الأخيرة والملفات، التي شوهت سمعة الحزب، واتهام قيادات فيه لرئيس الحزب بالعجز عن إدارة مفاوضات ناجحة أثناء تشكيل الحكومة، بما يضمن مناصب أكثر للحزب في حكومة إدريس جطو. وعلى المستوى القانوني بدأت وزارة الداخلية المشرفة على العمليات الانتخابية في المغرب تتحرك استعدادا للانتخابات، حيث أبرز وزير الداخلية مصطفى الساهل أن أهم تجديد سيتم تبنيه، من خلال التعديلات المقترح إدخالها على النصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات المقبلة، يتمثل في خفض سن التصويت من 20 إلى 18 سنة. وقال الساهل خلال تدخله أمس الأربعاء أمام اللجنة التقنية المكلفة بدراسة مشاريع النصوص القانونية المذكورة، إن هذا التعديل يأتي حرصا من الحكومة على الاستجابة الفورية لمضامين الخطاب الملكي، الصادر بمناسبة تنصيب أعضاء المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ووالي ديوان المظالم. وأوضح الوزير خلال هذا الاجتماع الذي حضره ممثلو 22 حزبا مشاركة في البرلمان أن هذا التعديل يأتي أيضا بهدف تزويد الممارسة الديموقراطية بدم جديد، من خلال إشراك الشباب، الذي يمثل شريحة كبرى من الهرم السكاني المغربي. وقال إنه بموازاة مع ذلك، واعتبارا لكون حق الانتخاب يعد أحد الحقوق الأساسية، التي يكفلها دستور المملكة، وحتى تتمكن الفئة الجديدة من الناخبين من التسجيل في اللوائح الانتخابية، فقد تقرر وضع لوائح انتخابية عامة جديدة، تحل محل اللوائح الحالية، حيث تم إعداد مشروع قانون خاص بهذا الموضوع. ولاحظ الوزير أن عملية إعادة وضع اللوائح الانتخابية تستجيب من جهة لرغبة ملحة تم التعبير عنها في مناسبات سابقة، وتهدف من جهة أخرى إلى التخلي عن اللوائح الحالية، التي يعود تاريخ وضعها إلى سنة 1996.
وأبرز أن هذه العملية ستمكن من التوفر على لوائح سليمة، تعكس واقع الهيئة الناخبة، وتشكل ضمانة أساسية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تعبر بصدق عن ميولات المواطنين، واتجاهاتهم السياسية، مشيرا إلى أن عملية وضع اللوائح ستتم من خلال مرحلتين، ترتبط أولاهما بالتسجيل في اللوائح، فيما تهم الثانية ضبط تلك اللوائح، بعد إدخالها إلى الحاسوب، مؤكدا عزم الحكومة على “اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة، حتى تمر الانتخابات المقبلة في جو تسوده الحرية والنزاهة والشفافية”، حسب قوله. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 21 ديسمبر 2002)
في المسألة التركية: من الإسلام السياسي الي استلهام انموذج الخمسينات د. بشير موسي نافع أثار الانتصار الحاسم وغير المتوقع لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية البرلمانية، ومن ثم تفرده في تشكيل الحكومة، نقاشاً واسع النطاق. لاسباب ومقاصد مختلفة، اصبحت تركيا الجديدة، تركيا الطيب رجب اردوغان وعبد الله غول، محل آراء الصحف الرئيسية في العواصم الاوروبية، تعليقات الساسة والمراقبين، موضوع جدل متزايد في الدوائر الاسلامية السياسية. وأحد أهم قضايا التفاوض حول المستقبل الأوروبي ومشروع الوحدة الأوروبية. ولكن الملاحظ في هذا الأمر الدولي المتسع ان ثمة افتراضا تآمريا يوحد اصواته. الاسلاميون الذين رحبوا باعتدال وحكمة قادة العدالة والتنمية، واولئك الذين يرون في سياستهم خيانة للاسلام ومبادئه، الاوروبيون والعلمانيون العرب الذين يدعون الي معانقة تر كيا الجديدة واعتبارها مثالا للمستقبل الاسلامي واولئك الذين اعربوا عن شكوك عميقة في مصداقية اردوغان ورفاقه، يفترضون جميعا ان العدالة والتنمية هو حزب يحمل مشروعا بوجهين، مشروعا مزدوجا للاسلمة والعلمنة. يرحب الاسلاميون لأن الاهداف الاسلامية المفترضة للحزب لم تمنعه من تبني سياسات وتوجهات معتدلة ستساعد علي طرح استراتيجية اسلامية جديدة للحكم. ويرحب بعض الاوروبيين لانهم يرون في فتح ابواب الوحدة الاوروبية لتركيا تكريسا لنهج العلمنة الاسلامي وفرصة سانحة للعمل علي استقرار الانموذج التركي العلماني بأيدي قادة تحمل قطاعات واسعة من الشعب التركي قدرا كبيرا من حسن النية تجاههم. ويشكك آخرون لانهم يعتقدون ان حزب العدالة والتنمية ليس اكثر من نسخة اكثر ذكاء وصبرا من اربكان والرفاه، وان وصول هذا الحزب للسلطة هو بداية عمل بطيء وذكي وهادئ لاسلمة الدولة التركية واعادة عقارب الساعة الاتاتوركية الي الوراء. بيد ان هناك افتراضا آخر لا يبدو ان احدا يريد أخذه مأخذ الجد، وهو ان حزب العدالة والتنمية هو بالفعل وكما يؤكد قادته ليس حزبا اسلاميا، لا يحمل اجندة مزدوجة، وان السياسات التي سيتبعها في الحكم ه ي ذات السياسات المعلنة في برنامجه الانتخابي. بمعني ان الطيب اردوغان ورفاقه قد أخذوا قرارا حاسما بالقطيعة مع ميراثهم الإسلامي في حزب الرفاه، وانهم أرادوا اصلا بالخروج علي الرفاه قبل عامين ان يختطوا طريقاً سياسيا مختلفا بالفعل، طريقا يرونه أقرب الي ما يسمي باليمين الاوروبي المحافظ. في مناسبات عدة، وطوال الشهور السابقة علي الانتخابات، اكد اردوغان علي ان حزبه يلتزم التزاما كاملا بمبادئ وتوجهات الدستور التركي (دستور منتصف الثمانينات الذي وضعه كنعان ايفرين). وقد أكد اردوغان والكثير من زملائه علي التزامهم علمانية الدولة، المحافظة علي عضوية تركيا ودورها الفعال في منظمة حلف شمال الاطلسي (الناتو)، والعمل الدؤوب علي ادخال تركيا الي الوحدة الاوروبية، واعادة البناء الاقتصادي علي اساس من اقتصاد السوق. ويمكننا ان نفترض ايضا، بناء علي تصريحات مباشرة وغير مباشرة لقادة الحزب وحجم الصوت الاسلامي الهائل الذي صب لصالحهم في الانتخابات، ان حكومة العدالة والتنمية ستعمل علي وضع نهاية لحالة الحرب الشعواء التي تخوضها مؤسسة الدولة التركية ضد الدين. وهو توجه لا بد ان لا يخلط بينه وبين برامج القوي الا سلامية السياسية، بما في ذلك الزعيم الاسلامي التركي اربكان وحزبه، بل لا بد ان يفهم ربما في ضوء الخلاف بين الانموذجين الاوروبيين: الانجلو ـ ساكسوني والفرنسي، حيث تحافظ الدولة العلمانية في الاول علي موقف محايد وغير معاد للدين بالضرورة، بينما تلتزم الدولة في الثاني دورا نشطا في تعزيز لا دينية الحياة العامة. منذ تسلم العدالة والتنمية مهام الحكم، وهي فترة قصيرة بلا شك، عمل بوضوح ولا مواربة علي الالتزام ببرنامجه الانتخابي وتوجهات قادته المعلنة. اكدت الحكومة الجديدة خلال زيارة نائب وزير الدفاع الامريكي بول وولفويتز لانقرة، كما خلال زيارة اردوغان للبيت الابيض، علي تعهدات تركيا تجاه حلف الناتو، كما يعتقد انها قدمت تعهدات عامة علي الأقل فيما يتعلق بالتعاون مع الولايات المتحدة ان قامت الاخيرة بشن حرب علي العراق، وهو الموقف الذي تعارضه اغلبية الشعب التركي ويعارضه بشكل كاسح الشارع الاسلامي التركي بشكل خاص. وقد اتضح الارتياح الامريكي تجاه الحكومة الجديدة من خلال الضغوط الامريكية المحمومة (غير المتحضرة كما وصفها شيراك) علي دول الاتحاد الاوروبي الرئيسية من أجل اعلان تاريخ قريب لبدء التفاو ض حول التحاق تركيا بالوحدة الاوروبية. وكان اردوغان قد قام بسلسلة من الزيارات لعدة عواصم اوروبية بهدف الحصول علي الدعم اللازم لموازنة الموقف الفرنسي ـ الالماني المشترك الذي يعارض التحاقا تركيا قريبا بالمنظومة الاوروبية. علي المستوي الداخلي، تجنبت الحكومة الجديدة حتي الآن اقرار اية قوانين قد يفهم انها تخدم سياسة اسلامية محددة (كمسألة الحجاب مثلا)، وحتي منتصف كانون الاول (ديسمبر) كان التشريع البرلماني الرئيسي الذي عملت كتلة العدالة والتنمية علي اقراره هو التعديل الدستوري الذي يمهد الطريق لصعود اردوغان الي رئاسة الوزارة. ولكن ليس من المستبعد خلال العامين او الثلاثة القادمة ان تعمل حكومة اردوغان علي التخلص من مجموعة القوانين التعسفية التي تحد من حرية المسلمين الاتراك في التعبير عن التزامهم ومشاعرهم الدينية. علي ان هذه القوانين هي موضع اعتراض اوروبي علي اية حال وسيكون من الضروري الغاءها او تعديلها استجابة للمطالب الاوروبية في تكريس التوجه الليبرالي للدولة التركية وحماية حقوق الانسان. ليس ثمة من شك بأن بحثا بسيطا في تاريخ قادة العدالة والتنمية، خاصة اردوغان الذي كان احد أبرز جيل شبان الرفاه وعمدة استنبول المنتخب عن الحزب اسلامي التوجه، وعبد الله غول، الذي عينه اربكان في سن صغير نسبيا ناطقا للشؤون الخارجية للحزب، سيجد الكثير من المواقف والتصريحات التي تناقض التوجهات الحالية للعدالة والتنمية. ولكن المتابع لمسيرة اردوغان السياسية منذ بروزه في مطلع التسعينات كأحد نجوم الرفاه الشابة، يلحظ ان عمدة استنبول السابق الذي قضي معظم سني شبابه في حزب الرفاه، قد أخذ يعبر عن شكوكه في استراتيجية الحزب ومشروع الاسلمة منذ فرض الجيش خروج اربكان منذ الحكم في صيف 1997. بالرغم من ان من المبكر تقديم تفسير متماسك لظاهرة اردوغان، الا ان من الملاحظ ان الرفاه، باعتباره التجلي الاوضح للاتجاه الاسلامي السياسي التركي، كان تعبيرا عن مسيرة طويلة استمرت زهاء ربع القرن، وتعود جذورها الي نهاية الستينات. اربكان ومجموعة التكنوقراط من زملائه الذين بدأوا شق الطريق لتيار الاسلام السياسي في تركيا حملوا هموما وتصورات اسلامية وقومية تركية معا. ولكن ارتباط التصور القومي التركي بالميراث العثماني جعل اربكان والاحزاب التي اسسها وقادها، واحدا تلو الآخر، منذ نهاية الستينات، تبدو وكأنها احزاب اسلامية بحتة تفتقد البعد القومي. ينسي الكثيرون مثلا ان اول الاحزاب التي قادها اربكان كان يعرف باسم حزب الخلاص القومي. يصعب بالطبع القطع فيما ان كانت تركيا اولا او الاسلام اولا قد احتل الموقع الاعلي في تصور اربكان، او حتي فيما ان كانت رؤاه قد تطورت من تصور الي آخر عبر السنين، ولكن المؤكد ان تركيا باعتبارها القومي، تركيا القوة الرئيسية في مفصل الشرق والغرب، تركيا مستودع المجد العثماني، كانت دائما تحتل موقعا هاما في رؤية اربكان الفكرية وفي حركة الرفاه. ما يبدو ان اردوغان وغول والآخرين من مؤسسي العدالة والتنمية (وهذا تفسير اولي بالتأكيد) قد انحازوا اخيرا الي تركيا اولا في ميراث الرفاه الفكري، بعد ان توصلوا الي قناعة بأن مشروع انهاض تركيا من خلال النهج الاسلامي السياسي هو مشروع صعب التحقيق، بل مستحيله، علي الاقل في هذه المرحلة من تاريخ تركيا. توصل اردوغان ورفاقه الي ان مشروع الاسلمة، الذي وجد مقاومة شرسة وثابتة من المؤسستين العسكرية والقضائية، كما من جهاز الدولة البيروقراطي، قد اصبح في حد ذاته سببا من اسباب افتقاد الاستقرار والاجماع، اضافة الي وقوفه عائقا امام فتح ابواب واسوا ق العالم امام تركيا وجذب الاستثمارات الخارجية الي اقتصادها. نحن اذن امام حفنة من الشبان الاتراك الوطنيين ذوي الخلفيات الاسلامية الذين تحفزهم دوافع الانتماء وواجب خدمة البلاد، وهي قيم عميقة الجذور في الثقافة التركية ـ العثمانية، الذين باتوا يرون انتماءهم الاسلامي حاجزا امام تسلمهم قيادة الدولة والحكم وعبئا علي سعيهم لانها من البلاد. في تصريحات مبكرة، تعود الي نهاية التسعينات، اعرب اردوغان ايضا عن ادراك أولي بان العملية الديمقراطية ليست الوسيلة لاجراء تغيير جذري في بنية الدول والامم، وان الصراع السياسي في ظل نظام ديمقراطي يؤسس لتحولات سياسية جزئية وليس لانقلاب فكري وثقافي في توجه الدولة. وقد اصبحت هذه الموضوعة اكثر وضوحا في تصريحاته الصحافية عشية وبعد انتصاره وحزبه في الانتخابات الاخيرة. ان كان الخيار الديمقراطي هو الخيار الوحيد للعمل السياسي في تركيا المعاصرة، في ظل الدور الهائل للمؤسسة العسكرية التركية وارتباطات تركيا الدولية، فعلي كل من يرغب في المساهمة في اخراج البلاد من ازمتها الثقافية، الاقتصادية والسياسية الطاحنة ان يدرك سقف العملية الديمقراطية وحدودها. الخيار الآخر بالطبع هو الحرب الاهلية. العدالة والتنمية هو علي الارجح حزب يعني ما يقول، حزب يسعي، بغض النظر عن الحكم علي اهلية او واقعية قادته، الي القبض علي زمام الحكم وتوظيف اداة الدولة لخدمة تصور اصلاحي ـ نهضوي لتركيا تحت سقف الدستور، وضمن حدود التزامات تركيا وتحالفاتها الخارجية وعلي اساس من ميراث الدولة الاتاتوريكية الحديثة، او علي الأقل الخطوط العامة لهذا الميراث. المهم، ان هذا التوجه ليس جديدا ولا فريدا في تاريخ الجمهورية التركية، وليس من المستبعد ان التجارب المثيلة السابقة قد شكلت مصدر الهام لاردوغان ورفاقه. وكما في الظرف الحالي، فقد كان الاسلام ايضا احد الاسئلة الهامة والمركزية امام قادة التجارب السابقة. الاسلام ليس كاطار مرجعي للعمل السياسي، بل الاسلام باعتباره مسألة تركية ملحة تستوجب الحل لا المواجهة، مسألة يصعب تصور تحقيق تماسك تركي داخلي بدون التعامل معها. التجربة الأولي والأهم كانت بالتأكيد تجربة عدنان مندريس وجلال بايار وصديقهما الملهم، المؤرخ التركي الكبير فؤاد كوبروللو. هؤلاء، الذين مثلوا وجهة نظر ليبرالية ـ علمانية محافظة في المؤسسة الأتاتوركية السياسية، خرجوا عن حز ب الشعب الجمهوري (حزب آتاتورك) في نهاية الحرب العالمية الثانية، وأسسوا حزبا مستقلا باسم الحزب الديمقراطي. في انتخابات 1945، اي بعد شهور قليلة من ولادة الحزب الديمقراطي، حقق المنشقون نجاحا ملحوظا، ولكنهم استطاعوا في دورة 1950 الانتخابية الحصول علي الاغلبية في البرلمان مما اتاح لهم تشكيل اول حكومة غير اتاتوركية منذ ولادة الجمهورية. تواصلت نجاحات مندريس والديمقراطيين خلال دورتين تاليتين مما اتاح لهم قيادة الدولة حتي انقلاب 1960 العسكري. كان برنامج مندريس ايضا هو العمل علي انهاء حالة الحرب المستعرة بين الدولة والاسلام من خلال السماح للالتزام الديني في التعبير عن نفسه، ابتداءً من فتح ابواب الحج، اعادة الآذان باللغة العربية، السماح ببناء المساجد وتعمير ما اهمل منها، فتح معاهد تدريب الأئمة.. الخ. لم يكن برنامج مندريس اسلاميا، فقد كانت حكومته دائما غربية التوجه، وقد تجاهل الاسلاميون الذين حاولوا فيما بعد اعادة تصوره باعتباره زعيما اسلاميا، ان عصره شهد انخراطا تركيا متزايدا في التحالف مع القوي الامبريالية الغربية والعمل ضد قوي التحرر في المنطقة. كان مندريس، باختصار، زعيما علمانيا محا فظا، اراد من سياسة اخراج الدولة تدريجيا من خندق المواجهة مع الدين ان يعزز من قوة ووزن الجمهورية التركية ويعيد بناء وحدتها الداخلية علي اساس من الرضي والتراضي بدلا من القمع والخوف. في 1960 اودي انقلاب عسكري دموي بحياة مندريس ووضع حدا لمشروعه الاصلاحي. ولكن ما ان انتهت حقبة الحكم العسكري وعادت الحياة السياسية حتي برز سليمان ديميريل وحزب العدالة في محاولة اعادة الروح الي نهج مندريس. ولكن ديميريل لم ينجح في تجسيد ذاك النهج الا نسبيا. اولا، لأن ديميريل لم يمتلك المميزات الزعامية الفريدة واتساع الرؤية التي حملها مندريس. ثانيا، لأن الحقبة التي صعد فيها نجم ديميريل، حقبة السبعينات، مثلت مرحلة انهيار تركي سياسي واجتماعي، وصراعا سياسيا منهكا بين قوي اليسار واليمين. ثالثا، لأن حزب العدالة لم يستطع قط ان يحقق انتصارا انتخابيا واحدا يؤهله لقيادة الحكم منفردا بدون الاضطرار الي الدخول في تحالفات سياسية مقيدة ومكلفة. في النهاية، جاء انقلاب 1980 ليضع حدا لحالة الفوضي ويوقف الصعود المتزايد لاربكان وحزبه آنذاك، حزب الخلاص الوطني، الذي بدا وكأنه علي عتبة السيطرة علي الحقل السياسي التركي محمو لا علي انتصار الثورة الاسلامية في ايران والعداء التركي الشعبي المتصاعد للتحالف الامريكي ـ الاسرائيلي. تدريجيا، تحول نظام الانقلاب الي نظام مدني بعد ان وضع الوثيقة الدستورية الرابعة في تاريخ الجمهورية، مشرعا بذلك لدور المؤسسة العسكرية في الحكم من خلال مجلس الأمن القومي. ولكن حتي في ظل هذا الدستور، يمكن القول ان تجربة تورغوت اوزال، خلال النصف الثاني للثمانينات ومطلع التسعينات، كانت هي الاخري محاولة للعودة الي نهج مندريس، نهج اعطاء الجمهورية التركية وعلمانيتها وجها انسانيا، ليس فقط فيما يتعلق بالاسلام بل ايضا في مجال الحقوق الثقافية للأقلية الكردية. ولم يكن غريبا، علي اية حال، ان اوزال قد بدأ حياته العامة مستشارا خاصا في مكتب رئيس الوزراء الاسبق سليمان ديميريل. ما يجعل محاولة العدالة والتنمية اكثر اثارة وتعقيدا هو بالتأكيد العامل الاوروبي. فالالتحاق بالوحدة الاوروبية بالنسبة لاردوغان وحزبه ليس هدفا اقتصاديا فحسب، بل هو ايضا نوع من السعي الي حسم السؤال الثقافي ـ الحضاري الذي ارق تركيا منذ عهد التنظيمات العثمانية في منتصف القرن التاسع عشر. هدف اردوغان هو تحقيق المعادلة المس تحيلة: تركيا اوروبية بدون التنكر لتاريخها وهوية شعبها الدينية. وهو ايضا وسيلة للاصلاح الداخلي، فعبر الطريق الاوروبي ومعاييره يأمل قادة العدالة والتنمية ان يصلوا اخيرا الي تحجيم المؤسسة العسكرية واخراجها من الساحة السياسية، اضافة الي توظيف المعايير الاوروبية في مجالي حقوق الانسان وحقوق الاقليات لوضع نهاية لحرب الدولة التركية الحديثة علي الدين والقومية الكردية. الوصول الي اوروبا هو بمعني من المعاني اداة اصلاح وسلام داخلي وليس فقط طريقا لتحقيق الرفاه الاقتصادي. ولكن عضوية تركيا في الوحدة الاوروبية مسألة بالغة التعقيد، وليس من المتوقع ان تتحقق خلال هذا العقد علي الأقل، مهما بلغت الضغوط الامريكية علي الاوروبيين. وكلما اتسع نطاق الوحدة الاوروبية (وهناك الآن عشر دول اضافية في طريقها الي المنتدي الاوروبي) كلما ازدادت المعارضة للعضوية التركية. وبعد، فربما من الاصوب النظر الي العدالة والتنمية من خلال مواقفه المعلنة وليس من خلال الافتراضات التآمرية، مرحبا كان المرء او شاجبا.
بذلك سيصبح من السهل تصور شروط نجاح هذه التجربةاو فشلها. هذه الشروط يمكن ربما تلخيصها في التالي: 1 ـ الخروج من الازمة الاقتصادية، 2 ـ تحقيق تقدم ملموس في مشروع أنسنة وجه الدولة وعلاقتها مع شعبها، 3ـ تجنب وقوع النخبة الحاكمة الجديدة في مستنقع الفساد الذي نخر نسيج النخب السياسية التركية منذ منتصف الستينات واسقط ثقة الشعب بها. ثمة شيء من المثالية والسذاجة تسم سياسات وبرامج وخطوات قادة العدالة والتنمية وتصورهم لأوضاع تركيا الداخلية وموقعها من اوروبا والعالم، وذلك بالرغم من تحليلهم الصارم لمسألتي الدولة والاسلام. ولكن الدولة والحكم ليسا اداة هائلة للقوة والسيطرة فحسب بل مدرسة للتعلم واكتساب النضج والحكمة ايضا. وقد بدأ قادة العدالة والتنمية مشوار التعلم والنضج، بدأوا في صورة اكثر اثارة بكثير مما كانوا يتصورون في اكثر خيالاتهم جنوحا. (*) مؤرخ وباحث فلسطيني مقيم في لندن (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 ديسمبر 2002)
|
To Subscribe, please send an email to: tunisnews-subscribe@yahoogroups.com To Unsubscribe, please send an email to: tunisnews-unsubscribe@yahoogroups.com ِArchives complétes de la liste : http://site.voila.fr/archivtn ** En re-publiant des articles, des communiqués, des interventions de toutes sortes tirées d’un grand nombre de sources disponibles sur le web ou envoyés par des lecteurs, l’équipe de TUNISNEWS n’assume aucune responsabilité quant à leur contenu. ** Tous les articles qui ne sont pas signés clairement par « L’équipe TUNISNEWS » n’expriment pas les points de vue de la rédaction. ** L’équipe de TUNISNEWS fait tous les efforts possibles pour corriger les fautes d’orthographe ou autres dans les textes qu’elle publie mais des fautes peuvent subsister. Nous vous prions de nous en excuser.
|