السبت، 20 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2434 du 20.01.2007
 archives : www.tunisnews.net


آيفكس  :بعد مرور أكثر من عام على عقد مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات, لا زالت حرية التعبير في تونس تحت الحصار محمد القوماني: لائـحـة الحبيب بسباس:  بيان ذكرى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل وات: رئيس الدولة يتلقى برقية من المشاركين في الجلسة العلمية حول الزكاة وإمكانيات توظيفها لفائدة التنمية الحوار نت : حوار شامل مع الشيخ الحبيب اللوز الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية إثر خروجه من السجن بعد 15 عاما من الإعتقال. الجريدة: المجموعة المسلحة: كلنا تونسيون الوحدة: نريد أن تكون هذه الحادثة عابرة بكل معاني الكلمة الوحدة: لنستمع إلى الشباب الوحدة: المجتمع المدني وحصانة البلاد القدس العربي : الجماعة السلفية الجزائرية تحاول إعادة التنظيم في المغرب العربي ودول الساحل حسين المحمدي: اليوم الأول من إضرابنا عن الطعام الصباح: تونس – الاتحاد الأوروبي:عام 2007 سنة «الجوار».. العبور والمفاوضات الصباح:اتفـاق إيراني تونسي لتعزيز التبـادل التجاري وتنشيط الاستثمارات البيئية.. الصباح: تحية إلى روح الفقيد حمادي بن حسين ميدل إيست أونلاين :”اجتياح”: دراما جديدة عن فلسطين بعين تونسية الشعب : الدكتور الطيب البكوش “استفحال إنتهاكات حقوق الانسان في العالم غطى على فداحة الانتهاكات في البلاد العربية” الجزيرة.نت : المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس.. طلبة وعلوم شرعية     إسلام أون لاين.نت: قانون المساجد بالمغرب “يضبط” العمل الخيري عبد اللطيف بن سالم: إلى أين وصلت «أمور الديمقراطية» الموعودة؟! توفيق المديني : نهاية نموذج الدولة القومية والاسلامية في الشرق الأوسط حازم صاغيّة : في الفرديّة والمواطنيّة وثقافة الحياة بين “شرق” و”غرب”


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


بمناسبة حلول العام الهجري الجديد، تتقدم أسرة تونسنيوز إلى السادة والسيدات القراء الكرام داخل الوطن وخارجه بأجمل التهاني آملين منالعزيز القدير أن  يعيد عام 1428 هجري   بالخير و اليمن و البركة  على  كل فرد فيشعب تونس وعلى سائر شعوب الأمة العربية والإسلامية.


19 يناير / كانون الثاني 2007

** بعد مرور أكثر من عام على عقد مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات, لا زالت حرية التعبير في تونس تحت الحصار**

** مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس-آيفكس  TMG-IFEX** إن استضافة مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات تحت إشراف الأمم المتحدة في تونس, حيث تتعرض حقوق الإنسان و بالأخص حرية التعبير إلى انتهاكات متكاثرة , لهي من الأمور التي لا تزال تثير الجدل. فقد سبق لكوفي انان, الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك, أن صرح أن إقامة مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات في تونس تعد: “فرصة جيدة للحكومة التونسية لطرح قضايا حقوق الإنسان المختلفة, و من ضمنها القضايا المتعلقة بحرية الرأي و التعبير”.وبعد مرور أكثر من عام كامل على عقد المؤتمر في تونس, تقف الحكومة التونسية عاجزة عن تحقيق ذلك الهدف, كما أورد أعضاء الشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير(آيفكس)- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس. ان أعضاء مجموعة حالة حرية التعبير في تونس والبالغ عددها 16 منظمة  منضوية تحت مظلة الشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير(آيفكس)- تلتمس من الأمين العام للأمم المتحدة الجديد بان كي- موون ان يذكر الحكومة التونسية بالتزاماتها الدولية. و يقول أعضاء المجموعة: ”  إن انتخاب تونس من ضمن أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة  أضاف المزيد من المسؤولية على عاتق الحكومة التونسية كي تحترم التزاماتها الدولية في مجال حرية  التعبير”.        و يقول كارل مورتن افيرسن, الأمين العام لمنظمة “بن” النرويجية و رئيس مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس, أن: ” من المؤسف أن حالة حرية التعبير في تونس في مشارف 2007 لا تزال سيئة, إن لم تكن أسوأ حالا مما كانت عليه في نهاية عام 2005 عندما عقد مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات”. إن أعضاء مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس لا يزالون مشغولين انشغالا عميقا إزاء المضايقات و التحرشات التي يتعرض لها حاليا الكتاب و الصحفيون ورؤساء التحرير والمدافعون عن حقوق الإنسان في تونس.و لهذا السبب, فإن أعضاء مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس يطالبون الحكومة التونسية مرة أخرى بالوقف الفوري لجميع أشكال الاضطهاد التي يتعرض لها الكتاب و الصحفيون و والمدافعون عن حقوق الإنسان مثل سهام بن سدرين و نزيهة رجيبة و منصف المرزوقي و لطفي حجي وعبد الله الزواري. بالإضافة إلى تجديد طلب الإفراج عن المحامي و الكاتب محمد عبو و الذي يقضي حاليا عقوبة حبس لمدة ثلاث أعوام و نصف لاتهامه بانتقاد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في مقال تم نشره على صفحات الانترنت.   و تقول ماريا كابانيلا رئيسة الجمعية الدولية للناشرين:” على الحكومة التونسية الإفراج عن جميع الكتب و المطبوعات الممنوعة و وقف الرقابة على الكتب و  وضع حد الإغلاق المواقع الالكترونية احتراما لالتزاماتها الدولية “. و قد أثار أعضاء المجموعة بعض الاهتمام حول ما تقوم به الحكومة التونسية من تعتيم حول الاشتباكات الدموية بين قوات الأمن و الجماعات المسلحة التي وقعت في نهاية ديسمبر 2006 و بدايات يناير 2007 في ضواحي جنوب تونس.         و بناءا عليه, فإن أعضاء الشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير(آيفكس)- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس يطالبون السلطات التونسية بالسماح للكتاب و الصحفيين و المدونين و الناشرين بالتعبير عن أنفسهم بحرية و بلا خوف من الاضطهاد و الحبس بما يتوافق مع المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و الموقع من قبل الحكومة التونسية. أعضاء الشبكة الدولية لتبادل معلومات حرية التعبير(آيفكس)- مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس:     –         الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان, مصر –         المادة 19, المملكة المتحدة –         منظمة الصحفيون الكنديون لحرية التعبير, كندا –         المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, مصر –         اندكس على الرقابة, المملكة المتحدة –         الاتحاد الدولي للصحفيين, بلجيكا –         الاتحاد الدولي للمؤسسات و الجمعيات المكتبية, هولندا  –         المعهد الدولي للصحافة, النمسا –         الجمعية الدولية للناشرين, سويسرا –         منظمة صحفيون في خطر , كونغو –         المعهد الإعلامي لجنوب أفريقيا, ناميبيا –         منظمة بن النرويجية (PEN), النرويج –         الهيئة العلمية لمجتمع البث الإذاعي, كندا –         الجمعية العالمية للصحف , فرنسا –         اللجنة العالمية لحرية الصحافة, الولايات المتحدة الأمريكية –         لجنة كتاب في السجن-بن الدولية (PEN), المملكة المتحدة لمزيد من المعلومات عن الموضوع: http://www.hrinfo.net/ifex/wsis/ لزيارة موقع مجموعة مراقبة حالة حرية التعبير في تونس: http://campaigns.ifex.org/tmg/ للمزيد من المعلومات برجاء الاتصال ب: كارل مورتن افيرسن منظمة بن النرويجية تليفون: 4722479220+ محمول: 4792688023+ بريد الكتروني: pen@norskpen.no او ألكسيز كريكوريان الجمعية الدولية للناشرين, سويسرا تليفون: 41223463018+ بريد الكتروني: secretariat@ipa-uie.org الموقع: http://campaigns.ifex.org/tmg/  


لائـحـة

بدعوة من الحزب الديمقراطي التقدمي وفي اجتماع سياسي عام انعقد بالمقر المركزي للحزب اليوم الجمعة 19 جانفي 2007، وبعد تأكيدهم على خطورة المواجهات بين عناصر من الأمن والجيش ومجموعة مسلحة التي جرت مؤخرا في الضاحية الجنوبية حسب الرواية الرسمية، وبعد وقوفهم على ما خلفته تلك المواجهات من ضحايا في الأرواح وما أسفرت عنه من اعتقالات واسعة في صفوف الشباب وما تثيره من تساؤلات وما تطرحه من تداعيات على مستقبل البلاد: – يعبّر المجتمعون عن قلقهم العميق ورفضهم المبدئي للعنف والأعمال المسلحة في الحياة السياسية ويعتبرونها أسلوبا مضرّا وخيارا يائسا. – يستنكرون التعتيم الإعلامي الذي انتهجته السلطة في التعاطي مع أحداث تهمّ أمن جميع التونسيين وسلامتهم. – يعتبرون أن الحكومة فشلت في التعامل مع الرأي العام بما أبدته من استخفاف بالمواطنين وانصرافها إلى حشد التأييد الصوري لسياساتها التي تتحمل جانبا من المسؤولية في بروز ظاهرة الإرهاب والعنف المسلح نتيجة الاستمرار في إقصاء مكونات المجتمع السياسي والمدني عن القيام بوظيفتها في تأطير المواطنين. – يطالب المجتمعون بكشف الحقيقة كاملة للتونسيين وتسليط كل الأضواء على هوية هذه المجموعة وأهدافها وحول الإيقافات الواسعة التي تبعتها والظروف التي سقط فيها عدد هام من القتلى والجرحى ويشددون على احترام حقوق الإنسان في جميع مراحل التحقيق وضمان محاكمة عادلة للمتهمين. – يدعون إلى تشكيل لجنة تحقيق وطنية حول هذه الأحداث وفتح حوار وطني حول الأسباب التي تقف وراءها وسبل تحصين المجتمع منها. – يؤكّدون بالمناسبة انه لا يوجد خيار آخر للاستقرار والتنمية أمام التونسيين غير خيار الإصلاح الشامل (السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والديني…) وان رفض الحكومة لهذا الاتجاه والإمعان في الهروب إلى الأمام وسيدفع بالبلاد إلى المجهول. – يدعون المعارضة الوطنية بمختلف أطيافها وكافة أطراف المجتمع المدني إلى تحمّل مسؤوليتها في هذه الظروف الحرجة وتعميق الحوار واتخاذ كل المبادرات والإجراءات التي من شأنها حماية تونس وتأمين مناعة شبابها. عن المجتمعين – رئيس الاجتماع محمد القوماني

 

 

تلقت هيئة تحرير “تونس نيوز” يوم 20 جانفي 2007 النص التالي:

بمناسبة ذكرى 20 جانفي (ذكرى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل) أصدر المناضل النقابي الحبيب بسباس الذي يتزعم المعارضة النقابية هذا البيان مؤكدا فيه استمراره في نفس النهج الذي اختاره مند استقالته من اتحاد عمال المغرب العربي الذي كان يشغل فيه منصب الأمين العام. و قد تم توزيع هذا البيان بشكل موسع في مختلف الجهات في تونس ليضع بذلك حدا الإشاعات الرائجة حول تفكير بسباس والمجموعات النقابية القريبة منه في تكوين نقابة عمالية جديدة موازية للاتحاد  العام التونسي للشغل, وقد تقبلت المركزية النقابية  نص البيان بقلق شديد باعتبار ان المؤتمر لم يحسم الصراع نهائيا وان المعارضات النقابية بدأت في توحيد صفوفها وتنظيم طاقاتها في محاولة لمسك زمام المبادرة في أول تحرك بعد مؤتمر المنستير حيث دعت الى مقاطعة التجمع العام الذي نظمه المكتب التنفيذي والامين العام و الذي لم يلق النجاح المأمول بسبب دعوات المقاطعة التي نشط فيها مسؤولون نقابيون كاحتجاج على نتائج المؤتمر الاخير, كما تتداول وجوه المعارضة مشروع وثيقة داخلية لتقييم المؤتمر شارك في صياغتها أعضاء من اتحادات جهوية لها وزنها في الاتحاد مما يرشح الأوضاع لمزيد التصعيد. وهذا نص البيان:

الإخوة النقابيون

أبناء الاتّحاد العام التونسي للشّغل المخلصين

تحتفل الحركة النقابية فى بلادنا بذكرى 20 جانفي ذكرى تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل والتي دأب النقابيون  التونسيون على إحيائها في كلّ سنه  لتكون فرصة للوقوف على تاريخ  المنظمة المجيد واستلهام الدروس والعبر منه والوقوف على ما تخلّل مسيرته  من أزمات خرج  منها على الدوام منتصرا رافعا راية الاستقلالية خفّاقة مجسّما إصرار النقابيين على ديمقراطية التسيير ونضاليّة الأداء والتفاني في خدمة قضايا الشغّالين والتضحية بالغالي والنفيس من أجل تحقيقها.

والمتابع اليوم لما يجري داخل هذه المنظمة من انزلا قات بتفشّي ثقافة غريبة عن العمل النقابي قوامها الغدر والانتهازيّة ومسايرة”الواقف” والتطبيع مع السائد والتأقلم معه وقد استفحلت مثل هذه الأمراض لتنخر جسم حركتنا النقابية التي أصبحت حبيسة فئة من المتقاعدين ورهينة رغباتهم في استنزافها والتمعّش منها تقودهم غريزة حب البقاء على رأس المنظمة دون مشروع أو برنامج أو هدف، يروّجون شعارات متناقضة ويخطّطون سياسات مرتجلة ومتضاربة في محاولة لإرضاء الكلّ وضمان الصّمت عن التقييم أو الانتقاد أو المحاسبة وقد وجدوا كلّ الدّعم من بعض الجهات في السّلطة التي لم تتردد حتّى في التحرّك  لصالحهم والعمل على تجنيد النقابيين ومساومة الإطارات لشراء أصواتهم وتنصيب مجموعتهم من جديد بعد أن أعلنوا انحيازهم المكشوف والكامل بتسخير قوات البوليس لتفريق النقابيين ومحاصرة المنافسين وحرمانهم حتّى من حقّ التواجد في فضاء مؤتمر من المفترض أن يكون أعلى سلطة والجهة الأصلية المخوّلة لاختيار قيادة المنظمة دون سواها فسقط القناع عن دعاة الديمقراطية وانكشفت عوراتهم التي ما عادت تخفيها المزايدات اللفظية أو مشاريع النّضال الوهميّة أو الصراعات والخلافات المفتعلة مع خطّ الأمين العام ومناهضة البيروقراطية وغير ذلك من الخزعبلات التي كانت الغاية الوحيدة منها تهميش المعارضات الأصلية وتمييع الصّراعات لإعطاء فرصة أكبر للماكينة حتّى تلعب دورها فى تفصيل المؤتمر على قياس “جراد” ومن يقف وراءه فكانت الإغراءات والمساومات وكان التهديد والوعيد وكان التدخل المفضوح لقوات البوليس كلّها عوامل متداخلة لتحديد نتائج مؤتمر يحيلنا بالذاكرة إلى عشرين سنة مضت وفي مثل هذا اليوم بالذات لتعقد السّلطة مؤتمرا صوريا سمّته مؤتمر التوحيد أنتج قيادة مماثلة لم تصمد طويلا أمام  منطق التاريخ وإرادة الحركة النقابية المتمسّكة حتّى النهاية باستقلالية قرارها ورفض كلّ أشكال التدخّل والوصاية مهما كانت منطلقات أو حسابات أو رهانات أصحابها.

الإخوة النقابيون

ليس المجال هنا لتقييم المؤتمر أو كشف ما حاكته بعض الأصابع في الظلام  أو لتحديد المسؤوليات وبعيدا عن ردود الفعل الغاضبة أو التقييمات الانفعالية والمتشنّجة أقول أن حركتنا النقابية تمرّ بظرف دقيق لا يختلف كثيرا عمّا سبق أن عاشته في الماضي من أزمات والمطروح اليوم  أكثر من أيّ وقت مضى استغلال الفرز الحاصل طيلة الفترة السابقة وتنظيم الطاقات النقابية المناضلة المقتنعة بلعب دورها في المستقبل واختارت الوقوف إلى جانب المبدأ والمراهنة على المستقبل وليست مدفوعة بردّة فعل غاضبة لمن لم يجد ترضية في مؤتمر الترضيات والعمل على استعادة زمام المبادرة وفضح حقيقة التوجهات السائدة والدفاع عن بديل نقابي ديمقراطي ومناضل يخرج الاتحاد من أزمته ويرد له إشعاعه ومصداقيته حتى يلعب دوره بالكامل في الدفاع عن قضايا الشغالين والوقوف إلى جانب القضايا العادلة وطنيّا وقوميّا ودوليّا.

الإخوة النقابيون

إن هذه المرحلة عابرة لا يمكن أن تدوم طويلا وهي فرصة لنضع على المحك قناعات النقابيين وتماسكهم في الدفاع عن منظمتهم وهي اختبار حقيقي لذوي النوايا الصادقة للتمايز عن تجّار الشعارات وسوق المزايدات اللفظية وقدر على الصادقين من أبناء اتحادنا أن يخوضوا المعركة تلو الأخرى تحدوهم إرادة للتجاوز لا تلين وإصرار على تطهير المنظمة من الجاثمين على قيادتها والمتحكمين فى دواليبها ولا يفوتني بالمناسبة إلا أن أتوجه إلى الأقلية الصامدة من شباب المنظمة الذين لم ترهبهم الإغراءات واختاروا السّير حتّى النهاية فى طريق لهم شرف في اقتحامها وسيحفظ لهم الحاضر والمستقبل نبل اختياراتهم وتسجل حقيقة تضحياتهم وتعففهم عن بيع أصواتهم أو رهن ضمائرهم لمن لا مصلحة له في نهضة حقيقة لاتحادنا ولا مصلحة له في ديمقراطية فعلية وفي تنافس نزيه لا يستعمل فيه لعبة الجهاز ولا يستنجد فيه  بقوات البوليس لتنصيب طرف في الصّراع وتغليب شقّ على آخر, كما لا يفوتني كذلك أن أنحني إكبارا واحترما للطّاقات الواعدة في مختلف القطاعات والجهات الذين لم ترهبهم نتائج المؤتمر ولم تؤثر في معنوياتهم أو تحبط من عزائمهم لعبة الجهاز لما عبّروا عنه من رغبة واضحة في توحيد الصفوف وتنظيم الطّاقات والمضي بمعركة الاستقلالية والديمقراطية حتّى تحقيق أغراضها وفاءا لتضحيات الأجيال السابقة وانسجاما مع تطلّعات الأجيال الحاضرة واللاّحقة في الدفاع عن منظمة أوسع  من أن تحتكر بمثل هذه الطريقة من أقلية لا علاقة لها بمشاغل العمّال ولا بمستقبل الحركة النقابية.

كما أغتنم هاته الفرصة لدعوة كلّ المناضلين الصّادقين إلى تقييم جدّي وموضوعي لملابسات المؤتمر الأخير والظروف الخارقة للعادة التي حفّت به بالمقارنة مع المؤتمرات السابقة وبالخصوص تداعياته على الفعل النقابي في المستقبل.

دمتم للنّضال وإلى الأمام

من أجل اتّحاد عام تونسي للشّغل حرّ ومستقلّ ومناضل

أخوكم الحبيب بسباس


 

إنا لله وإنا إليه راجعون

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم

 

تلقينا بكثير من الأسى والأسف نبأ وفاة السيدة الصالحة فاطمة صفر اليوم السبت 20 جانفي2007، والدة صديقنا وحبيبنا المناضل الكبير السيد منذر صفر المقيم بباريس  مراسم الدفن ستتم غدا الأحد 21 جانفي2007 بمقبرة الزلاج.

وبهذه المناسبة الأليمة نتوجه إلى صديقنا السيد منذر الذي حرم من رؤية والدته ووداعها الوداع الأخير والمعروف منذ سنوات عديدة بمساندته لجميع القضايا العادلة لأبناء وطنه بأحر التعازي سائلين المولى عز وجل أن يرحم الفقيدة العزيزة ويسكنها فراديس جنانه ويتقبلها في الصالحين وأن يرزق أهلها وذويها جميل الصبر والسلوان إنه سميع مجيب الدعاء. وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عبد العزيز عقوبي

للإتصال والتعزية: السيد منذر صفر،      Port  06.60.06.59.98 

 

والدة السيد منذر صفر في ذمة الله 

الله أكبر ….إنا لله وإنا إليه راجعون 

والدة صديقنا المنذر صفر توفاها الأجل المحتوم

 

Allahou Akbar// La maman de notre ami Mondher Sfar iddawam lillah

 

Allahou Akbar, Inna Lillahi Wa Inna Ilayhi Raji’youn

Notre ami, Mondher Sfar, infatiguable militant de la première heure contre la tyrannie du général, vient de perdre sa maman après un long combat avec la maladie. Mondher était attaché à sa mère qu’il voyait tous les deux ans à Paris. Je profite d’une escale de train, pour rappeler ses coordonnées à celles et ceux qui souhaitent partager son chagrin et s’incliner devant la mémoire de la défunte. Voici ses coordonnées: +33 (0)1 43 29 68 98

 

الله أكبر وإنا لله وإنا اليه راجعون

 

 

Fraternellement

Abdel Wahab Hani

06 17 96 00

  

 

هيئة تحرير تونس نيوز تتقدم بهذه المناسبة الأليمة بأحر تعازيها للسيد المنذر صفر سائلين الله عز وجل أن يتقبلها بواسع رحمته وأن يسكنها فراديس جنانه وأن يرزقه وجميع عائلتها جميل الصبر والسلوان.

لا حول ولا قوة بالله العلي العظيم وإنا لله وإنا إليه راجعون.


 

رئيس الدولة يتلقى برقية من المشاركين في الجلسة العلمية حول الزكاة وإمكانيات توظيفها لفائدة التنمية

قرطاج 19 جانفي 2007 (وات) تلقى الرئيس زين العابدين بن علي برقية من اعضاء المجلس الاسلامي الاعلى ومن الاساتذة والشيوخ المشاركين في الجلسة العلمية التي انتظمت حول مفهوم الزكاة والحكمة من تشريعها وامكانيات توظيفها لفائدة التنمية الشاملة ثمنوا فيها عاليا جهود سيادة الرئيس الخيرة ورؤيته النيرة لرفع راية الاسلام وحفظ شعائره ومقدساته واكرام علمائه. كما ثمنوا مبادرات رئيس الدولة التي رسخت التكافل الاجتماعي وجعلت التضامن قيمة مركزية في مشروع سيادته الحضارى. واشادوا بالرؤية الاجتهادية التنويرية لسيادة الرئيس التي تقوم على الجمع بين التاصيل ومرتكزاته والتحديث ومقتضياته. وشدد اعضاء المجلس الاسلامي الاعلى والاستاذة والشيوخ المشاركون في هذه الجلسة العلمية رفضهم القطعي لمنهج الانغلاق والتحجر والتطرف وكل اشكال العنف مستنكرين كل الاعمال التي من شانها الاساءة للوطن ومناعته ومؤكدين التزامهم بالقيم النيرة والمبادىء الخيرة التي تميز الدين الاسلامي الحنيف. وعبر المشاركون في هذه الندوة في ختام البرقية عن مناشدتهم سيادة الرئيس الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2009 لمواصلة قيادة المسيرة الموفقة لتونس وتعزيز مكاسبها ودعم اشعاعها وضمان المستقبل الواعد لاجيالها. (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات) الرسمية بتاريخ 19 جانفي 2007)


ما سر قطع شبكة الأنترنت بالعاصمة طوال ليل الجمعة  19 جانفي 2007 ؟

قطعت سلطات بن علي طوال ليل أمس الجمعة بدءا من الثامنة ليلا تقريبا شبكة الأنترنت على كامل الولايات الأربع للعاصمة فلم يتسن الإرتباط بها لا للمشتركين في منازلهم و لا لرواد المراكز العمومية للأنترنت حسب إفادات عديدهم، وكان القطع شاملا بحيث  شمل كل نواحي الشبكة من بريد إلكتروني ومواقع و كل شيء في الشبكة، ولم تُعرف أسباب هذا القطع الشامل المفاجئ الذي من المرجح  أنه ليس وراءه أسباب فنية. هذا وقد عادت الشبكة للعمل ظهر اليوم السبت 20 جانفي 2007.

(المصدر: مراسلة خاصة من تونس)

 

 

خاص بالحوار نت :

حوار شامل مع الشيخ الحبيب اللوز الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية إثر خروجه من السجن بعد 15 عاما من الإعتقال.

حاوره : الهادي بريك ـ ألمانيا.

الشيخ الحبيب اللوز ـ 53 عاما ـ مقاول بناء. أصيل مدينة صفاقس ( عاصمة الجنوب ) كما تسمى عند التونسيين. متزوج وأب لــأربعة أبناء

الشيخ اللوز من مؤسسي وقيادات حركة النهضة الإسلامية التونسية

عضو الهيئة التأسيسية للحركة ـ حركة الإتجاه الإسلامي ـ المنعقدة في 31 مايو آيار 1981 ترتيبا للتقدم بمطلب تأشيرة عمل لحزب سياسي وللندوة الصحفية بعد ذلك بخمسة أيام.

تحمل الشيخ مسؤوليات قيادية كثيرة في الحركة منها : رئاسة الحركة لبضعة أشهر عام 1991 وعضوية مكاتب قارة أو وظيفية أخرى كثيرة من مثل المكتب التنفيذي ومجلس الشورى.

ربع قرن كامل بين السجون والمنافي والملاحقات البوليسية:

* حكم على الشيخ اللوز ب11 عاما سجنا يوم 4 سبتمبر 1981 ضمن أول محاكمة شاملة لقيادة الحركة . لاذ حينها الشيخ اللوز بالفرار نحو باريس لاجئا سياسيا.

*عاد إلى وطنه بعد العفو الرئاسي على قيادة الحركة في صائفة 1984 عقب إندلاع أكبر إنتفاضة شعبية ” ثورة الخبز في شتاء ذات العام ” عرفتها تونس المستقلة.

* إضطر الشيخ إلى الاختفاء مرة ثانية في إثر الحكم عليه غيابيا ب20 عاما أشغالا شاقة من قبل محكمة أمن الدولة ضمن قيادة الحركة في ثاني حملة بوليسية إستئصالية ضدها.

* ظهر الشيخ للعلن (1988) معترضا على الحكم الغيابي بعد الإنقلاب على بورقيبة.

* عاجلته ثالث أكبر محنة تتعرض لها الحركة الإسلامية ـ محنة تجفيف منابع التدين ـ فاضطر إلى التخفي بين أواخر عام 1990 وأواسط 1991 حتى اعتقل في أواخر عام 1991 وحكم عليه من قبل المحكمة العسكرية المنتصبة بين شهري يوليو وأغسطس 1992  بالسجن مدى الحياة نافذة بالإضافة إلى 35 سنة أصدرتها ضده محاكم جنائية في مختلف الولايات بتهم أخرى مشابهة.

الحصيلة : 15 عاما سجنا أغلبه سجن إنفرادي وعزلة مفروضة ــ فقدان الشيخ لبصره في إحدى عينيه بسبب سياسة الموت البطيء ــ  ثمانية أعوام بين النفي الإجباري داخل البلاد وخارجها.

الشيخ الحبيب اللوز باعث العمل الإسلامي دعويا وتنظيميا في مدينة صفاقس وضواحيها:

عرف الشيخ اللوز بين أهل صفاقس وضواحيها خاصة وبين كل من عرفوه عامة بسمته الدعوي السمح حيث كان يربي الشباب خاصة والناس عامة في المساجد وخارجها على تجديد الإيمان بالله سبحانه وعلى الخلق الكريم وإلتزام السنة النبوية في كل أمر ما إستطاع الإنسان إلى ذلك سبيلا. ساعده على ذلك حفظه لكتاب الله سبحانه وإلمامه بحظ وفير من العلوم الإسلامية فضلا عن منهجه الدعوي القائم على التيسير والتبشير والجمع بين الدين والحياة.

الحبيب اللوز : ذلك الشيخ الثائر:

كتب الشيخ يوم 13 أكتوبر 1990 في العدد 13 من جريدة الفجر ” لسان حركة النهضة ” مقالا بعنوان : ” من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ” ومما جاء فيه :

” … فنحن بحول الله رغم كل المآسي والمجازر على أبواب نصر عظيم ما اعتصمنا بالله ونهجه وحبله المتين من أجل تجميع كل طاقات العروبة والإسلام ورص الصفوف لدك حصون الاستكبار العالمي وضرب أوكار العمالة والخيانة والولاء لأعداء الله وأعداء الأمة … لابد من لم شتات كل الفصائل الوطنية  الغيورة للأمة من أجل بناء جديد ولن يكون تقدمها إلا على يد الجماهير يوم تأخذ قضاياها بيدها بعيدا عن الجري وراء حلول ” الرسمية العربية ” أو الطمع في مبادرات الولايات المتحدة وقرارات أممها المتحدة وتوصيات مؤتمراتها العربية والدولية “

نص الحوار:

 

الحوار. نت : شكرا جزيلا حضرة الشيخ الكريم على قبولك الحوار معنا. كما نهتبل الفرصة لتهنئتك وعائلتك وإخوانك وأصدقاءك بمناسبة خروجك من السجن ثابتا على كلمة الحق.

الشيخ الحبيب اللوز: شكرا على هذه التهنئة الكريمة و جازاك الله كل خير و جازى الله مجلتكم الالكترونية الحوار.نت على ما تبذله من مجهود إعلامي محترم اعتبره رافدا مطلوبا بإلحاح لكسر الطوق الإعلامي المضروب على كل محاولات الحراك السياسي و الثقافي في البلاد و مطلوبا كذلك لإنجاح معركة تكريس الحريات.

الحوار.نت : كيف وجدت تونس بعد غياب لعقد كامل ونصف في أقبية السجون ؟ ما هو أول إنطباع وقر في خلدك ؟ هل تغيرت الدنيا وتغير الناس نحو ما كنت تأمل أو نحو الإتجاه المعاكس؟.

الشيخ الحبيب اللوز: الأسئلة بهذا المعنى تقاطرت علي من قبل زواري و مستقبلي منذ الآونة الأولى لخروجي من السجن و هو أمر طبيعي لما يوحي به القبوع في السجن لمدة 15 سنة في أذهان الناس من انقطاع عن الواقع و الحياة و لكن الحقيقة هو أن توق السجين و لاسيما السجين السياسي للحرية المفقودة يجعله يتوسم أن تكون الحياة خارج السجن عنوانا للحرية فيظل دائما يرصدها بشغف و توق و حرارة و لأنه إنما يرصدها من موقع السكون و الركود والملل في السجن فهو المرشح قبل غيره ليكون الأكثر استعدادا للرصد و الأشد ملاحظة لأي تطور أو تحول أو حراك و لكن رغم ذلك فقد كنا كمساجين سياسيين شديدي القلق من تباطؤ التحولات المجتمعية و ضعف الحراك و من الركود السياسي في البلاد. الآن و بعد خروجي من السجن فقد حصل لي شخصيا انطباع مزدوج لا يخلو من مفارقة. فعلى المستوى السياسي و على مستوى وضع الحريات فقد ازداد قلقي من حجم الركود و انسداد الأفق و غياب مناخ الحريات و تهميش النخب الثقافية و السياسية و الدينية و النقابية و الطلابية و غيرها و تعطيل سائر القوى الحية بالبلاد. وهذا وضع أردأ بكثير من الحالة الهزيلة التي كانت عليها الأوضاع قبل 20 سنة أو 15 سنة. هذا جانب من الانطباع الذي حصل لي أما الجانب الآخر و الذي مثل عندي مفارقة فهو ما لاحظته من عودة قوية لظاهرة التدين من جديد و تناميها بأحجام محترمة تفوق ما كانت عليه تلك الظاهرة قبل المحنة التي تعرضت لها الحركة الإسلامية بالبلاد رغم أنها تظل كظاهرة تفتقد إلى التأطير الواعي الرشيد العميق عبر الاتصال المباشر الحر لا مجرد التأثر بالمشهد الإعلامي الفضائي.

الحوار.نت : وفقك الله إلى الفرار من السجن مرتين ( 1981 و1987 ) ثم إبتلاك به في الثالثة أي عام 1991 . ما الذي كان أقسى عليك وعلى عائلتك: السجن أم المنافي؟

الشيخ الحبيب اللوز: لا شك أن المعاناة التي يحياها الانسان تظل الأشد وقعا على نفسه مما يتلقى خبره سماعا أو يتخيله لذلك كنت إبان تعرضي لمعاناة النفي و التهجير أتوهم أنها أشد من السجن و لكن تجربة السجن علمتني منذ أيامها الأولى أن معاناة السجن أقسى و أمر و أشد مسا للكرامة الإنسانية… فأي حر أبي كريم لا يمكن أن يتردد لحظة في هذا الحكم بعد أن يتلقى لطمة من سجان أو إهانة من مسؤول سجني أو المبيت عاريا في زنزانة باردة قذرة… السجن يا أخي هو أردأ مؤسسة أنتجها الإنسان على الإطلاق… و لا يليق بأي مناضل صادق أو إنسان كريم أن يبيت هنيئا في فراشه الوفير الدافئ دون أن يتذكر معاناة إخوانه الذين يقبعون في غياهب السجون المظلمة و أقبيتها الموحشة لاسيما إن كانوا ممن دخلوها عن وعي و اقتدار من اجل قضايا الحق و العدل في سبيل الله و المستضعفين و في سبيل الوطن و جماهيره المظلومة. و إني لأهتف في أعماق كل حر أبي أيا كان موقعه ألا يهدأ له بال قبل أن تفرغ السجون من مساجين الرأي و سائر المظلومين و أن تسوى الحالة العامة في السجون بما يمنع أي انتهاك و أي مظالم. و لكن رغم هذا فالسجن يجب أن يظل أحب إلى الحر الأبي من الهوان و الخيانة و الخذلان لقضايا الحق و العدل التي يجب أن تظل مقدسة بحيث لا يصير السجن فزاعة ترهب و تقعد عن النضال.

الحوار. نت : ما هي حقيقة فقدك لبصرك في إحدى عينيك قبل سنوات قليلة من خروجك من السجن. نزل الخبر على الناس وقتها نزول الصاعقة بل علمنا أن بصر عينك الأخرى مهدد أيضا. ماهي الأسباب وكيف تعاملت معك إدارة السجن وماهي حالتك الصحية الآن؟ وما هو جدوى الإضراب عن الطعام من قبل السجين بحسب تجربتك الشخصية؟

الشيخ الحبيب اللوز: نعم فقدت بصر عيني اليمنى و بصر اليسرى مهدد كما ذكرت و السبب هو و لا شك إهمال إدارة السجن و استهانتها بالمعالجة… فلقد بقيت انتظر إخراجي لعيادة خارجية ثمانية أشهر فلم يخرجوني حتى كفت عيني رغم إضرابات الجوع المكررة بعضها دام أكثر من شهر و نصف… وعلى كل حال لست أرتاح للإطناب  في الحديث عن حالتي الشخصية… و للأمانة فرغم ما حصل لي من ضرر صحي و ما عانيته من تهاون فتعامل إدارة السجن معي يعتبر من أفضل الحالات على الإطلاق و على عكس أغلب الحالات فلقد لقيت في كثير من الأحيان شيئا من الاحترام رغم حالات الإساءة أحيانا أخرى و إنما أشير إلى حالات غيري الأردأ من حالتي بكثير لندرك إلى أي مدى تحتاج المجموعة الوطنية بكل مكوناتها إلى مراجعة وضع السجون بكل صدق و شفافية و حزم… فإلى متى يظل السجين مضطرا إلى التسليم بأن لا حل لمشاكله المرهقة إلا إضرابات الجوع المخلة بسلامته البدنية و النفسية… هي إضرابات مرهقة حقا لا يستجاب لحقوق أصحابها إلا حين يشرفون على الهلاك بعد شهر و نصف أو أكثر… ولكن ما العمل إذا كانت هي الحل الوحيد أمام السجين؟!  نحن كسجناء كنا لا ننصح بعضنا بالإضراب عن الطعام… و لكن في كل مرة يضطر أحدنا إليها مكرها إذ لا يجد حلا في غيرها.

الحوار.نت : هل لك أن تقص على القراء بعضا من وجبات التعذيب النفسي أو البدني الذي تعرضت لها أو تعرض له بعض المساجين بحضرتك وهل تأمل في تدوين معاناتك؟

الشيخ الحبيب اللوز: كما قلت لك أنا بالمقارنة مع غيري لم أتعرض كثيرا للتعذيب أو الإساءة. و لا يعني هذا أني قضيت فترة السجن بسلام . لا… فقد حصل أن ضربت في ثلاث مناسبات متفرقة و جردت من ثيابي كاملة مرتين و علقت ليلة كاملة شبه عار في الشتاء القارس… و لكن مثل هذا الحجم من وجبات التعذيب يعتبر قليلا بالنسبة لغيري لاسيما مع طول مدة سجني أي 15 سنة… لذا فأنا لا يمكن و الحق يقال اعتباري كمثل لمن تعرضوا للتعذيب القاسي أو الأذى الشديد إذ كانت أحجام التغطية الإعلامية لبعض المشاكل التي تعرضت لها و تصدي المنظمات الحقوقية و الإنسانية مشكورة لملفي سببا كافيا لتوقف مثل تلك الممارسات السيئة معي منذ سنة 1997.

أما مع البقية فالممارسات تختلف من شخص إلى آخر و من حالة إلى أخرى. و أما تدوين مذكراتي السجنية فأنا لست ميالا لمثل هذه الكتابات… و أميل لما هو أولى.

الحوار.نت : بلغنا بأنك كنت تعد في السجن لمشروع كتاب عن القرآن الكريم. إذا كان ذلك صحيحا فأين وصل المشروع وما هي أهم معالمه الفكرية وهل في وارد مستقبلك العكوف على التأليف والكتابة؟

الشيخ الحبيب اللوز: نعم هذا صحيح…  و أنا احمد الله أن قدر لي دخول السجن لفترة طويلة مكنتني من اكتشافات عظيمة تتعلق بالقرآن… و لولا تفرغي في السجن لذلك البحث ما كان هذا ليتيسر لي… فرب ضارة نافعة… “فعسى أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه خيرا كثيرا”النساء 19 .

و جوهر هذا البحث يتعلق بضبط منهج جديد في فهم القرآن و تفسيره… فإذا كانت مناهج علماء التفسير في استنطاق النص القرآني إنما يستند إلى الدوال اللغوية بالأساس فاني قد انتهيت ببحثي إلى أن للنص القرآني بنية مخصوصة دقيقة نصبها الله سبحانه لتكون شاهدة على المعنى و دالة عليه… وهي بنية مطردة بشكل عجيب معجز في كل السور دون استثناء.

إن القرآن هو كتاب الله المسطور و الكون هو كتاب الله المنظور و الكتابان متطابقان متكاملان فكما هو الحال مع الكون فالقرآن قائم على بنية دقيقة لا تخلو من تمحور و تناظر و توازن و ثنائية الخ… بحيث يصير عندك مثال نمطي إذا طبقته على أي سورة تيسر لك اكتشاف وحدة موضوعها… على عكس ما كان يتراءى لك قبل ذلك من أن للسورة الواحدة مواضيع شتى أو اهتمامات متباينة متفرقة. و هذا يعني أن مفسر القرآن و كذلك قارئه المتدبر سيجد بين يديه مثالا بنيويا يوجهه و يرشده بما يجعله يغلب دلالة دقيقة لآيات القرآن و مقاطعه تراعي كل الشروط و الدوال التي ضبطها العلماء سابقا ثم تضيف إلى كل ذلك شرطا جديدا و هو مراعاة أن للسورة بنية دقيقة لابد من اعتبارها ليترجح الفهم أو التفسير الذي يجعل السورة كتلة متماسكة متكاملة خادمة لموضوع جامع واحد.

إن إثبات وحدة موضوع السورة يدفعنا بالضرورة إلى إثبات أن لكل سورة إطار تنزل عام واحد.

و كما يدفعنا مبدأ وحدة موضوع السورة إلى توجيه فهمنا لكل آية من آيات السورة بما يمنع القراءة المشتتة المتذررة فكذلك الشأن مع الإقرار بوحدة إطار تنزل السورة… فهذا الإقرار كفيل بمنع القراءة المشتتة المتذررة لأسباب النزول… فبعض أسباب النزول إذا لم نضعها في إطار تنزل عام واحد يضبط خصوصيات المرحلة التي نزلت فيها السورة و يضبط همها الغالب… ربما قادت إلى تشتيت فهمنا و تذريره و بالتالي إلى التشويش على قراءتنا لموضوع السورة ووحدته… بنية النص القرآني لا تقوم على هذا فقط بل ثمة طائفة كبيرة من الشروط كالتناظر و التساوق و التمحور بين آيات السورة الواحدة و ثمة كذلك تفنن وظيفي دقيق في التكرار الذي نلحظه بشكل لافت للنظر في القرآن… هو تفنن إذا أدركنا أسراره نمتلك في حقيقة الأمر دوالا و إشارات كفيلة بترجيح المعنى و تدقيقه لاسيما بعد أن تمكنت و الحمد لله من إثبات اطراد تلك السنن الخطابية بشكل عجيب معجز…

و طبعا فهذا العرض الموجز لا يمكن أن يعطي صورة وافية عنه إذ ثمة أبعاد لن تتجلى إلا عند إصداره إن شاء الله… فقط أشير هنا إلى أن من تلك الأبعاد أن هذا المنهج سينتصر لا محالة لخيارات عقدية و لتوجهات فكرية و لقضايا اجتماعية و حضارية. و لا أخفي أني أعتبر بحثي هذا هاما جدا… و لقد تفرغت له لمدة تناهز سبع سنين و هو في بعض جوانبه و لاسيما المقدمة المتعلقة بشرح المنهج قد بدأ يكتمل و يتهيأ للنشر و في البعض الآخر يحتاج إلى مزيد العمل و التأليف عساني أكمل تطبيق المنهج على سائر السور في إطار تفسير شامل متفرد بمنهجه البنيوي. والله من وراء القصد وهو الموفق. و أني لأدعو الله أن لا يقعدني هذا البحث عن واجبي الدعوي و السياسي.

الحوار. نت : ما هو تقييمك لحركة الدعوة إلى الإلتزام بالإسلام في تونس في الفترة الفاصلة بين دخولك إلى السجن وخروجك منه؟ هل نما عود الصحوة أم ذوى وهل نما في الإتجاه الصحيح فكريا وعمليا أم أن تنوعه الفكري بين سلفي ووسطي وسني وشيعي هو فتيل إنفجار في رحمه يمكن أن تستخدمه السلطة لتذرير المجتمع وحرمانه من مناعته الذاتية الداخلية؟

الشيخ الحبيب اللوز: لا شك أن الدعوة إلى الالتزام بالإسلام في تونس قد تلقت ضربة قوية عشية اشتداد الحملة على حركة النهضة الإسلامية في بداية التسعينات إذ سعت السلطة في سياق حملتها تلك إلى الزج بآلاف الدعاة في السجن ضمن عشرات الآلاف من المعتقلين الإسلاميين من أبناء الحركة وسائر المتدينين و رواد المساجد. ثم و في مناخ الترهيب والتخويف دخلت السلطة في مشروع شامل لاستئصال كل أنماط التدين في البلاد عبر تجفيف منابعه و نشر ثقافة التغريب و الاستلاب الحضاري و تكريس أنماط السلوك المخالفة لقيم الإسلام و شرعه و ضرب أي احتكام داخل المجتمع للمرجعية الإسلامية… و كل هذا تنزل في إطار حملة بوليسية قمعية و تشهير إعلامي و سياسي متحامل لذلك لم يكن غريبا أن تتوقف مسيرة الدعوة الإسلامية إلا ما كان من دعوة فردية استشعر وجوبها قليل من الدعاة الربانيين و حتى هؤلاء ظلوا يتعرضون للمحاصرة و المضايقة و التجويع و التهديد والاضطهاد إلى أن اضطروا للانكفاء فتقلصت فاعليتهم إلى حد كبير حتى إذا انتشى النظام بذلك و زها و ظن أنه قد اجتث الظاهرة و اقتلعها و أبطل مفعولها و طوى ملفها انبثقت و الحمد لله ظاهرة الفضائيات التي كرست تعددية إعلامية فيها الغث و السمين فتضمنت من ضمن ما تضمنت إعلاما دينيا متنوعا حوى دروسا و محاضرات و ندوات ردت الاعتبار للثقافة الإسلامية بمختلف مشاربها لدى جماهير الأمة  ومن ضمنها شعبنا التونسي. فكان طبيعيا أن يتفاعل مع ذلك ايجابيا مجتمعنا التونسي المتشوق لخطاب ديني ناضج و أمين بعيدا عن التوظيف الساذج و المتهافت الذي حاولت تكريسه السلطة دون جدوى.

و على كل حال فان أصالة الانتماء العربي الإسلامي لشعبنا و أصالة رشده و عقلانيته و واقعيته تجعله بحول الله قادرا في نهاية المطاف على الانتقاء الواعي الى حد كبير… فوعيه هذا الذي صانه عن ابتلاع الخطاب الديني الرسمي و استساغته رغم الحملات المتهافتة هو نفسه الكفيل بصونه عن تسرب ما هب و دب من المنازع و التوجهات الفكرية الدينية و السياسية… بل أني لاحظت في الناس تناميا للحوارية و النقد و القدرة على الانتقاء… قد تظهر أحيانا طفرات مؤقتة لكنها لا تلبث أن تترشد كما حصل مع تفاعل الناس مع الإعلام الشيعي…ذلك التفاعل كان مجرد طفرة تزامنت مع أحداث سياسية معينة و لكن الإنسان التونسي يتسم بروح النظر و النقد و المراجعة و الحوارية و لذلك لا خوف على مجتمعنا من أي خطاب طائفي أو مذهبي يدعو إلى التشيع. و حتى ما أشرت أنت إليه من تنازع بين فكر سلفي و فكر وسطي قد يؤول إلى انفجار بينهما فلا أحسبه وصفا واقعيا دقيقا: ليس ثمة غير تنوع فكري ايجابي احسب أنه سيولد عند التونسيين في نهاية المطاف تدينا راشدا يمزج بين إلزامية الاحتكام للشرع و صدقية العمق الروحي من جهة و الواقعية و المعاصرة و العقلانية من جهة أخرى… إن النمط السلفي الحرفي الحدي لا يمكنه أن يتمالك و يتمادى في مجتمعنا التونسي طويلا بل سيتطور إن شاء الله في اتجاه الأفضل ليتشرب شيئا فشيئا روح العقل و منطق التدرج و ديناميكية الواقع.  بالضبط كما حدث لموجة التدين التي ظهرت في مطلع السبعينات مع منشأ حركتنا.

نعم إن انسداد الأفق الناتج عن الكبت الإعلامي و السياسي (كمصادرة حق التنظم السياسي و الثقافي الحر) و الناتج كذلك عن التضييق على الحريات الفردية و الجماعية التي وصلت إلى حد حرمان المواطن العادي من ممارسة شعائره الدينية بحرية (كارتداء الزي الشرعي مثلا…) و تزامن كل ذلك مع تأزم متنام للوضع الاقتصادي و الاجتماعي كما لم يكن الشأن منذ بضع سنوات خلت حين كانت جهات دولية تضخ بسخاء موارد مالية كبيرة للسلطات التونسية للخصوصية الإستراتيجية التي امتازت بها آنذاك تونس أي حين مثلت قلعة حليفة بين ليبيا محاصرة و جزائر مضطربة مهددة بالتيارات الإسلامية… كل هذا بدأ للأسف يقود مجتمعنا إلى توترات غير معهودة فيه ربما تمظهرت في شكل عنف مسلح كما نلحظه الآن… فهذا أعتبره سلوكا غريبا عن مجتمعنا التونسي ما كان ليكون لولا السياسات الخاطئة للسلطة المغرقة في تجاهل التطورات الحاصلة في مجتمعنا و في المنطقة العربية الإسلامية عموما… إن الحلول الأمنية التي نزعت إليها السلطة و غلبتها طيلة 20 سنة ليست في حقيقة الأمر إلا نوعا من المسالك المسدودة و حصول مشاهد العنف رغم ما سميته منذ قليل بروح الواقعية و التعقل و الرصانة في المجتمع التونسي دليل على أن أي مجتمع لا يخلو من فئات صبرها محدود. و الحل الحقيقي هو تغليب روح الحوار الوطني و الوفاق المجتمعي المسئول الذي لا يستثني أحدا سلطة و معارضة فكفانا تنافيا و اقصاءا.

الحوار.نت : ثار الجدل مؤخرا حول قضية زي المرأة المسلمة أو ما عرف بــ ” الحجاب “. ماهو الحكم الشرعي في هذه القضية وبم تفسر مقابلة السلطة لحركة التدين المتوسعة في تونس بمزيد من التضييق والمصادرة والقهر؟ وهل صحيح أن ظاهرة التدين المتوسعة في تونس خاضعة لأسباب إقتصادية وإجتماعية وسياسية أو صنيعة مؤثرات إعلامية خارجية بسبب إنتشار القنوات الفضائية؟

الشيخ الحبيب اللوز: من الغريب أن يثار جدل حول قضية بديهية لا غبار عليها. إذ الزي الشرعي للمرأة المسلمة قضية لا خلاف فيها بين علماء الأمة. و هي من المسائل المعلومة من الدين بالضرورة أي من المسائل التي لا يجوز الخلاف فيها باعتبارها مما نصصت عليها النصوص الشرعية تنصيصا قطعيا و نحن هنا لا نتحدث عن “الحجاب” فهذا إنما ضرب على نساء النبي صلى الله عليه و سلم دون سواهن و المقصود به سترة توضع كحاجز على باب غرفة كل منهن ليفصل بينهن و بين من يتعامل معهن من المسلمين حين اشتدت الحركية في المسجد النبوي المطل على بيوت نسائه صلى الله عليه و سلم بما قد ينال من حرمة البيت النبوي. أما اللباس الشرعي فمسألة أخرى إذ فرضه القرآن على سائر نساء المؤمنين بقوله (و ليضربن بخمرهن على جيوبهن) و بقوله ( يدنين عليهن من جلابيبهن) فأما الآية الأولى فتحدثت عن الخمار و هو غطاء للرأس كانت النساء إبان التنزيل يغطين به شعورهن و يرسلنه خلف ظهورهن فأمرن أن يضربن به على جيوبهن (أي أن يلقين به على شق الثوب من جهة الصدر لستره… و على معنى آخر فان جيوب المرأة هي ما بين ثدييها و ما بين إبطيها و في كلا الحالتين فالمطلوب هو إلقاء الخمار على كل ذلك لمزيد الستر) أما الآية الثانية فقد أمرت النساء أن يلبسن الجلباب فيغطين به سائر جسدهن بقوله ( يدنين عليهن من جلابيبهن) و الجلباب هو رداء يوضع فوق الثياب لاخفاء زينة المرأة. و حده الشرعي أنه لا يصف و لا يشف و ليس فتنة في ذاته. و الجمع بين ضرب الخمار و إدناء الجلباب يجعل المرأة لا يجوز لها شرعا أن تبدي غير الوجه و الكفين. و قد ذهب إلى هذا الفهم جمهور علماء الأمة فلم يخالفهم بإيجاب وضع النقاب على الوجه إلا نزر قليل منهم. و تؤكد رأي الجمهور أحاديث كثيرة صحيحة لا يتسع المجال هنا لعرضها… أما تحريم كشف غير الوجه و الكفين فعليه إجماع العلماء دون شك فلا يجوز لأحد في السلطة أو خارجها التشكيك فيه

و بالنسبة لأسباب تنامي ظاهرة التدين فقد أشرت إليها في السؤال السابق… فقط أضيف أن محاولات تفسيرها بالعوامل الاقتصادية و الاجتماعية فيه تجاهل لهوية هذا الشعب و لجذوره العربية الإسلامية الضاربة في التاريخ… و أصحاب ذلك الطرح يريدون الإيحاء بأن الالتزام بالإسلام كمنهج حياة إيمانا و عملا و مظهرا هو مسلك شاذ عارض عابر و غير طبيعي. و هؤلاء عزلوا بذلك الطرح أنفسهم عن جماهير شعبهم.

الحوار. نت : بماذا تنصح الشباب المقبل بكثافة على التدين إنطلاقا من خبرتك الطويلة وتجربتك الثرية؟ هل تنصحهم بالتدين بعيدا عن الإهتمام بالشأن العام للبلاد والأمة فكرا أو إنخراطا مثلا؟

الشيخ الحبيب اللوز: لو نصحت بالتدين بعيدا عن الاهتمام بالشأن العام للبلاد و الأمة لخالفت صريح القرآن و السنة. فالشأن العام المقصود به الحياة العامة السياسية و الثقافية و الاجتماعية هو ما تصطلح عليه النصوص الشرعية (بالأمر) و قد قال الله (و أمرهم شورى بينهم) و قال الرسول عليه الصلاة و السلام (من بات و لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)… التدين الانعزالي انحراف… فلقد ورد في السنة النبوية أن الله أمر ملاكا ليدمر قرية مفسدة فوجد الملاك فيها ناسكا يعبد الله في صومعة فراجع الملاك ربه في ذلك فقال الله له (به فابدأ… انه كان يرى المنكر و لا يتغير وجهه لي).

الحوار. نت : ما هي أولويات الحركة الإسلامية في تونس وحركة النهضة تحديدا بحسب الشيخ اللوز فيما يستقبل الناس من سنوات أو عقود؟ معركة الهوية الثقافية للبلاد مثلا أم معركة الحريات الشخصية والدينية والسياسية أم معركة البناء الداخلي؟

الشيخ الحبيب اللوز: أنا لا أرى مبررا للالتزام كحركة بأولويات في المطلق. بل بإيجاز فالمطلوب منا التزام الأبعاد الثلاثة في نفس الوقت و لكن مع التركيز على اختصاص كل ساحة مع مراعاة لياقاتها المناسبة لها… فمع الأطراف السياسية و النخب المطلوب منا في هذه المرحلة إعطاء أولوية لمعركة الحريات والتزام لياقاتها و بالنسبة لتعاملنا مع الجماهير العريضة فالمطلوب إعطاء أولوية للبعد الثقافي و التوعية الدينية و ترشيد الصحوة الإسلامية المتنامية و بالنسبة لأنفسنا فالمطلوب التركيز على البناء الداخلي… و لو أهملنا مجالا من تلك المجالات الثلاثة فدورنا سيكون أعرج قاصرا لا قدر الله. فمثلا لو أهملنا البعد الديني الثقافي لحساب البعد السياسي و معركة الحريات فسنتحول إلى جزء من نخبة تعاني العزلة و التقوقع و العجز.

الحوار. نت : ألا يخشى من مثل هذا أن يؤول بالحركة إلى ازدواجية الخطاب: تركز مع النخب على محور الحريات و مع الجماهير على محور ثقافي ديني؟

الشيخ الحبيب اللوز: لا… أبدا… فممارسة الدعوة الدينية الراشدة و تأصيل قضايا الفكر و الثقافة والسعي إلى نشر قيم الإيمان و الخير و السلوك القويم بين الناس هي أكبر خدمة لمعركة الحريات ودونها تظل النخب معزولة في حراكها و نضالها عن الجماهير العريضة… فأي مصير لمعركة لا تراعى فيها موازين القوى… السلطة تستند إلى أجهزتها الإعلامية و السياسية و الدينية والأمنية والاقتصادية الهائلة و في مقابل ذلك فقوى المجتمع المدني تنحصر في نخب معزولة مسنودة في أحسن الأحوال بأعداد ضئيلة من الأنصار… و في رأيي أن مما جعل هذه النخب معزولة هو نمط خطابها المنبت عن الأصول الثقافية و الجذور الدينية لهذا الشعب العربي المسلم و إلا فما معنى أن تستقطب الفضائيات الدينية من خارج البلاد مئات الآلاف من التونسيين و تعجز عديد الأحزاب الوطنية عن استقطاب أربعين أو خمسين منخرطا في ولاية من الولايات؟!

و الغريب المؤسف أن بعض التيارات و الأحزاب التي تعاني من مثل هذا العجز عوض أن تراجع نفسها بصدق و جدية نراها تسلك مسلك الهروب إلى الأمام باقتراح اشتراطات اقصائية مطالبة حركة النهضة بعدم استعمال الخطاب الديني بتعلات واهية من قبيل عدم الخلط بين الدين و السياسة أو عدم شرعنة المدنس بالمقدس. مثل هذا الفكر قد تجاوزه الزمن و تجاوزه الواقع المعيش في تونس و في كل منطقة… المنطقة تشهد صراعا حضاريا و ثقافيا بين الأمة و الغرب و لا يسع الأمة إلا الاستناد إلى مرجعيتها و جوهرها الإسلام و من لا يرتقي إلى مستوى هذا التحدي إنما يضع نفسه على هامش الفعل و بعيدا عن زخم الحياة. أنا لا أنطلق في قولي هذا من منطلق حزبي ضيق و لست أزايد على من يخالفني… معاذ الله أن أهوي إلى هذا المستوى و لكني بكل صدق أتمنى أن تضم أحزاب المعارضة آلاف المنخرطين و تجمع في تظاهراتها عشرات الآلاف… دون هذا سنظل نحرث في البحر و ستظل شعاراتنا مجرد أحلام بعيدة المنال و ستظل مناشطنا الجماعية و حراكنا السياسي مجرد مراوحة في المكان تلبي لنا حاجات نفسية داخلية لا أكثر…  و وقتها سيظل شعبنا لا قدر الله يراقب محاولاتنا بسلبية و لا مبالاة.

الحوار. نـت : لو راجع الشيخ اللوز مقاله المشار إليه في مقدمة هذا الحوار والصادر قبل 16 عاما كاملة ونيف حول القضية الفلسطينية هل يجد فيه أفكارا ثقافية أو سياسية يمكن التراجع عنها أوإستبدالها بأفكار أخرى أقل مفاصلة أو أدنى إلى الإستجابة لتحديات الواقع الجديد؟

الشيخ الحبيب اللوز: لا بأس بأن يراجع الإنسان نفسه بل هذا هو المسلك الطبيعي الذي ربانا عليه ديننا و لكن بالنسبة لمثال الحال فأحسب أن ما ذكرته في ذلك المقال ما زادته الأيام و السنون إلا تأكدا وتحققا… ألا ترى أن الواقع الجديد يؤكد يوما بعد يوم جوهرية الصراع بين الأمة و قوى الاستكبار المتسلط و عمق الهوة بينهما و في نفس الوقت يتأكد صدق خيار الرهان على الجماهير في مقابل التعويل على الرسمية العربية و أنظمتها المتخاذلة… و صعود حماس و ترشيح الجماهير الفلسطينية لها يثبت ذلك.

الحوار. نت : ما هو رأي الشيخ في الفكرة الآتية : خرجت حركة النهضة منتصرة بعد أعتى قصف إستئصالي إستهدف جذورها العقدية ومنابتها الفكرية على مدى عقدين كاملين وذلك بسبب العوامل التالية : ثبات الحركة رغم كل شيء على نهجها السلمي الوسطي + تقدم في تحقق مطالب الحركة القديمة في حفظ هوية البلاد الثقافية ( الصحوة الجديدة ) وفي أولوية معركة الحريات ( حركة 18 أكتوبر ) + تبديد السلطة لرصيد بيان 7 نوفمبر بسرعة هائلة + تراجع دور القوى الغربية الداعمة للسلطة في تونس ( أمريكا ـ إسرائيل ) + بدايات نجاحات كبيرة للصحوة والحركة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي ثقافيا وسياسيا ؟.

الشيخ الحبيب اللوز: لا يمكن لعاقل يلامس الواقع أن يقول غير الذي ذكرت… هذه الحقيقة ظلت تعتمل في نفسي قبل الخروج من السجن فلما خرجت ازدادت رسوخا و كان آلاف الذين زاروني واستقبلوني يلهجون بها بكل حرارة و يقين و الواقع يشهد على ذلك بكل قوة.

الحوار. نت : هل من كلمة أخيرة في هذا الحوار يبرق بها الشيخ اللوز إلى السلطة أو إلى الأحزاب السياسية التونسية أو إلى حركة النهضة قيادة وأنصارا أو إلى المنظمات الحقوقية التي ساندته في محنته أو إلى الشعب التونسي عامة؟

الشيخ الحبيب اللوز: برقيتي إلى السلطة: لم يعد لتونس وقت تضيعه في التجارب الفاشلة و الأحرى بنا جميعا أن نطوي صفحة الماضي من أجل مرحلة لا مكان فيها للاستثناء أو التنافي أو التهميش بل يسودها حوار وطني شامل جاد و صادق. أما منطق الارتياب من المعارضة الوطنية و الإسلامية والحذر السياسي المفرط و الحلول الأمنية فلن يزيد الوضع بالبلاد إلا تعقدا. السلطة (أي سلطة) لن تكون ايجابية حتى تغلب إحسان الظن بمنظوريها على الشك و الارتياب و الحذر و التحوط الأمني لذلك قال صلى الله عليه و سلم (إن الأمراء إذا ظنوا في الناس أفسدوهم) فالشك و المعالجات الأمنية عنف يولد العنف.

برقيتي إلى الأحزاب السياسية التونسية: أدعو الله أن يوحد صفوفنا من أجل خير تونس. و المفتاح هو عدم التشويش على معركة الحريات بالاشتراطات المفتعلة التي تفرق و لا تجمع و بالنفخ في الخلافات الفكرية و الايديولوجية… إننا نركب سفينة إن نجت نجونا جميعا و إن غرقت غرقنا جميعا. فأي معنى للتناقض و الاشتراطات قبل أن ترسي بنا السفينة على البر و نضع أقدامنا على اليابسة فلننتظر حتى ترسو بنا السفينة… حينها سيكون لاختلافنا الفكري أو الاديولوجي ما يسوغه.

برقيتي إلى حركة النهضة: ما دمنا لا نريد إلا وجه الله و ما دمنا لا نريد للبلاد و العباد إلا خيرا و ما دمنا نريد طي صفحة الماضي و فتح صفحة جديدة و ما دمنا نريد أن نكون واضحين مع أنفسنا و مع الآخرين في السلطة و المعارضة و المجتمع نعمل في وضح النهار بالحكمة و الحلم و التعايش المسئول الصادق فلم كل هذا التردد و لم هذه الانتظارية.

برقيتي إلى المنظمات الحقوقية و الإنسانية التي ساندتنا في محنتنا: تحية إكبار و احترام و اعتراف بالجميل… و طمعي أن تعدوني جنديا من جنودكم مسخرا لخدمة قضايا المظلومين في كل مكان مهما كان انتماؤهم و في النضال من أجل إرساء مناخ الحريات في البلاد و في كل مكان.

برقيتي إلى جماهير شعبنا: لن أكون صادقا لو أطريتك أيتها الجماهير بوصفك بالشجاعة و البطولة والعظمة و الإباء و لكني أشهد لك و عليك أنك قادرة بحول الله إن صدقت أن تخطوين إلى ذلك خطوة… و أول الميل خطوة… و العيش في حدود دائرة المأكل و الملبس و المسكن و السيارة رغم مشروعية هذه المطالب هو رضا بحياة ساذجة و تافهة… الله أكرمنا حين ألزمنا بان نجعل لحياتنا معنى أعظم و نلتزم فيها بقيم الحق و العدل و لا يكون لذلك مصداق عند الله و في ضمائرنا إلا إذا بذلنا الوسع و ضحينا و لو بمقدار من أجل ما نراه حقا و صدقا و عدلا… و عكس هذا هو خيار الهوان و الجبن و الأنانية و الانتهازية و معاذ الله أن يرضى المؤمن الشريف بذلك. و شعبنا العربي المسلم في تونس كان تاريخه عنوان المجد و الاباء فلم لا يكون حاضره كذلك.

الحوار. نت : شكرا جزيلا في البدء والختام للشيخ الكريم الحبيب اللوز على ما أولانا به من حوار شامل صريح سائلين المولى الكريم أن يعوض له عن سجنه ومعاناته الطويلة خيرا في الدارين.

الشيخ الحبيب اللوز: و شكرا لكم أولا و آخرا و كان الله في عونكم لما فيه خير البلاد و العباد والسلام.

جميع الحقوق محفوظة للحوار نت. يمكن إعادة نشر هذا الحوار دون اذن مسبق من الموقع بشرط الإشارة الى مصدره بصيغة : www.alhiwar.net

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 20 جانفي 2007)

الرابط: http://www.alhiwar.net/habibellouz.htm  


 
المجموعة المسلحة كلنا تونسيون
بقلم جمال العرفاوي الحدث الأخير الذي شهدته البلاد والذي وضع قوات أمننا الوطني وجها لوجه مع مجموعة من المتطرفين المسلحين يحملان على الوقوف على عدة تساؤلات نحتاج جميعا لإجابات حولها بكل صدق ووضوح. لقد نجحنا امنيا في القضاء على المجموعة الإرهابية التي بقينا لأيام طوال نفك طلاسم انتماءاتها وأهدافها والحال أن السيد وزير الداخلية يخبرنا بعد عشرة أيام غرقت خلالها البلاد في بحر من الحيرة والشكوك والإشاعات أن قواتنا الأمنية على معرفة تامة بطبيعة أفرادها وهوياتهم وذلك منذ أن وطأت أقدام مجموعة الستة ارض البلاد. والقول أن مجريات التحقيق تبرر التعتيم الذي اعتمدته في بادئ الأمر الأجهزة الرسمية إلا أن ذلك الخيار أعطى نتائج عكسية فالحقيقة التي وصلت متأخرة وجدت صعوبة في التسويق لدى الرأي العام الذي اخبر في البداية أن هذه المجموعة على علاقة بعالم المخدرات وبعد أيام تطرح عليه حقائق أخرى سيجد نفسه في حيرة من أمره هل سيصدق الرواية الأولى أم الثانية ومن سيضمن له إن الروايتان صادقتان أو أن تفاصيلهما تشوبهما مغالطات. وهكذا فتحنا باب الإشاعة الذي صار الرياضة المفضلة للتونسيين، الذين عبروا والحق يقال عن حس مدني رائع إذ رفضوا على مختلف اتجاهاتهم كل أشكال التطرف والعنف. ولكن جزء كبير من التونسيين  لم يفهموا  إلى حد الآن لماذا توجه وزير الداخلية إلى ندوة التجمع الدستوري الديمقراطي للحديث عن ملابسات ما خططت له مجموعة من المتطرفين وضعت البلاد والعباد في حيرة لا تزال مستمرة تتقاذفها الإشاعات والأقاويل يدخل بعضها في قصص الخيال العلمي. كان أولى وأحرى بالساهرين على الشأن الإعلامي وبدفع من الناطقين باسم الإعلاميين مدراء وصحافيين أن يطالبوا بحق يكفله الدستور وهو الحق في الإعلام ولكن نعتقد أن خيار وزير الداخلية ومن بيدهم القرار الإعلامي آلم الكثير من التونسيين والتونسيات لان امن البلاد واستقرارها يهم الجميع بمن فيهم غير التجمعيين. لقد أثبتت الإحداث الأخيرة أننا مازلنا لم ندرك بعد خطورة الإعلام الذي ما زلنا نتعامل معه بعقلية هواة وبمفردات تجاوزها الزمن. ومازال الكثير ممن يديرون الجهاز الإعلامي لم يعترفوا بعد أن فوق رؤوسنا المئات بل الآلاف من المحطات التلفزية والإذاعية لا مكان فيها إلا للفطن والأسرع. فإدارة الماكينة الإعلامية لا يستقيم معها منطق الموالاة والمحاباة وشعار فاطمة بوساحة “بره هكاكة” بل هذه الماكينة زيتها الأوحد والوحيد الحرفية أولا وأخيرا لان المصداقية والشفافية جزء من لعبة يعرفها المحترفون دون سواهم. على أية حال لست في حاجة لتذكير أصحاب القرار من أجهزة رسمية أولا ومنظمات وأحزاب أن الإعلام دائما هو مربط الفرس للدفاع عن مكتسبات البلاد والتأكيد على ثوابت الجمهورية والتشهير بكل من يهدد المشروع الحداثي في تونسنا العزيزة. فالمشروع الذي تسعى إلى تحقيقه المجموعة الإرهابية لا يحتاج إلى منجم أو قارئ كف لنعرف أن الإجهاض على قيمنا ومبادئنا وأمننا وحرية الإعلام التي نتوق إليها هي من أولوياته الملحة. وبالتالي فان تحرك معشر الإعلاميين وكل مكونات المجتمع المدني بجميع أطيافه وحساسياته هو تحرك للدفاع عن النفس أولا وقبل كل شيء. لقد امتلأت الساحة الإعلامية منذ سنوات قليلة وبقصد وعن غير قصد بنشر ثقافة الموت وبتأليه القتلة والسفاحين. ألم يصبح مقتدى الصدر أيخمان القرن الواحد والعشرين بطلا ونجما بلا منازع في وسائل إعلامنا المحلية، الم تفتح عشرات الصفحات للمنجمين وقراء الكف والمتطببين وطاردي الجن. والحال أن من يقوم بكل هذا من أصحاب المؤسسات الإعلامية يعلن على مسامعنا صباحا مساء اصطفافه وراء خيارات السلطة الرافضة لكل أشكال التطرف والإرهاب ولكن ما نراه كل صباح وكل أسبوع يجعلنا نتساءل إن كان هؤلاء من صنف المصابين بازدواج الشخصية. نتمنى أن يقف الأمر عند المرض الذي يحتاج بالطبع إلى علاج ولكن نخشى ما نخشاه أن يكون وراء الأكمة ما وراءها فالمطلوب أن تلعب المؤسسات دورها في تونس بلا نفاق أو تزلف وخاصة أصحاب القرار الإعلامي والمجلس الأعلى للاتصال وجمعيتا الصحفيين ومديري الصحف فالصمت الآن هو مشاركة في الجريمة. كلمة أخيرة أقولها: “لا يكفي أن تكون قضيتك عادلة لتكسبها بل وجب عليك أن تبحث عن محام جيد”… (المصدر: صحيفة “الجريدة” (أسبوعية اليكترونية – تونس)، العدد 59 بتاريخ 20 جانفي 2007) الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1371

نريد أن تكون هذه الحادثة عابرة بكل معاني الكلمة

عادل الحاج سالم لا شك ان الحادثة الاخيرة التي شهدتها بلادنا منذ أيام والمتعلقة بتنظيم ارهابي كان يعد للمس من أمن البلاد والعباد ستبقى في ذاكرة التونسيين كحادثة من المتفرقات ترويها كتب التاريخ وتتناقل الاجيال تفاصيلها، فالعنف على هذه الشاكلة التي تسربت أخبارها لا يمت بصلة الى الاعتدال الراسخ في مزاج التونسي وثقافته مهما كان انتماؤه السياسي او الطبقي أو الجهوي. حادثة عابرة ولا شك.. والقادح الخارجي موجود سواء كان في جبال الجزائر او في جبال أفغانستان لكن أسئلة عديدة لا بد أن تجد أجوبة مقنعة شافية كافية حتى تتخذ مكانها الطبيعي في الارشيف وفي الذاكرة للتاريخ والاعتبار.. أسئلة من نوع من هم هؤلاء الفتية التونسيون الذين انساقوا في طريق التطرف واستحلال الدم المحرم في كل الشرائع والقوانين، وما هي وضعياتهم العائلية والاجتماعية وما هي خلفياتهم الفكرية ومؤثرات تكوينهم المدرسي والفكري وما هي قراءاتهم ومرجعياتهم بشرا وكتابات… من حقنا أن نأخذ المعلومات كاملة لا ان يبقوا مجرد أرقام لأنني متيقن أنهم ينتمون الى عائلات تونسية لا يميزها شيء عن غيرها من العائلات بما يطرح مسائل في غاية من الاهمية عن دور العائلة ومسائل في غاية من الاهمية عن دور المدرسة ومسائل في غاية الاهمية عن دور المناخ الثقافي ومسائل في غاية الاهمية عن دور بعض التنظيمات السلفية التي لا تتبنى العمل المسلح لكنها تغرس من الافكار في العقول ما يجعلها جاهزة ليستغلها آخرون في اتجاه تكفير المجتمع والدولة وتبرير العمل الارهابي.. من حقنا ان نعرف هؤلاء الفتية وأن نبحث عميقا في مختلف الاسباب الاجتماعية والثقافية والتربوية والسياسية والنفسية التي تدفع شبانا في عمر الزهور لم يحرموا من الدراسة ولا من حنان العائلات الى الانعزال الفكري والوجداني والاجتماعي وهذه حالة منتشرة للاسف في صفوف عدد هام من الشباب والكهول، ليكونوا مهيئين لمن يجندهم ضد البلاد ومصالحها وضد آباء وأمهات جاهدوا وضحوا من أجل توفير أسباب تربيتهم ليكونوا عكس ما آلوا إليه… من حقنا أن نعرفهم ومن حقنا أن نعرف كل ما يؤول إليه التحقيق معهم، وان نعرف أننا لن نتعامل معهم بنقمة أو تشفي لأنهم رغم انحراف اختياراتهم وخطورة هذا الانحراف كان يمكن أن يكونوا أبناء أو أخوة لأي منا، فلا بد من إعطائهم حقوقهم الدستورية والقانونية والإنسانية في معاملة لائقة وفي تولي المحامين الدفاع عنهم.. ومن حقنا أن نعرف ماذا حدث في هذا المجال، وأين وصلت التحقيقات.. نريد أن نعرف لأننا نريد أن تكون هذه الحادثة عابرة بكل معاني الكلمة، وهذا لا يكون إلا بدراستها من مختلف جوانبها دراسة متأنية، من المهم أن نعرف كيف دخل السلاح وكيف تم الانتداب والتدريب والتنظيم والتخطيط.. لكن ذلك ليست له أهمية كبرى لان ما نريده حقا أن لا يكون لنا شباب مستعد للتعاطي بالسلاح مهما كانت الخلفية ومهما كان (نبل الأهداف).. وعليه فان تكوين لجنة وطنية تعددية الرؤى والانتماءات ضرورة ملحة ويمكن ان تكون برلمانية، وان تبدأ منذ الان في تجميع المعطيات وتحليلها للوقوف على مواطن الخلل.. ولا شك أنها موجودة في أكثر من مستوى وأكثر من مجال.. لا نعتقد أن هذه الحادثة ستكون لها امتدادات في جانبها الامني حيث كانت الاجهزة المعنية في الموعد وفي الوقت المناسب أي قبل أن تمر المجموعة – لحسن الحظ – الى طور التنفيذ، ولا نعتقد أن الامر يتحمل المزايدات التي لم يخجل البعض من الانخراط فيها اما بالمطالبة بحكومة مؤقتة وهي المطالبة التي أثارت ما أثارت من سخرية وتهكم، أو باتخاذ الحادثة دليلا على خلل في الاجهزة الامنية والحال ان هذه الاجهزة تمكنت من احباط التنفيذ احباطا كاملا قبل أيام عديدة من موعده.. ولا نعتقد أيضا أن هذه الحادثة ستكون لها امتدادات سياسية سلبية، فلا مبرر في تصورنا للتخوفات من الانغلاق والتراجع عن مسار الاصلاح والعودة الى صيغة لجان اليقظة.. ونعتقد ان رئيس الدولة سواء في خطابه يوم عيد الاضحى أو في استقباله للسيد محمد بوشيحة كان واضحا في تأكيده على تفعيل الحوار الوطني وتثمين دور الاحزاب والتمسك بالخيار الديمقراطي التعددي واستعداده لدفع مسار الاصلاح.. نقول ذلك رغم بعض ردود الفعل المحتشمة في بعض دوائر الحزب الحاكم التي عبرت عن حنين لانفراد الحزب الحاكم بالساحة السياسية وعبرت عن تقزيمها لاحزاب المعارضة بتكرار العبارة الممجوجة (فقدان الاحزاب المعارضة للبرامج..) والتي تدل على غياب الاطلاع والحاجة الى التعرف الفعلي على اطروحات المعارضة بعد عشرين عاما من الانفتاح الديمقراطي وثلاث دورات من البرلمان التعددي… ونقول ذلك أيضا رغم استيائنا واستياء كل الديمقراطيين الذي لا يضمرون غير حب الوطن والحرص على سلامته وأمنه وتطور تجربته الديمقراطية، من اختيار مقر الحزب الحاكم، لا وزارة الداخلية، منبرا لاعلام التونسيين ببعض التفاصيل عما حدث.. ان الحادثة الارهابية عابرة فلا ينبغي أن ندع الارباك يصيبنا والا وقعنا في شباك من خططوا لها، وليكن أحد الدروس المستخلصة ولو مبكرا ان ندعم الجبهة الداخلية بمزيد من الانفتاح والتحاور وفسح المجالات الرحبة لحرية التعبير وحرية التنظم تدعيما لقيم العقلانية والتقدم.. وبمزيد المشاركة التعددية بما يعني فك الارتباط بين الادارة والحزب الحاكم.. ولو قليلا في انتظار فك ارتباط نهائي لا يمكن الحديث عن نضج الديمقراطية التعددية في غيابه، والتونسيون لهم من النضج والوعي ما يكفي وأكثر… (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 531 بتاريخ 20 جانفي 2007)  

لنستمع إلى الشباب

المنصف الصالحي مهما اختلفنا في الفهم والتقييم لما عاشته بلادنا من أحداث إرهابية في الآونة الأخيرة اهتزت له نفوس التونسيين جميعا فان الإجماع على الشعور بالخوف والحيرة قد جعل كل منا يفكر في خطر احتمال دخول بلادنا في دورة عنف مظلمة كنا دائما نعتز بأن بلادنا في منأى عنها لما جبلنا عليه من مسالمة في العيش وتسامح في المعاملة كما يراودنا السؤال عن مدى اختلاف أبنائنا عنا وماذا يدور في خلدهم حتى يحدث ما حدث. وبعد تطويق الخطر والقضاء عليه أمنيا كان لا بد أن نصارح أنفسنا والعمل على معالجة الأمور بروية. لقد كنا في حزب الوحدة الشعبية قد أكدنا عديد المرات وفي أدبياتنا على أساليب التواصل مع الشباب فهذه الفئة الهامة من الشعب لا تحتاج فقط إلى من يخاطبها بل تريد أن نستمع إليها ولا تقبل أن نحكمها فحسب بل تريد أن نفهمها. وإذا كانت مجهودات الدولة واضحة في بناء وتجهيز المراكز الثقافية والرياضية في جميع الجهات فان هذه المراكز ظلت مقفرة عاجزة عن الاستقطاب، لماذا؟ ذلك لأننا انطلقنا من فهم خاطئ للترفيه. إن الترفيه إذن قد فقد طابعه الحر والإبداعي وأخضعه طرف سياسي محدد للدعاية الحزبية كانت نتيجتة الحتمية النفور، إضافة الى أن الترفيه لا يكون قبل العمل بل بعده ومع استفحال البطالة فان أولوية الشاب وهمه الأكبر الحصول على شغل وبناء مستقبله قبل أي شيء آخر، وإذا تأملنا في أصول الشبان الذين تورطوا في العمل الإرهابي الأخير نجد فيهم من ينتمي الى عوائل ميسورة وفيهم من ينتمي إلى أسر معوزة وفيهم أصحاب الشهائد العليا وفيهم الأميون. مختلفون اجتماعيا الا انهم يشتركون في البؤس الفكري والمجتمع ليس في حل من ذلك انهم ضحايا الإهمال وانعدام الاحاطة والرعاية وقع التغرير بهم لأننا غفلنا عن محاورتهم عاشوا في مجتمع يعطي الأوامر للإنسان صغيرا ومراهقا وشابا نقمع عقولهم وعواطفهم بخطاب توجيهي سلطوي لذلك لا بد من مراجعة سياستنا الثقافية والتعليمية والالتفات قليلا إلى الابناء أيضا. ولا بد من إعطاء الشباب الفرصة للتدرب على الانشطة السياسية والممارسة الديمقراطية في الأحزاب وفي ساحات الكليات، لم لا؟ إذ يبدو لي أنه ما من حل سياسي الا وهو نسبي يحتوي الايجابي والسلبي، بتعبير آخر أن مسيرة سلمية يلزمنا الاحتفاء بها بدل قمعها فهي ضرورية للتعبير عن الوعي الديمقراطي والحس المدني وتكشف لنا حجم الحاجات التي تطالب بها الفئات الاجتماعية ومدى شرعيتها. ولا يمكن بأي حال مقارنتها بالإرهاب الأعمى. ولمعالجة المصاعب نقترح توزيع أجزاء من الأراضي الدولية غير المستغلة على الشباب في شكل مجموعات صغيرة من 3 أو 4 شبان وشابات لاستصلاحها مع ضرورة متابعتهم بالتوجيه والإرشاد لتكوين مزارع ذات اختصاصات متنوعة ومندمجة للسوق المحلية والخارجية. ان التفاوت الجهوي في الاستفادة من التنمية الاقتصادية هو الذي يولد مشاعر الخصاصة والحرمان والشعور بالإهمال لدى الشباب في الولايات الداخلية خاصة ولردم هذه الفجوة الاقتصادية بين المدن الساحلية والمدن الداخلية نقترح تقديم التشجيعات والحوافز الجبائية الاستثنائية لاجتذاب الرساميل الخاصة للانتصاب في الجهات المحرومة من المشاريع المشغلة لليد العاملة. ولا مندوحة من الاشارة الى ظواهر أخرى يضيق بها المجال ويتخبط فيها الكثير من شبابنا بسبب البطالة من قبيل الانحراف والجريمة والادمان ظواهر تدق نواقيس الخطر هذا اذا أخذنا بعين الاعتبار أن نصف الشعب من الشبان. كما ان الحديث اليوم عن تحصين الشباب وحمايته من التطرف وضحالة التكوين الفكري تبدو على أهميتها لا تعطي حلولا عملية لما تصطبغ به من طابع نظري وتعميمي ولا تضع الاصبع على موضع الداء وهو دون لف او دوران تشغيل الشباب حجر الزاوية للامن والاستقرار. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 531 بتاريخ 20 جانفي 2007)  

المجتمع المدني وحصانة البلاد

عياشي بسايحية يحتاج المواطن إلى منتوجات متنوعة ومتعددة حتى يختار من بينها ما يراه مفيدا ومناسبا، وهو أيضا يحتاج إلى منتوج فكري وسياسي واعلامي متنوع ومتعدد يمكنه من الاختيار والتمييز، بل الأهم من ذلك يمكّنه من التدرب على الاختلاف والتفاعل معه كمعطى موضوعي، فتنوّع العروض في أي ميدان من ميادين الحياة هو ظاهرة صحية تجعل من عملية الفرز عملية طبيعية يولد من خلالها الجديد وينمو بصورة طبيعية وينقرض القديم ويزول كذلك بصورة طبيعية، وذلك على عكس الفرز الذي يحدث بصورة قيصرية قد تجعل منه تأبيدا لسلبيات الماضي وقتلا لبعض المكونات الضرورية في أية ظاهرة من الظواهر. فمسؤولية المجتمع المدني في هذا الإطار مسؤولية رئيسية لأنه القادر على الدفاع على مبدإ التعدد والتنوع في معانيهما الشاملة وعلى تكريس مبدأ الرأي والرأي المخالف وتأطير هذا الاختلاف وفق أخلاقيات ديمقراطية تحترم فيها الأغلبية كما تحترم فيها الأقلية أو الأقليات على حد السواء. فحيثما ولّينا وجوهنا نلاحظ العديد من التجاوزات لهذه المبادئ السامية فبات المنتوج المعنوي الموجه إلى الرأي العام ذا شحنة إطلاقية لا يمكن إلا أن تشوّش القدرة على الفرز والاختيار. فالقاعدة الأساسية التي يجب الاتفاق عليها وتحصيل الاجماع حولها هي أن المطلق والأزلي والمقدس ليست إلا أوهاما يستعملها البعض بغاية الاقصاء والتكفير والانتقاء. وإذا كانت الغاية المعلنة ـ على الأقل في مستوى ما يصرّح به الجميع ـ هي تربية أفراد المجتمع على حسن الاختيار والتقدير. فإن الضابطة الأساسية للديمقراطية والتي يجب أن يلتزم بها كل صاحب فكرة أو برنامج تصور هي أن مفهوم ـ الواحد ـ لا يمكن أن يكون إلا مفهوما مجردا لا يحتكم إلى الواقع الملموس باعتبار أن كل الظواهر الطبيعية والاجتماعية تتحرك وفق قانون جدلي موضوعي يعتمد على التناقض والتعدد، وللتحديد فإن هناك أغلبية كما أن هناك أقلية، والعقل يقابله النقل، والتحديثي والماضوي والنير والظلامي، وهناك أذواق مختلفة، وهناك أخلاقيات… وإذا كانت الأمور على هذه الحال، فكيف يمكن أن يقدم صاحب أي رأي رأيه على أنه الحقيقة المطلقة والنهائية؟ وفي هذا المجال تلتقي كل الأطراف المتدخلة في المجتمع ـ بمستويات مختلفة ـ في مثل هذه الممارسة وبالتالي يسقط الجميع في سلوك ـ تكفيري ـ إقصائي لينفي كل طرف مخالف ويضعه في خانة المنبوذين، ويبقى الطرف الأقوى هو الأقدر على توجيه الرأي العام نحو ـ الحقيقة المطلقة ـ التي يقدمها له ثم تنسحب هذه الممارسة على بقية الأطراف كل حسب جهده وإمكانياته. وفي واقع الأمر، لا يمكن الحديث عن تربية مدنية دون نشر القواعد الأساسية التي تعتمد على احترام الرأي المخالف والذوق المخالف وحق الآخر في أن تكون له خصوصياته وأهدافه ومنطلقاته، وهذا ـ طبعا ـ بالاستلهام من ثمرة ما توصّلت إليه الانسانية في مراكمتها للتجربة في تنظيم العلاقات الاجتماعية والسياسية. وإذا كانت الآراء قد أجمعت خلال الأحداث الارهابية الخطيرة التي جدّت في تونس على أن أطراف المجتمع المدني مطلوبة إلى مراجعة آليات علاقاتها مع الشباب التونسي، كما أجمعت هذه الأطراف على أن حالة الفراغ الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي وفّرت الفرصة أمام أصحاب الأفكار الهدامة لتأطير بعض العناصر من الشباب لتنفيذ مخططاتهم الارهابية. وعلى هذا الأساس فإنه من المؤكد أن ننظر إلى هذا الفراغ بعيون بناءة تستشرف المستقبل وتضع أسس التحصين والتأمين، هذه الأسس التي تبدأ من فتح فضاءات المجتمع المدني لاستيعاب الشباب بمختلف انتماءاته الاجتماعية للتعبير على آرائه والاستفادة منها وهذا بدوره مشروط بضرورة الارتقاء بمستوى الخطاب المقدّم في هذه الفضاءات نحو خطاب عقلاني بعيدا عن منطق الوصاية والتعصب والانتقاء. كما أن الفضاءات الثقافية والإعلامية التي باتت حكرا على نمط واحد وذوق واحد تحوّلت إلى عبء على المجتمع ومنتج حقيقي للفردانية والعبثية والميوعة والرداءة…. وهي العناصر التي تمثل الأرضية لنشر التطرف باعتبار أن التطرف ليس هو سلوكا سياسيا وحسب بل هو عقلية يمكن أن تتمظهر في أية ممارسة فردية أو جماعية تحدث في هذا المجال أو ذاك. وخلاصة القول، فإن الأفراد يولدون على طباع مشتركة ثم يكتسبون ثقافات متنوعة ومن الضروري أي يكون موضوع التربية ـ وهو ثقافي بالمعنى الشامل للكلمة ـ مسؤولية تتحملها كل أطراف المجتمع من أحزاب ومنظمات وجمعيات ومؤسسات تعليمية واعلامية… وفق علاقات أفقية يتدرب الفرد بمقتضاها على حب وطنه وشعبه وعلى القدرة على التمييز بين ما يخدم هذه المصلحة وبين ما يضرّ بها. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 531 بتاريخ 20 جانفي 2007)  

محللون:

الجماعة السلفية الجزائرية تحاول إعادة التنظيم في المغرب العربي ودول الساحل

الجزائر ـ اف ب: يري خبراء ان الجماعة السلفية للدعوة والقتال، حليفة تنظيم القاعدة والمطاردة والمنقسمة علي نفسها في الجزائر، تحاول اعادة تنظيم صفوفها في المغرب العربي ودول الساحل دون ان تشكل خطرا محدقا علي دول تلك المنطقة. واقر وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني في بداية الاسبوع بوجود علاقات بين الجماعة السلفية والمجموعة الاسلامية التي تمت السيطرة عليها مطلع الشهر الجاري في تونس خلال مواجهات مع الشرطة خلفت 41 قتيلا. واعلن الوزير ان اجهزة امن البلدين تعمل بتعاون وثيق منذ عدة سنوات .واعتقل تونسيون في 2005 و2006 في الجزائر خلال عمليات امنية استهدفت الجماعة السلفية وسلموا الي السلطات التونسية. واعتبر لويس كبريولي رئيس قسم مكافحة الارهاب في جهاز الاستخبارات الفرنسي (دي.اس.تي) ان الجماعة السلفية تشكل في الوقت الراهن بالنسبة لدول المغرب العربي وافريقيا جنوب الصحراء مصدر ازعاج اكثر منها خطرا حقيقيا يهدد استقرارها . وشدد علي ان ما اثرها علي الاستقرار يعود بالخصوص الي ترويج بياناتها في وسائل الاعلام اكثر منه لنشاطاتها . من جانبه اعتبر محمد ظريف الخبير المغربي في شؤون التطرف الاسلامي ان المخاطر قائمة لكنها نسبية خاصة وان الجماعة السلفية للدعوة والقتال تمنح الاولوية لتدريب وتجنيد المقاتلين لارسالهم الي العراق . لكنه شدد علي ان استراتيجية السلفية التي تضمن التدريب واللوجستية في المغرب العربي والساحل وتشاد، تتمثل في تجنيد السلفيين المغاربة في تنظيم واحد (..) يراد منه ان يكون فرعا للقاعدة في المغرب العربي . واكد دبلوماسي معتمد في نواكشوط ان موريتانيا ليست في حالة استنفار بسبب الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر ولا يبدو انها تشكل خطرا فوريا عليها في حين اعتبر مسؤول في مجال الدفاع في مالي طلب عدم كشف هويته ان السلفية لا تشكل خطرا علي مالي حتي وان كانت اراضي هذا البلد شاسعة وتصعب مراقبتها. واعلن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة ايمن الظواهري في ايلول/سبتمبر ان الجماعة السلفية للدعوة والقتال جددت ولاءها لتنظيم اسامة بن لادن. وتشتبه واشنطن في ان الجماعة السلفية الجزائرية تبحث عن انشاء تنظيم للقاعدة في المغرب العربي والساحل . وتتعاون الجزائر وواشنطن حثيثا في مكافحة الارهاب الذي اصبح يشكل اكبر اهتمامات الدبلوماسية الاميركية منذ اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001. وخلال زيارتين الي الجزائر في شباط/فبراير وحزيران/يونيو اعتبر الموفد الاميركي هنري كروبمتن ومستشارة الامن الداخلي فرانسس تونسند ان من مصلحة الولايات المتحدة والجزائر وضع استراتيجية مشتركة لمكافحة التمرد . وخلال 2003 تبنت الجماعة السلفية عملية خطف 23 سائحا معظمهم من الالمان في اقصي جنوب الجزائر وفي مالي والنيجر. واوقف زعيم خليتها هناك حينها عمار صايفي الملقب بعبد الرزاق البارا (المظلي) بعد احتجاز الرهائن وسلم الي الجزائر حيث يعتقل حاليا. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 20 جانفي 2007)
 

اليوم الأول من إضرابنا عن الطعام

 

حسين المحمدي..تونس

لمن يحضرون العائلات المعوزة..وعاملات المصانع..لمن يحملون من داخل الجمهورية عبر وسائل النقل العمومي…عند أي زيارة مفبركة لبنعلي من رجال العجز…وهم يهتفون 2009..وحبيناك..

وعزيزنا..والرجل فرح …استهتار لا مثيل له واستغباء لشعب..واستغفال منقطع النظير..الرجل يعلم أنها مسرحية أتقنها بن ضياء والقروي وأحزاب الكتاكيت…ويعقد لها المجالس الوزارية بمالنا وعلى حسابنا…وغرب يحمي هذه التعاسات..

.قبيل سقوط النظام السابق في العراق مكّن عزت الدوري صدام من سيف كبير وطويل..لكن صدام اعدم والدوري الله اعلم أين يوجد؟في تونس ذات الأمر من عصابات النهب والإجرام والقتل والتزوير

الصياح ب2009 وهكذا يتواصل المسلسل.مسلسل الحماية من العقاب ومن الحرية.

الانتخابات السابقة موثقة…وبالتالي مات أي دور لشوشان وبنضياء والقروي ومهني أو الأصح مليشيات الحزب الحاكم.والأحزاب التي يقال عنهامساندة.فهي غير موجودة شعبيا وقامت على التزوير وارتوت منه.وهذا موثق لها منذ1994 ولغايةانتخابات2004 .كماأن تسجيل الناخبين في تونس معرة في العالم.في كلمةواحدة لعبة التعويل على مجرمين وفاسدين ومزورين وتوزيعهم على كل مجال.وهكذا صار كل واحد يدافع عن وجوده وعن عدم ذهابه إلى السجن’انتهت وماتت وتموت.

.تحديدا منذ2004 تم التعويل  بشكل وقح وصارخ على الجهوية في الدولة والديوان السياسي وكل المرافق العامة وخاصة الوزارات الحساسة والسفارات الهامة وداخل الهيئات الأممية.وتحركاتناكانت السبب في تعرية ذهن الجهوية بعد50سنة من الحكم والكذب.لمن يفهم في السياسة الجهوية أفلست وابتعد عنها الإنسان التونسي.واكبر دليل التزوير وغياب الأعلام الحر والرعب من مواطن..تتحالف ضده الموجودات…لماذا؟لأنها بنيت على الإفساد.

وكتاباتي حول الجهوية عجلت بفضح عبادها داخل وخارج تونس.وكشفت من يحميها في الخارج بما سيسلب منها

وعنها الحديث عن الاستقلال والوطن والأخلاق والقانون وهكذا كل من يدور في فلكها.خطنا واضح هنا منذ كتبنا اول مقال.تعرية الكذب والفساد ومحاصرة صانعي الإرهاب وكشف الأغبياء الوافدين إلى المجال العام..أي التجار

والسماسرة..

في إطار هذا الخط اقترحنا على المعارضين الجديين وخاصة من دمروا وقتلوا وتم تجويعهم وتلويثهم بكل أنواع التلويث تخصيص سنة2006 للقيام بحملة دولية تقوم على تحسيس الهيئات الدولية بتسجيل ناخبين حقيقيين في تونس لأول مرة منذ1957.ناخبين وفق سجلات البلديات ولا تتكفل بذلك البلديات ولا وزارة الداخلية ولا لجان يخلقها فاسد من هنا ومن هناك.بل هيئات دولية على غرار ما وقع في موريتانيا.لكن مايقال عنها معارضة جذبها لئيم ولئيم إلى مراكنات.والانشغال بمحاولات انقلابية أراها انتن مما هو موجود وهي الديمقراطية والمدنية والحداثة والتغيير.بل المعارضة سعت قبل سلطة العجز لحصر ما وقع من قتل في السلفية؟

.بالتوازي مع نشر كتاب صديقي بنعلي(الذي كان صدر في1999)أضع من جديد أمام القارئ التونسي الطعن الذي تقدمت به في 28سبتمبر2004..وجّه عبر البريد مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ…وهو تتمتة لما ورد في كتاب صديقي بنعلي..تتمة تأتي بعد 7سنوات من صدرو الكتاب…أي الغرب هنا..والمعارضة تدور حول ذات الغرب

أي حول السراب...إصرار على حماية الباطل في كل أنواعه وحديث عن الإرهاب؟ومعارضة تناضل من الخارج؟

حسين المحمدي

 مرشّح مستقل إلى الانتخابات الرئاسية ليوم24أكتوبر2004

      السيّد والسّادة رئيس وأعضاء المجلس الدّستوري

                            (كتابة المجلس)

الموضوع  طعن في صحّةترشّحات السّادة…زين العابدين بن علي-محمّدبوشيحة-منيرالباجي ومحمّدعلي الحلواني

المصاحيب –بيان البيت الأبيض بتاريخ18فيفري2004والخارجيةالأمريكيةبتاريخ17فيفري2004-شهادةالدكتور مصطفى بن جعفرلقناتي الحواروالجزيرة على وجه الخصوص-شهادةمحمدعلى الحلواني عبرقناةالحوارالصيف الماضي حول الانتخابات السّابقة-صحيفةالموقف-

تحيّة المواطنة الكاملة

  وبعد

وحيث صرّح المجلس الدّستوري يوم الاحد26سبتمبر2004بصحّة ترشّحات المشاراليهم أعلاه.ونشرت الصّحف التّونسيّةالصّادرةبتاريخ الاحد27سبتمبر 2004القائمةالى جانب عديدالصّحف الاجنبيةوالفضائيات بصيغةأخرجت الأمر وكأنّه نهائيّا.

واستناداإلى الفصل67(جديد)من المجلّةالانتخابيةالّذي ينصّ على أنّه(تسجّل مطالب الترشّح بدفترخاصّ بهامرقّم الصّفحات ومختوم من قبل رئيس المجلس. ويضبط المجلس الدّستوري بعدالتثبّت في صحّةالترشّحات قائمةالمترشّحين ويعلن عنهاثلاثة أيّام بعدإنتهاء أجل الترشّح).

وحيث نصّ الفصل67مكرّرمن نفس المجلّةعلى أنّه(يمكن لأي شخص وقع تقديم ترشّحه على معنى الفصل66من هذه المجلّةأن يقدّم إلى كتابةالمجلس طلباللنّظر في ماله من إعتراضات على قائمةالمترشّحين لرئاسةالجمهورية وذلك خلال اليوم الموالي للإعلان عنها..)

وحيث بالرّجوع إلى مضموني النّدوتين الصّحفيتين لكلّ من رئيس الولايات المتّحدةالأمريكيةووزيرخارجيتها ليومي 18و17فيفري2004الواقع نشرهماعبرالانترنات وعديدالصّحف في ذات التاريخ.طالب الرئيس رئيس الدّولةالتونسية بصحافةحرّةونابضةبالحياةوحقّ كلّ تونسي وتونسيةمن التنظيم والعمل السّلمي والمشاركة وبإنتخابات حرة ونزيهة ونزيهةومتنافس عليها(بمايعنيه ذلك من ترشّح وقائمات وتوزيع لبطاقات النّاخب ومشرفين ورؤساء وأعضاء مكاتب

وحملات إنتخابيةحرّةوإستقلاليةكاملةلكلّ الهيئات ذات العلاقةبالانتخابات) وعلى نفس المطالب أكّدوزيرخارجيته عند إستقباله للرّئيس التّونسي في مقرّالوزارة.(السيد الرئيس قال بأنه سيكون في2009 وبالتزوير والإرهاب..).وكاربنتر

جاء إلى تونس منذ يومين فقط.كيف نظر في عيونه رئيسنا؟وماذا قال له رجال العجز والتزوير والفساد؟ولم اكتب قبل أو خلال زيارته حتى لا أحرجه…ما طالب به بوش حمله بنعلي في حقيبة وألقى به في سلة المهملات كما قال بورقيبة يوم 6 جانفي1984…متاع الزبالة(يقصد يومها زكرياء بن مصطفى رئيس بلدية تونس.الرجل منذ ما يزيد عن العقد يتابع حقوق الإنسان والسجون والظلم والقتل والنهب؟)قال لي…الخبز يلقى مع الفضلات…حديثنا قياس..من أين يستمد رجال سلطة تونس القوة؟هم خائفون من فرد…وطلبات بوش مبنية على أمور صحيحة وعلى تقارير جهات رسمية..

وحيث أنّ مطالبةرئيس دولةشخصيابانتخابات حرّةونزيهةومتنافس عليهايقوم قرينةعلى انعدام توفّرهذه الشّروط الاساسيةفي الانتخابات السّابقةوإلاّ لماكان طولب بتوفيرهافي إنتخابات يوم24اكتوبر2004.

حيث وطالماأنّ تزكيةالمترشّحين الواردةأسماؤهم في القائمةالسّالفةبيانهاتمّت من قبل أطراف مشكوك في جدية انتخابهم..كي لانقول إنتخاباتهم مزوّرةوبالتّالي باطلة.فإنّ تزكيتهم في حدّذاتهالايمكن إعتمادهاممّايجعل قبولهاغيرذي سند صحيح بناء على مبدأمابني على باطل فهوباطل.

 وعليه فإنّي أسجّل إعتراضي على قائمةالمترشّحين المصرّح بهابصحف البارحة27سبتمبر2004بناء على بطلان أسانيدهامن جهة وأطالب بإعادة النّظر فيهاوبالتّالي في قائمة المترشّحين لرئاسة الجمهورية من جهة أخرى.

 في إنتظار ذلك تقبّلوا الاحترام.

جرت فعلاوكانت الاتعس منذ1989؟ومباركة شيراك؟وغربيين آخرين وكلام في بوش وأمريكا برمّتها؟شجاعةرهيبة؟ من أين ذلك؟وبعدها بلديات2005نسخة ذلك كذلك=صناعة الإرهاب بعيون مفتوحة؟

.وتذكيرا بهذا ندخل في إضراب عن الطعام مبدئيا لمدة أسبوع من20/1/2007الى26/1/2007.

حسين المحمدي.

تونس في 20جانفي2007.


 
تـلـفـزة
بوعود
*الشرقية… تدفع الثمن مازالت قناة الشرقية العراقية، والتي بعثت مباشرة بعد سقوط بغداد، تحاول أن تستمر على نفس النهج الذي اختارته منذ بداياتها، فبعد انحيازها الواضح للفقراء والأيتام وضحايا الحروب بالمساعدات والمسابقات والتبرعات.. ها هي تختار الوقوف إلى جانب الشعب العراقي في التعبير عن استهجانه لما يحصل ولانتهاكات الحكومة والاحتلال والميليشيات الطائفية… ولذلك ها هي تدفع الثمن بإغلاق مكاتبها في بغداد وتعرض صحافييها للمضايقات التي وصلت حد القتل.. تحية للشرقية على ما تبذله من جهد خارق وسط موجة الرداءة السائدة اليوم. *الفيحاء… عادت وليتها لم تعد قناة الفيحاء التي أغلقت، لمواقفها الطائفية كما قيل ولاختطاف قنصل الإمارات في بغداد كما هو الواقع، عادت وتصادفت عودتها مع اغتيال الشهيد القائد صدام حسين، وقد كانت فرصة ذهبية لها لتوغل أكثر في الشماتة الطائفية واللغة المجوسية الغارقة في الأوهام والدعايات والأحقاد الصفوية الانعزالية الضيقة. هذه القناة الشعوبية تستحق الإغلاق –رغم تأييدنا المطلق والمبدئي لحرية الإعلام – لأنها تنفث فحيحا لا يمكن إلا أن يكون سم الأفاعي وليس إعلاما بالمرة. *النهرين… أهذا إعلام القرن 21؟؟ قناة النهرين التابعة مباشرة لفيلق بدر، عرضت في الأيام الأخيرة وتحديدا يوم 10 جانفي الجاري برنامجا سمته الاحتفال بعيد الغدير، ما يشد الانتباه في هذا البرنامج هو حجم الأكاذيب والترهات التي ساقها المنشط بمساعدة أستاذ يبدو أنه عالم دين لكنه أنيق الملبس وربطة العنق وطبعا اللحية المشذبة. المنشط وضيفه استمرا طيلة السهرة في سرد حكايات تخص يوم الغدير وتلاوة آيات من صنعهما أو من صنع من يقف وراءهما حتى يخال المشاهد انهما يحكيان على إسلام آخر غير الذي نعرفه أو عن رسول آخر غير الذي نؤمن به وكتاب آخر الذي أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم. ما يشوب هذه القناة من خزعبلات تضر بالدين الإسلامي وبعقول الناشئة يدعو الى كثير من التساؤلات، فربما هي من قواعد خطة بوش الجديدة؟؟ *المنار… طائفيون وان ادعيتم المقاومة فقل للشامتين بنا أفيقوا… سيلقى الشامتون كما لقينا ابن الابرص قناة المنار، ورغم أننا اعتقدنا باطلا أنها لسان حال المقاومة، الا أنها أبت الا أن تكذب الخبر، فقد ألحّت المنار اصرارا على عرض شريط اغتيال الشهيد البطل صدام حسين حتى آخره، وخاصة مشهد التنكيل بجثته مع صوت مصاحب من القناة يحاول تبرير صرخات الحقد والتشفي التي يطلقها العملاء من ميليشيات الصدر، هذا المشهد وما أعقبه من حفل صاخب ليلة الاعدام لم تعودنا المنار بمثله ابدا حتى خلال ما سمي انتصارا على اسرائيل، تُوّج بخطاب للمرجع آية الله فضل الله الذي قال في اغتيال الرئيس صدام حسين انه عدالة السماء، كل هذا يبرز بلا شك طائفية هذه القناة، بل وحرص مسؤوليها على اظهار الطائفية عارية من أية مساحيق. نحن لم نخسر شيئا فما أكثر القنوات، لكن المنار خسرت شعبيتها، وخسرت الكثير الكثير. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 531 بتاريخ 20 جانفي 2007)

 

نطالب بوضع حل نهائي للأبنية الآيلة للسقوط

قابس: معزالجماعي بعد كارثة إنهيار جدار قابس التي أودت بمقتل 08 ضحايا أبرياء ، كلفت السلط الجهوية بقابس لجنة تثبت وكشف عن المباني التي قد تكون آيلة للسقوط وقامت بتلك اللجنة بهدم سور مقبرة ” تبلبو” من معتمدية قابس الجنوبية منذ أكثرمن ستة أشهر وإلى حد التاريخ لم يقع إعادة بنائه مما جعل المقبرة مكشوفة للمارة ، لذا وجب إعادة بنائه بمواصفات جيدة احتراما للمكان الذي يحوي قبرين لضحيتين من تلك الكارثة. أذنت نفس اللجنة أيضا بإخلاء المبنى القديم للمكتبة العمومية الكائن بمنطقة ” باب بحر” من معتمدية قابس المدينة (كانت سابقا كنيسة) وغلقها وكذلك الشأن بالنسبة لمستوصف ” تبلبو” وعدد من الأقسام بالمدرسة الإعدادية ” فرحات حشاد ” ، كما قامت بوضع لافتات كتب عليها ” خطر” ، ” لاتقترب ” والتنبيه بعدم الإقتراب بوضع شرائط حمراء أمام عدد من المباني كالجدار الخارجي للمدرستين الإعداديتين ” محمد علي ” و “حي الأمل الرابع” والبناية المقابلة لجامع عائشة… والأمثلة كثيرة. لذا وجب وضع حل نهائي لهذه الأبنية إما بهدمها أو إعادة بنائها من جديد طبقا لمواصفات معينة لكي تزال كل تلك العلامات وليطمئن المواطنون بالجهة والذين صدموا بما صدر من أحكام عن المسؤولين عن سقوط الجدار واعتبروها غير عادلة لم تنصف أهالي الضحايا (وردت تفاصيلها في جريدة الموقف العدد 373). (المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)  


شراكة تونس – الاتحاد الأوروبي:

عام 2007 سنة «الجوار».. العبور والمفاوضات

تونس – الصباح: برمجت الية الجوار والشراكة الأوروبية (IEVP) لفائدة تونس هبة جملية بـ300 مليون اورو (ما يعادل 510 مليون دينار تونسي) للفترة الممتدة ما بين 2010-2007 وبمعدل75 مليون اورو (128 مليون دينار تونسي) سنويا اي ما يعادل 7.5 اورو سنويا لكل ساكن حسب مصدر فرنسي. وستأخذ هذه الالية محل الية «ميدا» التي كانت تلعب دور توفير المنح الأوروبية لفائدة شركاء الاتحاد من ضفة المتوسط الجنوبية والتي ناهزت قيمتها الجملية بالنسبة لتونس ومنذ انطلاقها عام 1995 والى 2006 نحو 945 مليون اورو. ويتميز هذا العام بانطلاق الديبلوماسية الجديدة للاتحاد الاوروبي تجاه الدول الشريكة المحيطة به في اطار ما تعرف بسياسة «الجوار» التي يتمثل هدفها الأساسي في احداث منطقة تتسم بالاستقرار والآمن والرخاء الجماعي وقائمة على مستوى مرتفع من الاندماج الاقتصادي والتعاون السياسي» حسب احدى بنود هذه السياسة. وقد وقعت تونس مع الاتحاد الأوروبي على برنامج هذه السياسة في جويلية 2005 ليتمثل برنامج عملها انطلاقا من العام الحالي في التعاون ذي المزايا التفاضلية على مستوى الاصلاحات التشريعية والادارية خاصة وعمليات التوأمة فيما بينها في ذات المجال بالاضافة الى مجالات الطاقة والبيئة والتسيير الاقتصادي والقدرة التنافسية وتسهيل التبادل التجاري والتكامل ما بين التعليم والتشغيل وايضا البحث والابتكار. سنة العبور ويمكن اعتبار عام 2007 سنة العبور الى الموعد النهائي للتبادل الحر بين تونس والاتحاد الاوروبي بداية من 1 جانفي عام 2008 بدخول كل المنتوجات الصناعية الاوروبية الى الاراضي التونسية دون حماية قمرقية للمنتوجات التونسية المجسمة عن طريق المعاليم الديوانية. يذكر في المقابل ان المنتوجات التونسية المصدرة نحو الأسواق الأوروبية تتمتع بمثل هذا الاجراء منذ 1998 بالتوازي مع ذلك يشهد هذا العام استئناف المفاوضات بين تونس والاتحاد الاوروبي حول تحرير التبادل التجاري للمنتوجات الفلاحية والمواد الغذائية الخاضعة حاليا للحماية القمرقية من الطرفين باستثناء بعض المواد الفلاحية التونسية التي تتمتع بمعاليم اوروبية تفاضلية. ويتوقع المتابعون لهذا الملف ان تفضي هذه المفاوضات الى الغاء تدريجي للحواجز القمرقيـة على بعض المواد باستثناء مواد اخرى تعتبر حساسة لم يكشــف عنها. كما سيفتح باب المفاوضات لقطاع الخدمات بالتفاوض حول حقوق انشاء المؤسسات من القطاع وتحرير تزويد القطاع من اسواق الاتحاد الاوروبي مع العلم ان تونس ستتفاوض على اساس اختيار المجالات من قطاع الخدمات القادرة على مجابهة المنافسة العالمية في صورة تحريرها. عائشة بن محمود (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جانفي 2007)  


بعد الاقتصار على التنسيق السياسي والتعاون الثقافي في الأعوام الماضية:

اتفـاق إيرانــي تونسـي لتعزيــز التبــادل التجاري وتنشيط الاستثمارات البيئية..

تخفيضات قمرقية تشمل المواد الخام ونصف المصنعة وغيرها…

تونس – الصباح: وقعت تونس وإيران مؤخرا، على اٍتّفاق تجاري تفاضلي، يهدف إلى تعزيز المبادلات التّجارية وتنويعها بين البلديـن.. ونصت الاتفاقية التي تم توقيعها الأربعاء خلال زيارة أداها السيد المنذر الزنايدي وزير التجارة والصناعات التقليدية إلى طهران، على خفض الرسوم الجمركية بالنسبة إلى قائمتين من السلع التونسية والإيرانية.. وأفادت مصادر مطلعة من وزارة التجارة لـ «الصباح»، أن التخفيضات الجمركية، تشمل المواد الخام بنسبة 50 في المائة، والمواد نصف المصنعة ( 40 في المائة ) والمواد النهائية بنسبة 30 في المائة، وهو ما سوف يكون دافعا لتنشيط العلاقات التجارية الثنائية.. ويأتي هذا الاتفاق، الأول من نوعه بين طهران وبلد مغاربـــي، كتتويج للعلاقات السياسية التي باتت تربط الحكومتين، منذ نحو عشر سنوات، تاريخ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في أعقاب القطيعــة التـــــي حصلــــــت بينهما خلال سنوات عديدة من عشرية التسعينـــات… وشهدت الفترة الماضية تردد بعض المسؤولين من الجانبين على تونس وطهران، في سياق البحث عن صيغة عملية لدفع التعاون التجاري وتنشيطه، في ضوء قناعة البلدين، بوجود نوع من الجمود في هذا المستوى بالذات، حيث لا يتعدى حجم التبادل التجاري بين البلدين مستوى 70 مليون دولار، تستورد إيران بموجبه الفسفاط التونسي، فيما تورد تونس الفواكه الإيرانية.. زيادة في حجم التبادل التجاري.. وكان البلدان اتفقا بشكل مبدئي خلال الصائفة المنقضية، على بلوغ نسبة 100 مليون دولار من التبادل التجاري خلال الأعوام المقبلة، لكن هذا الاتفاق كان بحاجة إلى إطار قانوني لكي يأخذ صبغة عملية.. وعلمت ” الصباح ” من مصادر مطلعة، أن الاتفاق التجاري التفاضلي، مثّل هذه الصيغة العملية التي كان يبحث عنها الجانبان.. وأوضحت مصادرنا، أن محادثات وزير التجارة مع المسؤولين الإيرانيين، شملت جملة من الملفات ذات علاقة بالاستثمار والسياحة وتنشيط دور القطاع الخاص في البلدين، وتفعيل الشراكة بينهما في مجالات عديدة، سيما وأن العلاقات الثنائية، تعاني من ضعف الاستثمارات المتبادلة، وغياب كلي للاستثمارات المشتركة.. وأعرب عدة رجال أعمال تونسيين في وقت سابق، عن رغبتهم في فتح استثمارات في مجالات صناعة البلور والدهــــن وغيرها من الصناعات التي تمتلك تونس خبرة هامة فيها غير أن العلاقات السياسية لم تكن تسمح بذلك سابقـــــــا.. ومن غير المستبعد أن يتم كذلك، إيفاد خبراء تونسيين إلى إيران في غضون الفترة القادمة، لمساعدتها على تقييم إمكانيات قطاع المياه المعدنية بها، واقتراح الحلول لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع، إلى جانب مساعدة الجانب الإيراني على القيام بالدراسات الهيدرولوجية لتحديد مناطق حماية منابع المياه المعدنية والسياحية الاستشفائية، وهي من الموضوعات التي شملتها محادثات السيد المنذر الزنايدي مع المسؤولين الإيرانيين، وخاصة مع مساعد وزير النفط ورئيس الشركة الوطنية الإيرانية للبتروكيماويات… جهود كبيرة .. من جهة أخرى، بذلت الحكومة الإيرانية خلال الفترة الماضية، جهودا ضخمة من أجل تفعيل حركة السياح التونسيين نحو إيران، وترجمت هذه الجهود بشكل عملي من خلال تقديم تسهيلات كبيرة للحصول على تأشيرات الدخول إلى إيران بالنسبة للمواطنين التونسيين، وإلغائها بالنسبة للسياسيين.. ويجري التفكير بصورة جدية منذ فترة، في إقامة خط جوي منتظم بين تونس وطهران ، بغاية تطوير التدفق السياحي نحو البلدين، وسط مؤشرات على ازدياد ملحوظ في عدد السياح الإيرانيين إلى تونس خلال الفترة الماضية، ربما تجاوز بضعة آلاف، فيما كان الأمر يقتصر سابقا على المسؤولين الإيرانيين والديبلوماسيين فحسب.. الجدير بالذكر، أن السنوات العشر المنقضية، عرفت نوعا من التطبيع التدريجي بين البلدين، كان التعاون الثقافي في مقدمتها عبر الملتقيات العلمية والفكرية التي احتضنتها  «بيت الحكمة» في تونس، واستضافت خلالها عدة شخصيات إيرانية من بينها وزير الثقافة الإيراني الأسبــق، عطــــاء اللـــــه مهاجراني، ووزير الخارجية السابق، كمـــــال خــــرّازي، فضلا عن عدة شخصيات فكرية مرموقة من الجانبين.. صالح عطية (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جانفي 2007)
 

 

تحية إلى روح الفقيد حمادي بن حسين

بقلم: الدكتور محمد اليعلاوي شيعت مدينة هرقلة يوم الأحد 17 ديسمبر 2006 جثمان الدكتور محمد بن حسين (حمادي) فرحات الى المثوى الذي اختاره لنفسه في مقبرة المكان، وكان الجمع غفيرا من اهالي البلدة والأجوار الاقربين والاهل والاصهار والزملاء الذين عملوا معه او تدربوا على الجراحة تحت رعايته، ولعل كثيرا منهم سيذكرون خصاله المهنية بمناسبة ذكرى الاربعين يوما، لكن المنقبة التي نظل حافظيها لحمادي فرحات هي محبته العميقة لهرقلة هذه البقعة الطيبة المضيافة ومعاشرته طيلة نحو خمسين سنة لسكانها الكرماء الوديعين فلقد سبر رحمه الله شواطئ الشمال من طبرقة الى سيدي مشرق فلم ترتح نفسه الا الى هرقلة فنزلها في البداية زائرا مصطافا فاكترى برجا مطلا على جامع بومدين من جهة وعلى ضريح للاالهيشرية من جهة اخرى والجبانة العتيقة المشرفة على البحر ثم ابتنى مسكنا بالشاطئ الجنوبي من المدينة وطفق يعدد مزايا هرقلة ويشيد باعتدال مناخها وطيبة اهلها وتلون بحرها بحسب الأوقات والفصول – وكان ولوعا بالتفرس في الوان السمك واشكاله تحت الماء – فاغرى كثيرا من احبابه فحذوا حذوه فعمروا الشاطئ الجنوبي بالدور والمنازل، وعرفت هرقلة كقرية ساحرة صالحة للسكنى صيفا وشتاء، وعملت البلدية الاولى التي اسست في بداية الستينات برئاسة المرحوم مصطفى عون، على مزيد التعريف بها داخل الوطن وخارجه فصارت هرقلة مقصدا للاطــباء والمهندسـين واهل الثقافة والفن من تونسيين واجانب حتى ان المخرج الايطالي روسليني اختار ريفها وديارها اطارا لبعض افلامه التاريخية عن حياة السيد المسيح؟ وسيرة حوارييه. ونذكر لحمادي فرحات منقبة اخرى ضمن محبته المشهودة لهرقلة، كان الشط الجنوبي صخريا عديم الرمل غير صالح لسباحة الصغار ولا آمن لزورقين او ثلاثة لصادي المكان – كان هذا قبل التحول الذي انشا الميناء العصري – فعمل حمادي فرحات على تأمين الموقع من صحوة البحر وزحف الموج المتلاطم على الشط فيزيده تآكلا وتقلصا فاتخذ بمحض فكره وماله «بطاحا» عائما نقل عليه صخورا ثقيلة رصفة على قاعدة حجرية ناتئة على السطح فصنع بهذا الصخر المرصوص حائطا واقيا من المد والجزر، فاطمأن الصيادون على مراكبهم واتسع الشريط الرملي ومارس الصبيان السباحة الامنة فيما عرف من ذلك الوقت بــ«بحر فرحات».. ولحمادي فرحات اياد بيضاء على جمعية الكرة بهرقلة فهو على الاقل احد مؤسسيها والراعين لها والعاملين على تنظيم ملعب لها مع لوازمه، فهو احق ان يطلق عليه اليوم اسم «ملعب حمادي فرحات» بالصورة التي ترتئيها له السلطة البلدية هذا الى فضائل اخرى من الرجل وأسرته – فلا ننس مهام زوجته الطبيبة في تجميع الدم وخزنه واعداده للمرضى المحتاجين اليه – ولا ننسى كذلك خدماتهما للاهالي حين لم يكن بهرقلة طبيب ولا صيدلي – افلا تؤهل هذه الخصال اسم الطبيب حمادي فرحات ان يرسم على لافتة شارع او نهج من ازقة هرقلة البيضاء الناصعة الجميلة؟ 2007.01.06 (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 جانفي 2007)

 

“اجتياح”: دراما جديدة عن فلسطين بعين تونسية

 
  المخرج التونسي شوقي الماجري يصور مسلسلا عن المشهد اليومي الفلسطيني في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. تونس – من نجاح المولهي   يبدأ المخرج التونسي شوقي الماجري الاسبوع القادم في دمشق تصوير اول مشاهد مسلسله التلفزيوني الجديد “الاجتياح” حول الحياة اليومية في الضفة الغربية على خلفية الاجتياح الاسرائيلي المتكرر للمدن الفلسطينية. وقال الماجري الخميس قبيل مغادرته تونس الى سوريا حيث يقيم منذ 1997 “يقف العمل الدرامي الجديد عند اهمية الحياة عند الفلسطيني بالرغم من لحظات الخوف والقلق والرعب التي تنتابه حين يخيم على المكان القبح والبشاعة وتنتفي القيم الانسانية”. وتابع “القصة زاخرة بالحوادث والتفاصيل الموثقة من واقع الحياة اليومية فى فلسطين منذ احداث 11 ايلول/سبتمبر 2001 لغاية موت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في تشرين الثاني/نوفمبر 2004”. واضاف “تدور الحكاية فى خيط درامي يتوزع ما بين مدينة رام الله التي حوصر فيها عرفات مرورا بجنين ومخيمها الذي شهد ابشع عمليات القتل والتخريب وصولا لبيت لحم حيث كنيسة المهد التى هدم الجيش الاسرائيلي اجزاء منها”. ولا يروي المسلسل فقط “ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل على الشعب الفلسطيني وانما هو يتعرض لقصص الحب والعاطفة السامية التي تنسج خيوطها في ظل هذا الواقع المر” كما يوضح المخرج. ويبدأ التصوير فى العاصمة السورية وضواحيها في الخامس عشر من كانون الثاني/يناير الحالي ثم ينتقل فريق التصوير الى القدس لالتقاط المشاهد المتبقية من المسلسل الذي كتب له السيناريو السوري رياض سيف وينتجه المركز العربي للخدمات السمعية البصرية فى عمان. ويؤدي الادوار الرئيسية فى المسلسل الذي يقع في ثلاثين حلقة عدد من الفنانين السوريين والاردنيين من اصل فلسطيني من بينهم فرح بسيسو وصبا مبارك ورامي حنا ونادرة عمران. وعن سبب اختياره هؤلاء الممثلين يقول الماجري “اخترتهم حتى تبدو اللهجة قريبة من الشخصيات وتضفي على المشاهد نوعا من المصداقية التى قلما اتسمت بها الافلام التي عالجت القضية الفلسطينية”. واكد “عندما اقترح عملا لا بد ان اكون مقتنعا به وصادقا حتى استطيع الدفاع عنه امام نفسي اولا ثم امام الاخرين”. وتقدر ميزانية المسلسل الذي سيكون جاهزا فى رمضان القادم بمليون و500 الف دولار. والعمل الجديد هو ثامن تجربة للمخرج شوقي الماجري الذى اخرج عددا من الاعمال التي حصلت على جوائز عربية وعالمية كان اخرها مسلسل “ابناء الرشيد” حول فترة ازدهار الدولة العباسية فى عهد هارون الرشيد وبداية تقهقرها فى عهد ولديه الامين والمامون الذي نال الجائزة الذهبية لمهرجان القاهرة للاذاعة والتلفزيون عن الدراما التاريخية فى دورته الاخيرة. كما اخرج للتلفزيون “الطريق الوعر” و “شهرزاد” و”عمر الخيام” و”الارواح المهاجرة” و”تاج من شوك” وهي اعمال حققت اقبالا جماهيريا. ويقول الماجري “عندما انجز عملا تاريخيا طموحي لا يتمثل في تقديم متحف متحرك من المعلومات عن فترة ما (…) ان ما يهمني هو ان نراه نحن ابناء اليوم بنظرة معاصرة”. وردا على سؤال حول ما اذا كانت الدراما التلفزيونية العربية قادرة على تجاوز الركود الذي شهدته في السنوات الاخيرة يقول الماجري “من الطبيعي ان تشهد الدراما السورية مثلا تراجعا لانه من المستحيل انجاز 30 او 40 مسلسلا سنويا على نفس المستوى”. وتابع “كما ان الاعمال صارت تخضع للجمهور الذي اصبح يرغب في تجاوز تلك الاعمال والاهتمام اكثر بالمسائل الاجتماعية التي تمسه”. وفي سياق متصل يرى الماجري ان “المشكل ما يزال متواصلا في تونس التي لم تدخل في انتاجات مشتركة حقيقية ولم تنجز اعمالا عربية كبرى لان ذلك يتطلب جرأة من المسؤولين عن هذا القطاع”. وحتى لا يكون المخرج متشائما بالكامل يشير الى ان “الجزائر والمغرب يشهدان نوعا من الديناميكية في هذا المجال يبرز من خلال الايقاع المستمر لعدد الافلام والمسلسلات كما ان لهما رغبة جادة فى انجاز اعمال مشتركة”. وبعد “الاجتياح” يشرع الماجري بداية من حزيران/يونيو المقبل في تصوير مسلسل حول “ابي جعفر المنصور” فى كل من المغرب وسوريا واوزبكستان.   (المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين بتاريخ 11 جانفي 2007) الرابط: http://www.middle-east-online.com/tunisia/?id=44212

 
الدكتور الطيب البكوش رئيس مجلس إدارة المعهد العربي لحقوق الانسان لـ “الشعب”:

** استفحال إنتهاكات حقوق الانسان في العالم غطى على فداحة الانتهاكات في البلاد العربية

** تنامي دور المجتمع المدني في كثير من البلاد العربية وتزايد عدد المنظمات غير الحكومية

تأسس المعهد العربي لحقوق الانسان سنة 1989 بمبادرة من ثلاث منظمات عربية هي المنظمة العربية لحقوق الانسان واتحاد المحامين العرب والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وقد جاء تأسيس المعهد استجابة لظرف دولي واقليمي اتسم بتحولات سياسية عميقة من ابرز سماتها ان تبلورت من بداية الثمانينات من القرن الماضي حركة عالمية وعربية تطالب بإرساء الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان ودعم دور المجتمع المدني ومشاركته في صنع التحوّلات الديمقراطية. نشأ المعهد العربي لحقوق الانسان في هذا الإطار الخاص الذي تميز عربيا، ببداية تفتّح بعض الأنظمة على قضايا الديمقراطية وحقوق الانسان. ومن خصائص تلك الظرفية ان برزت حركة حقوقية اهم ما يميّزها انها بالاساس حركة دفاعية ترصد الانتهاكات وتوثقها وتتصدى لها، ولكن هذه الحركة رغم دورها الريادي في الدفاع عن حقوق الانسان وحمايتها، ظلّت حركة نخبوية مما اوجد شعورا بالحاجة الى مؤسسات تثقيفية وتربوية يتجه نشاطها إلى مختلف الفئات وتعمل على جعل ثقافة حقوق الإنسان شأنا عاما يتعدى الطابع النخبوي وينفذ إلى أعماق المجتمع ويوسع مجال النسيج الجمعياتي لدى المجتمع المدني الناشئ. عن هذه المسائل حدّثنا الدكتور الطيب البكوش رئيس مجلس ادارة المعهد العربي لحقوق الانسان وهو شخصية متعدّدة الابعاد ومعروفة على الصعيدين الوطني والعربي. فالاوساط النقابية تعرفه من خلال مسؤولياته السابقة في الاتحاد العام التونسي للشغل (أمين عام الاتحاد 1981 ـ 1985) حيث واكب من موقع المسؤولية أبرز المحطات التي شهدتها الحركة النقابية منذ مطلع السبعينات كما تعرفه الساحة الجامعية بإعتباره أحد الاساتذة المختصين في مجال اللسانيات وتعرفه الساحة الثقافية ككاتب له عديد المنشورات كما تعرفه أيضا حركة حقوق الانسان التونسية والعربية حيث ان المعهد العربي لحقوق الانسان الذي يتولى ادارته منذ 1998 يعتبر احد المنشطين لهذه الحركة والفاعلين في اعداد وتدريب اطاراتها. ** كيف تقيمون أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي بعد أن انتشر الخطاب الحقوقي على نطاق واسع وتعددت منظمات حقوق الإنسان العربية ؟ أوضاع حقوق الإنسان في العالم العربي لا يمكن الحكم عليها بصفة مجملة لأنها معقّدة جدا ولا يمكن فصلها عن أوضاع المنطقة العربية في الظروف الدولية الراهنة ويمكن تلخيص التقييم انطلاقا من المؤشرات التالية الإيجابية والسلبية: ما هو إيجابي إجمالا: * انتشار الوعي بحقوق الإنسان وأهميتها في النهوض بالمجتمع وفي عملية التحول الديمقراطي. *  تنامي دور المجتمع المدني في كثير من البلاد العربية وتزايد عدد المنظمات غير الحكومية. *  توسع رقعة تعليم حقوق الإنسان والتربية عليها ونشر ثقافتها في عديد البلدان العربية مغربا وشرقا. أما فيما هو سلبي نذكر بالخصوص: *  التناقض البارز بين الخطاب والممارسة في كثير من الحالات. *  التردد المتمثل في تقديم رجل وتأخير أخرى في مجال مكاسب حقوق الإنسان مما يعوق كل عملية تجذّر ومراكمة. *  استفحال انتهاكات حقوق الإنسان في العالم نتيجة السياسة الدولية المختلة غطى على فداحة الانتهاكات في كثير من البلاد العربية. ** إذا كانت هناك عوائق تحول دون التجسيد الكامل لحقوق الإنسان في البلاد العربية، فكيف ترتبون الأولويات في هذا المجال؟ التجسيد الكامل مثل أعلى لا يوجد في أي مكان من العالم ومهما يكن أمر العوائق، فإن الرد لا يكون بالمفاضلة بين الحقوق. وإنما بالسعي إلى تنميتها في شمولها بصفة متوازنة فكل إخلال لأحد الحقوق ينعكس سلبا على سائر الحقوق إن عاجلا أم آجلا. ** يؤكد الكثيرون على أن العلاقة بين التنمية وحقوق الإنسان أصبحت قوّية وعضويّة، كيف يمكن شرح هذه العلاقة بشكل واضح وملموس؟ العلاقة جاءت من تطور مفهوم التنمية. فقد كان منذ بضعة عقود مرادفا للنمو في العربية الحديثة. إلا أن تجارب عديد البلدان بينت أنه يمكن أن يحصل نمو اقتصادي دون أن ينعكس بالإيجاب اجتماعيا نتيجة سياسات لا شعبية ونتيجة الفساد وسوء التوزيع لثمار النمو. لذلك وقع توسيع مفهوم التنمية ليشمل الاقتصادي والاجتماعي ثم سائر الظواهر المصاحبة الثقافية والديمقراطية وحقوق الإنسان، فأصبح للتنمية مؤشراتها المختلفة عن مؤشرات النمو وذلك منذ بداية التسعينات، خاصة بظهور تقارير التنمية البشرية.  معنى ذلك أن السياسة الجيّدة هي توازن بين النمو والتنمية. ** هناك من ينتقد منظمة الأمم المتحدة التي يفترض أن تسهر على تنفيذ التزام الحكومات بما ورد في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ويعتبر هؤلاء أن الأمم المتحدة فشلت في تحقيق هذه المهمة، كيف ترون ذلك؟ اللوّم لا يوجه إلى المنظمة بقدر ما يوجه إلى الدول المؤثرة في توجهاتها وبالخصوص الدول التي منحت نفسها إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية امتيازات هائلة في صلبها مثل العضوية الدائمة وحق النقض في مجلس الأمن. هذه الدول هي المسؤولة في المقام الأوّل. ولكن الدول الأخرى تتحمل أيضا جزءا من المسؤولية نتيجة فرقتها وعدم الإجماع حول المواقف المبدئية. فإذا كانت الدول التي تعتبر نفسها رائدة في مجال الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان تعطي المثل السيئ في تعاملها مع شعوبها وبالخصوص مع الشعوب الأخرى، فإن ذلك لا يساعد على تنمية حقوق الإنسان عالميا ولا يمكّن المنظمة الأممية من احترام التزاماتها، لأنها تبقى قبل كل شيء منظمة دول لا منظمة شعوب رغم أن ديباجة ميثاقها تنطق باسم الشعوب ** يعتبر البعض أن دور النقابات في هذه المرحلة التي سيطر فيها الاقتصاد الحر محكوم بالتراجع والضعف. كما يرى هؤلاء بأن المنظمات النقابية أصبحت غير قادرة على تحقيق التوازن بين الدور المتزايد لرأس المال وضمان الحقوق الأساسية للعمال، كيف تنظرون للدور الجديد للنقابات ؟ المسألة معقدة ولا تحسم في سطور. فالنظام العالمي الحالي والعولمة كما تمارس اليوم ليسا في صالح البلدان الضعيفة وشعوبها وبالخصوص الحلقة الأضعف وهم العمال بالفكر والساعد، في الشغل وفي البطالة من باب أولى وأحرى. فمعالجة الأمر، أي كيفية التعامل مع هذا الواقع الراهن تفترض وجود منظمات تتميز باستقلالية القرار وكفاءة القيادة وتوفر مكاتب دراسات من نوع راق، كما تفترض توفر درجة كافية من التضامن النقابي العالمي. كل ذلك لا يبدو لي متوفرا اليوم بما فيه الكفاية في جلّ البلدان ولاسيما بلدان الجنوب. ** بحكم مسؤولياتكم النقابية السابقة كيف تبدو العلاقة والتعاون بين الاتحاد والمعهد العربي لحقوق الإنسان؟ المعهد العربي لحقوق الإنسان يهتم بنشر ثقافة حقوق الإنسان عربيا بمفهومها الشامل. فهو يركز أيضا على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تندرج ضمنها الحقوق النقابية. ومن خلال تجربتنا العربية، تبيّن لنا أنه لا يوجد وعي كاف في النقابات العربية بالعلاقة المتينة بين الحقوق النقابية وحقوق الإنسان عامة  لذلك فإنه بالإمكان تطوير العلاقة في هذا الاتجاه. ** هناك من يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية التي طرحت مشروع الشرق الأوسط الكبير لنشر الديمقراطية في العالم العربي قد لعبت دورا في اتجاه معاكس من خلال حربها على الإرهاب كيف تقيمون الدور الأمريكي؟ الدور الأمريكي كان سلبيا للغاية نتيجة الجهل من جهة والطغيان من جهة أخرى، تحليل هذا يطول جدا لأن القضية متشعبة. المهم هو أنني لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية كانت جادة في نشر الديمقراطية في العالم العربي،  فلا يهمها منها إلا بعض الشكليات لا الجوهر، ومشروع الشرق الأوسط الكبير الهدف الأساسي منه فرض الوجود الصهيوني في المنطقة،  ولو كانت تريد ذلك فعلا لبادرت بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية حيث كانت الظروف ملائمة لحلها، لكن أهدافها كانت مختلفة وحساباتها كانت خاطئة، فأضرت بالمنطقة ضررا بالغ الخطورة، وأضرت بشعبها وبشعوب العالم، وما قامت به هذه الإدارة السيئة جريمة في حق البشرية يجب أن تحاسب عليه. ** ترتبط بعض البلدان العربية باتفاقات شراكة مع الاتحاد الأوروبي وهي اتفاقات تشترط احترام حقوق الإنسان واعتماد المسار الديمقراطي. أوّلا: كيف تنظرون لمثل هذه الشروط؟ ثانيا:  ما العمل إذا ما لم تستجب الدول العربية؟ البلدان الأوروبية لها تصور شامل للتنمية، تسعى لتطبيقه على شعوبها من خلال تجميع قواها في اتحاد أوروبي يبنى شيئا فشيئا منذ نصف قرن ويتوسع تدريجيا. وهي لا تجد أمامها في جنوب المتوسط إلا دولا صغيرة مفرقة ضعيفة. وبحكم ترابط المصالح ، فإن جنوب المتوسط فضاء حيوي بالنسبة إلى شماله. فمن الطبيعي أن تشرط أوروبا شروطا قد لا ترضي الدول ولكنها قد ترضي الشعوب في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وعلى الدول الممضية على هذه الاتفاقات أن تحترم التزاماتها أما إذا لم تفعل فإن شعوبها هي المسؤولة عنها قبل الغير. حوار نعيمة عاشوري (المصدر: جريدة الشعب (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 20 جانفي 2007)  


قانون المساجد بالمغرب “يضبط” العمل الخيري

الدار البيضاء ـ عبد الرحمن خيزران ـ إسلام أون لاين.نت وجهت المعارضة المغربية وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية انتقادات حادة لقانون يشدد من إجراءات مراقبة بناء المساجد، ويحجم عملية جمع التبرعات لتشييدها، واعتبروا أن التعقيدات الإدارية، وبطء الإجراءات التي توقعوا أن ترافق القانون ستحجم مساعي الراغبين في بناء المساجد. واعتبر مراقبون أن القانون الجديد أحدث حلقات حرب الحكومة المغربية على “الإرهاب”، وتشديد الخناق على التيارات “المتطرفة” كما رأوه خطوة في مسار إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة المغربية، بحيث لا تتسلل إليه عناصر ذات فكر ديني متطرف. ورأت الأحزاب المغربية المعارضة أن القانون الخاص ببناء المساجد، الذي صادق عليه البرلمان المغربي الإثنين 15 ـ 1 ـ 2007 يضع تعقيدات جديدة تقنن بناء المساجد، وأعرب فريق العدالة والتنمية الإسلامي في البرلمان المغربي عن تخوفه من أن يكون القانون الجديد مجالا للتضييق على المحسنين، وصدهم عن الإسهام في تشييد المساجد خصوصا عند التعقيدات المسطرية (القانونية)، مما سيترتب عنه نقص الموارد المالية التي يشكل المحسنون أحد أهم روافدها. وقال الحبيب الشوباني رئيس فريق العدالة والتنمية في تصريحات خاصة لـ إسلام أون لاين.نت الخميس18-1-2007 “إن فريقه امتنع عن التصويت لصالح مشروع القانون”. وأشار إلي أن “المناخ الدولي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 يضغط بقوة على العالم الإسلامي عسكريا وسياسيا وثقافيا، مستهدفا العمل الإحساني (الخيري) باعتباره أحد أهم مميزات المجتمع الإسلامي وخاصة في بناء المساجد”. وذكر في هذا السياق بقوانين مكافحة الإرهاب التي “حطت الرحال في جل البلدان الإسلامية”. خسارة الدولة واعتبر الشوباني أن “الدولة أول خاسر؛ لأنها عمليا لا تستطيع تلبية المواطنين في حاجتهم للمساجد؛ حيث إن 60 %من مساجد المغرب اعتمدت بشكل مباشر في تشييدها على الفعل الإحساني وتبرعات المواطنين”. وعبر رئيس فريق العدالة والتمنية في البرلمان المغربي عن تخوفه من التأثيرات السلبية لتطبيق القانون موضحا: “تحفظنا نابع من كون القانون إذا كان لا يشكل خطرا فإن تطبيقه سيكون له تأثيرات سلبية”، مستدلا بقانون مكافحة الإرهاب الذي أسيء تطبيقه، على حد قوله. وتابع بقوله: “أكدنا على أن القانون المعتمد منذ 1984 كان كافيا لتنظيم هذا المجال، وإذا كان تطوير التشريع أمرا مطلوبا انسجاما مع الشفافية والوضوح في تدبير المال العام فإننا نلاحظ أن له آثارا سلبية على الفعل الإحساني”. واعتبر أن القانون الحالي أبقى على صلاحيات واسعة للعامل (المحافظ) في أمر الترخيص والهدم، مؤكدا أن من حقه عدم إعطاء الترخيص، أما الهدم فينبغي أن يرجع للقضاء حتى يتلاءم ذلك مع قانون التعمير. وحسب القانون الجديد، يتعين على الراغبين في بناء مسجد أو ترميمه أو توسعته، الحصول على رخصة البناء المنصوص عليها في قانون التعمير. كما أن القانون الجديد لا يشمل فقط المساجد، ولكن كل الأماكن التي تؤدى فيها الشعائر الدينية، مثل الزوايا الصوفية، والأضرحة. كما ينص القانون على ضرورة انتظام كل المحسنين الراغبين في بناء مسجد في إطار جمعية مدنية معترف بها قانونا، قبل أن يبدؤوا في عملية جمع التبرعات. منع الاستغلال في مقابل الفريق المعارض للقانون الجديد الخاص ببناء المساجد يرى فريق الحكومة أن هذا القانون سيساهم في تحصين “أماكن العبادة من اختراقات عناصر الجماعات الإرهابية، التي تلجأ إلى الأماكن المخصصة للعبادة للاحتماء أو الدعاية فيها وتحصيل الأموال بدعوى بناء مساجد”. وقال أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية خلال تقديمه لمشروع القانون أنه يتوخى الوقوف في وجه كل المساعي التي تستهدف” استغلال أماكن ممارسة الشعائر الدينية لأهداف غير سليمة”. وأبرز أن مشروع القانون جاء “لملائمة التشريع الجاري العمل به في مجال بناء المساجد مع القوانين الأخرى؛ وخاصة قانون التعمير وقانون التماس الإحسان العمومي، وكذا لوضع حد للعشوائية في البناء التي لا تتناسب والنسيج الحضاري للمملكة”. من جهة ثانية اعتبر  التوفيق أن القانون يعطي ثقة أكبر للمحسنين، ونفى وجود “أي هاجس أمني خارجي وراء خروج هذا القانون”. وبحسب مراقبين فإن هذا القانون يأتي منسجما مع مشروع إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب، إضافة إلى حملة الاعتقالات الأخيرة والمحاكمات لعدد من المحسوبين على الجماعات الإسلامية. وكانت المملكة وضعت خطة لإعادة هيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عبر استحداث مديرية التعليم الديني، وأخرى مختصة بالمساجد. كما يرى المراقبون أن الهاجس الأمني، والتحكم في المجال الديني من قبل الدولة هو الذي يسرع بمثل هذه القوانين لوضع حد للمحسنين المقربين من الحركة الإسلامية، خصوصا بعد هجمات الدار البيضاء في مايو 2003. ويأتي هذا القانون بعد إيقاف مجموعة من الأئمة والوعاظ المنتمين أو المقربين للحركات الإسلامية، حيث سبق أن أعلنت جماعة العدل والإحسان أن 48 من أئمتها تعرضوا مؤخرا للتوقيف والمنع من مزاولة الخطابة والوعظ بالمساجد. وتجدر الإشارة إلى أن عدد المساجد في المغرب، حسب إحصائية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بلغ ما مجموعه40 ألفا و626 مسجدا و 10 آلاف و987 قاعة صلاة. (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 19 جانفي 2007)  


المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية بباريس.. طلبة وعلوم شرعية

     

                  سيد حمدي- باريس يعد المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية أعرق المؤسسات التعليمية الإسلامية الفرنسية ذات المستوى الجامعي، والذي يشرف على فرعين آخرين: أحدهما في مدينة شاتو شينون الفرنسية والآخر في مقاطعة ويلز البريطانية. ويضم معهد باريس الواقع في ضاحية سان دوني المعروفة بكثافة سكانها ذوي الأصول المهاجرة، أربعة أقسام يتصدرها معهد القرآن الكريم، ومعهد اللغة العربية وكلية الشريعة وأصول الدين وقسم الدراسات الإسلامية باللغة الفرنسية. من الجنسين يقول مدير المعهد أحمد جاب الله للجزيرة نت إن “وجودنا في العاصمة قصد به تلبية احتياجات المسلمين في المنطقة الباريسية  التي تضم نحو مليوني مسلم أي ثلث إجماليهم في فرنسا, ولدينا 850 طالب علم  ما بين من يتابع دروساً مكثفة أو ليلية أو في عطلة نهاية الأسبوع، علماً بأن أغلبية الدارسين لديهم وظائف يعملون بها في الوقت نفسه”. ولاحظت الجزيرة نت تساوي أعداد الدارسين من الجنسين ما بين عرب وفرنسيين ذوي أصول عربية وفرنسية وأفارقة. وتتنوع دوافع الدراسة وفقاً لمدير المعهد بين هؤلاء الراغبين في الاشتغال بالدعوة أو الاقتصار على اتباع الدين على أساس من العلم الشرعي الصحيح، بالإضافة إلى شريحة أخرى من الأمهات اللائي يرين في الدراسة طريقاً مهماً للقيام بمهمة تربية الأبناء. ويعج المعهد الذي يقوم على الهبات من الداخل والخارج بالحركة من الدارسين الشباب والكبار يتسرب خليط أصواتهم ولكناتهم من وراء جدران القاعات ما بين ترتيل للقرآن ونطق ربما متلعثم باللغة العربية ومناقشات بالفرنسية وأذان وصلوات، فتملأ هذا العالم الصغير بنفحات يعز وجودها في المهجر. وتتوقف الجزيرة نت عند مظهر الطالبات الذي يتدرج ما بين حاسرات رأس ومحجبات ومنقبات جميعهن قد التقين على رغبة حقيقية في تلقي علوم الدين. معرفة الواقع تكشف مطالعة دفاتر المعهد عن ميزانية سنوية حجمها 700 ألف يورو تعاني من عجز نسبته 20%. ويطرح جاب الله نظام الكفالة على الراغبين في دعم المعهد يقوم بمقتضاه القادرون بالتكفل برواتب العاملين التي تستقطع نسبة مهمة من الميزانية. ويقول مدرس علوم القرآن حسن الشعيبي  من داخل معهد القرآن الكريم “تستمر الدراسة ثلاث سنوات يخرج بعدها الدارس وقد حفظ القرآن كاملاً وألمّ بأحكام التجويد وأتقن التلاوة ولديه بعض العلوم الشرعية من الفقه والعقيدة والثقافة الإسلامية”. كما تقول الطالبة فيتوش لغلاوي إن “تعلم علوم القرآن يحتاج جهداً كبيراً، وقد قطعت شوطاً لكن لا يزال أمامي الكثير”. أما الأمل من وراء ذلك فهو على حد قولها “أن أكون حاملة للقرآن وربما معلمة لعلومه فيما بعد”. ويرى مدير الشؤون العلمية ومدرس الفقه الإسلامي الشيخ أنيس قرقاح أن رسالة المعهد تتمحور حول تكوين دعاة وعلماء مزودين بالعلم الصحيح ومعرفة الواقع الفرنسي الذي قد يغيب عن الدعاة القادمين من خارج البلاد، ولفت الانتباه إلى أهمية إتقان اللغة الفرنسية إلى جانب اللغة العربية لتبليغ الدعوة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 20 جانفي 2007)

 

إلى أين وصلت «أمور الديمقراطية» الموعودة؟!

بقلم: عبد اللطيف بن سالم أيّة ديمقراطية هذه التي ستُفرض على الشعوب فرضا وما عسى أن يكون لها من الدلالة والمعنى؟ «في المجتمعات المتخلفة أو النامية ـ يقول عصمت سيف الدولة لا يمكن أن تكون الديمقراطية نظاما دستوريا يُطبّق في حياتها بل تكون الحياة الديمقراطية مطلبا تسعى هذه الشعوب الى تحقيقه وتناضل من أجله..» ومن المتوقع تحقيق ذلك في وقت قريب اذا صدقت النوايا وتظافرت الجهود ذلك أنّ هذه الشعوب المتهمّة بالتخلّف لهي من أقدر الشعوب على تقبّل هذه المبادئ و»النظم» الانسانية الفاضلة والأخذ بها في حياتها (إذا سمحت لها الظروف) لأنّها ليست مضروبةً بعدُ بإغراءات المادة ومنجزاتها الخانقة والمدمرة و»الخبيثة» في أكثر الأحيان «الديمقراطية اذن كالحرية، كالإنسان، مشروع يتحقّق بالتدرج على مرّ الأيّام والسنين كما يقول «الوجوديون» ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون نظاما جاهزا يُقدّم الى الناس من أي جهة من الجهات كهدية تهدى.. ولا أظن الإنليز والأمريكان قد نسوا مثلهم الشعبي القديم «ان القميص الذي يُصنع ليلبسه كلّ الناس لا يلبسه أحد» وبالتالي فإنّ الديمقراطية الوهمية التي تُروّج لها أمريكا وتحاول خداع الناس بها لتبرير احتلالها للعراق وفلسطين وافغانستان ولنشر نفوذها في منطقة الشرق الأوسط تمهيدا لنشر نفوذها على العالم بأسره إنّما هي أكذوبة مكشوفة مفضوحة لا تنطلي الاّ على البلهاء من أتباعها «والشبيه يدرك الشبيه» إنّّها لحق أريد به باطل. يقول عصمت سيف الدولة في كتابه «الاستبداد الديمقراطي»: «كان المستبدون يطورون أفكارهم على مدى التاريخ وكانوا على ذلك مكرهين بفعل مقاومة الشعوب للإستبداد، وبفعل التطور الحضاري الذي أصابته في كل المجالات الفكرية والعلمية والتطبيقية، وكان لابد للمستبدين ومفكريهم في كل عصر من أن يستروا عورة الإستبداد بنسيج من صنع العصر فكرا أو علما أو ممارسة لأنّه أقدر على إخفاء السوءة وتضليل الشعوب» وليس هناك الآن لأمريكا وحلفائا أفضل وأبهى من «الديمقراطية» غطاءا لها لتبرير وجودها في المنطقة، هذه المنطقة المحرومة حقا من الديمقراطية في بعض أوساطها الإجتماعية وحتى في بعض بلدانها لكنّها ساعية إليها بالفعل وستصل إليها ان عاجلا أو آجلا. أمّا أمريكا فإن إدعت أنّها تُحرّر المنطقة من استبداد حكامها فلكي تستبد هي بها، و»ما حك جلدك مثل ظفرك» وإلاّ فاللّه ولي أمرك، ونوايا أمريكا هذه بادية للعيان رغم محاولاتها المتكرّرة للتستر عليها بمختلف الوسائل الدعائية الكاذبة وإلاّ فماذا تعني هذه الممارسات الوحشية والإبادات الجماعية للعراقيين والأفغان؟ أليس ذلك تغطرسا واستبدادا؟ صحيح القول بأنّ شعوبنا النامية لم تعرف الديمقراطية حق المعرفة كمفهوم لنظام سياسي سليم ومتوازن، ومطلوب لذاته الاّ منذ زمن قريب جدّا ذلك أنّها كانت منشغلة بالنضال من أجل الحرية والاستقلال عن الإستعمار الأجنبي ومع نهاية الحرب العالمية الثانية هبت عاصفة المناداة بالحرية والاستقلال للأفراد والشعوب في كل جهة من العالم نتيجة لما لقيه هذا العالم من اضطهاد ودمار وخراب وفقدان للملايين من الضحايا الأبرياء.. ثمّ هدأت العاصفة بنيل هؤلاء حريتهم واستقلالهم لكنّهم بقوا جلّهم ـ اذا لم نقل كلّهم ـ رازحين تحت نير التبعية الكاملة للمستعمرين لهم في الماضي في مختلف المجالات والميادين الاقتصادية منها وحتى الثقافية تحت غطاء «الصداقات العريقة بين جميع هذه الأطراف». ويبدو ان عصر الحريات المزيفة هذا قد انتهى مفعوله فينا وقد حقّق مراده منّا وسيترك الآن المجال لعصر جديد هو عصر «الديمقراطيات كما انخدعنا أمس بتلك الحريات؟ أو هل سنبقى دوما حقول تجارب للآخرين؟ إنّ الديمقراطية كالحرية هي أسلوب حياة قبل كلّ شيء ترقى إليه الشعوب بتطورها الحضاري الشامل في مختلف أبعاده وتصل إليه بوعيها ونضجها المتكامل، يقول روسو في تمجيده وتعظيمه للديمقراطية: «لو كان هناك شعب من الآلهة لحكم نفسه بطريقة ديمقراطية فهذا النوع من الحكم الذي بلغ حدّ الكمال لا يصلح للبشر» (العقد الاجتماعي) مُعرّضا بذلك بالشعب الفرنسي الذي كان يراه ـ آنذاك متخلّفا ولم يبلغ بعدُ مستوى الديمقراطية هذه فماذا نقول نحن الآن عن شعوبنا في العالم الثالث اذا تهيّأت لتستقبل هذه الديمقراطية المسداة لها أو المهداة لها من طرف الآخرين والتي لم تدركها بنفسها ولم تبلغها بكامل وعيها ولا بإختيارها الحرّ السليم؟ هل ستكون هذه الديمقراطية لهذه الشعوب بمثابة الجزء الذي كان قد ناله تيتالوس الذي تقول الأسطورة الإغريقية إنّه لم يُطع الإله زيوس فسلّط عليه عذابا شديدا اذ وضعه وسط بحيرة ينحصر ماؤها كلّما همّ بشربه وعلق على رأسه أغصانا مثقلة بالفواكه تبتعد عنه كلّما حاول الوصول إليها أو النيل منها؟ (1). يبدو أنّه قد ترسّخ في أذهان الناس منذ زمن بعيد وفي مختلف أنحاء العالم وبمختلف الطرق التفسيرية لـ «الديمقراطية» بأنّها المثل الأعلى للعدالة الاجتماعية حتى أنّها كادت تصير صفة لأي عمل أو سلوك يقع في هذا الاتجاه أو يؤدي ذلك المعنى، وإنّه ليشير مفهومها المبدئي الى ذلك بالفعل لأنّه ليس هناك أرقى وأجمل في الحياة من أن «يحكم الشعب نفسه بنفسه» وهو ما تعنيه الكلمة في أصلها اللغوي اليوناني ولأنّ هذا في معناه أيضا أنّ الشعب يمارس حياته بحرية تامة وهو بالتالي المسؤول وحده عن هذه الحرية أي أنّه بقدر ما يكون مستواه المادي والمعنوي يولّى عليه مادام يفعل ذلك دون تدخل أي عامل خارج عن طبيعته وهو بذلك يكون «مكتفيا بنفسه ومستغنيا بها عن غيره» كما قال ديوجين الفيلسوف اليوناني القديم الذي زاره اسكندر المقدوني ذات يوم وهو قابع في كوخه القصديري، زاره متنكّرا وقال له: ماذا تريد أن تكون يا ديوجين لو لم تكن ديوجين؟ وهو يظن أنّه سيجيبه في الحال بأنّه يريد أن يكون اسكندر المقدوني، فأجاب بكل بساطة: «أنا يا هذا مكتف بنفسي ومستغن بها عن غيري ولست في حاجة الى أن أكون غير ما أنا..» والحرية كما ذكرنا آنفا هي «في أن يعمل الكائن وفق طبيعته الخالصة دون أي إكراه داخلي أو خارجي زائد عن طبيعته تلك» والطبيعة هذه مُعطاة لنا دون أن يكون لنا فيها اختيار: لكن ومن باب الإنسانية فقط يحقّ لنا أن نعمل على تطوير هذه الطبيعة وتهذيبها أو قل تثقيفها وذلك بفضل العقل وفتوحاته وما يصنعه هذا العقل من إنجازات حضارية مختلفة، ومن وجهة نظر انسانية ايضا لا يجوز بأي حال من الأحوال القول بأنّ حضارة ما أفضل من حضارة لا في الماضي ولا في الحاضر وليس هناك في رأي العقلاء من معنى للتخلّف والتقدّم الاّ بمقاييس استعارية تنافرية خاطئة لا تزال تعيش بها بعض الأوساط الاجتماعية «المتخلفة» حقّا عن إدراك المستوى الإنساني المطلوب. إنّ التقدّم والتخلّف لا يمكن الحديث عنهما إذن الاّ في مستوى الإحساس بالإنسانية أو عدمه، أمّا في ما عدا ذلك فلا معنى لهما على الإطلاق ويكفي دليلا قاطعا على ذلك ما كان قد نبّه إليه جان جاك روسو زعيم الديمقراطية بلا منازع منذ دهور حين قال: «إنّ العلوم والآداب والفنون مفسدة للإنسان» (2) وهو يقصد بذلك دون شك اذا عملت هذه العلوم والآداب والفنون على تشويه «طبيعته الخالصة» وهو ما هي فاعلة به الآن في كلّ مكان وهذا ما يجعلنا في قلق كبير على مصير حضارتنا المعاصرة التي يبدو أنّها غير متوازنة القوى وآيلة سريعا الى الزوال والإندثار. وليس الخوف كلّ الخوف على زوال هذه الحضارة فكثيرا ما سادت حضارات ثمّ بادت، وكان الخوف كلّ الخوف على الإنسان نفسه صانع هذه الحضارات والذي يبدو أنّّه سيزول معها هذه المرّة. هوامش: (1)  عن عصمت سيف الدّولة في كتابه «الاستبداد الديمقراطي». (2) عن جان جاك رسو في كتابه «أميل» (المصدر: جريدة الشعب (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 20 جانفي 2007) الرابط: http://www.echaab.info.tn/rubrique.asp?Rub_ID=257&Date=20070120

 


نهاية نموذج الدولة القومية والاسلامية في الشرق الأوسط

توفيق المديني (*) حين خاضت الولايات المتحدة الاميركية الحرب على العراق، لم يكن ذلك من أجل نزع أسلحة الدمار الشامل، ولا من أجل تخليص العراق من نظام الرئيس صدام حسين ولا الرأفة بشعب العراق المنهوك بالحصار والحروب الاقليمية، أو إشاعة قيم الديموقراطية والتطور، وانما بهدف البدء في تغيير جذري في الخريطة الجغرا – سياسية للعالم العربي ما بعد نهاية الحرب الباردة. إذ يجمع المحللون الاستراتيجيون في الغرب على انه خلال بضع سنوات ستفرض الحرب تغييراً في دول الشرق الأوسط، لا سيما تلك الدول التي تضج بالتنوع الهائل بالأقليات العرقية – الدينية. الولايات المتحدة ليست معنية بحماية القانون الدولي والترويج لقيم الحرية والديموقراطية، بل انها معنية بنهب ثروات المنطقة والسيطرة عليها سياسياً وعسكرياً. والعراق ليس سوى جزء من سلسلة، من استراتيجية جديدة للقوة العظمى الوحيدة أطلقتها رداً على أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001. ولم تعد الحرب الاميركية تعني العراق وحده، العراق كدولة فقط، بل ان الاستراتيجية الاميركية التي يتحدث عنها الرئيس بوش وأركان إدارته، وحديثهم العلني عن نيتهم تغيير خريطة المنطقة، أفقدا معظم الدول الشرق أوسطية شعورها بالامان. خلال السنوات الاخيرة من عمر الاحتلال الاميركي، بدأ المظهر العام للشرق الأوسط يتغير، على الأقل في بلدين مهمين في المنطقة، العراق أولاً، وايران لاحقاً. وكانت هذه الحرب الأميركية إذن، لاعتبارات عدة الكاشف عن الهزيمة التاريخية لحركة القومية العربية ليس في العراق فحسب، وانما كذلك في دول عربية أخرى عدة، ولنموذج الثورة الاسلامية في ايران. ونحن نرى انه مع سقوط النموذج سواء القومي العربي أو الاسلامي، برز الى السطح وجود ثلاثة أنماط من المشاكل: مشكلة وجود وبقاء الدولة الشرق أوسطية، ومشكلة شرعية واستقرار السلطة، ومشكلة ديناميكية الثقافة السياسية. من المعروف والمتفق عليه عموماً الاعتراف، ان العراق وايران، في صراعهما الايديولوجي والحرب الطويلة التي دارت بينهما، لم يسهما إلا في تنشيط الانفساخ بين العرب والايرانيين، الذي طبع الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، بعد ان فقدت فرصته تصدير النموذج، في معظم حالاتها، كثيراً من صدقيتها، كي تشهد المنطقة انزلاقاً جرى نحو اختيارات الاستبدال التي صارت تتضح عبرها بعض التطلعات السياسية الخاصة بالعناصر المتصلة بالاقليات. لقد كان العراق وايران قطبين مهمين ومؤثرين في منطقة الشرق الأوسط، وحاول كل منهما ان يحقق السيطرة الاقليمية، تارة بتقديم النموذج الذي يجب ان تحتذي به دول المنطقة، وتارة أخرى عن طريق القوة العسكرية، وتارة ثالثة عن طريق الاثنين معاً. العراق الذي كان يحكمه حزب البعث العربي الاشتراكي، المتسلح بإيديولوجية القومية العربية، كان يحكم بالاستناد الى شرعية من النمط القومي (وحدة عربية) واشتراكية (في الأصل) خاصة لا سند لها من شرعية دينية فضلاً عن الأقلية. وكان العراق يقدم خطاباً سياسياً متعلقاً بالأكثرية (الوحدة العربية) وبالـ «طبقية» (الاشتراكية)، وربط في خضم حربي الخليج الأولى والثانية بصورة وثيقة الدفاع عن العروبة بالدفاع عن الاسلام، كي يظهر ان الشرعية الاسلامية الى جانبه، وإن كان هذا الخطاب لم يكن خالياً من بعض التناقضات. غير ان تربة الشرق الأوسط تقدم لنا تكذيباً لنظريات التحديث التي تتنبأ بها القومية العربية، التي كانت تعتقد انها بالتركيز على طابع الانصهار القومي والوحدة العربية، سينحدر الواقع الأقلي (الإعفاء في السياسة على آثار الانفساخات العرقية الطائفية) لمصلحة التناقضات الطبقية في المجتمع العراقي الآخذ في التقدم نحو التحديث. وقد دللت تجربة النظام السياسي الحاكم في العراق كيف ان التشرب التفاضلي للـ «حداثة» (التغريب النسبي لبعض الفئات الاجتماعية) اسهم في تعميق الفوارق بين الطوائف العرقية – الدينية، وفي جعل مشكلة الأقلية حادة أكثر. أما ايران، فقد كانت منذ سقوط الملكية العراقية عام 1958، تعمل على استغلال تظلمات وضغائن وأحقاد الطوائف الشيعية والكردية في العراق، لأغراضها الخاصة من أجل توطيد هيمنتها على منطقة الخليج وتسوية مسألة شط العرب، وكذلك من اجل تصدير الثورة الاسلامية. وحاولت الثورة الايرانية ان تقدم نموذجها لجهة فرض حكومة اسلامية، وتحفيز الطابع «الطبقي» (الحد من التباينات الاقتصادية التي فاقمها النمو) وانتهاك سياسة الدفاع القومي والثقافي (الرد على «التحدي» الغربي) والانكفاء على قيم اسلامية تنهض على أنها أكثر ديموقراطية. ومن المعروف ان الايديولوجية المهيمنة في ايران، من خلال تطبيقها الطفولي استفادت من غياب ايديولوجية سياسية أخرى رافضة، قومية وغير علمانية، كما أن الثورة الايرانية ساعدت على تغذية الحركات الاسلامية في البلدان العربية عامة، والمعارضين الشيعة خصوصاً، الإحساس بأنها صارت تملك من الآن فصاعداً في ايران دولة مستعدة لدعم مطالب الشيعة في كل منطقة الشرق الأوسط. وكان في ذهن القادة الايرانيين أنه لا بد من نشاط لهذه الأقليات من أجل نشر أفكار الثورة الايرانية. غير ان التجربة التاريخية تكشف لنا ان الثورة الايرانية كانت تخدم أغراضاً قومية، من دون ان يكون هذا قد قيل صراحة، لأن المفهوم القومي عند الايرانيين ما لبث ان طفا على السطح: فقد كانت القومية الايرانية تحاول تعبئة شعور التضامن الديني لدى شيعة العراق لمصلحتها، وهذا ما يكشف لنا ان الثورة الاسلامية الايرانية لم تكن ولا لديها الامكانات والاستعدادات للذهاب قدماً في محاربة الولايات المتحدة الاميركية واسرائيل. من هذا المنطلق، نجدها اليوم في مأزق كبير. فالمثال الايراني لم يعد يعمل كما يجب، وهذا ما يفسر لنا ايضاً الصراع الحتمي بين الجناحين داخل السلطة الايرانية، جناح الاصلاحيين الذي كان يقوده محمد خاتمي، وجناح المتشددين بزعامة آية الله علي خامنئي. وعلى رغم ان الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي انتخب بحرية خلال دورتين (عام 1997 و2001)، وحصل على غالبية مريحة في مجلس الشورى (البرلمان)، إلا ان الهزيمة المنكرة التي مني بها في الانتخابات الايرانية الأخيرة، شكلت خيبة الأمل الكبيرة للايرانيين من معسكر الاصلاحيين العاجز عن تكريس التغييرات المنشودة التي وعد بها. فالاصلاحيون يريدون ممارسة الديموقراطية، ويعتبرون ان مسألة السيادة تعود الى الاقتراع العام الشعبي المباشر، وهم ليسوا ضد الإسلام، بوصفه إجدى ركائز الهوية القومية، ولكنهم يريدونه أن يكون قابلاً للذوبان في الديموقراطية، وهم يمثلون أكثرية في إيران التي تعد 60 مليون نسمة، فأكثريتهم ولدوا بعد الثورة التي قادها الإمام الخميني عام 1979. وقد أثبت التيار الإصلاحي في إيران أنه عاجز عن تقديم مشروع مجتمعي بديل في صراعه مع التيار المحافظ. وبالمقابل، نجد التيار المحافظ الذي يدعي انه يجسد الإرث التاريخي للإمام الخميني، يتمحور حول المرشد آية الله علي خامنئي، والفريق الأكثر محافظة في الحوزة الشيعية الإيرانية، والرئيس أحمدي نجاد. ولا يختلف المحافظون مع الإصلاحيين حول المقاربة للديموقراطية، لكنهم يصرون على التمسك بالسلطة، فهم يريدون تطبيق ديموقراطية شكلية، لكنهم عازمون على أن تبقى إيران جمهورية إسلامية حقيقية يحكمها آيات الله. ويسيطر المحافظون على مراكز القوى داخل النظام الإيراني: القضاء، والميليشيا المستقطبة من عناصر تقطن الأحياء الشعبية والجيش، وأخيراً الحرس الثوري الذي يفوق تعداده عدد أفراد الجيش الإيراني ويتمتع بموازنة كبيرة. لا شك أن كلاً من التيار الإصلاحي والتيار المحافظ لا يريدان المواجهة، فلا الإصلاحيون الذين جاءوا من حزب الثورة الإسلامية يريدون أن يجسدوا القطيعة مع مرجعية الثورة الإسلامية، وبالتالي يقومون بإصلاحات راديكالية من داخل النظام حيث أخفق غورباتشوف عندما أراد اصلاح النظام السوفياتي، ولا «القائد» الروحي علي خامنئي يكرس الاستحواذ المطلق للسلطة، فهو يعرف كيف يرضي الإصلاحيين. والنتيجة التي يمكن أن نستخلصها من خلال هذا العرض هي أن الرئيس أحمدي نجاد وآية الله علي خامنئي يحافظان على الوضع القائم «الستاتيكو». وهنا يكمن اخفاق الثورة الإسلامية الإيرانية في تقديم النموذج الذي يحتذى به في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. وهذا الاخفاق متعدد الأوجه: في الصراع مع الامبريالية الأميركية حيث نجد تقاطع المصالح من الناحية الموضوعية بين إيران والولايات المتحدة، حرب أفغانستان أسقطت نظام طالبان، والحرب العدوانية على العراق أسقطت نظام صدام حسين، والنظامان كلاهما يعتبران عدوين رئيسيين من وجهة النظر الإيرانية. أما على الصعيد الداخلي فقد أخفقت الثورة في تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات العامة والفردية لأبناء الشعب الإيراني، وهنا تكمن أزمة النظام الإيراني الناجمة عن التوفيق المستحيل بين الديموقراطية ونظام آيات الله. ولم تلبث الحرب العراقية – الإيرانية، التي كانت تقدم وجهاً مذهبياً بارز الطابع، أن كشفت عن البعد القومي في الصراع بين العرب والفرس. وكانت الثورة الإيرانية تريد استغلال الذين خاب أملهم من العلمانية التي جاءت بها الحركة القومية العربية الى منطقة الشرق الأوسط، وكانت تريد باسم الإسلام أن تؤلب الرأي العام العربي ضد النظام العراقي الذي كان يحكمه حزب البعث العربي الاشتراكي. وفي الواقع التاريخي، لا يزال موضوعا الديموقراطية والعلمانية يشكلان بؤرة التوتر في العلاقة التناقضية بين الحركة القومية العربية والاشتراكية من جهة، والإسلام السياسي من جهة أخرى. ولا يزال الصراع الذي بدأ منذ عصر النهضة بين الحداثة العلمانية والرؤية السلفية التقليدية قائماً، وإن كان قد اتخذ حركة المد والجزر، حسب الظروف التاريخية والسياسية التي تمر بها الأمة العربية، وطبيعة القوى السياسية الاساسية المسيطرة على طاقات المجتمع العربي. وازداد هجوم الثورة الإيرانية في الميادين السياسية والايديولوجية والثقافية في ظل الوضع العربي القائم المتسم بالتراجع، والهزائم والانكسارات، ولجم الحركة النقدية، حين استهدفت النظام العراقي، الذي كان يطمح إلى أن يصبح القوة الاقليمية الأولى في منطقة الشرق الأوسط على حساب إيران، وكان البعث يريد أن يأخذ القيادة بعد الحركة الناصرية المدفونة في الرمال بعد هزيمة 1967 في مواجهة إسرائيل وأنقاض الاقتصاد المنهار بسبب التخطيط السوفياتي. ولم يخف الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الذي تسلم مقاليد الحكم في عام 1968، طموحاته السياسية لجهة أن يصبح زعيماً عربياً يقود الأمة، انطلاقاً من قناعاته القومية بعد رحيل عبدالناصر، لكن صدام حسين لم يكن يملك كاريزما الزعيم المصري، ولا موهبته، ولا نظرته المتوقدة، ولا عقله الشديد الشمول. وباختصار شديد، ليس هناك من أوجه مقارنة بين الرجلين. لكن الرئيس السابق صدام حسين كان يملك بالمقابل ثروة نفطية هائلة، وثروة زراعية، ونمواً ديموغرافياً متوازناً، وهي الأمور التي تفتقدها مصر. وشهد العراق في العقد الأول من حكمه قفزة نوعية هائلة تمثلت في العديد من الانجازات الضخمة: تأميم النفط، واصلاح زراعي جذري، وتأميم الشركات الكبيرة والملكيات الكبيرة، وحداثة علمانية حققت بعض الانتصارات والتقدم العلمي والتكنولوجي. غير أن هذا التقدم الهائل لم يدم طويلاً، بسبب طبيعة النظام الشمولية التي أدخلت العراق في سلسلة من الحروب: ضد الأكراد أولاً، والحرب العراقية – الإيرانية الطويلة ثانياً، وحرب الخليج الثانية ثالثاً، الأمر الذي جعل الشعب العراقي يعيش في مسلسل الحروب الاقليمية منذ أكثر من عقدين من الزمن، وما جلبه اليه من كوارث. وبعد هزيمة العراق في حرب الخليج الثانية، أصبح النظام العراقي شبحاً متدنياً للنموذج العلماني الذي أراد حزب البعث تطبيقه في منطقة الشرق الأوسط، واختزل المشروع القومي العربي الذي نادى به البعث في حكم الرئيس صدام حسين المطلق، الذي هو نقيض لنموذج الحكم المستنير والتحديثي الذي زعم أنه بصدد تطبيقه في بداية عقد السبعينات. ومع انتهاء الحرب الأميركية على العراق، يعيش العراق في زمن الفوضى الخلاقة والصراع الطائفي والمذهبي، بعد أن سقط النظام القائم على حكم قبلي وأوليغارشي. إنه البقايا الأخيرة لنموذج الدولة العلمانية في الشرق الأوسط التي تعيش حالاً من الموت البطيء بعد العدوان الأميركي على العراق. لقد وجدت الدول العربية الشرق أوسطية نفسها هدفاً لتنازع مزدوج يمارس من جهة باسم حركة الوحدة العربية، ومن جهة أخرى باسم الثورة الإسلامية، وبالتالي ثمة نموذجان يفضحان «الطابع الاصطناعي» واللاشرعية في الدولة، يمزقانها بين بناء الدولة القومية ذات الطابع العلماني والاتحاد في كيان وحدوي عربي أوسع، وبين خطر بناء الدولة الإسلامية على الطريقة الإيرانية. نهاية النموذج القومي في بغداد، ومأزق كبير للنموذج الإسلامي في طهران: فماذا يبقى في ظل الاحتلال الأميركي الجديد للعراق بعد انهيار النموذجين اللذين سادا في منطقة الشرق الأوسط منذ ثلاثة عقود؟ الشيء القليل في الحقيقة، في ظل الفراغ السياسي الكبير، وعودة الانفجار المتعلق بالأقليات الذي عاد الى الانطلاق: أكراد العراق، واليقظة الشيعية المتصلة بعدوى الثورة الإيرانية، وأطماع الدول الاقليمية: تركيا في شمال العراق وحلم «إسرائيل الكبرى». (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 20 جانفي 2007)  

في الفرديّة والمواطنيّة وثقافة الحياة بين “شرق” و”غرب”

حازم صاغيّة (*)      ربما كان أكثر ما يلخّص الفوارق بين تجربتي «الغرب» و «العالم الإسلاميّ» في ما خصّ السياسة، الموقف من الحقوق والفرد ودولة القانون، وهي مسائل ومفاهيم تتّصل بموضوعة الشرعيّة أيّما اتّصال. فالبديهيّ، عملاً بالتجربة الأولى، أنه إذا كانت ثمّة واجبات ينبغي ان يؤدّيها المواطن للدولة، هي حقوق لها عليه، فهناك بالطبع واجبات على الدولة تؤدّيها للمواطن، هي حقوق له عليها. فمن دون المعادلة البسيطة هذه لا يستقيم عمل المجتمع الحديث وديمومته، هو المؤسّس على توازن دقيق بين التنظيم والبيروقراطيّة اللذين لا يصيران استبداداً والحريّة التي لا تنقلب فوضى. وهي مسألة كانت دائماً من مشاغل الفكر السياسيّ الغربيّ، حيث سار التفكير في الدولة وأهميّتها يداً بيد مع التفكير في مسؤوليّاتها والتحذير من تجاوزاتها في ما خصّ المواطن وحقوقه. ذاك أن الكائنات الانسانيّة تتمتّع بما أسماه جون لوك «حقوقاً طبيعيّة»، اذ حتّى في «حالة الطبيعة»، أو الوحشة، يبقى الأفراد كائنات أخلاقيّة تردع الأخلاقيّة العامّة عن تجاوزها والعزوف عنها. صحيحٌ أن هؤلاء ينشئون «الحكومة» كي تنقلهم من حالة الطبيعة تلك الى حالة الاجتماع، الا أنهم بمغادرتهم إيّاها لا يعهدون الى تلك الحكومة التي أنشأوها الاّ بسلطات محدودة. فإذا ما اتّجهت هذه الى تجاوز تلك السلطات وقضم سلطات أخرى، تكون أخلّت بالحقوق الطبيعيّة لرعاياها وفقدت، بالتالي، شرعيّتها. والأفكار حول حقوق المواطنة مبعثرة في الثقافة السياسيّة الغربيّة منذ اليونان وروما القديمتين، ثم جاءت «الماغنا كارتا» الانكليزيّة في 1215 لتحتلّ موقعها كأوّل دستور، أو أوّل ما – قبل دستور، يتناول تلك المسائل بصفتها هذه. بيد أن المواطنيّة الحديثة، ولو تأثّرت بذاك التراكم السابق واحتفظت به، أضافت ملمحين جديدين: فهي، من جهة، غدت تعني العضويّة الحصريّة في دولة – أمّة بعينها. ثم أنّها، من جهة أخرى، باتت تنطوي بذاتها على حقوق مدنيّة وسياسيّة، وخصوصاً حقوق اجتماعيّة. وفي العقود الأخيرة، ومع تعاظم موجات الهجرة الى البلدان الغربيّة، صارت مواطنيّة المُهاجر واكتسابه الجنسيّة بشروط ينصّ عليها القانون، جزءاً لا يتجزّأ من موضوع الحقوق. لقد بات تعبير «لائحة الحقوق» Bill of Rights كونيّ المعنى والدلالة. فهو التسمية الدستوريّة والرسميّة التي يُقصَد بها الدور الالزاميّ للحكومة كي تعرّف الحقوق والواجبات الأساسيّة للمواطن، وكي تؤمّن له الحماية من أعمالها الاعتباطيّة ومن نزواتها وانتهاكاتها. و «لائحة الحقوق» خلاصة جسم شكّلته «لائحة الحقوق» الانكليزيّة في 1689، و «إعلان حقوق الانسان والمواطن» الفرنسيّ مع الثورة في 1789، والتعديلات العشرة الأولى على الدستور الفيديراليّ الأميركيّ في 1791. ثم، وبعد فاصل زمنيّ طويل، وتحديداً في 1948، بعد أهوال الحرب العالميّة الثانية والنازيّة ومحرقتها لليهود الأوروبيّين، تبنّت الأمم المتّحدة «الاعلان العالميّ لحقوق الإنسان» كي يكون معياراً كونيّاً تعتمده البلدان جميعاً في تعريف الحقوق. فبعد الحرب الثانية، وبسبب نشأة الدول أساساً، لم يعد النقاش في الحقوق يتعلّق بـ «حالة الطبيعة»، بل بات يتّصل بعالمنا الذي عانى ما عاناه من أهوال الأنظمة التوتاليتاريّة والديكتاتوريّة على أنواعها. والحقوق، في النهاية، لا تتأسّس الاّ على الحريّة بوصفها غياب القسر وغياب أنظمة القسر التي تحوز من السلطات ما يتعدّى الجائز والمعقول. وإنّما بالمعنى هذا غدت حقوق المواطن لا تقتصر على أوليّات الغذاء والمأوى والعمل والتطبيب والتعليم، ولا تقف عند حدود تحريم الانتهاك الجسمانيّ والنفسيّ، اذ صار ينبغي للمواطن ان يتمتّع أيضاً بحقوق الاجتماع والتعبير والممارسة الدينيّة والنشاط السياسيّ اللاعنفيّ، فضلاً عن حقّه في التصرّف بجسده والدفاع العلنيّ عن رأيه أمام المحاكم، كائنةً ما كانت التّهمة الموجّهة اليه. ولن يكون في وسعنا فهم هذا الميل الى انتزاع حقوق الأفراد والجماعات من الدول وما يتفرّع عنها من تراكيب سلطويّة، إلا بالرجوع الى طبيعة الاستبداد «الغربيّ» والسمات التي توافرت له. فعلى عكس الاستبداد «الشرقيّ» الذي نجم عن ضعف الدولة، وكان وجهه الآخر، ولا يزال، الجبروت السلطويّ العشوائيّ و/أو قوّة العصبيّات وتمكّن الاحترابات الأهليّة، تغذّى الاستبداد «الغربيّ»، وذروته الوحشيّة في النازيّة، على فائض القوّة التي تتمتّع بها الدولة. وفي مقابل محاولات الحدّ من الدولة وتوسيع هوامش المجتمع والمجتمع المدنيّ في التجربة الغربيّة، واجه العالم الإسلاميّ ظروفاً تاريخيّة تجعل النقاش «الغربيّ» يتبدّى كأنّه لزوم ما لا يلزم. فالعالم المذكور، لا سيّما منه شطره العربيّ الذي استجابت تيّاراته الأيديولوجيّة الكبرى لتحدّي الغريب الاستعماريّ، جنح الى التركيز على حقوق الجماعات لا حقوق المواطنين. ذاك أن «الحريّة»، كما أكّد مؤسّس البعث ميشيل عفلق، مثلاً لا حصراً، إنّما هي «حريّة الأمّة» أوّلاً وأخيراً. بيد أن الجماعات هذه لا تنضمّ ولا تلتئم في «دولة»، فيما هي تنضمّ وتلتئم في «أمّة» ليس المواطن ذرّتها، ولا القوانين والدساتير ضوابط العلاقة بين أجزائها وكلّها. وغنيّ عن القول إن حقّ الأمّة لدى القوميّين، وحقّ جماعة المؤمنين لدى الإسلاميّين، واستطراداً، حقّ الكادحين لدى الاشــــــتراكيّين، ما لبثت أن غدت ذرائع تبرّر انتهاك حقّ المواطن حين لا يكون المواطن هذا متّفقاً مع أصحاب الدعوات الجماعيّة المذكورة. فهؤلاء الأخيرون يقسمون الناس الى «إخـــــوة» و «كفّار»، أو الى «رفاق» و «أعداء»، لكنهم لا يرون اليهم أبداً بصفتهم مواطنين متساوي الحقوق والواجبات، بغض النظر عن أفكارهم، ينتظم إسهامهم السياسيّ والاجتماعيّ في دولة وفي مؤسّسات محكومة بالقوانين. وقد وقعت الأيديولوجيّات هذه على أرض خلت من تقليد دستوريّ ومن فكر ليبراليّ تعود مرجعيّته الى الحقوق والقوانين. فالتقليد الذي نملك بعيد عن إدراك حقوق الدولة بُعدَه عن إدراك حقوق المواطن. فهو، بالتالي، غريب عن هذه المساجلة غربة تامّة ناجزة. فلا هو يقرّ بحقوق الأولى على الثاني، وإن أقرّ بحقوقها كـ «أمّة» في مواجهة «الاستعمار»، ولا هو، من ناحية أخرى، يطالبها بتأدية واجباتها حيال المواطن إلاّ متى كان هذا المواطن مناضلاً يقف في جانب «الحقّ»، أي يواجه «الاستعمار» براديكاليّة وإصرار لا تملك مثلهما الدولة القائمة وجهاز سلطتها. أمّا الانسجام الظاهريّ والعابر فيَحدث تحويراً وتمويهاً في الأزمنة التي يصفها الراديكاليّون بالصعود أو المدّ الوطنيّ، حيث يتماهى زعيم السلطة الأوحد مع القضيّة المفترضة للأمّة المفترضة، بقدر ما يذوب حقّ الفرد في حقّ تلك الأمّة. وما زاد في تغييب هذا الهمّ الحقوقيّ هو، مرّة أخرى، موضوع الصلة بالغرب. فما دام «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، حسب عبارة جمال عبد الناصر، وما دام «التناقض الرئيسيّ»، تبعاً للماويّة، حاكم التناقضات كافّة، غدت كل مطالبة بحقوق المواطنين إضعافاً للسلطة التي «تقاتل» العدوّ، أو «تتصدّى» له. وقد نجم عن هذا أن عقد مؤتمر عن الحريّات أو آخر عن الأقليّات أو عن المرأة، بات يبدو مساساً بالأمة ممثلةً بالحكم والحاكم وصورتهما، تماماً كما يبدو تأسيس حزب سياسيّ يطالب بالديموقراطيّة أو بحكم القانون. ولم يكن أدلّ على بدايات هذا التصوّر وجذوره من سلوك الخديوي اسماعيل الذي شهد عهده تدشين الاستقبال المصريّ للحداثة، وتدشين الطريقة المصريّة، والعربيّة تالياً، في التعاطي مع أحد وجوهها. فالأوروبيّون لم يضغطوا على الخديوي كي ينشئ جمعيّة تأسيسيّة، أو برلماناً. وهو لئن فعل، في 1866، فإنما لإكساب مصر مظهراً غربيّاً أراد به أن يقوّي موقعه في مواجهة الدولة الراعية، السلطنة العثمانيّة. وكان هدفه الآخر، كذلك، إضفاء لون من الشرعيّة والتأييد الشعبيّ على حكمه يستخدمهما لدعم سياساته الماليّة، لا سيّما الاستدانة بلا حدود. لكنّ البرلمان هذا، في خضوعه الكليّ لسلطته، برهن على انه مجرّد واجهة «حضاريّة» عديمة الأثر والفعاليّة. إلاّ ان اسماعيل، خلال السنة الأخيرة من حكمه في 1879، بذل جهداً ملحوظاً لإحياء البرلمان: ذاك أن الديون التي تراكمت عليه حملت القوى الأوروبيّة على الضغط لوضع احتساب الأموال المصريّة العامّة في عهدة مدقّقين أوروبيّين. وهذا إنما عنى الحدّ من مداخيل اسماعيل ومن امتيازاته، ما استدعى تحريك البرلمان كي يعترض على الخطط الأوروبيّة التي لا تنسجم مع «مصالح الشعب المصري». فبدل ان يكون النزاع بينه وبين المقرضين، يصبح إذّاك بين ملك مضطَهَد مظلوم، يماهي شعبه ويماثله، وبين مقرضين أجانب جشعين. وفي كتابه «مصر الحديثة»، ترك لورد كرومر، الذي كان على معرفة مباشرة بظروف مصر ابّان العام الأخير من حكم اسماعيل، فصلاً يصف فيه بسخرية لاذعة محاولة الخديوي الخرقاء أن «يستحضر المؤسّسات الحرّة استحضاراً موقّتاً كأداة يستطيع من خلال وكالتها استعادة سلطة شخصيّة هدّدها التدخّل الأجنبيّ». وكتب كرومر بالحرف: «كان مشهداً مثيراً للفضول أن ترى اسماعيل باشا، الذي كان تجسيداً للحكم الاستبداديّ في أشدّ أشكاله تطرّفاً، يظهر في مظهر الحاكم البالغ الدستوريّة الذي لا يستطيع، بسبب ضميره الحيّ، ان يضع نفسه في تعارض مع المصلحة الوطنيّة». على ان المطالبة بالحقــــوق تبقى ناقصة ما لم نحدّد بالضبط من هم أصحاب الحــــقوق. فهم المواطنون طبعاً، لكنّ المواطنين، والــــحال هذه، لا يُحسبون بصفتهم عائلات أو أدياناً أو إثـــنيّات تريد كلّها، ودائماً، أن تنهش الدولة إن لم تستطع قضـــمها. إنهم، بكلمة لا لبس فيها، أفراد من دون فرديّــــتهم لا يمكن الارتقاء بتاتاً الى مواطنيّتــــهم. ومن غير أن نتنبّه الى الفرد بصفته ذرّة الاجتماع الحــــديث وقائد التـــطوّر في الوقت نفسه، يبقى وعينا بمسائل الحقوق هشّاً وسطحيّاً. وهو ما يدفعنا خطـــــوة أبعد، حيث يبهت الكلام على «حقوق الانسان» فيــــما يقتــــصر وجود «الانسان» على السويّة البيــولوجيّة المطالبة بالحقوق، ولا يمتدّ الى الســــويّتين الفرديّة والمواطنيّة اللتين تتّصلان بالمسؤوليّة. فهنا ينـــشأ «الانسان» بوصفه من يزيح البُنى والروابط القديمة، من دينيّة ودمويّة، كي يحلّ محلّها ويُحلّ رابطة المواطنيّة. على أن وصف الفرد بأنه فرد، والمواطن بأنه مواطن، بدل ردّه الى «أصله» في الدين والمذهب والعائلة والعشيرة، يجافي تقليداً مغلقاً ومديداً في تجربتنا. فما ان ننظر في اي من حقب التاريخ الإسلاميّ حتى نجدها قائمة على انشقاق يتقرّر بموجبه اللون السياسيّ لكتلة ما، في معزل عن الخيارات الواعية لأفرادها. فالعهد الأمويّ عهد ثنائيّة العرب وغير العرب، فيما ينهض العهد العباسيّ على ثنائيّتي المسلمين وغير المسلمين، وكذلك العرب المسلمين و «الشعوبيّين» من المسلمين غير العرب. وبدورها، تتّسم الحقبة العثمانيّة بثنائيّة المسلمين وغير المسلمين، لتضاف اليها، في العقود الأخيرة من عمر السلطنة، ثنائيّة الأتراك وغير الأتراك. وكانت، ولا تزال، الكتلة التي تؤخذ ككلّ أقربَ الى مرتبة في السلطة او المعارضة، وأشبه بالتطابق مع موقف شامل ومغلق من أمور السياسة والاجتماع. فهذا «رأي العرب» وذاك «رأي العجم»، وهذه «منزلة النصارى» وتلك «طبيعة اليهود». وتعريف جمعيّ كهذا، قفزاً فوق الأفراد المواطنين وإراداتهم، وفوق التاريخ وتحوّلاته، إنما يستأنف التعاضد القبليّ الذي عرفته «الجاهليّة»، والذي وصفه البيت الشعريّ الشهير: «وما أنا إلا من غُـزيّـة إن غزتْ/ غزيتُ، وإن ترشدْ غُـزيّـة أرشدِ». بيد اننا اليوم لا نتحدث عن غُـزيّـة، كائناً ما كان معنى الغزيّـة هذه. فالفرد، أكان هو أو هي، باتت المعاصَرة تطرح عليه أن يتولّى أموره/ أمورها في عدد واسع من الشؤون والوظائف: من اختيار شريك حياته أو حياتها، من غير أن تفرض الأسرة خيارها، الى رفض أن يُبادَل المئات من أمثاله بجثّة جنديّ إسرائيليّ واحد في لحظة المبادلات. ولأنه فرد فإنه يبحث عن مجال فعله السياسيّ المستقلّ، وبالتالي عن انشاء مجتمع سياسيّ مفصول عن المجتمع الأهليّ وروابطه المعطاة سلفاً، أكانت دمويّة قرابيّة أو دينيّة. والحقّ ان ضعف الفرديّة ليس شأناً عديم الصلة بما عشناه مؤخّراً ولا نزال. فــــاذا كانت الجماعة مستعدّة لأن تهدر حياة الفرد كرمى لقضــــيّتها، فإن صون الحياة وتكريمها رهن بوجود ذاك الفرد وإحساسه بذاته. فحين نتحوّل من «أمّة»، هي تأطير حداثيّ للقبيلة أو الديانة، الى أفراد واعين بأهميّة حياتهم، بل بقداستها، يتراجع الاستعداد للشهادة والانتحار. عندها فقط يصير ما يحفزنا حبّ الحياة لا حبّ الموت. (*) كاتب ومعلّق لبناني. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 19 جانفي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

6 août 2003

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1173 du 06.08.2003  archives : www.tunisnews.net الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان :

En savoir plus +

8 juillet 2011

  Home – Accueil فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.