Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS
9 ème année, N 3462 du 14.11.2009
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولضحايا قانون الإرهاب
وكالة أنباء فرنس برس :محامي بن بريك الفرنسي سيتوجه الى تونس لحضور محاكمة موكله
حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي: بلاغ صحفي
موقع ايلاف :أكشاك تونس بلا عناوين مُعارضة بعد الاحتجاب الطوعيّ لثلاث صحف مجلة “كلمة” :أخبار
صحيفة “العرب”:قافلة «أميال من الابتسامات» تغادر غزة بعد تسليم معدات وأجهزة طبية
طلبة تونس:أخبار الجامعة
صحيفة “العرب”:تونس: بداية انتشار محلي لإنفلونزا الخنازير
جريدة “الصباح” :عدد من المنظمات الوطنية تعرب عن اعتزازها بمضامين خطاب رئيس الجمهورية
جريدة “الصباح” :مناضلون وشخصيات وطنية:”الإعتذار الفرنسي عن الاستعمار ضروري.. والتعويضات حق”
النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق :منــــــــــذر ثـــــابت لـ «الشــــــروق»: التشكيك في التجربة الديمقراطية محاولة لإجهاضها
جريدة “الصباح” :الرئيس زين العابدين بن علي:قلب مفتوح وأيـاد ممدودة…
جريدة “الصباح” :ساعة الانذار تدق في «الثانية عشر»:16% من الشباب يقيمون علاقة جنسية في سن الـ 15
جريدة “الصباح” :تونس الأولى عربيا في التدخين:900 ألـف علبـة يوميـا.. لـ4 ملاييـن و200 ألـف مدخّـن..
جريدة “الصباح” : هروبا من غلاء «الجديد»:التونسي يستهلك 80 ألف طن من «الفريب» سنويا
محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي:ردّا على تصريح الأستاذ نور الدين البحيري بشأن مجلة الأحوال الشخصية عبدالحميد العدّاسي :إنّ من الحبّ ما قتل
صحيفة “العرب”:سقوط جدار برلين: جدارهم وحُدودنا
مجلة “كلمة” :موازين الربح والخسارة في “لقاء” إيران بـاليورانيوم
صحيفة “القدس العربي”:محللون يتحدثون عن ‘تسييس’ الكرة و’تكوير’ السياسة …
عماد الدّين الحمروني:مسألة الهوية الفرنسيّة بين الحجاب والنّقاب
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي200
فيفري2009
أفريل 2009
محامي بن بريك الفرنسي سيتوجه الى تونس لحضور محاكمة موكله
تونس – أ.ف.ب. سيتوجه المحامي الفرنسي ويليام بوردون الى تونس ليحضر الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر محاكمة موكله الصحافي التونسي توفيق بن بريك بناء على طلب عائلة الاخير، وفق ما اعلن الجمعة مكتب بوردون في بيان. وتم توقيف بن بريك في 29 تشرين الاول/اكتوبر اثر اعتداء على امراة وسيمثل امام المحكمة بتهمة “احداث عنف والاعتداء على الاخلاق الحميدة والاضرار باملاك الغير”. واورد البيان ان بوردون “سيحاول الاجتماع بموكله وهو يذكر بان الوضع الصحي لتوفيق بن بريك يثير القلق”. وشدد المحامي على وجوب ان يتلقى الصحافي التونسي علاجا طبيا محددا ومنتظما، مذكرا بانه يعاني من ضعف كبير في المناعة. واضاف انه ابلغ السلطات الفرنسية بامر توجهه الى تونس.:. الاسبوع الفائت، اعلنت فرنسا ان العواصم الاوروبية تبحث وضع الصحافي التونسي، وذلك قبل ان تعرب عن “قلقها حيال الصعوبات التي يواجهها الصحافيون والمدافعون عن حقوق الانسان في تونس”. واثر الانتقادات الفرنسية اعلن الرئيس زين العابدين بن علي الخميس ان بلاده احالت “التدخل في شؤونها” و”المساس بسيادتها” على رئاستي الاتحادين المغاربي والافريقي. (المصدر: وكالة أنباء فرنس برس بتاريخ 14 نوفمبر 2009 )
بسم الله الرحمن الرحيم حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي التاريخ:14/11/2009 بلاغ صحفي
مؤتمر الأحزاب العربية يتبنى مبادرة الحزب في طلب الاعتذار والتعويض من الدول الاستعمارية
في إطار جهوده لتفعيل مبادرته لمطالبة فرنسا بالإعتذار للشعب التونسي عن عقود الاستعمار والتعويض عما ألحقته به من أضرار مادية ومعنوية قام وفد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي المشارك في اجتماعات المؤتمر الخامس للأحزاب العربية المنعقد في دمشق من 11 إلى 13 نوفمبر الجاري تحت شعار” القرار العربي المستقل” بعرض المبادرة على الأحزاب و القوى العربية المشاركة وسجل بكل اعتزاز وارتياح التجاوب الكبير الذي لقيته لدى كل الوفود ويعبر عن تثمينه لتبني المؤتمر لهذه المبادرة وحرصه على تخصيص فقرة من بيانه الختامي ل ” مطالبة القوى الاستعمارية التي سيطرت على بلداننا عقودا طويلة أخذت من تاريخنا وثرواتنا وحياة أبنائنا الكثير، الاعتذار والتعويض للأجيال الحاضرة والقادمة عما ألحقته من أضرار جسام مادية ومعنوية “. إن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ومن منطلق المسؤولية الوطنية يجدد عزمه على مزيد التقدم لتفعيل وإنجاح هذه المبادرة ويحيي كل القوى الوطنية والقومية على تفاعلها الإيجابي معها ويدعو من جديد أبناء شعبنا العربي للوقوف في وجه كل قوى الهيمنة وحلفائهم في وطننا العربي. عن الأمين العام محمد مسيليني
أكشاك تونس بلا عناوين مُعارضة بعد الاحتجاب الطوعيّ لثلاث صحف
إسماعيل دبارة خلت أكشاك تونس هذا الأسبوع من أبرز الصحف المعارضة بعد أن قرّرت كل من “الموقف” و”الطريق الجديد” و”مواطنون” الاحتجاب طوعا للاحتجاج على ما ذكرت إنها “تضييقات مستمرّة تتعرّض لها من طرف الحكومة”. وعلى الرغم من تفاجؤ المواطنين من غياب الصحف المعارضة الأشدّ انتقادا لعمل الحكومة وخياراتها ، فإنّ ردود الفعل تباينت بين أحزاب المعارضة والحكومة حول الاحتجاب ودوافعه الحقيقيّة. منعت أعداد كبيرة من الشرطة التونسيّة عقد ندوة تضامنية كان الحزب الديمقراطي التقدّمي المعارض دعا إليها مساء الجمعة 13 نوفمبر – تشرين الثاني ، للتضامن مع الصحف المعارضة الثلاث التي قرّرت الاحتجاب لأسبوع واحد احتجاجا على ما وصفته بالتضييقات التي تطالها من طرف الحكومة. ومنع الأمن العشرات من الصحافيين والحقوقيين والنشطاء السياسيين من الاقتراب من مقرّ الحزب المعارض الذي كان يعدّ لعقد اجتماع مساندة للصحف المحجوبة والصحافيين السجينين زهير مخلوف و توفيق بن بريك. وكان قرار جديد اتخذ من طرف السلطات يقضي بإشعار مديري المطابع المعنية بالامتناع عن تسليم أي نسخة من الصحف الثلاث إلى أصحاب الصحيفة. و اعتبرت صحف “الطريق الجديد” الناطقة باسم حركة التجديد اليسارية و”الموقف” الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي و”مواطنون” لسان حال من التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ، أنّ ذلك الإجراء “قد أجبر المطابع على التكفل بإيصالها رأسا إلى شركة التوزيع، ما يفتح الباب أمام التلاعب بالتوزيع واللجوء إلى الحجز المقنع”.وقرّرت الصحف خوض حملة جماعية كإنذار عام لإقناع السلطات بالتخفيف من قيودها على صحف المعارضة. “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” أدانت من جهتها ما يحدث في تونس واعتبرته “اضطهادا مستمرا لحريات التعبير والصحافة”.وذكرت الشبكة في بلاغ لها أنّ “آخر حلقات مسلسل التضييق كان صدور أوامر من وزارة الداخلية التونسية للمطابع المسؤولة عن طباعة صحف حزبية معارضة لتسليم كل النسخ المطبوعة لتلك الصحف إلى “الشركة التونسية للتوزيع”. وقال جمال عيد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إن هذا الإجراء الجديد “يشكل خطوة جديدة في الحملة الحكومية المناهضة لكل الأصوات المخالفة أو المعارضة. فالحكومة تعمل على خنق صوت أحزاب المعارضة، وطالب عيد الحكومة بـ” التوقف عن ممارستها القمعية تجاه حرية الرأي والتعبير”. السلطات التونسيّة ذكرت من جهتها أنه “لا دخل لها في أي إشكالات تخص العلاقات التعاقدية أو التجارية بين المطابع والموزعين وبعض صحف المعارضة”، وبحسب بيان لوزارة الخارجية التونسية فإنّ هذه الإشكالات إن وُجدت، تحل بين الأطراف المعنية على أساس الالتزامات القائمة بينها”. رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة “الموقف” قال في تصريحات لإيلاف إنّ ” القرار الجديد يأتي ضمن سلسلة من المكائد و التضييقات تهدف إلى خنق صحف المعارضة حتى تعجز عن الصدور وتدفع قسرا للاحتجاب”. ويضيف:” بعد حجب المعلومة أمام الصحافيين العاملين في صحافة المعارضة وعدم تمكينهم من بطاقات صحفية، وفي غياب الدعم والإشهار العمومي ، تعمد الحكومة اليوم إلى مضايقتنا في التوزيع”. وبحسب خشانة فإنّ إضراب الصحف الثلاث الحالي هو “إنذار وناقوس خطر وهو إضراب يأتي للمرة الأولى في تاريخ تونس و يعكس مدى تدهور واقع الحريات الصحفية في البلاد”. وكشف رئيس تحرير “الموقف” لإيلاف إنّ الصحف الثلاث “قد تلجأ إلى أساليب جديدة للدفاع عن حرية الإعلام وعن حقّ المواطن في المعلومة المختلفة”. وحول جدوى هذا “الاحتجاب الطوعيّ” إن كانت الحكومة ترمي فعلا إلى جعل الصحف المذكورة تحتجب قسرا يقول رشيد خشانة :”الاحتجاب سيعيد البلاد ولمدة أسبوع إلى الرأي الواحد و اللون الواحد و الصوت الواحد ، وسيتبيّن المواطن حينها الدور المهم لصحف المعارضة في نقل معلومة مخالفة عما يجري في بلاده”. الكاتب و الإعلاميّ برهان بسيّس يرى أنّ احتجاب الصحف المعارضة استنادا إلى مزاعم حول حصول تضييقات يعتبر “شكلا من أشكال المغالطات”. ويقول الصحافي المقرّب من الحكومة لإيلاف:”بعض الأطراف التي خرجت منهزمة من الانتخابات الأخيرة تحاول الالتفاف على حالة الضعف المكشوف التي بانت عليها من خلال الادعاء بأنها ضحية تضييق”. ويرى بسيّس إنه لأول مرة نستمع إلى صحف تطرح قضايا التصعيد في الاحتجاج ، ففي الوقت الذي كان من المفترض أن تنكبّ فيه هذه الصحف على البحث عن الأساليب الفضلى لتطوير أدائها و مضاعفة عدد صفحاتها والعمل على مزيد الاقتراب من القراء و توسيع قواعدها الجماهيرية ، نجدها تلجأ ومن دون مقدمات إلى مزايدات لن تؤدي سوى إلى مزيد دفعها إلى العزلة الداخلية في رهان خاسر فقط على جلب أنظار الخارج ، و تلك هي معضلة هذه الصحف و الأحزاب التي تقف خلفها”. من جهته يرى رشيد خشانة أنّ الصحف المعنية هي صحف أحزاب سياسية و بالتالي فإن الموضوع سياسيّ بطبعه ، ويقول :”لا يمكن لمن يغلق أبواب الإعلام الرسمي أمام معارضيه أن يتحدّث عن جلب أنظار الخارج ، ففي ظلّ العولمة لم يبق أمامنا غير استعمال الفضائيات والانترنت ووسائل الاتصال الدولية لمخاطبة التونسيين ،فالرأي العام التونسيّ مغلوب على أمره لكنه أثبت أنه متعطش إلى معلومة مخالفة للمعلومات الحكومة التي لا يثق فيها ، وربما إقبال المواطنين على شراء نسخة من جريدة “الموقف” بدينار وهو سعر باهظ نسبيا ، دليل على أنه يدعمنا و يتلهف لمتابعة أخبارنا وتعاليقنا ، كلها مؤشرات على اهتمام المواطنين بأوضاع الحريات والديمقراطية في تونس”. وعلى الرغم من أنّ عدة منظمات دولية تعنى بحرية الصحافة كمنظمة “مراسلون بلا حدود” و “لجنة حماية الصحافيين في نيويورك ” أدانت سجن الصّحافيين التونسيين توفيق بن بريك و زهير مخلوف ، وشجبت تراجع الحريات الصحفية في تونس ، فإنّ الإعلاميّ برهان بسيّس يرى أنّ تلك المنظمات “غير مشهود لها بالكفاءة وهي معروفة بمعاداتها للتجربة التونسية ومجافاتها للموضوعية في تقييم هذه التجربة”. ويضيف بسيّس :”لم يقل أحد إن التجربة في تونس تجربة مكتملة ، لكنها بالتأكيد ليست على الصورة التي تقدمها هذه المنظمات ، ففي تونس هنالك جهد إصلاحيّ تحاول هذه المنظمات تجاهله ، والحالات التي يتم الحديث عنها هي حالات محسوبة على الصحافة و تعتقد أن تلك الصفة ستضعها فوق القانون ، وهذا لا يعني أبدا أن المئات من الصحافيين التونسيين بمن فيهم صحافيو جرائد المعارضة يمارسون دورهم في الكتابة و التعليق بشكل حرّ دون مضايقة ، ولذلك فإنّ الرمي بالأحكام الاطلاقيّة بمثل ما تمارسه هذه المنظمات يعتبر تشويها غير موضوعيا للتجربة في تونس”. إلى ذلك، ارتفعت حدّة التراشق الإعلاميّ بين وزارة الخارجية الفرنسية والحكومة التونسية على خلفية سجن الصحافيين وتدهور مناخ الحريات ، وكان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير عبّر هذا الأسبوع عن “خيبة أمل بلاده إزاء توقيف صحافيين” وطالب تونس بـ”الإفراج فوراً عن الصحافي توفيق بن بريك “صاحب الكتابات المنتقدة للرئيس بن علي. كما انتقد الحزب الاشتراكي الفرنسي “معاملة تونس للصحافيين المستقلين”. وردّت وزارة الخارجية التونسية على كوشنير والحزب الاشتراكي الفرنسي بالقول إنها “ترفض التدخل في شؤونها مؤكدة تشبثها بسيادتها” . من جهته هاجم الرئيس بن علي خلال الخطاب الذي ألقاه الخميس الماضي بمناسبة أدائه للقسم، بشدة معارضيه واتهمهم بـ”اللجوء إلى الخارج والاستقواء بالأجنبي على حساب مصالح بلادهم ، وقال بن علي :”يخال بعض الأفراد أن الصفات التي يمنحونها لأنفسهم تتيح لهم مخالفة قوانين البلاد والإساءة إليها “. ويخشى صحافيون ومُتابعون أن يكون خطاب الرئيس التونسيّ ضد منتقديه من الإعلاميين والسياسيين مؤشرا على مزيد التضييق على عمل الأحزاب والصحافة خلال الفترة المقبلة، خصوصا مع تزامن خطاب بن علي مع حملة “هجاء وشتم” تشنها صحف مقربة من الحكومة ضدّ المعارضين والصّحافيين المستقلين بلغت حدّ وصفهم بـ” الخونة والعملاء والمرتزقة و السماسرة”. (المصدر: موقع ايلاف ( بريطانيا) بتاريخ 14 نوفمبر 2009 )
أخبار
عميد المحامين، تجريد من الصلاحيات أم من الامتيازات
يعرف قطاع المحاماة جدلا حادا إثر النزاع الحاصل مؤخرا بين مجلس هيئة المحامين وعميدهم، والذي انتهى إلى ما أسماه هذا الأخير انقلابا عليه وتجريدا لصلاحياته. وقد عرف القطاع تداولا لبلاغات مواقف واتهامات مختلفة كان آخرها الوثيقة الصادرة عن المجموعة المعروفة باسم “محامون ضد الفساد المالي”. وبالعودة إلى بلاغ عميد المحامين بشير الصيد فقد ذكر أنّه تعرض للشتم والتهديد من بعض أعضاء مجلس الهيئة وأنّه تم افتكاك دفاتر الجلسات منه وحجب عنه البريد الإداري وتسليم ذلك للكاتب العام، كما ذكر أنّه وقع منعه من السفر إلى الخارج وتمثيل الهيئة لدى الهيئات والمنظمات المهنية والحقوقية وحضور المؤتمرات إلا بإذن من أعضاء المجلس، هذا إضافة إلى بيع سيارته ومنعه من استعمال الهاتف الجوال. وقد اعتبر العميد الصيد ذلك انقلابا مخططا له على مؤسسة العمادة ومحاولة أخرى لتجريده من صلاحياته ومهامه التي خصه بها القانون. وفي ردّ على هذا البلاغ وزّع مجلس الهيئة نصّ محضر جلسة 6 نوفمبر والذي ورد فيه أنّ العميد قام بتعيين ممثل لهيئة المحامين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي دون الرجوع إلى أعضائها كما ينص على ذلك القانون. وأعلن مجلس الهيئة قرارا بمنع أي سحب من خزينة الهيئة نقدا من قبل العميد. كما قرر المجلس عدم تحمل تكلفة الهاتف الجوال الراجعة إلى العميد وبيع السيارة الموضوعة على ذمته نظرا للحالة السيئة التي أصبحت عليها. وأشار المجلس إلى أنّ بريد الهيئة هو من مهام الكاتب العام إضافة إلى مسك دفاترها، فتقرر إرجاعهما إليه. ووقع على هذا المحضر عشر أعضاء من مجلس هيئة المحامين وتغيّب عضوان إضافة إلى العميد الذي قاطع الجلسة. لكنّ مجموعة من المحامين وزعوا يوم أمس الجمعة وثيقة بعنوان “عيّنات حيّة وشواهد فساد” ذكروا فيها أنّ فاتورة الهاتف الجوال التابع للعميد هي بمعدّل ألف وخمسمائة دينار شهريا، وأنّ الاختبار أثبت أنّ سيارة العميد لم تصلح مرة واحدة وذلك تفنيدا لادعاءات إصلاحها بالملايين، حسب ما جاء في الوثيقة. وأضافت الوثيقة أنّ تلك السيارة استهلكت أكثر من 20 ألف دينار من الوقود في أقلّ من عام واحد وأنّ منحة السفر اليومية لفائدة العميد وصلت 400 دينار. وسردت الوثيقة وقائع عمّا ذكرت أنّه رشاوى تلقاها العميد لترسيم مشطوبين من المهنة، كما أشارت إلى أنّ المحامي الذي عيّنه العميد بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي هو المشرف على تمرين ابنه مقابل ألفي دينار شهريا. وجدير بالذكر أنّ الوثيقة الأخيرة حفلت بكثير من المعلومات والأرقام عن أداء عميد المحامين، وقد لاحظ أصحابها أنّهم يعدّون لعمل منهجي ينوون التوجه به للمحامين مطلع السنة المقبلة. وتبقى الأزمة الحالية مرشحة لتطورات جديدة، وقد اعتبرها العميد وأنصاره تحالفا سياسيا ضدّه متسائلين عن سرّ توقيت القرارات الأخيرة، في حين ردّ خصومه في مجلس العمادة بأنّهم ضجروا من تصرّفاته وقرروا وضع حد لها. النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تطالب بإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين
طالب المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بإطلاق سراح الصحفي توفيق بن بريك وزهير مخلوف مراسل موقع “السبيل أونلاين”. وفي هذا السياق دعا المكتب في بيان يوم الجمعة إلى الوقف الكامل للتضييقات والاعتداءات على الصحفيين وعلى عدد من صحف المعارضة التي أجبرت على الاحتجاب الأسبوع الجاري. كما طالب المكتب بإنهاء الإغلاق التعسفي لإذاعتي الانترنت “راديو 6 تونس” و “كلمة”. ونبّه المكتب التنفيذي إلى خطورة عمليات الثلب والتشويه التي تمارسها بعض “الصحف” ضد عدد من الصحفيين المستقلين ورموز المجتمع المدني والشخصيات السياسية، والتي بلغت حدّ التخوين والدعوة للقتل, وذلك في ظل حصانة كاملة من التتبع. وشدّد المكتب على أنّ الوطنية قاسم مشترك بين جميع التونسيين، لا مجال لاحتكاره أو المزايدة به وأنّ الحق في التعبير الحر عن الرأي لا مجال للنيل منه أو التنازل عنه، وفق عبارة البيان. البوليس السياسي يمنع حضور ندوة تضامنية مع المعتقلين بن بريك ومخلوف منعت قوات البوليس السياسي بعد ظهر الجمعة 13 نوفمبر الجاري وصول صحافيين وحقوقين وسياسيين كانوا قد توجهوا للمشاركة في ندوة تضامنية بالمقر المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي وأسبوعية الموقف مع الصحفيين المعتقلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف ومع صحف المعارضة المحتجبة هذا الأسبوع. ولم يقدم المسؤولون الأمنيّون الذين أشرفوا على عملية المنع أي تبرير لتصرفهم ولم يسمحوا سوى لأعضاء الحزب الديمقراطي التقدمي بدخول مقرهم، متعللين بالتعليمات. وقد أغلقت منذ صباح الجمعة مداخل الشوارع المؤدية إلى المقر المذكور وسط العاصمة. طالب مفقود والسلطات تنفي معرفتها بمكانه أفادت عائلة الطالب وليد حسني (22 سنة) في اتصال براديو كلمة أن ابنها المرسم بالسنة الثالثة بكلية الطبّ بتونس، قد اختفى منذ نحو شهر ونصف دون أي أخبار عنه، رغم العريضة المقدمة لوكيل الجمهورية بمحكمة بنعروس يوم 7 أكتوبر والاتصال بمكتبه بوم 12 نوفمبر. و أكّدت عائلة هذا الطالب أنّه ليست له أيّ اهتمامات سياسيّة وأنه معروف بتديّنه، وحين سعت العائلة للبحث عنه نفت السلطات معرفتها بمكانه رغم أنّ مسؤولا رفضت العائلة الإفصاح عن هويته أكّد لها أنّ الطالب موقوف لدى الأمن. مدارس ابتدائية دون تجهيزات ومجموعات صحية أفاد عدد من المدرسين بعدد من المدارس الابتدائية بمدن ولاية جندوبة وأريافها بأنّ مؤسساتهم تفتقر إلى المجموعات الصحية المفروض توفيرها للمعلمين كبيوت الراحة والماء الصالح للشراب وقاعات الاجتماعات وغيرها. وأضاف عدد من المعلمين بأنّ مديري المدارس يحتفظون بالآلات الناسخة بمكاتبهم وكثيرا ما يكون هؤلاء متغيّبين عند الحاجة إليها ممّا قد يعطل بعض الدروس. أما معدات الإعلامية فاغلبها معطل إن وجدت، على حد تعبير البعض منهم. القيروان : وفاة تلميذة بالحصة الرياضية توقف أساتذة المدرسة الإعدادية “الحصري” بالقيروان صباح يوم الجمعة 13 نوفمبر عن العمل لمدة ساعتين إثر وفاة التلميذة مروى الهلالي التي وافاها الأجل أثناء حصة الرياضة . وقالت مصادر نقابية في تصريح لراديو كلمة إن حلة الوفاة كانت عادية وان التوقف عن الدراسة كان بسبب الصدمة التي خلفها الحادث داخل المؤسسة.
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2009)
قافلة «أميال من الابتسامات» تغادر غزة بعد تسليم معدات وأجهزة طبية
2009-11-14 غزة -DPA غادر وفد قافلة «أميال من الابتسامات» الأوروبية قطاع غزة ظهر أمس الجمعة, بعد 24 ساعة من زيارة القطاع وتسليم معدات وأجهزة طبية. وسيغادر الوفد القطاع عبر معبر رفح البري مع مصر التي سمحت بدخولها عبر دفعتين لنقل ما تحمله من مساعدات لسكان غزة المحاصرين منذ عامين ونصف العام. وسلمت القافلة أمس الأول الخميس المعدات والأجهزة الطبية التي حملها أعضاء الوفد إلى وزارة الصحة في حكومة حركة حماس المقالة بمقر مستشفى الشفاء في غزة, وسط حضور رسمي وشعبي. وأكد أحمد الكرد وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة المقالة أن القافلة نجحت في الوصول إلى غزة بعد معاناة طويلة, مشيرا إلى أنها سلمت الأجهزة والمعدات الطبية وخاصة الأجهزة المساعدة للمعاقين إلى الجهات المختصة. وذكر الكرد أن القافلة حملت 220 كرسيا كهربائيا متحركا لمن فقدوا أطرافهم نتيجة الحرب, لافتاً إلى أنه سيتم توزيعها على مستحقيها من خلال لجنة متخصصة. ومن جانبه أكد عصام يونس منسق الحملة أن الهدف من الحملة إدخال البسمة على قلوب الجرحى والمعاقين جراء الهجوم الإسرائيلي الأخير على القطاع, مشيراً إلى أن 93 سيارة دخلت القطاع من أصل 102, ولم تسمح السلطات المصرية بإدخال عدد من السيارات بسبب عدم استجابتها للشروط, وتم التبرع بها للهلال الأحمر المصري. وأوضح يونس أن القافلة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ما دام الشعب الفلسطيني بحاجة إلى مثل هذه المساعدات, مؤكداً الإصرار على إدخال قافلة أخرى إلى الضفة الغربية التي يحتاج سكانها المساعدة بدورهم. وشدد على أن هذه المساعدات ليست مقدمة لأية جهة سياسية, بل إنها هدية للشعب الفلسطيني. وقال: «نحن لا نقف إلى جانب أي طرف سياسي، ونأمل أن تصل هذه المساعدات إلى مستحقيها». وكانت قافلة أميال من الابتسامات التي تنظمها منظمة «شركاء من أجل السلام والتنمية» بالتعاون مع اللجنة الدولية لفك الحصار, التي يرأسها سليم الحص رئيس الوزراء اللبناني الأسبق, بدأت دخول قطاع غزة ليلة الأربعاء الماضي عبر معبر رفح البري بعد انتظار دام أكثر من 25 يوما على الجانب المصري. وتفقد أعضاء القافلة صباح اليوم وأمس المناطق المدمرة في عزبة عبد ربه شمال القطاع ومقر الجامعة الإسلامية في غزة والتقوا أعضاء المجلس التشريعي عن كتلة حماس البرلمانية. كما اجتمع أعضاء القافلة مع إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة في غزة، الذي شكرهم على نقلهم مساعدات لسكان القطاع، وأشاد بقوافل التضامن الأوروبية والعربية، مطالباً برفع الحصار الإسرائيلي. (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة
الجمعة 13 نوفمبر 2009 العدد السابع – السنة الرابعة –
محاكمات في الأفــق …. و تحركات منتظرة في المؤسسات الجامعية : بعد المداهمات و الإقتحامات للمبيتات و الكليات التي أعقبت ” الإنتخابات ” انتقلت السلطة إلى طور تنظيم المحاكمات للطلبة و خاصة النقابيين منهم …. و كانت البداية بمحاكمة الطالب محمد السوداني الذي نال 4 أشهر سجنا أما المحاكمة التالية فسيمثل خلالها 14 طالب على المحكمة الإبتدائية بتونس يوم الإثنين 30 نوفمبر 2009 بتهم ” تعطيل حرية الشغل و إحداث الهرج و التشويش ” و هؤلاء الطلبة تم اعتقالهم أثناء اقتحام مبيت منوبة أين كانت تعتصم مجموعة من الطالبات يطالبن بحقهن في السكن … و قد تعرض الطلبة الموقوفين إلى التعنيف و المعاملة القاسية أثناء استنطاقهم في إقليم الحرس بحي التحرير … السجن 4 أشهر للطالب محمد السوداني : بعد انقطاع أخباره على مدى أسبوعين أعلن عن الحكم على الطالب محمد السوداني بــ 4 أشهر سجنا نافذة بتهم كيدية تتعلق بــ ” السكر و التشويش في الطريق العام و الإعتداء على الأخلاق الحميدة ” و كان محمد السوداني قد أدلى عشية الإنتخابات بحديث لمبعوثة إحدى الإذاعات الفرنسية حول واقع الجامعة و الحركة الطلابية و ما يتعرض له هو شخصيا من مضايقات مستمرة … تحركات مكثفة في العديد من الأجزاء الجامعية احتجاجا على المداهمات و الإعتقالات : شهدت العديد من المؤسسات الجامعية خلال الأيام الفارطة تحركات مكثفة احتجاجا على مداهمات البوليس و الإعتقالات و الملاحقات التي طالت عناصر و قياديي الإتحاد العام لطلبة تونس …. و بدعوة من المكاتب الفيدرالية للإتحاد انتظمت العديد من الإجتماعات العامة في كل من كلية الآداب بسوسة و كلية الحقوق بصفاقس و معهد اللغات بتونس و كلية 9 أفريل بتونس …. صفاقس : تحركات في كلية الآداب ….. مساندة لزملائهم المعتقلين و الملاحقين قضائيا على إثر التحركات التي حصلت بمبيت منوبة قام طلبة كلية الآداب و العلوم الإنسانية بصفاقس يوم الثلاثاء 10 نوفمبر 2009 بتنظيم اجتماع عام تحدث فيه الخطباء عن الهجمة البوليسية الشرسة التي تتعرض لها العديد من المؤسسات الجامعية و الملاحقات التي تطال المناضلين النقابيين …. و في ختام التحرك اعتصم الطلبة أمام مركز الأمن الجامعي بالكلية رافعين الشعارات المنددة بالقمع البوليسي بوسالم : اعتداء مدير معهد على أستاذة …. توقف أساتذة المؤسسات التعليمية بمدينة بوسالم عن العمل يوم الخميس 12 نوفمبر 2009 بعد أن قام مدير معهد ” شارع البيئة ” الثانوي بالإعتداء على أستاذة … و لم يكتف المدير المعتدي بذلك بل قام أمام جمع الأساتذة المحتجين بتشويه سمعة الأستاذة المذكورة مما زاد في حنق زملائها و احتجاجهم …. حقا إن هذا الموسم هو موسم ” الطرايح ” …. طرايح للإعلاميين و للحقوقيين و للسياسيين و للمحامين و ها أن المربين يلتحقون بالقافلة …. أما الطلبة فإن مسلسل ” الطرايح ” لديهم لم يتوقف منذ 1956 بداية بالزيتونيين ثم اليساريين و مرورا بالقوميين و البعثيين و الإسلاميين …. التعليم الثانوي : لأول مرة الأسبوع المغلق الثالث في شهر جوان : حددت وزارة التربية تاريخ الأسبوع المغلق بالنسبة للثلاثي الثالث في الفترة من يوم الإثنين 31 ماي 2010 إلى يوم السبت 5 جوان … و بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا فيكون الأسبوع المغلق ( الباكالوريا البيضاء ) أيام 12 و 13 و 14 و 17 و 18 و 19 ماي انفلونزا الخنازير : هل بدأ الوباء بالإنتشار ؟ بعد تسجيل عشرات الإصابات بانفلونزا الخنازير في معاهد صفاقس و نابل و تونس الكبرى و غلق معهد ” قوستان – فلوبير ” و المدرسة الإبتدائية ” بول فرينال ” التابعين للبعثة الثقافية الفرنسية بسبب تفشي المرض في صفوف التلاميذ هل بدأ الوباء بالإنتشار و لماذا تتكتم وزارتا التربية و التعليم العالي عن الحالات المسجلة و لا يتم الإعلام بها إلا لاحقا في حين أن التلاميذ و الطلبة و الأولياء في حاجة إلى معرفة الحقيقة في الأوان خاصة و أن العدوى تتم بسرعة كبيرة من خلال الإقتراب من الأشخاص المصابين أو مصافحتهم من ناحية أخرى ترجح الدوائر المسؤولة الأوروبية بأن تبلغ نسبة الإصابة بإنفلونزا الخنازير في أوروبا الــ 20 في المائة أي أكثر من 150 مليون شخص وهو ما يؤكد بأن بلادنا لن تكون بمنأى عن هذا الوباء باعتبار العلاقات المفتوحة بين تونس و القارة الأوروبية و التنقل الكثيف بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط صفاقس : إصابة عميد إحدى الكليات بإنفلونزا الخنازير : أثناء قيامه بزيارة إلى ألمانيا خلال المدة الأخيرة أصيب عميد إحدى الكليات بمدينة صفاقس بإنفلونزا الخنازير و قد ظهرت عليه أعراض المرض بالرغم من أن الزيارة لم تدم طويلا و قد اتخذت الإجراءات الضرورية حتى لا تحصل العدوى إلى بقية الطاقم الإداري في الكلية …. جامعة المنار : ندوة يحضرها 3 طلبة فقط …. نظمت جامعة المنار يوم السبت 31 أكتوبر 2009 بالتنسيق مع الأسقفية بتونس ندوة حول ” الحوار الإسلامي المسيحي ” و قد ألقى الكردينال جان لويس توران وهو أستاذ جامعي بباريس محاضرة حول الموضوع المذكور …. و الطريف في الأمر أن الندوة لم يحضرها سوى ثلاثة طلبة وهي ليست حالة شاذة فالندوات الفكرية – على قلتها – لم تعد تستهوي الطلبة … لأن التصحر الثقافي و الفكري و السياسي فعل مفعوله وهو النتيجة المنطقية لهذا الوضع البائس أما المزود فهو يعيش أحلى أيامه…. المـــدن الجامعيــة في أرقـــــــام : ارتفع عدد الطلبة خلال السنة الجامعية 2008 – 2009 إلى 360172 طالب موزعين على 32 مدينة جامعية في كامل أنحاء البلاد مع الملاحظة بأن العدد ارتفع بصفة بارزة في المدن الجامعية الداخلية ( قفصة – القيروان – الكاف – … ) في حين انخفضت نسبة الطلبة الدارسين بتونس الكبرى إلى 38,23 في المائة من مجموع الطلبة و ينتظر أن تستقر هذه النسبة في حدود 30 في المائة خلال السنة الجامعية 2015 – 2016 عندما يبدأ عدد الطلبة في الإنخفاض …. و يتوزع الطلبة على المدن الجامعية الــ 32 على النحو التالي : 1 – تونـــــــــس : 137695 2- صفاقــــــــس : 45706 3 – سوســـــــــة : 33752 4 – قابـــــــــس : 21997 5 – المنستيــــر : 20598 6 – قفصــــــــة : 16655 7 – القيـــروان : 16223 8 – نابــــــــــــل : 11140 9 – جندوبـــــــة : 9805 10 – بنـــــزرت : 9137 11- المهديـــــة : 8659 12 – الكــــــاف : 6108 13 – باجـــــــــــــة : 2161 14 – مدنيـــــــــــن : 2091 15 – المكنيــــــــن : 1769 16 – حمام سوسة : 1660 17 – زغــــــــوان : 1438 18 – سليانـــــــــة : 1437 19- القصريــــــن : 1403 20 – جربـــــــــــة : 1273 21 – ماطـــــــــــر : 1247 22 – شط مريـــــم : 1141 23 – قصر هـــلال : 1060 24 – تـــــــــــوزر : 1024 25 – سيدي ثابـت : 876 26 – قبلــــــــــــي : 807 27 – مجاز البــاب : 738 28 – سبيطلـــــــة : 700 29 – سيدي بوزيد : 622 30 – تطاويــــــــن : 618 31 – مقـــــــــــرن : 485 32 – طبرقــــــــــة : 147 و في الختام : ” إن المثقف العربي المسلم الغيور على تاريخه و حضارته و هويته و عقيدته ينبغي أن يستشعر المسؤولية عموديا و أفقيا بأن يلعب دوره جيدا في التصدي لهؤلاء و من يقف وراءهم و ذلك بالفكرة الحية و القلم النابض و اللسان الفصيح و الحجة الدامغة و الأساليب المعاصرة مخاطبا العقول و القلوب و الضمائر حتى تستيقظ و الحواس حتى تحسن الفرز و الإنتقاء ” منتصر حمادة صحيفة ” القدس العربي ”
تونس: بداية انتشار محلي لإنفلونزا الخنازير
تونس – محمد الحمروني قررت الجهات القائمة على سفارة فرنسا بتونس تعليق الدروس بمعهد «كايو» الواقع بجهة المرسى (20 كلم شرق العاصمة) لمدة أسبوع بسبب اكتشاف عدد من الإصابات بإنفلونزا الخنازير في 3 فصول بالمعهد المذكور وفق ما ذكرت آخر التقارير المتابعة لتطور انتشار المرض بالبلاد. ويدرس بالمعهد -التابع للبعثة الثقافية الفرنسية ويعتمد نظام تدريس فرنسي بالكامل- عدد من أبناء البعثات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدين في تونس، إضافة إلى أبناء العائلات الثرية والمسؤولين الكبار في الحكومة التونسية. وذكر التقرير الأسبوعي لخلية اليقظة الجهوية المكلفة بمراقبة تطور المرض بجهة تونس الكبرى التي تضم العاصمة، وتعتبر مركز الثقل السكاني الأبرز في البلاد، أن الجهات الصحية سجلت 44 إصابة جديدة، وهي النسبة الأعلى من الإصابة بالمرض التي تسجلها تونس منذ بداية انتشاره بالبلاد. وكانت نسق الإصابة بالـ (H1N1 ) قد شهد ارتفاعا ملحوظا مع بداية الخريف وبداية موسم الإصابة بالإنفلونزا، وشهد الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر أعلى نسبة من الإصابة بالمرض بـ 49 إصابة مقارنة بـ 42 في سبتمبر و31 في أغسطس و15 في يوليو، وسجل أكبر عدد من الإصابات خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر بـ 35 إصابة. وبلغ العدد الإجمالي للإصابات المؤكدة والمصرح بها حتى الآن نحو 160 إصابة أثبتت التحاليل أنها إيجابية. وتوزعت الإصابات على الشريحة العمرية من سنة إلى 67 سنة، ويعتبر متوسط أعمار المصابين 20 سنة، وتتركز النسبة الكبرى من الإصابات (52 إصابة) على الشريحة العمرية بين 5 و 18 سنة. أما على المستوى التوزيع الجغرافي للإصابات، فتحتل محافظة تونس المرتبة الأولى بـ 61 إصابة، تليها أريانة، فصفاقس، فيما تحتل ولايات سيدي بوزيد وزغوان والقصرين المراتب الأخيرة بإصابتين في كل منها. وتشير الإحصاءات إلى أن 114 إصابة يحمل أصحابها الجنسية التونسية، وهو ما يمثل %81 من مجمل الإصابات، بينما يحمل 11 مصابا الجنسية الفرنسية ( %8) وسويديان. وعن البلدان مصدر الإصابة بالمرض، احتلت تونس المرتبة الأولى بـ %51 من عدد الإصابات تليها اسبانيا بـ % 13وفرنسا %10. وبحسب التقرير، تشهد تونس بداية انتشار (محلي) محدود للفيروس، ذلك أن من ضمن 141 إصابة تم تسجيلها بتونس، 15 فقط منها لها علاقة بالإصابات المسجلة خارج البلد، مقارنة بعدد من الإصابات التي سجلت (محليا) ومنها 9 إصابات بتونس ومثلها بأريانة، بينما سجلت مدينة صفاقس (العاصمة الاقتصادية للبلاد) أول إصابة جماعية بالمرض، حيث أصيب 11 شخصا (10 تلاميذ وأستاذهم) كانوا في رحلة إلى اسبانيا في الفترة ما بين 17 و24 أكتوبر الماضي في إطار تبادل ثقافي بين تونس وإسبانيا. يذكر أن غلق معهد «كارنوا» هو الثاني من نوعه خلال الأسبوع الأخير بعد غلق مؤسسة تعليمية فرنسية هي مدرسة «بول فيرنال» الابتدائية بسبب تعدد الإصابات في صفوف تلاميذها. كما أغلقت السلطات التونسية في وقت سابق بعض الأقسام بمدرسة «منديس فرانس» المتواجدة بالعاصمة، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول الكيفية التي يجب أن تتعامل بها السلطة التونسية مع المؤسسات الأجنبية العاملة في تونس للحفاظ على صحة مواطنيها، خاصة أنها قررت في وقت سابق من هذا العام إلغاء موسم الحج بالنسبة للتونسيين خشية إصابتهم بالمرض، وهو ما أثار في حينه انتقادات واسعة بلغت حد وصف إحدى الصحف التونسية القرار بالخطيئة الكبرى وطالبت بضرورة التراجع عنه. (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر ) بتاريخ 14 نوفمبر 2009)
عدد من المنظمات الوطنية تعرب عن اعتزازها بمضامين خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة أداء اليمين الدستورية
قرطاج (وات) أعرب الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عن اعتزازه بما ورد في الخطاب المرجعي للرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة تأدية اليمين الدستورية من تمسك ثابت باستقلال تونس وسيادتها وحرية قرارها وحرص راسخ على أن يعيش التونسي امنا مطمئنا كريما عزيزا في وطنه. وثمنت المنظمة في برقية الى رئيس الدولة بما يحدو سيادته من عزم دائم على اثراء المسار الديمقراطي التعددي وتكريس ثوابت دولة القانون والمؤسسات ومبادئ الحرية والعدل وحقوق الانسان وقيم الحوار والوفاق والوئام. وأكبر باعثو البرقية من اطارات الاتحاد وهياكله ومنظوريه ما تنعم به تونس في عهد التغيير من نماء وأمان واستقرار مجددين التعبير عن انخراطهم الكامل في البرنامج الرئاسي “معا لرفع التحديات” والتزامهم المطلق بالدفاع عن حرمة الوطن وصيانة مكاسب التغيير. كماعبر عدد من المنظمات التونسية في برقيات الى رئيس الجمهورية عن مشاعر الاعتزاز بما تضمنه خطاب سيادة الرئيس من أبعاد تهدف الى تعميق الوعي بالثوابت الوطنية وتنمية روح المواطنة والولاء لتونس والالتزام الكامل بالذود عن قداسة الوطن وحرمته والتمسك باستقلاله وسيادته وحرية قراره. وفي هذا الاطار أكبرت المنظمة التونسية للامهات جملة القرارات الرئاسية الواردة في الخطاب والتي شملت مختلف القطاعات والفئات داخل الوطن وخارجه مجددة العزم على الاسهام في الحفاظ على قيم التضامن والاعتدال والتسامح وعلى التصدي لكل من يحاول الاساءة لتونس الامن والاستقرار. وثمنت المنظمة التونسية للتربية والاسرة من ناحيتها ما حمله خطاب رئيس الجمهورية من تقدير للسلطة التشريعية بغرفتيها ومن دعم للاحزاب السياسية وللنخب التونسية والشباب والمرأة مبرزة الرعاية الرئاسية المتواصلة للمجتمع المدني ومؤكدة العزم على الانخراط الفاعل في تجسيم أهداف البرنامج الانتخابي للخماسية القادمة وتعبئة الطاقات ذودا عن تونس وحماية لمكاسبها ودفاعا عن قرارها المستقل. وبين الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي في برقيته أن خطاب سيادة الرئيس يوم الخميس كان علامة مضيئة في مسيرة الاصلاح والتحديث واتخاذ القرارات الجريئة التي تلبي طموحات الشعب وتكرس ثوابت التغيير وتجسم اهداف البرنامج الانتخابي “معا لرفع التحديات” حتى يعيش التونسي امنا مطمئنا كريما عزيزا. من ناحيته أكد المجلس الاستشاري للمقاومين وكبار المناضلين مشاعر الوفاء الكامل للرئيس زين العابدين بن علي والتزامه بالوقوف في طليعة قوى المجتمع المدني سدا منيعا من أجل الحفاظ على مكاسب الاستقلال الذي ضحى من أجله الشهداء البررة والزعماء الأفذاذ. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
مناضلون وشخصيات وطنية: “الإعتذار الفرنسي عن الاستعمار ضروري.. والتعويضات حق”
تونس/الصباح – ارتفعت أصوات الطبقة السياسية والمثقفة وقدماء المناضلين في تونس مؤخرا مطالبة بحق التعويض والاعتذار عن سنوات الاستعمار. 75 سنة قضاها المستعمر الفرنسي على صدور التونسيين نهب خبراته وسلب حريته وافتك منه سيادته على وطنه. عقود وسنوات لم ينسها التونسيون، كما لم تمح من ذاكرة الليبيين الذين تحصلوا على اعتذار رسمي وتعويضات من ايطاليا بعد دهر من المطالبة بها، ولم يتجاوزها أيضا الجزائريون الذين يطالبون منذ عهد باعتذار رسمي (وتعويض) من فرنسا لعله يعيد الاعتبار لشعب فقد مليونا ونصف شهيد، راحوا ضحايا تلك الفترة السوداء. «الصباح» توجهت بسؤال إلى عدد من الشخصيات السياسية والمثقفة التونسية عن أحقية المطالبة بالتعويضات أو الاعتذار من المستعمر الفرنسي. إعداد: سفيان رجب وأيمن الزمالي علي المعاوية (مناضل) “لا بد من وضع اليد في اليد بين التونسيين والجزائريين للمطالبة بتعويضات عن الاستعمار الفرنسي” «إن ظهور مطالبات بالتعويض عن الحقبات الاستعمارية في بعض الدول التي خضعت للاستعمار ومن بينها ليبيا ثم الجزائر وأخيرا بعض المطالبات في تونس،تعد أمرا مشروعا وحقا لا يمكن أن نطالب به باحتشام بل بكل جدية. لقد مرت دول شمال إفريقيا ومن بينها تونس بفترات عسيرة وصعبة في مرحلة الاستعمار التي شهدت سقوط آلاف الضحايا ونهب لخيرات البلاد وأضرار مادية ومعنوية للبلاد والعباد.لقد تحمل الشعب التونسي فترة عسيرة ناضل خلالها من أجل التحرير وفقد فيها الآلاف من أبنائه.ولا بد من وضع اليد في اليد بين التونسيين والجزائريين خاصة للمطالبة بتعويضات عن الاستعمار الفرنسي الذي عانى منه الشعبان كثيرا واختلطت دماؤهما في ساقية سيدي يوسف وفي غيرها من المناطق.فلا يجوز أن تمتص دولة ما خيرات دولة أخرى وشعب آخر ولا يجوز أن تقتل هذه الدولة أبناء دولة أخرى من أجل تحقيق مطامعها ثم تكتف بشعارات الصداقة والأخوة في محاولة لطمس الماضي وطمس جرائم ضد الإنسانية. ان التضامن التونسي الجزائري في هذا المطلب أكيد وسيكون موقفا تاريخيا لو تمسكا بحقهما وحق شعبيهما في التعويض المادي والمعنوي». سعيد بحيرة (كاتب عام جمعية الدراسات الدولية) “الشعوب اليوم بدأت تراجع الحقبة الاستعمارية وما جرى فيها” «لا ينكر أي كان أن الاستعمار ألحق أضرارا فادحة مادية ومعنوية ببعض الدول التي خضعت للاحتلال وخضعت شعوبها للقتل والتعذيب وخضعت خيراتها للنهب.ولا يمكن للحقبة الاستعمارية أن تمحوها الأيام ولا مرور الزمن .ومن حق جميع التونسيين اليوم أن يعرفوا ما جرى في تلك الفترة الاستعمارية وما تعرض له أبناء هذا الشعب من تقتيل وتعذيب واعتقال ونفي ونهب لخيراتهم وممتلكاتهم. والأجيال الحالية والقادمة يجب أن تعرف ما حصل للأجيال السابقة وما حصل في تونس الأبية التي تعرضت للاستعمار والاحتلال الفرنسي. ورغم أن الاستعمار حاول أن يفضي على ماضيه شيئا من الايجابية عندما حاول تمرير قانون يغلف الاستعمار بالطابع الايجابي وحاول أن يقنع الأجيال الحالية بمزايا الاستعمار، فان ذلك لن يمر فالشعوب اليوم بدأت تراجع الحقبة الاستعمارية وما جرى فيها وبدأت تتأكد من أن الاستعمار عرقل نموها وتصوراتها وبرامجها ومن حقها اليوم المطالبة بالتعويض عن تلك المرحلة السوداء ومن حق التونسيين أن يتفاعلوا مع هذا التوجه الذي سارت فيه ليبيا وأخذت حقها وتسير فيه الجزائر بإلحاح». محمد العيد الأدب (محام) “ومن غير الممكن أن تمر 75 سنة من الاحتلال دون اعتراف بالمسؤولية” «مما لا شك فيه أن الشعب التونسي مثله مثل الشعب الجزائري كغيرهم من الشعوب التي تعرضت للاستعمار والاحتلال، من حقه أن يطالب بحقه في التعويض عن مآس عاشها أجداده وآباءه والبعض ممن لا يزالون يعايشون هذه الاجيال. فمن الناحية القانونية المطالبة بالتعويضات حق مشروع تضمنه القوانين الدولية.ومن غير الممكن أن تمر أكثر من 75 سنة من الاحتلال دون اعتراف بالمسؤولية عن القتل والاغتيالات والنفي والسجون ونهب الخيرات من فسفاط الجنوب وحديد الشمال… أضرار جسيمة لحقت بالتونسيين من جميع النواحي ولا بد لنا كتونسيين من المطالبة بحقنا في التعويض مثلما طالب الغرب بحقه في التعويض من ألمانيا النازية ونال هذا الحق.فالقانون ينطبق على الجميع وألمانيا حملوها مسؤولياتها وطالبوها بالاعتذار والتعويض ومن حقنا كذلك كتونسيين وجزائريين وليبيين وغيرنا من الدول والشعوب التي تعرضت للاستعمار في المطالبة بحقوقها….وهو حق لن ينازعنا فيه أي كان ويجب أن تمثل فرنسا وغيرها من الدول الاستعمارية الى القانون وهي المعروفة بدولة القانون وحقوق الانسان». أحمد الغندور (نائب في البرلمان عن حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي) “سـنُـفـعّـل مطلب الاعتذار الرسمي والتعويض” مطلب الاعتذار الرسمي والتعويض عن سنوات الاستعمار كان ضمن برنامج حزبنا للانتخابات التي شهدتها البلاد مؤخرا. ونحن نفعل هذا الموضوع بنيتنا في بعث مذكرة لسفارة فرنسا نطالب فيها رسميا بالاعتذار الرسمي والتعويض عن سنوات الاستعمار. وسنشارك في الأيام القليلة القادمة في ملتقى مغاربي سيعقد في المغرب الأقصى يطرح هذه القضية. ومن ناحية أخرى نحن نرفض كل أشكال الاستقواء بالخارج والتدخل السافر في الشؤون الوطنية ونحذر كل من ينتهج هذا الطريق من الاستعمار الذي يمكن أن يكون بأشكال عدة، ويكفي أن نذكرهم بما حصل للعراق حتى ينسوا الوجه الآخر لـ«الساهرين على الحرية والناشرين للديمقراطية»!! نوفل الزيادي (ناشط سياسي) الاعتذار ضروري والتعويضات حق الاعتذار ضروري والتعويضات حق للشعب التونسي كما لكل الشعوب المتضررة من الاستعمار. وفي ما يتعلق بالتدخل الاجنبي وبكل اشكال الاستعمار فنحن نقف ضدها جملة وتفصيلا، واعتقد ان اليسار ومنذ سنوات حضوره الاولي في الساحة السياسية الوطنية وقف ضد كل اشكال التدخل في الشؤون الوطنية، واعتبر الالتجاء الى السفارات او المؤسسات الحكومية الاجنبية انما يصنف في خانة الاعتداء على استقلالية البلاء وضربا لتضحيات اجيال من الوطنيين الذين سهروا على تحقيق استقلال البلاد، واذا كانت النية الديمقراطية، فان الديمقراطية هي مسؤولية وطنية لا يمكن تحقيقها دون استقلالية. وفيما يتعلق بتصريحات مسؤولين غربيين، فرنسيين تحديدا فانه كان من الاجدر بهم ان يمكنوا المهاجرين الذين يعيشون في بلادهم من حقهم في المواطنة في هذه البلاد واعطائهم الحق في المشاركة السياسية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية… واعتقد ان عدم تمكينهم من حقوقهم يعد نوعا آخر من الاعتداء الصارخ على الشعوب التي ينتمي لها هؤلاء وهو ضرب للديمقراطية في جوهرها. محمد أنيس الأرياني (عضو في مجلس النواب عن الحزب الاجتماعي التحرري) “من الطبيعي ان تطالب الشعوب جلاديها القدامى بتجريم الاستعمار” نعتبر انه من حق الشعب التونسي والشعوب العربية والافريقية ان تطالب الدول الغربية باعتذار رسمي حول الحقبة الاستعمارية والجرائم المرتكبة في حق هذه الشعوب خاصة وانها وقائع مثبتة تاريخيا ومن الطبيعي ان تطالب الشعوب جلاديها القدامى بتجريم الاستعمار باعتباره تعد على حرية الشعوب وكرامتها. ونحن ننبذ اي شكل من اشكال التدخل الاجنبي والاستقواء بالخارج والاحزاب ليست بديلة عن الوطن بمعنى ان الانتماء السياسي مهما كان لا يأتي قبل المصلحة الوطنية. وعن كيفية التعامل مع الماضي يجب التعامل معه بعقلانية والاهم اليوم، بدل التعويضات البحث عن علاقات متكافئة ومطالبة الذين يريدون اعطاء دروس في الديمقراطية والحرية تطبيق ذلك في بلدانهم أولا!! (المصدر: “الصباح” (يومية – تونس) بتاريخ 14 نوفمبر 2009)
منــــــــــذر ثـــــابت لـ «الشــــــروق»: التشكيك في التجربة الديمقراطية محاولة لإجهاضها
تونس ـ «الشروق»: في إطار متابعة تحوّلات ومستجدات المشهد السياسي الوطني غداة انتخابات 25 أكتوبر والاحتفال بالذكرى 22 لحدث 7 نوفمبر 1987، التقت «الشروق» بالسيد منذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري الّذي قدّم قراءة مستفيضة لعدد من الملفات والمسائل المرتبطة بنسق الإصلاح السياسي في تونس ودلالات التشكيكات الّتي تصرّ بعض الدوائر الغربية على التمسّك بها ، هذا بالإضافة إلى الآفاق المفتوحة أمام التجربة التعددية في تونس في ضوء المقارنة مع تجارب أخرى وأحقية الشعب التونسي بصياغة تجربته المخصوصة ورفض الائتمار بتعليمات خارجية والارتهان لوصفات من خارج إرادة الشعب ومنطق التطور الحاصل في البلاد وخصوصيّة اللحظة التاريخية وطبيعة تشكّل الإصلاحات وعملية الانتقال الديمقراطي السلمي والهادئ. أجرى الحديث: خالد الحداد ما قراءتكم لمسار الإصلاح السياسي والتعددي في تونس؟ ـ لقد أكدنا خلال الحملة الانتخابية الأخيرة وعبر البيان الانتخابي الذي أصدرناه بالمناسبة أن بلادنا تعيش اليوم حالة تعددية متقدمة أفرزتها سلسلة الإصلاحات التي أنجزها الرئيس بن علي وهي إصلاحات جعلت من الاختلاف والتنوع سياسيا وإيديولوجيا حالة ناجزة لا تقبل الإنكار أو التشكيك وكانت المحطات الانتخابية منذ سنة 1994 مناسبات أبرزت ثراء المشهد السياسي الوطني الذي لم يكن قد شهد عملية المأسسة الراهنة خلال العهد السابق ومن الضروري منهجيا أن يقارب الوضع السياسي الراهن في بلادنا من خلال مفهوم التحول الديمقراطي بما يعنيه « المرحلة الانتقالية» وهي مقولة شددنا عليها في طروحاتنا كحزب اجتماعي تحرري ولم تستوعبها أطراف أخرى راوحت بين عدمية المقاربات القصوية ومثالية من يقول باكتمال المشروع وبين هذا وذاك يقف الحزب الاجتماعي التحرري مؤكدا على أن المرحلة الانتقالية تتميز بصراع ملحوظ بين اتجاهين :اتجاه الماضي المقاوم للإصلاح واتجاه المستقبل الساعي إلى التجذر في الحاضر وأكدنا من هذه الزاوية على الدور التاريخي الذي يؤديه باقتدار الرئيس بن علي من جهة كونه جعل هذا التقاطب في سياق سلمي منتج ومن حيث أنه أنجز عملية تطهير تدريجيا وسلميا للمرحلة الراهنة من لواحق الماضي ويختزل هذا التمشي في ذلك الدعم المتواصل للأحزاب السياسية الوطنية وقطعه لجسور العودة إلى نظام الحزب الحاكم عبر منظومة من التشريعات المتكاملة على الرغم من تأزم الحركة الديمقراطية وتفكك عناصرها.لهذا الاعتبار كنا ولا نزال من مسانديه لأننا نعتبر أن المرحلة الراهنة هي بلا منازع مرحلة التأسيس لبنية تحتية لنظام ديمقراطي متطور. لكن برغم ما حقّقته التجربة التونسية في مجال الحريات وحقوق الإنسان والتعددية ما تزال بعض الأصوات تنتقد هذا المسار الإصلاحي المرحلي والمتدرّج..في أيّ خانة تضعون مثل هذه الأصوات؟ ـ من الواضح لدينا أن بعض الجهات الغربية لم تستوعب التحولات التي شهدها الفكر السياسي العالمي من حيث مساحة الانفتاح التي حققها ودرجات التنوع التي استوعبها ويبدو أن هؤلاء يواصلون التشبث ببنية ايديولوجية تبشيرية بعيدة كل البعد عن مقولة نسبية التجارب الإنسانية فالديمقراطية نظام عقلاني له شروط موضوعية لا تحقق نهائيا بقدر ما تطرح في كل مرحلة تجدد رهانات إعادة إنتاجها ولقد أثبتت التطورات الملموسة للديمقراطيات التقليدية أن النضال الديمقراطي مطروح على كل الشعوب وأن احترام حقوق الإنسان تحد يومي على الحكومات ومنظمات المجتمع المدني أن تجتهد في صيانتها فعندما نراجع الأخطاء الاستراتيجية الفادحة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط ونطرح قضية العلاقة بين المال والإعلام في صناعة الرأي العام نضطر إلى تنسيب المواقف وإلغاء دروس التبشير التي تحاول بعض الصحف الفرنسية أن تلقنها إيانا ونحن شهدنا داخل فضاء الأممية الليبرالية مؤخرا بالقاهرة تحرك بعض اللوبيات بأشكال ترهيبية للتفتيش في أفكار الكاتبة الشهيرة سكينة فؤاد التي اتهمتها بعض الدوائر بمعاداة السامية وواضح لدينا أن الحريات الأكاديمية في كل العواصم الغربية مقيدة بواجب عدم التشكيك في المحرقة تماما كما أن المبشرين الجدد يرفضون الاعتراف بضرورة صيانة الديمقراطية من أعدائها وأن هشاشة البناء السياسي مكن النازية من الصعود في ألمانيا. نحن نعتبر أن ما تحقق في بلادنا جد هام لتمكين المواطن التونسي من ممارسة حقوقه كسيد ونعتبر أن التجربة الديمقراطية التونسية مفتوحة على التقدم وأن منطق التحامل يتنزل ضمن محاولة اجهاضها لذلك نشدد على حيوية المعادلة بين البعد الوطني والبعد الديمقراطي في هذا الظرف بالذات. رئيس الدولة أكّد في خطابه يوم أدائه اليمين الدستوريّة حرصه وإرادته على المحافظة على استقلالية القرار الداخلي ورفض التدخلات الأجنبية في الشأن المحلي وعبّر عن نيّته في نقل الملف إلى الاتحاد المغاربي والاتحاد الإفريقي ..ما هي في رأيكم دلالات ذلك التوجّه؟ ـ القرار الرئاسي في تقديرنا عقلاني وموضوعي باعتبار أن المسألة بالفعل تتجاوز تونس لتشمل البلدان المنضوية تحت إطار الاتحاد المغاربي والاتحاد الإفريقي وذلك لوجود حالة سوء نية لدى بعض الدوائر التي تتعمد تزييف الحقائق وتؤكد عبر واجهتها الإعلامية أنها لا تنتصر للديمقراطية ولا لحقوق الإنسان وإنما تسعى بكل الوسائل والوسائط لفرض بعض الأفراد على المشهد السياسي الوطني بكل دكتاتورية على الرغم من أن الواقع يؤكد أن مجال المشاركة كان متاحا للجميع وأن الشرط كان ما يعادل الحد الأدنى المعقول ففسح المجال لرؤساء الأحزاب المنتخبين منذ سنتين استوعب حزبا غير ممثل برلمانيا ومع ذلك أصدرت منظمة أممية بيانا اعتبرت فيه الإجراء إقصائي لكونه يستثني شخصا!؟ فالشخص لدى هؤلاء أهم من الحزب هذه هي الديمقراطية التي يسوقون لها إنها ديمقراطية الأشخاص وليست ديمقراطية المؤسسات. إن البناء الديمقراطي الهادىء والسلمي يحتاج إنضاج جملة من الشروط أولها الوعي الاجتماعي بشرعية الاختلاف والتباين في إطار القانون المنظم للحياة العامة وهذا أمر محمول على آليات ومحركات من أبرزها النظم التربوية والحراك الثقافي والإعلامي ودينامية الأحزاب من هذه الزاوية فإن القرار الرئاسي الأخير يُـفعّل دور المنظمات الدولية للجنوب في مواجهة سوء التفاهم العالق بين الضفتين حول مفهوم الالتزام بتحقيق الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان التزام لا يعني الإسقاط الميكانيكي لنماذج جاهزة أكدت التجارب أنها لا تقود إلا إلى أخطر المنزلقات كما هو الحال في فلسطين وجزائر الشاذلي بن جديد فبعض العواصم الغربية لا تعترف بالديمقراطية إلا متى أفضت إلى النتائج التي تحبذها. ما يزال بعض الأفراد يتوجهون لأطراف أجنبية وخاصة من المنظمات غير الحكومية تحت دعاوي التظلم من الانتهاكات والتجاوزات..هل هذا التوجّه مدعوم وهل هناك نماذج جاهزة للإصلاح والتحديث السياسي؟ ـ نحن نراهن على بناء تجربة ديمقراطية تونسية خالصة وأكدنا ذلك في كل المناسبات معتبرين أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون نماذج جاهزة ولا يمكن أن تختزل إلى بعض الجوانب التقنوية دونما اعتبار إحداثيات أساسية كالتقاليد والثقافة ومراكمة التجارب واعتبرنا أن البناء الديمقراطي وصيانة حقوق الإنسان شأن مستوجب ضمن حوار وطني وممارسة يومية هي مسؤولية كل الأطراف ولأن المرجعية الكونية في هذا المجال لا وجود لها فإننا نؤكد على أن هذا المشغل في مقدمة القضايا الوطنية دون أن يتحول إلى مدخل للقوى الأجنبية وعلينا أن ننبه إلى تلك المغالطة المتعمدة والمخطط لها التي جعلت بعض الأفراد يلجئون إلى مجاوزة القوانين وممارسة الاستفزاز لتسجيل حالات مزعومة لانتهاك حقوق الإنسان كأن احترام القوانين نشاز مع المشروع الديمقراطي ونحن نتشبث بمقولة المفكر سبينوزا وهو رائد الليبرالية عندما شدد على أنه في إمكاننا نقد القوانين والمطالبة بتغييرها دون أن يمنحنا ذلك شرعية خرقها أو مجاوزتها لذلك نعبر عن رفضنا الكلي لهذه الآلية المشبوهة التي تسعى إلى مصادرة حق الشعب التونسي في بناء تجربته التحديثية الخاصة تماما كما تميزت التجارب الغربية واختلفت في ما بينها فجمع الشعب الانقليزي بين التقليد والحداثة وكان الشعب الفرنسي أكثر راديكالية في قطعه مع التقليد والشعب الأمريكي أكثر اختزالية في تأسيسه لنظام ديمقراطي في سياق التحرر الوطني. بعض المحسوبين على المعارضة التونسية اختاروا منهج الاستقواء بالأجنبي وعملوا ما في وسعهم للحصول على تعاطف آخرين من الخارج لحساباتهم السياسية والشخصية ..ما تفسيركم لمثل هذه السلوكات ؟ وهل لها مخاطر حقيقية على مسار الانتقال الديمقراطي في بلادنا؟ ـ رسالة الرئيس بن علي إلى كل الأطراف خلال خطابه الأخير أمام السلطة التشريعية تغني عن كل إجابة حيث أكد أنه منفتح على كل الإرادات الوطنية الصادقة وأنه على استعداد لتطوير مجالات الحوار وإننا نعتبر هذه الرسالة فرصة تاريخية لكل الأطراف لصياغة بداية جديدة ومجاوزة أخطاء الماضي وأكد الرئيس بن علي أنه على استعداد دائم لمجاوزة الماضي وطي صفحته وهذا أمر مؤكد في عفوه على العديد من الأشخاص المنتمين إلى جهات سياسية قصوية ولقد مكنني وجودي داخل الأممية الليبرالية من فهم لعبة توزيع الأدوار بين بعض الحكومات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتأكدت أن الرهانات المطلوبة من عمليات الضغط لا علاقة لها بمصلحة الشعوب ولا بقضايا حقوق الإنسان فالأمر يتعلق بتوظيف أوراق ضغط لنيل تنازلات استراتيجية توافق مصالح هذه القوى لذلك كنا في ردنا على الراديكاليين قد أكدنا على أننا نرفض تدشين مسار لن نتحكم في نتائجه وأن التاريخ علمنا أن السذاجة قد تقودنا إلى أن نكون حطب وقود في معارك لا نمسك بأطرافها. لكن هناك عديد التجارب في الدول السائرة في طريق الانتقال الديمقراطي تُواجه بعض التحديات والصعوبات..كيف السبيل لاستمرارية مسارات الإصلاح هذه وتأمينها من كل الانحرافات أو المزالق خاصة في ما يتعلّق بملفات توسيع المشاركة السياسية ودعم المعارضات وتخليص الحياة السياسية من هيمنة الحزب الحاكم ومسألة التداول على السلطة؟ ـ أكيد أن تجارب التحول الديمقراطي معرضة للتأزم والتعثر والتباطؤ في العديد من الحالات فخلال تسعينات القرن الماضي شهدت الساحة الوطنية حالة من الانكماش ومن غياب الثقة بين أطراف الفعل السياسي لكن هذه الحالة واجهتها إرادة الرئيس بن علي الذي حرص على تنشيط الحياة السياسية وتحريك الحركة الديمقراطية إيمانا منه بأن تواصل حالة التوجس كان بالفعل خطرا يتهدد المشروع الديمقراطي في كليته فكانت سنة 1994 سنة دخول المعارضة إلى البرلمان وسقوط ذلك الحاجز النفسي الذي كان يحول دون تطور التعددية وانتقالها من سياق الوجود المدني إلى داخل مؤسسات الجمهورية ونحن كحزب إصلاحي وسطي نشدد على أهمية صياغة وسائط الفعل السلمي والمدني الهادئ واستثمار علاقات الثقة والحوار لدفع عملية الإصلاح السياسي نحو أفق جديد. إن الحوار هو السبيل الأمثل لبناء مجتمع مفتوح ونظام ديمقراطي متطور وما يجعل الحوار بالفعل الواسطة المركزية للتغيير هو تحديدا أن الديمقراطية تحولت إلى مقدس كوني أغلق الأبواب نهائيا أمام كل الأطراف المعادية للحرية فحتى التيارات الكليانية أصبحت اليوم تلتحف الشعار الديمقراطي ولا أحد يجرؤ اليوم على القول بأنه يعادي الديمقراطية والحرية هذه الحالة الجديدة التي ينتصر فيها المفهوم الليبرالي تقطع نهائيا جسور العودة إلى شرعيات لا ديمقراطية لذلك نؤكد مرة أخرى بأننا في تونس في وضع مريح يتيح لنا إنجاز مهام التحول الديمقراطي واستثمار وجود الرئيس بن علي على رأس الدولة وما حققه من نجاحات تؤهل المسار السياسي لمزيد الترقي. (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
الرئيس زين العابدين بن علي: قلب مفتوح وأيـاد ممدودة…
بقلم: بلحسن الطرابلسي لم يعد سعي الشـّعوب إلى كسب معارك المصير والوجود الحضاري ورفع تحدّياتها يتطلـّب تحديد تلك التحديـّات ومعرفتها بدقّة والإقرار بتعقدها وصعوبتها فقط، وإنما بات يستدعي أيضا وضوح الرّؤية وسلامة المقاربة المعتمدة لمواجهتها إلى جانب توفير الآليات الأكثر نجاعة وفاعليـّة لكسبها. ومن هذا المنطلق، توقف التونسيون مرّة أخرى عند وضوح خطاب رئيسهم ومدى تناسقه مبنى ومعنى: وضوح في التـّشخيص ووضوح في الحلول والاليات المعتمدة إلى جانب وضوح قراءة تطلعات الشّعب وآماله وصياغة مداخل الاستجابة لها. ويستمد هذا الوضوح مفرداته وخياراته من سلامة المنهج وصواب المقاربة التي مكنت تونس من عبور عواصف التحولات الدولية وما ولدته من مضاعفات وأزمات، وتوفقها خلال عشريتين من تحقيق منجز من الضخامة والشّمول والعمق ما غير وجه تونس وأهلها إلى ان تضع “اللحاق بمصاف الدول المتقدمة” رهان الخماسية القادمة وشعارها، ذاك الرهان الذي فصّل مستلزماته والطريق السالكة إليه، البرنامج الرئاسي “معا لرفع التحديات”. لقد جاء خطاب الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة أداء اليمين الدستورية وخلال جلسة ممتازة لمجلس النواب ومجلس المستشارين الملتئمين معا، جاء ليعطي درسا في الوطنية ودرسا في الانتماء فضلا لترجمته البليغة لتحدّيات المرحلة وتأشيره بوضوح إلى صعوبتها ومتطلبات التوّفق في رفعها، كما تضمن مجموعة من الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اعتادها التونسيون من رئيس يرفض أن يقتصر خطابه على البلاغة والإنشاء ويشغله الفعل والقرارات العملية والفاعلة. ولا شك أن الإجراءات المعلنة تؤكد قدرة الرّجل على الاستجابة السريعة لتطلعات شعبه وشروعه في انجاز ما تعهـّد به في برنامجه الانتخابي وحبر البرنامج لم يجف بعد. كثيرة هي النقاط الواردة في الخطاب والتي تستدعي وقفة المراقب والمحلل والقارئ، ولكن الحيّز لا يسمح باستعراضها جميعا والاستفاضة في عرضها، ولكن من أهم ما استوقفنا تأكيد رئيس الدولة مجددا على أنـّه رئيس لكل التونسيين، وأن تونس لجميع أبنائها وأن اليد ممدودة لكل التونسيين والتونسيات دون إقصاء أو استثناء لأحد. وانطلاقا من حرصه المعهود على ان يقترن القول بالفعل، فقد وجد هذا التأكيد أولى مظاهر تجسيمه في الخطاب ذاته حيث تجد كل الشرائح والفئات والجهات نفسها فيه عبر ما تضمنه من اجراءات وقرارات شملت كلّ جوانب حياة التونسيين الاجتماعية والاقتصادية دون إغفال مسألة مزيد تفعيل العملية السياسية وتأمين أسباب الارتقاء بها إلى مراتب أعلى. لقد كان جليا، وبلغة لا تقبل التأويل او الالتباس، ان الديمقراطية خيار سياسي ثابت لحركة التغيير لا رجعة فيه. ولمـّا كانت الدّيمقراطية تقوم أساسا على الاعتراف بالآخر، والاعتراف بتنوع الآراء والبرامج والمشاريع، فقد جدد الرئيس بن علي حرصه على أن يكون التنوع في الاجتهادات والمقاربات عنصر إفادة واضافة للمناخ الديمقراطي في البلاد، واعتبر أن الاختلاف في الرأي من البديهيات بل ضروريا، كما قال “لاثراء الحياة العامة وتعزيز الوفاق حول الثوابت والمبادئ” التي ارتضاها الشعب التونسي لنفسه. ويبرز في إعلاء رئيس الدولة لقيمة الاختلاف والتنوع سعيه إلى تحويل الديمقراطية إلى ثقافة معيشية راسخة وألا يقتصر أمرها على تأمين سلامة سير المؤسسات الجمهورية وعلوية القانون الشرط البديهي لترسيخها في أي مجتمع من المجتمعات. تأكيد آخر تجلى في الخطاب المرجع ويتمثل في الترابط بين الديمقراطية والسيادة الوطنية ورفض التعارض بينهما، والأهم إلى جانب ذلك، من وجهة نظرنا، ذاك الرباط الوثيق بين الوطن والمواطنين حيث يتحول الانتماء إلى حقيقة غير قابلة للمساومة أو المزايدة بمعنى آخر ضرورة فكّ الارتباط بين الوطنية والانتماء والمصالح الشخصية. لقد كانت دعوة سيادته صريحة إلى أن تكون المعارضة، باعتبارها مكوّن رئيسي لا غنى عنه في النسيج الاجتماعي والسياسي، وهي تمارس دورها الذي يكفله القانون وينظمه، فوق الاعتبارات الذاتية والشخصية، وتحتل ثوابت الوطن ومصالحه موقع القلب في كل ما تتخذه المعارضة من مواقف وتطرحه من رؤى وبرامج. وموقف الرئيس بين علي هذا يذكرنا جميعا، حزبا حاكما ومعارضة ومجتمعا مدنيا، بأن التماسك الداخلي هو «أم» الشروط التي يجب توفرها لنجاح أي مشروع وطني وما بالنا بمشروع في حجم ما يطرحه الرئيس بن علي من أجل أن تكسب بلادنا معركة النهوض الحضاري الشامل. وهذا الشرط، أي التماسك الداخلي، قد توزع على مجمل الخطاب وكان حاضرا حتى في أدق تفاصيله الاجرائية، حيث تجلى بوضوح سعي رئيس الدولة على تعزيز الرباط الاجتماعي الذي يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف والفئات والجهات من خلال غرس قيم المواطنة وترسيخ السلوك المدني وثقافة المبادرة. ولعل هذا الحرص على تماسك الجبهة الداخلية حتى نتمكن معا من رفع كل ما ينتظرنا من تحديات يدفعنا إلى الجزم بأن خطاب آداء اليمين الدستورية هو بمثابة صياغة متجددة للميثاق الوطني وتذكير بما يتضمنه من ثوابت تعلي من شأن الوطن وتسمو بخدمته فوق المصالح الذاتية والفئوية والحزبية، وتجعل من الولاء لتونس دون سواها غاية كل ممارسة سياسية وجوهرها، والعنوان الأبرز بل الأوحد لترسيخ الديمقراطية سلوكا وممارسة وثقافة في ربوعها. لقد امتدت يد الرئيس زين العابدين بن علي فجر السابع من نوفمبر 1987 لتنتشل وطنا ودولة، وتحول دون سقوطهما في هاوية سحيقة، وها أن خطاب 11 نوفمبر 2009 يمد ذات اليد ليرتقي بالوطن إلى مراتب أعلى مع الحرص على ألا يستثنى أي تونسي أو تونسية من المشاركة في بلوغ هذا الهدف إلا من رام منهم، وبإرادته، التغريد خارج السرب. إن تحدّيات كبيرة في انتظارنا وفي مرحلة عالمية صعبة ومعقّدة، كما أشار إلى ذلك رئيس الدولة، وإذا ما أدركنا جميعا أن تحقيق الأهداف الحضارية المرسومة لا يتم بالتمنّي وإنما تؤخذ الدنيا غلابا.. فإنه يصبح لزاما علينا أن نشارك الرئيس التعهّد الذي قطعه على نفسه منذ اليوم الأول للتحوّل والمتمثّل في خدمة تونس والرّفع من شأنها والدّفاع عن مصالحها.. فمن أجل تونس فليتنافس المتنافسون عملا وبذلا وجهدا واستنفارا للذّكاء الذي يسم شعبنا عبر تاريخه حتى يبقى الوطن متألقا على الدوام. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
ساعة الانذار تدق في «الثانية عشر»: 16% من الشباب يقيمون علاقة جنسية في سن الـ 15
تونس -الصباح بينما كان كل ما يقلق الام نتائج الامتحانات، حملت الطفلة في احشائها جنينا، ووراء أسوار خوفها سر أكبر من أن تبوح به. غرقت في نقاط الاستفهام ولم تكن تعي المصيبة التي تخفيها تحت ستار الأيام، والقنبلة الموقوتة التي انفجرت في العائلة ففككتها والى الأبد. أنجبت التلميذة التي لم تكن تتجاوز ربيعها الخامس عشر، وكانت ضحية الخطوط الحمراء التي طالما وضعتها الأم، لتحبط بذلك كل محاولات ابنتها فتح حوار تمنعه الاخلاق والنواميس.. حالة قد تتكرر في مجتمعنا التونسي الذي لا يزال يسدل الستار على مواضيع الجنس والصحة الانجابية باعتبارها من المواضيع المسكوت عنها لسبب أو لآخر. إذ يتلقى الطفل خلال فترة تنشئته جملة من الأفكار والقيم والأحاسيس، تتشكل على ضوئها شخصيته. ولئن كان مجال التربية شاسعا ومختلفا باختلاف طريقة كل أسرة في ذلك، فإن غلق باب الحوار أمام الطفل والمراهق قد يفضي الى ظهور بعض المشاكل النفسية والصحية متفاوتة الخطورة. كما أن تناول مواضيع وثيقة الصلة بالجنس والصحة الانجابية في المعاهد والجامعات لابد أن يكون مضبوط القواعد ومقننا بالطريقة التي تفي بالغرض وتنتج جيلا واعيا بضرورة الوقاية قبل العلاج. فما مدى وعي الشباب بمسألة الصحة الانجابية والجنسية؟ وهل أصبح من الضروري إدراج مادة التربية الجنسية كحل جذري لوقاية المراهقين من السقوط في انحرافات وكيف هو التعامل بين المربي والتلميذ خلال الحصص التي يتم فيها التطرق الى مواضيع الجنس؟ محاور لا تفي بالحاجة «أذكر أن صديقا لي درس بشعبة العلوم التجريبية ولطالما حدثني عن أستاذته التي أطنبت في تفسير المحور الأول من برنامج الباكالوريا . وكان يتحدث بتهكم ظانا أن الاستاذة كانت تضيّع الوقت في الخوض في مواضيع، على حد قوله، تخدش الحياء. خاصة أن القسم كان مختلطا أي من الجنسين». هذا ما قاله السيد أنور الورتاني أستاذ علوم طبيعية قبل أن يضيف: «ولكن ادركت بعد ذلك أن ما كانت تقوم به الاستاذة المذكورة هو «التربية الجنسية» حيث استغلت محورا يتعلق بالوظائف الجنسية للمرأة والرجل، والاخصاب والانجاب، لتفتح القوس وتعلم تلاميذها كيفية الوقاية من مخاطر الوقوع في ورطة الحمل خارج إطار الزواج، أو إقامة علاقة جنسية بدون واق يحميهم من الامراض المنقولة جنسيا. وهي طريقة سليمة ونتيجتها ايجابية كما أن العمل بها مجد جدا. وهو ما لاحظته إذ ما إن يجد التلميذ منفذا لطرح الاسئلة حتى يندفع في ذلك ليتخلص من نقاط الاستفهام التي قد يبحث لها عن إجابات في المجلات وعند الاقران والتلفاز والانترنيت، والعديد من الوسائل التي تصور الجنس بصورة دنيئة وعدوانية». السيدة حنان التوكابري (37سنة) موظفة وأم لثلاثة أبناء. عبرت عن خوفها وقلقها على أطفالها كالتالي: «خلال رحلتي اليومية بين البيت ومقر العمل، ألاحظ سلوكات غريبة تصدر من الشباب وتطرح آلاف الاسئلة، عن دور المؤسسات التربوية في تأطيرهم وتوعيتهم. حتى أني توجهت بالسؤال لأستاذ فلسفة يدرس ابنتي فأكد أن هناك محور «الوعي والجسد» الذي يستغله كأستاذ ليعلم التلاميذ أن يتصالحوا مع أجسادهم ويطرح مسائل يفسر من خلالها التطورات الجسدية التي قد تخلف عقدا لبعض المراهقين من خلال بناء حوار يمنح لكل تلميذ فرصة الافصاح عما يخالجه وما يحيره دون تحرج أو خجل وهوما اراحني فعلا وما دفعني بدوري لفتح باب الحوار مع أبنائي كي أقطع خيط المحاولة غير المسؤولة أو التعويل على شخص قد يستغل براءتهم لتشويه وتسميم أفكارهم». علاقات جنسية في سن الخامسة عشرة؟!! كشفت دراسة أجراها ثلة من المختصين العاملين في سلك الطب المدرسي بأحد مراكز الرعاية الصحية الاساسية والتي شملت عينة تتركب من مائة تلميذ وتلميذة يؤمون مؤسسات تربوية بالعاصمة، أن هناك 27 بالمائة من التلاميذ تعنيهم مشكلة السلوكات العنيفة. ونجد من بين هؤلاء 3 بالمائة تعرضوا للعنف الجنسي. ونظرا لان العلاقات الجنسية غير المحمية تعد من السلوكات التي تهدد المراهقين، فقد اهتمت بها الدراسة وكشفت نتائجها أن 16 بالمائة من المستجوبين أقروا بأنهم كانت لهم على الاقل علاقة جنسية. ومن بين هؤلاء نجد 2 بالمائة فتيات. ويبلغ عمر التلاميذ عند أول علاقة جنسية 14 سنة ونصفا. ويبين دكتور متخصص في علم الجنس ان طرح موضوع الجنس مازال ضعيفا ان لم نقل محظورا نظرا لان بعض العقليات السائدة تذهب الى أن هذه الفئة العمرية لا يمكنها ان تتمتع بحياة عاطفية وجنسية. وأكد في نفس السياق أن للتربية الجنسية عناصر وأسسا لا تستقيم ولا تتحقق الاستفادة بدونها. وعن ماهية ومفهوم التربية الجنسية أورد الدكتور: «يجب أن تكون المعلومات التي يتلقاها المراهق عن ماهية الجنس وكل ما يتصل به معلومات دقيقة ومناسبة لسنه وكل ما يمكن أن يفرزه احتكاكه بالآخرين. أي على الباث أو المربي أن ينتقي المعلومات حسب خلفية المتلقي وسلوكه وحسب سنه فحين يكون الطفل في سن السادسة، سيستفسر عن كيفية الولادة والحمل والفرق بين الذكر والانثى وكيفية تكوّن الجنين داخل الرحم. وفي سن الـ 12 يبدأ التساؤل عن التغييرات التي تحدث للجسد. وهو الوقت الذي تدق فيه ساعة الانذار بضرورة إحاطة الشاب وتلقينه ما يجب أن يعرفه عن الحياة الجنسية كي لا تتولد داخله عقد قد لا يعي خطورتها الا بعد الزواج. ويجب اعطاء المعلومات على دفعات وباشكال متعددة لكي تترسخ في ذهنه تدريجيا ويتم استيعابها وادراكها بما يواكب نمو عقله». وختم الدكتور بأن الحوار الهادئ من أهم شروط التربية الجنسية الصحيحة وأن التمرس على حوار مفعم بالمحبة، يتم تناول موضوع الجنس من خلاله كفيل بمساعدة المراهقين للوصول الى الفهم الصحيح لابعاد «الجنس» والوصول الى نضج جنسي متوافق مع احكام ديننا الحنيف. ذكرى بكاري (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 نوفمبر 2009 )
تونس الأولى عربيا في التدخين: 900 ألـف علبـة يوميـا.. لـ4 ملاييـن و200 ألـف مدخّـن..
تونس – الصّباح: في مشهد لم يعد خافيا على أحد بل إنه بدأ يتدعم دون مراعاة للصحة الأساسية للمواطن، المكان لا يهم ما دام المنتوج هو الأهم. سجائر على كل «لون يا كريمة» وعلب مزينة كما لو كانت أقواس قزح وشاب يجلس على كرسي استعاره من المقهى و«كردونة» كبيرة حوّلها البائع الشاب إلى طاولة. طاولة نضدت فوقها كل أنواع السجائر الأجنبية… لم يكن هذا الشاب وحده يبيع «الدخان» على قطعة «كردونة» بل تعدد المشهد من مقهى إلى أخرى ومن سوق إلى أخرى المهم الكل يبيع «المستورد» وبأسعار مخالفة لتلك التي يبيع بها (القمرق) في إشارة واضحة لا تقبل الدحض بميلاد أسواق موازية لقطاع التبغ ومواد الاختصاص والتي باتت تهدد اقتصادنا الوطني حسب الاخصائيين. فقد أصدرت مثلا كل من الجامعة العامة للتخطيط والمالية والنقابة الأساسية للتبغ والوقيد بتونس والنقابة الأساسية لمصنع التبغ بالقيروان رسالة عاجلة إلى السلط المعنية وأهل القرار قصد التدخل للحد من ظاهرة السوق الموازية لهذا القطاع واتخاذ ما تراه صالحا من قرارات واجراءات لحماية مكتسبات الوطن من تداعيات السوق الموازية وما يمكن أن تفرزه هذه التجارة من انشطار على المستوى الاقتصادي والصحي. وفي المقابل يشتكي المواطن «المدخن» من نقص في بعض أنواع السجائر كمارس (الخفيف والدولي) والتي باتت تخضع إلى قانون «المعارف» في الترويج أحيانا، هذا إلى جانب وجود سجائر ذات نكهة غريبة أو ما يطلق عليه وهذا حسب رأي محترفي التدخين بالسجائر المضروبة. فما هي أسباب غياب بعض المنتوجات؟ وكيف تتوالد ظاهرة الأسواق الموازية؟ ما هو موقف النقابة العامة للمالية؟ وما مجال تدخل الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد والهياكل المختصة؟ كانت بداية رحلتنا مع المواطن والذي صنف كأول مستهلك للسجائر في الوطن العربي حيث يبلغ عدد المدخنين ببلادنا 4 ملايين و200 ألف منهم 21,8% من صنف الإناث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 17 و64 سنة. غياب المنتوج… والبيع المشروط أكد مواطن حقيقة غياب بعض المنتوجات الوطنية كـ20 مارس (خفيف ودولي) وان وجد هذا الصنف فإن نكهته غير محبذة مما أعطى الفرصة لبعض المزودين وتحديدا «الحمّاصة» لاستغلال الموقف ففي مكالمة هاتفية وردت على جريدة «الصّباح» يوم أول أمس أكد مواطن أنه وقع ضحية عملية بيع مشروط من قبل بائع حيث اشترط عليه أن يتسلم 10 سجائر (20 مارس خفيفة) متضمنة بـ4 سجائر (مضروبة) وهو ما أثار غضب الحريف الذي أكد أنه في ظل غياب المراقبة الصارمة تحولت نقاط بيع الدخان من القمرق إلى الحمّاص وهو ما فتح المجال إلى مثل هذه التصرفات هذا إلى جانب البيع بالمعارف فمثلا حمّاص الحومة لا يبيع المنتوج الجيد إلى عابري السبيل بل ان هذا الأخير يتحصل على سجائر غير تلك التي يقتنيها أولاد الحومة. «الحمّاصة» ينفون.. توجهنا بالسؤال إلى بائعي الفواكه الجافة لمعرفة حقيقة ما صرّح به المواطنون وقد أكد الباعة أن السوق تشهد ترويج بعض أنواع السجائر المضروبة من فئة 20 مارس بصنفيه. قال أحدهم: «إننا لا ننكر وجود بعض المنتوجات التي يرفض المدخن استهلاكها، فنحن نقتني السجائر من القمرق ولا نعرف عنها شيئا، فإذا كان الحريف يشتري سجائره بمبلغ لا يتجاوز ثلاثة دنانير أحيانا فنحن نقتني السلع بضعف أضعاف المبلغ… وأنا أعمل جاهدا كي أتخلص من الكمية المضروبة التي عندي. وفي سؤالنا له عن البيع المشروط قال محدثنا: «البيع المشروط..؟ هَذِه حكاية فارغة» ولا أساس لها من الصحة لأن المواطن ان لم يجد حاجته عندنا أو في القمرق فإنه يتجه رأسا إلى السوق لاقتناء بعض الماركات العالمية بأسعار بخسة وأقل من تلك الأسعار المتعارف عليها. في سوق سيدي بومنديل في محاولة منا لاكتشاف السوق الموازية وما يتبعه الباعة هناك من سياسة لتحديد الأسعار، اتجهنا إلى سوق سيدي بومنديل بالعاصمة وكان السوق لوحة فسيفسائية لتجارة السجائر العالمية فقد بلغ سعر سجائر DON وAshferd دينارا واحدا وهو نفس سعرالكريستال العادي أما سجائر LM وGauloise فتباع بسعر دينارين وهو نفس سعر 20 مارس بنوعيه، أما أوراق اللعب RAMI فبسعر ثلاثة دنانير عوضا عن خمسة دنانير و800 مليم. وقد حاولنا عبثا معرفة من يزود السوق بهذه المنتوجات ولكن دون جدوى. نعم… ندعو الدولة لاستعادة القطاع من يد الخواص ان قطاع التبغ ومواد الاختصاص بصفة عامة يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني باعتبار مساهمته في دعم وتمويل ميزانية الدولة التي تجني سنويا من هذا القطاع الهام ما يناهز الألف ومائتي مليار من المليمات إضافة إلى ما يوفره من مواطن شغل، غير أنه منذ مدة أضحى هذا القطاع يعاني من معضلة كبيرة مهددة كيانه ومستقبله بسبب تداعيات ما يسمى بالسوق الموازية لترويج أنواع مختلفة من التبغ ومواد الاختصاص حيث اتضح جليا أن هناك العديد من السجائر الأجنبية المهربة وغير الخاضعة للرقابة القمرقية والديوانية أو لمواصفات الجودة المطلوبة والمتأكدة في هذه المواد الاستهلاكية. وقد أكد السيد الشاذلي البعزاوي الكاتب العام للجامعة العامة للمالية والتخطيط باتحاد الشغل عن الدور الهام الذي تقوم به مصالح الديوانة لمحاربة الظاهرة خاصة وأن المنتوج الموجود في الأسواق الموازية لا يخضع للرقابة الصحية هذا إضافة إلى الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الوطني. ودعا السيد البعزاوي إلى مزيد اليقظة والتصدي بحزم إلى تجار التبغ ومواد الاختصاص. أما بخصوص الانتاج الوطني من السجائر فقد أكد محدثنا أن النكهة بدأت تعرف تغيرا واضحا وأرجأ ذلك إلى اختلاف المنتجين الذين دخلوا سلسلة الانتاج إلى جانب الدولة حيث أن المنتج يستعمل كمية من المواد الأولية غير جيدة وهي مواد رخيصة مقارنة بالمواد العالمية الأخرى وهو ما أثر سلبا على المنتوج. وقال السيد الشاذلي البعزاوي: «نحن نعتقد أن الحل يكمن في أن تستعيد الدولة زمام الأمور وتعود هي المصنّع الوحيد للكميات فتجربة خصخصة جزء من القطاع أدت إلى غياب الجودة في بعض المنتوجات بالرغم من وجود آلات حديثة ويد عاملة مختصة سواء بالوكالة الوطنية للتبغ والوقيد بالعاصمة أو بمصنع التبغ بالقيروان. وبخصوص مادة «المعسّل» فقد بيّن الكاتب العام للجامعة العامة للمالية والتخطيط أن نصيب الدولة من المبيعات ضعيف جدا أما نصيب الأسد فهو للسوق الموازية وهو مؤشر متواصل منذ فترة طويلة وقال السيد البعزاوي في هذا الصدد «نحن كنقابيين لا تشغلنا فقط المطالب المادية والمعنوية للعمال بل نحمل أيضا راية الدفاع عن مصلحة المؤسسة والوطن معا». لا وجود للدخان المضروب والكميات متوفرة والأسواق الموازية مشكلة كبرى أكد السيد صديق القطاري الرئيس المدير العام للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد ومصنع التبغ بالقيروان حرص سلطة الإشراف والهياكل المسيّرة لهذا القطاع على تأهيله ومزيد تحسين الجودة طبقا للمواصفات المعمول بها عالميا وذلك بتوظيف العديد من الاستثمارات على غرار اقتناء وحدات انتاج حديثة وذات تقنيات عالية وتركيز ورشات نموذجية، علاوة على دعم تكوين ورسكلة الزاد البشري. ونفى السيد القطاري في تصريح خاص لـ«الصّباح» وجود أي نقص في سجائر 20 مارس الدولي والخفيف مؤكدا على سلامة المنتوج الوطني وخلوه من أي شائبة وذلك بفضل الاستثمارات الكبرى التي اعتمدتها الدولة في هذا القطاع. وقدم الرئيس المدير العام احصائية حول نسبة مبيعات الوكالة فقد سجلت منتوجات الصفاء مثلا ما نسبته 65% من المبيعات وعرف الـ20 مارس تطورا بلغ 28% من نسبة المبيعات وذلك بعد دخول مستثمرين خواص إلى جانب الدولة منهم الشركة الألبانية للتبغ والتي تصنع صنف 20 مارس خفيف و«التونسية لاستثمار التبغ» بمنطقة قرمبالية من ولاية نابل والتي تنتج 20 ماس الدولي. أما السبع بالمائة الباقية فهي تدخل ضمن مبيعات الأنواع الأخرى من المنتوجات الاستهلاكية كسجائر بوستة» وغيرها. وعن برنامج الوكالة للحد من ظاهرة المنتوج الأجنبي للسجائر المتواجدة بالأسواق الموازية بيّن السيد القطاري أنه تم الاتفاق على اجراء جملة من الحملات على هذه الأسواق وذلك بشكل دوري قصد محاربة الظاهرة والحيلولة دون انتشارها هذا الى جانب مكافحة ظاهرة بيع المنتوج الأجنبي في «القمرق» والتي من المفترض أن تبيع مواد الاختصاص الوطني حيث سيقع التنبيه في مرحلة أولى على أصحاب المحّال ولفت نظرهم الى هذه المخالفة ومن ثمّة امكانية غلق المحل وحجز المنتوج من قبل الديوانة فالمنتوج الأجنبي يشكل خسارة للوكالة وللدولة. التدخين مضر بالصحة أكد علينا السيد صديق القطاري أن ندرج هذه الجملة وأن نؤكدها لقرائنا الكرام على اعتبار ما يمكن أن يسببه التدخين من مشاكل صحية للمستهلك وقال في هذا الخصوص: «نحن كوكالة وطنية نراقب جودة منتوجنا الوطني بشكل يومي من خلال التقارير التي يرفعها المختصون، فسلامة المستهلك أولوية لا حياد عنها، أما مواد الاستهلاك بالسوق الموازية فهي لا تخضع لأي رقابة صحية نظرا لدخولها إلى أرض الوطن بطرق ملتوية وقد أكدت تجربتنا في الميدان على خطورة هذه المنتوجات وذلك استنادا لما تحمله من مواد «سمية» كالقطران والتي تتجاوز أحيانا الكميات المتعارف عليها. هذا إلى جانب المدة الزمنية الطويلة نسبيا التي يقضيها المنتوج بالسوق الموازية حتى يصل إلى المستهلك دون أن ننسى تأثير العوامل الطبيعية في المنتوج والذي يعتبر سريع التأثر بالمناخ.» وعن كميات الدخان المحجوزة التي تمسكها الديوانة أكد السيد القطاري أن 80% منها يقع إتلافها بصفة كلية. أرقام ومعطيات يشغّل قطاع التبغ ومواد الاختصاص 80 ألف شخص بين مزارعين وباعة وموزعين ويساهم بـ8% في ميزانية الدولة ويرجع هذا القطاع بالنظر إلى وزارة المالية والوكالة الوطنية للتبع والوقيد وهي مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المدنية وتتمتع برأسمال قدره 3,5 مليون دينار وذلك حسب ما جاء في الموقع الخاص بالمؤسسة. وبلغ رقم معاملات الوكالة سنة 2008 أكثر من200 مليون دينار دون اعتبار للأداءات. وتستغل كل من الوكالة ومصنع التبغ بالقيروان مزارع فلاحية تمسح 1900 هكتار وفرت جميعها محصولا وصل إلى حدود 2541 طنا من التبغ. وتصل طاقة انتاج الوكالة من السجائر 320 مليون علبة سنويا، أي ما يعادل 27 مليونا شهريا، مما يقابل 900 ألف علبة يوميا.. وكانت المؤسسة قد اقتنت آلة لتصنيع السجائر 20 مارس الدولي والخفيف ودخلت الآلة حيز الخدمة في شهر ماي 2009 وتصنع ما يعادل 170 مليون علبة أي 3,4 مليار سيجارة في سنة بمعدل 400 علبة في الدقيقة. أنواع التبغ في تونس يوجد في تونس أكثر من نوع من التبغ وهي تشكل أنواعا محلية تستعملها الوكالة لصناعة سجائر ذات مواصفات «صحية». كما تعتبر تونس الأولى عربيا في استهلاك السجائر. ومن بين هذه الأنواع، التبغ الأسمر والذي أنتجت منه بلادنا سنة 2008 أكثر من 1300 طن ويزرع هذا النوع في الشمال والشمال الغربي والوطن القبلي. أما التبغ الخفيف من نوع «بورلي والشرقي» وهما نوعان كانت بلادنا تعمل على استيرادهما من أماكن مختلفة من العالم غير أن الكلفة العالية لهذه التبوغ جعل المؤسسة المختصة تفكر في انتاج هذه المادة وذلك بالتشجيع على زراعتها في المناطق الشمالية للبلاد بعد نجاح التجارب الخاصة بهذه الأنواع وبلغ الانتاج الوطني من هذه الأنواع سنة 2008 حوالي 1051 طنا. أما تبغ الاستنشاق (النفة) وهي من نوع «الصوفي» فتزرع في المناطق الجنوبية الغربية للبلاد. وتصنع الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد 9 أنواع من السجائر ومنها 5 نوعيات من فئة العلب اللينة و4 أنواع من فئة العلب المقوى و5 أنواع من السيجار ونوعيتان من تبغ الاستنشاق ونوعية من تبع الغليون. استفتاء بسيط ومن خلال استفتاء جمعنا فيه 10 مواطنين تونسيين كعينة بسيطة تبين لنا ما يلي: 6 مدخنين يستهلكون 20 مارس بصنفيه بتكاليف يومية بين 2200 و4400 مليم بمعدل 30,800د أسبوعيا و123,200د شهريا. بينما هناك 4 من بين العينة يدخنون السجائر الأجنبية بمعدل علبة ونصف العلبة إلى علبتين يوميا بسعر 3800 مليم للعلبة بتكلفة يومية 5700 إلى 7600 يوميا أي بين 39,900د و53.200د أسبوعيا و159,600 و221,800د شهريا. خليل الحناشي (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 نوفمبر 2009 )
هروبا من غلاء «الجديد»: التونسي يستهلك 80 ألف طن من «الفريب» سنويا
الملابس معقمة ولا خوف من أنفلونزا الخنازير
تونس الصباح: يمثل قطاع بيع الملابس المستعملة مورد رزق لـ100 الف عائلة تونسية وملاذا لعدد كبير من المشترين على اختلاف اعمارهم وقدراتهم الشرائية، كما عرف القطاع انتعاشة كبيرة مع قدوم فصل الشتاء، بعد ان دفع ارتفاع الاسعار نسبة كبيرة من المشترين الى هجر متاجر الملابس الجاهزة الجديدة، ونظرا لجودتها العالية وتنوعها اللامتناهي، والكلمة لبعضهم. تؤكد السيدة حياة العصيدي (34 سنة) ان المحلات المتخصصة في بيع الملابس المستعملة نجحت في ازالة المفهوم السلبي عن البضائع المستعملة وصارت تهتم بتطوير نفسها من خلال العرض الجيد وتقديم تخفيضات كبيرة للمشترين». واضافت محدثتنا ان «الاسعار مناسبة جدا تبدأ من خمسمائة مليم وتصل الى 50 دينارا للملابس التي تصل قيمتها الحقيقية الى ضعف السعر المعروض». ويتردد على المناطق التي تعرض بها الملابس المستعملة الالاف يوميا، حيث توجد كل انواع الملابس التي يمكن ان تحتاجها الاسرة التونسية من ملابس اطفال وسيدات ورجال وان كان اغلب الزبائن المترددين عليها من الفتيات والسيدات اللاتي تتراوح اعمارهن بين سن الـ17 وحتى الـ50. ولا يقتصر البيع على الطبقات الفقيرة، فكل الطبقات تتردد على هذه المنطقة. اذ ان «كثيرا من الزبائن من الموظفين وحاملي المؤهلات العليا وطلبة الجامعات من الطبقة الوسطى». كما قال محمد بن عمار، احد اصحاب المحلات بمنطقة «الحفصية» واضاف: «توفر هذه المنطقة بضاعة جيدة ومستوردة، في الوقت الذي ترتفع فيه اسعار الملابس الجديدة بشكل كبير». ويقول علي الفرجاني (30 سنة) الذي كان يبحث عن بدلة: «لا يسمح لي مدخولي الشهري بشراء بدلة جديدة لارتفاع سعرها، فاضطر الى شراء واحدة من محلات بيع الثياب المستعملة. وهنا، تتوفر انواع جديدة باسعار مناسبة». ويتابع علي الذي يعمل في احد مطاعم الوجبات السريعة: «عموما، انا احتاج مثل هذه البدلة في اوقات محدودة جدا لطبيعة عملي، لذا افضل ان اشتريها مستعملة ليتسنى لي توفير الفارق بين ثمنها وثمن بدلة جديدة». ويرى احمد الجيار، موظف، انه «اصبح شراء الملابس الجديدة يثقل كاهل الموظفين المسؤولين عن شؤون اسر كبيرة ونحن نهتم الان بشراء ما هو جديد للاطفال اولا، ثم يقوم الكبار بالبحث عن ملابس في اماكن بيع الثياب المستعملة». ويضيف احمد (53 سنة) وهو اب لخمسة ابناء، جميعهم في المراحل الدراسية «اختلف الواقع المعاشي الان عما كان عليه خلال الاعوام القليلة الماضية، فالاسعار ارتفعت في كل جوانب الحياة وهي مشكلة يواجهها الموظفون واصحاب الدخل المحدود» وتابع: «مع حلول مناسبة عيد الاضحى وفصل الشتاء، احاول قدر المستطاع توفير احتياجات الابناء وتكاليف العيد، فتكون الملابس المستعملة الاختيار الانسب لانقذ ميزانيتي من التداين». اتفقت الشهادات على ان للملابس المستعملة الفضل الكبير في التوفير وان اقتناءها رحمة للجيوب خاصة وان عيد الاضحى يطرق الابواب بمصاريفه الكثيرة. ولكن رصدنا خلال جولتنا بمناطق بيع الثياب المستعملة على غرار «الحفصية» و«حي ابن خلدون» ان للبعض مخاوف من ان تنقل الملابس المستعملة «فيروس انفلونزا الخنازير» وبعض الامراض المعدية الاخرى. وهو ما دفعنا للتوجه بالسؤال للجهات المختصة. مراقبة مشددة اكد نخبة من الاطباء العاملين بالمرصد الوطني للامراض الجديدة والمستحدثة ان الملابس المستعملة والتي نستوردها من بلدان اوروبية وامريكية ليست ناقلا لفيروس انفلونزا الخنازين AH1N1 ولا داعي للخوف من ارتدائها بما انها خاضعة لعمليات تطهير قبل واثناء توزيعها في الاسواق المحلية. كما افادنا مصدر مطلع من وزارة التجارة والصناعات التقليدية ان الملابس المستعملة تتعرض الى التعقيم بواسطة نوع من الغاز المطهر الذي يقضي كليا على الجراثيم. هذا بالاضافة الى عمليات غسل وفرز يخضع اليها الفريب في 54 مصنعا من المصانع التونسية الناشطة في مجال تجارة الملابس المستعملة بكامل تراب الجمهورية والتي لا تستقبل اي كمية من «الفريب» ما لم تكن مرفوقة بشهادة تثبت خلوها من اية جراثيم او فيروسات ضارة. ويقع توريد ما يعادل 80 الف طن سنويا من الملابس المستعملة تعد منها 10500 طن للاسواق المحلية ويعاد تصدير بقية الكمية من جديد نحو دول افريقية واخرى اوروبية. ويمر تزويد الاسواق بكميات الملابس الجاهزة بمراحل اولها دخولها المصنع بعد توريدها ثم بيعها الى تاجر الجملة ومن ثم تاجر التفصيل. ولا يضع عون الديوانة الذي يتولى عملية المراقبة على باب الوحدة الصناعية المختصة في تجارة الملابس المستعملة وغسلها ومداواتها ختمه وتوقيعه على فاتورة الشراء الا اذا كانت مرفوقة بشهادة الشراء وبطاقة تعريف تاجر الجمل وشارته المهنية. وافادتنا امال بن عيسى (42 سنة) زبونة وفية لمحلات بيع الملابس المستعملة بأن بعض تجار الملابس الجاهزة الجديدة يعمدون «للغش» كحيلة قد تقيهم من تداعيات المنافسة. وتقول في هذا الصدد: «خبرتي الممتدة لسنوات في الملابس المستعملة جعلتني احسن التمييز بين الملابس الجديدة وملابس «الفريب» وهو ما ساعدني على ان اكشف ألاعيب بعض تجار الملابس الجاهزة الذين يعمدون الى غسل وكي ملابس مستعملة ثم عرضها للبيع على انها ملابس جديدة..». واوضحت محدثتنا: «لا يمكن للتاجر ان يعلق غشه واخطاءه في حق حرفائه على شماعة منافسة محلات بيع الملابس المستعملة والظروف المادية الصعبة. ويمكن ان ينقل تجارته من الملابس الجديدة الى الملابس المستعملة ان وجد فيها الحل للمشاكل المالية وليبقى وفيا لمبادئ التجارة وليكسب ثقة حرفائه». ذكرى بكاري (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس ) بتاريخ 14 نوفمبر 2009 )
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الصادق الأمين لفت نظر
أشكر لكم تكرمكم بنشر المقال الذي أرسلته إليكم بعنوان (أفحكم الجاهلية يبغون) ردّا على الأستاذ البحيري فقد اطلعت اليوم على المقال المذكور غير أني لاحظت أن جانبا كبيرا من الهوامش السفلية للإحالات والمراجع قد حذف ولعل ذلك بسبب خلل فني طرأ عند عملية الإدراج. واعتبارا لأهمية هذه الإحالات فالمرجو منكم التفضل بإعادة نشر المقال في نسخته المصححة التي كنت أرسلتها إليكم البارحة مشفوعا بكافة الهوامش السفلية لما في ذلك من الإفادة للقرّاء. ولكم الشكر سلفا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الصادق الأمين أفحكم الجاهلية يبغـــــون؟! ردّا على تصريح الأستاذ نور الدين البحيري بشأن مجلة الأحوال الشخصية
(الجزء الأول)
محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي
في الوقت الذي يُفترَض أن يتنادى فيه جميع العقلاء والحكماء والنّزهاء من أهالي تونس الغيورين على مصالح المجتمع التونسي، إلى مراجعة جريئة وصادقة وصريحة لمجلة الأحوال الشخصية ومُلحقاتها القانونية الأخرى، بعد نصف قرن أو يزيد من تطبيق أحكامها وجريان العمل بها[1]، بعد أن انكشف عوارها وعمّت المجتمعَ التونسيَّ أضرارُها وأوضارُها، وبدت لكلّ ذي عينين! مساوئها وسوءاتها، في هذا الوقت يعلن المحامي الأستاذ “نور الدين البحيري” – في مقابلة له مع وكالة “فرانس برس” للأنباء – على لسان الإسلاميين، اعتزازههم بهذه المجلّة، وعدّها من المكاسب التي يجب الحفاظ عليها! حيث قال البحيري ” إن موقف الإسلاميين في تونس حصل فيه تطوّر نوعي ولم يعد هناك حديث عن وضع المكاسب التي تحققت وخاصّة مجلة الأحوال الشخصية أو مؤسسة الدولة موضع تساؤل”. وأضاف أنّ الإسلاميين ” يقبلون بالمكاسب التي تحققت بل يعتزون بها ويعتبرونها مكسبا يجب الحفاظ عليه “. وقال ” أعتقد أنّه لا يوجد إسلامي يدّعي أنّه يرفض مجلة الأحوال الشخصية وبعض المكاسب (الأخرى) التي تحققت أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب”[2] اهـ. وقبل الخوض في الردّ على كلام الأستاذ البحيري، رأيت من الواجب عليّ أولا مراعاةً لما يقتضيه أدب الخلاف بين الأطراف من التزام القسط والإنصاف، أن آخذ في اعتباري احتمال سوء تعبير مراسل ” وكالة فرانس براس ” عن رأي الأستاذ البحيري، أو سوء فهمه لمقصده، أو عدم الدّقة في ترجمة الكلام المنقول عنه، إن كان التصريح جرى باللغة الفرنسية؛ وأيّ ذلك وقع، فقد كان يحتّم على الأستاذ البحيري أن يبادر إلى التكذيب أو التّصحيح أو الإستدراك! ولمّا لم يصدر عن الأستاذ البحيري حتى اليوم شيء من ذلك؛ وحيث وجدنا نصّ كلامه هذا نفسه متطابقا تماما مع ما نشرته صحيفة القدس العربي وغيرها من الصّحف؛ فكلّ هذا يدعونا إلى القطع بصحّة هذا الكلام المنسوب إليه، وهو ما نرى لزاما علينا وجوب الردّ عليه. غريب – والله – أن يصدر مثل هذا الحكم من الأستاذ “البحيري”، وهو المحامي الذي يتعامل يوميّا مع أحكام هذه المجلّة وتطبيقاتها ومُلحقاتها، ما جعله – كما يقال – ابن بَجْدَتِهَا عِلماً وتجربةً – فهو بذلك يعرف من عيوبها ونقائصها، بل ونقائضها، وما جرّته على الأسرة التونسية خاصّة وعلى المجتمع التونسي عامّة من كوارث ونكبات، ما لا يعرفه غيره من غير أهل هذا الشأن. وقد كان يُنتظر منه – وهو المحامي الإسلامي العارف بدينه – أن ينادي بكلّ جرأة وشجاعة إلى مراجعتها مع ملحقاتها، وإعادة النّظر فيها جميعا، بل محاكمتها إلى كتاب الله، الذي (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : 42] وذلك عملا بقوله تعالى ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) [النساء : 59] وقوله جل شأنه ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) [الشورى : 10]، لا إلى الاعتزاز بها وعدّها من المكاسب الجديرة بالمحافظة عليها! إنني أسائل الأستاذ البحيري: لِمَ كلّ هذا الغلوّ! في التعلّق بهذه المجلّة إلى حدّ الاعتزاز!! وكأنّها تنزيل من حكيم حميد!؟ مع علمه بما فيها من أحكام تتعارض صراحة مع نصوص القرآن القطعية، وهي أمور لا يجوز لأيّ مسلم، يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يقبل بها أو يتغاضى عنها!؟ وإذا أصرّ الأستاذ البحيري على التشبّث بهذه المجلّة على ما بها من مثالب ومخالفات ومعايب، فبأيّ وجه يا ترى يفرض موقفه هذا على غيره من المخالفين؟! للسيد البحيري، ومن هم على مذهبه من إسلاميين وغير إسلاميين، أن يعتزّوا بمجلّة الأحوال الشّخصية، ويقدّسوها! ويعدّوها من المكاسب التي يرون وجوب المحافظة عليها؛ فذاك شأنهم، وحسابهم على الله تعالى في إصرارهم على مخالفة أمره وشرعه بتقديمهم حكمَ البشر على حكمه جلّ شأنه. ولكن ليس من حقّ الأستاذ البحيري أو غيره أن يُلزم بحكمه هذا جميع الإسلاميين، جازما بأنّه ” لا يوجد إسلامي يدّعي أنّه يرفض مجلّة الأحوال الشّخصية وبعض المكاسب (الأخرى) التي تحقّقت أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب”!! لقد وقع الأستاذ ” البحيري”! بكلامه هذا في عدة محاذير خطيرة، لا يتّسع هذا المقام لعرضها جميعا، ولذا نقتصر هنا على عرض بعض منها: – المحذور الأول: التجنّي على المجتمع التونسي: ويتمثّل ذلك في تجاهل البحيري لمحنة المجتمع التونسي، الذي يكتوي على مدار الليل والنّهار بنار هذه المجلّة والقوانين الملحقة بها، وما نجم عنها من كارثة اجتماعية وإنسانية وخُلقية، أوقعتها هذه المجلّة وملاحقها بالمجتمع التونسي بما أشعلت بين الرّجال والنّساء من نيران الحقد والبغضاء والضغينة والشحناء، وما زرعت بين الأزواج من بذور الشّقاق والاختصام والفراق، واستشراء ظاهرة الطلاق؛ ممّا أفضى إلى تفكك الرّوابط الأسرية، وانبتات الأواصر العائلية؛ فبسبب هذه المجلة تبوّأت تونس اليوم المرتبة الأولى عربيا، والرّابعة عالميا من حيث تعاظم نسبة الطلاق[3]. وإلى هذه المجلّة كذلك يُعزى عزوف الشّباب عن الزّواج، حتى بلغت نسبة عدد العوانس[4] في تونس إلى أكثر من 52 % ، كما يُعزى إلى هذه المجلّة كذلك، استفحال ظاهرة الأمّهات العزبوات[5]، وتكاثر الولادات غير الشرعية[6]. فكيف يسوغ مع كلّ هذا، لعاقل أن يعدّ هذه المساخرَ مفاخرَ! وهذه المفاسدَ مكاسبَ! ينبغي الاعتزاز بها أو الحفاظ عليها!! فيا عجبا! كيف عميت على الأستاذ البحيري وغيره من أنصار هذه المجلّة ودعاتها، أنباءُ هذه الرّزايا والبلايا التي يرزح تحت كلكلها اليوم كلّ من الرّجال والنساء في تونس على سواء، جرّاء مجلّة الأحوال الشخصية هذه التي قُدّمت للمجتمع التونسي على أنّها مكرُمة ونِعمة! فانقلبت عليه نكبة! ونقمة! ومع كلّ هذا، فقد ظلّ أنصار هذه المجلّة ودعاتها متعلّقين بها إلى حدّ التقديس حتى غدت في تونس كبقرة الهندوس!! فلا أحد يجرؤ على نقدها أو معارضتها! ومن ذا الذي يجرؤ على ذلك إلاّ من نصب نفسه هدفا للسّهام الرائشة والحراب الناهشة والنبال الطائشة، تنوشه من كلّ مكان! حيث غدا الاعتراض على أيّ شيء من هذه المجلّة أو نقدها – ناهيك عن الدّعوة إلى إلغائها واستبدالها – ضربا من الكفر أو المروق! أو أمارة من أمارات الجنون والخُرْق!! – المحذور الثاني: افتِئاتُه على الإسلاميين: ويتمثّل ذلك فيما سمّاه البحيري “تطوّر نوعي”! حصل في موقف الإسلاميين بقبولهم بمجلة الأحوال الشخصية ومؤسّسة الدّولة، وإنكاره أن يكون أحد منهم يرفض هذه المجلّة أو لا يعتبرها إيجابيات ومكاسب!! بل ويزعم فوق ذلك اعتزازهم بها!! هكذا نصب الأستاذ البحيري نفسه وكيلا! عن الإسلاميين، منتحلا بذلك صفة النّاطق بلسان حالهم ومقالهم، دون أن يفوّضه أحد منهم، داخل البلاد أو خارجها، حقّ التحدّث باسمهم! أو المجازفة بإصدار هذا الحكم التعسّفي الجائر على الحقّ، المجانب للصّواب، ونسبته إليهم! فهل قبول أيّ مسلم – يا أستاذ البحيري – بقوانين مخالفة صراحة لشرع الله سبحانه، سواء ممّا سنّته الدّولة التونسية أو استوردته قديما أو حديثا – والإغماض عن تلك المخالفات الكبيرة، هو من التطوّر النوعي المحمود! الذي يستحقّ صاحبه التنوية والثناء!؟ وكيف يُحمد منه مثل هذا الموقف الذي يُرضي به المخلوقين ويُغضب عليه الخالق – جل جلاله – ويعرّضه إلى سخط الله – سبحانه – وماذا عسى أن يُغني عن المسلم ثناءُ النّاس أو رضاهم عنه، حين يتّخذ من المواقف الموافقة لآرائهم وأهوائهم ما يوقعه تحت هذا الوعيد الإلهي الرّهيب: ( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) [محمد : 25 – 28] . فكيف بعد هذا يجرؤ مسلم على التسليم بهذه القوانين أو الرّضى بها؟! ناهيك أن يعدّها من المكاسب الجديرة بالاعتزاز! إلاّ متى قبل الدنيّة في دينه، فهانت عليه شريعة الإسلام التي أمر الله نبيّه – صلى الله عليه وسلم – وكلّ مسلم من بعده باتّباعها، حيث قال تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) [الجاثية : 18. 19] . من أدراك – يا أستاذ البحيري – أنّه لا يوجد إسلامي يرفض هذه المجلّة! أو لا يعدّها من المكاسب! فهل أجريتَ في صفوف الإسلاميين استطلاعا فرديا أو جماعيا أو استفتاء عامّا شعبيّا أو فِئويّا، خلصت منه إلى إصدار هذا الحكم الجازم بأنّهم جميعا على مذهبك في قبول هذه المجلّة، والاعتزاز بها والاعتداد بما تسمّيه مكاسب وإيجابيات؟! وما عسى أن يكون موقف الأستاذ البحيري، حين يعلم أنّ طائفة من الإسلاميّين – ومنهم كاتب هذه السّطور- يرفضون اليوم هذه المجلّة وملحقاتها رفضا قاطعا! بسبب ما فيها من مخالفات شرعية! تُدخلها في باب المفاسد التي يلزم – شرعا – درؤها، لا المكاسب التي يجب حفظها! وأنا أدين الله سبحانه برفض كلّ قانون من قوانين الدّولة التونسية مخالف لشرع الله جلّ وعلا. بل إنّي أجزم لك – يا أستاذ البحيري – بأنّ كلّ مسلم عادي – لا شأن له بأمور القانون والفكر والسياسة والانتماء الحركي أو الحزبي، ونحو ذلك – ولكنه متمسّك بدينه عقيدة وشريعة، لو كوشف بما في هذه المجلّة وملحقاتها، وبما في كثير من قوانين الدّولة التونسية من مخالفات شرعية وتشريعات تعارض نصوص الكتاب القطعية! لأعلن فورا براءته منها جميعا، ولنادى بهجرها ونبذها غير آسف عليها، ناهيك أن ينادي بالمحافظة عليها أو الاعتزاز بها!! ألا يرى الأستاذ البحيري، بعد هذا، أنّه بحكمه الجازم ذاك والجائر، قد تألّى على هؤلاء الإسلاميين، بل تألّى على كلّ مسلم! بغير وجه حقّ، فحكم بحكمه ذاك بلا هدى ولا كتاب منير! ولولا أنّ ذاك التّصريح من الأستاذ البحيري يتعلّق بأمر شرعي – لا يجوز لمسلم تجاهله أو السّكوت عنه – لما تكلّف مثلي الردّ عليه، مع جهلي وعجزي وقصور باعي، وقلة بضاعتي! ذلك أنّ في السّكوت عنه، إقرارا له على الباطل، وموافقة له على منكر في الدّين، يتوجّب علينا إنكاره والنّهي عنه، وإلاّ كنّا من الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه! فيلحقنا بذلك من الوعيد ما لحقهم، وإذن فما لنا من الله من عاصم! فلم يكن بوسعي – والحالة ما ذُكر – أن أَلزَمَ الصّمت حيال هذا الكلام الخطير، الذي يجعل السّاكت عنه، فضلا عن الرّاضي به شريكا لقائله في الإثم وعرضة للوقوع معه في الوعيد الإلهي. – المحذور الثالث: وهو محذور شرعي ويتمثّل في التغاضي عمّا في مجلة الأحوال الشخصية وملحقاتها من مخالفات شرعية: لقد أعرب الأستاذ البحيري عن اعتزازه بهذه المجلّة، وسواها ممّا سمّاها (المكاسب الأخرى) وعدّها مكاسب! وإيجابيات! يجب الحفاظ عليها – هكذا دون أن يبيّنها أو يفصّلها لنعرف إن كانت حقّا مكاسب أم مفاسد! – متجاهلا في الآن نفسه ما في كلّ ذلك من أحكام تتعارض صراحة مع نصوص القرآن العظيم وصحيح السّنة المطهَّرة! واعتبارا لضيق المقام، فإنّنا نعرض، بين يدي القرّاء الكرام، في ثنايا هذا الردّ، بعض الأمثلة على المخالفات الشرعية الواقعة بمجلّة الأحوال الشخصية والقوانين الأخرى ذات الصّلة – والتي يعلمها الأستاذ البحيري علم اليقين – مع مقابلتها بالنّصوص القرآنية والأحكام الشرعية، مذيّلة بتعاليق موجزة من الكاتب على سبيل التوضيح، وذلك ليستبين القارئ الكريم وجه المخالفة في كلّ حالة، فبالمثال يتّضح المقال، تاركين للقارئ الكريم حرّية الحكم بعد ذلك لهذه المجلّة أو عليها، وما إذا كانت ممّا يحقّ للمسلمين عامّة والإسلاميين منهم خاصّة – بمن فيهم الاستاذ البحيري – قبولها والاعتزاز بها، أم يجب عليهم شرعا رفضها والبراءة منها. 1 – اعتبار الطلاق ثلاثا من موانع الزواج المؤبّدة: الفصل 14 – ” موانع الزواج قسمان مؤقتة ومؤبّدة. فالمؤبدة: القرابة أو المصاهرة أو الرّضاعة أو المطلّقة ثلاثا “[7]. إنّ عَدّ ” الطّلاق ثلاثا ” من الموانع المؤبّدة، مخالف للنّصّ القرآني في قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء) [انساء : 23 – 24] . تعليق: فلم يَرِدْ في هذه الآية، ولا في غيرها من جميع آي القرآن الكريم، نصّ على اعتبار الطّلاق ثلاثا، من الموانع المؤبّدة. وإذا كان الدّاعي لهذا المنع القانوني هو ما يزعمونه من القضاء على ما كان يُعرف “بنكاح التحليل”، أو “نكاح المحلِّل” المحرّم شرعا بنصّ الحديث النبوي: “لعن الله المحلل والمحلل له”[8]، ثمّ إنّ هناك سبلا زجرية كثيرة وطرقا جزائية عديدة، يمكن توخّيها للقضاء على هذا النّوع من النكاح دون حاجة إلى تحريم ما أحلّ الله في مخالفة صريحة لشرعه الحكيم. 2 ـ تحريم زواج الرّجل من مطلقته ثلاثا بعد طلاقها من زوج غيره: – الفصل 19 ” يُحجَّر على الرّجل أن يتزوّج مطلَّقتَه ثلاثا”[9]. ومعلوم – شرعا – أنّ تحريم المطلَّقة ثلاثا، مخالف صراحة لنصّ الآية الكريمة (فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [البقرة : 230] . تعليق: فبأيّ وجه يا ترى يحرّم هذا الفصل القانوني ما أحلّ الله؟! وقد يكون بين الطّرفين أولاد، ومن مصلحتهم أن يرجع أبواهم إلى بعضهما بعضا ليلتئم بذلك شملهم بعد تفرّق، فلماذا يحرمهم القانون من ذلك؟! ألا يكون القانون بهذا المنع، قد قطع من الأواصر ما أمر الله به أن يوصل؟! فهل يظنّ واضعو القانون التونسي أنّهم أعلم بمصالح العباد من ربّ العباد، فيحرّموا ما أحلّ الله (قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) [البقرة : 140] . 3 ـ تحريم تعدّد الزوجات[10] : – الفصل 18من مجلّة الأحوال الشخصيّة: ” تعدّد الزّوجات ممنوع. كلّ من تزوّج وهو في حالة الزوجيّة وقبل فكّ عصمة الزواج السّابق يعاقب بالسّجن لمدّة عام وبخطيّة قدرها مائتان وأربعون ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين ولو أن الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون. ويعاقب بنفس العقوبات كلّ من كان متزوّجا على خلاف الصّـيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرّخ في 1 أوت 1957 والمتعلّق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمرّ على معاشرة زوجه الأوّل. ويعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمّد إبرام عقد زواج مع شخص مستهدَف للعقوبات المقرّرة بالفقرتين السّابقتين ولا ينطبق الفصل 53[11] من القانون الجنائي على الجرائم المقررة بهذا الفصل “[12]. هكذا حرّم الفصل 18 من مجلّة الأحوال الشخصية، ما أحلّ الله عزّ وجلّ من التعدّد، في مخالفة صريحة للنصّ القرآني، حيث قال تعالى في محكم التنزيل (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً)[13][النساء : 3] وقال أيضا (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ[14] فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً) [النساء : 129]. تعليق: وهكذا قضى وُضّاعُ القانون التونسي بتحريم التّعدد تحريما قاطعا! في اعتداء منهم على حكم الله سبحانه الذي قضى بحِلِّهِ، من جهة، ودون أن يأخذوا في اعتبارهم، من جهة أخرى، الأحوال الاستثنائية للعديد من الأسر والعائلات التي تكون فيها المرأة مريضة أو عاقرا، ممّا يُحْوج الرّجلَ في هذه الحال إلى الزّواج من أخرى؛ ومع تعلّق الزوجيْن بعضِهما ببعض، وموافقه المرأة لزوجها على الاقتران بثانية، فقد قضى الفصل 18 – رغم ذلك – بقطع أواصر آلاف الأسر، وتشتيت شملها وتفريق جمعها، حيث يُضطرّ الزّوج إلى طلاق امرأته قَسْرَ إرادته وإرادتها! وهكذا تنقلب المرأة التي يزعمون حمايتها، ضحيّة لهذا القانون الجائر الذي يقضى بحرمانها من الحياة الزوجية، ويحكم عليها أن تعيش أيّماً مدى الحياة!! فهل أنصف القانون هذه المرأة المسكينة أم هو قد جار عليها؟! فإذا هو كما قال القائل: رَامَ نفعاً فضَرَّ مِن غَيرِ قصدٍ ومِنَ البِرِّ مَا يَكون عُقُوقاً كما لم يأخذ حكّام تونس في حسابهم – حين حرّموا التعدّد المشروع وجرّموه – ازديادَ نسبة أعداد النّساء[15] على أعداد الرّجال، وهذا ما شهدت به الإحصاءات الحديثة فعلا، إذ ” أظهرت بيانات إحصائية أنّ عدد الإناث في تونس أصبح يفوق عدد الذكور..ووفقا لهذه البيانات التي أعدّها المعهد الوطني التونسي للإحصاء على خلفية مسح يتعلق بالخصائص الديمغرافية للسكان في تونس أنجزه العام الماضي، فإنّ عدد السّكان في تونس يتوزّع حسب الجنس إلي 5 ملايين و100 ألف و400 نسمة من الذكور و5 ملايين و108 آلاف و500 نسمة من الإناث..هذه الأرقام تُظهر أنّ عدد الإناث في تونس تجاوز ولأوّل مرّة عدد الذّكور بما يناهز 8000 نسمة “[16]. فما هو الحلّ الذي يراه حكّام تونس وأنصارهم من أعداء التعدّد الشرعي، لهذه الأعداد المتزايدة من النّساء اللائي لا يجدن في تونس أزواجا؟! فهل يتعيّن عليهن الرّحيل خارج البلاد التونسية بحثا عن رجال؟! أم يتوجّب على الحكومة التونسية استيراد رجال لهنّ من الخارج؟! وإذا كان من غير المعقول تصديرهنّ، ولا توريد رجال لهنّ، فهل عليهنّ – إذعانا لهذا القانون الجائر عليهنّ – أن يتبتّلن ويُلزمن أنفسهنّ بالرّهبانية! التي أبطلها الإسلام لِمَا فيها من مصادمة لفطرة الله التي فطر النّاس عليها؟! أم عليهنّ أن يظللن عوانسَ يكابدن وحشة الوحدة والإنفراد والغربة بين أهليهنّ؟! وما ذنبهنّ حتى يحرمهنّ القانون من حقّهنّ الطبيعي والشرعي في حياة زوجية كريمة، ولو كان ذلك بمشاركتهنّ لبنات جنسهنّ في أزواجهنّ! إذا ما تراضوا على ذلك فيما بينهم بالمعروف؛ فهل يُعقل أن يرضى الخصوم ولا يرضى القانون؟! بدل أن تستشري – كما هو مُشاهَد اليوم – في المجتمع التونسي ظاهرة المخادنة بين الرّجال والنساء بسبب حرمان الكثيرات منهنّ من المعاشرة الزوجية الشرعية! فأيّ الأمرين أفضل للمجتمع يا ترى، تعدّد الحليلات، أم تعدّد الخليلات؟! أليس في منع التعدّد – والحالة ما ذكر – إضرار بهؤلاء النّساء، ودفع لهنّ لمواقعة الفاحشة! والسّقوط في مهاوي الرّذيلة! وملاحقة السّياح الأجانب واللهاث وراءهم ومرادودتهم على الاقتران بهنّ[17] من أجل تمكينهنّ من الهجرة بواسطتهم إلى البلاد الأوروبية؟! هذا وقد جاء في تقرير الحكومة التّونسية المقدّم إلى الأمم المتّحدة والمتعلّق بالعهد الدولي الخاصّ بالحقوق المدنية والسياسية ما نصّه: ” ويمثل إلغاء تعدّد الزّوجات بمقتضى قانون الأحوال الشخصيّة وإقامة نظام الزّوجة الواحدة تعبيراً آخر عن مبدإ المساواة بين الرّجل والمرأة. وقد أصبح تعدّد الزّوجات الذي كان هو المظهر الأكثر فجاجةً[18] وظلماً[19] لعدم المساواة بين الزوجين جنحة يعاقب عليها القانون الجنائي وفضلا عن ذلك فإن الزواج الجديد باطل “[20]. فهل يجرؤ امرؤ – يزعم إنه مسلم – على وَصْمِ حكم من أحكام الله – جلّ وعزّ – “بالفَجاجة والظّلم”!! مجيزا لنفسه حقّ إزالته وإلغائه وتحريم ما أحلّ الله!! تحقيقا للعدل والمساواة! بزعمه!؟ إنه لا يجرؤ على ذلك إلاّ من خلع ربقة الإسلام عن عنقه؟! بمضادّته لله في حكمه! والله تعالى يقول ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) [النحل : 116] . (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ) [يونس : 59] (وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [الرعد : 41] . ومع تحريم هذا القانون لتعدّد الزوجات المشروع، فقد أباح تعدّد الخليلات الملعون!! حيث استفحلت في المجتمع التونسي اليوم جريمة المُخادَنَة والمُخالّة! وأصبح اتّخاذ الأخدان من النساء والرّجال ظاهرة معروفة! وعادة مألوفة! في المجتمع التونسي لا تثير استنكارا ولا استغرابا! بل هي – مع انتشارها واستشرائها ومخالفتها نظريّا للقانون – فلا تثريب على فاعليها! ولا عقاب على مرتكبيها! الأمر الذي جعل ” نسبة 15,8 % من حالات الطّلاق هي نتاج المشاكل الجنسية والخيانة الزوجية وقلّة الثقة والغيرة “[21]. 4 – الطّلاق: (ويعنينا منه هنا الفقرة الثالثة من الفصل 31 أدناه). – الفصل 31 (جديد) ” يحكم بالطّلاق: – أوّلا بتراضي الزوجين. – ثانيا بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر. – ثالثا بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق أو مطالبة الزوجة به ويقضي لمن تضرّر من الزوجين بتعويض عن الضّرر المادّي والمعنويّ النّاجم عن الطّلاق في الحالتين المبيّنتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه. وبالنسبة للمرأة يعوّض لها عن الضّرر المادّي بجراية تدفع لها بعد انقضاء العدّة مشاهرة وبالحلول على قدر ما اعتادته من العيش في ظلّ الحياة الزوجيّة بما في ذلك المسكن. وهذه الجراية قابلة للمراجعة ارتفاعا وانخفاضا بحسب ما يطرأ من متغيّرات وتستمرّ إلى أن تتوفّى المفارقة أو يتغيّر وضعها الإجتماعيّ بزواج جديد[22] أو بحصولها على ما تكون معه في غنى عن الجراية. وهذه الجراية تصبح دينا على التّركة في حالة وفاة المفارِق وتُصفّى عندئذ بالتّراضي مع الورثة أو على طريق القضاء بتسديد مبلغها دفعة واحدة يراعى فيها سنّها في ذلك التّاريخ، كلّ ذلك ما لم تخيِّر التّعويض لها عن الضّرر الماديّ في شكل رأس مال يسند لها دفعة واحدة “[23]. فأين هذا ممّا جاء في الكتاب العزيز من أمر الله سبحانه للرّجال بحسن معاشرة نسائهم بالمعروف حيث قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء : 19] . وما بيّن سبحانه من حقّ النّساء المدخول بهنّ في ملكية المهور المقدّمة لهنّ، ومنع الرّجال من استرجاع أيّ شيء منها في حال الطّلاق، حيث قال تعالى (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظا) [النساء 20 – 21] . كما جعل الله سبحانه – عند تعذّر حسن العشرة بين الأزواج – أكمل منهاج للطّلاق وهو منهاج إلهي لا حيف فيه ولا ظلم ولا محاباة لطرف على آخر، فقال سبحانه (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة : 229] . (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) [البقرة : 231] وقوله (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة : 232] (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) [البقرة :236 – 237] . وقوله سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) [الطلاق : 1] ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) [الطلاق : 2] . تعليق: فهل يجد المرء – مع ما رأينا من حيف الفصل 31 على الرّجال – أيّ أثر لما يُزْعَم من العدل والمساواة بين النّساء والرّجال؟! وهل ترى مثل هذا القانون، بما ينطوي عليه من غبن للرّجال ومحاباة للنساء، يغري الشباب بالإقدام على الزّواج أم هو – بما ألزم به الأزواج من غرامات وجرايات، وعقوبات – إنّما سدّ في وجوه هؤلاء الشباب طريق الزواج الشرعي، وثبّطهم عن ولوج بابه، بل دعاهم إلى الفرار منه، هروبا من عقابيله وعواقبه الوخيمة تلك التي يعانيها الأزواج جرّاء الفصل 31 والفصل 53 وغيرهما من فصول مجلة الأحوال الشخصية وسواها من القوانين؟! ولمّا كان بوسع كثير من الشباب التونسيين من ضحايا خطّة تجفيف منابع التدين أن يستبيحوا حرمات الله، دون رقيب عليهم ولا نذير! ليقضوا متى شاءوا من أيٍّ من النّساء أوطارهم ولُباناتِهم ويحقّقوا منهنّ شهواتهم ونزواتهم، بكلّ حرية! بعيدا عن الرّوابط الزوجية الرسمية، وما ينجرّ عنها من تبعات قانونية والتزامات معاشية وتموينية أو عقوبات قضائية أو تحمّلات عائلية أو تكاليف مادّية! وهذا ما عبّر عنه أحد الشباب صراحة بقوله: ” لماذا أتزوج أصلا؟! إن كنت أستطيع الحصول على ما أريد مجانا “[24]. فما الذي يدعو هؤلاء الشباب إذن إلى التقيد بقيود الزواج؟! وكيف يُقدمون على التّعاقد على الزواج من نساء وقع تأليبهنّ على الرّجال باسم الحرية والمساواة، كما جرى (تسليحهنّ)! من قبل “وزارة المرأة والأسرة” بجهاز إنذار مبكّر! حيث وضعت تحت أيديهنّ خطّا هاتفايا مجانيا سُمّي “الخطّ الأخضر”[25] تستطيع بواسطته أيّ منهنّ – عند أي خلاف لها مع زوجها – أن تستنفر له أعوان البوليس! فيحضروا في طرفة عين! ليأخذوه في الأغلال مصفّد اليدين! بتهمة العنف أو التهديد بالاعتداء، أو محاولة الاغتصاب[26] وهو وضع أفزع الشّباب التونسيين، وصرف اهتمامهم عن التفكير في الإقدام على الزواج الذي أصبح اليوم في تونس مخاطرة! غير مأمونة العواقب!! فهل ترى هؤلاء الشباب يرضون أن يدخلوا طواعية فيما يُسمّى “القفص الذّهبي” – الذي استحال في تونس اليوم “قفصا حديديا من الفولاذ الصّلب”، أشبه ما يكون بقفص الوحوش المفترسة! – حيث تطوِّق أغلالهُ الثقيلة أعناقَهم وتغلّ قيودُه القاسيةُ أيديَهم وأرجلَهم! ليُرمى بهم في غياهب السّجون بتهم كيدية!! فمن ذا الذي يؤثر حياة السّجن وعذابه على حياة الحرّية وملاذّها المجانية في الدّيار التونسية؟! أبعد كلّ هذا يستغرب عاقل عزوف الشباب هذه الأيّام عن الزواج؟![27]. ألا يكون حكّام تونس أصحاب هذه القوانين، هم من يتحمّلون تَبعة هذا الاختلال أو الانخرام الذي يدبّ اليوم في كيان المجتمع التونسي ويؤذن بتفكيكه عاجلا أم آجلا، بسبب تلك التشريعات الظالمة الباطلة!؟ 5 – الفصل 53 المتعلق بالنفقة والجراية العُمُرية: أمّا صرف الجراية الشهريّة والنّفقة، فقد قضى الفصل 53 من مجلّة الأحوال الشخصيّة المنقّح في 12 – 7 – 1993 بعقوبة صارمة على الرّجل حال التخلّف عن الدّفع إذ جاء فيه: ” كلّ من حُكم عليه بالنّفقة أو بجراية الطّلاق فقضى عمدا شهرا دون دفع ما حكم عليه بأدائه يُعاقب بالسّجن مدّة تتراوح بين ثلاثة أشهر وعام وبخطيّة من مائة دينار إلى ألف دينار، والأداء يوقف التّتبعات أو المحاكمة أو تنفيذ العقاب. ويتولّى صندوق النّفقة وجراية الطّلاق دفع مبالغ النّفقة أو جراية الطّلاق الصّادرة بها أحكام باتّة – تعذر تنفيذها – لفائدة المطلقات وأولادهن من المحكوم عليه بسبب تلدّده وذلك وفقا للشروط المنصوص عليها بالقانون المحدث للصندوق. ويحلّ هذا الأخير محلّ المحكوم لهم في استخلاص المبالغ التّي دفعها “[28]. – وأما بشأن النّفقة والحضانة؛ فقد قال تعالى في محكم التنزيل: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [البقرة : 233] وقال جلّ وعلا (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [الطلاق : 6] (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) [الطلاق : 7] . (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ ) [البقرة : 241] . تعليق: نعم إنّ مقاضاة الرّجل الملِيءِ الوَاجِدِ المحكومِ عليه بالنّفقة، تكون مشروعة من أجل إلزامه بتسديد ما عليه من واجب النّفقة، عملا بقول النبيّ – صلى الله عليه وسلم – ” لَيُّ الواجد[29] يُحِلُّ عِرضَهُ وعقوبتَهُ “[30]. وأمّا المُعسر، وخصوصا العائل الذي لا يجد موردا للعيش – مع استفحال آفة البطالة اليوم في المجتمع التونسي – فمن أين له الإنفاق من دون أن تؤمّن له الدّولة موطن شغل، يعول منه أسرته[31]، وأيّ فائدة يا ترى تعود على المرأة من حبسه في السّجن وتغريمه، رغم إعساره، غير إيغار صدره على تلك المرأة المتسبّبة في عقوبته، الأمر الذي قد يدفعه يوما ما إلى الانتقام منها، بكلّ سبيل! وهذا واقع الحال شاهد بصحّة المقال!! ألا يكون هذا القانون، بما قضى به من عقوبة قاسية على الرّجال، دون مراعاة لما هم عليه من حال الإعسار، قد أشاع في نفوس كثير منهم من الأحقاد، وزرع في قلوبهم من الضغائن على النّساء، ما يفضي بهم إلى ارتكاب جرائم القتل! والاعتداء على مطلّقاتهم؟! فأين هذا ممّا دعا إليه القرآن من استحضار الفضل بين الرّجال والنّساء حيث قال – جلّ شأنه – ( وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [البقرة : 237] . وللحديث – إن شاء الله – صلة كتبه فقير ربّـه: محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي عنوان البريد الالكتروني: mohamed-zemzemi@hotmail.de [1] – صدر بها أمر 13 أوت 1956. ونشر بالرائد الرسمي التونسي عدد 66 الصّادر في 17 أوت 1956. وبدأ إجراء العمل بها في أول جانفي / يناير سنة 1957 . [2] – القدس العربي بتاريخ 24. 10. 2009 / جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 05 ذو القعـدة 1430 هـ 24 . 10. 2009 . [3] – وقد أطلق أستاذ علم الاجتماع بلعيد أولاد عبد الله صيحة فزع بسبب تفشي ظاهرة الطلاق في تونس. وقال في لقاء مع جريدة الصباح التونسية “إن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا في نسبة الطلاق. ودعا إلى ضرورة الوقاية من هذه المعضلة الاجتماعية وذلك بمزيد توعية الشباب المقبلين على الزواج وتحسيسهم بأن الزواج هو مشروع جاد.. ويتعين عليهم حسن اختيار القرين وإدراك أن الحياة الزوجية تختلف عن حياة العزوبية”. راجع جريدة الصباح في عددها الصادر يوم 10 فبراير 2007. [4] – فقد كشف المسح الذي أجراه الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري بالتعاون مع منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وجامعة الدول العربية (وحدة المشروع العربي لصحة الاسرة) سنة 2006 وشمل 9 آلاف أسرة. عن أن 93 فاصل 6 بالمائة من التونسيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و24 سنة عازبات، وتبلغ نسبة العازبات للفئة العمرية الممتدة بين 25 و34 سنة 52 فاصل 6 بالمائة، وللفئة العمرية بين 35 و49 بالمائة 14 فاصل 2 بالمائة وللفئة العمرية التي تفوق 50 سنة 3 فاصل 3 بالمائة. (جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 فيفري 2008 ). [5] – قالت جريدة “الصباح” نقلا عن مصالح الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري التابع لوزارة الصحة العمومية إن عمليات الإجهاض الدوائي تطبق حاليا في مصحات الديوان لتخليص الحوامل العازبات، وخاصة من فئة المراهقات من الحمل غير المرغوب فيه خارج إطار الزواج.. وتقول مصادر من وزارة الصحة إن ظاهرة الولادة خارج إطار الزواج شهدت تزايدا مقلقا في السنوات الأخيرة. وقد ابتكرت مصالح وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية مراكز لتأهيل “الأمهات العازبات”، خاصة وأن المرأة عند حدوث الحمل والولادة خارج إطار الزواج تتعرض لتهديد وخطر على حياتها من قبل أسرتها.. وكان الديوان الوطني للأسرة قال في دراسة سابقة إنه يتم تسجيل أكثر من 100 مولود غير شرعي كل سنة، من خلال متابعة الحالات التي تصل المستشفيات العمومية… وتعيش في مركز “أمل” لتأهيل الأمهات العازبات في إحدى ضواحي العاصمة حوالي 60 فتاة تتراوح أعمارهن بين 14 و25 سنة صحبة أبنائهن.(قدس براس – العربية نت ). كما تؤكد الإحصائيات الرسمية والمدنية وجود أكثر من 4000 أم عازبة في تونس. راجع موقع أشهيار عبد الجواد:http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=132251 [6] – حيث تقدم سنويا أزيد من 3000 أم عازبة على الإجهاض، وفي سنة 2005 صرحت وزارة الصحة التونسية أن أزيد من 2118 عملية إجهاض شهدتها المستشفيات التونسية. موقع أشهيار عبد الجواد: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=132251 <!–[if !supportLineBreakNewLine]–> [7] – مجلة الأحوال الشخصية. [8] – رواه أبو داود وابن ماجة وابن أبي شيبة والبيهقي. [9] – راجع الفصل 19 من مجلّة الأحوال الشخصية. [10] – وقد علقت إحدى الصحفيات على هذا القانون قائلة ” وهي خطوة رائدة خطاها المشروع التونسي منذ سنة 1956 والتي لم يستطع غيره من التشريعات اتخاذها إلى اليوم. فبقية التشريعات العربية، اكتفت بانتهاج أسلوب الحد من تعدد الزوجات، دون منعها بصورة مطلقة احتراما للآية القرآنية الصريحة: ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاثى ورباعى…” من مقال بعنوان “الاحتفال بالذكرى الواحدة و الخمسين لمجلة الأحوال الشخصية التونسية” لربيعة الماجري مراسلة بوابة المرأة العربية. http://www.maan-sy.org/?page=show_details&Id=69&table=studies& فهذه الصحفية مع جهلها بكتاب الله، زادت فحرّفت نصّ الآية ورسمها فكتبت “وثلاثى وراعى” ممدودة بألف مقصورة! وهذا يدلّ على أنها ما فتحت عينها على هذه الآية في كتاب الله. وفحوى كلامها أن التشريع التونسي خلافا لبقية التشريعات العربية لا يحترم الآية القرآنية الصريحة! وهكذا أصبح الاجتراء على تحريف كلام الله وتغيير شرعه وتبديل أحكامه في تونس مبعث افتخار واعتزاز؟! فلا حول ولا قوّة إلا بالله!! [11] – ويتعلق الفصل 53 من القانون الجنائي بظروف التخفيف. [12] – المرسوم عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 20 فيفري 1964 المصادق عليه بالقانون عدد 1 المؤرخ في 21 ابريل 1964. [13] – الشرط الذي اشترطه الإسلام لتعدد الزوجات هو ثقة المسلم في نفسه أن يعدل بين زوجتيه أو زوجاته في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمبيت والنفقة، فمن لم يثق في نفسه بالقدرة على أداء هذه الحقوق بالعدل والسوية حرم عليه أن يتزوج بأكثر من واحدة قال تعالى: (…فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ) النساء:3. وقال عليه الصلاة والسلام: “من كانت له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة يجر أحد شقيه ساقطا أو مائلا”. والميل الذي حذر منه هذا الحديث هو الجور على حقوقها، لا مجرد الميل القلبي، فإن هذا داخل في العدل الذي لا يستطاع، والذي عفا الله عنه وسامح في شأنه، قال سبحانه وتعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) النساء:129. ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول: “اللهم هذا قسمي فيما أملك.. فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك” يعني بما لا يملكه أمر القلب والميل العاطفي إلى إحداهن خاصة. موقع إسلام أونلاين http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?pagename=IslamOnline-Arabic-Ask_Scholar/FatwaA/FatwaA&cid=1122528622840 [14] – فزعموا أنّ إباحة التعدد مشروطة بشرط العدل، وأنّ الله – سبحانه – أخبر بأنّ العدل غير مستطاع، فهذه أمارة تحريمه عندهم!! إذ قصَروا استدلالهم على بعض الآية: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ}، وتركوا باقيَها: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}، فكانوا كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض! ثمّ ذهبوا يتلاعبون بالألفاظ، وببعض القواعد الأصوليّة، فسمَّوا تعدد الزوجات (مباحاً)! وأن لولي الأمر أن يقيّد بعض المباحات بما يرى من القيود للمصلحة! فما كان تعدد الزوجات مما يطلق عليه لفظ (المباح) بالمعنى العلمي الدقيق؛ أي: المسكوت عنه، الذي لم يردْ نصٌّ بتحليله أو تحريمه، وهو الذي قال فيه رسول الله : “ما أحلّ الله؛ فهو حلال، وما حرّم؛ فهو حرام، وما سكت عنه؛ فهو عفو”، بل إنّ القرآن نصَّ صراحة على تحليله، بل جاء إحلاله بصيغة الأمر، التي أصلها للوجوب: (فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ). وإنما انصرف فيها الأمر من الوجوب إلى التحليل بقوله: {مَا طَابَ لَكُمْ} ثمّ هم يعلمون – علم اليقين – أنه حلالٌ بكل معنى كلمة (حلال) بنصّ القرآن، وبالعمل المتواتر الواضح الذي لا شكّ فيه، منذ عهد النبيّ وأصحابه إلى اليوم، ولكنهم قوم يفترون! وشرط العدل في هذه الآية {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً } شرط شخصي لا تشريعي. نقلا عن مقال للعلامة أحمد شاكر بعنوان “حكم تعدد الزوجات” موقع شبكة المنهاج الإسلامية http://www.almenhaj.net/TextSubject.php?linkid=7470 [15] – فقد نقص عدد الرجال الألمان بعد حرب الثلاثين سنة كثيرا فقرّر مجلس حكومة فرانكونيا إجازة أن يتزوج الرجل بامرأتين.(موقع أخبار http://www.akhbarna.com/arabic/?action=detail&id=145 [16] – إحصائية: عدد الإناث بتونس يتجاوز عدد الذكور موقع محيط http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=141785&pg=37 [17] – راجع تحقيقا عن “زواج التونسيات بالأجانب” بالفصل الثالث بعنوان “الحرب على الإسلام في مجال الأسرة ” من كتاب تونس..الإسلام الجريح. [18] – والفج: من كل شيء ما لم ينضج وفجاجته نهاءته وقلة نضجه وبطيخ فج إذا كان صلبا غير نضيج وقال رجل من العرب الثمار كلها فجة في الربيع حين تنعقد حتى ينضجها حر القيظ أي تكون نيئة والفج النيء ..وكل شيء من البطيخ والفواكه لم ينضج فهو فج. راجع لسان العرب (الشاملة). وهي هذا اتهام لشرع الله سبحانه بعد النضج! [19] – ووصف التعدد بالظلم طعن في عدل الله سبحانه واتهام له جل شأنه بالحيف! ولا يخفى ما في ذلك من الكفر البواح. [20] ـ تقرير الحكومة التّونسيه المقدّم إلى الأمم المتحدة والمتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسّياسيّةCCPR – C-84 – Add. 1 والمؤرخ في 18 ماي 1993. [21] – مقال بعنوان “اسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية جعلت نسبة الطلاق في تونس مرتفعة” موقع جريدة الدستور http://www.addustour.com/ViewTopic.aspx?ac=%5CArabicAndInter%5C2007%5C11%5CArabicAndInter_issue49_day27_id6597.htm [22] – إنّ النّاظر في هذه القوانين والتشريعات الغريبة يجزم بأن الزواج في تونس قد بات بالنّسبة للرّجال صفقة خاسرة وهو ما يفسر عزوف الشباب عن الزواج تفاديا منهم لهذه الكوارث التي يوقعها القانون على كلّ من يفارق زوجته بصفة إنشائيّة. لقد طوّق القانون أعناق الرّجال بأغلال من التبعات والتّحمّلات والغرامات ما أنزل الله بها من سلطان. فيشقى الرجل في حال الزوجيّة كما يشقى في حال الطلاق فلم يبق على المفارق زوجته إلاّ أن يسعى في تزويجها برجل آخر؛ ويسدّد نفقات زواجها الجديد وينظّم لهما الحفل بقاعة الأفراح ويحرّر بواسطة عدول إشهاد محضر الدخول!! كلّ هذا من أجل أن تبرأ ذمّته من دفع الجرايات!! أمّا إذا توفيت المفارقة فعليه أن يخوض معركة إداريّة وقضائيّة لاستخراج حجّة الوفاة لوقف سريان الجرايات!! [23] – أنظر مجلّة الأحوال الشحصيّة. [24] – وهذا الحال عبّر عنه أحدهم على لسان الشباب بأحد مواقع الشبكة العنكبوتية قائلا ” لماذا أتزوج أصلا إن كنت أستطيع الحصول على ما أريد مجانا؟ ألا تظنوا أنه من الغباء أن أتزوج إن كنت أستطيع الحصول على أي شيء مجانا؟ العلاقة بدون زواج أرخص بكثير من أرخص الزواجات تكلفة؟ فلماذا أتزوج الأولى أصلا إذن بالله عليكم؟ فموعد وعشاء وسينما وربما رحلة صغيرة وانتهينا، كم سيكـّلف كل ذلك؟ وفي الحالتين كما يقولوا ونضحك به على بعض باسم الحب والعواطف وبقية الاسطوانة المشروخة. من يضمن حقوق من، والرجل بشكل عام عينه زايغه مثل ما يقول المثل فشكرا لمن ترضى وتفتح له الطريق. فطبيعة الرجل النفسية بشكل عام مبنية أكثر على الشيء الملموس وهذا يتطلب عليه أمور أكثر لإشباعه.أما طبيعة المرأة النفسية بشكل عام مبنية على العواطف وهذه تشبعها العاطفة أكثر على حساب الملموس. ما رأيكم يا معشر الرجال؟ وما رأيكم يا معشر النساء؟ فلا تظلموننا بقفص الزوجية إن كان للأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة ودعونا نتنقل بينكن بدون أيّ قيود خصوصا وأن قلب الرجل فيه أربع تجاويف وبعضهم ربما أكثر، وثقي إنه يصدُقك القول عندما يقول لك مكانك في قلبه لا ينافسك فيه غيرك..” (كلمات عن الرجل والمرأة / موقع http://www.nu5ba.net/vb/showthread.php?t=12173) . [25] – حيث بادرت مؤخرا وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين بتفعيل الخط الأخضر المجاني المفتوح للنساء المعنفات وتطويره. وتهدف الخطة إلى “الوقاية من السلوكيات العنيفة داخل الأسرة وفي المجتمع والتصدي لأشكال العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي والتوعية بخطورته وصيانة المجتمع من انعكاساته السلبية على المرأة بدرجة أولى وعلى الأسرة والمجتمع بشكل عام”. (جريدة الراية : http://raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=400338&version=1&template_id=41&parent_id=36 ) [26] – راجع مسألة اغتصاب الزوج لزوجته بالصفحة 286 بالفصل الثالث من كتاب تونس..الإسلام الجريح” للكاتب. [27] – فقد نشرت جريدة الشروق التونسية متحقيقا بعنوان ” لا عزاء للعانسات! معدّل سنّ الزواج يتأخر وكلّ العقاقير حارت في العزّاب”!!( الشروق بتاريخ: 5 . 2 . 1994). [28] – وقرر فقه القضاء “أن الجراية قابلة للمراجعة ويمكن توقيفها إذا توفيت المفارقة أو تغيّر وضعها الإجتماعيّ بزواج جديد ويشترط في الزواج الذي يوقف الجراية أن يتمّ الدّخول أي أنّ مجرّد عقد الزواج لا يوقف الجراية! ويجب على الزوج السّابق أن يثبت الدخول!! حتّى يتخلّص من واجب الإنفاق! ولا يحقّ للمفارق الذي تزوّجت مفارقته أن يتوقّف عن الإنفاق عليها تلقائيّا بل يجب صدور حكم في ذلك والمحكمة المختصّة هي المحكمة الإبتدائيّة بناء على اختصاصها المطلق. أما إذا تحصّلت المفارقة على ما تكون معه في غنى عن الجراية فيجب النّظر إلى قيمة هذه المداخيل فإذا كانت أقلّ شأنا من الجراية فإنّ حقّها لا يسقط وإذا كانت أكثر فحقّها في الجراية يسقط نظرا للصّبغة المعاشيّة لهذه الأخيرة”. [29] – الليُّ: التلدّد والمماطلة. والواجد : هو الذي لديه من المال ما يسدّد به دينه أو النفقة المحمولة عليه ولكنه يماطل ولا يدفع. [30] – رواه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه. ويعني بقوله: يُحِلّ عِرضه، أي يُغلّظ له في القول ويُنعَت بالظلم. وعقوبته: أن يُحبس حتى يؤدّي ما عليه من دين أو نفقة أو متعة امرأته المطلقة. [31] – وقد راعى الفصل 39 نفسه حالة الإعسار حيث نصّ بأنه “لا يلزم الزوج بالنفقة إذا أعسر إلا أن الحاكم يتلوّم له بشهرين فإن عجز بعد إتمامهما عن الإنفاق طلقت عليه زوجته. وإذا كانت الزوجة عالمة بعسره حين العقد فلا حق لها في طلب الطلاق “.
إنّ من الحبّ ما قتل
كتبه عبدالحميد العدّاسي كثيرا ما طرق أسماعنا أنّ مرض المطرب الفلاني أو موت الفنّان العلاّني قد دفع بعض المريدين (خاصّة البنات) إلى الانتحار أو محاولته، ويكفي أن تقرأ ما كتبت صحيفة “لوكوتيديان” التونسية الناطقة بالفرنسية والصادرة يوم الاثنين 29 – 6 – 2009، – حسب ما أوردت بعض المواقع العربية – ليتأكّد لديك ذلك! فقد أخبرت الصحيفة أنّ فتاة من متساكني المنار بالعاصمة قد أصيبت بالحزن الشديد إثر الإعلان عن وفاة مايكل جاكسون فاختلت بنفسها في غرفتها وقضت يوما كاملا في سماع أغاني النجم الأمريكي ثم ابتلعت كمية كبيرة من الأدوية تسببت في وفاتها… كان ذلك الانتحار بسبب موت جاكسون، ولكن ليس كلّ من انتحر قد انتحر أسفا على مفقود.. فها هو بدرالسلام الطرابلسي الصحافي التونسي يبرز – في مقاله الصادر بيومية “القدس العربي” ليوم 13 مارس 2008، وحسب ما أوردته دراسة حديثة – نمو ظاهرة الانتحار في تونس حيث أنّ واحدًا في الألف ساكن يقوم سنويا بمحاولة انتحار، بمعني أنّ قرابة عشرة آلاف تونسي يحاولون الانتحار كل عام، وهي نسبة عدّها ثلاثة من كبار أطباء الأعصاب والأمراض النفسية التونسيين الأكبر في أغلب الدول العربية، والسبب في ذلك كما جاء في المقال ـ الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم ـ الحالة المرضية التي تعصف بالشباب في حالة اليأس القصوى والإحباط ـ أسباب اجتماعية ـ اقتصادية ـ الفراغ الديني عند فئة من الشباب ـ فشل تجربة عاطفية ـ العجز عن الوصول للغايات المستقبلية المرسومة. وقد يمكن للمتابع دمج هذه الأسباب جميعا في سبب واحد وهو الحبّ والتفاني في رئيس البلاد وسياسته الرّشيدة النّاجحة النّاجعة!.. أليس الجميع يحكي عن فرحة الحياة في تونس وعن نجاح التجربة الاقتصادية التي ذهبت بآلام التجربة الأمنيّة المرّة!.. أليست العمارات الشاهقة قد حجبت عين الشمس!.. أليست الطرقات السيارة قد قرّبت الشقّة وأغرت الكثير من السواق “المهرة” بالموت على ناصيتها!.. أليست الأغنية التي أخرجتها الانتخابات الأخيرة للأضواء تعبّر عن ذلك الحبّ الخالص الصافي العفوي حيث تقول في بعض كلماتها: من نفزة للقروان… حسّينا بالأمان… الكلهم بك فرحانين… يا بو تونس لحنين… ثقافة وفنّ وكورة… يحكوا بينا لعباد… التوانسة لكلّ يحبّوك… فين أحنا موجودين… نقولولك أحنا الزين!… أيمكن لشعب أحبّ رئيسه بهذا الشكل وإلى درجة الانصهار (نقولولك أحنا الزين) أن يفكّر في قتل نفسه انتحارا؟!.. لا أحسب ذلك!.. ولكنّ “الانتحار” هنا هو تحقيق ما تعوّد اللسان على ترديده “بالرّوح بالدمّ نفديك يا زين”!.. إذ ليس ذلك مجرّد شعار يُرفع لدرء عصا البوليس كما يردّد “المرجفون” ولكنّه قول تحقّقه الجوارح بفدائية استثنائية أذهلت المحلّلين!.. أما قالوا إنّ أصل “التأله” التعبد، والتعبد آخر مراتب الحب!..، يقال: عبده الحب وتيّمه إذا ملكه وذلّله لمحبوبه…، فما العيب في أن يكون رئيس تونس وقد تعبّده النّاس إلها يقع عند أقدامه المنتحرون كرها!.. فالحبّ يفعل الأفاعيل، وقد يذهب بـ”المحبّ” إلى اقتراف ما يراه “البارد” منّا مخالفا للمألوف أو من الشذوذ الذي يجب اجتنابه والهروب منه!… ألم يشهد الصحفي سمير الوافي لقطة في مسرح قرطاج التونسي الدولي قال عنها – وقد “جهل الحبّ وسطوته والحضارة ومدلولاتها وحرّية المرأة وحدودها وضوابطها و”تسامح” الإسلام في تونس” – أنّها [مقززة وفاضحة.. ] تمثّلت في رمي فتاة “محبّة” ملابسها الدّاخلية على فارس كرم لمّا بالغ في إنشائها وزميلاتها اللواتي قال عنهنّ كذلك أنّهنّ [شوّهن معاني وأهداف حرية المرأة التونسية.. المتحضرة.. المتقدمة.. الأصيلة…] إذ كان يرى أن [ليس هناك عار أكبر.. وأقذر من فتاة ترمي ملابسها الداخلية.. على رجل غريب.. أمام آلاف الأعين.. وأمام الكاميرا.. بلا حياء ولا شرف ولا أخلاق…] ليعلن أنّ ذلك لعب بشرفنا!.. رغم إقراره بأنّ ما فعلنه لم يكن بدعا، إذ قد سبقهنّ مَن فعلن ذلك في الثمانينات لمّا لوّحن بملابسهنّ الدّاخلية وألقينها بسخاء وطواعية على وليد توفيق الذي قد أخذ بألبابهنّ حتّى أنساهنّ ضرورة المحافظة على ملابسهنّ وأعراضهنّ ووجوه آبائهنّ وأمّهاتهنّ والقوم الذين ينتمين إليهم!.. حتّى أنّ صالح جغام رحمه الله (وهو من أشهر وأبرع المذيعين الذين مرّوا بمؤسّسة الإذاعة والتلفزة التونسية) قال عنهنّ عبر الهواء مباشرة – وقد صدق وقد ذكرت هذا سابقا – إنّهنّ “قـ….”!… إذا اعتبرنا ما سبق، فما العيب في أن تلاحق “مجنونة لطيفة” لطيفة وعائلتها وتسمعهم الكلام الذي اعتبروه بذيئا، وقد عشقتها كما قال الخبر المنقول عن الـ”سي آن آن” بتاريخ 12 نوفمبر 2009!؟.. ألا يبدو حبسها لمدّة سنة بعد محاكمتها تعدّيا على “المحبّين” واعتراضا على طرائق تعبيرهم لمحبّيهم؟!.. لماذا نقبل من التونسيين الموت فناء في المحبوب (واحد بالألف) ولا نقبل منهم شتائم خفيفة للمحبوب!.. ألم يدرج على ألسنة التونسيين قول “يلعن بو ها الزّين” بلهجة قد تُدغم بعض الحروف “عنبو هاالزين” أو “عمبو هاالزيّن” لمّا يتباهون أو يتغزّلون بجمال أبنائهم أو أقاربهم أو بحسن أعمالهم وصنائعهم؟!.. ما ذنب التونسيين اليوم – وقد أحبّوا رئيسهم وأحبّوا معه بلادهم- أن يردّدوا في صعيد واحد: “يلعن بو ها الزّين”!.. “يلعن بو ها الزّين”!.. “يلعن بو ها الزّين”!.. “يلعن بو ها الزّين”!.. “يلعن بو ها الزّين”!.. “يلعن بو ها الزّين”!.. إنّهم يحبّون بلادهم حبّا كثيرا، فلا مجال لمؤاخذتهم على ذلك!.. وأحسب أنّه لا مجال كذلك لمؤاخذة “مجنونة لطيفة” إذ السبب (سبب الجنون وسبب المضايقة) هي لطيفة وليست المجنونة! ثمّ لماذا نحاكم “المجانين” ونطلق من نظنّهم عاقلين يسيؤون معاملة “المجانين”!.. هذا وأختم بالتذكير بالآية الكريمة التي تساعد كلّ مؤمن ذاهب إلى ربّه على تعديل كمّيات الحبّ عند صرفها للمحبوب، فقد قال تعالى: “قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ” (براءة: 24). صدق الله العظيم… والله من وراء القصد… و”عنبو زينكم”!…
سقوط جدار برلين: جدارهم وحُدودنا
العجمي الوريمي
2009-11-14 احتفلت البلدان الأوروبية ومعها روسيا والولايات المتحدة الأميركية بالذكرى العشرين لسقوط جدار برلين باعتباره حدثا عالميا وليس لألمانيا فقط، وباعتباره انتصارا للحرية وليس انتصارا لمعسكر على معسكر. لقد وحد سقوط جدار برلين المدينة أولاً وحولها إلى العاصمة الموحدة للدولة الموحدة التي صارت دولة قومية بالمعنى الكامل، استعاد في ظلها المواطن الألماني هويته التي يعتز بها، إذ صار بإمكان ألمانيا الموحدة أن تكون قاطرةً لأوروبا وأن تُعزز مكانتها الاقتصادية والسياسية في القارة وفي العالم. مثّل سقوط جدار برلين في التاسع من نوفمبر 1989 حدثا من أهم أحداث القرن العشرين، فبسقوطه انهار عالم بكامله ونشأ عالم جديد, صحيح أن هناك من يرى أن ما تغير ليس النظام العالمي وإنما الوضع العالمي، وبين الأمرين بون شاسع، وعلى فرض صحة ذلك فإن ما حدث لا يقل أهمية لأن الصيغة الجديدة لأوضاع العالم مختلفة جذريا عن الصيغة المنحلة التي كان جدار العار، كما كان يُسمى، علامة على ثباتها وجمودها. هبت رياح التغيير على أوروبا الشرقية فحولت أنظمتها الاستبدادية الشمولية إلى أنظمة ديمقراطية، ومرت تلك الرياح بجانبنا وكأنها لا تعنينا، ورغم أن نفس الحلم الذي تحقق لشعوب أوروبا الشرقية قد راود الأجيال العربية التي عاشت حدث سقوط جدار برلين، فإن المخاوف التي سيطرت على الأنظمة العربية من انتقال عدوى التغيير جعلتها تبذل قُصارى جهدها لصرف الاهتمام عن ذلك وتأجيل أية بادرة للإصلاح، بل إنها أقدمت على إضعاف قُوى التغيير وتحييدها وتهميشها بمزيد من احتكار الحياة السياسية ومنع حرية التعبير والتعددية الحقيقية وفرض الهيمنة على وسائل الإعلام وعلى منظمات المجتمع المدني الناشئة، بل وصل الأمر في بعض الأقطار العربية إلى حد تنظيم المحاكمات السياسية للمعارضين وضرب حصار محكم على النشطاء السياسيين والحقوقيين. إن البلدان العربية لم يكن ينقصها أي شيء لإحداث المنعطف الديمقراطي ولإرساء حرية حقيقية، فقد شهدت بلدان مثل تونس والجزائر صحوة ديمقراطية وحراكا سياسيا تم للأسف الالتفاف حولهما قبل أن يؤتيا ثمارهما، كما ترددت كل من مصر والمغرب في تعدي العتبة نحو الحرية وواتت السودان وموريتانيا أكثر من فرصة تم إهدارها, وتقدمت اليمن والكويت والبحرين خطوات, وتأخرت خطوات أقل منها أو أكبر, وبدا أن العائق كامن في أنفسنا وأن عقلنا السياسي يشتغل في الاتجاه المعاكس، فتشريعاتنا لا تنبع من تشبعنا بقيم العدالة والحرية والمساواة والتضامن والاحترام ولا تهدف إلى تحقيقها أو حمايتها بقدر ما هي تنظيم محكم للقيود على إرادتنا ونزوعنا الفطري إلى المبادرة الحرة من أجل تحقيق ذواتنا الفردية وكياننا الاجتماعي. ففي الوقت الذي يجتمع فيه الأوروبيون للاحتفال برمز وحدتهم وقوتهم الحضارية وتغلبهم على عوائق تقدمهم وانصهارهم, يورد إلينا واقعنا صورة إخفاقنا المتكرر في تحقيق النهوض والوحدة. إن للغربيين أعيادهم الوطنية والقارية التي تمثل محطات نجاحهم وتفوقهم، وليس لنا محطة واحدة نُجمع على أنها تمثل في تاريخنا المعاصر مصدر فخر قومي أو ديني وقاعدة اتحاد ووئام وتقدم، فنحن اليوم مختلفون حتى حول المناسبات الدينية التي تصدر عن هيئاتنا المختصة بالبيانات المتعارضة, ونتقاذف بالفتاوى الدينية والسياسية فلا نصوم ونفطر لرؤية واحدة, ويُحرم بعضنا التظاهر في الحج أو على هامش شعائره, في حين يعتبره البعض الآخر مبدأ عقديا أو واجبا شرعيا. وفي الوقت الذي تُسقط فيه الدول الغربية المتقدمة اقتصاديا وسياسيا وعلميا وتقنيا كل الحواجز المصطنعة أو المانعة من التقدم والتحرر تُقيم بلداننا الجدار تلو الجدار تكريسا لمزيد من العزلة والتقوقع داخل هويات وهمية مشحونة بالعداء للجوار وبروح الاستعلاء والنرجسية والشوفينية, حتى إننا نعيش مباراة كرة قدم بين الفريقين «الوطنيين» لقُطرين عربيين (مصر والجزائر) كما لو كانت حرباً مقدسة من أجل مجد محقق، مما يدل على مدى الزيف الذي عم حياتنا حتى صرنا لا نرى تحقيقا لذواتنا إلا من خلال «ستار أكاديمي» أو مباريات كرة القدم أو الحروب الأهلية والطائفية أو الأزمات الحدودية والترابية. حينما اجتمع الأوروبيون ومعهم الروس والولايات المتحدة للاحتفال بسقوط جدار برلين لم يهتموا بالتفاصيل, فقد تركوا ذلك للمؤرخين ليدرسوا إن كان سقوط الجدار يعود إلى تصميم ريغن وإلى منظومة الصواريخ الموجهة صوب الاتحاد السوفييتي أم إلى سياسة غورباتشوف في إعادة البناء أم إلى التخاذل الروسي, ولم يتوقفوا عند أي المعسكرين انتصر وأيهما انهزم, فالذي حقق الوحدة هو الشعب الألماني والذي باركها هو الغرب بكامله, والذي انتصر حقاً هو الحرية والوحدة. قبل سقوط الجدار كم كانت الثقة منعدمة وكم كان الحوار صعبا ومستحيلا وكم كانت الحرب ممكنة ووشيكة وكم كان للإيديولوجيا والعقيدة الاقتصادية والسياسية دور في إذكاء الصراعات وتعميق الفجوات بين الشعوب, كم كان مصير البشرية معلقا بين إرادة جبارين, (أميركا والاتحاد السوفييتي) كل منهما يدعي أنه يقود الإنسانية إلى الجنة بالسلاسل ويجعل من الآخر محوراً للشر المطلق, فجدار برلين أثر من الستار الحديدي والعلامة المميزة على الحرب الباردة الذي بسقوطه انتهت, وبنهايتها انهار واندثر. قد يكون في سقوط جدار برلين نهاية للشيوعية, ومعها بنية النظام الثنائي القديم، قد يكون في ذلك نهاية التاريخ وانتصار النموذج الليبرالي وكأنه غاية كل نظام, لكنه بالتأكيد كان إيذانا بمزيد من التهميش للأمة العربية. إن العالم عِوض أن يتوحد تحت راية الديمقراطية وقيمة الحرية وعِوض أن تتفتح شعوبه وثقافاته بعضها على بعض استيقظت القوميات والعرقيات والهويات وتفجرت براكين لا تعرف الهدوء من قعر التاريخ وباطن الثقافات وتعمقت الفجوة بين غرب ظافر يدشن عولمة لم تُعرف لها في التاريخ سابقة ومثيل, وبين عالمنا الطرَفي الذي إليه ننتمي لتضعنا أمام مصيرنا, فإما إلحاقٌ بعد تهميش في التخوم أو نأخذ زمام أمورنا بأيدينا, ولن يتحقق الإمكان الثاني إلا بإسقاط جدران العار وإلغاء الحدود التي تحول دون أمتنا ودون إتمام تكوينها السياسي المعاصر القائم على الوحدة والحرية والاستقلال الحضاري. (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
موازين الربح والخسارة في “لقاء” إيران بـاليورانيوم
طـه البعزاوي في الجمعة, 13. نوفمبر 2009
أعلنت إيران في شهر أيلول / سبتمبر الماضي عن انشاء مرکز نووي جديد لتخصيب اليورانيوم قرب أحد قواعدها العسكرية بمنطقة (فوردو)القريبة من مدينة (قُمْ)، ثم أتبعت الإعلان بتجارب صاروخية بعيدة المدى، قادرة على ضرب إسرائيل أو القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة حسب مداها المصرح به. سعي إيران لتطوير قدراتها العسكرية وامتلاك التكنلوجيا النووية ـ وإن كان لأغراض سلمية ـ يصطدم بإرادة القوى العسكرية الكبرى التي تهيمن على القرار في مجلس الأمن الدولي. تلك القوى ـ التي يمتلك معظمها السلاح النووي ولها مصانعها النووية ذات الأغراض العسكرية والسلمية على حد السواء ـ تعمل باستمرار على تطوير قدراتها العسكرية في كل المجالات، وترفض بشدة أن ينضم إلى ناديها أعضاء جدد، خاصة إذا كان طالب العضوية دولة إسلامية مثل إيران التي يعتبرون سعيها لامتلاك القوة تغيير لموازين القوى في المنطقة وتهديد لمصالحهم فيها. وبقطع النظر عما إذا كان الكشف الإيراني عن المنشأة الجديدة، ناتج عن كشف مخابراتي سابق كما تزعم بعض الأجهزة، أو كان كشفا مبدئيا في إطار الإلتزام بفتح المنشآت النووية أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من سلمية البرنامج، فإن الإعلان أثار ردود أفعال دولية متصاعدة تطالب بالتوقف الفوري عن المضي في المشروع ، الذي تصر إيران على أنه حق لها ما دامت ملتزمة باتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، وموقعة على التعاون الكامل مع الوكالة الدولية. وذلك هو الحد الأقصى الذي تلزم به إيران، معتبرة على لسان مسؤوليها أن حقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية خط أحمر لا يمكن التنازل عنه. وهو قرار سيادي قد يسبب التنازل عنه إحراجا لسلطة المحافظين أمام جمهورها الداعم لها في مواجهة القوى الإصلاحية، والمعارضة التي كانت هي السبب الرئيسى في “انفجار” الصراع عن الملف النووي بكشفها عن مفاعل (ناتانز) السري الذي اعترفت إيران بوجوده اضطراريا سنة 2002. ولكن القوى التي تسعى لعرقلة إيران عن تطوير قدراتها العسكرية التقليدية أو ولوج ميدان التكنلوجيا النووية ، لا تتعامل مع إلتزامات إيران من منطلق إمضائها على الإتفاقيات الدولية وتصريحات مراجعها الدينية الرافضة لامتلاك السلاح النووي من وجهة نظر شرعية، بقدر ما تتعامل مع التقارير المخابراتية التي تحذر من تنامي القوة الإيرانية وتحتمل أن تمتلك إيران القنبلة النووية في سنة 2013. الخوف من امتلاك إيران للسلاح النووي مع امتلاكها للصواريخ بعيدة المدى القادرة على ضرب العمق الإسرائيلي، إضافة إلى الدعم الإيراني العلني لحزب الله في مواجهته مع إسرائيل وكذلك الدعم المادي والمعنوي لحركات المقاومة الفلسطينية، وتصريحات الساسة الإيرانيين وخاصة منها تصريحات الرئيس محمود أحمدي نجاد المعادية للإحتلال الإسرائيلي، يمنح إسرائيل الفرصة لتقديم نفسها في صورة الضحية المتربص بها من دول الجوار، ويمكّنها من حشد التعاطف معها، وتحريك اللوبيات التابعة لها في العالم لابتزاز القوى العالمية الكبرى ، على صعيدين، أحدهما: تذكير تلك القوى لتجديد إلتزامها بحماية إسرائيل وضمان بقائها وتفوقها العسكري، وثانيهما: السكوت عن الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، من حصار وحروب إبادة جماعية واحتلال واستيطان وتملص من الإتفاقيات والمعاهدات، وكذلك السكوت عما تمتلكه من قوة نووية. وقد نجحت اللوبيات الصهيونية في استغلال التصريحات الإيرانية المعادية لها فحركت كثيرا من المؤسسات الإعلامية الغربية لتصنع رأيا عاما داعما لالتزام الدول الغربية بأمن إسرائيل، محذرا من نظام “آيات الله”، فارضا على الساسة الغربيين أن يخرجوا للتعقيب على أي تصريح للرئيس نجاد يتعرض فيه بالنقد أو التهديد لإسرائيل، ليعلنوا عن دعمهم ومساندتهم اللامشروطة للوقوف إلى جانبها وتوفير الأمن لها. ولم تجد الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة أي مشقة في تخويف الأنظمة الحاكمة بالمنطقة من الخطر الإيراني وتصويره على أنه هو الخطر الحقيقي الذي يهدد وجودها وأمنها القومي ووحدتها الداخلية. وتقديم إسرائيل على أنها الحليف الإستراتيجي للدول العربية أمام “الخطر الفارسي” القادم لا محالة! في المقابل تجد الأنظمة العربية “الخطر الفارسي” مبررا لاقناع شعوبها بضرورة بقاء القواعد الأمريكية على أراضيها، لأنها الأقدر على الوقوف أمامه، بالضبط كما كانت الأقدر على الوقوف أمام الأطماع “البعثية العراقية” في المنطقة. وأن أخف الأضرار السماح ببعض “مواطن الأقدام” للأمريكان وحلفائهم بدل أن تلتهم إيران الخليج العربي ويصبح خليجا فارسيا كما كان ذات يوم! وذلك كله يستدعي بالضرورة علاقات حسن جوار مع إسرائيل التي تشترك مع دول المنطقة في العداء للنظام الإيراني الساعي للتمدد على حساب جيرانه! دون أن نغفل أن إيران أو بعض الأطراف الفاعلة فيها تساهم بإعطاء المبررات لمثل تلك التخوّفات العربية من الرغبة التوسعية، وذلك من خلال تغلغلها في الساحة العراقية وحرصها على إمساك كثير من خيوط اللعبة هناك بالتعاون مع المرجعيات التي تدين لها بالولاء، وكذلك دعمها للأقليات المذهبية التابعة لها في المنطقة، مما يجعلها متهمة بمواصلة سياسة تصدير الثورة التي لم تكن أمرا سريا قبل أن تتحول إيران من ثورة تسعى إلى التوسع إلى دولة تعمل على أن تكون قوية! المفاوضات الإيرانية حول أنشطتها النووية، لا يتوقع أن تحسم بسرعة وسهولة كما توقع بعض المحللين مؤخرا بعد أن أعلن المسؤول الإيراني (علي أصغر سلطانية) من فينا أن إيران ستدرس مشروع الإتفاق المقترح من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي قبلت به روسيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وملخصه أن إيران سترسل الجزء الأكبر من مخزونها النووي المنخفض التخصيب إلى روسيا حتى نهاية سنة 2009 لمزيد التخصيب وإعادته إلى إيران ليتطابق مع حاجة إيران لاستخدامه في المجال الطبي، ويوكل لفرنسا الإشراف على العملية وتنفيذ جزء منها تخصيبا وشحنا! وقد توقع بعض المحللين أن إيران لن تقبل الإتفاقية بشكلها الحالي لأنها ستفقد كل ورقاتها بعد أن يصبح مخزونها النووي خارج حدودها. كما أن عملية التخصيب التي ستتم في مصانع أجنبية بدل المنشآت الإيرانية لن تكون عملية مجانية وإنما ستدفع إيران فاتورتها الباهظة بما يحقق أرباحا للشركات الغربية ويوهن الخزينة الإيرانية. نخلص إلى أن إيران بين أمرين أحلاهما فيه ما يكفي من المرارة، ذلك أن تمسكها بمشروعها النووي وتطوير قدراتها العسكرية المستفيد الأول منه هو إسرائيل والولايات المتحدة وبقية الدول المصنعة للإسلحة التي ستجد أسلحتها رواجا في السوق العربية والخليجية أساسا. وكذلك فالمستفيد من تخلي إيران عن مشروعها النووي واستجابتها للضغوط الغربية، هو الدول الغربية ذاتها التى ستجد ما تقنع به الرأي العام لديها، بأنها منعت دولة “آيات الله” من امتلاك السلاح النووي، وحركت إقتصادها بتفعيل شركاتها التي ستقوم على مشروع التخصيب نيابة عن إيران بأثمان باهظة. وأما الخاسر الظاهر في الحالين فهو إيران نفسها، إن أصرت على التمسك بحقها في تطوير قدرتها العسكرية وامتلاك التكنلوجيا النووية، ربّما تحول التلويح باستعمال القوة ضدها إلى فعل يدمر منشآتها النووية ويضرب قوتها العسكرية. وإن توقفت عن برنامجها النووي خسرت كثيرا من الدعم الشعبي الداخلي والخارجي وفقدت كثيرا من مصداقيتها، وقوّى ذلك معارضتها! … مع أن التجارب السابقة تؤكد أن المطالبين بتوقف المشروع النووي الإيراني لن يكتفوا بذلك الطلب إذا ما استجابت إيران، بل سينتقلون لطلب أدنى منه، حتى تُقزم القوّة الإيرانية وتقلع أنيابها ومخالبها! ونكون أمام صورة جديدة لسيناريو المشهد العراقي بين 1992 و2003! هناك شبه إجماع من المحللين على أن إيران تحاور وتناور من أجل كسب مزيد من الوقت، ولكن تأويل تلك المناورات ليس قطعيا، حيث يرى بعضهم أن إيران تحاول كسب الوقت من أجل تحسين وضعها التفاوضي في حين يستند آخرون إلى التقارير المخابراتية آنفة الذكر لتفسير ذلك من أجل العمل على إتمام مشروعها لامتلاك السلاح النووي! ولكن تبقى تلك التحليلات مجرد تخمينات ليست مبنية على معطيات قطعية. مع التذكير بأن إيران تمتلك حاليا كثيرا من ورقات الضغط في تفاوضها، لعل أهمها، قدرتها على الزيادة في زلزلة الوضع تحت أقدام القوات الأمريكية وحلفائها في العراق! أ و التهديد بسلاح النفط وكذلك بالمصالح الإقتصادية للشركات الغربية في إيران، إضافة إلى علاقاتها شبه الجيدة بالصين وروسيا وانضمام تركيا كمساند معنوي لها. إيران أمام صراع إرادات، الرابح فيه من يدفع أشر الشرين ويقنع بأدنى الخيرين!
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 13 نوفمبر 2009)
محللون يتحدثون عن ‘تسييس’ الكرة و’تكوير’ السياسة .. والجزائريون يحبسون أنفاسهم والمصريون يصومون
مواجهة كروية مشحونة بين مصر والجزائر ومخاوف من امتداد العنف لشوارع باريس ولندن
14/11/2009 الجزائر ـ لندن ـ ‘القدس العربي’ من كمال زايت وتوفيق رباحي: تلقي الاجواء المشحونة بظلالها على المواجهة بين المنتخبين المصري والجزائري اليوم السبت في ستاد القاهرة الدولي التي ستحدد هوية المتأهل منهما الى نهائيات كأس العالم بكرة القدم، وذلك اثر الاعتداء الذي تعرض له لاعبو الجزائر في الحافلة التي كانت تقلهم من المطار الى الفندق مساء الخميس. وأُصيب الجزائريون باستياء كبير بعد ورود أخبار الاعتداء، وتحوّلت الاستعدادات للفرحة الكبرى بالتأهل الى غضب على المناصرين المصريين الذين ارتكبوا هذا الاعتداء وعلى قوى الأمن المرافقة التي يقول الجزائريون انها ‘تواطأت’ مع المعتدين أو على الأقل لم تمنع اعتداءهم. وعبر جزائريون كثيرون عن غضبهم الشديد واستنكارهم لما لحق بلاعبيهم من ‘استقبال’ في القاهرة، وذكر بعضهم بالمعاملة الجيدة التي تلقاها الفريق المصري بالجزائر في مباراة الذهاب. وفي القاهرة تجمهر الجمعة عشرات الآلاف من المواطنين المصريين بالقرب من استاد القاهرة وعدة نواد أخرى ومشاعر الغضب تتملكهم بسبب ما وصفت بـ’الخديعة’ الجزائرية لتلطيخ سمعة المصريين. ويحاصر عدد كبير من المواطنين فريق المنتخب المصري حيث قرر هؤلاء النوم في الشوارع والمناطق المحيطة. كما قرر الكثيرون الصوم السبت على أمل أن ينتصر المنتخب المصري على الجزائر. واتهمت الصحف المصرية اللاعبين الجزائريين بتلفيق الحادثة على حافلتهم، كي يوتروا الأجواء قبل المباراة. وقالت صحيفة الاهرام ان اللاعبين الجزائريين هم من الحق الضرر بالحافلة. وكتبت ‘قام بعض اللاعبين بتهشيم زجاج الحافلة مدعين انهم استهدفوا بالحجارة’. رسميا، دانت الجزائر الاعتداء واستدعت الخارجية السفير المصري بقصد طلب توضيحات. لكن الموقف الرسمي حاول إبقاء الاعتداء في ‘سياقه الرياضي’، كما ظل يلح وزير الرياضة، الهاشمي جيار، الموجود بالقاهرة. من جهتها نقلت الصحف الجزائرية أمس تصريحات محمد راوراوة رئيس الاتحاد الجزائري الذي حمل الأمن المصري المسؤولية. وقالت صحيفة ‘الخبر’ (خاصة) ان الأمن المصري سمح للمتظاهرين بالاقتراب من بعثة المنتخب الجزائري بشكل غير مقبول، وان رجال الأمن اعتدوا على صحافيين وإعلاميين جزائرين. وأشارت الصحيفة إلى أن نجل الرئيس المصري جمال مبارك توجه رفقة رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر واعتذر للوفد الجزائري عما حدث، مشددة على أن اللاعبين رفضوا قبول تلك الاعتذارات. وكان لاعب المنتخب الجزائري يزيد منصوري صرح الجمعة للقناة الرياضية التلفزية الفرنسية ‘ليكيب’ قائلا ان السلطات المصرية لم توفر الحماية اللازمة للاعبين، وسمحت لسيارات المناصرين المصريين بالاقتراب من حافلة المنتخب الجزائري بشكل غير مقبول، قبل أن تتوقف الحافلة على بعد 200 متر من الفندق بدون سبب وتبدأ الحجارة في التهاطل على من فيها فأصابت عددا من اللاعبين. وزادت هذه الحادثة من حدة الاحتقان، لكنها أيضا أيقظت مزيدا من مشاعر التعاطف مع هذا الفريق برزت في مئات الاف الأعلام الوطنية التي غطت بنايات وشوارع العاصمة والمدن الجزائرية الأخرى. قبل ذلك، منذ أسابيع، توقف كل شيء بالجزائر تحسبا للمباراة المرتقبة اليوم السبت. بعد 20 سنة بالتمام.. التاريخ يعيد نفسه، المنتخب الجزائري يواجه نظيره المصري في ملعب القاهرة. ويبدو أن ما حدث في تلك المباراة التي جرت يوم 14 من مثل هذا الشهر وتأهل المنتخب المصري لمونديال ايطاليا هو أحد أسباب هذا الاحتقان. رغم المخاوف، يبدي الجزائريون تفاؤلا بالتأهل لأسباب عدة منها حيازتهم على فريق شاب وعنيد، وكذلك تصدرهم المجموعة بـ13 نقطة وفارق الأهداف. هذا ما يشدد عليه اللاعب الدولي في الثمانينات، جمال مناد، الذي قال لـ’القدس العربي’ ان الجزائر لم تكسب فريقا بمثل هذه القوة منذ 20 سنة. ورغم ذلك، أوضح مناد أن الفريق المصري أكثر انسجاما ويضم هو الآخر لاعبين ممتازين متعودين على اللعب معا. وككل الجزائريين، توقع مناد أن يكون التأهل من نصيب الجزائر في الأخير. ويرى رشيد مخلوفي نجم الكرة الجزائرية في الخمسينات والستينات، أن ‘الخضر’ ليس لديهم ما يخسرونه، ‘بل إنهم في موقع قوة لأنهم متقدمون بثلاث نقاط، وفارق الأهداف’، مشيرا إلى أن ‘أصدقاءنا المصريين يحاولون زعزعتنا، ولكن الفوز سيكون من نصيبنا’. واعتبر مخلوفي، وهو أحد مدربي الفريق الجزائري في مونديال 1982، أن التنافس بين الجزائريين والمصريين في الكرة ليس جديدا، مشددا على أن ذلك الأمر لا يجب أن يخرج عن حده، لأنها مباراة كرة قدم ولا يجب أن تؤثر على العلاقات التاريخية والسياسية والأخوية بين البلدين. وتشغل المباراة حتى الساسة والمسؤولين. ويقول وزير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الجزائر مصطفى بن بادة انه يترقب أيضا موعدها بشغف. وقال بن بادة لـ’القدس العربي’ ان ‘الخضر’ لم يكونوا على مقربة من التأهل منذ فترة طويلة’، مضيفا أن الشعب الجزائري ‘متعطش للتأهل ولعب نهائيات كأس العالم (..) نحن في حاجة إلى أفراح وانتصارات’. وانتقد بن بادة التراشق الإعلامي ‘الذي أخرج المباراة عن إطارها الطبيعي’. وتوقع أن تنتهي المواجهة بتعادل أو بخسارة ‘الخضر’ بهدف وحيد، معربا عن ثقته في التأهل. وذكر الوزير أن الحكومة أيضا مشغولة بالمباراة، قائلا ‘ان الوزراء يتحدثون عنها على هامش اجتماعاتهم الرسمية’. ويسترسل الجزائريون في سرد خصال فريقهم، منها انه يتكون من مهاجرين لا ‘علاقة يومية’ لهم بالوطن ولا تعنيهم الضغوط النفسية والسياسية المحيطة بالمباراة. وهذا في حد ذاته ايجابي ولصالح اللاعبين وليس ضدهم. وقال الصحافي الرياضي الجزائري قدور حباري انه فاجأ معلقين مصريين بالقاهرة بالقول ان اللاعبين الجزائريين ‘خارج كل هذه الهالة’ لأن أغلبهم محترفون يقيمون بالخارج، لا يفهمون العربية ولا يقرأون صحفا ولا يشاهدون تلفزيونات عربية وما تبثه عن المباراة. وقال حباري وهو رئيس تحرير قسم الشرق الأوسط بـ’وكالة الاخبار العالمية’ (الرياضية) بلندن وتوجه الى القاهرة الأسبوع الماضي، ان هذا الكلام أصاب مستمعيه بنوع من الذعر والاستغراب. لكن الباحث في علم الاجتماع، ناصر جابي، لاحظ أن الهجرة كان لها دائما دور مهم في تاريخ الجزائر، موضحا ان ‘هذا هو الأمر الذي لم يفهمه أشقاؤنا المصريون’. وذكر أن أول حزب نادى باستقلال الجزائر عن فرنسا تأسس في المهجر، كما أن الحركة الطلابية والنقابية تأسست أيضا في الخارج، مشددا على أن العلاقة بين المهاجرين الجزائريين ووطنهم مميزة، لأن هؤلاء يعتبرون أنفسهم في كثير من الأحيان جزائريين أكثر من الذين يعيشون فوق التراب الجزائري. وقال جابي ان المنتخب كان وراء مصالحة الشباب مع مفهوم ‘الوطنية’، مؤكدا أن علاقة الشباب مع وطنهم تحسنت بفضل ‘الخضر’، فلأول مرة منذ عقود نجد جزائريين يعبرون عن فرحتهم وعن سعادتهم بالانتماء إلى وطنهم بهذه الطريقة. لكنه نوه الى ان هذه ‘المصالحة’ هي مع الوطن وليست مع السلطة. ولا يتوقف تعلق الجزائريين بفريقهم على الداخل، بل أثبت جزائريو الشتات تعلقا غير مسبوق بهذا الفريق الذي ‘اعاد مصالحتنا مع بلدنا’، كما قال جزائري مقيم بلندن. وقد توافد على القاهرة مناصرون جزائريون من بريطانيا وفرنسا وكندا. وفي لندن يعتزم جزائريون كثيرون الالتقاء في منطقتي ادجور روود وفنزبيري بارك (شمال) كما يتجمع المصريون اليوم في نفس المكان لمتابعة المباراة مع بعضهم البعض. كما يتوقع ان تنتشر قوات الشرطة البريطانية في المكان لتحول دون مواجهات بين مناصري الفريقين. كما انتشرت أخبار ودعوات عبر مواقع الكترونية، بينها فايس بوك، عن ‘مُشاهدة جماعية’ من خلال شاشة ضخمة بوسط العاصمة باريس، يذهب ريعها الى جمعيات الأطفال مرضى السرطان. من جهته يرى الكاتب السياسي عابد شارف أن تأهل الجزائري يعني هدنة جديدة لصالح الرئيس بوتفليقة… لا كلام عن الفقر والبطالة والهجرة السرية وحتى الارهاب. بالمقابل، يقول شارف، وفي حالة عدم التأهل سنعود بسرعة إلى المآسي اليومية: الإضرابات والهجرة غير الشرعية والرشوة والإرهاب. وشدد على أن انعكاسات الإقصاء ستكون كارثية في البلدين، والعكس صحيح، منوها بأن تأهل مصر قد يعني أن الرئيس حسني مبارك يعلن توريث الحكم لنجله في الليلة نفسها ولا أحد يعترض. بدوره انتقد الصحافي ياسين معلومي رئيس تحرير صحيفة ‘الشباك’ (رياضية خاصة) الدور السلبي الذي لعبته وسائل الإعلام في الجزائر ومصر، التي قال انها سعت لأن تبيع أكبر عدد من النسخ وتبارت في تصعيد لغة الكراهية. ويرى معلومي أن المنتخب الجزائري أوفر حظا من المصري، لأن أمامه أربعة خيارات، إما الفوز، أو التعادل أو الخسارة بفارق هدف واحد، وفي كل هذه الحالات سيتأهل للمونديال، وتبقى أمامه فرصة رابعة بأن يخسر بفارق هدفين، وهنا يلعب مباراة فاصلة في السودان، أما المنتخب المصري فليس أمامه سوى خيارين، إما الفوز بفارق 3 أهداف والتأهل، أو هدفين ولعب مباراة الفصل. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 نوفمبر 2009)
مسألة الهوية الفرنسيّة بين الحجاب والنّقاب
1989ـ2009
في شهر أكتوبر 1989 بدأت في فرنسا وهي تحتفل بمرور مئتي عام عن إنتصار الثورة الفرنسيّة في 1789وإقامة الجمهوريّة تحت شعار”حريّةـ أخوةـ عدالة “معركة الحجاب ، حيث وقع طرد ثلاث فتيات مسلمات لم يتجاوزن الثالثة عشرعاما لإرتدائهم الحجاب. مثّلت هذه المنازلة الكبرى والتي جاءت بعد أحداث الفتوى الشّهيرة للإمام الخميني قدّس سرّه الشّريف في حق المرتد البريطاني سلمان رشدي ، بداية سقوط العلمانيّة في البلاد التّي نشأت فيها و سقوط حائط المبكى اللاّ ئيكي و تزامن كلّ هذا مع سقوط حائط الإستكبار الرّأسمالي في برلين الشّرقيّة ! قاد هذه المنازلة من الطّرف الإسلامي في فرنسا المسلمون السّائرون على خط الإمام الخميني رضوان اللّه تعالى عليه ، بتسيير المظاهرات الجماهريّة الضخمة في أهمّ المدن الفرنسيّة والوقوف بقوّة أمام أعداء الحريّة والأخوة والمساوات وهي شعارات ترفعها النّخب الفرنسيّة وتعتزّبها بل و تناضل من أجلها ! و وقع رفع القضيّة أمام العدالة ومن ثمّ أمام أعلى مؤسّسة دستوريّة وهي “مجلس الدّولة” ومطالبة الجمهورية الفرنسيّة إحترام دستورها وحفظ حريّة الأفراد الشخصيّة كما ينصّ عليها الدّستور. وقع زلزال عظيم في فرنسا مازالت آثاره بارزة إلى اليوم ، فقد إهتزّ بيت العلمانيّة من القواعد! و تعرّت حقيقة الثّقافة الغربيّة وسقطت جميع إدّعاأتها.إنقسم أبناء الجمهورية العلمانية و دبّ الخلاف بينهم، فمنهم من ساند قرار الطّرد على خلفيّة أن الحجاب رمز ديني قوي ومس بحقوق المرأة و مخالف للمواطنة و يضر بالعقد الإجتماعي و منهم من عارض القرار، معتبرا أنّه يمسّ بالحريّة الفردية و بحق التّعليم لكلّ مواطن خصوصا الشّباب و على الدّولة قبول كلّ الطلاّب بدون تمييزعرقي أو ديني و أنّ المدرسة العلمانيّة قادرة على إحتواء هذه الظاهرة. بعد جدل طويل أسقط مجلس الدّولة قرار الطّرد وأعتبره مخالف للدّستور و سمح للفتيات المسلمات العودة إلى المدرسة بالحجاب، إنّه نصر عظيم حقّقه المسلمون في ذلك العام، زاد من ثقة الشّباب المسلم في دينه و هويّته وأصبحت الثّقافة الإسلاميّة القائمة على أسس الإسلام المحمّدي الأصيل ندّا جديّا و عنيدا للثقافة العلمانية في فرنسا ومنذ ذلك حين عمل حكّام فرنسا على خطيّن متوازيين لمحاصرتها: 1ـ من خلال إتيانهم بشخصيّات ظاهرها إسلامي و تصويرهم للنّاس ، أنّهم علماء دين و دعاة و مفكّرين إسلاميين معتدلين ، و تمّ تشجيعهم على خلط الثّقافة الإسلاميّة بالأفكار الغربية على أساس أنّها “إنسانية” والدّعوة الصّريحة إلى علمنة الإسلام وجعله في خدمة العلمانية، من أمثال هؤلاء المخادعين أوالمخدوعين، محمد أركون، طارق رمضان، محمد الشرفي ، صدّيقي، المؤدّب وغيرهم ! 2ـتشجيع الأفكارالمتعصّبة وخصوصا السّلفيّة الوهّابيّة المقيتة داخل صفوف الشّباب المسلم المتعطّش لمعرفة دينه وهويّته الإسلاميّة على كامل التّراب الفرنسي و خصوصا شباب الضّواحي و كان للمال الخليجي الدور الأكبر في إنتشارالغلوّ و التطرّف بين مسلمي فرنسا من الجيل الثّاني و الثّالث ،و تشويه صورة الإسلام و المسلمين. عادت قوافل الماسونيّة وحلفائهم من العرب الإنسلاخيين كما يسمّيهم الأستاذ الطّالبي حفظه الله إلى إحياء مسألة الحجاب في سنة 1994 عن طريق عرض مشروع قانون يمنع بموجبه إرتداء الحجاب في المدارس الحكوميّة! و مقدّم القرار هو المدير السّابق لمعهد “كراي” الذي طرد الفتيات الثلاثة من المدرسة في سنة1989والذي أصبح نائبا بالبرلمان الفرنسي! وعضو حزب شيراك!! بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001الإرهابيّة ، أظهرت الحكومة الشّراكيّة شدّة كبيرة ضد المسلمين و خصوصا فئة الشّباب ، فإضافة للتمييز العنصري القوي داخل المؤسّسات الفرنسية وكثرة البطالة والإخفاق المدرسي الممنهج بين شباب فرنسا المسلم ، وقع الضغط على رؤساء البلديّات لمنعهم إعطاء التّراخيص لبناء المساجد ورفض إعتبار عيد الفطروعيد الإضحى أيّام عطل رسميّة كما هي عليه أعياد الفرنسيين المسيحييّن! من جهة، ومن جهة أخرى وقع فرض مجلس تمثيلي للمسلمين تشرف عليه وزارة الدّاخليّة، تحت سيطرة حلفاء وزيرالدّاخليّة في ذلك الحين ورئيس الدولة اليوم ، نيكولا سركوزي و أهمّهم إتّحاد الجمعيّات الإسلاميّة بفرنسا و هم لا يمثّلون إلاّ مصالح فئوية و حزبيّة ضيّقة لا علقةلها بمسلمي فرنسا !! هذه الخطوات و على إمتداد أكثر من عشر سنوات مهّدت لإصدار قانون يمنع إرتداء الحجاب في المدارس العامّة في شهر مارس من سنة2004 وتمّ العمل به في شهر أوكتوبرمن نفس العام، لم تسطع هيئات المسلمين المتخاذلة أن تقف بوجه هذا القانون الغيردستوري و الذي يظهر عنصريةوجاهليّة النّخب العلمانيّة، يمثّل هذا القانون الوجه الإستعماري لفرنسا العلمانية. منذ أكثر من مئتي عام تخوض العلمانيّة الفرنسيّة حربا شاملة على الثّقافة والهويّة الإسلاميّة و على كل من يحمل ثقافة الصّمود و المقاومة، ثقافة الإسلام المحمّدي الأصيل، التي توارثتها الأجيال في بلاد الشّمال الإفريقي المسلم من الأمير عبد القادروالأميرعبد الكريم الخطّابي و الشيخ ماء العينين والشيخ علي بن خليفة ورواد الحركة الوطنية في منطقتنا .لا تقلّ خطورة هذه الحرب عن حرب الولايات المتّحدة الأمركيّة. اليوم و بعد عشرون عاما من مسألة الحجاب ، نشهد واقعة النّقاب و من المضحكات المبكيات، أن فرنسا الديمقراطيّة كما يظنّون! تستنجد بأنظمة ديكتاتوريّة مستبدّة لتبريرجرائمها الدّستوريّة ، فهي إستنجدت في معركة الحجاب بملك المغرب الأقصى في ذلك الحين الحسن الثاني ، الذي هدّد و توعّد ،حتّى أنّه أرسل سفيره إلى والد فاطمة وسامية لدفعه لقبول رجوع بناته إلى المدرسة بدون حجاب !!! واليوم تستنجد فرنسا المتحضّرة بأزهر مبارك ، فيطلع علينا شيخ الأزهر بفتوى منع النّقاب ويشنّ حملة إعلامية واسعة ، وهي إحدى هداي مبارك لعلمانيّي فرنسا ليقبلوا بتوريث إبنه حكم مصر!! لقد أسقط حجاب المرأة المسلمة و نقابها كلّ الأقنعة والإدّعات المخادعة التّي تتمترس بها الهويّة الماديّة الماسونيّة للنخب الفرنسيّة و من تدثّر بردائها من العرب والمسلمين. إنّ الخلاف العميق بين الثّقافة الإسلاميّة والثّقافة العلمانيّة الفرنسية لا يسمح للإلتقاء والتّصالح، إنّها مواجهة مستمرّة. إنّ ظهور كيان إسلامي داخل الجغرافيا الفرنسية، رغم ضعفه المادي والإجتماعي وإفتقاده لرافد وداعم يخدم مصالح الإسلام والمسلمين،هو بداية نهاية المّاديّة الإلحاديّة الغربيّة وإفلاس النّظام الدّيمقراطي الرّأسمالي، لأنّ القيم والأخلاق والمبادئ التي يدعوا إليها الإسلام هي نقيض ما تدعوا إليه الماديّة الغربيّة، لقد ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الإنتصارات، لقد إستطاعت الثّقافة المحمّديّة أخذ زمام المبادرة وجعل الثقافة الغربيّة في موقع المدافع و موقع ردّة الفعل. “والعصر إنّ الإنسان لفي خسر إلاّ الذّين آمنوا وعملوا الصّالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصّبر” السيّد عماد الدّين الحمروني ١٤نوفمبر٢٠٠٩