عينة من محضـر بحــث لموقوف بموجب قانون مكافحة الارهاب مكتب حقوق الإنسان السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي: بلاغ حسين المحمدي: أرذل مراحل العمر السياسي…وهم الوطنية بعيون مفتوحة.. الجزيرة.نت: مناشدات حقوقية للإفراج عن تونسيين بغوانتانامو في الذكرى الثانية عشر لإستشهاد السجين السياسي عبد القادر الصويعي (9 مارس 1995) ، الحوار.نت تحاور أرملة الشهيد القاضي المختار اليحياوي رئيس مركز تونس لإستقلال القضاء والمحاماة في حوار شامل صريح مع الحوار.نت سليم بوخذير: لحظة بلحظة مع رحلة خروج محمد عبو من السجن! سامي نصر: حوار افتراضي مع الأستاذ محمد عبّو من داخل سجن الكاف أمّ زياد: معارضتنا ؟ “عسل الدنيا” صابر التونسي: القديد المالح (6) الصباح:تونس بين أوروبا والفضاء المغاربي الصباح: تونسي وكوبي يفوزان بذهبية القاهرة لسينما الأطفال الصباح: كتابـة تاريـخ الحركـــة الوطنيـة التونسية:الحـصيـلة منسيـون سقطـوا سهــوا أو عمـدا مــن الذاكـرة الوطنيـة الصباح: مكاسبها وتعدد مسؤولياتها بين الطموح والواقــع: فلنجنـــب المــــــرأة الاختيـــار الصعــــــب الصباح: 12 مارس انطلاق بث «نسمة تي ـ في» … وستار أكاديمي المغاربية بداية من يوم 16 الصباح: أمريكا تتشكك في ان انتخابات سوريا ستكون حرة نزيهة القدس العربي : سامح الصريطي: أجهزتنا الإعلامية تواجه التطرف الديني بالانحلال والدكتاتورية بدكتاتورية! القدس العربي : المرشحان للرئاسيات الفرنسية رشيد نقاز وصهيب بن الشيخ: مصير عرب فرنسا بين ايديهم.. وساركوزي خطر علي البلاد محمد العروسي الهاني: مكسب التربية والتعليم من أكبر المكاسب الإجتماعية والتربوية في بلادنا ومواصلة دعمها حاضرا ومستقبلا عبدالباقي خليفة: استعادة شاعر الإقدام أبو القاسم الشابي بعد اختطافه لسبع عقود توفيق المديني: الطبقة الوسطى العربية من الريادة إلى الانهيار د. أحمد القديدي: لجنة حكماء لحل أزمة الصحراء الغربية؟ حسين المحمدي تونس: حب المعتدلين العرب قتل ويقتل الشعب العراقي وأنتج القاعدة في كل دولة..
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
قناة الحوار التونسي:
برامج حصة يوم الأحد 12 مارس 2007
شعار القناة: (الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر) :الحلقة 44 : تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت. -الأخبار: متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية. -أخبار واقع الحريات وانتهاكات النظام التونسي للحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للشعب التونسي. ونتناول هذا الأسبوع إضراب الأستاذ الجامعي رشيد ألشملي إضافة إلى عدة شهادات حية . -ضيف القناة نعرض الجزء الأول من الحوار الذي اجري مع السجين السياسي الإسلامي والقيادي في حركة النهضة السيد علي العريض . -حكاية مواطن 1 شهادة المناضل اليساري جلال الزغلامي حول منعه من مزاولة مهنة المحاماة . -حكاية مواطن 2 شهادة مؤلمة لعائلة عبد اللطيف النصيبي الذي أطلق علية الرصاص من قبل قوات الحرس بالقرب من الحدود التونسية الجزائرية. -عرض جديد لفرقة البحث الموسيقي تمت بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتنظيم من الاتحاد العام لطلبة تونس. -حكاية مواطن 3 شهادة مواطن – السيد الحبيب العمري والتي تثير قضية الأوضاع العقارية في تونس.
-وكالعادة تختم قناة الحوار التونسي برامجها هذه المرة بشهادة السجين عبد الرحمان التليلي على اثر الاعتداء عليه من قبل البوليس السياسي التونسي . قناة الحوار التونسي- باريس في، 9-3-2007
هذه عينة من عشرات ملفات الموقوفين بموجب قانون مكافحة الارهاب و هم في أغلبهم طلبة و تلاميذ كل ذنبهم أنهم كانوا يؤدون الصلاة أو ” تجرأوا ” على مناقشة بعض المواضيع الدينية أو السياسية .
ضحية اليوم و بعد حوالي شهرين من الاحتفاظ و التعذيب لم تتمكن مختلف الأجهزة الامنية التي من الظفر بأكثر مما ورد في هذا المحضر من ” اعترافات صريحة و مفصلة ” نوردها للسادة قراء ” تونسنيوز ” و نترك لهم حرية التعليق . علما أن
الضحية عبد الحق السهيلي أحيل على حاكم التحقيق السادس الذي أصدر في شأنه بطاقة ايداع بسجن المرناقية ، و هو لا يدرك لحد اليوم لا هو و لا عائلته بأي ذنب سجن !!! . الجمهورية التونسية وزارة الداخلية والتنمية المحلية الادارة العامة للامن الوطني محضــــــر بحــــــــث الادارة العامة للمصالح المختصة ادارة أمن الدولة ******** عدد 52/23 في اليوم السادس من شهر فيفري لسنة سبع والفين وعلى الساعة السادسة مساء نحن ” ………….” ضابط شرطة بادارة امن الدولة ضابط شرطة عدلية ومساعد السيد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس. وبمساعدة ضابط شرطة مساعد “………. ” التابع لنفس الادارة والمكلف بمهام الكتابة . في التاريخ والساعة اعلاه نحضر المدعو “عبد الحق السهيلي” الذي بعد اعلامه بموجب استنطاقه يدلي بما يلي بداية من هويته : أدعى : عبد الحق بن عبد المجيد بن العجمي السهيلي، تونسي مولود بسوسة في 5/2/1983، ابن فائزة بن محمود، أعزب اقطن بنهج القدس حي الزهور – سوسة. نشأت في كفالة والدي وفي سنة 2003 تحصلت على شهادة البكالوريا اختصاص اقتصاد وتصرف وواصلت دراستي الجامعية بكلية العلوم الاقتصادية والتصرف بالمهدية التي ادرس بها بالسنة الثالثة ابديت اهتماما بالمسائل الدينية منذ سنوات وصرت اتردد على جامع ابي بكر الصديق “بحي الزهور سوسة وجامعي “التركي” و “التقوى” بالمهدية ولتنمية زادي المعرفي فقد طالعت بعض الكتب لمشائخ سلفيين. اذكر لكم انني اتردد على جهة “اولاد عمر” من معتمدية اولاد الشامخ مسقط راس والداي وذلك لزيارة بعض الاهل خلال المناسبات والعطل وآخر زياراتي كانت خلال عيد الفطر 2006 حيث تحولت الى جامع الجهة لاداء الصلاة اين التقيت بالمدعوين “علي محرز” و “حمادي عباس” ومنير محرز” وبعد انقضاء الصلاة رافقتهم الى مقهى الجهة اين تطرقنا بالحديث حول مواضيع عقائدية وفقهية واخرى تتعلق بالاوضاع السائدة بالعراق وفلسطين وشرعية الجهاد بكلى البلدين وقد تبين لي وقتها ان العناصر المذكورة لها مواقف متشددة فيما يتعلق بالمسائل الدينية. واضيف بان علاقتي بكل من “علي محرز” وحمادي عباس” و “منير محرز” قد تواصلت الى ان تم ايقافي. هذا ما تحرر عليه وبعد التلاوة والمصادقة اصر وامضى وامضينا. المعني الكاتب ضابط الشرطة
عن مكتب حقوق الإنسان السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي
رابح الخرايفي
مناشدات حقوقية للإفراج عن تونسيين بغوانتانامو
لطفي حجي-تونس
طالبت منظمة “ريبريف” الحقوقية التي تتخذ من لندن مقرا لها الحكومة التونسية بالتدخل للإفراج عن مواطنيها الاثني عشر المعتقلين بغوانتانامو. وقال ممثلان عن المنظمة -التي تعمل من أجل الإفراج عن سجناء غوانتانامو- في مؤتمر صحفي عقداه بالعاصمة التونسية إنهما تمكنا من زيارة أربع عائلات تونسية يوجد أبناؤها رهن الاعتقال بغوانتانامو قصد طمأنتها وحثها على التحرك للمطالبة بالإفراج عن أبنائها.
وعبر الناشطان الحقوقيان، اللذان لم يتمكنا من مقابلة أي مسؤول تونسي، عن استغرابهما من موقف الحكومة التونسية التي لم تتحرك لإنقاذ رعاياها على حد قولهما، رغم وجود حملة عالمية مكثفة للمطالبة بإغلاق غوانتانامو والإفراج عن معتقليه. ويذكر أنه تم منع عدد من الصحفيين من حضور المؤتمر الصحفي لممثلي منظمة ريبريف المحاميين كوري كريدر وكريستوفر شنغ. وكان المجلس الوطني للحريات بتونس -الذي أشرف على زيارة ممثلي المنظمة البريطانية في تونس التي تواصلت لمدة خمسة أيام- أعلن أن الأمن التونسي أجرى تحقيقا مع ممثلي ريبريف الأربعاء الماضي بشأن طبيعة نشاطهما واتصالاتهما في تونس. وأضاف أن المحققين اطلعهما بأنّه لا يمكنهما إجراء اتصالات في تونس دون ترخيص حكومي مسبق.
لائحة اجتماع عام
صفاقس في 23/02/2007
نحن الطلبة المقيمين بالمبيت الجامعي سيدي منصور بصفاقس والمجتمعون اليوم بساحة المبيت بدعوة من النقابيين الراديكاليين لتدارس اخر المستجدات المتعلقة بالاعراض الصحية الخطرة التي بدت على عديد الزملاء والمتمثلة في التهاب بالمجاري البولية وقصور كلوي اثبتت التحاليل ان ماء حنفيات المبيت ملوث هو المتسبب الرئيسي فيها. وحيث اننا كنا قد قمنا بجملة من التحركات بدءا باعتصام يوم 20/02/2007 الذي انطلق في حدود السابعة مساءا وتواصل الى حدود الثالثة صباحا من اليوم التالي وسلسلة الاجتماعات العامة وصولا الى الاعتصام الذي قمنا به على امتداد الليلة الفاصلة بين 22/02 و23/02 والذي انتهى عند الساعة السابعة والنصف صباحا وتوج بمسيرة جابت ارجاء المركب الجامعي بسيدي منصور كنا قد طالبنا على اثرها ب:
* تزويد الطلاب بالمياه المعدنية الى حين اصلاح قنوات المياه منتهية الصلوحية. * تحميل سلطة الاشراف كافة مصاريف علاج الزملاء المصابين. * اصلاح عيوب المبيت المذكور وصرف الاموال المرصودة لذلك.
وحيث لم تقع الاستجابة لمطالبنا نعلن ما يلي:
– تمسكنا بمطالبنا المشروعة والبسيطة. – استعدادنا اللامشروط لخوض كافة الاشكال النضالية الى حدود تحقيق مطالبنا. – دعوتنا سلطة الاشراف لحل المشاكل العالقة وعدم توتير الاوضاع. – مطالبتنا بالكف الفوري عن سياسة التضييق والحصار والمحاكمات الجائرة واعادة الرفاق المطرودين الشادلي الكريمي وحسين بن عون الى مقاعد الدراسة. – نهيب بكافة الاطراف الديمقراطية من احزاب وجمعيات ومنظمات للوقوف الى جانبناحتى تحقيق مطالبنا.
في الذكرى الثانية عشر لإستشهاد السجين السياسي عبد القادر الصويعي (9 مارس 1995) ، الحوار.نت تحاور أرملة الشهيد
الحوار.نت : محسن الجندوبي ـ الأسعد الجوهري ـ الهادي بريك
نص الحوار:
الحوار.نت : مرحبا بالأخت الكريمة ضيفا كريما على موقعنا الحوار.نت مجددين لك الأمل في رحمة الله سبحانه أن يقضي بينك وبين قاتل زوجك الشهيد عبد القادر بالحق والفتح والعدل في الدنيا والآخرة ؟
مرحبا بكم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الحوار.نت : هل تعرفيننا بالشهيد عبد القادر الصويعي ؟
هو سليل عائلة عريقة بالجنوب التونسي ولد بفطناسة من ولاية قبلي سنة 1959.
تربى في ظل أسرة محافظة و تنقل في دراسته بين سوق الأحد و قابس أثناء دراسته الإبتدائية و الثانوية و في الجامعة بين نابل و تونس حيث تخرج بشهادة الأستاذية في التعليم التقني،
باشر التدريس بالمدرسة الإعدادية ببوبشير سوق الأحد من ولاية قبلي
و ذلك من سنة 1986 إلي 1991.
متزوج و أب لأربعة أطفال.
– عبد الحميد من مواليد 1986 تلميذ باكلوريا رياضيات (موقوف بالسجن المدني بالمرناقية على ذمة التحقيق في قضايا المجموعات السلفية “تلاميذ قبلي”)
– عماد الدين من مواليد 1988 تلميذ سنة ثانية ثانوي
– راشد من مواليد 1991 تلميذ سنة أولى ثانوي
– إحسان من مواليد 1993 تلميذة سنة ثامنة أساسي.
الحوار.نت : متى تم إيقافه و محاكمته ؟
تم إيقافه في مفتتح السنة الدراسية في إطار الحملة الأمنية على الإسلاميين و ذلك يوم 25/10/1994 من طرف منطقة الأمن بقبلي.
و تمت محاكمته من طرف المحكمة الإبتدائية بقابس بسنتين و نصف سجنا و أودع سجن قابس أين قضى بقية أيام حياته.
بعد أن تعكرت حالته الصحية تم نقل زوجي عبد القادر قبل نحو شهر من استشهاده إلى مستشفى صفاقس قسم الأمراض الباطنية و لأن حالته الصحية تنذر بالخطر “Maladie de ciliak” أجريت له عملية جراحية لإيزال جزء من الأمعاء، إلا أنّ المنون أدركته بعد 16 يوما من إجراء العملية الجراحية و فاضت روحه يوم الخميس 9 مارس 1995 على الساعة الثامنة صباحا.
الحوار.نت : و لكن ؟
و لكن زرته في المستشفى مرتين و كانت ظروف الزيارة كما لو كنا في السجن “حضور الأعوان و القيد في الرجل” و مدّتها لا تزيد عن 25 دقيقة كحد أقصى.
الحوار.نت : و لكن كيف تبلغت بالخبر و ما هو شعورك عندها ؟
يوم الخميس 9 مارس 1995 كان يوم زيارتي له و وصلت المستشفى صحبة ابني عبد الحميد “فرج الله كربته” حوالي الساعة التاسعة صباحا فوجئت بأنه لم يكن في سريره و تغيب الأعوان الذين كانوا يحرسون بابه و لما استفسرت الإدارة أعلمني أعوانها بأن روحه قد فاضت إلى بارئها منذ ساعة تشكو ظلم العباد رحمه الله و أسكنه فراديس جنانه.
الحوار.نت : و لكن ما هو شعورك عندها ؟
مرحبا بقضاء الله.
حملنا الأمان و عبدنا الله بأمانة.
فمرحبا بقضاء الله و الحمد لله حين أعطى و الحمد لله حين أخذ.
ابني الأكبر عبد الحميد كان معي يوم الزيارة و تبلّغ النبأ مباشرة من فم أعوان إدارة المستشفى، فكيف تسألني عن شعور طفل في التاسعة من عمره تبلغ نبأ استشهاد والده ؟!
لا فائدة في تقليب الأوجاع و العودة بالذاكرة إلى الماضي فالحمد لله فقد كبر الأولاد و تجاوزوا الأزمة بصعوبة و لكن بثبات.
الحوار.نت : ماذا كان رد فعلهم الأولى ؟
شعور الأطفال في مثل هذه الظروف مماثل و لكني حرصت على شحن أولادي بالأمل و النظر إلى المستقبل
فالحاقد عاجز يهلك نفسه و أهله أولا،
لـــــــــــذا كنت أحثهم على العمل الصالح و تجنب كل ما يشين آملة أن يمسح المستقبل دموعهم.
الحوار.نت : هل يتعرف قراؤنا الكرام على شعورك في مثل هذا اليوم الذي يتوافق مع إستشهاد زوجك عبد القادر؟
هذا أمر خاص بي.
حرصت أن لا ينشغل أولادي بالتفكير فيه حتى لا يقعدهم عن الإجتهاد في الدرس آملة أن يكونوا من الصالحين الذين يدعون لآبائهم.
الحوار.نت : ماهي الحالة العائلية والمادية لأسرة الشهيد عبد القادر ؟
الظروف صعبة و لكن الحمد لله.
أنا مثل الناس و أقل من الناس و لكن …
أعيش في كنف عائلتي و أحمد الله على السترة.
الحوار.نت : هل عاشت العائلة من بعده حالة خصاصة وفقر وجوع وهل عاش الأبناء حالة حرمان من بعض ضروريات الحياة في البيت والمدرسة ؟
كيف تتصور الظروف و الدخل العائلي السنوي 600 دينارا متناصفة بيني و والديه.
لكن علمت أولادي أن لا ينظروا إلا للمستقبل و هذا قدرهم و الحمد لله على كل حال.
الحوار.نت : كيف تعرف أصغر الأبناء على غياب أبيه بعد بلوغه سن التمييز وما ذا كان رد فعله الأولي ؟
كان عمر إحسان يوم استشهاد والدها سنة و بضعة أشهر لم تكن تفقه ما يحدث حولها و لا تميز لقد أخفيت عنها الأمر رأفة بها و قد عرفت لاحقا في المدرسة من طرف أترابها.
الحوار.نت : هل أن قبر الشهيد عبد القادر الآن معلوم لك ولأقربائه ؟
استلمنا جثته رحمه الله و قمنا بالمراسم دون تعطيل من كائن من كان وهو يرقد الآن بمقبرة فطناسة و كان دفنه يوم الجمعة.
أما إذا كنت تسال عن الحضور الأمني فقد كان مكثفا و لكن لم يتدخلوا و لم يمنعوا أحدا من الحضور.
الحوار.نت : هل تشعرين بأن المجتمع بصفة عامة ورفاق درب الشهيد عبد القادر بصفة خاصة قاموا بواجب الإسناد المعنوي والمادي لك ولأبنائك ؟
لعلك تتحدث عن الإنقطاع … !
إذا كان السند العائلي تقلص حتى أصبح مناسباتيا فكيف تسأل عن المجتمع الذي صار الجميع فيه يتحاشاني حتى في الطريق العام
نحن نعيش في صحراء و صار بيتنا جزيرة داخلها … !
أما عن رفاق الدرب؟
كل فول لاهي في نوارو
هذا حال من كانوا صباح مساء يترددون على بيتنا رحلوا مع رحيله و كأن شيئا لم يكن “لا زيارة لا معايدة و لا سؤال…”
و إذا اعترضت أنت أحدهم فاسأله إن كان يعلم بوجودنا على أرض فطناسة… !
ربما يكونوا نسوا …
فقد تعلمت أن لا أنتظر السند من أحد فيكفيني الله فهو عوني و سندي يحرسني و يرعاني و يحميني و عيالي
الحوار.نت : التمسي لهم عذرا؟
ربي فرز عباده
الحوار.نت : هل من كلمة أخيرة تريدين توجيهها إلى أي كان بهذه المناسبة ؟ وهل من الممكن أن يتحصل موقعنا على صورة للشهيد عبد القادر يرفقها بهذا الحوار؟
حسبنا الله و نعم الوكيل
حسبنا الله و نعم الوكيل
حسبنا الله و نعم الوكيل
منه العوض و عليه العوض
ربي يباركلي في أولادي
و ربي يهدي عباده
الحوار.نت : شكرا جزيلا للأخت الكريمة زوج الشهيد الكريم عبد القادر الصويعي التي أولتنا بهذا الحوار بمناسبة الذكرى الثانية عشر لإستشهاده سائلين المولى الكريم ولي النعمة سبحانه أن يتغمد الشهيد بواسع رحمته وأن يشفعه فيمن بعده من قرابة وإخوان وأن يلطف بأبنائه وزوجه من بعده وأن يجعل دماءه الطاهرة الزكية ماء زلالا يسقي أرض تونس بالكرامة والعزة ولعنة تطارد الظالمين والطغاة والمستبدين والمترفين حتى تضطرهم إلى البوار.
القاضي المختار اليحياوي رئيس مركز تونس لإستقلال القضاء والمحاماة في حوار شامل صريح مع الحوار.نت
حاوره : الهادي بريك ـ ألمانيا ( الحوار.نت ). وشهد شاهد من أهلها : القاضي اليحياوي شاهد حق وراية عدل ومثابة حرية. * المختار اليحياوي من مواليد (1 جون 1952 ) بتونس. متزوج وأب لــ:( أربعة أبناء ). * عمل قاضيا بالمحاكم التونسية على مدى يناهز عقدين كاملين. * وكيل رئيس بالمحكمة الإبتدائية بتونس. * مؤسس ومدير مركز تونس لإستقلال القضاء والمحاماة. * وجه رسالة مفتوحة إلى رئيس الدولة ( رئيس المجلس الأعلى للقضاء) يطالبه فيها برعاية إستقلال القضاء فأوقف عن العمل من منصبه بقرار وزاري ( وزير العدل البشير التكاري) في الفاتح من يوليو 2001. * بعد حملة تضامن واسعة جدا معه دوليا وعربيا ومحليا أرجع إلى عمله . * أسس صحبة بعض رفاقه من المناضلين الحقوقيين مركز تونس لإستقلال القضاء والمحاماة فعزل من جديد من وظيفته وأحيل مجددا على مجلس التأديب في 29 كانون الأول 2001. * عضو مؤسس للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و عضو بمكتبها التنفيذي منذ تأسيسها. * شارك في الإضراب عن الطعام من أجل الحريات (ما عرف بحركة 18 أكتوبر عام 2005 ) الذي حصل بمناسبة انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات بتونس و الذي انبثقت عنه هيئة 18 أكتوبر للحريات والحقوق.
نص الرسالة التي وجهها القاضي المختار اليحياوي إلى رئيس الدولة قبل عزله :
تونس في 6 جويلية 2001 . جناب السيد رئيس الجمهورية التونسية رئيس المجلس الأعلى للقضاء. أتوجه إليكم بهذه الرسالة لأعبر لكم عن سخطي ورفضي للأوضاع المريعة التي آل إليها القضاء التونسي والتي أدت إلى تجريد السلطة القضائية والقضاة من سلطاتهم الدستورية وتحول دونهم وتحمل مسؤولياتهم كمؤسسة جمهورية مستقلة يجب أن تكفل لهم المساهمة في تحديد مستقبل وطنهم والإضطلاع الكامل بدورهم في حماية الحقوق والحريات. إن القضاة التونسيين مقهرون في كل مكان على التصريح بأحكام منزلة لا يمكن أن ينال منها أي وجه من الطعون ولا تعكس القانون إلا كما أريد له أن يقرأ. إن القضاة التونسيين يعانون من حصار رهيب لا يبقي أي مجال للعمل المنصف ويعاملون بإستعلاء في ظروف من الريبة والتوجس والوشاية تطولهم وسائل القمع والترهيب بما يسلب إرادتهم ويحول دون التعبير عن حقيقة قناعاتهم كما تداس كرامتهم يوميا ويقدمون للرأي العام بشكل مرعب وبشع من الحيف والبطش حتى كاد يتحول مجرد الإنتماء إلى القضاء معرة أمام كل الشرفاء والمظلومين. إن القضاء التونسي قد فرضت عليه الوصاية بسيطرة فئة من الإنتهازيين المتملقين الذين نجحوا في بناء قضاء مواز خارج عن الشرعية بكل المعايير وأستولوا على المجلس الأعلى للقضاء وعلى أغلب المراكز الحساسة في مختلف المحاكم لا يعرفون معنى التجرد والحياد وتحولت الإستقلالية إلى إستقالة وتبرم لدى كل القضاة الحقيقيين المحيدين والممنوعين من الإضطلاع بدورهم وتحمل مسؤولياتهم وتفعيل كفاءاتهم في خدمة القضاء والوطن. إن هذه الفئات التي تتاجر بالولاء لتكريس الخضوع والتبعية والمعادية لمنطق التغيير والتطور الخلاق عن طريق الإلتباس بنظام الحكم القائم والتي تسعى إلى إشاعة إلتباس النظام بالدولة بالإستيلاء على كل مؤسساتها إنما تسعى إلى الفتنة وتقود إلى المواجهة وتشكل التهديد الحقيقي للنظام والأمن والإستقرار. إن مباشرتنا اليومية التي أتاحت لنا الإطلاع على حقيقة أوضاع القضاء تجعلنا نتجاوز واجب التحفظ في ظروف سدت فيها كل قنوات الحوار المتوازن بما لم يبق معه مجال للصمت أمام صرخة الضمير حتى وإن تحولت سجوننا لأحسن مكان للشعور بالكرامة والحرية وراحة الضمير. إن مسؤولياتكم الدستورية تفرض عليكم إتخاذ القرارات اللازمة لرفع الوصاية عن القضاء وعلى كل مؤسسات الدولة على نحو يسهم بإتاحة ممارسة الحريات الدستورية للجميع لصياغة التغيير الحقيقي الذي يتطلع إليه شعبنا وتقتضيه مصلحة الوطن. والسلام. المختار اليحياوي ـ الوكيل الرئيس بالمحكمة الإبتدائية بتونس ـ قصر العدالة بتونس . نص الحوار : الحوار.نت : شكرا جزيلا حضرة القاضي على قبولك الحوار مع موقعنا ومرحبا بك ضيفا علينا عزيزا كريما موقرا. شكرا الحوار.نت : هل كنت تقدر ما ينتظرك حضرة القاضي وأنت تقدم في سابقة فريدة على توجيه رسالة مفتوحة إلى رئيس الدولة تطالبه فيها برعاية إستقلال القضاء؟ وهل يتعرف قراؤنا الكرام على الباعث الأساسي الأكبر الذي دفعك إلى ذلك ؟
الحقيقة أنني عندما قمت بهذه المبادرة لم أكن أحمل فكرة سيئة عن السلطة العليا في البلاد و إنما كانت لدي انتقادات في الميدان الذي يخصني لخصتها في نص الرسالة التي وجهتها، طبق ما تقتصيه التراتيب الإدارية في البداية، إلى رئيس الجمهورية باعتباره المسئول الأول عنه. لذلك فالخلفية التي صدرت عنها تلك الرسالة نابعة أساسا عن حس وطني و تأدية لواجب مواطنة و لم يكن القصد منها بأي شكل من الأشكال، في ما يخصني، النتائج و التداعيات التي ترتبت عليها.
لكنني فوجئت بل صدمت بطريقة التعامل مع الموقف سواء في الهياكل العليا للقضاء ووزارة العدل أو من طرف السلط السياسية و لم يكن واردا بالنسبة لي بعد ردة الفعل المذكورة البقاء في سلك القضاء سواء عزلت أو لم أعزل. و للحقيقة فإن هناك أطرافا داخل السلطة نفسها حاولت في مرحلة ما إصلاح ردة الفعل الأولى تجاهي و لكنها لسوء الحظ لم تكن بالقوة و التأثير القادر على صد مخططات البطانة الماسكة فعليا بزمام الأمور منذ ذلك الوقت.
أما بخصوص سؤالك عن الباعث الأساسي فهو أساسا شعور بالواجب و المسؤولية في لفت النظر إلى الإخلالات و المنحى غير القويم الذي بدأ القضاء يتجه فيه. كما أن موقعي في ذلك الوقت كمتحمل لمسؤولية داخل القضاء يضعني داخل السلطة و لم أكن محسوبا عليها لذلك فإنني كنت أعتقد صادقا أن اكبر خدمة أقوم بها لفائدتها هي النصح و توظيف تجربتي في تدارك ما يحصل من خلل في مؤسساتها باعتبار أن ما نسعى إليه جميعا هو خير تونس و خدمة مواطنيها و هو ما كنت مخطئا فيه على ما يبدو لأن خطورة ظاهرة الولاء على حساب الواجب التي نبهت لها في رسالتي كانت هي الغالبة في المحصلة. الحوار.نت : إلى أي حد يمكن إعتبار القضاء التونسي فاقدا لإستقلاليته وما هي أسباب ذلك بإختصار أو بعض مظاهره وآثاره بحسب رجل قانون مختص مثلك حضرة القاضي ؟
القضاء التونسي لم يكن من أصله يمتلك استقلالية حتى تقول أنه افتقدها و نبحث عن التأريخ لذلك. و الذي حصل عند بناء دولة الإستقلال على أنقاض الإستعمار و أنقاض نظام الملكية البائد أن الدولة كانت في حاجة إلى تضامن و تناسق كل مؤسساتها و كانت فاقدة للخبرات و الإطارات التي كان أغلبها من الفرنسيين و اليهود في ميدان القضاء و الذين غادروا البلاد دفعة واحدة في ذلك الوقت فتم حشو الفراغ بمن لا تؤهلهم قدراتهم لمسؤولياتهم لذلك كان همهم إرضاء ولي نعمتهم و موالاة السلطة صاحبة الفضل عليهم و كانوا خالين الذهن تماما في أغلبيتهم الساحقة من مسؤوليتهم في بناء سلطة قضائية و مؤسسات قضاء تنسجم مع الدولة العصرية.
و من جهة ثانية كانت للظروف التي اقترن بها الإستقلال دور مباشر في تحجيمه للإستجابة للدور الذي ينتظره و الذي بدأ بتصفية الحساب داخل الحزب بقمع الحركة اليوسفية ثم فرض سياسة التعاضد و تجريد الناس من أرزاقها و نلاحظ أن هذه الدوامة لم تنته إلى اليوم و لن تنتهي مادامت فكرة استعمال القضاء طاغية على عقلية السياسيين في حل الصعوبات التي تواجههم. الحوار.نت : هل مرد ذلك إلى النظام الدستوري والإداري للبلاد أم إلى تغول السلطة التنفيذية أو الجيوب المتنفذة فيها وكيف ينسجم ذلك مع حرص الدستور على إستقلال السلطة القضائية ومبدإ الفصل بين السلطات ؟
الحقيقة أن الرئيس الحبيب بورقيبة لم يكن جاهلا لإشكالية وضع السلطة القضائية في بناء دولة الإستقلال خلافا لأعضاده فهو فضلا عن تكوينه القانوني ذو خبرة واسعة و كان عميق الوعي بسطوة الجهل و الفقر على مجتمعه و أنه يؤسس لدولة من لا شيء كما كان يقول ذلك فحاول جمع جميع مفاتيح السلطة في يده و لكنه لم يكن أمينا و لا نزيها في استعمالها ثم أن همه انحصر في البقاء في الحكم كامل الشطر الثاني من عهده.
و هنا لابد من إزالة إلتباس عندما نتحدث على دولة الإستقلال و نصفها بالدولة العصرية. فهي عصرية في سياساتها الإجتماعية من تعليم و صحة وسكن ورعاية للطفولة و المرأة و بدرجة أقل في سياساتها الإقتصادية من بنى أساسية و تنمية اقتصادية و لكنها متخلفة من أصلها كنظام سياسي منذ بدايتها و ضلت على تخلفها لحد اليوم و من الصعب أن نجد سمة عصرية في اسلوب الحكم الذي اتبعته و هو ما انعكس على القضاء و يتجلى في الصعوبات التي يلاقيها النظام في الإستجابة لاستحقاقات بسيطة و بديهية اليوم مثل حرية التعبير و حق التنظم و العفو العام و تطوير القضاء و ضمان حياديته و استقلاله.
و الإشكالية اليوم ليست في التصريح بالمبادئ و وضع الدساتير و القوانين و لكن في احترامها و التنفيذ النزيه لأحكامها و هذا ليس بالشيء الهين بالنسبة لنخب تربت على مدى عقود على اعتبار القانون هو ما تريد بعد أن أحاطت نفسها ببطانات ترفع من شأنها بقدر ولائها لها و السعي في تنفيذ شهواتها. الحوار.نت : هل يشكو النظام التونسي دستوريا وقانونيا نقصا في المؤسسات القضائية المستقلة سيما فيما يخص مراقبة تنفيذ الدستور ورعاية الفصل بين السلطات الثلاث أم أن النظام الرئاسي
لا يحتمل ذلك ؟
صبغة السؤال نفسها لا يحتملها النظام القائم لحد اليوم في تونس. فالنظام بطبعته شمولي متخلف لا يتيح بناء مؤسسات قضائية ولا برعاية دستور حقيقي و لا بقيام سلطة قضائية أو تشريعية مستقلة بحيث يتم الحديث عن نظام رئاسي لأن صاحب السلطة العليا تلقب برئيس جمهورية يندرج في ما عبر عنه عصمة سيف الدولة بالإستبداد الديموقراطي. فالخدعة بالشكل لا يجب أن تخفي علينا اليوم حقيقة المعدن فهي ليست دولة قانون و لا مؤسسات بل هو شكل مشوه من السلطة لا يخرج عن الأطر التقليدية في تحديد نظم الحكم عند العارفين بها مهما حاول التمظهر بغير حقيقته. لذلك فإننا عندما نتحدث عن الإصلاح لا نتحدث عن سراب و إنما نتحدث عن أوضاع مخجلة في تخلفها و رجعيتها تقتضي المصلحة العليا لبلادنا و لشعبنا مراجعتها و لا علاقة لها بالخلفيات السياسية و لا بالمصالح الفئوية لأنها أساس المصلحة العامة و الرابطة التي تجمعنا كأمة. الحوار.نت : هل من تقويم سريع من لدن القاضي المختار للحركة التي ساهم في تأسيسها أي حركة 18 أكتوبر عام 2005 ؟ ما هي أبرز الإنجازات وأبرز المعوقات وآفاق المستقبل ؟
الإضراب عن الطعام من أجل الحريات الذي شاركت فيه بمناسبة انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات بتونس كان حسب إعتقادي من التحركات القليلة الناجحة على مدى السنوات الماضية فرغم كثرة التحفظات و قلة المساهمين و عدم وجود توافق تام على الأهداف نجحت هذه المبادرة لأول مرة في خلق حالة نهوض و كسبت عمق شعبي حقيقي كما أنها استطاعت أن تحرك دعما دوليا قلما حصلت على مثله التحركات من أجل الإصلاح و الحريات في تونس من قبل وقد حظي كل ذلك بزخم إعلامى مركز مما خلق وضعا أربك السلطة و بدا جليا أن حالة الإلتفاف التي فرضها نجاح الإضراب جعلها في عزلة و فتح عينيها على وضع لم تكن تحسبه. و في تقديري أنه كان بالإمكان أن يؤدي هذا التحدي إلى فتح قنوات اتصال و التدرج إلى حالة تواصل مع السلطة لتحقق على الأقل جزءا من المطالب المرفوعة (لأنها كانت أساسا مطالب مرفوعة للسلطة) و يضع حدا لحالة الإحتقان السائدة و يجنبنا حالة القطيعة و النقمة التى آلت إليها أوضاعنا اليوم.
أنا شخصيا حاولت المشاركة في بناء أرضية للإصلاح على أساس الزخم الذي أحدثه هذا التحرك و لكنني انسحبت مبكرا من الهيئة القائمة حاليا بعد أن تبين لي غلبة خلفية الجبهة السياسية التقليدية عليها و ضبابية آفاقها خاصة و أنني شأن الأغلبية الساحقة للشعب التونسي لست يساريا و لا إسلاميا.
بالنسبة للمستقبل أعتقد أن القراءة الصحيحة للأحداث التي شهدتها بلادنا مع بداية هاته السنة يجب أن تكون كمؤشرات يأس بدأ يغلب على جانب هام من الشعب التونسي و خاصة في أوساط الشباب و أن التعامل معها لا يجب أن يكون بشكل يزيد في تعميقه و على المعارضة التي تتطلع للعب دور في مستقبل البلاد شأنها شأن السلطة أن تدخل ذلك في حسابها. كما أعتقد أن لعبة الشد و الجذب التي آلت إليها الحالة السياسية في البلاد كأنها نزاع على تركة ميت أصبحت مقرفة واستنزفت من الوقت مما لا يحصيه إلا من ضاعت فيه حياتهم هدرا و على طرفي هذا الصراع أن يستفيقوا من أوهامهم لأن الشعب التونسي لم يعد بحاجة إلى وصي أو وسيط ليعبر مباشرة عما يريد لو وجد الأوضاع التي تسمح له بذلك أو من يقبل بالإنصات إليه.
السلطة اليوم تتحمل وحدها مسؤولية المبادرة بفتح آفاق جديدة للبلاد تخرجها من أزمتها. و هناك حالة انتظار شاملة تخيم على البلاد لا يعلم إلا الله ما بعدها إذا انتكست بخيبة أمل جديدة و لم تأت القرارات التي تلبي أغلب التطلعات. الحوار.نت : لو طلب منك كرجل مختص حنكته التجارب وعركته الحياة المهنية بين الدولة وبين المجتمع على مدى عقود طويلة .. تحديد أهم مشاكل تونس حسب أولويتها وخطورتها ومقاربة لحسن معالجتها .. كيف يكون تشخيصك ؟
لا أعتقد أنني املك الحل السحري الذي يبحث عنه كل تونسي اليوم و لكني متيقن من أن تونس أسمى علينا من أن نتنازع عليها و نحن نشاهد بأم أعيننا نتيجة تلك المغامرات العبثية التي يسهل الإندفاع لها و لكن لا أحد يملك السيطرة عليها أو يمكن أن يعرف إلى أي مدى يمكن أن تقودنا، فقد رأينا ما حل بالجزائر و نرى ما يقع بالعراق و هذا الكلام موجه لأولئك الذين أصبحوا يبحثون عن تغيير الأوضاع بأي السبل. ربما أغلبية الشعب التونسي اليوم و أنا منهم لم يعش مرحلة الإستعمار و لكن مهما بلغ خلافنا مع النظام القائم اليوم و هو ليس بالبسيط لا يمكن أن ينسينا أين كنا و أين أصبحنا.
ما تحتاجه بلادنا اليوم هو إعادة بناء الثقة و مقاومة حالة اليأس و الإحباط و عدم التسليم بحقوقنا و الجرأة في الإصداع بالمطالبة بها و التصدى بعدم الصمت على انتهاكها لأن القضية اليوم هي أساسا قضية حقوق منتهبة قبل أن تكون قضية معارضة أو موالاة و لا يمكن أن يستعيد كرامته إلا من قام بما تقتضيه منه مقومات حقوقه و سيادته في وطنه. و الغريب اليوم هو كيف لا يخاف من يعتدي علينا و نختفي نحن من الدفاع عن أنفسنا.
و لكن يبقى الإشكال هنا هو: أن أي انفتاح فجئي و غير محسوب سواء كان إراديا أو طارئا قد يدخل البلاد في فوضى عارمة بعد نصف قرن من التقييد قد لا يمكن السيطرة عليها و هو مما يزيد في أهمية الدور الذي من المفروض أن تلعبه العناصر القيادية القادرة على كسب ثقة المجموعات و تأطيرها ووعي هذه العناصر بضرورة تكامل أدوارها و إنجاح المرحلة الإنتقالية عوض الجري وراء نرجسيات و محاولة إسقاط زعامات في النهاية لا يمكن أن تصلح إلا لتكرير التجربة التي نحن بصددها و هذا النوع من الرجال لا يمكن أن يختبر في الصالونات أو على شاشات الفضائيات و إنما في الميدان كما يقوم به الكثيرون الآن.
مطالب تحرك الإضراب عن الطعام من أجل الحريات مطالب معقولة و ملحة و فتح المجال لتحقيقها من شأنه أن ينفس الأوضاع و أن يفتح آفاق عريضة للآمال من شأنها أن تحرك طاقات كبيرة للإنخراط في الإصلاحات الكفيلة بأن تجعل من بلادنا في حاجة لكل أبنائها و في غير غنى عن أي فرد من مواطنيها. و لكن يبقى التساؤل الحقيقي خار ج دائرة البحت عن المنطقي و المعقول لأن لا أحد يجهله بل في معرفة هل بقى من يهتم بمثل هذا الحل؟ الحوار.نت : شبهت حضرة القاضي في مقالات سابقة الحالة القضائية التونسية بأختها المصرية ولكن المعروف بأن القضاء المصري مستقل بدرجة عالية ولكن المشكلة هناك هي عدم تنفيذ السلطة التنفيذية لأحكام القضاء التي عادة ما تبرىء الأبرياء أما في تونس فإن السلطة التنفيذية تجور على القضاء قبل الحكم وبعد الحكم. هل من توضيح ؟
المقال الذي تشير إليه حاولت فيه المقاربة بين ما تتعرض له مؤسستان ديموقراطيتان عريقتان في البلدين من تضييقات وممارسات في كلا البلدين وهما نادي القضاة في مصر و الهيئة الوطنية للمحامين بتونس للتدليل على تردي الحالة العامة لنظام الحكم في البلدين و ليس تخصيصا للقضاء. لأن اعتداء السلطة على مؤسسات قضائية دليل على أن المشكلة الحقيقية في السلطة نفسها و ليست في القضاء
و بالعودة لسؤالك حول المقاربة بين الحالة القضائية في البلدين فإنه و إن كان لا مجال للحديث عن سلطة قضائية وقضاء مستقل في كلا البلدين لأن ذلك لا يمكن أن يتوفر إلا في بلد ديموقراطي و مترتب عن طبيعة نظام الحكم و لا يمكن خروجه عنه و فضلا عن اختلاف التجارب في الميدان لأن مصر كانت مستعمرة أنقليزية و تونس فرنسية قبل استقلالهما و رغم أن كلاهما اعتمد المنظومة القانونية الفرنسية فإن التقاليد الأنجلوساكسونية تعطي مقاما أسمى للقضاء من مثيلتها الفرنسية. لذلك فإننا نجد الإختلاف بينهما في كون القضاء المصري حافظ على بعض من الهيبة لم يكتسبها القضاء التونسي. و لكن هيبة القضاء مهما بلغت لا تعوض سلطته المستقلة و حياده. لذلك فإننا نجد على مر العصور و في كل الحضارات قضاة يذكرهم التاريخ بنزاهتهم وهيبتهم رغم تزامن ظهورهم مع أقسى عصور الظلم أحيانا. فاستقلال القضاء لا يعنى استقلال بعض القضاة بفضل قوة شخصيتهم و نفوذهم ممن يذكر تاريخ بلادنا الكثير منهم و لكنه آلية حديثة من جملة أدوات الدولة العصرية الكفيلة بضمان الحكم الرشيد و كفالة الحقوق و الحريات للجميع على قدم المساواة. الحوار.نت : يرى بعض المراقبين بأن وضع السجون في تونس تحت السلطة القضائية مدخل إصلاحي ربما يضمن لبعض السجناء عدم تعرضهم للتعذيب والقتل البطيء هناك. ما مدى صحة ذلك؟ وهل أن ذلك المطلب القديم يعتبر فعلا جزءا من الإصلاح الإداري والقضائي المطلوب ؟
قيام سلطة قضائية بالمعنى الدستوري الحديث للكلمة يعنى استقلالها بالبحث في الجرائم و الحكم فيها و بتنفيذ الأحكام الصادرة عنها و هي منظومة كاملة لا يمكن تجزئتها. لذلك فالوضع الطبيعي للسجون أن يكون تحت إشراف القضاء و ليس تحت إشراف وزارة العدل أو الداخلية. لذلك نرى كما حصل في السنوات الأخيرة فإن الإصلاح لم يتحقق بالنسبة لأوضاع السجون بتحويلها من إشراف وزارة الداخلية لإشراف وزارة العدل إذ أن كلاهما سلطة تنفيذية.
و أهمية استقلال القضاء كمنظومة كاملة ضمن سلطة مستقلة عن بقية السلط تتجلى أساسا في استتباعاته في تحديد السياسة الجزائية. بحيث تتحدد السياسة الجزائية في هذا الوضع بمنأى عن كل التجاذبات السياسية بمعنى أنه يجرد السلطة السياسية من نفوذها القمعي الذي توفره لها سيطرتها على القضاء و تصبح بالضرورة خاضعة و على نفس المستوى للقانون الذي تشرعه و تصبح تعلم أنها ربما تكون أول من ينفذ عليه. و عندما تتوفر مقومات مثل هذا الوضع تصبح السياسة الجزائية في غنى عن الطابع الزجري و سواء كان القانون متشددا أو متسامحا فإن دور القضاء تنفيذه دون حاجة إلى التنكيل بالمستهدفين به و يصبح الرادع الوحيد هو قوة نفاذ القانون و ليس التنكيل و التشفي من المحكوم عليهم سواء لللإنتقام منهم أو حتى لا يعودوا لمثل فعلتهم لأن ذلك لا يدخل في عمل القضاء. الحوار.نت : هل يشهد الفقه القضائي في تونس تطورا لضمان أكبر حد ممكن من حقوق الإنسان والحد من تغول الإدارة الرسمية ضده وهل أن جملة النصوص القانونية كفيلة بذلك لو طبقت بعدل أم أن النصوص ذاتها في حاجة إلى إعادة ملاءمة وتطوير وفي أي إتجاه ؟
لا شك أن تراكم فقه القضاء المكون من جميع الأحكام التي تصدرها المحاكم يشكل تراثا ضخما و مادة ثرية بنجاحاته و إخفاقاته للباحثين و الدارسين يساعد على تشكيل حلول أرقي لمختلف الإشكاليات التي تعرضها النزاعات سواء كانت جنائية أو مدنية أو غيرها و بالتوازي مع ذلك تطورت البحوث و التصانيف القانونية و هو ما لم يكن متاحا لأمثالي عند دراستنا للحقوق في بداية السبعينات حيث كانت المراجع و فقه القضاء بالأساس فرنسية. كما أنه لا يكاد يمر أسبوع أو حتي يوم دون أن تصدر قوانين و أوامر و تراتيب جديدة. و هذا الكم الضخم سواء من التشاريع أو الأحكام أو البحوث الذي تراكم على مدى نصف قرن معين لا ينضب و كنز حقيقي في صياغة كل إصلاح لم يكن متوفرا لدولة الإستقلال عند قيامها إضافة إلى اقتران الإستقلال بقطيعة فجئية مع منظومة قضائية تقليدية مهترئة. و هكذا فإن أسباب الأخطاء لم تعد متوفرة متى حان موعد الإصلاح و تجمعت أسبابه.
نحن عندما ننازع السلطة اليوم حول احترام حقوق الإنسان و نزاهة تطبيق و سن التشاريع نعلم جيدا أن دولة الحق « Etat de Droit » لم تتأسس بعد في بلادنا لأن المقصود بدولة الحق لا فقط احترام الحقوق المكفولة قانونا لمواطنيها و عدم الإلتفاف عليها لإفراغها من كل محتوى و إنما أساسا إحترام حقوق الخارجين على القانون و التعامل معهم في إطار ما يتيحه القانون مع احترام كل ما يكفله لهم من حقوق و ضمانات مهما كانت جرائمهم و حتى إذا كانوا خارجين على السلطة أو إرهابيين. لأن دولة الحق إنما تؤشر قبل كل شيء على الرقي الحضاري للمجتمع و ثقته بمؤسساته و ترفعه عن العدوانية و العنف في مواجهة المظاهر التي تمس أمنه. الحوار.نت : حضرة القاضي المختار هل لقرائنا الكرام أن يتعرفوا على أهم مصادر القضاء التونسي من حيث نصوصه ومراجعه : هل هي الشريعة الإسلامية مثلا أم القانون الفرنسي أم خليط مهجن بين الإثنين أم شيء آخر؟
هذا السؤال ربما يحتاج إلى أطروحات للإلمام بمختلف جوانبه. و لكن سأحاول بسط رأيي في الإشكالية التي يطرحها. هناك أثر منسوب إلى الخليفة الراشد الخامس عمر إبن عبد العزيز يقول : “تحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من فجور”. و المقصود هنا أن القاضي بحاجة في كل مرة إلى استنباط سند حكمه بحسب واقع النزاع. و القانون هو بالضبط تصديقا لهذه المقولة وليد الحاجة التي تدفع إلى التشريع و التقنين. فعندما ظهرت وسائل الإتصال الحديثة و المعاملات اللامادية و ما رافقها أيضا من جرائم غير مألوفة فرضت هذه الحالة على كل الدول في العشر سنوات الأخيرة استحداث تشريعات جديدة و بقدر ما يتطور المجتمع و تتعقد حاجياته و تتنوع مصالح أفراده بقدر ما تبرز الحاجة إلى تشاريع جديدة حتى أن بعض الميادين أصبحت اختصاصات تتطلب معارف خاصة سواء لدى القضاة أو المحامين لا تكفي لها الخبرات العادية. فالحاجة هنا هي التي تولد القانون. فما كان القاضي يستنبطه من أحكام بنفسه أصبح يجد مدونات كاملة يرجع لها لإصدار حكمه.
فالمشرع أصبح يقوم بدور أولي كان متروكا للقاضي الذي ربما رجع للمفتي عند الإستشكال و كلمة المشرع لا تحيل إلى فرد بل يدخل فيها اللجنة الفنية التي أعدت الدراسة و المصالح الوزارية التي راجعت الأعمال و أصحاب الإختصاص الذين يحال عليهم المشروع الأولي لإبداء الرأي فيه و مجلس الوزراء الذي درس المشروع و أحاله و المجالس النيابية التي تدرسه في لجانها المختصة ثم تناقشه في جلساتها العامة قبل التصويت عليه و يعرض أحيانا على المجلس الدستوري الذي يبدي رأيه فيه و مع كل هؤلاء غالبا ما يتحول القانون قبل إصداره إلى موضوع يتناوله المختصون ووسائل الإعلام. و من البين أن هذه الآلية الضخمة للتشريع لا تدع مجالا للإتفاق على ضلالة و تكفل صدور القانون بما يتناسب مع قيم و معتقدات و خلاصة أفكار المجتمع الذي صدر له. و القضية الأساسية هي تحفيز هذه الآليات و هذا الكم الهائل من الخبرات حتي يأتي القانون ملائما للمصلحة التي شرع لها. عدا أن صدوره لا يمنع من إعادة النظر فيه بمراجعته أو إلغائه.
و ظهور القانون الوضعي في تونس حديث نسبيا في فترة خيرالدين و ظهور الإصلاحات العثمانية التي انبثق عنها عهد الأمان و دستور 1857 حيث أصبح الباي يستشير في صياغة القوانين لجنة شكلها للغرض و لكن الباي كان من فترات سابقة بعيدة يتخذ مراسيم تسري نفاذ القوانين و انحصرت قضية حكم الشريعة في مسائل الأحوال الشخصية و المعاملات و الحدود بمعني الجزائية و تعددت المذاهب و المحاكم كما ظهرت المحاكم القنصلية و أصبح التونسيون يتجنسون للإفلات من فساد و فوضى القضاء المحلي و قد أتى الشيخ عبد العزيز الثعالبي بإسهاب عن هاته الأوضاع في كتابه تونس الشهيدة.
و لا أعتقد شخصيا في وجود بديل عن الآليات التشريعية العصرية و أعتقد أن كل من يحاول التشكيك في ملاءمتها لللإعتبارات الدينية يجهل حقيقة طبيعة عملها و يقيس على أوضاع استثنائية يتعطل قيها عملها بصفة طبيعية. الحوار.نت : ماهو التكييف القانوني لإنشاء تتبعات عدلية دولية ضد رموز من الدولة قاموا بتعذيب إنسان أو حرمانه من حقوقه أو مخالفة قوانين محلية أو دولية ؟ بمعنى هل أن ذلك أمر لا يتناقض مع الولاء للبلاد أم هو ضرب من ضروب الخيانة وتشويه السمعة الوطنية للبلاد ؟
هناك ما يعرف بالعدالة الإنتقالية و هي طريقة لتصفية مخلفات الأزمات الإجتماعية و السياسية و الحروب الأهلية و ليس لها شكل محدد بذاته أو مقنن سلفا. و هي تختلف من بلد لآخر حسب ما حصل فيه و طبيعة ظروفه و أشهر مثال على ذلك ما حصل في جنوب إفريقيا بعد مرحلة الميز العنصري و أقرب مثال لنا هو لجنة الإنصاف و الحقيقة في المغرب و قانون المصالحة الوطنية في الجزائر. و لكن العدالة الإنتقالية لا يتم اللجوء إليها إلا بعد حصول انفراج في الأوضاع و التوافق عليها.
أما في مراحل القمع و الإنتهاكات فإنه من الطبيعي ترهيب المتجبرين و الطغاة بأن تطالهم العدالة الدولية أو الأجنبية لأنهم يعرفون أنه يمكن أن يقعوا فعلا تحت طائلتها و هذا في حد ذاته يقيد تجاوزاتهم. شخصيا مع اعتباري أن تحقق العدالة و إنصاف المضطهدين يسمو فوق أي اعتبار فإنني أميل إلى التحفظ في اللجوء إلى القضاء الخارجي خاصة و أن التجارب الحاصلة لحد اليوم لا تبعث على الثقة فضلا عن أن محكمة الجزاء الدولية لا زالت في بدايتها و هي تقود بالضرورة لتدويل نزاعات داخلية تتربص لها بعض القوى لتجد فيها مدخلا إلى البلدان التي تبحث على الهيمنة عليها. خاصة أن الإستعمار سبق أن دخل بلادنا من هذا الباب. الحوار.نت : ماهو التكييف القانوني لما يردده الناس من كون خطة تجفيف منابع التدين التي إعتمدتها السلطة في شهر ماي من عام 1990 وكذلك منشور 108 الذي يحد من حرية المرأة في لباسها .. إجراءات غير دستورية ومنافية للقانون؟ وما هو حجم القوانين بمختلف درجاتها التي تعتبر قضائيا لا دستورية في تونس وهل يمكن لقرائنا معرفة أمثلة عن ذلك ؟
أشكال الصراع السياسي تتكيف بحسب الأوضاع الآنية و طبيعة الخصوم و ما يعرف بخطة تجفيف المنابع و التصدي للزي الطائفي هي من إفرازات هذه المرحلة المريرة من الصراع بين حركة النهضة و الحزب الحاكم و قد تزامنت مع اختراق هذا الأخير من طرف اليسار الإنتهازي و لئن قامت استراتيجية السلطة على تشويه المرجعية الدينية للحركة الإسلامية فقد جوبهت باستراتيجية تطعن في تدينها و هو ما دفع الإحتقان حول هذه القضية إلى أقصى حدوده و أدى إلى ردود فعل مشينة في حق الإسلام و في حق الكثير من المواطنين و خاصة المواطنات و كرس سياسة تقوم على التمييز على أساس الولاء السياسي حرمت الكثيرين من العمل و أدنى حقوق المواطنة وزادت في تعميق المحنة التي يعانيها اغلبهم ممن تم اعتقال أقاربهم أو تم نفيهم على خلفية انتمائهم. و من الطبيعي أن ممارسات كهذه مخالفة للقانون و الدستور فضلا عن كونها فشلت في تحقيق أي من أهدافها
القضية هنا ليست في دستورية القانون من عدمه بل هي في نفاذ القانون و الدستور فحكم التغلب و القهر لا يقوم على حكم القانون فما يقتضيه القانون شيء و ما تفرضه مشيئة المتسلط شيء آخر. بل أن المستبد لا يصعب عليه في مثل هذه الحالة صياغة مشيئته في نصوص ينزلها حكم القانون ما دام لم يبق من هو قادر على الوقوف في وجهه و لنا في قانون مكافحة الإرهاب مثال حي على ذلك. لذلك يفرق خبراء العلوم السياسية دائما بين الأنظمة القائمة على حكم القانون و تلك القائمة على الحكم بالقانون لأن القانون في الحالة الثانية ليس سوى مشيئة السلطة و إرادتها المنفردة و العدالة تتحقق بحكم القانون و ليس بالحكم بأي قانون. الحوار.نت : هل من كلمة أخيرة لقرائنا الكرام أو لأي طرف يريد حضرة القاضي مخاطبته في هذه المناسبة الحوارية السعيدة ؟
شكرا على إتاحة هذا الحوار و أتمنى التوفيق لكم ولكل الساعين بصدق لخير هذه البلاد و أهلها الحوار.نت : شكرا جزيلا للقاضي المختار اليحياوي على ما أولانا به من حوار شامل صريح سائلين له الله سبحانه التوفيق والسداد لما فيه خير البلاد والعباد. الهادي بريك ــ الحوار.نت ـ ألمانيا brikhedi@yahoo.de (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 8 مارس 2007)
لحظة بلحظة مع رحلة خروج محمد عبو من السجن!
القلم الحرّ سليم بوخذير
الحملة الدولية الكبرى التي أقامتها مؤخّرا نخبة من شرفاء الأرض وفي أكثر من عاصمة في العالم وفي أكثر من فضاء دولي وبكلّ الأشكال المعتادة وغير المعتادة لنصرة قضية فارس الحرية الرهين في سجن بن علي الأخ العزيز محمد عبّو بمناسبة الذكرى الثانية لإعتقاله والتي انتهت إلى مُطالبة أهمّ دولة في العالم بالإفراج الفوري عنه في بيان صريح لوزارة الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي، إنّما –في رأيي- جاءت لتؤكّد حقيقة بسيطة للغاية وهي أنّ هذا المحامي الحبيس.. إنّما هو (رغم سجنه) أقوى بكثير من هذا الدكتاتور الرئيس..
لقد نجح هذا الدكتاتور -الذي مازال يجد في نفسه من “الشّراهة” ما يجعله يحلم بمزيد أكل حقوقنا كتونسيين في الحرية و الكرامة لـ5 سنوات إضافيّة تبدأ في 2009- في أن يختطف محمد عبّو من بين أصدقائه وأبنائه و زوجته ذات ليل دامس و يرميه في زنزاناته المعروفة عالميّا بكرم الضيافة، وهذه مسألة سهلة جدّا بالنسبة لأيادي الظلم و الظلام التي أطلقها علينا بن علي منذ إفتكاكه للحُكم ولا نضعها في خانة البطولة بالنسبة له وإنّما في خانة ضُعفه الواضح وعجزه الجليّ، ذلك ببساطة أنّ الضعفاء هُم وحدهم فقط الذين يعجزون على مُواجهة الكلمة الحرّة بغير سلاح الترهيب و العنف و الخطف و الحبس..
لقد نجح عمّنا الدكتاتور في إنجاز هذا الأمر البسيط جدّا والسخيف جدّا فعلا ونعني حبس محمد عبو كجسد بين 4 جدران، و لكنّه في المُقابل عجز عن تحقيق الأهم والأصعب في رأيي وأعني حبس محمد عبّو الفكرة.. محمد عبّو الرمز.. محمد عبّو الإرادة.. محمد عبّو القضيّة. محمد عبوّ النور.. محمد عبّو الحقّ المُنطلق في كلّ الدنيا وإلى كلّ الأرجاء دون أن تُوقفه لا فرقُ قمارق و لا حدود ولا تمنعه موانع..
هذا ما فشل فيه عمّنا الدكتاتور والأحمرة ذات الآذان الطويلة المُكلّفة بمهمّة واحدة ومُحدّدة منذ 20 سنة، وأعني إشاعة أكثر ما يمكن من كمّيات الظلم والظلام في تونس العهد الجديد ونطحه الشديد..
أجل، عبّو أثبت منذ 1 مارس 2005 إلى غاية اليوم أنّه أكبر بكثير من مجرّد جدران زنزانة تمنعه من الخروج.. عبّو في نظري خرج من السجن منذ اليوم الأوّل وجاب الأسواق وخاطب التونسيين في كلّ مكان مُحدثا إياهم عن الحرية و الكرامة وعن الكلمة الحرّة التي تمكث في الأرض ولا تذهب جفاء.. عبّو خرج فعلا ومرارا وحضر الندوات وظهر في الفضائيات وعلى شبكة الانترنت في أشهر المواقع وعلى أعمدة الصحف الشريفة في مشارق الأرض و مغاربها و بكلّ اللغات ليُسمع كلّ صادق صوت تونس الجريحة و أنّات الحريّة المُحاصرة في ليل حزين طال أمده.. بل إنّني أذهب إلى أكثر من ذلك، فعبّو لم يخرج فقط من السجن وإنّما أيضا توصّل إلى أكثر من هذا: لقد توصّل إلى القدرة على أن يُغادر تراب البلد لأكثر من مرّة ويُسافر إلى كلّ الدنيا دون تأشيرات أو جواز سفر.. عبّو كان ضيفا على عديد المؤتمرات الدولية ليُوصل صوت تونس ويروي حكاية ليلها المظلم الذي آن له أن ينجلي.. عبّو خرج إلى كلّ العالم و أعطى الكثير لقضيّة وطنه السليب الإرادة ولكن دون أن يراه عسس الدكتاتور، وحتّى وإن تفطّنوا إلى خروجه فعبّو صار أكبر بكثير من أن يمنعوه.. لقد أصبحت لحمام الحريّة أجنحة تجعله يطير إلى أبعد نقاط الأرض دون أن تستطيع ترسانة حرس الدكتاتور أن تفعل له شيئا.. ألم اقل لكم إنّ طائر الحرية محمد عبّو صار أكبر بكثير من عبّو الجسد الحبيس ومن بن علي بكلّ مؤسساته القمعية..
وفي الواقع بن علي بنفسه يشهد بذلك.. أجل، فصحيح أنّه لم يقلها صراحة في تصريح رسمي و لكنّ تصرفات نظامه تؤكّد أنّه يُقرّ بهذه الحقيقة، تذكّروا معي لماذا حاصرت مثلا قوات الدكتاتور مكتب الأستاذ العياشي الهمامي يوما واحدا قبل مرور الذكرى الثانية لإعتقال عبّو ، أليس لأنّ الدكتاتور يعرف أن العياشي هو رئيس لجنة الدفاع عن عبّو؟ ألم يُقرّر محاصرة مكتب العياشي لمجرّد إضطرابه (أعني النظام ) وخوفه من مجرّد احتمال غير أكيد بأن مكتب العياشي كان يُعدّ لإجراء نشاط يخصّ ذكرى المحامي السجين ؟ لماذ كثّفوا من المراقبة البوليسية على المجلس الوطني للحريات وعلى عديد النشطاء المعروفين بعلاقتهم بمحمد عبو ؟ أليس لأنّهم خشوا أن ينظّموا أي نشاط يكون عبّو هو الحاضر الغائب فيه ؟ بل أنظروا كم عدد جحافل البوليس التي حاصرت وفد “إيفيكس” ومعهم الحقوقيين التونسيين لمنعهم من زيارة السجن يوم 1 مارس الماضي، ألا يعكس كلّ هذا مابلغه النظام من ارتباك من عبّو/ القضية ؟ ألا يقف هذا دليلا واضحا على أن عبّو بالنسبة لبن علي لم يعد فقط مجرد جسد قام بسجنه و إنّما صار بالنسبة إليه شبحا كبيرا يُخيفه و يُربكه و قد يظهر له في أي مكان و في أي لحظة ولذلك هو يجنّد له أكبر عدد من العسس عسى أن يُحاصره، و لكن عبثا يُحاول ويُحاولون..
أنظروا كم من نشاط يخصّ قضية عبّو منعتها سلطات العهد البليد في تونس على مدى السنتيْن الماضيتين.. أنظروا كم من مهمّة أسندت لعسس الدكتاتور لمُحاصرة نشاط يخصّ قضية فارس الحرية الحبيس، وكم من المال العام صُرف على كلّ هذا. ستجدون أن المال الذي أنفقه بن علي من خزينة الوطن على محاصرة شبح عبّو يفوق بكثير الميزانية المخصّصة لعديد المؤسسات الكبيرة في البلد.. ألا يقف هذا إقرارا صريحا من بن علي على أنّ اسم عبّو.. مجرّد اسمه صار يعني لديه الكابوس الكبير الذي يلاحقه في كلّ مكان.. هل نريد دليلا أكبر من هذا على أنّ عبّو إنّما حقّق فعلا نصرا كبيرا على بن علي رغم مُعاناة سجنه.. وأنّ سجنه لم يُرح بن علي كما كان يأمل بل على العكس زاده إضطرابا على إضطراب من هول ما جناه من عبّو الرمز الذي صار طيفه مُحلّقا في كلّ الآفاق ليُلقي من سجنه أنهارا من النور على كلّ صفحات الظلام التي خطّها بن علي في أسوأ 20 سنة في تاريخ البلد و يُمسي سفير قضية بلده في كلّ أصقاع الأرض.
والمشهد نفسه سيظلّ قائما: شبح عبّو سيظلّ يظهر لبن علي هنا وهناك وفي تونس وخارجها وفي كلّ وقت، وهو سيظلّ مُرتبكا لا يستطيع إلى مُحاصرته سبيلا.. وهذا هو دائما قدر كلّ دكتاتور: فرسان الحريّة يكونون دائما أكبر بكثير من زنزاناته، وهو يكون أضعف بكثير من أن يحبس صوت الحقّ الذي يرفعونه والذي يُمسي كوكبا دُرّيا تفيض أنواره عاليا وبعيدا في الآفاق وتُسافر في كلّ الدنيا..
* ليل تونس الحالك في مارس 2007
حوار افتراضي مع الأستاذ محمد عبّو من داخل سجن الكاف
أجرى الحوار سامي نصر بالأمس غير البعيد كانت الأنظار متّجهة نحو الأستاذ محمد عبّو بوصفه محاميا وبوصفه ناشطا حقوقيا في أكثر من منظمة حقوقيّة. وبالأمس غير البعيد كذلك كنّا نتابع كتاباته في مجلّة “كلمة تونس” وفي “تونس نيوز” والتي تميّزت بجرأته وصراحته ووضوحه. ولكن مع حلول شهر مارس 2005 انقلبت الصورة، فتحوّل الأستاذ عبّو إلى “موضوع” تكتب عنه البيانات الاحتجاجيّة بعد أن كان مكتبه ملجأ للضحايا السجناء والموقوفين، أصبح اليوم هو السجين وهو الموقوف. لأجل ذلك رأينا من الضروري إجراء هذا الحوار معه بعد أن تمتّعنا مؤخرا بما ورد في الفصل 35 من القانون عدد 52 لسنة 2001 والمتعلّق بنظام السجون، بزيارته لا كصحفي بل كصديق له مكانة تأثيريّة عليه كما يشترط قانون السجون. وأجرينا معه الحوار التالي:
كلمة: ما هي الصفة التي تحبّذ أن نقدّم بها محمد عبّو لقرّاء “كلمة تونس”؟ الأستاذ عبّو: قبل أن أجيبك عن سؤالك، بل أسئلتك.. أودّ أن أعرف كيف سمح لك بدخول السجن ومقابلتي؟ مع أنّ صفتك لا تندرج ضمن قائمة الممنوح لهم بالزيارة.. أعذرني صديقي سامي. ففي كل الحالات أنا سعيد جدّا بلقائك ومقابلتك، ولكن مجرّد استفهام. كلمة: لقد عثرت بالصدفة عندما كنت أقرأ القانون المتعلّق بنظام السجون وتحديدا في الفصل 35 أنّ بإمكان أي صديق له تأثير معني على السجين أن يتمتّع بزيارته، فقدمت مطلبي للإدارة العامة السجون والإصلاح، فمنحوني هذا الحق القانوني. الأستاذ عبّو: هذا جميل جدّا، إذن نواصل الحوار، فهل يمكن أن تعيد السؤال. كلمة: محمد عبّو له أكثر من صفة، هو الأستاذ المحامي وهو الناشط الحقوقي وهو صاحب القلم الحرّ، وهو الزوج والأب… فما هي الصفة التي تريد تقديمك بها للقرّاء؟ الأستاذ عبّو: أظن أنّك نسيت صفتي الحاليّة، أي محمد عبّو السجين، أنا أريد أن أقدّم نفسي للقراء ولكل العالم بصفتي سجينا ، تمارس عليه يوميّا مختلف أشكال الانتهاكات والاعتداءات. “كلمة”: عفوا يا أستاذ عبّو، سوف نعود لذلك فيما بعد، ولكن عندي بعض الأسئلة التي أودّ أن نبدأ بها حوارنا.. فمثلا، لماذا محمد عبّو في السجن؟ ما هو نوع الجرم أو المخالفة القانونيّة التي بموجبها وقع اعتقالك ثم الحكم عليك بالسجن؟ الأستاذ عبّو: أنا رجل قانون. وقبل كل شيء أنا محامي، أعرف القانون، وأدافع عن المظلومين بالقانون، ولم أطالب يوما بخرقه، بل أطالب دائما بتطبيق القانون، وما قمت به بكل بساطة هو ممارسة حقّي القانوني في التعبير، فمن اعتقلني دون إذن من النيابة العموميّة ودون تصريح قضائي هو الذي خالف القانون وداس عليه. والطريقة التي تم على نحوها اعتقالي لا تكون إلاّ في حالات التلبّس وهذا لا ينطبق على حالتي. ومن حكم عليّ بالسجن وأقر إدانتي في القضيتين هو الذين خرق القانون. كلمة: لو افترضنا أن ما حدث معك حدث لشخص آخر وطلب منك المرافعة، ماذا ستقول في المرافعة؟ الأستاذ عبّو: بكل بساطة سوف أعيد الجملة التي سبق وأن قلتها للقاضي الهمامي عندما رافعت على الأخت والصديقة العزيزة أم زياد. قلت حينها “أطلب من هيئة المحكمة حفظ القضية إلى حين وجود قضاء مستقل”.. فعلا، ما نحتاجه الآن هو قضاء مستقل. كلمة: هل ترى أن مقال الذي بسببه دخلت السجن تجاوز كل الخطوط الحمراء..؟ الأستاذ عبّو: أنا شخصيّا لا أظنّ أن مقالي المذكور أكثر جرأة من العديد من المقالات التي تنشر في صحيفة “كلمة” أو في “تونس نيوز”، المقال الذي كتبته بإمكان أي مواطن غيور على هذا الوطن أن يكتبه.. ولكن، أظنّ الظرف هو السبب. كلمة: لم أفهم يا أستاذ عبّو ماذا تقصد بالظرف، هل يمكن أن توضّح أكثر؟ الأستاذ عبّو: قبل كتابتي للمقال كنت أتابع عن كثب الدور الذي كان يقوم به زملائي في جنيف بمناسبة الدورة التحضيريّة الثانية للقمة العالميّة لمجتمع المعلومات، حيث وقع فضح النظام التونسي هناك، وأصبحت الأضواء مسلّطة على تونس وما يحدث فيها وخاصة إمكانيّة عقد هذه القمة في بلد لا تحترم فيه حقوق الإنسان، وأظن أن زملائي كانوا وقتها يراهنون على مقاطعة هذه القمة أو عقد قمة موازية. لذلك استهدفت السلطة تحويل وجهة اهتمام نشطاء حقوق الإنسان.. يمكن أن تكون أيضا رسالة. كلمة: رسالة لمن؟ الأستاذ عبّو: هي رسالة لكل مكوّنات المجتمع المدني، فمحمد عبو يمثل سلك المحاماة وبالتالي هي رسالة لكل المحامون، ومحمد عبّو هو عضو المجلس الوطني للحريات بتونس وبالتالي هي رسالة له ولكل الجمعيات الحقوقيّة… كلمة: ما هي وضعيتك الحالية داخل السجن؟ الأستاذ عبّو: أريد تصحيح سؤالك، داخل القبر.. وليس داخل السجن.. أنا لا أشعر بنفسي داخل مؤسسة تابعة لوزارة العدل وحقوق الإنسان والتي من المفترض أن أكون جزءا منها بوصفي محاميا وبوصفي مدافعا عن حقوق الإنسان. كلمة: لماذا هذه النظرة السوداويّة، لقد قامت الحكومة بالعديد من الإجراءات الجريئة والإصلاحات العميقة في السنوات الأخيرة والمتعلّقة بوضعية السجون؟ الأستاذ عبّو: عفوا الرجاء تبديل حرف “ق” وحرف “م” من مكانها وتحتفظ بالبقيّة كما هي لتصبح عرضا عن عميقة.. “عقيمة”، ليصبح سؤالك في مكانه. كلمة: لكن، يا أستاذ عبّو الإدارة العامة للسجون والإصلاح تقوم باستمرار بزيارة السجناء وتستمع إليهم، كما أنّ الحكومة أحدثت سنة 2001 قاضي تنفيذ العقوبات ومنحت له العديد من الصلاحيات والتي منها. – الأستاذ عبّو: عفوا عن مقاطعتك، يا صديقي.. ما دمت فتحت هذا الباب فأنا أريد الحديث عنه، لقد زارني فعلا المدير العام للسجون والإصلاح وقدّمت له شكوى مباشرة عن سجين كان يقيم معي في نفس الغرفة، هذا السجين يقوم باستفزازي باستمرار ويحاول أن “يضيّق عليّ ربطيتي”… وتجاوب معي كثيرا إلى درجة جعلته يأمر مدير سجن الكاف بنقله فورا إلى غرفة أخرى، ولكن ما حدث هو أن هذا السجين بقي في نفس الغرفة عدّة شهور، بل ضاعف من استفزازه لي. كما طلبت منه السماح لي بالحصول على كل المراجع القانونيّة لإكمال دراستي (شهادة الدكتوراه)، وأمر مدير السجن بدخول كل الكتب والمراجع التي أحتاج إليها… ولكن، ما حصل هو أنّني لازلت إلى حدّ الآن أنتظر تطبيق هذا الأمر. ثم طلبت من المدير العام للسجون والإصلاح السماح لنا في الغرفة مشاهدة القناة الجزائريّة التي بإمكاننا مشاهدها هنا في الكاف. وفعلا قال المدير العام صراحة بأنّ القناة الجزائريّة لا تدخل ضمن المحظورات، وأمر بعدم قطعها علينا. ولكن، ما حدث هو قطعها نهائيّا عليّا، إضافة لقناة 21 فأصبح غير مسموح لنا سوى بمشاهدة قناة تونس 7… أنا أتساءل هنا ما قيمة زيارة أعلى سلطة في إدارة السجون والإصلاح إذا كانت أوامره لا تنفذّ، كما أتساءل من هو صاحب القرار النهائي في سجن الكاف؟ أظنّ أن هناك أياد خفيّة تسيّر السجن وتأتمر الإدارة بأوامرها، وطبعا هذه الجهة بعيدة كليّا عن الإدارة العامة للسجون والإصلاح. كلمة: في العموم يا أستاذ عبّو المضايقات التي تتعرّض لها داخل السجن متأتية من سجين مثلك مثله. وهذا يحدث في كل سجون العالم.. فكيف توجّه اتهاماتك إلى جهات أخرى؟ – الأستاذ عبّو: لا… لا… هذا غير صحيح. أنا أشكّ في كون الشخص الذي كلّف بمضايقتي واستفزازي هو سجين. كلمة: لم أفهم – الأستاذ عبّو: هذا الشخص، يسمح له بالخروج من الغرفة ويبقى أحيانا أربع ساعات ثم يعود للغرفة… أحيانا لا نراه إلاّ في الليل.. فكيف يكون سجينا ويسمح له بمغادرة الغرفة؟! ثم أين يذهب طيلة هذه الفترة.. ثمّ أنا لم أتحدّث معك عن شكل الاستفزاز الذي يقوم به معي. هو يحاول أن ينقل لي أخبار عائلتي وتحرّكات زوجتي، والبلدان التي تذهب إليها، بل أحيانا يذكر لي اسم التظاهرة التي شاركت فيها، ورقم الغرفة في الفندق الذي تسكن فيه… بعد كل هذا، فهل لازلت تقول لي هو سجين مثله مثلي؟! كلمة: عفوا يا أستاذ عبّو عن هذه الأسئلة، ولكن بقي عندي سؤال أخير، سمعنا أنّ من بين الاحتجاجات التي قمت بها هو أنّك أضربت عن الطعام وقمت “بتخييط” فمك بالإبرة والخيط، وأظن ذلك كان بمناسبة اليوم العالمي لحريّة الصحافة. فماذا كنت ترمي من وراء هذه الحركة الاحتجاجيّة؟ – الأستاذ عبّو: هذه الحركة الاحتجاجيّة استهدفت من وراءها بعث رسالة لجهتين مختلفتين، أردت أن أقول من خلال ذلك أنّ مقولة حريّة الرأي والتعبير وحريّة الصحافة في تونس هي في حقيقة الأمر مجرّد وهم… (سكت) كلمة: وما هي الجهة الثانيّة التي توجّهت لها برسالتك تلك؟ – الأستاذ عبّو: هذه وجّهتها لك أنت يا صديقي ولكل أصدقائي في الخارج.. نعم لك ولكل زملائي وأصدقائي، لأقول لهم “كفاية” كلام وكفاية مهرجانات خطابيّة، فكّروا في شيء آخر غير الكلام وغير الخطاب… وآسف عن هذا الكلام.. أنا صحيح لا أعرف ما تقوم به في عالمكم الخارجي، وأنا لا أشك في صدق وإخلاص أصدقائي، ولكن.. هذا شعور محام تحوّل إلى سجين. كلمة: شكرا أستاذ عبّو عن هذه الصراحة، وشكرا عن هذا الوقت الذي خصّصته لهذا الحوار.. وأتمنى أن لا أكون ضيّعت وقتك. – الأستاذ عبّو: هـ.. هـ.. هـ… (ضحك الأستاذ عبّو ضحكته المعتادة والطويلة) عن أي وقت تتحدّث، أنا داخل السجن كل وقتي هو وقت فراغ، سنتين وأنا أعيش داخل هذا الفراغ.. المهم سعدت كثيرا بهذا الحوار، على الأقل هذه فرصة لأبلّغ صوتي لأصدقائي، لأستاذي وصديقي الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي وكل المحامون الشرفاء، لك ولكل أعضاء المجلس وخاصة للأخت سهام وعمر والأستاذ نجيب الحسني.. لكل أسرة “كلمة” وخاصة لقلم أم زياد ولطفي حيدوري…ولكل العالم.. محمد عبّو لم ينساكم ويعرف أنّكم لم ولن تنسوه.. وأعلمكم أن محمد عبّو بخير وسوف يبقى بخير… وسلام حار للجميع.
(المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 51 لشهر مارس 2007)
معارضتنا ؟ “عسل الدنيا”
بقلم أمّ زياد عندنا معارضة – تبارك الله أحسن الخالقين- تصلح أن تكون تمثالا يجسّد خصال التفاؤل والتسامح والتضحية وإنكار الذات: عشرون سنة إلاّ بضعة شهور من حسن السيرة والسلوك والانضباط وصفاء النيّة وطاعة أولي الأمر كما أمر القرآن الكريم حتى ممن لا يؤمنون بالقرآن الكريم.
“آنا وْليّد عاقلْ *** في الروضة وفي الدارْ نسمع كلام أمي *** ونمشي للعطّارْ”
عاقلة كانت معارضتنا من يوم منحتها أمّها السلطة شهادة ميلاد محرّرة ومسجّلة وموثقة إلى يوم الناس هذا، تسمع كلام أمّها بحيث إذا قالت لها “لا تقربي من مفاتيح “التريسيتي” حتى لا “يضربك الضو” رأيتها تمتثل دون نقاش ولا تثبّت فتغضّ الطرف عن عورات الاستبداد واللاشرعية والفساد، أمّا أسماء مرتكبي هذا الفساد فتحظى لدى معارضتنا المتعفّنة والمترفعة على الترّهات بحصانة الأبقار عند معشر الهندوس. معارضتنا شديدة الإيمان بأنّ القناعة كنز لا يفنى ولهذا فجميع كنوزها من هذه الثروة المعنوية ومطالبها كلها لا تخرج عن “الحدّ الأدنى” غير المضمون والإصلاحات المعقولة التي تتحمّلها بلاد النظام.
حليمة هي معارضتنا وتزايد في ذلك حتى على السيد المسيح بحيث لا تكتفي بعرض خدّها الثاني بعد أن تصفعها السلطة على الخدّ الآخر بل تعرض حتى قفا عنقها و”يا سَعْدكْ” يا من بات مظلوما ولم يبت ظالما !
لمعارضتنا حسّ عائليّ راق، لذلك تراها حريصة كل الحرص على صلة الأرحام محافظة على عدم قطع شعرة معاوية. وحتى لمّا يكشف معاوية أمامها عن رأس صلعاء مثل البيضة فهي تشتري له “بروكة” وتتعهد أمام الله والبلاد والتاريخ بالمحافظة عليها من النتف… حفاظا على صلة الأرحام واجتنابا لكلّ ما من شأنه بثّ الفرقة وتصديع الصفّ الوطنيّ.
ولا يذهبنّ بأحد سوء الظنّ إلى حدّ التشنيع على معارضتنا بالانحياز الأعمى لذوي القربى فهي بريئة من ذلك براءة الذئب من دم ابن يعقوب بدليل أنّها لا تتردّد في قتل أشقّائها المارقين المتهوّرين والمتجنّين، فتطبّق بذلك وبصفة معكوسة المثل القائل:
“آنا وخُويا عْلى بن عمّي*** وآنا وخُويا وبن عمّي علْبرّاني” وهذا نهاية في الحياد والموضوعية والعدل.
لا نبالغ إذا قلنا إنّ معارضتنا تمثّل أكبر منافس لأيّوب في صبره وطول احتماله للمكروه، وفي رصيد معارضتنا من دلائل هذا الصبر تجارب لا تحصى، “ميثاق وطنيّ” وقّع عليه ضحاياه ومن وضع هذا الميثاق لتعويم مطالبهم، خمس محطات انتخابية زكّتها المعارضة وشاركت فيها على حساب مصداقيتها ووحدة أحزابها… على حسابها ضربا وطرحا وقسمة ولئن لم ينل معارضتنا من هذا التعاون أيّ مكسب ملموس فالعبرة بالمشاركة كما يقال أيضا… ثم من يدري فقد يكون الجزاء في دار الحق وقد تجد معارضتنا في جنّتها أحزابا وصحافة حرّة ومقرّات لا تقف على أبوابها الزبانية التي ستكون آنذاك في جهنّم وبئس المصير.
معارضتنا “متْربْية وبِنْت أصْل” ولا تسبق دائما إلاّ بالخير لذلك فهي لا ترفض أي دعوة توجّهها إليها السلطة للمشاركة في مناقشة مواضيع تهمّ الوطن ولا تضع لهذه المشاركة أيّة شروط تدلّ على أنّها معارضة لجوجة ومماحكة… حتى ولو كانت الدعوة شكلية وتهدف إلى التوريط وحتى ولو كان الموضوع تافها أو قانونيّا أو ضبابيّا:
تأتي الدعوة إلى مقرّات يحاصرها البوليس المراقب فتتنقّل المعارضة إلى مقرات أخرى للتناقش مع البوليس الحاكم ثم تعود فرحة مسرورة إلى مقراتها التي يحرسها البوليس المراقب. ومن الغد يكتب عنها في الجرائد البوليس الكاتب ليبارك عودة الوعي إليها. “ما أطول بالك يا حلواني***تْبيع وما تاكلش” … وإلى آخره
(المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 51 لشهر مارس 2007)
القديد المالح (6)
قديد: صابر التونسي دعت الحكومة التونسية رئيس وزراء الكيان الصهيوني أرييل شارون إلى تونس … وهو ما سيوفر فرصة تاريخية للقاء تاريخي بين صانع صبرا وشاتيلا وصانع التغيير فالرجلان تجمع بينهما عديد الصفات، فكلاهما عسكري وكلاهما خبير في قمع الإنتفاضات بالإضافة لكون كلاهما قد ابتلى بتورّط عائلته في جرائم فساد مالي زد على ذلك أنّهما في بحث متواصل عن الدعم الدولي. (محمد عبو)
فاتك يا عبو أن الذي يفرق بين “الرجلين” أكثر من الذي يجمع بينهما، الأول منتخب والثاني منقلب… الأول بطل في عين شعبه والثاني قاهر لشعبه … الأول ديمقراطي والثاني مستبد … الأول عرضة للنقد والمساءلة والثاني فوق النقد والمحاسبة … الأول يُتودد له بالدعم والثاني يقدم الرشاوى لأجله ……. كما أن تونس يمكنها أن تسدي خدمة لشارون بإنقاذ ابنه من التتبعات العدلية التي يخضع لها لو قبلت “إسرائيل” أحد قضاة النيابة العمومية لدينا ليشغل منصب مدّع عام لديها إذ يمكن ساعتها غلق ملفه بدعوى أنّه طرابلسي أو أنّه تابع لإدارة أمن… (محمد عبو)
الأمور عندهم ليست بهذه البساطة يا صاحبي ووراء كل صاحب سلطة، سلطة أخرى تحاسبه ولا مجال للعبث والرشوة أو المحسوبية، وذلك سر انتصارهم علينا مجتمعين!!
نعلّمهم مفاحشة الموقوفين والموقوفات ويعلمون رجال أمننا تقنية استعمال الحجارة لكسر الأيادي. (محمد عبو)
“نحن” لا نقبل دروسا من أحد خاصة في المجال الأمني “فنحن” قادة ورواد ولا نحتاج إلى استعمال الحجارة لكسر الأيادي فهي أساليب متخلفة عفا عنها الزمن ولدينا ما هو أنجع منها!! لكن تعتري المتابع للشأن العام حيرة ويجد نفسه مدعو لوضع بعض نقاط الإستفهام حول ردّ الفعل الغاضب هذا، خاصة إذا ما علمنا بأن ما روى عن انتهاكات سجن أبو غريب لا يجعلها تتجاوز فظاعة ما يحصل بسجون تونس ومقرات الفرق والمراكز الأمنية ومقر وزارة الداخلية دون أن يلاقي الأمر اهتماما مماثلا. (محمد عبو)
المحتل لا يحق له أن يمارس الإنتهاكات ضد الشعوب المحتلة أما حكامنا فهم من بني جلدتنا ولهم علينا حق التأديب! وهم أعلم بما يصلحنا وما دمنا قد “رضينا” بهم و”انتخبناهم” فضربهم لنا ضرب حبيب وضرب الحبيب خير من أكل الزبيب!! . ومع ذلك فإنه لا بد من عدم التغافل عن معطى آخر متصل بموروث حضاري وهو كره الأجنبي ونبذ المستعمر مع قبول الإستبداد المحلي الذي يمارسه المستبد المسلم الذي ذهب بعض الفقهاء لحدّ القول بأن العيش في ظلّه سبعين سنة خير من الفتنة. (محمد عبو)
ظالم غشوم خير من فتنة تدوم!! . يضاف لذلك أن التونسي الذي ينتقد الأمريكان لا يخشى على نفسه مكروها على عكس نقد ابن الوطن الذي قد يكلف ثمنا باهظا يبدو أن الكثيرين لا يرغبون في بذله. (محمد عبو)
بل هي استراتيجيا ذكية فسنغير مواقف الأمريكان “بالنقد” وعندها “يفقد” ابن الوطن سنده الخارجي و”ننجح” في تجفيف ينابيع الإستبداد دون أن نواجه … فما رأيك في هذا الطرح “الشجاع” من غير تهور يجعل مآلنا كمآلك؟!! وفي رأيي المتواضع-وأرجو أن أكون مخطئا- فإن منّا من لا يقبلون بفقدان صفة المناضل أمام الجمهور دون أن يكونوا مستعدين لتحمل نتيجة باهظة لنضالهم فتكون القضية الفلسطينية والعراقية هي المخرج لهم، يناضلون فيهما نضالا مريحا وهم في الحقيقة غير قادرين على تقديم أي معونة فعلية لإخواننا في فلسطين والعراق وإنما في المقابل يكرسون بقاء المستبدّ المحليّ بشغل الناس عن التصدّي له ولفت انتباههم إلى من سواه. (محمد عبو)
ليس الأمر كما شرحت يا سيد عبو فمناضلونا فوق الشبهة وهم لا يصرفون آراء الجماهير عن الإستبداد المحلي خوفا على أنفسهم أو دفاعا عن المستبد، وإنما يفعلون ذلك حفاظا على أرواح جماهيرهم من الرصاص الطائش الذي ينطلق غضبا لحق “أولياء” النعمة!!
إن العراقيّين قادرون لوحدهم على الخروج من وضعية الإحتلال والفوضى فمنهم من يتعاطى مع المسألة تعاطيا سياسيا بكل حنكة وفاعلية ومنهم من اختار النضال المسلح لإخراج المحتل وأثبت شجاعة وقدرات قتالية عالية بما يجعلهم جميعا في غنى عن توجيه كل جهدنا لدعمهم. (محمد عبو)
والتونسيون قادرون لوحدهم على الخروج من وضعية “التهميش” والفوضى فمنهم من يتعاطى مع المسألة تعاطيا انتهازيا بكل خبث ودهاء ومنهم من اختار المعارضة “الديكورية” لتزيين المستبد وأثبت “شجاعة” وقدرات “نفاقية”عالية بما يجعلهم جميعا في غنى عن تقبل الدروس والمواعظ من المتهورين والمتنطعين.
ـــــ النصوص منقولة عن تونس نيوز
(المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 51 لشهر مارس 2007)
كتابــــة تاريـــــــخ الحركـــــة الوطنيــــــة التونسيــــــة:
الحـصـيـلة منسيـون سقطـوا سهــوا أو عمـدا مــن الذاكـرة الوطنيـة
منوبة ـ الصباح نظّمت وحدة البحوث والدراسات الارشيفية بالمعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية أمس يوما دراسيا حول حصيلة كتابة تاريخ الحركة الوطنية التونسية.. وتم التطرق خلاله للتوجهات العامة لكتابة تاريخ الحركة الوطنية وكتابة تاريخ الحركة الوطنية التونسية وظروف الانتاج.. ولاحظ الاستاذ محمد لطفي الشايبي مدير المعهد أنه منذ أن تم جلب الارشيف الفرنسي وغيره من الارشيفات الاخرى أصبحت الكتابة في تاريخ الحركة الوطنية عملية أكثر تنوعا وثراء وإضافة.. ولاحظ أن وحدة البحوث والدراسات الارشيفية تختص في متابعة الاستنساخ والتعليق وتصنيف الارشيف الفرنسي الذي يجلب بصفة متواترة من دور الارشيف الفرنسي. وأعلن الاستاذ الحبيب بالعيد أن المعهد سينظم في شهر أكتوبر القادم لقاء حول التاريخ الشفوي.. وتحدّث الاستاذ التليلي العجيلي من كلية الاداب بمنّوبة عن مكانة التاريخ الديني في كتابات تاريخ الحركة الوطنية التونسية وفسر أنه يقصد بالتاريخ الديني القضايا الوطنية التي امتزج فيها الجانب الديني بالجانب الوطني مثل قضية التجنيس وكذلك دور رجال الدين وطلبة جامع الزيتونة وموقعهم في تاريخ النضال الوطني.. وتطرق الباحث للعوامل المفسرة للاهتمام بالتاريخ الديني ولاحظ أن المهتمين بتاريخ تونس المعاصر كانوا يهملون القضايا الدينية ولكنهم يغرقون في الاهتمام بالتاريخ السياسي والاجتماعي (على غرار التنظيمات النقابية).. لذلك كان لا بد من البحث عن مسائل أخرى خاصة مع وجود تحولات عميقة على المستوى العالمي أبرزها تراجع الايديولوجية الماركسية وعلاقاتها بالدين.. وبين أن هذا التراجع أدّى إلى خيبة أمل لذلك عمل البعض على تصحيح هذه الايديولوجية. وتزامن هذا التحول الذي عرفه الشق الاشتراكي مع تحولات في العالم الاسلامي منها الثورة الاسلامية في إيران وهوما وجه الانظار إلى أن الدين يمكن أن يتبنى التغيير الاجتماعي.. كما عرفت عديد البلدان الاسلامية صحوة دينية وأصبحت الحركة الاسلامية في بداية الثمانينات تستقطب الشباب وساهم ذلك في الحد من إقصاء الظاهرة الدينية.. واستعرض الباحث حصيلة البحوث والدراسات التي أنجزت في إطار الحركة الدينية وبين أنه ظهرت كتابات تاريخية ذات صبغة دينية وكتابات أخرى اهتمت بمواقف رموز الاسلام الشعبي.. واستعرض الجامعي عناوين أهم الكتب والاطروحات الجامعية التي تناولت بالدرس الجانب الديني في الحركة الوطنية.. وبين أنه من الضروري برمجة محاضرات في مختلف المؤسسات الجامعية لايجاد تقاطع معرفي بين الاختصاصات وتكوين لجان مناقشة مشتركة في مواضيع تهتم بالتاريخ الديني ومكانته في كتابات تاريخ الحركة الوطنية. المنسيون قدّم الاستاذ خالد عبيد من المعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية مدخلا لدراسة بعض منسيي تاريخ النضال التونسي في جانبه السياسي.. على غرار الدكتور الحبيب ثامر ويوسف الرويسي والطاهر صفر وذكر أنه اعتمد مصطلح “المنسيون” لانه يحمل معنى محايد وسلبي.. فالمنسي يمكن أن يكون قد نسي عمدا أو سهوا أو لأن حركته لم تخترق التاريخ العام.. وبين أن أحمد صوّة مكنهم من وثائق هامة تساعد على دراسة تاريخ اليوسفية وقد كان صوة طالبا زيتونيا ثم درس في الشرق وتعرّف هناك على الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف لكنه اختار عن وعي التعاطف مع صالح بن يوسف وتسبب ذلك في سجنه. وقدم المؤرخ شريطا مسجلا من الاذاعة عن محاكمة أحمد صوّة. كما تحدث عن فلاقة رأس الجبل وعن المناضل الصادق العبيدي وعن مجموعة الهلال الاحمر وعن شخصية يونس دبونة وهومناضل منسي ولم يعرف عنه الكثير وبين أنه عثر على صورة ليونس حينما كان طالبا في الزيتونة وكان معه في الصورة البشير بن رابح بن النوري من توزر وهو ذاته الذي عرف بمظاهرة دقاش وبنشاطه الوطني في منطقة الجريد.. وتساعد مثل هذه الصور على التعرف على المناضلين.. وإلى جانب الصور يمكن للمؤرخ اعتماد الرسائل الخاصة للمناضلين. بين الحاكم والمناضل تحدث الاستاذ عميرة علية الصغير من المعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية عن تاريخ الحركة الوطنية في التاريخ الرسمي وفي التاريخ الذي ينتجه المناضلون. ففي ما يتعلق بالتاريخ الرسمي قال إنه منذ سنة 1987 تغيرت كيفية التعامل مع الماضي ومع تاريخ الحركة الوطنية وسمح بالبحث في مسائل كانت في العهد البورقيبي محرمة وتم بعث معهد للحركة الوطنية.. ولكن رغم هذه الحركة التصحيحية لتاريخ الحركة الوطنية فإن الخطاب القديم مازال مؤثرا.. ومازال التاريخ بالصيغة البورقيبية فاعلا فالزعيم كان دائما حاضرا في الاذهان بوصفه واضعا للخطط الناجعة ومصحّحا لاخطاء الرفاق.. وبين المؤرخ أن هناك الكثير من القضايا التي كانت توضع في الظل وكانت تغيب وتنسى وهوتقصير منهجي ومعرفي وأخلاقي.. لذلك عملت النخبة على تقويم الرؤية الاختزالية لتاريخ الحركة الوطنية. ولاحظ أن هناك الكثير من الجوانب التي تهمل عند كتابة التاريخ.. وأن المؤرخ حتى وإن اجتهد يبقى رهين ذاكرته وتبقى إعادة تركيب الحقيقة التاريخية رهينة المؤلف.. وبالاضافة إلى ذلك وجدت الكثير من الشهادات التي قدمها مناضلون وتم تسجيلها في المعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية أومؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات.. ولاحظ أن هذه الشهادات منقوصة وأحيانا فيها مبالغة وتشوبها تشوهات في استعادة الماضي وبقي التصور سجين التصور العام الذي نسجته السلطة. ودعا الاستاذ فيصل الشريف من المعهد الاعلى لتاريخ الحركة الوطنية لتجاوز المصادر التونسية والفرنسية الارشيفية والاطلاع على أرشيفات أخرى مثل الارشيف الايطالي والبريطاني. ودعا الاستاذ المولدي بشير من معهد الصحافة وعلوم الاخبار المؤرخين إلى الاطلاع على أرشيف الاذاعة وتكوين وحدة مختصة في المصادر المسموعة. سعيدة بوهلال (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
تونس بين أوروبا والفضاء المغاربي
كشف ملتقى باريس للبلدان المتوسطية والاوروبية أن عوائق كثيرة لا تزال تعرقل خطوات انخراط دول جنوب المتوسط في الفضاء الاوروبي.. وتحد من قدرتها على الاستفادة من مزايا سياسة الجوار الاوروبية الجديدة.. التي كان يفترض أن تكون دول شمال إفريقيا اول طرف ينتفع منها ومن مزاياها المالية والاقتصادية والاجتماعية.. بل لقد كشفت ندوة الخبراء والمحاسبين الاوروبيين والمتوسطيين بباريس ان بلدان الاتحاد المغاربي لن تتمكن من الانخراط بنفس النسق والوتيرة ضمن هذه المنطقة الاوروبية الاقتصادية الحرة . ذلك ان الانفتاح التجاري والاقتصادي شبه الكامل متوقع سنة 2010 بالنسبة الى تونس وسنة 2013 بالنسبة للمغرب وسنة 2017 بالنسبة للجزائر علما بان موريتانيا وليبيا لم توقعا بعد على مسار الشراكة الاوروبي المتوسطي بصيغته القديمة بعد مع الاتحاد الاوروبي برشلونة (1) أي اتفاق1955 .. كما لم تنخرطا بعد في مسار ما بعد برشلونة (2) 2005. ويعود هذا التباين بين اقتصاديات الدول المغاربية ودرجة تعصيرها الى عوائق داخلية وخارجية كثيرة .. وإلى تراكم البيروقراطية في مؤسسات الاتحاد الاوروبي ببروكسيل ..إلى درجة حديث البعض عن «عدم نجاعة عدد من الاليات الاوروبية»… وفي كل الحالات فإن جل التقارير الاقتصادية والسياسية الاوروبية والمتوسطية تؤكد أن النتائج المسجلة بعد نحو 12 عاما من مبادرة برشلونة التاريخية ..لم ترتق إلى الامال السياسية والثقافية والاقتصادية الطموحة التي أعلن عنها في ضفتي البحر الابيض المتوسط ..الذي لا تزال درجة التنسيق بين الدول المطلة عليه أقل بكثير من مثيلاتها حول بحار أخرى مثل البحر الأسود وبحر قزوين والبحر الأدرياتيكي.. ولا شك أن تونس قطعت خطوات جريئة في اتجاه الاندماج ومواكبة المستجدات في الفضاء الاوروبي المتوسطي ومنها التفكيك القمرقي وتحرير المبادلات التجارية الخارجية .. وقد انعكست الاصلاحات الادارية والاقتصادية في عدد من القطاعات بتونس ايجابيا عليها.. حيث ادرج صندوق النقد الدولي تونس ضمن الـ20 بلدا القلائل في العالم ذات مؤشر النمو التصاعدي عام2006 .. كما حصل الاقتصاد التونسي على مرتبة متقدمة ضمن اخر تصنيف للمنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس في مجال القدرة التنافسية في جلب الاستمثار السياحي اذ حاز على المرتبة 34 عالميا من بين 124 دولة… لكن رغم كل الاصلاحات التي تحققت في عدد من دول جنوب المتوسط ومنها خاصة تونس والمغرب ومصر والاردن فإن بعض خطوات التطوير والاصلاح في الدول العربية المتوسطية لا تزال متخلفة عن تركيا واسرائيل وكذلك عن الدول المعنية بمسار سياسة الجوار مثل أوكرانيا ..وهو ما يحرمها من الاستفادة من الامكانيات المالية وخاصة من فرص الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي الهائلة التي يعرضها الاتحاد الاوروبي على شركائه في المنطقة.. فهل تتدارك بلدان الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط عموما والدول المغاربية خاصة الوقت الضائع لتعصير اقتصادياتها وتقتحم بنجاح الاسواق الاوروبية التي تعد اكثر من 500 مليون مستهلك يتميزون بمداخيلهم المرتفعة نسبيا؟ كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
اللّسان المقطوع لأن التلميذ الصغير يتكلّم كثيرا أثناء الحصص… أرادت المعلّمة الإيطالية أن تربيه فقطعت لسانه بمقص. ولولا الإسعاف السريع لما مُنِي بالنجاة… ولا بقي الطفل أبكم مدى الحياة! ولقد عوقبت المعلّمة طبعا وهذا ما يوحي بشيء من الطرافة… فلو كانت من بعض البلدان العربية لعُينت وزيرة الإعلام والثقافة. محمد قلبي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
فلنجنـــب المــــــرأة الاختيـــار الصعــــــب
سواء كان ذلك نتيجة ثورة حقيقية او بمفعول مبادرات سياسية لا ينبغي ان ننفي ان المرأة التونسية ومنذ صدور مجلة الاحوال الشخصية التي تنظم حياة المرأة والاسرة اي منذ حوالي نصف قرن، صارت تمتاز باطار قانوني بالاساس يجعلها ربما في وضع مريح سواء من الناحية الاجتماعية او الاقتصادية مقارنة بالمرأة في اقطار عربية واسلامية اخرى.. وبعيدا عن تعداد حقوق المرأة في تونس التي يضمنها التشريع والتي تطبق في اغلبها فانه يمكن القول انه وباستثناء بعض الامور، مثل مسألة الارث وهي مسألة نجدها على رأس جدول اعمال الحركات النضالية النسوية في بلادنا (اليسار بالخصوص) فانه خاصة من الناحية القانونية نكاد لا نجد اختلافا بين حقوق المرأة والرجل في عدة مجالات حيوية كالعمل والتعليم الخ.. المجتمع التونسي قطع عدة اشواط منذ بداية الاستقلال في مجال التعامل مع المرأة وفق معطيات مجلة الاحوال الشخصية التي عرفت بدورها منذ وضعها عدة اصلاحات يقرأ منها الملاحظون انها تسير في اتجاه دعم حقوق المرأة ومكاسبها. غير انه تاريخيا لا بد من الاشارة الى انه لم تسجل حركات معارضة جذرية لهذا الاطار القانوني الذي يظل اذا ما وضعناه في اطاره التاريخي ولكن ايضا اذا ما قارنا اوضاع المرأة في تونس بنظيراتها في العالم العربي والاسلامي ليس فقط في الماضي ولكن حتى في ايامنا هذه، فانه اي هذا النظام القانوني يظل خطوة ثورية بأتم معنى الكلمة بحكم دوره في تغيير طريقة تعامل المجتمع ككل مع المرأة. الاشكال كانت هناك دون شك من حين لاخر بعض التململات ازاء بعض البنود ولكنها لم تتطور الى حركات تهدد هذه المكاسب او تهدد بالتراجع فيها. معنى ذلك ان هذا المجتمع هو مهيء لمثل هذا الاطار القانوني الجديد.. فالمجتمع التونسي ولئن كان جزءا لا يتجزأ من العالم العربي والاسلامي الا انه يبقى مجتمعا يتميز بالحركية، بعيدا عن الانغلاق والتعنت. أين الاشكال اذن؟ خلال هذه الفترة والعالم يحتفل باليوم العالمي للمرأة يمكن لبلادنا ان تفخر بما حققته المرأة لكن الاشكال هو دون شك موجود فلا يوجد شيء في المطلق كامل الاوصاف. الاشكال يكمن في منظورنا في عدم قدرة الرجل في احيان على مجاراة النسق المتطور الذي تفرضه المرأة. لنعترف ان المرأة في تونس تعرف كيف تنتفع جيدا من الحقوق التي يضمنها لها القانون وقد انعكس ذلك جيدا على وجودها بالخصوص في سوق الشغل. ما الذي نعنيه اذن بعدم قدرة الرجل على مجاراة نسق التطور الذي تسكله المرأة في المجتمع؟ عندما نقول ان المرأة قد اقتحمت سوق الشغل وبكثافة معنى ذلك انها اصبحت شريكا اقتصاديا هاما داخل الاسرة حيث ولئن كنا لا نملك الارقام فاننا نعلم ان ظروف الحياة الجديدة تفرض على اغلب النساء العاملات مشاركة الزوج في الانفاق داخل البيت. من الناحية الاجتماعية صار للمرأة حضور بارز بالمجتمع يمنحه اياها الحسب او النسب من جهة وفي استقلال تام عما تمنحه اياها الوضعية الاجتماعية للزوج من امتيازات من جهة اخرى. ومن الطبيعي جدا ان تكون درجات المرأة العلمية من جهة وفرص الترقي في العمل من جهة اخرى سببا في جعل المرأة ميالة الى تحقيق ذاتها على المستوى المهني. ومرة اخرى نطرح التساؤل: أين الاشكال؟.. الاشكال يكمن في عدم تهيئة المجتمع وبالخصوص الرجل الى القبول بهذه الحقائق الجديدة.. الرجل في بلادنا عرف دون شك تطورا على مستوى العقلية لكنه مازال ذلك الرجل الشرقي الذي ينتظر من المرأة (الام، البنت، الزوجة) ان تكون في خدمته دائما بالبيت.. ليس بالضروري ان يكون هذا الامر مقتصرا على المجتمعات الشرقية ولكن الاشكال فيما يخص مجتمعاتنا يبقى قائما. سلوك وتقاليد فالرجل ولئن قبل فكرة تقاسم النفقات مع المرأة داخل الاسرة وذلك نظرا لعوامل تكون في اغلب الحالات موضوعية (تزايد احتياجات الاسرة، الاقبال على الاستهلاك، الانفتاح على سلوكات جديدة في الحياة الخ) فانه مازال غير قابل لفكرة مشاركته المرأة في مسؤوليات كانت حكرا على المرأة وفقا للشكل التقليدي في توزيع الادوار بالبيت: الرجل عليه بالانفاق اما المرأة فتؤول لها مسؤولية شؤون المنزل ورعاية الاولاد. وقد بدا واضحا ان هذا النمط التقليدي في توزيع الادوار لم يعد يتماشى مع ظروف الحياة العصرية. وكنتيجة لاستمرار الامر على ما هو عليه تضاعفت مسؤولية المرأة.. في حين بقي دور الرجل وباستثناء الحالات النادرة على حاله.. هناك أصوات تطالب اليوم وخاصة بأوروبا بجعل عمل المرأة في البيت وظيفة على غرار بقية الوظائف الاخرى.. ونظرا للوعي بأهمية وظيفة تربية النشء وخطورتها، فان هذه المسألة تؤخذ في الغرب ككل باهتمام كبير وتتتالى الاقتراحات والاجراءات من بينها عطلة الاب مدفوعة الثمن والعطل الممنوحة للآباء في حالة مرض الاولاد الخ.. هذا الى جانب تهيئة الفضاءات الخاصة بالاطفال والتي تحاول ان توفر للأطفال ظروفا اقرب ما تكون الى ظروف البيت خلال فترة غياب الاولياء وهي فضاءات تتوفر بالعدد الكافي. بالنسبة لمجتمعاتنا مازالت المرأة لوحدها مدعوة للاختيار بين امرين اثنين اما اثبات الذات بالعمل والتضحية بحياتها العائلية او التفرغ للعائلة وترك شهاداتها العلمية وطموحاتها المهنية جانبا نظرا لعدم استعداد الرجل لمقاسمتها هذه المسؤولية من جهة ونظرا لفقر البنية الاساسية الخاصة برعاية الاطفال.. لا يعني هذا القول استصغارا لمهمة العمل بالبيت ولكن لنتساءل لماذا تضطر المرأة لاختيار قاس خاصة وقد صار واضحا ان المجتمع يحتاج لعملها بداية بالبيت ووصولا الى ابرز المسؤوليات بالعمل. بين الطموح والواقع لماذا تضطر المرأة للتضحية اما بطموحاتها او ببيتها والحال ان مسؤولية تربية النشء هي مسؤولية تشترك فيها كافة مكونات المجتمع. الامر ليس بعائد للتشريع وللنصوص القانونية ولو ان دورها جوهري وهام، ولكن عندما نتجاوز عقبات القانون نجد انفسنا امام عتبة العقليات. فالرجال ليسوا كلهم بالطبع مازالوا يرون انه من الطبيعي جدا ان تمارس المرأة عملها بالخارج وان تنطلق في عمل اخر بمجرد دخولها الى البيت. ان المجتمعات التي اختارت الانخراط في حياة عصرية متطورة لا بد وان تهيء افرادها (المرأة والرجل) للقبول بقوانين اللعبة. من الطبيعي جدا ان لا تتغير العقليات بين عشية وضحاها.. لكننا مازلنا في بلادنا وبعد عقود على صدور القوانين المتعلقة بالمرأة والاسرة، مازالت الاسر التي اعتمدت سلوكا يرتكز على اساس تقاسم عادل للمسؤوليات مازالت نادرة وهي احيانا مصدرا للتهكم. حياة السايب (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
12 مارس انطلاق بث «نسمة تي ـ في» … وستار أكاديمي المغاربية بداية من يوم 16
تونس – الصباح بعد انتظار محفوف بالتّساؤلات والتشويق، تأكّد رسميا انطلاق بث قناة نسمة تي-في يوم 12 من الشهر الجاري بالاقتصار في البداية على ستار أكاديمي المغاربية التي ستنطلق يوم 16 من ذات الشهر ببث ساعتين عن طريق المباشر، فيما ستكون أوّل «برايم» يوم 23 من الشهر نفسه. وقد تم ضبط وتحديد أسماء عديد النجوم الفنية التي ستحل ضيفة على الأكاديمية. آزي بالأكاديمية في ذات الإطار حلت الفنانة الفرنسية من أصل جزائري «آزي» أي آسيا بتونس بدعوة من الأكاديمية، إذ قامت بزيارة الطلاب في مقر إقامتهم كما قامت بزيارة إلى البيت الذي سيقيمون فيه خلال فترة الانطلاق الفعلي لمسابقة «آاك» المغاربية وعبّرت عن مدى إعجابها به إذ اعتبرته قصر مدهش يحتوي على ديكور منتقى ومناظر وتجهيزات مغرية. وأرجأت سبب حضورها في إحدى سهرات ستار أكاديمي المغاربية إلى أهمية هذا البرنامج المغاربي وما ينتظره من نجاحات مرتقبة باعتباره يمنح الفرصة لعديد الشبان الموهوبين الحالمين بالشهرة. ثم أنّ أصولها المغاربية وأهمية الجماهير العريضة في هذا الإقليم التي شكلت في عديد المرات مصدر دعم لها من العوامل التي حفزتها لقبول الحضور بالأكاديمية المغاربية ثم أنّها معتادة على المجيء إلى تونس سواء للاصطياف والرّاحة أو للغناء. ألوان موسيقية وغنائية مختلفة الفنانة آسيا الفرنسية الجزائرية تتقن عديد الألوان الغنائية وهو ما أطلت به على طلاب الأكاديمية وما سهل اندماجها مع المجموعة كما أكّدت ذلك، فهي تغني الراي والغربي والشرقي وخاصة أغاني فيروز. ثم أنّ أغلب أعمالها الغنائية من انجاز شقيقها خليل. ولعل للتقارب في الثقافة الغنائية والموسيقية هذا الدور الكبير في سهرات ستار أكاديمي المغاربية باعتبار أنّ أغلب الضيوف من أصول مغاربية. إصرار على التألّق هو ما قالته آزي عن الطلاب إثر زيارتها لهم نظرا لما أبدوه من حب للموسيقى والتزام بالتوصيات والنصائح التي توجه لهم ومدى الانفتاح والقبول لعمليات التوجيه وهو ما من شأنه أن يساهم في انجاح هذا البرنامج. نجوم تونس في الموعد رغم التكتم عن أسماء الفنانين الذين سيشاركون في «برايمات» ستار أكاديمي المغاربية فإن جل الفنانين التونسيين إن لم نقل كلهم سيكونون في الموعد بدءا بصابر الرباعي أو لطيفة العرفاوي وغيرهما. أيضا نجوم المغرب العربي كذلك الشأن بالنسبة لعديد الفنانين من بلدان المغرب العربي الذين سينزلون ضيوفا على الأكاديمية لأن حضورهم يشكل حافزا للطلاب وتتويجا لنسمة تي-في في صنعها للتحدي وتجميعها لفنانين من المغرب العربي كليبيا والجزائر والمغرب وموريتانيا أو الفنانين ذوي الأصول المغاربية المقيمين بأوروبا كآزي ولام.. التصوير في أوتيك سيكون التصوير في أستوديو أوتيك ببنزرت وسيتم نقل الطلاب والضيوف والمشاركين إضافة إلى الجمهور. نزيهة الغضباني (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
اليوم سهرة خاصة على «نسمة تي-في»
منذ مدّة شرعت قناة نسمة تي في في البث، وقد عودتنا القناة الجديدة في كل يوم جمعة على متابعة سهرة خاصة منها سهرة اكتشفنـا فيها مقـر الأكاديمية وفـي سهـرة أخـرى اكتشفـنا المشتــركين الـ14. وفي سهرة أخرى اكتشفنا المنشطة المغربية نبيلة، والأسبوع الفارط اكتشفنا الأساتذة وشهدنا سهرة مع فنانين متعددين مثل الفنان الجزائري بعزيز. وفي سهرة الليلة ينتظر أن تعد نسمة تي في سهرة خاصة يلتقي فيها كافة المشتركين في ستار أكاديمي المغرب العربي لأول مرة بفنانين مشهورين مثل نجاة عتابو أو محمد روان من الجزائر ومحمد الجبالي من تونس إلى جانب العديد من المفاجآت الأخرى تكتشفونها الليلة بداية من الساعة التاسعة. على قناة نسمة تي في. على النيلسات freq 12207MHZ pol(v) debit symbole 27500 (W!7) 102 على عربسات freq 11996 MHZ pol(H) debit symbole 27500 (26!) 3/4 وقريبا على هوتبرد (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
تونسي وكوبي يفوزان بذهبية القاهرة لسينما الأطفال
فاز فيلم كوبي بالجائزة الذهبية للأفلام الروائية الطويلة بمهرجان القاهرة الدولي لسينما الأطفال الذي تنتهي دورته السابعة عشرة اليوم الخميس كما فاز فيلم تونسي بالجائزة الذهبية للأفلام الروائية القصيرة. وتبلغ مدة فيلم “تحيا كوبا” وهو كوبي فرنسي مشترك 86 دقيقة من إخراج الكوبي كارلوس كريماتا ألبرتي، أما الفيلم التونسي “صبا فانوس” ومدته 18 دقيقة فمن إخراج أنيس الأسود. وذهبت الجائزة الفضية للأفلام الروائية الطويلة لفيلم “رودي” من أستونيا في حين نال الفيلم الفرنسي “العقارب الحمراء” الجائزة البرونزية. كما فاز فيلم التحريك البلجيكي “حكاية أستيكة” بالجائزة الذهبية لهذا النوع من الأفلام، أما الجائزة الفضية فحصل عليها الفيلم المصري “عصفور يجد عشا” ونال الفيلم البولندي “مدينة صغيرة مشمسة” الجائزة البرونزية. ونال الجائزتين الذهبية والفضية للبرامج التلفزيونية البرنامجان البريطانيان “أريد التصفير” و”من سرق سويسرا”، وذهبت الجائزة البرونزية في هذا المجال للبرنامج البولندي “الخيط والترزي”، ومنحت لجنة التحكيم جائزة خاصة للبرنامج الهولندي “دجاجة صعبة السلق”. أما لجنة التحكيم التي تضم أطفالا عربا وأجانب فمنحت جائزة الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة لفيلمي “تحيا كوبا” وقدم دموية من أستراليا، كما منحت جائزة البرامج التلفزيونية للبرنامج المصري “قلوب منهكة” وجائزة أفلام التحريك للفيلم السوري “خيط الحياة”. وفي مجال الجوائز التي تمنحها وزارة الثقافة المصرية للأعمال العربية فاز فيلم “خيط الحياة” بالجائزة الذهبية وفاز بالفضية فيلم التحريك المصري “شجرة القمر في بلاد الظلام”، كما فاز بالجائزتين الذهبية والفضية للأعمال الروائية الفيلمان الفلسطيني “أتمنى” والتونسي “صبا فانوس”. ووزعت الجوائز في حفل الختام الليلة بدار الأوبرا المصرية، وشارك في المهرجان الذي افتتح الخميس الماضي 245 فيلما من 42 دولة، منها عشر دول عربية هي اليمن وتونس وسوريا والسعودية وفلسطين والمغرب ولبنان والكويت والأردن ومصر التي مثلها 60 فيلما. وكرم المهرجان في حفل الافتتاح عددا من الذين عملوا في أفلام مصرية في سن الطفولة، وهم فاتن حمامة وفيروز ونيلي ولبلبة وبوسي وهشام سليم وميمي جمال ودينا عبد الله وأحمد فرحات والمخرج أحمد يحيى وضحى أمير بطلة فيلم “حياة أو موت”، وشارك المكرمون في حفل الافتتاح باستثناء فيروز وفاتن حمامة التي بعثت برسالة صوتية علقت فيها على مشوار بعض المكرمين. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 9 مارس 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
أمريكا تتشكك في ان انتخابات سوريا ستكون حرة نزيهة
واشنطن (رويترز) – عبرت الولايات المتحدة يوم الخميس عن تشكك شديد في ان الانتخابات السورية الشهر القادم ستكون حرة نزيهة وحثت الرئيس بشار الأسد على تحويل بلاده “من الحكم الاستبدادي”. وقال شين ماكورماك المتحدث باسم وزارة الخارجية “من المؤسف ان أحداث الماضي لا تقودنا الى استخلاص انه يمكننا توقع انتخابات حرة نزيهة على المستوى البرلماني.” وقال للصحفيين ان الرئيس الأسد كان قد وعد باجراء إصلاحات سياسية حينما خلف والده حافظ الأسد عام 2000 لكن “لسوء الحظ فاننا لم نشهد ذلك.” وفي وقت لاحق نشرت وزارة الخارجية بيانا يعبر عن القلق العميق ان نظام الحكم السوري “سيخذل ثانية شعبه” في الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في 22 من ابريل نيسان. وقال البيان “نأمل أن يسمع صوت كل سوري دون تخويف ونأمل ان يصغي الرئيس الأسد.” ويسيطر حزب البعث الحاكم في سوريا منذ عام 1963 على البرلمان المؤلف من 250 مقعدا والذي ينتخب كل أربعة أعوام لكن دوره محدود في صنع السياسة. وقالت وزارة الخارجية “وحتي تنتقل سوريا من الحكم الاستبدادي فانه يجب على الرئيس الأسد ان يسهل حدوث تغطية إعلامية كاملة ويدعو مراقبي انتخابات مستقلين للابلاغ عن وجهات النظر الحقيقية للشعب السوري.” ومن المتوقع ان يفوز الأسد بسهولة في استفتاء لتعيينه لولاية ثانية مدتها سبع سنوات سيقام في منتصف يولوي تموز. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 9 مارس 2007)
القضاء يدين مركز سيمون ويزنتال بباريس بتهمة التشهير
09/03/2007 10h22
– باريس (ا ف ب) – ادانت محكمة فرنسية بباريس الخميس مركز سيمون ويزنتال اوروبا اليهودي بتهمة التشهير ب” اللجنة الخيرية لنجدة الفلسطينيين” وحكمت على احد مسؤولي المركز بتغريمه مع وقف التنفيذ.
وكانت اللجنة رفعت دعوى ضد المركز متهمة اياه بوصفها في تشرين الثاني/نوفمبر 2004 بانها “جمعية فرنسية تمول الارهاب وهي محظورة في الولايات المتحدة“.
وحكمت المحكمة على ستانلي تريفور صامويلس مدير العلاقات الدولية في مركز سيمون ويزنتال بغرامة قيمتها الف يورو مع وقف التنفيذ وبدفع غرامة بقيمة يورو واحد للجنة الخيرية. واعتبرت المحكمة في حكمها ان “وصم اللجنة الخيرية لنجدة الفلسطينيين بتمويل الارهاب من خلال عمليات جمع اموال تحت غطاء المساعدة الانسانية لليتامى الفلسطينيين يعد تشهيرا خطيرا“.
ورأت ان الوثائق التي قدمها مركز سيمون لتبرير تلك التصريحات لا تثبت ان اللجنة الخيرية تمول بشكل مباشر او غير مباشر الارهاب وان تأكيدات صامويلس غابت عنها “الدقة”. وكان مركز سيمون اتهم اللجنة الخيرية بجمع “اموال لاسر ارهابيين انتحاريين من حماس” من خلال اتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا وعبر حملة حملت شعار “خمسون يورو زهيدة ترعى يتيما فلسطينيا“.
المرشحان للرئاسيات الفرنسية رشيد نقاز وصهيب بن الشيخ:
مصير عرب فرنسا بين ايديهم.. وساركوزي خطر علي البلاد
سامح الصريطي: أجهزتنا الإعلامية تواجه التطرف الديني بالانحلال والدكتاتورية بدكتاتورية!
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
تونس في: 09/03/2007
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
الرسالة 206
على موقع الأنترنت تونس نيوز
مكسب التربية والتعليم من أكبر المكاسب الإجتماعية والتربوية في بلادنا ومواصلة دعمها حاضرا ومستقبلا
منذ فجر الاستقلال الوطني 20 مارس 1956 راهن الزعيم الحبيب بورقيبة وحكومته الوطنية والحزب الحاكم حزب التحرير الوطني وبناء الدولة العصرية الحديثة. قام المجاهد وبناء الدولة العصرية الحديثة قام المجاهد الأكبر الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله بثورة عارمة ضد الجهل والأمية ومحاربة التخلف والجهل والذي كان سائدا في كامل أنحاء البلاد وكان الاستعمار الفرنسي الذي إحتل البلاد 75 سنة ثلاثة أرباع القرن كان السبب في عدم نشر التعليم في البلاد لغاية واضحة وذلك لصالحه لأنه يريد أن يبقى الشعب جاهلا ولا يهتم بالعلم والمعرفة ونور العلم سواء للسواء الأعظم من الشعب التونسي وخاصة العنصر النسائي وما أن تحصلت تونس على استقلالها حتى شرع الحزب الحر الدستوري التونسي بقيادة زعيمه وقائد الجهاد الجهاد المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة في بناء المدارس الإبتدائية والمعاهد الثانوية وراهن الرئيس بورقيبة على التعليم في تونس وكان شديد الحرص على تخصيص 35% من ميزانية الدولة للتعليم والتربية وجعل سياسة التعليم من أهم الأوليات المطلقة في سياسة الحكومة في كل شبر من الأرض التونسية الطيبة في الريف والقرى والمداشر والمدن والصحرى وفي كل مكان في أنحاء البلاد وقرر أن يكون التعليم مجانيا وإجباريا للذكور والإناث وكانت تونس من الدول السابقة والعربية من الأوائل التي خصصت ثلث من الميزانية 35% للتعليم والمعرفة ونور العلم وقد نصح بعض المقربين للرئيس بورقيبة من أعضاءه الأوفياء بأن لا يفرط في تعميم التعليم ومواصلة مجانية للشعب حتى لأن أحدهم من الأوفياء للزعيم الراحل قال بكل لطف وحب للرئيس بورقيبة إن رهانك على التعليم ربما يجلب إليك المشاكل والمعارضة والوعي يولد كثير من المعارضة ويبعث القلاقل ويجلب المشاكل للنظام فإبتسم الزعيم الأكبر الحبيب بورقيبة وقال لصاحبه ورفيق الدرب المرحوم الباهي الأدغم رحمه الله إختار أن أسوس شعبا متعلما مثقفا واعيا وناضجا أفضل من أن أسوس شعبا جاهلا غير قادر على التميز بين الغث والسمين ويقاد كقطيع الأغنام وكما يقول المثل صبعين والحق الطين وفي مناسبة حدث وطني زار القائد معمر القذافي تونس عام 1970 وفي إشارة على بناء المدارس وتعميم التعليم في تونس قال للزعيم بورقيبة آنذاك الأجدر والأنفع لقوة الدولة والدفاع على الوطن شراء الأسلحة فأجابه الرئيس بورقيبة بحكمته وبعد نظره أفضلبناء المدارس والرهان على التعليم والمادة الشخماء والعقول والأدمغة التي يمكن أن تغزوا العالم بالعلم أحسن من تكديس الأسلحة وفي 16/12/1972 في إجتماع البالماريوم بالعاصمة وعلى إثر خطاب معمر القذافي أمام الوزير الأول المرحوم الهادي نويرة رحمه الله وأمام إطارات الحزب الدستوري دخل بورقيبة إلى القاعة فجأة وإرتجل خطابا هاما طويلا صالحا لكل زمان وعلق فيه خطاب قائد ليبيا القذافي وسلط الأضواء بحكمة وبعد نظر وصراحة معهودة واضحة وردا على ضرورة الوحدة بين تونس وليبيا دعاء الزعيم بورقيبة بوضوح إلى التعاون أولا أن يكون مجال التكنولوجيا والتعاون الفني ضروري وكأن الزعيم الراحل يدرك هذه المرحلة وبورقيبة يتحدث على التعاون الفني والتكنولوجيا عام 1972 قبل فهم التكنولوجيا. وفي عام 1966 شرعت الحكومة التونسية في بعث الجامعة التونسية نتيجة ثمرة 11 عام من نتائج التعليم الإبتدائي والثانوي ومن 1956 عهد الإستقلال واصلت تونس هذا المجهود الجبار وتخرج من الجامعة التونسية والكليات التونسية عشرات الآلاف من المجازين الذين تخرجوا من الجامعات الوطنية وتحملوا المسؤوليات الهامة في صلب الدولة وفي جميع المجالات في الطب والهندسة والتعليم العالي والقضاء والمحامين وكل الوظائف العليا في كل أجهزة الدولة وبعضهم أوفدتهم الدولة لعديد الدول العربية والإفريقية وساهموا في تطوير التعليم في البلدان العربية والمساهمة في عدة مجالات أخرى في الطب والهندسة والمهن الفنية الأخرى وبشهادة العالم بأسره فإن الشهائد العلمية التونسية كانت ذات قيمة ومستوى ومحل إعجاب كل الدول بدون إستثناء والحمد لله.
وفي عهد التغيير واصلت الحكومة التونسية دعهما للتعليم المجاني وتعميمه ومواصلة السير على نهج حكومة 1956 حكومة الإستقلال وكل سنة تشيد الحكومة المدارس الإبتدائية في كل منطقة والمدارس الإعدادية والثانوية في كل جهة وبناء الكليات والجامعات وواصلت دعم مفهوم اللامركزية في مجال التعليم العالي وإحداث جامعات جديدة وكليات وواصلت الحكومة إنتداب عشرات الالاف من الأساتذة والمعلمين خلال نصف قرن سواء على صعيد التعليم العالي أو على صعيد التعليم الثانوي والأساسي أو في مجال التعليم الابتدائي وبكل أمانة وصدق فإن مسيرة التعليم متواصلة بكل رعاية ومتابعة وإهتمام وعناية من طرف القيادة السياسية ومن لدن الرئيس بن علي شخصيا وما دعمه المتواصل لنشر التعليم العالي والثانوي والاعدادي في كل المناطق لا يختلف عليه اثنان وهو دليل لا يحتاج إلى برهان. وان العناية بانتداب المعلمين والاساتذة باكثر دقة وشفافية دوما هي محل رعاية وعناية المسؤولين والقيادة وما اعطى مزيد العناية بالمناطق النائية الريفية والعائلات المعوزة لتشغيل ابنائها في مجال التدريس على مختلف الاصعدة والمؤسسات جاء مؤخرا بنتائج ملحوظة دعما لتعليمات القيادة السياسية وبحرص من رئيس الدولة وكما أسلفت في مقال سابقا فإن الرجل المناسب في المكان المناسب والظرف المناسب والعام المناسب وقد لاحظنا أنه منذ تعيين الدكتور الصادق القربي وزير التربية والتكوين يوم 23/02/2006 منذ سنة وأسبوعين وقع تغيير في دعم الشفافية ولاحظت في مدرسة واحدة بريف معتمدية منزل شاكر بولاية صفاقس تسمى مدرسة أولاد يوسف أسست عام 1951 وبها 15 قاعة ويؤمها 278 تلميذ وتلميذة وبها 12 معلم ومعلمة وقع في هذه السنة 2006-2007 الموسم الدراسي الحالي تعيين 4 معلمين جدد كلهم من مناطق نائية ريفية وهي سيدي بوزيد واولاد الشامخ والعيثة بالجم والرواضي بمنزل شاكر وكلهم من الشبان مواليد 1980 إلى 1983 وهذا يدل على العناية والرعاية والإهتمام بأهالي الريف وشباب مناطق الظل والعمل متواصل لإنتداب عدد هام من المعلمين فضلا على إنتداب 3500 أستاذ في التعليم الاعدادي والثانوي ونرجو المزيد من الإنتدابات في مجال التعليم ونؤكد على ضرورة المزيد والعناية بشباب الريف بالخصوص كما وقع العناية بانتشار المعاهد الاعدادية والثانوية والكليات في كل مكان.
وختاما، لا بد من ذكر الإيجابي والمحاسن أيضا والإنجازات والمكاسب وهذا من باب الأخلاق والوطنية والبر بالوطن والدفاع عن مصلحة الوطن والواجب الوطني يفرض علينا جميعالا ذكر السلبي فقط بل ذكر الإيجابي ومزيد المطالبة بالإنجاز والعناية بالتشغيل ودعم الموارد المالية وتحقيق الموازنة في مجال الموارد أفضل من المطالبة فقط والسكوت على ما تم إنجازه منذ فجر الإستقلال في هذا المجال الهام والعلم والمعرفة وعلينا أن نراعي وجه الله في بلادنا وأن نقول للمحسن أحسنت. ولا مانع من مزيد المطالبة وضرورة التشغيل حسب الطاقة والإمكانيات المتاحة وربما السنة القادمة تفتح مجالات جديدة لإنتداب عدد هام من المعلمين وكذلك إنتداب عدد إضافي من الأساتذة حتى يصل العدد حوالي 8000 إن شاء الله العام القادم. مع مزيد دعم الخطوات الثابتة التي تسير عليها وزارة التربية والتكوين ونرجو أن يكون العدد في التعليم العالي مناسبا في السنوات القادمة خاصة ومجال انتشار الكليات متواصلا وخاصة معاهد التكنولوجيا في كامل أنحاء البلاد التونسية وهذا إيجابي وهام مع فتح آفاق التشغيل في مجال المؤسسات الخاصة بأكثر شفافية ودعم جهود الحكومة والعمل على مؤازرة جهود المجموعة الوطنية ومما يذكر في هذا المضمار فإن المعاهد التكنولوجية أنتشرت في كامل الجمهورية وتستوعب عدد هام من الطلبة ولها إشعاع هام ودور فاعل في دعم الإطارات الفنية العاملة في بلادنا وفي خصوص مبادرات السادة مديري المدارس الإبتدائية في الريف فقد لاحظت أن السيد مدير مدرسة أولاد يوسف بمعتمدية منزل شاكر مشكورا وهو المربي الفاضل قدتنازل على مكتبه الإداري ووضعه على ذمة المعلمين الشبان الجدد قصد إستعماله مسكنا لهم تلك هي قمة الإثارة على النفس وقمة السخاء والكرم مصداقا لقول الله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة صدق الله العظيم نرجو من الله أن يكلل جهود هذا المربي الفاضل بالنجاح والتوفيق وأن يوفقه الله في عمله ونضاله وأن مثل هذه المبادرات الفردية تزيد في تمتين اللحمة بين أسرة التعليم ويصبح مدير المدرسة هو الأب الراعي لأسرة التعليم الناصح والمرشد والمعين والأب الحنون لأسرة التعليم وهذا ما نحتاج إليه اليوم في كل المجالات الأخرى التي تحتاج إلى الدفئ والعطف والحنان والرحمة حتى في مجال الإعلام والصحافة فالغرور والعلو والكبرياء لا يخدم مصلحة المجموعة ولا يثمر بل العكس ولنا القدوة الحسنة في التعليم ورجالاته.
ومسك الختام فإن العينة التي ذكرتها في مدرسة أولاد يوسف بمنزل شاكر بصفاقس تدل على الثوابت والقيم وميزان العدل في مستوى التعليم سواء في مجانيته وتعميمه أو قيمة الشهائد العلمية أو إسناد الشهادة لمن هو جدير بها فكم من إبن والي لم ينجح في شهادة البكالوريا ونجح ابن العامل اليومي وكم من أستاذ في التدريس من الريف ومن عائلات فقيرة للغاية وكم من معلم من أسرة فقيرة للغاية هذا هو العدل في مجال التعليم.
.قال الله تعالى: “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”. صدق الله العظيم.
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
أرذل مراحل العمر السياسي…وهم الوطنية بعيون مفتوحة..
حسين المحمدي تونس.
تابعت كغيري من التونسيين زيارة السيد زين العابدين بنعلي إلى معتمديةسيدي حسين منذ أيام’حزنت على ماوصل إليه أمر الرجل من إخراج وترتيب وتعامل..الزيارةقيل إنهافجئية؟وعددالسيارات التي شاهدناهاخلال الشريط (ماأوصل إلينارجال تونس7)كان مهولاعددياونوعيامن جهةالى جانب خلومنطقةشعبية ذات كثافةكبيرةمن تواجدسكانهاأمام المنازل
وفي أماكن اعتادواالجلوس بها للعب لعبة معينة؟والاولاداللعب في الأزقةوالشوارع والانهج؟والنسوةالتجمع حول طابونةاوحول بعضهن؟واعرف المنطقة جيدا.
فجنابي بمعية متفقد ومتفقدة كلفنا في ماي 2000 بمسح تلك المنطقة من حيث تسجيل الناخبين وتوزيع البطاقات الانتخابية من عدمها…كما انك دخلت مقرالمعتمدية وتجاذبت الحديث مع المعتمدورأيناهذاالاخير من الخلف فقط؟ وزيارة فجئية لرئيس وتحوله الى معتمدية بعد أن رأينا كل أنواع القاذورات والأوساخ وغياب ابسط قواعد المتابعة من مسئول محلي؟
وهذا المسئول لا يرتبك ليس لأنه أمام الرئيس بل لأنه متهاون الى ابعد مجال؟ يضاف الى هذا ايضاالقول بان مجموعة من الأفراد الذين تجمعوا أمام إدارة بنكية؟(يعني من رجال الأعمال؟ولتمنى أن يعاد بث الشريط…) ليهتفوا تلقائيا باسم الرئيس من جهة أخرى؟ما رأيناه هو رد على ما كتبته يوم زيارتك الى ما قيل عنه مركزا لتعليم الكبار؟وأقول ما يقال عنه؟والمكي ومهني والقروي وغيرهم يقفون عند مقاصدي من هذه قد..يعني الحربوشة مرت وتيقن العالم أن ما قلناه صحيح…هناك من حاول الاستدراك بشكل تافه…
الإهمال يلزمه الحسم ومعاقبة المفلس وليس حمايته ..بل جعله المصلح..
.ربما فعلا السيد زين العابدين بن علي يظن أنها زيارة فجئية.وهنا مصيبة عظمى أن يصل أمره إلى هذا الحد.واملك الدليل القاطع الذي أقول حوله الآن القليل والقليل..الزيارةليست فجئية بل هي حيلةتعيسة من ذهن قابع داخل القصروفي الداخليةوفي الحزب الحاكم يورطونك يوميافي متاهات تخرجك خارج الإطاروتضر بك وببلادناإلى ابعد الحدود داخليا وخارجيا…وهذه مسئولية المستشارين والزيارة كانت بعد تعيين الغرياني..أي خرج تعيس ودخل ما أتعس…إذ السياسة فعل ونتائج والتزام بنتائج…
.أقول هذا وتوجد لدي وثائق منشورة للعموم حول سيدي حسين وحول زيارتك لذات المكان والمعتمدية ويومها كان الغضب وكانت قرارات وكانت بعد ذلك بمدة بلدية وما ادراك؟واجتماعات لمجالس محلية وانكباب من الوالي الذي كان يومها الكعبي..والمعتمد رفيق غربال مر من هناك واليوم بل منذ سنوات وقع تكريمه وعين كاتبا عاما لولاية تونس لان القروي هناك؟أو شعبان؟أو القلال؟
يعني مارأيناه في فيفري2007 هوزبالات وأصحاب الزبالات ومن خلفهاأكرمواكلهم؟كيف يستقيم الأمر؟أين شوشان والإدارة العامة للشؤون الجهوية وولاية تونس ومختلف الوزارات؟وبلدية تونس سابقا واليوم بلدية سيدي حسين؟
رأينا الكعبي وبعد 10سنوات من تواجده واليا على تونس صار وزيرا للداخلية تكريم لا مثيل له؟رغم أن القاذورات من عهده الزاهر(رحم الله حمادي الخويني).ثم جاء عمر بن محمود قادما من الحزب الحاكم وما أدراك وبرك ما برك ثم ذهب الى 2626وهو هناك الى اليوم..يعني تكريم ثم يأتي محممودالمهيري زاحفامن ولاية القصرين الى ولاية تونس ليخرج بعدها الى القصركمستشار سياسي لكم؟
تكريم رهيب لكل من أنتج الزبالات وكل أنواع الإهمال؟من اجل ماذا أكرموا؟وهكذا في كل معتمدية وولايةبل والي بنعروس ماذاوقع له في23 ديسمبر؟انه محمي ومن سلالة نقية…وهكذا كل الولاة وبدون استثناء.
أليس والي تونس الحالي منذر فريجي مهيألماأهم؟الم يصبح الكعبي وزيرا للداخلية؟الم يمروا من هناك؟ هل يمكن أن يزور الإنسان وليس أي كان بل المسئول الأول في البلاد مكانا(معتمدية)مرتين؟ونرى العفن والأوساخ بل الإهمال وعملت معتمدا واعرف ماذا ينطبق على ما رأينا؟أدنى جدية يحاكم معها كل المسئولين من كاتب الدولة للداخلية الى المستشار السياسي في القصر الى المدير العام للمصالح المختصة الى مدير الإقليم والى رؤساء المنطقة ومحاكمات قوية…إهمال لا مثيل له…وحديث عن الإرهاب…هذا هو الإرهاب ومنبته…
من أبجديات الفجائية اندهاش ومحاسبة وعقاب وطرد وليس نقلة او تعيين بسفارة الى حد جعل البعثات الدبلوماسية والقنصلية وكرا لمن شبع مالا في تونس وتقاعس؟القاعدة من يحاربها؟وجنابي كتب بعد أيام أي حتى تترجم قراراتك؟لكن…
من هنااقول الزيارةغيرفجئية.لأنها لو كانت كذلك كل مسئولي ولاية تونس كل في مجال عمله يرحلون وبأشد العقوبات الوالي والمعتمدوالعمدوالبلديةوالتجهيزوالإسكان والبيئة..هذالم يحدث..بل منذسنوات غاب العقاب لأي مسئول عن التقاعس والإهمال والمحاكمة الموضوعية والحقيقية…
وهناك ندوات للولاة وهناك تقاريرستندار تعدها الإدارة العامة للشؤون الجهوية ورأيت من يعدها وكيف يقع إعدادها ومضامين ندوات الولاةوكلمات ما يقال عنهم وزراء فيها وحول مواضيع من اخطر ما يكون…حلقة مفرغة دخلها بنعلي ويدخلهالهذا إنها ليست فجئية…
وكتبت بماأردت إخراجه اليوم…عصابةتضحك على بنعلي قبلنا…ونحن وراءهاالى أن تنهاروتفرمن هذه البلاد… وأجدد لبنعلي القول أنها لا تخيف نملة…لقد جمعنا لها ما يلزم من جرائم ومايحيلهااخلاقياواجتماعياوماليا…الى دوائر التجريم…
تصرف منك يحملك كل أنواع المسئوليات وكشف للعالم درجة العجز والخوف داخل العصابة…وهو تاشيراضافي
إلى أن الزيارة لم تكن فجائية..بل مبرمجة…وهنا كنت قلت بتاريخ 8فيفري2007…
في ولاية قفصة وضعت لافتة وراء مرمى ما في ملعب قفصة يوم لقاء الترجي وقفصة منذ 20يوما..شكرا حنبعل على الصراحة بالمكشوف؟
ولعلم العالم والي قفصة كان معتمدا بصفاقص الجنوبية سنة1993 وما فعله كان من المحتم أن يكون بفضله داخل السجن.إلا أن للرجل محمد شكري والفاسدين فتمت ترقيته الى كاتب عام لجنة تنسيق سيدي بوزيد ثم واليا وهكذا زملائه وحديث عن التطرف؟يوم عين واليافي وزارة الداخلية لعن كل من فيه رائحة الوطنية وما تبقى له من رجولة الدنيا بما فيها.قلت الداخلية ولم اقل شيئا آخر….نشر هذا بتونس نيوز والحوار وغيرها يوم 8/2/2007 …
وعقد بنعلي بتدبير من الفطاحلة ندوة للولاة؟أي الرجل خاف على هبوط معنويات رجاله او على خوفهم من العقاب وهم يتابعون محاكمة رجال صدام وهي من حيث المضمون لا تبتعد(كما سنرى)عما هم مكلفين به منذ 1987 ولغاية اليوم …الرجل بتدبير من الفطاحلةدعارجاله ليقول لهم ..
إنكم محل ثقةوعنايةواصلواالنهب والتزويرومنع ولوبذرة للحرية أنا هنا..والله كان من أهدافي هذا..بنعلي لم يدرك بعدمايفعل…انه قال ويقول للعالم أنا المورط الأول والمسئول الأول عن كل فساد وتزوير ونهب واعتداءات وما يقوم به الوالي والبوليس…الرجل انصحه بمتابعة محاكمة صدام من النواحي الفنية القانونية والإجرائية فقط…
.لمن لا يعلم أرسلت ذات مرة إلى الوزراء كلهم ما يقول وما ينصحهم بمتابعة محاكمة صدام وأعوانه..الرجل اجتمع بهم بعد يومين دون حاجة متعارف عليها؟
.هذا السلوك يعني الكثير لمن يفهم في السياسة.رجال ينتظرون من يكتب بنقد عن سلوكياتهم ليكذبواذلك؟ وهم من رجال الاستراتيجيات؟رجال يقومون بردود تزيد من كذبهم وتعريهم مع كل حركة.رجال مجرد مقال من رجل محاصر ليلا ونهاراوبانتن وسائل المحاصرة…تسمع..تنصت ..ظهور بارز وخفي لمخبرين..تنويع وجوه لمليشيات وعلى بعد 4امتار من شقتناوليلا نهارا…تنويع سيارات متابعة…كله موثق بالصورة
وبغيرها..
.الفطاحلة يعيشون أرذل المراحل.الخوف انتقل إلى داخل كل واحد منهم بل الواحد من الآخر.ونحن من عرى ويعري هذا الإجرام ولن تنفع شطحات مع الاشتراكية ولا مع حماس ولا مع حزب الله ولا مع إيران ولا استغفال دحلان وعباس(سنرى مكالمات هاتفية…وطلب من رجال فتح قول أمر ما..وطلب من بعض اليهودأمرا ما...وهذا كله يقول بنوعية ودرجة ارتياح من يحكم إلى الغد….اقسم بالله العظيم لا يعلمون من يحكم غدا…اليوم الذي يمر يقولون ربحناه…رجل وضع أمامه كل الوسخ وفي أماكنه ومن هم رجاله ويجتمع بهم ليشكرهم…كان من أهدافنا هذا زمن المحاكمات الدولية…)
من هنا السيد زين العابدين رجالك كبّلوك وفي أحسن الحالات صنعوا ويصنعون الإرهاب..لا أريدك أن تتورّط أكثر وأنت من فعل ويفعل معي كل أنواع الشر…تونس اكبر مني ومنك..
.الفارق شاسع بين وبين ما يقال عنهم مستشارين ووزراء وولاة ومعتمدين ومديرين جهويين…عصابة واحد يختار الآخر ..وبين العمل السياسي الناجع…وبين من يتحمل مسئولياته في أخلاق وبفكر وبانتماءوطني …
.سلوك التقدم والصدق والجرأة والذكاء وحب النظافة والإنسان الفرد وجعل المرتب أو المنحة أو الامتياز حلالا بالمعاني القانونية والأخلاقية والاجتماعية أي بمعايير التقدم والمؤشرات الاقتصادية….وسلوك الزبون والمرابط بالفساد والحيلة والكذب ومدرسة تفضيل المخلصين؟ على الوطنيين؟أي سارق ولا رجل حرية…انظر الى أين أخذك هذا؟إلى إنتاج القاعدة بعد 20سنة من حكمك بهؤلاء…ومحاولتك السير بهم من جديد ستعجل بنهايات فضيعة لك…
أحداث23ديسمبر2006 أنت تعرف وانااعرف…قالت وتقول لك بهذا….رجال الفسادوالإفسادلا دين لهم.
أنت اليوم في كل ركن وزاوية..صحبة عائلتك المسئول..ومن رجال استفادوا منك الى العنق بل هم من أنتج وجودهم الذهني والمادي وعجزهم ورؤيتهم للإنسان والقانون...وهناك معارضين؟يراكنون مع هؤلاء.يعني مع من نهب ومنع التغيير الحقيقي واليوم لحماية أنفسهم يبحثون عن ضحية جديدة كما كان بورقيبة؟تافه من يراكن معهم.المجرم والفاسد لا مراكنة معه.
النصيحة من الدين..أنت مزّقتني ومزقت تونس وكل رجل حروراهنت على الفساد لإدارة تونس ونحن من قال للعالم بالخراب ولحد ألان بما قليل ومع ذلك من اجل تونس أنصحك والوقت يجري بسرعة..
.أنصحك التخلي عن رجال الزبالات وعن كل مسئول نهب وهناك من قام لك بهذاالعمل فماذاتنتظر؟السارق والكاذب أذل عباد الله وأحقر بني البشر…هناك اليوم من يعيش بكتاباتي…رجال امن..القروي..بن ضياء..
السراق…يحزنزن عندمالااكتب..إنهاالأميةالسياسية..ماذابقي فيهم وبهم من حاجةمستقبلية؟الصحيح لم يبرز بعد..
ولهذا قلت وأقول بكل ثقة…لن يكون2009 بالتزوير وبالفساد…والتونسيون والتونسيات يعرفون انه كلما قلت أمرا إلا وكان صحيحا…وأنا اعلم انه عندما اكتب هكذا علنا ستتمسك العصابة ببعضها وستحاول المستحيل لحماية نفسها…هذا ما أريد…نحن من يبادر وهم من يركض ليقول للعالم ارحموني إنني اكبر كذاب واكبر مجرم…نحن وضعنا أمام العالم في ظرف وجيز…عصابات الارهاب..
ماتت العصابة وتموت ونصيحتي لك.
.أنصحك والوقت قصير جدا لتأخذ بالنصيحة.أن تفرغ السجون من كل من قهر وعذب وظلم وشرد أهله..
أن تشرف بنفسك على تدمير الزنزانات وان تحاكم كل من اشرف على عملية تعذيب قبل فوات الأوان..
أن تصدر أمرا عاما(وليس إرسال مخبرين تافهين لبيع الكذب وبيع الوهم لتعساء من اجل الحصول على جوازات سفر) يتحصل بموجبه كل تونسي ومهما كان ما هو منسوب إليه جواز سفره وان تعدم قائمات الممنوعين من جوازات سفر ومن الدخول والخروج من والى تونس وان تعلم أن كل من هو محل مراقبة ومتابعة وتنصت وكل.. يعلم جميعنا بالاسم والمراقب وآلة المراقب واذهب ابعد من هذا في الوقت المناسب ستندهش ونحن ذاهبون إلى حيث يجب في الزمن المناسب..(العدد مهول…بما فيهم جنابي)…
حسين المحمدي تونس
9مارس2007..
استعادة شاعر الإقدام أبو القاسم الشابي بعد اختطافه لسبع عقود
عبدالباقي خليفة (*) ظل الشاعر أبو القاسم الشابي دهرا طويلا مختطفا من قبل العالمانيين ، و من خلال تقديمه كأحد رموزهم ورجالاتهم ، كما أن البعض و انطلاقا من ذاك التقديم عابوا على الشابي بعض المخالفات العقائدية و بعض التلفيقات التي دست في ديوانه ” أغاني الحياة ” لتنفير الاسلاميين منه ، و جعله شاعرا حداثيا صرفا ، و هو ما يتعارض و ثقافة الشابي ، و نشأته الدينية و دراسته في الزيتونة ، بل و سمت شعره الخالي من الفحش الخلقي و الأدبي .
نشأة الشابي : ولد أبو القاسم الشابي رحمه الله في مدينة الشابة ، ( و ليست ” الشابية ” كما ذهب إلى ذلك بعض من يتناولونه في مقالاتهم أو تعليقاتهم المختلفة ) عام 1909 أي بعد 28 سنة من الاحتلال الفرنسي لتونس ( 1881 / … ) 1 *
و يعود الشابي في نسبه إلى عائلة متدينة معروفة بالعلم و الصلاح ، فوالده الشيخ محمد بن بلقاسم الشابي من خريجي الازهر الشريف ، و جامع الزيتونة . تولى القضاء في عدة أماكن بتونس . و قد لزم أبو القاسم والده في حله و ترحاله ، و استفاد من علمه لمدة 20 سنة حيث توفي والده سنة 1929 .
وأبو القاسم الشابي من حفظة كتاب الله تعالى حيث أكمل حفظ القرآن و هو ابن التاسعة ، و مما يدل على اهتمام والده بتربيته فرحه الشديد باكماله حفظ القرآن . و قد عكف على تعليمه علوم العربية و فنونها و الدراسات الاسلامية و أنفعها ، و كان والده يشجعه على القراءة و دراسة الكتب الاسلامية . و كان شاعرنا الشابي منسجما مع توجهات والده الفكرية حيث التحق بجامع الزيتونة ، و تخرج بعد 9 سنوات من التحصيل العلمي الشرعي . و خلاف ما ذهب إليه البعض فإن نبوغ أبو القاسم الشابي الشعري لم يكن مخالفا لتوجهات أبيه ، بل إن والده هو من فتح عينيه على دواووين الشعر و الشعراء عبر العصور ، حيث كان لوالده مكتبة زاخرة بمختلف العلوم . و لم يكن الشعر بعيدا عن الدراسات العربية و الاسلامية الشرعية ، فهو يستشهد به من فوق المنابر ، و تروي كتب السير الكثير عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت ، و في الحديث ” إن من الشعر لحكمة ” . و كلها تدحض تخرصات البعض من رفض والده نظم الشعر أو نفوره منه . و ليس أدل على ذلك من أن الشابي بدأ كتابة الشعر و هو ابن الخامسة عشرة .
شاعر الشعب : لم يكن أبو القاسم الشابي شاعر ترف أو سلطان بل كان شاعر الشعب و الامة ، يتألم لما يلم بها و يستنهض هممها للمعالي . و لم يخرج الشابي كما يريد البعض أن يوهم من خلال الدس عن رسالية الشعر . و هدفهم تحويل الانظار عن مضامين شعر الشابي الذي يعد شعرا اسلاميا خالصا بما يدعو إليه ، و بما يحمله من أفكار إذا تمت تنقيته من بعض المدسوسات التي أضيفت إليه بعد وفاة الرجل رحمه الله . و ليس الشابي أول من يدس عليه ما لم يقله ، بل نعرف فقهاء و علماء مشهود لهم بالعلم و الورع دست عليهم كتب و ليس مجرد قصيدة أو بيت شعر ـ فابن القيم رحمه الله تعرض لمثل هذا الدس ـ
و قد حاول بعض المدلسين أن يحسب الشابي على دعاة العالمانية كما ذكرنا سالفا معتبرين إياه من المتغربين ، و بشكل فج يكشف عن مقدار كبير من التجني على الرجل و على الحقيقة و الامانة العلمية . و لزيادة حدة التعمية زعموا أن موقف الشابي من الصراع بين الاصالة و التغريب ، كان إلى جانب الثاني ، وزيادة في التعمية قالوا أنه اتخذ موقفه ذاك دون التجني على ما أسموه ” الثقافة السلفية ” مع الكثير من الغمز الذي نعرفه من أخازم قومنا . و من سوء حظهم و شدة بؤسهم ، و هم يحاولون اختطاف الشابي أن يسقطوا أكثر من مرة ، و هم يحاولون النجاح في امتحان التزوير ، عندما يؤكدون أن الشابي ” قرأ ما كتبته مدرسة الديوان في هذا الصدد و بخاصة ما كتبه العقاد عن مفهوم الشعر و طبيعة العمل الشعري ووظيفته ” و معروف أن العقاد ليس محسوبا على تيار العالمانية المتطرفة ( و إن كانت عليه بعض الملاحظات ) التي عبر عنها بسفور طه حسين و لطفي السيد و غيرهم . كما أن القول أن الشابي تأثر كثيرا بجبران خليل جبران قول ينقصه الدليل ، فالشعر الحداثي لا يعترف بمفهوم و لا وظيفة للشعر ، كما أن الشابي يتفق مع رؤية العقاد للشعر، في الوقت الذي لا نجد في شعره ما يدل على تأثره بطريقة جبران خليل جبران .
لقد استخدم البعض أسلوب الارهاب الفكري عندما أطلقوا على الثقافة الاسلامية اسم الثقافة السلفية ، و على التغريب لقب الثقافة العصرية . و كذبوا عندما اعتبروا الشابي واحدا منهم و منحازا لثقافتهم ، و ليس هذا مراءا مع سفاء ، بل استنادا لشعر الشابي نفسه .
لقد واجه الشابي خمول الناس و قعودهم عن مقارعة الاحتلال الفرنسي و استسلامهم له في حين كان دعاة التغريب يعتبرون الاحتلال صمام أمان أمام حرب أهلية ، و عامل من عوامل التقدم و التطوير ، و هو ما يقوله اليوم ليبرالييهم ، دعاة الخضوع للاحتلال الامريكي للعراق ، و السرطان اليهودي في فلسطين . و هذا ما لم يقله الشابي البتة ، فكيف ينسبونه إليهم إذن . لقد كان الشابي ينادي بالثورة في وجه المحتل ، و هم يعتبرون ذلك ارهابا ، و التحلي بالقيم الاسلامية ، و هم يعتبرونها عائقا في وجه أسيادهم المحررين ، و هي التي عمل الاحتلال الفرنسي ككل احتلال غربي على تقويضها بكافة الاشكال ، و من خلال إشاعة ثقافة الانحلال . و قدم الخروج عن الاسلام بأنه تقدم و عصرنة و حداثة ، ورمى الاسلام بتهم التخلف و غير ذلك ، و ذلك لاعتقاده بأن عودة الناس للاسلام ستقضي على استغلاله لاراضيهم ، و حاضرهم و مصائرهم . و لذلك كانت أعين الاحتلال الفرنسي و شرطته و استخباراته تلاحق كل عالم و كل داعية و مفكر اسلامي ، كما عمل على تصفية المقاومة الاسلامية التي مثلها الشيخ عبدالعزيز الثعالبي ليفسح المجال أمام ابنه البار الحبيب بورقيبة ، و من على شاكلته . و إذا نظرنا إلى تاريخ الاحتلال ندرك حقيقة ما كان يعمل له ذلك الاحتلال ، من ترسيخ لمعتقداته السياسية و الثقافية لتصبح بلداننا صورة مشوهة لما يعيشه ثقافيا ، و جهاز استقبال سياسي لارائه و أوامره فقط . و قد حاول المتغربون من باب رمتني بدائها و انسلت أن يوهموا الناس أن الاحتلال كان يريد ” تشجيع الهياكل الثقافية التقليدية ، و الحيلولة دون قيام أي حركة ( تنويرية ) أو محاولة اصلاح ( مستنيرة ) ” بتعبير آخر ايهام الناس بأن المحتل لا يريد أن ينشر ثقافته ليحتل عقول الناس بعد احتلال أراضيهم . و لكن ذلك التضليل و تلك التوهمات و الايهامات لم تعد تقنع أحدا حاليا ، بعد أن أدركت الامة العدو الحقيقي للاحتلال و الهيمنة الاجنبية و العائق الوحيد أمام الاستكبار العالمي اليوم .
و عودة للشابي فإن الذين احتطفوه من عالمه الاسلامي الرحب ، ثقافة و فكرا ، لم يستطيعوا إخفاء دوره في حركة الشبان المسلمين و هو لا يزال طالبا بالزيتونة فيمرون على تلك الفترة مرور اللئام . ( 2 ) *
شعر أبو القاسم الشابي : في قصيدة ” شعري ” يرسم أبو القاسم الشابي سيمات شعره و أهدافه بكل وضوح ، وهو ما يتنافى و تعريف التغربيين للشعر فيقول ما الشعر إلا فضاء يرف فيه مقالي فيما يسر بلادي و ما يسر المعالي وما يثير شعوري من خافقات خيالي و يسمو أبو القاسم الشابي بشعره من أن يكون تملقا للأمير ، أو طلبا لحطام ، بل هو جزء من هويته و شخصيته و حياته . لا أنظم الشعر أرجو به رضاء الامير بمدحه أو رثاء تهدى لرب السرير حسبي إذا قلت شعرا أن يرتضيه ضميري ثم يخاطب الشعر : يا شعر أنت ملاكي و طارفي و تلادي أنا إليك مراد و أنت نعم مرادي قف لا تدعني وحيدا و لا أدعك تنادي فهل وجدت حساما يناط دون نجاد و في قصيدة ” الصيحة ” يحدد أبو القاسم الشابي موقفه من مجد الأمة و تراثها العريق ، بما يخالف نظرة التغربيين لتراث الامة العظيم و مجدها الغابر، بل يخاطبهم قائلا : ياقوم مالي أراكم قطنتم الجهل دارا أضعتم مجد قوم سادوا الحياة فخارا أبقو سماء المعالي بما أضاءوا منارا حاكو لكم ثوب عز خلعتموه احتقارا ثم ارتديتم لبوس خزي وعارا و يصف ما يولولون به بكلمات ذات وقع شديد يا قوم عيني شامت للجهل في الجو نارا تتلو سحابا ركاما يتــلو قتاما مثارا يثير في الارض ريحا يهيج فيها غبارا الحياة عند أبي القاسم الشابي : في قصيدته ” نظرة في الحياة ” يحذر الشابي من الركون للضعف ، و يشيد بالقوة ، و يدعو لليقظة و الفطنة ، و يؤكد أن الروح الوثابة لا تطفئها المتاعب و الاكراهات . إن الحياة صراع فيها الضعيف يداس ما فاز في ماضغيها إلا شديد المراس للخبء فيها شجون فكن فتى الاحتراس ثم يقول أن السكينة روح في الليل ليست تضام و الروح شعلة نور من فوق كل نظام لا تنظفئ برياح الارهاق أو بالحسام حتى يقول و الذل سبة عار لا يؤتضيه الكرام
إلا أنه من المؤكد أن قصيدة ” الحياة ” و التي لا تزيد على ثلاثة أبيات من المدسوسات على الشابي و ديوانه ، فالرجل الذي تربى في بيت علم و فضل و درس الشريعة و تخرج من الزيتونة في عز نهضتها ، لا يمكن أن يقول كلاما كالذي نسب إليه في تلك القصيدة ، إضافة إلى أن طريقة نظمها تختلف عن أسلوب الشابي ، فهي ركيكة اللفظ و المعنى ، كما أنها تختلف عن رؤيته لحركة الحياة في بقية قصائده و أبياته المشهورة . إضافة ـ و هذا من الأهمية بمكان ـ أنها خلت من أي مقدمة ، و هذا ما نلاحظه في في قصائد قليلة جدا من ديوانه ، و التي ليست من نظمه و إنما دست عليه . و كما نعلم جميعا فإن ديوان الشابي لم يجمع إلا بعد وفاته ، و كان ينشر قصائده في جريدة النهضة ، و قد اختلطت بعض القصائد الاخرى لشعراء آخرين لم يشتهروا مثل الشابي مع قصائده .. و القصائد الوحيدة التي يمكن أن تنسب للشابي هي التي لا تزال مكتوبة بخط يده .
و قد عاب الكثيرون من النقاد المسلمين على الشابي ذلك البيت الرائع الذي يقول فيه ” إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ” بما أن القدر يستجاب له و لا يستجيب لاحد . و قد استلهم الشابي قوله ـ حسب ما أفهمه ـ من قوله تعالى ” لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” و قوله سبحانه ” لا أضيع عمل عامل منكم ” وقوله تعالى ” كل نفس بما كسبت رهينة ” وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” لو تعلقت همة المرء لما وراء العرش لناله ” وسواء أصاب أبو القاسم الشابي أو أخطا في ذلك ، هو و من حاول تفهم شعره ، فعلينا أن ندرك أن الرجل إجتهد ، و ايمانه بالقدر يجب ما تصوره عنه إن كان أخطا فعلا . و ليس الشابي أول من يجتهد فيصيب و يخطئ . و لا يستحق الشابي كل ذلك التشنيع على قول لم يقله ، أو قول أجتهد فيه .
و في قصيدة ” غرفة من يم ” يبدع الشابي في تصوير الهمم و كأنه يباري المتنبي في قوله
على قدر أهل العزم تأتي العزائم و على قدر أهل الكرم تأتي المكارم و تكبر في عين الصغير صغارها و تصغر في عين العظيم العظائم فيقول ضعف العزيمة لحد في سكينته تقضي الحياة بناه الياس و الوجل وفي العزيمة قوات مسخرة يخر دون مداها الشامخ الجبل و الناس شخصان : ذا يسعى به قدم من القنوط وذا يسعى به الامل ويقول فالدهر منتعل بالنار ملتحف بالهول ، و الويل ، و الايام تشتعل و الارض دامية ، بالاثم طامية ومارد الشر في أرجائها ثمل و لا يتوقف الشابي عند الحديث عن الواقع ، بل يستشرف الامل في المستقبل و لكن سياتي بعد لاي نشورها و ينبثق اليوم الذي يترنم هو الحق يغفي ثم ينهض ساخطا فيهدم ما شاد الظلام ( بكسر الظاء ) و يحطم غدا الروع ، إن هب الضعيف بباسه ستعلم من منا سيجرفه الدم دفاع الشابي عن الفضيلة : في قصيدته ” أبناء الشيطان ” يقول الشابي كم فتاة جميلة مدحوها و تغنوا بها كي يسقطوها فإذا صانت الفضيلة عابوها و إذا باعت الخنا عبدوها و في قصيدة ” يا حماة الدين ” يقول الشابي : لقد نام أهل العلم نوما مغنطسا فلم يسمعوا ما رددته العوالم ولكن صوتا صارخا متصاعدا من الروح يدري منه المتصامم سيوقظ منهم كل من هو نائم وينطق منهم كل من هو واجم ثم يقول و كأنه يعيش بيننا أيامنا سكتم حماة الدين ! سكتة واجم و نمتم بملء الجفن و السيل داهم سكتم ، و قد شمتم ظلاما ، غضونه علائم كفر ثائر و معالم مواكب إلحاد وراء سكوتكم تضج ، و ها إن الفضاء مآثم و يدعو العلماء ليمارسوا دورهم في المجتمع . أفيقوا فليل النوم ولى شبابه ولاحت للأراء الصباح علائم فدون ضجيج الفاسقين سكينة هي الموت ، مما أورثته التمائم عوائد تحيي في البلاد نوائبا تقد قوائم الدين و الدين قائم و بحرقة الشاعر المسلم الرسالي يواصل الشابي نداءه حتى اليوم أفيقوا ، و هبوا هبة ضيغمية و لا تحجموا ، فالموت في الجبن جاثم فقد فت في زند الديانة معشر أثاروا على الاسلام من قد يهاجم لحى الله من لم تستثره حمية على دينه إن داهمته العظائم لحى الله قوما ، لم يبالوا بأسهم يصوبها نحو الديانة ظالم
أما وقوف الشابي إلى جانب الطاهر الحداد في قضية المرأة فلم يكن موقفا ضد ما علم من الدين بالضرورة ، بل في حدود يستوعبها الشرع الحنيف ، و في إطاره . و قد كان ذلك في حياة والده العالم الفقيه رحمه الله فلم يعيبه ، و لم يشنع عليه ، مما يؤكد ما ذهبنا إليه . الشابي عدو الطواغيت : و كأي شاعر مؤمن لا يخفي أبو القاسم الشابي حزنه و كآبته من أوضاع شعبه و أمته ، بل يعتبر حزنه فريدا و غريبا في عوالم الحزن .
كآبتي شعلة مؤججة تحت رماد الكون تستعر سيعلم الكون ما حقيقتها و يطلع الفجر يوم تنفجر
و عندما يعلن الشاعر الاستسلام الظاهري ، بعد النداء فلا يعني ذلك سوى استمرار النداء ، رغم ما يبدو من خيبة أمل . لما ناديت ولم ينفع وناديت أمتي فلم تسمع رجعت بحزني إلى وحدتي ورددت نوحي على مسمعي وعانقت في وحدتي لوعتي وقلت لنفسي ” ألا فاسكتي ” ولم يكن أمر السكوت سوى مرحلة جديدة من الحوار الداخلي و الامل يا قلب لا تسخط على الايام فالزهر البديع يصغي لصيحات العواصف قبل أنغام الربيع
و في شعر الشابي فلسفة عميقة لم يتفطن لها النقاد الذين تعاملوا معه كشاعر ، ولم ينظروا إلى فلسفته الشعرية و نظرته للكون و الحياة و الانسان ، التي أزعم أنها تجسد عواطف المسلم و موقفه من قضايا عصره . و في قصيدته ” إلى الطاغية ” و كأنه يقصد طاغية اليوم التي يجسد فيها حزنه ، و ينتفض فيها ، بعد أن يلقي بقفازاته . لك الويل يا صرح المظالم من غد إذا نهض المستضعفون و صمموا إذا حطم المستعبدون قيودهم و صبوا حميم السخط أيان تعلم أغرك أن الشعب مغمض على قذى و أن القضاء الرحب و سنان مظلم إلا أن أحلام البلاد دفينة تجمجم في أعماقها ما تجمجم .
و من البلية أن نسمع في أيامنا الحبلى هذه ، من يقول أنه يعيش في عصر غير عصر الشابي ، و هو لا يعلم ( بالتأكيد ) أن الشعر و الثقافة عموما عابرة للتاريخ و للعصور ، فلا زالت المعلقات تدرس و تترجم للغات العالم ، و لا يزال فلاسفة و حكماء مثل بيدباء و سقراط الذي ” يحيا ” كما يقال ، كلما ظهر فيلسوف جديد . و تلميذه أفلاطون و الذي قال عنه الفيلسوف الانجليزي المعاصر وايتهيد ” الفلسفة منذ 2500 عام ليست إلا تعليقا على مؤلفات أفلاطون ” . لكن المعقدين من الماضي دون القدرة على صنع شئ يهذون بما لا يعلمون . و قد اعترض نيتشه على أفلاطون لكنه مات مجنونا . و كلاهما عاش و مات كما كان يتصور . و إن شاء الله تكون لنا وقفات أخرى مع الشابي لنستكمل اكتشاف شخصية الشابي الحقيقية التي أخفاها البعض ردحا طويلا ، و خطفها البعض ردحا طويلا ، و عندما تغيرت الولاءات ، عملوا على دفنها للأبد . * إلا أن القوات الفرنسية خرجت من تونس سنة 1956 بينما بقي الاحتلال السياسي و الثقافي جاثما حتى اليوم . * البعض بدأ يتجاهل الشابي بعد مرحلة القطع مع ( موضة الثورة ) و التماهي مع الغزو الغربي (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 9 مارس 2007)