TUNISNEWS
6 ème année, N° 2076 du 27.01.2006
بيان مؤسسين في نقابة الصحفيين التونسيين رويترز: اصابة عشرات الطلبة في حادث تصادم قطار وحافلة في تونس
حقائق: بن مصطفى يستقبل المعارضة والرابطة :كيف عبروا عن شواغلهم وقدموا مذكراتهم؟ الصباح: المصادقة على الترفيع في مقدار المنحة من 90 إلى 135 ألف دينار لكلّ حزب سويس إنفو : وزراء الداخلية العرب يبحثون في تونس مكافحة الارهاب علي شرطاني: اليسار وديمقراطية إقصاء الآخر في ثقافة العنف – حركة التجديد الماركسية اللينينية في تونس وثقافة الإقصاء
محمد القوماني: الحملة المسعورة على حركة 18 أكتوبر تؤكد صحة خياراتها محمد الحمروني: في الذكرى الستين لاتحاد الشغل : آمال و انتظارات العمال
الجزيرة.نت: فوز حماس يؤكد خدمة الديمقراطية للإسلاميينالحبيب أبو وليد المكني: من وحي الانتخابات الفلسطينية د. خالد شوكات: هل تكره الولايات المتحدة الإسلاميين فعلا؟! عبد الباري عطوان: الانقلاب الديمقراطي الفلسطيني توفيق المديني: ديالكتيك الديموقراطية والليبرالية بوبكر التايب: اغتيال الحريري كذريعة والأمم المتحدة كأداة استهداف قديم وفرصة ذهبية سويس إنفو: مسح: نحو ثلث الشبان المغاربة يعتقدون أن الدين والسياسة يتكاملان الحياة: دليل شامل للحركات الإسلامية في العالم
الحياة: حملة مقاطعة سعودية للمنتجات الدنماركية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
نقابة الصحفيين التونسيين المقر المؤقت: مكتب الأستاذ شوقي الطبيب 11 شارع الدكتور الحبيب ثامر تونس 1000 الفاكس: 71336539 بيان المؤسسين
تواجه نقابتنا الفتية ، نقابة الصحفيين التونسيين ، أزمة تهدد وجودها ويمكن أن تؤدي إلى اندثارها إن لم نتصرف بالحكمة والتبصر اللذين يستوجبهما الوضع .
لقد واجهت نقابتنا ، رغم حداثة عهدها ، عدة عراقيل كان من أبرزها رفض السلطة ، في تحد صارخ للشرعية الدستورية والقانونية ، السماح لمؤتمرها التأسيسي بالإنعقاد يوم 7 سبتمبر الماضي ، ولكنها لم تواجه أزمة أخطر من أزمتها الحالية لأنها لم تأت من خارجها بل من داخل صفوفها ، ومن حيث لم يكن أحد ينتظر ، أي من رئيسها الذي وضع الجميع أمام الأمر الواقع بالزج بها، دون أن يستشير أحدا ، في عمل سياسي قرره ائتلاف مكون من مجموعة من الأحزاب السياسية انطلاقا من اجندتها السياسية الخاصة وبعد نقاشات ومفاوضات بينها لم تكن النقابة طرفا فيها.
وعلى الرغم من المساعي التي بذلت ، منذ اليوم الأول لانطلاق اضراب الجوع، من أجل إقناع الزميل لطفي حجي لكي يعلن أنه انضم إلى هذا التحرك بصفته الشخصية ويكف عن استعمال اسم النقابة ، خاصة بعد أن أعلنت منظمات المجتمع المدني مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وجمعية النساء الديمقراطيات … أنها ليست طرفا فيه ، فقد أصر على مواصلة السير على نفس المنهاج وشكل ذلك قاعدة لخلط خطير استغله المناوئون للنقابة لتشويهها في الداخل والخارج ، وفي المقابل أحجمنا نحن ، بعد تدارس الوضع في إطار الهيئة التأسيسية الموسعة ، عن إصدار بيان علني يوضح موقفنا بجلاء وذلك حرصا منا على حماية زميلنا من تبعات ظهوره في موقع من خذله زملاؤه حتى وإن لم يلتزم هو بمثل هذا التمشي بل وسعى من خلال تصريحاته للإيهام بأنه هو والنقابة مسميان لشيء واحد .
لقد أضعنا ، خلال الفترة المنقضية ، وقتا ثمينا في معالجة مسائل فرضت علينا فرضا بسبب مشاركة زميلنا لطفي حجي في إضراب الجوع ، وقد كنا في أشد الحاجة لاستغلال وقتنا ذاك في توطيد بنيان نقابتنا الناشئة ، وإعادة هيكلتها واحكام خطتها المستقبلية من أجل خدمة مصالح الصحفيين التونسيين والنهوض بمهنتهم . ولكن … هل كان أمامنا خيار آخر ؟
وقد دارت نقاشات على شبكة الأنترنات حول مشاركة الزميل لطفي حجي في إضراب الجوع وانعكاساته السلبية على نقابتنا ، وحدث هذا بمعزل عن أطر نقابتنا ودون علم مسبق منها ، حتى ان أعضاء الهيئة التأسيسية كانوا يطلعون، مثل الآخرين ، على ما يكتب ، بما في ذلك الرد الذي حرره رئيس النقابة بصفته تلك ، في موقع “تونسنيوز” (26/12/2005 ) . والملفت للنظر أن رد زميلنا لطفي حجي الذي عبر فيه عن استيائه للغة التخوين والتهديد والوعيد وندد بها هي نفسها اللغة التي استعملها هو وكذلك من استكتبه قبل ذلك للدفاع عن مواقفه والذي أسف إسفافا قل مثيله في الصحافتين المكتوبة والإيلكترونية في تونس (أنظر: تونسنيوز 16/12/2005).
إن الزميل لطفي حجي يعلم جيدا أن ما يحدث في نقابتنا لا علاقة له بما يحدث في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وفي جمعية القضاة ، كما يعلم أن الزملاء الذين استهدفتهم بالتجريح والنيل من كرامتهم “أقلام” اتضح أنها تأتمر بأوامره هو لا بأوامر النقابة كما ادعى ، هم حقا صحافيون مستقلون وهم على درجة من الشرف ، بالمعنى الحقيقي للكلمة ، يشهد لهم بها تاريخ المهنة وتاريخ النضال النقابي الشرعي في البلاد ، وهو تاريخ يجهله أولئك الأدعياء الذين يلقون الكلام جزافا .
إن علينا اليوم أن نعود إلى نفس الروح التي حركتنا لدى بعث نقابتنا التي جاءت تتويجا لنضالات أجيال من الصحفيين وكانت ثمرة لمجهود جماعي ونضال طويل النفس ولم تكن مشروعا شخصيا أو نتيجة لعمل فردي .
لقد تأسست نقابتنا ، ككل تنظيم نقابي ، من أجل الدفاع عن مصالح الصحفيين المهنية والمادية، ولكنها، استجابة لمتطلبات الظرف ومقتضيات المرحلة التاريخية وسيرا منها على نهج الآباء المؤسسين للحركة النقابية التونسية : محمد علي الحامي والطاهر الحداد والقناوي وحشاد والتليلي ، رفضت التقوقع في حدود المطلبية الضيقة ، بل انخرطت في النضال المشترك مع مكونات المجتمع المدني ، والتزمت بالدفاع عن الحريات العامة والفردية وعبرت عن مساندتها المطلقة لكل الأشكال النضالية التي تخاض من اجل المطالب المشروعة لجماهير شعبنا ، ومن ضمنها المطالب الثلاثة : حرية التعبير وحرية التنظم وإخلاء سبيل المساجين السياسيين التي رفعها المضربون عن الطعام والقوى الديمقراطية التي ساندتهم خلال تحرك 18 أكتوبر.
ولكن انخراطنا في النضال المشترك مع كل القوى الديمقراطية لن ينسينا خصوصيتنا باعتبار نقابتنا تنظيما مهنيا مهمته الأساسية هي الدفاع عن مصالح الصحفيين وحقوقهم المادية والمعنوية بعيدا عن كل توظيف حزبي ضيق.
إن نقابتنا التي وضعت ضمن مهامها النضال من أجل امتلاك الصحفي التونسي حريته واستقلاليته إزاء كل مراكز الضغط ، ترفض رفضا قطعيا كل أشكال الوصاية والموالاة لأي طرف سياسي سواء كان في السلطة أم خارجها ، وترفض توظيفها مطية لقضاء مآرب شخصية ، كما ترفض وضعها أمام الأمر الواقع.
إن مؤسسي نقابة الصحفيين التونسيين الممضين على هذا البيان ، وعيا منهم بخطورة الوضع الذي تمر به نقابتهم يهيبون بكل الزملاء من ذوي النوايا الصادقة لكي يعملوا على :
– ملازمة اليقظة والإلتفاف حول نقابتهم من أجل التصدي لكل محاولات التدجين والإحتواء .
– نظرا لتدهور أداء الهيئة التأسيسية بسبب انسحاب عدد من أعضائها وللممارسات الفردية التي عمد إليها الزميل لطفي حجي دون التشاور مع زملائه في الهيئة أصبح مطروحا اليوم ، وبأقصى سرعة ممكنة ، تشكيل هيئة تأسيسية جديدة تحظى بثقتنا ويلتزم كل أعضائها بمقتضيات الممارسة الديمقراطية وتتحمل مهامها وفق التوجهات التي يحصل الإتفاق حولها.
– المساهمة النشيطة بتقديم المقترحات العملية ومناقشة الآراء المطروحة للخروج من الأزمة الحالية وطرح برنامج مستقبلي للنقابة.
– نظرا للظرف الإستثنائي الذي تمر به النقابة والمتمثل في غياب المقر الذي يمكن للمنخرطين الإجتماع فيه ، وأمام اصرار السلطة على منع انعقاد المؤتمر التأسيسي ، تضع الهيئة التأسيسية على ذمة الزملاء العنوان الإيلكتروني التالي للمشاركة في الحوار المفتوح :
الموقعون محمد معالي- بشير واردة – سلمى الهاني – محمود الذوادي _ آمال البجاوي – أحمد الحاذق العرف – حميدة بن صالح – نور الدين مباركي – محفوظ الضاوي – نادرة بوكسرى – مولدي الحبشي – محمد بوعود – مريم الخضراوي – محمد نجيب بن عبد الله – منبة ريحان – وجدان بو عبد الله – يمينة التواتي – منجي السعيداني ـ نجم الدين العكاري محمد معالي صحافي ،كاتب ونقابي تونسي Mohamed MAALI Journaliste , écrivain et syndicaliste tunisien
ها أنا أضيف إمضائي لقائمتكم و أضم اسمي إلى عريضة ”
تونسيون ضد التعددية المزيفة للإعلام التونسي ومحاصرة حق التعبير
و أنا اعتقد أنكم مثلكم مثل نظامكم السياسي تقصون الأخر، تقصون من لا يطالب بما تطالبون به “مجرد ترميمات” و تقولون “مهما كان لونك السياسي. الطيب السماتي ألامين العام المؤسس للحزب الإسلامي التونسي
اصابة عشرات الطلبة في حادث تصادم قطار وحافلة في تونس
تونس (رويترز) – قالت مصادر امنية في تونس يوم الجمعة ان 49 طالبا على الاقل اصيبوا في حادث تصادم بين حافلة وقطار لنقل البضائع في مدينة المزونة التابعة لمحافظة سيدي بوزيد التي تبعد 350 كيلومترا جنوبي العاصمة تونس. وقالت ان “49 طالبا اصيبوا بجراج متفاوتة من بينهم حالة واحدة خطرة لاحد ركاب الحافلة.” وهذا ثاني حادث من نوعه خلال اقل من اسبوع بعد اخر في محافظة زغوان ادى الى اصابة 28 شخصا. وقالت وكالة الانباء التونسية ان حافلة الركاب انشطرت بعد التصادم مع قطار البضائع اثناء عبورها خط السكة الحديدية. واضافت انه تم نقل جميع المصابين الى مستشفى الهادي شاكر بصفاقس وان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي امر باجراء تحقيق لكشف ظروف وملابسات الحادث. Reuters (المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ27 جانفي2006 )
ندوة صحفية
عقد الدكتور مصطفى بن جعفر الامين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أول امس ندوة صحفية بمقر حزبه بمشاركة عدد من ممثلي أحزاب المعارضة والشخصيات الحقوقية بينهم السيد خميس الشماري نائب رئيس الرابطة التونسية والمنظمة العالمية للدفاع عن حقوق الانسان سابقا. وقدم الدكتور بن جعفر ورفاقه خلال هذه الندوة الصحفية تقييم وجهة نظر حزبه والاطراف السياسية القريبة منه (والتي تجمعت حول ما سمي بمجموعة « 18أكتوبر») ومقترحاتها لتطوير الحياة السياسية وتكريس التعددية الاعلامية والسياسية والحزبية وتحسين واقع الحريات الفردية والعامة. وقد حضر هذه الندوة الصحفية ممثلون عن جل الصحف اليومية التونسية وعدد من مراسلي وسائل الاعلام الدولية المعتمدين بتونس. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 27 جانفي 2006)
بن مصطفى يستقبل المعارضة والرابطة :
كيف عبروا عن شواغلهم وقدموا مذكراتهم؟
كثّف السيد زكرياء بن مصطفى لقاءاته بالعائلات السياسية على اختلاف توجهاتها وذلك بغية الاصغاء الى شواغلها ومقترحاتها وآرائها لتطوير الحياة السياسية ودفع التمشي الوطني والسياسي على درب الديمقراطية والتعددية وقال السيد هشام الحاج النائب البرلماني والناطق باسم حزب الوحدة الشعبية ان حزبهم كان اول المبادرين بلقاء بن مصطفى رفقة السيدين محمد بوشيحة الامين العام للحزب وحسين الهمامي وهو لقاء قدم فيه حزب الوحدة الشعبية تصوره للعمل السياسي. وأكد الحاجي ان اراء الحزب معروفة وهي تقوم على الحوار مع السلطة من اجل تطوير الحياة السياسية التي تقبل الا التمشي الرصين الذي يراعي خصوصيات البلاد في هذه المرحلة التي ترتبط فيها التنمية بالديمقراطية. وعن سؤال حول المقترحات العملية اوضح الحاجي كذلك ان الحزب اقترح تشريك المعارضة الوطنية في البرمجة التلفزية والاذاعية ومزيد تطوير الاعلام وانفتاحه عن الآراء الاخرى. هذا اضافة الى تنمية العمل السياسي في الجهات ورفع العراقيل التي توجد في بعضها. هذا اضافة الى دعم صحف الاحزاب وتطوير آدائها. اما حركة الديمقراطيين الاشتراكيين فيبدوا انها منشغلة بمسائل داخلية وقد تعرض مشروع مذكرة توجهها الى السيد زكرياء بن مصطفى في الاجتماعات المرتقبة لمكتبها السياسي. وكان السيد العروسي النالوتي المكلف بالاعلام قد اكد لحقائق امكانية النظر في مقترحات عملية لتفعيل التمشي الديمقراطي مع ايمان الحركة المبدئي بالحوار مع السلطة. اما الحزب الديمقراطي التقدمي فقد اوضح الموقف المبدئي من تنقية الاجواء وتوفير مناخ ما للحوار البدء بوضع اجندا للحوار وحتى يكون ايجابيا وفعالا وكانت اطارات الحزب قد ضمت صوتها الى اصوات اخرى طالبت بالعفو التشريعي العام كمنطلق لعلاقة فعالة. ارتياح الرابطيين وشملت المشاورات والحوارات الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان اذ كان لرئيسها السيد مختار الطريفي لقاء مع السيد زكرياء بن مصطفى مرفوقا بالسيدة سهير بلحسن والسيد مصطفى التليلي وصالح الزغيدي. وقد عرض الوفد على السيد بن مصطفى مشاغل الرابطة فيما يتعلق بالوضع الداخلي وخاصة ضرورة تمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس بكل استقلاليةوفي اقرب الاجال وعلى فروعها وتمكينها من التمويل المخصص لها، كتمكينها من لعب الدور الذي هي به جديرة كمؤسسة تعنى بالدفاع عن حقوق الانسان وتنشر ثقافتها، كما قدم الوفد رؤية الرابطة بخصوص وضع الحقوق والحريات وخاصة حرية التنظيم والتعبير والصحافة، وضرورة تطوير القوانين دعما للمساواة بين الجنسين وقد جاء في بيان السيد مختار الطريفي رئيس الرابطة ان الوفد جدد التأكيد على ايمانه بالحوار كخيار ثابت لحل كل الاشكالات القائمة متمنيا ان تواجه السلطة هذا التمشي بنفس الروح. ايمان بالحوار والاهم في هذا اللقاء الذي سلمت فيه الرابطة مذكرتها بشأن الاصلاح ومقترحاتها لمزيد الانفتاح، وتمسك الرابطة هذا الهيكل الحقوقي والمكسب الوطني بالحوار لحل كل الاشكالات العالقة وتبنى الوفد ان تقابل السلطة هذا التمشي الرابطي بنفس الروح. وتشير الاصداء الى ان جل هذه اللقاءات مع وفود المجتمع المدني والاحزاب السياسية القانونية قد دارت في مناخ طيب ينبئ بتحول في العلاقة وسعي الى التجاوز والنزول عند المقترحات العملية لتفعيل الحياة السياسية واعطاء الدفع اللازم لها. ومن جهتها وجهت حركة التجديد في شخص امينها العام السيد محمد حرمل ورفاقه في المبادرة الائتلاف الديمقراطي والتقدمي مذكرة تخص اوضاع الحريات والمقترحات لتفعيل الحياة الحزبية والسياسية. اصلاحات قانونية ورأى التجديديون ان الوضع يتطلب اصلاحات سياسية وقانونية جوهرية في مختلف المجالات هدفها ارساء قواعد حياة ديمقراطية حقيقية وتدارك الخلل المتعاظم في التوازن بين اجهزة الدولة والمجتمع وقالت المذكرة ان الاصلاحات تبدأ بـ. ـ اقامة حوار وطني واسع تشارك فيه كل القوى الوطنية والديمقراطية. ـ رفع التعتيم في التلفزة والاذاعة على احزاب المعارضة الديمقراطية وذكرت المذكرة ان احزابنا القانونية محرومة منذ سنوات من التعريف بمواقفها من خلال الاعلام الوطني. ـ تمكين المعارضة الديمقراطية من فضاءات التعبير العمومية مع قبول اكثر وانفتاح اكبر على الرأي الآخر. وتغليب الحوار والجدل لمعالجة الثغرات والسلبيات وذلك بغية حماية البلاد وتحصينها من الهزات. وطالبت المذكرة بتمكين الرابطة من عقد مؤتمرها في ظروف طيبة. وكانت هذه المذكرة محور نقاش بين حرمل وحلفائه في المبادرة الائتلاف الديمقراطي منذ مدة رغم ان هذه المطالب معروفة لدى الحزب منذ مشاركته والمبادرة الديمقراطية في الانتخابات التشريعية والرئاسية 2004. تكليف رئاسي وكان الرئيس زين العابدين بن علي قد كلف السيد زكرياء بن مصطفى رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية بمهمة يتولى في اطارها تقبل الاتصالات التي ترغب الاحزاب السياسية وغيرها مع مكونات المجتع المدني باجرائها والتباحث معها بشأن مشاغلها وتطلعاتها. (المصدر: القسم العربي بمجلة “حقائق”، العدد 1048 بتاريخ 26 جانفي 2006)
فــــي جلســــــة عامـــــــــــة – التمويل العمومي للأحزاب السياسية:
المصادقة على الترفيع في مقدار المنحة من 90 إلى 135 ألف دينار لكلّ حزب
النواب..: تعزيز للتعددية والتمشي الديموقراطي
تونس-الصباح صادق مجلس النواب عشية أمس على تنقيح قانون جويلية 1997 المتعلق بالتمويل العمومي للأحزاب السياسية وذلك بالترفيع في الجزء القار للمنحة المسندة سنويا لكل حزب من 90 ألف دينار إلى 135 ألف دينار. و ثمن النواب خلال النقاش القانون ومقاصده الرامية إلى دعم القدرات المالية للأحزاب السياسية. كما أثنوا على الرعاية التي يوليها رئيس الدولة لكل الأحزاب باعتبار دورها الأساسي في تنشيط الحياة السياسية في البلاد تكريسا للتعددية وضمانا لترسيخ الديمقراطية وتعزيز مقوماتها. وفيما أشاد النائب عمار الزغلامي (الوحدوي) بما جاء في القانون والاهداف التي جعل من أجلها، اقترح النائب عبد الملك العبيدي (الوحدوي) أن يتم تعميم إجراء التمويل العمومي للأحزاب السياسية على كل الأحزاب المتحصلة على تأشيرة وأن لا يكون حكرا على الأحزاب الممثلة في مجلس النواب، كما دعا إلى وضع آليات مراقبة جديدة لمتابعة مآل الأموال العمومية المسندة للأحزاب وكيفية صرفها معللا ذلك بما يصدر عن بعض رؤساء الأحزاب من «احتكار لهذه الأموال وتوظيفها لمآرب شخصية» على حد تعبيره. نفس المقترح تقدم به النائب محمد منجي كتلان (ح-د-ش) الذي دعا إلى تحجير التبرعات المسندة للأحزاب والمتأتية من الذوات المعنوية قصد منع التبرعات الخارجية أو المشبوهة ومزيد مراقبة كيفية التصرف في منحة التمويل العمومي حتى لا تكون حكرا على رؤساء الأحزاب. أما النائب محمد ثامر ادريس (التجديد) الذي وبعد أن ثمن إجراء الترفيع في مقدار المنحة السنوية المسندة للأحزاب دعا إلى رفـع ما أسماهـــــا بالتضييقـــات والعراقيل عن أنشطة الأحزاب السياسيـــــة». وعبر النائب محمد الهادي الوسلاتي (التجمع) عن أمله في أن تتفاعل الأحزاب السياسية بايجابيـة مع القانـون الذي من شأنـه أن يعطي دفعا جديــدا للديمقراطية. ورأى النائب عبد اللطيف المكي (التجمع) في تدخله وجوبية تنويه الأحزاب بإجراء الترفيع في مقدار التمويل العمومي معبرا في نفس الوقت عن «أسفه لما يجري داخل بعض الأحزاب من صراعات حول صرف الأموال في حين أنها مدعوة إلى صرف اهتمامها إلى تنشيط الحياة السياسية ولعب دورها في الحياة العامة». ونوه النائب الصحبي القروي (التجمع) بمضمون القانون والتمشي الرصين والصائب لرئيس الدولة في دعمه المادي والمعنوي للأحزاب السياسية بوصفها قوى وطنية فعالة حتى تمارس شؤونها بكل حرية ومسؤولية قاسمها المشترك ولاؤها لتونس. المصداقية السياسية وفي رده على تدخلات النواب أشار السيد زهير المظفر الوزير المكلف بالوظيفة العمومية إلى ما يوليه رئيس الدولة من رعاية واهتمام بالأحزاب السياسية مذكرا بمختلف المنح الأخرى المسندة إليها والتي كان آخرها الترفيع في مقدار المنحة المسندة للأحزاب عن كل نائب ممثل لها في مجلس النواب والترفيع في منحة التمويل المسندة لصحافة الأحزاب. وقال الوزير أن التمويل العمومي للأحزاب ليس موجودا في كل بلدان العالم فقد درجت العادة على أن الأحزاب تمول نشاطها بنفسها ولا دخل للدولة فيها، لكن وبغرض تحصين الأحزاب من الحصول على تمويلات خارجية أو مشبوهة تم في تونس الاختيار على التمويل العمومي وذلك كخيار سياسي وقد كان هذا التمويل متصاعدا وتم الترفيع فيه مرتين فقد كان بمقدار 60 ألف دينار ليرتفع حاليا إلى 135 ألف دينار. وبين الوزير أن فكرة ربط التمويل بالتمثيل النيابي جوهرية وأساسية وذلك ليكون للحزب حد أدنى من المصداقية السياسية لأن دون ذلك سيفتح الباب أمام كل مجموعة تشكل حزبا ليكون لها الحق في مطالبتها بالتمويل العمومي. أما بخصوص زيادة مراقبة المنح المسندة للأحزاب فقد قال أن كيفية صرف الأحزاب للتمويلات العمومية شأن داخلي لأنه يتم اعتبار كل حزب ناضج ويتم التعامل معه على أساس ذلك، مذكرا بدور دائرة مراقبة الحسابات التي لها صلوحية مراقبة التمويل العمومي للأحزاب ولديها خبرة في طريقة إجرائها مراقبة حسابات المال العمومي. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 27 جانفي 2006)
وزراء الداخلية العرب يبحثون في تونس مكافحة الارهاب
تونس (رويترز) – قالت الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ومقرها تونس يوم الجمعة ان وزراء الداخلية العرب سيبحثون في العاصمة التونسية يوم الاثنين المقبل سبل التنسيق الامني لمكافحة الارهاب. وبدأ مسؤولون امنيون عرب يمثلون وزراء الداخلية منذ يوم الخميس الجلسات التحضيرية للدورة التي ستناقش عددا من الموضوعات الخاصة بالتنسيق الامني بين البلدان العربية ومكافحة الارهاب. ويأتي التركيز على قضايا الارهاب في وقت تضغط فيه واشنطن على عدد من الدول العربية والاسلامية لمواجهة “التطرف والارهاب” الذي يهدد العالم العربي والغربي على حد السواء. ويتضمن جدول اعمال اجتماع الوزراء العرب الذي يستمر يومين “الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب واستراتيجية مكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية.” واضاف بيان الامانة العامة ان جدول الاعمال يتضمن ايضا مشروع القانون العربي النموذجي لمكافحة الفساد ومشروع القانون العربي النموذجي لمواجهة جرائم الاتجار بالاشخاص. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 27 جانفي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
اليسار وديمقراطية إقصاء الآخر في ثقافة العنف
الحلقة الثالثة ـ
حركة التجديد الماركسية اللينينية في تونس وثقافة الإقصاء:
من منطلق مبدئي ومرجعي كان على مختلف بطون طائفة اليسار عموما والماركسي خصوصا أن لا تجادل في الديمقراطية، وفي مفهومها السياسي والثقافي والعقائدي والمذهبي والإجتماعي والإعلامي. وأن لا تنازع أي جهة معلنة كفرها وعدم الإيمان وعدم الإعتراف بها إعلانا صريحا وواضحا مثلما تعلن عن ذلك النظرية الماركسية اللينينية بصراحة ووضوح .
والمؤكد أن الماركسيين والقوميين وحدهم هم الذين يلتقون مع بعض المتحجرين من العناصر في بعض التيارات الإسلامية في الحركة الإسلامية الذين قد تستشكل وتختلط عنهم الأمور أحيانا، والذين قد يتفهم بعض العقلاء والمراقبين موقفهم الرافض للديمقراطية الغربية المعاصرة، باعتبار أن الإسلام منهج مستقل في الحقيقة بذاته، ولكنه يلتقي معها في الكثير من القيم والمبادئ، فهو مستقل بذاته وسابق لها ،ولم يأتي كردة فعل عليها كما جاءت الماركسية على ذلك، وهم القائلون مثلهم بكفر الديمقراطية والديمقراطيين، وهم يختلفون في ذلك كذلك مع القائلين بها من الإسلاميين المعتدلين الوسطيين، وهم في الحقيقة الأكثر ديمقراطية والأكثر إيمانا وقبولا بها من منطلق مبدئي ومرجعي.
إلا أن الفرق بين التحجر اليساري الماركسي والقومي العربي والإسلامي المحسوب على الأصولية والسلفية الإسلامية ورموز ومفكري وعلماء التيار الإسلامي الأصولي السلفي الوسطي الواسع، هو أن هذا الأخير لم يكن قابلا بالديمقراطية تماما كما يقول بها الفكر الرأسمالي الليبرالي وكما هي واردة معانيها ومفاهيمها في الثقافة الغربية، ولم يكن رافضا لها و كافرا بها ككفر اليسار الماركسي والقومي العربي وكرفض التيار الإسلامي التكفيري المتحجر لها، ولكنه قابل ومؤمن بها قبولا وأيمانا نقديا عقلانيا، شأنه في ذلك شأن العقل الإسلامي المبدع على امتداد قرونا من الزمن. بما يجعلها منسجمة مع الفكر الإسلامي ومع الثقافة الإسلامية والنسق الحضاري الإسلامي والعقيدة الإسلامية. وبما يجعله مستفيدا من الفكر الإنساني والثقافة الإنسانية في غير تبعية ولا إلحاق ولا اندماج، يحدوهم في ذلك حرص على الجمع بين الإستفادة من الآخر المخالف والحفاظ على الأصول والثوابت والمقومات الشخصية الحضارية والثقافية والتاريخية والعقائدية لإبناء أمة العرب والمسلمين، ومحاولة وضع بديل ديمقراطي لاشرقي ولا غربي بين يدي الشعوب المستضعفة في العالم، مما جعلهم ملاحقين من التكفيريين من بعض العلمانيين ومن اليسار الماركسي والقومي العربي خاصة ،ومن بعض التكفيريين في الحركة الإسلامية ومن صناع الأنموذج الديمقراطي الغربي الأصولي العنصري.
نعم لقد كان كل هؤلاء التكفيريين يلتقون على تكفير الإسلام الوسطي المعتدل بالديمقراطية زعم قوله وقبوله بها، وبالإسلام رغم إيمانه والتزامه به واستقامته عليه، وبالعروبة رغم عروبة المنتمين إليه من أبناء أمة العرب وتقديس غير العرب من المسلمين لها من خلال تقديسهم للغة العربية التي هي لغة العرب وهي اللغة التي أرادها الله تعالى أن تكون لغة القرآن والذي أخبرنا أنها لغة أهل الجنة في الجنة بل يذهب هؤلاء إلى حد إضفاء القداسة على نفس العربي الملتزم بقضايا امة العربي والمسلمين من خلال الإسلام والفكر الإسلامي والشريعة الإسلامية القداسة ،وعلى تكفير المنتمين إليه بالديمقراطية على اعتبار أنها ليست من حق إلا العلمانيين، وليست ممكنة إلا في إطار الثقافة الغربية ،وهي التي لم تكن منشئة لها كذلك ولكنها كانت مطورة لها، وهي التي ليست في الحقيقة من ثقافة الغرب المعاصر، وليست ابنة الحضارة الغربية المعاصرة، ولكنها من الثقافة اليونانية، وابنة الحضارة الإغريقية. فكيف يحق لهؤلاء أن يقبلوا بحق الغرب في الإيمان والقبول بها وتطويرها، ولا يستطيعون أن يقبلوا بحق الإسلاميين في ذلك، وبحق العقل الإسلامي بتطوير ما استطاع العقل الغربي فعله و كما سبق لهذا العقل أن طور مختلف العلوم والفنون والمعارف والمناهج؟.
هذا الخلل البنيوي في العقل العلماني التكفيري الهجين، والعقل الإلحادي الماركسي و العقل العربي المنافق ،والعقل الإسلامي المتحجر، هو الذي عزز الإنشقاق و الإنقسام الإجتماعي سياسيا وثقافيا خاصة في أوساط النخبة في مختلف شعوب أمة العرب والمسلمين، وأصبح بأس هذه النخبة نفسها بينها شديد. ولقد كانت الشعوب والأوطان هي الخاسر الوحيد في هذا الصراع الذي يصل إلى حد القتل أو التناحر و الإقتتال أحيانا. وسيظل الرابح الوحيد في ذلك وبذلك هو الأجنبي المعادي في النهاية لهذه الشعوب والأوطان وهذه النخب جميعا. وهو الذي لا ولاء له إلا لأوطانه وشعوبه ونخبه ولا شيء يعلو على مصالحه ومجده.
فبعدم طلب العفو التشريعي العام، ومباركة المعالجة الأمنية للقضية الإسلامية وللملف الإسلامي في تونس العروبة والإسلام، واعتبار ذلك نجاحا للسلطة، وعملية إنقاذ للأوضاع بالبلاد والعودة بها إلى المسار الإصلاحي القديم، وبعد الرجوع إلى إظهار التخوف الدائم من عودة الأوضاع بها إلى ما كانت عليه قبل سنة 1990، والى حالة ثنائية الإستقطاب (سلطة معارضة إسلامية)، جاءت دعوة القرامطة الجدد نواب ما يسمى حركة التجديد التكفيرية صريحة في استثناء الإسلاميين والحركة الإسلامية ومواصلة تهميشهم، على خلفية أنهم ليسوا ديمقراطيين بناء على أنهم ليسوا علمانيين، وليسوا على الثقافة العلمانية، وليسوا ماركسيين وليسوا على الثقافة الماركسية اللينينية ، ولا يمكن لهم ذلك ولا حق لهم في ذلك حتى يكونوا علمانيين لائكيين قاطعين كل صلة لهم بالإسلام، إلا أن تكون صلة أو علاقة تقبل لهم بها الحركة العلمانية اللائكية المزيفة الهجينة في أوطان أمة العرب والمسلمين، والحركة العلمانية اللائكية الأصيلة في الغرب. فقد جاءت صياغة دعوتهم لممثلي تحالف7 نوفمبر من اليمين الدستوري، واليسار الماركسي والقومي العربي، في مجلس النواب الذي من المفروض أن يكون فيه ممثلي الشعب بكل انقساماته وشرائحه وأطيافه وفئاته، للموافقة على مطلب العفو التشريعي العام، و الإعتراف بالأحزاب غير المعترف بها على نحو مخجل، في قولهم”…كما ندعوا إلى فتح باب الإعتراف بأحزاب أخرى لكن ليس على أساس ديني من منطلق أن تونس بلد مسلم ومنطلق رفضنا توظيف المقدس في ما هو غير مقدس وتجنبا لما يمكن أن يفرضه الإعتراف بحزب على أساس ديني من مخاطر التكفير ونسف المكاسب…”1 .
انه لمن المفارقات الغريبة حقا، ومن العجب العجاب، ومن الصفاقة المفرطة التي عليها أصحاب هذا المنطق “العقلاني” الأحمق من بعض العناصر في الحركة العلمانية والإلحادية الهجينة في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، أن يصبح إسلام البلدان والشعوب حجة عليها وعلى حركاتها الإسلامية الأصيلة في ممارسة حقها الطبيعي في محيطها الطبيعي في النشاط السياسي بكل تلقائية وحرية، وحجة للملاحدة والعلمانيين بكل “عقلانية” وواقعية لمنع قيام أحزاب إسلامية فيها على أساس ديني كما يقولون ،وهم الذين كان لهم منطق آخر في البلدان الشيوعية التي كانت لهم عليها السيطرة الكاملة، وكانوا أصحاب النفوذ المطلق فيها ،حيث لا يسمحوأ بغير قيام الأحزاب الشيوعية بل بغير الحزب الشيوعي الواحد في كل بلد منها بعد إعلان شيوعيته وفرض الشيوعية على الشعوب من طرف الشيوعيين فقط ، وفي البلدان الديمقراطية التي لا يسمح العلمانيون كذلك لغير الأحزاب العلمانية الديمقراطية بالوجود والنشاط السياسي فيها. وإذا كانت العلمانية الليبرالية ـ وهي الأكثر اعتدالاـ تقبل بوجود أحزاب وتنظيمات يسارية اشتراكية وشيوعية، فأن الأنظمة الشمولية اليسارية في المعسكر الإشتراكي والشيوعي سابقا لا تؤمن بالتعددية الحزبية، ولا تسمح بوجود حتى الأحزاب والتنظيمات الإشتراكية والشيوعية فضلا على أن تكون ليبرالية ديمقراطية أو إسلامية أو على أي أساس آخر.
لماذا تصبح هذه القاعدة العقلانية والمنطقية والموضوعية استثناء كلما تعلق الأمر بالإسلام وبالمنهج الإسلامي وبالنظام سلامي؟.
وبهذا المنطق الذي هو منطق العلمانية الهجينة والأصيلة على حد سوى ومنطق، الإشتراكية والشيوعية الملحدة، واستنادا إلى هذه القاعدة العقلانية ،فانه لا يحق ولا يصح لهذه الأحزاب والتنظيمات والتيارات والفصائل والشخصيات، ولكل مكونات الحركة العلمانية اللائكية من أن يكون لها وجود شرعي قانوني في البلاد الإسلامية، ولا يحق كذلك للأحزاب العلمانية الليبرالية الديمقراطية أن تنشط في البلدان الإشتراكية والشيوعية، ولا يصح أن يكون لها فيها وجود. كما لا يحق للأحزاب والتنظيمات اليسارية عموما، أن يكون لها وجود في البلدان الرأسمالية الديمقراطية.
وأما إذا ما طبقنا القاعدة القائلة بحق الأحزاب والتنظيمات اليسارية والليبرالية في الوجود السياسي والثقافي والفني وغيرها من الأنشطة في البلاد الإسلامية، فان هذه التنظيمات والأحزاب نفسها هي التي لا يجوز لها الوجود السياسي في البلدان التي أصبحت اشتراكية أو شيوعية أو ليبرالية رأسمالية، ولا يحق لها النشاط فيها، ويصبح وجه الصواب في هذه الحالة متمثلا في أحقية الوجود القانوني والشرعي للأحزاب والتنظيمات السياسية الليبرالية الديمقراطية في البلدان الشيوعية والإشتراكية والإسلامية، وعلى أي أساس آخر، إلا أن تكون يسارية أو إسلامية.
وفي أحقية الحزب أو التنظيم الإشتراكي وحده في الوجود القانوني والشرعي في البلدان الليبرالية الرأسمالية والإسلامية، ومنع كل الأحزاب والتنظيمات الديمقراطية الليبرالية والإسلامية وعلى أي أساس آخر من الوجود .
وفي أحقية الأحزاب والتنظيمات والفصائل والتيارات الإسلامية وحدها في الوجود القانوني والشرعي في البلدان الشيوعية والإشتراكية والرأسمالية ،ومنع كل الأحزاب والتنظيمات اليسارية والليبرالية الديمقراطية وعلى أي أساس آخر من الوجود كذلك.
هذه هي العقلانية لمن يريد منطق العقل، وهذه هي الواقعية والموضوعية لمن يريد منطق الواقع والموضوعية. إلا أن تكون العقلانية والموضوعية والواقعية على خلاف مقتضيات العقل والموضوع والواقع، وبحسب ما تكون عليه الأهواء والعواطف والرغبات، أو منطق القوة والغلبة والقهر.
أما إذا ما اعتبرت هذه الجهات والأطراف أن المقاربة لاغية من أساسها ،لأن الإسلام دين والشيوعية و الإشتراكية والرأسمالية مناهج سياسية، ولا تصح المقاربة بين هذا وتلك، فإننا نقول لأصحابها،بأنه لنا عقولنا ولكم عقولكم و أنه لنا بذلك رأينا و لكم رأيكم، ولنا فهمنا ولكم فهمكم. وأن الخبراء وأصحاب النظر العقلي من أمثاال جورج بوردو يؤكدون من خلال فهم عقلاني وفلسفي للفكر السياسي والفلسفة السياسية، أن كل هذه المناهج هي في النهاية أديان. وهي التي لها أصولها في عقائد وأديان أهلها، بما يجعل المقاربة بينها وبين الدين الإسلامي ممكنة وصحيحة.
وإذا كان واضح لنا من خلال النقل والتنزيل والعقل والتأويل والتاريخ، أن الإسلام منهج سياسي، ومذهب اقتصادي، ونظام اجتماعي، فان مقاربته بالمناهج السياسية الأخرى تصبح كذلك صحيحة.
ثم ألا يكون منطق نواب التجمع في حركة التجديد اليسارية الآخذة مكانها على يمين الرئيس بن علي مبررا كافيا للأنظمة الإسلامية والحركات الإسلامية للقول بعدم جواز قيام أحزاب على غير أساس ديني أي على أساس علماني والحادي في بلاد المسلمين لما يمكن أن ينجر عن ذلك من مخاطر التكفير ونسف المكاسب؟.
أليس فسح المجال للحركات والأحزاب العلمانية والإلحادية في البلاد الإسلامية، وعلى أساس من فصل الدين عن الدولة التي هي بدعة استعمارية تجد لها أصلا في الأناجيل المحرفة، وهي التي على أساسها قامت الثقافة الغربية، وهي التي لا أصل لها في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي تاريخ و ثقافة العرب والمسلمين، وعلى أساس من الإلحاد، هو التكفير بعينه. وهو تكفير ممنهج ومنظم لكل شعوب هذه البلدان. وإخراج متعمد لها من عقيدتها، وصرف لها عن هويتها، وقتل لذاكرتها، وإلغاء لثقافتها، وهدم لتراثها، وتدمير لخصوصياتها التاريخية والحضارية ؟
أليس تكوين الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية العلمانية واللائكية في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين من قبل الأنظمة العلمانية وحتى التقليدية هو اعتداء على هذه الأوطان وتكفير صريح لهذه الشعوب؟.
وهل ثمة نسف للمكاسب أكبر من هذا النسف، وهل ثمة أخطر من هذا الإغتصاب الذي تمارسه النخبة العلمانية والملحدة من خلال السلطة ومن خارجها بتعاون مع الأجنبي على شعوب هذه البلدان؟
وهل ثمة أخطر من هذا الهدم للقيم والمبادئ وهذا النسف للمكاسب وهذا التكفير والإغتصاب للشعوب؟
فعن أي ديمقراطية تتحدث اليوم هذه الجهات والأطراف التكفيرية اللاديمقراطية ؟وعن أي حرية تتحدث وهي التي جعلت من ثقافتها التناقض في المواقف والإلغاء والإقصاء والإستثناء والإستئصال ؟و عن أي عقلانية تتحدث النخبة العلمانية والملحدة ،وهي التي تحتكر العقل والعقلانية ،وكأن غيرها من النخب المخالفة لها والمختلفة معها لا عقل ولا عقلانية لها ؟
فكان ينبغي أن تعلم أنها إنما تجعل نفسها بذلك في موقع عدم احترام الآخرين لها، وهي التي كان ينبغي أن تراجع مواقفها ومناهجها وخطابها وثقافتها ،خاصة بعد ما انتهت إليه من إخفاق وفشل ذريع في التمكين لمشروع الحداثة، وفي إحداث نقلة نوعية في حياة أوطان وشعوب الأمة .
وكان ينبغي أن تعلم أن نهج القطيعة الإيبستيمولوجية أو المعرفية الذي سلكته وجعلت منه خيارا استراتيجيا تأسيسا لثقافة الهدم، هو نهج خاطئ يقتضي من أصحاب العقل النير والعقلانيين والعلميين والواقعيين الموضوعيين والجادين والأحرار والصادقين أن يخضعوه للمراجعة لما ألحقهم به من ضرر، ولما ألحقوا الشعوب والأوطان به من ضرر وخسارة، وإهدار للوقت والإمكانيات والطاقات وتفويت للفرص .
وكان ينبغي كذلك أن يكون التنافس في المجال الثقافي والإقتصادي والسياسي والإجتماعي في إطار الثقافة العربية والإسلامية باتجاه تطويرها والإرتقاء بها إلى مستوى الثقافات المتطورة الأخرى. وليكون ذلك على أسس ومناهج مبتكرة وبأساليب جديدة. يكون الإتفاق فيها على ما يجب أن يكون عليه من الثوابت والمستقرات، وعلى ما يجب وما يمكن أن يكون عليه من المتغيرات. وأمام نخبنا المختلفة اليوم من الإمكانيات ومن الأساليب والمناهج والآليات والآفاق ما ليس لمن سبقهم من علماء ومفكري ومجتهدي ومبدعي الأمة في مختلف العلوم والمعارف . 1 ـ جريدة الطريق الجديد عدد 44 ديسمبر 2005 . بقلم :علي شرطاني قفصة تونس
حركة 18 أكتوبر: تحديات و انتظارات
الحملة المسعورة على حركة 18 أكتوبر تؤكد صحة خياراتها
محمد القوماني لا شك أن النجاح الذي حققته حركة 18 أكتوبر إلى حد الآن في الداخل والخارج، وما خلقته من زخم نضالي و تعاطف واسع ، و ما فتحته من آفاق واعدة ، أعادت للمعارضة حيويتها و جعلتها تمسك بزمام المبادرة بعد حالة الإحباط التي بدأت تتفشى في أوساط النخب الناشطة عقب هجمة السلطة خلال الأشهر السابقة لإضراب مجموعة قادة الأحزاب و الجمعيات. هذا النجاح جعل السلطة تضاعف من جهودها و تعدد أساليبها في مواجهة هذه الحركة، خاصة بعد إخفاقها الإعلامي الواضح خلال قمة مجتمع المعلومات . و هذا ما يفسر استهداف بعض رموز حركة 18 أكتوبر و في مقدمتهم الأستاذ أحمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي اعتبارا لخصوصية موقعه ، بحملات إعلامية تشويهية بلغت حد الإسفاف و التردي الأخلاقي و السياسي ، بما يعنيه ذلك من تعبير عن الإفلاس و العجز عن المواجهة السياسية التي فرضتها حركة 18 أكتوبر، أو عبر اتهام الحركة بالارتهان للخارج والاستقواء بالسفارات الأجنبية، أو عبر التخويف من عواقب التحالف مع الإسلاميين و استعادة القاموس الممجوج في و صف هذا التيار و التشهير به، أو عبر التشجيع على تشكيل تحالفات مضادة لحركة 18 أكتوبر لا تستمد برنامجها من بواعث ذاتية و مطالب و مقترحات في مواجهة سياسات الحكم المختلفة ، بقدر ما تستمد بواعث تأسيسها من مواجهة طرف آخر في المعارضة أو عبر تسخير بعض الأقلام في الصحف الصفراء للترويج لمثل هذه التحالفات و الدعاية لها مقابل الافتراء والدسّ و المغالطة و التشويه لحركة 18 أكتوبر و مكوناتها، في صيغ محتقتة و حملات مسعورة تذكر بأجواء الحقبة المظلمة من تسعينات القرن الماضي . و إذا كانت كل هذه المؤشرات دلائل إضافية على صحة توجه حركة 18 أكتوبر و جديتها وتدشينها لمرحلة نوعية في تاريخ المعارضة التونسية ، فإنها لا تكفي و حدها لاستنتاج أن هذه الحركة حققت المنعرج المطلوب في علاقة المعارضة بالسلطة. و لا تعفي القائمين عليها و المساندين لها والمتعاطفين معها من تحديد دقيق للتحديات و طرح الأسئلة الصحيحة و الإجابة الواضحة عليها بما يستجيب لانتظارات جمهور واسع من التونسيين بالداخل و الخارج يتطلعون بشغف إلى مستقبل هذه الحركة الواعدة . فالهيئة الوطنية لحركة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات ، بعد النجاح الذي حققته في صفوف الجاليات التونسية بالعواصم الأوروبية التي زارتها عقب إنهاء الإضراب عن الطعام ، مدعوة إلى التعجيل بتنفيذ برنامجها في جولتها الداخلية بالجهات و المدن المختلفة لتأكيد الأرضية التي تأسست عليها و دعم رصيد الثقة التي تحظى به و التشاور في الصيغ العملية المقترحة للنضال من أجل تحقيق الأهداف الثلاثة التي رفعها المضربون وحظيت بإجماع حولها، وهي حرية التنظم و حرية الإعلام وإطلاق المساجين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام. وفي هذا السياق يتعين أيضا تعميق الحوار حول شروط تطوير هذه الحركة في اتجاه أوسع و أعمق بما يستجيب لاحتياجات المعارضة التونسية وتطلعات المجتمع في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا و تشكيل لجان جهوية أو محلية على ذات الأرضية و الأهداف التي قامت عليها الهيئة الوطنية ، تعمل بالتنسيق و التكامل اللازمين لإنجاح المبادرة . وهيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات باعتبارها إطارا جامعا و آلية للتنسيق بين ممثلي الأحزاب و التيارات السياسية و فعاليات المجتمع المدني و المستقلين ، تقع عليها مسؤولية و ضع برنامج تفصيلي و رزنامة محددة لتعميق الحوار بين مختلف الأطراف حول القضايا الأساسية التي يقتضيها الانتقال الديمقراطي ببلادنا، سواء ما يتصل بعلاقة أطراف المعارضة ببعضها البعض آنيا و مستقبلا أو ما يتصل بعلاقة المعارضة بالسلطة، بما يؤمن مستقبلا سياسيا أفضل لتونس ويضمن النظام الديمقراطي خيارا لا رجعة عنه بالنسبة للأ جيال الحاضرة و القادمة . فالمطالب الثلاثة المرفوعة لئن أكدت النهج الإصلاحي لحركة 18 أكتوبر و بدت مقنعة و معبئة وحازت على دعم واسع من النخب من مختلف الاتجاهات و القطاعات، فإنها تحتاج في المرحلة القادمة إلى أن تتوسع إلى برنامج يختزل المطالب الأساسية للإصلاح السياسي العاجل الذي تحتاجه بلادنا ، أي برنامجا للنضال من أجل الانتقال الديمقراطي و ليس برنامجا للحكم لا تطرحه المرحلة الحالية ، برنامجا يراعي الأولويات و يقدّر الإمكانات الحقيقية للمعارضة و يستجيب لتطلعات أوسع للنخب و يعبئ الطاقات المختلفة في المجتمع من أجل حمل السلطة على الاعتراف بحقوقنا التي تبدو المرحلة مناسبة لها أكثر من أي وقت مضى، و يبدو المناخ الإقليمي و الدولي مساعدا عليها كما لم يتوفر من قبل . و من جهة أخرى فان ” منتدى 18 أكتوبر ” المعلن “كفضاء للحوار بين مختلف الحساسيات الفكرية و السياسية التونسية حول القضايا الأساسية التي يقتضيها الانتقال إلى الديمقراطية في بلادنا ” تشد إليه الانتظارات باعتبار ما عهد إليه من مهّمة صياغة عهد ديمقراطي يحدد الضوابط المرجعية والسياسية و الأخلاقية التي تؤمن الحقوق و الحريات في كل الظروف و توضح أركان المجتمع الديمقراطي و النظام السياسي الذي يكفله و تبين الاستتباعات الداخلية و الخارجية لهوية تونس العربية الإسلامية . و تلك مهمة على غاية من الأهمية لا نبالغ إذا قلنا إنها ترتهن مستقبل الحركة . مهمة تتطلب قدرا عاليا من المسؤولية و الرؤية البعيدة و الثقة المتبادلة ووضوح الأهداف و عمق النظر. و ما ذلك بعزيز على مكونات حركة 18 أكتوبر التي تدرك أكثر من غيرها ربما، طول انتظار التونسيين لتوحّد النخب النشيطة حول مطالب جامعة و برنامج عمل مشترك، ووقع مثل هذه الخطوة عليهم . غير أن تلك الخطوة على أهميتها، تظل محدودة و بلا فاعلية إذا لم تتوفق الأطراف المكونة لحركة 18 أكتوبر إلى وضع الآليات العملية لاتخاذ القرار الملزم للجميع، و إذا لم تتوسع لتضم أطرافا أخرى ربما ما زالت مترددة أو متحفظة ، بما يرسم صورة متكاملة عن معارضة تونسية ناضجة و موحدة و ذات برنامج، وبما يؤهلها عمليا لعقد المؤتمر الوطني للمعارضة الذي تدعو إليه أطراف عديدة منذ سنوات . و هنا لا يمكن تجاهل الخلافات الحقيقية و الانقسامات الحاصلة و المتوقعة في صفوف كل المحسوبين على المعارضة ، و هو وضع لا يمكن تجاوزه إلا عبر صراع سياسي علني و شفاف يتم الاحتكام فيه للرأي العام من أجل تحديد عنوان المعارضة و شرعية التحدث باسمها بعيدا عن كل صيغ الإقصاء و التخوين و التكفير و الاستئصال . فإذا كان الخلاف أمرا طبيعيا ، و إذا أخذنا مختلف الأطراف على أصل حسن النوايا ، فان ذلك لا يعني تعطل الأعمال بسبب الخلاف، و لا مصادرة المطلوب بالتذرع بالمرحلية، و لا تضييع الوقت وعدم رفع التحدي في اللحظة التاريخية المناسبة و حسم الأمور ديمقراطيا بحثا عن إجماع متعذر و جريا و راء السراب. تلك تحديات نرى أن حركة 18 أكتوبر لا يمكنها تجاهلها أو القفز عليها و أن الصواب في مواجهتها ورفعها باقتدار، و في الوقت المناسب . وهي أهل لذلك . و قبل ذلك و بعده يهمنا أن نؤكد أن وطنية رموز حركة 18 أكتوبر، و انخراط المؤسسين لها في النضال الوطني و القومي، و انحيازهم للجماهير و لمصالحها، و صبرهم و جلدهم و مسكهم على الجمر طوال السنوات الماضية التي تساقط فيها الكثير، و المجد الذي سطروه بتضحياتهم وإخلاصهم ، أقوى من أن تنال منها دعاية من لا مصداقية لهم في تقديم دروس في الوطنية والاستقلالية . و أن الدفاع عن حق التونسيين جميعا دون استثناء من إسلاميين و شيوعيين و ليبراليين و قوميين و دستوريين و غيرهم ممن لا يسعهم هذا التصنيف ، قيمة نبيلة و نهج وطني و توجه ديمقراطي، لا تنال منه تشكيكات من يوجهون رسائلهم إلى الحكم أو إلى الدوائر الغربية ، بالتقرب و التزلف وعرض الخدمات ، وتقديم أنفسهم معارضين أشاوس لـ” الرجعية ” و ” الاستبداد القادم ” و ” منابع الإرهاب” و ” التحالفات اللامبدئية ” و أوصياء على” الديمقراطية و التقدمية ” ، مع أن التاريخ القريب و البعيد لا يشهد لهم بجدارة على هذا الصعيد و لا يؤشر على مستقبل لهم فيما يدّعون. {و أما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }. (المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 343 بتاريخ 20 جانفي 2006)
في الذكرى الستين لاتحاد الشغل : آمال و انتظارات العمال
محمد الحمروني يحتفل الشغالون هذه الأيام بستينية الاتحاد العام التونسي للشغل وسط تزايد حدة الانتقادات للمنظمة من الداخل و الخارج ، ووسط تباين الآراء حول حقيقة الدور المنوط بعهدتها في هذه المرحلة . وتطرح في هذا الشأن العديد من الأسئلة مثل : ما الذي يمكن أن تقوم به المنظمة للوقوف في وجه العولمة واستكبار راس المال ؟ هل على المنظمة الشغيلة أن تشارك في وضع التصورات المجتمعية ، آم أن دورها يقتصر فقط على الدفاع عن بعض المطالب الجزئية للعمال ؟ وفي هذه النقطة ما هي الحدود الفاصلة بين السياسي و النقابي ومن ثمة الإيديولوجي ؟ هل التفكير في حزب عمالي هو الحل لتجنيب العمل النقابي أي توظيف سياسي ؟ تلك هي بعض من هموم الساحة النقابية وهي تحتفل بالستينية ، ولكي يكون الاحتفال بناء ومن اجل البناء ، كان لا بد من أن نلامس، إلى جانب الإيجابيات التي حققها الاتحاد، بعض المشاغل و المصاعب التي تؤرق المناضلين النقابيين ، بعيدا عن روح التشاؤم المحبط أو التفاؤل المفرط . وللإطلاع على مختلف الآراء حول هذه المسائل حاورت “الموقف” بعض الوجوه النقابية البارزة . وللحقيقة نقول أننا وجدنا صعوبة كبيرة في تناول مختلف هذه المسائل لسببين : 1 – إصرار البعض على ألا يرى إلا الجوانب التي تخدم مصلحته ، فالذي يساند لا يرى في عمل الاتحاد إلا الإيجابيات و الذي يعارض لا يرى إلا السلبيات . 2 – هذا بالنسبة لمن قبل الحديث معنا أما البقية فان اغلبهم رفض ذلك ، خاصة إذا سألناه عن السلبيات التي يراها في عمل الاتحاد . و قال السيد عبد النور المداحي في تصريحات للموقف ” ياتي احتفال الاتحاد بالستينية وسط متغيرات دولية و إقليمية هامة ووسط تقلبات كبيرة تعيشها اكثر الاقتصادات تأثيرا على بلادنا ،وهو ما جعلنا نشاهد إقبالا كبيرا من مختلف القوى العاملة بالبلاد و خاصة الشبابية منها و النسوية ، مما أسعدنا كثيرا و نحن نستقبل عقدا جديدا من العمل النقابي بالبلاد”. وعن أهم المعوقات التي لا زالت تعترض العمل النقابي قال المداحي ” هي بلا شك إصرار عدد كبير من أرباب العمل و أصحاب المؤسسات على منع العمال من الانخراط في العمل النقابي ” . وأضاف أن هذا الموقف نابع بلا شك من سوء فهم كبير لطبيعة العمل النقابي و الذي يهدف في الأصل إلى الدفاع عن مصلحة المؤسسة و العامل . و شدد المداحي على أن الستينية تترافق مع عودة الرغبة الجامحة لتحمل المسؤوليات النقابية والالتفاف حول المنظمة الشغيلة . و عن أهم المعوقات التي مازالت تعترض عمل الاتحاد قال المداحي أنها بلا شك الصعوبات التي يلقاها النقابيون وممثلي العمال في مؤسساتهم و التي تصل بأغلبية كبيرة منهم إلى الطرد إلى جانب الفصل 6-4 الذي يحد من ترسيم العمال . و أثنى الأمين العام المساعد على المجهودات التي تبذلها كل الأقسام للدفاع عن مصالح الشغالين . و ختم بالتأكيد على ضرورة أن تبذل المنظمة مجهودات اكبر لمزيد تحسين أداء الاتحاد إن كان على مستوى الهيكلة آو الإعلام أو النشاطات التي تهم الشباب أو المرأة كما شدد على ضرورة أن يتم التركيز أكثر على التكوين والرسكلة و جعلها تقترب أكثر إلى مشاغل و هموم العمال اليومية . مجهود اكبر من جانبه قال السحيمي الكاتب العام لجامعة النسيج أن الاتحاد قدم خلال الستين سنة الماضية الكثير و لا يزال عليه أن يبذل مجهودات اكبر لتحقيق كل طموحات العمال . و أضاف انه يعتقد أن الاتحاد كان في الفترة الأخيرة في مستوى حجمه و تاريخه العريق و كان كما كان دائما في مواجهة التحديات ، فالاتحاد كما يرى تمكن من حل العديد من المشاكل رغم صعوبات الظرف الدولي و الظروف المحلية. و أكد هو أيضا على أن أهم المشاكل التي عرقلت وتعرقل العمل النقابي هي عدم المصادقة على الفصل 135 من الاتفاقية الدولية و عدم تفهم عدد كبير من الأعراف لمفهوم الحق النقابي و الدور الذي يقوم به ممثلو العمال في دورة الإنتاج . الشفافية و الديمقراطية من جانبه قال حسن عمران الكاتب العام المساعد لجامعة النسيج انه يعتقد أن النقابيين قائمون بواجباتهم و لكن المشكل في الطرف المقابل ، الأعراف و السلطة ، الذين لا يتفهمون طلبات وحاجات العمال . و عن النقائص التي يعاني منها العمل النقابي الآن قال عمران أولا يجب مزيد تطوير العقلية الديمقراطية ، فالديمقراطية ليست انتخابات فقط بل هي ممارسة يومية . كما اعتبر عمران أن العمل النقابي داخل الاتحاد بحاجة إلى مزيد من الشفافية و من تشريك للعمال سواء في لادارة أو اخذ القرارات . و اعتبر أن العمل الإعلامي داخل الاتحاد بحاجة إلى مزيد التطوير وطالب بإحداث مرصد إعلامي سمعي بصري خاص بأنشطة الاتحاد . و عن التحديات التي ينتظر أن يواجهها العمل النقابي في المستقبل قال عمران هي بالتأكيد الحد من المخاطر التي تواجه سوق العمل التونسية بسبب تقلبات السوق العالمية وبسبب تهرب أرباب العمل من مسؤولياتهم الوطنية و شدد على أن الكثير من أصحاب العمل اصبحوا يفضلون إعلان إفلاس مؤسساتهم والتوجه إلى السوق الصينية آو التركية أو غيرها يملؤون منها محالهم مثلما حصل مع نومام وفنطازيا على حد قوله . أريحية مالية و ليست نضالية من جانبه قال السيد رشيد النجار في تصريحات لجريدة “الموقف” أن الفريق الحالي يفتخر بأنه نجح في خلق مناخ عمل إيجابي ولكن يجب الاتفاق ، حسب رأيه ، على معنى الاستقرار و المناخ الإيجابي . و تابع قائلا أن الأريحية التي توجد عليها الآن هياكل الاتحاد هي أريحية مالية بسبب الدعم و المنح الكبيرة التي تقدمها الدولة للمنظمة الشغيلة إلى جانب ما تقدمه هياكل و منظمات دولية للاتحاد . و أضاف أن هذه الأريحية التي يشعر بها النقابيون ليست أريحية نضالية أو بسبب تحقيقهم لمشاغل و طموحات وتطلعات العمال إنما بسبب حالة الترف التي أصبحت عليها بعض الهياكل النقابية . و عن الفريق الحالي قال النجار إنه يمثل تواصلا لمسار السحباني مع شيء من التجميل و هو لا يمثل عملية إصلاح جوهري فالمجموعة التي تسمى ” بالتصحيح ” حافظت بنسبة تفوق ال95 في المائة على مجموعة السحباني . و عن أهم الصعوبات التي يتعرض لها العمل النقابي قال النجار انه يخشى أن هذا العمل مهدد بالموت مع موت القطاع العام، فليس هناك عمل على بث روح جديدة من الشباب ومن الأعداد الكبيرة من العمال في القطاع الخاص . و أشار إلى أن جامعات مثل جامعة النقل كل أعضائها من المتقاعدين و كذا الأمر بالنسبة للمعاشات والسياحة . و رفض النجار فكرة تحويل العمل النقابي إلى وظيفة و قال أن العمل بالاتحاد اصبح فيه رتب و موظفون و مديرون و امتيازات في الوقت الذي نجد فيه أن القانون الأساسي و النظام الداخلي ينصان على أن الأصل في العمل النقابي هو التطوع . و أضاف ” أصبحنا نرى مناضلين ” موظفين ” تركوا قطاعاتهم و لم تعد تربطهم بها أية صلة ” و تابع أن عددا كبيرا من المناضلين تركوا وظائفهم و أعمالهم وتفرغوا للوظيفة في الاتحاد . حزب عمالي و عن الجدل الدائر منذ مدة عن تفكير الزعيم النقابي الراحل الحبيب العاشور في وقت ما في تكوين حزب عمالي قال النجار أن هذا صحيح و أن عاشور طرح الفكرة مرتين الأولى سنة 1981 و الثانية سنة1984 خلال الكلمة التي ألقاها في المجلس الوطني . ولكن الفكرة لقيت معارضة قوية من طرف مجموعتين مؤثرتين حينها . واعتبر النجار أن الفكرة تعود أصلا إلى الزعيم فرحات حشاد الذي اقترح تكوين مثل هذا الحزب في اجتماعات سنة 1952 ثم قام احمد بن صالح بعد موت حشاد بتبني الفكرة . و عن المستقبل قال النجار لا أرى أي مستقبل للعمل النقابي في ضوء غياب القطاع الخاص عن الاتحاد وهو الذي يمثل 70 % من سوق الشغل و في ضوء التفويت والخوصصة التي يعرفها القطاع العام . عدم مواكبة التحولات و في سياق متصل قال محمد الهادي التواتي الأمين العام المساعد الأسبق في رسالة بتاريخ 20 جانفي 2006 أن الهيئة الحالية تفتقد للشرعية و قال أن أموال الطبقة الشغيلة تبذر في غير المواطن التي يجب أن تنفق فيها … . و قال عن المؤتمرات أنها لا تزال مفبركة و أن عدد المنخرطين بقي سريا لا يعلمه أحد بما يمكن البعض من التحكم في النيابات كما أن الإطلاع على الميزانية بقيت من المحرمات . أما الممارسة الديمقراطية فبقيت شعارا و أن العمل النقابي اصبح يركز اكثر على الندوات و السفرات إلى الخارج و الاحتفال بالذكريات و الاجتماعات الرسمية عوض الاتصال المباشر بالقواعد العريضة التي هي أساس العمل النقابي المناضل . وشدد التواتي على العزوف الذي تعرفه القواعد عن العمل النقابي و عدم تطوير القوانين الأساسية لتواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية و السياسية . وفي النهاية اعتبر التواتي أن الاتحاد يمر بفترة صعبة وهو في حاجة إلى إعادة النظر في أكثر من نقطة حتى لا يجد نفسه في طريق مسدود . (المصدر: صحيفة “الموقف” الأسبوعية، العدد 344 بتاريخ 27 جانفي 2006)
فوز حماس يؤكد خدمة الديمقراطية للإسلاميين
تمحور اهتمام الصحف الأميركية الصادرة اليوم حول فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية, فناقشت الدروس التي يمكن استخلاصها من ذلك وتداعياته على عملية السلام في الشرق الأوسط, كما تساءلت عما إذا كانت الديمقراطية في الشرق الأوسط في خدمة الإسلاميين. خطوة عملاقة إلى الخلف
تحت عنوان “في الشرق الأوسط: خطوة عملاقة إلى الخلف” قالت صحيفة نيويورك تايمز في افتتاحيتها إن مزاعم المتشددين الإسرائيليين بمن فيهم أرييل شارون منذ 20 سنة بأنهم لم يستطيعوا الحصول على شريك مهتم بالسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو قادر على ذلك كانت دائما محل نقاش, لم تتأكد قبل فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة. وحاولت الصحيفة تحديد أسباب هذا الفوز, فذكرت في مقدمتها الفساد المستشري في حركة فتح وغياب النظام وتفشي البطالة, فضلا عن عجز الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن فرض سيطرته على السلطة الفلسطينية ذاتها. كما قالت إن على المتشددين الإسرائيليين أن يوجهوا اللوم لأنفسهم كذلك, مشيرة إلى أن عباس الذي يؤكد الجميع أنه شريك أكثر براغماتية من سلفه ياسر عرفات لم يتنازل له شارون عن أي شيء يمكنه إقناع الفلسطينيين بأنه إنجاز خاص به. وختمت الصحيفة بالقول إن على حماس الآن أن تختار بين الإمساك بزمام الحكم وتأمين الكهرباء والماء والتعليم والدولة المستقلة لشعبها المنهك وبين مواصلة حملتها الرامية إلى تدمير إسرائيل. وتحت عنوان “الفلسطينيون يختارون عدو إسرائيل اللدود” قالت صحيفة يو إس أي توداي إن فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الأخيرة يبعث على التشكيك في مصير عملية السلام في الشرق الأوسط . ونقلت الصحيفة عن الدبلوماسي الأميركي السابق إدوارد أبنغتون -وهو مستشار حالي للسلطة الفلسطينية- تخوفه من أن يؤدي هذا الفوز إلى تنامي مشاعر الكراهية بين الفصائل الفلسطينية, مما قد يؤدي إلى حرب أهلية في فلسطين, ستمتد في الغالب إلى إسرائيل. وقال أبنغتون “إن هذه النتيجة ليست جيدة بالنسبة لإسرائيل, لكنها انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة”. وفي نفس السياق اعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن هذا الفوز سيعقد جهود السلام في الشرق الأوسط. حماس متفاجئة بمدى انتصارها تحت هذا العنوان قال تلورا كينغ في صحيفة لوس أنجلوس تايمز إنها لا تعتقد أن من بين من فاجأهم مدى فوز حماس من هو أكثر اندهاشا من حركة حماس نفسها. واعتبرت الصحيفة أن حماس توجد أمام مأزق حقيقي, إذ لو حاولت إرضاء مؤيديها الأكثر تطرفا عن طريق التمسك بخطها الرامي إلى تدمير إسرائيل, فإنها قد تقوض التأييد الدولي لإنشاء الدولة الفلسطينية, والذي لم يحصل عليه إلا بشق الأنفس, ولو جعلت موقفها أكثر اعتدالا وألغت مبدأها التأسيسي القائم على تدمير إسرائيل, فإنها قد تفقد قاعدتها المناضلة. وعن الخط الذي ستنتهجه إسرائيل بعد هذه النتائج كتب غريغ ماير في نيويورك تايمز تعليقا قال فيه إن الإسرائيليين أصيبوا بالدهشة بسبب اكتساح حماس للمجلس التشريعي الفلسطيني, لكن هذا ربما أيضا وضعهم في لحظة نادرة من الوضوح مع الذات, إذ في غياب المفاوضات ستواصل إسرائيل أعمالها الأحادية الجانب المتمثلة في رسم الحدود وعزل أنفسهم عن الفلسطينيين. وذكر ماير أن الخبراء يعتقدون أن إسرائيل تتمتع الآن بحرية أكبر لتحديد مستقبلها بنفسها, بما في ذلك تسريع بناء الجدار العازل. ونقل عن شلومو آفينيري الأستاذ في الجامعة اليهودية قوله إن الخلافات بين الفريقين أصبحت أكثر عمقا, كما أن فرص المفاوضات أصبحت أبعد من ذي قبل, مما يعني أنه لم يبق أمام الإسرائيليين سوى اتخاذ خطوات أحادية الجانب”. الديمقراطية والإسلاميون تحت عنوان “هل تعزز الديمقراطية موقف الإسلاميين؟”, قالت صحيفة كريستيان ساينس مونتور إن الاقتراع الفلسطيني كان نصرا للديمقراطية, بنفس القدر الذي كان فيه نصرا لجماعة متطرفة ترفضها الولايات المتحدة. وأشارت إلى أن اختيار الفلسطينيين لحماس ورفضهم لفتح التي تؤيدها أميركا وضع إدارة بوش في موقف حرج للغاية. وأضافت الصحيفة أن السؤال الذي يطرح نفسه بعد هذه الانتخابات هو: هل حملة بوش للديمقراطية تعزز فرص وصول إسلاميي المنطقة إلى الحكم في بلدانهم المختلفة؟ ونقلت عن آرثر هيوز -وهو نائب سابق لأحد وزراء الخارجية الأميركية- قوله إن هذه النتائج مدعاة لخوف حكومات أخرى في المنطقة وخاصة مصر التي من المتوقع أن تقول للولايات المتحدة “ألم نقل لكم ذلك؟” وأضاف أن هذه الحكومات ستقدم ما حدث كمثال على ما يمكن أن تؤدي إليه الضغوط الأميركية لمزيد من الانفتاح, غير أنهم لن يعترفوا بأن أساليبهم القاسية هي التي تقف وراء التزايد الكبير لمؤيدي الإسلاميين. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 27 جانفي 2006)
من وحي الانتخابات الفلسطينية
“نحن العرب لن نحرر فلسطين ، فلسطين هي التي ستحررنا “د . منصف المرزوقي
كل الذين تابعوا الانتخابات الفلسطنية الأخيرة من العرب العاربة و العرب المستعربة ، لا بد أن شعورا خاصا قد انتابهم ، شعورا بالإكبار لشعب فلسطين الذي نجح فيما لم ينجح فيه غيره من الشعوب العربية ، انتخابات تشريعية ، شفافة و نزيهة ، فتحية لهذا الشعب بمختلف فصائله المناضلة
تحية لللجنة المشرفة على الانتخابات ،
و تحية لقوات الأمن التي قامت بدورها على أكمل وجه …
فعندما نقول بعد اليوم ، أن فلسطين هي التي ستحررنا نحن العرب فلا اظن أن أحد منا ، بق له الاعتراض على هذا الكلام ، الذي لم يعد أبدا نوعا من المجاملة و الإطراء بل هو توصيف لواقع الحال ، فبالأمس رأينا كيف يفجر هذا الشعب الانتفاضة تلو الأخرى للدفاع عن وجوده رغما عن حقائق الأرقام … رغما عن موازين القوى الدولية و الإقليمية و المحلية … رغما عن حسابات السياسيين .. . رغما عن كلام المراقبين و رغما عن غطرسة الصهيونيين …
و اليوم ينجح في امتحان الديمقراطية بامتياز في حين سجلت شعوب عربية أخرى نتائج تتراوح بين الضعيف كما هو الحال في مصر و الجزائر… و المقبول مثلما هو الشأن في المغرب و اليمن … وبقيت شعوب اخرى ترزح تحت هيمنة أنظمة ديكتاتورية همجية كما هو حال تونس و سوريا …
سيقولون لكم أن الأوضاع في فلسطين تختلف عنها في البلدان العربية الأخرى ، ففلسطين لم تتحرر من الاستعمار بعد، لكن الأقطار الأخرى قد استقلت ، فقولو لهم اللعنة على هذا الاستقلال الذي لم نعرف كيف نستفيذ منه …
سيقولون لكم إن الشعب الفلسطيني لم يؤسس دولته المستقلة ، فقولو لهم اللعنة على دولكم و عروشكم و ممالككم و جمهورياتكم التي حرمتا نصف قرن من شم نسيم الحرية …
سيقولون لكم إن الفلسطينيين محرومون من السيادة على أرضهم ، فقولو لهم اللعنة على السيادة التي تتمتعون بها إذا كانت فقط سيادة الحكام على أبناء الشعب و سيادة الظلمة على المقهورين و سيادة الطغاة على المساكين …
بالأمس تابعنا الانتخابات التي جرت في مصر ، الشقيقة الكبرى ، الدولة الرائدة في التحديث الذي بدأ فيها منذ قرنين . فتبين أن هاذين القرنين من الزمان لم يكفيا هذا البلد للتأهل للانضمام إلى نادي الديمقراطيين . و لا زال الخطاب الرسمي فيه يتحدث عن التدرج و يرفض مبدأ التداول على السلطة , وعنما تجري الانتخابات ، تحاصر المدن و يمنع الناس من التصويت و تزيف إرادة الناخب و تباع الأصوات في الأسواق و تمارس البلطجة على نطاق واسع .. ونتحدث بعد ذلك عن إرادة مصر الحرة ، وعن معاني الريادة و السيادة و التحرير .
وقبل أمس جرت انتخابات في تونس البلد الذي صدر فيه أول الدساتير العربية في منتصف القرن الثامن عشر ، لا ندري اليوم كيف سنقارن بينها وبين الانتخابات الفلسطينية ، فالمفارقة بين هذه و تلك لا تترك مجالا إلا للحديث الذي لا يليق بشعبنا في تونس و لا يتناسب مع المنزلة التي يستحق .
إننا لا نعتقد أن هناك فرق حضاري بأي معنى بين الشعبين الفلسطيني و المصري على سبيل المثال ، ولكن بالأكيد هناك فرق بين النظامين السياسيين فنظام الحزب الواحد الذي ابتليت به مصر هو الذي أبقى الشقيقة الكبرى في المنزلة التي لا تليق بها بينما الاعتراف بالتعددية الحقيقية و القبول بمبدأ التداول السلمي على السلطة هو الذي رفع الشعب الفلسطيني إلى هذه المنزلة المحترمة عربيا و دوليا .
نهنئ الشعب الفلسطيني بنجاحه الباهر و نترك له تحليل النتائج و متابعة إجراءات تشكيل الحكومة فهذه شؤون داخلية ، ليس مهما أن يتحدث حولها الآخرون ،
و ليس مهما أن تكتب الجرائد عن الزلزال الكبير لأن حماس قد نجحت في حصد أغلبية نيابية و فشلت فتح في ذلك ، فلا تهمنا الزلازل التي لا تخضع لمقياس ريختر و لا تهمنا حسابا ت إسرائيل و من ورائها الدول الكبرى و الصغرى .. ما يعنينا أن انتخابات ديمقراطية و شفافة قد نجحت بامتياز رغما عن الاحتلال ، و رغما عن الفقر ، رغما عن فوضى السلاح و رغما عن أشياء كثيرة أخرى…
انتخابات كان متوقعا لها أن تقلب موازين القوى و لكنها جرت حسب المعايير الديمقراطية .. في زمن عربي يخاف من انقلاب موازين القوى ، ويخاف من الديمقراطية و يخشى من التغيير …
لقد سقطت كل مبررات الأنظمة المتمثلة في ضعف التنمية الاقتصادية ، و تدني الوعي الديمقراطي و واقع الاحتلال و تربص القوى الاستعمارية و أولوية مهمة التحرير .. . و في الأخير تهدبد الحركات الإسلامية .
فليست هذه الترهات ، هي التي تمنعنا من الانضمام إلى المحفل الديمقراطي مثل بقية شعوب العالم و لكنها قوى الطغيان و التسلط و من ورائها فرق التزلف و التملق و الهوان …
و في الختام لا يسعنا إلا أن نرفع اليد ” بتعظيم سلام ” لفلسطين قيادة و شعبا وأن نعبر عن استبشارنا بهذه الخطوة الكبيرة على طريق الحرية و الديمقراطية في الوطن العربي .
فبعد العرس الفلسطيني يحق للعربي أن لا يخجل و هو يتابع الامتخابات في أمريكا اللاتينية …
الحبيب أبو وليد المكني ألمانيا
هل تكره الولايات المتحدة الإسلاميين فعلا؟!
د. خالد شوكات(*) أشاد الرئيس الأمريكي جورج بوش بالانتخابات الفلسطينية، وأشار ضمنا إلى أنها درس في الديمقراطية للعالم العربي، وتحذير للحرس الفلسطيني القديم، أو من يمكن تسميتهم صراحة برموز الفساد الذين أثاروا بغلوهم وغيهم حفيظة ومقت الفلسطينيين طيلة العشر سنوات الماضية، كما لم يفت الرئيس بوش دعوة حماس إلى الكف عن رفع شعار تدمير إسرائيل، ولعل في ذلك كشف أمريكي لأهم شروط التعامل مع الإسلاميين الفلسطينيين في المستقبل القريب.
وفي حين رحب بوش بفوز الحزب الإسلامي الفلسطيني، في انتخابات شهد العالم بأسره بنزاهتها وديمقراطيتها، فإنه لا أحد من الزعماء العرب – باستثناء الأمير القطري- قد أعرب عن ترحيب مماثل، والثابت من تصريحات رسمية عربية معلنة ومبطنة، أن نتائج الانتخابات الفلسطينية قد أزعجت وأقلقت حكام الدول العربية الأشاوس، وأن هؤلاء كانوا يفضلون سيرة حكم عربية في فلسطين، كانت سترشد الرئيس الفلسطيني المحترم أبو مازن إلى طريق التسعات الأربع، كما كانت ستقود فتح – على غرار الأحزاب العربية الحاكمة- إلى فوز مؤزر ومريح لا جدال فيه.
ولم تكن عملية الترحيب الأمريكي الرسمي بفوز الإسلاميين في انتخابات عربية، سابقة شاذة يمكن أن تثير دهشة المحللين واستغرابهم، فالناظر إلى الموقف الأمريكي في العراق، وهو بلد تحتله القوات الأمريكية، سيلاحظ أن التغيير السياسي الذي أشرفت عليه الإدارة الأمريكية في هذا البلد العربي، قد جاء بالإسلاميين إلى الحكم، فقد فازت الأحزاب الإسلامية، شيعية وسنية، بالانتخابات الديمقراطية التي جرت نهاية العام الماضي، و هيمن الإسلاميون فيها على ما يقارب المائة وثمانين مقعدا في برلمان مكون من مائتين وخمس وسبعين.
تماما كما لوحظ أن الإدارة الأمريكية لم تعترض من قبل على فوز الإسلاميين العراقيين بانتخابات البرلمان الانتقالي، وقيادتهم من خلال زعيم حزب الدعوة الإسلامي د.ابراهيم الجعفري للحكومة الانتقالية، فضلا عن موافقتهم على تولي حاجم الحسني رئاسة الجمعية الوطنية العراقية، وهو كما هو معروف زعيم إسلامي سني وقيادي بارز في الحزب الإسلامي، الجناح العراقي لحركة الإخوان المسلمين العالمية.
وإلى جانب البلدين العربيين المحتلين، اللذين شهدا – للأسف الشديد- الانتخابات الأكثر ديمقراطية وتعددية وشفافية في العالم العربي، فإن الترحيب الأمريكي الرسمي قد طال أيضا بعض الدول العربية التي شهدت انتخابات برلمانية تعددية منفتحة على مشاركة الإسلاميين، ومن هذه الدول جمهورية مصر العربية، التي يشير كثير من المحللين إلى أن دعوة واشنطن الحكومة المصرية إلى اتخاذ خطوات إصلاحية جدية، كانت الدافع الأساسي والضمانة الوحيدة للسماح لحركة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا بالمشاركة، والفوز عمليا بما يناهز ربع مقاعد البرلمان الجديد.
وقد أكدت مصادر عدة، إلى أن التحذيرات الأمريكية الرسمية كانت الحائل الرئيسي دون وقوع تزوير كبير، كانت ترغب في إتيانه أطراف مصرية نافذة بهدف تطويق ما سمي بالخطر الإسلامي الداهم على المحروسة، ولعل جزع البيت الأبيض من فوز ما يقارب التسعين إخوانيا بمقاعد برلمانية في مصر، كان الأقل قياسا بما أظهرته حكومات عربية عتيدة سارعت إلى التضامن في مواجهة المد الأصولي والاتفاق على مبدأ التأجيل الديمقراطي، مادامت الديمقراطية ستفتح برأيهم أبواب جهنم على شعوبهم التي ترغد في نعيم عزهم الظليل.
وكما لم تظهر إدارة الرئيس بوش أي قلق حيال فوز الإسلاميين في العراق وفلسطين ومصر، فإنها قد عبرت قبل هذه التواريخ بسنة تقريبا، على دعمها لعمليات التحول الديمقراطي في بعض البلدان العربية، التي اعتبرتها نماذج لا مناص من الاقتداء بها، ومن هذه البلدان المغرب والبحرين والكويت، وجميعها قد شهد خلال السنوات الماضية، انتخابات برلمانية فازت بها أحزاب وحركات إسلامية ولو بشكل نسبي.
وغير بعيد عن العالم العربي، فإن الحكومة الأمريكية لم تنظر بامتعاض، أو سعت إلى العمل على منع الإسلاميين من الفوز الانتخابي وتشكيل الحكومات في أكثر من دولة إسلامية، ففي تركيا مثلا، بدا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان صديقا مقربا ونموذجا يحتذى في نظر المسؤوليين الأمريكيين، حتى وإن مانع هذا الصديق في فتح أراضيه أمام القوات الأمريكية للقيام بعمليات عسكرية ضد نظام الرئيس العراقي صدام، عندما تقرر إسقاطه قبل ثلاث سنوات.
وقد دافع الرئيس بوش بشراسة عن حكومة الإسلاميين الأتراك، وجازف بصداقاته الأوربية في سبيل ذلك، عندما دعا الاتحاد الأوربي إلى قبول عضوية تركيا، بعد أن رأى تصميم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم “العدالة والتنمية”، على كسب هذا الرهان الخارجي، الذي سيعزز مسيرتهم الإيجابية في تحقيق الكثير من الرهانات الداخلية، وأهمها الرهانات الاقتصادية والاجتماعية، التي ستعد المعيار الأساسي للحكم شعبيا على تجربتهم في إدارة الحياة السياسية.
وإلى جانب تركيا، أظهر الأمريكيون على الدوام دعمهم لرئيس الوزراء ومهندس النهضة الماليزية المعاصرة مهاتير محمد، وكذلك لخلفه عبد الله بدوي، وكلا الرجلين معروف بميوله الإسلامية، تماما كما أن “آمنو” الحزب الحاكم في ماليزيا، حزب صاحب خلفية وطنية إسلامية، وحريص كل الحرص على أن تبقى هوية بلاد الملايو إسلامية على الرغم من انحدار ما يقارب النصف من سكانها من أصول هندية وصينية غير إسلامية.
ولقد شجع الأمريكيون باستمرار تقريبا، تجارب التحول الديمقراطي في العالمين العربي والإسلامي، وخصوصا تلك التي أفسحت المجال أمام مشاركة كافة أطراف الحياة السياسية بلا استثناء، بما فيها الحركات والأحزاب الإسلامية، مخالفين بذلك الكثير من وجهات النظر الرسمية وغير الرسمية التي أبداها مسؤولون عرب ومسلمون، يرون أن الإسلاميين أعداء للديمقراطية، ولا يمكن لنظام ديمقراطي أن يقبل بهم، لكونهم سيستغلونها لإلغاء قيمها في أول فرصة تسنح لهم.
والبين من خلال السيرة الرسمية الأمريكية طيلة السنوات الماضية ما بعد انتهاء الحرب الباردة، أن قادة البيت الأبيض لا يشاطرون الزعماء العرب بأن الإسلاميين كلهم ملة واحدة، وأنهم جميعا معادون للديمقراطية، أكانوا معلنين أو مستترين، وأنهم مقتنعون بأن الأنظمة الديمقراطية الحقيقية يجب أن تمنح كل من رغب في العمل السياسي السلمي والعلني فرصة، وأن لا يجري الحكم إلا على الأفعال والممارسات فقط، لا التفتيش في النوايا وخبايا الضمائر.
ولعل قناعة قد تبلورت لدى كثير من قادة الرأي والخبرة في الولايات المتحدة، مفادها أن إسلاميين حداثيين وديمقراطيين هم الأقدر في عالم عربي وإسلامي متأزم، على مواجهة الجماعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية، ومفادها كذلك أن إدماج حركات الإسلام السياسي في مؤسسات الحكم والسلطة سيساعد على تحويلها من حركات سياسية هامشية متنطعة ومتشددة، إلى حركات سياسية واقعية وبرغماتية وعملية، قد تكون الأقدر على التحكم في شوارع تغلي غضبا، وعلى اتخاذ قرارات مصيرية وحاسمة فيما يخص حاضر ومستقبل شعوبها.
والرأي أن الإسلاميين العرب مدعوون إلى قراءة علاقات دولهم بالولايات المتحدة قراءة عملية وواقعية، بعيدا عن التشنجات والأحكام المسبقة والشعارات الجوفاء، و على ضوء التجارب المذكورة سلفا، وكذلك العمل على مراجعة مواقفهم وبرامجهم وسياساتهم بما يخدم عمليات التحول الديمقراطي في بلدانهم، وبما يقوي قدراتهم على التأثير ايجابيا في السياسات الأمريكية حيال المنطقة وقضاياها الرئيسية، ويحول دون اضطرار واشنطن إلى الاصطفاف مجددا إلى جانب طغاة العرب والمستبدين، تحت ذريعة أهون الشرين وأخف الضررين.
ويعتقد أن نماذج مثل رجب طيب أردوغان ومهاتير محمد، بإمكانها أن تكون مفيدة جدا وملهمة لقادة الحركات الإسلامية العربية، من حيث تدليلها على أن العمل على توثيق الصلات مع رجل العالم القوي وفتح قنوات اتصال وحوار معه، أفضل للتنمية والديمقراطية والحرية في العالم العربي، تماما كما هي الضرورة إلى أن يعمل الإسلاميون المعتدلون بجدية ومشقة على إبعاد صورة “البعبع” المخيف عنهم، وعلى طمأنة الأطراف الداخلية والخارجية من أن حضورهم السياسي أو فوزهم الانتخابي أو قيادتهم للعمل الحكومي، لن يشكل خطرا على مكتسبات الحداثة ومتطلبات العصر والمستقبل. (*) كاتب تونسي، مدير مركز دعم الديمقراطية في العالم العربي- لاهاي (المصدر: موقع “إيلاف” بتاريخ 27 جانفي 2006) وصلة الموضوع: http://65.17.224.235/ElaphWeb/ElaphWriter/2006/1/123593.htm
الانقلاب الديمقراطي الفلسطيني
عبد الباري عطوان خرج الشعب الفلسطيني الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، عندما فرض عملية التغيير عبر صناديق الاقتراع، ووجه ضربة قاضية لمرحلة من الفساد امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً، وبلغت ذروتها في السنوات العشر الاخيرة، وقال لا كبيرة لكل رموز البلطجة السياسية، وثقافة الابوات ، الكبار والصغار، ووضع حداً لمحاولات تزوير الارادة الفلسطينية تحت مسميات القرار المستقل والممثل الشرعي والوحيد. حركة فتح ، حزب السلطة، خسرت الانتخابات للاسباب نفسها التي ادت الي فوز غريمتها حماس ، فقيادة الحركة لم تقدم اي بدائل عن فشل رهاناتها السياسية علي التسوية، وعجزت عن بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، سواء خاصة بها، او بالشعب الفلسطيني، وتخلت عن المقاومة، الورقة التي جعلتها التنظيم الطليعي القائد، وفشلت في تصعيد قيادات داخلية شابة نظيفة تأخذ زمام الأمور من القيادة التاريخية الهرمة. الشعب الفلسطيني صوت لحركة حماس احتجاجاً علي ممارسات حزب السلطة وتوغل المتنفذين فيه في الفساد، واستهتارهم بالرأي العام الفلسطيني، وفجور بعض قياداته الأمنية، ورهانها علي اسرائيل وامريكا، اكثر من رهانها علي ابناء شعبها وكوادرها المحلية. فعندما يشاهد ابناء فتح قياداتهم تمر في سيارات فارهة عبر المعابر، وينفقون ملايين الدولارات علي متعهم الشخصية ويرسلون ابناءهم الي افخم الجامعات الغربية، ويوزعون الوظائف علي اقاربهم، واقارب حراسهم، وبطانتهم، ويقيمون في قصور فخمة، وفلل فارهة، ويحتكرون الاقتصاد، ويبيعون رمل غزة، ويستوردون الطحين الفاسد، عندما يشاهدون كل هذه الممارسات سيصوتون هم انفسهم من أجل التغيير واحزابه، للتخلص من هذا الوضع المزري الذي شوه حركتهم وتاريخها النضالي المشرف. الشعب الفلسطيني ملّ من بارونات الفساد، ومصادرتهم لارادته وقراره، وادمانهم الحديث باسمه، وبات لا يريد تغييرهم فقط، وانما محاسبتهم ايضاً، واسترداد اموال الشعب الفلسطيني المنهوبة، والتأسيس لمرحلة جديدة من الشفافية واعادة تقديم الصورة الحقيقية للشعب الفلسطيني التي شوهها الفساد، والغرور، والاجتهادات الخاطئة، والاتفاقات الكارثية. التهديدات الاوروبية والامريكية بوقف الدعم المالي لأي حكومة تشكلها حماس للحيلولة دون فوزها بنسبة اكبر من مقاعد المجلس التشريعي، ثبت بطلان مفعولها، وانعدام تأثيرها، والآن وبعد ان اثبت الشعب الفلسطيني تحرره من عقدة الخوف واستخفافه بمحاولة الهيمنة الاوروبية الامريكية، وتهديده بلقمة عيشه، باتت اوروبا وامريكا مطالبتين بالتخلي عن هذا الاسلوب المتعجرف قصير النظر، وتغيير طريقة تعاملهما مع الواقع الفلسطيني الجديد، من خلال آليات جديدة تقوم علي تحليلات علمية دقيقة، وليس من خلال استطلاعات مراكز ابحاث ممولة من قبل الغرب تقدم دراسات واستطلاعات رأي تناسب طموحات جهات التمويل حتي يستمر. وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية القادمة من قبل اوروبا وامريكا سيخدم حركة حماس ، تماماً مثلما فعل الشيء نفسه الدعم المالي الامريكي لحركة فتح وبعض ناخبيها في الانتخابات الاخيرة. فجميع رموز فتح الذين دعمتهم امريكا مالياً سقطوا بشكل فاضح في الانتخابات لان القاعدة تقول ان كل من تحبه امريكا يكرهه الشعب الفلسطيني. يجب ان تتذكر الدول الغربية المانحة ان الشعب الفلسطيني كان موجودا قبل قيام السلطة، وقبل وصول اموالها، وكان مستواه المعيشي افضل كثيرا من مستواه في ظل السلطة، ولذلك لن يأسف كثيرا اذا ما توقفت الاموال الامريكية والاوروبية. استمرار تدفق الاموال الغربية علي السلطة الجديدة سيعطي ثماراً افضل، لأن هذه الاموال ستنفق بشكل جديد، وفي المجالات الحيوية، الأمر الذي سيجعلها تعطي ثمارها، وبما يجعل حياة الشعب الفلسطيني افضل بكثير مما كان عليه الحال في ظل سلطة فاسدة تسيء استعمال هذه الاموال وتهدرها في مجالات الفساد والرشاوي. الولايات المتحدة واسرائيل واوروبا تتحمل، فرادي ومجتمعة، مسؤولية تراجع فتح حزب السلطة، وفوز المعارضة الاسلامية، لانها لم تقرأ الخريطة السياسية، وتطلعات الشعب الفلسطيني بشكل صحيح، وفضلت الاستماع لما تريد ان تسمعه، وركزت كل ضغوطها علي القيادة الفلسطينية لتقديم التنازلات ولم تحاول مطلقا ممارسة ضغوط موازية فاعلة علي الدولة العبرية للافراج عن الاسري، ووقف اقامة المستوطنات وتوسيع ما هو قائم منها، وفك الحصار الخانق عن الشعب الفلسطيني. فوز حماس قد ينقلب الي خسارة اذا لم تحسن قيادتها التعامل بشكل جيد وذكي ومسؤول مع حقل الالغام الذي ستبدأ اجتيازه في الايام المقبلة، حيث السلطة ومفاتنها واعباؤها ومسؤولياتها، والضغوط الخارجية المتفاقمة، وفوق هذا وذاك التطلعات الفلسطينية الشعبية الضخمة المناطة بحكمها. حماس تقف الآن امام خيارات واختبارات صعبة للغاية، فتشكيلها للحكومة الجديدة سيفرض عليها تغيير ميثاقها، والتفاوض مع اسرائيل، والتخلي عن ورقة المقاومة استجابة للشروط الامريكية والاسرائيلية. ولا نعتقد انها سترضخ لهذه الشروط فورا والارجح ان تكلف شخصية فلسطينية مستقلة مقربة منها القيام بمهمة تشكيل هذه الحكومة، واختيار وزراء اكفاء نظيفي اليد واللسان كمرحلة انتقالية علي الأقل. ولعل الفرصة الحالية هي الأنسب بالنسبة الي الحركة لاعادة احياء منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها علي ضوء فوزها الكبير والمبايعة الشعبية لها، لأنه من غير المنطقي ان يظل هناك ستة ملايين فلسطيني في الشتات دون وجود مرجعية تمثلهم. خسارة فتح التي تقبلتها قيادتها بصدر رحب، ومسؤولية وطنية ديمقراطية عالية، يمكن ان تنقلب الي فوز كبير في المستقبل المنظور، لأن هذه الخسارة حررتها من الفساد والفاسدين الذين خطفوا قرارها وقيادتها، وفتحت اعينها علي مواطن الخلل واسباب انفضاض نسبة من الشارع الفلسطيني عنها. حركة فتح شاخت، والاداء السيئ في الانتخابات سيؤدي حتماً الي تجديد شبابها، والدفع بدماء جديدة نظيفة الي قمة قيادتها. ويسجل لها ولرئيسها التمسك بالخيار الديمقراطي، والمضي قدما في انتخابات تعرف مسبقاً انها لن تحقق فوزا حاسما فيها. الأنظمة العربية الديكتاتورية الفاسدة يجب ان تشعر بالقلق من جراء هذه النتائج المفاجئة، فالمواطن العربي اذا سنحت له المشاركة في انتخابات نزيهة سيختار التيارات النظيفة التي تفهم معاناته، وتتجاوب مع طموحاته وتطلعاته الوطنية، وليس مع الحركات الفاسدة او تلك التي تحاول ارضاء الولايات المتحدة ومخططاتها في المنطقة تحت مسميات الليبرالية والاعتدال وتفرط بالثوابت. عملية التغيير انطلقت من فلسطين المحتلة، وهي قطعاً لن تتوقف عند حدودها. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 27 جانفي 2006)
ديالكتيك الديموقراطية والليبرالية
توفيق المديني (*) منذ أن تبلورت دولة القانون في القرون الكلاسيكية أنتجت على الصعيد الايديولوجي أطروحات متناقضة حول الليبرالية والحرية والديموقراطية. ويمكن القول أن هناك ضلالاً سائداً في الفكر العربي يرتكب خطأ مماثلة الرأسمالية بالليبرالية. واعتبار الأخيرة الشكل النهائي للحكومة البشرية له نوعان من المصادر، الأول اجتماعي – طبقي، والثاني غنوزيولوجي معرفي. والخطأ الذي ينبغي الاحتراز منه هو ربط الليبرالية كما تحددها مكوناتها التاريخية والديموقراطية بالرأسمالية، في حين أن الليبرالية التي ارتبطت بحرية المشروع الاقتصادي أو بنظام الانتاج الرأسمالي القائم على الملكية الخاصة لوسائل الانتاج، اتخذت في سيرورة تطورها وارتقائها خطين متعارضين، أحدهما يرقى في اتجاه الديموقراطية والديالكتيك، حيث بقي التعارض بين الليبرالية والديمقراطية حياً واكتسب مزيداً من الجدة جراء بروز مكتسب توسع الاقتراع العام والمشاركة في السلطة السياسية ودخول الحركة العمالية إلى الحلبة السياسية، وهي حركة ظلت تزيد من استلهامها للمذاهب الاشتراكية والماركسية المتناقضة مع الليبرالية. وينسجم الخط الثاني مع الوثنية الرأسمالية التي تشكل منذ نشأتها نظاماً رأسمالياً عالمياً مترابطاً ترابطاً بنيوياً، ويتسم باستقطابات واضحة، ويسعى إلى التراكم الرأسمالي المتعاظم، ولاتكافؤ التطور في ظل الصراع والتنافس. وتختزل الحرية في جانب واحد متمثلاً بالحرية الاقتصادية التي تشترط مسبقاً التزاماً صارماً بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج، وتمارس تشييء العلاقات البشرية واستغلال شعوب العالم الثالث، وتحصر الليبرالية في مستنقع الوضعانية مفسحة في المجال لهيمنة التيارت اللاعقلانية والظلامية في مركز النظام الرأسمالي، حيث تشكل النازية والفاشية أشد صورها قتامة وفظاظة. لكن الحرية الليبرالية التي رفعت في قلب المجتمع الغربي، وفي عصر النهضة العربية الأولى، لم تعد من مسلمات ذلك المجتمع وذلك العصر، بل سيكون نقد ذلك الشعار منطلقاً لطرح مسائل جوهرية حول الحرية كمفهوم مجرد مطلق على حد قول عبد الله العروي. الديموقرطية ليست الليبرالية، ولكن يمكن تحديد مسار العلاقات بينهما بالاستناد إلى ثلاث صيغ: 1- التعايش بما يعني امكان وجود دولة ليبرالية وديموقراطية في الوقت عينه، من دون استيعاب وجود دولة ليبرالية غير ديموقراطية، كما يراها الليبراليون المحافظون، ودولة ديموقراطية غير ليبرالية كما يراها الديموقراطيون الثوريون الراديكاليون. 2- الديموقراطية في تناقض مع الليبرالية، أي أن الديموقراطية لا يمكن تحقيقها كاملة إلا في دولة تحقق العدالة الاجتماعية وتقبل بالتخلي عن نموذج الدولة الليبرالية، وهذا هو رأي الديموقراطييين الثوريين الراديكاليين. 3- الترابط الضروري بين الليبرالية والديموقراطية، بمعنى أن الديموقراطية وحدها قادرة على التحقيق الكامل للنموذج الليبرالي الأمثل، وأن الدولة الليبرالية هي القادرة على توفير فرص وضع الديموقراطية موضع التنفيذ. شهدت المجتمعات الغربية الصناعية ولادة نموذج الدولة الليبرالية سيطرت فيها الايديولوجية الليبرالية التي ترتب السياسة على أساس مبدأ العقلانية وتنظيم حرية المشروع الاقتصادي على قاعدة «العقلانية الاقتصادية»، التي فكت ارتباطها بالعقلانية عموما في مرحلة الدولة الاستبدادية لرأس المال الاحتكاري، وما قادت إليه من اتجاهات لاعقلانية في المشروع الثقافي الغربي، ودولة القانون على صعيد السياسة. ومع ذلك ترتكز دولة القانون على المبادئ الآتية: 1- الفصل بين الدولة والمجتمع المدني ويمكن تسميته بالإنفصال الخارجي بما يعني استقلالية الدولة تجاه المصالح العامة والطبقات والحياة الاقتصادية. 2- تحديد العلاقة القانونية بين الدولة والمجتمع بواسطة الانتخابات التي أصبحت حقاً ديموقراطياً بالنسبة للمواطنين الذين يتعين عليهم انتخاب حكامهم، باعتبار أن الانتخابات الديموقراطية هي المصدر الحقيقي والأصلي لشرعية السلطة السياسية، وان مشروعية السلطة لا يمكن أن تكون خارج الإرادة الشعبية والانتخابات بوصفها قاعدة للديموقراطية. 3- المساواة أمام القانون: لما كانت الديموقراطية كمفهوم سياسي مدني ومديني، نسبة إلى المجتمع المدني والمديني في آن، مرتبطة عضوياً بالعقلانية والحرية، بوصف الديموقراطية ممارسة للحرية بما هي وعي الضرورة، فإن أحد أركان هذه الديموقراطية السياسية تقوم على المساواة أمام القانون لجميع المواطنين، بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الانتماء الفكري أو السياسي، باعتبار أن المساواة أمام القانون وسيادة القانون على الحاكم والمحكومين تشكلان مظهراً من مظاهر ممارسة السياسة بوصفها مجموعة من الحقوق والواجبات الملقاة على عاتق المواطن الحر، العضو في الدولة السياسية وفي المجتمع المدني على حد سواء. 4- تقوم دولة القانون على مبدأ المغايرة والاختلاف والتباين والتعدد وحق المعارضة، وتقبل بوجود حقيقة المغايرة المقترنة بالاعتراف بحقيقة التعددية للقوى والتيارات والأحزاب السياسية، والطبقات والفئات الاجتماعية والاتجاهات والمذاهب الفكرية والأيديولوجية واختلافها وتناقضها في إطار سيرورة وعي نسبية الحقيقة، وإمكان خطأ الذات ووعيها بدلالة الآخر كخطوة حاسمة في الطريق الصحيحة نحو المجتمع المدني. وهكذا تقبل دولة القانون الليبرالية بوجود كل الأحزاب على اختلاف مشاربها الفكرية والايديولوجية، شرط ألا تشكل هذه التعددية السياسية خروجاً عن إطار الدولة البورجوازية ذاتها التي تراه خروجاً عن القانون. ففي حال الأحزاب الماركسية التي يتمحور برنامجها حول تحقيق سياسة اقتصادية واجتماعية تقوم على العدل الاجتماعي وتتناقض جذرياً مع الدولة الليبرالية، يصبح وجودها غير مرغوب فيه. وليس غريباً أن تحرم بعض الدول الليبرالية وجود أحزاب شيوعية في بلادها كالولايات المتحدة. 5- تقوم دولة القانون على مبدأ فصل السلطات. ويجمع الحقوقيون وعلماء السياسة أن دولة القانون التي عرفت في العهود الكلاسيكية الليبرالية طرأت عليها تغيرات عميقة أدخلت عليها مفاهيم سيادة الديموقراطية والمبدأ الانتخابي وفصل السلطات واستقلالية القضاء، بسبب انتقال المجتمعات الصناعية الغربية من مرحلة الرأسمالية التنافسية إلى مرحلة الرأسمالية الاحتكارية، وإن كانت الأشكال المؤسسة للدولة الرأسمالية الاحتكارية حافظت على أشكال الدولة الليبرالية. الثورة الديموقرطية البورجوازية في الغرب استطاعت أن تغير وجه التاريخ والعالم والأرض نفسها، وأن ترسي ديموقراطية اقترنت بظهور طبقة بورجوازية ثورية جديدة، لكنها لم تحقق كل حلمها التنويري الثوري، وإن كانت حققت تحولاً ثورياً، كان حتى هذا الوقت الأكبر في التاريخ، ولم تتجاوزه ديالكتيكياً الثورات البلشفية الروسية والصينية، وكرست قيماً جديدة كالحرية والمساواة أمام القانون والحماية القانونية للفرد ولأمنه، وبنت دولة حق وقانون كأساس منطقي للديموقراطية، ذلك أن دولة الحق هي الشطر الرئيس لولادة دولة ديموقراطية، فلا ديموقراطية بلا دولة حق تعني أولاً وأساساً سمو القانون بدءاً من الدستور مروراً بمعظم القوانين الأخرى. إذا كانت دولة الحق أسست لفكرة سمو القانون والدولة والديموقراطية في الغرب، فإن الدولة العربية المعاصرة تتسم بسمات الفوضى والعسف والاستبداد واللاديموقراطية، وهي مخلوطة من الطبقات الكمبردورية والطوائف والعائلات والقبائل. (*) كاتب تونسي مقيم في دمشق (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 26 جانفي 2006)
الحملة الغربية على سورية:
اغتيال الحريري كذريعة والأمم المتحدة كأداة استهداف قديم وفرصة ذهبية
بوبكر التايب- كاتب تونسي، كندا الإستهداف الأمريكي الإسرائيلي للنظام السوري بسبب سياساته الخارجية ودوره الإقليمي لا بسبب سياسته الإستبدادية داخل سورية قديم وغير جديد. فسورية كانت من الدول الدائرة في فلك الإتحاد السوفياتي سابقا ولم تكن لها علاقات جيدة لا مع أمريكا ولامع اسرائيل بالمرة عدى شهر العسل شتاء سنة 1991 حين شاركت سورية مشاركة رمزية في حرب العراق الأولى والتي استغلتها سورية انذاك للتخلص من الجنرال عون ولبسط هخرلتتنفوذها الكامل على الشأن اللبناني. وسورية، الى جانب ايران، متهمة بدعم حزب الله في لبنان وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية وهي رائدة داخل الجامعة العربية في مناهضة التطبيع مع اسرائيل ولهذه الأسباب استحقت سورية أن تدرج، منذ سنوات وقبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ضمن اللائحة الإمريكية السنوية للدول الداعمة او الممارسة للإرهاب. وبعد أحداث سبتمبر 2001 ذكر الرئيس بوش في خطابه الشهير حول “محور الشر” سورية كـأحد أعمدة هذا المحور. واذا كانت الفرصة لم تتوفر قبل اليوم للولايات المتحدة وحلفائها لشن حملة ضد سورية بسب اعطائهم أولوية للحرب على أفغانستان ثم غزو العراق من جهة أولى وبسبب أقدار محترمة من الكفاءة والمهنية من الجانب السوري في توظيف نفوذها الإقليمي وفي تعاملها مع الأحداث الدولية من جهة ثانية فإن الكبوة السورية، ولكل جواد كبوة، في لبنان والمتمثلة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري كانت بمثابة الفرصة الذهبية اقتنصها المحافظو ن الجدد في واشنطن الذين عمدوا الى تدويل عملية الإغتيال في مرحلة أولى من خلال قرار مجلس الأمن القاضي بتشكيل لجنة تحقيق دولية في الموضوع وفي مرحلة ثانية من خلال القرار رقم 1636 الذي يفرض على سوريا التعاون الشامل ومن دون قيد أو شرط مع لجنة التحقيق الدولية لإستكمال أشغالها. الأهداف الأمريكية الغربية من الحملة على سورية: ليست عملية اغتيال الحريري غير ذريعة امريكية غربية تحاول هذه الأطراف أن تخفي ورائها الهدف الحقيقي من وراء استهداف سورية. إذ لا يتعلق الأمر بـ”محاسبة سوريا” أوبساعة محاسبة سوريا على سياستها الإستبدادية والقمعية داخل سوريا ضد مواطنيها أو في لبنان ضد مواطنيه خلال ما يربو على ثلاثة عقود؛ فهذه السا عة لم تحن بعد. أولا لأن أمريكا لم تكن في أي يوم معنية بجدية وصدق بالحقوق والحريات والديمقراطية لا في سوريا ولا في العالمين العربي والإسلامي ولا في العالم بأسره. والذين يرددون اليوم، ببعض من التشفي أحيانا، هذه الترهات هم أنفسهم أو من نفس الطينة أو العجينة الفكرية والنفسية التي رددت قبل واثناء وبعد غزو العراق أن هدف أمريكا و مقصدها هو الغاء النظام العراقي الفاسد، وهو فاسد فعلا، ونشر الحريات والديمقراطية بدلا ومحلا له وهذه مغالطات أو سذاجات. فبمجرد ان انهار نظام البعث في العراق تبين للجميع أن الديمقراطية الأمريكية المحمولة جوا على طائرات الف 16 وبحرا على متن باخرة ابراهام لنكولن ليست غير صياغة تسويقية وتجارية جديدة للإستعمار الرأسمالي. وثانيا لأن ساعة محاسبة سوريا بيد السوريين والسوريين وحدهم وما لم يتأهل السوريون لذلك فلا أحد غيرهم يستطيع القيام على متطلبات هذه المحاسبة العادلة ومقتضاياتها. إن الهدف من الحملة على نظام الحكم في سورية هو اكراهه على الإنطواء والتخلي عن دوره الإقليمي وقبوله بالإندراج والإنخراط في كل من الحرب الأمريكية على الإرهاب ومشروعها للشرق الأوسط الكبير الذي يجعل من اسرائيل أحد مكوناته الأساسية. وبقليل من التفصيل نقول أن هذا الهدف لا يتضمن بندا واحدا يتعلق بالسياسية الداخلية لسوريا وكل بنوده تستهدف السياسة الخارجية لهذه الدولة: * الإنسحاب من لبنان عسكريا وأمنيا واستخباراتيا وسياسيا. وهذا البند غرضه تفكيك التحالف السوري اللبناني في مجال السياسية الخارجية وأساسا في مجالي العلاقة مع بإسرائيل ومكافحة الإرهاب. ويهدف هذا الإنسحاب في مرحلة أولى الى فتح الباب أمام نزع أسلحة الفلسطينين بلبنان وذلك تحت ذريعة حق الدولة اللبنانية في احتكارالعنف الشرعي أي احتكار حمل السلاح في كل الأقليم اللبناني. والغرض النهائي لذلك هو ضرب ظهر المقاومة الفلسطينية واضعاف المفاوض الفلسطيني في موضوع عودة اللاجئين وذلك عبر توطينهم بعد نزع اسلحتهم. أما في مرحلة ثانية فالهدف من الإنسحاب فيتمثل في نزع سلاح حزب الله بعد ان تكون سوريا قد تخلت عنه.كما أن المقصد من تفكيك التحالف السوري اللبناني سيكون اظطرار كل من منهما الى التفاوض المنفرد مع اسرائيل أي على شاكلة الأردن ومصر والسلطة الفلسطينية. * ايقاف سورية لكل أشكال الدعم الذي تقدمه لفصائل متعددة من المقاومة الفلسطينية داخل أراضيها والمطلوب من سوريا بهذا الصدد هو طرد أو تسليم أو محاكمة هؤلاء لأنهم في نظر الولايات المتحدة واسرائيل ليسوا سوى ارهابيين يهددون السلم والأمن الدوليين لا مقاومين للإحتلال الإسرائيلي. * التعاون السوري الكامل مع الولايات المتحدة وتنفيذ مطالبها في موضوع “تسلل الإرهابيين الى العراق” وذلك عبر مراقبة أوسع لحدودها وبالإشتراك مع القوات الأمريكية والجيش العراقي. ويهدف ذلك الى تقليل خسائر الأمريكان في العراق وفي مرحلة متقدمة الى تسهيل اتسحابهم من العراق و تأمينه. * الإتخراط السوري غير المشروط في المشروع الأمريكي للشرق الأوسط وأول الخطوات في هذا الأطار هي التطلبع الثنائي مع اسرائيل ببدأ مفاوضات منفصلة تتعلق بهضبة الجولان والتخلي عن الدور الريادي في مناهضة هذا المشروع في المنتظمات العربية والإسلامية. ولا يهم الأمريكيين شيء من دم الحريري كما لم تهمهم من قبل دماء المئات من السوريين الذين دهستهم يد الظلم في سجون سورية ومدنها مثل سجن تدمر أو مدينة حماه وغيرهما كثير وكما لم تهمهم دماء اللبنانيين والفلسطينيين في بعلبك وفي الجنوب وفي كل قرية لبنانية اهرقت بيد النظام السوري أو تحت نظره أو بسبب تقصيره. وكما لم تهمهم من قبل أوضاع الحريات في ليبيا بعد أن عقدوا صفقة مع نظامها الذي انخرط في االعبة الأمريكيةو الدولية وتعهد بتعويض ضحايا حادثة لوكربي كل ذلك مقاببل ضمان الغربيين لحكمه و سكوتهم على سياساته ضد الليبيين. تدويل الأزمة والخيارات الأمريكية من خلال مجلس الأمن الدولي: كعادتها وعلى طريقتها المثلى لجأت الولايات المتحدة الى الأمم المتحدة. وهو لجوء يأتي في سياق عام حكم السياسية الخارجية الأمريكية في كل مراحلها وبصرف النظر عمن كان في دفة الحكم، الديمقراطيون أم الجمهوريون وان اختلفت الحدة والدرجة. فجوهر السياسة الأمريكية كانت دائما مندرجة ضمن ما يعرف بأفكار المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية. هذه المدرسة المصنفة ضمن المدارس والمناهج التقليدية في دراسة العلاقات الدولية والتي هي في الأساس مدرسة أمريكية الصنع فأشهر روادها “هانس مورقن تاو” والمفكر والسياسي الأمريكي المعروف هنري كسنجر. فهذه المدرسة لا ترى في المنطمات الدولية غير أداة من أداوة الدولة في سبيل سعيها لتحقيق أهدافها عن طريق جدلية الدبلوماسية والقوة. وازداد يسر الإستعمال الأداتي للأمم المتحدة من طرف الولايات المتحدة بعد غروب شمس خصمها القديم وخلو الساحة أمامها لتعمل على اخراج سياساتها اخراجا أمميا فلجأت الى الأمم المتحدة ضد السودان وليبياو العراق وتحاول فعل نفس الأمر مع ايران. وأفضل ما يناسبها في كل هذه الحالات هو الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتعلق بصلاحيات مجلس الأمن وبقراراته الملزمة في ما هو مخول له من الأعمال في حالات ثلاث وهي تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان. فقد تكاثر لجوء الأمم/ الولايات المتحدة لهذا الفصل بعد نهاية الحرب الباردة حيث كانت أغلب الأزمات الدولية تدارخارج اطار مجلس الأمن في اطار التوافق بين المعسكرين. غير أنه منذ الإجتماع القمة الشهير لأعضاء مجلس الأمن في مطلع التسعينات من القرن المنصرم واعادة تعربفه لمفهوم حفظ السلم والأمن الدوليين الذي اعتبر ولأول مرة أن الإرهاب، دون تعريفه، “تهديد للسلم” والأمن الدوليين ما فتئت الولايات المتحدة الأمريكية وسائر القوى الغربية تستغل وتوظف هذا المنحى الجديد للمجلس في اطار سياسات ما أصبح يعرف ب”فرض السلم” مقابل “حفظ السلم” و”صنع السلم” و”بناء السلم”. ومن الناحية العملية فقد اتخذت عمليات فرض السلم ثلاث صيغ اكراهية وهي أولا العقوبات وأشهرها الإقتصادية وثانيا عمليات التدخل العسكري وثالثا المتابعات القضائية الجنائية. و منذ أن قررت القوى الغربية تدويل عملية اغتيال الحريري ونعتها بالأرهاب ومن ثم لجؤوها الى الفصل السابع لمتابعة ملف الإغتيال فإنها تكون بذلك قد حددت الإطار العام والوسائل التي ستعتمدها في محاولاتها لإجبار سورية على تنفيذ أهدافها المبينة في الفقرة السابقة أعلاه. لا مصلحة لأمريكا ولاقدرة لها على عملية عسكرية شاملة ضد سورية: السياسة الخارجية الأمريكية، وكما اشرنا الى ذلك عاليه، ملتزمة بالواقعية السياسية وتقوم على تفاعل عاملي المصلحة والقدرة. لا مصلحة لأمريكا ولا لحليفتها الإستراتيجية في المنطقة في تدخل عسكري مباشر ولا في قيام بديل ديمقراطي في سورية إنما مصلحتها في نظام قوي في الداخل وضعيف في الخارج ومستجيب للأهداف الأمريكية الغربية. أن الظروف الدولية والخصوصيات المختلفة للعراق والتي رأت فيها الولايات المتحدة عوامل مناسبة لغزوه تختلف جوهريا عن المتغيرات والظروف التي تشن فيها الحملة على سورية. وتتجلى عدم مصلحة المحافطين الجدد في عملية عسكرية مباشرة تغير نظام الحكم وتؤسس لحظور عسكري على الأرض في: تهديد نوعي لأمن اسرائيل؛ مصلحة اسرائيل تقع في القلب من مصالح السياسية الأمريكية وعملية عسكرية ضد سورية وعلى حدود اسرائيل لن يعني ذلك ألا تحويل الحدود الأسرائيلية الأكثر أمنا مع اسائيل في المنطقة الى حدود ملتهبة ولن تفعل غير خلق حالة جيو-ستراتسجية وحربية جديدة في المنطقة تمتد من لبنان حيث الفصائل الفلسطينية وحزب الله الى العراق حيث المقاومة والإرهاب الى فلسطين حيث الصراع العربي الإسلامي والإسرائيلي وكل ذلك مرورا بسورية التى ستكون وبلا شك مجالا جديدا للمقاومة الشعبية السورية والعربية ونىاريؤ الإسلامية ضد الأمركيين وضد اسرائيل. إن غزوا أمريكيا مباشرا لسورية لن يعني غير انطلاق حملة تحول نوعي وعميق في المنطقة لن تكون للإسرائل و لا لأي جهة غربية مصلحة من ورائه. جبهة جديدة للقاعدة؛ من المفروض أن تنتبه الإدارة الأمريكة الى أنها هي التي أتت بتنظيم القاعدة الى العراق. فلإعتبارات ايديولوجية وسياسية لم يكن ثمة ما يدعو للتعامل بين البعث والقاعدة قبل الإحتلال. أما بعده فقد توفر للقاعدة مجال حيوي كبير يفوق ما كان متوفرا لها بأفغانستان وكأني بالأمريكيين اليوم وهم يراجعون حساباتهم يقولون وي كأنهم لم يفلحوا بإخراج القاعدة من افغانستان وفتح باب عريض لها بالعراق مكنها الى حد الآن من الوصول الى عمان.إن حظورا عسكريا أمريكيا أو غربيا بسورية لن تكون من بعض نتائجه الا صفعة جديدة على وجه السياسة الأمريكية في حربها على الإرهاب. فحتي العراقيون توافقوا أخيرا في مؤتمرهم بالقاهرة على التفريق بين المقاومة والإرهاب بعد أن كان دستورهم قد تبنى مفهوما استعماريا للإرهاب. أزمة جديدة داخل الولايات المتحدة؛ الكل يعلم حجم الفضائح السياسية والإخلاقية والقانونية التي خلفتها وتسببت فيها سياسات المحافظين الجدد في موضوع العراق. لقد أضرت هذه الفضائح بالغ الضرر بالمصداقية والشرعية السياسيتين للرئيس بوش الذي تدنت شعبيته الى حدود مذهلة ونائبه تشيني الذي أصبح رأسه مطلوبا. وهكذا يصل مطلب الأنسحاب الأمريكيى الفوري من العراق الى مجلس النواب ليصوت عليه بالرفض هذه المرة. وهكذا يعدّ قادة الجيش الأمريكي في العراق خططا لتأمين انسحاب جنودهم لعرضها على البنتاغون. وهكذا يري عدد كبير ومتزايد من الأمريكيين أنهم يحسون بحالة تشبه حالة الإستعداد للإنسحاب من الفييتنام في مطلع السبعينات من القرن الخالي وهكذا أيضا يقبل الرئيس العراقي المؤقت الجلوس الى المقاومة في العراق بعد أن كان لايفرق بينها وبيت الإرهاب و هكذا أخيرا يتفق العراقيون في مؤتمر الوفاق على المطالبة بالإنسحاب من العراق وان كان متدرجا. في مثل هذه المشاهد لن تكون من مصلحة الإدارة الأمريكية القيام بعملية عسكرية جديدة ضد سورية قد تجلب من المتاعب والفضائح أكثر مما جلبه لهم غزو العراق. استفزاز أمريكي جديد لمنافسيها الغربيين؛ اذ بالرغم من التقارب الواضح في المواقف الروسية والأوروبية والأمريكية في الحملة ضد سورية فأن ذلك لا يجب ولا يمكن أن يخفي أن هذه القوى الأخرى لها مصالحها المستقلة عن المصالح الأمريكية وأن دعمها الحالي لأمريكا في الملف السوري لن يتواصل بنفس النسق والحماس في صورة تفضيل أمريكا لعملية عسكرية. كراهية أكبر في العالم لأميركا؛ الكراهية لأمريكا في العالم متنامية، ازدادت مع انكشاف سياساتها في العراق وستزداد في صورة حصول عملية عسكرية ضد سوريا. أما عدم قدرة الإدارة الأمريكية على القيام بعملية عسكرية ضد سوريا فهي من جوانب ثلاثة. أولها عدم القدرة القانونية إذ تحتاج الإدارة الأمريكية الى ترخيص بالحرب من قبل الكونجرس وهو أمر غاية في الصعوبة في أفق السنوات الثلاث المتبقية من حكم بوش. وثانيها عدم القدرة العسكرية حيث تفيد التقارير المتواترة والمتخصصة أن أمريكا غير قادرة على بسط نفنوذها على كامل التراب العراقي وأن ذلك يحتاج الى عشرات الآف من الجنود الإضافيين وهو ما لم تتمكن منه الإدارة ولعل ضعف الإقبال على التجنيد أحد أسبابه. وفي مثل هذه الحالة لن تقدرالإدارة الأمريكية على عملية جديدية تتطلب منها كمّا من الجند والتخطيط أكثر مما تحتاجه لبسط نفنوذ ها على كامل العراق. كما أن الإدارة الأمريكية لا يمكنها لغزو سورية التعويل على المشاركة الدولية المتناقصة في عمليات التدخل العسكري الأمريكي. ففي الحرب الأولى ضد العراق شارك تحالف دولي عريض ضم أكثر من ثلاثين دولة وفي الحملة على الصرب شارك حلف الناتو وفي أفغانستان أضعف من ذلك وفي العراق الثانية شارك أقل ممن شارك في العمليات ضد افغانستان فمن سيشارك في عملية ضد سورية غير التاج البريطاني. وأما ثالثها فعدم القدرة المالية نظرا للعجز المالي الهائل الذي سببه ولابزال غزو العراق. المتابعة القضائية الجنائية الدولية: الذريعة و الهدف الظاهر من الحملة على سورية هو محاسبة المسؤولين والمتورطين في عملية اغتيال الحريري ولذلك وقع تدويل عملية الإغتيال والأنطلاق في عملية تحقيق، شبه قضائي، عن طريق بعث لجنة ميمليس وما أعطي لها من صلاحيات في اطار تدابير الفصل السابع من الميثاق الأممي وما يعنيه ذلك من حجب السيادة على الدول المعنية بالموضوع اذ لن يكون عليها غير التعاون وفق قرارات اللجنة والمجلس الدوليين. والمنطق يقتضي أن يتمخض على اعمال هذه اللجنة توجيه الإتهام الى جهات بعينها أشخاص طبيعيون أو جهات رسمية. والقرار الفصل سيكون لمجلس الأمن فهو الذي سيختار واحدة من ثلاث طرق لمحاكمة المتهمين وهذا طبعا اذا لم يتجاوب النظام السوري مع المطاب والأهداف الحقيقة للقوى الغربية. يمكن لمجلس الأمن تكليف القضاء الوطني اللبناني بمقاضاة المتهمبن وعلى أرضه ويبرر ذلك بأن الجريمة وقعت على أرضه وضد مواطنيه وأن السلطات اللبنانية صاحبة مصلحة في القضية كما أنها تعاونت مع الهيئات الدولية في الموضوع. وفي مسرحية أو صفقة سياسية مع الحكم السوري قد يحاكم السوريون في سورية من طرف القضاء السوري وهذا سيحتاج الى تعاون سوري كبير مع المطالب الغربية. ويمكن لمجلس الأمن أن يقرر وفق ما له من صلاحيات في الفصل السابع وتحديدا االمادة (41) منه انشاء محكمة دولية مؤقتة على شاكلة المحاكم الخاصة المؤقتة لمحاكمة مجرمي الحرب والجرائم ضد الإنسانية وغيرها مثل ما كان عليه الأمر عند أدارة المجلس للأزمة الرواندية والأزمة البوسنية. وكخيار ثالث، يمكن لمجلس الأمن احالة أوراق القضية الى المحكمة الجنائية الدولية لتتولى هي بنفسها محاكمة المتهمين من طرف لجنة ميليس أو من ياتي بعده. و في كل هذه الحالات سيكون المطلوب،ظاهريا، من الحكم السوري التعاون غير المشروط مع لجنة التحقيق وبعد انتهائه تسليم المتهمين لمحاكمتهم وفق أحد الكيفيات الثلاث. وفي هذا اعادة لسناريو سابق مع ليبيا والسودان. وكان ضمن فصول المسرحية فرض عقوبات اقتصادية وغيرها على هاتين الدوليتن وهو مايمكن أن يحصل مع سورية. عقوبات اقتصادية والتهديد بها تكاد الدراسات الجديدة في مجال العقوبات الإقتصادية الدولية تجمع على أن هذه العقوبات، التي لجأت إليها الأمم المتحدة في مرحلة ما بعد الحرب الباردة بصفة مكثفة وغير مسبوقة، غير فعالة وغير مجدية في تحقيق الأهداف التي من أجلها فرضت. بل ثمة شبه اجماع على عدم انسانيتها بسبب آثارها الكارثية على الحقوق الإقتصادية والإجتماعية للفئات المحرومة في الأنظمة الإستبدادية التي لا تتضر عادة من العقوبات ولذلك أعتبرت بمثابة معاقبة للمظلومبن بما كسبت أيدي الحاكمبن. وفي نفس النسق فقد تعالت أصوات المختصين للمطالية بتعويضها بالعقوبات الموجّهة Targeted Sanctions والتي تستهدف المعنيين ما أمكن. وفي هذا الإطار التحليلي سيكون من الأرجح أن الإدارة الأمريكية التي تريد الضغط على الحكم السوري أن تستعمل الأمم المتحدة من أجل فرض عقوبات موجهة تستهدف أموال وحركة المتهمين مع الحرص على تضمين لائحة المستهدفين اسماء من الوزن الثقيل لإرهاب الحكم السوري ورجالاته حتى يعطوا الدنية وهم صاغرون. والمتامل في القرار رقم 1636 يبرز له هذا التمشي اذ بدات لوائح الأسماء في الظهور كما طلب من سورية و الدول الأخرى الإستعداد والتهيئ لفرض عقوبات محددة ضد أشخاص محددين. ولن تلجأ المنظومة الغربية الى فرض عقوبات اقتصادية شاملة في شكل مقاطعة، عدم الشراء، و حضر، عدم البيع، قد تكون مصحوبة بصيغة تنفيذية في شكل حصار؛ لن تلجا الى ذلك الا اذا استعصى الحكم السوري و رفص التعاون. خيارات سورية في مواجهة السياسات الغربية: علينا أولا عدم الخلط بين مصالح النظام ومصالح الشعب في سورية فلكل خياراته ومصالحه وإن تداخلت أحيانا. فمصلحة الحكم الأولى والأخيرة هي البقاء في الحكم وياتي بعده المواصلة في سياساته الخارجية العربية والإسلامية المتزنة أما الحريات والديمقراطسة فعدوه اللدود ومقتله اذ في تحققها ذهاب ريحه وسلطانه. وأما الشعب السوري وقواه الحية والفاعلة فمصلحتها في مجتمع حر ديمقراطي وعادل في الداخل وهذا مفقود وسياسات عربية واسلامية وطنية ومستقلة في الخارج وهذا متوفر بأقدار كبيرة وهذا هو المشترك من المصالح بين الحكم والمحكومين في سورية. ثانيا أن نتخلى كعرب حكومات ونخبا وشعوبا على نظرية التآمر وعن المناهج الساذجة والغوعائية والشامتة أحيانا أخرى. فقتل الحريري عملية سياسية ومجلس الأمن كما هو معلوم هيئة سياسية بطبيعتها ولجنة ميليس هئية تحقيق سياسية والمواقف السورية واللبنانبية مواقف سياسية فلماذا نتآمر و نقول بأن قرارت المجلس و اللجنة مسيسة إنها فعلا وبطبيعتها كذلك. و من مصلحتنا أن نعلم ونقول أن النظام السوري مسؤول بصيغة مباشرة أو غير مباشرة في مقتل الحريري فالعارفون بالنفوذ السوري في لبنان يعلمون جيدا أن، وفي ألطف الحالات، بعض أجنحة النظام السوري، المخابرات، كانت تعلم أو كان بإمكانها ان تعلم أو كان عليها أن تعلم بالعملية. وتقرير ميليس تضمن الكثير من المعطيات التي تمثل قرائن واقعية جادة لمتابعة البحث مع جهات سورية عليا. والأنظمة الديمقراطية وغير الديمقراطية يجب أن تكون مسؤولة عن أخطاء بعض أشخاصها أو أجنحتها. واليد السورية موجودة بطريقة أو بأخرى في عملية الإغتيال ولا مصلحة للعرب والسوريين المواصلة في خطاب البراءة السورية التامة من دم الحريري. كما أن الخطاب القومجي التهييجي على الملأ والهرولة نحو التنازلات في صالونات الحكم لعبة قديمة تستخف بالشعوب؛ لعبة مارسها الحكم العراقي والليبي وغيرهم وهي لعبة مكشوفة فلن تجدي التجمعات الحاشدة ولا برقيات الولاء والتأييد ولا الملاحم الشعرية الباهتة. وللمعارضة السورسة ان تعي أن ساعة سقوط الحكم لم تحن وأن الديمقراطية في الدول العربية مسار شاق وصعب وأنهم لا يزاالون في بدايته. وأنه لامصلحة لأمريكا في اسقاط الحكم السوري ولا في بديل ديمقراطي له. غير أنه من حق المعارصة اغتنام الفرصة للتعربف بالمظالم داخل سورية ودع الحكم يتهمها بعدم الوطنية أو الخيانة فليس غير هذا منتظر منه. كما انه من مصلحتها ومن واجبها الإنتباه الى أنه ثمة مصلحة مشتركة بينها وبين الحكم وهي الدفاع عن السياسة الخارجية لسورية. يراهن البعض على ما فشل فيه صدام حسين ورفضه لإجتناب الضربة الأمريكية الثانية: الإلتحام بالشعب والمراهنة عليه والقيام باصلاحات داخلية حقيقية وليس مثلها من مانع وحصن ضد التهديدات الخارجية. والنظام السوري لا يقدر على هذه المهمة لأن نهاية الإصلاح ومحاربة الفساد، الذي قتل الحريري، لن تكون غير نهاية الحكم البعثي في سورية وقد رأينا كيف أن هدف الحملة الغربية لا تستهدف الحكم فلماذا سيختارهذا الحكم الإصلاح الذي سيفنيه ويترك التعاون مع الغرب الذي سيضمن له الكرسي الى حين. واذا ما كان الحكم السوري عاجزا عن القيام بإصلاح حقيقي في الداخل فإنه باستطاعته اتخاذ مجموعة من الإجراءات لتحسين المناخات السياسية وقطع خطوة ولو بسيطة في اتجاه الإصلاح. ولايزال بوسعه التخفيف من الضغط الغربي عليه في موضوع الأهداف الحقيقية من الحملة وذلك بمتابعة حقيقية للمسؤولين على الإغتيال لإسقاط الهدف الذريعة من يد خصومه.و أن ينتبه أيضا الى أن لخصومه متاعب متعددة يمكن توظيفها توظيفا سياسيا فعالا. (المصدر: موقع “التحديث العربي” بتاريخ 8 جانفي 2006) وصلة الموضوع: http://www.arabrenewal.com/index.php?rd=AI&AI0=11920
مسح: نحو ثلث الشبان المغاربة يعتقدون أن الدين والسياسة يتكاملان
الرباط (رويترز) – نشرت صحيفة مغربية مستقلة يوم الجمعة نتائج مسح اجرته في اوساط الشبان المغاربة اظهر ان 32 في المئة منهم يعتقدون ان الدين يجب ان يوجه عمل الاحزاب السياسية في الوقت الذي يحظر القانون المغربي تشكيل احزاب سياسية على اساس ديني. وقالت صحيفة لوكونوميست الاقتصادية الناطقة بالفرنسية ان “32 في المائة من الشبان يعتقدون ان الدين يجب ان يوجه عمل الاحزاب السياسية مقابل 37 في المائة يعتقدون العكس.” ويعتبر القانون المغربي ان تاسيس الاحزاب السياسية على اساس عرقي او ديني باطل كما ان الدستور المغربي يخول للعاهل المغربي الجمع بين الدين بصفته “امير المؤمنين” والسياسة. وخلص المسح الى ان هناك اختلافا في وجهات النظر بين الشبان المغاربة “مما يبين نقاشا كبيرا بينهم حول الموضوع.” وابدى 68 في المئة منهم “عدم الثقة في السياسة” حيث اعرب 75 في المئة من الذكور عن عدم ثقتهم في الاحزاب السياسية مقابل 60 في المئة من الاناث. ولم يبد 19 في المئة اي رأي وابدى 13 في المئة ثقة في الاحزاب. واشارت الصحيفة الى ان 95 في المئة من الذين شملهم المسح لا ينتمون الى اي تيار سياسي. واظهر الاستطلاع الذي اجرته الصحيفة ونشرت نتائجه على مراحل عزوفا عند الشبان المغاربة عن المشاركة في الحياة السياسية قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية القادمة في المغرب رغم ان 44 في المئة منهم ابدوا تعاطفهم مع تنظيم القاعدة فيما قال 57 في المئة انهم يحبذون بعض مظاهر التدين مثل ارتداء الحجاب بالنسبة للمرأة. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 27 جانفي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
“الاخوان” و”القاعدة» وجماعات أخرى …
دليل شامل للحركات الإسلامية في العالم
محمد صلاح الاهتمام الأكاديمي والإعلامي والسياسي الكبير بالظاهرة الإسلامية في الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، لم يترافق مع محاولات للتعرف على أبرز مكونات تلك الظاهرة وأكثرها إثارة للجدل، أي الحركات الإسلامية، بصورة تتفق والتوصل الى أدق تعريفات ممكنة لها وتصنيفات لفئاتها وأنواعها. وظل الاهتمام البحثي والإعلامي والسياسي بتلك الحركات منصبّاً عليها بصورة فردية وجزئية، أو بصورة يشوبها التعميم، وبدت في النهاية وكأنها تأخذ أحد شكلين: إما أنها حركات وجماعات منفصلة عن بعضها بعضاً، أو أنها تتسم بالخصائص العملية والأفكار النظرية نفسها بما يضعها جميعاً ضمن كتلة صماء هي «الحركات الإرهابية العنفية» بحسب المصطلحات التي سادت بعد أيول 2001. ومن هنا تأتي أهمية «دليل الحركات الإسلامية» الذي طرحه مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في «الأهرام»، والذي عرض لتطور الحركات الإسلامية على مستوى العالم، وتطور العالم نفسه· قسم الدليل إلى ثلاثة أبواب رئيسة يشمل الأول «الحركات الإسلامية: التعريف والأنشطة»، ويركز على الجوانب التاريخية لقيام تلك الحركات وأنشطتها العملية، ويعرض جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وحزب «العدالة والتنمية» في تركيا كنموذجين للحركات السياسية – الاجتماعية ذات البرامج الإسلامية الساعية للوصول للحكم بالطرق السلمية في بلادها، كما يتناول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجماعة «الجهاد الإسلامي» الفلسطينيتين نموذجاً لحركات التحرر الوطني المسلحة الإسلامية، والتي هي في الأصل جزء من الحركات السياسية – الاجتماعية ذات البرنامج الإسلامي. ويتناول الدليل تنظيم «قاعدة الجهاد» باعتباره النموذج الأبرز حالياً للحركات الإسلامية الجهادية الدولية· كما يتضمن دراسة تعالج «الجماعة الإسلامية» في إندونيسيا كنموذج مثالي للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ذات الطابع الإقليمي، ويقدم صورة واقعية حديثة لما تبقى من «جماعة الجهاد» المصرية التي كانت نموذجاً للحركات الإسلامية الجهادية المحلية ثم انتقل قسم منها ليتحول إلى «حركة جهادية» دولية منخرطة في تنظيم «القاعدة». وهناك دراسة عن «حركة المجاهدين» في كشمير كنموذج للحركات الجهادية الاستقلالية – الانفصالية· الأفكار والرؤى ويركز القسم الثاني من الدليل على «الأفكار والرؤى» التي يقوم عليها النشاط الحركي للحركات الإسلامية بمختلف فئاتها وأنواعها، ويتضمن جزءاً خاصاً عن زعيم تنظيم «القاعدة» اسامة بن لادن لتحليل رؤاه وتصوراته لمجموعة من القضايا الرئيسية، ويدرس التطور الذي مر به خطابه قبل هجمات أيلول وبعدها من زاوية التكرار ووسائل الاتصال التي استخدمها والجمهور الذي استهدفه في المرحلتين، فضلاً عن الأشكال التي اتخذها ذلك الخطاب. وتركز دراسة ثانية على التعرف على حقيقة وزن القضية الفلسطينية التي تكررت كثيراً في خطاب بن لادن واختلف كثير من الدارسين حول اعتبارها جزءاً أصيلاً من فكر زعيم «القاعدة» أو مجرد حجة يتكىء عليها لتبرير ممارساته الإرهابية. وتسعى دراسة أخرى الى تحليل التفكير الاقتصادي لبن لادن، وموقع الجوانب الاقتصادية والمالية من تصوره الصراعي الشامل مع من يعتبرهم أعداءه الرئيسين خصوصاً الولايات المتحدة. وهناك جزء خاص يركز في صورة أكثر عمقاً على التفكير العسكري العملياتي عند زعيم «القاعدة» باعتباره التطبيق النوعي لرؤيته الجهادية الدولية. وينتهي القسم بدراسة معمقة لسلسلة «تصحيح المفاهيم» التي اصدرتها «الجماعة الإسلامية» المصرية لتدشن بها تحولها الكبير والنهائي من حركة جهادية محلية إلى حركة سياسية – اجتماعية ذات برنامج إسلامي ساعية للوصول للحكم بالطرق السلمية. أما القسم الثالث والأخير من الدليل فيركز على التطور الفكري والعملي للحركات الإسلامية ويدرس «القيادات الحركية والفكرية» التي لعبت – ولا تزال – أدواراً حاسمة في هذا التطور. وتحلل الدراسة الأولى في هذا القسم سيرة الدكتور حسن الترابي القائد الإسلامي السوداني البارز وأفكاره، وتأثيره في تطور الحركة الإسلامية السياسية السلمية في السودان طيلة العقدين الأخيرين. والدراسة الثانية مخصصة لتطور أفكار الإسلامي الجهادي المصري سيد إمام الشريف المعروف باسم عبد القادر بن عبد العزيز، أمير جماعة «الجهاد» المصرية حتى عام 1993 وصاحب اثنين من المؤلفات الضخمة التي أسست للفكر الجهادي العنيف هما كتابا «الجامع في طلب العلم الشريف»، و»العمدة في إعداد العدة»· يتحدث الدليل عن مشاكل تعريف وتصنيف الحركات الإسلامية، ويرى أن مصطلح «الحركات الإسلامية» عانى دوماً – حتى قبل هجمات أيلول – من درجة عالية من الغموض والتشويش على رغم كثرة الدراسات والمقالات التي عالجت جوانب مختلفة لتلك الحركات. ففي الكتابات العربية نجد تصنيفات عدة مثل: السلفية والأصولية والمتشددة والإرهابية والمتطرفة والإسلامية والأرثوذكسية، وتزداد المشكلة في اللغات الأجنبية، مثل الفرنسية والإنكليزية والتي تتضمن ترسانة ضخمة أخرى من المصطلحات والتصنيفات التي يعود معظمها إلى مصادر تاريخية ومعارفية غربية في الأساس· ويرى الدليل أن الغالبية الساحقة من تلك المصطلحات والتصنيفات العربية والأجنبية تعاني من نقطة ضعف جوهرية تضع حدوداً على قدرتها على التعبير الدقيق عن الظاهرة الإسلامية بتنويعاتها المختلفة، وهي أنها تعود في معظمها إلى أصول معرفية أجنبية، وبذلك لا تنتمي سواء في أصلها الأجنبي أو ترجماتها العربية الشائعة والمعدلة أحياناً إلى المجال التاريخي والمعرفي الإسلامي الذي نشأت الحركات الإسلامية المعاصرة ضمن حدوده وتطورت داخله. كما لا يخفى ما يكمن وراء بعض هذه المصطلحات والتصنيفات الشائعة من انحيازات تقويمية لواضعيها ومروجيها ومستخدميها مثل «متطرفة» أو «إرهابية» أو «متشددة» من جهة أو «اصلاحية» أو «ثورية» أو «معتدلة» من جهة أخرى في اللغة العربية، وما يقابلها في اللغات الأجنبية، اذ يستند واضعو تلك المصطلحات والتصنيفات الى جزء من خصائص بعض الحركات الإسلامية ليعمموا مضمونه على الحركات كلها أو معظمها. كما سعت كتابات أخرى للهروب من صعوبة التصنيف والتمييز بين فئات الحركات الإسلامية المختلفة أو بغرض وصمها بخصائص بعينها، إلى الحديث عنها جميعاً باعتبارها حركة واحدة متجانسة على رغم تنوعها وتفرقها بين بلدان العالم الإسلامي، وقد بدت كل الحركات الإسلامية في تلك الكتابات – الغربية والعربية على حد سواء – وكأنها كتلة واحدة تتسم بخصائص واحدة وتقع أفكار التكفير والعنف في مقدمها. وتعكس هذه النوعية من المصطلحات والتصنيفات التقويمية رؤية اصحابها لمواقف الحركات الإسلامية من المصالح والأفكار التي ينتمون إليها أكثر مما تعكس من حقيقة تلك الحركات. فمستخدمو تلك المصطلحات والتصنيفات في العربية واللغات الأجنبية هم في الغالب أطراف في الصراعات السياسية والثقافية والاجتماعية الدائرة في مجتمعاتهم حول الظاهرة الإسلامية، ويعبرون من خلال تلك المصطلحات والتصنيفات التقويمية عن خلافهم أو اتفاقهم مع هذه الظاهرة ورفضهم أو قبولهم لها بمختلف مكوناتها· ويرتبط بذلك مباشرة سيولة بعض تلك المصطلحات والتصنيفات وصعوبة الإمساك بها بدقة مثل مصطلح «حركات معتدلة» أو «حركات متطرفة»، اذ يبدو غامضاً – وأحياناً غائباً – المركز الأساس للتصنيف والذي يمكن القول باعتدال أو تطرف الحركات الإسلامية بحسب قربها منه أو بعدها عنه· ولم تكن صياغة مصطلحات وتصنيفات ذات أصل غربي غائم للحركات الإسلامية العقبة في طريق تعريف وتصنيف أدق لها فحسب، بل أيضاً تبني باحثين آخرين – عربا ومسلمين أو جانب – متحمسين للظاهرة الإسلامية وقريبين من بعض أفكارها وتصوراتها مصطلحات وتصنيفات أخرى «مضادة» لم يكن معظمها سوى صياغات معدلة لما تطلقه تلك الحركات على نفسها من مسميات، بغض النظر عن قربها أو بعدها من الطبيعة الحقيقية لتلك الحركات. وتختلف تلك الجماعات في فهمها لتفاصيل علاقة مشروعها الفكري والسياسي والاجتماعي بقواعد الإسلام وأصوله كما تختلف في تفسيرها لبعض تلك القواعد والأصول، إلا أنها تظل جميعها مع ذلك تعتقد بصحة انتساب مشروعها للإسلام وتظل تطلق عليه صفة «إسلامي». وعلى رغم أهمية الأساس الفكري لدى كل الحركات السياسية والاجتماعية الأخرى، فهو ذو مكان خاص بالنسبة للحركات الإسلامية اذ يمثل بالنسبة للبعض منها نصاً دينياً «مقدساً» تسعى الى تطبيقه من دون اجتهاد أو تعديل فيما هو بالنسبة لبعضها الآخر مرجعية رئيسية لها الأولوية على أي مرجعيات أخرى. ويمتد التأثير الحاسم للأساس الفكري إلى مختلف جوانب الحركات الإسلامية بدءاً من أسمائها ومروراً بمصطلحاتها ورموزها وأشكالها التنظيمية وانتهاءً باستراتيجياتها وأساليبها الحركية، وهو الأمر الذي يميزها عن غيرها من الحركات السياسية والاجتماعية في علاقتها بأسسها الفكرية، على رغم التشابه الظاهري الذي يبدو بينها. خريطة الحركات الإسلامية يقسّم الدليل الحركات الإسلامية إلى فئتين لا يجمع بينهما سوى الانتساب الى الإسلام مع الاختلاف العميق في طريقة هذا الانتساب وقراءة ذلك الإسلام· وأدت عوامل عدة متداخلة إلى خلق تلك الخريطة المركبة للحركات الإسلامية المعاصرة، منها ان نظائر لتلك الحركات سبق لها الظهور في القرون الخمسة عشر التي تمثل التاريخ الإسلامي، وأن بعضاً من الحركات التي نشهدها حالياً ليست سوى «إعادة إنتاج» لتلك الحركات القديمة. ولفت الدليل إلى أن خريطة الحركات الإسلامية الواردة فيه لا تشمل سوى تلك التي ترتبط بعلاقة ما مع السياسة وفي مركزها السلطة والدولة أكثر من ارتباطها بالمجتمع والممارسات الاجتماعية والدينية الطقوسية، فالخريطة لا تشمل وفقاً لذلك عدداً من الحركات المهمة والواسعة الشعبية في العالمين العربي والإسلامي مثل الحركات الصوفية وبعض الحركات السلفية والمؤسسات الدينية الرسمية أو الاجتماعية. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 26 جانفي 2006)