فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia
|
TUNISNEWS 10ème année, N°3878 du 04.01.2011
archives : www.tunisnews.net
الحرية للصحفي الفاهم بوكدوس
ولضحايا قانون الإرهاب
المرصد:تالة : المواجهات مستمرة لليوم الثاني على التوالي بين الشباب الغاضب وقوات الامن
الوسط:أم العرايس: مجموعة من المعطلين عن العمل تهدد بانتحار جماعي احتجاجا على معاناة مع البطالة
المرصد:السواسي .. المعتمد يتهجم على معلمين في مدرسة ابتدائية والمعلمون يدخلون في اعتصام مفتوح في المدرسة
الوسط:تلاميذ المعهد الثانوي بمنزل بوزيان لم يباشروا الدراسة منذ يوم الاثنين
كلمة:تواصل الاحتجاجات في عدد من المعاهد
كلمة:احتجاجات في كلية الآداب بسوسة
المرصد:المرناقية …عمال مجمع تكنوفار يدخلون في اضراب جوع
هيئة تحرير البديل:مراسل البديل عمّار عمروسية محلّ تتبع في قضية جنائية
جرزونة:لائحة إجتماع عام:إن غد أخر لتونس ممكن ……فلنعمل على تحقيقه سويا
عفاف بالناصر:بطاقة زيارة
مواطنون تونسيون:تجمع ستوكهولم في نصرة انتفاضة تونس
كلمة:اعتصام أمام السفارة التونسية ببرلين
صابر التونسي:”صُنْصِرَ الصَّنْصَارُ”
اللجنة العربية لحقوق الإنسان:المقاومة المدنية تونس أنموذجا
محمد المرواني:سيدي وزير الداخلية عليكم بالاستقالة
سمير ساسي: سيدي بوزيد وأسئلة السياسة المغلوطة
حمادي الغربي:الانتفاضة… قلبت الموازين
“كفى صمتا”، تساهم في كسر الصمت حول احتجاجات “سيدي بوزيد” وخلفياتها ونتائجها المحتملة
بشير البكر:تونس: قمع إلكتروني بإشراف إسرائيلي
“فورين بولسي” : موجة الإحتجاجات في تونس : من أين انطلقت وماذا تعني ؟
“دي فلت”
:أعمال شغب في جنّة العُطَل الألمانيّة
القدس:موجة الاحتجاجات التونسية: أسباب عميقة ونتائج ما تزال غير معروفة
مكارم ابراهيم:أين الغرب من صرخة الشعب التونسي؟
السبيل اولاين:تشييع جثمان المناضل عبد القادر الدردوري والبوليس يحاول التشويش على موكب الدفن
المرصد التونسي:عبدالقادر الدردوري يشيع الى مثواه الأخير
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل:تعزيـــــــــة
الصباح:بعد جلسة أمس مع ممثلي اتحاد الشغل:وزارة التربية تحدد روزنامة للتفاوض مع نقابات التعليم
الصباح:هل تحرمهم من الترشح للمؤتمر؟:إحالة أربعة نقابيين على لجنة النظام
بن عروس:اختفاء الطفل عمر في ظروف غامضة
برهان غليون :2011 عام القلاقل والتحولات
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس أكتوبر 2010 https://www.tunisnews.net/28Novembre10a.htm
تالة : المواجهات مستمرة لليوم الثاني على التوالي بين الشباب الغاضب وقوات الامن
تواصلت اليوم الثلاثاء 04 /01 / 2011 ومنذ الساعة العاشرة صباحا في مدينة تالة المواجهات بين شباب عاطلين عن العمل وتلاميذ وقوات الامن وقد استعملت قوات الامن القنابل المسيلة للدموع بكثافة كبيرة جدا وهو ما ادى الى حصول حالات اختناق عديدة في صفوف التلاميذ وحتى الاساتذة علما ان عناصر الامن انتهكت حرمة عدة مؤسسات تربوية وذلك بهدف البحث عن تلاميذ لايقافهم كما ان الدروس تعطلت في اغالب المؤسسات التربوية بعد الساعة العاشرة . ويجهل الى حد الساعة عدد الموقوفين بدقة وكذلك عدد المصابين والى حدود الخامسة مساءا مازال الوضع متوترا وتتقطعه المواجهات . مراسلة خاصة بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
مجموعة من المعطلين عن العمل من أم العرايس تقطع الطريق الرابطة
بين قفصة و أم العرايس وتهدد بانتحار جماعي احتجاجا على معاناة مع البطالة
الوسط التونسية-عاجل : مجموعة من المعطلين عن العمل من أم العرايس تقوم بقطع الطريق الرابطة بين قفصة و أم العرايس تحديدا بعمادة دوارة السطح , و قد قام مجموعة من الشباب بقطع المياه التي تستعملها شركة فسفاط قفصة لغسل الفسفاط(تحديدا على مغسلة ام العرائس والمتلوي) والتي أفقرت المائدة المائية في المنطقة , و هدد الشباب بانتحار جماعي احتجاجا على البطالة التي يرزحون تحتها. تجدر الإشارة الى أن شباب المنطقة المعطل عن العمل يعتصم منذ 4 أيام في مقر معتمدية أم العرايس و قد تم اعتقال اكثر من 20 شاب على خلفية احتجاجات اجتماعية بالجهة. (المصدر:موقع الوسط التونسية(ميونخ-ألمانيا) بتاريخ 4 جانفي 2011)
السواسي .. المعتمد يتهجم على معلمين في مدرسة ابتدائية والمعلمون يدخلون في اعتصام مفتوح في المدرسة
تهجم اليوم معتمد السواسي على المعلمين والنقابيين في مدرسة ابتدائية وعلى خلفية هذه الاهانة التي لحقت الاطار التربوي والنقابي دخل المعلمون في اعتصام مفتوح بالمدرسة ومازلوا في اعتصام الى حد الساعة ( التاسعة ليلا ) علما ان المندوب الجهوي للتربية وكاتب عام الولاية انتقل الى المدرسة بهدف فك الاعتصام الا ان المعلمين متمسكون بمطلب اساسي وهو تنحية المعتمد او نقلته الى منطقة اخرى مراسلة خاصة بالمرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
تلاميذ المعهد الثانوي بمنزل بوزيان لم يباشروا الدراسة منذ يوم الاثنين
تلاميذ المعهد الثانوي بمنزل بوزيان لم يباشروا الدراسة منذ يوم الاثنين و السبب أن المعهد تحول في العطلة الى ثكنة عسكرية و حالة التدنيس مست كل شيء حتى قاعات الدرس مرورا بالفضاءات الصحية و المبيتات و اليوم 4 جانفي 2011 قام البوليس بقمع تلاميذ المدرسة الاعدادية و الاعتداء عليهم داخل ساحة المعهد. (المصدر:موقع الوسط التونسية(ميونخ-ألمانيا) بتاريخ 4 جانفي 2011)
تواصل الاحتجاجات في عدد من المعاهد
حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 04. جانفي 2011 تواصلت التحركات الاحتجاجية في بعض المعاهد في مدينة صفاقس ،فقد علمت كلمة أن مسيرة احتجاجية شهدها معهد حي الحبيب مساندة لأهالي سيدي بوزيد . وقد قامت الشرطة باعتقال عدد من التلاميذ الذين شاركوا في الاحتجاجات بالمعاهد الثانوية و استدعت أوليائهم ومن بين المعتقلين التلميذ عمر حشاد من معهد حي الحبيب و محمد النصيري من المعهد التقني بصفاقس. من جهة أخرى شهد المعهد الثانوي ابن زيدون بتستور من ولاية باجة اليوم الثلاثاء وقفة احتجاجية لمدة نصف ساعة نفذها أساتذة المعهد احتجاجا على الإجراءات التي وصفوها بالقمعية ضد المطالبين بحقهم في العمل و الكرامة وتضامنا مع ضحايا القمع. وفي سوسة نفذ تلامذة المعهد الثانوي بمعهد محمد العروي وقفة احتجاجية تضامنية مع أهالي سيدي بوزيد مرددين النشيد الرسمي ومطالبين برفع الحصار عن سيدي بوزيد. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 جانفي 2011)
احتجاجات في كلية الآداب بسوسة
الثلاثاء, 04. جانفي 2011 نظم صباح اليوم طلبة كلية الآداب بسوسة تظاهرة حائطية لمساندة أهالي سيدي بوزيد وتلامذة معهد تالة ثم عقدوا اجتماعا عاما أمام مركز الأمن الجامعي ورددوا شعارات منددة بفساد السلطة ومطالبين بتحقيق تنمية عادلة وتوفير فرص التشغيل وقد قرر المجتمعون تنظيم اعتصام أمام مركز الأمن الجامعي احتجاجا على تواصل حصار أهالي سيدي بوزيد ومن اجل المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين وتضامنا مع مدينة تالة التي تشهد بدورها حصارا امنيا خانقا منذ ليلة البارحة. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 جانفي 2011)
المرناقية …عمال مجمع تكنوفار يدخلون في اضراب جوع
دخل اليوم الثلاثاء 04 /01 / 2011 مجموعة من عمال مجمع تكنوفار (26 عامل ) في اضراب جوع مفتوح بمقر العمل بالمرناقية للمطالبة بتسوية وضعية اجورهم المتخلدة بذموة المؤجر وقد راسل اليوم العمال السلط الجهوية والوطنية وكذلك الهياكل النقابية الجهوية والوطنية لاعلامهم بتحركهم الاحتجاجي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux تونس في 4 جانفي 2011
مراسل البديل عمّار عمروسية محلّ تتبع في قضية جنائية
تلقى اليوم مراسلنا عمار عمروسية الموقوف بالسجن المدني زروق – قفصة زيارة أخته ومحاميه الأستاذ حسين التباسي. وقال الأستاذ التباسي أن عمار عمروسية محلّ تتبع في إطار قضية جنائية وقد وجّهت إليه 10 تهم من بينها ترأس وفاق بنيّة الاعتداء على الممتلكات والأشخاص والمشاركة في مظاهرة ونشر أخبار زائفة والدعوة لخرق قوانين البلاد وإحداث الهرج والتشويش والجهر بالصراخ والأناشيد المهيّجة بمكان واجتماعات عمومية والدعوة للعصيان، وتسقط هذه الإتهامات تحت طائلة الفصول 121، 131، 132، 220 مكرّر، 315 و316 من المجلة الجنائية والفصول 42 و44 و49 من مجلة الصحافة والفصل 26 من القانون عدد4 لسنة 1969 المنظم للاجتماعات والمظاهرات والتجمّع. وهي تهم خطيرة تنجر عنها أحكام ثقيلة بالسجن، فالتهمة الأولى وحدها تعاقب بـ12 سنة سجنا. وقد علمنا أن حاكم التحقيق بقفصة أجّل يوم الجمعة 31 ديسمبر 2010 التحقيق وأصدر بطاقة إيداع بالسجن ضدّ عمار عمروسية الذي رفض التحقيق معه في غياب محاميه. وقد أخبرتنا عائلة عمار عمروسية أنه نقل إلى تونس إثر إيقافه يوم الأربعاء 29 ديسمبر ثمّ أرجع إلى قفصة يوم الجمعة للمثول أمام حاكم التحقيق. وتلقى عمار أثناء تواجده بزنزانة الإيقاف بمحكمة قفصة تهديدات بالقتل من أحد الأعوان المدنيين الذي قال له “في الحبس قاتلينك، البرّه قاتلينك” (سنقتلك سواء كنت بالسجن أو خارجه). إن هيئة تحرير البديل إذ تعتبر ما يجري تجريما لحرية الصحافة والتعبير والمشاركة في الاحتجاجات الاجتماعية، فإنها تدعو كل الصحفيين والمنظمات الحقوقية والمدافعة على حرية التعبير في تونس وخارجها، إلى تبني قضية مراسلنا عمار عمروسية والمطالبة بالإفراج عنه فورا دون قيد أو شرط.
هيئة تحرير البديل 3 جانفي 2011 للاتصال: contact@albadil.info
جرزونة في 04/01/2011
لائحة إجتماع عام
إن غد أخر لتونس ممكن ……فلنعمل على تحقيقه سويا
نحن الأساتذة المجتمعون اليوم تحت إشراف النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بجرزونة لتدارس أهمّ المستجدّات , وخاصة حركة الإحتجاجات الإجتماعية, التي إنطلقت أحداثها من ولاية سيدي بوزيد على إثر إقدام الشاب المعطّل عن العمل محمّد البوعزيزي على إحراق نفسه بعد أن ضاقت به السبل في إيجاد عمل لائق يحقق به إنسانيته وبعد أن تم منعه من بيع الغلال على عربة مجرورة وهو الجامعي صاحب الشهادات .و للوقوف على القمع الوحشي التي جابهت به السلطة هذه التحرّكات من قمع وإختطاف وتعنيف إلى حدّ إستعمال الرصاص في مواجهة الصدور العارية ليسقط شهيدين في منزل بوزيان. وأمام ما حدث وما يمكن أن يحدث خاصة وأن أسباب الأزمة لا يمكن معالجتها بإجراءات كالتي وقع إتخاذها فإننا نعلن : -1- وقوفنا إجلالا لأرواح الشهداء الذين سقطوا من الشغل والكرامة -2- مساندتنا المطلقة لأهالينا في كلّ ربوع تونس من أجل الحق في الشغل والتنمية والتوزيع العادل للثروة . -3- تنديدنا بكل حزم بالقمع المسلّط على التحرّكات الإحتجاجية وتنبيهنا إلى خطورة المعالجة الأمنية للحراك الإجتماعي المطالب بالتنمية والشغل والعدالة الإجتماعية . -4- المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن قتل الأبرياء العزّل وعن عمليات الدهم للمحلّات الخاصة والبيوت . -5- تنديدنا بتفشي ظاهرة الرشوة والمحسوبية التي طالت العديد من الميادين والقطاعات وخاصة ميدان التشغيل. -6- المطالبة بإطلاق سراح كل المعتقلين وإيقاف التتبّعات .
بطاقة زيارة 3 جانفي 2011
يتابع الفاهم بوكدّوس باهتمام شديد الحملة المسعورة التي تشنّها السلطات التونسيّة ضدّ عديد وكالات الأنباء والفضائيات الجادّة على خلفية تعاطيها الإخباري مع أحداث سيدي بوزيد والتي وظفت فيها عديد الشخصيات الورقية والمنظمات الاصطناعية والمجالس المنصّبة وحزبيات الفتات.
إن التهافت على اتهام وسائل الإعلام تلك، وفي مقدمتها فضائية الجزيرة القطرية بالتضخيم والتهويل والفبركة والتحريض على الشعب والعداء لتونس. ليس إلا لتصدير تبعات أزمة اجتماعية خانقة لها أسبابها الموضوعية والذاتية. وقد أشار الفاهم إلى أنه طالما أكد إبان الاحتجاج المنجمي وبعده إن التحركات الشعبية الواسعة تحتاج فعلا إلى وسائل إعلام محترمة تخبر عن نضالاتها وتدافع عن مطالبها المشروعة ولكنها تصنع بالتوازي إعلامها الشعبي الذي وإن كانت تنقصه المهنية والحرفية، فإن آليته وصدقه واعتماده على تطور وسائل الاتصال والمعلوماتية كفيل بكسر حواجز التعتيم والتكميم وإيصال أصواتها إلى أقصى أصقاع العالم.
المجد للإعلام الحر وعاشت نضالات فرسان الكلمة. عفاف بالناصر
بسم الله الرحمان الرحيم
تجمع ستوكهولم في نصرة انتفاضة تونس
بصفتنا مواطنين تونسيين ومواطنات تونسيات مقيمين بالسويد ، تجمَّعْنا اليوم الإثنين 03/01/2011 على الساعة 14:00 أمام السفارة التونسية باستكهولم، تضامنا مع شعبنا ، ونصرة لبلادنا ، ومساندة لانتفاضة الفقراء والمهمشين والمظلومين في تونس. وهذا أبسط حق من حقوقهم علينا وواجبنا تجاه وطننا العزيز. يا أبناء شعبنا ، لقد بلغتنا أصواتكم ، ورأينا انتفاضكم من سيدي بوزيد إلى بنقردان إلى جندوبة ، معبّرين عن عمق المأساة التي تعيشونها ومنها: · البطالة والفقر والحرمان . · التشريد والنفي في الداخل والخارج · المعاناة من الظلم والخوف والقهر والقمع. يا أبناء تونس ، لقد شتتونا حتى يستفردوا بنا واحدا واحدا: · فالوحدة الوحدة · والنصرة النصرة يا أبناء تونس نرفع أصواتنا لكم وإلى السلطة التونسية : · أننا مع انتفاضة ضحايا البطالة والجوع والتهميش والظلم والقهر. · وأننا ضد عصابة الفساد والنهب والظلم والقمع والدكتاتورية . · وأنه لا يليق بأي تونسي أن لا يتحرك ضد ما يقع اليوم في تونس من فضاعات . · وأن تونس في حاجة إلى كل أبنائها وإلى حلول جذرية لا إلى مساحيق وذر الرماد . ونتوجه : · إلى المنظمات الحقوقية والانسانية في تونس وخارجها لتتبع انتهاكات النظام التونسي ، والعمل على إطلاق سراح كل المعتقلين . · وإلى الجهات الخارجية حتى تخرج عن صمتها وترفع غطاءها لنظام الفساد والدكتاتورية في بلدنا. · وإلى العرب وأحرار العالم أن يؤازروا انتفاضة شعبنا. والله أكبر فوق كل كبير وله العزة فوق كل عزيز ستكهولم في 3 جانفي 2011 مواطنون تونسيون
اعتصام أمام السفارة التونسية ببرلين
حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 04. جانفي 2011 تنظم اليوم الثلاثاء 4 جانفي جمعية “آس أو آس تونس” اعتصاما تضامنيا مع الإحتجاجات الإجتماعية في سيدي بوزيد وفي كل مناطق البلاد التونسية، وجاء في دعوة المنظمة المذكورة أن الاعتصام دعم للإحتجاجات السلمية التي تحدث الآن في تونس وتخليدا لذكرى إتنفاضة الخبز في 3 جانفي 1984 بتونس.
وقد انطلق الإعتصام اليوم على الساعة الثانية بعد الزوال ويتواصل حتى الساعة الرابعة عصرا.
وقد حضر عدد من المواطنين التونسيين المهجرين وبعض المقيمين بالخارج إضافة إلى بعض المواطنين من ذوي الجنسيات الأخرى.
من جهة أخرى دعت عدة جمعيات في أماكن مختلفة من العالم لجعل يوم الخميس 6 جانفي يوما عالميا للتضامن مع المحتجين في تونس. ويتزامن التضامن العالمي مع إعلان الهيئة الوطنية للمحامين عن الإضراب ومقاطعة كل الجلسات يوم 6 جانفي، مساندة للإحتجاجات السلمية في تونس واحتجاجا على العنف الذي تعرض له المحامون من قبل عناصر الأمن. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 04 جانفي 2011)
“صُنْصِرَ الصَّنْصَارُ”
أمر جلل تناقلته مواقع الواب ، ووزعه أعداء الوطن بينهم مهنئا بعضهم بعضا على الفتح المبين الذي تحقق لهم، حتى أن أحدهم قال بفخر واعتزاز وملأ الدنيا دويّا: ” ستكون الليلة الفاصلة بين الأحد والإثنين 3 جانفي 2011 ليلة مفصلية في تاريخ تونس مع الإنترنت” ثم قال آخر:” بداية من هذه الليلة دارت عليهم الدائرة، نغزوهم ولن يغزونا”. وبكل الألم والحرقة أقول، ساءني ما سمعت وازددت غمّا وحسرة عندما نقرت على موقع وكالتنا التونسية للإنترنت فوجدته “مُصنصرا” … كنت أعتقد أن وكالتنا “تُصنصرُ” ولا “تُصنصَر”، فهي وكالة الدولة، وحامية حمانا من التلوث الإلكتروني، ذلك أننا بفضل مولانا سبّاقون لحماية المواطنين من كل أشكال التلوث إلكترونيا كان أم صوتيا. ولكن جنودا من مرتزقة “المجاهيل” (الأنّونيمس) دبّروا الأمر بليل بعد وشاية وشاها المناوئون فصبّوا جام غضبهم على مواقع السيادة لدينا. تسعة آلاف “هاكر” استهدفوا مواقعنا بدعوى مساندة المواقع الإكترونية المحجوبة في تونس، والوقوف إلى جانب المستضعفين من المدونين التونسيين الذين لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا. حقق جنود الوكالة انتصارات وأفلحوا في “فلترة” الفضاء الاكتروني وإحصاء الداخل والخارج منه، ومنع كلَّ ما يشوّه صورة “تونس” ورموزها، كما ضيقوا على برنامج “السكايب” من أجل مصلحة رأوها ومنعوا تحميل أفلام الهواة لأنها تثلب رمز الدولة وأقربائه وأصهاره بغير وجه حقّ. كما تغلب جنودنا على كثير من “البروكسيات” “فصنصروها” وعطّلوا جدواها وسدوا الهواء على الذين يتنفسون الحرية “الفوضوية”. ولكن الذي أصاب وكالتنا في مقتل أنها درّبت جنودها على الهجوم ولم تدرّبهم على تحصين دفاعاتهم قبل الشروع في الغزو، فكان حالهم كالذي يرمي بيوت الناس بالحجارة وبيته من زجاج. إنّني أطالب بالتحقيق فيما حصل ومحاسبة المقصّرين والبحث عن إمكانية وجود مندسين في عناصر الوكالة ساهموا في ضربها وكشف مقاتلها وثغراتها. كما أطالب ـ بعد هذا الدرس المؤلم ـ أن نخوض المعركة بمنطق “عليّ وعلى أعدائي” و”اقطع الرأس تيبس العروق” أي أن نسدّ كل الأبواب ونعطل مراكز البث والالتقاط، ونلقي بالهواتف الجوالة وأجهزة الحاسوب في مكبات الخردة لتُصنع منها أشياء تنفع ولا تضرّ، ونمنع كلّ أنواع التلوث وأيّ إمكانيةٍ للتسلل عبر المسموح. ويجب أن نضع نصب أعيننا أنّنا مهما فعلنا فـ “السّارق يغلب العسّاس” و”هدّام يغلب مائة بنّاي”. أقترح أن نعود لما كانت عليه ألبانيا زمن زعيمها الراحل أنور خوجة و”الباب إلي يجيك منو الرّيح سدّو واستريح”! وما عدا ذلك فجولة الباطل ساعة وصولة الحق حتى قيام الساعة! صابر التونسي 3 جانفي
اللجنة العربية لحقوق الإنسان Arab Commission for Human Rights Commission arabe des droits humains International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the UN
المقاومة المدنية : تونس أنموذجا
حطمت الشبيبة التونسية ركود المستنقعات التسلطية الآسنة بإطلاقها الحراك الاجتماعي في تونس بكلمات بسيطة وعميقة: “من بوزيد لبنقردان، كرامتنا لا تهان، ولد العامل والفلاح أقوى منك يا سفاح، التشغيل استحقاق يا عصابة السراق، لا لا للطرابلسية اللي نهبوا الميزانية..” ووقف المحامون والقواعد النقابية والتعليمية مع المحرومين من العمل والأمل في تحرك انطلق من سيدي بوزيد ولم يلبث أن يلقى الصدى والتضامن من أهم المدن التونسية. هل هي مجرد هبة ديسمبر أم بداية نهاية الدكتاتورية؟ هل يمكن للتحرك الاجتماعي المدني السلمي أن يسقط سلطة بوليسية متضخمة بشكل سرطاني ومتغلغلة في كل الأوساط والمستويات؟ هل تسجل الشبيبة التونسية اليوم شكلا جديدا للمقاومة المدنية في البلدان العربية يعيد المجتمع إلى مكانه والسياسة إلى دورها والحقوق الأساسية إلى بساط البحث في مشروع تغيير يعبر عن طموحات تونس الغد؟
لتناول ما حدث في تونس من وجهة نظر المثقفين والشبيبة، تعقد اللجنة العربية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع الملتقى الثقافي العربي الأوربي، ندوة حوارية في صالة أجيكا في باريس مساء يوم السبت بحضور نخبة من الشبيبة والحقوقيين والسياسيين والإعلاميين. فكونوا على الموعد معنا. Samedi le 8/01/2011 Du 20h00 à 22h30 Salle AGECA 177, rue de Charonne 75011 Paris الدعوة عامة اللجنة العربية لحقوق الإنسان Commission arabe des droits humains 5, rue Gambetta -92240 Malakoff- France Phone & Fax 0033140921588 / 0033146541913 achr@noos.fr www.achr.nu
سيدي وزير الداخلية عليكم بالاستقالة
بقلم محمد المرواني
بعد حادثة مقتل استاذ الرياضيات المعطل عن العمل محمد العماري من قبل أعوان الحرس بالذخيرة الحية جاء دور شوقي الحيدري المعطل عن العمل وهو الحاصل على الاستاذية في المعلوماتية لتستقر في عموده الفقري رصاصة قاتلة اثر مشاركته في مسيرة احتجاجية على وضع الفقر والبطالة في البلاد. هذا و قد كنا تابعنا في الايام القليلة الماضية اشتباكاتت عنيفة إلى ابعد الحدود بين الشرطة البريطانية وآلاف الطلبة على خلفية الزيادة المفرطة في الرسوم الجامعية من قبل الحكومة البريطانية مم أدى إلى مواجهات بين الطرفين استعمل فيها الضرب بالعصي والقنابل المسيلة للدموع وإحراق بعض الممتلكات العمومية والخاصة والتي أدينها سلفا ولكن رغم كل ما جرى لم تطلق وحدات الآمن البريطانية ولو ربع رصاصة لتفريق المتظاهرين لان وزير الداخلية البريطاني يعلم علم اليقين انه لو أعطى الأوامر بقتل احد مواطنيه سيعزل من منصبه ثم بعد ذلك تقع محاكمته على مرأى ومسمع الناس الذين اتوا به وبالحكومة إلى السلطة ليكون في خدمة المجموعة الوطنية . ولذلك اطلب من السيد وزير الداخلية التونسي أن يستقيل من منصبه الحساس لأنه فشل فشلا ذريعا في توفير الأمن والأمان للمواطن بل تعدى حدوده ليعطي الأوامر لأعوانه لكي يطلقوا الرصاص الحي على مواطنيه و بذلك يكون مسؤولا أمام التاريخ وأمام شعبه بسفك دمائهم
سيدي بوزيد وأسئلة السياسة المغلوطة
سمير ساسي لم يكن أحد من المتابعين للشأن السياسي في تونس ولا من الفاعلين فيه يتوقع أن تتطور الحادثة الاحتجاجية -التي عمد فيها الشاب محمد البوعزيزي إلى حرق نفسه أمام مقر محافظة سيدي بوزيد في الوسط التونسي- إلى ما آلت إليه من تحركات شعبية اختلط فيها المطلب الاجتماعي بالمطلب السياسي، بعد أن تجاهل المسؤولون مطالب الشاب المحتج ومطالب الكثيرين من أمثاله.
وأسباب عدم التوقع هذا في نظرنا متعددة يمكن الاكتفاء منها بسببين رئيسين، الأول -وهو سبب بعيد أو غير مباشر- حالة التغول التي صارت إليها أجهزة الدولة الأمنية واقعا وافتراضا، ونقصد بالواقع القبضة الأمنية الشديدة التي أغلقت منافذ الفعل المدني والسياسي في البلاد منذ مواجهة التسعينيات بين السلطة والحركة الإسلامية، أما الافتراضي فهو التهديد بقوة هذه الأجهزة، ومعلوم أن التهديد بالقوة أكثر فعالية من استعمالها لأنه يخلق حالة نفسية لدى المهدَّد تجعله يمتنع عن الفعل خشية هذه القوة المتخيلة والمفترضة، والتي لا يعلم عنها شيئا سوى ما مثل أمامه من نماذج حية تحكي أثر القوة عليها، وهي نماذج بالنسبة لتونس غلب عليها عادة النموذج السالب، أي الحالة التي بان فيها تفوق أجهزة الدولة على المناضل المدني والسياسي بفعل هذه القوة على جميع الأصعدة خاصة منها الاجتماعية.
والنموذج السالب يحتاج إلى كثير من الجهد والعمل لتجاوز حضوره في الواقع المؤثر ضمنيا على بقية الفاعلين من حيث لا يشعرون، وهو ما يحيلنا إلى السبب الثاني المباشر الذي نعزو إليه عدم توقع الفاعلين والملاحظين لتطور أحداث سيدي بوزيد إلى ما هي عليه الآن، هذا السبب هو أن حادثة مماثلة للحادثة التي أطلقت أحداث بوزيد لم يمض على وقوعها سوى عام ونيف، وتشابهت إلى حد كبير مع حادثة سيدي بوزيد، وكان مسرحها مقر بلدية المنستير بالساحل التونسي، يومها أقدم الشاب عبد السلام تريمش على إحراق نفسه، بعد أن أهانه موظف البلدية وامتنع عن تسلمه الوثائق القانونية التي تخول له استغلال كشك لبيع الفواكه والمشروبات للارتزاق منه.
هذه الحادثة -رغم طابعها المؤلم وصبغتها الاجتماعية الواضحة- لم تؤد إلى اتساع التحركات المنددة بسلوك المسؤولين والمطالبة برفع التهميش وحل القضايا الاجتماعية الحارقة كقضية التشغيل، واكتفى شباب المنستير بالاحتشاد يوم الجنازة وببعض المواجهة مع قوات الأمن سرعان ما وقع تطويقها.
من المقبول القول بأن هذه الحادثة وإن لم تؤد إلى تحرك واسع على شاكلة سيدي بوزيد فإنها قد تكون ساهمت بشكل غير مباشر في تطور أحداث سيدي بوزيد الحالية، وهذه قاعدة في الفعل الاجتماعي تقضي بوجود أثر لكل فعل في الحياة الاجتماعية والنفسية مباشر وغير مباشر، وهنا موطن الأسئلة التي لا نرى حرجا في أن نقول إنها أسئلة السياسة المغلوطة، من منطلق أنها لم تقرأ دلالات الحدث القراءة الصحيحة، وهي أسئلة في قسمها الأكبر تتعلق بالسلطة باعتبارها الفاعل الرئيسي في هذه الأحداث صنعا وتوجيها، وفي قسمها الأقل موجهة إلى المجتمع المدني باعتباره المحاور المفترض للدولة، وكفة الميزان المقابلة التي تحاول أن تمنع تغول الدولة وانفرادها بالفعل.
كما أننا افترضنا أنها أسئلة مغلوطة لأن حسن صياغة السؤال هو نصف الإجابة، والإجابة التي نراها في واقع الحال هي إجابات لا تنم على أن الأطراف الفاعلة والمعنية من سلطة ومجتمع مدني قد أحسنت صياغة أسئلتها، أو بمعنى أدق قد أحسنت التشخيص والقراءة.
فالسلطة لم تحسن صياغة السؤال حول الأحداث حين اعتبرتها حادثة معزولة، وأصرت على أنها حالة فردية، نقول ذلك لأنه لا يوجد فعل اجتماعي فردي أو جماعي دون مقدمات مباشرة أو غير مباشرة، وهذا من أبجديات فهم الظواهر الاجتماعية، ولا نحسب أن السلطة تجهل هذه الأبجديات.
وقد جاء خطاب وزير التنمية خلال الأحداث ليؤكد أن السلطة لا تجهل هذه المقدمات في فهم الظواهر الاجتماعية، حين اعترف بمشروعية المطالب المرفوعة من المتظاهرين، لكن يبدو أن الطبع غلب التطبع وارتد خطاب السلطة إلى مربع التعامل الأمني، وهو المقوم الأساسي الذي بنت عليه السلطة خياراتها منذ التسعينيات.
برز هذا الارتداد من خلال قاموس المصطلحات المستعملة في خطاب السلطة المشخص للأحداث، من قبيل: التوظيف “السياسوي” للمتطرفين الذين لا يحبون الخير لتونس، التعامل بحزم، كما برز أيضا من خلال اللجوء إلى نظرية المؤامرة التي تستهدف تونس من أطراف أجنبية وقنوات لها أجندتها الخاصة، وكلا الأمرين يضعان أمامنا النتائج التالية: تعتقد السلطة أن تواضعها لمواطنيها ومصارحتهم بالحقيقة هو علامة ضعف لا يمكن إبرازها للعيان، وفي هذا ضرب لمبدأ المواطنة الذي قامت عليه الدولة أو تدعي أنها قامت عليه، لأن هذا التصرف ينم على عقلية أبوية تتعامل مع المواطنين على أساس أنهم رعايا، وأن الدولة مسؤولة عن رعاياها مسؤولية متروكة لأخلاق الأب، وهو هنا النظام السياسي بكل رموزه، وهو أيضا أب غير مستعد لمصارحة أبنائه بما يعتريه من لحظات ضعف أو ما يمر به من أزمات، ويظن هذا الأب أنه بذلك يحمي أبناءه، لكنه في حقيقة الأمر يفقد احترامهم واستعدادهم للدفاع عنه، وفي أحسن الحالات تفهم الوضع الذي قد يجد فيه نفسه يوما ما عاجزا عن إيجاد الحلول المناسبة لمشكلة ما.
فالدولة التونسية أصرت مثلا على أنها صاحبة معجزة اقتصادية لم يتحقق مثيلها في المنطقة، ورفضت -حتى في ظل الانكماش الذي أصاب الاقتصاد العالمي، وأقرت به كل الدول فقيرها وغنيها- أن تصارح شعبها وتعترف بأن الاقتصاد التونسي أصابه بعض الضر من جراء هذا الانكماش، وهو ما كان سيكسبها لو تم طبعا وفي أسوا الحالات تفهما من المواطنين الذين يرفضون الآن أن يتقبلوا عجز دولتهم التي ما فتئت تشنف آذانهم آناء الليل وأطراف النهار بالمعجزة الاقتصادية، لأن هذا سيجعلهم أمام الاحتمالين التاليين، إما أن حديث السلطة كان أكذوبة ومجرد دعاية، وإما أنه حقيقة لكن ثمرات هذه المعجزة استحوذ عليها أصحاب السلطة والنفوذ، وفي الحالتين تنعدم الثقة بين السلطة والمواطن، وتنتج الأزمة التي تجلت بعض مظاهرها في أحداث سيدي بوزيد.
وهذه الأحداث تبرز في وجوهها الأخرى عمق أزمة السلطة وعدم قدرتها على صياغة السؤال جيدا، لأنها حين تصر على أن الحادثة تعبر عن حالة يأس ترفض الاعتراف بأن القانون والمؤسسات قد ديسا، إذ الناظر في حقيقة الأحداث يقف على وعي المواطن الذي أقدم على إحراق نفسه بقيمة هذه المؤسسات وبقيمة القانون، حين كظم غيظه ولم يعمد إلى رد الفعل الانفعالي، خاصة أنه ابن بيئة ريفية محافظة، تعتبر أن الضرب إهانة كبيرة إذا صدر عن رجل، فكيف إذا كان الضارب امرأة -مهما علا شأنها وصفتها القانونية- وكان المضروب رجلا.
لكن البوعزيزي بحكم درجته العلمية وانفتاح ذهنه استطاع أن يتجاوز هذه العوائق الاجتماعية، وأحسن الظن بمقومات الدولة التي تقول إنها أرستها منذ الاستقلال، وتحرص على تدعيمها، وهي مقومات القانون والمؤسسات، فلما وجد الصد من هذه المؤسسات، ولم يجد من يحرص على تطبيق القانون من ممثلي السلطة، أدرك أن هناك خلالا جوهريا في بنية النظام السياسي القائم، وفي أسس الاجتماع المدني السائد، وأن الأمر يصعب إصلاحه، عندها اشتدت عنده المفارقة بين ما تعلمه في الجامعة وبين ما شاهده حين التطبيق، وعظم به الأمر مع الظروف الموضوعية الأخرى التي أشرنا إليها، والتي لم نذكرها، فكان الحل الأخير هو حل الموت الاختياري.
حتما لم يفكر السيد البوعزيزي -لحظة إحراق نفسه- في ما يمكن أن يتخذ فعله هذا من أبعاد اجتماعية وسياسية، لكننا نجزم بأنه أراد أن يضع النظام السياسي والنظام المدني بكل قيمهما موضع السؤال، وأن يقول للسلطة أساسا: لقد أخطات صياغة السؤال.
أما الأسئلة المغلوطة التي صاغها نشطاء المجتمع المدني، فتعلقت بموقفهم الدفاعي الذي ظل حبيس رفض اتهام السلطة لهم بتوظيف الأحداث سياسيا، ومحاولة الركوب عليها من أجل غايات حزبية ضيقة، وهو رفض فوت على هذه الأطراف فرصة الاستثمار الحقيقي للأحداث الجارية من أجل صالح البلاد والمجتمع، وإحداث توازن بين قوة الدولة وقوة المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة، ذلك أنه ينم على تغافل عن حقيقة أن السياسة هي مجال الاستثمار، وأن صراع الفاعلين فيها -سلطة أو مجتمعا- هو صراع من أجل كسب ثمار هذا الاستثمار، ولكن في إطار خدمة البلاد والمواطنين ومن أجل الصالح العام، لأنه وبكل بساطة لا يوجد حب عذري في عالم السياسة وقوانين الاجتماع المدني، فالذين يفعلون ضمن هذه المجالات إنما يعملون من أجل تحقيق ما يعتقدون أنه الصواب، وأنه المشروع الأصلح لفائدة المواطنين، وهذا هو عين الاستثمار، وهو ليس عيبا ولا تهمة، ولكن التخوف من الاتهام به يبرز نقص الوعي لدى الفاعلين السياسيين بهذه البديهة من جهة، ويمنح السلطة هامشا أكبر للتحرك وإدارة المعركة حسب شروطها.
كان حريا بهذه القوى التي اتهمت بأنها توظف الأحداث الاجتماعية توظيفا سياسيا أن تواجه السلطة بهذه الحقيقة الدامغة، أن لا شيء يمنعها من تأطير الأحداث وتوجيهها من أجل ما تراه صالحا لخدمة البلاد والعباد، لأن ذلك من طبيعة الصراع السياسي بين السلطة وقوى المجتمع، ولا بأس من الرفض الحازم للتوصيف الذي تعمد إليه السلطة بالقول إن هذا التوظيف “سياسوي” وليس “سياسيا”، لأن ذلك يعني أن السلطة تدرك أن التوظيف السياسي جائز في قوانين التدافع الاجتماعي والمدني، فأرادت أن تنزع عن فعل المعارضة هذه الصفة الممكنة، ولعلها نجحت في ذلك، في حين أخطأ الناشطون في صياغة السؤال السياسي.
وهو خطأ إن لم يُتدارك فقد يؤدي إلى نتائج كارثية على مستقبل التحرك المدني والعمل الديمقراطي في البلاد، ذلك أن الجميع في تونس أدرك -دون مزايدة- أن الأحداث حين انطلاقتها كانت عفوية، بمعنى أن القيادة السياسية للأحداث لم تكن موجودة، وليس في ذلك أي عيب ولا تقليل من شأن الفاعلين جميعا، ولكن العيب في عدم التقاط نشطاء المجتمع المدني ومسؤولي السلطة للحظة التاريخية الهامة، حتى يكونوا مؤرخي اللحظة كما يقول ألبير كامو، وقد جمعنا السلطة والمجتمع في خانة واحدة حول هذا الأمر لأنه يتعلق بثقافة المواطنة التي من المفروض أن يكون الاجتماع المدني قائما على أساسها.
فالسلطة مسؤولة عن تطويرها بفتح باب الحوار وحرية التعبير والتنظيم دون خوف على نفسها، والنشطاء المدنيون مسؤولون -بالتقاطهم اللحظة التاريخية والاستثمار فيها- عن إعطاء المجتمع الأهلي أملا جديدا للانبعاث والحياة، فهل نحسن السؤال؟. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 جانفي 2011)
الانتفاضة… قلبت الموازين
الانتفاضة تصنع قانونها : لا يختلف اثنان على أن تونس اليوم ليس كالغد …، و لا يشك عاقل على أن جيل تونس اليوم يختلف بمراحل كثيرة على الجيل الذي سبقه ، و ذلك لطبيعة الأشياء و قانون التطور الذي يفرض نفسه بقوة ، و يرجع ذلك الفضل بعد الله سبحانه و تعالى الى معجزة انتفاضة سيدي بوزيد المباركة ، التي قلبت كل الموازين و أسقطت قناعات كانت محنطة بتحنط أصحابها ، و مسلمات كانت طائعة كأسيادها ، و من أكبر الموازين المقلوبة : خيار التوريث و سياسة التمديد التي كانت تحصيلا حاصلا . و هذا الانجاز، انجاز سياسي بامتياز يحسب للانتفاضة و رجالها و بطلها محمد البوعزيزي موقد هذه الانتفاضة .
و من معجزات الانتفاضة أيضا ، أنها أسقطت قناعا كثيرا ما كان يرهبه القريب و البعيد ، و يرهبه الصديق و العدو ، و لكن هبة شبابنا الملتهبة أتبتت هشاشة النظام المتهالك و خواء هيكله العظمي من أي روح أو سلطة حقيقية يمكن لها أن تصمد أمام الحشود الغاضبة و لو لأيام دون تقديم تنازلات كالتي قدمها صاغرا لصد رياح التغيير التي تنسف بكل ما يعترضها في طريقها .
و من معجزات الانتفاضة التي لا تنتهي دوما أنها صدمت الكثير… ، و أدهشت الكثير… ، و فاجأت الكثير… ، و أرهبت الكثير… ، لكنها أيضا أثلجت صدر الكثير من غلابة المستضعفين و العاطلين و المحرومين و الفقراء و المظلومين ، و النخبة حتما ، كانت ضمن هذه الفئة التي تنفست الصعداء لزوال شبح الديناصور الوهمي و الذي كان في الحقيقة ظل ديناصور خشبي و ليس لحما و دما .
و من دروس الانتفاضة المباركة أثبتت أنه كله ممكن ، و أنه ليس من المستحيل زعزعة عروش وهمية ، أو قناعات بديهية ، أو للاطاحة بأسماء كبيرة في عيون أصحابها ، وأن عاصفة غضب أهلنا الثائر بتونس الصابرة تنسف بكل قوانين اللعبة و الحسابات السياسية التي أخذناها بفصول الجامعة ، و تصنع لنفسها قوانين تخصها و تخص الظرف التي هي فيه ، و تخص الحدث التي تريد انجازه ، بمعنى أن الانتفاضة تصنع قانونها الذي تريده ، و تعبد الطريق الذي تريد أن تسلكه لتقطف ثمار النصر المبين . تونس مقبرة الفقراء و بقرة حلوب للعائلة الحاكمة : ان الحادثة الأليمة و التي على اثرها اندلعت انتفاضة سيدي بوزيد ، هي حادثة متكررة يوميا في كل سوق من أسواق تونس ، و في كل مدينة من مدن الجمهورية ، حيث ،،، بعدما يتخرج الشاب من قاعة الجامعة ، و بيده اليمنى شهادة تفوقه التي يفتخر بها ، معلنة عن انتهاء سنين الدراسة و تحوله من مقاعد التعليم الى مواطن الشغل ، و لكن حينما يخرج للحياة يصطدم بواقع مرير ، وعالم لم يكن يتوقعه لا هو ، و لا أهله الذين فرحوا بيوم تخرجه ليتولى مسؤولية الانفاق عل نفسه أولا ، ثم على بقية أفراد الأسرة ، و يخفف العبء على الوالد الذي أشرف على التقاعد و تعب من سنين السهر و الجري على راحة الاولاد ، و لم يكن أحد يظن أن شابا بمثل هذه المواصفات و الشهادات العليا يبقى عاطلا ، و معدما لسنين طوال ، و بدلا أن يتولى مهمة سد ثغرات الانفاق المنهكة للعائلة ، زادت عطالته ارهاقا و ضيقا في العيش للأسرة بأكملها ، و أصبح الانتحار خيارا يفرض نفسه بقوة بعد انسداد الأفق و صدود المسؤولين عن مقابلة طوابير العاطلين حاملي الشهادات العليا حتى لمجاملتهم أو لاستماع شكواهم والتخفيف عنهم في المصيبة التي نزلت عليهم من دون ارادتهم .
هذه الحالة التي مر بها و عاشها البوعزيزي ، هي نفسها و بتفاصيلها الدقيقة تتكرر يوميا في المشهد التونسي على ألاف شباب خريجي الجامعات و الذي يزيد عددهم وحسب الاحصاء الرسمي للدولة على 131 الف عاطل عن العمل الذين يمثلون نسبة %22 من جملة العاطلين بالبلد و الذي يفوق عددهم نصف مليون عاطل . تخيل أيها القارئ الكريم…! هذا الكم الهائل من الجماهير العاطلة ، أو لنقل هذا العدد الهائل من الجيش المتمرد …! تخيل اذا ما تنظم…! و انتفض…! و طالب بحقه في الحياة…! ، ألا تسقط الحكومة التونسية في رمشة عين ؟ حادثة البوعزيزي ، المنفردة ، و المعزولة ، و الغير مقصودة ، أنظر ماذا فعلت…؟ وما آلت اليه من نتائج…! أطاحت بأربعة وزراء و ثلاثة ولاء ؟….فماذا يحدث…؟ لو انتفض المائة و واحد و ثلاثون ألف عاطل ، متعطشا للحرية و الكرامة ، و هو يسمع ويشاهد بعينه أموال البلد مهدورة في وسط قلة قليلة من المافيا ، التي كانت قبل التحاقها بالقصر مثلها مثل بقية العائلات التونسية بالاحياء الشعبية .
و أما بالمشهد الثاني… و في ظل نعيم العائلة الحاكمة السيدة الأولى ، كما تحلو أن يلقبها الناس ، تشتري معطفا ب 30 ألف يورو … و قفطان ب 6 ألف يورو و ذلك فقط لحضور مناسبة واحدة ، و في المناسبة التالية تشتري طقما آخرا بنفس القيمة أو أقل بقليل حتى لا يشهدها الملأ بنفس المظهر السابق خاصة و هي من عشاق الموضة و ميلها للبذخ و التبذير ، أما زوجها رئيس الجمهورية و على حسب مجلة فوربس الامريكية ، تبلغ ثروته 5 مليار دولار قيمة العينات و الممتلكات المعلومة ، و ذلك لسنة 2007 … أما راتبه على حسب مجلة شباب 20 تحت عدد 37 ، و التي قدرته ب 551 دينار في الدقيقة ، و قدرت نفقات مؤسسة رئاسة الجمهورية المدرجة بميزانية الدولة لسنة 2008 في حدود 61,395 مليون دينار تونسي .
ان هذه المفارقة الشاسعة و الهوة الكبيرة التي تفصل بين القيادة و القاعدة لهي كفيلة باشعال لهيب الانتفاضة و تعميق جروح المواطن الدامية بسبب سوء توزيع الثروة و سوء ادارة البلاد و تفشي الفساد على أعلى مستوى هرم الدولة . أما اذا أطلقنا العنان للقلم و الحديث عن ثروات عائلة الطرابلسي وعائلة بن علي ثم الماطري الشاب الملياردير فان قلم الحبر يجف و الآلة الحاسبة لا يستوعب حجمها الارقام الطوبلة التي ترمز للملايين من الدولارات و الثروة المستجدة للعائلة الحاكمة في وقت وجيز جدا و يسرعة هائلة .
ان انتفاضة سيدي بوزيد المباركة عرت الحكومة وأسقطت عنها ورقة التوت التي كانت تستر عورتها وأصبح ثراؤها الفاحش و سوء ادارتها يشبه او لنقل مطابقا لادارة عصابات النهب الغير محترفة لأن في عالم المافيا هناك عصابات على درجات من الترقي و حسن ادارة الاعمال في كامل السرية و الكتمان .
حمادي الغربي نواصل باذن الله في العدد القادم رقم 3
“كفى صمتا”، تساهم في كسر الصمت حول احتجاجات “سيدي بوزيد” وخلفياتها ونتائجها المحتملة
أحداث “سيدي بوزيد”: الحرية…الكرامة… والتشغيل… استحقاق الناشطة لينا بن مهني: احتجاجات “سيدي بوزيد” حركة شعبية خارجة عن كل تأطير سياسي الصحفي سفيان الشورابي: “جدار برلين” الإعلامي الذي تريد السلطات فرضه سرعان ما سقط في وجه الثورة المعلوماتية – خاص: كقى صمتاً رغم ما تضمنته من حوادث مؤسفة تمثلت بمقتل بعض المحتجين واعتقال العديد منهم، شكلت احتجاجات “سيدي بوزيد” في تونس بارقة أمل للمواطنين التوانسة ونظرائهم في العديد من الدول العربية التي يعاني فيها الأفراد من الفقر والتهميش جنبا إلى جنب مع غياب الحريات والحقوق الأساسية. حيث أثبتت تلك الاحتجاجات أنه وبالرغم من قيود القمع الأمني، يمكن لمطالب عادلة أن تسمِع صوتها إن وجدت حواملها المستعدة للجهر بها وتجاوز جدار الخوف الذي دأبت سلطاتنا القمعية على بنائه وتدعيمه عبر عقود مديدة.
ورغم التعتيم الإعلامي الرسمي، وإلى حد كبير، العربي والغربي، استطاع النشطاء في تونس نقل الحدث مستخدمين جميع الأدوات التي توفرت لهم، ومشكلين مصدر الأخبار شبه الوحيد حتى لوكالات الأنباء المختلفة.
“كفى صمتا”، تساهم في كسر الصمت حول احتجاجات “سيدي بوزيد” وخلفياتها ونتائجها المحتملة، عبر لقائها بكل من الناشطة الحقوقية والمدونة التونسية لينا بن مهني التي شاركت في التحركات الاحتجاجية ميدانيا وقامت بتوثيقها من خلال الصور ومقاطع الفيديو ونشر الأخبار المرافقة لها.
والصحفي والمدون سفيان الشورابي، الذي كان من أوائل الصحفيين ممن انتقلوا إلى قلب الأحداث بمدينة سيدي بوزيد وقام بتسجيل ما يحصل بالصوت والصورة والكتابة عنه في عدد من الصحف التونسية والعربية والمدونات. وهو ما أدى إلى إخضاعه طيلة الفترة الماضية إلى المراقبة المستمرة قبل إيقافه من قبل أفراد من الشرطة في زي مدني ومصادرة أدوات عمله، بالإضافة إلى تعرض صفحتي الناشطين لينا وسفيان على الفيس بوك إلى القرصنة والحذف.
بدأنا بالسؤال حول شرارة انطلاق تلك الاحتجاجات، التي حدثنا عنها سفيان بالقول:
انطلقت الشرارة الأولى للاحتجاجات الاجتماعية يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 عندما حاول شاب معطل عن العمل الانتحار حرقا أمام مبنى ولاية سيدي بوزيد على اثر قيام بعض أعوان التراتيب البلدية بافتكاك عربته لبيع الغلال والخضروات وتعنيفه، ومنعه من مقابلة والي سيدي بوزيد. الشاب يرقد حاليا بالمشفى وهو في حالة خطيرة جدا، إلا انه من المؤكد أنه لم يكن يعي حينها أن إحراق نفسه سيساهم في إشعال كامل تراب الجمهورية. حيث اندلعت عشية تلك الحادثة مصادمات بين أهلي تلك المدينة وقوات مكافحة الشغب قبل أن ينتقل فتيلها إلى بقية المدن المجاورة، ثم تشمل عددا من الولايات الأخرى في مرحلة لاحقة.وفي حقيقة الأمر، أشاطر الرأي الذي يقول أن محاولة الانتحار تلك لم تكن سوى الشرارة التي أفاضت كأس غضب قطاع واسع من التونسيين. أحداث اجتماعية كشفت عن درجة غضب التونسيين تجاه سياسة حكومتهم، وضد الفساد الذي نخر كل مكونات الحياة في تونس، فليس من الصدفة أن يجهر المتظاهرون بشعارات تندد بفساد ما أصبح يسمى بـ”الأثرياء الجدد” الذين استغلوا قرابتهم العائلية برئيس الدولة حتى يسيطروا على كامل مفاصل الاقتصاد الوطني.
وعلى الرغم من أن تلك الاحتجاجات شكلت مفاجأة للشارع العربي الذي لم يعتد حراكا مماثلا على الأغلب، يبدو أنها لم تكن كذلك للشارع التونسي كما تقول لينا:
لم يشكل ما حدث مفاجأة لنا كناشطين ومواطنين، فالبلاد تعيش حالة احتقان وغليان منذ مدة، وقد سبقت هاته الأحداث أحداث الحوض المنجمي سنة 2008 والتي سارعت الدولة باحتوائها عن طريق القمع وسجن وتعذيب منظمي الحركة وهو ماعجزت عن القيام به هاته المرة نظرا إلى أن الحركة شعبية خارجة عن كل تأطير سياسي. ونتذكّر كذلك إقدام عبد السلام تريمش على إحراق نفسه داخل بلدية المنستير بعد أن ضاق ذرعا بمضايقات المسؤولين البلديين له وحرمانه من توفير لقمة العيش لأبنائه. إقدام محمد البوعزيزي على احراق نفسه ليست إلا القطرة التي أفاضت الكأس. فنسبة البطالة عالية في تونس والحكومة لا تبحث عن حلول حقيقية ناجعة.
ويذهب سفيان مع الرأي نفسه حيث يقول:
في حقيقة الأمر، نبه المراقبون والأحزاب التونسية في العديد من المرات إلى خلل بنيوي في نمط الحكم الاستبدادي المتبع من طرف نظام الرئيس زين العابدين بن علي. وما حدث في سنة 2008 بمنطقة الحوض المنجمي بجهة قفصة وأوت 2010 بمدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا، كانت صفارات إنذار لم تعر السلطات مع الأسف الانتباه إليها. وأعتقد أنه حان الوقت من أجل عزل جميع جيوب التصلب والتشدد الماسكين حاليا بسدة الحكم عن مسؤولياتهم وفتح صفحة جديدة في التعاطي مع الشأن السياسي، وان لم يحصل ذلك فعلى رئيس الدولة أن يترك منصبه ويرحل.
وعلى اعتبار أن الخلفيات المباشرة لتلك الاحتجاجات تمثلت في الواقع الاقتصادي المتردي لشرائح واسعة من المواطنين، يثور تساؤل حول حضور قضايا الحريات والديمقراطية في وعي وشعارات المتظاهرين ومدى ربطها بمجمل الأوضاع الاقتصادية والمعاشية.
بالنسبة إلى لينا، فتلك القضايا “كانت حاضرة ضمن مساحة كبيرة من مطالب المتظاهرين والمحتجين” على ما ذكرت، مضيفة أنه:
لا يمكن الحديث عن الواقع الاقتصادي والاجتماعي لبلد ما دون الحديث عن واقع الحريات والواقع السياسي لذلك البلد, ويمكننا استنتاج ذلك من خلال الشعارات المرفوعة خلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية: “حريات حريات لا رئاسة مدى الحياة” أو “حق التعبير واجب حق التظاهر واجب”.
بينما يرى سفيان أنه “فيما عدا بعض الاستثناءات، لم يرفع أحد من المحتجين شعارات تأمل تحقيق الديمقراطية أو تطالب بالحريات السياسية”، ومع ذلك، فإن جوهر تلك التحركات هو سياسي بالأساس كما يقول:
مشاكل البطالة والفقر وغياب التنمية الاقتصادية المتوازنة بين الجهات، تساءل مباشرة الفريق السياسي الحاكم حاليا، وتطرح في الصميم نمط الحكم الذي يتوخاه. فشعارات من قبيل “التشغيل استحقاق يا عصابة السراق” و”الحرية والكرامة من دون طرابلسية” هي شعارات تربط بشكل لصيق بين ما يتعرض له فقراء تونس من ضيم اجتماعي وبين الفساد الذي ينخر كامل أجهزة السلطة السياسية. زد على ذلك، أثبتت التحركات الجارية عبثية سياسة القمع الممارسة منذ عشرات السنين تجاه الفصائل المعارضة والمجتمع المدني المستقل. فتصحر الحياة السياسية بفعل المحاصرة التي تسلطها ضد السياسيين والحقوقيين أفرغت البلاد من قوى كان بإمكانها أن تؤطر المواطنين وأن تلعب دور قنوات التواصل بينهم وبين الجهاز الإداري.
ويؤكد سفيان أن التحركات الاجتماعية الجارية حاليا لم تكن بواعز من أي جهة أو حركة سياسية معينة، “بل أني تفاجئت بغياب مطلق للشعارات ذات المضمون “الاسلاموي” على عكس ما يروج سابقا عن تغلغل عميق للتيارات الإسلامية في تونس” على حد قوله. وعلى الرغم من استثنائية الأحداث، فقد كان واضحا حجم التعتيم الإعلامي الرسمي، لإبقاء ما يحصل خارج التغطية الإعلامية، وهو ما دفع الشباب التونسي الناشط إلى القيام بدور المواطن-الصحفي..يقول سفيان حول ذلك:
تأكد جليا أن التعتيم الإعلامي الممارس من طرف وسائل الإعلام المحلية تخطاه الزمن وعفا عنه، و”جدار برلين” الإعلامي الذي تريد السلطات فرضه على مجريات الإحداث سرعان ما سقط في وجه الثورة المعلوماتية وانتشار الفضائيات الإخبارية. فأهم ما يمكن استخلاصه مما يقع في تونس حاليا هو تزايد دور “الإعلام-المواطني” الذي استفاد مما توفره الشبكة العنكبوتية من فرص لنقل آخر الأنباء والأخبار دون رقابة مسبقة. فالمنتدى الاجتماعي “الفايسبوك” وموقع “تويتر” والمدونات الالكترونية تحولوا إلى الصحيفة الأولى للتونسيين لمتابعة مستجدات الوضع بعد أن أغلقت وسائل الإعلام الحكومية والمقربة منها جميع أبوابها عما يحدث في البلاد. وبعض المبادرات المتأخرة نوعا ما، والتي قامت بها بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة لم تتجاوز مقولة رد الرماد على العيون، وتأكد متابعوها أنه في حقيقة الأمر ليست سوى محاولات فاشلة لسحب البساط عن المتابعة الدقيقة والموضوعية التي فرضتها القنوات الفضائية الخارجية منذ انطلاق الأزمة، ولسان حالهم يقول:هل كنا ننتظر حدوث مواجهات حتى يكسر الإعلام التونسي بعضا من الخطوط الحمر المصطنعة. ومن المتأكد أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه سابقا، وسترجع وسائل إعلامنا إلى سباتها العميق فور استقرار الأوضاع.
لوحظ أيضا، غياب أية ردود فعل دولية على تلك الاحتجاجات، خلافا لما كان عليه الحال مع دول أخرى حصلت فيها أحداث مماثلة، وترد لينا ذلك إلى عدم وجود مصالح اقتصادية كبيرة للغرب في تونس، بينما يعتبر سفيان:
أن الحكومات الغربية لا تهمها كثيرا مصالح المتضررين من جور الدكتاتوريات بقدر ما يعنيهم مصالح رجال أعمالهم، إلا أني أسجل الهبة التضامنية التي أطلقها الحقوقيون والإعلاميون في مختلف دول العالم من أجل نصرة التونسيين في المحنة التي يمرون بها حاليا.
وحول المدى الذي يمكن أن تذهبه تلك الاحتجاجات ونتائجها، تقول لينا:
أظن أن الحركات الاحتجاجية متواصلة وستحدث تغييرا حتى وان كان جزئيا وهي في اعتقادي قد أحدثت تغييرا يتمثل في تخلص الناس من الخوف وخروجهم إلى الشارع بتلقائية للمطالبة بحقوقهم وحتى للمطالبة بتنحي الحكومة الحالية.
وهو ما يتفق مع رأي سفيان حيث يقول:
“أهم ما يمكن تسجيله على ضوء ردة فعل التونسيين ضد القهر الاجتماعي المسلط عليهم، هو تجاوزهم لحاجز الخوف الذي سيطر لرده كبير من الزمن، وإيمانهم بقدراتهم على افتكاك حقوقهم. وهي رسالة موجهة رأسا للحكومة من أجل الإقلاع عن التعاطي القمعي الذي تمارسه منذ عشرات السنين والذي بدا أنه لم يجد نفعا ولم يحول دون انفجار غضب التونسيين”.
وحول حصيلة الاعتقالات والإصابات في أوساط المحتجين، تقول لينا:
هناك تعتيم رسمي على مثل هاته الأرقام ولكن مصادر غير رسمية تتحدث عن اعتقال المئات، ولكن يمكنني أن أؤكد وفاة شخصين بالرصاص الحي للبوليس التونسي و يمكن أن يكون هذا الرقم أكبر. بينما يؤكد سفيان اعتقال الناشط السياسي اليساري عمار عمروسية بعد أن قام بإلقاء خطاب خلال مسيرة انتقد فيها استشراء الفساد. (المصدر:موقع كفى صمتا(معارض-سوريا)بتاريخ 4 جانفي 2011)
http://www.kafasamtan.org/?p=633
تونس: قمع إلكتروني بإشراف إسرائيلي
تُعدّ تونس من أكثر بلدان العالم توظيفاً للمعلوماتية في التجسس على المجتمع، حيث أقام نظام بن علي قلعة كبيرة مزودة بأحدث التقنيات والخبرات الإسرائيلية، وهذا ما يفسر التعتيم الشديد على الانتفاضة الأخيرة، سواء من الإعلام العالمي أو المجتمع الدولي بشير البكر ذاع صيت تونس في السنوات الخمس الأخيرة على صعيد التقدم في ميدان المعلوماتية، وصار يعدّها خبراء الشبكة العنكبوتية من أكثر البلدان قدرة على اختراق هذا الفضاء والتجسس على مرتاديه، إلى حد إحصاء الأنفاس. ومن المفارقات الغريبة أن الأمم المتحدة اختارت هذا البلد سنة 2005 لتنظيم القمة الدولية لمجتمع المعلومات، رغم أنه كان يعدّ من أكثر البلدان تشدداً في مراقبة الإنترنت، وسجن عدة مدونين في ميدان حقوق الإنسان. وكان هناك إجماع في أوساط خبراء المعلوماتية على أن تنظيم القمّة الدولية في هذا البلد يمثّل خسارة لعالم المعلوماتية، وضربة موجهة للمعايير الدولية للحقوق والحريات التي على الدولة أن توفرها لشعبها، حتى تكون دولة حق وقانون. ومن الانتقادات التي وجّهت للأمم المتحدة أن تونس بعيدة كل البعد عن هدف القمة، وهو ردم الهوّة الرقمية بين دول الشمال الغنية المستخدمة بكثافة لوسائل الاتصال الحديثة والدول الفقيرة المحرومة من تلك الإمكانات، لأنها وظّفت الإنترنت ووسائل الاتصال الحديثة في قمع معارضي النظام.
وتمكن نظام بن علي من استضافة المؤتمر رغم الانتقادات الدولية لملفه الحقوقي والإعلامي والسياسي، إذ عدّته جمعية الناشرين الدولية ضمن أسوأ عشرة أنظمة في العالم قمعاً للإعلام.
وعرف هذا البلد أول محاكمة في العالم لمستخدمي الإنترنت. ومن المفارقات الفاقعة أن القمة الدولية نفسها شهدت جملة من ردود الأفعال التونسية في إطار التضييق على الصحافيين الذين حضروا لتغطيتها، إلى حد طعن مراسل
«ليبراسيون» الفرنسية بسكين، فانقلب الإعلام الفرنسي رأساً على عقب على السلطة. كما أقدمت السلطة على محاصرة منظمات المجتمع المدني لمنعها من عقد مؤتمر مواز. وبلغت التدخلات درجة مضحكة، إذ قامت السلطة بقطع البث الرسمي عن خطاب رئيس الدولة السويسرية، لأنه أبدى استغرابه من وجود أعضاء في الأمم المتحدة لا يحترمون حقوق الإنسان، وأن مجتمع المعلومات لا يمكن أن يتم من دون حرية، وأن الحرية ينبغي أن تكون في تونس مضمونة داخل هذه القاعة وخارجها، فارتجت القاعة بالهتاف وقطع البث.
وكان اللافت أن نظام بن علي وجّه الدعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه آرييل شارون، الذي أناب وزير خارجيته سلفان شالوم، الذي حطت به طائرة العال الإسرائيلية على أرض مطار تونس.
وعلى العموم، لم تكن الدعوة الإسرائيلية ذات طابع تقني ومقتصرة على المشاركة الدولية، بل تعدتها الى الشراكة المعلوماتية بين تونس وتل أبيب. وتقول أوساط معارضة تونسية في باريس إن شبكة المعلوماتية التونسية أنشئت بخبرات إسرائيلية من الألف إلى الياء. وأمدّت إسرائيل، المعروفة بتفوقها على صعيد تقنية أجهزة الاتصال الحديثة، الشبكة التونسية بآخر التقنيات لمراقبة الإنترنت والهاتف. وتؤكد المصادر أنه تم اختيار منزل بن علي القديم، الواقع في منطقة «ميتويل فيل» القريب من السفارة الأميركية، ليكون مقراً لغرفة العمليات المعلوماتية.
وتشير الأوساط التونسية إلى أن الرقابة المعلوماتية تجاوزت تقنيات التنصت القديمة، الى تحليل الأصوات وتسجيل بصمات صوتية، واعتراض كل ما يصل ويخرج عن طريق الإنترنت من صور ومراسلات مكتوبة، ومنعها من الوصول الى الجهة المعنية، أو حتى التدخل في تغيير مسارها لتصل الى جهة أخرى في بلد آخر.
يفسّر هذا جانباً من التعتيم الشديد على أخبار الانتفاضة الأخيرة، التي تسربت بعض صورها بفضل بعض المتخصصين التونسيين في المعلوماتية المقيمين في الخارج. استطاع هؤلاء التواصل من خلال وسائل التقنية الحديثة، ومنها الهاتف النقال لاستقبال بعض الصور التي التقطت للأحداث، وجرى تعميمها على وسائل الإعلام عن طريق «الفيس بوك» و«تويتر». وقد أحدث ذلك صدمة للجهاز المعلوماتي التونسي، الذي كان يعتقد أنه ضرب حصاراً كاملاً على هذا الصعيد. ورغم ذلك، كانت الصور قليلة بالنظر الى جسامة الأحداث وخطورتها وما رافقها من قمع رسمي ووقوع ضحايا بالأرواح وخسائر كبيرة بالماديات. واللافت أن وسائل الإعلام العربية والدولية، باستثناء قناة «الجزيرة»، لم تعط الحدث التونسي الأهمية التي يستحقها. وأكثر ما يثير الاستغراب هو موقف الصحافة الفرنسية التي درجت، عادة، على إيلاء تونس أهمية خاصة، لكنها ابتعدت كليّاً عن النظر إلى الانتفاضة، وتجاهلتها كأنها لم تكن. ورغم أن الصحافة الفرنسية مستقلة، إلا أنه يمكن عطف موقفها على السلوك الرسمي. وباستثناء الحزب الاشتراكي الفرنسي المعارض، لم يصدر أي تعليق من جانب أي جهة فرنسيّة أخرى، واكتفى الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الفرنسية بترديد جملتين: الأولى أن «باريس تتابع الوضع التونسي باهتمام»، والثانية أنه «ليس لديها معلومات مؤكّدة عن عمليات القمع والاعتقالات التي تعرض لها المتظاهرون».
قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران سنة 2009، استضافت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية عشرات الناشطين في ميدان المعلوماتية من المعارضين للنظام، وحين اندلعت التظاهرات الاحتجاجية على نتائج الانتخابات، برز دور هؤلاء في نقل الصورة للخارج. ما حصل في تونس على العكس، هو أن هناك من تطوع لنقل الصورة، وهناك من رفض استقبالها. الأمر يتجاوز ازدواج المعايير الى التواطؤ.
(المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 04 جانفي 2011 )
تقدير موقف قسم الشرق الأوسط
“فورين بولسي” : موجة الإحتجاجات في تونس : من أين انطلقت وماذا تعني ؟
السبيل أونلاين – تقرير خاص تقليديا يمثل شهر جانفي لتونس شهر الدراما السياسية ، فقد كان هناك اضرابا عاما في جانفي 1978 ، وفي شهر جانفي من سنة 1980 حصل تمرّد ، كما أن أحداث الخبز اندلعت في شهر جانفي 1984 . ولكن في هذه السنة (2011) فإن شهر جانفي سيكون في الإختبار لتجاوز ما بدأ في شهر ديسمبر الماضي 2010 ، ذلك أن الأسبوعين الأخيرين لسنة 2010 شهدا أكبر موجهة دراماتيكية للإضطراب الإجتماعي في تونس منذ ثمانيات القرن الماضي ، حيث انطلقت الشرارة بإحتجاج شاب يائس من البطالبة بسيدي بوزيد الواقعة في الوسط الغربي للبلاد التونسية ، وتوسعت بسرعة إلى مناطق أخرى بل وإلى قضايا أخرى . ففي ظرف أيام من محاولة انتحار محمد البوعزيزي أمام مكتب ولاية سيدي بوزيد ، خرج إلى الشارع تلامذة وطلبة وأساتذة ومحامين وصحفيين ونشطاء حقوقيين ونقابيين وسياسيين من المعارضة وذلك في مدن عديدة بما في ذلك تونس العاصمة وذلك للتنديد بسياسات الحكومة الإقتصادية وقمعها لكل مصدر نقد وللتنديد بالفساد الذي اتخذ نمط المافيا في صلب الحكم والذي سمح لأعضاء عائلة الرئيس بن علي بالثراء الغير مشروع . وفي بلد معروف بالإستقرار الناتج عن التسلّط ، من السهل أن توحي هذه الإضطرابات بأنها في سياق تغيير درامتيكي قادم . وبالفعل فإن الإحتجاجات تشهد تراكما منذ سنتين على الأقل ، فقد تجذّرت الإحباطات بسبب التنمية الإقتصادية الغير متوازنة بين جهات البلاد ، واستطاعت العديد من المنظمات تحويل هذه الإحباطات إلى إحتجاجات جماعية ، وإلى حدّ اليوم فقد أدّت احتجاجات شهر ديسمبر إلى تحوير وزاري وإلى إقالة ولاة وإلى تجديد الحكومة التزامها بخلق مواطن شغل في المناطق المحرومة .وسواء كانت هناك احتجاجات أكثر قوّة مما حصل أم لا ، فإنه لا يمكن الجزم أنها لن تأدي إلى تغييرات أكثر درامتيكية . فإذا كان نظام حكم بن علي ليس في خطر مباشر فإن الإحتجاجات التي وقعت إلى حدّ الآن تشير إلى أن إستراتيجية الحكومة في خطر حقيقي .
اعتمد حكم بن علي على الجمع الإحترافي بين القمع والإغراء وذلك باعلان التزامه بالديمقراطية وحقوق الإنسان منذ بداية عهده ، لكنه في الوقت ذاته قام بتدمير رسالة المعارضة اللبرالية . وفي نفس الوقت فقد استخدم فنون التلاعب بالإنتخابات ، والترويع ، ومنح الإمتيازات (بدون وجه حق) من أجل بناء ولاءات له (لشخص بن علي) في كل هياكل الحزب الحاكم وحتى منظمات المجتمع المدني .
أما أولائك الذين بقوا خارج مجال تأثيره وسلطانه فإن أصبحوا ضحايا لجهاز أمن داخلي شرس نما كثيرا جدا في التسعينات . واغلب التونسين رغم حنقهم وغضبهم قبلوا هذا الوضع التسلطي للرئيس بن علي في كامل التسعينات . وكان الحكم الفردي التسلطي الثمن الذي دفعوه من أجل تحقيق إستقرار يمكن ان يجذب المستثمرين والسياح الأجانب. وبن علي كان ناجعا في ذلك رغم أنه يفتقد للكريزما ، ولكنه يعد التكنقراط الذي استطاع ان يصرع الاسلاميين ويوفر النمو الاقتصادي ويحفظ البلاد من الاضطرابات التي هزّت الجارة الجزائر .
لكن في الخمس سنوات الماضية بدأ نسيج المنظومة التسلطية للرئيس بن علي يتآكل . وحينما اتضح ان الاسلاميين لم يعودوا يمثلون تهديدا جديا فان الكثير من التونسيين أصبحوا أقل قبولا لحكومة تسلطية قمعية ، وفقد النظام الكثير من فعاليته ، وأصبحت وسائله ومنهجية عمله تفتقد للإبداع المطلوب لمواجهة المشاكل القائمة وأصبحت تعتمد على وحشية فجّة . وظهرت الحكومة أن ليس لديها القابلية حتى للحوار مع منتقديها أو أحزاب المعارضة ، في الوقت الذي تعتمد فيه على الإيقافات التعسفية والتسلّط تجاه حرية الانترت وحرية الصحافة المطبوعة منها خصوصا إلى الحدّ الذي أصبحت فيه الإعتداءات الجسدية على الصحفيين ونشطاء حقوق الانسان أمرا عاديا لديها . وفي الوقت ذاته فان قصص الفساد التي لم تقتصر على المحسوبية واستعمال الرشوة ، بل بلغت مستوى الإجرام على شاكلة المافية والتي كانت مصدرا لتعبئة جيوب زوجة الرئيس بن علي وعائلتها .
ان انتشار “الفايسبوك” و “التويتر” وفضاء المدونات بين التونسيين والتي يتركز أغلبها خارج البلاد يسّرت للتونسيين الإطلاع على آخر الأخبار حول الإعتقالات وعمليات الإعتداء بالضرب على المعارضين ، وحول الصفقات الغير مشروعة التي يتورط فيها أعضاء عائلة الرئيس التونسي .
ان تونس قد بنت سمعتها كأفضل اقتصاد في بلدان المغرب العربي منذ استيلاء بن علي على الحكم ، ونتيجة اعتماده على الاصلاحات التي ركزت لإقتصاد السوق في تونس وفتحت البلاد للإستثمار الخاص وربطت سوقها أكثر بالاقتصاد الإقليمي مما مكنها من أن تحصد معدل نمو سنوي بـ 5 % . لكن سياسات الحكومة لم تقم بشيء يذكر من أجل علاج المشاكل والانشغالات المزمنة المتصلة بتوزيع النمو العادل عبر مختلف مناطق البلاد .ومنذ مرحلة الاستعمار فان نشطات الاقتصاد التونسي كانت تتمحور في الشمال وعلى الشواطىء الشرقية للبلاد . وعمليا فان كل مخطط اقتصادي للنمو منذ الاستقلال في سنة 1956 التزمت فيه الحكومة بالاستثمار الذي يمكنها من ايجاد مواطن شغل للارتقاء بستوى المعيشة في كل من الوسط والجنوب والغرب ، لتقليص الفوارق بين الجهات وبناء تضامنا وطنيا والحد من الهجرة الى المدن والتي أصبحت من المشاغل الرئيسة للحكومة بما ان الاحتجاجات الاجتماعية التي نظمت من طرف النقابات والطلبة الجامعيين والاسلاميين تصاعدت في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات .
لقد ساهم استثمار الحكومة في تطوير الريف وذلك بالنسبة للحصول على الماء الصالح للشراب والتنوير الكهربائي والبنية التحتية للنقل ، والصحة والتعليم . لكن الحكومة لم تنجح أبدا في توفير مواطن الشغل في المناطق الداخلية بنفس وتيرة سرعة النمو السكاني فيها . بل أن هناك عاملين أساسين في استراتجية النمو المعتمدة من الحكومة جعل من توفير مواطن العمل مسألة صعبة جدا : الأولى أن استراتجية النمو للحكومة التونسية منذ السبعينات اعتمدت شيئا فشيئا على التصدير وعلى الاستثمار الخاص . وبالنسبة لبلد صغير مثل تونس ذات الموارد المحدودة وبعلاقات قوية مع أوروبا فإن هذه الإستراتجية ولّدت تركيزا على السياحة وعلى المنتوجات المصنعة التي تحتاج لكفاءات متدنية (بالأساس صناعة الملابس والمنتوجات الفلاحية) لتسويها في السوق الأوروبية . ومع تواضع الموارد الطبيعية وصعوبة المناخ ومع الحاجة الضرورية لتقليص كلفة النقل جعل من الصعب إجتذاب عددا كبيرا من السياح أو من المنتوجات الصالحة أو المعدة للتصدير التي ترتفع كلفة نقلها للموانىء ، ونتيجة لذلك فإن 80 % من الانتاج الوطني يبقى مكثفا في المناطق الساحلية في حين أن الـ 20% فقط من المنتوج الوطني موجود بمنطقة الجنوب الغربي والوسط الغربي والتي تضم 40% من مجموع عدد السكان .
ان قضايا التعليم عقّدت المسألة أكثر رغم أن الحكومة التونسية حصلت على الاشادة بما قدمته في هذا هذا المجال لمدة طويلة نتيجة إلتزامها بالتعليم بصفة عامة . والثقافة الغالبة لدى التونسيين تعتبر أن التعليم الجامعي هو مفتاح الأمان والتقدم الإجتماعي ، لكن الجامعات لا تنتج شبابا بتكوين يرتقي إلى حاجيات الإقتصاد الذي يعتمد على العمال ذوي الكفاءة المتدنية في مجال السياحة وفي مجال صناعة الملابس . ان عدم التطابق هذا بين التعليم والتطلعات من ناحية وحقائق سوق العمل من ناحية أخرى ولّد احباطات جدية لدى الشباب الذي استثمر في التعليم الجامعي لكنه لم يقدر على الحصول على الشغل وهذا تحدي كبير للشباب في الجهات الداخلية للبلاد . ففي حين تتراوح تقديرات البطالة على المستوى الوطني بين 13 و16 % فان البطالة في صفوف الجامعيين من سيدي بوزيد تتراوح بين 25 الى 30% .
ان النقابات العمالية لعبت دورا محوريا في احتجاجات شهر ديسمبر الماضي والحال ان الحكومة التونسية عملت كثيرا في التسعينات وبنجاح كبير من أجل ترويض الاتحاد العام التونسي للشغل وهي فدرالية النقابات الوحيدة بتونس . لكنه في الفترة الأخيرة فان النشطاء في بعض النقابات نجحوا في تبني موقفا أكثر استقلالية وأكثر مواجهة (تجاه السلطة) وذلك في سنة 2008 وكذلك في سنة 2010 اذ ان النشطاء في اتحاد النقابات نظموا احتجاجات كثيرة في الحوض المنجمي في جنوب قفصة . وكان القائمين على التحركات وتشكياتهم في تلك الحالات تشبه الى حد كبير ما رأيناه في شهر ديسمبر الأخير وكانت نقابات التعليم التى تعتبر من أكثر النقابات استقلالية وأكثرها جرأة داخل الاتحاد العام التونسي للشغل هي التي لعبت دورا محوريا في تنظيم العمال العاطلين عن العمل ومن بينهم الكثير من حاملي الشهادات العليا الذين احتجوا ضد فشل الحكومة في توفير مواطن الشغل لهم وأيضا لفسادها ورفضها الالتزام بحوار جدي مع منظمات حقوق الانسان والصحافيين والمحامين وأجزاب المعارضة ، فالتحقوا بمنتقدي الحكومة ضد تضييقاتها على التغطية الإعلامية للإحتجاجات والاعتقالات والتعذيب الذي أصاب المتظاهرين . وبهذا فقد تكون تحالفا عريضا لمنظمات المجتمع المدني التي كانت لصيقة بمعاناة العاطلين عن العمل ومطالبهم الأساسية وكذلك لحقوق الإنسان الأساسية وكذلك للإنشغالات حول سلطة القانون في البلاد ؟. وقد استطاع هذا التحالف الضمني أن يجذب الكثير من الجهات بقطع النظر عن الطبقة والجهة مما جمع بين الشباب العاطل عن العمل في سيدي بوزيد ومنزل بوزيان والرقاب وكذلك المحامين والصحفيين بالمنستير وصفاقس وتونس .
انه من المبكر جدا التعرف هل أن هذه الإحتجاجات هي مؤشر لبداية النهاية لحكم الرئيس بن علي ! لكن الوضع السياسي الحالي لتونس يبدو وكأنه يشبه وضع 1975 – 1976 حيث بداية التدحرج الكبير لعهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي سيطر عليه الرئيس الحالي . حيث أننا مجددا نرى رئيسا يتقدم به العمر والذي أصبح شيئا فشيئا معزولا عن حقائق الواقع وفقد الكثر من قدرته على توظيف القمع والاغراء ، وما زلنا نشاهد نظام سياسي يفتقد إلى من يستطيع أن يخلف الرئيس الحالي كما يفتقد إلى أسلوب منظم في إختيار الخليفة ، في الوقت الذي تراكمت فيه المشاكل الاقتصادية والسياسية والتي انتجت معاناة عميقة تحظى بدعم الكثير من منظمات المجتمع المدني بما في ذلك بعضها الذي له القدرة على تعبئة عددا مهما من المحتجين . فعلي المدى المتوسط والبعيد فان هذا هو الاستخلاص الأساسي من احتجاجلت شهر ديسمبر . ان خروج الشباب العاطل عن العمل الى الشارع لهو أهمية ثانوية بالمقارنة الى قضيتهم التي أصبحت محتظنة ومدعومة من منظمات المجتمع المدني التي ظلت لوقت طويل تحت تسلط حكم بن علي .
وبالرغم من كل هذا من المهم جدا التذكير أن الرئيس بورقيبة لم يسقط فجئة لصالح حركة شعبية حيث ان حكومته بقيت تتصدى بإستمرار لأكثر من عقد . بالاضافة أن انقلاب بن علي اللادموي وحكمه من بعده استفاد كثيرا من غياب التنظم لدى الطبقة السياسية التونسية . اذ أن المجتمع المدني التونسي بما في ذلك أحزاب المعارضة تتسم بسهولة قابليتها لسياسة فرّق تسد . فإذا كانت قدرة بن علي على القمع والإغراء قد تقلصت ان لم تمحي مع احتجاجات ديسمبر فان تونس ربما قلبت حجرا أساسيا في المعادلة . ولكن اذا أخذنا بعين الاعتبار تاريخ تونس وكيف تدار فيها الأمور فانه من السهل ان نستنتج ان الاحتجاجات ستقود بسرعة إلى حركة معارضة متحدة ومنسجمة برسالة واضحة وزعيم يملك كاريزما وقاعدة وطنية تدعمه . اضافة الى ذلك هناك تدحرج بطيء وطويل تجاه الفوضى مما يمكّن ان يوفّر المناخ المناسب لبن علي آخر ، أي رئيسا آخر غير منتخب يقوم بإستيلاء على السلطة من فوق هذه التغييرات خصوصا أنه لم يتبقّى من مكونات القاعدة السياسية (المنهكة حينها) إلا القليل حيث لا تستطيع الصمود (أمام هذا القادم الجديد) . كريستوفر الكسندر بالتعاون مع سيد فرجاني – لندن
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 04 جانفي 2011)
أعمال شغب في جنّة العُطَل الألمانيّة
* ترجمة مقال جريدة “دي فلت” حول الأوضاع في تونس الصادر يوم 03.01.2011 إلى العربية تونس معروفة بشواطئها أكثر من العنف البوليسي فيها. هذا البلد يُظهر وجهه الثاني الذي تحاول الحكومة إخفاءه. يزور الرئيس ضحيّته وللدقة فإنّ محمد البوعزيزي البالغ من العمر 26 سنة ليس ضحية مباشرة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي. ولكن يمكننا القول أنّ هذا الأكاديمي الشاب ضحية غير مباشرة لسياسات بن علي الأوتوقراطية و الإستبدادية. ذلك الرجل الذي يحكم هذا البلد الصغير المطلّ على البحر المتوسط منذ 23 سنة بقبضة من حديد. يبدو الرجل البالغ من العمر 74 [عامًا] عاجزا وهو يقف أمام فراش المريض في غرفة إنعاش في تونس العاصمة. لا يستطيع مصافحة الشاب ولا النظر في عينيه فمحمّد مغلَّف كليا بالضمادات. لقد حاول حرق نفسه.. سبب كل هذا اليأس هو إفلاس سياسي للرئيس. العاطل عن العمل أراد بيع الخضر والغلال لمساعدة عائلته ولم يكن له ترخيص بذلك فوقع حجز بضاعته من طرف الشرطة ثم قام أحد الأعوان بضربه في عرض الشارع. قدَّم محمد البوعزيزي شكاية فتمّ رفضها فقرر هذا الأكاديمي [الجامعي] أن يحرق نفسه. فغمر جسمه بالبنزين وأشعل النار. هذه الدراما رجّت أمّة [ شعب] العشر ملايين الصغيرة ولكنّها دفعتهم لكسر صمتهم الذي دام سنوات طويلة والتخلّي عن عدم اهتمامهم بكلّ ما هو سياسي. إنتشرت مقاومة، ما يسمّيه ناقدو النظام بـ”الدولة البوليسية”، في كل مكان منذ محاولة الإنتحار هذه. يدافع الناس عن أنفسهم ضد قمع حقوق الإنسان وضد نسب البطالة العالية والمزمنة التي تتجاوز ال 14 في المائة وضد انعدام الآفاق و الفساد. إلى الآن فقد 3 أشخاص حياتهم أو ضحّوا بها. قتلت الشرطة متظاهرا يبلغ من العمر 18 سنة بالرصاص وتوفي رجل في ال 44 من عمره متأثرا بجراحه التي سببتها الذخيرة الحية وانتحر شاب في الـ 24 من عمره بصعقة كهربائية. تونس تُظهر وجهها الثاني الذي حاولت الحكومة إخفائه طويلا. لقد اهتمت منذ عشرات السنين بإظهار صورة تونس على أنّها بلد مضياف ومسالم وإسلامي معتدل وجنّة للعُطَل ونجحت في ذلك. حوالي 600 ألف ألماني يزورون الشواطئ الذهبية سنة بعد سنة من تونس العاصمة الى جزيرة جربة. كما تتدفّق 370 مليون أورو في شكل استثمارات مباشرة من ألمانيا إلى رايخ بن علي لتجعل من الجمهورية الإتحادية ثالث أكبر شريك تجاري. الآن تحترق هناك سيارات الشرطة وتطير كوكتالات المولوتوف إلى المباني العمومية و يمشي رجال القانون مع المتظاهرين الغاضبين فيُلقَى بهم في السجن. المحامي عبد الرحمان العيدي [خطأ من المصدر: الصحيح عبد الرؤوف العيّادي] أظهر بكل وضوح في ندوة صحفية لنقابته، عُقِدت للتنديد بتعدّيات الحكومة، ما تعرّض له: خلع قميصه ووجّه ظهره إلى الكاميرا فبانت الجراح التي سبّبتها الشرطة عن طريق الضرب المبرّح. كما في كل الأنظمة الشمولية في ميانمار والصين وإيران، دقت الآن ساعة المواقع الإجتماعية. في فايسبوك أُبلغ عن وعود رصدتها الحكومة بدفع فواتير الماء والكهرباء لمدة ثلاثة أشهر لأهالي سيدي بوزيد في صورة ظهورهم على التلفاز ومدحهم للرئيس. لا أحد يفصح بذلك. فحتى وإن كانت تونس أحسن حالا من بقية الدول العربية فإن ال80 ألف الذين يتخرّجون سنويا ينتظرون أكثر من العمل كمرشدين سياحيين أو سكريتيرات. يقول المعارض نجيب الشابي : ” الإحتجاجات تعبر عن أزمة عميقة و عن حاجة ملحة للتغيير”. يجب على الرئيس بن علي أن يبحث عن فصل جديد في قصّة نجاح تونس ليفتحه وإلاّ فإنّها قد تنتهي فجأة. ترجمة لسام التونسي رابط المقال الاصلي لجريدة “دي فلت” http://www.welt.de/politik/ausland/article11958056/Aufruhr-der-Buerger-im-deutschen-Ferienparadies.html
موجة الاحتجاجات التونسية: أسباب عميقة ونتائج ما تزال غير معروفة
تونس – – لطالما كان كانون الثاني (يناير) شهر الدراما السياسية في تونس فقد شهد هذا الشهر إضرابا عاما في سنة 1978، وثورة دعمتها ليبيا عام 1984. أما هذا العام فإن كانون الثاني سيضاف إلى كانون الأول الذي سبقه. فقد شهد الأسبوعان الآخيران من عام 2010 أكبر موجة من الاحتجاجات الاجتماعية في تونس منذ الثمانينيات. وما بدأ باحتجاج شاب يائس ضد البطالة في سيدي بوزيد وسط تونس، امتد سريعا إلى مناطق وقضايا أخرى. وخلال أيام قليلة من محاولة الشاب محمد بوعزيزي الانتحار أمام مكتب الحكومة المحلية، اتجه الطلاب والمعلمون والمحامون والصحافيون، وناشطو حقوق الإنسان والنقابيون والسياسيون المعارضون إلى الشوارع في مدن عديدة، بما فيها العاصمة تونس، لإدانة السياسات الاقتصادية للحكومة، وقمعها لكل منتقديها، وفسادها الشبيه بنمط عصابات المافيا، الذي يجعل أفراد عائلة الرئيس من الأثرياء. ويتابع تحليل نشرته “فورين بوليسي” اليوم الثلاثاءقائلا: “في دولة معروفة باستقرارها الاستبدادي، من السهل أن تعتبر هذه الاحتجاجات مؤشرا على تغيير دراماتيكي. وفي الواقع، فإن الاحتجاجات كانت تتراكم منذ عامين. الاحباط متعمق في تاريخ طويل من انعدام التوازن في النمو الاقتصادي. وقد ساعدت العديد من المنظمات في تحويل هذا الاحباط إلى مظاهرات جماعية. وحتى اللحظة، فقد أسفرت الاحتجاجات عن إعادة تشكيل الحكومة، وطرد أحد حاكمي المناطق، وتجديد الالتزام بإيجاد وظائف في الأقاليم المحرومة. ولكن من غير المعروف ما إذا كانت ستؤدي إلى المزيد من التغيرات الدراماتيكية. وإذا لم يكن حكم بن علي في خطر، فإن هذه المظاهرات تشير على الأقل إلى أن استراتيجيته في الحكم في مشكلة كبيرة. لقد اعتمد حكم بن علي على مزج بارع بين الاستقطاب والقمع. فمن خلال إظهار إخلاصه للديموقراطية وحقوق الإنسان في وقت مبكر من حكمه، اختطف بذكاء جوهر رسالة المعارضة الليبرالية. وفي الوقت نفسه، فقد استخدم أساليب التلاعب في الانتخابات، والتهديد، وتقديم الامتيازات من اجل استقطاب قادة أجهزة الحزب الحاكم و منظمات المجتمع المدني. أما أولئك الذين بقوا خارج نطاق هذه الأدوات فقد شعروا بقوة الأجهزة الأمنية الداخلية التي تنامت بصورة دراماتيكية خلال التسعينيات. وقد تقبل التونسيون يد بن علي الثقيلة بمرارة خلال التسعينيات. وكان الحكم الاستبدادي هو الثمن الذي دفعوه للاستقرار الذي تمكن من جذب السياح والمستثمرين. وكان بن علي تكنوقراطيا فعالا، وإن لم يكن كاريزماتيا، قدر على هزيمة الإسلاميين، وتحقيق النمو، وأنقذ البلاد من الاضطرابات التي اجتاحت الجزائر. لكن خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، بدأ نسيج حكم بن علي الاستبدادي بالاهتراء. وحين أصبح من الواضح أن الإسلاميين لم يعودوا يشكلون أي تهديد، لم يعد الكثير من التونسيين يريدون تحمل ثقل الحكومة. كما فقد النظام بعضا من مهاراته السابقة. وأصبحت أساليبه أقل ابتكارا وبدت وحشيته أكثر وضوحا. وغدت الحكومة أقل استعدادا للحوار ولو شكليا مع المنتقدين أو الأحزاب المعارضة. وقد أصبح من المعتاد حدوث الاعتقالات التعسفية، والتحكم في الصحافة المطبوعة والوصول إلى الانترنت، والاعتداءات الجسدية على الصحلفيين وناشطي حقوق الإنسان والمعارضين. كما ازداد الفساد- وليس بصورة الرشاور ةالامتيازات التي قد يتوقعها المرء، لكنها جرائم حقيقية شبيهة بما تقوم به العصابات أدت إلى امتلاء جيوب زوجة بن علي وعائلتها. وقد جعل نمو مواقع فيسبوك وتويتر وفضاء التدوين التونسي من السهل على التونسيين أن يعلموا بشأن الاعتقالات الأخيرة، أو الاعتداءات والصفقات الاقتصادية غير القانونية التي تورطت فيها عائلة الرئيس. وبعد فترة قصيرة من اندلاع احتجاجات كانون الأول، نشر موقع “ويكيليكس” رسائل اتصالات داخلية في وزارة الخارجية الأميركية حيث وصف السفير الأميركي بن علي بأنه كبير في السن، بعيد عن الأنظار ومحاط بالفساد. ومع العلم بأن بن علي يملك سنعة بأنه حليف قوي للولايات المتحدة، فقد عنى كثيرا للتونسيين (خاصة منهم المهتمون بالإعلام الاجتماعي) أن مسؤولين أميركيين يقولون عن بن علي نفس الأمور التي يقولونها هم. وقد أضاف ذلك إلى البيئة التي كانت ناضجة ومستعدة لموجة من الاحتجاج الذي حصل على دعم خارجي.
وقد حصلت تونس على سمعة بأنها أغنى الدول في المغرب العربي منذ استلام بن علي للسلطة، وقد فتحت الإصلاحات ذات توجهات تحديد الأسواق الدولة للاستثمار الخاص ودمجتها بشكل أعمق في الاقتصاد الإقليمي. وقد سجل الناتج القومي نموا بنسبة 5 بالمئة. لكن سياسات الحكومة لم تساعد في التعامل مع الشؤون قديمة العهد المتعلقة بتوزيع النمو على كافة المناطق في البلاد. فمنذ الفترة الاستعمارية، تركز النشاط الاقتصادي فب الشمال وعلى طول الساحل الشرقي. وكانت كل التطوير الاقتصادي منذ الاستقلال عام 1956 تلزم الحكومة بجلب الاستثمارات التي من شأنها خلق فرص عمل وتحسين ظروف الحياة في الوسط والجنوب والغرب. وقد أدى الاستثمار الحكومي إلى تزويد المناطق الريفية بالمياه والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية والمواصلات. لكن الحكومة لم تنجح في خلق فرص عمل كافية في الداخل حيث يتزايد السكان بسرعة. وقد أدت بعض السياسات الحومية إلى زيادة صعوبة إيجاد فرص العمل، فالاستراتيجية التنموية التونسية تعتمد منذ السبعينيات على الصادرات والاستثمار الخاص. وقد سببت هذه الاستراتيجية في دولة صغيرة محدودة الموارد إلى الاعتماد على السياحة والمنتجات سهلة التصنيع (كالملابس والمنتجات الزراعية) التي تصدر إلى الأسواق الأوروبية. وأدت العديد من العوامل إلى جذب المستثمرين والمصدرين إلى السواحل، حيث يتركز 80 في المئة من الإنتاج القومي في المناطق الساحلية. وتزيد القضايا التعليمية من تعقيد الأمور. فالتعليم الجامعي رغم انتشاره لا ينتج شبابا يتمتع بالتدريب اللازم لاحتيجات اقتصاد يعتمد على الوظائف منخفضة المهارات في السياحة وتصنيع الملابس. ويسبب عدم التوافق بين التعليم والتوقعات وواقع السوق الإحباط للشباب الذي استثمر في التعليم الجامعي ولا يمكن أن يجد عملا ملائما. ويعتبر هذا التحدي أكبر لسكان المناطق الداخلية، حيث تبلغ نسبة البطالة بين خريجي الجامعات بين 25 و30 بالمئة. ويعتبر دور النقابات أحد أكثر الجاونب إدهاشا في احتجاجات كانون الأول. فقد عملت الحكومة بجد ونجاح لترويض الاتحاد العام للعمال في تونس في التسعينيات. لكن الناشطين في بعض النقابات اتخذوا مواقف أكثر استقلالية ومواجهة مؤخرا، وقد نظموا اجتجاجات في مناجم قفصة جنوبا. وقد لعبت نقابات التعليم دورا حاسما في تنظيم العاطلي عن العمل، ومنهم العديد من خريجي الجامعات، الذين احتجوا على فشل الحكومة في توير فرص العمل، وفسادها ورفضها الحوار. كما احتج الصحافيون والمحامون والناشطون ضد تقييد الحكومة للتغطية الإعلامية للأحداث والاعتقال والتعذيب. وبالتالي فقد نشأ تحالف بين منظمات المجتمع المدني والعديد من فئات الشعب عبر المدن التونسية. ما زال من المبكر معرفة ما إذا كانت هذا الاحتجاجات مؤشرا على نهاية عهد بن علي. لكن المشهد السياسي التونسي يبدو كما كان في 1975 و1976، وهي بداية انحدار سلف بن علي، الحبيب بورقيبة. فنحن نرى الآن ظروفا مشابهة لذلك العهد، الرئيس المتقدم في العمر الذي فقد القدرة على استخدام أساليب الترغيب والترهيب، والنظام الذي يفتقد للخلافة القوية أو أي آلية واضحة لانتخابها. وهناك مجموعة من الشكاوى الاقتصادية والسياسية التي تتمتع بدعم منظمات المجتمع المدني، ومنها ما يملك القدرة على تحريك أعداد كبيرة من المتظاهرين. وعلى المدى المتوسط والطويل، فإن هذا من أهم جوانب الاحتجاجات الأخيرة. فتبني هذه المنظمات لقضية البطالة أهم من نزول العاطلين عن العمل إلى الشوارع لأن هذه المنظمات كانت تحت سيطرة بن علي معظم فترة حكمه أو عاجزة عن التصرف بسبب التهديد والخوف. وعلى الرغم من كل ذلك، فيجب أن نتذكر أن بورقيبة لم يسقط فجأة بعد تحركات جماهيرية حصلت على الدعم الشعبي. فقد تدهورت حكومته بثبات لأكثر من عقد. كما ان انقلاب بن علي البارد وحكمه التالي استغل انعدام التنظيم في الطبقة السياسية التونسية. حيث كان من السهل تطبيق مبدأ (فرق تسد) على المجتمع المدني ومن ضمنه أحزاب المعارضة. ورغم أن قدرة بن علي على القمع قد تراجعت فإنها لم تختفِ. قد تكون تونس قد وصلت إلى منعطف هام في احتجاجات كانون الأول، لكن ليس من السهل الاعتقاد أن المظاهرات ستؤدي إلى حركة معارضة منظمة موحدة مع رسالة واضحة. كما أن الانحدار تجاه الفوضى قد يؤدي إلى ظهور بن علي آخر، رئيس آخر غير منتخب يستولي على السلطة عند القمة ولا يغير شيئا فيما دون ذلك”. (المصدر: جريدة القدس الفلسطينية بتاريخ 04 جانفي 2011 )
أين الغرب من صرخة الشعب التونسي؟
بقلم: مكارم ابراهيم ليس من المألوف ان نرى شعبا في منطقتنا المقمٌعة ينتفض ضد نظامه الديكاتاتوري المؤبد .ومع هذا ففي آذارعام 1991 انتفض شيعة العراق في الجنوب في البصرة بانتفاضة الشعبانية بعد ان ضاق ذرعا بنظام صدام حسين البعثي الجائر والحروب الاستنزافية التي أقٌحٌم فيها تنفيذا لرغبة الامريكان للقضاء على الثورة الإيرانية الاسلامية .وبدأت الإنتفاضة ولن نقول عفوية لان المراكمات لدى الفرد لها حد للتحمل بعدها تؤدي للانفجار واستعلت الانتفاضة عندما قام أحد الجنود العراقيين العائدين من حرب الكويت باطلاق النار على تمثال صدام وحينها قتل النظام اكثر من 300 الف عراقي خلال 14 يوم في هذه الانتفاضة. وبرغم بسالة العراقيين في الجنوب الا ان انتفاضتهم اخمدت بمساندة الامريكان لنظام صدام واستمر صدام في كرسيه واستمر معه مسلسل القمع . ثم جاء عام 2009 وتحديدا بعد نجاح احمدي نجاد في الانتخابات المزورة ب 63 % من الاصوات على معارضه ميرحسين موسوي حينها انتفض الشعب الايراني باكبر مظاهرة بعد 30 عاما اي منذ عام 1979 باندلاع الثورة الايرانية الاسلامية بقيادة آية الله خميني على حليف امريكا شاه ايران . ففي انتفاضة عام 2009 خرج اكثر من مليوني ايراني في الشوارع وعٌبر عن غضبه على الانتخابات المزورة بمظاهرات سلمية احتجاجية لكن قوى الامن والمخابرات اخمدت هذه الاحتجاجات بالرصاص الحي وسقط ثمانية شهداء في ساحة الحرية (آزادي) واعتقل العديد من النشطاء السياسيين مثل محمد علي ابتاهي النائب للرئيس سابقا وكان يدعم مهدي كروبي وسعيد حجريان في افكارهم الاصلاحية. وهكذا انتهت الانتفاضة الشعبية بالقمع المخابراتي ومازال احمدي نجاد يجلس على كرسيه ويستمر معه مسلسل القمع .
ثم جاء عام 2010 وعلى الرغم من انه ليس من المالوف ان نرى شعبا عربيا يثور على حكومته في المنطقة العربية الا اننا استيقضنا على صراخ شعب عربي يمتلك قوة نفٌس طويلة وارادة لم تموت وصوت لم يسكت وهو الشعب التونسي الابي الذي انتفض سابقا على نظامه المستبد في عام 2008 بانتفاضة الحوض المنجمي ولكن اليوم خرج بانتفاضة جديدة من سيدي بوزيد التي اشعلها الشّابّ محمّد البوعزيزي عندما وضع حدّ لحياته بعد ان ضا ق ذرعا من جور السّلطة التي ظلت تلاحقه وراء لقمة خبزه بعد ان غرق في وحل البطالة فلم تدعه يعيش فانتحر وكان ذلك في 17ديسمبر/كانون الأوّل من نهاية هذه السّنة واعقبه مواطنه من نفس المدينة الشّابّ حسين ناجي في 22ديسمبر الذي ادركه الياس بسبب البطالة ومن هنا اندلعت الانتفاضة الشعبية بدءا من منزل بوزيّان التي سقط فيها العديد من الابرياء من ضمنهم إستشهاد الشّاب شوقي بن لخضر بن حسين الحيدري من مدينة منزل بوزيان/محافظة سيدي بوزيد بعد ان اصيب بطلق ناري في عموده الفقري، ومنذ اسبوعين والشعب التونسي يابى السكوت والخنوع لنظامه المافيوي. أن دماء هؤلاء الابرياء هو حبل المشنقة الذي سيلف أعناق السلطة الجائرة في تونس وعصابة المافيا عصابة اللّواء زين العابدين بن عليّ التي اغتالت هذين الشابين والضحايا الابرياء عندما قام البوليس بإطلاق رصاص حيّ على المتظاهرين النقابيٌين والطلاب والكادحيٌن أثناء إحتجاجاتهم السلميّة حيث سقط الشاب محمّد العماريّ في المسيرة وسقط معه 9جرحى في حوالي السّاعة الثّانية في 24ديسمبر .لقد اغتيل هؤلاء الكادحين والمتظاهرين بيد اللّواء زين العابدين بن عليّ الذي ضيٌق انفاس الشعب التونسي منذ 23 عاما وسرق من الشعب مايقدر بخمسة مليار دولار وأبى ان يترك الكرسي لغيره بدون ان يخجل من مطالبة شعبه بالانسحاب بضمير حي ولكن لاضمير لمثل بن علي حاله حال حسني مبارك والاسد والقذافي انظمة مافيوية تسرق ثروات شعوبها وتتٌفن في قمع ابنائها يوما بعد اخرباستخدام كل امكانياتها في تقوية قوى الامن والمخابرات بدلا من ان تستخدم امكانياتها في تعزيز مؤسسات التعليم والتطور الصناعي واحتضان المبدعين لديها . هذا شئ مستحيل ولايخطرفي تفكير هذه الانظمة العربية التي تتعاون مع المافيات والانظمة البرجوازية الغربية والتي لاتعبأ بصالح الشعوب العربية سوى مساندة الانظمة القمعية العربية مقابل سرقة ثرواتها . ان زعماء العصابات المافوية الذين يحكمون الدول في منطقتنا دوما يتهمون المتظاهرين بالمشاغبين وليس بالمعارضين ولايرون انه عندما ينتفض الشعب فهو لانه يريد القول ان صلاحية نظامه انتهت ويجب استبداله بنظام اخروخاصة عندما يكون النظام قمعي ديكتاتوري . فاين امريكا التي تدعي بناء الديمقراطية في الدول العربية ؟ الم تغزو العراق وافغانستان من اجل بناء الديمقراطية ؟ فاين امريكا الان امام صرخة الشعب التونسي الذي ينادي باعلى صوته تسقط حكومة اللّواء زين العابدين بن عليّ ؟ لن تسمع امريكا ولاغيرها اصوات الاحرار في تونس, لان تونس لاتملك ثروات نفطية فقط تملك الزيتون وهذا ليس كافيا كي تتدخل امريكا والدول الغربية في مساعدة الشعب التونسي لاسقاط نظامه و بناء الديمقراطية فيه ! كما ان الشعب التونسي لايطلب المساعدة من امريكا والغرب فقد اصبح جليا ماهي نواياهم واهدافهم فهي ليست من اجل الدفاع عن حقوقنا وكرامتنا بل من اجل نقل الارهاب الى ساحاتنا وتمزيق صفوفنا وثم اتهامنا باننا متخلفين وارهابييين . ثم اين منظمة الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان العالمية؟ هل تخاف نظام بن علي , ام ان الشعب التونسي لايستحق ان يدافع عن حقوقه الانسانية المنتهكة ؟ واين صوت الدول الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان ؟ سكوت مطبق بل مساندة مستمرة لعصابة مافيا زين العابدين بن علي! وبالتاكيد لايمكن ان نطالب الشعوب العربية بخروج بمظاهرات تاييد وتضامن لسخط الشعب التونسي ضد نظامه الحاكم طالما ان هذه الشعوب العربية تعاني من نفس المشكلة ولاتجرؤ على الانتفاضة مثل الشعب التونسي الذي ضاق ذرعا بنظامه البوليسي المستبد لمدة23 عاما. اين السعودية بلد الثروات النفطية من جوع شعوبها انها لاتعبه حتى بفقرائها فكيف ستعبه بالجياع في تونس والدول العربية الاخرى اليس الشعب التونسي هو شعب مسلم؟ بامكان السعودية ان تميت الشعب العربي جوعا اذا كان ذلك سيخدم مصالحها في التحكم في المنطقة هذه هي اغنى الدول العربية الاسلامية التي ينحصر كل اهتمامها برفع عدد زوار مكة كل عام لنهب المواطنين الذين لايستطيعون ادراك بان هذه الاموال اولى بان تذهب الى الجياع والعاطلين في الدول العربية! اليوم لاندري كم سيكون ثمن تغيير السلطة في تونس نسأل كل من له سلطان على هذا الكون ان يريح هذه الأمة من ظلم الحكام العسكريين الذين يأبون التزحزح عن كرسيهم الا بانقلابات عسكرية او غزوات امريكية طبعا اذا تعاكست مع مصالحها النفطية , وهؤلاء مستعدون لتدمير اوطانهم (مثل صدام والبشير) وقتل كل شعبهم لان دماء شعوبهم ليس لها قيمة في حسابهم امام بقائهم في السلطة للابد. من المثير للسخرية انه عندما يصرخ حاكم عربي طلبا للمساعدة من امريكا والغرب فان ندائه يسمع على الفور ويلبى النداء اما عندما يصرخ شعب عربي فتصم اذان امريكا والغرب وانظمة حقوق الانسان العالمية, ولكن نحن نعلم بان صرخة الشعب التونسي هذه ليس من اجل طلب المساعدة من الغرب بل هي صرخة في اذن نظامه الجائر نظام رئيس العصابة زين العابدين بن عليّ آملين بان يكبل الشعب التونسي ايدي بن علي قريبا . وختاما وتضامنا مع ثورة الاحرار في تونس نرسل تحية غٌراء لجماهير الشعب التونسي البطل وهو يرسم وبيد ابطاله وشهدائه المستقبل الديمقراطي الجديد لابنائه الذين لايرضىون ان يحييو بدون كرامة وحرية راجين النصر لارادتهم الصامدة من اجل العدل والكرامة والمواطنة الحقة. والمجد والخلود لشهدائهم الابرار. مكارم ابراهيم (المصدر: جريدة صوت العراق بتاريخ 04 جانفي 2011 )
تشييع جثمان المناضل عبد القادر الدردوري والبوليس يحاول التشويش على موكب الدفن
السبيل أونلاين – تونس – عاجل
شُيّـع إثر صلاة عصر اليوم الثلاثاء 04 جانفي 2011 ، جثمان المناضل الحقوقي والنقابي ورئيس فرع قربة / قليبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد القادر الدردوري ، وذلك إلي مقبرة سيدي البوضاوي بمدينة قليبية التابعة لولاية نابل شمال شرق تونس (والتى تبعد عن العاصمة 105 كيلومتر).
وكان الحضور مكثفا لأطياف المجتمع المدني ، وقد منعت جحافل البوليس التي حضرت بأعداد كبيرة جموع المشيعين وقوف موكب الدفن أمام مقرّ فرع الرابطة بقليبية والذي كان المرحوم الدردوري من المؤسسين له وكان يناضل على مدى السنوات الماضية من أجل إعادة فتحه.
وقبل مواراته الثرى قام بتأبينه كل من الأساتذة عبد اللطيف عبيد عن “التكتل من أجل العمل والحريات” ، ومختار الطريفي رئيس الرابطة ، وجلول عزونة عن “الكتاب الأحرار” . وأجمع جميعهم على الخصال النضالية الكبيرة التي كان يتمتع بها عبد القادر الدردوري وأنهم سيناضلون من أجل الحصول على ترخيص نشر مجموعته القصصية التي لم تسمح السلطات بنشرها .
وذكرت مصادر في عائلة الدردوري أن ميليشيات الحزب الحاكم وأعوان البوليس السياسي حاولوا على مدى اليومين الماضيين ممارسة ضغوط على العائلة وتخويفها من الحضور المكثف للمشيعين ، وقد حاولت تلك الأطراف التشويش على كلمات التأبين في المقبرة ووصل بهم الأمر إلى حمل النعش بعيدا حين بدأ أحد الشعراء إلقاء قصيدة في تأبين الدردوري ، كما ساهموا عمليا في منع الموكب من الوقوف أمام فرع الرابطة بالجهة .
بالتعاون مع الناشط الحقوقي سيد مبروك – تونس
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 04 جانفي 2011)
عبدالقادر الدردوري يشيع الى مثواه الأخير
انتظم اليوم 4 جانفي 2010 موكب جنازة الأستاذ عبدالقادر الدردوري بمدينة قليبية و قد حضرت الموكب العائلات السياسية ممثلة في السادة نجيب الشابي عن الديمقراطي التقدمي والسيد احمد ابراهيم عن حركة التجديد وعبد اللطيف عبيد عن” التكتل من اجل العمل والحريات” كما حضرعن الرابطة رئيسها مختار الطريفي وعن رابطة الكتاب الاحرار الأستاذ جلول عزونة كما حضر الجنازة وجوه بارزة من الرابطيين والحقوقيين ومناضلون من المجتمع المدني. وقد تداول على تأبين المغفور له السادة عبداللطيف عبيد ومختار الطريفي وجلول عزونة ذكّروا كلهم بخصال المرحوم في المجالين الحقوقي والسياسي وخاصة صلب الرابطة التي انتمى إليها منذ تأسيسها سنة 1984 وكان منذ تأسيس فرع قلبية رئيسا له إلى أن وافاه الأجل المحتوم . ولقد حاولت مجموعة من الأشخاص لا ندري إن كانوا من رجال الأمن أو المقربين من السلطة اختصار كلمات التأبين تحسبا لإمكانية رفع شعارات ضد السلطة التي لجأت إلى حجز آخر كتب الدردوري وهو ما ندد به الأستاذ عزونة في كلمته التأبينية التي قاطعها البعض بكلمات الله اكبر لا من باب الترحم على الفقيد بل للتشويش عليه كما منع الشاعر الصادق شرف أبو وجدان من إلقاء مرثية لعبدالقادر الدردوري لم يتمكن إلا من قراءة مطلعها:
الموت بغدرنا عفوا أدردوري….. لم ابك من مهجتي الا لمغدوري غادرت إقليبيا والموت يقهرنا ما رق وجداننا إلا لمقهور
وهي مطولة في أكثر من ثلاثين بيتا وقد كان المرصد حاضرا في الجنازة ممثلا في شخص منسقه للإعلام .
..فإلي روح عبدالقادر التحية . فلقد اجتمعنا من اجله ولتوديعه الوداع الأخير.. البعض منا لا يعرف البعض.. البعض ما التقى بالبعض أبدا كلنا نعرفه هو، كلنا جئنا من اجله لنحيى فيه الرجل الشهم والمناضل الصادق كما قال ذلك الأستاذ مختار الطريفي. في تأبينه …كلمات أخيرة من قصيدة أبي الوجدان التي لم تصل الرجل المسجى على سرير الموت ” كما لم تبلغ الزوبعة والحداد” مسامع أحباء الفقيد وأصدقائه… لم يفتأ البرج يا خضراء مشتعلا في البحر… والبرهل يخلو من النور؟
عن المرصد المنسق المكلف بالاعلام عبدالسلام الككلي
الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة نابل نابل في 4-01-2011 تعزيـــــــــة
فقدت الساحة الحقوقية والسياسية وكتلة المجتمع المدني المناضل الصادق والوطني الحر الأستاذ المربي المتقاعد السيد عبد القادر الدردوري أصيل الوطن القبلي وبالتحديد مدينة قليبية وقد تم تشييع جثمانه اليوم 04-01-2011 إلى مقبرة المكان حيث تم أداء صلاة الجنازة تم استمع الحضور إلى كلمات تأبينية تباعا لكل من السيد عبد اللطيف عبيد عضو فرع قربة-قليبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ثم السيد المختار الطريفي رئيس الرابطة والأديب والكاتب جلول عزونة.، وقد شهدت الجنازة حضور العديد من رموز المجتمع المدني ومناضلي وقيادات الرابطة والأحزاب السياسية المعارضة على غرار الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي الأخت مية الجريبي والأستاذ أحمد نجيب الشابي والسيد خميس الشماري والأمين الأول لحركة التجديد السيد أحمد ابراهيم والأساتذة العياشي الهمامي وأنور القوصري وقيدوم المناضلين الشيخ علي بن سالم والقائمة تطول…. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي بأحر التعازي لأسرة الفقيد وعائلته راجية من المولى القدير أن يتقبله بعفوه ورضاه وأن يرزقهم جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي المسؤول عن الإعلام الحبيب ستهم
بعد جلسة أمس مع ممثلي اتحاد الشغل وزارة التربية تحدد روزنامة للتفاوض مع نقابات التعليم
علمت «الصباح» انه تم تحديد رزنامة ستستأنف بموجبها المفاوضات بين وزارة التربية والهياكل النقابية ذات الصلة ومن المتوقع أن تبدأ اللقاءات خلال الايام القليلة القادمة. ووفقا لمصادر مطلعة ستكون الرزنامة فان النقابة العامة لعملة التربية ستكون اولى النقابات التي ستجلس إلى طاولة المفاوضات وذلك يوم الجمعة 7 جانفي تليها النقابة العامة للتعليم الاساسي والتي حدد موعد جلستها يوم الاثنين 10 جانفي وستكون النقابة العامة للتعليم الثانوي على موعد لبدء مفاوضاتها يوم 11 جانفي. وستمثل المواعيد المذكورة فرصة جديدة لاستئناف التفاوض حول جملة من النقاط موضع خلاف. وقال الكاتب العام للتعليم الاساسي حفيظ حفيظ أن النقابة على اتم الاستعداد للعودة إلى طاولة المفاوضات وقد برهنا على ذلك من خلال المكتوب الرسمي الذي تم توجيهه إلى وزير التربية. وحول إلغاء الإضراب المقرر إلى يوم 26 جانفي أوضح حفيظ أن المعلمين ليسوا دعاة إضراب فالأمر يتعلق بمدى الاستجابة إلى مطالب أبناء القطاع. ومن جهته اعتبر الأمين العام المساعد المكلف بالتكوين والتثقيف النقابي عبيد البريكــي ” أن جلسة امس ليست لقاء تفاوضيا على اعتبار أن الهياكل ذات الصلة هي المسؤولة على المفاوضات”. خليل الحناشي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 جانفي 2011)
هل تحرمهم من الترشح للمؤتمر؟ إحالة أربعة نقابيين على لجنة النظام
قال مصدر مسؤول بالاتحاد العام التونسي للشغل أنه من المتوقع أن تتم احالة اربعة نقابيين على لجنة النظام الداخلي للمنظمة على خلفية التطاول على قيادات الاتحاد والمس من شرعية العمل النقابي وليس على خلفية التصريحات التي ادلى بها البعض منهم فيما يتعلق بأحداث سيدي بوزيد كما تداوله الشارع النقابي. وأكد المصدر أن إحالة النقابيين الأربعة طيب بوعايشة وفرج الشباح وراضي بن حسين والجيلاني الهمامي جاء كنتيجة للاقتراح الذي دعا له المكتب التنفيذي للاتحاد خلال اجتماعه الاخير. ووفقا للنظام الداخلي للمنظمة فان مجرد الاحالة على لجنة النظام الداخلي سيحرم النقابيين المذكورين من الترشح للمكتب التنفيذي او لاي مهام اخرى بالاتحاد اذا ما ثبتت ادانتهم وذلك بالنظر إلى حجم العقوبة التي تنتظرهم. ويعتبر العديد من النقابيين «أن ما تعرض له النقابيون الاربعة محاولة اقصائية للحيلولة دون ترشحهم لانتخابات المكتب التنفيذي خلال الانتخابات القادمة» وهو ما نفاه مصدر من الاتحاد حيث اكد بالقول أن المذكورين أعلاه «لا يمثلون قطاعاتهم وأنهم فشلوا في هياكلهم وينشطون خارجها وينتمون للاتحاد إلا من خلال انخراطهم». خليل الحناشي
(المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 جانفي 2011)
بن عروس
اختفاء الطفل عمر في ظروف غامضة
يعكف أعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بتونس على البحث في قضية اختفاء طفل يدرس بالسنة الاولى ابتدائي يدعى عمر بن عز الدين الرياحي(من مواليد 8 جانفي 2005) في ظروف غامضة من الحي الذي تقطن به عائلته والكائن بمنطقة شبدة من ولاية بن عروس قبل بضعة أيام. وفي اتصال بعائلة المفقود أفادنا خاله حسين الرياحي بأن عمر غادر في حدود الساعة الواحدة من بعد زوال يوم الخميس 30 ديسمبر الفارط منزل والديه للهو مع صديقه على بعد نحو خمسين مترا من البيت ولكنه اختفى منذ ذلك الحين. وأضاف: لقد ظل ابن شقيقتي يلعب رفقة صديقه لفترة قبل أن يعود الأخير إلى المنزل ويظل عمر يلهو بمفرده بالقرب من أحد أجوارنا الذي كان بصدد قصّ سيارة لبيعها لأحد مستودعات السيارات المستعملة(فراي) ولكن جارنا توجه بدوره إلى المستودع تاركا عمر بمفرده، ومنذ ذلك الوقت اختفى عن الانظار ولم نعثر له عن أثر رغم عمليات البحث والتفتيش التي قمنا بها.» وختم بالقول:” عندما عجزنا اتصلنا بأعوان مركز الحرس الوطني بنعسان وتقدمنا ببلاغ في الغرض قبل أن تحال القضية لأعوان فرقة الأبحاث العدلية للحرس الوطني بفوشانة ثم الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية لمواصلة التحريات… وكل أملنا العثور على عمر سليما معافى كما نناشد كل من لمحه أن يتصل بنا ويساعدنا في العثور عليه” صابر المكشر (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 04 جانفي 2011 )
2011 عام القلاقل والتحولات
برهان غليون لم يكن تفرغ النخب الحاكمة للنزاعات الداخلية في العقود الأربعة السابقة -التي انتهت باحتكار السلطة من قبل فئات محدودة واحدة، وإعادة بناء النظام السياسي والقانوني والإداري بما يساعد على تخليد هذه السلطة، وربما انتقالها من الآباء إلى الأبناء، بصورة يصعب بعدها الحديث عن نظم سياسية بالمعنى الحديث للكلمة- ممكنا إلا بقدر ما كانت سياسة تفريغ الدول من حيويتها وقواها السياسية هذه متقاطعة مع مصالح القوى الإقليمية والدولية المتنافسة على كسب مواقع النفوذ في المنطقة المشرقية أو السيطرة عليها. وكانت معركة القضاء على حركات المقاومة والاحتجاج العربية من أي نوع كانت -تحت شعار تصفية الإرهاب في ما يخص القوى الإسلامية، أو باسم ضمان الأمن والاستقرار عندما يتعلق الأمر بقوى يسارية أو قومية أو ديمقراطية، يطلق عليها اليوم صفة العلمانية لتقزيمها وتغييب برامجها السياسية- جزءا من معركة الدول الكبرى للحفاظ على الوضع القائم، ومنع أي تغييرات أو تحولات إستراتيجية أو جيوسياسية لا تتفق مع مصالحها. وبهذا المعنى لم يكن انشغال النظم العربية بقضايا الداخل ممكنا إلا بمقدار ما كان اطمئنانها عميقا لضمان ثبات الجبهة الخارجية، وتكريس الخرائط القديمة الموروثة عن الحقبة الاستعمارية السابقة من قبل القوى الدولية. وهذا ما عبرنا عنه أكثر من مرة بالتحالف والتضامن الحاصل بين الاستعمار والاستبداد، أي بين استعمار داخلي واستعمار خارجي، يقومان كلاهما على تجريد الشعب من حقوقه السيادية وفرض الوصاية عليه ومعاملته كرعية تابعة للملك أو الرئيس السلطان. والحال أن سياسة تهدئة الجبهة الخارجية -التي اتبعتها الدول الكبرى ذات النفوذ في المنطقة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، والتي شكلت ضمانة لنجاح سياسات القمع الداخلية بل تشجيعا لها- بدأت تتعرض للاهتزاز منذ أن قررت الإدارة الأميركية الجمهورية السابقة في عام 2003 -تحت تأثير المحافظين الجدد- فسخ عقد الضمان هذا والسعي إلى إعادة هيكلة المنطقة، وربما تغيير بعض نظمها وأساليب إدارتها بما يتفق بشكل أكبر مع تطورات الأوضاع الدولية الجديدة، ويضمن للولايات المتحدة وحلفائها وضع اليد بشكل مباشر على آبار النفط، خوفا من منافسة قوى مستهلكة جديدة صاعدة، وتعزيزا لمكانة إسرائيل الإقليمية، بوصفها الحليف الرئيسي والمعتمد الأول في المنطقة. ولم ينفع تراجع الإدارة الأميركية عن خطتها هذه، واستعادتها لشعار الحفاظ على الأمن والاستقرار من جديد بدل شعار التغيير ودمقرطة الشرق الأوسط، الذي استخدمته لتبرير إستراتيجيتها الهجومية وحربها المعلنة على دول المشرق العربي، التي لم تكن الحرب على العراق سوى الفقرة الأولى منها، أقول لم ينفع هذا التراجع في إعادة الأمور إلى نصابها لسببين: الأول أن واشنطن خسرت الحرب في العراق تحت تأثير المقاومات المتعددة. وبدل أن تحقق الانتصار المنتظر الذي كانت تحتاجه للتغطية على إخفاقها في أفغانستان التي تكاد تتحول إلى فيتنام جديدة، بدت أكثر من أي وقت سابق دولة مغامرة، وانهارت صدقيتها الإستراتيجية التي أرادت أن تؤكدها كدولة عظمى وحيدة تقع عليها مسؤوليات قيادة العالم وشق طريقه نحو مستقبل أفضل، ديمقراطي ومتضامن، كما كانت تقول دعايتها. والسبب الثاني أن هزيمتها المرة في العراق، والعجز الذي أظهرته في السيطرة على الوضع الناجم عن الحرب، واضطرارها أخيرا إلى الاعتراف بالإخفاق والانسحاب من بغداد، مع ترك البلاد -التي حطمت عمودها الفقري وفككت دولتها- عرضة لكل الاحتمالات، وفي مقدمها الانقسام والتناحر الطائفي والإثني، وأهم من ذلك التدخل الإيراني، لم يؤثر كل ذلك على صدقيتها كدولة عظمى قائدة فحسب، ولكنه أدى إلى الانكشاف الإستراتيجي الكامل لجبهة المشرق العربي “الأميركي”، وبشكل خاص جبهة الخليج النفطية، وهي ذات الأهمية الإستراتيجية الاستثنائية، وتعريضهما لضغوط قوية من قبل أعتى خصوم واشنطن الإقليميين. ومن الطبيعي أن تشعر دول المشرق العربي، وفي مقدمها دول الخليج، التي تعرضت لهذا الانكشاف بالقلق على أمنها أكثر من أي وقت سابق، وتتطلع إلى تحالفات أخرى قريبة أو بعيدة تؤمن لها الحماية التي لم تعد واثقة من أن واشنطن قادرة وحدها على تأمينها لها. وأول من أدرك هذه الحاجة هو النظم التي كانت تشعر بهشاشة استثنائية، سواء بسبب عوامل تكوينها الذاتي أو شروط حصارها الخارجية. وفي سياق هذا الاختلال الكبير الذي أصاب الإستراتيجية الغربية في المنطقة بعد هزة حرب العراق الأرضية، وما نجم عنه من تراجع في شروط حفظ الوضع القائم الشرق أوسطي، تبرز بشكل متسارع -منذ بضع سنوات- ظاهرتان تسيران جنبا إلى جنب: الأولى ظاهرة تشكل قوة إقليمية محورية، تقوم بدور القطب المحرك والجامع، الذي يطرح أجندة إقليمية وليست وطنية فحسب، تهدف إلى التصدي للمهام التي عجزت الأطراف الأخرى والنخب الحاكمة عن التصدي لها، وفي مقدمها لملمة أطراف منطقة مزقتها الحروب والنزاعات الخارجية والداخلية، وحل النزاعات القائمة في ما بينها، وإزالة العوائق التي تحول دون انفتاح إحداها على الأخرى، وتعظيم شروط الاستثمار والتعاون المفضي إلى الارتقاء بعوامل التقدم الاقتصادي والاجتماعي فيها، ومواجهة النفوذ الغربي الذي تحول، كما كان عليه الحال في الخمسينيات من القرن الماضي، إلى بؤرة رئيسية لفساد النظم والنخب الحاكمة وإعاقة النمو، كما أصبح السبب الأول في تكبيل المنطقة وتجميدها، بمقدار ما رهن نفسه وربط أجندته التاريخية بالدفاع عن إسرائيل ومشروعها الاستيطاني أو بمقدار ما عجز عن الاستقلال عنهما. والثانية هي ظاهرة التململ داخل المجتمعات، أو استيقاظ الحركات الاجتماعية التي كادت تموت تحت أنقاض الخراب الوطني والسياسي المعمم، وفي ظل سياسات تقييد الحريات والقمع والتهميش من قبل نخب حاكمة فقدت أي مفهوم للسياسة كمسؤولية اجتماعية ولتداول السلطة كحق شرعي وجزء لا يتجزأ من المواطنية، وكضمانة لعدم فسادها واحتكارها واستخدامها من قبل فئة لإخضاع فئة أخرى وحرمانها من حقوقها واستعبادها. وكلتاهما، أعني الظاهرتين، تعزز في تقدمها الأخرى. هكذا برزت -ولا تزال تبرز- بسرعة البرق تركيا كقوة إقليمية صاعدة، وتتصدى -تقريبا من دون جهد يذكر، وبتعاطف لا يخفى من قبل الرأي العام العربي وأحيانا النخب الحاكمة نفسها- إلى موقع القيادة الإقليمية. وقد تجاوزت -في سنوات معدودة- في نفوذها السياسي والاقتصادي، والدور الذي تقوم به لتعزيز التواصل بين دول المنطقة وتنشيط التفاعلات في ما بين أطرافها، جميع الدول الأخرى القريبة والبعيدة. وبعكس طهران الثورية، تطرح أنقرة نفسها اليوم كمركز استقطاب لجميع الأطراف الإقليمية، وتتبع سياسة قائمة على امتصاص التوترات وتهدئة النزاعات والتقريب بين جميع أقطار المنطقة، من دون التردد في تحمل مسؤولياتها كمحور سلام واستقرار وتنمية اقتصادية واجتماعية، أي كقوة إقليمية قادرة على أن تفتح آفاق المستقبل لمنطقة بقيت محاصرة ومعزولة ومهمشة لعقود طويلة، ومليئة بكل أنواع الظلم والقهر وانتهاك الحقوق الوطنية والسياسية. وهي تبرز كجزء من المنطقة تربطها بها عوامل تاريخية ودينية وجغرافية عديدة، لا غريبة عنها، وتنظر إليها من منظار تكوين مستقبل مشترك، وتحسين شروط استقلال المنطقة وازدهارها، لا كفريسة سهلة أو منطقة تقاسم نفوذ تستهلك مواردها ثم تتركها لمصيرها، أو تحتل أراضيها وتستوطنها وتطرد شعوبها، كما كانت عليه السياسات الاستعمارية. وبالمثل -بموازاة تبدل المعطيات الإقليمية، وتحرك الجبهة الخارجية، واهتزاز مواقع النخب الحاكمة على الخارطة الجيوستراتيجية- تنبعث دينامية جديدة داخل القوى الاجتماعية في جميع الأقطار. وتعود التطلعات نحو العدالة والحرية والحق في العمل والحياة الإنسانية الكريمة إلى الظهور هنا وهناك. وكل الدلائل تشير في نظري إلى أننا في بداية دورة جديدة من الحراك الداخلي الذي يستفيد من اهتزاز وضع النظم القائمة الخارجي وتراجع ثقتها بنفسها وبحماياتها الخارجية. وربما تشكل انتفاضة عمال المناجم والعاطلين عن العمل في مدينة سيدي بوزيد التونسية في الأسبوع الأخير من عام 2010، إشارة الانطلاق لهذه الدورة التي ستتقدم على وقع تبدل علاقات القوى الخارجية. ومما يزيد من هذا الاحتمال الاحتقانات الشديدة التي تعيشها المجتمعات العربية الناجمة عن الحرمان والفساد والتفاوت الفاحش بين الطبقات والعبث بالقانون وانتهاك حقوق الإنسان المستمر، وعدم إمكانية الرهان في مواجهة هذه الاحتقانات على المزيد من القيود وسياسات القمع والإرهاب، كما اعتادت على ذلك معظم الحكومات العربية. ففي الأوضاع الجيوستراتيجية والدولية الجديدة، وكسر احتكار الإعلام الوطني والعالمي، وتسارع وتيرة انتقال المعلومات بين البلدان والشعوب -بما في ذلك المعلومات ذات الطابع الدبلوماسي السري، كما أظهرت ذلك وثائق ويكيليكس- لن تقود سياسات التهميش والعزل وضرب الحصار على شعوب كاملة، ومنعها من المشاركة حتى بالكلام والتعبير في تقرير مصيرها، سوى إلى المزيد من الفساد والحرمان والتفاوت الاجتماعي، وبالتالي إلى تقهقر أكبر في شروط حياة السكان، وفي مقدرة الحكومات على مواجهة المشاكل القائمة والمتجددة. وأمام انغلاق آفاق المستقبل بالنسبة للأجيال الجديدة التي لم تعد تتوقع سوى البطالة والفقر وضياع الوقت، أي العمر، ربما لا يبقى من خيار آخر سوى التمرد والانفجار. بيد أن هذه التمردات والانفجارات المنتظرة ليست مضمونة العواقب أيضا. وليست هناك أي ضمانة في ألا تختار النخب الحاكمة طريق المغامرة بمصير البلدان نفسها، والرهان على بث الفوضى وانعدام الأمن، لردع المجتمعات وتخويفها من التغيير، أو جعل التغيير مرادفا للخراب والدمار والانقسام والفوضى. وهذا هو الخيار الذي قاد بلدانا عربية عديدة -من لبنان إلى الصومال إلى العراق، واليوم السودان، وربما قريبا اليمن- إلى التفتت والنزاعات الداخلية، الطائفية والإتنية. ففي جميع هذه الحالات جاء الانقسام والنزاع والانهيار نتيجة رفض النخب الحاكمة طريق الحوار والتفاهم بعد رفض الإصلاح، وتبنيها قرار المواجهة بأي ثمن، أي العنف. فلا ينبغي أن نتوقع من نخب حاكمة ليس لديها، أو لم يعد لديها، أي مفهوم للدولة، ولا -من باب أولى- أي شعور بالمسؤولية الوطنية، أن تتصرف تجاه الأزمات المتراكمة التي تتعرض لها الدول والمجتمعات العربية اليوم بحد أدنى من المسؤولية أو المبادئ الأخلاقية. وهذا ما يعطي صورة عن الصعوبات الإضافية التي تواجهها عملية التغيير في أقطارنا، والاحتمالات الكبيرة لتزايد تدخل القوى الخارجية، كما أظهرت ذلك حالة ساحل العاج، حيث يزيد رفض الرئيس السابق غباغبو القبول بنتائج الانتخابات، وتمسكه بالبقاء في منصب الرئاسة مهما كانت النتائج والأخطار، من تدخل الدول الكبرى في مصير البلاد، وربما ارتهان إرادة الرئيس الجديد المنتخب لهذه التدخلات. وهنا تبرز مسؤولية قوى المعارضة والحركات الاجتماعية ومقدرتها على صوغ أجندة وطنية جامعة، تحرص على توحيد جميع القوى الاجتماعية المنخرطة في عملية التحول، وهي أغلبية المجتمع، وتجهد في سبيل حل الخلافات التي تفصل في ما بينها، خاصة بين إسلاميين وغير إسلاميين، وتسعى إلى ترسيخ الخيار الديمقراطي في إطار الحافظ على استقلال القرار الوطني الذي يتيح وحده إمكانية التفاعل والتضامن بين فئات مصالح متباينة وأحيانا متنازعة. وقبل هذا وذاك، رفض الانجرار إلى طريق العنف الذي يشكل الدفع إليه وتعميمه الإستراتيجية الوحيدة التي لا تزال تملكها النخب العربية الحاكمة للحط من قدر الشعوب، وتسفيهها في نظر نفسها، وتسويد صورتها، لاستجداء الدعم الخارجي، وقطع الطريق على أي تحولات ديمقراطية فعلية وتبرير التمديد الدائم لحكم القهر والاستبداد. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 04 جانفي 2011)