الثلاثاء، 22 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2555 du 22.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان: بــيــان المكتب الفيدرالي كلية العلوم بتونس: بلاغ إعلامي حكومة بن علي تسمح لأوّل مرّة بنشر رسالة لمحمد عبّو من سجنه إلى إبنته على أعمدة صحيفة “الشروق” افتتاحية الطريق الجديد :على الدرب عهد الإعلام الأحادي قد ولّى فـي السبـاق مــن أجل رئاسـة هيئة المحامـين، الأستـاذ بديــع جــراد لـ«الصّبـاح»: أراهن على الحوار مع السلطة… وأرفض «التوظيف السياسي للمهنة» محمد القوماني: 18 أكتوبر: نجح الإضراب وتعثرت الحركة سليم الزواوي: الرقابة على الكتب لا تصنع عقولا محصنة ضد التطرف خــالد الطــراولي: مــاتت أميــرة عزالدين محمود: تعقيب على إعترافات الأخّ الهاشمي في مشروع المصالحة عبد الغني الزغوانى : لم يسقط السّقف يا سماحة مفتي تونس أبو أيمن: حاتم بن عثمان والجالية التونسية بقطر عبدالحميد العدّاسي: بدون عنوان محمد العروسي الهاني : رسالة للتاريخ حول الأمانة و تقدير المسؤولية و تكريس المصداقية على أرض الواقع  برهان بسيس: رهانات… يسارية الصباح: الموسيقار سمير العقربي على رأس مصلحة الموسيقى بالإذاعة والتلفزة الوطنية:التسميــة والـــدلالات القدس العربي: معالجات نقدية لتجارب مختلفة في القصة والرواية في تونس وليبيا  القدس العربي : وفاة المناضل المغربي ادريس بن زكري احد اشهر المدافعين عن حقوق الانسان رويترز: قوات الأمن الجزائرية ترصد انقساما في صفوف المتشددين الإسلاميين إسلام أونلاين: العراق”.. طُعم القاعدة لشباب الجزائر القدس العربي : سياسيون موريتانيون قلقون: الجيش يواصل الإمساك بالسلطة وسيناريوهات متعددة لمستقبل ديمقراطية الجوعى د.أحمد القديدي : تحول عميق في الدبلوماسية الفرنسية مع كوشنار ولاء سعيد السامرائي: العداء للعرب يصل الي الخارجية الفرنسية مع برنار كوشنر  مدين غانم: ما هو مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية؟ د. محي الدين عميمور: الانتخابات الجزائرية: الأرباح والخسائر


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 
 الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع بنزرت 75    شـارع    فرحات حشـاد-  بنزرت 7001- الهاتف :  72435440 بنزرت في 20  ماي 2007 بــيــان  
       حاصرت قوات البوليس بالزي المدني اليوم الأحد 20 ماي مقر فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت ، ووضعت حواجز في كل الاتجاهات المؤدية إليه حيث منعت ، كعادتها وبأشرس الأساليب الزجرية منذ شهر سبتمبر 2005، المنخرطين من  دخوله أو الاقتراب منه ولو من بعيد إلى حد استعمال العضلات بالدفع القوي ضدهم . صادف هذا اليوم  أن جاء لزيارة فرع بنزرت  وفدان  من مؤسستين إنسانيتين الأول «FrontLine» لحماية مناضلي حقوق الإنسان ، على رأسه السيدة Natacha O’Brien –   والثاني :               human rights  first » » حقوق الإنسان أولا . يمثله السيد الحبيب نصار . ثم  رجعا  الوفدان  أدراجهما  من حيث جاءا  بعد منعهما  من دخول مقر فرع الرابطة والجلوس مع مناضلي الجهة. وتجدر الإشارة أن الوفدين قدما  من تونس وعادا إليها  تحت مراقبة البوليس  الخفية . مرة أخرة تريد السلطة ، عبر هذه  التصرفات القمعية ،أن تجعل من  الرابطة  التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأمثالها من الجمعيات المستقلة ، كلبا ،  طائعا ، وفيا  لمولاه  وببغاءا  يرد د   ما  يملى  عليه من الجمل .                 ومن جهتنا نحن الرابطيون ، نؤكد للرأي العام  في تونس والخارج  بأنـنـا  :  –         لن  نخون الأمانة في القيام  بواجباتنا  الإنسانية وفقا لميثاق الرابطة والمواثيق الدولية . –         سنواصل في أداء  مهامنا  النضالية إلى أن  يــعــلــو  الـقـانـون ولا يـعـلى  عــلــيــه .                                                                        عـن  فـرع  الـرابطة ببنزرت                                                                           الـرئيس                                                                           عـلـي  بـن  ســالـم

الاتحاد العام لطلبة تونس

 

بلاغ إعلامي

 

تونس في 22/05/2007

تم يوم الخميس 17/05/2007 الحكم على الرفيق علي بوزوزية المنخرط صلب الاتحاد العام لطلبة تونس و المرسم بكلية العلوم ببنزرت ستة أشهر سجنا نافذا ويأتي ذلك ضمن الحملة القمعية المستمرة التي تنتهجها السلطة التونسية في محاصرة العمل النقابي و السياسي و استهداف طرف بعينه النقابيون الراديكاليون الذي عانى طيلة سنوات من عديد المحاكمات سواء داخل الجامعة عن طريق مجالس التأديب الصورية أو عبر القضاء ونذكر منهم الشاذلي الكر يمي-حسين بن عون-لسعد الكيلاني-عمار العطافي-نزار بوجلال-نجيب الدزيري-عفيف الهاد في-ربيع الو رغي… و ذلك لثنيهم عن الدفاع عن الجامعة وتمسكهم بالاتحاد العام لطلبة تونس و القطع الجذري مع الممارسات الانتهازية و المصالح الضيقة لبعض الأطراف.

 

ونهيب بكافة الأطراف و المنظمات الوطنية التقدمية للوقوف إلى جانب مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس في هذا الظرف الذي يتميز بحراك نقابي و سياسي يعنى بمستقبل المنظمة الطلابية و لا يفوتنا أن نتوجه بالشكر إلى السادة المحامين الذين ساندونا بكل من جهة صفاقس وتونس و بنزرت كما نتوجه كذلك إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لتحمل مسؤوليتها تجاه رفاقنا المساجين و الملاحقين قضائيا  و المطرودين تعسفا من الجامعة.

ونعلن الآتي

1- وقوفنا إلى جانب كل الرفاق واستعدادنا للدفاع عن مناضلينا بكل الوسائل المشروعة.

2- تمسكنا بحرية العمل النقابي و السياسي داخل الجامعة.

من أجل إيقاف التتبعات القضائية وعودة المطرودين

عاش الاتحاد العام لطلبة تونس حرا مناضلا و مستقلا و موحدا

 

المكتب الفيدرالي كلية العلوم بتونس

 

حكومة بن علي تسمح لأوّل مرّة بنشر رسالة لمحمد عبّو من سجنه إلى إبنته على أعمدة صحيفة “الشروق”

 

 
في سابقة تُسجّل لأوّل مرة في الصحف التونسية المحكومة بأوامر نظام بن علي ، رفعت اليوم الثلاثاء 22 ماي 2007  جريدة “الشروق” المُوالية الحصار المضروب على ذكر إسم أشهر سجين سياسي تونسي و هو فارس الحرية محمد عبّو بالصحافة الحكومية عندما سمحت بنشر تهنئة وجّهها محمد عبو من سجن الكاف إلى إبنته نور الهدى عبو بمناسبة عيد ميلادها ، و قد نشرت “الشروق” التهنئة كاملة بإحدى صفحاتها الداخلية دون أية صنصرة من أي نوع ناقلة إسم مُرسل التهنئة (محمد عبو) و المرسلة إليها (نور الهدى) و نصّ التهنئة للقرّاء كما هو .

 نتمنّى أن يُرفع الحصار قريبا على المناضل الكبير محمد عبو و يعود إلى إبنته و زوجته و ذويه و إلينا  . . * مراسلة خاصّة من تونس


اليســار نشريّة نظريّة داخليّة يصدرها حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ العدد الثاني : الماركسيّة و العولمة اشراف :  محمد الزريبي المحتوى رهانات اليسار اليوم القاموس السياسي معجم الماركسية النقدي أطروحات ماركسية حول العولمة مقاربات سياسية حول العولمة  من الإمبريالية إلى العولمة العولمة ولعبة نظام اللاّ نظام العالمي الجديد فكرة العولمة انعطافة واشنطن الكبرى الفكر الماركسي بين مقولتي : الحداثة و العولمة تحدي العولمة: نحو مشروع نقابي مقاومة العولمة الليبرالية دور أحزاب اليسار تجاه العولمة الرأسمالية نداء إلى القوى و الأحزاب الماركسية في الوطن العربي موقع ” اليسار” : www.hezbelamal.org/alyassar


أنباء وأصداء

هيئة وطنية عقدت الهيئة الوطنية لإعداد مؤتمر حركة التجديد اجتماعاها الأول يوم الأحد 29 أفريل بنزل أفريكا بالعاصمة وتتكون اللجنة من 74 عضوا: 37 مستقلا و37 من التجديد. وتتولى الهيئة الإشراف الكامل علي عملية إعداد المؤتمر من جميع النواحي السياسية والتنظيمية والمادية.
لجــــــان وقد كونت هيئة الإعداد ست لجان متفرعة عنها هي: لجنة النص التأسيسي، لجنة البرنامج واللوائح، اللجنة المالية، لجنة الانخراطات والنيابات، لجنة التحضير المادي ولجنة القانون الأساسي. ويشرف على كل لجنة منسقان ومقرران: واحد من المستقلين وواحد من التجديديين. ويجتمع منسقو كل اللجان في لجنة الهيئة الوطنية للإعداد بين اجتماعين لها مع أن سلطة القرار تبقى في يد الهيئة الوطنية.
تاريخ المؤتمر عينت الهيئة الوطنية للإعداد التاريخ النهائي لمؤتمر حركة التجديد الذي سينبثق عنه الحزب الديمقراطي والتقدمي الواسع أيام 27 و28 و29 جويلية2007.
انتخـــاب انتخبت السيدة سهير بلحسن نائبة رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان رئيسة للفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان في مؤتمر الأخير الذي انعقد بالبرتغال من 19 إلى 25 أفريل الفارط وبذلك تكون السيدة سهير أول امرأة تتولى هذا المنصب وثاني شخصية غير فرنسية بعد السينغالي سيدكي كابا. وجاء هذا الانتخاب بفارق صغير في الأصوات أمام منافس من أمريكا اللاتينية. وقد تغلبت المرشحة التونسية بفضل مساندة الرابطات العربية والإفريقية وجزء من مثيلاتها الآسيوية والأوروبية. ويعتبر هذا الانتخاب انتصارا لتونس وللمرأة التونسية ودعما للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في دفاعها عن وجودها واستقلاليتها.
احتفـــال احتفل مناضلو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأصدقاؤهم من مناضلي الجمعيات الأخرى والأحزاب الديمقراطية بانتخاب السيدة سهير بلحسن وبالذكرى الثلاثين لتأسيس الرابطة في حفل استقبال أقيم في مقر الرابطة، بعد تعذر الحصول على أي مقر آخر، يوم الاثنين 7 ماي 2007.
جواز سفر تحصل السيد مختار الطريفي رئيس رابطة حقوق الانسان على جواز سفره اثر تدخل من رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان السيد منتصر الرويسي الذي طرح القضية أمام السلط العليا بالبلاد نظرا لتأكد القضية لضرورة حضور رئيس الرابطة في مؤتمر الفيدرالية الدولية لرابطات حقوق الإنسان والمساهمة في حملة السيدة سهير بلحسن التي كللت فعلا بالنجاح. وقد أصدرت الرابطة بيانا عبرت فيه عن ارتياحها لهذا القرار وشكرها لمن اتخذه.
جواز سفر2 بعد اشهر من الانتظار والمماطلة وبعد إضراب جوع في حديقة عمومية في مدينة قفصة، تمكن السيد عمار عمروسية، المناضل اليساري المعروف والسجين السياسي سابقا، من الحصول على جواز سفره.
المقر في خطر يتعرض الحزب الديمقراطي التقدمي إلى تهديدات غير مقبولة تهدف إلى اخراجه من مقره المركزي بالعاصمة وذلك بدفع مالك المقر إلى التلويح برفع قضية عدلية لإخراج الحزب من مقره بدعوى أن التسويغ قد أمضي باسم جريدة “الموقف” وليس للحزب وذلك يتناقض، حسب رأيه، مع ممارسة أنشطة سياسية في المقر. وهي تعلة واهية لأن نشاط الحزب تواصل منذ سنوات في نفس المقر دون أي اعتراض من هذا النوع. وقد عبر الأمين العام لحركة التجديد وعدد من إطاراته عن تضامنهم مع الحزب الديمقراطي التقدمي.
منـــع منعت قوات الأمن بسوسة اجتماعا للمجموعة الجهوية للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية كان سينعقد في منزل أحد الأعضاء يوم السبت 21 أفريل الماضي. والاجتماع داخلي وتكويني وقد دأبت مجموعات الفرع التونسي داخل الجمهورية على الاجتماع في بيوت أعضائها نظرا لأن المقر الوحيد الذي يستعمله الفرع هو في العاصم. وقد اتصل أعوان الأمن بصاحب البيت وأعلموه بأن الاجتماع ممنوع لأنه غير مرخص فيه، في حين أن القانون ينص فقط على الإعلام لا على الاسترخاص في حالة الاجتماعات العامة لا الخاصة.
ائتــــلاف تواصل الجمعيات المكونة لائتلاف ضد الحكم بالإعدام اجتماعاتها حيث التأم اجتماع يوم 2 ماي لمناقشة ميثاق الائتلاف وسيتواصل النقاش في اجتماع مقبل يوم 16 ماي والجمعيات المكونة للائتلاف في الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، جمعية نساء تونسيات من أجل البحث والتنمية، جمعية الصحافيين التونسيين والمعهد العربي لحقوق الإنسان وقد يشهد الائتلاف انضمام جمعيات أخرى.
إلغاء ترسيم قررت محكمة الاستئناف الملتئمة يوم 24 افريل إلغاء ترسيم الأستاذ جلال الزغلامي في جدول المحامين في وذلك بعد أن طعنت النيابة العمومية في قرار الهيئة الوطنية ترسيم الأستاذ جلال (انظر العدد السابق). وقد أبدت المحكمة قرار النيابة ولم يبق أمام المعني بالأمر سوى محكمة التعقيب للطعن في هذا القرار، فهل يتم إنصافه؟
طلب دعم وجه أمين مال التجمع الدستوري الديمقراطي رسالة إلى وزير الصحة العمومية الذي تولى تعميمها في مصالحه يطلب منه فيها، دعوة السادة المسؤولين والموظفين التابعين لوزارتكم والراغبين في ذلك إلى تجسيم هذا القرار (الدعم) وذلك بدفع مساهماتهم التي حددت بـ120 دينارا بالنسبة لسنة 2007. فحبذا لو يتولى الوزراء جمع الدعم لكافة الأحزاب.
 
(المصدر: صحيفة “الطريق الجديد” عدد ماي 2007)


 
قرار وجواب

آدم ** الممثل يونس الفارحي يقول… في تونس لا نتوفر على نجوم في التلفزيون والسينما… نحن في تونس يا يونس يا خويا.. لا نتوفر إلا على نجوم القائلة التي ترينا إياها بعض الأعمال التلفزيونية والسينمائية الباهتة والرديئة.. ** مبروك… قناة تونس 7 أصبحت تبث على مدار الساعة .. وماذا تبثّ يا ترى؟؟؟ ** المخرج السينمائي علي العبيدي قال: أنا ماركسي رغم انتمائي للحزب الحاكم… ثبتلنا روحك مع أشكون يا سيدي علي؟؟؟ ** مبروك… الفنان سمير العقربي على رأس مصلحة الموسيقى لمؤسسة الإذاعة والتلفزة الوطنية… والأكيد أن هذا القرار لم يعجب الكثير.. الذين وصف أحدهم العقربي بالمزاودي… ** أحد الممثلين شبّه عملية الكاستينغ في مسلسلات التلفزة بــ”كدس الفريب”…؟؟ معقول جدا هذا التشبيه… خاصة عندما يتحول الكاستينغ إلى سوق ودلال وعندما نشاهد أعمالا… حالتها تكرب.. !! ** ستار أكاديمي المغرب العربي يكاد يتفوق على شعبية سوبر ستار لبنان الله يحسن العاقبة… ما نتمناه أن لا تكون النتيجة مثلما حصل في مسرح الهواء الطلق سيدي منصور ** لطيفة العرفاوي تقول، … نعم أحب زياد الرحباني ربي يديم المعروف… وإن شاء الله ها المحبة ما فيهاش واو .. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 547 بتاريخ 19 ماي 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=21  


ساركوزي لا تنتظر شيئا من جماعة ساركوزي أيها المواطن العربي… حتى لو كانت لك الجنسية الفرنسية ليعاملونك كأجنبي. لقد وصفك ساركوزي بالحثالة في وقت غير بعيد… فهل سيكون عهدك معه العهد السعيد؟. شيراك لم يرك وكيف له أن يراك؟.. فإن لم يرك شيراك فهل ساركوزي «شي راك»؟! محمد قلبي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2007)  


شوارع خاصة بالمترجلين داخل العاصمة أفادت مصادر مطلعة ببلدية العاصمة أنه يجري النظر في مشروع سيتم بموجبه تخصيص بعض الشوارع الرئيسية في قلب العاصمة للمترجلين، وذلك بتحويل أرضيتها إلى حجارة ناتئة لا يمكن السير عنها بالسيارات والعربات على غرار ما وقع في جانب من نهج مرسيليا. ويشار إلى أن هذه التجربة قد تم اعتمادها في بعض العواصم الغربية مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، حيث تحولت هذه الشوارع إلى أماكن سياحية بما احتوته من كراس للجلوس وأنواع من الزهور وحركة خاصة بالمترجلين فهل تنسج بلدية العاصمة عن منوال هذه البلدان وتغير الحركة في بعض شوارع العاصمة؟ قطاع الإشهار محل دراسة ومراجعة شهد قطاع الاشهار في تونس تطورات هامة وانتشار واسع النطاق في تونس، مما جعله محل اهتمام عديد مكاتب الخدمات والمستثمرين خاصة خلال العشرية الأخيرة.. غير أنه مقابل هذا فقد بقيت القوانين التي تحكمه جامدة ولم تتطور بتطوره، خاصة مع حصول بعض التجاوزات بخصوص الاشهار الكاذب وتعاطي المهنة للبعض ممن لا صلة لهم بالقطاع.. بعض المصادر المطلعة أفادت أن ملف الاشهار قيد الاهتمام وينتظر أن تصدر كراسات شروط تخص القطاع وذلك لمزيد ضبط النشاط داخله وتطوير آليات وتشاريع المراقبة. دراسة حول موسم التخفيضات علمنا أن مصالح المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة والصناعات التقليدية تقوم بالتعاون مع منظمة الدفاع عن المستهلك وممثلين عن جامعة التجارة باتحاد الاعراف بدراسة معمّقة تخص موسم التخفيضات، وينتظر أن تحتوي الدراسات الجارية على تطورات هذه الظاهرة ميدانيا، ودراسة آفاقها والعمل على توسيع دائرة المشاركين فيها إلى جانب تقديم مقترحات بخصوص تطوير مواعيدها وحث بعض القطاعات على المشاركة فيها واقتراح صيغ جديدة للموسم. المراقبة الصحية وجودة نكهة الغلال يبدو أن بعض أنواع الغلال المطروحة في السوق لم تعد تحمل النكهة العادية التي تتوفر فيها وهي طازجة، وقد أثارت هذه الوضعية كميات أنواع من الخوخ المطروحة في الاسواق خلال المدة الاخيرة. الموضوع جدير بالمتابعة لمعرفة الأسباب.؟ حركة الطرقات أثناء فصل الصيف تشهد الطرقات التونسية في كل صيف حركة اضافية شديدة وسريعة بفعل ما ينضاف من عربات وسيارات إلى اسطول البلاد، وذلك من خلال ما يناهز 70 ألف سيارة تنضاف إلى الاسطول جراء حلول المهاجرين والسياح. ويشار إلى أن هذه الحركة تكون سببا في ارتفاع حوادث المرور التي تزيد بـ6 نقاط خلال الصيف وذلك على الرغم من المجهود الأمني لمراقبة الطرقات وحملة الوقاية من حوادث الطرقات. الأمر يتطلب تضافر كل الجهو من أجل صيف بلا حوادث. الأسواق الموازية قيد الدرس لتطوير أدائها تنكب مصالح وزارة التجارة والصناعات التقليدية على البحث في السبل الكفيلة بتنظيم نشاط الاسواق الموازية وخاصة الكبرى منها مثل السوق المغاربية ببن قردان وسوق الجم والمنصف باي وغيرها من الاسواق الكبرى في هذا المجال. ويشار إلى أن تمشي الوزارة بخصوص هذه الاسواق يهدف إلى العمل على ضمها إلى أنشطة النشاط التجاري الرسمي وذلك بإخضاعها إلى شروط الانتصاب والاداء الضريبي، وغيرها من الشروط والمجالات التي تخضع لها النشاطات التجارية الرسمية في البلاد. 600 جزيرة و35 أرخبيلا في حوض المتوسط أشارت دراسة حديثة حول البحر الابيض المتوسط قام بها باحثون في مجالات مختلفة إلى احصاء أكثر من 600 جزيرة داخل حوض المتوسط، وأن عدد الجزر التي جرى تعهدها لا يتجاوز 35 جزيرة أو ارخبيل، وبينت هذه الدراسة أن هذه الجزر يمكنها أن تمثل ثروة سياحية وتجارية وتمثل تواصلا بين بلدان المتوسط وتمثل جزيرة جالطة التونسية أحد أهم هذه الجزر التي تجري بشأنها دراسات معمقة وينتظر أن تستقطب هذه الجزيرة التي يتركز الاهتمام حولها مشاريع هامة وذلك على ضوء دراسة ينتظر صدورها عما قريب سوف تحدد من خلالها الابعاد الايجابية للجزيرة. الاستثمار في قطاع تكنولوجيا الاتصال وفق مصادر من بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة فإن نصيب قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات خلال السنتين الماضيتين لا يتعدى نسبة 13% من مجموع المشاريع المنجزة إذ لا يتعدى عدد هذه المشاريع 38 من جملة 290 مشروعا وتأتي هذه الأرقام الهزيلة للاستثمار في القطاع مقابل توفر فرص واعدة لقطاع تكنولوجيا الاتصال وهو ما يدعو إلى مزيد تأطير وتوجيه الشباب ومساعدتهم على بلورة أفكار مشاريع سيما في صفوف خريجي الجامعات. بورصة أعمال في مجال استغلال الحمأة في القطاع الفلاحي ينظم مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة ينظم بالتعاون مع وكالة التعاون الفني التونسي الألماني بورصة أعمال تخص استغلال الحمأة المتأتية من محطات التطهير العمرانية في مجال الفلاحي وذلك أيام 24 و25 ماي الجاري بالمركز. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2007)

 
افتتاحية الطريق الجديد :على الدرب

عهد الإعلام الأحادي قد ولّى

حاتم الشعبوني أحيت بلادنا مثل سائر البلدان اليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 ماي. وقد كانت مناسبة عندنا لنتبين مدى الاختلاف بين الخطاب والممارسة في هذا المجال كما في مجالات أخرى. فمن ناحية يتم التأكيد على حرية الصحافي في تناول كل المواضيع بل يتم تشجيعه على الجرأة ومن ناحية أخرى يتواصل المشهد الإعلامي على رتابته وانغلاقه ويتواصل حرمان المواطن من المعلومات ووجهات النظر التي تهمه والتي ترى الحكومة أنه يجب ألا تصل إليه.
وآخر ما حدث في هذا المجال هو ما عمدت إليه التلفزة الوطنية قبيل إضراب رجال التعليم في شهر أفريل الفارط من نقل وجهة نظر وزير التربية والتي تضمنت تهجمات على الطرف النقابي دون تمكين هذا الطرف من التعبير عن رأيه و?الدفاع عن نفسه?، كما لاحظنا أن انتخاب امرأة تونسية على رأس أعرق منظمة حقوقية دولية قد مر طيلة أسبوعين في كنف الكتمان التام في حين لا تتوانى وسائل إعلامنا عن الإعلان عن كل انتخاب من هذا القبيل في مناصب أقل أهمية وفي منظمات أقل إشعاعا. وقد تولت صحف المعارضة، وكذلك جريدة ?الشعب? بالنسبة للأحداث النقابية، رفع التعتيم الإعلامي ونشر الأخبار التي لا ترغب الحكومة في وصولها مما يؤكد لدينا وجود هامش من حرية التعبير لا بد لنا من استغلاله وتوسيعه بتجاوز ?الخطوط الحمراء? الموضوعة كل مرة والعمل على تحسين نوعية صحافتنا حتى تصل إلى أكثر عدد من المواطنين.
ولكن رغم مجهوداتنا فإن هذا الهامش يبقى ضيقا نظرا لطغيان الصحف اليومية على الصحف الأسبوعية والشهرية، التي تنتمي إليها صحف المعارضة، من جهة، ونظرا لطغيان وسائل الاتصال الجماهيرية من إذاعة وتلفزة على الصحافة المكتوبة من جهة ثانية، وفي هذا المجال ـ مجال الإعلام السمعي البصري ـ تبقى سيطرة الحكومة كلية، فوسائل الإعلام العمومية تخضع لاشرافها المباشر ولا تنقل إلا أخبار السلطة والموالين لها، والتلفزات والاذاعات الخاصة لا تسند إلا للمقربين وهي عموما لا تهتم بالسياسة وتتركها للقطاع العام،وحتى الأنترنات الذي يمثل في كل البلدان المنغلقة على نفسها متنفسا للتبادل الحر للمعلومات فإنه يخضع في بلادنا إلى رقابة لا تقتصر، كما تقول الأوساط الرسمية، على المظاهر المنافية للأخلاق بل تمس عديد المواقع الإخبارية الحرة وتطال عديد النشطاء السياسيين والحقوقيين، بعد هذا يجب ألا نستغرب من احتلال بعض وسائل الإعلام الأجنبية مكانة مبالغا فيها في مشهدنا الإعلامي وأن يهتم المواطن التونسي بالانتخابات الرئاسية في فرنسا أكثر من اهتمامه بالحياة السياسية الوطني. إن عهد الإعلام الأحادي والموجه قد ولى فهل تفهم حكومتنا ذلك وتغير سياستها في هذا المجال؟

 

(المصدر: صحيفة “الطريق الجديد” عدد ماي 2007)


فـي السبـاق مــن أجل رئاسـة هيئة المحامـين، الأستـاذ بديــع جــراد لـ«الصّبـاح»:

أراهن على الحوار مع السلطة… وأرفض «التوظيف السياسي للمهنة»

تونس – الصباح: تشرع «الصّباح» بداية من اليوم، في إجراء حوارات مع المرشحين لرئاسة عمادة المحامين أو أحد هياكلها الجهوية، في مسعى لتقديم صورة عن الخارطة الانتخابية للمحامين وأجندا المرشحين. وسيكون الأستاذ بديع جراد، أول الذين أجرينا معه حوارا في سلسلة الحوارات المبرمجة، باعتباره أحد أصغر المرشحين، ومن الذين «يناهضون» مسألة التوظيف السياسي لمهنة المحاماة، إلى جانب «طرافة» مبادرته التي يشرحها في هذا الحوار.. أطلق الأستاذ بديع جراد، أحد المرشحين لرئاسة هيئة المحامين، مبادرة للمصالحة بين المحامين والسلطة تحت عنوان: «نداء من أجل الحوار والمصالحة بين هيئة المحامين والسلط» تهدف بالأساس، إلى وضع حدّ للخلاف بين الطرفين.. وشرع الأستاذ جراد منذ بضعة أيام في تجميع التوقيعات من المحامين لعريضة ترمي إلى «إجراء مقابلة بين وفد من المحامين ورئيس الدولة». لبسط مشاغل الهيئة قبيل الانتخابات المقررة في نهاية شهر جوان القادم. وقال بديع جراد في حوار مع «الصّباح»، أن هذه المبادرة تأتي تلبية لقسم من المحامين الذين يراهنون على مؤسسة الرئاسة في إيجاد حلول لاشكاليات كثيرة مطروحة في ساحة المحاماة منذ عدة سنوات. وأوضح أن ثمة «بعض الأطراف التي تعمل على منع وجود علاقة بين الهيئات المستقلة والسلط». وقال جراد أن المبادرة تهدف إلى «المصالحة والوئام بين تيارات المحامين، إلى جانب إعادة الاعتبار للعميد الحالي (السيد عبد الستار بن موسى)، وتعبيد الطريق السالكة أمام العميد المقبل لكي تتوفر له ظروفا أفضل للحوار مع السلطة»… لا للتوظيف السياسي وتأتي هذه المبادرة، في وقت يحتد فيه النقاش صلب عمادة المحامين حول العلاقة بالسلطة، ومسألة «تسييس المهنة» وما يوصف بـ«تحزيب العمادة»، ودور العميد القادم… ويرفع جراد، الذي ترشح لأكثر من مرة لعمادة المحامين من دون أن يفوز بمقعد، شعار «لا للتوظيف السياسي للمحاماة»، قائلا في هذا السياق «عميد هيئة المحامين مطالبا بأن يكون قريبا من أصحاب القرار السياسي، بغاية إيجاد الحلول وتجاوز الاشكاليات المطروحة داخل ساحة المحاماة»، وأضاف: «المجتمع بحاجة إلى عميد محايد وغير متحزّب، ولا يتلقى إملاءات حزبية من أي فصيل سياسي كان». وشدد الأستاذ بديع جراد، المعروف بإطلاقه المبادرات صلب المحامين، على ضرورة إرساء آلية للحوار فيما بين المحامين، وكذلك بين الهيئة ولاسلطة، إذ «بالحوار والمصالحة والنقاش الهادئ وغير الحزبي أو المسيّس، يمكن التوصل إلى حلول لقضايا المهنة وإشكالياتها». خارطة طريق للعمادة وحول برنامجه الذي يطرحه على المحامين للفوز بالعمادة، قال جراد، ستكون أولى التحركات، «عقد جلسة عامة خارقة للعادة لاستشارة الزملاء حول أولوية الأولويات للعمادة»، وذلك باتجاه وضع ما وصفه بـ«خارطة الطريق» للعميد الجديد. وأعلن عن نيته «إنشاء هيئة استشارية»، تتشكل من العمداء السابقين وبعض «شيوخ المهنة»، والمترشحين للعمادة ممن لم ينجحوا في الفوز بمقعد في الهيئة، وذلك بغاية الاستئناس بآرائهم وخبراتهم في تطوير العمادة وإيجاد حلول لمشكلات المحامين المتراكمة منذ سنوات. وقال جراد، «ليست لدي إجابات قاطعة للمشكلات المطروحة، بقدر ما أرغب في تشريك كافة المحامين في إيجاد هذه الحلول والاجابات»، عبر الاجابة على تساؤلات حاسمة من قبيل، التغطية الاجتماعية أو تكريس مبدأ وجوبية المحامي في كل القضايا وفي جميع المستويات، والمعهد الأعلى للمحاماة، هل يحتاج إلى مجلس إدارة أم مجلس علمي، مع طرح التجارب المقارنة في فرنسا والمغرب والسينغال والكوت ديفوار… إلى جانب موضوع السمسرة في المحاماة الذي بات ينخر المهنة ويهدد مستقبلها بشكل لافت؟ فيما ستكون مسألة الحوار بين المحامين، أحد الأولويات المهمّة في المرحلة القادمة، مشددا في هذا السياق على أن هذه القضايا تحتاج إلى «حوار واسع وشفاف وصريح بين المحامين». رهان على الصامتين والغاضبين ويراهن الأستاذ بديع جراد، الذي لم يسبق أن تقلد منصبا صلب عمادة المحامين أو أيا من هياكلها الجهوية، على ما يسميهم «الغاضبين من التيارات السياسية المختلفة» و«الأغلبية الصامتة من المهنيين». وكان جراد أنشأ في الآونة الأخيرة، «منبر المحامي»، وهو عبارة عن حلقة نقاشية لتدارس قضايا يصفها السيد بديع جراد بـ«المصيرية» مثل الحوار والمصالحة والوئام بين «أصحاب الزي الأسود» على حد قوله. وحول ما إذا كان هذا المنبر سيستمر بعد انتخابات العمادة، قال المرشح للعمادة، أن المنبر سيتواصل، على اعتبار حاجة المحامين لفضاءات التعبير والحوار المهيكل صلب المهنة… ووعد بأن يكون ذلك جزء من التقاليد الجديدة التي سيحرص على تكريسها صلب العمادة في صورة فوزه. صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2007)


مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان

  ورشة عمل حول

“تقييم حركات التغيير الديمقراطي في العالم العربي”

         تقييم حركة18 أكتوبر بتونس

          القاهرة يومي19و20مايو2007

18 أكتوبر

نجح الإضراب وتعثرت الحركة

محمد القوماني*

مقدمة

        شكّل إضراب الجوع الذي شنّته مجموعة من قادة الأحزاب والجمعيات والشخصيات بتونس نهاية سنة 2005 محطة فارقة وخطوة نوعية على طريق نضال التونسيين من أجل الديمقراطية وصراع المعارضة مع نظام الرئيس بن علي. وأسس لما بات يعرف بحركة18 أكتوبر. لقي الإضراب تعاطفا واسعا في الداخل والخارج وأربك السلطة التي كانت تنظم القمة العالمية لمجتمع المعلومات. كما فتح الإضراب  آفاقا لعمل المعارضة التونسية وأعطاها المبادرة في إحدى الحالات الاستثنائية. لكن هل استطاعت هيئة 18 أكتوبر التي تشكّلت عقب إنهاء الإضراب أن تضطلع بالمهام التي أنيطت بها ؟  و هل مازلت حركة 18 أكتوبر تمسك بزمام المبادرة السياسية بتونس اليوم؟ وكيف نقيّم حصاد هذه الحركة بعد عام ونصف من انطلاقها؟ و إلى أيّ مدى تبدو المعارضة التونسية قريبة من هدفها في تحقيق الانتقال الديمقراطي؟   تلك أهم الأسئلة التي نحاول التطرّق إليها في هذه الورقة.

1-  إضراب 18 أكتوبر: دوافع موضوعية مُجمٌّعة

       منذ الإضراب الشهير عن الطعام الذي خاضه الصحفي توفيق بن بريك سنة 1999من اجل تمكينه من جواز سفر ورفع المضايقات المسلطة عليه، وهو الإضراب الذي لقي صدى ومساندة واسعتين في الداخل والخارج وحقق هدفه المعلن، منذ ذلك الحدث تكاد تصبح تونس عاصمة للإضرابات عن الطعام،اعتبارا لتعدد الحالات واستمرارها وتوسعها في صفوف النشطاء السياسيين والحقوقيين خاصة. لكن يبدو أن عوامل موضوعية عديدة تجمعت لتجعل من إضراب 18 أكتوبر 2005حدثا نوعيا في هذا السياق.

    خلافا للتوقعات المتفائلة بإمكانية حصول انفتاح سياسي وتحسين لأوضاع الحريات، مع اقتراب موعد انعقاد الجزء الثاني من القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي احتضنته تونس أيام17.16و18نوفمبر2005 ، حصل العكس، حيث صعّدت  السلطة التونسية من إجراءاتها  التي تستهدف جمعيات المجتمع المدني  المستقلة و تضيّق على حرية التنظّم   والتعبير  والاجتماع وممارسة الحق النقابي.فتمّ منع انعقاد المؤتمر التأسيسي لنقابة الصحافيين، ومنع عقد المؤِتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأخرجت جمعية القضاة من مقرها الرسمي بقصر العدالة تمهيدا لحلها. ولم يتم إطلاق سراح المساجين السياسيين بعد 15سنة من الحكم عليهم.

الإجراءات المتخذة بحق نقابة الصحافيين و جمعية القضاة و رابطة حقوق الإنسان بعد هرسلة امتدت خلال السنوات و الأشهر الماضية ، سبقها الاعتقال التعسفي للمحامي محمد عبو في غرة مارس2005 و الزج به في السجن بمقتضى عقوبة سلطت عليه اثر محاكمة رأي أجمع مئات من زملائه الذين ترافعوا عنه وتضامنوا معه فيها وكل المراقبين لها أنها لم تتوفر على شروط المحاكمة العادلة. ومن قبل ذلك أسقطت السلطة جميع قائمات التحالف الديمقراطي في الانتخابات البلدية لماي 2005، إضافة إلى الخروقات الفادحة للقانون بحق الحزب الديمقراطي التقدمي خلال مشاركته في الانتخابات التشريعية لأكتوبر 4 200 ، بدءا بالتلاعب بقائماته من قبل الإدارة و انتهاء بمنع بيانه الانتخابي. و الأهم من ذلك كله إدخال تعديلات واسعة على الدستورفي2002 في الاتجاه المعاكس لمطالب المعارضة، بما زاد في اختلال التوازن بين السلط وألغى تحديد الولايات الرئاسية وأفقد الدستور  وظيفته الأساسية في تقييد سلطة الحاكم  والغى أي احتمالات للتداول السلمي على الحكم وعمّق الأزمة الدستورية في البلاد.فكانت الإنتخبات الرئاسية والتشريعية لسنة 2004  نسخة أردأ من سابقاتها في إعادة إنتاج نفس السلطة و نفس المشهد السياسي. حصل كل ذلك ومرت جميع المحطات السياسية دون عفو عام على المساجين السياسيين الذين مضى على سجن بعضهم 15 عاما، وهو المطلب الذي أجمعت عليه المعارضة وكثفت نداءاتها من أجل تحقيقه منذ انتخابات 1999.

 هكذا إذن تجمعت المؤشرات على أن السلطة ماضية في نهجها الانغلاقي وان جميع أبواب المشاركة السياسية مقفلة أمام الجميع، مما عمق الاحتقان والشعور بالإحباط وعجل بالتقاء المتضررين على اختلافاتهم.وسط تأثر ايجابي غير خاف بحركة كفاية بمصر، وبتصاعد الدعوات للإصلاح والديمقراطية في العالم. فجاء إضراب 18 أكتوبر مدفوعا بعوامل موضوعية، تقدّم فيه العمل على النظر وأعطيت فيه الأولوية للاحتجاج على  الموجود على حساب التفكير في المنشود.

       أعلن المضربون في بيانهم للرأي العام الذي وزعوه  يوم 18 أكتوبر  وخلال تدخلاتهم المختلفة في وسائل الإعلام بعد ذلك،  أن حالة الانغلاق السياسي و سدّ جميع أبواب النشاط المدني المستقل  وتعطل الحياة العامة هي التي دفعتهم الى ما أقدموا عليه .  وبالتالي فهم يعبّرون من خلال الإضراب المفتوح عن الطعام و تعريض صحتهم، بل حياتهم  إلى الخطر الحقيقي ، عن يأسهم من إدارة الحكم للشأن العام،  و يحمّلون السلطة المسؤولية الكاملة عن حالة الاحتقان في صفوف النخب و الجماهير الواسعة. فالإضراب كان  تعبيرًا عن اليأس  وناقوس خطر و رسالة بليغة في التحذير ممّا تخبّئه المرحلة القادمة.

  جاء في النداء الأول للمضربين الذي نشر يوم 18 أكتوبر ” أن هذا التوجه الأمني المنهجي الذي يواجه به النظام مكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية لم يترك للنخب السياسية والاجتماعية من خيار سوى الإذعان للقوة الغاشمة أو مواجهته بالطرق السلمية .و إزاء هذا الوضع قررنا نحن ممثلي الأحزاب السياسية و الهيئات المدنية الممضين أسفله[1] الدخول في إضراب جوع مفتوح بداية من يوم الثلاثاء18 أكتوبر 2005 ” وذلك من أجل حرية العمل الحزبي والجمعياتي، وحرية الإعلام والصحافة، وإنهاء معاناة المساجين السياسيين.

 فالإضراب، بقدر ما يعبّر عن حالة اليأس من الحكم يعبّر من جهة ثانية عن تصميم التونسيّين وفي مقدّمتهم قادة الأحزاب و الجمعيّات على التمسّك بحقوقهم المشروعة و الذهاب بعيدًا في انتهاج جميع الأشكال السلميّة للدفاع عنها وحمل السلطات على الاعتراف  بها.

ولعلّ الطابع الجماعي لهذا الإضراب وما رفعه من مطالب تتصّل بالحياة العامّة و بما ضمّ من عناصر ترمز إلى التعدّد المهني، من محامين و قضاة و صحفيّين، و التنوّع الفكري و السياسي للمضربين، من الإسلاميين إلى الشيوعيين، و توحّد الأحزاب والجمعيّات،كل ذلك أعطى التحرك بعدا نوعيا.

     كما أنّ التضامن الذي عبّرت عنه الأحزاب و الجمعيّات و الشخصيّات الوطنيّة  وبعض القطاعات المهنيّة، والمساندة التي لقيتها المبادرة في الجهات الداخليّة للبلاد، عناصر أعطت لهذا التحرّك طابعه الوطني و زخمه الميداني، وهما هدفان لا يخفيان في إطلاق المضربين لهذا التحرّك من أجل خلق حالة نهوض سياسي حقيقي و ضاغط في وجه هجمة السلطة و تصعيد مضايقاتها للنشاط  السياسي والحقوقي في الفترة الأخيرة السابقة للإضراب.

2  الإضراب حقق أهدافه المباشرة.

لا نكشف سرا إذا قلنا أنّ قادة الأحزاب و الجمعيات الذين دخلوا في إضراب مفتوح عن الطعام يوم 18 أكتوبر 2005، قد خطّطوا لتحرّكهم و اختاروا التوقيت المناسب  في علاقة غير خافية  بموعد  استضافة تونس للجزء الثاني  من القمة العالمية  لمجتمع   المعلومات  . 

و لا ضير أن تستعدّ المعارضة للاستفادة من ذلك الحدث الذي جعل تونس محطّ أنظار العالم   في موضوع  وثيق  الصلة بمطالب المجتمع  التونسي و الحركة السياسية و الحقوقية . فالطرف الرّسمي التونسيّ عمل جاهدا منذ مدة بعيدة  على استثمار هذه الاستضافة  للدعاية السياسية  وإظهار  مدى رضى المجتمع الدولي على الأداء التونسي و مكافأته على ذلك .  وهو لا ينفكّ  يفاخر عبر وسائل الإعلام المختلفة  بانجازاته في مجال تطوير الإعلام والاتصال وتيسير وصول المعلومات بأنواعها وبأحدث التكنولوجيات للمواطن  الكريم .  وكان على المعارضة أن  تتحرّك من جانبها وبإمكانياتها المحدودة جدا  -مقارنة بإمكانيات الدولة – لتكشف الحقيقة  و تسلّط الأضواء  على واقع الحرّيات بتونس وخاصّة حرية  الإعلام والاتّصال . وتستفيد من حدث القمة لافتكاك مكاسب في هذا المجال  و تحسين وضع حقوق الإنسان  .

 كانت استعدادات  السلطة  منصبّة على الإعداد  المادي  والاتجاه بالقمّة إلى الطابع الاحتفالي.  و كانت اهتمامات  المجتمع المدني مركّزة على مضمون القمة  وأهدافها ، و كان موقفها موحّد ا منذ البداية على أنّ إطلاق الحريات الفردية والعامة  وتوسيع  مجال الإعلام  والاتصال وإقرار حرية التنظم  الحزبي والجمعياتي  وإنهاء المحاكمات السياسيّة  وإطلاق سراح جميع مساجين الرأي ، وهي البراهين الوحيدة لإثبات جدارة تونس باحتضان هذه التظاهرة العالمية .

جاء إضراب 18 أكتوبر تكملة لكل الجهود التي بذلتها جمعيات المجتمع المدني خلال الاجتماعات التحضيرية المختلفة لهذه القمة. واستطاع هذا التحرك الرمزي، البسيط  في ظاهره العميق في دلالته، أن يخلق الحدث  وأن يجلب  الاهتمام  وأن يخرج الإعلاميين  من  تحت قبة قصر المعارض بالكرم  ومن الخيام التي أعدتها لهم السلطات  ، ليزوروا المضربين  بالمكتب الصغير للمحامي العياشي الهمامي، ليغطّوا تحركهم  ولينقلوا إلى العالم مطالبهم الثلاثة في تحرير الإعلام و إقرار حرية التنظم  وإنهاء  معاناة المساجين السياسيين و سن قانون العفو التشريعي العام . و لا نبالغ   إذا قلنا  أن الإضراب  قد حقق هدفه في علاقته بالقمة،  خاصة بعد استحالة عقد قمة  المواطنة ، التي دعا إليها عدد من الجمعيات غير الحكومية في تونس  والخارج ، ورفضت السلطات منح فضاء لهذه التظاهرة أو السماح بها في أي فضاء خاصّ .

كان موعد القمة و ما  يتيحه من مناسبة نادرة  من التغطية الإعلامية هدفا مباشرا للمضربين، لكنه لم يكن الهدف الرئيسي على ما يبدو. فحركة 18 أكتوبر  في جوهرها حركة سياسية  من أجل  تجاوز حالة الإحباط  التي أصابت  المجتمع المدني  بتصعيد السلطة  لإجراءاتها  ضدّه ، ومن أجل تجاوز حالة التشتت التي عليها المعارضة  وجمعها  على حد أدنى مشترك في وحدة ميدانية لا مجال فيها للإقصاء ، ومن أجل خلق حالة نهوض  سياسي حقيقي  وضاغط  للتأثير في ميزان القوى السياسي والضغط على السلطة.

و هنا أيضا يمكن القول بأن الإضراب، وإن لم يحقق مطالبه الثلاثة، فإنه حقق نجاحا ربّما فاق المأمول، قياسا بالظروف الصعبة التي تعمل فيها المعارضة .  فقد استطاعت أعمال المساندة في العاصمة  والجهات  وبالخارج  وفي مختلف القطاعات ومن طرف أهم الأحزاب والجمعيات الفاعلة ،ونخص بالذكر الوفود التي كانت تزور المضربين يوميا، استطاعت أن تجعل من الإضراب حدثا نوعيا  وتخلق حوله زخما ميدانيا و فكريا و سياسيا و عاطفيا بالغ الدلالة ، بما رشح حركة 18 أكتوبر لتكون منعرجا في تاريخ المعارضة التونسية  وكفاحها من أجل الحرية و الكرامة.

3-  من الإضراب إلى هيئة 18 أكتوبر: بداية الصعوبات

أعلن المضربون يوم 18 نوفمبر في ندوة صحفية كانت محط أنظار وسائل الإعلام الأجنبية الـتي أنهت تغطية أشغال قمة المعلومات، إيقاف الإضراب استجابة لدعوات صادرة عن لجنة المساندة وعن شخصيات سياسية وحقوقية وطنية ودولية وفي مقدمتها المحامية الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام والسيد سيديكي كابا رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان الأسبق، اللذان  أديا زيارة إلى المضربين يوم 17 نوفمبر .

تعهد المضربون بمواصلة النضال من أجل تحقيق المطالب الثلاثة التي رفعوها، كما أعلنوا اتجاههم إلى تشكيل هيئة وطنية يعهد إليها متابعة العمل. وحدد بيان إنهاء الإضراب يوم 18 نوفمبر 2005 مهمتين أساسيتين  للهيئة : “ـ الحفاظ على وحدة العمل لتحقيق المطالب الثلاثة التي تجمّع حولها المضربون و كافة القوى التي عبرت عن مساندتها لهم.

ـ فتح حوار وطني حول القضايا الأساسية التي تقتضيها بلورة مشروع بديل ديمقراطي يكفل لجميع التونسيين التعايش فيما  بينهم آمنين على حقوقهم و حريّاتهم الأساسية [2]

 تم يوم 4 ديسمبر 2005  الإعلان عن حل اللجنة الوطنية لمساندة الإضراب التي تشكلت للغرض وتأسيس هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. وجاء في البيان الصحفي الأول الذي أمضاه أعضاء الهيئة[3] أنها تسعى الى :

“أولا : مواصلة العمل الموحّد بنفس الروح التي طبعت تحرك 18 أكتوبر و المتسمة بالجرأة  والميدانية.

ثانيا: انشاء ” منتدى 18 أكتوبر” كفضاء للحوار بين مختلف الحساسيات الفكرية و السياسية التونسية حول القضايا الأساسية التي يقتضيها الانتقال إلى الديمقراطية في بلادنا(….)

ثالثا: مواصلة الحوار مع مختلف الحساسيات الفكرية و السياسية و الهيئات المدنية المعنية بالنضال من أجل الحرية ومن أجل إقامة دولة ديمقراطية ومجتمع مدني قوي و فاعل قصد توسيع تركيبة الهيئة و تأمين مشاركة هذه الأطراف في أعمالها على قدم المساواة و على نفس الأسس و الأهداف التي قامت عليها.”

     إن النجاح الذي حققه الإضراب والآمال التي علقت بحركة  18 أكتوبر، عوامل جعلت السلطة تضاعف من جهودها  و تعدد  أساليبها في مواجهة هذه الحركة، خاصة بعد الإخفاق  الإعلامي الرسمي الواضح خلال قمة مجتمع المعلومات .

 هذا ما يفسر استهداف  بعض رموز حركة 18 أكتوبر و في مقدمتهم الأستاذ أحمد نجيب الشابي ـ الأمين العام  للحزب الديمقراطي التقدمي آنذاك ـ اعتبارا لخصوصية موقعه ، بحملات إعلامية مغرضة  بلغت حد الإسفاف،من ذلك نشر أخبار متطابقة بصحف عربية وتونسية معلومة، عن انضمامه إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتأدية البيعة لمرشدها العام السيد مهدي عاكف. بما يعنيه ذلك من تعبير عن غضب السلطة من التقارب بين إسلاميين وعلمانيين، وعن الارتباك المواجهة السياسية التي فرضتها حركة 18 أكتوبر. كما كان الاستهداف   عبر اتهام الحركة بالارتهان للخارج و الاستقواء  بالسفارات الأجنبية .أو عبر التخويف من عواقب التحالف مع الإسلاميين و استعادة القاموس الممجوج في و صف  هذا التيار و التشهير به . أو عبر التشجيع في وقت لاحق على تشكيل تحالفات مضادة لحركة 18 أكتوبر  لا تستمد برنامجها فيما  يبدو من بواعث ذاتية و مطالب و مقترحات في مواجهة سياسات الحكم المختلفة ، بقدر ما تستمد بواعث تأسيسها من مواجهة  طرف آخر في المعارضة . أو عبر تسخير بعض الأقلام للترويج لمثل هذه التحالفات و الدعاية لها مقابل الافتراء و الدسّ و المغالطة و التشويه لحركة 18 أكتوبر  ومكوناتها،  في صيغ مشحونة  وحملات  مسعورة  تذكر بأجواء الحقبة المظلمة من تسعينات القرن الماضي . ويبقى الأسلوب الأنجع والأفضل لدى السلطة هو فرض رقابة أمنية دائمة على أعضاء هيئة 18 أكتوبر ومنعهم من الاجتماع   أو الاتصال بالجهات. وهو الأسلوب الذي لا ي تخفي آثاره في محاصرة الحركة وشلّ أنشطتها.                                                                                          

و إذا كانت كل هذه المؤشرات  دلائل إضافية على صحة توجّه حركة 18 أكتوبر   وجديتها  و تدشينها لمرحلة نوعية في تاريخ المعارضة التونسية ، فإنها  لا تكفي وحدها  لاستنتاج أن هذه الحركة قد حققت المنعرج المطلوب في علاقة المعارضة بالسلطة.

قامت الهيئة بجولة ناجحة في الخارج، وكان عليها أن تتواصل مع اللجان الجهوية التي تشكّلت داخل البلاد لمساندة الإضراب،وتلك مهمة تأخرت كثيرا،ثم صارت بالغة الصعوبة مع تشديد السلطة لإجراءات المحاصرة و المنع، ولعل عدم إنجازها في النهاية كانت له آثار سيئة على مستقبل جماهيرية حركة 18أكتوبروحيويتها الميدانية.  فمع مرور الأسابيع تلاشت تلك اللجان  وعادت أجواء المعارضة إلى الانقسام و الاستقطاب.

كما أن هيئة 18 أكتوبر للحقوق  والحريات  باعتبارها إطارا  جامعا  وآلية  للتنسيق  بين ممثلي  الأحزاب  و التيارات السياسية و فعاليات  المجتمع  المدني  والمستقلين ، الذين شاركوا في الهيئة  كان عليها  مسؤولية و ضع  برنامج تفصيلي و روزنامة محددة  لتعميق  الحوار بين مختلف الأطراف حول القضايا الأساسية و الشروط التي    يقتضيها الانتقال الديمقراطي بتونس، سواء  فيما يتعلق بعلاقة  أطراف المعارضة يبعضها، آنيا و مستقبلا،  أو فيما يتصل بعلاقة المعارضة بالسلطة.

فالمطالب الثلاثة المرفوعة  لئن أكدت  النهج الإصلاحي لحركة 18 أكتوبر،  و بدت مقنعة و معبئة و حازت على دعم واسع من النخب من مختلف الاتجاهات و القطاعات، فإنها كانت أقرب إلى الأرضية الحقوقية التي تحتاج في المرحلة اللاحقة  إلى أن تتوسع إلى برنامج  يختزل المطالب الأساسية للإصلاح  السياسي العاجل الذي تحتاجه البلاد ، برنامجا يراعي الأولويات و يقدّر الإمكانيات الحقيقية للمعارضة و يستجيب لتطلعات أوسع للنخب و يعبئ الطاقات المختلفة في المجتمع  من أجل حمل السلطة على الاعتراف بحقوق التونسيين  التي تبدو المرحلة  مناسبة لها أكثر من أي  وقت مضى و يبدو المناخ الإقليمي و الدولي  مساعدا عليها كما لم يتوفر من قبل. فلا يخفى على المتابع أن بين مكونات حركة 18 أكتوبر من يتمسك بالمطالب الثلاثة فقط أرضية للعمل المشترك ضمن مسار إصلاحي لا يستبعد التفاوض مع السلطة و التصالح معها من أجل  تحقيق انفراج فى الحياة السياسية ومن يتطلع إلى تشكيل تحالف سياسي أو جبهة لمعارضة السلطة ضمن القطيعة معها و إقامة نظام ديمقراطي بديل يقطع مع الاستبداد.

 ولعل عدم توفق الهيئة إلى إنجاز هذه المهمة لم يساعد على دعم رصيد الثقة بين الأطراف المكونة لها وربما تسبب في انسحاب بعض أعضائها والإبقاء على حالة من الغموض أو الإستراتيجيات المتباينة والمسكوت عنها داخل هيئة18 أكتوبر للحقوق والحريات.

من جهة أخرى فان ” منتدى 18 أكتوبر “  المُعلن  في البيان التأسيسي للهيئة “كفضاء للحوار بين مختلف الحساسيات الفكرية و السياسية التونسية  حول القضايا  الأساسية  التي يقتضيها  الانتقال  إلى الديمقراطية  في بلادنا ” والذي ستعهد إليه مهّمة صياغة عهد ديمقراطي يحدد الضوابط المرجعية و السياسية  و الأخلاقية  التي تؤمّن الحقوق  والحريات في كل الظروف  وتوضح أركان المجتمع الديمقراطي و النظام السياسي الذي يكفله و تبين الاستتباعات الداخلية و الخارجية لهوية تونس العربية الإسلامية،  هذا المنتدى لم ير النور بعد مضي أكثر من سنة عن إعلانه. واضطرت الهيئة لإصدار أول وثيقة ذات طابع فكري بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس2007 قبل تشكيل المنتدى ودون أن يجري حوار عميق في المسائل المثارة بين الأطراف السياسية المكونة لحركة 18 أكتوبر وفي صفوف قواعدها بصفة خاصة.فضلا عن بقية الأطراف السياسية  و هيئات المجتمع كما أعلن في البداية . الأمر الذي جعل الوثيقة الصادرة على أهميتها لا تلقى التجاوب المطلوب ولا تقرّب من الأهداف المرجوّة. فهي أشبه بالبيان السياسي من الوثيقة الفكرية لمرجعية .

 وجدير بالملاحظة هنا أن فكرة المنتدى جاءت استجابة للضغوطات التي مارستها الأطراف السياسية التي ساند قسم منها الإضراب لكنها كانت تعترض مبدئيا على العمل المشترك مع الإسلاميين فضلا عن التحالف معهم .و كان مؤملا أن يكون المنتدى جسرا للتواصل بين مكونات المعارضة و إطارا تمارس فيه الضغوط اللازمة على الطرف الإسلامي للإفصاح عن مواقف واضحة و مطمئنة في القضايا الخلافية و لإثبات التطورات التي يقال أنها تحققت في صفوفه لما يرشحه للدخول في المنتدى الديمقراطي و مربع العمل المشترك .و هذا ما يبدو واضحا من خلال المبادئ التي حددتها الوثيقة المسماة “مشروع أرضية منتدى 18 أكتوبر ” و منها : ” تنظيم حوار علني و شفاف في الداخل وفي المهجر حول القضايا التي شقت صفوف الحركة السياسية و المدنية(…)و التحضير من خلال ذلك الحوار لصياغة  عهد ديمقراطي يتضمن مبادئ و أسس النظام الجمهوري التي يتقيد بها جميع الفر قاء و تشكل مدونة سلوك  للمواطنة(…)    و الارتقاء بالعلاقة بين قوى المعارضة إلى مستوى من الوحدة (…) و السعي إلى تشريك كل القوى السياسية و هيئات المجتمع المدني في هذا الحوار تحقيقا للوفاق المنشود الذي يجب أن يشمل كافة قوى التغيير في البلاد.”[4]

 إضافة إلى كل ذلك فإن الهيئة لم تعين إلى حد الآن منسقا لها ولا متحدثا باسمها،على غرار حركة كفاية بمصر. وتقلصت الهيئة بانسحاب بعض أعضائها أو عدم مواكبة بعضهم لاجتماعاتها وأنشطتها، بدل أن تتوسع دائرتها، و تقترب أكثر من أن تصبح عنوان المعارضة التونسية.

4-  حصاد حركة 18 أكتوبر : بحثا في أسباب التعثّر.

4ـ1ـ تحركات 18 أكتوبر تقابل بالمنع و القمع: الإرادية تصطدم بموازين القوى المختلة.

انطلقت هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات من الأرضية التي حدّدتها في البند الأول من إعلان تأسيسها وهو ” مواصلة العمل الموحد بنفس الروح التي طبعت تحرك 18 أكتوبر و المتسمة بالجرأة و الميدانية   ” فحاولت فرض معادلة جديدة في الساحة بالظهور كهيئة مستقلة تستمد شرعيتها من إرادتها السياسية و رفض حالة الأمر الواقع الذي تفرضه السلطة متجاهلة مسألة قانونيتها .

فأصدرت بيانات ودعت إلى اجتماعات باسمها، بمقرات الحزبين القانونيين المشاركين بها .  لكن تلك الإرادة اصطدمت بالمنع الصارم لهذه الاجتماعات من قبل السلطة ، وهذا ما أقرته الهيئة في بلاغها الصحفي المؤرخ في 21 فيفري 2006.

 ”  أصبح الاجتماع بمقرات الحزب الديمقراطي التقدمي و التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات و هما حزبان قانونيان يخضع ، سواء في العاصمة أو في الجهات ، لإرادة الأمن السياسي الذي يقرر أي  اجتماع يعقد ، و أي اجتماع يمنع ، و أي مواطن يدخل مقر الحزب ، و أي مواطن يمنع عليه الدخول . ففي الأسابيع الأخيرة فقط منع الأمن السياسي ما لا يقل عن عشرة اجتماعات  بمقرات الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بالعاصمة وبالجهات ( سوسة ، صفاقس ، قابس )

و تتعرض هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات منذ إعلان تأسيسها  في مطلع شهر ديسمبر الماضي ، إلى المحاصرة و الحرمان من عقد اجتماعات . كما يتعرض أعضاؤها إلى الملاحقة والتعنيف وحملات التشويه عبر عدد من الصحف المأجورة.”  .( الموقف عدد 348 )

كما منعت السلطة المؤتمر الصحفي للهيئة الذي دعت إليه يوم 21 فيفري 2006 بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي و لم يسمح إلا بحضور قيادة الحزبين القانونيين، و لم يحضر المؤتمر سوى ممثلين عن الصحافة الأجنبية.[5]

حاولت الهيئة تصعيد الضغط على السلطة فدعت إلى تجمع عام حول الحق في الاجتماع بمقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات يوم 24 فيفري2006 جابهته السلطة بتعزيزات كبيرة من الأمن  “ومنعت بالقوة أعضاء هيئة 18 أكتوبر و سائر القيادات من الوصول إلى مكان التجمع و أعتدت بالعنف الشديد على العديد من المشاركين (….) و حجزت بمداخل العاصمة عددا من المشاركين القادمين من الجهات الداخلية [6]

و في نفس السياق منعت قوات الأمن يوم الجمعة 17 مارس 2006 تجمعا سلميا من أجل المطالبة بالحريات السياسية في الذكرى الخمسين لاستقلال  تونس دعت إليه هيئة 18 أكتوبر للحقوق

والحريات. و أشار البيان الذي أدان المنع  إلى تعرض عدد من أعضاء الهيئة الى التعنيف على أيدي قوات الأمن . و هذا نوع من الإعلام ربما يزيد  في تغذية الخوف و الإحباط أكثر مما يشهّر بالسلطة  ويدفع الى مزيد التعبئة.

 أدت الهر سلة الأمنية و المحاصرة الشديدة لأنشطة هيئة 18 أكتوبر الى انكفاء الحركة في ظل موازين قوى بالغة الاختلال و أصبحت الهيئة تعمل في أجواء أشبه بأوضاع الحركة السرية بعد ما كان الخروج الى العلن من أهم مكاسب المعارضة. لم تستطع الهيئة المحافظة  على التعبئة  والتعاطف  في المستوى المطلوب وكاد ينحصر عملها في إصدار بيانات مناسباتية  و بقيت الحركة تقاوم من أجل البقاء أكثر مما تقاوم من أجل البناء .

لم يكن التقارب بين جناحي المعارضة العلماني والإسلامي أهم إضافات حركة18 أكتوبر، بل أيضا الالتقاء بين المعارضة القانونية المستقلة والمعارضة اللاقانونية المحظورة. إضافة إلى التقاء

الأحزاب والجمعيات في إطار مشترك. وهذا مكسب نوعي على الأطراف المكونة لحركة 18 أكتوبر أن تحافظ عليه.

لقد نجح الحزب الديمقراطي التقدمي في إعادة المصداقية للمعارضة القانونية، وتعزز موقعه بالتكتل من أجل العمل والحريات. ومع إصرار السلطة على منع أنشطة حركة 18 أكتوبر على خلفية عدم قانونيتها، وإبداء مرونة محسوبة مع التقدمي والتكتل، فإن التحدي يكمن في ابتكار الصيغ التي تدمج اللاقانوني في فضاء القانونية، وتوسع هذا الفضاء بقدر ما تحافظ عليه، بدل تعريضه للضياع، في لحظة قد  يغلب فيها الاندفاع أو تسيطر فيها أنماط التفكير والممارسة القديمة وثقافة النضال السري. وتخطئ حركة 18 أكتوبر بجميع مكوناتها إذا استهانت بمكسب القانونية. كما تخطئ حين لا تحافظ على التمايز بين الفضاء ين الحزبي والجمعياتي. 

هذا التراجع في حركة 18 أكتوبر سمح للسلطة باستعادة المبادرة مجددا و الخروج من حالة الارتباك و الإنهاك التي سببها الضغط الإعلامي الهائل الذي سلط على تردي الوضع السياسي  والحريات عقب قمة المعلومات . فشدّدت قبضتها مجددا  على المجتمع المدني و حاولت تحويل الأنظار والاهتمام من مسألة الحريات والإصلاح السياسي التي فرضها إضراب 18 أكتوبر، الى موضوع الاستقطاب الذي تحبذه و تروّج له و تعمل عليه محليا و خارجيا منذ مطلع التسعينات . اعني الخيار بين نظام سياسي حداثي و مجتمع مدني بلا إسلاميين تمثله السلطة و من يقف معها، مقابل مشروع سياسي رجعي و متطرف و مغذي للإرهاب يمثله الإسلاميون ومن يتحالف معهم .

و في هذا السياق تفهم الحملات الصحفية ضدّ حركة 18 أكتوبر و انخراط بعض الأطراف السياسية فيها على غرار” الشيوعيون الديمقراطيون ” أو ” الحزب الاشتراكي اليساري” لا حقا  و ” حزب العمل الوطني الديمقراطي ” اللذان ركزا على نقد التحالف مع حركة النهضة و أدانا أي عمل مشترك معها و ذهبا الى حدّ اتهام 18 أكتوبر بمحاولة فرض اختيارات من الخارج .

جاء في بيان أمضاه 26 عضوا من الحزب الاشتراكي اليساري مؤرخا في 12 ديسمبر 2006 ما يلي ”  لقد وضح البيان الصحفي بما لا يدع مجالا للشك أن الإضراب تم الإعداد و التخطيط له بالاتفاق التام بين الحركة الديمقراطية و اليسارية و حركة ” النهضة ” على عكس ما كنا سمعناه من تصريحات و أن ” هيئة 18 أكتوبر ” ليست إلا  إعلانا عن هذا التحالف الصريح بين جميع هذه الأطراف .

و على هذا الأساس نؤكد أن هذا التحالف الجديد لا  يقدم بالحريات الديمقراطية بل يمثل خطرا جديدا عليها لأنه يبث الوهم حول ديمقراطية ” حركة النهضة ” و يلعب دور الوسيط من أجل إشراكها في الحياة السياسية و في السلطة كما يروج له “مشروع الإصلاح الأمريكي ـ الأوروبي”.

 4 ـ 2 ـ خطاب سوداوي يقوم على التنافي.

يمكن اتخاذ بيان هيئة 18 أكتوبر المؤرخ في 17 مارس 2006 بمناسبة مرور 50 سنة على استقلال  تونس نموذجا  للخطاب السوداوي ذي النبرة العالية جدا، الذي  نعدّه أحد سلبيات هذه الحركة . استعمل البيان عبارة ” الاستقلال السياسي لتونس ” دون عبارة الاستقلال في نزعة يسراوية غير خافية و في قطيعة مع الخطاب السائد حول استقلال تونس الذي يفخر به التونسيون رغم نواقصه . لم يشر البيان الى أية مكاسب تحققت خلال خمسين سنة من الاستقلال، و اكتفى بتضخيم الإخفاقات، بما يرسم صورة قاتمة عن الوضع لا تبعث على أي تفاؤل. ” إن خمسين عاما من حكم النظام القائم أكدت عجزه عن تحقيق تنمية و طنية شاملة تستجيب لمقتضيات النهوض بالبلاد و تضمن مقوّمات العيش الكريم للشعب ،  فتفاقمت التبعية و هدرت الثروات العمومية و تفشى الفساد و الإثراء غير المشروع و تعمقّت الإختلالات الاجتماعية بين الفئات و الجهات ، و انتشرت البطالة بما في ذلك في أوساط أصحاب الشهادات العليا و تدهور مستوى العيش ، و تلاشت تدريجيا المكاسب المحققة في مجانية التعليم و الصحّة و تفاقمت الجريمة و حلّت بالمجتمع أزمة قيميّة غير مسبوقة و شهدت البلاد تصحّرا ثقافيا خطيرا بفعل القيود المضروبة على حرية الإبداع و النشر .

كما أكدت تنكر الحزب الحاكم لتضحيات الشعب التونسي و طموحات الحركة الوطنية و ذلك بإرساء نظام استبدادي قائم على الحكم الفردي المطلق ، و إلغاء دور المؤسسات و طغيان جهاز الأمن و المخابرات على الحياة العامة و فق أسلوب استثنائي قائم على ” التعليمات ” عوضا عن القانون رغم علاّته . وقد أقامت السلطة المنبثقة عن هذا النظام علاقتها بالمجتمع على أساس الإخضاع و فرض الوصاية على كل تعبيراته المدنية و السياسية و ألغت جميع الحريّات و جرّمت ممارستها ،  وأحالت الآلاف من المواطنات و المواطنين من مختلف التيارات السياسية و الفكرية و من النقابيين و الحقوقيين على المحاكم و زجت بهم في السجون و واجهت بالقمع الوحشي  الحركات الاجتماعية الكبرى التي عرفتها البلاد  (جانفي 1978 ، جانفي 1984…)

 كما زيفت على مدى  نصف قرن الإرادة الشعبية و منعت حصول أي تداول على السلطة وجعلت من الرئاسة مدى الحياة قاعدة للحكم . و بقدر تفاقم أزمة شرعية نظام الحكم نتيجة ذلك ، ازداد ارتهانه بالخارج و الاستقواء به على الشعب و قواه الديمقراطية المطالبة بالتغيير و مضى في استفزاز المشاعر الوطنية للشعب التونسي بإقدامه على التطبيع السافر مع إسرائيل و التخلي عن واجب التضامن مع القضايا القومية العادلة في العراق و فلسطين .. .)[7]

وفي تناقض واضح مع هذا البيان، أصدرت هيئة18 أكتوبر في 8 مارس 2007 وثيقة حول حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين[8]  عددت فيها المكاسب النوعية التي تحققت للمرأة التونسية على مستوى التشريعات في مجلة الأحوال الشخصية فيما يتصل بالأسرة وبالتربية والتعليم وفي ميدان الشغل وفي مجال الحقوق المدنية والسياسية، وأكدت الهيئة تمسكها بهذه المكاسب وعزمها الراسخ على المحافظة عليها والدفاع عنها في وجه كل تهديد.

إن مقارنة بين الوثيقتين تبرز أن الجامع بينهما هو منطق التنافي الذي لا يثبت الأنا إلا بنفي الآخر. فوثيقة الهيئة حول المرأة تعمدت عدم الإشادة أو حتى الإشارة إلى دور السلطة في العهدين البورقيبي أو النوفمبري في تحقيق تلك المكاسب، ونسبتها فقط إلى جهود المصلحين من المفكرين و إلى ” النضال الدؤوب الذي خاضته حركات نسائية من مختلف المشارب الفكرية ” . هكذا إذن تنسب المعارضة لنفسها ما تنفيه عن السلطة و توظف المعطيات بحسب السياق و المصلحة ، دون توازن أو موضوعية في الخطاب . فإذا كان الأمر متعلقا بتقييم أداء السلطة جاء الحصاد سوداويا . و إذا تعلق الأمر بالتهديدات المزعومة من التيار الإسلامي بمكتسبات الحداثة ارتفع سقف تلك المكاسب و بدت الصورة وردية.

4ـ3ـ الانزياح عن البرنامج السياسي إلى الخيار المجتمعي و عن العمل المشترك إلى الجبهة .

التقى المشاركون في إضراب 18 أكتوبر من تيارات فكرية و أحزاب سياسيـــــــــــة و جمعيات مختلفة على ثلاثة مطالب جعلوها أرضية للعمل المشترك،  و كان لإلتقائهم و توحدهم على هذه الأرضية الدنيا أفضل الأثر في الأوساط التي ساندتهم بالداخل و الخارج. هذا الالتقاء على ما بات يعرف ” بالحد الأدنى الديمقراطي ” كان يمكن أن يشكل أرضية صلبة للنضال الميداني المشترك  باتجاه مزيد من دعم رصيد الثقة بين الأطراف و توسيع دائرة المنخرطين فيه . ناهيك أن المطالب الثلاثة في تحرير الإعلام  وحق التنظّم  وسن قانون للعفو العام على المساجين  يحتاج تحقيقها إلى فترة زمنية ليست بالقصيرة.

 لكن لأسباب و ضغوطات و حسابات متعددة ، كانت الرغبة شديدة في عدم التقيّد بالحد الأدنى  والتطلع الى ما هو أوسع      و أشمل و ربما أهم . و بسرعة تم الانزياح على البرنامج السياسي إلى الخيار المجتمعي و من العمل المشترك إلى الجبهة السياسية . و في هذا السياق جاء الإعلان عن أرضية ” منتدى 18 أكتوبر ” والتي ورد فيها ” أن مكونات المعارضة تدرك أيضا أن هذا الحد من الحريات الأساسية لا يمثل على أهميته ، سوى مدخل لما تقتضيه المرحلة التاريخية الراهنة من تغيير يقطع مع الاستبداد و يؤسس لحياة سياسية حرة . ولا يمكن لقوى المعارضة أن تحقق هذا التغير مجتمعة إلا إذا اتفقت على أسس النظام الديمقراطي البديل.

وهكذا وضعت هيئة 18 أكتوبر نفسها ضمن مسار صعب في محاولة لطمأنة أطراف خارجة عنها ربما أكثر من ضمان الثقة بين مكوناتها.

لا شك أن التقاء العلمانيين و الإسلاميين في إطار مشترك ووحدة نضالهم  و محاولة تجسير الخلافات بينهم بضغط بعضهم على البعض الآخر ، انجازات هامة تحسب لحركة 18 أكتوبر وتحتاج الى مزيد من الدعم و التطوير في تونس و في غيرها، وربما يكون التقدم على هذا المسار من أهم عوامل نجاح حركات التغيير الديمقراطي في العالم الإسلامي.  لكن الخشية تظلّ  قائمة على أن تصطدم  إرادة الوحدة بحقيقة الاختلاف. وأن تسود إرادة في فرض نمط واحد من التفكير في تناقض صارخ مع شعرات التعددية و الاختلاف و العمل المشترك. فقد يكون الصراع الديمقراطي بين التوجهات التحررية والتوجهات المحافظة، أقرب للواقع وأفضل لتطور المجتمعات من محاولة طمس الاختلافات.

و لما كانت المسائل الخلافية المعلنة كقضايا للحوار ذات صبغة دينية غير خافية ، وتتصل بالرؤية الاجتماعية أكثر من البرنامج السياسي ، و تحيل على الطرف الإسلامي ، فإن الخشية تتجه إلى ” انتقال الإسلاميين من الملاحقة الأمنية إلى الملاحقة الفكرية ” كما علّق أحد المتابعين للحوار الدائر داخل هيئة 18 أكتوبر في مقالة متميزة .(9) أو نزوعهم إلى المناورة الفكرية التي لا تعكس حقيقة قناعاتهم.

ولعل من المهم في هذا السياق التنبيه إلى التعارض أو التوافق بين صيغ العمل المقترحة  ومضامين الحوار الفكري المعلنة.  فهل يستلزم العمل المشترك على تحقيق مطالب محدودة الاتفاق على برنامج سياسي بديل للحكم ؟ و هل تملك الأطراف المكونة لحركة 18 أكتوبر برامج سياسية  واضحة و معلنة  حتى تبحث في مدى التوافق بين تلك البرامج ؟ و إذا كان التوافق  مطلوبا بين برامج الأحزاب السياسية فما موقع الجمعيات و الشخصيات في هذا التوافق ؟ و هل يكفي الاتفاق على أسس النظام الديمقراطي لتتوحد الأحزاب في جبهة سياسية و تقدم نفسها بديلا عن الحكم القائم؟ وإذا كان المطلوب توافقا كاملا فلم تعدد الأحزاب والأطراف إذن؟ 

هذه الأسئلة و غيرها مما يمكن أن تستتبعها، تحيل على أزمة جوهرية في حركة 18 أكتوبر تتعلق بتحديد هوية الحركة، وذلك بضبط دقيق لمطلقاتها وأهدافها وبرامج عملها وأجندتها الزمنية ووسائل بلوغ مراميها .ولعل فكرة وحدة المعارضة كما هي مطروحة الآن داخل الحركة، بحاجة إلى إعادة نظر جذرية.

 4 ـ 4  ـ  أهداف مختلفة غير معلنة  واستراتيجيات متباينة.

منذ التخطيط لإضراب 18 أكتوبر وتنفيذه ظهرت خلافات حول الشخصيات المشاركة و رمزية تمثيلها  وهل كان بعض المضربين يمثلون الهيئات التي ينتسبون إليها أم يصدرون عن مواقف شخصية تلزمهم وحدهم . وتجددت الخلافات بمناسبة تشكيل اللجنة الوطنية  لمساندة الإضراب  وتحديد أعضائها و مقاييس ضبط التوازنات داخلها . كما تشكلت هيئة 18 أكتوبر للحقوق  والحريات عقب إنهاء الإضراب وسط أجواء خلافية . واستمرت هذه الخلافات  تعتمل داخل الهيئة بما لم يساعد على وحدتها و دعم رصيد الثقة بين مكوناتها .

فليس من السهل أن تلتقي أهداف الأحزاب أو القيادات الحزبية مع أهداف قيادات الجمعيات أو الشخصيات المكونة للهيئة. وربما كان ذلك وراء انسحاب بعض الأعضاء أو هامشية دور آخرين أو ضمور حماسهم و مشاركتهم.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(9) نور الدين ختروش، مجلة كلمة(الكترونية شهرية)،العدد52،أفريل 2007

كان المؤمل من تنويع رمزية الأعضاء و توسيع الهيئة الى 24 عضوا خلق القوة و حشد التأييد لحركة 18 أكتوبر . لكن الأمور لم تكن كذلك في الواقع . فالهيئات الممثلة لا تتوفر على قاعدة جماهيرية دنيا يمكن أن تخلق الزخم الميداني المطلوب مما أضعف شعبية الحركة. وبعض الرموز أو القيادات لم يحصلوا على تفويض ديمقراطي  معلن  في قرارهم بالمشاركة باسم الهيئات التي ينتسبون إليها مما عسّر دورهم في حشد التأييد . و بعض الأطراف أو الشخصيات  اكتفت بتسجيل حضورها لأجندة شخصية أو للتغطية عن ضعفها دون قناعة بالمسار أو قدرة على التأثير فيه. كما أن ظروف العمل السري للهيئة أربكت أداءها و أضعفت اجتماعاتها و لم تتح لها التواصل الأدنى مع القاعدة الجماهيرية التي يفترض أن تمنحها دعمها.

و هكذا تجمعت الأسباب التي حالت عمليا دون تحول الهيئة إلى حركة ، و بدت المواقف الصادرة عن الهيئة لا تلزم إلا من يشاركون في اتخاذها . بل ربما أصبح الحديث عن هيئة من عدة أشخاص أدق من الحديث عن حركة18أكتوبر.

و إذا استحضرنا قائمة التجارب العديدة الفاشلة في العمل المشترك و في التحالفات التي لم تعمر طويلا ( الثلاثي ، الرباعي ، الخماسيى…) التي عرفتها المعارضة التونسية خلال العقدين الأخيرين خاصة ، تزداد المخاوف عن مصير حركة 18 أكتوبر.

 و تظل مسألة غموض هوية الحركة المشار إليها فيما سبق ، إضافة إلى أزمة الثقة و أزمة الزعامة و مسألتي العلاقة بالسلطة و العلاقة بالخارج من أهم المسائل التي يرتهن إليها مستقل الحركة.

فعلى سبيل المثال لا يخفى على المتابع للمواقف المعلنة و الجدل الدائر في صفوف الإسلاميين من حركة النهضة بالداخل و الخارج ، نزوع تيار غالب إلى تحقيق مصالحة مع النظام القائم و طي صفحة الماضي ـ مع اختلافات جزئية  في طبيعة الحل ـ  ونحسب أن المشاركين في هيئة 18 أكتوبر من القيادات السابقة لحركة النهضة ، يدعمون خيار المصالحة و يدفعون باتجاهه وربما لم تتوفر لهم الظروف إلى حد الآن للتعبير عن  أنفسهم داخل الهيئة. وهذا توجه لا يتوافق مع نزوع بعض  الأعضاء الآخرين إلى توتير العلاقة بالسلطة و العمل في أفق القطيعة معها.

 كما لا تخفى الخلافات غير المعلنة داخل هيئة 18 أكتوبر ذات الصلة بهذين التمشيين، حول طبيعة المهمة السياسية التي تطرحها المرحلة الحالية بين من يستهدفون تحقيق انفراج سياسي من خلال تكثيف الضغط على السلطة في موضوع الحريات و بين من يسعون إلى تأهيل الحركة إلى خوض معركة تغيير الحكم و تقديم البديل عن النظام القائم .

ويبدو موضوع زعامة الحركة غير محسوم بل مستبعد الحسم في علاقة بهذا الخلاف.

4 ـ 5 ـ ضعف في الخيال السياسي و في قوة الاقتراح.

تبدو  أساليب عمل هيئة 18 أكتوبر ودرجة تواصلها مع القوى الحية  في المجتمع التونسي والأوليات التي تشتغل عليها، و علاقاتها بجيران تونس، مستويات للنظر و التقييم، لا تبعث على الارتياح لأداء حركة 18 أكتوبر.

 فهي حركة منقطعة تماما عن الشباب رغم تبنيها الظاهر لقضاياهم.  لا أثر لهذه الحركة في أوساط الطلاب بالمؤسسات الجامعية و لا في تحركات المعطّلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا و لا في التعبيرات الثقافية التي التي ينتجها الشباب كالأغاني النقدية . و لا تمثيل للشباب في هيئة 18 أكتوبر و لا أدبيات للهيئة تعمق البحث في مشكلات الشباب و لا حلول مقترحة تفتح الجسور معهم.

و من جهة أخرى إن أولوية الحريات و الصراع اليومي مع السلطة على هذا الصعيد لم يتح لحركة 18 أكتوبر النفاذ إلى القضايا الاجتماعية و المعاناة اليومية لعموم المواطنين و للأوساط الشعبية منهم خاصة . و لم تفلح  الحركة و المعارضة عموما في إقناع المواطنين و تعبئتهم فعليا على أولوية مطلب الديمقراطية . ولا تبدو حركة 18 أكتوبر مرشحة لاختراق ما على هذا المستوى رغم توسع التذمر بين المواطنين من سياسات السلطة.

هذا و إن الأساليب التقليدية في الاعتماد على إصدار البيانات محدودة الانتشار أو عقد اجتماعات خطابية على ندرتها داخل قاعات مغلقة و صغيرة و في وسط جمهور متكرر و مألوف، إضافة إلى محاصرة السلطة الشديدة للأنشطة، من العوامل التي لا تساعد على مثل الاختراق المشار إليه في الأوساط الشبابية أو الشعبية و هنا تبرز قضية التواصل كإحدى الهنات غير المبررة في حركة 18 أكتوبر.  فهذه الحركة بعد عام ونصف من انطلاقها ليس لها موقع الكتروني بشبكة الإنترنت و ليس لها مدونون و لم تصدر عنها أية مبادرة أو اقتراح لكسر الحصار الإعلامي إضافة إلى ضعف  استعمالها التقنيات الحديثة في التواصل مع التونسيين.

كما لم تفتح هيئة 18 أكتوبر أية جسور مع أطراف سياسية فاعلة بالبلدان المجاورة لتونس ، سواء على الصعيد الرسمي أو مع المعارضة، بما يجعلها حركة محلية لم تستوعب بعد أهمية الوضع الإقليمي أو الدولي في تحديد مستقبل الحكم في أي دولة. بما لا ينم على نضج سياسي يرتقي بالحركة الى مستوى تطلعاتها.

تلك مؤشرات نسوقها للتأكيد على أن حركة 18 أكتوبر التي تبدو في عجلة من أمرها في إعلان هدفها في القطع مع الاستبداد و إرساء النظام الديمقراطي البديل، لا تأخذ بالأسباب الدنيا و لا بالوسائل الضرورية لبلوغ هدفها. و تحجب عنها الإرادوية  الوعي الموضوعي بمعطيات الواقع  المعقدة وميزان القوى.

5- توازن الضعف بين السلطة والمعارضة لا يفتح أفقا للإصلاح السياسي.

التقييم السابق لحركة18 أكتوبر، اعتمدنا فيه أساسا على أدبيات هذه الحركة ومدى تقدمها في إنجاز ما رسمته لنفسها من أهداف، وبحثنا في أسباب تعثرها من خلال مكوناتها واختياراتها، أو صعوبة الظروف التي واجهتها. هذا التقييم لا نراه يكتمل إلاّ بالتعرض للمستقبل الذي نراه لهذه الحركة في ضوء قراءتنا للمشهد السياسي التونسي من خلال واقع العلاقة بين السلطة والمعارضة واحتمالات تطورها.

      الفريق الحاكم اليوم  في تونس فقد بريقه و دخل مرحلة من الترهل بعد 19 عاما  على رأس السلطة . تقلصت النخبة التي يعتمد عليها في تنفيذ برامجه وقلت مبادراته الى حد العجز عن الاقتراح وتعدد خصومه و تكاثروا و توسعت دائرة التذمر من تداعيات سياساته المختلفة و بدت بعض خياراته الاقتصادية و التعليمية و الثقافية تعطي نتائجها العكسية .  صحيح أن أجهزة السلطة ما زالت متماسكة و تتحكم بنبض الحراك الاجتماعي و السياسي و تمسك بالأمور بقبضة حديدية.  لكن صحيح أيضا أن كابوس الخوف الذي خيّم على المجتمع طيلة التسعينات آخذ في التراجع و أن سقف الخطاب السياسي المعارض ارتفع و أن قطاعات  عديدة باتت تعبر عن عدم الرضى.

فظاهرة التدين في تونس اليوم أكثر انتشارا ومخاطر التطرف أكثر بروزا والتحدي أكثر إلحاحا وإن تأخر وجهه السياسي. وليست المواجهات المسلحة بين قوات من الأمن والجيش وعناصر من الشباب المنتسبين للسلفية الجهادية نهاية عام2006ومطلع العام الحالي سوى دليلا على ذلك وناقوس خطر ثان بعد إضراب 18 أكتوبر2005.

وإذا كان النهج الأمني الذي اعتمدته السلطة، وراهنت عليه، لم يجد في استئصال الظاهرة الاسلامية، فإنه أعجز على استئصال المعارضة برمّتها. كما أن حالة التعطّّّل السياسي و انسداد الأفق  وعدم المبادرة بانجاز الإصلاح المطلوب أو العجز عن ذلك ، عوامل  تضعف السلطة ولا تقويها.

  لقد جربت السلطة سياسة التخويف و تكميم الأفواه ومقايضة الصمت بالغذاء وسجن المعارضين والتضييق عليهم  وتهديدهم في أملاكهم  وحرياتهم، لكن تلك السياسة   لئن أضعفت المعارضة فإنها لم تستطع شطبها و لم تنجح في استئصالها . و ربما توافق ” تمرّد ” عدد من النشطاء الحقوقيين و السياسيين على الوضع و تجاسرهم على الصدع بآرائهم الجريئة و تحملهم لمسؤولياتهم و إصرارهم على ممارسة مواطنتهم ، توافق ذلك مع مناخ دولي وإقليمي جديد كان من أهم سماته الثورة العارمة في ميدان الاتصال التي شملت العالم العربي و كسرت توق التعتيم الإعلامي الذي طالما استفادت منه الأنظمة الاستبدادية .    و تبلور تيار عالمي يدعو إلى الديمقراطية و حقوق الإنسان و المشاركة الشعبية في الحكم و اعتماد الشفافية في المعاملات  وتحرير الإعلام، وهو ما تكرس في السنوات الأخيرة عبر أجندة دولية تضع الإصلاح السياسي و الحكم الراشد على سلم الأولويات خاصة  في علاقة الدول الغربية بالدول العربية و الإسلامية . و قد بادرت بعض الأنظمة التي وعت الدرس        و أدركت حيوية الاستحقاقات الجديدة بتغيير بعض سياساتها رغبة في التأقلم مع المرحلة، فظهرت مبادرات للانفراج في أكثر من عاصمة عربية .

   و في ظل هذا المناخ الجديد أصبحت درجة الانغلاق التي ينتهجها النظام التونسي حالة استثنائية و صارت سياساته عبئا عليه  في الداخل و الخارج . فبسبب ممانعته أ و تردده أو عجزه عن الإصلاح  السياسي، يزيد ملف الحريات و حقوق الإنسان بتونس ثقلا على النظام  بما يؤجج حالة الاحتقان الداخلي و يضر بسمعته  بالخارج و ينعكس سلبيا على مسار الاستثمار و التنمية محليا وعلى الموقع التفاوضي لتونس خارجيا . و إذا كان ذلك مؤشرا على ضعف الحكم وعلى الصعوبات التي تواجهه، فانه ليس دلالة بالضرورة على قوة المعارضة أو رجحان كفة الميزان لصالحها ، و الأهم من ذلك ليس مؤشرا على قرب الانفراج أو فتح أفق واعد للتونسيين .

    المفارقة المفزعة التي أروم التوقف عندها  في هذا السياق هي أن الظروف  المحلية  والإقليمية والدولية التي ترشح المعارضة افتراضيا لتكون بديلا عن الحكم ، يقابلها في الواقع ضعف ميداني لهذه المعارضة  و ترهل لأساليب عملها و دعايتها وخواء في خطابها وضمور في قدرتها على الاقتراح وعجزها عن الاستقطاب  وعن محورة مختلف مظاهر الاحتجاج  في القطاعات  والشرائح المتعددة، حول المطلب الرئيسي الجامع الذي ترفعه وهو الإصلاح السياسي،  والاستفادة من العوامل الخارجية في دفع هذا المطلب والتعبير عنه في شعارات  محددة وواضحة و معبئة ، و بخطاب عصري يستلهم روح اللحظة التاريخية و يفهمه الجميع .

         على المعارضة أن تبدأ بإصلاح نفسها فتقر بحق الاختلاف وتتبادل الاعتراف بين جميع مكوناتها وتبني الثقة بينها في إطار تنافسي. فالمعارضة ـ كل المعارضة ـ للأسف تعاني من عدم الاعتراف بشرعية خصومها، مما يؤجل توحّدها على أرضية مشتركة وظهورها كقوة ضاغطة على السلطة .

        ويكفي أن نستحضر ما يقوله في السر وأحيانا في العلن فريق من المعارضة على فريق آخر، بأن استمرار الوضع الحالي أفضل من أن يمكّن هذا الفريق أو ذاك من السلطة. و رغم أن هذا التمكن  محض افتراض بحسب معطيات الواقع بالطبع، فانه يعكس عدم ثقة المعارضة يبعضها ، و يوجه الصراع إلى داخل هذه المعارضة أكثر مما يدفعه باتجاه السلطة، التي تتقن جيدا إدارة هذه اللعبة ،وتحرك خيوطها المختلفة لتغذي الخلافات الداخلية ، وتكون المستفيد الأكبر من سياسة فرق تسدّ المعروفة جدّا .

      على المعارضة أن تراجع تعليل ضعفها بحالة القمع، و أن تدرك أن الخوف وحده لا يفسر حالة العزوف على الانخراط في الأحزاب و الجمعيات و الاهتمام بالشأن العام لدى النخب خاصة  والجمهور الواسع عامة، ولعل استقطاب السلفية الجهادية  لمئات الشبان،كما يظهر من خلال الإيقافات والمحاكمات، أكبر تحد للمعارضة الديمقراطية على هذا الصعيد.  إن الشعور بالإحباط  وعدم جدوى صيغ العمل المقترحة للتغيير  وأزمة الثقة بالمعارضة نفسها و بقدرتها و مصداقيتها،   عوامل لا تقل أهمية عن الخوف في تعليل هذا العزوف و انحسار المد الجماهيري للمعارضة. فالقوة الميدانية  وحدها تؤهل المعارضة للضغط الحقيقي على الحكم و حمله على القبول بالمطالب المشروعة في الإصلاح .  ويجعل هذه المعارضة قوة تغيير فعلي .

    إننا إذ لا نغفل الظروف الصعبة التي تعمل فيها المعارضة و أهمها القيود المفروضة على حرية التنظم و الاجتماع و الحصار المالي و التعتيم الإعلامي و الحرمان من الفضاءات العمومية و المحاصرة الأمنية لمقراتها  و تحركات مناضليها،  بما يضاعف من مشاكلها  ويضعف قدراتها  و يفرض عليها نوعا من العزلة  و يحرمها من الاستفادة من الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات  التي تبقى حكرا على الفريق الحا كم آو في حالة عطالة ، فإن استحضارنا لهذه العوامل الموضوعية لا يجب أن يكون الشجرة التي تخفي الغابة .  فلا شيء يبرر على سبيل المثال الفقر الفادح في إنتاج المعارضة من أحزاب و جمعيات  مستقلة لتقارير ودراسات معمقة  حول المواضيع التي تشتغل عليها كأوضاع التعليم و لصحة والخدمات الاجتماعية أو مشاكل الشباب وتحديات التشغيل  أو بطالة أصحاب الشهادات أو سياسة التطبيع  أو ممارسة التعذيب أو أوضاع السجون  أو إدارة ألأموال العمومية  أو التصرف في الثروة الوطنية  أو حالة الاستثمار أو معدلات التنمية أو تطوير الإدارة  أو تغيير المنظومة القانونية  أو تعديل نظام الجباية أو  التأمين …  أو غير ذلك من المواضيع العديدة التي تلامس  مشاغل مختلف القطاعات و الشرائح  و تكشف عن الهنات  و تبرز الضرر اللاحق بالمواطنين  وبالمصلحة العامة و تقترح حلولا ممكنة  لم ترتئيها الحكومة  أو تبدو عاجزة عن إقرارها  بسبب معطياتها المزيفة  عن الواقع أو تقاعس من  المسؤولين أو تعارضها من اختيارات كبرى   ومصالح حيوية للفريق الحاكم . فبقوة الإقتراح تكسب المعارضة الإحترام، وتكسب الأنصار، وتحرج الفريق الحاكم.

إن برهنة  المعارضة على مسكها الجيد  للملفات الكبرى و قدرتها على التحليل و الاقتراح  وتوظيفها الجيد لإطاراتها وطاقاتها شروط لا بد منها للانتقال من حالة الاحتجاج إلى الظهور  كقوة تغيير، و نقلة العمل السياسي من دائرة الضغط النخبوي المحدود إلى الفعل الجماهيري المؤثر . و إن تغيير المعارضة لأساليب عملها و تعاملها مع القضايا التي يطرحها المجتمع ،  وتجاوزها الحضور ألمناسباتي إلي الفعل الدؤوب ، جسر عبور إلى وضع سياسي أفضل .  وبمختصر العبارة نقول إن حمل السلطة على الإصلاح يمر عبر مباشرة المعارضة لإصلاح ذاتي.

إن ما يمكن أن نصفه بحالة توازن الضعف بين الحكم و المعارضة لا يفتح  افقأ سياسيا و لا يساعد على حلحلة  الوضع    ودفعه نحو  الأفضل . و إن استمرار حالة التعطل السياسي  و انسداد  الأفق من شأنه أن يبعث على الخوف و يفتح على المجهول و يشل طاقات المجتمع. لذلك يبدو انه لا أفق لتجاوز هذا المأزق السياسي إلا عبر إعادة صياغة العلاقة بين الفاعلين السياسيين في السلطة و في المعارضة، على أساس التعاقد على إقرار حق الاختلاف وحرية التنظم والاعتراف بشرعية الخصوم السياسيين. والقبول بالمنافسة بدل التنافي.

فهل تُقبل حركة 18 أكتوبر على مراجعة مسارها و تتدارك أسباب تعثرها في ضوء التقييم الذي تقدّم بسطه، والمشهد السياسي الذي تم عرضه؟ إن كان هذا الأمر يرجع إلى القائمين عليها وإلى المكونات السياسية التي تتشكل منها، فإن التقييم الذي نحن بصدده، والبحث في سبل تحسين أداء حركات التغيير الديمقراطي ونجاحها، يقتضيان بسط مسار معدّل لحركة 18 أكتوبر من خلال ما تقدم .

6- حركة 18 أكتوبر بين خيار الإصلاح المرحلي وخيار القطيعة والمواجهة.

يشق المعارضة التونسية خياران رئيسيان. خيار الولاء الذي تمثله الأحزاب الممثلة بالبرلمان، وخيار القطيعة الذي تنخرط فيه حركة 18أكتوبر أو هكذا تتجه. وكلا الخيارين يبدوان في مأزق.  السلطة لم تقبل إلا بمعارضة تأتمر بأمرها و تقبل أن تتخلى كليا عن استقلالية قرارها، أي عمليا إلغاء وظيفتها الرئيسية، مما أدى إلى فقدان أحزاب الموالاة لكل مصداقية وجعلها طيعة تحركها الحكومة كيف ما تشاء، وهي أسوأ صورة يمكن أن نتصورها للإصلاح السياسي. وليس من المنطق ولا من الحكمة مستقبلا تكرار الانخراط في علاقات من هذا النوع مع السلطة.

من جهة ثانية، لم تلتف الجماهير حول مطالب المعارضة المستقلة، و لم تستطع هذه الأخيرة فرض التغيير على النظام. لم تستطع المعارضة أن تبني القوة الميدانية و أن تبرز كبديل محتمل و مقنع عن السلطة القائمة. ولم يساعد توازن الضعف بين السلطة و المعارضة على فتح أفق سياسي للمجتمع. وصار التساؤل مشروعا عن إمكانية أن تفضي القطيعة بين السلطة و المعارضة و حوار الصم بينهما إلى حلحلة الوضع السياسي.

 إن غياب أي علاقة بين المعارضة المستقلة و السلطة أمر مرفوض وغير عادي، وهو مؤشر على الانغلاق والعلاقات المتشنجة. لأنّ السلطة لا ترى العلاقة إلاّ تبعية مطلقة ومفرغة من أي بعد سياسي أو تنافسي. و لا تؤمن إلا بالحلول الأمنية لإدارة الصراع مع معارضيها. والدعوة إلى القطيعة مع السلطة تكريس للأمر الواقع وتشجيع عليه. و ربما حان الوقت لإعادة صياغة طبيعة هذه العلاقة.

 المعارضة لست في صراع وجود مع السلطة بل في صراع أفكار، تتأثر وتؤثر.  منطق التنافي، والعمل على “استئصال المنافس” ليسا من قاموس التنافس السياسي السلمي. والضغط العالي والعجلة في الأمر لا يعملان بالضرورة لصالح هدف الإصلاح السياسي، و قد يعملان على تنمية تيارات استئصاليه داخل السلطة أو خارجها. إدارة الصراع السياسي تستوجب الاعتراف بالآخر و احترام آرائه.

 حين نقيّم الأداء السياسي لحركة 18 أكتوبر و نبحث عن أسباب عدم توفقها إلى حلول عملية تخرجها من حالة التهميش والإقصاء التي هي عليها, نجد أن أهم تلك  الأسباب عدم التناسب بين ضعفها وسقف مطالبها الذي يبدو أعلى من حجمها. فإذا رامت السير نحو الهدف السياسي بنسق أفضل وبفاعلية، يترتب عليها الأخذ بمبدأ الواقعية السياسية, الذي  يملي عليها تمشيا مرحليا في الإصلاح.

 مرحلية الإصلاح تمليها القراءة السليمة لموازين القوى والواقع السياسي. وهذا يتطلب الاستعداد والقبول بالتحرك في إطار ما يتيحه الواقع و في بيئة صعبة و في واقع مكبل و معيق.وهذا ما يتطلب تعاملا واقعيا وذكيا مع مسألة القانونية. صحيح أن التقيُد بالقانون يعطي إحساسا بالضيق و التكبيل و لكن النجاح من خلاله أصلب و أمتن  .

مرحلية الإصلاح تتطلّب إدارة الصراع مع السلطة بشكل مختلف, كالبحث عن المشترك للبناء عليه, والقبول بحلول ناقصة في نطاق التفاوض. هذه المرحلية تتطلب أيضا إدراكا سياسيا للزّمن، لا يتحدد فقط بشرعية المطالب بل من خلال أخذ الواقع و تعقيداته بعين الاعتبار ووضع خطة سياسية تعمل على تحقيق التغيير المطلوب في أفق زمني واقعي. إنّ مثل هذا الخيار يعطي للتغيير السياسي بعده الواقعي ويخرجه من دائرة الرغبات والأحلام.

 إن تبني حركة 18أكتوبر لخيار المرحلية في الإصلاح، قد يساعد على تجاوز كثير من معوقاتها ويقربها من أهدافها، في ظل صعوبات الواقع سالفة الذكر.

إن استمرار الانغلاق و الجمود في الحياة السياسية يشكل أكبر تحدّ للسلطة وللمعارضة على السواء. و عليه فإن الانفراج يشكل مدخلا رئيسيا لدفع مسار الإصلاح السياسي. فالانفراج مطلب عام يحظى بإجماع وطني في الداخل و يجمع عليه المراقبون و أصدقاء النظام في الخارج، بديلا عن حالة الانغلاق. الانفراج لا يأتي بطريقة عفوية وليس هبة من السلطة، بل ثمرة للنضال والتدافع.

تحقيق الانفراج ليس صفقة مطلوبة مع السلطة، و لا هدنة ولا مقايضة محتملة. إنه تمشّ سياسي تمليه التحديات الداخلية والخارجية المطروحة على البلاد كما تمليه تراكمات الماضي النضالية والتجارب السابقة ويبرره مشروع الإصلاح السياسي. فقد أثبتت الحلول الأمنية محدوديتها وفشلها وحجم مضاعفاتها السّلبية على كل جوانب الحياة. كما برزت للعيان محدودية المواجهة الشعاراتية وعدم فاعليتها في دفع مسار الإصلاح.

 ومع أن مغانم الانفراج متواضعة على المستوى السياسي إلا أنها استراتيجيا تعتبر مكسبا وطنيا لأنها تؤسس لمرحلة جديدة تفتح أفقا أوسع للحريات والمشاركة والانتقال الديمقراطي السلمي والهادئ  والحضاري.   من هذا المنطلق فإن الانفراج يشكل مخرجا طبيعيا للجميع من علاقة متوترة ومتشنجة دامت سنين وكان الخاسر الأكبر فيها البلد وتطلعات شعبنا وتوقه للحرية.

        أن نراهن على الانفراج يعني أننا نراهن على نضج المعارضة وعلى مسؤولية السلطة ووعيها بضرورة التعجيل بخطوات انفراجية. أنه اختبار سياسي لن يتسنى تحقيقه إلا بقناعة وبمسؤولية جميع الأطراف.

                إن الدرس الذي يستنتجه التونسيون من دول الجوار، في التكلفة الباهظة لسياسات المواجهة والفشل الذر يع لخطط الاستئصال، وإن ما انتهت إليه المبادرات الوطنية الأخيرة من محاولات للمصالحة وطيّ صفحة الماضي رغم حدة الخلافات وعمق الجراح، إن كل ذلك يجعلنا نعجب لإصرار السلطة في بلادنا على إنكار الأزمة السياسية ورفض أي انفتاح على الخصوم وصمّ الآذان عن أي دعوات لمراجعة المسار ولتحقيق انفراج في الحياة السياسية.

إن من بيدهم السلطة يتحملون المسؤولية الكبرى في انزواء المعارضة إلى مربع الاحتجاج ودفعها إلى الإحباط والتشاؤم وربما التشدد، وعليهم يقع عبء المرحلة، وبإمكانهم قبل غيرهم، اتخاذ المبادرات قبل فوات الأوان، باتجاه تنفيس الاحتقان وفتح أبواب الأمل وإحلال التفاؤل بدل التشاؤم. فما هو مطلوب من السلطة للاستجابة لمطالب المعارضة والتفاهم معها، أيسر عليها بكثير وأقل تكلفة مما هو مطلوب منها إذا استمرت في محاصرة المعارضة وقمعها وتأجيل التغيير السياسي المستحق.

 الانفراج مرحلة انتقالية هامّة، قد تطول أو تقصر حسب أداء المعارضة وفعاليتها وقدرتها على الاستفادة منها والعمل من خلالها لدفع مسار الإصلاح نحو الديمقراطية المكتملة. وهذا يتطلب من المعارضة ضبط أولويّاتها في ضوء هذا الهدف، والتحلّي بالصبر وعدم الانزلاق وراء مزايدات أو استفزازات وامتلاك قدره تفاوضية عالية ومسؤولية تنم عن نضج سياسي وبعد نظر في تناول ملفات هامّة. ولعل في برنامج حركة 18/10 المتمثل في المطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين وتحرير الإعلام وضمان حرية التنظّم، أرضية جيدة للتفاوض في مطالب الانفراج.

 هذا الخيار الذي نقترحه يتطلع إلى التغيير الديمقراطي في أجواء من الانفراج والقبول بمبدأ التدرج مع الإبقاء على عنصر الضغط السياسي. مثل هذا الضغط ساهمت فيه عديد مكونات المجتمع المدني خلال الفترة الماضية (الرابطة, المحامون, القضاة, الجامعيون, النساء و الطلبة…) ويمكن أن يشارك فيه رجال الأعمال و هياكلهم مستقبلا، و إن بدوا اليوم كحلفاء للسلطة. و يمكن أن تمارسه أيضا منظّمة الشغّالين. هذا الخيار يستفيد من تضافر القوى و مراكمة الجهود، ويعزز الفعل السياسي للتأثير في الأحداث وكسب الفاعلية و تنشيط العملية السياسية.

خاتمة

إن حركة 18 أكتوبر على نواقصها المشار إليها فيما تقدم، تظلّ مكسبا للمعارضة وإضافة نوعية  للمجتمع وربما سابقة قد تؤسس لمبادرات مماثلة تحتاجها سائر البلدان العربية و الإسلامية. إن المتشائمين بمستقبل هذه الحركة بناء على ما يرونه من تناقض في الجوهر بين المكونات الفكرية واستحالة اللقاء بين العلمانيين والإسلاميين ، قد يخيب ظنهم .

 فمثل هذا اللقاء استراتيجي و تاريخي، وهو ثمرة لمراجعات فكرية عميقة في الفكر العربي والإسلامي على مدى العقود الثلاثة الأخيرة خاصة. . فعلى سبيل المثال سبق للمفكر المغربي المعروف محمد عابد الجابري أن تحدث في الثمانينات من القرن الماضي عما أسماه ” الكتلة التاريخية ” وهي تحالف وطني جديد يضم جميع القوى الفاعلة في المجتمع والتي من مصلحتها التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف الوطنية في التحرر والديمقراطية وتحقيق تنمية مستقلة،  لا يستثنى منها أي طرف من الأطراف إلا ذلك الذي يضع نفسه خارجها و ضدّها. ولم يستبعد في تحديده للقوى المرشحة لهذه الكتلة في بلد مثل المغرب،  العناصر التي تعمل داخل الهيئة الحاكمة و المقتنعة بضرورة التغيير في اتجاه تحقيق الأهداف التاريخية المذكورة .و أحسب أن مثل هذا التصوّر  يستوعب مشروع حركة 18 أكتوبر و يفتح لها أفقا ضمن مسار الإصلاح المتدرج والانفراج  الذي فصلنا فيه القول فيما سبق.

إن التوافق على هوية سياسية واضحة لحركة 18 أكتوبر، ودعم رصيد الثقة بين مكوناتها، وتدارك أسباب تعثرها، برسم أهداف قابلة للتحقيق وتعديل الخطاب، وتطوير القدرة على الاقتراح، عوامل كفيلة بفتح آفاق لتوسّع هذه الحركة، واقترابها من تحقيق أهدافها.


* ناشط حقوقي وسياسي ـ تونس

[1]    ـ  أحمد نجيب الشابي :  الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي

ـ حمة الهمامي       : الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي

ـ عبد الرؤوف العيادى: نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية

           ـ العياشي الهمامي   : رئيس لجنة الدفاع عن محمد عبو

           ـ لطفي حجي       : رئيس نقابة الصحفيين التونسيين

           ـ محمد النوري     : رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

           ـ المختار اليحياوي : رئيس مركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة

           ـ سمير ديلو        : ناشط حقوقي و سجين سياسي سابق      

[2] انظر النص الكامل للبيان بجريدة الموقف عدد 344 بتاريخ 27/جانفي/2006

[3]

·         أحمد نجيب الشابي ـ المنجي اللوز  (الحزب الديمقراطي التقدمي )

·         حمة الهمامي (حزب العمال الشيوعي التونسي)

·         عبد الرؤوف العيادي ـ فتحي الجربي ( حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)

·         البشير الصيد ( التيلر القومي)

·         أحمد الخصخوصي ( حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ـ الهياكل الشرعية )

·         زياد الدولالي (إسلامي) ـ سمير ديلو ( إسلامي)

·         لطفي حجي (صحافي)

·         محمد النوري  (الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين)

·         مختار اليحياوي ( مركز تونس لاستقلالية القضاء و المحاماة)

·         راضية النصراوي ( الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب)

·         جلول عزونة ( رابطة الكتاب الأحرار)

·         فتحي الشامخ( راد /أتاك تونس)

·         عبد القادر بن خميس( المجلس الوطني للحريات)

·         علي بن سالم (ودا دية قدماء المقاومين)

·         خميس الشماري (مستقل)ـ العياشي الهملمي( مستقل) ـ أنور القوصري ( مستقل)

·         الحبيب مرسيط ( مستقل) ـ مالك كفيف(  مستقل) 

[4] مقتطفات من نص:منتدى18 أكتوبر.مشروع أرضية

[5] الموقف عدد 348 بتاريخ 24 فيفري 2006

[6] كما يشير إلى ذلك بيان الهيئة بتاريخ 24 فيفري 2006

[7] انظر نص البيان، الموقف عدد 352 بتاريخ 24 مارس 2006

[8] الموقف عدد 396 بتاريخ 9 مارس2007


الرقابة على الكتب لا تصنع عقولا محصنة ضد التطرف

سليم الزواوي في أعقاب كل معرض كتاب يطرح سؤال لماذا تتكرر ممارسة الرقابة على الكتب؟ و الجواب وان كنت لا اعلمه من الجهات الرسمية فلعله يكون على النحو التالي: الرقابة على ما يدخل بلادنا من كتب إجراء وقائي غايته التصدي لكل الأفكار المحرضة على التطرف أو المسيئة لسمعة النظام أو المهينة للمقدسات الدينية أو القادحة في الأخلاق العامة. هذا الإجراء الرقابي ربما تكون مبرراته السالفة قابلة للتفهم لو أن القائمين عليه أثبتوا لنا نجاعته العملية في القضاء على الفكر المتطرف و الجميع يعلم مدى انتشاره في أوساط عديدة من الشباب، كما أن انتقاد النظام السياسي ليس أمرا يحرمه القانون حتى تلاحقه الرقابة في طيات الكتب و ما وراء السطور، أما عن المقدسات الدينية فلها رب يحميها وما ضر لو وجد كتاب أو اثنان وسط أطنان من المجلدات التمجيدية المسبحة باسم الله و التراث الديني، تبقى مسألة الأخلاق الحميدة و التي يربطها الضمير السائد بالموضوعات الجنسية عادة، فلا أظن أن الأفلام الإباحية المعروضة على الفضائيات بالليل و النهار قد أبقت أسرارا ومحظورات يمكن أن يبحث عنها البعض في القصص والروايات… في الحقيقة لا شيء اليوم يبرر استمرار الرقابة على الكتب، فالجهات الرسمية تملك التلفزة والإذاعة والكثير من المنابر في الصحافة المكتوبة، وهي جميعا أجهزة إيديولوجية قادرة على تشكيل العقل الجماعي وتحصينه من كل ما تراه مهددا للنموذج الثقافي الرسمي، هذا الأمر يتأكد كل يوم في ظل التراجع الملحوظ في معدلات القراءة واستهلاك الثقافة المكتوبة قياسا بطغيان مصادر الإعلام السمعي و البصري، و بعبارة أوضح الكتاب فقد قاعدته الاجتماعية المتحولة بأكثريتها إلى الصورة و بالتالي فإن الرقابة على الكتاب لا محل لها من الإعراب ضمن مشهد ثقافي تغيرت قواعد بناءه وأدوات تأثيره، إذا كانت الرقابة على الكتب فاقدة لأي مبرر موضوعي فما سر استمرارها إذن، وماهي فرضيات الرقيب وهو يمنع عنا هذا العنوان أو ذاك؟ قاعدة التنوير الذهنية و المؤسسة لأي وعي مستقل و فعال كما صاغها فيلسوف العقلانية كانط تقول بأن لا تجعل عقلك تحت وصاية أي مرجع سماوي أو أرضي، هل يمكن لي ولأمثالي أن يؤمنوا بهذه القاعدة التي من دونها لا قومة لعقلانية و لا تنوير، أن يؤمنوا بهذا المبدأ الحداثي وفي ذات الوقت أن أضع ثقتي المطلقة في رقيب لا اعرفه وأترك له المجال ليلغي عقلي و يفكر بدلا مني ومن ثم ليقرر لي ولأمثالي ماذا علي أن أقرأ من الكتب و ماذا علي أن اترك حتى لا أقع فريسة لفكر متطرف. هذا المنطق يتعارض بالمطلق مع أي سعي جدي لترسيخ ثقافة تنويرية و تقاليد فكرية مطبوعة بالحداثة و العقلانية، كما لا يمكن أن يكون وسيلة فعالة في مناهضة الفكر المتطرف و تحصين شبابنا من تياراته الجارفة، فالرقابة المسبقة على الكتب لا تصنع عقولا محصنة ضد التطرف بل أناسا ارتضوا التنازل عن عقولهم أو فرض عليهم ذلك بوحي من آخرين يملكون مشروعية التفكير نيابة عن الجميع، وهذا عين الفكر المتطرف الذي نحاربه دولة ومجتمعا مدنيا، فمن يخرجنا من هذا التناقض الذي يحشرنا في زاويته الرقيب فهو يناهض التطرف من جهة ونحن معه في ذلك ولكنه يقف على أرضه ويستعمل أساليبه و ينضوي في دائرته و ضمن منطقه من جهة ثانية. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 547 بتاريخ 19 ماي 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=10&id_article=1651


 

ردا على الاخ الهاشمي الحامدي

بسم الله الرحمن الرحيم يا أخي الهاشمي إني اخاطبك وسني لم يتجاوز بعد الثامنة والعشرين فخذ ذلك بعين الأعتبار !!!!!! إطلعت على مقالك الأخير ووجدت فيه رجلا يعطي لدينه الأولوية المطلوبة والتي يجب أن تكون ,لكن يا أخي شتانا بين ما تقول وبين أهداف السلطة في بلدك تونس . إن المشرفين على الإعلام في بلدك يخافون من ذكر شيء إسمه دين وقران حتي وإن حدث ذلك فهو من هفوة يسائل عليها من تفوه بها . -بلدك يا أخي الهاشمي لا مجال فيها للقول قال الله وقال الرسول لان ذلك من بوادر الأصولية عند أهل السلطة . -أخي الحامدي كنت أشاهد مبارة لكرة القدم وكانت الكميرا تتجول في المدارج تعرض اللحم العاري والشعر الأصفر والبشرة الشقراء دون سابق إنذار وقعت الكميرا على بنت متحجبة في المدارج وبلمح البصر إنقطعت الصورة ووقع تمرير صورة أخرى من كميرا أخرى.لا إلاه إلا الله ألهذه الدرجة نبذ الأسلام في تونس. أخي الهاشمي إياك ثم إياك إذا رجعت إلى تونس أن تقول قال الله وقال الرسول لانك بخطابك هذا أنت أصولي في نظر السلطة في بلدك : أخي الهاشمي أدع الله أن يفرج كرب المكروبين وهم المهمومين ولا تزين لهذه السلطة ال؟
محمٌد (المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا)، تصفح يوم 22 ماي 2007)  


تعقيب على إعترافات الأخّ الهاشمي في مشروع المصالحة

بقلم: عزالدين محمود المثل يقول **مصائب قوم عند قوم فوائد ** وفي حركة النهضة** فوائد قوم عند قوم مصائب** المصيبة القاتلة في حركة النهضة أنّها كانت متماسكة ولم يجرأ احد على رفع الرّاي المخالف والتنظير له وتأطيره في إطار مشروع مخالف داخل الحركة. عرفت حركة النهضة أنّها حركة مؤسّسات وتتخذ قراراتها بناءا على نتائج المشاورات والإجتماعات وتلتزم بالقرارات ولو بالنّصف زائد واحد مع قواعد بنيت علاقتها بالقيادة بالسمع والطّاعة. لكن في بعض الأحيان يتطلّب الرّأي الحكيم وليس رأي الأغلبيّة {قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} (33) سورة النمل لكن ملكة سبأ بلقيس كانت حكيمة وتقدّر المواقف فعملت بموقفها فأصابت. ما يهمّنا السّرد التاريخي الذي ذكره الأخ الهاشمي الحامدي وهو في قمّة الأهميّة رغم أنّ الرّجوع الى الوراء بدعة وليس فيه منفعة إلاّ للإتّعاض والعبرة. و من قبله الأخ الكريم فاضل البلدي يعلن أنّ في الحركة حدثت إنحرافات عند تصدّيها للهجمة ( تماشيّا مع تغيّر أسلوب النظام مع الحركة من محاصرتها وتقزيمها وإضعافها إلى خطّة إستأصالها ) لذلك إنسحب ومعه القياديين الشيخ عبد الفتّاح مورو وبنعيسى الدمني . تساءلات= لماذا الشّيوخ المنسحبين لم ينزلوا الى القواعد لإبداء أراءهم وتقويّة مواقفهم الرّافض للتصعيد؟ أليس لهم مسووليّة أمام الله في ما آلت إليه الوضعيّة ؟ لهم الفرصة للإستدراك. لماذا لم يقع التجاوب مع الأخّ الهاشمي الحامدي في مسعاه في سنة 98 ؟ يجب فتح إستجواب في الأمر . لماذا لم ينسحب من يرى في نفسه أنّه غير قادر على التماشي مع متطلّبات مصالحة يتمّ بموجبها إنقاذ الموقف ؟ وإن كان متاخّرا لماذا لم نكونوا صرحاء مع الدّاخل طيلة المحنة؟ لماذا لم يحاول أحد الإعلان عن تيّار داخل الحركة بمشروع مخالف لما هو موجود ؟ أليس في الإختلاف رحمة؟ لماذا عندما تظهر النتائج السّلبيّة نسمع الردّ المعتاد **إرتأت قيادة الحركة ** ولا يتحمّل المسؤوليّة أحد. لماذا …… لماذا …… لماذا…… لماذا؟ لماذا؟ لماذا نواصل السبّ والشتم وبدون طرح بديل لتأطّيره وتنضيجه. بل وصل تبادل الشتائم بين حفّاظ لكتاب لله من أبناء الحركة أبو عبدالله بو عبدالله وإبن الزيتونة . دعوة للجميع – لمن هو داخل الصفّ أو خارجه ومن هو مع تحسين الخطاب ولو بالمجاملة او ضدّ هذا الأسلوب. أن نكفّ عن السبّ والشتم و أن نطرح أراءنا بكلّ حريّة لتطوير الأطروحات والمشاريع. – الكفّ على مهاجمة الهاشمي الحامدي ونعم لمعارضته في بعض أفكاره ونقده لكن لا لقاعدة **ماعز ولو طارت ** لا لشيء إلاّ أنّه مستقيل من الحركة. لا قانونيّة لأيّ إستقالة ولا قانونيّة لأيّ قرار قبول إستقالة ولا قانونيّة لأيّ قرار تجميد كلّ القرارات إستثنائيّة . بماذا نفسّر قيادي مستقيل و يسعى الى خير الجماعة. نرفض كلّ ما يسعى له الهاشمي الحامدي لا لشيء الاّ أنّه مستقيل أو يسعى لمغانم. في النهاية لو وصل بنا الى حل المعضلة ورأى فيه النظام أنّه أهل لوظيفة ما في الدّولة ما الضّرر. ألم يوظّف النظام من خارج الحزب الحاكم و لا حتّى من المعارضة الموالين بل وظّف شخص عندما أعلن أنه يجب القضاء على المدّ الإسلامي من التعليم وفعلا وقع تدمير في تكوين الناشئة…….. وممّا أزّم وصعّد المواجهة حتّي أصبحت مواجهة بين السلطة والشعب التونسي بما فيه أنصار الحزب الحاكم. علينا أن نستنهض وكفانا مراهقة سياسيّة و ……. علينا أن نستجلب من أبناء الحركة للقيادة ولو بطريقة إستثنائيّة من يستطيع حسن إدارة المرحلة بخطى ثابتة لوقف نزيف الجرح وبداية صفحة جديدة ذات أبعاد مستقبليّة إستراتجيّة ؟ بالله عليكم أيّهما لأفضل أن نبدأ من الصفر من جديد أو أن نحافظ على رصيدنا السلبي – 99.99 إذا التغيير ملحّ وواجب أليس في التغيير ذوبان للعقد وإبعاد العقبات لطرح الجديد؟ نعم التغيير وفي جميع الحالات = لمن هو ناجح = ليحافظ على رصيده. لمن هو فاشل = ليعطي لغيره المحاولة. تغيير الأشخاص بنهج جديد وليس تغيير الأشخاص للمواصلة على نفس النهج. لا تغلقوا الأبواب. ما هو الخطر أو العيب لو نلعب على المكشوف أيّ كلّ قيادي له طرح أن يطرحه للنقاش والـتأطير والتطوير وكسب أنصار للمشروع قبل المؤتمر القادم. كنت دائما و لزلت مع الرّافضين التقييم والمحاسبة ظنّا منّي أنّه واجب علينا إنقاذ الضحايا من تحت العمارة المنهارة قبل الإجابة على السّوال من السّبب؟؟ لكن حسبنا الله ونعم الوكيل. والله المستعان (المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا)، تصفح يوم 22 ماي 2007)  


لم يسقط السّقف يا سماحة مفتي تونس

بقلم: عبد الغني الزغوانى لا يزال الشيخ يغطّ فى سبات عميق هو أشبه بسبات السكارى بعد أن تخور قواهم فيسقطون حيثما اتفق لهم السقوط ليغيبوا عن الوعي غيبوبة موحشة . هذا هو حال مفتى المملكة التونسيّة المحروسة ، وحاشا سماحته أن تكون سكرته لخمرة عاقرها، وإنّما هي سكرة على مذهب ابن الفارض ، فسماحته متيّم بإنجازات العهد الجديد، ذائب فى هوى ابن تونس البارالذى أعزّالله به الملّة وخضد به شوكة الغزاة ، والعاشق لايرى لمعشوقه سيّئة أبدا بل يرى أفعاله حسنات كلّها .ألا يكفى ابن تونس البار ذخرا أن جعل القرآن العظيم يتلى ليل نهار فى رحاب جامع الزيتونة المعمور، فلا ينقطع الذكر الحكيم عن المكان المبارك ! من غيره وفّق إلى مثل هذا الصنيع منذ الفتح الإسلامي إلى يوم النّاس هذا ؟ أيّ خدمة لكتاب الله أعظم من حشد القراء لتلاوته آناء الليل وأطراف النّهار؟ حتى وإن خلا المسجد من المصلين فإن السيّاح من أهل الكتاب – ومن غيرهم- قد تنشرح صدورهم لهذه التراتيل وهم يتجوّلون فى ساحة المتحف ، معذرة فى ساحة المسجد ! إنّها لنسمات أنس، وصحائف مجد تعيشها الزيتونة فى عهد التغيّير عزّ مثيلها فى ربوع الممالك الإسلاميّة . ولا يعكّر صفو هذا الأنس ، ولا يخدش ألق ذاك المجد إشاعات تبلغ سماحة المفتى أن القرآن أهينت حرمته ، واعتدي على مقامه فى سجون المملكة ! إنّ سماحته لا يلتفت بحال إلى هذه الإفتراءات المغرضة ليقينه أن شرط العهد الجديد أتقى الأمّة قلوبا! وأشدّها غيرة على الحرمات ! كما أن سماحته لايجد فى نفسه غضاضة من أن يجتهد وليّ الأمرفى فهم نصوص الكتاب والسنّة دون الرجوع إليه لأجل الإستئناس لكون وليّ الأمر حائز لآلة الإجتهاد ، فصمت سماحته عن التعليق على مسألة الحجاب الشرعى التى أثيرت من جديد هو تسليم وإقرار لوليّ الأمر ! ومن خصال مفتى مملكتنا انه وديع غاية الوداعة ، سمح غاية السماحة ، لا يطيش له حلم ، ولا يخرج عن طور ، هادئ لا يهزّه غضب ، عفوّ لا ينام على ضغن ، وإن أردتم الدليل على هذه المناقب فإليكم هذا الخبر : غير بعيد من مكتب سماحته انعقد مؤتمر رسميّ تحت عنوان (المنطق والإيمان من أجل التكافل الإنسانيّ) لم يدع إليه سماحته لآنشغاله بأوراده ودعي إليه جمع من جهابذة المؤمنين من اليهود والنصارى والمسلمين برعاية وزير التربيّة لدعم حوار الأديان فى مواجهة التطرف الإسلامى الحضور الأكاديميّ اليهوديّ كان بارزا من خلال التنظيم والمشاركة ممّا جعل صحيفة (معاريف) تهتم بمتابعة فعاليّات المؤتمر، الذى توقّعت له أن يكون مثيرا،ثوريّا فى طروحاته وهو الأمر الذى تحقق فعلا . لقد أصاب الذهول الصحفيّ اليهوديّ –بندرور يمينى- وهو يتابع مداخلات المحاضرين، وخصوصا محاضرة الكاهن الأكبر محمد أركون الذى افتتح محاضرته بإعلان صريح بأن بابا الفاتيكان كان على حق فى حين أن ردود المسلمين عليه كانت غوغائيّة، لأن مشكلة المسلمين حسب زعم أركون أنّهم (يمضون إلى الشوارع لا إلى المكتبات) . إذا لقد أصاب البابا عندما ساق ذلك الآقتباس المهين للمسلمين على لسان امبراطور بيزنطى فى القرون الوسطى يخاطب مسلما فارسيا قائلا (فقط أرنى ما أتى به محمد وجاء جديدا، عندها ستجد فقط ما هو شرير ،ولا إنسانيّ كأمره نشر الدين الذى نادى به بالسيف … لماذا إن نشرالإيمان بالعنف أمر مناف للعقل والمنطق فالعنف لايتفق وطبيعة الروح ) ، انفعال عجيب سرى فى كيان الصحفيّ وهو يستمع لهذا المفكر المحسوب على المسلمين وهو يوّجه سهام نقده إلى دين الإسلام ،فكتب منبهرا بما سمع : [ وهاهوذا أحد الفلاسفة واللاهوتيّين المهمين اليوم، البروفسورأركون، يعلن فى محاضرة افتتاح، فى عاصمة دولة إسلاميّة،أن البابا على حقّ. لم يسقط السقف ]. نعم لم يسقط السقف لأن سماحة المفتى كان مجتهدا فى الإستغفار فى خلوته أثناء انعقاد المؤتمر. ورحم الله الإمام ابن المبارك القائل : وما أفسد الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها (المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا)، تصفح يوم 22 ماي 2007)  

 

مــاتت أميــرة *

خــالد الطــراولي ktraouli@yahoo.fr لم تسكن قصرا في حياتها ولا عبرت ضواحيه ومدنه ، ولا ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، لم تر خدما ولا حشما ولم تكبر على أنغام السنفونيات و”بيانو” القاعة الزرقاء أو البنفسجية، تلك أميرة… أميرتنا صغيرة ولم تكبر، خرجت ذات صباح باكر، أو أرغموها على الخروج والاصطفاف في طابور طويل لاستقبال أحد الوزراء والترحيب به والتهليل لركبه المبارك وحلوله السعيد، كانت الشمس محرقة في هذه البوادي الطيبة من مصر الحبيبة، كانت أميرة مجبرة على الوقوف ساعات طوال حتى تضفي على اللقاء سمة البراءة والعفوية، لكن القدر لم يسعفها بحرارة اللقاء وأخذها بحرارة نحو لقاء ربها لعلها تشكو ظلم المناخ أو ظلم الأهل والعشيرة أو ظلم الوطن وظلم العباد… قصة أميرة ليست حالة فريدة في مجتمعاتنا وهي تعاد يوميا في مواطن الاستغفال والاستخفاف، طوابير طويلة يقع تجميعها وتصفيفها لاستقبال أصحاب الفخامة وأصحاب السيادة وحتى لعمدة البلد ومختار القرية، الجميع يبحث عن شرعية مفقودة غابت في صناديق مثقوبة، والكل يبحث عن مصداقية مغشوشة لم تزدها الأيام إلا سقوطا.. الكل يريد حبا وامتنانا وشكرا ولو من أيد صغيرة بريئة لا تفقه من الأمر شيئا ولو من أيادي مكرهة، ومن شفاه مغلوب على أمرها التبسم والرضاء. قصة أميرة تذكرني بأيام صباي حين كانت المدرسة تتوقف عن التدريس ويقع حملنا لتحية “المجاهد الأكبر” زعيم البلاد، كنا لا نهوى الخروج لا لضغينة نحملها ولا لكراهية نفقهها ولا لحسابات صغيرة أو كبيرة مع سلطة البلاد، ولكن يوم الخروج نفقد فيه الأكلة التي تسعفنا بها المدرسة فترانا نقف الساعات الطوال نلوح بالأعلام وبصور الزعيم حتى يمر ورؤوسنا ملئ بفقدان أكلة هذا اليوم وأغلبنا لم ير لا مجاهدا أكبر ولا أصغر لقصر قامتنا وقامة الرئيس..،فخسرنا الطعام ولم يعوضه رؤية الزعيم فيخفف عنا جوعنا وعطشنا،فكانت الخسارة مضاعفة! قصة أميرة هي قصة طفولة مهتزة، قصة براءة معدومة، قصة مسار مواطن في بلادنا يولد ليصفق ويعيش ليصفق ويموت بدون تصفيق..! قصة أميرة الصغيرة وهي تموت بين الصفوف تحت أشعة الشمس الحارقة، هي قصة وطن لم ينل فيه الصغير والكبير حبة من كرامة تذكّر القاصي والداني أنه إنسان. ماتت أميرة وذلك قدرها كما قال أحدهم ولكن قدرنا ألا نبقى على الرصيف في الظلام والشمس تشرق على الضفاف الأخرى ويعبر الطريق مارد من الجن لا يحترم إشارات المرور ولا حتى حالة الطريق التي تملأه الحفر والمطبات والهاويات. (*) أميرة طفلة صغيرة من صعيد مصر ماتت بضربة شمس لبقائها طويلا تحت أشعة الشمس الحارقة لاستقبال وزير التربية والتعليم (المصريون 19/05/2007) (المصدر: ركن “خواطر” موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net)


حاتم بن عثمان والجالية التونسية بقطر

بقلم  أبو أيمن حين يعلن أعلى هرم السلطة في خطبه ولقاءاته بالمسؤولين عن توصيات أو تعليمات فتلك ليست شعارات أو مجرد كلمات للإستهلاك الإعلامي وإنما هي قرارات عليا على الجهات المختصة ، وعلى كل مسؤول معني بذلك الأخذ بتلك التوصيات ومتابعة سير تنفيذها وهو ما نلمسه عادة في مختلف المجالات. ولعل من أكثر المواضيع إهتماما من لدن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي تأتي الجالية التونسية بالخارج في صدارة أولويات سيادته حيث لا تمر مناسبة إلا ويذكرها ويذكر بها ويوصي بضرورة الإحاطة بها والدفاع عن مصالحا والإصغاء لمشاغلها. غير أن بعض المسؤولين وخاصة أولائك الذين لم يستوعبوا معاني التغيير وفاتهم أن المسؤولية تكليفا وليس تشريفا لايعطون لتلك التوصيات أذنا ويعتبرون توصيات سيادة الرئيس من الدعاية السياسية لاغير بل منهم من يأتي بما يخالفها مع ما في ذلك من تداعيات ونتائج سلبية . وخير مثال على ذلك ما وصلت إليه علاقة الجالية التونسية بقطر والسيد حاتم بن عثمان ومن ورائه منظمة التربية والأسرة من توتر وإنعدام للثقة والإحترام وذلك بسبب الاسلوب البدائي والمتخلف الذي تعامل به رئيس منظمة التربية والأسرة مع جالية بأكملها، بداية من تعمده تعيين شخص لا تتوفر فيه أدنى مواصفات المربي من حيث المستوى التعليمي والأخلاقي مرورا إلى التغاضي عن سوء تصرفه والتستر عليه ورفض البحث في التهم الموجه إليه والمدعومة بالأدلة والبراهين، وصولا إلى الطريقة المشبوهة التي مكنه بها بعد إقصاء الأولياء من الإنفراد بتسيير مؤسسة تربوية كبيرة وعريقة تقارب ميزانيتها المليارين دون أدنى حسيب أو رقيب سوى بعض الزيارات الصورية التي يقوم بها بعض أعضاء منظمة التربية والاسرة إلى قطر بدعوى التفقد والمراقبة كلما علا صوت الجالية بالشكوى والتذمر من التجاوزات المالية والإدارية  المفضوحة حيث تنتهي هذه الزيارات عادة بتقرير شكلي والعودة إلى تونس بكمية من الهدايا والعطايا ناهيك عن المصاريف والتكاليف المصاحبة من تذاكر سفر وإقامة في أفخر الفنادق بالدوحة وكل هذا طبعا من خزينة المدرسة التونسية بالدوحة وبالتالي جيب الولي، حتى أن كرم المدرسة كان حاتميا في آخر زيارة لوفد منظمة التربية والأسرة إلى قطر حيث شمل زوجة كاتب عام المنظمة البشير كريم التي كانت ضمن وفد لجنة تفقد وزيارة المدرسة قبل أن تختم ضيافتها بزيارة الأماكن المقدسة لأداء مناسك العمرة (عمرة مقبولة بإذن الله، فكرم الضيافة واجب وجيب الأولياء سداد).        الآن وبعد ان ثبت فشل سياسة فرض الأمر الواقع التي إنتهجها السيد حاتم بن عثمان على الجالية التونسية بقطر، ووصله رد أولياء تلاميذ المدرسة بالدوحة الواضح والصريح خلال إجتماعهم بوفد تفقد المدرسة !!! وما أعقب ذلك من ردود لايزال صداها إلى الآن في صفوف أبناء الجالية الذين زاد إصرارهم على إيصال صوتهم إلى مسؤولينا في تونس وعلى رأسهم سيادة رئيس الجمهورية لإيقاف العبث بمدرستنا وبمستقبل أبنائنا ليس آخره إستمرار المنسق العام للمدرسة لمسلسل تجاوزاته الذي لا ينتهي وتوظيف مكتسبات المدرسة في خدمة مصالحه من ذلك على سبيل الذكر وإضافة لما سبق ذكره في شكاوى الأولياء تمكين العديد من المقربين والمقربات منه ومن زوجته من خارج الموظفين بالمدرسة من كفالات مزيفة على ذمة المدرسة خلافا لقوانين الإستقدام والكفالة بدولة قطر مقابل بعض الإكراميات وقضاء بعض الشؤون الخاصة. لقد أصبحت المدرسة التونسية بالدوحة رهينة بيد المنسق العام محمد الشعار ومن ورائه بعض المسؤولين بمنظمة التربية والأسرة في تونس على رأسهم الكاتب العام الغني عن التعريف البشير كريم الذين وجدوا في المدرسة التونسية بالدوحة وفي غياب السفارة التونسية بقطرفرصة سانحة للتصرف في مقدراتها بكامل الحرية ولتوظيف معارفهم بها. وحتى تظهر الحقائق التي تحاول منظمة التربية والأسرة التستر عليها وطمسها وينال كل شخص جزاءه ، فإن الجالية التونسية بقطر، تناشد سلط الإشراف في تونس وعلى رأسها سيادة رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي التدخل والإذن بفتح تحقيق فيما حصل ويحصل بالمدرسة التونسية بالدوحة من خلال لجنة محايدة وبعيدة عن تأثير منظمة التربية والأسرة وأعضاء هيئتها وهو ليس بالشيء العزيز على حكومة صانع التغيير .

عجزت حقيقة عن وصف هذه القلوب

و خجلت أمام غيرنا من الشعوب

فأخرجت المقال

بدون عنوان

كتبه : عبدالحميد العدّاسي. 

الذي يحكي هو عبدالله الزواري ذلك الذي انتدبته السلطات التونسية للمرابطة بضواحي مدينة جرجيس غير بعيد من جزيرة جربة التي شهدت هذه الأيّام توافدا من ” الأصدقاء ” الإسرائيليين لم يسبق له مثيل حسبما بيّنت وسائل الإعلام . و عنوان المقال محشوّ بالإغراء فهو يتحدّث عن رحلة تربط بين منطقة رجيم معتوق الصحراية و منطقة القيروان ( الهوارب ) ، قد ينتظر منها القارئ تأليفا بين ما أشيع من قصص عن ذياب الهلالي و بين ما صحّ من سير عن عقبة بن نافع و قد يرجى منها مقارنة بين كرم أهل الرجيم و أهل نفزاوة جميعا  خاصّة و قد صادفت الرحلة في بعض مراحلها موسم جني التمور الممتازة هناك و بين كرم و فروسية أهلنا في القيروان فهم حرّاس البوابة الأولى للإسلام العظيم الذي جاء به خير الأنام محمّد صلّى الله عليه و سلّم .

جلست إذن أمام الشاشة و بدأت أعيش فصول الرحلة ، غير أنّ نفسي بدأت تنقبض ، فالطريق كثير الوحشة ، و عبدالله و آله الذين سبقوه أو التحقوا به في مختلف الأماكن التي نزلوا بها ضيوفا لم يفلحوا في ” اختيار ” القوم لصحبتهم ، فلم يكن منهم مَن يحكي سيـرة عقبة و أحفاده و لم يبرز فيهم من يذكّر بفروسية أو مروءة أو رجولة أو كرم أو شهامة أو طهر أو حياء أو غيرة أو منعة.

أكبرت في عبدالله شجاعته و جرأته و استعظمتهما عند آله ، فعبدالله ما فتئ ينبّه إلى أنّ ما صادفه في الطريق ذليل أمام الذي صادف أهله من الرجال الصادقين . انتبهت إلى أنّ الرحلة لم تحمل شيئا ممّا ارتجيته في المقدّمة فعدّت لأدقّق من جديد في العنوان الذي كتب تحته عبدالله فوجدته : ” مِن رَجِيمٍ مَعتوق إلى الهوارب ” ففهمته ترميزا إلى إرسالية من شيطان رجيم أعتقه إبليس إلى مكان تهرب منه الرحمة و الإنسانية و القوانين و الديانات و الأعراف لتترك وراءها القسوة و الوحشية و الكفر و الفوضى المطلقة.          فهمت أنّ عبدالله و آله قد تناولتهم أيادي شيطانيّة اشتدّ عودها في غياب أحفاد عقبة رضي الله عنه ….

كنت أقرأ و أعايش عبدالله و اخوته في كلّ شيء ، فأتألّم لصفعته و أحسّ بقيده في يديّ و يقرصني البرد الإسمنتي المتسرّب إلى جسمه و أشمّ رائحة عرقه الزكيّة ( هي عند الله كذلك بإذن الله فهي و خلوف الصائم في سبيل الله ) ، محاولا الصمود و المواصلة غير أنّ شيئا قد كشف خوري و انهياري فقد انفلتت مياه العين مالحة ميمّمة لحيتي تروي شيبتها دون إذن منّي … فعبدالله لا يكتفي بالحديث عن شأنه و شأن إخوانك الجبال الرّجال معه فحسب بل يتطرّق إلى الحديث عن أمّنا أمّه ، و كيف قست قلوب القوم و هم يعاملونها و ابنها الذي يروي ” طلبوا منا الابتعاد عن السجن…فقضينا الليلة الماضية في العراء أمام دكان… و أنت تعلم كيف كان الطقس البارحة…لم ننم إلا قليلا ، ومنذ الثامنة صباحا ونحن أمام السجن في انتظار الزيارة… و صدق الله العظيم : “ ثمّ قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة ، و إنّ من الحجارة لما يتفجّر منه الأنهار ، و إنّ منها لما يشّقّق فيخرج منه الماء ، و إنّ منها لما يهبط من خشية الله …” فهؤلاء يحبسون الماء المتفجّر و يقطعون الماء المتدفّق ثمّ لا يتأثّرون لذلك و لا ينحنون لله و لا يخشونه … أبكاني كذلك ما نال اللواء قلاّل ليس لانحياز منّي إليه على حساب بقية اخوة عبدالله و لكن لأنّي أعلم أنّ عبدالله و لطفي و غيره من الأسود قد تحوّطوا لما ينتظرهم عند هؤلاء الساقطين من أوّل يوم عزموا فيه على رفع راية الدفاع عن الحريّات ، غير أنّي لا أحسب أنّ اللواء القلاّل – وهو في عرينه – قد خطر بباله أنّ بعضا من جِرَاءِ ( جمع جرو ) الكلاب الذين تعوّدوا التردّد على فضلات مائدته قد يفكّرون في النباح على ظلّه ، فقد عُرف الرجل بتفانيه و انضباطه و إخلاصه الشديد إلى المؤسّسة و نظافته و حسن سمته ، و لعلّ ذلك ما جعل العاجزين يرتقون هامته بعد الحبس …أبكاني كذلك موقف سكّان ” بيت الصغار ” من الصغار الكبار الذين تحدّوا تعليمات السجن و السجّان فباتوا يتنافسون الخير في عبدالله . بكيت و أنا أرى فيهم تحقيق وعد ربّي : ” و من يتّق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب و من يتوكّل على الله فهو حسبه..” بكيت و أنا أرى بعضهم وقودا لجهل الجاهلين ، فمجموعة من جرحيس و أخرى من أريانة و ثالثة من قفصة و رابعة من دوار التليلي و ثلّة من الجامعات التونسية جميعها كلّهم يستنزفون من قبل مغتصبي الحريّة ….

أخي عبد الله لولا حاجة التاريخ لتوثيقاتك لطلبت منك الكفّ عن سردها…. فقد أدمت هذه الحلقة القلوب ، و فجّرت بالدموع العيون و زهّدت في وجود محاور يقبل منّا الكلمة الطيّبة النفوس ، إذ كيف يكون ذلك و اللواء لا يسمع و لا يرحم حتّى من كان على شاكلته لواء!… فوفّقك الله ، و معذرة لتونس ممّا يفعله بها مَن ليس من نسلها بعد أن ” مات ” كلّ من كان مِن جندها دفاعا عن مقدّساتها !…

TUNISNEWS

6 ème année, N° 1846 du 09.06.2005

 archives : www.tunisnews.net


بسم الله الرحمان الرحيم                                                            تونس في 22/05/2007

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين 

الرسالة رقم 236                                              

على موقع تونس نيوز    

 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري .رئيس

  شعبة الصحافة الحزبية سابقا         

 

رسالة للتاريخ

حول الأمانة و تقدير المسؤولية و تكريس

المصداقية على أرض الواقع

تعرضت في الرسالة التي وجهتها إلى عناية السيد الوزير الأول الأستاذ محمد الغنوشي . إلى موضوع التشغيل و ما أدراك ما التشغيل و أطنبت في الحديث على بعض مظاهر التبذير في مادة البنزين الذي ارتفع في الاعوام الأخيرة بدرجة مهولة عالميا و إقليميا و محليا.

و تحدثت على بعض العينات في مظاهر التبذير منها توزيع كميات هامة شهريا تصل إلى ألف لتر في الشهر أي ما يعادل ألف و مائة و خمسون دينارا في الشهر الواحد و المعدل قرابة 400 لتر لكل مسؤول سامي . و هناك مظاهر أخرى للتبذير أشرت إليها في الرسالة المفتوحة عبر موقع الأنترنات تونس نيوز للتاريخ.

يقول البعض لماذا الحديث عن هذا الموضوع بلغة الصراحة و الصدق و الوضوح و الجرأة و لماذا لم يصمت الإنسان و دبر روسهم كما يقولون. حتى إن أحدهم قال لي أش يهمك خليهم يفعلوا و الباقي في الدار يدفع الكراء . و قال لي أحد الأوفياء و الزملاء القدامى و هو أيضا صاحب قلم يا أخي الهاني أنت تكتب بجوارحك و بصدق و إخلاص و حبا للوطن وبرا بالشعب . و بعضهم يعتبر كلامك هذا مقلق لهم و باللغة الدارجة . يقولون أش يهموا…، و بعضهم يقولون هذا يشوش علينا . هذه نصيحة صديقي ضحكت من كلامه و قلت له يا أخي الوفي إذا كل واحد منا يقول أش يهمني و لي باقي في الدار يدفع الكراء و اغرم زمانك . و اصمت و لا تكتب إذا من هو صاحب الدار و من هوالوطني و من هو المواطن الصالح . و من هو صاحب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. و من هو المناضل الوطني الذي يحب وطنه و يغير عليه و على مكاسبه و انجازاته…، و قال لي صاحبي كلامك مقنع للغاية و وجيه و لكن أنت تعرف الظروف و الأمور أصبحت على هذا الشكل و اللي يقول الحق يجد صعوبة و إحباط…

ابتسمت لرفيقي و قلت له الدنيا مازال فيه الخير و لا تنسى حديت سيد المرسلين صلى الله عليه و سلم الذي قال الخير في و في أمتي إلى يوم القيامة صدق رسول الله.

اقتنع صاحبي الوفي و قال لي أشد على يديك و أدعوا الله القدير أن يكلل مساعيكم بالنجاح و التوفيق و السؤدد هذه قصة من الواقع نعيشها صباحا و مساء .

و مصدرها كما أسلفت الخوف و ثقافة الخوف و نعود إلى موضوع الأمانة و المصداقية .

فنشير إلى أن أعظم ميزة يتصف بها الإنسان هي ميزة الأمانة و الصدق فإذا كان الإنسان يتصف بأخلاق الأمانة و مضمونها و مفهومها و متمسكا بالصدق و العهد و الوعد فأشهد بأن هذا الرجل من أهل اليقين و من أهل السعادة و من المؤمنين الصادقين يكتب عند الله من الصديقين لأن الصدق و الأمانة خصلتان عظيمتان هما الأصل و المضمون و الجوهرة في كل شيء و أذا فقد الإنسان الخصلتان فلا حول و لا قوة إلا بالله .

نرجوا أن يتصف المسؤول بالمصداقية و الأمانة – حتى إذا وعد أنجز وإذا نطق صدق و إذا قال فعل  و كيف تفسرون مسؤولا وعد و التزم و لم يوفي بوعده و عهده و هذا ما حصل يوم 2 أفريل 2007 مع مسؤول بعد إن ابتسم و انشرح  و كان كلامه جميل و حديثه رقيق و ابتسامته عريضة لكن مع الأسف وعده ضعيف و عهده تبخر مع الشهر الرابع لو كانت المقابلة يوم غرة أفريل لقلت لعل تكون …، و ربما كان يوم غرة أفريل يوم الأحد فأجل الكلمة إلى اليوم الموالي…، تذكرت في هذه اللحظة و أنا أكتب هذه الخواطر أن الرئيس قال عام 1988 لمواطن تونسي صرخ و هتف بحياة بن علي رد عليه الرئيس بعد التغيير قل تحيا تونس و قال مرة أخرى في إشارة لمعاناة المواطن من الإدارة و كلمة أرجع غدا أكد أن قاموس هذه الكلمة يجب أن تلغى من قاموسنا الإداري .

كلام جميل لكن هل كان له صداه و تأثيره في القلوب و في السلوك اليومي و في العمل و الأمانة أم كلام لم تستوعبه بعض الأشخاص اللذين يتشبثون بعقلية الأنانية نرجوا فهم مضمون هذه الرسالة و مغزاها.

و ختاما أسأل المسؤول الذي وعدني يوم 2 أفريل 2007 لو كان وعده لإبن ولايته أو قريب المسؤول الأول هل يتصرف كما تصرف معي و بدون تعليق قال الله تعالى كبر مقتا عند الله  أن تقولوا ما لا تفعلون        

                     صدق الله العظيم               

    محمد العروسي الهاني

 

 
رهانات… يسارية
بقلم: برهان بسيس  تسعى حركة التجديد وريثة الحزب الشيوعي التونسي إلى دخول مرحلة تأسيس جديدة لما دأبت أدبياتها السياسية على تسميته بالقطب الديموقراطي التقدمي الذي يمثل تحالفا يساريا واسعا طالما عبرت حركة التجديد عن طموحها لبعثه عبر استقطاب شخصيات يسارية مستقلة على أرضية برنامج يساري اصلاحي يلخص مطالب هذا القطب الثالث الباحث عن التمايز عن أطروحات الحزب الحاكم وأطروحات تحالف 18 أكتوبر الذي أدمج ضمنه التيار الأصولي بما أطلق في صفوف عديد اليساريين كمّا من الاحترازات والشكوك تجاه تحالف أكتوبر وخلفيات فاعليه. الأكيد أن مشروع التجديد لم يولد هذه الفترة بالذات بل مثل تواصلا لنفس السعي الذي قاد اليسار المعتدل منذ السنوات الأولى للتغيير في تونس وهو يقف على حجم الاستقطاب الثنائي الحاد الذي طبع الحياة السياسية حينها بين التجمع الدستوري الديموقراطي الخارج لتوّه من عملية انقاذ وتجديد أهلته لإعادة بناء نفسه والتقدم للساحة السياسية كمؤتمن على مشروع الرئيس بن علي وبين الحركة الأصولية الصاعدة والمستفيدة حينها من قرارات العفو والتسامح التي أطلقتها القيادة الجديدة بالبلاد. وجد لفيف واسع من اليساريين نفسه في تلك الفترة على هامش الحراك السياسي وخارج دائرة رهاناته الحقيقية المؤثرة عدا الاقتصار على لعب دور تنشيط الجدل السياسي عبر أدواته التقليدية المتجولة بين البيان والعريضة والمقالة، منهم من اختار بوضوح قطب الحزب الحاكم سواء عبر الاندماج الصريح والمعلن فيه أو التحالف معه ومنهم من بقي على خط الطموح لتأسيس قطب يساري مستقل يقدم للساحة السياسية طريقا ثالثا مغايرا. اليوم، الآن وهنا تغيّرت عديد المعطيات وتغيّرت معها مورفولوجيا الحقل السياسي التونسي بأكملها لينسحب منها فاعلون ويدخلها آخرون ولتتغير معها مقاييس وبرامج وزوايا ولكن ذلك لم يمنع السيد محمد حرمل ورفاقه من إعادة إطلاق نفس البرنامج بناءا على مراكمة سابقة في مجال الاستقطاب وادماج الشخصيات المستقلة عبّرت عن ذروتها من خلال مشروع المبادرة الديموقراطية التي تقدمت للانتخابات التشريعية والرئاسية السابقة. وبغض النظر عن حظوظ نجاح المشروع الجديد الذي سيفيد في حال تحققه لا فقط طموح «التجديديين» بل ومجمل الحراك السياسي بالبلاد بدعم حيويته عبر تنشيط قوى اقتراح وادماج طاقات سياسية وفكرية في مسار صياغة وبناء الشأن العام وتحميسها لمغادرة موقع المعاينة «الافلاطونية» والتقدّم للمساهمة في رهان صراع الأفكار والبرامج الكفيل وحده  باخصاب النقاش والجدل وشدّ الأجيال الجديدة إلى معاني الالتزام الوطني العقلاني والوسطي والمسؤول، الواقي من كل مظاهر الانحراف نحو التطرّف، بغض النظر عن حظوظ النجاح فإن ما يمكن لمتابع لطموحات المشروع الجديد من خارج دائرة الحماس التي يفرضها الاندماج والاقتراب التنظيمي سوى أن يلفت انتباه أصحاب المشروع إلى ضرورة إيلاء التحوّلات الطارئة على بنية السياسة والمجتمع في بلادنا وفي محيطنا العالمي أهميتها في جعل المشروع عقلانيا، موضوعيا قادرا على التوليد الحقيقي لا فقط انتاج النوايا الحسنة. يصعب فعلا تخيّل يسار قوي ببنية تنظيمية صلبة واشعاع جماهيري واسع ولا أعتقد أن أحدا يملك مثل هذا الوهم لأسباب متعلقة بالسوسيولوجي والسياسي محليا واقليميا رغم جرعات الأمل والتفاؤل لدى بعض اليساريين تلك التي تحملها رياح الصعود اليساري الآتية من بعيد، من قارة «بوليفار» و«بيرون» وهي جرعات لا يمكن أبدا سحبها على سياقاتنا المختلفة جذريا، لكن أمام المشروع في اعتقادي الخاص فرصة أخرى ثمينة توسّع دائرة الطموح وتجعله أكثر موضوعية لو ينجح في فهم حدوده الذاتية وحجمه الموضوعي ويقف بكل دقة على رصيد قوته ومكامن ضعفه. الأهم في رأيي من السعي إلى إقامة قطب سياسي في ظل عوائق مثبطة ظلت مرافقة لتجربة اليسار التاريخي في بلادنا وممتدة إلى اليوم، هو أن يتجه التفكير الى الاستثمار في القوة الحقيقية التي يملكها اليسار كمشروع وتصور، الاستثمار في القلب النابض الحي والمحرك الأقوى للفكرة اليسارية أي الثقافة بمعانيها الجمالية الخلاقة، هنا مكمن القوة في مشروع اليسار، الذي طالما كان مصدرا لحسد خصومه، لأنه كان يسارا خلاقا وكبيرا في المعرفة والفكر والفن بقدر ما كان مجدبا، متآكلا وصغيرا في السياسة. إذا ما كان لليسار من تحدّ في الجمع والاستقطاب الجبهوي فعليه بفنانينه وسينمائييه وشعرائه وأدبائه ونقاده وكتابه وفلاسفته ورساميه ومسرحييه قبل ساسته لأن قلب التمثل والإضافة في مشروع اليسار محليا وعالميا هو قدرة أجيال مثقفيه المتحررين من الكوابح التنظيمية وأوهام المركزية الديموقراطية عقيدة حزب الطبقة العاملة بصيغتها الستالينية الجدباء، قدرتهم على أن يجعلوا للفكرة اليسارية تألقا وغواية ويفرضوا الاحترام لها حتى على خصومها الأشد بأسا واختلافا. تتردد على المسامع وفي النصوص كلمات شارل ديغول أب اليمين الفرنسي المعتدل وهو يؤبّن لويس ألتوسير ويأسف لرحيل عقل من عقول فرنسا الجبارة أو وهو غاضب لإيقاف جون بول سارتر المتجوّل بنصّه الفلسفي بين صفوف الشباب الثائر على قارعة طرقات باريس المترنّحة بين عصيّ طلاب الجامعات الهائجين ذات ماي 68 وغازات الشرطة لتفريق المظاهرات. أرصدة اليسار الحقيقية لا توجد بين أسماء ساسته الذين توارت تجاربهم في التاريخ بخيباتها وانكساراتها، لا توجد مع لينين أو ستالين أو تروتسكي أو ماو أو خوجة أو تولياتي أو مارشيه بل توجد مع غرامشي وسارتر وماركيز ونيرودا وبيكاسو وتيودوراكيس، ومورافيا وبازوليني وألتوسير وفوكو ودرويش ويوسف شاهين ومعين بسيسو ومحمد شكري وغيرهم من المبدعين تماما بمثل ما تنطبق الصورة محليا بما يجعلني منحازا إلى فكرة بسيطة أخالها لو تحققت أهم نسبيا من نجاح يساريي بلادي في تأسيس جبهة سياسية جديدة: ان تلتئم عزيمة اليساريين ليعيدوا من جديد إصدار مجلة أطروحات. الثقافة هي المستقبل لأنها الأبقى!!! (المصدر: ركن “البعد الآخـر” بجريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2007)


الموسيقار سمير العقربي على رأس مصلحة الموسيقى بالإذاعة والتلفزة الوطنية: التسميــة والـــدلالات
تونس ـ الصباح لا يعتبر الفنان الموسيقار سمير العقربي واحدا من أنبغ الموسيقيين التونسيين من ابناء جيله وأكبرهم موهبة ـ فقط ـ وانما ايضا الوحيد من بينهم ـ ربما ـ الذي يملك مشروعا فنيا بالمعنى التقني والثقافي  للكلمة. فهذا الموسيقار المثقف والموهوب والذي ساهم بألحانه التي وضعها في جعل الاغنية التونسية تعرف فترة ازدهار نوعي وحقيقي على امتداد عشرية الثمانينات من القرن المنقضي وهي العشرية التي اصطلح على تسميتها بـ«الفترة الذهبية» في تاريخ الاغنية التونسية الحديثة يبدو بالتأكيد لمن يعرفه سواء من خلال طبيعة اعماله الموسيقية الغنائية او على مستوى فلسفته» في الحياة وطريقة عيشعه و«سقف» مطالبه وطموحاته المادية وكأنه مشروع «راهب» ومجدد نذر نفسه وفنّه وموهبته لصالح تقديم الاضافة الفنية في مجال الاغنية والموسيقى مقتفيا في ذلك اثر اعلام موسيقيين كبار في تاريخ الاغنية والموسيقى من امثال خميّس ترنان وسيد درويش وغيرهم.. ففي الوقت الذي انصرف فيه بعض  ابناء جيله من الموسيقيين التونسيين الى اقامة المشاريع التجارية ـ مثلا ـ (فتح مقاه ومدارس تعليم موسيقى..) وفي الوقت الذي انتبه فيه البعض الاخر منهم الى ضرورة «التموقع» في بعض المناصب الادارية (ادارة وتدريسا) او استغلال النجومية الفنية لتكوين «الثروة» وكسب الملايين من خلال اقامة الحفلات العامة كان الفنان  الموسيقار سمير العقربي منخرطا  من جهته بالكامل في «حلم» الاجتهاد من اجل المساهمة في الارتقاء بالخطاب الموسيقي الغنائي التونسي واثرائه وتطوير مضامينه اداته في ذلك «التجريبَ» والبحث من خلال الاشتعال على الموروث الموسيقي والغنائي والانشادي ـ لا فقط ـ التونسي بل والمغاربي عموما في جميع مظاهره.. فقد رأيناه مثلا ـ من بين ما رأيناه ـ يشترك مع المسرحي الفاضل الجزيري في انتاج عرضي «النوبة» و«الحضرة» الشهيرين كما رأيناه ـ ايضا ـ في وقت من الأوقات يكوّن مجموعته الموسيقية الخاصة الفقيرة ـ في شكلها ـ (ثلاثة منشدين وعازف ايقاع وسمير العقربي مغن وعازف على الكمنجة) ليجوب بها بعض المهرجانات الصيفية غير الدولية وليغني من خلالها  للعمال والفقراء والموت والحياة من اشعار الصغير اولاد أحمد والمرحوم منور صمادح. واليوم اذ يعلن رسميا عن تسمية الفنان الموسيقار سمير العقربي على رأس مصلحة الموسيقى بمؤسسة الاذاعة والتلفزة الوطنية فليس معنى ذلك ـ بالتأكيد ـ عند من يعرف سمير العقربي ان هذا الفنان سينزع عنه جبة «النضال» من أجل اغنية تونسية جميلة وأصيلة وذات معنى وانه سيتحول فجأة الى «مدير» بالمعنى البيروقراطي والاداري السلبي للكلمة.. فهذه «اشياء» لا يمكن ان «تركب» على شخصية هذا الفنان المعروف بهوسه وعشقه للموسيقى بوفائه وحبه للأغنية التونسية والمغاربية ـ عامة ـ وانها ستكون مجرد «موقع» او «خطة» وظـيفية ـ كما يحلو له ان يسميها ـ يواصل انطلاقا منها جهوده بكل كفاءة واقتدار من اجل خدمة الموسيقى والاغنية التونسية ـ لا اكثر ولا اقل . ايضا تمثل تسمية الفنان الموسيقار سمير العقربي على رأس مصلحة الموسيقى مؤشرا اضافيا على ان كفاءاتنا الشابة والموهوبة والمثقفة في مختلف المجالا ـ عموما ـ قد بدأت تجد طريقها التي هي جديرة به الى مواقع القرار والتسيير والادارة.. فها أنه وفي مجال الموسيقى تحديدا نجد الفنانة سنية مبارك على رأس ادارة مهرجان الموسيقى التونسية وها ان الاستاذ والموسيقار الشاب زياد غرسة على رأس  ادارة فرقة المعهد الرشيدي وها ان سمير العقربي ـ اخيرا وليس آخرا ـ على رأسم مصلة الموسيقى بمؤسسة الاذاعة والتلفزة الوطنية. محسن الزغلامي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2007)  


معالجات نقدية لتجارب مختلفة في القصة والرواية في تونس وليبيا

تونس ـ القدس العربي ـ من شمس الدين العوني بالتنسيق بين مجلس الثقافة العام بالجماهيرية الليبية والمركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس تنطلق يوم الاثنين 21 من الشهر الجاري ندوة ادبية ونقدية يلتقي خلالها وعلي مدي ثلاثة ايام عدد من النقاد والقصاصين والروائيين من تونــس وليبيا وعدد اخر من الضيوف من الجزائر والمغرب ومصر والاردن وفلسطين وسورية لتدارس الشأن السردي في تونس وليبيا من خلال عدد من البحوث والمداخلات العلمية حيث يتم تقديم مداخلات حول اعمال علي مصطفي المصراتي وخليفة الفاخري وابراهيم الدرغوثي وصـــــلاح الدين بوجاه وآمال مختار وفوزية شـــــلابي ومحمد المسـلاتي وحسن نصر والحبيب السالمي وحسونة المصباحي وابرا هيم الكوني والحبيب براهم وفوزية العلوي ورشيدة الشارني واحمد ابراهيم الفقيه وعبد الله القويري ويوسف الشريف. ويقدم المداخلات عدد من النقاد والكتاب منهم احمد عمران ولسعد بلحسين وحاتم الفطناسي وخالد الغريبي ورمضان سليم وظافر ناجي وكمال الرياحي وعادل خضر وفريدة النقاش وعمرخليفـــة ومحمـــد الزيات ومحمد الخبو وحمد البدوي ومحمد الزيات ومحمد الغزي ومحمد القاضي ومحمود طرشونة وواسيني الاعرج. ويحضر هذه الندوة الكبري كل من نبيل سليمان ووليد اخلاصي وماجد السامرائي كضيوف شرف ويقدم الاستاد احمد السالمي مداخلة حول القصة والرواية في تونس وليبيا في حين تكون للروائي ورئيس اتحاد الكتاب بتونس مداخلة بعنوان ادبية الازدواج بين الرواية العربية والرواية المكتوبة بالفرنسية. وتعد هذه الفعالية من اكبر الندوات المعنية بالسرد في البلدين وستتم علي هامشها انشطة ثقافية اخري في المجال التشكيلي والموسيقي. وللعلم فان مجلس الثقافة العام بالجماهيرية يصدر كل سنة عددا من الاعمال الروائية والقصصية فضلا عن الدواوين الشعرية والمؤلفات الاخري في المسرح والنقد وادب الطفل وفق برنامج يشمل ادباء وكتاب ليبيا وينتظر ان تصدر اعمال هذه الندوة المشتركة في كتاب، كما يعمل المركز الثقافي بطرابلس بادارة الاستاذ احمد السالمي علي تنظيم عديد الفعاليات والانشطة الثقافية سعيا لتوطيد علاقات الابداع والتواصل بين ادباء ومبدعي البلدين تونس وليبيا. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)
 


وفاة المناضل المغربي ادريس بن زكري احد اشهر المدافعين عن حقوق الانسان

الرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف اختارت النخبة السياسية المغربية ادريس بن زكري، الناشط الحقوقي الذي رحل الاحد، شخصية عام 2004 في استطلاع رأي اجرته اسبوعية مغربية. واسباب الاختيار كانت متعددة، لكن السبب الرئيسي الذي جعل بن زكري شخصية العام ان الرجل، بصفته رئيسا للجنة الانصاف والمصالحة اختتم تلك السنة بجلسات علنية تبث مباشرة علي شاشة التلفزيون الرسمي وامواج الاذاعة يتحدث فيها ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي عاشتها البلاد فيما يعرف بسنوات الرصاص وهي السنوات الممتدة ما بين 1956 و1999.
والاحد، في احدي مصحات مدينة الرباط اختتم ادريس بن زكري بعد مرض عضال ادخله المستشفي في باريس للمرة الاولي في 2006، حياته الحافلة بالنضال مع ومن اجل الفقراء والسجن ثم النشاط الحقوقي في هيئات مستقلة قبل ان يتولي رئاسة هيئات رسمية تتولي تصفية ملفات الانتهاكات وطي صفحة الماضي الاليم. العاهل المغربي الملك محمد السادس في برقية تعزية لاسرة بن زكري قال ان وفاته خسارة كبيرة، ليس بالنسبة لأسرتكم فحسب، ولكن بالنسبة للمغرب ككل، وللمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان خاصة وقال أن الفقيد عمل بكل تفان ونزاهة ووفاء للثوابت الوطنية والمبادئ الكونية السامية علي نصرة القضايا العادلة لحقوق الإنسان . وقال إن فقيد الوطن الكبير سيظل خالدا في ذاكرة جلالتنا، بإسهامه الرائد في العمل التاريخي والفاعل علي رأس هيئة الإنصاف والمصالحة، التي كانت لبنة أساسية في تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي نقوده. كما سيظل علي مر الأزمان، رمزا حيا للالتزام والشجاعة ونكران الذات، الالتزام بالقضايا العدالة والمصالح العليا للوطن والمواطنين والتزام بالتضحية من أجل ترسيخ حقوق وواجبات المواطنة الكاملة وشجاعة في المواكبة الإيجابية للتحولات التي يعرفها المغرب، والإسهام الفاعل فيها، من مختلف المواقع والجبهات والمنتديات والمؤسسات، التي تقلد مسؤوليتها، بحكمة وتبصر وشجاعة .
ولد ادريس بنزكري سنة 1950 بقرية آيت واحي بإقليم الخميسات القريب من الرباط واختار مع بدايات وعيه السياسي جبهة الي الامام الماركسية المتشددة سبيلا للتعبير عن انتمائه الي الفقراء والمقهورين والنضال الي جانبهم وهو ما ادي الي ملاحقته ورفاقه واعتقاله 1974 والحكم عليه بتهمة التآمر علي امن البلاد ومحالات تغيير النظام بالسجن لمدة 30 عاما. وحصل خلال اعتقاله علي دبلوم الدراسات المعمقة في اللسانيات والآداب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة بالرباط سنة 1983، ثم علي دبلوم للدراسات المعمقة في اللسانيات من جامعة إيكس ـ مرسيليا بفرنسا سنة 1987 وبعد خروجه من السجن بداية التسعينات نال شهادة الماجستير في القانون الدولي، تخصص القانون الدولي وحقوق الإنسان، من جامعة إسيكس بإنكلترا 1997.
في السجن كان النقاش بين الرفاق الجبهويين او القاعديين يسفر عن بروز تيارات تصبح فيما بعد احزابا او منظمات لكن بن زكري بعد خروجه من السجن اختار النضال الحقوقي وعمل في عدد من جمعيات المجتمع المدني حيث تولي منصب نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ومدير للفضاء الجمعوي واسس مع مجموعة من رفاقه السابقين المنتدي المغربي للانصاف والمصالحة الذي تمحور اهتمامه حول حقوق المعتقلين السياسيين السابقين ايمانا بأن طي صفحة الماضي لا يكون اذا لم ينل هؤلاء حقوقهم وتعويضهم وجبر الضرر المعنوي والمادي الذي تعرضوا له نتيجة الانتهاكات.
ومع مغرب محمد السادس نهاية التسعينات واختيار طي صفحة الماضي بكل الامه سبيلا لعهد جديد، ونتاج اتصالات ونقاشات مكثفة مع ضحايا ينتمون كلهم الي اطياف اليسار المغربي الراديكالي نقل ادريس بن زكري نشاطه الحقوقي من المنظمات غير الحكومية الي المجلس الاستشاري الملكي لحقوق الانسان واختاره الملك محمد السادس 2003 رئيسا للجنة الانصاف والمصالحة تتولي اعتماد مقاربة تأخذ بعين الاعتبار حقوق ضحايا الانتهاكات وايضا ان ما عهد محمد السادس ليس انقلابا علي عهد والده الحسن الثاني. ولم تكن مهمة بن زكري سهلة فهو ايضا يعرف الضوابط الموضوعة دون ان يخون تاريخه ورفاقه، وطي صفحة الماضي، رهينا، حسب الضحايا والعهد الجديد اضافة الي التعويض وجبر الضرر، بقراءة الصفحة لصيانة الذاكرة الوطنية وعدم تكرار الانتهاكات وتحقيق المصالحة المجتمعية الشاملة. والتجارب في العالم عديدة ان كان في امريكا اللاتينية او جنوب افريقيا ووجد بن زكري نفسه في مواجهة مع رفاقه السابقين اولا حول تحديد الفترة الزمنية للقراءة ورفضهم قصرها علي 1956 الي 1999 والمطالبة بتمديدها الي العهد الجديد وما عرفه من انتهاكات لحقوق الانسان وثانيا حول المسؤولين عن الانتهاكات والجلادين حيث اصروا علي الكشف عن هؤلاء ومتابعتهم قضائيا.
كان المتلقون يشاهدون مع صور ضحايا الانتهاكات او عائلاتهم علي شاشة التلفزيون، صورة ادريس بن زكري ليس فقط كأحد الجالسين علي المنصة بصفته رئيس الهيئة بل ايضا بصفته احد الضحايا الذين تركت سنوات السجن علي جسده اثارا واضحة. وعلي مدي عام كامل انجزت هيئة الانصاف والمصالحة جلسات الاستماع للضحايا والكشف عن مصير مخطوفين ومختفين وتعويض الضحايا وانعكاسات الانتهاكات علي المناطق والاقاليم واثارها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية. لكن ما سجل عليها عجزها عن الوصول الي مصير قادة وناشطين مختفين وابرزهم الزعيم المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث الذي اختطفته في باريس سنة 1965 اجهزة المخابرات المغربية بالتعاون مع المخابرات الامريكية والاسرائيلية وعملاء المخابرات الفرنسية وكذلك الحسين المانوزي الذي اختطفته المخابرات المغربية من تونس في 1973 وغاب اثره بالرباط فيما بعد. تقديرا لما انجزه بن زكري عينه الملك محمد السادس منتصف 2005 رئيسا للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان لمواصلة مهمة هيئة الإنصاف والمصالحة وهو المنصب الذي ظل يشغله إلي حين وفاته التي سبقها بساعات بالتوقيع علي اتفاقية للتغطية الصحية للمعتقلين السياسيين السابقين.
المصادر الرسمية المغربية وصفت بن زكري برجل ذو مسار استثنائي، من معارض يؤطره حماسه الإيديولوجي، الي شريك للدولة في صياغة آفاق مغايرة لحقوق الإنسان في المغرب تقطع مع زمن الخروقات والانتهاكات الجسيمة. في لحظة الانتقال حافظ هذا المناضل البسيط القادم من البادية المغربية علي ذات الشرارة النضالية التي ظلت توجه اختياراته كما احتفظ بهويته الأولي التي تعايشت فيها بشكل ملفت خصال التواضع في أنفة، والجرأة في صمت، والحيوية في هدوء. ومع تعدد واختلاف مقاربات ملف حقوق الانسان والقطائع التي وصمت تاريخه، فقد تشبث الراحل بنزكري بالتزامه وحكمته وتعففه عن الأضواء . وللفقيد ادريس بن زكري الذي سيواري جثمانه الثري اليوم الثلاثاء بمسقط رأسه مجموعة من الأبحاث والدراسات في مجالات مختلفة من بينها، مهام وأنشطة هيئة الأمم المتحدة في إطار مجموعة العمل حول الاختفاء القسري ، و مسلسل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية والتطورات التي شهدها القانون الدولي الجنائي . (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)  


 

قوات الأمن الجزائرية ترصد انقساما في صفوف المتشددين الإسلاميين

الجزائر (رويترز) – رصدت السلطات الجزائرية التي تتعقب مقاتلين اسلاميين تذمرا بين المتشددين فيما يتعلق باستخدام الانتحاريين مما زاد الامال في أن يقضي هذا التشدد على نفسه في يوم من الايام في حرب داخلية حول الاساليب المتبعة. ومن المتوقع أن تحاول قوات الامن الماهرة في استغلال الانقسامات بين المتشددين اضعاف المقاتلين الذين هم على صلة بالقاعدة من خلال تشجيع الانقسامات الداخلية فيما يتعلق بثلاثة تفجيرات انتحارية في ابريل نيسان أسفرت عن سقوط 33 قتيلا أغلبهم من المارة. وكتبت سليمة تلمساني في صحيفة الوطن اليومية تقول “سبب هجوم 11 ابريل صدمة مزدوجة.. كانت الاولى بين المواطنين الذين يرفضون الجناة والمخططين وكانت الثانية داخل التنظيم ذاته.” وأضافت “هناك مناخ من الريبة داخل الجماعة.” ولا يعدو تمرد ما يقرب من 500 مقاتل أن يكون ظلا للكيان السابق عندما جند عشرات الالاف من المقاتلين في منتصف التسعينيات لاقامة دولة اسلامية في البلاد. ولكن التفجير الثلاثي الذي وقع في الجزائر والذي يعتقد أن يكون أول هجمات انتحارية يخطط لها المتشددون بالاضافة للهجمات التي وقعت في الاونة الاخيرة والتي استهدفت الشرطة والاجانب أثارت مخاوف من احتمال انزلاق ثاني أكبر الدول الافريقية مرة أخرى الى دائرة من العنف تعيد الى الاذهان ما حدث في التسعينيات. والتمرد الذي يقوده الان تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي كان عرضة لانقسامات مرات عديدة منذ تفجره في أعقاب الغاء انتخابات في عام 1992 كان حزب اسلامي محظور الان على وشك الفوز بها. ولقي ما يصل الى 200 ألف شخص حتفهم في العنف الذي ساد البلاد منذ ذلك الحين. ومن أشهر الانقسامات ما حدث عام 1998 عندما انسحب مقاتلون من الجماعة الاسلامية المسلحة احتجاجا على مذابح المدنيين وشكلوا الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي ركزت على مهاجمة الشرطة والجيش. وغيرت الجماعة السلفية اسمها الى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في يناير كانون الثاني في نفس الوقت الذي حولت فيه تركيزها الى التفجيرات الكبيرة في البلدات بعيدا عن أساليب الكر والفر في هجمات تستهدف الشرطة بالريف. وكان المواطنون العاديون هم أغلب الضحايا. سلم ابراهيم بوفاريك وهو مقاتل بارز في الجماعة السلفية للدعوة والقتال نفسه بعد هجمات 11 ابريل نيسان استياء من سقوط قتلى من المدنيين وأصدرت الحكومة عفوا عنه. وقال لصحيفة الشروق “هناك عدة قضاة شرعيين داخل المنظمة أبدوا معارضتهم لاستعمال المتفجرات لانها عادة ما تصيب المدنيين.” وأضاف “يبدو أن هناك لا فرق بين مقاربة درودكال ومقاربة الجماعة الاسلامية المسلحة.” وكان يشير الى عبد المالك درودكال أمير تنظيم القاعدة في شمال افريقيا الذي أصدر بيانا ينفي فيه وجود أي انقسام. وقال درودكال في البيان “هناك اجماع بين زعماء الجماعة وأفرادها حول فتح هذا الباب (التفجيرات الانتحارية) في الاشتباك مع العدو.” ويقول مراقبون جزائريون انه في حين أن بعض التقارير الصحفية عن الانقسامات ربما يكون مبالغا فيها فان الميل الى الانقسام أصبح راسخا بين المتشددين على مدى سنوات الى حد أن تحول المعارضة الى انشقاق كامل هو احتمال حقيقي. كما تتردد أنباء عن أن جماعات أخرى غير راضية. فقد أدانت جماعة مسلحة يطلق عليها اسم حماة الدعوة السلفية ومقرها غرب الجزائر تفجيرات 11 ابريل نيسان. وقال سليم الافغاني زعيم حماة الدعوة السلفية ان هذا الهجوم سيثني الناس عن الانضمام للجماعة كما أنه سيضعف الدعم الشعبي لها. ويقول الحرس القديم في الجماعة السلفية للدعوة والقتال ومن بينهم المؤسسون ان علماء الدين الذين يتبعونهم يرفضون التفجيرات الانتحارية لان أغلب الضحايا عادة ما يكونون مدنيين. وأدان حسن حطاب مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال في خطاب مفتوح الى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نشرته صحيفة جزائرية يومية تفجيرات ابريل نيسان ووصف جماعة درودكال بأنها “فئة قليلة تريد أن تجعل من الجزائر عراقا ثانيا.” وزادت الخسائر بين المدنيين في العراق من حدة الجدل حول ما اذا كان من المسموح به قتل المدنيين. وقال مصدر أمني “على خلاف ما يحدث في العراق وأفغانستان فليس هناك احتلال أجنبي هنا. ليس من المنطق اعتبار الجزائريين أجانب لابد من قتالهم.” وبالنسبة للحرس القديم مثل حطاب تتألف الجزائر من ثلاث فئات هي المقاتلون والمسؤولون ومن بينهم العاملون في القوات الامنية والمواطنون. وهم يقولون ان القتال يدور بين أول فئتين أما المواطنون فيجب ألا يستهدفوا تحت أي ظرف. وعلى العكس من ذلك فان فكر جماعة درودكال يسمح بتكفير أي مسلم وبالتالي قتله. وطبقا لهذا الرأي فان الجزائر تنقسم الى فئتين فقط هما المقاتلون وكل من عداهم. من الامين الشيخي (المصدر: موقع “سويس إنفو” (سويسرا) بتاريخ 22 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


العراق”.. طُعم القاعدة لشباب الجزائر

هادي يحمد    إحدى حدائق العاصمة الجزائر– في ضوء أزمة شح المجندين الجدد بصفوف “تنظيم القاعدة في بلاد العالم الإسلامي”، خاصة بعد الخطوات التي قطعها مشروع “المصالحة الوطنية”، اعتمدت “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” بالجزائر -والتي أعلنت انضمامها للقاعدة- تكتيكات جديدة لمواجهة هذا الواقع، أبرزها إيهام الشباب بمساعدتهم للجهاد في العراق، ثم تغيير وجهتهم. جولة في الأحياء الجنوبية بالعاصمة -خاصة أحياء “القبة” المعقل التاريخي للجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة، و”باش جراح”، و”براقي”، و”الحراش”- تكشف واقعا من البطالة؛ إذ أصبح لا عمل لدى الشباب سوى الالتقاء قرب جدران الأحياء، حتى أطلق عليهم اسم “حيطيست”، أو الالتقاء بالحدائق العامة لإضاعة الوقت؛ إذ تضرب البطالة حوالي 15% من الجزائريين، حسب الأرقام الرسمية. هذا الواقع المزري أصبح يغري القاعدة؛ إذ يقول لـ”إسلام أون لاين.نت” مدني مزراق الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا: “في أوائل الأزمة الجزائرية (بداية تسعينيات القرن العشرين) كان من السهل على التنظيمات الإسلامية المسلحة تجنيد عناصر جديدة، لكن مع توقف القتال، خاصة بعد مشروع المصالحة الوطنية، صارت الجماعات السلفية المسلحة التي لم تنضم للمصالحة تحاول تجنيد الشباب دون تدقيق، مستفيدة من تذمر الآلاف منهم؛ لمواجهة شح التجنيد”. أبرز أمثلة استغلال وضعية الفقر والبطالة بالنسبة للمحللين الجزائريين هو “مروان بوذينة”، المكنى “معاذ بن جبل”، والذي قاد في 11 إبريل الماضي الهجوم الانتحاري على مقر رئاسة الحكومة. فقد جاء بوذينة من حي “الجبل” القصديري الملاصق لحي “باش جراح”. ويتحدث سكان حيه كيف أنه -وحتى قبيل سماعهم بنبأ العملية الانتحارية- كان يتعاطى “الزطلة” (الحشيش)، ويعتبر أحد رموز الانحراف، خاصة أنه لا يملك أي مستوى علمي، ويعاني من البطالة منذ سنوات.
انتدابات القاعدة
وبما أن نسبة البطالة والفقر هي أضعافها في العاصمة فإن “بوعلام غمراسة”، الصحفي بجريدة “الخبر” الجزائرية، وأحد المختصين في الملف الأمني، يقول لـ”إسلام أون لاين.نت”: “إن نسبة الانتدابات (التجنيد) لصالح القاعدة في العاصمة تمثل أضعاف الانتدابات بالمدن الأخرى الفقيرة”. ويضيف غمراسة: “إن مدينة تيارت، 320 كم جنوب غرب العاصمة، والتي تشرف على جبل “الونشريس”، أحد معاقل الجماعة الإسلامية المسلحة سابقا، أصبحت أحد خزانات الانتداب؛ نظرا لارتفاع معدلات البطالة بها”. ويلفت إلى أن المدينة شهدت مؤخرا اعتقال أحد كبار المنتدبين للشباب، ويكنى بـ”أبو المثنى”، ومعروف أيضا أن المستشار العسكري للقاعدة، وهو يحيى أبو عمار (34 سنة) ينحدر من أكثر أحياء “تيارت” فقرا.
استدراج
وإضافة إلى “تيارت” عرفت مدن أخرى -منها “مسيلة” جنوب شرق العاصمة- اعتقالات عديدة، خاصة في صفوف ما سموا بالمعتزمين الراحلين إلى العراق، والذين تلقوا تدريبات في معسكرات “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”. ويشير الخبراء الجزائريون إلى تكتيك آخر تعتمده القاعدة، وهو استدراج الشباب إلى الجبال بحجة تدريبهم على السلاح قبل إرسالهم إلى العراق، ولكنها وبالنظر إلى شح مواردها البشرية تقنع العديد منهم بالبقاء في الجزائر، والمقاتلة في صفوفها؛ بدعوى أنه “لمحاربة الأمريكان يفترض البدء بأتباعهم”، وصعوبة الانتقال إلى العراق. وبالنظر إلى شح موارده البشرية، فإن تغيير اسم “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” إلى تنظيم القاعدة قصد منه -بحسب مزراق- “استدرار التعاطف الشعبي نظرا لاقتران اسم القاعدة بمحاربة الأمريكان”. وهو الأمر الذي يؤكده العديد من الخبراء الجزائريين الذين باتوا يعتقدون أن “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” شهدت دفعة جديدة بعد أن غيرت اسمها، ليس فقط من الجزائريين، بل أيضا من المغرب وتونس وموريتانيا، وحتى إفريقيا من جنوب الصحراء. وبحسب مصادر جزائرية فإن التقديرات ترجح أن التنظيم يضم قرابة 800 عنصر، تحت قيادة “عبد المالك دروكال” (37 سنة)، المكني بـ”أبو مصعب عبد الودود”، الذي ينحدر من منطقة مفتاح (25 كم جنوب العاصمة)، وتقول مصادر أمنية: إنه التحق بالعمل المسلح في الجبال منذ سنة 1993 بعد أن ترك مقاعد دراسته الجامعية. ويتركز وجود المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في الشرق الجزائري، خاصة في جبل “جرجرة”، وجبل “سيدي علي بوناب”، وغابة “مزرانة”، أما المركز الرئيسي للتنظيم فيعتقد وجوده في جبل “أكفادو” بضواحي مدينة “بجاية”؛ حيث قُتل في هذه المنطقة الأمير الثالث للجماعة الإسلامية المسلحة “نبيل صحرواي” في كمين نصبه له الجيش.
 
(المصدر: موقع “إسلام أونلاين.نت” (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 22 ماي 2007)

 
سياسيون موريتانيون قلقون:

الجيش يواصل الإمساك بالسلطة وسيناريوهات متعددة لمستقبل ديمقراطية الجوعى

نواكشوط ـ القدس العربي ـ من عبد الله السيد: أجمع مفكرون موريتانيون من اتجاهات مختلفة في مقالات ودراسات نشرت في مواقع ومدونات وفي أعمدة الصحف الموريتانية الصادرة أمس الاحد علي أن مستقبل موريتانيا ما زال ملفوفا بالغموض، وقالوا ان تجربة موريتانيا الديمقراطية لا يمكن أن تستقيم لكونها ديمقراطية الجوعي . وأرجع الكثيرون أسباب ذلك لاستمرار تحكم ضباط المجلس العسكري المنحل في الأمور من وراء الستار رغم تنصيب سيدي ولد الشيخ عبد الله رئيسا للبلاد اثر انتخابات اذار (مارس) الماضي.
وتحدث الكتاب عن اتجاه الأمور نحو تتريك (نسبة لتركيا) أو تجزير (نسبة للجزائر) موريتانيا من خلال بقاء مجلس الجنرالات كقوة حاكمة وضابطة للأمور من وراء الستار الي جانب المؤسسات الدستورية. وأعطي المحللون الموريتانيون القلقون أمثلة عديدة لأسباب قلقهم منها بقاء أعضاء المجلس العسكري المنحل في مواقعهم، مثل العقيد محمد عبد العزيز الذي ما يزال قائد حرس الرئاسة، كما أن العقيد سيدي محمد ولد ببكر ما زال قائد أركان الجيش الوطني شأنه شأن العقيد الغزواني الذي ما زال يشغل منصب المدير العام للأمن الوطني. ولم يتغير شيء حتي الآن في قيادات المناطق العسكرية في الولايات الداخلية التي يشغلها ضباط المجلس العسكري الذي حكم خلال الفترة الانتقالية من 2005 الي 2007. ولم يتمكن الرئيس الموريتاني المنتخب حتي الآن من تغيير مستشاري ديوان الرئاسة، كما لم تتمكن حكومته من تغيير مديري مؤسسات الدولة الذين عينهم المجلس العسكري وقاموا بنهب منمط لشركات الدولة، حسب تأكيدات الكتاب. واعتبر الكتاب وهم من آفاق مختلفة أن بقاء أعضاء المجلس العسكري في مواقعهم يجعل الرئيس المنتخب مكتوف الأيدي كما يحول دون تولي المؤسسات الدستورية لوظائفها كاملة غير منقوصة. ولا يرضي أقطاب المعارضة عن هذا الواقع ويرون أن الحكومة التي تم تشكيلها في الثاني من شهر أيار (مايو) الجاري، يجب أن تقال لتحل محلها حكومة وحدة وطنية باعتبار أن أحمد ولد داداه زعيم المعارضة قد حصل علي 47 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية ولا يمكن أن يحدث الاتزان الوطني بحكومة لا تأخذ هذه النسبة بعين الاعتبار.
وطالب أحمد ولد داداه في تصريحات صحافية أمس بتخلي الجيش عن اللعبة السياسية. وأضاف ولد داداه حتي الآن ما زالت بعض العناصر من المجلس العسكري تمارس الضغوط وتمارس القرار السياسي وهذا حقيقة ضد الدستور وضد ارادة الشعب الموريتاني الذي اختار أن يقود شؤونه رئيس مدني، وأنا لست ضد ممارسة ضابط عسكري للسياسة، ولكن اذا أراد ضابط ممارسة السياسة فلينزل للساحة السياسية ويمارس السياسة كمواطن ويستقيل من الجيش . وحول تأسيس مجلس جنرالات كالموجود في تركيا، أكد أحمد ولد داداه أن موريتانيا ليست تركيا وهي من هذه الناحية لن تكون لا تركيا ولا الجزائر، ولن تقبل أن تسقط في هذا الفخ، ونرجو أن يفهم الجميع هذا، اذا كانت فيه صيغة للتشاور والتكامل واستخدام جميع الخبرات لصالح أمن البلاد، فهذا لا بأس به، ولكن المهم أن المسؤول هو رئيس الدولة وأن الحكومة والرئيس هما السلطة التنفيذية المسؤولة أمام الشعب ولن نقبل أي صيغة أخري .
وفي سياق هذه المخاوف والحلول المتاحة، يأمل الكاتب الخليل ولد مامون أن يفاجيء الرئيس المنتخب الرأي العام ويعلن امساكه بزمام المبادرة. غير أن الكاتب يري أن ذلك لن يتحقق الا بتحقق شروط منها احالة جميع أعضاء المجلس العسكري الي التقاعد، دون استثناء . هذا هو الشرط الذي يشكل، حسب الكاتب، المدخل الطبيعي لاستعادة حرية القرار، ويطمئن معه المواطن الموريتاني الي أن أحدا لم يعد يتقاسم السلطة مع الرئيس الذي انتخبوه وفوّضوه وحده بالتصرف باسمهم. وعلاوة علي ذلك فهو الدليل الوحيد الذي يثبت أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلي للقوات المسلحة. أما الشرط الآخر فهو حل الحكومة الانتقالية الثانية وتشكيل حكومة وحدة وطنية من الأحزاب والشخصيات السياسية الوطنية تكون قادرة علي تصفية الملفات العالقة ووضع أسس حقيقية للعمل السياسي في البلاد. أي مستقبل لموريتانيا؟ أما المركز الموريتاني لأبحاث التنمية والمستقبل فينشغل بمستقبل موريتانيا في المدي المتوسط والقريب حيث أطلق تشاورا تحت عنوان ما هو مشروع رؤية موريتانيا 2020؟ . ويتعلق هذا المشروع بالسعي لاستكناه مستقبل موريتانيا، عبر تبادل موسع لآراء المفكرين والأكاديميين والباحثين الموريتانيين في الداخل والخارج. ويؤكد المركز الموريتاني لأبحاث التنمية و المستقبل أنه في ظل عولمة الظواهر والأحداث المختلفة في العالم المعاصر التي أصبحت تتجاوز الحدود الوطنية للدول و ازدياد نسبة القرارات التي تمس حياة الناس في مختلف الأوطان التي غدت تتخذ علي نطاق يتجاوز الحيز الوطني، فان الدولة التي لا تمتلك خريطة واضحة المعالم والتضاريس لهذا العالم سريع التغير شديد التعقيد ولا تمتلك بوصلة دقيقة تعينها علي تحديد مسارها الصحيح علي هذه الخريطة، هي دولة تعرض مستقبلها لأخطار جسيمة .
ويري المركز أن مستقبل موريتانيا اليوم بين احتمالين، أولهما أن يأتي هذا المستقبل محصلة لعوامل عشوائية متضاربة، أي أنه يخضع لاعتبارات من صنع المصادفة، لا من صنع العقل والتدبير والمصلحة الوطنية. والثاني أن تتحكم في تشكيل هذا المستقبل قوي خارجية لا يهمها من مستقبل موريتانيا الا ما يخدم مصالحها هي، سواء أكانت هذه المصالح متوافقة مع مصالح الناس في هذه الدولة أم لم تكن.
وفي تحليل مركز آخر، يطرح الباحث الموريتاني محمد السالك ولد ابراهيم عدة اسئلة منها: بعد اكتمال المسلسل الانتقالي، عن ماذا بعد؟ وما هي رهانات المرحلة القادمة؟ وكيف سيكون المستقبل السياسي لموريتانيا الجديدة ؟ وما هي التطورات المحتملة والآفاق المنظورة لما بعد المسلسل الانتقالي؟ وهل سيتعزز السعي نحو اقامة الجمهورية الثالثة ؟ وما هي الشروط والمستلزمات الضرورية لذلك التحول الكبير؟ وهل ستتم اعادة تأهيل وتفعيل الطبيعة الجمهورية لنظام الحكم السياسي في البلد بما يقيم دعائم ثابتة لتأسيس الجمهورية الثالثة ويمكنها من الاضطلاع بجدية وكفاءة بكامل مهامها ومسؤولياتها داخليا وخارجيا علي أساس من الحكمة والانفتاح في عملية تفاعل وتكامل وتطور واع ومسؤول لخدمة مصالح الشعب الموريتاني أولا وقبل كل شيء؟ وهل سيتم بناء جسور حقيقية وجادة للحوار الديمقراطي بين ومع مختلف الفاعلين السياسيين الوطنيين في الساحة وخارجها؟ وهل سيتم ايجاد حل جذري للمعضلة المزمنة المتمثلة في تسييس وتجيير مؤسسات الجيش والأمن الوطني في لعبة استغلال واحتكار العنف العمومي كوسيلة للوصول الي السلطة والتمسك بها تحت أي ذريعة؟
ويؤكد المحلل السياسي انه حسب المؤشرات الراهنة، يمكن تمييز عدة سيناريوهات أخطرها (وهو ما يعتقد أنه بادئ الآن) أن تخرج كل الأطراف التي ستشكل البراديغم السياسي الجديد، من المرحلة الانتقالية، حائرة وخائفة علي المستوي الشخصي والوظيفي، وبالتالي عاجزة عن التركيز لفهم وادراك متغيرات الموقف الجديد ومقتضياته الأساسية وقراراته المطلوبة وبالتالي تبقي مستسلمة للتداعي الحر لمجريات الأحداث والتطورات من دون تدخل فعلي جوهري وحاسم. جملة تغييرات وفي هذه الحالة، قد تشهد موريتانيا جملة من التغييرات يمكن التماس ملامحها الأساسية كالآتي:
ـ سيطرة أجواء التردد والميوعة والارتجال علي مستوي الأفكار والتصورات والتوجهات والاجراءات العملية واللجوء الي أشباه الحلول والمعالجات المبتورة. ـ الاكتفاء بادخال بعض التغييرات السطحية والتحسينات الشكلية التي لا تمس جوهر التراكمات والمشاكل التي قادت البلاد الي الوضع الراهن ولا تؤثر ايجابيا علي معالجة أزماته وتداعياته علي مختلف الصعد. ـ استمرار واستحكام أساليب المراوغة والمناورة التي نجحت في اتباعها ـ منذ الاستقلال حتي الآن ـ لوبيات الفساد المتغلغلة والمتصارعة داخل مختلف أجنحة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية.
ويضع المحلل محمد السالك أسسا يراها تشكل أجندة التغيير اللازمة لموريتانيا أمام تعقيد مخاضات وضعها الجديد فيما بعد المرحلة الانتقالية، وفي ظل الافرازات المختلفة لهذه المرحلة. ويتعزز هذا المنحي، حسب الكاتب، في ظل تنامي الآمال التي يغذيها الرأي العام الوطني والدولي وكذا الضغوط غير المباشرة للشارع في سبيل تحقيق تغيير جوهري من شأنه أن يخفف من المعاناة اليومية للمواطنين، بما يسهم في نزع فتيل الطابع الصراعي للعلاقات المجتمعية والاقتصادية ويعيد ضبط وتوجيه عنفه نحو مجال التنافس السلمي والمدني الايجابي. ويري الكاتب أن هذه الاعتبارات ربما تكون قد أسهمت ايجابيا في انضاج الظروف المحيطة بالمرحلة القادمة والدفع بالنخب الوطنية الفاعلة المدنية منها والعسكرية الي التصرف بمنطق رجال الدولة وصولا الي سقف جديد من الوعي الحذر ربما يملي علي الكل ضرورة عقلنة وترشيد الرؤي والقرارات والتصرفات في سبيل الوصول الي أرضية مشتركة تسمح باعادة ترتيب أولويات السياسة الداخلية والخارجية للبلد بشكل عام.
ويتقدم الكاتب باقتراحات منها فتح مشاورات جدية من أجل وضع تصور أولي للشروط المرجعية لمشروع ثقافي وطني اصلاحي ومنها العمل لحلحلة الملفات والقضايا العالقة بحكمة وتبصر وعدل وكذا انشاء مجلس وطني للأمن القومي يتألف من شخصيات وطنية معروفة، علي غرار النماذج الدولية الناجحة (الهند مثلا)، بالاضافة لمراجعة وتفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر واصلاح واعادة تنظيم قطاع الاعلام والتواصل بما يتماشي مع وضع دولة ديمقراطية تعددية ترجع السيادة فيها للشعب والولاء لمؤسسات الجمهورية واصلاح السياسة الخارجية للجمهورية. ويجمع الكتاب والمحللون الموريتانيون علي ان موريتانيا توجد حاليا في مفترق طرق حاسم، فإما ان تختار الأطراف التي ستشكل الاستمرار في مناورات تكتيكية قد تصمد لبعض الوقت، واما أن تقرر الدخول في خيارات استراتيجية اصلاحية شاملة، تعيد بناء جسور الثقة وتضمن للبلاد استقرارها السياسي وتنميتها الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)

 

تحول عميق في الدبلوماسية الفرنسية مع كوشنار

د.أحمد القديدي (*) الذي حدث في باريس يوم الجمعة الماضي بتشكيل الحكومة الجديدة يعتبر ثورة بكل المقاييس، و عبارة ثورة استعملتها صحيفة الأندبندنت اللندنية و أطلقها كاتب افتتاحية اليومية الباريسية لو فيجارو لوصف تعيين الدكتور برنار كوشنار وزيرا للخارجية. وهي ثورة بحق تؤكد ذكاء أو دهاء الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي وثقته بنفسه و تؤشر أيضا على التغيير المذهل الذي بدأ يهز أركان السياسة الفرنسية بدخول الجيل الجديد الى قصر الايليزيه. و المقال الراهن أخصصه لوزير الخارجية القادم من العمل الانساني و المجتمع المدني والذي رمى به الرئيس ساركوزي في قصر الكيه دورسيه ( مقر وزارة الخارجية ) كما تلقى القنابل المدوية، ليحرك المياه الراكدة في العمل الدبلوماسي و يضخ الدم الجديد النقي في هذا السلك. وفي الحقيقة أشعر بأن هذا التعيين يعنيني مباشرة لسبب شخصي ولسبب كوني عربيا و أعيش في باريس : السبب الشخصي هو أن برنار كوشنار راسلني برسالة كتبها بخط يده حينما أهديته نسخة من كتابي الصادر بباريس عن مؤسسة الفكر العالمي بعنوان ( الاسلام و الغرب، صراع الألف سنة من الحروب الصليبية الى حرب الخليج ) و كان مع وزير التربية و التعليم الفيلسوف لوك فيري هما الوزيرين الوحيدين اللذين طالعا كتابي المتواضع بدقة و صبر و اهتما بمحاوره التي تمس أحداث الساعة و تنير العلاقات التاريخية بين الاسلام و الغرب، و وصلتني من هذين الوزيرين رسالتان كريمتان بخط اليد لمناقشة محتوى الكتاب و الحرص على متابعة الحوار معي. وكنت أتوقع أن تصلني من مكتب برنار كوشنار وزير الصحة في ذلك الوقت رسالة بروتوكولية باردة كعادة الوزراء والرؤساء للشكر على اهداء الكتاب مرقونة من يد سكرتيرة عادية تضع الكتاب بعد ذلك على رف أو تحيله للأرشيف في عمل روتيني. لكن الأمر اختلف مع برنار كوشنار فتلقيت التحية مخطوطة مع ملاحظات قيمة وثرية و بالغة المعاني كتبها مثقف لا وزير و قرأ الكتاب بأناة وهو ما شرفني وشجعني على التواصل مع برنار كوشنار، لأن أحد همومه الكبرى كان في ذلك التاريخ ادراج مبدأ حق التدخل في شؤون الدول لأسباب انسانية ضمن ميثاق منظمة الأمم المتحدة و قد شرح لي تلك النظرية و طلب مني كأحد المساهمين العرب في انارة الرأي العام أن أناضل من أجلها في عالم يهيمن القوي فيه على الضعيف وترزح فيه شعوب تحت وطأة الجوع و العراء و التهجير من جراء الحروب الأهلية و الأزمات الاقليمية. و بالفعل تحقق هذا الحلم لكوشنار بفضل ارادة حديدية صامدة وبفضل انخراطه الشخصي منذ 1968 في العمل الانساني الميداني الذي نطلق عليه نحن وصف العمل الخيري. فالدكتور برنار كوشنار طبيب استشاري في أمراض الجهاز الهضمي، لكنه بدأ منذ ثورة مايو 1968 في باريس بتوظيف الطب لخدمة أحوج الناس اليه، فرحل الى بيافرا بافريقيا، و شارك في انقاذ ضحايا الحرب الأهلية التي عصفت بذلك الأقليم. ثم أسس منظمة أطباء بلا حدود عام 1971 وهي التي اشتهرت في مناطق العالم الأكثر فقرا و الأقل أمنا، و ساهمت بقيادة كوشنار في نجدة الهاربين من فيتنام في قوارب الموت. و واصل الدكتور المناضل تلك المسيرة بامكانات متواضعة و قوة معنوية، و أصبح اسم ( الفرانش دكتور) مقترنا بهمة ذلك الرجل وكفاحه. و منذ عام 1993 دخل المعترك السياسي و انخرط في أحزاب اليسار والوسط، لكنه احتفظ باستقلالية مواقفه، و ناضل من أجل فرض حق التدخل بالقوة في البلقان لانقاذ مسلمي كوسوفو، و اختاره الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في يوليو 1999 ليكون هو الحاكم الأممي لكوسوفو في مهمة عسيرة تحت قنابل الصرب و هجومات الكروات. و أثبت الدكتور كوشنار بأنه رجل الموقف حيث أعطى المثل للعاملين حوله بالنزول الى الميدان و مواجهة التحديات الى أن استقامت شؤون كوسوفو في يناير 2001. و مع الأسف لم ينجح بعد ذلك كوشنار في الحصول على منصب المندوب السامي للاجئين و لا منصب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، وهما فرعان من فروع الأمم المتحدة. فالرجل لا يجيد نسج شبكات العلاقات ولوبيات التأثير، و قد ظل يجمع بين الجرأة في الرأي و التلقائية في التعبير، وهما طبعان لا يجلبان الأصوات. و في ينايرعام 2003 أعلن موقفه من الحرب على العراق فقال كلمته الشهيرة: لا صدام و لا الحرب. وعلى الصعيد الداخلي الفرنسي، أعلن بأنه لا يتردد في العمل في أية حكومة وفاق وطني بلا حدود ايديولوجية بين يمين و يسار. اليوم يحمله الرئيس ساركوزي أمانة وزارة الخارجية في حكومة وفاق وانفتاح، وهو وزير الخارجية الذي لا يوافق رئيس الجمهورية على عدة مسائل جوهرية منها انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي الذي يرفضه ساركوزي و يسانده كوشنار. و أعتقد أن ما يجمع بين الرجلين هو موقفهما المشترك لوضع مبدأ حقوق الانسان في قلب العمل الدبلوماسي، حسب تعبير ساركوزي في خطاب تتويجه وحسب تعبير كوشنار في حفل استلام مهامه، وهو اللقاء الأكبر مع وزيره الجديد للخارجية. ولا بد أن يكون الرأي العام اطلع على التحفظات غير الرسمية للأوساط الاسرائيلية من تعيين كوشنار على رأس الدبلوماسية الفرنسية، حين بدأت تتنفس الصعداء من الغاء السياسة العربية لباريس، و هذه التحفظات حفلت بها مواقع الكترونية اسرائيلية متطرفة، كانت لأصحابها توقعات مختلفة. و نحن العرب من حقنا التفاؤل بقدوم رجل مبادىء و قيم لوزارة لها تأثير مباشر على ترجيح كفة العدل والتوازن و الحق في الشرق الأوسط و شمال افريقيا، ضد الانفراد الأطلسي بالقرار الذي وصل الى طريق مسدودة. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 ماي 2007)  

العداء للعرب يصل الي الخارجية الفرنسية مع برنار كوشنر

ولاء سعيد السامرائي (*) ان انتخاب نيقولا سركوزي الأمريكي الهوي يشكل خبرا غير مفرح للدول العربية، فالرئيس الجديد يدعم باستمرار الحكومة الإسرائيلية ضد جيرانها العرب وهو يثير مخاوف وخشية من التوجهات الجديدة للحكومة في مجال السياسة الخارجية لفرنسا. ان ما يخشاه العرب قد تحقق بتعيين الاشتراكي برنار كوشنر وزيرا للخارجية باسم الانفتاح علي التيارات الأخري الذي قرره فجأة نيقولا سركوزي فقط بعد انتخابه، ان هذا الاختيار يشكل فعلا خبرا سيئا للعرب لأن هذا الرجل هو السياسي الفرنسي الوحيد الذي جاهر بدفاعه عن الحرب علي العراق عام 2003. وقال بأنه يتحمل مسؤولية هذا الموقف رغم النتائج الكارثية للاعتداء الأمريكي علي العراق. وايضا فان هذا الرجل الذي يدعي انه ناشط انساني، وطوال تاريخه السياسي قد وقف بجانب الحكومات الأسرائيلية ولم يتفوه ولو بكلمة عن الضحايا الفلسطينيين. برنار كوشنر يتكلم عن الشيشان، عن افريقيا السوداء وافغانستان ولقد شاهده الفرنسيون يحمل كيسا من الرز للظهور امام الكاميرات لأطفال افريقيا وقت المجاعة ولم يأخذ أي موقف من القضية الفلسطينية والاحتلال الأسرائيلي، والأهم من ذلك وهذا ما سيزعج الحكام العرب فإن برنار كوشنر هو الذي اقترح مفهوم حق التدخل الانساني الذي يطبق دائما وفق معايير غير مقبولة حتي من قبل منظمة الأمم المتحدة نفسها مثلما فعل في العراق حيث نصب نفسه وبالتنسيق مع زوجة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران الناطق باسم القضية الكردية خادما المشاريع الصهيونية في شمال العراق وتفتيت هذا البلد. ان هذه المخططات لا علاقة لها بالعمل الانساني الذي يدعيه هذا الرجل الذي لم ينبس بكلمة عن مقتل مليون عراقي منذ الغزو لحد الان وتشريد 4 ملايين عراقي وتدمير الدولة العراقية. ومن المواضيع الأخري المنتظر ان يهتم بها وبسرعة مشكلة دارفور وبالتعاون مع رؤية الولايات المتحدة والدولة العبرية حول هذه القضية في السودان ومشكلة الممرضات البلغاريات في ليبيا. وكانت هاتان المشكلتان في صلب خطاب الرئيس الجديد بعد لحظات من انتخابه. ان الشعوب العربية لن تتقبل مثل هذه السياسة المتحالفة مع الولايات المتحدة واسرائيل وخاصة من دولة مثل فرنسا التي لها وزن عاطفي كبير في العالم العربي وسمعة لا مثيل لها لأي بلد اوروبي لدي الشارع العربي. فما هي مصلحة فرنسا في تغيير سياستها الخارجية الي سياسة عدائية للعالم العربي؟ (*) كاتبة من العراق (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)  

ما هو مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية؟

بقلم: مدين غانم (*) نتائج الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي فاز فيها اليميني المحافظ المتشدد نيكولا ساركوزي ستلقي بظلالها علي مسار العلاقات الفرنسية ـ العربية ومن بينها الجزائرية فكيف ستكون هذه الاخيرة مع الوافد الجديد علي قصر الاليزيه؟ للاجابة علي هذا السؤال نذكر القارئ ببعض الملاحظات التي تدل علي المنحني الذي ستأخذه العلاقات الفرنسية ـ الجزائرية والتي هي اصلا متعثرة منذ قرابة الثلاث سنوات وتراكم الغيوم بعد ان شهدت انفراجا في اعوام 2000 الي غاية 2004 الا انها عادت الي التجاذب بعد مصادقة البرلمان الفرنسي المهيمن عليه نواب الرئيس الجديد علي قانون 23 شباط (فبراير) 2005 الذي يعطي اخفاء الصبغة الايجابية للفترة الاستعمارية الفرنسية للدولة التي احتلتها في القرون الماضية، وكما هو معلوم فقد اثار هذا القانون موجة من الصخب والاستنكار والتصريحات النارية خاصة من قبل الجزائر التي انزعجت من مضمون هذا القانون والتي وصفت هذا القانون بعدة نعوت ومنها قانون العار والوقاحة والتشبث بالمناهضة له والمطالبة بالاعتذار عن سنوات الاحتلال. الا ان هذا اصبح في تعداد الماضي علي الاقل في الوقت الراهن. ومن خلال بعض الملامح التي اضحت شاهدة علي المنحي الذي سوف تسلكه هذه العلاقات في ظل قيادة الرئيس الجديد للاليزيه والذي لم يخف النقاط البارزة عن النهج الذي يسعي اتباعه فمن خلال هذه النقاط نرصد تطبيع العلاقات الجزائرية ـ الفرنسية واعتقد ان الجزائر سوف تفتقد في شخص جاك شيراك الرئيس المنزه الرصين الذي كان يسعي بكل قواه لنسج علاقات متميزة مع الجزائر الا انه لم يتمكن من تحقيق رغبته هذه في جعل المعاهدة واقعا مجسدا علي مسار العلاقات نظرا للتصادم الذي حدث ورغم تبعات ذلك القانون المشار اليه والذي تمت الموافقة عليه بايعاز من الرئيس الجديد الذي يحمل الكثير من الاصرار علي تمجيد الماضي للدولة الفرنسية. وقد تناولت الصحف الجزائرية هذا الموضوع، معاهدة الصداقة بكثير من التعليقات وذهبت في مجملها الي تأبين هذا الحلم ووأده. ولا اعتقد ان هناك من يعارض هذا الاستنتاج من قبل متتبعي مسار العلاقات الفرنسية بمستعمرتها السابقة الجزائر، والتي هي دوما ذات تجاذب لا يخلو من تكلس الجليد في كثير من الاحيان والوصول الي تباعد المواقف رغم الكتلة البشرية المتواجدة في فرنسا والتي تشـــــكل وزنا لا يستهان به. فوصول اليمين المحافظ المتشدد الي الاليزيه والذي يصنع الحدث في كل خطوة يخطوها وقد بدأه اولي ايامه في سدة الحكم بالمتاعب والقلاقل الاجتماعية الطلابية. وتجدر الاشارة الي ان ساركو كما يحلو للبعض تسميته واحد من اللجنة التي وقفت ضد انتفاضة 8 ايار (مايو) 1968 والمنبوذ من قبل من وصفهم ذات يوم بالحثالة. والذين يصرون علي مواصلة الشوط الثاني من المبارزة في الشارع واشتداد القبضة بينهم وعض الاصابع في انتظار من يفوز اولا سوف يحدث الكثير من الضجيج والجدل سواء داخليا او خارجيا. وتجلت بوادره في الانتقادات العنيفة التي تلقاها من الطبقة السياسية والاعلام بعيد ذهابه الي جزيرة مالطا للاحتفال بفوزه علي متن يخت يعبر عن الثراء. (*) صحافي من الجزائر مقيم في فيينا (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)  


الانتخابات الجزائرية: الأرباح والخسائر

د. محي الدين عميمور (*) كان المجلس التأسيسي الذي أنشئ في 1962 ورأسه المرحوم عباس فرحات أول تظاهرة تشريعية في الجزائر المستقلة، وقدم فيه أحمد بن بله برنامجه كرئيس للحكومة. وعرف المجلس شدا وجذبا بين تيارين أتصور أن خلفية أولهما كانت تري أن استقلال الجزائر هو نهاية المطاف ويري الآخرون أنه مجرد بداية لبناء الدولة، وانتصرت هذه النظرة، وبعد اعتماد الدستور في 1963 أقيم أول مجلس وطني وضم 138 عضوا لمدة أربع سنوات ورأسه الحاج بن علا. ولكن الظروف الداخلية واتجاه الرئيس الأسبق أحمد بن بله إلي تكوين ميليشيات عسكرية لخلق توازن مع القوات المُسلحة بقيادة العقيد هواري بو مدين كانت النقطة التي فاض بها إناء التناقضات بين الزعيمين، وهكذا انتزع الجيش السلطة في 19 حزيران/يونيو بقيادة وزير الدفاع الذي قام بتكوين مجلس للثورة تولي رئاسته مع رئاسة مجلس الوزراء.
والغريب أن وثيقة العهدات البرلمانية التي أصدرتها وزارة الاتصال الجزائرية مؤخرا تقول بأن حركة 19 حزيران/يونيو جمدت الدستور، في حين أنه كان قد جُمّد قبل ذلك طبقا للمادة 58 إثر حرب الرمال التي اندلعت في 1963 علي الحدود الغربية عندما هاجمت قوات مغربية الجزائر، وأدت إلي إعلان حالة الطوارئ، وظل الأمر كذلك حتي انتهت تداعيات الحرب. وكان أطرف ما في الأمر والذي يُبين حرص الرئيس الجديد علي مشروعية الأداء هو طلبه من المجلس الوطني أن يعهد بصلاحياته لمجلس الثورة، وهو ما تم بالفعل، وظلت البلاد نحو عشر سنوات بدون مجلس وطني، حيث رأي الرئيس هواري بو مدين تغيير أسلوب بناء المجالس المنتخبة لتبدأ من القاعدة، ولتكون العملية كلها تدريبا لمواطن لم يعرف الديمقراطية طوال الحكم الاستعماري علي ممارسة هذا الأسلوب العصري في إدارة شؤون البلاد، وذلك بعد حل أهم المشاكل الاجتماعية التي كانت تعرقل حركة المجتمع نحو المشاركة السياسية السليمة، وهي أساسا مشاكل الجهل والبطالة والمرض.
وهكذا عرفت الجزائر الانتخابات البلدية في 1967 ثم انتخابات الولايات (المحافظات أو الأقاليم التي ارتفعت من 16 إلي 31) في 1967، ثم أقر الميثاق الوطني في 1976 بعد مناقشة جماهيرية واسعة تلتها مناقشات حول الدستور المُنبثق منه، والذي أقر في 1977، وهنا أقيم البرلمان الجزائري من غرفة واحدة تحت اسم المجلس الشعبي الوطني، وكان أول رؤسائه المناضل الكبير رابح بيطاط، رحمه الله. وقام المجلس الوطني بعمله التشريعي بشكل متميز إذ ضم كفاءات متميزة، وكان ضمانا للانتقال السلمي للسلطة إثر وفاة الرئيس هواري بو مدين في 1978، ثم جُدد المجلس في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد في 1982 (وكانت نسبة المُشاركة 71.74 في المئة) ثم في 1987 (حيث بلغت نسبة المُشاركة 87.29 في المئة، ويلاحظ هنا أن الجيش وقوات الأمن كانت تصوت في صناديق خاصة كان يُمكن أن تؤثر صعودا علي نسبة المشاركة، وهو ما ألغي بعد ذلك). وكانت الانتخابات التشريعية التعددية الأولي في 1991 بداية الانزلاق نحو المأساة الدموية التي عرفتها البلاد، ولم يكن السبب هو فتح الباب أمام أحزاب دينية، كما هو رائج نتيجة لعدم دراسة الأوضاع، وإنما نتيجة لأن قانون الانتخاب المُصادق عليه من المجلس الوطني اعتمد نظام الأغلبية الذي يعطي الفائز الأول المقدرة علي اكتساح كل من يأتي بعده، بدلا من نظام النسبية الذي يُوزع مقاعد المجلس طبقا لعدد الأصوات المحصلة. وهكذا حصلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ علي نحو 188 مقعدا في الدور الأول لقاء نحو 3 ملايين صوت في حين لم تحصل جبهة التحرير، ولقاء نحو نصف عدد الأصوات، إلا علي عُشر عدد المقاعد، أي 18 مقعدا.
ويجب أن نلاحظ هنا امتناع نحو 40 في المائة من الناخبين عن التصويت. واعتقدت بعض قيادات الجبهة الإسلامية أن الدنيا دانت لها فاندفعت نحو تصرفات أخذت طابعا انقلابيا ومستفزا يريد تغيير كل الأوضاع، كتسمية رئيس الجمهورية مسمار جحا (أي المطلوب خلعه) ورفع شعار لا عمل ولا تدريس حتي يتنحي الرئيس ، وكتسيير فئات من الشباب الذي يهرول بالخطوات السريعة ويرتدي ملابس مرقطة كملابس الكوماندو ويطلق صرخاته، وكان أخطر ما رُفع من شعارات ما كتب علي لافتات كبيرة عبر شوارع المدن وهو: لا ميثاق ولا دستور ـ قال الله وقال الرسول ، بجانب تصريحات أخري أطلقتها بعض القيادات وهي تهدد بالويل والثبور لكل الخصوم، وهكذا ساد الذعر وخرج حسين آيت أحمد (هو نفسُه) علي رأس مظاهرة كبيرة رافضة النتائج ورافعة شعار: لا لدولة بوليسية ولا لدولة دينية. وكان ردّ الفعل علي ما ارتكب من حماقات إيقاف الدور الثاني وهو ما اعتبر في حينه عملا انقلابيا مضادا (Contre coup)، وبدأت سلسلة انزلاقات، التي بدأت بمأساة المحتشدات التي كانت أكبر أخطاء المرحلة وكان العنف والعنف المضاد، ودانت الدنيا لاتجاهات الاستئصال. ومن المؤسف أن وثيقة العهدات البرلمانية التي أصدرتها وزارة الاتصال أهملت تماما كل إشارة لهذه المرحلة، بحيث بدا الأمر كتعبير عن عقدة سياسية، لم يكن لها ما يبررها في منطق الدولة الحريصة علي سلامة مؤسساتها. ثم بدأت الأمور في الاتجاه نحو التهدئة بهدنة الجيش الإسلامي ثم قانون الرحمة (الرئيس زروال) الذي صحح نظرته قانون الوئام المدني (عبد العزيز بو تفليقة) واستكمله في العام الأسبق بميثاق السلم والمصالحة.
وكان هدف تعديل الدستور في 1996 والذي أقام غرفة ثانية للبرلمان، عرقلة أي احتمال لقيام حزب يملك أغلبية مطلقة في المجلس الوطني الشعبي، الذي أجريت انتخاباته في 2002 بنسبة مشاركة لم تصل إلي أربعين في المئة. وقبل أن أدخل في تفاصيل الانتخابات الأخيرة أسجل بأن المقولة التي تتغني بأن بلدانا كثيرة، في الشرق والغرب، لم تعط نتائج خيرا من هذه النتيجة، تدخل في إطار التبرير الساذج رغم أنها صحيحة ولم تفسد انتخابات بلدان كثيرة في الشرق والغرب، ربما لأنني كنت آمل في نسبة مشاركة تقترب من نسبة مشاركة الشعب في الاستفتاء علي ميثاق السلم والمصالحة كانت نحو 85 في المئة، وتمهد لمشاركة شعبية أكثر في العمل السياسي. ولعلي أقول هنا أيضا أن دعوة السيد حسين آيت أحمد لمقاطعة الانتخابات لم يكن لها تأثير خاص لسبب بسيط لمن يعرفون أوضاع الجزائر، حيث أن حزبه حصل في عنفوان قوته في مطلع التسعينيات علي نحو 500 ألف صوت من وعاء انتخابي تجاوز العشرة ملايين، وشعبنا اليوم، وبعد تجاربه المريرة التي عرف فيها من يقف معه ومن يزايد عليه ومن يتاجر باسمه لا يمكن أن يعطي بالا لنداءات سياسي، هو زعيم تاريخي بلا منازع، لكنه اقترب من أرذل العمر وهو يرأس حزبه منذ أكثر من أربعين سنة ويقوده بواسطة الفاكس والتليفون من جنيف حيث يعيش طوال شهور السنة.
والأمر نفسه ينطبق علي نداءات بعض قادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حلت بحكم قضائي، والتي كانت تعرف، كما كان يعرف، بأن الإقبال علي الانتخابات سيكون هزيلا، فأرادت أن تسجل وجودها علي الساحة التي ارتفعت فيها أصوات قادة آخرين يرفضون المقاطعة، وجلهم من الذين حملوا السلاح ضد السلطة وحاربوها بدون هوادة ولكنهم استجابوا لإرادة السلم والمصالحة وتفهموا بعض المُضايقات التي أصابتهم كما تقبلوا وضعية التضييق المرحلي علي نشاط بعضهم. وهكذا طاشت نداءات شيوخ يتحملون أمام التاريخ جانبا كبيرا من مسؤولية الأحداث الدموية في الجزائر بالتصرفات الانقلابية التي قاموا بها في بداية التسعينيات وقاد فعلهم إلي رد فعل لا يقل عنفا.
وكان من أطرف نداءات المقاطعة تلك التي صدرت عن رئيس حزب فرّ منه أنصاره حاملين معهم اسم الحزب ورصيده القانوني، وهكذا نشر إعلان تلو إعلان بدون توقيعات اسمية، وراح يندد في كل فرصة تسنح له بالذين سرقوا رداءه الحزبي وتركوه عاريا سياسيا، وكان الملحوظ هنا أيضا أن نداءاته نشرت في الصحافة الجزائرية ولم يكن لها من أثر إلا ابتسامات السخرية. والتحليل الموضوعي لضعف نسبة الإقبال علي صناديق الانتخاب يجب أن يكون مادة لدراسة جادة تقوم بها السلطات المعنية في الجزائر حتي يتم تدارك الأمر بما يسمح لجل المواطنين بالمشاركة في العملية الديمقراطية. وأتصور أن التشخيص الأول لما حدث هو أن الطبقة السياسية الجزائرية أثبتت فشلها في استنفار مجموع المواطنين، برغم أنها تضم شخصيات لها وزنها السياسي والاجتماعي، لكن هذا لم يتحول إلي وجود حزبي هرمي التكوين يستند إلي قواعد شعبية واضحة الانتماء، ترتبط بقيادات تحمل عناصر مشروع مجتمع تدعو له ولا تمارس نشاطها بالمساومات وشراء الولاءات. والحزب، أي حزب، هو تنظيم هيكلي يعكس واقعا سياسيا ونظرة اقتصادية ومفهوما اجتماعيا، ويعبر عن إرادة شريحة من الجماهير، وهذه صورة غير متوفرة في كثير من التشكيلات الحزبية، خصوصا منها تلك التشكيلات الطفيلية التي أنشئت يوما ما بهدف تفتيت الساحة السياسية وحرمان الأحزاب الكبري من أحلام التغييرات التي قد لا تنسجم مع دستور البلاد.
وباستثناء جبهة التحرير الوطني، التي تغيرت قياداتها أربع مرات في أقل من عشرين سنة، كانت معظم القيادات الحزبية ملتصقة بكراسي الرئاسة منذ إنشاء الحزب نفسه. وإذا عدنا للانتخابات الأخيرة فإننا نجد أن من أهم العناصر التي فتتت في عزم المواطنين هو الأداء المحدود للمجلس النيابي السابق، الذي لم يُقدم صورة متميزة عن نشاط برلماني يجسد صورة السلطة التشريعية، ولمجرد أنه كان ممزقا بين واقع البلاد والتزامات القيادة الحزبية، التي كانت هي نفسها تعيش تناقضات كثيرة بحكم التطورات التي عاشتها في السنوات الماضية. ويأتي هنا عامل مرتبط بذلك وهو الأداء الرديء للمرشحين، خصوصا الذين ينتمون لما يُسمّي بالأحزاب المجهرية، والذي كان تافها وسطحيا ولم ينجح في استنفار المواطنين، الذين تابعوا في نفس الأسبوع مجريات الانتخابات الفرنسية وأعجبوا بالمستوي العالي للحوارات السياسية، وفرضت المقارنة نفسها ليصل المواطن عندنا إلي إدانة للكثيرين ممن يتعاطون السياسة عندنا بل وأحيانا إلي اعتبارهم مرتزقة موسميين. وهكذا فضل المواطنون راحة المنزل علي عبء مراكز انتخابات لا يرجي منها شيء، ولا أعتقد أن الجانب الأمني كان له أثر في ذلك الإحجام لأن المواطن أدرك بأن التفجيرات الأخيرة كانت أساسا فرقعة إعلامية.
وأتصور أن هناك من كان يريد هذه النتيجة. غير أن هناك أكثر من جانب إيجابي برز في هذه الانتخابات، وأولها الحرية المطلقة التي تمتع بها المُرشح والمنتخِب علي حد سواء، فليس هناك قانون يُحتم علي المواطن المشاركة في الانتخابات، ولم تعرف الجزائر شاحنات تنقل المواطنين، بالترغيب أو بالترهيب، إلي مراكز الانتخاب. وتميزت الانتخابات بشفافية كبيرة بفضل وجود مراقبين للأحزاب داخل مراكز التصويت، ومتابعتهم عملية إعداد التقرير النهائي عن سير العملية، هذا بالإضافة إلي الحرية التي تمتعت بها لجنة مراقبة الانتخابات والتي رفعت تقارير إدانة لرئيس الجمهورية أشار لها وزير الداخلية في تصريح علني، وتم قمع كل محاولة للإخلال بنزاهة الانتخابات بسرعة مع تدوين المخالفات في محضر الانتخابات واحتمال رفع بعضها للعدالة. ويبقي جانب إيجابي آخر هو بداية اضمحلال الأحزاب الطفيلية التي لم تحقق نتائج تذكر، ليبقي علي الساحة عدد محدود من الأحزاب ذات الرصيد الانتخابي الهام. والواقع أن تفوق جبهة التحرير الوطني، ومع تقدير الجهود التي بذلها أمينها العام وبعض الإطارات، لم يكن نتيجة لأداء انتخابي متميز لجلّ المُشاركين، ولكنه تعبير يُسجل في خانة المواقف الثابتة للشعب الجزائري تجاه الجبهة، خصوصا في مرحلة اختارت فيها فرنسا رئيسا يمينيا نقل عنه تمجيده لمرحلة الاستعمار. (*) وزير سابق وكاتب من الجزائر (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 22 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

22 août 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3743 du 22.08.2010  archives : www.tunisnews.net  Kalima: Grève à l’office de la

En savoir plus +

26 août 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3747 du 26.08.2010  archives : www.tunisnews.net  L’ACAT-France: l’Allemagne ignore la demande du

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.