TUNISNEWS
8 ème année, N° 2631 du 06.08.2007
صــابر:حوار مع المحامي محمد عبو وإنطباع أفراد أسرته بعد إطلاق سراحه الحوار.نت:واقع السجون فى الوطن العربى بين التشريعات الداخلية والمواثيق الدولية أبو احمد:حوصلة لأهم اللأحداث السياسية خلال الشهرالمنقضي الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” :النقابيون يهتفون في شوارع صفاقس ضد برامج السلطة وضد تجريد النقابيين الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” :فينودوري مناضل نقابي :تجميد عضوين من النقابة الأساسية للصحة بباجة الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” :مختار العياري :5 أوت 2007 ومحاسبة النقابيين !!! من؟ متى؟ وكيف؟ الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” :الأحزاب المعارضة محايدة في معركة الديموقراطية والاستقلالية النقابية ! الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” :على ضوء اعتداء الجهاز البيروقراطي للإتحاد العام التونسي للشغل على نقابة التعليم الأساسي:الاستقلالية النقابية: من الشعار إلى الممارسة توفيق العياشي :رفع لبس والتباس:المغالطة الفاضحة.. والاتفاق المزعوم راشد الغنوشي: المنطقة منظورا إليها من نافذة العراق.. إلى أين تتجه؟ د. خـالد الطـراولي :للبيـت رب يحميــه … وللعـالم نسـأل السلامـة! خالد شوكات:هل بمقدور الإسلاميين العرب التوقيع على ميثاق “أردوغان”؟ محمد العروسي الهاني:خواطر وتعليق على الحوار الذي أجرته قناة المستقلة مساء الاحد
عبد الحميد الحمدي: هذه الشبلة من ذاك الأسد… كلمات لسلوى الشرفي د. محمد الهاشمي الحامدي :عظيم من عظماء الإنسانية: خالد بن الوليد أم أسيل: زلازل أبي القاسم صحيفة “الحياة” :200 جمعية وألف ناد وجائزة لحماية البيئة في تونس صحيفة “القدس العربي”:الجزائر وتونس يوقعان تسع اتفاقيات تعاون في ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة جريدة “الشعب” :كيف ستكون الفضائية الجديدة في برمجتها ومضامينها وتقنياتها وعلى اية كفاءات ستعتمد؟! موقع ميدل ايست اونلاين :ناقوز: التراث التونسي يعانق الموسيقى الغربية صحيفة “القدس العربي”:التيار الاسلامي الموريتاني يحصل علي الشرعية بعد انتظار طويل مليء بالصدامات مع السلطة موقع “سويس إنفو” :ساركوزي ينفي اي تنازلات قبل صفقة السلاح الليبية صحيفة “الحياة” :المغرب يصادر أسبوعيّتين بتهمة «الإخلال بالاحترام الواجب للملك» صحيفة “الحياة” :مصر: منع محامين وحقوقيين وصحافيين من حضور محاكمة 40 من قادة «الإخوان» الجزيرة. نت: الحُكم والإسلاميون في الأردن على حافة الانفجار´ الموقع الرسمي للأخوان المسلمين بالأردن : لماذا قاطعنا العرس الديمغوائي؟
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
بسم الله الرحمان الرحيم حوار مع المحامي محمد عبو وإنطباع أفراد أسرته بعد إطلاق سراحه
حكام تونس يحكمون البلاد بعقلية خارج العصر ويريدون صفر معارضة ومائة بالمائة تصفيق , والسجن لن يرهبنى ولن يغيرني , وسأواصل التعبير عن رأيي والنضال من أجل الإصلاح والتغيير في تونس وقد عبرت السيدة سامية عبو وإبنتها الصغيرة أيضا عن إحساس إنساني نثمنه عاليا تجاه أسر المساجين السياسيين الذين لم يطلق سراح أبناءهم أو آباءهم , والتى قاسمت بعضهم محطات نضالية ستضل عالقة بالبال الحوار ورد على شاشة قناة الحوار التونسي في عــــ65 ــــددها علـــــى Google Video http://video.google.fr/videoplay?docid=6433557973489921946 وعلى جزئين على dailymotion 1 http://www.dailymotion.com/Saber_ch/video/x2ov4b_tunisieinteview-abbou12_news 2 http://www.dailymotion.com/saber_ch/video/x2ov8q_tunisieinteview-abbou22wmv_news إنطباعات أسرة الأستاذ محمد عبو علـــــى Google Video http://video.google.fr/videoplay?docid=-8490015759381769174 وأيضا على dailymotion http://www.dailymotion.com/saber_ch/video/x2ovay_tunisierencontre-avec-famille-abbou_news صــابر : سويســرا
شهد الشهر المنقضي أحداثا سياسية هامة على المستويين الداخلي والخارجي.
وأثارت تلك الأحداث جدلا إعلاميا وشدت انتباه الرأي العام في الداخل والخارج . وتعميما للفائدة نجملها في هذه الحوصلة
أبو احمد خـارجيـا خارجيا جلبت مجموعة من أحداث اهتمام الرأي العام في بلادنا، وأثارت جدلا إعلاميا برز على وجه الخصوص على أعمدة صحيفتي ”الموقف“ و ” مواطنون“ وصفحات تونس نيوز وغيرها. وأبرز تلك الأحداث: I – احداث غزة: فقد اعتبرت العملية التي قامت بها “حماس” لتطهير القطاع من الخونة وعملاء الاستعمار أي عصابة محمد دحلان المدعوم سياسيا بغطاء من الرئيس محمود عباس، اعتبرت من قبل العديد من أعداء مشروع الممانعة: – انقلابا على الشعرية التي يمثلها محمود عباس؟ تأكيدهم على أن الإسلاميين لا يؤمنون بالديمقراطية وأنهم يستعملونها وسيلة للوصول إلى الحكم ثم ينقلبون عليها. وحاول البعض في تونس استغلال هذا الأمر لمحاولة بث نوع من اجواء انعدام الثقة بين الإسلاميين وبقية شركائهم في 18 أكتوبر. بل إن البعض من أعضاء 18 أكتوبر عبر في مجالس خاصة عن ” أن ما حدث في غزة يجب أن يدفع شركاء الإسلاميين لإعادة النظر في شراكتهم هذه او الوقوف على الأقل وقفة تأمل حولها”. غير أن ما تلا عملية غزة من كشف لما سمي بالكنز ألاستخباراتي وحسن تصرف “حماس” في القطاع مقابل ما جرى في الضفة ليّن نوعا ما مواقف عديد الأطراف العربية والمحلية هنا في تونس. II – الانتخابات الفرنسية: وشدت انتخابات الرئاسة الفرنسية اهتمامات قطاعات واسعة من التونسيين، وحررت عديد المقالات حتى بدا وكأن رهانات الانتخابات الفرنسية هي رهانات الداخل التونسي. وبدا واضحا أن اليسار يقف مع سيغولان رويال فيما انبرى آخرون للدفاع عن ساركوزي. ويذكر في هذا الجانب أن أنباء صحفية تحدثت عن دعم السلطة لمرشح اليمين وأنها دعت الجالية التونسية في فرنسا للتصويت لفائدته رغم المواقف التي أعلنها وهدد فيها باتخاذ إجراءات صارمة ضد المهاجرين. ولعل مصدر الاهتمام بالانتخابات الفرنسية هو تأثير مواقف كل من اليمين و اليسار على الأوضاع في تونس. فتقليديا كان اليمين الحاكم إلى جانب السلطة فيما كان اليسار داعما لمنظمات المجتمع الأهلي واقل قربا من السلطة. III – مؤتمر حركة النهضة وهو مؤتمر جمع بين كونه حدثا خارجيا لأنه يقع في بريطانيا ودون حضور ممثلين عن الداخل، وبين كونه حدثا يهم الأوضاع الداخلية بصفة مباشرة لأنه يتعلق بحركة سياسية تونسية بالأساس. واهم ما استرعى الانتباه في هذا المؤتمر هو عدد ونوعية الحضور، وانتخاب العلامة راشد الغنوشي من جديد رئيسا للحركة وإعلانه أنها ستكون آخر مرة يترأس فيها الحركة، والقرارات التي اتخذها المؤتمر بتحديد فترات الرئاسة الحركة بدورتين فقط. أما أهم ما استرعى انتباه المتابعين السياسيين في تونس فهو الموقف من المصالحة ، وعدم تعرض البيان إلى المحطات السياسية القادمة أي انتخابات 2009. VI – الانتخابات التركية التي أثارت جدلا كبيرا بين الإسلاميين والعلمانيين. وتركز الجدل حول العلمانية ومن يحميها وخصوصا حول تدخل الجيش لحماية النظام العلماني. وأثارت هذه المسالة جدلا يبدو أن الإسلاميين كانت أقوى حجة فيه. داخلـيـا 1- أعلنت السلطات التونسية عن إطلاق سراح 22 من سجناء حركة النهضة الإسلامية في إطار عفو بمناسبة عيد الجمهورية. وقد قضى اغلب المطلق سراحهم ما يقرب من 17 سنة سجنا قضوا اغلبها في العزلة الانفرادية او الجماعية. ويمثل المفرج عنهم مؤخرا جزءا من مجموعة من 54 سجينا إسلاميا هم آخر من تبقى من سجناء الحركة منذ بداية حملة الاستئصال التي قامت بها السلطة أوائل التسعينات. وبخروج هذه المجموعة يكون عدد من تبقوا من أبناء حركة النهضة في السجن في حدود الثلاثين سجينا على رأسهم الدكتور صادق شورو رئيس مجلس الشورى السابق لحركة، والأخ عبد الكريم الهاروني الرئيس العام الأسبق للاتحاد العام التونسي للطلبة والشيخ لطفي السنوسي. 2 – عمت الأفراح مختلف إنحاء الجمهورية مباشرة بعد تسرب نبأ إطلاق سراح سجناء من حركة النهضة وظل عديد المراقبين وأبناء الحركة يتابعون عبر الهاتف أخبار المفرج عددهم وأسمائهم. 3 – عبر المفرج عنهم من الحركة عن روح معنوية عالية وصبر كبير على البلاء الذي تعرضون له دون أن ينال ذلك من معنوياتهم أي شيء. 4 – يتواصل الجدل داخل التنظيم الذي دعت الى تكوينه كل من حركة التجديد ومجموعة من المستقلين. ويمثل التصدي للظاهرة الاسلامية ومنع عودتها للساحة الركيزة الاساسية التى تجمع هذا الشتات من اليسار الاستئصالي في اغلبه. غير ان العداء للإسلامين لا يمكن ان يشكل اساسا لتحالف سياسي لذلك وبمجرد. ان بدأ النقاش حول المحاصصة داخل الحزب تصدعت الوحدة الموهومة وانتهى المؤتمر دون انتخاب ايا من الهياكل القيادية حرمل الذي كان ينوي تزعم هذا التيار خرج بمنصب شرفي يتمثل في رئاسة شرفية للحزب الوليد وهو ما يعني إحالته على المعاش السياسي بصفة مهذبة، الامر الذي دعا أتباعه إلى رفض نتائج المؤتمر واعتباره انقلابا سياسيا على ”التجديد“ وقياداته وهياكله التاريخية. أما جماعة سناء بن عاشور ففضلت البقاء خارج اللعبة وعدم الدخول في أي من هياكل الحزب الجديد. اكبر المستفيدين من الوضع الجديد هم جماعة احمد بن إبراهيم الذي يحظى بدعم من المستقلين وشق من التجديديين. يذكر أن المؤتمر الأخير للتجديد انتخب مجموعة من أربعين عضوا 20 تجديديين و20 مستقلين يمثلون اللجنة المركزية وكل إليها انتخابات إنهاء الخلاف حول بقية المناصب السيادية ومنها الأمين العام والناطق الرسمي. 5 – شكلت انتخابات عماد المحاماة الهيئة الوطنية للمحتمين وانتخابات الفروع حدثا شد إليه الانتباه، وخاصة التحالفات التي رافقتها واحدة من أهم الأحداث التي شهدتها البلاد. ويبدو أن الجدل حول هذه المسالة سيتصاعد في قادم الأيام.انظر مقال عباس الجلولي في الصفحة الأولى من جريدة”الموقف“. لقد تميزت الانتخابات الأخيرة بـ: انتخاب عميد مدعوم من الإسلاميين. فوز الإسلاميين بمقعدين في الهيئة الوطنية وعدد من أعضاء هيئة فرع تونس. فوز الإسلاميين بعدد من المقاعد هيئة فرع تونس. وأثارت هذه الانتخابات جدلا بدأ مع نهاية عمليات الفرز لصناديق الاقتراع الخاصة بانتخاب أعضاء الهيئة الوطنية الذي فاز بعضويتها الإسلاميون والتجمعيون. وسرت عديد الشائعات في هذا المجال. الخبر روج له بعد انتخابات العمادة مباشرة كل من حمة الهمامي وراضية النصراوي. واعتمد حمّة في روايته التي اسرع بها إلى عدد من رموز الساحة السياسية على رواية لعبد الرؤوف العيادي. والحقيقة هي أن ما جرى كان بمثابة ردة فعل متشنجة لمن لم يحالفهم الحظ خلال انتخابات العمادة والهيئة والفروع. وستلقي هذه المعطيات بظلالها على انتخابات فرع تونس وخاصة حين قرر التجمع دعم شوقي الطبيب الذي كان الإسلاميون تحالفوا معه منذ بداية الانتخابات. إصرار الإسلاميين على دعم الطبيب في الدور الثاني للانتخابات مقابل الكيلاني أستغل من قبل البعض لتأكيد ما حالوا الترويج له في انتخابات العمادة والهيئة الوطنية. ويبدوا من خلال الحملة الإعلامية التي يحاول البعض شنها مستغلا هذا الحادث أن يزيد الضغط على الإسلاميين حتى يظلوا دائما في الزاوية ومن اجل ابتزازهم سياسيا بطريقة اكبر. المسلة الثانية التي شغلت بال الرأي العام في المدة الأخيرة هي الاتصالات التي قام بها منصر الرويسي والتي تم الحديث عن تفاصيلها في جريدة “الموقف”. وما يمكن إضافته في هذا المجال هو أن معطيات دقيقة ولكنها غاية في السرية تقول أن السلطة وبعد الرسالة التي وجهها الطريفي لرئاسة الدولة عبرت عن حرصها على حل ملف الرابطة بشرطين : – الأول انتخاب رئيس مستقل فعلا عن كل التيارات و التأثيرات السياسية. – أن يسمح بالتواجد لمختلف التيارات السياسية بحظوظ متساوية – أن يقع حل إشكالات الفروع. 6 – عقدت هيئة 18 اكتوبر للحقوق و الحريات ندوة حول الجمهورية وأكثر ما يلفت الانتباه في هذه المسالة هي محاولة البعض – الشابي خاصة- جعلها بداية وانطلاقة لحملة المعارضة لانتخابات 2009. وستسبب هذه المسالة عدة إشكالات لان الآراء حول 2009 ليست واضحة وغير محسومة بعد، فيما يدفع الشابي إلى الاصطفاف خلفه كمرشح لمعارضة. ويبدو أن الشابي سينتظر الى نوفمبر القادم ليفسح المجال للنقاش حول هذه المسالة وإلا فانه سيمضي لوحده في خياراته المتعلقة بهذه المسالة. ويبدو انه سيبني تحالفاته ومواقفه من شركائه على هذه النقطة. الندوة شهدت تدخلات متميزة كان ابرزها تدخل الاخوة رشيد خشانة وزياد الدولاتلي وحمة الهمامي.
واقع السجون فى الوطن العربى بين التشريعات الداخلية والمواثيق الدولية
دراسة مقارنة ” لقوانين السجون في إحدى عشرة دولة عربية “مصر، المغرب ، لبنان ، الكويت ، الأردن ، تونس ، اليمن ، العراق ، الجماهيرية الليبية ، السودان ، السلطة الفلسطينية” إعداد: شــريف زيفــر هـــلالى المحامى رقم الإيداع : 21932 /2004 الناشر: المنظمة العربية للإصلاح الجنائي جميع إصدارات المنظمة غير مخصصة للبيع العنوان: 14 شارع سرايا الأزبكية – عماد الدين “خلف الأمريكيين “ شقة 17 الدور الثالث تليفون: 7872630 – 7872629 (202) فاكس 7872631 (202) البريد الإليكتروني: apro@aproarab.org الموقع على الإنترنت: www.aproarab.org تمهيـــد: فى ضوء الاهتمام بأوضاع وتشريعات وقوانين السجون تقدم المنظمة العربية للإصلاح الجنائي هذه الدراسة التي تبحث أوجه التعارض بين بعض قوانين السجون العربية في إحدى عشرة دولة عربية وهي: “مصر، المغرب، لبنان، الكويت، الأردن، تونس، اليمن، العراق، الجماهيرية الليبية، السودان، السلطة الفلسطينية” وبين قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء التي أقرها المؤتمر الأول للأمم المتحدة حول الوقاية من الجريمة ومعاملة المجرمين “جنيف 1955″، وأقرت من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1977. وفي ضوء التركيز على الدراسات القانونية والأكاديمية خاصة في علاقتها بتطبيق الإعلانات والاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر والدول العربية. تبرز هذه الدراسة الإشكاليات القانونية الناتجة عن عدم ملاءمة التشريعات الوطنية لهذه الإعلانات والاتفاقيات والمواثيق الدولية وتحاول وضع حلول لهذه المشكلة. وتأمل المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أن تسد أولى دراساتها تلك التي تمثل جهدا مبدئيا في تناول قوانين السجون العربية – نقصا في حقل الدراسات القانونية المقارنة ذات الاهتمام بقوانين السجون. ومن خلال نشاط المنظمة في رصد القوانين والتشريعات العربية وبشكل خاص قانوني العقوبات والإجراءات الجنائية وتنقيتهما مما يتعارض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كذلك التركيز على المعوقات القانونية التي تحول دون الاعتراف بحقوق السجناء وأن يظلوا جزءا من المجتمع، تؤكد المنظمة من خلال هذه الدراسة أن المشكلة في عالمنا العربي ليست في النصوص بقدر علاقتها بالتطبيق و بنظرة مؤسسات الدولة للسجين والهدف المتوخى من عقوبة السجن، هل يراد بها الإيلام في حد ذاته؟ أم تستهدف إصلاح السجين وتأهيله ليصبح فرداً فاعلاً في المجتمع؟ وتشمل الدراسة أيضا رصد بعض القوانين الأخرى ذات الصلة مثل قانون العقوبات والإجراءات الجنائية في علاقتها بمعاملة المحتجزين، بالإضافة إلى ذلك تلقي الدراسة إضاءات على الواقع العملي في السجون العربية لتبقى المقارنة حاضرة في ذهن القارئ دائما. كما تدعو المنظمة العربية للإصلاح الجنائي من خلال هذه المقدمة منظمات حقوق الإنسان على المستويين العربى والدولى لتبنى إصدار اتفاقية دولية خاصة بالسجون تضع قواعد الحد الأدنى لمعاملة السجناء في اعتبارها، وتستطيع إنشاء آليات لمراقبة الالتزام ببنودها. وأخيراً يسعد المنظمة تلقى أية ملاحظات أو تعقيبات على هذه الدراسة حتى تؤخذ بعين الاعتبار في دراساتها القادمة. محمـد زارع / مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائى الفصل الخاص بأوضاع السجون في تونس (**) كما ورد في التقرير الجديد http://www.tunis-online.net/upload/up/Report_2007Gefaengnissetn050807.pdf (**) تذكير بقانون السجون التونسي
نظام السجون أمر عدد 1876 لسنة 1988 مؤرخ في 4 نوفمبر 1988 يتعلق بالنظام الخاص بالسجون. (الرائد الرسمي عدد 75 بتاريخ 4 نوفمبر 1988 ص 1510) إن رئيس الجمهورية، بعد الاطلاع على الدستور وخاصة الفصل 53 منه، وعلى القانون عدد 30 لسنة 1968 المؤرخ في 29 ديسمبر 1968 المتعلق بانضمام البلاد التونسية إلى الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية. وعلى القانون عدد 70 لسنة 1982 المؤرخ في 6 أوت 1982 المتعلق بضبط القانون الأساسى العام لقوات الأمن الداخلى. وعلى القانون عدد 79 لسنة 1988 المؤرخ في 11 جويلية 1988 المتعلق بالمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1984 الخاص بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة. وعلى الأمر عدد 85 لسنة 1960 المؤرخ في 16 مارس 1960 المتعلق بتنظيم المصالح السجنية. وعلى الأمر عدد 1244 لسنة 1984 المؤرخ في 20 أكتوبر 1984 المتعلق بتنظيم وزارة الداخلية المنقح بالأمر عدد 526 لسنة 1986 المؤرخ في 5 مايو 1986 وبالأمر عدد 193 لسنة 1988 المؤرخ في 15 فيفري 1988. وعلى رأى وزير الداخلية وعلى رأى المحكمة الإدارية يصدر الأمر الآتي نصه: الفصل الأول تخضع السجون إلى التشريع الجاري به العمل وإلى أحكام هذا الأمر، والسجون هى أماكن معدة لايواء الأشخاص المودعين لديها من طرف السلطة القضائية ذات النظر وذلك خاصة بهدف إصلاحهم وتهذيبهم وتقويم سلوكهم وتأهيلهم للاندماج من جديد في المجتمع. الفصل 2 تنقسم السجون إلى ثلاثة أصناف: 1 – سجون رئيسية. 2 – سجون جهوية. 3 – سجون شبه مفتوحة. ويقع تصنيف السجون بمقتضى قرار من وزير الداخلية. أ – السجون الرئيسية تأوى: المحكوم عليهم مدة خمس سنوات أو بعقاب أشد. ب – السجون الجهوية تأوى. – الموقوفون تحفظيا. – المحكوم عليهم بعقوبة السجن لآماد دون [1] سنوات. ج – السجون شبه المفتوحة: – تأوي هذه السجون المشغلين إصلاحيا. كما يمكن أن تأوي المحكوم عليهم بالسجن من أجل جنح أو مخالفات. الفصل 3 لا يجوز إيداع أي شخص إلا تنفيذا لحكم أو بمقتضى بطاقة جلب أو بطاقة إيداع أو جبر بالسجن. الفصل 4 يتعين على مدير السجن مسك دفتر مرقم ومختوم لتسجيل هوية كل سجين واسباب ايقافه والسلطة القضائية التى صدر عنها إذن الإيقاف ويوم وساعة الايداع أو الخروج. الفصل 5 إثر تقديم السجين وإتمام إجراءات الايداع يجب تفتيشه وتسلم ما قد يوجد معه من أموال وأشياء ثمينة وممنوعات وتدوينها بالسجلات الخاصة لايداعها وكذلك كلما غادر غرفة ايقافه لاي سبب كان وعاد إليها باستثناء خروجه للفسحة بساحة الجناح المقيم به. الفصل 6 يقع عند الاقتضاء تسليم بطاقات خاصة لكل سجين تحمل بالخصوص هويته وصورته. الفصل 7 يقع تصنيف المساجين حسب الجنسوالسن ونوع الجريمة والحالة الجزائيةبحسب ما إذا كان محكوما عليه أو موقوفا وكان مبتديا أو عائدا.ويقع في كل سجن إعداد أجنحة لإيواء الفئات المصنفة وفق الإمكانيات المتاحة. الفصل 8 يقع إيواء السجينات إما بالسجن الرئيسي للنسوة أو بأجنحة منعزلة بالسجون الجهوية وتسهر على شؤونهن حارسات يعملن تحت إشراف مدير السجن. ولا يجوز لمدير السجن دخول النسوة أو ورشة التكوين والانتاج إلا مصحوبا بحارسة وعند التعذر بعونين. الفصل 9 يمكن قبول الأطفال المصاحبين لأمهاتهم عند ايداعهن السجن والاحتفاظ بهم إلى بلوغ الثالثة من عمرهم ويمكن بطلب من الأم تمديد المدة بعد موافقة الإدارة العامة للسجون والاصلاح. وتخضع لنفس الاجراءات السجينات اللاتى تضعن حملهم أثناء حبسهن ، وإذا بلغ الطفل سن الثلاثة أعوام يقع تسليمه إما لوالده أو لمن تختاره الأم وإذا تعذر ذلك يقع تسليمه إلى إحدى مؤسسات رعاية الطفولة مع مراعاة التشريع الجاري به العمل. الفصل 10 توفر الإدارة للسجين عند إيداعه السجن فراشا فرديا وما يلزمه من غطاء وعليه بالمحافظة على هذه التجهيزات بنظافتها وإرجاعها عند مغادرته السجن. ويكون نظام الإقامة بالحبس الجماعي بالليل والنهار على أنه يمكن كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو أمن وسلامة السجين عزله في غرفة تتوفر فيها الضروريات الأساسية والصحية على أنه إن تعذر عزله منفردا يمنع جمع سجينين في غرفة واحدة. الفصل 11 يقع اطلاع السجين عند إيداعه السجن على النظام الداخلي للسجن حتى يكون ملما يالتراتيب السجنية ويتقيد بها، وذلك عن طريق التعليق بالأماكن المخصصة لذلك بالسجن. الفصل 12 تتم عملية تعداد المساجين عند فتح وغلق الغرف السجنية مرتين في اليوم وكلما اقتضت ضرورة العمل. الفصل 13 تقع مراقبة المساجين بصفة مستمرة سواء بالليل أو بالنهار ويجب تفتيش الغرف وأمتعة المساجين بصفة دورية ومن حين لآخر وكلما دعت الضرورة إلى ذلك. الفصل 14 للسجين الحق في : 1 – التغذية. 2 – المعالجة والدواء داخل السجن أو المستشفي بإشارة من طبيب السجن إن تعذرت المعالجة بمصحة السجن. 3 – توفير أدوات الحلاقة وفق التراتيب الجاري بها العمل. 4 – توفير مستلزمات النظافة. 5 – الاستحمام مرة في الأسبوع أو وفق تعليمات طبيب السجن. 6 – تلقى القفة والطرود والملابس التى ترد عليه من أهله. 7 – قبول الحوالات والشيكات الموجهة إليه. 8 – تلقى زيارة دورية. 9 – مقابلة المحامي المكلف بالدفاع عنه بدون حضور أحد اعوان السجن بمكتب خصص لذلك بالنسبة للموقوف تحفظيا أو المحكوم عليه بحكم بات. 10- مقابلة محام وذلك بالنسبة للمحكوم عليه بحكم بات وذلك بترخيص من المدير العام للسجون والإصلاح بحضور أحد موظفي السجن. 11- المراسلة وفق التشريع الجاري به العمل. 12- قبول أدوات الكتابة وكتب المطالعة بعد مراقبتها. 13- مقابلة مدير السجن. 14- مكاتبة المحامي المكلف بالدفاع عنه والسلطة القضائية والإدارية المعنية عن طريق إدارة السجن. 15- التشغيل بالنسبة للمحكوم عليه بما يتماشى وطبيعة العمل واختصاصه مقابل اجر يحدد الإمكانيات المتوفرة. 16- الخروج إلى الفسحة اليومية بما لا يقل عن ساعة. الفصل 15 يجب على السجين: 1 – التقيد بالنظام المعمول به واحترام التراتيب السجنية. 2 – الامتثال لأوامر الأعوان تطبيقا للتراتيب الجاري بها العمل. 3 – الوقوف أثناء عمليات التعداد اليومي. 4 – احترام الأنظمة الإدارية عند توجيه أو تلقي المراسلات. 5 – عدم الامتناع عن الخروج إلى الفسحة اليومية. 6 – ارتداء الزي الخاص بالنسبة للمحكوم عليهم. 7 – القيام بتنظيف ثيابه وما بعهدته من فراش وغطاء والمحافظة عليه. 8 – تنظيف غرفة إيقافه أو ورشة التكوين. 9 – الاحجام عن تحرير العرائض الجماعية. 10- الامساك عن الاحتفاظ بالأشياء غير المرخص فيها طبقا للأنظمة الداخلية للسجون. 11- الإمساك عن الإضرار بأي شئ من ممتلكات السجن. 12- الامتناع عن لعب الورق. الفصل 16 يتعرض إلى إحدى العقوبات التالية السجين الذي يخل بإحدى الواجبات المبينة بالفصل 15 من هذا الأمر أو يمس بحسن سير السجن أو يخل بالأمن به: 1 – الحرمان من تلقى الفقة والطرود لمدة معينة على ألا تتجاوز 15 يوما. 2 – الحرمان من زيارة ذويه له لمدة معينة على ألا تتجاوز 15 يوما. 3 – الحرمان من تلقى أدوات الكتابة والنشريات لمدة معينة على ألا تتجاوز 15 يوما. 4 – الحرمان من الشغل. 5 – الحرمان من بعض المكافآت. 6 – الحرمان من اقتناء بعض المواد من مغازة التزويد. 7 – وضعه في غرفة منفردة تتوفر فيها التجهيزات الأساسية والصحية وذلك لمدة أقصاها عشرة أيام. وتسلط هذه العقوبات وتحدد مدتها من طرف لجنة التأديب وذلك بقطع النظر عما يمكن أن يؤاخذ به المعني بالأمر جزائيا. ويمكن لمدير السجن الاكتفاء بتوجيه إنذار أو توبيخ للسجين المخالف دون حاجة عندئذ إلى الرجوع إلى لجنة التأديب. الفصل 17 يجب على السجين الذي ألحق ضررا بممتلكات السجن أن يعوض قيمة ما وقع الإضرار به من ماله المودع بصندوق السجن بعد استصدار قرار في الموضوع من طرف لجنة التأديب التى تحدد قيمة التعويض. الفصل 18 لا يمكن تسليط أي عقاب تأديب على السجين إلا بعد الاستماع إليه وتلقى ما له من المؤيدات. ويقع إعلام الإدارة العامة للسجون والإصلاح كتابيا بكل إجراء تأديبي يتخذ من طرف لجنة التأديب. وللسجين حق الاعتراض على ذلك الإجراء في أجل يومين من تاريخ إعلامه لدى إدارة السجن التى ترفعه حالا إلى الإدارة العامة والاعتراض لا يوقف التنفيذ. ويحق لهذه الأخيرة أن تقر الإجراء أو تخفض فيه. الفصل 19 تتركب لجنة التأديب المنصوص عليها بالفصول السابقة من مدير السجن بصفة رئيس وعضوية مساعد مدير السجن والعون المكلف بالارشاد الاجتماعي والعون الذي عاين المخالفة بدون أن يكون له الحق في التصويت وسجين حسن السلوك يقع اختياره من طرف مدير السجن من نفس الغرفة التى يقيم بها السجين المخالف أو ورشة التكوين أو حضيرة العمل ويمكن عند الاقتضاء للجنة التأديب دعوة أخصائي للاستعانة برأيه في الغرض. الفصل 20 يمكن للمدير العام للسجون والإصلاح وباقتراح من مدير السجن مكافأة المساجين الذين امتازوا بحسن سلوكهم داخل السجن أو ساهموا في توفير الانتاج وتحسين الانتاجية أو حذفوا مهنة تساعدهم على كسب عيشهم في الحياة الحرة أو تعلموا القراءة والكتابة خلال مدة إقامتهم بالسجن. وتتمثل هذه المكافأة في : 1 – الزيارة بدون حاجز بالنسبة للمقيمين بالسجون شبه المفتوحة. 2 – الأولوية في التشغيل. 3 – التكليف بمسئولية ناظر غرفة. 4 – الترفيع في أجرة العمل. 5 – مساندة ملفه المتعلق بالسراح الشرطي أو العفو. 6 – منح رخصة وقتية للمحكوم عليهم بالتشغيل الإصلاحى لا تتجاوز مدتها الاسبوع قابلة للتجديد خلال السنة الواحدة وذلك لاسباب عائلية أو بمناسبة الأعياد. 7 – تمكين الممتازين من العملة عند الافراج عنهم من أدوات مهينة تتلاءم واختصاصاتهم. 8 – تمكين المتفوقين في الدراسة من أدوات مدرسية عند اختتام السنة الدراسية. الفصل 21 يقع ضبط مدة عمل السجين داخل السجن من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح على ألا تتجاوز المدة القانونية. الفصل 22 يمكن فرض ارتداء الزي الخاص على المحكوم عليهم ويستثني من ذلك المساجين الذين لم يبلغوا سن العشرين عاما أو تجاوزوا سن الستين عاما وكذلك المودعين بالسجن تنفيذا لأذون الجبر بالسجن. الفصل 23 يبقي الموقوفون تحفظيا بلباسهم الشخصى إلا إذا اقتضت نظافة السجين خلاف ذلك. ولهم قبول اللباس الخاص الوارد إليهم من طرف ذويهم بعد تفتيشه والتحقق من سلامته. وينسحب هذا الإجراء على المحكوم عليهم المعفيين من ارتداء الزي الخاص وكذلك على الملابس الداخلية الواردة إلى بقية أصناف المحكوم عليهم. الفصل 24 تقدم الشكايات والمطالب المتعقلة بمقابلة مدير السجن عن طريق الرقيب المكلف بالجناح الموجود به السجين. وعلى مدير السجن الاستجابة لطلب المقابلة في أجل لا يتجاوز 24 ساعة. وكذلك بالنسبة لاحالة التشكيات إلى السلطة القضائية والإدارية كل حسب اختصاصه. الفصل 25 يمكن لمدير السجن الترخيص للسجين بصفة استثنائية وفي الحالات المتأكدة في توجيه أو تلقى البرقيات وإرسال الحوالات. وتتولى إدارة السجن القيام باجراءات الإرسال وتحمل نفقاتها على عاتق المعني بالأمر. الفصل 26 تقبل قفة المؤونة والطرود طبق الاجراءات الداخلية المعمول بها وتسلم لصاحبها في نفس اليوم بعد مراقبتها بمحضره. الفصل 27 تقدم للسجين وجبتان غذائيتان اساسيتان ذات قيمة غذائية كافية الأولي عند الزوال والثانية في المساء. ويقع تمكين السجين العامل بإحدى الورشات أو الحضائر السجنية من وجبة غذائية إضافية صبيحة كل يوم عمل. كما يقع تمكين السجين المريض من الغذاء الموصوف من طرف طبيب السجن. الفصل 28 يمكن للسجين اقتناء بعض حاجياته من مواد غذائية وغيرها من مغازة التزويد الموجودة بالسجن. ولمدير السجن الحق في تحديد الكمية المراد اقتناؤها عندما يلاحظ وجود تجاوزات. الفصل 29 تودع الأموال التى يحملها السجين معه عند دخوله السجن أو الموجهة إليه من طرف ذويه أو المتأتية من مستحقات العمل بمكتب الودائع ويسترجعها عند مغادرته السجن مقابل إمضائه بالدفتر المعد للغرض. ويمكن للسجين صرف المبالغ المودعة على ذمته أو البعض منها اثناء إقامته بالسجن لاقتناء حاجياته من مغازة التزويد. ويقع تقسيم المبالغ المتأتية من مستحقات العمل إلى قسطين. القسط الأول : يسمي مبلغ التصرف ويوضع على ذمة السجين لاقتناء حاجياته من مغازة التزويد. القسط الثاني : ويسمى مبلغ الاحتياط ويسلم إليه عند سراحه. الفصل 30 عند وفاة أحد المساجين تسلم المبالغ المالية المودعة على ذمته إلى الشخص الذي أوصى له بذلك أو إلى الورثة أو وكيلهم أو إلى الشخص المعين من طرف المحكمة ذات النظر، وفي صورة عدم وجود من ذكر تؤول المبالغ المالية المودعة على ذمته إلى صندوق الدولة طبقا لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 87 من مجلة الأحوال الشخصية. الفصل 31 يجب أن تتوفر في محلات الإيقاف وورشات التكوين المتطلبات الأساسية اللازمة لحفظ الصحة. الفصل 32 يبادر السجين في صبيحة كل يوم وفور النهوض من النوم بتنظيف مظهره بواسطة المواد الأساسية للنظافة المتوفرة له من طرف إدارة السجن أو التى اقتناها من مغازة التزويد أو من طرف ذويه. الفصل 33 يتعين على السجين الاستحمام مرة في الأسبوع وفي الحالات الخاصة يقع تمكين السجين المريض من الاستحمام وفق تعليمات طبيب السجن. الفصل 34 يتعين على السجين حلق شعر رأسه بصفة دورية إلا إذا اقتضت قواعد النظافة الصحية خلاف ذلك.ويقع حلق اللحية مرتين في الأسبوع على الأقل. الفصل 35 يقوم السجين بتنظيف ثيابه بنفسه أو عن طريق عائلته الفصل 36 كل سجين مطالب بترتيب فراشه وتنظيف غرفة إيقافه في صبيحة كل يوم بواسطة مواد التنظيف التى توفرها إدارة السجن. الفصل 37 يقوم السجين بتنظيف الورشة التى يعمل بها وذلك إثر انتهاء حصة العمل اليومية تحت إشراف رئيس الورشة. الفصل 38 يتعين على السجين الخروج مرتين إلى الفسحة في صبيحة ومساء كل يوم وتضبط مدة الفسحة من طرف مدير السجن وتراعى فيها ظروف كل سجن على حدة. الفصل 39 يقع عرض السجين بمجرد ايداعه السجن على فحص طبيب السجن وإذا ما اتضح انه مصاب بمرض معد يقع عزله بجناح معد للغرض. الفصل 40 يقوم طبيب السجن بفحص ومعالجة السجين المريض بالمصحة السجنية، ويوضع السجين المريض بالمصحة السجنية بإشارة من طبيب السجن المباشر لعلاجه ويقع تمكينه بصفة مجانية من الأدوية الموصوفة والمرخص في استعمالها بالمستشفيات العمومية بواسطة العون الممرض ويتعين عليه تناولها بمحضره. الفصل 41 يقع نقل السجين المريض إلى المستشفي بإشارة من طبيب السجن إذا ما تعذرت معالجته بالمصحة السجنية. ويسهر على حراسة السجين بالمستشفي اعوان السجون مع الاستعانة عند الاقتضاء باعوان من اجهزة قوات الأمن الداخلي الأخرى. الفصل 42 ينتفع السجين المريض بمجانية المعالجة بالمستشفيات العمومية طبقا للتشريع الجاري به العمل. الفصل 43 يمكن الترخيص من الإدارة العامة للسجون والاصلاح للسجين المريض وعند التعذر والتأكد من حالته الصحية في المعالجة على نفقته الخاصة بالمصحات الحرة بتراب الجمهورية. ويسهر أعوان السجون على حراسة السجين المريض طيلة مدة وجوده بالمصحة الخاصة مع الاستعانة بأعوان من أجهزة قوات الأمن الداخلى الأخرى عند الاقتضاء. الفصل 44 يسهر طبيب السجن على الصحة العامة للمساجين ويقوم بصفة دورية بتفقد غرف الإيقاف الفردية والجماعية ومختلف الدواليب السجنية من حيث النظافة وحفظ الصحة والكشف عن الحالات التى قد يخفيها السجين عمدا أو اهمالا والتي من شأنها الإضرار بصحة غيره واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتلافيها. الفصل 45 يقوم الطبيب المعين من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالرقابة الصحية بمختلف السجون ومد الإدارة العامة بتقرير كتابي إثر كل زيارة ملاحظاته واستنتاجاته واقتراحاته. الفصل 46 يرخص لأقارب السجين الموقوف تحفظيا والمنصوص عليهم بالفصل 48 من هذا الأمر في زيارته مرة في الأسبوع بمقتضى رخصة زيارة مسلمة من طرف السلطة القضائية ذات النظر. الفصل 47 يرخص لأقارب السجين المحكوم عليه والمنصوص عليهم بالفصل 48 من هذا الأمر في زيارته مرة في الأسبوع بمقتضى رخصة مسلمة من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح ومدير السجن. الفصل 48 الأشخاص المرخص لهم في زيارة السجين هم: 1 – الزوج أو الزوجة. 2 – الوالدان والأجداد. 3 – الأبناء. 4 – الأخوة والأخوات. 5 – العم والعم. 6 – الخال والخالة. 7 – الولي الشرعي. 8 – الأصهار من الدرجة الأولي. 9 – شخص له صلة بالسجين توافق عليه الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالنسبة إلى من ليس له اقارب بالمنطقة. ويمكن الاختصار في عدد المرخص لهم حسب مقتضيات الظروف وباتفاق بين السلطة القضائية والإدارية العامة للسجون والإصلاح. الفصل 49 يرخص بصفة استثنائية لغير افراد عائلة السجين أو للأشخاص الذين لهم تأثير أدبي عليه في زيارته إما من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالنسبة للمحكوم عليهم أو من طرف السلطة القضائية بالنسبة للموقوفين تحفظيا. وتقع هذه الزيارة بمكتب خاص بمحضر مدير السجن أو من ينوبه. الفصل 50 تكون رخصة الزيارة صالحة إما لمرة واحدة أو لأكثر من ذلك أو مستمرة . الفصل 51 يتحتم على الزائر الإدلاء ببطاقة التعريف القومية أو بما يثبت هويته مع رخصة الزيارة ويمكن تفتيش الزائر حسب مقتضيات الظروف. الفصل 52 تقع الزيارة بمحضر أحد أعوان السجن وبالمكان المعد للغرض، ويمنع منعا باتا تسلم أو تسليم أي شئ من السجين أو له باستثناء اللباس الخاص به وكذلك الطعام عندما يتأكد أن الزائر قادم من جهة بعيدة. الفصل 53 يقع ضبط أوقات ومدة الزيارة من طرف إدارة السجن. الفصل 54 في نطاق التشريع الجاري به العمل يقع تمكين المحامي المعين أو المكلف بالدفاع عن الموقوف تحفظيا من الاتصال بمنوبة بمكتب معد للغرض وبدون حضور أحد أعوان السجن وذلك بعد الاستظهار برخصة زيارة مسلمة من قبل السلطة القضائية ذات النظر وبعد التأكد من صفته، ويدلي الموقوف تحفظيا بتصريحاته إلى محاميه بكل حرية. وكما يرخص للمحامي في زيارة المحكوم عليه خلال مدة قضاء العقوبة البدنية وذلك بمقتضى رخصة زيارة مسلمة من طرف المدير العام للسجون والإصلاح وتتم هذه الزيارة بمكتب خاص بمحضر مدير السجن أو من ينوبه. الفصل 55 لا يمكن زيارة السجن إلا بترخيص من وزير الداخلية أو المدير العام للسجون والإصلاح باستثناء وإلى الجهة. الفصل 56 يمكن للموظفين القنصليين أو الأعوان الديبلوماسيين المكلفين بوظائف قنصلية القيام بزيارة مواطنى بلدانهم المساجين برخصة من الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالنسبة إلى المحكوم عليهم أو من السلطة القضائية بالنسبة للموقوفين تحفظيا وذلك طبقا للاتفاقيات الثنائية أو الدولية. وتقع هذه الزيارة بمكتب مدير السجن أو بمكتب مخصص لذلك وبمحضره أو بحضور من ينوبه. الفصل 57 يمكن لرجال الديانات المرخص لهم من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح زيارة المساجين وإقامة الطقوس الدينية. الفصل 58 تهدف الرعاية الاجتماعية للمساجين إلى : 1 – تأهيل السجين ورعايته أثناء إقامته بالسجن. 2 – تعديل اتجاهات وميول السجين الانحرافية وابدالها باتجاهات اجتماعية سليمة. 3 – تأهيل السجين اجتماعيا داخل السجن واستثمار طاقته الفكرية والبدنية وذلك باعداده وتدريبه مهنيا ومساعدته على التعلم بالنسبة للأميين وتهذيب سلوكه وتعويده على التعاون مع الغير. 4 – متابعة حالة السجين المفرج عنه ومراقبته اجتماعيا وإرشاده وتبصيره والعمل على إدماجه من جديد في حضيرة المجتمع. الفصل 59 تقوم الإدارة العامة للسجون والإصلاح في نطاق الرعاية الاجتماعية للمساجين والسعى للمحافظة على الروابط العائلية بإحداث مكتب إرشاد اجتماعي بكل سجن تتمثل مهمته بالخصوص في ربط الصلة بين المساجين وعائلاتهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم حفاظا على الروابط الأسرية. الفصل 60 يقع عند الاقتضاء تكوين السجين في إحدى المهن اليدوية التي تتماشى ومؤهلاته وذلك بالورشات المعدة للغرض أو بالحضائر والضيعات الفلاحية السجنية. الفصل 61 للإدارة العامة للسجون والإصلاح الحق في تشغيل المساجين باستثناء الموقوفين تحفظيا أو الطاعنين في السن أو الذين لم يبلغوا سن العشرين أو المودعين تنفيذا لأذون الجبر بالسجن أو المرضى أو المعاقين. الفصل 62 تخضع أوقات العمل بورشات التكوين والحضائر والضيعات الفلاحية السجنية لما جاء به التشريع الجاري به العمل في الغرض. الفصل 63 تخضع حوادث الشغل التى يتعرض إليها السجين أثناء عمله بالورشات أو الحضائر أو الضيعات الفلاحية السجنية إلى الإجراءات المنصوص عليها بالتشريع المتعلق بفواجع الشغل. الفصل 64 لا يمنع السجين من أداء فرائضه الدينية مدة إقامته بالسجن. الفصل 65 تنظم لفائدة المساجين برامج للارشاد الدينى والاخلاقي بواسطة وعاظ مختصين أو بواسطة الإطار التربوي التابع للإدارة العامة للسجون والإصلاح. الفصل 66 يرخص للمساجين في تعاطى مختلف أنواع الرياضات الفردية والجماعية بصفة منظمة تحت إشراف ومراقبة مدرب رياضى معين للغرض وذلك حسب طبيعة وإمكانية السجن. الفصل 67 يرخص للمساجين في تعاطى مختلف أنواع الأنشطة الثقافية بصفة منظمة تحت إشراف ومراقبة منشط من الإطار التربوي التابع للإدارة العامة للسجون والإصلاح. الفصل 68 توجد بكل سجن مكتبة تحتوي على الكتب والمجلات المعدة للمطالعة على عين المكان. ويرخص للمساجين في استعارة الكتب والمجلات التابعة لمكتبة السجن قصد مطالعتها. الفصل 69 يسمح للمساجين في تعاطى الأنشطة التربوية والفكرية. الفصل 70 يرخص للمساجين المقيمين بالغرف الجماعية في مشاهدة برامج التلفزة باستثناء الذين شملتهم إجراءات تأديبية. الفصل 71 يمكن للسجين مطالعة الصحف اليومية والمجلات التى تباع داخل السجن وذلك من ماله الخاص أو المقدمة إليه من طرف ذويه بعد المراقبة. الفصل 72 يمكن لإدارة السجن أن تعهد لأحد المساجين الذين تميزوا بسلوكهم الحسن بمهمة ناظر غرفة لتسيير شؤون المقيمين معه خارج أوقات العمل العادية دون أن تكون له أية سلطة تأديبية. ويقع تغيير ناظر الغرفة كلما رأت إدارة السجن فائدة في ذلك. الفصل 73 لا تسلم الوثائق الطبية الخاصة بالسجين المريض إلا بطلب من السلطات القضائية أو من طرف طبيب السجن إلى نظيره الموجود بسجن آخر قصد مواصلة علاج السجين المريض. الفصل 74 تعلق بإدارة السجن قائمة المحامين المرسمين لدى المحاكم لتمكين السجين من اختيار المحامي الذي سيتولى الدفاع عنه. الفصل 75 تسلم شهادة الإيقاف من طرف الإدارة العامة للسجون والإصلاح وذلك بطلب كتابي من السلطة القضائية والإدارية أو من المعني بالأمر. كما يمكن تسليم هذه الشهادات بعد موافقة السجين إلى ذويه أو محاميه. الفصل 76 يتعين على إدارة السجن إعلام عائلة السجين بمجرد إيداعه حسب إمكانيات السجن. كما يتعين على كل سجين الإدلاء عند إيداعه السجن باسم وعنوان الشخص الذي يمكن الاتصال به عند حدوث أي طارئ له. الفصل 77 يمكن للسجين إبرام العقود المتأكدة وذلك بترخيص مسبق من المحكمة ذات النظر بالنسبة للموقوفين تحفظيا ومن الإدارة العامة للسجون والإصلاح بالنسبة للمحكوم عليهم إن لم يكن هناك تحجير قانوني، ويتم العقد داخل السجن وحسب الإجراءات القانونية. الفصل 78 عند وفاة أحد الأقارب المنصوص عليهم بالفصل 48 من هذا الأمر يمكن للقاضي المتعهد بالقضية الترخيص للموقوفين تحفظيا في الخروج من السجن لحضور موكب الجنازة وبالنسبة إلى المحكوم عليهم يمكن منح هذا الترخيص من طرف المدير العام للسجون والإصلاح وذلك في نطاق الولاية الموجودة بها السجن أو الولاية المجاورة فقط. ويكون السجين مرفوقا بعونين من أعوان الحراسة في زي مدني وتتعهد عائلة السجين بإحضار وسيلة النقل اللازمة وإرجاعه إلى السجن بمعية مرافقيه عند انتهاء الرخصة ويترتب عن عدم العودة إجراء التتبعات العدلية الضرورية. الفصل 79 يمكن للسجين الذي توفرت فيه شروط الانتفاع بالسراح الشرطى المنصوص عليها بمجلة الإجراءات الجزائية بالفصول 353 و 354 و 355. تحرير مطلب في الغرض على ورق عادي ويسلمه لمدير السجن الذي يتولى احالته على الإدارة العامة للسجون والإصلاح مرفوقا بمذكرة شخصية تتضمن بيانا مفصلا عن نفسية المعني وحالته العائلية والاجتماعية والصحية والاخلاقية وسلوكه داخل السجن وعلاقته بأفراد عائلته ونوع التكوين الذي تلقاه مدة سجنه ومدى امتثاله للتراتيب السجنية ورجوعه إلى الجادة. كما يمكن لمدير السجن أن يقترح السراح الشرطي لأى سجين توفرت فيه شروط الانتفاع بهذا السراح إذا برهن بامتثاله وطاعته وحسن سلوكه على رجوعه إلى الجادة أو ساعد بمجهوداته وخبرته على توفير الانتاج وتحسين الانتاجية بالورشات أو الحضائر أو الضيعات الفلاحية السجنية. الفصل 80 تسلم للسجين المفرج عنه بالسراح الشرطي بطاقة سراح خاصة تتضمن بيانات عن اسم الشخص الذي تعهد برعايته والقيام بشؤونه وتشغيله ان أمكن والمكان الذي يرغب الاقامة به وتاريخ انتهاء مدة العقاب. الفصل 81 يخضع كل من كان موقوفا في عديد القضايا وتمت محاكمته في بعضها وفقا للتشريع المعمول به ويعامل كبقية المحكوم عليهم وكذلك الأمر بالنسبة لمن تعلقت به قضايا لاحقة. الفصل 82 تسلم للسجين عند الافراج عنه بطاقة سراح من طرف مدير السجن. الفصل 83 يمنح السجين المعوز عند الافراج عنه مبلغا ماليا بعنوان المساعدة للرجوع إلى محل سكناه من الصندوق الاجتماعي للسجن. الفصل 84 يقضى السجين المحكوم عليه بعقوبة الاقصاء التكميلية مدة العقوبة بالمؤسسة السجنية الرئيسية. الفصل 85 عند الوفاة الطبيعية لأحد المساجين المحكوم عليهم يتحتم حالا على مدير السجن القيام بالاجراءات القانونية اللازمة لنقل الجثة إلى بيت الأموات بالمستشفي وإعلام الإدارة العامة للسجون والاصلاح وعائلة السجين المتوفى بذلك. الفصل 86 يتعين على مدير السجن إعلام السلطة القضائية والأمنية فورا بحالات وفاة الموقوفين تحفظيا وكذلك الوفاة المسترابة وتتولى هذه السلطة اتخاذ لاجراءات اللازمة في الغرض. الفصل 87 يتم تسليم الجثة إلى أهل السجين الميت وذلك بإذن من الإدارة العامة للسجون والإصلاح إذا كانت وفاة السجين المحكوم عليه طبيعية وبإذن من السلطة القضائية ذات النظر إذا كان السجين بحالة إيقاف أو كانت وفاته مسترابة. وفي كل هذه الحالات تسلم شهادة وفاة من طرف طبيب الصحة العمومية إلى أهل السجين. الفصل 88 الغيت جميع الأحكام السابقة المخالفة لهذا الأمر وخاصة الأمر المشار إليه اعلاه عدد 85 لسنة 1960 المؤرخ في 16 مارس 1960. الفصل 89 وزير الداخلية مكلف بتنفيذ هذا الأمر الذي ينشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. تونس في 4 نوفمبر 1988 زين العابدين بن على [1] هكذا وردت بالرائد الرسمي والصواب هو ” دون خمس سنوات ” اعتمادا على الترجمة الفرنسية. (المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت نقلا عن www.aproarab.org)
الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” افتتاحية العدد 3 : في ذكرى شهداء 5 أوت 1947 النقابيون يهتفون في شوارع صفاقس ضد برامج السلطة وضد تجريد النقابيين
أحيى النقابيون من كامل أنحاء تونس الذكرى الستون لأحداث 4 و5 أوت 1947 التي سقط فيها العديد من الشهداء من العمال والنقايين في ملحمة نضالية ضد المستعمر الفرنسي. وقد خرج النقابيون في مسيرتين مساء يوم 4 أوت وصبيحة يوم 5 أوت 2007 بصفاقس انطلقتا من أمام مقر الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس إلى حدود النصب التذكاري لشهداء 5 أوت. وهي مسيرات دأب العمال على القيام بها كل سنة تخليدا للشهداء الذين عبدوا بدمائهم وهم الكادحون طريق التحرر. وقد اتجهت المسيرات نحو أفق نضالي يؤشر لبداية القطع مع التأطير البيروقراطي لتلك المناسبات حيث شارك في المسيرة الثانية يوم 5 أوت 2007 عدد هام من العمال والشغالين والنقابيين من جهة صفاقس مع مجموعة كبيرة من النقابيين الذي قدموا من العديد من الولايات والذين رفعوا العديد من الشعارات التي تترجم استياءا عاما من تردي الأوضاع الإجتماعية والنقابية وموقفا رافضا لتصفية النقابيين المنتخبين… وقد حضر تلك الذكرى إلى جانب نقابيي صفاقس العديد من الهياكل القطاعية الوطنية والجهوية إلى جانب بعض من أعضاء المكتب التنفيذي الوطني للإتحاد يتقدمهم الأمين العام. وقد رفعت الشعارات نذكر منها بالخصوص: – وحدة وحدة يا عمال ضد القمع والإستغلال – اتحاد مستقل والقواعد هي الكل – لا لا للتجريد – لا عقاب ولا تجريد والعزيمة من حديد – يا حكام عار عار الأسعار شعلت نار – لا شراكة ولا استعمار أحنا هم أصحاب الدار – الشراكة الأوروبية مشاريع استعمارية – أرض حرية كرامة وطنية – حريات حريات لا رئاسة مدى الحياة – الحق النقابي واجب حق التظاهر واجب حق التعبير واجب – فلسطين عربية لا حلول استسلامية – صامدين صامدين في العراق وفلسطين وغيرها… وقد اعتبر البعض من النقابيين الرسميين الشعارات التي ترفض تجريد النقابيين في غير محلها باعتبار ذلك ً شأن داخلي ً غير أن النقابيين الذين تمسكوا بحريتهم في رفع الشعارات يصرون أن لا فصل في الظرف الراهن بين الداخلي والخارجي خاصة في ظرف تحرم فيه القطاعات من هيئاتها المسيرة ومختلف أطرها القطاعية الممثلة القادرة وحدها على حسم الإشكالات وتلتجأ فيه القيادة النقابية إلى أسلوب سيء الصيت هو أسلوب تصفية الخصوم النقابيين عن طريق التجريد والعقاب والتخويف من ذلك السيف الذي شهر على النقابيين… الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” 5 أوت 2007 Contre_tajrid@yahoo.fr Mail du groupe: contre_tajrid@yahoogroupes.fr Envoyer un message : contre_tajrid@yahoogroupes.fr S’inscrire : contre_tajrid-subscribe@yahoogroupes.fr Site : http://groups.google.com/group/contre_tajrid http://fr.groups.yahoo.com/group/contre_tajrid (المصدر : الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007)
فينودوري مناضل نقابي : تجميد عضوين من النقابة الأساسية للصحة بباجة
صادقت المركزية النقابية في بداية جويلية على قرار تجميد الكاتب العام للنقابة محمد اليعقوبي ومساعده عبد الحق العبيدي لمدة سنتين. ويأتي هذا القرار على خلفية التحركات الاحتجاجية التي قام بها أعوان مركز التوليد وطب الرضيع إثر القرار المرتجل الذي اتخذته إدارة المستشفى الجهوي بباجة والقاضي بتمديد حصص العمل بقسم المخبر التابع للمركز المذكور دون اللجوء إلى انتدابات جديدة. وقد حظيت تلك التحركات بمساندة قوية من قبل الكاتب العام لجامعة الصحة الذي اعتبرأنّ مخبر باجة يعكس ما آلت إليه كافة المخابر من ترد ووعد أن تهتم الجامعة بهذا الموضوع وتجعله محورا من محاور نضالها. وبفضل إلتفافهم حول نقابتهم وصمودهم فرض الأعوان على الطرف الإداري الاعتراف بوجاهة موقف النقابة الأساسية والتراجع عن الاجراءات التي اتخذتها. وكان الأمر سيقف عند هذا الحد لولا موقف المكتب التنفيذي الاتحاد الجهوي الذي وجد ضالته في مبادرة النقابة بالتحرك الفوري قبل إعلامه لتصفية الحساب مع مناضلين نقابيين لم يصطفوا مثل غيرهم في خندق الكاتب العام للاتحاد الجهوي (« الوطني » و « الشريف ») ولا يمثلون أصواتا مضمونة في المستقبل. فأحالهم على لجنة النظام الجهوية وأحيل الملف على المكتب التنفيذي للاتحاد العام فاتخذ قراره بالأغلبية رغم أن كافة أعضاءه كانوا على بينة من الأمر وعبروا عن اقتناعهم بسلامة موقف النقابة الأساسية ورفضهم طريقة استغلال النفوذ لحل الخلافات النقابية وتصفية النقابات المناضلة. وهكذا ضلعت المركزية النقابية في ضرب نقابة ممثلة لم تقم إلا بواجبها وفوق ذلك تنتمي إلى قطاع يتأهب لمواصلة النضال من أجل تحقيق مطالبه المزمنة. وكان الأجدر مكافأتها على حزمها وجديتها في التعامل مع مصالح منظوريها عوض إضعافها وتعريض البعض من أعضائها إلى مضايقات الإدارة. إنها حقا طعنة في الظهر وليس لها من تفسير إلا ما تكشفه القيادات النقابية يوما بعد يوم من تمادي في تكريس الغايات الانتخابية والتواطأ مع الإدارة والأعراف ضد مصالح الشغالين وفي النهاية إضعاف الاتحاد والمساهمة في تخريبه. مع العلم أن جامعة الصحة لم تحرك ساكنا للدفاع عن مناضليها والسبب حسب ما جاء على لسان كاتبها العام هو أنهما لم يصوتا لفائدة قائمته أثناء مؤتمر الجامعة. فتشفى منهما مثل الآخرين. وبهذه المناسبة ندعو كافة النقابيين المتشبثين باستقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل وديمقراطية العمل النقابي إلى إدراج قضية محمد اليعقوبي وعبد الحق العبيدي ضمن اهتماماتهم النضالية ومطالبة القيادة النقابية بالتراجع عن قرارها ورفع المظلمة التي سلطتها عليهما. فينودوري مناضل نقابي (المصدر : الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007)
5 أوت 2007 ومحاسبة النقابيين !!! من؟ متى؟ وكيف؟
مختار العياري اكتست احتفالات ذكرى 5 أوت 1947 هذه السنة طابعا خاصا حيث, وأمام نجاح النقابيين في التصدي للإحالات على لجنة النظام, ساد في الأيام القليلة الماضية نوع من التخوف والحذر من القيادة النقابية التي تخوفت من تلك المناسبة والتي تعرضت وتتعرض إلى احتجاجات قوية من العمال والنقابيين حيث التجأت تلك القيادة إلى إحالة 20 نقابيا على لجنة النظام الوطنية في فترة وجيزة بدءا من يوم 9 جويلية مرورا بـ21 و 23 جويلية وصولا إلى يوم 1 أوت 2007 ينتمون إلى 3 قطاعات, التعليم الأساسي 18 نقابي, الأخ نوفل معيوفة الكاتب العام للفرع الجامعي للكيمياء والنفط بقفصة والأخ الشاذلي فارح عضو الجامعة الوطنية للبنوك والتأمين وينتمون في نفس الوقت إلى 4 اتحادات جهوية وهي تونس بن عروس أريانة وقفصة. وقد جاءت تلك الإحالات على خلفية تململ البعض ضد المنحى الذي اتبعته القيادة النقابية التي حرمت عديد القطاعات من الحصول على هيئات إدارية تمكنها من اتخاذ جملة من القرارات النضالية والضغط عليها في عديد المناسبات لتمرير جملة من الإتفاقات التي لا تلبي مطامح المنخرطين. خاصة أن الطرف المقابل واجه التحركات النقابية بالصرامة وبالزجر والتشويه والمغالطة والعصا الغليظة في بعض الأحيان… وتشهد مواقف القيادة النقابية في الآونة الأخيرة ارتباكا شديدا بعد أن ووجهت بالنقد في عديد التظاهرات التي شهدتها بعض المدن خاصة لما تبين للعمال والنقابيين ( وخاصة المعلمين وأساسا نقابيي القصرين الذين وقع الإعتداء عليهم ومهاجمة مقر منظمتهم وتعنيف ممثليهم النقابيين في يومين مشهودين كشفت فيهما السلطة عن عدائها الدفين للمربين ولعامة العمال والنقابيين الذين وقعت مطاردتهم من قبل قوات البوليس حتى داخل أروقة مقر الإتحاد الجهوي للشغل بالقصرين) أن القيادة النقابية قد ساهمت من خلال منع الهيئة الإدارية للتعليم الأساسي بعد إضراب 29 ماي 2007 وأجبرت نقابيي التعليم الأساسي لتحويل إجتماع الكتاب العاميين لنقاباتهم الجهوية إلى لقاء جهات قرر القيام باعتصامات يوم 13 جوان 2007 أمام الإدارات الجهوية للتعليم للإحتجاح وهو ما أربك بدوره المسيرة النضالية لذلك القطاع. وقد أدى ذلك إلى تطاول السلطة على المعلمين ومحاصرتهم وتعنيفهم بشدة تحت غطاء عدم قانونية ذلك التحرك باعتباره لم يصدر على قرار هيئة إدارية. وقد تصاعد استياء النقابيين أمام التطورات التي يشهدها الإتحاد في علاقته بالسلطة وبالنقابيين والقواعد العمالية خاصة بعد غياب رد الفعل النضالي على إعتداءات القصرين والإهانة التي لحقت بالوفد النقابي الذي لم يستطع مقابلة والي القصرين الذي تعلل بتوعك صحته. وهو ما اعتبر في نظر العمال والنقابيين إهانة للمنظمة النقابية ولكل النقابيين. إضافة لعدم القيام بأي رد جدي في مستوى ذلك التحدي الخطير الذي حصل. بل ما فاقم ذلك الإستياء الوعد الذي قدمته القيادة النقابية بعقد هيئة إدارية للتعليم الأساسي بالقصرين في أقرب الآجال وهو الذي لم يحصل وما اعتبر تجريد القطاع من أسلحته النضالية… كل ذلك وغيره من الاحداث التي لم نأت على ذكرها لضيق المجال في هذا المقال دفعت دفعا نحو التصادم الذي حصل بقفصة. غير أن أخطر ما برز في الظرف الدقيق الذي تمر به الحركة النقابية في تونس هو تزامن إحالة 20 نقابييا على لجنة النظام الوطنية في نفس الوقت الذي أحالت فيه الوزارة عضو النقابة العامة الأخ سليم غريس على مجلس التأديب وقامت بقطع الراتب الشهري للأخ الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي الأخ محمد حليم وحاولت ضرب حركة النقل وقامت بمعاقبة كل المضربين من خططهم الوظيفية المديرين والمرشدين البيداغوجيين والحرمان من الحركة الإدارية وغير ذلك من الإجراءات الإنتقامية. ونحن نتساءل مع النقابيين: 1- لمصلحة من يقع إضعاف نضال المعلمين وجرهم إلى معارك داخلية تلهيهم على وضع خطة نضالية وتفعيل أشكال نضالية تدعم القاعدة النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل في أكبر قطاع داخل المنظمة النقابية مهدد في مكاسبه ولم يعقد اتفاقا لحد الآن رغم النضالية الكبيرة التي تحلى بها والتضحيات التي قدمها المعلمون؟ 2- وهل محاسبة النقابيين تتم من خلال تفعيل الهياكل المسيرة للقطاع التي لها كل الصلحيات لتقييم المسيرة النقابية وتقويمها أم أنها تتم بالأساليب الزجرية صلب المنظمة تحت أي تعلة كانت وتحت غطاء لجنة النظام هي هيكل منتخب والمسائلة ليست تجريدا؟ 3- وكيف يعرف النقابييون أن المسائلة توقفت في حدود المسائلة وأن الملف طوي أم لا؟ 4- مع العلم أن إحالة 7 نقابيين على لجنة النظام الجهوية بباجة من قطاع الصحة في 2 فيفري 2007 وتمطيط الوقت لم يمنع القيادة النقابية هته الأيام من إصدار أول عقوبة ضد عضوي النقابة الأساسية الإخوة محمد اليعقوبي الكاتب العام والأخ عبد الحق العبيدي عضو النقابة المذكورة. وهل يمكن أن تكون المساءلة ممكنة و”ديمقراطيةًًًً” يتساوى فيها الجميع وكل النقابيين بمن فيهم كبار المسؤولين داخل منظمتنا التي نريدها أن تكون ديمقراطية قولا وفعلا؟ ومن يملك تلك الصلوحية في ذلك في وضع يتسم بسيطرة علاقات أبوية سائدة وعشائرية وسلسلة طويلة من مصالح مترابطة لشرائح ترتزق من العمل النقابي ماديا ورمزيا؟ فهل يمكن مسائلة القيادة النقابية مثلا على تقصيرها إن لم نقل أكثر من ذلك في دعم نضالات المعلمين والقطاعات؟ وهل يلتجأ النقابيون في عديد القطاعات للإضراب حبا في الإضراب أم أن الإضراب هو أحد الأشكال النضالية الذي يمكن للشغالين الإلتجاء إليه كلما انسدت الأبواب أمامهم وضربت مصالهم ومكاسبهم على قلتها وندرتها وضآلتها. وهل هو مسموح للبعض من القياديين داخل المنظمة القول (إضرابات إضرابات إضرابات وين تحب تهزوا الإتحاد!!! وهو الرد الذي سمعه العديد من القطاعات التي تريد الدفاع على مطالب منظوريها…). وكيف يتحول الموقف بتحول المواقع فالذي كان يكسر الأبواب في مؤتمر جربة أصبح اليوم حريصا على تطبيق القانون شكليا وبات يرفض استقبال ممثلي القطاعات تحت تعلة أنهم لا يملكون موعدا معه؟ وكيف تسمح القيادة النقابية للبعض من رموزها من تسلم وسام الجمهورية التي أقرت لوائح مؤتمر المنستير أن هذه الجمهورية تفتقد لأركان الجمهورية !!! وأن الإتحاد منظمة مستقلة يحصل هذا في وضع يتسم بالهجوم على أكبر قطاع في الإتحاد ودم المسؤولين النقابيين في القصرين مازال طريا, ومحاسبة الذين أمروا بتلك الإعتداءات الوحشية لم تتم إلى حد علمنا بل تقول بعض التسريبات أن المعلمين هم الذي بدأوا باستعمال الحجارة!!! وما الإستراتيجيا النقابية لقيادة الإتحاد في مواجهة أكبر المشاريع تصفية لحقوق الشغالين مثل ملف التأمين على المرض والقوانين التي بدأت تصدر من جانب واحد المتعلقة بالتقاعد وغير ذلك مثل استكمال التفويت في أغلبية رأسمال اتصالات تونس للأجانب؟ وهل من الأمانة السكوت على ذلك وقبول دور الطرف المهمش الذي يلهث وراء الأحداث بالمراسلات فقط دون اللجوء لنقاط القوة التي يمتلكها الشغالون والدعاية صلب المنظمة والإستعداد الفعلي لخوض نضالات تمنع الكوارث المحدقة بجماهير العمال من مزيد الإستفحال؟ وهل تنوي هذه القيادة فعلا الوقوف أمام تلك الهجمة التي أتت على الأخضر واليابس والتي تزحف على كل ما تبقى… وما هو موقف القيادة النقابية في ملف المسألة الديمقراطية ببلادنا؟ فهل هي جادة في التقيد بقرار مؤتمر المنستير الذي تبنى ضرورة النضال الديمقراطي؟ ولماذا تواصل القيادة استعمال بعض السواعد المفتولة لمنع الصحافيين من غير الأقلام المأجورة من تغطية الإعلام النقابي والمس من حرمتهم الجسدية وكرامتهم في وقت نحن في أمس الحاجة إلى تلك الأصوات التقدمية مثل ما حصل للصحافي أيمن الرزقي الذي وقع الإعتداء عليه من طرف أعوان البيروقراطية النقابية أمام مقر الإتحاد يوم 27 جويلية 2007؟ إننا ننتظر إجابة عن كل هذه الأسئلة بعيدا عن كل تشنج وتحامل. مختار العياري 5 أوت 2007 (المصدر : الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007)
الأحزاب المعارضة محايدة في معركة الديموقراطية والاستقلالية النقابية !
محمد عمامي
تصفحت مواقع وصحف عدة أحزاب معارضة تونسية للعثور على آثار حملة مساندة لنقابة التعليم الأساسي في محنتها إثر تعرضها لقمع الجهاز البيروقراطي للإتحاد العام التونسي للشغل. وعبثا حاولت. فمن أقصى يمينها إلى أقص يسارها لم يشذ عن قاعدة الصمت والحياد سوى حزب العمال الشيوعي التونسي. فحتى حزب العمل الوطني الديموقراطي لم أجد في موقعه ما يدل على تناول خاص بالمسألة. وهو ما أثار استغرابي. إن التعامل مع القضايا النقابية بوصفها قضايا داخلية تخص الإتحاد العام التونسي للشغل والتعفف من التدخل في الشؤون الداخلية للمركزية النقابية والحفاظ على شعرة معاوية مع الجهاز البيروقراطي للإتحاد هو موقف مضر بالأحزاب المعارضة نفسها قبل الضرر بالحركة الإجتماعية والسياسية عامة. إنه إحدى المواقف التي تساهم في عزلة و تقوقع المعارضة مهما كانت تسمياتها وألوانها. ولئن تكيفت الأحزاب المعارضة منذ عقد على الاقل مع هذا التقوقع وأصبحت مكتفية بأجهزتها وهيئاتها التنسيقية ونطاحها الثنائي مع أجهزة القمع البوليسي في بطولة مأساوية تلقى صدى في الساحة الدولية أكثر بكثير من حجمها الحقيقي على الأرض، أي من صداها في صفوف الحركة السياسية الجماهيرية في الساحة التونسية، فإنها تبقى مع ذلك رهينة فعلها في تلك الساحة، القادرة وحدها على قلب الأوضاع الداخلية في صالح الشعب مهما كان وزن العامل الخارجي. يجب على المعارضة اليسارية والديموقراطية أن تعي أنه في تونس وبدون فك علاقة الهيمنة التي تربط بين القواعد النقابية للإتحاد العام التونسي للشغل وبين شريحة البيروقراطية النقابية المتحكمة في الجهاز المركزي المتضخم لن يكون هناك تغيير يذكر في صالح الشعب أو حتى في صالح النخبة التي أصبحت تضيق أكثر فأكثر من برامجها لتفوز بأدنى الأدنى دون جدوى. إن الإتحاد العام التونسي للشغل هو اليوم الركيزة الأساسية التي يراقب عبرها النظم البوليسي القوى الحقيقية للفعل السياسي في البلاد. بدون نقابيين لا تستطيع الأحزاب مجتمعة ومعها الجمعيات واللجان الدولية والمحلية، الدائمة والوقتية… أن تنجح ولو تحركا بسيطا من قبيل تجمع عام أو مسيرة سلمية. إن التراث النضالي التونسي غني بالشواهد على ما نقول. إن قوة هيمنة حزب الدستور على الساحة التونسية منذ عقود وتواصل تلك الهيمنة رغم تفكك أوصاله وتحوله إلى عصابة من المرتزقة تعمل في ظل البوليس، لم تتسن بغير احتواء أو التحكم في الساحة النقابية عن طريق الجهاز البيروقراطي للإ.ع.ت.ش. والمعركة السياسية التي تدور دون اعتبار هذا المعطى لن تفضي إلى نتيجة مهما كانت شجاعة المحاربين. إن التدخل في الساحة النقابية ومساندة العمال المطرودين بالآلاف بموافقة أو بتواطئ من القيادة المركزية للإ.ع.ت.ش، والوقوف إلى جانب النقابيين المهددين بسيف لجنة التجريد، وفتح الفضاءات الإعلامية أمامهم والمساهمة في إنجاح تحركاتهم الإحتجاجية ودعمهم بكل الطرق والوسائل لمن أوكد واجبات المعارضة الديموقراطية. محمد عمامي (المصدر : الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007)
على ضوء اعتداء الجهاز البيروقراطي للإتحاد العام التونسي للشغل على نقابة التعليم الأساسي الاستقلالية النقابية: من الشعار إلى الممارسة
محمد عمامي ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يقف فيها الجهاز البيروقراطي للإتحاد العام التونسي للشغل ضد إرادة القواعد النقابية في التصدي لهجمات الأعراف ودولتهم التي انخرطت منذ سنوات في مسار تفكيك متصاعد لمكتسبات اجتماعية وسياسية عديدة وعلى رأسها حق الإضراب وحق التعبير. إن ما يجري من اعتداءات ضد إرادة المعلمين وقيادتهم وهياكلهم لهو تجسيد لدور بوليسي ما فتئ يتصاعد مع تصاعد تركز السلطات المركزية بأيدي فئة ضئيلة من البيروقراطيين المتعاونين والمرتشين منذ مؤتمر سوسة 1989. ومساهمة مني في دفع النقاش الذي أثارته تلك الاعتداءات والصمود المشرف لقيادة المعلمين ومناضليهم، أسوق بعض الملاحظات السريعة التالية: أصل الداء هو المركزية المشطة التي تركز كل سلطات القرار في جميع الشؤون العامة والخاصة بين أيدي ثلة من البيروقراطيين الذين ينوبون عن جميع الهياكل من أدناها إلى أعلاها. وهو وضع لم يكن متأصلا في التنظيمات النقابية التونسية ولكنه حمل لها على جرعات إثر تزاوج جهاز الإتحاد العام التونسي للشغل مع حزب الدستور منذ الحركة الوطنية ثم مع بيروقراطية الدولته/الحزب التي سادت طوال الحكم البورقيبي. ولقد تفاقم هذا الوضع مع منعرج مؤتمر سوسة وما بعده إثر انتصاب دولة البوليس وإعادة الهيكلة التي لازمته في صلب البيروقراطية النقابية وجهازها المركزي وقوانين وطرق التسيير في جميع هياكل وأطر الإتحاد العام التونسي للشغل. في وضع عالمي وإقليمي مليء بالهزائم والتصفيات التي طالت جميع مستويات المكاسب التي حققتها الطبقة العاملة طوال عقود من النضال، وجد النظام البوليسي في النخبة الجديدة للبيروقراطية النقابية مرتكزا هاما لإفراغ الساحة السياسية والاجتماعية من قوى الاحتجاج والمعارضة، وأهل، بإعانة مركزة من قوى رأسمالية دولية، الإتحاد لدور الشريك في إجراءات الخوصصة والتفقير، وفرض الأمر الواقع على الشغالين والشعب. من منظمة مطلبية مناضلة تحول الإتحاد إلى إدارة زجرية تنقسم إلى اقسام (départements)يسيرها، اعتباطيا وبدون أية كفاءة أو اختصاص، بيروقراطيون لا هدف لهم سوى الإرتشاء واستغلال النفوذ لتصفية الحسابات وكبح جماح القواعد النقابية والهياكل المناضلة غير “المؤهلة” بعد. مع تلك التحولات تم تنقيح القانون الأساسي والنظام الداخلي باتجاه المركزة المفرطة وضيق أكثر فأكثر على الجامعات والنقابات القطاعية والهياكل الأساسية وسلبها من كل حق في النضال أو القرار المستقل. فالإضراب واجتماعات هياكل القرار القطاعية (هيئات إدارية، مجالس وطنية، مؤتمرات) لم تعد مباحة دون إذن الأمين العام للمركزية ! برجوعها كل مرة إلى قواعدها وبفتحها الباب أمام إمكانية تطور ديناميكية استقلالية القطاع في اتخاذ قراراته في الشؤون التي تخصه، تصبح النقابة الوطنية للتعليم الاساسي خارجة عن القانون. وهي بالتالي جديرة بالعقاب والردع. هنا نقترب من إعطاء معنى ملموس للإستقلالية التي طالما رفعناها كشعار عام ولم تجسد في إجراءات نضالية محددة للرد على هذه الغطرسة “القانونية” لأساد القرار. إن ما قامت به النقابة الوطنية للتعليم الاساسي يجب أن يصبح من جديد قانونا عاما يحكم جميع النقابات القطاعية بقواعدها من جهة وبالمركز أي بالإتحاد العام (الذي يجب أن يعود إلى حجمه كمجرد اتحاد عام للاتحادات القطاعية). إن نقابة التعليم مطالبة بتمثيل قواعدها وهياكلها الأساسية لا بتمثيل المركزية. وهي بالتالي مسؤولة أمام هياكل القرار القطاعية: المؤتمر ثم المجلس الوطني فالهيئة الإدارية. وهنا يصبح لزاما عليها الرجوع إلى تلك الهياكل في ما يتعلق باتخاذ قرارات تخص مصير وإرادة القطاع مثل الإضراب أو الإمضاء على الاتفاقات إلخ. إن التذكير بهذه البديهيات أصبح ضروريا أمام مركزية صادرت كل الصلاحيات والحقوق ونصبت محاكم تفتيش لكل نفس نضالي مستقل عن إدارتها الزجرية. يحق إذن للنقابة الوطنية للتعليم الأساسي – ولأي نقابة عامة أو جامعة- أن ترفض تدخل المركزية في شؤون قطاعها وألا تلتزم بقراراتها، وبالمقابل لا يحق لها أن تشارك في اتفاقات يعقدها المركز (المكتب التنفيذي للإ.ع.ت.ش) من وراء قواعدها أو أن تمضيها إكراما للأمين العام أو غيره. ولكن كيف تجرأ النقابة الوطنية على تمثيل قطاعها على حساب القانون الأساسي للإتحاد العام وبتحد للجنة التجريد؟ هل لها سند قانوني في ذلك؟ يقول بعض المشككين. نعم، لها أقوى سند قانوني أقوى من تضييقات المكتب التنفيذي للإتحاد على نضالات المعلمين، ويتمثل في صناع القانون أنفسهم: قواعدها وهياكلها الأساسية وهياكل القرار القطاعية. أما في ما يخص الفصول القانونية الملزمة بطاعة المركز فيجب نقضها بإفراز قانون أساسي قطاعي لا مركزي يكفل بصريح العبارة استقلالية القطاع تجاه أية سلطة قرار خارجه. إن الديناميكية النضالية الحالية تمكن من البدء فورا في تعبئة القواعد النقابية بالقطاع حول المساهمة في مشروع قانون أساسي منقح للنقابة الوطنية للتعليم الأساسي يقدم للمؤتمر القطاعي القادم ينص صراحة على: استقلالية القرار القطاعي في ما يخص تسيير جميع شؤونه من تفاوض وصياغة للمطالب والتلويح بـ وممارسة الإضراب وكل أشكال النضال التي تقررها هياكل القرار. الإستقلالية المالية وذلك بتحديد نسبة بسيطة (15% مثلا) تساهم بها النقابة الوطنية للتعليم الأساسي لفائدة صندوق المركزية النقابية واحتفاظها بالقدر الباقي لتمويل نشاطاتها. وتكون تلك المالية تحت تصرف الهياكل القيادية للتعليم الأساسي وتخضع لرقابة و محاسبة المؤتمر والمجلس الوطني. استقلاليتها في تخريط المعلمين وعدم المرور بمصلحة الإنخراطات للإت.ع.ت.ش وبالإدارة ضمن آلية الإقتطاع الآلي. وهذا ما يمكن لمؤتمر قطاعي سنه والبدء بتطبيقه فور انتهائه. محمد عمامي (المصدر : الفضاء النقابي الديمقراطي “ضد التجريد” عدد 3 السنة الأولى بتاريخ 6 أوت 2007)
رفع لبس والتباس: المغالطة الفاضحة.. والاتفاق المزعوم
توفيق العياشي-تونس- قرأت باندهاش شديد تعقيب القارئ السيد” بلحسن عبد السلام” بنشرة تونس نيوز بتاريخ 5-8-2007 ولعل أهم ما أدهشني فيما قرأت إصرار السيد بالحسن على اتفاقنا وتوافقنا في عديد النقاط التي تتعلق بأسباب تجميد نشاط معهد” باستور” الخاص .ولقد عمد صاحب التعقيب إلى الكثير من المغالطة والمراوغة وادعاء غير مبرر للاتفاق في محاولة يائسة لاحتواء الرأي المخالف التي ألفناها في هذا” العهد السعيد” ولا أحسب السيد” بلحسن عبد السلام” يريد المصادرة على رأيي أو أنه لا يفرق بين نشرة” تونس نيوز” الحرة وبين رحاب مجلس النواب حيث الاتفاق الدائم والإجماع المتواصل.ولذلك سأهمس في أذن السيد بلحسن “أسف نحن لم نتفق على نقاطك الست” وسأعدد نقاط المغالطة والقفز عن الواقع التي وردت بتعقيبك المحترم: المغالطة الأولى:إصرارك على أن أسباب غلق مدرسة بوعبدلي الابتدائية سنة 2004 هو نتيجة” الأضرار التي ألحقها صاحب المدرسة بتلاميذ أبرياء وأن رئيس الجمهورية عفا عنه بعد أن تعهد بالتزام القوانين التربوية”..ففضلا عن الأسلوب ألتهجمي التي ينضح بالتحامل المجاني على صاحب المؤسسة لم تشرح للقراء كيف أضر صاحب المدرسة بالتلاميذ” الأبرياء”، ففي توقفك عند هذا التعبير محاولة لإيهام القارئ بأن صاحب المؤسسة قام باعتداءات أخلاقية أو ما شابه ذلك على التلاميذ وأنه حوكم من أجل فعلته ليعفو عنه رئيس الدولة في نهاية” الفلم”..أما الحقيقة فهي مخالفة لما ألفته تماما.لأن مهاجمة قوات من الأمن بالزي الرسمي والمدني للمؤسسة مساء يوم السبت 18 سبتمبر 2004 وتحديدا في الساعة السابعة والنصف مساء( الأمر المخالف لكل القوانين والتشريعات التونسية ) وما لحق ذلك من تهشيم للأبواب وإتلاف لتجهيزات المؤسسة ، كل ذلك حدث مباشرة بعد رفض صاحب المؤسسة الخاصة ترسيم” بنت العائلة” لضعف مجموعها وبعد صدور حكم قضائي يلزمه بقبول التلميذة وقد انتزعت إدارة المدرسة من أصحابها لمدة أربعة أيام دون أي موجب قانوني . أما عودة المؤسسة لأصحابها فقد كانت نتيجة وقفة أولياء التلاميذ” الأبرياء” إلى جانب صاحب المؤسسة واعتزامهم تنظيم مسيرة مساندة قبل أن يجتمع بهم مسئول سامي في السلطة ويقع الاتفاق على الالتزام بإعادة البنت الي المدرسة وتوجيه الأولياء لبرقية شكر الى رئيس الدولة الى جانب رفع صاحب المؤسسة لاعتذار إلى الرئيس الأمر الذي رفضه السيد بوعبدلي . أما عن إطناب الصحافة في التطرق إلى الموضوع فمن الطبيعي أن تصطف الصحافة شبه المستقلة كعادتها إلى جانب الموقف الرسمي وأن تبرر وتغالط وتعتم خدما لموقف السلطة ،فالصحافة ذاتها التي تتحجج بها هي من غالطت الرأي العام خلال الأحداث المسلحة التي جدت في الضاحية الجنوبية وأوهمت الشعب بأن المجموعة السلفية هي مجرد عصابة دولية للمخدرات ثم تلونت رواتها لاحقا بحسب هوى المصادر الرسمية( راجع صحيفة الشروق التونسية بتاريخ 26-12-2006صفحة25) وقد لا يتسع المجال لذكر جميع المغالطات التي اقترفتها أغلب وسائل الإعلام التي تتخذها برهانا. فلو ذكرناها جميعا لألفنا عديد المجلدات الضخمة. و قد كان بودي أن لا تتخذ من هذه الترهات بينة لصحة قولك. المغالطة الثانية: ذكرت في ردك السابق أن أن صاحب المؤسسة شيد معهد” باستور” الخاص على حساب ساحة المدرسة المجاورة مما تسبب في ضيق المكان وألحق ضررا بحرية التلاميذ ،أما الحقيقة فان معهد” باستور”شيد في نهج أخر غير النهج الذي أقيمت فيه المدرسة(11 نهج المدينة) وهو ما يدل على عدم معرفتك بخارطة المؤسسة وفروعها، ويمكن لأي كان زيارتها للتأكد من الفصل التام بين المدرسة الابتدائية والمعهد.. المغالطة الثالثة: قولك أن السيد بو عبدلي تسرع في فتح معهده لوضع السلطة المشرفة أمام الأمر المقضي بدليل أن الترخيص الذي يعمل به غير تام..في حين أن الترخيص له بفتح المعهد صدر عن سلطة رسمية وهي وزارة التربية والتكوين عملا بالفصل 40من القانون التوجيهي للتربية والعليم وقد جاء في نص الترخيص “أعلمك ( أي السيدة مادلان بو عبدلي صاحبة المؤسسة ) أن الوزارة لا ترى مانعا مبدئيا في الترخيص لك بإحداث الأقسام حسب الشروط التالية”.. وقد تم الالتزام بالشروط التي وضعتها الوزارة بدليل أن نص قرار إيقاف نشاط المعهد لم يتضمن إشارة إلى إخلال المؤسسة بهذه الشروط .. وفي الأخير أكرر لك أيها المحترم أن المسألة لا تتعلق بالدفاع عن شخص ما أو مؤسسة ما وإنما تتعلق بضرورة احترام القانون وتطبيقه على الجميع دون اعتبار لسلطان أو نفوذ.. فمن حق أي كان أن يشيد مؤسسة تعليم خاص لكن من غير الشرعي أن توصد أبواب مؤسسة من أجل تمكين المؤسسة الأخرى للعمل دون منافسة فهذا مخالف للتوجهات الاقتصادية والسياسية للسلطة التي قد تقف على حقيقة هذا الخطأ الفادح في قادم الأيام.. ملاحظة: تبين بعد هذا التوضيح أن الاتفاق بيننا في نقاطك الست هو اتفاق وهمي. أمل أن نتفق في نقاط أخرى خدمتا للحقيقة و لسيادة القانون ، أما الاختلاف فلا يفسد للود قضية..
المنطقة منظورا إليها من نافذة العراق.. إلى أين تتجه؟
راشد الغنوشي (*) مثلما يوجد في الجسد مراكز أساسية إذا مست أثّر ذلك في كل أنحاء الجسم، يوجد في الأمة أيضا مراكز أساسية يؤثّر وضعها صحة ومرضا في كل الأجزاء. وعلى هذا النحو لا يزال الحدث العراقي يلوّن بلونه الخاص المشهد العام للأمة، بل حتى لجملة السياسات الدولية، باعتباره من أهم مراكز الثقل في الأمة وفي السياسة الدولية، بسبب موقعه الإستراتيجي وتاريخه الحضاري وتوفره على أعظم خزانات الطاقة التي تحرك العالم. وهذا ما جعل السيطرة على العراق باستمرار هدفا للإمبراطوريات الصاعدة، ومنها الإمبراطورية الأميركية التي خططت للسيطرة عليه منطلقا للانفراد بالسيطرة على العالم، وتلك جريمة لا تغتفر لأن التعدد سنة كونية وليس من واحد أحد إلا الذي في السماء “إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء”. لقد بدا واضحا بعد أربع سنوات من الغزو أن الاحتلال وإن نجح في تحقيق هدف من أهدافه وهو إخراج العراق من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، فإن حلم السيطرة تحول كابوسا وفخا وورطة للدولة الأعظم. وبلغ وعي الإستراتيجيين الأميركيين بالمأزق الذي هم فيه أنهم غير قادرين على دفع تكاليف البقاء، وأقرب إلى دفع تكاليف الانسحاب الباهظة، حتى تحدث عضو مجلس الأمن القومي السابق بريجنسكي عن نهاية الحلم الإمبراطوري الأميركي. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن مكر الله المحيط أنه “إذا كتب الله منية امرئ في مكان جعل له حاجة إليه” فيسعى إلى منيته، كذلك الدول والجماعات. ومنذ حرب فيتنام لم تتحول في السياسات الأميركية قضية خارجية إلى المحور الأساسي للمعركة الانتخابية على السلطة بمثل ما حصل خلال الانتخابات النيابية الأخيرة، بما كان له وقع الزلزال السياسي على الحزب الحاكم حين فازت المعارضة بالأغلبية، بما فاقم أكثر أزمة الإدارة الأميركية التي لا تزال تكابر في الاعتراف بما غدا أمرا مسلما من هزيمة الاحتلال. والنتيجة الحتمية للهزيمة هي الانسحاب “إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون” (التوبة/35). وكما أطاحت الحرب على العراق بحكومات وأحزاب وحكام في إسبانيا وإيطاليا وبريطانيا، فهي اليوم بصدد الإطاحة برأس الحملة الصليبية. بل إن آثارها المدمرة تتجاوز العراق إلى جواره وتضرب في كل مكان، من مخيمات غزة ونهر البارد إلى مدارس أفغانستان ومطارات لندن.. والبقية تأتي ولا حول ولا قوة إلا بالله. على أنه بات واضحا أن المشهد العام -بصرف النظر عن الجزئيات وكثير منها مؤلم- يتسم بما يلي: 1- إن هزيمة الاحتلال وانتصار المقاومة بات أمرا محققا، بما يحمله من فشل ذريع لعملية سياسية تحتضر، وما انبثق عنها من دستور طائفي وعرقي ومن مؤسسات وتحالفات وقوى دعمته وتحالفت معه وربطت مستقبلها به. إن الأرض تميد بكل أولئك، وتوشك المهاجر السابقة أن تستقبلهم مجددا. والمشكل ليس هنا، وإنما في البديل الأمثل أو الأقل سوءا أو أي بديل غير الفوضى الشاملة والتفتت الكامل والتحارب الدائم بتغذية من القوى الإقليمية والدولية. بكلمة أخرى: هل سيبقى بعد كل الذي حصل عراق بتركيبته الطائفية والدينية والعرقية التي تعايشت عبر التاريخ وصنعت بتنوعها العجيب أعظم إرث حضاري إنساني، وأعظم دولة قادت العالم لخمسة قرون بمنأى من كل فكر إقصائي؟ أم أن عودة فلسطين ستكون أيسر من عودة ذاك العراق كما تنبأ البعض؟ ذلك ما ينبغي أن تنشغل به الأذهان في ظل أفق انسحاب أميركي على الأبواب، وما أخذ ينجم عنه من اشتداد التنازع المحلي والإقليمي والدولي حول الميراث العراقي. هل بقي في العراق بعد كل ما استطار من فكر إقصائي وتكفيري ومن تقاتل على الهوية، من فكر وطني جامع يمكن أن يأتلف عليه كل أهل العراق هوية وطنية تعددية جامعة؟ قطعا ذهاب العراق لا يستدر دمعة صهيونية واحدة ولا حتى إيرانية، ولكنه سيظل وصمة أخرى في جبين الأميركان. 2- استهداف إيران: إن الولايات المتحدة التي جرّت نفسها وحلفاءها إلى هذا المأزق هي اليوم تمارس أشد الضغوط على أتباعها في المنطقة ممن جرّتهم إلى الإسهام في عدوانها على العراق –حسبانا منهم أنهم قد راهنوا على الجواد الرابح، وهم في الجملة قد اندرجوا بشكل أو بآخر أو قل تورطوا في مشروع غزو العراق- تضغط عليهم من أجل جرهم إلى ورطة أخرى هي المشاركة في تشديد الحصار على إيران لتجريدها سلما أو حربا -كما جردت قبل ذلك العراق- من الطموح إلى امتلاك الدورة الكاملة لإنتاج الوقود النووي حتى لو كانت النتيجة انفراد الصهاينة بالقوة وبزعامة المنطقة. إن الولايات المتحدة بزعامة قيادة صليبية متصهينة واقعة تحت سيطرة مطلقة لعقائد أسطورية حول نهايات العالم وقرب موعد عودة “المسيح” عبر إعادة بناء الهيكل المزعوم، عقائد تزودها بطاقة عناد غير محدودة لرفض الاعتراف بالهزيمة، مندفعة للقيام بمغامرات جديدة على غرار ما يفعل المقامر، يخاطر بآخر ما يملك على أمل التعويض عن خسائره المتلاحقة، أو هي قد تشجع كلب صيدها الصهيوني على القيام بالمهمة. 3- الضغط على الحلفاء: في هذا السياق كان ضغط الاحتلال على شركائه في العملية السياسية ضروريا على الصعيد العراقي كي ينأوا بأنفسهم عن حليفهم الإيراني، إذ لم يعد مقبولا منهم غير التعبير عن ولائهم للاحتلال عمليا، بالإسهام في ضرب القوى والجماعات العراقية الأوثق تحالفا مع إيران مثل الصدريين. ذلك بعض ما يفسر الفرز الجديد في الساحة الشيعية، وانخراط بعضها في عمل المقاومة، فلم يعد الاستواء على صهوة حصانين ميسورا. 4- تعديل الميزان في اتجاه السنة المعتدلة: ومن أجل إضعاف المقاومة والحد من نفوذ جماعات الشيعة خشية ارتباطها بإيران حاول الاحتلال –ولو بالتظاهر- تعديل الكفة شيئا ما لفائدة جماعات سنية مشاركة في العملية السياسية، بينما لم يعد قادرا حتى على حماية وزرائها، فغدت في وضع لا تحسد عليه، مطحونة بين الاحتلال والمليشيات العاملة تحت لافتات قوات نظامية وجماعات التشدد. 5- تحالف المعتدلين: وفي سياق فرض الحصار على إيران لتجريدها من الصناعة النووية سلما أو حربا جاءت الدعوة الأميركية إلى تحالف دول “الاعتدال” لمواجهة ما دعوه بالهلال الشيعي، تأكيدا على أن الخطر الأول على الأمة ليس الاحتلال الأميركي ولا العدو الصهيوني، وإنما إيران والهلال الشيعي! فتصاعدت تصريحات من مسؤولين عرب وحتى من جماعات إسلامية تؤجج حمى الصراع الطائفي. 6- التهدئة في فلسطين ومحاولة إحياء موات الخطة العربية للسلام: وعلى الصعيد العربي جاءت سياسة تهدئة الصراع على بقية الجبهات ومنها الجبهة الفلسطينية، فكانت دعوة القمة العربية إلى تجديد تأكيد العرب التزامهم بالخيار السلمي وتأليف لجنة للتفاوض مع الكيان الصهيوني. وبسبب حقيقة أن الذي لا يقدر على الحرب لا حظ له في السلام، فقد ظل الكيان الصهيوني رغم غرقه في مخلفات هزيمته المدوية أمام حزب الله ماضيا في غطرسته مستظهرا بنفوذه الواسع في مراكز صناعة القرار الغربي، ممعنا في سياسات الاستعلاء على العرب والقمع والحصار على الفلسطينيين، وذلك رغم توفيق المملكة السعودية في دفع الفرقاء الفلسطينيين الذين انحدروا إلى أتون فتنة خطرة، إلى تشكيل حكومة ائتلاف مما يعتبر نجاحا للمملكة وللقضية. غير أن ذلك لم يغير شيئا من السياسات الإسرائيلية والغربية وحتى العربية المشاركة في الحصار، تصميما على إقصاء حماس بأي ثمن. فتواتر الدعم السخي للرئاسة وأجنحتها الأمنية المرتبطة بالاحتلال للانقلاب على حكومة الائتلاف الوطني، مما سارعت حماس إلى إفشاله. وقد زاد ذلك إرباك الخطة الأميركية في المنطقة ومحورها تشديد الحصار على قوى المقاومة والممانعة تمهيدا لتجريد إيران من قدراتها النووية سلما أو حربا لفرض هيمنة إسرائيلية أميركية. 7- الانسحاب من مشروع تصدير وفرض الديمقراطية: ومن توابع السياسات الأميركية المحكومة بالمأزق العراقي وحاجة المحتل المؤكدة لمن يعينه على الخروج من مأزقه ومحاصرة إيران، بدا واضحا انسحاب الإدارة الأميركية الكامل من مشروع تصدير الديمقراطية خاصة لو جاءت بالإسلاميين! لقد بدا اليوم واضحا للجميع تخلي الإدارة الأميركية عن تلك الإستراتيجية على افتراض وجودها أصلا، اللهم إلا من أجل ابتزاز الأنظمة المحنطة وتخويفها من التغيير بهدف المزيد من تطويعها. لقد عاد حبل المودة متينا كما كان بين الإدارة الأميركية وبين أنظمة الاستبداد، تمشي الأولى طيعة في ركاب الثانية مقابل إبقاء هذه عليها وكيلا، وصمتها على قمعها لشعوبها وعبثها بالدساتير، متخذة الدولة كلها حديقة خاصة بالأسرة الحاكمة. وما حصل في مصر مثال، إذ قبلت حكومات المنطقة الخضوع الكامل للإرادة الأميركية والاشتراك في محاصرة الفلسطينيين حتى انفجروا، مقابل تثبيت ملكها وتوريثه ودرء الضغوط التي كانت مسلطة عليها من أجل الإصلاح. 8- إدارة أميركية مضطربة: تبدو الولايات المتحدة على إثر الزلزال الانتخابي الذي أفقد الجمهوريين الأغلبية في غرفتي التشريع وفي خضم التهيؤ للرئاسيات، على قدر غير قليل من الاضطراب وبالخصوص على الصعيد الخارجي، وبالأساس في القضية المركزية المتعلقة بالورطة الأميركية في العراق. فبينما يصر بوش في عناد دوغمائي على متابعة حربه الخاسرة، وربما يعدّ للانطلاق إلى مغامرة جديدة في إيران، يمضي الجهاز التشريعي بقيادة الديمقراطيين وحتى أعضاء من الجمهوريين في تحدي سلطته. 9- تصاعد خط المقاومة والممانعة: أسهم المأزق الأميركي في تغذية اتجاه التحدي والممانعة للسياسات الأميركية في العالم. ومن ذلك فشل وزارة الدفاع الأميركية في إقناع روسيا بنشر صواريخ أميركية في أوروبا الشرقية معتبرة ذلك تهديدا لأمنها القومي، كما فشلت في ثنيها عن استمرار تعاونها النووي مع إيران. وكان للفشل الأميركي في العراق تأثيره على أكثر من دولة في أميركا اللاتينية ما سمح لها بأن تتمرد على السياسات الأميركية، باستثناء دول العرب. 10- اتساع ساحات الإرهاب: إن أصحاب نظرية العنف الشامل ضد الولايات المتحدة وحلفاءهم -ممثلين بجماعة القاعدة- قد أكسبهم المأزق الأميركي شعورا عاليا بالنصر رفع سقف طموحاتهم إلى حد وضع يدهم على العراق، إذ أعلنوا عن إمارة إسلامية في مناطق من الأنبار، كما وسعوا من ميادين عملهم فأعلنوا عن جبهة جديدة “قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي”. وخلال الأشهر القليلة التي مضت من هذه السنة هزوا أمن أكثر من بلد، من تونس إلى المغرب إلى لبنان ولندن، مستفيدين من حالات الانسداد السياسي والحيف الاجتماعي وانسحاب الحكومات من واجباتها في الدفاع عن الأمة. 11- ماذا تعني هزيمة أميركا في العراق؟ هل تعني أن الولايات المتحدة ستنسحب عما قريب من المنطقة؟ أو أنها بصدد أن تخسر صفتها دولة عظمى ستعيد انتشار قواعدها؟ ومن ناحية أخرى إذا فعلت ذلك وانسحبت من شوارع المدن العراقية تاركة البلاد لأهلها يتطاحنون بعدما فككت عرى اجتماعهم، تكون قد وضعت أقدامها على نفس الطريق الذي سارت عليه سالفاتها من الإمبراطوريات. والإمبراطوريات عادة تنهار من داخلها ثم تأتي هزائمها في حروبها تكمل المشوار. وإن ما يعتمل من تناقضات ودواعي عنف داخل الكيان الأميركي وفي صلب ثقافته بصدد أن يفعل فعله. لن تنسحب من هذه المنطقة الإستراتيجية التي تعد السيطرة عليها عنوانا على المجد الإمبراطوري والسيطرة العالمية، ما دام فيها نفس. ولكن هزيمتها ستنقلها من كونها الدولة المنفردة بالسيطرة إلى كونها دولة عظمى من بين دول أخرى كما حصل للاتحاد السوفياتي نتيجة هزيمته في أفغانستان، حين تحول إلى دولة عظمى هي روسيا بدل الإمبراطورية السوفياتية. وذلك شرف لأمة الإسلام أنها -حتى في زمن ضعفها وغياب الكيان السياسي الذي يمثلها- كان إسهامها عظيما في كسر إمبراطوريتي العصر كما فعلت زمن انطلاقها مع فارس والروم. 12- وضع يحتضر: إن الحكومة المنتدبة تترنح، ومأساة العراق وملحمته الآن تبلغ الأوج، والاضطراب يتفاقم والزمام ينفلت من قبضة الاحتلال. واضح أنه لم يبق في عمر الاحتلال متسع من الوقت والطاقة لإجراء تعديلات دستورية وطنية ديمقراطية تلغي الطائفية وما تولد عنها من محاصة، وتبني قوات نظامية على أساس وطني، إذا أريد للعراق أن يعود. إن شبح الانسحاب تدريجيا أو على صورة هروب فيتنامي تلوح في الآفاق، تاركة وراءها طبقة سياسية بكاملها. 13- إلى أين تتجه المنطقة؟ واضح أن الهوة بين شعوب المنطقة وحكامها آخذة في الاتساع، وأن هذه النخب الحاكمة تزداد اغترابا عن شعوبها والتصاقا بالقوى الأجنبية وتلبية لمطالبها، حتى بالتفريط في ما تبقى من استقلال. وبينما تزداد الشعوب أسلمة وطموحا إلى العدل والحرية والتوحد والعيش وفق إسلامها وإصرارا على تحرير أراضيها، يمعن الحكام فسادا وتذيلا للأجنبي وتفريطا في قضايا الأمة الكبرى في فلسطين والعراق باعتبارها قضايا أجنبية! والاستجابة غير المشروطة للاندراج في الإستراتيجية الأميركية الصهيونية لضمان البقاء، حتى لو أدى ذلك إلى التورط في حروب طائفية وعرقية ودينية لا مصلحة فيها إلا للأجنبي. كل ذلك يرشح المنطقة في غياب الديمقراطية والدولة المركزية الحاضنة لمشروع النهوض والتوحد إلى المزيد من الوقوع في حبائل مخططات التمزيق وتهيئة مزيد من الفرص لجماعات التشدد لتأجيج الحرب ضد مخالفيها، حتى من الجماعات الإسلامية الوسطية، لاسيما مع وجود دولة إقليمية كبرى تتبنى سياسة تشجيع نشر الطائفية الشيعية ولو عن طريق التطهير العرقي كما يحدث في عاصمة الرشيد، بينما لا توجد في المقابل دولة إقليمية كبرى تعدل الميزان وتضبط حركة المنطقة وتوجهها في اتجاه البحث عن الإجماع والدفاع عن قضايا الأمة. إن المنطقة متجهة قدما صوب المزيد من التمزق والحروب الطائفية ما لم تنهض دولة إقليمية أساسية بوزن مصر مجددا، بالدور التاريخي الذي نهضت به في مواجهة الإعصارين الصليبي والمغولي، وهذا ما يجعل السؤال: أين تتجه المنطقة ليس له من جواب غير أين تتجه مصر؟ (*) كاتب ومفكر تونسي (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 29 جويلية 2007)
هل بمقدور الإسلاميين العرب التوقيع على ميثاق “أردوغان”؟
خالد شوكات* ما فتئ رجب طيب أردوغان يؤكد طيلة السنوات الماضية، على أن حزبه “العدالة والتنمية”، الفائز الكبير في الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة، حزب علماني ديمقراطي محافظ، وليس حزبا دينيا إسلاميا. وعندما يهب الإسلاميون العرب للاحتفاء بفوز “إخوانهم” في تركيا، مشيرين إلى أن الشارع في العالم الإسلامي عادة ما يختار التيار الإسلامي إذا ما كانت الانتخابات ديمقراطية فعلا، فإنهم لا يدركون أنهم يسيئون بانتخائهم هذا، إلى أردوغان أولا، حبث يكذبون تصريحه المكرر، وإلى أنفسهم ثانيا، حيث يكشفون عدم ممانعتهم في استعمال الإزدواجية في الخطاب والممارسة، إذا كانت ستقودهم إلى السلطة. و على افتراض أن لرجب طيب أردوغان ولحزبه، خلفية إسلامية خفيفة، فإن كثيرا من متابعيه يشيرون إلى أن المرجعية العلمانية للدولة التركية، قد أثرت في مساره وبرنامجه وخطابه وسياساته، أكثر بكثير مما أثر هو بخلفيته الإسلامية المفترضة في المؤسسات السياسية التركية، وأنه لو كان للإسلاميين العرب الاستعداد للتأثر بنفس الطريقة التي كان عليها الحال مع أردوغان، فسيكونون قد سلكوا مسافة طويلة في طريق تطبيع علاقاتهم مع القوى السياسية الداخلية والخارجية، التي ترى في برامجهم وتحركاتهم وطموحاتهم شرا مستطيرا على دولهم ومجتمعاتهم والعالم بأجمعه. إن فوز أردوغان الانتخابي العريض كان الدافع الرئيسي لدى الإسلاميين العرب إلى اعتباره واحدا منهم، أما لو كان انهزم فلن يكون بنظرهم إلا مهرطقا عميلا للغرب، تنكر لشيخه أربكان، ولم يتردد في تقديم كافة التنازلات المطلوبة تركيا وأوربيا وأمريكيا، على حساب الالتزام الإسلامي والرؤية الإسلامية، دون أن يجني شيئا غير الخسران المبين، وذلك جزاء المنافقين، أما وقد فاز فلا ضير من اعتباره إسلاميا، وليعتذر لاحقا لمؤسس الحركة الإسلامية السياسية التركية، وليستغفر الله لخطاياه في قبوله العلمانية والديمقراطية. في استفتاء أجراه حول فوز أردوغان، حزب العدالة والتنمية المغربي، وهو حزب الإسلاميين الأول في المغرب، قال أغلبية المسبور آراؤهم أن انتصار الحزب التركي المحافظ جاء نتيجة قوة برنامجهم الاقتصادي والاجتماعي، وليس جراء الخلفية الإسلامية للحزب كما هلل بعض الإسلاميين العرب، ومشكلة هؤلاء أنهم ما يزالون على دأبهم نفسه في مخاطبة شعوبهم بشعارات لا برامج، و باستغلال العاطفة الدينية لا انتزاع التأييد بالحجة العقلانية. ثمة بيان يفترض أن رجب طيب أردوغان قد كتبه ممارسة سياسية وتوجهات عملية طيلة السنوات الماضية، وكان السبب الأساسي في انتزاعه ثقة الدوائر التركية والدولية، الشعبية والرسمية، هذه بعض معالمه: – تأكيده على التزامه بطبيعة الدولة العلمانية وبالأسس الكمالية للجمهورية التركية، ونظره إلى الإسلام على أنه أحد مكونات الهوية الثقافية التركية، التي يجب العمل على المحافظة عليها. – نسجه علاقات وثيقة مع الطبقة الرأسمالية التركية، وتبنيه برنامجا اقتصاديا ليبراليا، يقوم على توفير المناخ المناسب للاستثمار، ومحاربة الفساد، والتشجيع على المبادرة الفردية، وعصرنة وتحديث المؤسسة الإدارية. – إبقاؤه على العلاقات مع إسرائيل، بل والعمل على تنميتها، تقديرا منه أن ذلك أفيد للقضية الفلسطينية، وإيمانه بالسلام كحل وحيد ممكن للقضية الشرق-أوسطية. – حثه الخطى لتحقيق شروط الانتماء التركي للاتحاد الأوربي، وسعيه إلى تطوير العلاقات التركية الأوربية حتى وإن لم يستجب لطلب العضوية الكامل لتركيا. – حيازته ثقة الولايات المتحدة الأمريكية، ونيله الدعم الأمريكي في كثير من القضايا الداخلية والخارجية. – تشجيعه القطاع السياحي، وعدم نظره إلى هذا القطاع باعتباره مفسدة للدبن و الهوية. – تجنبه إثارة القضايا ذات الحساسية، من قبيل قضية الحجاب، وقبوله الإبقاء على قانون القيافة الذي يمنع المحجبات التركيات من ولوج الجامعات والمؤسسات العمومية. – عدم تدخل حكومته في حريات المواطنين الشخصية، أو نمط حياة بعضهم غير المحافظة، والإبقاء على أجواء التحرر الاجتماعي ذاته، التي ميزت تركيا باستمرار عن غالبية الدول العربية والإسلامية. في مقابل هذا البيان الأردوغاني المعلن، يرسم خطاب التيار الإسلامي في العالم العربي، معالم بيان آخر، مختلف تماما، حتى أن الرابط بين حزب العدالة والتنمية التركي و سائر أحزاب وحركات الإسلام السياسي في العالم العربي، لن يعدو أن يكون مجرد إشارات رمزية، ذات تأثيرات شبه معدومة في السياسات والبرامج والوقائع العملية، و خطوط بيان الإسلاميين العرب كما يلي: – تأكيده على اعتبار العلمانية كفر بواح ورجس من عمل الشيطان، واعتبار مصطفى كمال أتاتورك كأحد أكبر أعداء الأمة الإسلامية. – اعتباره الليبرالية ااقتصادية نموذجا إداريا غربيا فاسدا لا يلائم طبيعة واحتياجات الدول الإسلامية. – النظر إلى إسرائيل كبؤرة استعمارية استيطانية بغيضة لا مجال للاعتراف بها، ناهيك عن التفاوض معها، وكل من فعل ذلك فلن يعدو أن يكون كافرا أو منافقا. – بناء العلاقة مع الأوربيين والأمريكيين، على أساس منطوق الآية القرانية ” ولن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم..”، فالحرب بين دار الإسلام ودار الغرب قائمة أبدا، كما العداوة، وعلى هذا النحو يجب أن تبنى السياسات الخارجية للدول الإسلامية. – إدانته للسياسة الاقتصادية القائمة على تشجيع السياحة، باعتبارها مجلبة للانحلال الخلقي ومفسدة للشباب المسلم ومستفزة للطبيعة الإسلامية للمجتمعات. – اعتبار الحجاب ركنا سادسا من أركان الدين، لا يجوز السكوت على منعه بأي حال، و الاستعداد لإعلان الجهاد غيرة عليه، وعدم التردد في فرضه على النساء، إذا ما ضمنت القوة الكافية لتحقيق ذلك. – التدخل في حريات المواطنين الشخصية، بالقدر الذي يحفظ طبيعة الدولة الإسلامية، حيث على السلطات إغلاق الفنادق والحانات والنوادي الليلية وسائر المرافق والمؤسسات التي قد تمس بالأخلاق العامة وتؤذي المتدينين في مشاعرهم. وكما هو بين من البيانين، فإن الهوة التي تفصيل أردوغان عن إخوانه قادة وأعضاء الحركات الإسلامية في العالم العربي شاسعة، و أنه لو كان باستطاعة الإسلاميين العرب التوقيع مع الزعيم التركي المحافظ على بيانه، والقبول بما قبل به، لأوجدوا أرضية حوار سياسي وفكري صلبة، تسمح بفتح آفاق جديدة للعملية السياسية، ولمشاريع الإصلاح الديمقراطية والتنموية، بما يخدم الإسلام والمسلمين معا، ويفوت الفرصة على كل دعاة التطرف والإقصاء. إن الإسلام كدين وقناعة إيمانية لا يحتاج دولا وحكومات تحرسه، وقوة الإسلام في حراسة المجتمع له، لا تسخير عصا السلطة لخدمته، و إن شرع الله كامن في مصلحة الناس والنأي بالنفس عن فضفاض الشعارات، وقد وعى أردوغان هذه الدروس، وجعلها موجها لسيرته، فأقام حزبه على أسس عصرية مدنية منفتحة، ولم يقلد أولئك الذين أقاموا أحزابهم على أساس أنها إحياء لجماعة الرسول (ص) الصالحة، وأنهم مرشدون ومن حولهم حواريون وصحابة وعساكر. لقد ربحت تركيا، من خلال مراجعات أردوغان الفكرية والسياسية، حزبا يمنح الرؤى المحافظة حلة عصرية، وفئة من السياسيين الوطنيين أكثر ديناميكية و قدرة على الابتكار وأقل فسادا، فيما ما تزال أحزاب وجماعات الإسلام السياسي العربية، مترددة في اتخاذ أي إجراءات إصلاحية عميقة وجذرية على رؤاها وخطابها ومشاريعها السياسية، مصرة على لعب دور الفزاعة في علاقاتها بسائر الأطراف الداخلية والدولية، ومتشبثة بلعب دور الجماعة المهتدية التي تواجه سيلا من مؤامرات القوى المنافقة والظالمة والكافرة. يظل بيان أردوغان برأيي أهم امتحان، فهل بمقدور الإسلاميين العرب الإمضاء – ولو بالأحرف الأولى- على هذا البيان، على الأقل لكي يكون الزعيم التركي واحدا منهم فعلا، أم أنهم يزعمون، وساء ما يقولون ويفعلون؟ * كاتب تونسي
للبيــت رب يحميــه … وللعـالم نسـأل السلامـة!
د. خــالد الطــراولي* ktraouli@yahoo.fr لم أشعر في حياتي كلها بهذه الرعشة التي هزت أطراف جسمي وسرت في أنحاءه وخلاياه، وأنا أقرأ هذا الخبر المفزع…لم يهدأ لي بال ولم يتوقف نبضي على التسارع وأنا أعيد قراءة الخبر ثانية وثالثة… نائب جمهوري أمريكي ومترشح للرئاسة رفض قلمي خط إسمه ورفضت الذاكرة استحضاره، يعلن على الملأ أن أمريكا سوف تقصف مكة والمدينة وتجعلهما هباء منثورا لو أعيد الاعتداء عليها ثانية! وهي ليست المرة الأولى في إطلاق هذه المهاترات تجاه البقاع المقدسة الإسلامية فقد سبقه منذ عام حديث مشابه لنائب جمهوري، وفي هذه الإعادة تذكير بوجود عقلية وثقافة وعقول تحبذ العيش والبناء على الخوف والرعب والمآسي والصراع. لعل قائلا سوف يجعل من هذا الحديث سقطة لغوية أو حشوا زائدا أو حديثا انتخابيا، أو لحظة انفعالية أوغضبة زائلة… وله أن يقول ذلك. ولكن منذ مأساة الحادي عشر من سبتمبر الأليمة والأقوال “الجانبية” كثر عددها والهجمات اللفظية سال مدادها، والانفعالات عظمت وهجتها، من عباقرة السياسة وأصحاب القرار. جولات التصعيد والكلمات غير الموزونة بدأها الرئيس بوش وتحدث عن حرب صليبية، عن قوى الخير والشر… وتراجع الرجل وأفهمنا أنه لم يعني أبدا هذه المعاني التي حملتها نفوسنا المريضة وأن قصده كان بعيدا عن عقولنا الصغيرة وأفهامنا الضيقة وزار مسجدا في حارتنا، فرضينا، اقتناعا من البعض لحسن السريرة، وعدم نبشنا عما تخفيه الصدور وأخفته العقول، وخاف البعض واسترجع، فاليد قصيرة والعين بصيرة والله سلم ! ثم خرج علينا رئيس الوزراء الإيطالي السابق من مخبئه ومن فضائحه المالية، ليعلن للعالم تفوق حضارته أمام حضارة متوحشة وقاصرة… وتراجع الرجل وأقسم جهد أيمانه أننا لم نفقه قصده، ولم يكن يوما عدوا لحضارتنا، فحتى لون بشرته تقارب سمرة بشرتنا! وطوينا الصفحة ونسينا أو تناسينا … وتعدد الحديث من هنا وهناك عن الإسلام وتخلفه، وهوجم نبيه على الملأ مرات ومرات من قبل قساوسة وسياسيين ورعاع، ولم ينته مسلسل التشويه والعداء… حتى جاء هذه المرة الحديث قاسيا رتيبا مملا جارحا يدخل في الجسم غائرا مؤلما كخنجر معقوف مسمم : سوف نضرب مكة! لم يفهم صاحبنا أن مكة مدينة من حجر وشجر، لا يميزها سوى بيت عتيق جعله الله مسجدا وقبلة للناس… بيت من حجر سقط بنيانه وتصدع واحترق مرات ومرات، بالسيل حينا وبالقدم حينا، وبأفعال الناس حينا آخر، حتى رماه الحجاج بالمنجنيق وهو يحاصر عبد الله بن الزبير داخله، ومات الرجل مقتولا بين أركانه ولم تشفع له الكعبة ولا أم القرى. ليست الكعبة أو مكة أقدس من دماء المسلمين وقد قالها رسول الإسلام يوما وهو يشير إليها في هيبتها ومقامها : ” لهدم الكعبة أهون عند الله من سفك دم مسلم”. وقالها في محطة ثانية ” ما شيء أكرم على الله من ابن آدم “! وكم من دماء مسلمة مقدسة سالت على هذه الأرض حتى أنك لو سألتها لأجابتك بأنها قد عافت دمائنا من كثرة استنزافها وضعف بنيانها. وماذا لو ضربت الكعبة فالمسلمون لا يعبدون حجرا ولا أصناما ولا أربابا ولكن يعبدون رب الحجر والشجر، ربا وُجد قبل الكعبة ولا أول له، وباق بعد الكعبة ولا آخر له. ثم لعلنا سوف نقول لهذا النائب: للبيت رب يحميه أو يمنعه، قالها عبد المطلب يوما وهو في حالة ضعف وقلة عدد وعدة، ونقولها اليوم ونحن على الحال نفسه وكأننا بين قولته وقولنا، لم نكن نتزعم العالم يوما ولم نكن أسياده، حيث لم نهدد أحدا بدكّ مقدساته والاعتداء على معتقداته، سواء كانت صلبانا أو بقرا أو نارا. عاش معنا النصارى واليهود والصابئة، وتركنا صوامع كنائسهم تضاهي مآذننا طولا، ومعابدهم تنافس مساجدنا ذكرا وتسبيحا، ونارهم تشتعل، وأبقارهم تسعى في أرض الله مرحا! هذا حديث العاطفة، وقد تركت له الحبل متسعا، لكن الخطير في حديث النائب الأمريكي هو تغذيته لأحاسيس ومشاعر الكراهية بين صفوف المسلمين وإضرامه نار الحقد والتطرف. كم مولت أمريكا من برامج وسياسات وقامت بأعمال لتحسين صورتها المهتزة عند المسلمين وسعت إلى إظهار ذاتها أنها بلاد الحرية والديمقراطية وأنها الساعية لجلب السلم والاستقرار واحترام حقوق الإنسان، لتأتي هذه الكلمات لتقتلع البناء من أساسه وكأنه لم يكن بناء، أو لعله كان بناء مهتزا فضفاضا ليس له أسس؟ فمن من المعتدلين يستطيع أن يواصل خطاب الاعتدال والسلم دون فقدانه لمصداقيته؟ خطاب الاعتدال يصبح عند أهل التطرف والإرهاب عمالة ونذالة وخيانة. ألا تدعم هذه الحركات البهلوانية خطاب التطرف والثأر والمواجهة؟ السؤال الذي تخلف في الحقيقة فإن النائب الأمريكي والمرشح لرئاستها أجاب الإجابة الخطأ للسؤال الخطأ، وهو بالتالي لم يخرج من بوتقة السياسة الأمريكية ككل، كان الأولى طرح السؤال الأليم الذي يتفاداه أهل القرار: ولماذا يمكن أن تعاد مأساة الحادي عشر من سبتمبر أو شبيهة بها؟ أليست وقائع مدريد ولندن الإجرامية هي مصغرات لهذه الأعمال الإرهابية؟ لماذا تواصل مسلسل الإرهاب عظم فعله أو صغر؟ هذا هو السؤال الذي وجب طرحه وهو تعبير عن إفلاس مخططات المواجهة، وإفلاس هذه الأحاديث الجانبية والغثة. هل وعى صاحبنا بهذا المنزلق الذي يؤدي إليه مثل هذه الأقوال الفضفاضة، أم أنه اعتراف بهزيمة في معركة الأفكار، حيث تلكأ مشروع الشرق الأوسط للإصلاح وذهب في مستنقعات بغداد وكابول، ولم نعد نسمع كثيرا عن تنزيل الديمقراطية خيارا أو اضطرارا في بلداننا، فرأى بعضنا التحرير ولم يرى الحرية. وحيث يبدو أن لغة المبادئ لم تستطع استبعاد المصالح وازدواجية المعايير، فجاءت هذه الأقوال وغيرها لتغطية سوءات مكشوفة، وتلهية المجتمع الأمريكي والعالمي عن المآزق والأنفاق، وانسداد الأفق وتلبد السماء والتخبط الذي أصبح يلازم الأقوال والأفعال. أم أنه عمل ممنهج ومدروس غايته التمكين لصراع الحضارات، والاقتناع مسبقا بالفوز بالضربة القاضية والحاسمة، فالكفتان لا تعتدلان، بين حضارة تعيش في المستقبل وتملك القوة والعتاد، وبين تخلف عام يعيش في الماضي باستبداده وفقره ولا يملك حتى التحكم في مصيره! غير أن الكثير من العوامل المغيبة، منها المعقول ومنها المنقول، يمكن أن يحدث ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر! . ختـــاما نحن لا نريد دماء ولا شقاء لأحد، وكم تألمنا ولا زلنا نتألم لحوادث الإرهاب والإجرام وسوف نبقى على حالنا صامدين أمام الإرهاب والتطرف سواء كان عملا مدمرا أو فكرة صاعقة، أو كلمة مسمومة أيا كان مأتاه. خوفي أن عقلية الاستعلاء والكبرياء خلفت سلوك العظمة والازدراء والاستخفاف، وأضعفت مؤشرات الوعي ونواقيس التنبه…خوفي أنها عقائد وإيمان في غير موضعها، ولدت عقدا وأمراضا ومركّبات، ودخول المقدس والمنقول خطأ من زاوية مهتزة أخلاقيا إلى ضفاف السياسة والحكم، والمحاسبة على الظن والريبة… خوفي أننا دخلنا مستنقع الانفلات الأخلاقي والقيمي، والذي نُسجت أطرافه بداية في سجن أبي غريب في حقوق الأفراد وتواصل في غوانتنامو في حقوق الكتب المقدسة…خوفي أننا على فوهة بركان من الاستعمار غير المباشر والاستغفال والاستحمار… خوفي أننا دخلنا هذه المرة في مواجهة جديدة للتحرير، حتى يحصل الاستقلال الثاني، هذه المرة ضد غزو الفكر والثقافة والكلمة الهابطة، دون أن نستعد لذلك، لا في العقل ولا في السلوك..، نسينا الأرض وتعلقنا بالسماء، والسماء منا براء، فهي لا تزال توحي إلينا أنها لن تقبلنا دون أصلنا وفصلنا وأرضنا! المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام وعلى أفضل المرسلين الرسالة رقم 272 على موقع تونس نيوز
خواطر وتعليق على الحوار الذي أجرته قناة المستقلة مساء الاحد 2007/08/05 بعنوان الفضاء الديمقراطي حول مسيرة الزعيم بورقيبة رحمه الله
بقلم محمد العروسي الهاني تونس في 2007/08/06 الحوار الذي شاهدناه مساء الأحد 5 أوت 2007 على قناة المستقلة بعنوان بورقيبة في الذاكرة الوطنية والشعبية. الذي قدمه الاستاذ الهاشمي الحامدي مدير القناة تلبية لرغبة الملايين من أبناء الشعب التونسي. وقد ساهمت شخصيا بـ 3 مقالات أيام 28-30 جويلية و 4 أوت الجاري. اقترحت على الأخ الهاشمي الحامدي تقديم ملفات على الزعيم الراحل بورقيبة. بعد الرسالة المقترحة المؤرخة في 2007/07/18 التي وجهتها لرئيس الدولة والتي تلاها بأمانة وصدق الأخ مدير القناة و على إثر ذلك قرر صاحب الفضائية القيام بتخصيص أربعة حلقات على الزعيم الراحل بورقيبة على هامس الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية التونسية 25 جويلية 1957 – 25 جويلية 2007. وفعلا أنجز الحرّ ما وعد به وشاهدنا الحلقة الأولى مساء الاحد 2007/08/05 والحوار الذي دار بالهاتف بين المناضل الوطني الوفي الأستاذ السفير السيد أحمد ونيس رجل الوفاء والصدق والدكتور محمود الذوادي أستاذ علم الإجتماع أن هذا الحوار غير متوازي بين الرجلين رجل متشبّع بالفكر البورقيبي النيّر وبالثوابت والقيم والمبادئ وملمّ بكل المعطيات والظروف والمعطيات السياسية والحزبية والتاريخية والعالمية. والأخلاقية والإسلامية ووفي لعملاق التاريخ. وبين رجل من جيل اَخر يثير المشاكل ويهمّش التاريخ ويقلّل من قيمة العملاق وأصبح الزعيم الحبيب بورقيبة أمام محكمة تاريخية بطريقة ملتوية… ليس هذا الحوار المتوازن ليس هذا الحوار الديمقراطي النزيه الذي أكدته عليه في الرسالة التي وجهتها للأخ الهاشمي الحامدي يوم 2007/08/04 وبين السطور قلت أريد حوارا نزيها بعيدا عن الخلفيات السياسية… لا أريد حوار الصم ولا حوار المحاكمة لعملاق صنع التاريخ وصنع الاستقلال وصنع المعجزة التونسية ويشهد له العالم كله بذلك النجاحات والانتصارات والشخصية الفذة العالمية التي لا يمكن التشكيك أو الخوض والغوص فيها والذين يحللون شخصية بورقيبة ويشهد له أو عليه هم في حجم ديغول الذي اعترف بشخصية بورقيبة وجمال عبد الناصر الذي قال الرئيس الوحيد الذي نصحني، وكندي وحاكم كندا وأحمد سوكارنو والطيب رجب أودرغان الذي قال الرئيس الوحيد الذي تكلم في مجلس النواب التركي يوم 1965/03/27 وانتقد مصطفى كمال أتاتورك وقال الإصلاحات التي قام بها كانت خارجة المنظومة الإسلامية. هذه شهادة أودرغان يوم 2005/03/27 بعد أربعون عاما على زيارة الرئيس بورقيبة إلى تركيا. إذا نرجو من اليد الهاشمي الحامدي رجل الحوار الإعلامي أن يسعى لدعوة عناصر يشهد لهم بالوفاء والصدق والصفاء والنظافة الفكرية وعدم التوظيف السياسي لأن الزعيم رحمه الله مات…والتارخ ذكره ليس من أجل النقد والانتقاد لغاية في نفس يعقوب … وبدون تعليق أما اختيار بورقيبة للرجال المخلصين في هذا الموضوع سأخصص له مقال مطول بحول الله والرجاء تجنّب الإثارة أو نبش الماضي بطرق ملتوية أو محاكمة الزعيم بطرق خبيثة وملتوية وختاما نقول لكل ناقد و متفرج اليوم ما هو دوركم أيام الكفاح الوطني وما هي مساهمتكم وهل حصل لكم ازعاج أو مكروه أو فاجعة أو تعرضتم لعملية ايقاف في السجن ولو لمدة 24 ساعة من أجل تونس والقضية الوطنية ؟ وما هي مشاركتكم في الحياة الوطنية وتضحياتكم للوطن وللشعب ؟ الزعيم بورقيبة عام 1927 عاد من فرنسا بعد اتمام دراسته وتحصل على شهادة الحقوق والقانون وشهادة تؤهله لممارسة مهنة المحاماة وتركها وترك المادة وفي عام 1929 وهو في سن 26 سنة اختار الكتابة في الصحافة للدفاع على القضية الوطنية وبقي إلى عام 1933 مناضلا في الإعلام ثم أسس الحزب الجديد عام 1934 مع مجموعة من الشبان المثقفين الأحرار الأوفياء. وكان يوم 2 مارس 1934 العلامة البارزة في التاريخ وبقي زعيما فداء وقائدا حكيما إلى سنة 1956 تاريخ الإستقلال التام وعند تشكيل حكومة الإستقلال يوم 1956/04/14 ترأس الحكومة الوطنية وفي 25 جويلية 1957 أعلن النظام الجمهوري وانتخبه المجلس التأسيسي رئيسا للجمهورية التونسية بالإجماع وبقي 31 سنة في الحكم بحلوه و مرّه وكامل فترة الزعامة والرئاسة والريادة 58 سنة، فهل حصل لغيره من الناقدين الجدد شيء من هذا النضال ؟ وبدون تعليق نرجو شيء من الحياء والحشمة وتقدير العملاق. أما موضوع العناية بمناطق الظلّ في عهده كما قال الأستاذ أحمد ونيس : بورقيبة اهتم حتى بإزالة الأكواخ في اَخر أيامه فلنقل كلمة خير في زعيمنا الأوحد. وللتذكير فتونس كانت كلها مناطق ظلّ من تطاوين إلى مدنين وقفصة وسيدي بوزيد حتى باب سويقة وطبرقة وتطاوين عام 1958 مركز الولاية حاليا كانت عام 1958 بدون نور كهربائي …ولو أطال الله في عمره وكان عمره 60 سنة لأزال كل ما تبقى من التخلف في مناطق الظلّ في 5 أعوام والحمد لله جاء ابنه البار و أنجز ما تبقى. لذا الرجاء في بقية الحلقات أن نختار رجال في حجم نزاهة الإعلام ونزاهة التاريخ ونزاهة النضال ورجائي الإبتعاد على التهميش والتحامل على بورقيبة بنيّة الانتقاد والنقد والإساءة المقصودة بطرق لا يعرفها إلا المتشبّع بالسياسة والتاريخ لأن المنبر ليس منبرا للإساءة. شكـرا للأخ الهـاشمـي الحـامـدي. وشكـرا للأخ أحمـــد ونيـــس. أقترح مستقبلا دعوة بعض الإخوة النزهاء إلى مكتب المستقلة ولعلّ يوم الأحد 2007/08/26 هو اليوم المناسب لتتويج الحوار الإعلامي وأنا مستعدّ للحضور المباشر والحوار المباشر بدون تهميش أو تحديد المواضيع أو المقاطعة أو تغير المواضيع بأسلوب غير محبّذ. والله ولي التوفيـق. و إلى اللقاء في مراسلة قادمة لرفع التهم المقصودة التي تخصّ خطة الوزير الأول.
والمعذرة يا أخي الحامدي على الصراحة
محمد العروسي الهاني مناضل دستوري
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
هذه الشبلة من ذاك الأسد… كلمات لسلوى الشرفي
عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك درج عدد من الكتاب والباحثين العرب منذ انهيار المنظومة الإشتراكية وسقوط الصنم الشيوعي في عقر داره، بعد أن فشل في تغيير الفطرة البشرية تاركا وراءه أيتاما عربا لم يجربوا الشيوعية في بلدانهم، ولم يهزموا كما هزم رفاقهم في ألبانيا ودول أروبا الشرقية وأطلقوا أرجلهم إلى الريح باتجاه الليبرالية المتوحشة والاستعمار الإمبريالي المقيت، أقول ترك هؤلاء وراءهم أيتاما عربا فشلوا في تقبل الأمر الواقع، بأن ما جاء به زعيمهم الأول من تفسير مادي للتاريخ لم يكن سوى كتلة من السراب يحسبها البروليتاري ماء حتى إذا ما جاءه لم يجده إلا بغضا وحقدا وزرعا للفتنة ضد الفطرة البشرية كما هو الحال في كتابات الدكتورة السلوى الشرفي.. كتبت الدكتورة سلوى الشرفي في مقالة نشرتها لها مواقع تونسية حرة عن الفتوى في العالم العربي والإسلامي، وانطلقت من نقل رواية عن سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وبلغة شاعرية أحيانا وفلسفية أحيانا أخرى، أثبتت أن رمز الشجاعة والإقدام والتضحية في سبيل العقيدة الإسلامية لم يكن إلا قاتلا سفاكا من أجل أن يظفر بحسناء لم تمنعه العقيدة ولا تعاليمها الصارمة من تأجيل تلبية غرائز بشرية، كما لو أن خالد بن الوليد الذي يختزن التاريخ الإسلامي له صورا بطولية، ليس إلا مقاتلا من أجل النساء… قرأت الرواية التونسية وفي ذهني تاريخ طويل لواحد من أكبر الشخصيات الإسلامية بطولة وشجاعة وإقداما وأمانة، حتى أنه عد من أولئك الرجال الذي صنفهم كتاب الله بقوله: “لله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا”، رجال قال الله فيهم: “لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه”. لم تفاجئني الدكتورة سلوى الشرفي بهذه الافتتاحية، فالشيء من مأتاه لا يستغرب، وهي ليست سباقة إلى هذه المعلومات الزائفة والشاذة والمدسوسة في حضارتنا كما يفعل كثير من كتاب هذا الزمان، فقد دشنت نوال السعداوي في مصر ورفيقتها في النضال فريدة النقاش رمي السهام إلى صلب العقيدة الإسلامية، قبل أن يشتد عود الدكتورة السلوى بعد أن غابت شمس أستاذها وشقيق والدتها وخالها الدكتور محمد الشرفي صاحب التاريخ التحرري العميق، يوم أن ضاقت عليه أرض الجامعات التونسية بما رحبت فاستعان بالأمن الجامعي للدفاع عن أفكاره وحماية المناخ المناسب لتورق أفكارا وأساليب كالتي طالعتها في مقدمة مقالك.. وليس غريبا من الدكتورة سلوى الشرفي أن تتهم خالد بن الوليد بأنه عاشق للجمال والاغتصاب، فقد سبقها خالها يوم أن طالب باعتبار سيدنا خالد بن الوليد بطل الإسلام مجرم حرب، وطالب بمنع إطلاق اسمه على الشوارع داخل المدن الإسلامية، فهذه الشبلة من ذاك الأسد الذي سن مشروع تجفيف ينابيع التدين، كما لو أنه الفيل الذي يمم وجهه للإطاحة بالكعبة المشرفة، لكن حال دونه وذلك الطير الأبابيل وتعهد رب العالمين بأنه الحافظ لهذا الدين: “يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره…”، أقول لم يكن مستغربا أن تعمد سلوى الشرفي إلى لي عنق الأحداث التاريخية والتصيد في المياه القذرة بحثا عن روايات موضوعة جرح فيها العلماء، واختلفت فيها الروايات، حتى لكأن رواية سلوى الشرفي بنتها من ذات أفكارها، دون أن تذكر أن للحدث رواة وشواهد ومناهج في البحث والتنقيب، وأخذت الرواية من الزاوية التي تبحث عنها، لتأكيد فكرتها المسبقة عن الإسلام ووضاعة المسلمين، وهذا لعمري أسلوب يتنافى وكل المناهج العلمية القديم منها والحديث، لا سيما عندما يتعلق الأمر بدين مليار ونصف المليار من المسلمين! سوف لن أعيد رواية القصة التي يذكرها مؤرخو ورواة التاريخ الإسلامي، فقد سبقني إلى ذلك الدكتور محمد الهاشمي الحامدي في مقالته المنشورة عن فضائل خالد بن الوليد، ولكنني أضيف إلى ما قاله رواية واحدة للدكتور علي الصلابي في كتابه “أبو بكر الصديق” (219) عن قصة خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة فقال: “خلاصة القصة أن هناك من اتهم خالدا بأنه تزوج أم تميم فور وقوعها في يده ، لعدم صبره على جمالها ، ولهواه السابق فيها ، وبذلك يكون زواجه منها – حاش لله – سفاحا ، فهذا قول مستحدث لا يعتد به ، إذ خلت المصادر القديمة من الإشارة إليه ، بل هي على خلافه في نصوصها الصريحة”. ولأن مقدمات البحث التي انطلقت منها الباحثة التونسية عن أمجاد غابرة قد مضمض عليها الزمن واستنشق، لفسادها وعدم دقتها، فإن ما تلاها من خلاصات أتت في تبسيط يصل حد السذاجة أحيانا لما اعتبرت أن حكم الدنيا هو للرأي وللعقل البشري بينما الدين يصلح أن يكون سلاحا للمعارضة، في لهث مستغرب لإبعاد الدين عن الحياة العامة كما لو أن بينها وبينه ثأرا قديما تتحين الفرص في كل مرة للنيل منه، ولهذا كان واضحا الاستعلاء على المنطق والمنهج العلمي والتاريخ بل وحتى الجغرافيا، حين عمدت إلى المقارنة الساذجة بين خليفة للمسلمين اتخذه علماء الاجتماع والمستقبليات ومراكز البحوث الاستراتيجية العالمية نموذجا للحكم العادل والاجتهاد الصائب وبين الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي لم يتشرف بمصاحبة خاتم الأنبياء والمرسلين ولم ينم تحت شجرة في صحراء قاحلة بعد أن عدل بين الناس كما فعل بن الخطاب رضي الله عنه، بينما هو صوب وجهته لتجسيد نموذك أتاتورك المتهاوي هذه الأيام على وقع صعود حزب العدالة والتنمية صاحب التوجهات الإسلامية، ولعمري إنها مقارنة ضيزى! أما مبدأ الحاكمية لله فقد كان واضحا من أن اللاهثة التونسية وراء المفاهيم الكبرى التي تفوق حجمها، أنها لم تفهمه بالكامل، فلا وجود لداعية إسلامي ولا دارس شرعي يقول إن حوادث الزمان ستتكرر كما هي دون تغيير أو زيادة أو نقصان، ولهذا فإن في الفقه الذي لا تعلمه الشرفي مجال للاجتهاد والمقارنة والتمحيص حتى يتبين الحكم الشرعي الصائب. ولعلم الدكتورة فإن منهج علم الأصول والحديث كان فريدا وسباقا في نحت تجربة علمية بالغة الدقة التي تسمى الجرح والتعديل لم تطلها ألسنة النقاد حتى لو كانوا ما بعد حداثيين من تلامذة لنين وكارل ماركس قبله! ولقد راعني ما أشارت إليه سلوى الشرفي من الإعراب عن خشيتها من الفتوحات الإعلامية التي أزاحت الحجب بين الدعاة والناس، وبين العلماء والفقهاء وعامة المسلمين، وكشفت كل ذي دعوة على حقيقته، راعني أنها ضد هذه الحرية التي يستطيع من خلالها مثقفو السلطة والعوام أن يعرفوا كيف يأكل سكان الربع الخالي، وكيف يحيي بعض الناس عن طيب خاطر أحيانا، وبدون إرادة أحيانا أخرى الليالي الملاح في الكباريهات الفضائية، فبضدها تعرف الأشياء يا دكتورة. بقيت لي ملاحظة واحدة ما كنت أحسب أنني سأصل إليها أو سأدفع إليها، وتتعلق بالدرجات العلمية للكتاب والباحثين: فدرجة الدكتوراه تفرض على صاحبها الرصانة العلمية والدقة في التوصيف، والأمانة في النقل، والتحقيق في المسألة قبل إشاعتها من مصادر ضعيفة… وقبل ذلك احترام عقائد الناس ومقدساتهم، وللأمانة ما وجدت من هذه الصفات شيئا في مقالة المذكورة.. والله من وراء القصد…
عظيم من عظماء الإنسانية: خالد بن الوليد
د. محمد الهاشمي الحامدي خالد بن الوليد رضي الله عنه قائد فذ في تاريخ العرب والمسلمين وفي تاريخ العسكرية في العالم بأسره. كان له القدح المعلى والدور الأهم والأكبر في التمهيد لتحرير العراق، ثم لتحرير الشام الكبير، وفتح بيت المقدس، وكان من الشهود على العهد التاريخي الذي كتبه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنصارى بيت المقدس. هناك من يتجاهل كل هذا التاريخ الحافل بالبطولات والتضحيات من أجل الحرية والعدل والكرامة، ويركز على تصرف يتيم، وحادثة واحدة، فيها شبهة سوء التصرف من قبل خالد بن الوليد رضي الله عنه. قتل خالد قائدا من قادة حملات الردة والتمرد ضد الدولة الإسلامية الوليدة، وتزوج من امرأته، كما تقول العديد من الروايات، وليس كل الروايات، على نهج شائع في ذاك الزمان. إن صحت الرواية فلعله تأول، أو أخطأ كما ألمح لذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وقد دفع عنه أبو بكر دية مالك، وتدفع الأمة كلها عن خالد دية مالك بن نويرة إن لزم الأمر. مالك هذا صانع سجاحا بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية، التي ادعت النبوة، وجرّدت جيشا لمحابة الدولة الإسلامية وإسقاطها. صانعها وتعاون معها، بحيث أصبح شريكا معها في مؤامرة مسلحة لإعادة الفوضى والخراب والفرقة للجزيرة العربية. ثم دارت به الأيام، ورأى اندحار المتمردين في أكثر من جبهة، فتردد وتعثر، إلى أن أحاط به جيش خالد وانتصر عليه وألقى عليه القبض وقتله. وقيل أنه عند إلقاء القبض عليه، غير آراءه وتراجع في بعض مواقفه. وقد جاء أخوه متمم بن نويرة إلى المدينة واشتكى خالدا لدى أبي بكر صديق، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفع الصديق له دية أخيه من دون أن يدين خالدا أو يعزله. قال الماوردي: إن الذي جعل خالدا يقوم على قتل مالك هو منعه للصدقة التي استحل بها دمه، وبذلك فسد عقد المناكحة بينه وبين أم تميم، وحكم نساء المرتدين (وتعني عبارة المرتدين فعليا في هذا السياق: الذين رفعوا السلاح في وجه الدولة وتآمروا وسعوا علنا لهدمها وإسقاطها بالقوة المسلحة) إذا لحقن بدار الحرب أن يسبين ولا يقتلن، فلما صارت أم تميم في السبي اصطفاها خالد لنفسه، فلما حلت بنى بها. وكتب المؤرخ والعلامة المصري أحمد شاكر في هذا الموضوع: إن خالدا أخذها (أي أم تميم) هي وابنها ملك يمين بوصفها سبية، إذ أن السبية لا عدة عليها، وإنما يحرم حرمة قطعية أن يقربها مالكها إن كانت حاملا قبل أن تضع حملها، وإن كانت غير حامل حتى تحيض حيضة واحدة، ثم دخل بها، وهو عمل مشروع جائز لا مغمز فيه ولا مطعن، إلا أن اعداءه والمخالفين عليه رأوا في هذا العمل فرصتهم فانتهزوها، وذهبوا يزعمون أن مالك بن نويرة مسلم، وأن خالدا قتله من أجل امرأته”. وقد أورد الكاتب الليبي الدكتور علي محمد محمد الصلابي كثيرا من الروايات في هذا الباب، في كتابيه عن الصديق والفاروق رضي الله عنهما، ثم بين رأيه في الخلاصة قائلا: “وقد قام الصديق بالتحقيق في مقتل ابن نويرة، وأبو بكر في هذا الشأن أشد اطلاعا على حقائق الأمور، وأبعدها نظرا في تصريفها من بقية الصحابة، لأنه الخليفة، وإليه تصل الأخبار، كما أنه أرجح إيمانا منهم”. أي أنه يقول تقريبا: أمر فصل فيه أبو بكر الصديق، فمن ذا الذي يمكنه أن يزايد على أبي بكر في تقواه وورعه وعدله؟ هذه هي الحادثة التي يشير إليها البعض من حين لآخر في معرض القدح في خالد. موقف عارض وحادثة صغيرة لن تفلح، مهما ضخمها البعض في تشويه الصورة الحقيقة لعظيم من عظماء الإنسانية. * * * خالد بن الوليد قائد عظيم زاهد في الدنيا بمباهجها ومفاتنها: خاض معارك كثيرة وعظيمة من أجل قيم الحق والعدل والحرية. وفي كل معركة من هذه المعارك كان يمكن أن يموت شهيدا من أجل الحق والعدل والحرية. مدحه سيد الخلق، خاتم النبيين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وسماه سيف الله المسلمول، دفاعا عن مبادئ التوحيد والعدل والكرامة، في بيئة عدوانية حاربت دين الحق والتوحيد والحرية، وصادرت حرية العقيدة والعبادة من المؤمنين بالله، السائرين على درب إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام. أعظم من شجاعته في ميادين القتال، أخلاقه العظيمة النادرة يوم جاء خبر عزله من قيادة جيوش الشام، بعد وفاة خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ومبايعة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. جاءه قرار العزل فسمع وأطاع ولم يشق صفوف المسلمين. قال له أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، أمين الأمة، والقائد الجديد المعين، وهو يواسيه: يا خالد: ما سلطان الدنيا أريد، وما للدنيا أعمل. وإن ما ترى سيصير إلى زوال وانقطاع، وإنما نحن أخوان، وقوّامون بأمر الله عز وجل، وما يضير الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ودنياه، بل يعلم الوالي أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة، وأوقعهما في الخطيئة لما تعرض من الهلكة إلا من عصم الله عز وجل، وقليل ما هم”. والناس، من أهل الإسلام ومن أعدائه مفتونون بخالد، بالقائد الذي لا يهزم قط. ومع ذلك، يسمع حالد ويطيع ولا يتمرد. حتى إذا أمره قائده الجديد أبو عبيدة يوما بتنفيذ مهمة قتالية ضمن مشروع تحرير الشام من الإحتلال الأجنبي، وإزالة الحواجز بين أهله الأصليين وبين عقيدة التوحيد والحرية والمساواة بين بني البشر، لبى خالد قائلا: أنا لها إن شاء الله تعالى، وما كنت أنتظر إلا أن تأمرني. فقال أبو عبيدة: استحييت منك يا أبا سليمان. فقال خالد، واسمعوا ما قال أيها الناس في كل زمان ومكان: والله لو أمّر علي طفل صغير لأطيعن له، فكيف أخالفك وأنت أقدم مني إيمانا، واسبق إسلاما، سبقت بإسلامك مع السابقين، وأسرعت بإيمانك مع المسارعين، وسماك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمين، فكيف ألحقك وأنال درجتك؟ والآن اشهدك أني جعلت نفسي حبسا (أي وقفا) في سبيل الله تعالى، ولا أخالفك أبدا، ولا ولّيت إمارة بعدها أبدا. وقد ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خالدا رضي الله عنه إمارة قنسرين، ثم عزله لخلاف حول صرف خالد مبلغ عشرة آلاف درهم أو دينار للأشعث بن قيس الكندي. رأى خالد أن ذلك يدخل ضمن صلاحياته كقائد ميداني، واعتبرها الخليفة من صلاحياته. وجرى تحقيق في المدينة انتهى بتبرئة خالد من كل شبهة. وقال عمر لخالد عند عودته إلى المدينة: صنعت فلم يصنع كصنعك صانع وما يصنع الأقوام فالله يصنع وقال عمر: يا خالد والله إنك علي لكريم، وإنك إليّ لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء. ثم كتب الخليفة إلى الأمصار: إني لم أعزل خالدا عن سخطة، ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وألا يكونوا بغرض فتنة. وترجم الشاعر المبدع حافظ ابراهيم هذه المعاني شعرا: وقيل خالفت يا فاروق صاحبنا فيه وقد كان أعطى القوس باريها فقال خفت افتتان المسلمين به وفتنة النفس أعيت من يداويها وعندما مرض خالد بن الوليد مرض موته عام 21 للهجرة النبوية الشريفة، دخل عليه أبو الدرداء، فقال له خالد: يا أبا الدرداء لئن مات عمر لترين أمورا تنكرها.. قد والله وجدت عليه في نفسي في أمور، لما تدبرتها في مرضي هذا، وحضرني من الله حاضر، عرفت أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل. وكنت وجدت عليه في نفسي حين بعث من يقاسمني مالي، حتى أخذ فرد نعل وأخذت فرد نعل، ولكنه فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، وممن شهد بدرا. وكان يغلظ عليّ، وكانت غلظته على غيري نحوا من غلظته عليّ، وكنت أدل عليه بقرابته (أي بما بيني وبينه من علاقة القرابة)، فرأيته لا يبالي قريبا، ولا لوم لائم في غير الله. فذلك الذي أذهب عني ما كنت أجد عليه، وكان يكثر عليّ عنده، وما كان ذلك إلا على النظر، فقد كنت في حرب، ومكابدة، وكنت شاهدا، وكان غائبا، فكنت أعطي على ذلك فخالفه ذلك في أمري. وأوصى خالد بن الوليد أن يقوم عمر على وصيته، وكتب: قد جعلت وصيتي وتركتي وإنفاذ عهدي إلى عمر بن الخطاب. وبكى عمر على خالد بكاء شديدا، وبكت المدينة كلها، ويبكي كاتب هذه السطور اليوم عليه وهو يكتبها، ولعل قارئا يقرؤها فيبكي أيضا لفقد عظيم من عظماء الدهر لم تلد النساء مثله على مدى التارخ كله إلا قليلا. قال عمر: على مثل أبي سليمان تبكي البواكي. قائد عظيم مهد لتحرير العراق، وقاد حملة تحرير الشام وبيت المقدس، ولم يبخل بنفسه أبدا في أي وقت، من أجل التوحيد، ومن أجل الحرية، ومن أجل المساواة بين بني البشر، قائد له في رصيده كل هذه الإنجازات العظيمة، لا يمكن أن يكون من دون أعداء وخصوم، يتصيدون هفواته وأخطائه، وهو لم يكن ملاكا معصوما، وإنما إنسانا أعطي عمره كله لفكرة عظيمة، واجتهد، وأصاب أكثر الوقت وأخطأ أحيانا. ولعله أخطأ في أمر مالك بن نويرة. كاتب هذه السطور كان يأمل ألا تظهر هذه الحادثة في سجل خالد، لكن قدر الله وما شاء فعل. غفر الله لأبي سليمان، فإنه كان يحب الله ورسوله. ربما لو لم ينتصر خالد في تلك المعارك، معارك الردة والتمرد المسلح من أجل إسقاط دولة التوحيد والعدل والحرية، لما كنا نكتب اليوم بحرف الضاد. ولما كان لتونسي من شمال أفريقيا أن ينظر في الآفاق، ويضع يده على الخريطة، ويقول: لله الحمد. إنني من أمة تعدادها أكثر من مليار بشر. أيها التونسيون كافة. أيها المسلمون كافة: من منا ليس في عنقه دين لخالد بن الوليد؟ قولوا: اللهم اغفر لعبدك خالد بن الواليد، واجزه عن الإسلام والمسلمين بخير ما جازيت به عبادك الصالحين، وتجاوز اللهم عن هفواته وأخطائه، وأدخله برحمتك في عليين، مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. قولوا في حق سيف الله المسلول دفاعا عن التوحيد والحرية والمساواة بين كل بني البشر، خالد بن الوليد، وفي حق الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعا: ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالغيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا. ربنا إنك رؤوف رحيم. آمين. آمين. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
زلازل أبي القاسم
بقلم : أم أسيل إلى زميلي أبو القسم التليجاني بمناسبة صدور ديوانه : ” نذير الزلازل “.
أبو القاسم في تونس مرتان
فيا مهجة القلب زيدي بهــــــاء
فراش يجوب الروابي بحزم
يهنئ صحبا يجلـــــــــــــي عداء
فان الزلازل تنــذر شؤما
وزلزالنا للضبـــــــــــاب جلاء
أبيــــــــات شعره ، قطر الندى
لأوراقنا والزهـــــــور رواء
أبيـــــــــات شعر، نجوم تضيء
مصابيح نور ودر بهــــــــــاء
أبيــــــــات شعر، سيوف تسل
تهاوى أمــــــــــامها كم شعراء
فيا قارئ الشعر اقبل عليه
لتنهل من روحه بسخــــــــــــاء
ويا أبا القاسم تقبلها مني
فأبياتي مدح وليست هجـــــــــاء
فان كنت لست أجيد القوافي
فشعرنا بحر بدون وعــــــــــــاء
وان كنت اعشق شعرا مقفى
فحر أخوه من الشرفـــــــــــاء
يعبر حزنا .. وفرحة قلب
ويرفع هاماتنا للسمــــــــــــــــاء
وليس بلغو.. ولا ظهر أتن
بل الخيل تضبح في خيــــــــــلاء
فهذه أبيــــــــاتي تهدى بجد
إلى من شراعه بحر ومـــــــــــاء
تقبلها مني ومن زوجي عطرا
يفوح على شعبها الكرمــــــــــــــاء .
200 جمعية وألف ناد وجائزة لحماية البيئة في تونس
تونس – سلام كيالي الحرارة المرتفعة جداً في تونس، والمطعمة برطوبة عالية، لم تترك مجالاً للتبضع أو التنزه. المظلات أصبحت أمراً مألوفاً في الصيف، فدرجات الحرارة قاربت الخمسين. الناس في الشوارع يغلب على وجوههم طابع النعاس، ربما من الأرق الذي تسببه الحرارة حتى في الليل، رواد الشواطئ أصبحوا قلة في أوقات الظهيرة، فمتعة الجلوس تحت أشعة الشمس للحصول على بشرة برونزية ذوبها القيظ. أما المقاهي في الليل فقد خلت من الرواد إلا تلك التي تتمتع بواجهة على البحيرة في تونس العاصمة، أو على البحر. الصيف الحارق هو نتيجة لحرارة الشمس الملتهبة، لكن أيضاً نتيجة للسلوك الإنساني الخاطئ بشكل يومي ومتكرر من دون وعي بالنتائج. والحل هنا ضروري ولو على المدى البعيد، خصوصاً لتأثير التغيير المناخي السلبي على حياة الناس. المنتصر، وهو صحافي وعضو في الكشافة، أكد ضرورة تعاون الجميع لحماية البيئة من التصرفات الإنسانية الخاطئة، ويقول إنه «يجب ترسيخ ذلك في عقلية الأطفال والشباب، خصوصاً إن الأطفال يميلون إلى تقليد الكبار وسلوكياتهم وهو ما يتم العمل عليه في فرق الكشافة». يضيف المنتصر أن برنامج التربية البيئية في تونس يهدف إلى تطوير المعرفة وقدرة الشباب والمجتمعات المحلية. وفي المخيمات الصيفية هناك برامج كثيرة تركز على ضرورة حماية المساحات الخضر وانشائها. وهذا لا يقتصر على التوعية النظرية فحسب وإنما ترافقه حملات التشجير وغرس شتول. ومثال على ذلك، فإن تزايد عدد الجمعيات التي تعنى بالبيئة إلى نحو أكثر من 200 جمعية، وتركيز أكثر من ألف ناد بيئي في المدارس والمؤسسات التعليمية دليل على نشوء وعي جديد بأثر تبدل المناخ الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة. ولم يعد التثقيف بمخاطر التلوث والاحتباس الحراري والعمل على إيجاد حلول من مشاغل الدولة وحدها، بل انتقل الاهتمام إلى الناس أيضاً. فعلى سبيل المثال منحت جوائز «جودة الحياة» عام 2006 إلى عشرين مؤسسة تربوية، ومن بينها جامعات كثيرة كجامعة منوبة التي أثبت الطلاب فيها جدارتهم من خلال ما قدموه من أعمال ونشاطات تظهر مدى انشغالهم بما يحصل. كذلك كلية العلوم في المنستير والمعهد العالي للدراسات العليا التجارية في قرطاج. الجانب التنشيطي للمهرجان تضمن مسابقات في مجال تنسيق باقات الزهور وتصميم الحدائق الصغيرة ورسم لوحات أزهار الزينة المعتمدة في مشروع المدينة المنتزه. ويشدد المنتصر على أن تكون التوعية شاملة ومتواصلة لتخلق لدى الشباب روح المسؤولية تجاه العديد من القضايا. محمد علي ناشط آخر يعمل في «منظمة أحباء البيئة» التي أنشئت بموجب إعلان سنة 2005 وهي سنة وطنية لمقاومة التلوث الناجم عن النفايات البلاستيك في تونس. ويقود محمد نشاطاً جماعياً وهو جمع النفايات البلاستيك. وبعد تأسيس الجمعية صرت ترى الشباب والأطفال أمام حاويات القمامة العامة يبحثون عن ضالتهم من زجاجة أو إناء بلاستيك سرعان ما يفرغونها داخل أكياسهم المنتفخة. ويستفيد هؤلاء من هذه الفرصة لكسب بعض المال، فالكيلوغرام الواحد من البلاستك المستعمل يباع بثلاثة دنانير، والهدف جذب الشباب الى هذه الخطوة، فهي من ناحية تدر عليهم المال، ومن ناحية أخرى تساعد على التنظيف وإعادة عملية تصنيع المنتجات. وطاولت الحملة الشواطئ أيضاً حيث تنتشر النفايات البلاستيك والقوارير والأكياس بعد مواسم الصيف، فالبلاستيك أحد ألد أعداء البحر إلى جانب المناطق الخضر، لأنه يستغرق وقتاً طويلاً جداً ليتحلل في الطبيعة. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أوت 2007)
الجزائر وتونس يوقعان تسع اتفاقيات تعاون في ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة
الجزائر القدس العربي: وقعت الجزائر وتونس امس الاحد علي تسع اتفاقيات في ختام لاجتماع اللجنة المشتركة العليا التي ترأسها رئيسا حكومتي البلدين عبد العزيز بلخادم ومحمد الغنوشي. وقال الغنوشي بعد استقباله من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ان العلاقات الثنائية تتعزز وتتعمق باستمرار واصبحت تتسم بالشمولية . وأضاف قدمت للرئيس الجزائري عرضا حول أشغال اللجنة المشتركة العليا التي أنهت اشغالها بالعاصمة الجزائرية. واضاف انه استعرض مع الرئيس الجزائري الوضع في منطقة المغرب العربي وضرورة العمل من اجل تعزيز العلاقات بين بلدانها . يذكر ان المبادلات الجزائرية التونسية ارتفعت الي حوالي 450 مليون دولار تقوم خلالها تونس بتزويد الجزائر بسلع وخدمات تقدر باكثر من 200 مليون دولار. ولم يكن حجم الميزان التجاري بين البلدين سنة 2002 يتعدي مبلغ 110 مليون دولار. ووصل الغنوشي للجزائر مساء السبت ووجد في استقباله نظيره الجزائري بلخادم. وكان الوزير الجزائري المكلف بالعلاقات المغاربية والافريقية عبد القادر مساهل اكد خلال ترؤسه لاجتماع لجنة المتابعة رفقة نظيره التونسي عبد الرؤوف باسطي، ان العلاقات الثنائية بلغت مرحلة النضج بعد ان توصل الجانبان الي تسوية الخلاف القائم بينهما منذ عدة سنوات حول تنقل الأشخاص وحماية ممتلكات رعايا البلدين في كل منهما . وكانت العلاقات الثنائية عرفت بعض الفتور الصامت علي خلفية المصاعب التي يتلقاها رعايا كل دولة في التنقل وحماية ممتلكاتهم في دولة الاستقبال. وقال من جهته الوزير التونسي المكلف بالقضايا المغاربية والعربية والإفريقية ان تعزيز العلاقات بين البلدين يندرج في اطار تطلعاتها لتشييد الصرح المغاربي وتعزيز اسسه وبعثه من جديد . (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أوت 2007)
كيف ستكون الفضائية الجديدة في برمجتها ومضامينها وتقنياتها وعلى اية كفاءات ستعتمد؟!
الحبيب الشابي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لاعلان الجمهورية جاء خطاب رئيس الدولة معبأ بالعديد من القرارات والاجراءات الجديدة الهادفة الى مزيد دعم المكاسب والمنجزات الوطنية ومن منطلق دورنا الاجتماعي فقد لفت نظرنا اذن سيادته بتحويل قناة 21 إلى قناة فضائية في صبغة جديدة وببرمجة حديث انطلاقا من شهر نوفمبر .2007 ولئن جاء هذا القرار في سياق سيرورة اصلاحية مستندة الى تصوّر متكامل وشامل فانه قد عكس بوضوح حرص سيادته علىمزيد النهوض بقطاع الاعلام الذي تجمع كل الاطرف الوطنية والمهنية على كونه لم يرتق بعد الى مستوى المنشود الجماعي المشترك. ويستمد هذا القرار عمقه من خلال فهم دقيق لطبيعة المؤسسة الاعلامية الحالية وما كسبته على مدار الحقبة الاخيرة من تجربة لافتة لعلّ ابرزها نوعية الكفاءة الشابة التي افرزتها في العديد من الاختصاصات الاعلامية والصحفية والتنشيطية بحيث يغدو المنطلق من ناحية منهجية منسجما مع روح التواصل والاستمرارية وتبرز معه الاهداف في خطوطها العريضة في مداها المتوسط واضحة وساعية في ذات الوقت الى بناء لبنة جديدة في المشهد الاعلامي نرجو ان يكون مضمونها ضامنا لنزعة التجديد والتحديث والاضافة والتنوّع. ولئن تعزّز المشهد الاعلامي في بعديه السمعي والبصري وتنوّع خلال السنوات الاخيرة فإن الحقيقة الثابتة ظلت تحفر عميقا في قناعتنا المهنية والوطنية. ان الاعلام المرئي برغم الارهاصات التي حاولت تحريك ما اتصف به من جمود ورتابة فإنه لم يرتق الى انتظارات المشاهدين في تونس ولم يحقق درجة عالية تجعله قادرا على المنافسة او حتى بلوغ مستوى ما بلغته بعض الفضائيات في الساحة العربية. ونحن اذ نبتهج بهذا القرار ونثمنه فإن كل ما نخشاه ان يفوت من سيقوم على أمر هذا المشروع والعاملين معه من مهنيين وتقنيين فرصة كسب الثقة والبرهنة على اننا امام تحد يجب التغلب عليه وتطويعه نحو الاهداف المرسومة له. وتعتقد ان هذا القرار على أهميته الكبيرة يظل في حاجة الى جوانب ترتيبية مثلما جرت العادة تفصل اداريا وماليا هذا المشروع عن قناة تونس سبعة حتى نضمن تلك المسافة المساعدة على مزيد الاجتهاد وعلى التخلص من ذهنية ترسبت فيها عبر السنين مظاهر من الخوف المبالغ فيه والرقابة الذاتية غير المبررة والنزعة المحافظة في سياقات ديناميكية اصلاحية لا تتوقف. ان المطلوب او المنشود لهذا المشروع ليس نقل من عمل في قناة 21 بعد بلوغه سن الرشد المهني او الكهولة العمرية تحت عناوين وتبريرات مختلفة على الرغم من ان هذا الامر يظل محمودا في جوانب منه بل المطلوب صياغة تصوّر هام ينهض على أسس فلسفة التغيير والاصلاح والتطوّر والحداثة المستوجبين انفتاحا غير مشروط على الكفاءات الحقيقية تقنيا وصحفيا والتي تميزت بمهنيتها العالية ومصداقيتها الكبيرة لدى مختلف فئات المجتمع باعتبارهم اول المتلقين. ان هذا المشروع كما نفهم ابعاده ودلالاته لا يتنزل ضمن المراكمة الكمية للمؤسسة الاعلامية المرئية بل يندرج اساسا وفق رؤية استراتيجية انبنت على تشخيص سليم لراهن الاعلام المرئي وسعت الى توفير مقوّمات الارتقاء به نحو الافضل. إن الكفاءات الاعلامية التي هاجرت باتجاه مؤسسات صحفية واعلامية خارج حدود الوطن وتسهم اليوم في صنع ربيعها قد تكوّنت في الفضاء الاعلامي والاتصالي الوطني غير ان ما تختزله مؤسساتنا الاعلامية من عنف رمزي ونقص في إمكانيات العمل وتدن في الحقوق والمكاسب الاجتماعية لأهل القطاع هي الاسباب التي لم تساهم في بروز هذه الكفاءات الا عند هجرتها التي وفرت لها كل اسباب التألق والتميز. لقد أصبح المتلقي التونسي على درجة عالية من الفطنة والتمييز مثلما بات على درجة عالية من التعطش الى مشاهدة منتوج وطني يشد انتباهه ويوفر له احتياجه ويطلعه عما يجري داخل وطنه وخارجه بضرب من المصداقية والدقة يغنيه عن اللهاث وراء فضائيات توفر له احتياجاته وتؤثر في رؤيته للوقائع ولكنها في نفس الوقت لا تعمق فيه الشعور بالانتماء. واذا كان موعد انطلاق عمل هذه الفضائية الجديدة له دلالات سياسية واضحة من حيث ارتباطها مع مرور عقدين على التغيير فان الانطلاق ذاته لابد أن يترجم ما بلغته تونس من تغيير حقيقي على مدار هذه الحقبة ويتجاوز هناته وعوائقه السابقة من حيث قدرته على تعميق المضامين واستيعاب الاهداف في ابعادها متوسطة المدى دون الوقوع في المحاكاة والاستنساخ لتجارب اخرى. اننا باختصار شديد في حاجة الى اعلام وطني متطور صادق وشفاف ملتزم باخلاقيات المهنة الصحفية، متسلح بكفاءة ابنائه وبناته، متميز عن غيره وفق التجذر في خصوصيته وابداعه. ونعتقد ختاما ان تجربة مرئية رائدة لا تتناقض مع بقية التجارب الراهنة بما فيها قناة تونس سبعة التي تظل قريبة لما هو رسمي على غرار ماهو موجود في الحقول الاعلامية العربية والغربية على حد السواء. (المصدر: جريدة “الشعب” (اسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 4 أوت 2007)
ناقوز: التراث التونسي يعانق الموسيقى الغربية
منير الطرودي يمنح نكهة غربية لأغان محلية عتيقة في حفل موسيقي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات بتونس.
الحمامات (تونس) – على ايقاعات غربية نجح المغني التونسي منير الطرودي في اعادة الروح لاغان تراثية في عرض موسيقي بعنوان “ناقوز” قدم ليل الاحد ضمن فعاليات الدورة الثالثة والاربعين من مهرجان الحمامات الدولي بتونس. والطرودي فنان تونسي بدأ يشق طريقه نحو الشهرة العالمية من بوابة التراث بعد ان نفض الغبار عن اغاني عتيقة ميزت ريف الكاف الواقع شمال غربي العاصمة تونس. اشتمل حفل الطرودي بالحمامات على اغان تراثية بايقاع غربي. وتفاعل الطرودي مع الاغاني ورقص معها على المسرح. ويمتلك الطرودي اسلوبا فريدا في الاداء ويمتاز بحضور مسرحي لافت للانتباه وحالة من الاندماج مع الموسيقى والاغنية بشكل يجعله يتحرر من كل النواميس. ومثلما جرت العادة في باقي حفلاته تجرد المغني من حذائه كي يتمكن من الرقص والتحرك فوق المسرح بحرية ودون قيود. وكان هندامه اشبه بهندام المتصوفة. وامتزجت الات الجيتار والبيانو والكمبيوتر والايقاع مع الات ايقاعية تونسية مثل الطبل والناي لتفرز لونا موسيقيا متميزا ابدع الطرودي في ايصاله للجمهور بشكل جميل. وغنى الطرودي ايضا اغنية “سلوى” من البومه مع العازف الفرنسي ايريك تروفاز. ونال البوم “سلوى” جائزة احسن البوم جاز بفرنسا عام 2005 في مهرجان “فيكتوار دي جاز” والذي قام على اثره بجولة عالمية شملت روسيا ودبي والمكسيك وكندا واسبانيا وايطاليا والاراضي الفلسطينية. ولا تعترف موسيقى الطرودي بالحدود ولم يتردد في مزج الموسيقى الصوفية بموسيقى الروك والجاز وعديد من الانماط الغربية الاخرى. وسبق للطرودي ان قدم نفس العرض هذ العام في مهرجان قرطاج. وقطع الطرودي الحفل عدة مرات ليخاطب جمهوره منتقدا الفن الهابط. (المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين (بريطانيا) بتاريخ 6 أوت 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية)
التيار الاسلامي الموريتاني يحصل علي الشرعية بعد انتظار طويل مليء بالصدامات مع السلطة
نواكشوط ـ القدس العربي من عبد الله السيد: استمر الرئيس الموريتاني الجديد سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله في تحديه لرزنامة الممنوعات التي خلفها نظام ولد الطايع واحتفظ بها النظام العسكري الذي حكم بعده. فبعد اتخاذ قرارات باعادة الزنوج الموريتانيين اللاجئين في السنغال وبمواساة اقارب المتضررين منهم من اعدامات عام 1992، اتخذ الرئيس الموريتاني مساء الجمعة قرارا بالترخيص لحزب الاسلاميين الموريتاني تحت مسمي التجمع الموريتاني للاصلاح والتنمية. وجاء الترخيص للحزب الاسلامي ضمن الترخيص لمجموعة من ثماني عشرة تشكلة سياسية بينها حزب الديمقراطية المباشرة الذي يستلهم من جماهيرية معمر القذافي وبخاصة من اللجان الثورية. وأكد سيدي يسلم ولد أعمر شين مدير ترقية الديمقراطية والمجتمع المدني بوزارة الداخلية الموريتانية أن الترخيص لهذه الأحزاب الثمانية عشر جاء لتعزيز الديمقراطية التي ما تزال وليدة في موريتانيا. وقال خلال مؤتمر صحافي أعلن فيه أمس عن استكمال اجراءات الترخيص لهذه الأحزاب أن النظام الجديد في موريتانيا يعطي أولوية خاصة للأحزاب لما تشكله من دعامة لدولة المؤسسات التي يجري بناؤها مشيرا الي أن هذه الأحزاب كلها استوفت الشروط القانونية، من احترام لثوابت الوطن، كالدين الاسلامي، والوحدة الوطنية، والسيادة الوطنية، اضافة لاحترام القوانين ودولة المؤسسات. وكان الترخيص الأهم بين هذه الترخيصات هو الترخيص الخاص بحزب سياسي ذي مرجعية اسلامية في وقت يتواصل الضغط المعولم لمناهضة الكيانات السياسية الاسلامية. وأكد القيادي الاسلامي المختار ولد محمد موسي رئيس المجلس الوطني لـ التجمع الوطني للاصلاح والتنمية ان الترخيص لهذا الحزب جاء ليمحو صورة سلبية كرستها سنوات عديدة من الاقصاء والتهميش لاحدي أهم القوي السياسية الفاعلة في موريتانيا. وقال ولد محمد موسي في تصريحات صحافية أمس الاحد ان الاعتراف بالتجمع الوطني من أجل الاصلاح والتنمية يؤكد حرص السلطات الحالية علي اقامة دولة مؤسسات ديمقراطية حقيقية. وحول سؤال عما ان كان التيار الاسلامي دفع ثمنا لقاء الاعتراف الذي حصل عليه قال المختار ولد محمد موسي دفعنا ثمنا هو الصبر والاعتدال والحرص علي الشرعية وعلي المصلحة الوطنية .وعن توجهات حزبه قال رئيس المجلس الوطني حزبنا حزب مدني بمرجعية اسلامية سيساهم في بناء الوطن بوعي وحرص واخلاص، مؤكدا أن منسقية الاصلاحيين الوسطيين التي كانت تؤطر التيار الاسلامي ، باتت في حكم المنتهية وأن اجتماعا سيعقد قريبا لوضع الاجراءات الشكلية لحلها، منوها الي أن المجلس الوطني للحزب سيعطي الاشارة قريبا للشروع في تنصيب هيئات الحزب. ومن بين الأحزاب التي رخص لها حزب حركة الديمقراطية المباشرة الذي أكد رئيسه عمر ولد رابح الترخيص له. وهنأ ولد رابح الشعب الموريتاني والرئيس ولد الشيخ عبد الله علي دوره في اطلاق الحريات وقال ان حزبه ليس حزبا بالمعني التقليدي بقدر ما هو تنظيم يقدم رؤية بديلا في العمل السياسي، تتلخص في اسم الحزب (الديمقراطية المباشرة)، معتبرا أن الشعب الموريتاني تواق الي ممارسة هذا النوع من الديمقراطية الذي يتبناه حزبه، بوصفه أقرب الي الطبيعة البدوية للشعب، وشدد علي أن حزبه لم يقدم أي ثمن سياسي للاعتراف به سوي المثابرة في طريق النضال الذي بدأه علي عهد النظام البائد نظام ولد الطايع علي حد تعبير ولد رابح. هذا ورخصت الحكومة الموريتانية كذلك للحزب الموريتاني للانماء الذي تقوده سيدة موريتانية هي سهلة بنت أحمد زايد. وأكدت سهلة وهي أول امرأة موريتانية تؤسس حزبا سياسيا، في مؤتمر صحافي أن نشاط حزبها سينصب أساسا علي شريحة النساء، ملخصة أهداف التشكلة الجديدة في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية لشريحة النساء، وتحسين مكانة المرأة في المجتمع الموريتاني وتعزيز دورها كفاعل محوري علي ساحة الأحداث، وصولا لمشاركتها السياسية الي مركز صنع القرار. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أوت 2007)
ساركوزي ينفي اي تنازلات قبل صفقة السلاح الليبية
وولفيبورو (نيوهامبشير) (رويترز) – نفى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يقوم بعطلة في ولاية نيوهامبشير الامريكية يوم الاحد 5 أوت 2007 اي صلة بين اطلاق ليبيا في الاونة الاخيرة سراح خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني وصفقة اسلحة ابرمت بين طرابلس وشركة دفاعية اوروبية. واضطر ساركوزي الى معالجة الجدال المحتدم في الداخل بشأن توقيت اتفاق طرابلس الذي تم التوصل اليه في الاسبوع الماضي لشراء صواريخ مضادة للدبابات وانظمة لاسلكي من مجموعة تضم مجموعة (ئي.ايه.دي.اس) للصناعات الدفاعية والفضائية والطيران. وجاءت هذه الصفقة بعد ايام فقط من موافقة ليبيا على الافراج عن الممرضات الخمسة والطبيب الذين كانوا مسجونين في ليبيا منذ ثماني سنوات لاتهامهم بتعمد اصابة اطفال ليبيين بفيروس (اتش.أي.في) المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (ايدز). وقال ساركوزي للصحفيين في وولفيبورو بولاية نيوهامبشير ان “هذا العقد غير مرتبط بالافراج عن الممرضات . “فرنسا حققت الافراج عن الممرضات البلغاريات والطبيب ..لا يوجد جدال.” وقال سيف الاسلام ابن الزعيم الليبي معمر القذافي يوم السبت ان توقيت الصفقة كان صدفة. وقال ساركوزي ان “تلك العقود كان يجري التفاوض بشأنها منذ 18 شهرا . “الليبيون سينفقون بضع مئات الآلاف من اليورو لجعل المصانع تعمل في فرنسا هل على ان اعتذر عن ذلك.” ولم تعلق مجموعة (ئي.ايه.دي.اس) على قيمة العقود ولكن ساركوزي قال انها ” وقعت عقودا تساوي ما بين 200 و250 مليون يورو للشركات الفرنسية.” وافرجت ليبيا عن الستة قبل ساعات من زيارة ساركوزي لها. وساعد هذا الافراج على تمهيد الطريق امام جعل العلاقات اكثر سلاسة بين ليبيا والغرب. وانتقد ساركوزي الذي تولى السلطة في مايو ايار خصومه السياسيين لعدم تأمين اطلاق سراح المعتقلين الستة في ليبيا. وقال “عندما كان الاشتراكيون في السلطة لم يفعلوا شيئا لمساعدة هؤلاء الممرضات.” ولمح ساركوزي الى احتمال قيامه برحلة جانبية خلال عطلته في نيو هامبشير للقاء الرئيس جورج بوش ولكنه لم يؤكد ذلك. وقال “ان البيت الابيض وقصر الاليزيه سيعلنان احدث المعلومات بشأن اي اجتماع محتمل بين الرئيس بوش وبيني. “الآن ليس الوقت المناسب لقول اي شيء.” من سكوت مالوني (المصدر: موقع “سويس إنفو” (سويسرا) بتاريخ 5 أوت 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
المغرب يصادر أسبوعيّتين بتهمة «الإخلال بالاحترام الواجب للملك»
الرباط – الحياة صادر المغرب أمس صحيفتين أسبوعيتين وأحال ناشرهما على القضاء، بتهمة نشر «مقالات تسيء إلى الرسول وتتنافى مع الأخلاق والآداب العامة وتشمل أقوالاً تشكل إخلالاً بالاحترام الواجب للملك» محمد السادس. وبدأت السلطات تحقيقاً مع رضا بنشمسي ناشر «تل كل» الفرنسية و «نيشان» العربية، هو الثاني خلال أقل من ثمانية أشهر. وقالت وزارة الداخلية في بيان أمس إنها حجزت العددين الأخيرين من الأسبوعيتين بسبب «نشرهما مقالات تسيء إلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم، وتتنافى مع الأخلاق والآداب العامة، كما تشمل أقوالاً تشكل إخلالاً بالاحترام الواجب لملك البلاد»، في إشارة إلى الفصل التاسع عشر من الدستور المغربي الذي يحظر الإساءة إلى الملك والأمراء والأميرات. وعبر رئيس الوزراء المغربي إدريس جطو عن «امتعاض الحكومة الشديد وتبرمها من هذه الانزلاقات المتنافية مع سيادة القانون وتخليق الحياة العامة والتأهيل المنشود للمشهد الإعلامي الذي جعلته الحكومة من أولوياتها». وأضاف في بيان رسمي أن حكومته «ستحرص على أن يقول القضاء كلمته، بما له من صلاحيات وفي احترام تام ومطلق لاستقلاله». وكانت الشرطة القضائية حققت مع بنشمسي أول من أمس في شأن ما تضمنته المجلتان من «عبارات تتنافى والآداب العامة ومشاعر المسلمين». وكانت محكمة الدار البيضاء دانت في منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ وثمانية آلاف دولار غرامة مالية، كلاً من مدير نشر أسبوعية «نيشان» إدريس كسيكس والصحافية سناء العاجي بعد نشر المجلة ملفاً عن النكات التي يتداولها المغاربة عن الدين والجنس والسياسة، اعتبرته السلطات «مسيئاً إلى الرسول». ويأتي هذا التطور في وقت تواصل محكمة في الدار البيضاء محاكمة ناشر أسبوعية «الوطن الآن» عبدالرحيم أريري لنشره تقريراً تضمن مقاطع من مذكرة سرية للاستخبارات العسكرية عن أسباب رفع حال التأهب الأمني في المغرب الشهر الماضي. واتهمته السلطات وزميله مصطفى حرمة الله «بإفشاء أسرار دفاعية». وتسببت هذه الواقعة في فتح تحقيق واسع النطاق قاد إلى اعتقال ضباط ومسؤولين عسكريين يعتقد بأن لهم علاقة بتسريب المذكرة. واستمع المدعي العام في المحكمة العسكرية الأسبوع الماضي إلى الجنرال المتقاعد محمد بلبشير في سياق التحقيق في تسرب وثيقة الاستخبارات. وكان الجنرال بلبشير مسؤولاً عن المكتب الخامس الاستخباراتي قبل إحالته على التقاعد العام الماضي على خلفية تورط عسكريين في خلية إرهابية عرفت باسم «أنصار المهدي» كانت تعتزم شن هجمات ضد مراكز أمنية وعسكرية. وتنشغل الأوساط الإعلامية في المغرب بمناقشة قانون جديد للصحافة يحظر سجن الصحافيين لأفكارهم أو في قضايا مرتبطة بحرية التعبير. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أوت 2007)
مصر: منع محامين وحقوقيين وصحافيين من حضور محاكمة 40 من قادة «الإخوان»
القاهرة – الحياة أرجأت المحكمة العسكرية في القاهرة، أمس، محاكمة 40 من قادة «الإخوان المسلمين»، بينهم نائب المرشد العام للجماعة خيرت الشاطر، إلى 19 آب (أغسطس) الجاري لسماع شهود الإثبات. وقاطع فريق الدفاع عن المتهمين الجلسة التي عقدت وسط إجراءات أمنية مشددة في غياب وسائل الإعلام والمراقبين الحقوقيين وبعض محامي الدفاع الذين منعتهم السلطات من حضور المحاكمة. وشهدت الجلسة استكمال فض أحراز لجنة الخبراء المشكلة من إدارة الكسب غير المشروع، لكن الدفاع قاطع الجلسة احتجاجاً على ما اعتبره أخطاء في الإجراءات. وقال محامي الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود لـ «الحياة» إن «هيئة الدفاع قاطعت الجلسة نظراً إلى عدم وجود دقة في فض الأحراز، فلم يكن مثبتاً من يملك ماذا». ومنعت السلطات أمس ممثلي المنظمات الحقوقية من حضور الجلسة، وفي مقدمهم رئيسة «الشبكة العربية لحقوق الإنسان» في باريس فيوليت داغر ومبعوث «منظمة العفو الدولية» سميح خريس، كما منعت الصحافيين وغالبية أعضاء هيئة الدفاع وأهالي المتهمين، لكنها سمحت بعد ذلك بحضور أربعة أفراد من عائلة كل متهم. وقال خريس إن منع الحقوقيين «أمر مؤسف للغاية». واعتبر أن منعه «دليل على وجود قرار سيادي بمنع المنظمات الدولية من الحضور». وكانت المنظمة وجهت نداء إلى الرئيس حسني مبارك لحضه على التأكد من السماح بحضور المنظمات الدولية المحاكمة. واستنكرت «اللجنة العربية لحقوق الإنسان» قرار المنع، مشيرة إلى أنها «المرة الأولى منذ نحو 20 عاماً التي يتم فيها رفض المراقبة القضائية». وطالبت في بيان بـ «وقف المحاكمات العسكرية فوراً وعدم توريط القضاء العسكري في الحسابات السياسية الضيقة للسلطة». ويواجه الشاطر و39 من قادة الجماعة ومموليها اتهامات بالإرهاب وتبييض الأموال، في القضية التي عرفت باسم «ميليشيات الأزهر» وبدأت أحداثها نهاية العام الماضي بعد عرض شبه عسكري قدمه طلاب ينتمون إلى «الإخوان» في ساحة جامعة الأزهر احتجاجاً على شطبهم من الانتخابات الطلابية. وفي غضون ذلك، اعتقلت السلطات 14 من «الإخوان» في محافظة الجيزة، بينهم المرشح السابق للانتخابات البرلمانية حامد السيد، خلال اجتماعهم في منزل أحدهم. واتهم جهاز أمن الدولة المحتجزين بالانضمام إلى «جماعة محظورة وحيازة منشورات تدعو إلى فكرها». وقالت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية إن الموقوفين أحيلوا على نيابة أمن الدولة العليا للتحقيق معهم. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 6 أوت 2007)
الحُكم والإسلاميون في الأردن على حافة الانفجار
محمد أبو رمان (*) شهدت الانتخابات البلدية الأردنية الأخيرة يومي الثلاثاء والأربعاء (31/7-1/8) توتراً غير مسبوق في العلاقة بين الحكم وجماعة “الإخوان” (وحزبها جبهة العمل الإسلامي). نتج عن التوتر سحب الإخوان لمرشحيهم والإعلان عن تزوير الانتخابات، ثم مطالبة الأمين العام لجبهة العمل زكي بني ارشيد الملك بإلغاء نتائج الانتخابات. لكن أبرز تجليات “الغضب الإخواني” تمثلت في مقالٍ ساخط خرج عن كافة أصول اللغة الإخوانية المعتادة في الأردن، ولم يقرأ مثله في أحلك حالات التوتر بين الجماعة والدولة. المقال كان بعنوان “لماذا قاطعنا العرس الديمغوائي؟” (*) ونشر على موقع جماعة الإخوان المسلمين الرسمي، ووُقِّع باسم “المحرر السياسي” لإضفاء الصفة الرسمية المقصودة عليه. اللغة المعتمدة في الخطاب حادّة وقاسية، لكن أخطر ما فيها تجاوز نقد الحكومة والحكومات إلى المؤسسة الرسمية الأمنية بصورة واضحة ونارية، واتهامها علناً بإدارة المعركة ضد الإخوان في حين يبقى دور الحكومات هو أن تكون واجهات لا تملك من أمرها شيئا، وفقاً للمقال، الذي أثار جدلاً في أوساط النخبة السياسية. المفارقة اللافتة بحق؛ أنّ المقال صدر عن موقع جماعة الإخوان لا عن موقع حزب الجبهة، في حين أنّ المؤسسة الرسمية الأردنية اعتمدت في الفترة الأخيرة تصنيف قيادة الجماعة بـ”الخط المعتدل” وقيادة الحزب بـ”الخط المتشدد” (لأن رئيس الحزب بني ارشيد تتهمه السلطات الأردنية بالعلاقة مع حماس). فصدور المقال عن الجماعة له دلالة واضحة على أنّ الاحتقان والغليان داخل الجماعة أخذ يدفع التيار التصالحي الهادئ إلى لغة نارية وإلى حالة من التعبئة النفسية والسياسية والشعور بأنّ المستهدف ليس كما تدعي المؤسسة الرسمية هو “الخط المتشدد” بل الجماعة ومؤسساتها ودورها السياسي والاجتماعي. ولعل التساؤل الرئيس الذي يفرضه “المقال الإخواني” هو هل قصدت المؤسسة الرسمية إيصال الإخوان إلى مقاطعة الانتخابات ودفعهم جميعاً (معتدلين ومتشددين، حسب التصنيف الرسمي) إلى هذه المرحلة من الضيق والاحتقان أم أنّ ذلك وقع بطريق الخطأ، وأنّ المؤسسة الرسمية لم تكن تدرك أنّها بهذه السياسة العدائية تخسر الخط المعتدل قبل المتشدد في الجماعة!. هل ثمة مشكلة في تقدير “المطبخ السياسي” الأردني لعواقب سياسة الضغط والشد المتلاحق على الإخوان ودفعهم إلى خطاب غير مألوف، وتوتير الحياة السياسية بصورة عامة؟ ألم يدرك من تبنوا الإستراتيجيات الجديدة ضد الإخوان أنّ معركة الانتخابات البلدية ربما زادت شعبيتهم وجماهيريتهم وعززت من تعاطف المجتمع معهم، وربما شرائح سياسية وإعلامية لم تقبل بالتدخل السافر الواضح من المؤسسة الرسمية، مما أدى إلى تشويه المشهد السياسي الأردني داخلياً وخارجياً، ومسح أي مصداقية ولو جزئية للانتخابات البلدية، بل والتأثير مسبقاً على مصداقية وأهمية الانتخابات النيابية التي ستجرى أصلاً وفقاً لقانون انتخابي يتبنى مبدأ “الصوت الواحد” الذي أوجِد –في الأصل- لإضعاف وتحجيم الدور السياسي البرلماني للإخوان؟. الإجابة على التساؤلات السابقة تقع في أحد احتمالين لا ثالث لهما؛ الأول أنّ المؤسسة الرسمية كانت تدرك تلك العواقب، وربما تستهين بها، وهذه كارثة حقيقية، والاحتمال الثاني أنّها لا تدرك ذلك، وهنا الكارثة أكبر! وفي كلتا الحالتين من الواضح أنّ ثمة خللاً كبيراً في إدارة “المطبخ السياسي” لأزمة العلاقة مع جماعة الإخوان. لا تدع المؤسسة الرسمية مجالاً للشك لدى المراقب في أنها تصوغ المشهد السياسي الداخلي من خلال اعتبارات رئيسة في مقدمتها إعادة هيكلة الدور السياسي والاجتماعي لجماعة الإخوان وإضعاف بنيتهم التحتية. ولم توفر المؤسسة الرسمية للمراقبين عناء التحليل السياسي، فقدمت من خلال بعض التسريبات والتلميحات رسائل واضحة للجماعة تفيد بأنها لن تسمح لها بالسيطرة على البلديات الرئيسة في المملكة (مقاعد في أمانة عمان الكبرى، بلديتا إربد والزرقاء)، وذلك على الرغم من المشاركة المتواضعة لجماعة الإخوان التي لم تتجاوز ثمانية عشر مرشحاً من أصل أكثر من تسعمائة مقعد بلدي!. وهي مشاركة أراد الإخوان من خلالها بعث رسالة طمأنة إلى المؤسسة الرسمية بأنهم لا يسعون إلى المغالبة ولا إلى تغيير قواعد اللعبة جذرياً. يعود التحول الكبير في العلاقة بين الحكم والإخوان، بحسب تصريح مسؤول رفيع المستوى، إلى منتصف الثمانينيات، عندما بدأ النظام يشعر بتجذر الجماعة وصعودها واحتلالها مساحات اجتماعية وخدمية كبيرة، مما يجعل منها رقماً صعباً في المدى القريب. بدأ الحكم بتغيير خطابه تجاه الإخوان منذ تلك الفترة، إلا أنّ أحداث شغب معان 1989، وإرث العلاقة الوطيدة بين الملك الراحل حسين والقيادة التاريخية الإخوانية وعودة الحياة الديمقراطية كانت بمثابة عوامل أبقت ومددت حالة التعايش بين الطرفين، على الرغم من زوال الشروط التاريخية الموضوعية التي شكّلت روافع للتحالف أو الاحتواء. وتمثل ذلك في اعتبار النظام القوى اليسارية والقومية (والمنظمات الفلسطينية العلمانية) بمثابة مصدر تهديد مشترك للحكم هو والجماعة على السواء، مما خلق حالة من تبادل المصالح والاحتواء، أدت إلى تقديم نموذج أردني فريد في التعايش بين النظام و”الإسلام السياسي”. في التسعينيات جرت مياه كثيرة قلبت الحسابات والتوازنات رأساً على عقب، ودفعت بالإخوان إلى قيادة المعارضة، وتدهورت الأمور إلى حد مقاطعة الإخوان الانتخابات النيابية عام 1997. ثم كان التحول الأخطر مع بداية عهد الملك عبد الله بتحويل الإخوان من ملف سياسي إلى ملف أمني عهد إلى المؤسسة الأمنية بالإشراف عليه، فنجمت عن ذلك حالات ومراحل توتر واحتقان متعددة. فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية 2006 أدى إلى انتصار ساحق لحماس، مما أشعل مخاوف كبيرة داخل النظام، وحرك التيار المتشدد ليحسم إستراتيجية التعامل مع الإخوان، وإنهاء حقبة التوازنات والاحتواء “الإيجابي” وصولاً إلى تحقيق هدف إستراتيجي واحد وهو إعادة هيكلة الدور السياسي والاجتماعي للجماعة من خلال ضرب البنية التحتية وشبكة العمل الاجتماعي. وهذا لا يعني بالضرورة اللجوء إلى النموذج المصري بإلغاء الجماعة وسحب الشرعية القانونية منها، ولكنه مواجهة “غير رأسية” تسحب البساط من تحت أقدام الجماعة وتحدد لها بصورة متشددة مساحات النشاط. شطر من هذه الإستراتيجية كان يطبق في السابق من خلال قانون “الصوت الواحد” الانتخابي، ومن خلال محاصرة النشاط “الإخواني” في الجامعات، باعتماد مبدأ التعيين في الاتحادات الطلابية ومد يد المؤسسة الأمنية في مسألة التعيينات الجامعية، للحيلولة دون وصول الإخوان لهيئات التدريس. والشطر الآخر الأخطر المرتبط بالبنية التحتية بدأ تطبيقه بعد فوز حماس، ويتمثل في الاستيلاء على جمعية المركز الإسلامي (التي تشكل عصبا حيويا لنشاط الجماعة الاقتصادي/الاجتماعي) والبدء بالتضييق على جمعية “المحافظة على القرآن الكريم”، وسن قانونيْ “منع الإرهاب” و”الوعظ والإرشاد” وكلها تحاصر الخطاب الاجتماعي والسياسي للإخوان وتحول بينهم وبين المساجد، وأخيراً ملاحقة الإخوان في لجان الزكاة، وإعادة تشكيل اللجان باستبعاد كافة الإخوان المسلمين منها!. إذن؛ هي حرب قاسية شديدة على البنية التحتية للإخوان المسلمين. وإذا كانت المؤسسة الرسمية لا تستبعد دعم “التيار المعتدل” والحوار معه، فإنها لا تريد البقاء تحت رحمة هذا الرهان ومتغيرات المعادلة السياسية، لأن الخشية الرسمية هي أنّ انسحاب الدولة من أي مجال من المجالات في سياق برنامج الإصلاح الاقتصادي يجعل الإخوان يحتلون هذه المساحة ويمددون ويجذرون قوتهم. وهذا هو ما دفع بمسؤول كبير إلى تشبيه الوضع بـ”الحالة الخمينية”، أي إقامة دولة إخوانية داخل الدولة. الإستراتيجية الجديدة بين العائد والكلفة ثمة مبررات كثيرة لدى المؤسسة الرسمية للخوف من الإخوان، تبدأ من العلاقة بحماس، تلك العلاقة المقلقة في سياق حالة الاستقطاب الإقليمي والصراع بين ما يسمى “معسكر الاعتدال” و”معسكر التطرف”، يضاف إليها تشكيك رسمي في ولاء الجماعة للدولة، وتفضيلها المصلحة الوطنية على الاعتبارات الأيديولوجية. وتتهم الجماعة إضافة إلى ذلك بحالة من الشيزوفرينيا أو “ازدواجية الخطاب”؛ أي الحديث الرسمي والعلني عن موالاة الحكم وتأييده بينما تتم تعبئة القواعد باتجاه مضاد، يقوم على اتهام الإخوان للحكم بالانخراط في المشروع الأميركي والتنكر لفضل الدولة عليهم مقارنة بالنماذج العربية الأخرى. ويرى مسؤول كبير أنّ ردّ الدولة تأخر ضد الجماعة التي أنكرت الجميل ولم تُثمِّن الكرم الأردني معها!. على أي حال، ودون التورط في جدال غير محسوم، له أوجه مختلفة في القراءة والتحليل، حول من المسؤول عن تدهور العلاقة بين الطرفين، فإنّ المهم هو محاولة الإمساك بجدوى السياسة الرسمية الجديدة ضد الإخوان وأبعادها وتداعياتها. ووفقاً للمؤسسة الرسمية فإنّ هذه الإستراتيجية كفيلة بإعادة هيكلة دور الإخوان الاجتماعي والسياسي وإنهاء حالة تمددهم وانتشارهم على حساب “غياب” الدولة ورقابتها ودورها، من خلال “تأميم الدين” في المجتمع والدولة و”منع توظيفه” من قبل الحركات الإسلامية. لكن يبدو أنّ هذه الإستراتيجية نظرت فقط إلى العوائد دون الكلفة! ولا بد أن يلتقط “المطبخ السياسي” الأردني المؤشرات الأولية على خطورة الأمر من خلال مخرجات الانتخابات البلدية، إذ بدأت أولاً ملامح خطاب متشدد حاد تصبغ الجماعة بكافة تياراتها، مما عزّز من حجج التيار “المتشدد” وأضعف التيار “المعتدل”، ودفع إلى حالة من التعبئة الداخلية الشديدة. وهذا يتناقض مع طرح المؤسسة الرسمية بتعزيز “المعتدلين”، أو بدفع الجماعة إلى الانشقاق إلى جماعتين، وبالتالي إضعافها، لأنه من الواضح أنّ النتيجة المباشرة تمثلت في رص الصف الداخلي والشعور بتهديد المصير والوجود. اللافت أيضا هو أنّ الانتخابات البلدية لم تقف عند تعزيز الشرخ بين المؤسسة الرسمية والإخوان، بل بينها وبين شرائح اجتماعية وسياسية واسعة، إذ أن النخب الإصلاحية في الأوساط الإعلامية والسياسية والأكاديمية التي لا تتفق بالضرورة مع الخطاب الإخواني، أظهرت أيضا أنها لا تقبل بما حدث في الانتخابات البلدية ولا بتغول المنظور الأمني على المشهد السياسي وعلى حساب البرنامج الإصلاحي الذي ارتد إلى الوراء مسافات طويلة!. ناهيك أنّ تدخل الدولة المباشر في الانتخابات لم يستفز الإخوان فقط، بل عشائر وشرائح اجتماعية واسعة، تضررت من دعم المؤسسة الرسمية لمرشحين آخرين، مما خلق أزمة كبيرة وأدّى إلى فوضى في مناطق متعددة، واعتداءات من مواطنين “غير مسيسين” على ممتلكات الدولة، وخلق قناعة واسعة بعجز المؤسسة الرسمية حتى في إدارة لعبة الانتخابات لصالحها!. أخطر من كل ما سبق أنّ الاحتقان السياسي الجديد يضاف ويوضع في رصيد الاحتقان الاجتماعي الكبير على خلفية برنامج الإصلاح الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم وازدياد الأزمة بين المركز والأطراف وتجذر الفجوة الطبقية، وعدم قدرة شرائح اجتماعية واسعة على ملاحقة التحولات الاقتصادية وتأمين متطلبات الحياة، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة..الخ. وكل هذه العوامل محفزة لتجذر وصعود التيار الراديكالي، متمثلاً بصورة واضحة في السلفية الجهادية التي تنتقد بدورها “الميوعة الإخوانية!” في التعامل مع النظام. واللافت أنّ انتشار السلفية الجهادية يأتي في الأطراف والمدن العشائرية الأردنية، أي بكلمة أخرى: إذا كانت المؤسسة الرسمية تسعى إلى ضرب البنية التحتية للإخوان فعليها الانتباه إلى البنية التحتية للحكم المتمثلة في القاعدة الاجتماعية التي تنهار تحت مطارق “التحولات الاقتصادية”!. (*) كاتب أردني (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة. نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 4 أوت 2007)