الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيي: تأجيل جديد لمحاكمة الموقوفين الثلاثين .. في قضية ” المشروع الإرهابي ” ..! حركة النهضة تحيي البرلمان التركي ا ف ب: تنظيم القاعدة يتبنى عملية بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية رويترز: تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته عن قتل ثمانية جنود جزائريين إيلاف: الإستحقاق الانتخابي 2009 في تونس – الحزب الديمقراطي التقدمي يرشح أحمد نجيب الشابي السبيل أونلاين : رفع حظر الحجاب بالجامعات التركية .. متى في تونس؟ الخليج: سينمائيون عرب يرفض مهرجاناً بلجيكياً يحتفي بـ “إسرائيل” الحياة: مصانع الفخار التقليدية التونسية تستقطب المُعجبين الأوروبيين الحياة: تونس تعزز الرحلات نحو مدريد لاستقطاب السياح الإسبان الحياة: اتفاق على «تذليل عقبات» أمام القمة المغاربية زهير مخلوف: كشف النقاب عن مقتل الشاب الحبيب بوعجيلة: رسالة مفتوحة إلى السيد الشماري ومن يهمه أمر استقلال قراراتنا الحزبية غسّان بن خليفة: دفاعا عن ولد باب اللّه لأنّ حريّة السخرية من حرّية التعبير ! هندة العرفاوي: الحفاظ على صندوق التعويض رغم هيمنة اقتصاد السوق – هامش من “التوجيه” للحفاظ على القدرة الشرائية ومنع استشراء الفقر محمد العروسي الهاني: ثوابت ومصداقية زياد الهاني: إلى بن حديد: نفّـذ إن كنت صادقا!! زهير الخويلدي: الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات السيد عماد الدين الحمروني: الثورة الاسلامية في عيدهاالتاسع و العشرين عزة و وحدة و اقتدار جريدة “الشعب”: الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين: «مجتمعنا ضحية انبهار خاطئ بالحداثة!!» جريدة “الشعب”: مصلحة الاتحاد من مصلحة البلاد ودون ذلك خطأ جريدة “الشعب”: القضاء العادل والمستقل صحيفة “الوطن”:كلمة لا بدّ منه:الا بديل إلاّ بموقف عربي موحّد صحيفة “الوطن”:الديمقراطية شرط للمقاومة والممانعة: لا فضل لعربي على عربي إلا بالمقاومة صحيفة “الوطن”:نعم للواقع التاريخي ولا للتضليل الإيديولوجي موقع “إيـلاف”:معجم الشباب التونسي الخاصّ: حماية وتكتيك “الشروق اليومي” تنفرد بنشر رسالة أبوبكر جابر الجزائري الى جماعة درودكال:”توبوا وكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح” الغد: حكمان قضائيان في مصر يقران بمبدأ حرية العقيدة سمير صالحة: الحجاب العائد إلى الجامعات التركية نوال السباعي: نُـذُر أزمة حجابٍ خطيرة.. لكن في مدريد هذه المرة! خالد الحروب: قراءتان في «الهولوكوست»: التوظيف الإسرائيلي والإنكارات العربية
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
21- رضا عيسى 22- الصادق العكاري 23- هشام بنور 24- منير غيث 25- بشير رمضان |
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- لطفي الداسي |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش/. |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1– الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلوش |
الحوار الذي أجرته قناة فرانس 24 مع الأستاذ أحمد نجيب الشابي يوم الأحد 10 فيفري 2008
http://smawebdesign.com/mcgallerypro/show.php?start=0&id=311&video=1
http://www.dailymotion.com/PDPTunisie/video/7290738 http://video.google.fr/videoplay?docid=4467171707951503426&hl=fr
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 11 فيفري 2008 كشف الحساب..لقضاء ..”يكافح الإرهاب ” ..! :
تأجيل جديد لمحاكمة الموقوفين الثلاثين .. في قضية ” المشروع الإرهابي ” ..!
حركة النهضة تحيي البرلمان التركي
تنظيم القاعدة يتبنى عملية بالقرب من الحدود الجزائرية التونسية
تنظيم القاعدة يعلن مسؤوليته عن قتل ثمانية جنود جزائريين
الإستحقاق الانتخابي 2009 في تونس الحزب الديمقراطي التقدمي يرشح أحمد نجيب الشابي
الإستحقاق الانتخابي 2009 في تونس الحزب الديمقراطي التقدمي يرشح أحمد نجيب الشابي
رفع حظر الحجاب بالجامعات التركية .. متى في تونس؟
سينمائيون عرب يرفض مهرجاناً بلجيكياً يحتفي بـ “إسرائيل”
تشكيل جامعة للديمقراطي التقدمي بباريس
تونس تعزز الرحلات نحو مدريد لاستقطاب السياح الإسبان
مصانع الفخار التقليدية التونسية تستقطب المُعجبين الأوروبيين
وفد إيراني يستطلع آفاق التعاون… تونس تستقطب 32 بليون دولار استثمارات إماراتية وإيطالية
اتفاق على «تذليل عقبات» أمام القمة المغاربية
تونس – رشيد خشانة
أفادت مصادر تونسية وجزائرية متطابقة أن تنشيط المؤسسات المغاربية حاز على قسم مهم من المحادثات التي أجراها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خلال زيارته القصيرة لتونس الخميس الماضي. وأوضحت أن زعيمي البلدين اتفقا على تفعيل التعاون الثنائي وتذليل العقبات التي حالت دون عقد القمة المغاربية المؤجلة منذ العام 1994.
وكان مجلس الرئاسة المغاربي عقد دورته الأخيرة في تونس في 1994 وتعذر عليه الاجتماع بعد ذلك بسبب تداعيات قضية الصحراء الغربية والخلافات المغربية – الجزائرية. وتردد في الفترة الأخيرة أن جهوداً تُبذل لعقد قمة مغاربية يكون موضوعها الرئيسي تنسيق الجهود لمكافحة الإرهاب وتنضم إليها مصر على ألا تتطرق إلى قضية الصحراء.
وكان الرئيس بن علي أرسل موفدين إلى نظرائه المغاربيين لم يُكشف عن فحوى المهام التي كُلفوا بها، ثم تلقى ردوداً على رسائله. وأفيد أن الرسائل تتعلق بالصيغ المطروحة لتنشيط الاتحاد المغاربي.
من جهة أخرى، أفاد رئيس مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات الدكتور عبدالجليل التميمي أن جهاز الرقابة على المطبوعات في وزارة الثقافة التونسية أجاز لمؤسسته توزيع أربعة كتب كانت محتجزة منذ خمس سنوات. وأوضح في بيان صحافي أرسلت نسخة عنه إلى «الحياة» أن ثلاثة من الكتب تتعلق بحقبة حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة (1956 – 1987).
(المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)
كشف النقاب عن مقتل الشاب
قبل العرض التوضيحي حول مقتل الشاب الذي سبق أن أخبرت عنه الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب و منظمة حرية و انصاف و ذلك يومي 31 / 01 / 2008 و 1 / 02 2008 إثر تحركا ت تلمذية جدت بولاية صفاقس و بالتحديد بجهة جبنيانة لا يسعنا قبل ذلك إلا سوق جملة من الملاحظات الهامة و الأسباب التي حفت بهذا النبأ.
الملاحظة الأولى: إن الانغلاق الذي تشهده البلاد في كل المجالات و الاحتقان الحاصل من جراء ذلك قاد بالضرورة شريحة كبرى من شبابنا إلى اعتماد الإشاعة و النكتة كشكل من أشكال تفجير الاحتقان الكامن داخل أسوار الذات المسحوقة و المأزومة .
الملاحظة الثانية:إن الحصار الذي تفرضه السلطة على وسائل الاعلام و منع الصحفيين من الوصول إلى مصادر الخبر و الكيد للمخلصين و الأحرار و المعارضين منهم و مصادرة وسائلهم و تقنياتهم و الزج بهم في السجون كل ذلك أدى ببعضهم إلى اعتماد آليات لمتابعة الأحداث و الأخبار تكاد تكون بدائية بالمقارنة مع تطور و تقدم وسائل الإعلام الحديثة مما يجعلهم عرضة للخطإ في أحوال عدة.
الملاحظة الثالثة : إن القطيعة الحاصلة بين السلطة و المجتمع المدني و علاقة التنافي المعششة في أذهان أصحاب السلطة هي المتحكم الأساسي في ملعب الأحداث في بلادنا و إن تصيد سقطات و هفوات المعارضين أصبح الميكانيزم الموجه للأحداث و العلاقات في تونسنا الحبيبة .
إن ثقافة الحوار بين السلطة و المعارضة أصبحت معدومة في بلادنا و إن المصالحة بين الشعب والسلطة تكد تكون بعيدة المنال و ذلك بسبب منظومتها الاستبدادية ، حتى أصبح المواطن العادي لا يشعر بمواطنته الحقيقية و أضحى المثقف لا يهتم إلا بنفسه و أمست النخبة المسيسة في شبه استقالة ، همها الوحيد الدفاع عن حصونها و أعضائها و غاية بعضها نيل رضى سيدها وولي نعمتها و تبرير تصرفاته و أعماله ووصل الأمر ببعض رموز نخبتها الحقوقية التمترس وراء الصمت المطبق و المتعمد على ما حصل من انتهاكات طالت كل المجالات إلى حد التعدي على أقدس قيمة وهي الحياة .
الملاحظة الرابعة: لم نشهد في تونس ولو مرة واحدة جبرا للضرر حقيقي أو فتحا لبحث هام أو حوارا صريحا و شفافا أو مناظرة حقيقية في ملف وطني أو انتصاب لجنة لتقصي الحقائق في موضوع يشغل المجتمع المدني أو الحقوقي أو السياسي ، أو استشارة وطنية تلتزم السلطة بما تمخضت عنها ، أو اعلام يرفع الالتباس عما يدور في وطننا من أحداث خطيرة و هامة ، حتى أصبح المواطن لا يصدق ما تقوله السلطة و لايثق بمسؤوليها و برامجها و لا يتحمس لمخططاتها وهو في الأخير غير آبه بهموم وطنه و لا بتطلعاته الحاضـــــــــــــــرة و المستقبلية .
كان هذا عرضا لبعض الملامح الأساسية التي تصبغ واقعنا المدني و السياســـــــــي و الشعبي في وطننا تونس.
ونأتي الآن إلى الموضوع الذي قدمنا له بهذه التوطئة وهو الخبر الذي تناقلته وسائل الاعلام عن مقتل شاب تونسي في منطقة جبنيانة من ولاية صفاقس و الذي أوردته الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب و منظمة حرية و انصاف و جريدة الطريق الجديد و تناقلته وسائل الاعلام الدولية في المواقع الإلكترونية و الفضائيات التلفزية.
و باعتبار انتمائي للوسط الحقوقي سأعرض الملابسات التي حفت بالخبر لعل الأمر ينجلي .
1 ) اتصلت منظمة حرية وانصاف عشية يوم الخميس 31 / 01 / 2008 برسالة ممضاة من أحد الطلبة الذين تثق بهم المنظمة و القاطن بولاية صفاقس يعلمها فيها عن حصول أحداث و تحركات احتجاجية بمعاهد جبنيانة و كليات صفاقس المدينة و كليات العاصمة نظمها الاتحاد العام لطلبة تونس وانضم إليها جل الطبة و ذلك بسبب مقتل شاب يدعــــــــى ” سامي بن فرج ” على اثر تعرضه للضرب على رأسه من طرف عون أمن.
فأوردت المنظمة الخبر ليلة الخميس 31 / 01 /2008 على الساعة الثامنة ليلا في المواقع الالكترونية بدون ذكر لا الاسم و لا اللقب ونسبته إلى الاتحاد العام لطلبة تونس الذي نضم الاحتجاجات .
ورغم تواتر الخبر بتفصيل دقيق هاتفيا و من مصادر موثوقة إلا أن المنظمة من قبيل الاحتياط لم تفصل في عرض النبأ.
وقد اطلع كل المشاهدين على الساعة التاسعة ليلا على الخبر ببعض القنوات الفضائية يؤكدون حادثة الوفاة نسبة إلى هيئات حقوقية تونسية.
و في صبيحة يوم الجمعة 1 /02 /2008 اطلع المتابعون في المجلات الالكترونية على الخبر مفصلا بشكل دقيق منسوب إلى منظمة حقوقية وهي الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب و في مساء الجمعة 1 /02 / 2008 أوردت جريدة الطريق الجديد لسان حزب التجديد – وهي صحيفة وطنية مرخص لها- أوردت الخبر في صفحتها الثانية تحت عنوان ” وفاة تلميذ إثر التعنيف “ ورد فيه اسم ولقب المعتدي عليه ( سامي بن فرج ) و الجهة التي قامت بالإعتداء عليه ( قوات الأمن ) و المستشفى الذي توفي فيه ( مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس ) و تاريخ الوفاة ( صبيحة الخميس 31 /01 / 2008 ).
و للثقة الكبرى في مصادر الخبر الذي ورد على المنظمة و تواتره و كثرة وتنوع المصادر و تأكيده من هيئات حقوقية محترمة و صحف وطنية موثوقة ( جريدة الطريق الجديد )و فضائيات عرفت بالمصداقية.. ارتأت تلك المنظمة تفصيل الخبر ببيان ثان و ذلك يوم الجمعة 1 /02 /2008 مساء ورد بالصحف الالكترونية يوم السبت 2 / 02 / 2008 .
و على إثره ورد تكذيب لخبر الوفاة من طرف رابطيين من ولاية صفاقس نشر يوم 2 / 02 / 2008 جاء فيه “.. تأكيد العديد من سكان منطقة أولاد حسن بجهة جبنيانة و المناطق المجاورة عدم حصول أية حالة وفاة أو تنظيم أي مأتم بها في اليومين الأخيرين “. و إزاء هذه التجاذبات لا يسعني إلا أن أسوق بعض الحقائق في هذا الموضوع .
باعتبار أن السلطة التونسية لم تكشف عن حالة وفاة شاب و ملابساتها بشكل دقيق و قول الرابطيين الذين نفيا وجود أية حالة وفاة في الجهة والمناطق المجاورة و لا تنظيم أي مأتم أيام الأحداث التلمذية ، أقول.. لقد نقل أحد الشبان من مواليد 8 / 07 / 1974 المدعو خليفة بن فرح إلى المستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بصفاقس على متن سيارة اسعاف مستشفى جبنيانة و ذلك يوم الاربعاء على الساعة H 5019 بعد أن بقي حوالي ساعتين ملقى على حافة طريق المهدية قرب منطقة جبنيانة و كان حضور أعوان الأمن مكثفا مما أثار انتباه كل المارين و الحاضرين حين كان المجني عليه ملقى على حافة الطريق و قد انتشر خبر الحادث بجبنيانة و معاهدها .
و قد نقل الضحية إلى المستشفى الجامعي بصفاقس حيث لفظ أنفاسه الأخيرة و ذلك على الساعة الخامسة صباحا يوم الخميس 31 / 02 / 2008 .
و مما زاد الطين بلة أن المشتبه فيه بأنه هو القاتل فر من مكان الحادثو شاع خبر الوفاة وانتشر بشكل كبير مما ولد لدى البعض الشك و الابهام في ملابسات الوفاة و هنا يكمن خطأ السلطة حيث أحيل ملف هذه القضية إلى حاكم التحقيق بمحكمة صفاقس و لم توضح معالم و ملابسات الوفاة للرأي العام و للتلاميذ مما جعل الخبر ينتقل و يصل مبهما و مشوها إلى تلاميذ منطقة جبنيانة .
و مما عمق الشك و الريبة حضور الأمن بشكل مكثف بمراسم الجنازة التي تمت في وقت مشبوه حيث لأول مرة و بشكل غير مألوف دفن هذا الشاب من مواليد 1974 بمقابر الكتاتنة بذراع بن زياد من أولاد حسن بمنطقة جبنيانة من ولاية صفاقس بعد صلاة العصر بساعتين – وفي العادة يدفن موتى هته الجهة بعد صلاة الظهر – .
و قد انتصبت سيارات الامن على الطريق بمسافة كيلومتر و ذلك بمراسم الجنازة كما أكد ذلك لي شقيق المتوفي السيد محمد بن علي بن خليفة بن فرح عضو الحزب الديمقراطي التقدمي وكان الحضور لافتا للانتباه مما رفع منسوب الريبة و الشك.
و أدعو في هذا المقام عضو الرابطة السيد عبد العزيز عبد الناضر الذي نفى وجود مأتم و حالة وفاة في جبنيانة أو المناطق المجاورة أن يتصل ليتسلم مضمون رسمي للوفاة صادر عن معتمدية العامرة بعمادة ذراع بن زياد من جهة جبنيانة مرسم تحت عـ267ـدد بتاريخ 31 / 01 / 2008 صادر عن بلدية صفاقس يؤكد وفاة شاب يدعى خليفة بن فرح مولود في 8 جويلية 1974 وهو موضوع الالتباس ، ونرفق هذا المقال بصورة شمسية ومضمون وفاة للمجني عليه و أدعو السلطة لإنارة الرأي العام و الكشف عن سبب وفاة هذا الشاب و كيفية وفاته و من قتله بعد إتمام أ عمال التحقيق؟
و في الختام لايسعني إلا القول :
1) أن الخطأ في الخبرمشترك لا يتحمله طرف بعينه لكن الوزر الأكبر يقع على عاتق السلطة.
2) التأكيد على أن منظمة حرية وانصاف – في رأيي – لا تريد إلا الحقيقة و لاتعمل إلا على نشر مبادئ حقوق الانسان و الدفاع عن كل المظلومين و المقهورين و المعذبين وهي لا تتحامل على أحد ولا تعمل على نشر الأخبار الزائفة بل تعين على كشف الحقائق من أجل الانصاف و الانصاف فقط .
3) لقد نشر جهات كثيرة حينها خبر وفاة الشاب بن فرح سواء في الصحف الوطنية أو الفضائيات أو المواقع الالكترونية او الصحف الدولية او الشخصيات الوطنية وكانت منظمة حرية و إنصاف آخر من فصل هذا الخبر، فلماذا كل هذا التركيز على اتهام المنظمة ورئيسها بصفة خاصة ؟ و ماذا يراد من وراء الحملة الشعواء ضد المنظمة ..؟
4) إن السلطة مدعوة إلى مزيد من الانفتاح على هيئات المجتمع المدني و الحقوقي حتى لا نصل إلى منطق التنافي و القطيعة .
5) لا بد من احتواء الاحتقان الاجتماعي و السياسي و القطع مع سياسة القهر و الظلم المسلطة على هذا الشعب .
6) لا بد من فتح تحقيق جاد في مقتل الشاب ( بن فرح ) و أيضا في مقتل آخرين مثل :
– فيصل بركات
– رشيد الشماخي
– عبد الرؤوف العريبي
– فتحي الخياري
– عامر دقاش
– عبد العزيز المحواشي
– عبد الواحد عبيدلي
– لطفي قلاع
– المولدي بن عمر
– نور الدين العلايمي
– أحمد العمري
– حمدة بن هنية
– عدنان سعيد
– صلاح الدين باباي
– طارق الزيتوني
7) لا بد من كشف النقاب عن مآل المفقودين الثلاث السادة :
– كمال المطماطي
– فتحي الوحيشي
– عباس الملوحي
و في الأخير أسوق الملاحظة الآتية للرأي العام الداخلي و الخارجي أنه حينما كنا نحقق في هذه القضية يوم الخميس 7 فيفري 2008 في منطقة جبنيانة و مدينة صفاقس تابعتنا جحافل من البوليس السياسي لمحاصرة تحركاتنا التي كنا نبغي منها اجلاء الخبر.
و هذا الوضع يكاد يعيشه يوميا الصحافيون و النشطاء الحقوقيون و السياسيون في قطرنا التونسي
الامضــــــــــــــاء
زهير مخلوف
ناشط حقوقي
ولا تزر وازرة وزر أخرى :
رسالة مفتوحة إلى السيد الشماري ومن يهمه أمر استقلال قراراتنا الحزبية
عضو المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي
دفاعا عن ولد باب اللّه لأنّ حريّة السخرية من حرّية التعبير!
الجميع في تونس، من شمالها الى جنوبها ومن كبيرها الى صغيرها، يعلم انّ الزجّ بالهادي ولد باب اللّه في السجن لا يمكن ان يكون بسبب يقظة أجهزة أمننا العتيدة واكتشافها المفاجئ لتعاطيه “الزطلة”، وايضا ـ بقدرة قادر- لمتاجرته في العملة الصعبة. فالرجل يكاد يتحوّل بين عشيّة وضحاها من فكاهي محبوب الى زعيم عصابات خطير، وأرجو فقط الاّ يضيفوا له تهم سخيفة أخرى من نوع: حيازة سلاح ناري أو المشاركة في تكوين خلّية ارهابية تهدف الى قلب النظام واغتيال سفراء الدول “الصديقة”… خاصّة وانّ هذه التهمة “على الموضة” حسب آخر تقليعات سلطتنا القضائية شديدة الإستقلال. مرّة أخرى اذن، يخطئ النظام في حساباته ، فمن خلال سعيه لمعاقبة من يسخر منه سيتحوّل من جديد الى مسخرة العالم بأسره.
قد نختلف مع مضمون فكاهة ولد باب اللّه أو غيره، لكن تلك تبقى مسألة أذواق تختلف من شخص الى آخر. فالسخرية من الشخصيات السياسية وتصويرها بشكل كاريكاتوري هي من أركان حرّية التعبير في المجتمعات الديمقراطية المعاصرة. ومادامت السخرية لا تتعدّى حدود الإحترام لحرمة الشخص المعنوية وما دامت لا تحطّ من قيمته أو تصوّره في وضعيّات مهينة فإنّها تبيت أمرا ضروريا للحدّ من تسلّط السياسيين ، سواء كانوا في الحكم أو في المعارضة، ولإحداث نوع من التوازن النفسي بينهم وبين بقيّة أفراد المجتمع. وفي حال ما تجاوزوا تلك الحدود فليتمّ تطبيق القانون، وان لزم الأمر محاكمتهم فليحاكموا على قد مايكونوا ارتكبوه من مخالفة للقانون، لكن ان يتمّ تلفيق التهم الجاهزة لهم بمنطق التشفّي والثأر الشخصي فذلك أمر لا يمكن السكوت عنه في دولة قانون ومؤسّسات.
قضيّة باب اللّه لا تختلف من حيث شدّة الوضوح وقمّة الإستبلاه للتونسيين عن قضيّة الصحفي السجين سليم بوخذير أو المحامي السجين السابق محمّد عبّو أو عن قضيّة نزع الجنسية عن سهى عرفات… فمرّة أخرى يستعمل نظام الإستبداد القضاء لتصفية حساباته مع من لا يرضى بالطاعة العمياء لإرادته المتجبّرة، والهدف واضح ككلّ مرّة: وهو ان يجعل من الضحيّة عبرة لمن يعتبر، وان يخيف عبر مثاله هذا الشعب المسكين، الذي يراد له ان يقتنع بأنّ قدره هو ان يعيش تحت أقدام الإستبداد طيلة خمسين عاما قضت ولخمسة سنوات قادمة على الأقلّ، حسبما تبّشرنا به المناشدات “الشعبية” و”العفوية” للرئيس الحالي.
فمن الواضح انّ هذا النظام ينوي على ما يبدو اطالة المقام بربوعنا وهو يعمل جاهدا على ضبط حركة المجتمع المتجّهة شيئا فشيئا نحو التحرّر من سلطته. وذلك من خلال إعادة توضيح قواعد اللعبة للجميع وبالأساس للفئات الملتحقة أكثر فأكثر مؤخّرا بال”معارضة”، كالنقابيين وأصحاب الشهائد والفنّانين والشباب الطلاّبي وغير الطلاّبي الخ. انّه يحاول تحذيرهم ومن خلالهم بقيّة أفراد الشعب: ان لاتغترّوا بصبرنا أحيانا على جرأة البعض منكم واضطرارنا لتحمّله لأسباب تتعلّق أساسا بالحفاظ على “بريستسجنا” وصورتنا لدى بعض الدول ، والمؤسّسات المالية العالمية. تلك التي ترضى بإقراضنا مقابل بعض الملامح الكاذبة لحرّية تعبير، هي في حاجة اليها لتبرير دعمهم وحمايتهم لنا أمام رأيها العام.
خلاصة القول، انّ نظام الإستبداد في تونس يريد ان يجعل من الهادي باب الله رمزا لمآل كلّ من تسوّل له نفسه التجرّأ على الإقتراب من “الذوات المقدّسة” التي ترتكز عليها سلطته – وترتكز عليه بدورها وتتمعّش منه -. لكنّ من الواضح انّ هذا الشعب بدأ يتململ رغم كلّ الجهود الحثيثة ل”تزطيله” و”تبنيج” وعيه السياسي، وبدأ يعطي اشارات صحوة متنامية، وان كانت عفويّة وعشوائية أحيانا، تدلّ على رفضه المتصاعد للأوضاع القائمة وعن رغبته في التغيير. علينا اذن الاّ نترك الإستبداد يحوّل الهادي باب اللّه الى رمز جديد للخوف والهوان وان نجعل منه رمزا للضحك على تخلّف هذا النظام والأمل بقرب الخلاص من حقبته المظلمة.
غسّان بن خليفة
الحفاظ على صندوق التعويض رغم هيمنة اقتصاد السوق
هامش من “التوجيه” للحفاظ على القدرة الشرائية ومنع استشراء الفقر
هندة العرفاوي
شهدت سنة 2007 وبداية هذه السنة العديد من الأحداث أدت إلى التساؤل حول مصير صندوق التعويض وهذه الأحداث مرتبطة بظرف عالمي ناتج عن تقلب أسعار الحبوب وارتفاع سعر النفط وارتباطها بظرف هيكلي محلي متعلق بمستوى الأداء الاقتصادي. والتساؤلات وجدت طريقها إلى الأذهان خصوصا مع الارتفاع الذي شهدته عديد المواد الأساسية التي من المفروض أنها تخضع إلى الدعم وان صندوقا وضع لذلك ويعتبر مكسبا اجتماعيا حتى باعتراف الوزير الأول في إحدى الندوات الوطنية التي تعرضت إلى الإجراءات الرئاسية في المجال الاقتصادي. وقد رصدت ميزانية الدولة لسنة 2008 ما يقارب ال700مليون دولار لدعم هذا الصندوق. فما الذي طرأ خصوصا وان الواقع الاجتماعي لا يزال يرتبط بالدعم ليحافظ على نوع من التوازن في مستوى المعيشة؟
تؤكد مصادر حكومية أن الإنفاق العمومي الناتج عن دعم المواد الغذائية (مشتقات الحبوب، السكر والزيت) والنفط تجاوز المبلغ الذي رصد لصندوق الدعم وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الفلاحية (حبوب وزيت الصوجا الخ…) والبترول في السوق العالمية.
يتساءل البعض إن كانت تلك مقدمة اعتمدت كمبرر للترفيع في أسعار بعض المواد الأساسية ومن ذلك الحليب ومشتقاته وبعض مشتقات الحبوب ؟ أم هي تبريرات مسبقة خصوصا وان هناك بعض الجهات بدأت تتساءل عن جدوى هذا الصندوق باعتباره ليس الوسيلة المجدية لمساعدة التونسيين الذين يعيشون تحت عتبة الفقر (4%)، وانه لا بد من التفكير في وسائل مساعدة أجدى خصوصا وان الدعم على الحبوب مثلا يستفيد منه تجار لعرض بضاعة بأثمان باهضة.
ارتفاع أسعار بعض المواد الأساسية
الحليب
في 19 جانفي الماضي صدر بيان من وزارة الفلاحة يؤكد أن سعر الحليب ارتفع ب 60 مليم للتر عند الإنتاج. وهذا ما يرفع من تكلفة اللتر الواحد إلى 900 مليم مع أن سعر التكلفة للمربي تقدر ب500مليم للتر عند الإنتاج وهو يبيعها لمراكز تجميع الحليب والصناعيين ب 450 مليم وبالتالي فان 50 مليم الإضافية تجعل سعر التكلفة مساو لسعر البيع. وهذا ما تقوم به الدولة . أما بالنسبة إلى أسعار التعويض لكل لتر من الحليب المستورد فتقدر ب 500مليم. وقد استوردت تونس إلى غاية 31 ديسمبر 2007، 5 ملايين لتر بتكلفة تقدر ب 2.5 مليون دينار للصندوق الوطني للتعويض. ونفس الأمر ينسحب على بقية مشتقات الحليب وان بنسب متفاوتة عند البيع للمستهلك.
وقد ارجع الارتفاع في أسعار الحليب إضافة إلى مسالة التكلفة عند الإنتاج لتصدير كميات هامة منها إلى ليبيا والجزائر البلدين المجاورين. كما أن أزمة الإنتاج يرجعها الفلاحون إلى ارتفاع في تكلفة العلف خصوصا وان هذه المادة تستورد أيضا نتيجة للظروف الهيكلية والمناخية.
نستشف مما سبق أن اكبر المستفيدين من أزمة الحليب هي المركزيات وعددها 8 منها 7 مؤسسات خاصة وواحدة عمومية وهي شركة “ستيل”.وقد كانت توجد ثلاث مؤسسات عمومية هي” لينو” و”حليب تونس” إضافة إلى “ستيل” فوت منها اثنين للقطاع الخاص . وعندما نرى الفرق بين سعر الإنتاج وسعر البيع للمستهلك نرى أن المستفيد الأكبر هو هذه الشركات الخاصة. كما أن مواجهة النقص في الإنتاج لا يمكن حله بالاستيراد بل باعتبار الاكتفاء الذاتي واعتبار الحليب قطاع استراتيجي لا يمكن التفويت في الفائض منه إلا بعد اكتفاء السوق المحلية.
الحبوب
من بين المشاكل التي نتجت عن ارتفاع أسعار الحبوب في العالم يمكن ذكر السببين الرئيسيين وهما الظرفي العالمي والهيكلي المحلي. ويرجع الخبراء السبب في ذلك إلى تقدم الطلب على العرض خصوصا مع النهضة الاقتصادية التي تشهدها دولتين تعرفان ارتفاعا سكانيا هاما. وهما الهند والصين وارتفاع طلباتهم على المواد الغذائية. كما أن المواد الفلاحية صارت مطلوبة أيضا في الصناعة بوصفها احد مصادر الطاقة. فحسب المجلس العالمي للحبوب فان الاستخدام الصناعي لهذه المادة ارتفع من 108.6 مليون طن سنة 2001 إلى قرابة 230 مليون طن في 2007. تقريبا نصف هذا الإنتاج له استخدامات في مجال الطاقة. كما أن ارتفاع أسعار المحروقات كان لها دور هام في هذا الارتفاع ذلك أن المؤسسات الفلاحية التي تستخدم الآلات مضطرة لاستخدام المحروقات.
الظرف الاقتصادي العالمي واقتصاد السوق
كما يبرر البعض ذلك بالمواعيد الكبرى التي ستحدد على المستوى الاقتصادي التوجه المستقبلي للسياسة التونسية وهي الالتزامات سواء مع الاتحاد الأوروبي أو مع المنظمة العالمية للتجارة الخاصة بالرفع النهائي للحواجز الجمركية والتخلص من الدور التوجيهي للدولة. خصوصا وان نمطاقتصاد السوق أصبح السائد في جميع أنحاء المعمورةبعد انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يسود فيه نمط الاقتصاد الموجه من طرفالدولة. غير أن هذا التوجه لتطوير القطاع الخاص للتناغم مع تمشي عالمي لا بد أن يترافق مع الحفاظ على المكاسب التي حققهاالقطاع العام– خصوصا بالنظر إلى طبيعة المجتمع التونسي والمكاسب الاجتماعية التي تحققت في ظل دولة الاستقلال والتي لازالت بحاجة إلى دور الدولة لتطويرها- في القطاعات الإستراتيجية التي تتحكم في حياة و عيش المواطنين لاستثنائها من المنافسة و الربحية و النفعية التي تمثل خاصيات استثمار القطاع الخاصفي المجالات التنافسية.
خصوصا وان المؤسسات المالية الدولية في إطار التوجه العولمي للاقتصاد (المؤسسات النقدية الدولية و منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية) عملت من خلال الشروط التي وضعتها سواء لمنح القروض أو دعم بعض الاقتصاديات الناشئة على فرض جملة من الإجراءات الهيكلية من بينها التخلي عن دور الدولة كمعدل اجتماعي. ففي تقريره الأخير مثلا حول القطاع الفلاحي في تونس، انتقد البنك العالمي التمشي البطيء في تحرير أسعار المواد الغذائية ويكفي للتأكيد على خطورة ذلك مما يمكن أن يحدث للفئات الاجتماعية الضعيفة والتي بدأت كواهل الإصلاح الهيكلي للاقتصاد تثقل من عزائمها وترجع بها إلى مستوى اجتماعي اقل مما كانت تعيش عليه خصوصا مع ارتباط مستوى المعيشة بالقدرة الشرائية لبعض المواد الاستهلاكية.
الحفاظ على الطابعالاجتماعي للخدمات التي تقدمها الدولة:
لا زالت فئات شعبية واسعة في بلادنا تعيش أوضاعا اجتماعية صعبةنتيجة الدخل المحدود أو البطالة والفاقة و الفقر أو بسبب تطبيق سياسة الخوصصة التي نتج عنها تسريح الكثير من العمال. إضافة إلى ذلك فإن تحرير الأسعار و انعدام المناخالتنافسي في عديد أسواق منتجات الاستهلاك الذي من شانه الضغط على الأسعار قد ساهمفي تدهور الطاقة الشرائية للطبقات الشعبية. مما يستوجب تواصل دعم الدولة للموادالاستهلاكية الأساسية التي تتحكم بالعيش اليومي للمواطنين.
خصوصا وان الفقر ليس ذلك الذي يحدد بنسبة 4 في المائة بل هو ذلك الفقر النسبي الذي حدده رجل الاقتصاد التونسي عزام محجوب في ثلاث مستويات بكونه يعطي مقاييس مغايرة نحاول تذكرها معه وهي:
الأول هو الأكثر رواجا وهو ما يسمى بالفقر المادي ويعني أن هناك حدا أدنى للدخل أو الإنفاق الذي بدونه لا يمكن تلبية ما يمكن أن نسميه الحاجيات الأساسية للإنسان. والقياس يتم هنا بما يسمى بعتبة الفقر، هذه العتبة تمثل الحد الأدنى من الدخل بالنسبة إلى الفرد أو إلى الإنفاق بالنسبة إلى الفرد والأسرة الذي بدونه تكون في حالة فقر مدقع. هذا الفقر بمفهومه المطلق والشديد هو السائد والذي يجعل أن هناك اخذ ورد حول كيفية حصر العتبة ووضع القياس.
و الثاني الأقل رواجا هو الذي يسميه البعض الفقر بمفهومه الإداري الذي يوجد في كل البلدان وتهتم به المؤسسات الحكومية مثل وزارة الشؤون الاجتماعية التي تحدد مثلا ما نسميه بالعائلات المعوزة. عندنا في تونس برنامج منذ التسعينات يقع فيه رصد وحصر هذه العائلات حسب مقاييس للدولة وللشؤون الاجتماعية وبالتالي يقع مد تلك العائلات بإعانات مادية. ونستطيع بالتالي أن نفهم ما تمثله العائلات المعوزة بالنسبة لكافة العائلات والأسر التونسية. و هذا المقياس نسبة صحته مرضية نسبيا، ولو أن هناك دائما إشكال حول الرصد الصحيح للعائلات المعوزة. هناك بعض الأخذ والرد حول هل أن كل العائلات المعوزة داخلة في الإحصاء، وهل أن من تصلهم الإعانات هم حقيقة من المعوزين. لكن بقطع النظر عن هذا الإشكال يعتبر هذا المؤشر هاما جدا بالنسبة إلى جهاز حكومي وربما هو الذي يعتمد عمليا أكثر من مؤشر العتبة.
و الثالث هو الذي يسمى بالفقر البشري وهو مصطلح جديد دخل منذ بعض السنوات عن طريق برنامج الأمم المتحدة للإنماء(PNUD(. وهذا المقياس يأخذ الفقر من عدة جوانب: نسبة الأمية، نسبة الناس الذين لديهم احتمال كبير أن يتوفوا في سن مبكرة دون الأربعين سنة، نسبة التمتع بالماء الصالح للشراب، نسبة الأسر والناس الذين يتمتعون بكل وسائل التطهير، نسبة التمتع بالصحة الأساسية و سوء التغذية لدى الأطفال في السنوات الأولى. والمعدل مؤشر يعطيك نسبة مستوى الحياة في بلاد معينة . هذا المؤشر لم يأخذ رواجا ولكنه يعطي صورة أدق عن الوجه البشري للفقر. لأن الأمية ليست وحدها التي تتسبب في الفقر أو عدم التمتع بما يسمى الخدمات الأساسية.
لمحة عن صندوقالتعويض
أحدثالصندوقالعامللتعويضبمقتضى أمر مؤرخفي 28 جوان 1945 منقحللنصوصالمتعلقةبصندوقالتعويض.فيمرحلةثانيةتمالعملبالقانونعدد 66 لسنة1970 المؤرخفي 31/12/1970 المتعلقبقانونالماليةلسنة 1971 ،وذلكبهدفمجابهةتقلبأسعارالموادالأساسية.
أول ما أنشئ هذا الصندوق في ظل الاحتلال كان بهدف المساهمة في دعم مجهود الحرب وبعد نهاية الحرب تحول إلى أداة لدعم الإنتاج الفرنسي الداخل إلى تونس. ومع نهاية الاحتلال تحول الصندوق بإرادة من الدولة الوطنية إلى صندوق لدعم القدرة الشرائية للمواطن خصوصا وفقا للاستراتيجية التوجيهية التنموية المتبعة.
وتتولىالوزارةالمكلفةبالتجارةصرفمبالغالدعمللشركاتوالدواوينالمعنيةبدراسةالملفاتالخاصةبالموادالمدعومة. تطورمصاريفالصندوق: تطورت مبالغالدعممنذإنشاءالصندوقالعامللتعويضمن 6,7 م.دسنة1970 إلى 172 م.دسنة 1987 و225م.دسنة 2000 بمايعادل 0,81 % منالناتجالمحليالخاموإلى 700 م.د خلال عرض ميزانية الدولة لسنة 2008.ولكنها تراجعت في نسبتها إلى الميزانية العامة من سنة إلى أخرى، حيث لميتجاوز دعم الأسعار نسبة 0,8% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2002 في حين تجاوز 5بالمائة في أواسط الثمانينات.
تضاعف الناتج المحلي الخام بين سنتي 1978 و 2006، 9 مرات لتبلغ حصيلة 22474,5 مليون دينار، فان نصيب الصندوق العام للتعويض لم يرتفع طيلة نفس تلك الفترة سوى 5 مرات فقط من 48,362 إلى 285 مليون دينار، مع المحافظة على نفس قائمة المواد المدعومة على الرغم من التحولات التي يعيشها المواطن التونسي بصورة مستمرة، وتنوع احتياجاتها بصورة دورية. و هو ما يؤكد الاتجاه الذي تنحدر نحوه الحكومة خصوصا وأنها لا تؤطر سوى 30% فقط من أسعار الاستهلاك العائلي.
(المصدر:صحيفة الطريق الجديد العدد 66 ، من 9 الى 15 فيفري 2008 )
في الصميم ثوابت ومصداقية والشعاع موقع تونس نيوز لا تؤثر فيه أيادي أعداء الحرية (نرجو أن يكون خط هاتف المستقلة على ذمة المشاهدين وغير مقطوع ؟)
للمرة الثالثة منذ شهر ماي 2007 تتعرض مقالاتي إلى التعتيم المقصود والتحجير المعتمد والقرصنة ولكن والحمد لله سرعان ما أجد الحلول والدواء و يعود القطار على سكته الصحيحة رغم التـأخير المؤقت مثلما حصل مؤخرا للمقال الذي وقع نشره اليوم الأحد 2008/02/10 بينما كان من المفروض نشره يوم 2008/02/08 يوم ذكرى الساقية الشهيدة ساقية سيدي يوسف المناضلة التي تعرضت يوم 1958/02/08 إلى القصف من طرف الإستعار الفرنسي نتيجة دعم الحكومة والقيادة التونسية وعلى رأسها الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله إلى الثورة الوطنية الجزائرية. والتاريخ سجل بأحرف ذهبية هذه الأحداث الدامسة والمواقف الخالدة… قلت أن بعض الأيادي لا يعجبها ولا يروق لها أن تقرأ مقالات من هذا النوع الذي يتسم بالواقعية والصدق والموضوعية وذكر التاريخ بوفاء وصدق وحبّ للزعيم الراحل بورقيبة ومما يذكر في هذا المضمار أن برنامج الحوار المفتوح الذي عودتنا به قناة الجزيرة كل يوم سبت بإشراف ابن تونس غسان بن جدو استضاف يوم السبت 2008/02/09 فنان من العراق والفنانة التونسية لطيفة العرفاوي وفنان ثالث في حوار على دور الفنان العربي في قضية العراق، وقد ساهمت لطيفة العرفاوي في هذا الحوار وذكرت مواقف ودور بعض الفنانين الكبار العرب وذكرت أيضا دور الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله. بالطبع أدارت ذكر العمالقة في الفن والزعامة والسياسة. ولكن مع الأسف رغم أنها تونسية تجاهلت أو تغافلت أو خافت وأرهبت و عملت حساباتها ولم تذكر الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة. لماذا هذا الخوف والجبن ولماذا هذا النفاق ؟ وعندما قال لها غسان بن جدو يا لطيفة أنتي تونسية من المغرب العربي استدركت وقالت نعم أن تونس هي التي احتضنت الثورة الفلسطينية وأبو عمار الشهيد ياسر عرفات رحمه الله….دون أن تذكر مواقف الزعيم الراحل العملاق لا حول ولا قوة إلا بالله. حتى الفنان العربي أصابه الذرع والخرف والرهب والجبن وأصبحت لطيفة التونسية الأصل المصرية بالإقامة والسكن والفن…تتذكر خصال الزعيم جمال عبد الناصر وتتجاهل زعيمها الحبيب بورقيبة لعل لها حسابات ولعلها خائفة من ذكر اسم الزعيم على لسانها هذا هو حالنا اليوم في تونس…وإذا أردت أن تفهم أكثر وتقرأ بعمق افتح الصحف التونسية وجريدة الصباح بالخصوص تجد على كل لون يا كريمة كل مواطن تونسي ومواطنة تونسية عاشوا في عهد بورقيبة صاحب الفضل الكبير عليهم ترى بعضهم اليوم يأخذ القلم والقرطاس ويحبّر كتاب بعنوان كتاب للتاريخ الغاية منه الإساءة إلى الزعيم الراحل مثل الكتاب الذي نشرته الصباح يوم الأحد 2008/02/10 بقلم فتاة تونسية لا أريد ذكر اسمها تحاملت وقالت ولكن كلامها مردود عليها وعلى من يسعى إلى التشويه ويهرول إلى الإساءة المقصودة أما إذا كتب صاحب القلم والعقل والأخلاق والرصانة والإعتدال والوسطية وذكر محاسن الزعيم الراحل فإن كلامه لا ينشر اطلاقا ولو كان من الذهب ذوق 24 ذهب لكن الصحف المحلية. وخاصة الصباح تريد كلام من نوع آخر يبرز السلبي في عهد بورقيبة أم كتابة للمدح للحاضر …أم ذكر الماضي بوقعية وصدق وتنويه والمساهمة للكتابةعلى الحاضر باعتدال دون مدح مفرط فهذا غير مرغوب فيه حتى ولو كتبت بموضوعية وصدق وقلت الإيجابي ولكن ذكرت أيضا السلبي فهذا يصبح ممنوع. ومن المضحك المخجل حتى الكتابة على ذكرى ساقية سيدي يوسف يوم 2008/02/08 ممنوع نشره بجريدة الصباح إذا كان بقلم الهاني وهو الذي نشرته تونس نيوز هذا الصباح. إذا أين حرية الرأي والتعبير وإلى أين نسير يا ترى فهذا هو التعتيم المقصود بعينه… ولكن في المقابل نحمد الله أن فتح الله لنا أبواب تونس نيوز وكذلك قناة المستقلة ربي يسترها من التدخل والوشاية وكيد الكائدين والرشامة والشيوعيين أصحاب المادة ربي يستر منهم آمين. قال الله تعالى :” فأما الزيد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني هـ : 22 022 354
إلى بن حديد: نفّـذ إن كنت صادقا!!
يقتل العاجز الجبان وقـــــد يعـ جز عن قطع بخنق المولود ويوقّـى الفتى المخـشّ وقد خوّ ض في ماء لبّـة الصنديـــــــد المتنبّـي
أعادت نشرة تونسنيوز ُفي عددها أمس نشر خبر صدر أخيرا في جريدة “مواطنون” ورد فيه ما يلي:
صحفي يتقدم بشكوى للنقابة الجديدة
تقدمالصحفي نصر الدين بن حديد بشكوى إلى رئيس النقابة الوطنية للصحفيينالتونسيين ضد كل من زميليه زياد الهاني ومحسن عبد الرحمان، وطالب الصحفيبن حديد بمساءلة الصحفي زياد الهاني عن “الأسباب التي دفعته للصمتوالتستر” عن عضوي لجنة السكن في جمعية الصحفيين المنحلة اللذان استغلاصفتها للحصول على سكن من إدارة سبرولس بطرق غير مشروعة. كما طالب الصحفي بن حديد بمسائلةالصحفي محسن عبد الرحمان عن تستره وعدم ذكره لاسم المسؤول الذي طلب منلجنة الحريات في الجمعية المنحلة تقديم تنازلات تخص محتوى تقريرها السنويلقاء وعده بانجاز مشروع سكني لفائدة الصحفيين. هذا ولوح نصر الدين بن حديد برفع الشكوى إلى القضاء إذا لم تتخذ النقابة إجراءات حازمة ضد الصحفيين. (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، العدد 47 بتاريخ 30 جانفي 2008) ودوندخول في التفاصيل ومع تمسكي بالترفّـع، أجد نفسي مضطرا لأن ألتمس من “الزميل” نصر الدين بن حديد أن ينفّــذ تلويحه و يرفع شكواه بي إلى القضاءمثلما قال، إبرازا منه لبعض من الشجاعة و المصداقية وهو الذي سبق له أنأقسم بشرف زوجته أنه سيقاطع جمعية الصحفيين التونسيين والنقابة الوطنيةللصحفيين التونسيين التي انبثقت من رحمها للأبد لعدم تشرفه بأن ينتميلهما. لكنه حنث في يمينه … وحصل قسم نصرالدين بن حديد المشهود خلال الاجتماع العام الذي عقدهالصحفيون التونسيون يوم 26 أكتوبر 2007 وبحضور أكثر من 400 زميلة وزميلللبتّ في بعث النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
بسم الله الرحمان الرحيم: ” فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْض”ِ صدق الله العظيم
زياد الهاني
الإنسان بين سياسة الحقوق وأخلاق الواجبات
الثورة الاسلامية في عيدهاالتاسع و العشرين عزة و وحدة و اقتدار
الأمهات العازبات والأطفال غير الشرعيين: «مجتمعنا ضحية انبهار خاطئ بالحداثة!!»
وجهة نظر: مصلحة الاتحاد من مصلحة البلاد ودون ذلك خطأ
القضاء العادل والمستقل
كلمة لا بدّ منها
لا بديل إلاّ بموقف عربي موحّد
محسن بنعلي
لا أحد ينكر على الولايات المتحدة الأمريكية نفوذها المتزايد في المنطقة العربية و تواجدها الواضح في معظم أوجه الحياة اليوميّة، لكن يبدو أنّ السيطرة الظّاهرة تحمل في الباطن ضعفا و تقلّصا في القدرة على التأثير في مجمل مجريات الأحداث
ممّا لا شك فيه أنّ للولايات المتحدة نفوذا قويا أكثر من أيّ وقت مضى و أنّها تتعرّض أيضا لحملات لفظيّة وانتقادات لنهجها و سياستها أكثر من أيّ وقت مضى ،وأنّها أصبحت أكثر هوسا و قناعة مفادها ألا بديل لأمريكا في العالم ….إلاّ أمريكا!!!
صحيح أنّ أمريكا سمعتها قذرة و سيئة و وعودها لا تشكل ضمانات حقيقية لأحد لكن يظهر أنّ سمعتها لا تتعارض مع اتساع رقعة نفوذها في الوقت الّذي تزهو فيه واشنطن كعاصمة للعالم الحرّ المتمدّن نجد أنّ دبلوماسيّتها في الوطن العربي ضعفت وأضحت غير قادرة على متابعة تنفيذ الاتفاقات التي أبرمتها أو التي ساهمت وأشرفت على إبرامها.كذلك التّعهدات الّتي أطلقتها و قدّمتها و أبرز مثال على ذلك “أنا بوليس” والذي حرصت الإدارة الأمريكيّة على إبرازه بإنجاز و فتح دبلوماسي أمريكي في أكثر البؤر توترا”فلسطين” وهو في حقيقته لا يتعدى مستوى التمهيد للتفاوض حول ما يجب أن يتفاوض عليه بين الجانب العربي و الآخر الصهيوني ، بل لم ينفذ من تفاهماته حتى الآن إلاّ القتل و الاعتقال و الدّمار ،ناهيك عن الإهانة و الإذلال حتى لرموز التفاوض الفلسطيني كحادثة التفتيش التي تعرض لها “أحمد قريع ” يوم 06جانفي 2008 في أحد المعابر .
لسنا معجبين بالأداء الأمريكي في المنطقة ، لا في فلسطين ولا في لبنان ولا في العراق.
هناك خطر حقيقي يترصّدنا و يستهدف وجودنا القومي في هذه الجغرافية الممتدة من الماء إلى الماء ،هناك إقرار للسيطرة الإسرائيلية، محاولات لتفتيت بعض الدّول القائمة و إنشاء كيانات طائفية حول العصابات الصهيونية .
هكذا لم تستطع الراعية” أمريكا” أن تفعل شيئا سوى ابتسام دبلوماسييها ولا مبالاتهم أمام عدسات المصورين .
إنّ أمريكا ليست معنية بحماية حقوقنا و مصالحنا ….نحن المعنيون بقضايانا و لا بديل إلاّ بموقف عربي موحد ينقل الأمة من حيّز التّشتت و التمزق إلى حيز التجمع و التنظيم و ينقل الطّاقات والقدرات من مظهر القدرة إلى مظهر القوّة الفاعلة لمجابهة الأخطار و المخطّطات .
لا خلاص إلا بموقف موحد ، جدي و شامل يؤكد على استخدام كل الوسائل المتاحة كالنفط… و الأرصدة و الأموال العربية المودعة في الخارج … و أسواقنا الواسعة و ….السلام عليكم.
(المصدر: صحيفة “الوطن” (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)
الديمقراطية شرط للمقاومة والممانعة: لا فضل لعربي على عربي إلا بالمقاومة
الأستاذ الهادي الشراد
إن المقاومة حركة فعل إيجابي للفرد والجماعة. فالمجتمعات التي تستشعر الخطر ترد الفعل على العدوان بحشد إمكاناتها لصون وجودها، وقانون حفظ النوع من القوانين الطبيعية عند مختلف الكائنات وحشد الإمكانات لا يكون دون إعلان النفير العام الذي يحقق التجميع… وأمتنا العربية التي تكالبت عليها القوى المناوئة استهدافا لوجودها كتب عليها القتال وهو كره لها وعسى أن يكره المرء شيئا وهو خير له، والقتال الذي تقصده هو صون للذات يبدأ بتدعيم المناعة والحصانة القومية للأمة… وفي هذه المهمة تنخرط المجموعات والأفراد وهي “فرض عين” لا تسقط على فرد بانخراط آخر فيها ومناعة الأمة ليست مهمة طوباوية كما يتصور البعض ولكنها تتحقق بمناعة الأقطاروليس بانطوائها الإقليمي الانعزالي بل بما توفره للمواطن فيها من تنمية شاملة وعادلة ومشاركة سياسية فاعلة.
فوحدة الأمة العربية مستمدة من سلامة وجود أقطارها والعمل في القطر إثراء وإغناء للعمل القومي والشواهد ماثلة رغم قساوتها أمام أعيننا فعروبة العراق استهدفت لما شجع المحتل الأمريكي كل من هب ودب من انتماءات طائفية عرقية ومذهبية ما عدا التيارات البعثية والناصرية لكونها عابرة للطائفية وبذلك استهدفت هويته العربية كمقدمة للإجهاز على الإسلام فلقد صعدت اللهجات وتنوعت المحطات التلفزية إطلاقا للطائفية والمذهبية والعرقية من قمقمها وعملت على أن ترسخ ذلك كقيمة لشحن أبناء الشعب الواحد ضد بعضهم بعضا، وما لا يدرك بالمحاصصة الطائفية في توزيع المناصب والامتيازات تتكفل التفجيرات بالسيارات المفخخة بإتمام ما نقص في مستوى تمزيق الممزق وتفتيت المفتت.
ورغم تكثف المخططات منذ انتصاب “مجلس بريمر” ومماثله وما نتج عنه من وزارات وحكومات إلا أن المقاومة في العراق تمكنت إلى حد كبير من إعاقة وإيقاف المشروع التفتيتي للمحتل الأمريكي وأعوانه وأزلامه.
وفي السودان كان التدخل الاستعماري لعرقلة المصالحة الوطنية وتعطيل الدور الإفريقي للسودان العربي في محاولة لإرباك قواه الوطنية حتى تتقاتل فينقض الخارج على الثروة النفطية وغيرها ويتمكن المستعمر من ترتيب شؤون القارة بما يبقيها “مزرعة ومنجما وقاعدة عسكرية” تستجيب لأغراضه وتحقق غاياته.
أما في المغرب العربي فرغم الابتزاز الذي تعرضت له أقطاره والضغط عليها من خلال النشاط الممول والتمدد الملحوظ إعلاميا لنشاط ما يعرف ب”القاعدة في المغرب العربي” إلا أن دوله لم تستجب للمطالب الأمريكية بتركيز قاعدة للأفريكوم AFRICOM به لذلك فمن المتوقع أن تتكثف المخططات المناوئة لوحدة الأقطار المغاربية وما جد في الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس من أنشطة مشبوهة لما يعرف بالقاعدة في 2007 خير مؤشر على ذلك كما أن تزايد التركيز على الفرنكوفونية في محاولة لاستبدال الهوية العربية بإضعاف اللغة العربية تحت مسميات متعددة وتخريجات متنوعة لمن الأجزاء الظاهرة لجبل الثلج، وعلى القوى الوطنية الاضطلاع بدورها للتصدي لمثل تلك الدعاوي والأراجيف والمخططات في مختلف المجالات…
وفي نفس السياق يندرج إغراق دول الخليج العربي بموجات العمالة الأجنبية مما حولها إلى مخاطر مهددة للهوية العربية لأقطاره!
إن مثل هذه المخططات لم تعد تحاك في الظلام بل معلومة للحكام والجماهير. والأخطار في ظل العولمة لن تستثني أحدا ولكن ستكون الكلفة والأثر السلبي على الجميع فالدول غدت كيانات مثقوبة بما يهدد استقرار المجتمعات لذلك تكون المقاومة حركة مجتمعية وليست وقفا على هذه الجهة أو تلك ولكن ما هي أوجه المقاومة؟ مستوياتها؟ آلياتها؟ وهل مازال للمشروع القطري من دور في هذه المهمة التي تتجاوزه بل قد لا يتلاءم معها تصورا وأسلوبا؟
إن المتفحص للواقع العربي اليوم ينتبه إلى قوى انبرت للدفاع على الأمة في الساحات التي تميزت بحدة المواجهة مع المشروع الإمبريالي الصهيوني لذلك اتخذت المقاومة مظهر المقاومة العسكرية المسلحة كما هو الشأن في العراق وفلسطين والصومال ولبنان أو الممانعة أحيانا لقوى المجتمع في هذا القطر العربي أو ذاك في مواجهة المشروع الإمبريالي الهادف إلى إعادة تشكيل العقل العربي كمقدمة لاحتلال الإرادة. وفي هذا السياق كانت التدخلات الصارخة لبعض الدوائر وإلزامها لعديد الأنظمة بتغيير مناهج التدريس تحت يافطة “محاربة الإرهاب” ولقد طال أحيانا أدق التفاصيل بل لامس عقيدة المجتمع حيث تمكنت بعض القوى المنبهرة بمشروع الآخر الاجتثاثي من إشاعة ثقافة سلبية مغتربة استهدفت بما حورته من مضامين عقيدة المجتمع مما أفرز ظواهر غريبة تفشت في عديد المواقع (عبدة الشيطان والتنصير والفساد الأخلاقي والتفكك الأسري والعنف الأعمى…).
والوطن العربي الذي تميز بالعلاقة الخاصة بين العروبة والإسلام صار في سياق مشروع المحافظين الجدد كما في مشروع الليبراليين العلمانيين الأوروبيين إلى التنصل من عقيدة الغالبية من أبنائه لكونها (تفرخ الإرهاب) وكأنه كظاهرة مرضية كانت وقفا على مجتمعنا بينما يعلم القاصي والداني ما أفرزته حضارة الغرب الرأسمالي من ظواهر إرهابية (الفاشية، النازية، الصهيونية…) ومازال يفرزه من ظواهر عنيفة أقلها هذه النزعة إلى نمذجة الثقافات وعقلية التمركز على الذات متجاهلا خاصية التنوع الثقافي. فالمجتمع العربي حماه الإسلام من كل تعصب عنصري أو انغلاق مذهبي أو تزمت ديني لذلك تمكنت أمتنا في فترات قوتها وضعفها من أن تبقى داعية للخير وإشاعة قيمه وجسرا للتواصل مع الآخرين في مشرق الأرض ومغربها وهذه الخصوصية حملتها مسؤولية تجاه بقية الشعوب خلال مرحلة التحرر الوطني في إفريقيا وآسيا فاصطدمت بمشاريع الدوائر الاستعمارية التي تعلم يقينا أن توفر أي فرصة لتنهض الأمة من كبوتها إنما يعني ذلك استئناف دورها الحضاري لهذا لم تعد خرائط سايكس بيكو لتفي بحاجة دوائر التخطيط الاستعماري.
إن الأمة العربية نشأت مجاهدة مقاومة وبقيت تلك صفتها فالمقاومة العراقية بمنازلتها للمحتل الأمريكي إنما تخطو على طريق تحرير الشعوب الأمريكية والبريطانية من تلك السياسات الاستعمارية الإمبراطورية التي أفرزت مظاهر الإفلاس الحضاري الغربي والفلسطينيون بجهادهم يعملون على تحرير اليهود من التضليل الصهيوني الذي أوقعهم في فخ فكره العنصري لحمايتهم من مشروعه الاستيطاني الذي ضرب حولهم جدارا معلنا إفلاسه بالتأكيد على يهودية كيانه…
إن المقاومة هي المنتصرة في النهاية عندما تتحول إلى فعل مجتمعي فهي مقدمة المشروع الحضاري للأمة الذي من بين ما يهدف إليه إقامة دولة القانون والمؤسسات.
فالمواطن الذي تتسم علاقته بأخيه المواطن وبالسلطة بالتأزم لن يقدر على استئناف مسيرته والاضطلاع بدوره الإيجابي بغير التحرر من القيود التي تعيق حركته من رواسب الماضي وما تراكم عليها من مستحدث سلبي. فعندما تفتح الممارسة الديمقراطية يصبح لزاما على المنتصرين لمشروع التحول الديمقراطي السعي إلى دعمه ففي تجذره وترسخه صون للمجتمع وضمان لديمومة تدفق الحياة في شرايينه “فالجبناء لا يصنعون الحرية والضعفاء لا تقوى أيديهم المرتعشة على البناء”.
فالقوى المناوئة للأمة هي التي تشد إلى الخلف وتفْرغُ الإجراءات المجسدة للتحول الديمقراطي من مضامينها الإيجابية فتعميق المسار والمسيرة الديمقراطية هي التي تمتّن قيم المواطنة فتنطلق الأنفس بهمة واقتدار لتبني وتشيد، فالديمقراطية في هذا السياق تصبح الهدف والوسيلة ليكتشف المجتمع ذاته ويختبر قدراته على مواجهة الآخر، ولأن الاستبداد ظاهرة غير صحية لذلك تتأزم العلاقات في المجتمعات المبتلاة بأعراضه فيكون التوتر، التوجس والتخوف بين الحاكم والمحكوم وبين الفرد والجماعة وبين أفراد المجتمع بما يفسح المجال للأجنبي من النفاذ ليزيد الخلافات تعمقا ديدنه (فرق تسد).
فترسيخ الديمقراطية انتشال للمجتمع من حالة الضياع والتيه إلى الانخراط في الوجهة الصحية لحركة التاريخ والتاريخ القريب يؤكد لنا أن الانجازات التي حققتها الشعوب ظلت مصانة بتوفر أوضاع سمحت للمواطن بالانخراط في الحفاظ عليها في حين ضمرت وتلاشت أخرى في ظل هيمنة الاستبعاد والاستعباد. فالمواطن الذي لا يمكن من تحقيق مواطنته يحبط ويصاب بالنكوس ولا يفصح عن مكنونه ويكون مهيأ للانجرار وراء أتفه أو أخطر المشاريع التي تهدد المجتمع في وجوده.
فالمواطنة علاقة انتماء للوطن وولائه للجهة والمنطقة والعشيرة والقبيلة والحزب فهي روابط القديم منها والمستجد يدعم المواطنة التي تكون مجسمة للوفاء للوطن دون غيره ففيه المولد والنشأة وفيه تشبّع المرء بقيم الأمة ونهل من معينها الحضاري الذي لا ينضب وفي ذلك ملمح أخر لمعنى المقاومة في حدها الإيجابي.
فالانتماء للوطن يجعل الفرد مطالبا بتحديد مجاله الحضاري وماهية الروابط التي تشده إليه وعوامل قوته وضعفه وذلك محصلة التربية والمعرفة فبقدر ما تشاع قيم العدل والمساواة وتثبت مفاهيم حقوق الإنسان وسيادة القانون وعلويته وبقدر ما يتطهر المجتمع من عوامل الاستبعاد الاجتماعي كسوء توزيع الموارد بين الجهات وبروز الاختلال في نصيبها من التنمية تصان وحدة المجتمع.
وأمتنا العربية التي اغتصب منها الاحتلال عددا من أقطارها وتستنزف ثرواتها وتتعرض ثقافتها لمحاولات الطمس والتهميش حتّم عليها أن تكون المقاومة سبيلها والديمقراطية وسيادة القانون والمواطنة الحقة ورفض الاستعباد الاجتماعي والاستعباد من بين آلياتها فماذا عن بقية ملامحها؟
(المصدر: صحيفة “الوطن” (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)
نعم للواقع التاريخي ولا للتضليل الإيديولوجي
بقلم الدكتور الحبيب المخ (باحث وكاتب)
إن من يعزو سبب التخلف العالم “الثالث” وعدم تطوره إلى الامبريالية وحدها محق، ولكن تحليله ناقص وسطحي. فمن كلف نفسه عناء البحث ودراسة الحقبات الزمنية الحاسمة في تاريخ آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. تلك الحقبات التي كانت فيها الامبريالية ما تزال عاجزة عن الامتداد الاستعماري المباشر. فقد تحررت أمريكا اللاتينية من الوصاية الأيبيرية (إسبانيا والبرتغال) في مطلع القرن التاسع عشر، أي في زمن لم تكن فيه الولايات المتحدة قد أصبحت دولة عظمى. فهل كان هناك تأثير لاستقلالها في تطورها وتنميتها المختلفة والمتنوعة خاصة من الناحية الاقتصادية؟ باستثناء فنزويلا التي هددتها إنقلترا سنة 1903 وباستثناء أمريكا الوسطى وكوبا وجزر الكاراييبي أيضا فإن معظم أقطار أمريكا الجنوبية لم تعرف الإكراه العسكري الاستعماري. ومن هنا فإن التخلف يلقى على النخب الداخلية وهذا ما اعتقده علماء الاقتصاد السياسي في تلك الأوطان، بما في ذلك علماء من أمريكا اللاتينية نفسها والملاحظة عينها تنطبق على الإمبراطورية العثمانية ومصر وتونس والمغرب حيث تنبهت النخب فيها منذ القرن الثامن عشر للتأخر عن مواكبة تطور أوروبا التقني “وكان هذا الزمن مشجعا على التقدم. أي لا يزال كل شيء فيه ممكنا. ففرنسا وانكلترا لم تكن بعد على استعداد للاستعمار المباشر والتنافس على ذلك وهو الذي وسم بميسمه نهاية القرن 19. فلماذا تراكمت الديون التي أدت في الإمبراطورية العثمانية ومصر وتونس إلى بناء أسس التبعية الاقتصادية وبالتالي تهيئة ذرائع الاستعمار المباشر تحت الضغط والإكراه. إلى أن كان ما كان، مما يعرفه رجال التاريخ الحقيقيين. ثم لماذا تمكنت اليابان من الناحية الأخرى في عهد الإمبراطور ميجي، من أن تنطلق، كالصاروخ، رغم انف الجميع في خط تطوري صاعد مع أنها لم تكن في منتصف القرن التاسع عشر إلا دولة متخلفة أو قل عرضة لهذا الضغط ولخطر حصول إنزال عسكري على شواطئها كما هو معروف في القرن العشرين وقنبلة مدنها (وكلنا يذكر هروسيما وناكازاكي…) بعد أن دخلت في محور ألمانيا الهتلرية وإيطاليا الفاشية وقد أصبحت اليابان دولة امبريالية عظمى (احتلت الصين). وقد استطاعت الولايات المتحدة، التي لا تزال في وضع مستعمرة في آخر القرن 18 كانت في أوجه قوتها. أسئلة أطلب من الماركسيين الجادين الجواب عليها. وبعد ذلك نقوم نحن بتقديم وجهة نظرنا كاجتهاد.
في ذكرى قيام الجمهورية العربية المتحدة:
حقائق الوحدة في مواجهة واقع التجزئة
لم يكن قيام الجمهورية العربية المتحدة التي أضاءت المشرق العربي أواخر شهر فيفري من عام 1958، وليد صدفة عابرة، أو جرعة سياسية زائدة، أو ومضة عاطفية خاطفة، وإنما كان حصيلة حتمية وإبداعية لالتقاء القائد الفذ بالشعب الحي، واقتران الظرف الذاتي بالشرط الموضوعي، والتحام اللحظة التاريخية المواتية بالإرادة القومية المتوثبة·
كان تحولاً في مجرى التاريخ، وتبدلاً في موازين القوى، وتجاوباً مع رغبات الشعب، وتحدياً للأعداء والعملاء، وتطلعاً نحو غد مشرق عزيز، وتجسيداً لإرادة امة تجهد كل الجهد كي تستعيد مجدها، وتتبوأ مكاناً لائقاً تحت الشمس وفوق الأرض.
ورغم أن دولة الوحدة قد غابت سريعاً لأسباب عدة لا مجال لسردها، إلا أن تجربة الوحدة مازالت حاضرة، ودرس الوحدة مازال ماثلاً، وأمل الوحدة مازال مشرقاً، ووعد الوحدة مازال قائماً، ومشروع الوحدة مازال المشروع العربي الوحيد المؤهل للخروج بهذه الأمة من الضعف إلى القوة، ومن الفقر إلى التنمية، ومن الهزيمة إلى الانتصار، ومن الظلمات إلى النور فهو المشروع النهضوي والحضاري لهذه الأمة.
لا سبيل لأي نهضة، أو كرامة، أو استقلال، أو استقرار حقيقي لهذه الأمة العربية إلا بالوحدة أو الاتحاد، فمهما كابر المكابرون، وعاند المعاندون، وشكك المشككون فلسوف تفرض الحقيقة القومية ذاتها، ولسوف تثبت الضرورة الوحدوية موجوديتها وحتميتها، ولسوف تبرهن الأيام أن “الوحدة هي الحل”، طال الزمن أو قصر·
لعل التاريخ العربي المجيد خير شاهد على أن الوحدة كانت الممر الإجباري أمام العرب لتحقيق النصر والنهوض والعزة، بدءاً من مشروع الوحدة العربية الذي تحقق قديماً عبر الفتح الإسلامي للمشرق العربي ووادي النيل، ثم مشروع صلاح الدين الأيوبي في إعادة توحيد المشرق ومصر، وكذلك مشروع محمد علي في تحقيق الأمر ذاته، وأخيرا مشروع جمال عبد الناصر في جمع سوريا ومصر ضمن إطار الجمهورية العربية المتحدة·
بالوحدة تحققت النهضة لدولة الإسلام الأموية ثم العباسية، وبالوحدة تحقق الانتصار لصلاح الدين على الصليبيين، وبالوحدة وقفت جيوش محمد علي على أبواب اسطنبول، أما في ظلال التجزئة، فها هي الدولة القطرية العربية تبلغ حالياً مأزقها، وتكاد تفقد استقلالها ودورها واستقرارها وحتى كيانيتها·
وفي غياب الثنائية القطبية التي كانت توفر للدول الصغيرة هامشاً معقولاً من الاستقلالية والكرامة وحرية الحركة، ها هي الدولة القطرية العربية تنوء تحت وطأة أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية، وتبدو مستسلمة أمام ما يخطط لها ويحاك ضدها، وعاجزة عن إدارة ذاتها والحفاظ على وحدتها الوطنية، ومرشحة للانفجار من داخلها أو الاستعمار من خارجها·
كم هي مؤسفة ومؤلمة هذه المفارقة الغريبة والعجيبة التي تجتاح امتنا راهناً وتستبد بها، فبينما تتجه قارات كبيرة نحو الوحدة والاتحاد وخلق القواسم السياسية والاقتصادية المشتركة، شأن الحاصل في القارة الأوروبية المتعددة القوميات، أو القارة الأمريكية اللاتينية الواقعة تحت إدارة استمرار الهيمنة الأمريكية… تنحو امتنا نحو المزيد من الفرقة والتجزئة والانقسام، وتسير دولها القطرية حثيثاً باتجاه الشرذمة والتفكك وفق مفاصل طائفية ومذهبية وعرقية وجهوية وعصبوية مزعومة وملغومة، شأن ما يجري راهناً في العراق والسودان والصومال وحتى الجزائر ولبنان·
واقع الحال أن امتنا تعيش حالة مزرية من المجون السياسي، والشذوذ التاريخي والجغرافي، والسير بعكس اتجاه الحق والمنطق·· وإلا كيف تصر دول شبيهة بالحارات العربية على استقلالها الشكلي، وسيادتها المزروعة بالقواعد العسكرية الأمريكية، فيما تلهث دولة من وزن ألمانيا إلى التوحد مع فرنسا وايطاليا واليونان ورومانيا·· الخ ؟؟ وكيف يدعو عبد العزيز الحكيم علانية إلى تقسيم العراق لثلاث دويلات عرقية وطائفية، فيما ينادي هوجو شافيز كل يوم بوحدة سائر دول قارة أمريكا اللاتينية ؟؟
حتى لو كانت الوحدة العربية مشروطة في الأمس القريب بالوعي العقائدي، ومرتبطة بالعمل القومي، فقد باتت اليوم ضرورة حياتية، ولازمة وجوبية تتجاوز كل السقوف العقائدية مهما كانت أبعادها، وتتطلب تكاتف كل القوى السياسية مهما كانت ألوانها·· ذلك لان هذه الوحدة لم تعد في زمن العولمة والكيانات العملاقة خياراً فئوياً يتبناه فريق دون آخر، بل مساراً عمومياً يستدعي ويتسع جهود الجميع·
مشكلة امتنا تكمن في غيبوبة شعوبها، وغيابها عن دائرة الفعل والنضال، فلو كان لهذه الشعوب موقفها الحازم، وفعلها المؤثر على قياداتها الظالمة والمستبدة، لما بقي الحال العربي على المنوال البائس، ولما سبقتنا شعوب أوروبا وأمريكا اللاتينية في الدعوة إلى الاتحاد… غير ان الوزر لا يقع كله على شعوبنا العربية الغائبة، بل تتحمل القسط الأكبر والأوفر منه تلك الأنظمة الغاشمة التي أوغلت في قمع الجماهير وتهميشها وإخراجها من دائرة الوعي والعمل الوطني والقومي، بل إجبارها أحيانا على العمل ضد قناعاتها ومصالحها وعروبتها·
واضح تمام الوضوح إن العروبة مستهدفة، بل تقف الآن على قمة المستهدفين أمريكيا وأوروبيا وصهيونياً، فالعروبة هوية وحدوية ونضالية تحفز همم المخلصين، وتعرقل مخططات المتآمرين، وتدفع باتجاه الحرية والتحرير والعدالة الاجتماعية، وليس غريباً ولا مستجهناً ان يكون أول أهداف الغزو الأمريكي الآثم للعراق، هو إلغاء انتمائه القومي وهويته العربية، شأن ما سبق أن طالبت به أمريكا وأوروبا في السودان “الإفريقي”، ولبنان “الفينيقي”، ودول المغرب العربي الأمازيغية”.
رحم الله جمال عبد الناصر، رائد الوحدة والعروبة الذي لم يكذب أهله، بل كان أصدقهم قولاً، وأوسعهم صدراً وأبعدهم نظراً، ورحم الله شكري القوتلي الذي كان أول – وربما آخر – رئيس دولة عربية يتنازل عن كرسيه المغري، إكراما لعيون الوحدة، وامتثالاً لرغبات الجماهير، ونزولاً عند إرادة التاريخ·
(المصدر: صحيفة “الوطن” (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي)، العدد23 بتاريخ 8 فيفري 2008)
معجم الشباب التونسي الخاصّ: حماية وتكتيك
إسماعيل دبارة
إسماعيل دبارة من تونس :من المألوف ألاّ يفهم زائر تونس الشّرقي اللهجة العامّية المتداولة لدى التونسيين ، لكن من غير المألوف ألاّ يفهم الكهل التونسي لغة ابنه الشاب التي يتواصل بها مع أقرانه وأصحابه .
معجم جديد وخاص للغاية ذلك الذي استنبطه الشباب في تونس وفق قاعدة “افهمني ونفهمك ” للتحاور بعبارات تبدو للشباب واضحة مستساغة وتبدو للكبار ضربا من الطلاسم والألغاز.
تكتيك لتضليل الكبار
هذا المعجم الشبابي نشأ خارج الإطار الأسري وبالتحديد في المقاهي ودور السينما والملاعب ،و في الجامعات مؤخرا .
منير هو طالب بكلية التجارة (23 سنة) ، والده مضطرّ للمبيت 3 أيام كل أسبوع خارج البيت فيستغلها الطالب الشّاب للسهرات الصاخبة مع زملائه ، ويقول لإيلاف : لأتأكّد من وجوده(الأب) بالمنزل أو بالخارج يستعمل أخي عبارة ” الحاسوب معطل بسبب فيروس ” و هي تعني “والدك في المنزل ارجع باكرا” .
أما هدى (20عاما) طالبة الحقوق فتقول: “اضطررنا للتحاور بعبارات تعجز رادارات الكبار على رصدها وفهمها.فمثلا ، لما يهاتفني صديقي و أكون بجانب أمي أقول له (غزة لا تزال محاصرة ) أو (هل عرفت الآن الفرق بين حالة الطوارئ والحصار في مادة القانون).”
من جهته يرى فؤاد 21 سنة أن للشباب الحق في إخفاء بعض الخصوصيات والأسرار عن الآباء المتلهفين لمعرفة كل تفاصيل حياة أبنائهم ويقول: هذا تكتيك شبابي فريد من نوعه هدفه تضليل” نسنسة” الكبار.و”النسنسة” حسب الشباب تعني الفضول وحب الاطلاع على أخبار الآخر.
عقلية أمنية
البعض ممّن قابلناهم أبدى قلقه من لجوء الشباب إلى تلك العبارات الغريبة التي أضحت متداولة في كل مكان وبكثافة غير معهودة.
ويقول عبد اللطيف مصمودي 25 سنة طالب اللغة العربية : مثل هذا السلوك يخفي عقلية أمنية محض ترنو نحو الاحتفاظ بالأسرار ، وتهميش فضيلة الصدق مع النفس ومع الآخر .
أمّا السيدة رانيا (موظفة) فقد أبدت هي الأخرى استغرابها من العبارات التي يستعملها أبنائها لمّا يتحدثوا إلى زملائهم عبر الموبايل وتقول : كثيرا ما أرهف السمع إلى ابنتي الشابة لأعرف إلى أيّ مكان تستعد للذهاب، خصوصا وأنها كتومة معي إلى حد لا يطاق ، إلا أنني ازداد حيرة واستغرابا من العبارات التي تتحدث بها مع أصدقائها ، فكلامها يوحي في معظمه إلى أنها تستعد لأداء واجب منزلي أو دراسي لا إلى المغادرة ومرافقة الأصحاب .”
للحماية من التجسّس
السيد محسن المزليني باحث في علم الاجتماع النفسي يقول لإيلاف ” مثل تلك” اللغات ” تنشأ بطريقة عفوية مع نشوء كل جماعة تلتقي بصفة دوريّة .فالتواصل هو الأساس الذي تنشأ عليه الجماعات البشرية ويمكن هنا رصد هدفين للمعجم الوليد أيا كان نوعه :
* أولا اللحمة: فالاتفاق على عبارات محدّدة وخاصّة بين نفر من الشباب يؤدي ضرورة إلى مزيد توطيد العلاقة بينهم وتعميق الروابط الحميمية التي تجمعهم.
* ثانيا الحماية : إذ يظنّ الشباب أنهم مستهدفون بشكل او بآخر من “تجسّس” الكبار عليهم واستعدادهم للتضييق على سلوكياتهم وتصرفاتهم ،الأمر الذي يجعل من المعجم الخاص سلاحا يواجهون به هذا الخطر .
حتى تتمكّن من فهمهم.. سجّل الآتي
ولمن يريد فكّ شفرة الإشارات التي يتغامز بها الشباب التونسي ،عليه الإلمام بالبعض من المفردات المتداولة:
*الحمام يدور: تعني رجال الأمن في تلك المنطقة فلا تقترب
*العداد معطّل : أبي يفرض علي حصارا ماليا ، لا نقود عندي
*نقوم بـــ”تشلويشة” : نزهة قصيرة
*نبّار: الشخص الذي يسخر ويتهكم على الآخرين
*زريّعة :الفتيات
*حلقوم:ما يودي إلى المشاكل
*دعزقة :معضلة
(المصدر: موقع “إيـلاف” (بريطانيا) بتاريخ 10 فيفري 2008)
الرابط: http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphGuys/2008/2/302840.htm
“الشروق اليومي” تنفرد بنشر رسالة أبوبكر جابر الجزائري الى جماعة درودكال:
“توبوا وكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح”
** “القاعدة” في الجزائر تفتي بلا علم وتحرّض على المنكر والقتال
دعا الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، في رسالة خص بها “الشروق اليومي”، عناصر التنظيم المسلح “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، بالجزائر، إلى “التوبة” والتخلي عن العمل الإرهابي الذي يستهدف الأبرياء والعزل في عمليات إجرامية وتفجيرات إنتحارية، لا علاقة لها بالدين والجهاد، مثلما يدعيه هؤلاء الذين “يفتون بلا علم ويحرضون على المنكر والقتال”.
الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، المدرس بالمسجد النبوي الشريف، في رسالة مؤرخة في 23 جانفي الجاري، عنونها: “كلمة حق وصدق”، مكتوبة بخط يده، من المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، قال: “لقد بلغني أن بعض الشباب في الجزائر قد ضلت بهم الطريق وانقطع بهم السبيل وعلا الفكر الطائش أفكارهم، فأصبحوا لا يعرفون الحق، فأصبحوا يفتون بلا علم ويحرضون على المنكر والقتال”.
وفي رده على الإعتداءات الإرهابية في الجزائر، خاصة في ظل إعتماد تنظيم “القاعدة” على أسلوب التفجيرات الإنتحارية، قال جابر الجزائري: “ويا للأسف الشديد، في بلد إسلامي يقع هذا، وكم سمعنا من قتل لجميع أفراد المجتمع من شيوخ ونساء وأطفال ومن تفجيرات عشوائية للمباني والبيوت والمرافق العامة”، موجها عتابا وسؤالا إلى عناصر الجماعات المسلحة: “أين ذهبوا بعقولهم؟”.
ودعا أبو بكر جابر الجزائري، المسلحين الناشطين ضمن “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، إلى “أن يتوبوا ويكفوا عن هذا الفعل الشنيع القبيح”، مخاطبا منفذي الإعتداءات الإجرامية في الجزائر بقوله: “أسألكم بالله هل يجوز قتل الأبرياء وسفك دمائهم، وهل يجوز تدمير المباني على المسلمين وغيرهم؟”.
وفي إشارة إلى الإعتداءات التي تستهدف الأجانب والهيئات الدولية بالجزائر، مثلما حصل مع التفجير الإنتحاري الذي ضرب مبنى الأمم المتحدة بحيدرة في 11 ديسمبر الماضي، قال أبو بكر جابر الجزائري: “وكما لا يجوز قتل الكافر الذي أخذنا معه العهد في بلادنا.. فكيف بالذي يقتل مسلما عابدا لله؟”.
ولم يتأخر الشيخ أبو بكر جابر الجزائري، عن توجيه نداء إلى المسلحين الذين مازالوا ينشطون ضمن الجماعات الإرهابية في الجزائر، خاصة تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، الذي يقوده المدعو “عبد المالك درودكال”، قائلا: “أيها الشباب إن الفساد في بلاد الإسلام لن يجرّ إلا إلى الخراب والدمار والفرقة بين المسلمين، ولا يحل هذا أبدا”، مضيفا في رسالته الأولى من نوعها: “فارجعوا إلى الحق، هداني الله وإياكم وكفوا أيديكم من القتل والتدمير، واجتمعوا حول حاكمكم، وخذوا النصح والإرشاد من العلماء الذين يفتونكم بالكتاب والسنة، واجتمعوا في بيوت ربكم”، مخاطبا المسلحين بقوله: “وأدلكم على كتابي منهاج المسلم وكتب المسجد وبيت المسلم الجامعان لبيان الشريعة الإسلامية بكاملها”.
وفي آخر الرسالة، التي وقعها صاحبها بـ “محبكم الشيخ أبو بكر الجزائري، قال: “وأخيرا أسأل الله تعالى أن يتوب عليكم ويهديكم ويصلحكم ويتولاكم، وهو الرب الرحيم، واعلموا أن من تاب ناب الله عليه والتوبة تجب ما قبلها”.
توجيه الشيخ أبو بكر الجزائري، لـ “كلمة الحق والصدق”، يأتي في وقت تبرأ فيه ما يسمى “حماة الدعوة السلفية”، ثاني أبرز تنظيم مسلح بالجزائر، من التفجيرات التي تستهدف المسلمين في الجزائر، مبرزا رفضه للعمليات الإنتحارية التي يسقط ضحيتها مواطنون أبرياء وعزل.
وكان أمير “حماة الدعوة السلفية”، المدعو “أبي جعفر محمد السلفي”، في رسالة شرعية نُشرت على موقع التنظيم عبر الأنترنت، نداء إلى المسلحين، قال فيه: “هذه التفجيرات التي تقع في الأماكن العمومية، فيها تعدّ ظاهر على دماء المسلمين المعصومة، وعبث واضح بأرواحهم ونفوسهم التي حرّم الله قتلها إلا بالحق في آيات عديدة وأحاديث كثيرة”.
وجاءت رسالة أبو بكر جابر الجزائري، لتضاف إلى عدد من الفتاوى التي وقعها عدد من المهتمين بالجماعات الإسلامية، من بينهم الطرطوزي، الذي وقف مؤخرا في رسالة مشابهة ضد النشاط الإرهابي والإنتحاري لتنظيم “القاعدة”، وهو معروف بولاءاته وفتاويه السابقة لصالح التنظيمات المسلحة، حاله حال تنظيم “حماة الدعوة السلفية” كأول تنظيم مسلح جزائري، أيد زعيم “القاعدة”، أسامة بن لادن، في اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
كما يأتي تنامي مثل هذه الرسائل والفتاوى المنددة والرافضة للعمل المسلح، خاصة الإنتحاري منه، موازة مع بث إذاعة القرآن الكريم، مؤخرا، لتدخلات مشايخ كبار في الدعوة السلفية، يحرمون مثل هذه الإعتداءات التي تستهدف الأبرياء والعزل.
من هو الشيخ أبو بكر جابر الجزائري
الشيخ العالم المفسر أبو بكر جابر الجزائري، من مواليد بلدية “ليوة” القريبة من مدينة “طولڤة” ببسكرة عام 1921، بدأ دراسته بالزاوية العثمانية، فحفظ القرآن الكريم، ثم هاجر إلى المدينة النبوية عام 1953، حيث أتم دراسته في حلقات كبار العلماء بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم من أمثال الشيخ عبد الرحمان الإفريقي.
وسرعان ما سطع نجمه واشتهر بفصاحة وبيان في المنطق، وحفظ وقوة في الاستدلال، وبراعة في التفسير، وخاصة العلم بالقراءات القرآنية.
ولهذا عين أستاذا بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كما خصص له كرسي للتدريس بالمسجد النبوي، ومازال إلى اليوم يقدم فيه الدروس في مدة فاقت نصف قرن من الزمن، بعد أن حصل على إجازة من رئاسة القضاء بمكة المكرمة.
قام الشيخ أبو بكر الجزائري بتأليف عدد كبير من المؤلفات منها:
– رسائل الجزائري، وهي 23 رسالة تبحث في الإسلام والدعوة.
– منهاج المسلم، كتاب عقائد وآداب وأخلاق وعبادات ومعاملات.
– عقيدة المؤمن، يشتمل على أصول عقيدة المؤمن جامع لفروعها.
– أيسر التفاسير للقرآن الكريم 4 أجزاء.
– المرأة المسلمة.
– الدولة الإسلامية.
– الضروريات الفقهية – رسالة في الفقه المالكي.
– هذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم يا محب (في السيرة).
– كمال الأمة في صلاح عقيدتها.
– هؤلاء هم اليهود.
– التصوف يا عباد الله… وغيرها
(المصدر: صحيفة “الشروق” (يومية – الجزائر) الصادرة يوم 28 جانفي 2008)
الرابط:
http://www.echoroukonline.com/modules.php?name=News&file=article&sid=15875
حكمان قضائيان في مصر يقران بمبدأ حرية العقيدة
الحجاب العائد إلى الجامعات التركية
نُـذُر أزمة حجابٍ خطيرة.. لكن في مدريد هذه المرة!
نوال السباعي (*)
«عندما قدمت ابنتي أوراقها للعمل في واحدة من الشركات الدولية في مدريد، قبل مدير المؤسسة أوراقها بمجرد اطلاعه عليها عن طريق البريد الإلكتروني (الإيميل)، وتعاقد معها تقريباً غيابياً بالهاتف. لكنه أصيب بصدمة مذهلة عندما أجرى معها المقابلة الأولى فرآها بحجابها. ولدماثة في خلقه ونبل في طريقته في التعامل مع موظفيه لم يرجع في كلمته.
مضت الأيام في تلك الشركة بخير، إلا أن اسم البنت صار على لسان المدير «بن لادن». لم يعد يناديها إلا بـ «بن لادن»! وقال إنه مجرد مزاح. بعد فترة أصبح يتذمر ويشتكي من أن الزبائن بدأوا ينفرون من منظر حجابها، ويرفضون التعامل معها. ولم يمض العام الأول من العمل إلا وكان صاحبنا قد أعلن استسلامه لحنق وغضب مكبوتين ذهبا بكل ما لديه من نبل ودماثة أخلاق. قال للبنت وبالحرف: «ظننت أن صبري عليك سوف يقنعك بخلع الحجاب وتغيير سلوكك.. أنا لم أكن أريد راهبة في شركتي! أنت لاتستطيعين المشاركة في المعارض العالمية، لا تستطيعين السفر معي إلى المؤتمرات.. أنت تتسببين لي بخسائر فادحة في الشركة!».
كانت هذه السيدة تحكي لي قصة ابنتها وهي تشعر بأسى شديد، وقد انتصرت ابنتها لكرامتها الجريحة وحجابها المهان وتركت العمل وجلست في المنزل، وهي التي تحمل أعلى الشهادات الممكن الحصول عليها في اختصاصها. لكن ما أثار فضولي ودهشتي لم تكن هذه الحكاية التي لا يكاد يمرّ يوم دون أن نسمع بمثيلة لها في مدريد، وفي طول أوروبا وعرضها، ما أثار ألمي وعقد لساني ما أعرفه وما أردفته السيدة: «ما يجعلنا نصبر على ذلك كله أن الحال في بلادنا ليس بأفضل من هذه فيما يتعلق بالحجاب. زوج أختي – كما قالت السيدة- رجل يصلي الأوقات الخمسة في المسجد ويعرف ربه، وهو يعمل رئيس شركة دولية كذلك، لكنه يشترط على كل سكرتيرة تعمل في الشركة أن تكون شبيهة بـ «نانسي عجرم». وكان منذ سنوات يطالبهن بأن يكن مثل «نوال الزغبي»! لكن الدنيا تغيرت ونوال الزغبي قد شاخت وتغيرت! فلماذا يحزننا ما يجري في أوروبا، ونقيم الدنيا ونقعدها كلما فتحوا سيرة الحجاب»؟!.
قبل ساعات فقط من كتابة هذه السطور صدرت في مدريد عن واحد من أهم مسؤولي حزب الشعب -الذي يدّعي أنه محافظ- تصريحات يَعِدُ فيها ناخبيه بأنه في حال فوز حزبه في الانتخابات العامة في التاسع من مارس المقبل، فإنه سيتخذ في مجال قضية الهجرة والمهاجرين سلسلة من الإجراءات «المناسبة» لمصلحة الشعب الإسباني، والتي ستبدأ بمنع الحجاب منعاً باتا في المدارس، على غرار ما حصل في فرنسا! وليس في المدارس فحسب – كما قال- بل في كل مكان يتسبب فيه الحجاب بإحداث نوع من التهميش للمرأة بسبب هذا الذي تضعه الفتيات المسلمات على رؤوسهن. وسمّى إجراءات أخرى يمكننا معها القول إن «هتلر» نفسه كان ليستحي من التصريح بها قبيل الانتخابات العامة بشهر واحد فقط! خاصة أن حزب الشعب المحافظ هذا خسر الانتخابات السابقة عقب تفجيرات الحادي عشر من مارس التي نفذتها مجموعة من «المجانين المهووسين» ضدّ آلاف الأبرياء من أبناء مدريد، رداً على دور «أثنار» في غزو العراق، وقد كان رئيساً للوزراء في حينه.
ما قصةُ هذا الحجاب الذي أصبح الشغل الشاغل لهذه البشرية «المتمدنة»، «المتحضرة»، صاحبة «حقوق الإنسان والحيوان والنبات والميكروبات والجماد»؟! ما قصة هذا الحجاب الذي كنت قبل ثلاثين عاما أُمنَع من التزامه في بلدي الأصلي، في مدرستي بضغطٍ من الدولة والحزب الحاكم، وفي الشارع بضغط من قوى المجتمع المدني التقدمية الثورية المتحضرة من الأسرة والأصدقاء وحتى الجيران؟!.
عندما كنا طالبات على مقاعد الدراسة في دمشق كنا «نحن المحجبات» نلزم بوضع شيء قبيح من قماش «الخيش» على رؤوسنا مع الزي المدرسي العسكري الذي كنا نرتديه في تلك الأيام تعجيزا وإكراها. وعندما كنت حديثة عهد بإسبانيا، مازلت أذكر ذلك اليوم الفظيع الذي صعدت فيه جارتي الإسبانية وصارت تطرق باب بيتي كالمجنونة، وتصيح بأعلى صوتها: تعالي وانظري -إذ لم يكن عندنا جهاز تلفاز يومها- كيف يخلعون أغطية الرأس للنساء في شوارع مدينتك ويقتلون رمياً بالرصاص كل من لا ترضى خلعه! مازلت أذكر أياما سوداء عشتها شخصيا في بلادي «الحبيبة»، وأياما سوداء عشتها من خلال نشرات الأخبار عن بعد وعن قرب بسبب أزمات الحجاب المتكررة.. في تركيا، في دمشق، في مصر، في تونس، في مدريد، في فرنسا. والآن ومن جديد أزمة حجاب خطيرة في مدريد! لكنها جاءت بعد تعبئة الشعب الإسباني خلال سنوات طويلة عجاف، ومن خلال عشرات وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمقروءة ضد المهاجرين والمسلمين منهم بشكل خاص.
أغرب ما في هذه الحكاية أننا، ولأهداف سياسية هنا وهناك، نُستَعمل ويُعاد استعمالُنا وكأننا مواد بلاستيكية أو ورقية! وأطرف ما في الأمر أننا، وعلى الرغم من كل هذه الأزمات المتكررة، لم نتعلم الدرس ولم يعرف العالم العربي ولا الإسلامي ولا السفارات العربية ولا الإسلامية، ولا الحركات ولا المراكز الإسلامية في مختلف أنحاء أوروبا الإعداد لمثل هذه الأزمات التي تنذر ببلاء لا يعلم مداه إلا الله بسبب وجود الكثيرين من «الحمقى المهووسين بلغة العنف» من الذين لا يعرفون الصبر بالتي أحسن على مثل هذه المحن، ولا يتركون أي مجال للتحاور والمجادلة مع هذا الآخر الذي هو أقل «قلة ذوق» منا نحن أنفسنا!
“مريم” باحثة في العلاقات الدولية في جامعة الأوتونوما في مدريد، «ساجدة» باحثة في علوم التربية في جامعة الكومبليتنسة في مدريد، «سلاف» باحثة في العلوم السياسية، «بارعة» طبيبة تختص في جراحة التجميل، «زينة» مختصة في علوم الاقتصاد، «نهى» صيدلانية تخرجت وهي تعمل في اختصاصها، «هاجر» طبيبة أسنان تزاول مهنتها، «لارا» دارسة في كلية العلوم الطبيعية، «مها» مختصة في علوم الفيزياء، «إيمان» تحضر الماجستير في تطبيقات التصميم الإلكتروني في الإعلام، «مروة» تحمل درجة الدكتوراه في الدراسات الدولية، «سلوى» تحمل درجة الدكتوراه في الترجمات المقارنة في إعجاز القرآن الكريم، «سارة» مختصة في الكيمياء، و «تمارا» تدرس الطب في السنة النهائية.. وكلهن محجبات في مدريد، يذهبن وعشرات مثلهن من الفتيات الإسبانيات المسلمات المولودات في مدريد من أصول سورية ومغربية وجزائرية وفلسطينية ومصرية إلى الجامعات رافعات رؤوسهن بحجابهن، يعانين الأمرّين كلما دخلن وخرجن، يصبرن ويحتملن الأذى من بعض الأساتذة ومن بعض الطلبة ومن الموظفين وحتى من بعض موظفي النظافة! لكنهن يجدن دائما الدعم المناسب من بعض الزملاء وبعض الأساتذة وبعض الموظفين، ويصبرن ويصابرن ويرابطن ويمضين في هذه الطريق التي مضت قبلهن ومثلهن فيها أجيال وأجيال بقيت شامخة بحجابها. بقيت ثابتة على حجابها في بلادنا البعيدة أم في أوروبا هذه التي يسكنونها، وهي بلادهم ولا يعرفون وطناً سواها. أوروبا أرض الحريات والديمقراطيات وحقوق الإنسان التي هاجرنا إليها نحن آباءهم طلباً للحرية ولشيء من الكرامة المفقودة في بلادنا، وطلبا للحرية الدينية التي اضطُهدنا بسببها في بعض أرض الإسلام، الأرض التي حكمتها ذات يوم أغوال تفرعنت وتسرطنت ولم تحسن – مسكينة- إلا محاربة حجاب النساء المسلمات!
لكن تلك الأنظمة ولت وانتهت، وذهبت وأصبحت أحاديث، وبقيت النساء المسلمات وبقي الحجاب، وجاءت «مروة القاوقجي» ذات يوم إلى البرلمان التركي لتعلن من هناك للعالم: أنه ما من قوة في العالم يمكنها أن تقف في وجه امرأة تريد أن تعبر عن قناعتها، وتريد أن تلقن هذا العالم درسا بأن المرأة العربية والمسلمة ليست مضطهدة إلى الدرجة التي تتخلى فيها عن مبادئها حتى لو وقف العالم كل العالم في وجهها، وحتى لو.. كان ذلك باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
(*) كاتبة عربية مقيمة بإسبانيا
(المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)
قراءتان في «الهولوكوست»: التوظيف الإسرائيلي والإنكارات العربية
خالد الحروب (*)
في العدد الأخير من «نيويورك ريفيو أوف بوكس», مجلة الكتب الرصينة والمعروفة, نشر توني جوت الباحث البريطاني ومؤرخ الفكر الأوروبي، جزءاً من خطاب كان قد ألقاه في بريمن في ألمانيا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في حفل منحه جائزة الفيلسوفة الألمانية حنا أرندت لعام 2007.
جوت قضى وقتاً طويلاً من حياته يبحث في أدوار ومواقف المثقفين الأوروبيين, وخاصة الفرنسيين, حيال التوتاليتارية الستالينية, ودان غياب الأخلاقية والمبدئية عند شرائح مثقفة واسعة تغاضت عن فظائع الديكتاتورية بسبب قراءات ايديولوجية فجة. ولئن كانت تلك الإدانة لا تقدم جديداً كثيرا إذ تمثل جزءا من أدبيات نقد الفكر الاوروبي في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن ميزتها عند جوت هي استمرارها فعالة وبحمولتها الأخلاقية عندما يتعلق الأمر بإسرائيل وعنصريتها. وفي الوقت الذي يتلعثم فيه كثير من فصحاء المثقفين الأوروبيين عند تناول المسألة الفلسطينية ومعاناة الفلسطينين على أيدي إسرائيل وأحفاد الناجين من «الهولوكوست», فإن جوت يجتاز هذا الاختبار الأخلاقي بثقة ورصانة, ومن دون ضجيج أيديولوجي لا لزوم له.
في مقالته المنشورة يتحدث عن «معضلة الشر في أوروبا ما بعد الحرب», ناسجا على منوال قراءات وكتابات لـ «حنة أرندت» نفسها إزاء رعب العنصرية الكامن في أوروبا والذي تجسد في محاولة الإبادة الجماعية والتامة ليهود القارة على يد النازية. جوت يقول إن أهمية درس «الهولوكوست» تكمن في ضرورة توسيع نطاقه ليغدو درسا كونياً ضد العنصريات وضد الكراهيات الإثنية الكامنة تحت السطوح والموزعة جغرافياً وتاريخياً ويمكن أن تنبشها الانتهازيات السياسية. كلما صار «الهولوكوست» ملكية عامة كلما كان درسه أوقع. وفي المقابل كلما بقي, أو أُبقي، «الهولوكوست» حدثاً يهودياً استثنائياً ومحصوراً راهنا في التوظيفات السياسية لإسرائيل كلما فقد معناه وأثار مقادير متفاوتة الظهور من التهكمية والتساؤل عن بقية «الهولوكوسات»، خاصة في خطابات الأجيال الجديدة التي لم تختبر تجربة الحروب الأوروبية. لا يُطالب جوت بنزع الصفة اليهودية عن «الهولوكوست» ولا يقلل من فظاعته لكنه يشير إلى أن المتاجرة به سياسياً تفرغه من حمولته الأخلاقية.
وفي أيلول (سبتمبر) من العام الماضي نشر ديفيد غروسمان, الكاتب والروائي الإسرائيلي المعروف, مقالة مطولة في الملحق الثقافي لصحيفة «الغارديان» حول معنى «الهولوكوست» وتمثلاته في طفولته في القدس وفي أوساط أقربائه من كبار العمر الذي نجوا أو عايشوا أو سمعوا عن أهوال ما حدث. قراءة غروسمان إثنية غارقة في المحلية والاستثنائية ولا تليق بكاتب يكرر رغبته ونزوعه نحو الخطابات الكونية. وهو النزوع الذي يعبر عنه في المقالة من خلال ضرورة الاهتمام بما يحدث من «معاناة» في مناطق العالم المخلتفة، ويذكر أمثلة رواندا وبوروندي, والبوسنة, وغيرها. غروسمان يرى كل معاناة الشعوب في العالم إلا معاناة «جيرانه» في القدس الشرقية, فيما وراء السور العنصري الفاصل الذي يحجب عنه «المعاناة القريبة» ليرتاح ضميره فيما تنشط الأخلاقية والحس بالتضامن مع «المعاناة البعيدة» غير المكلفة. في أكثر من خمسة آلاف كلمة هي حجم المقالة المطولة ليس هناك ولو ذكر عابر لمعاناة الفلسطينيين أو التساؤل ولو الأخلاقي عن السبب الذي يضطرهم لدفع ثمن باهظ لجريمة أوروبية وكونية اقترفت بحق يهود أوروبا.
يتحدث غروسمان في مقالته تلك عن «هناك» و «آنذاك» وكيف أن كبار السن من الناجين من المحرقة يتحدثون عن «هناك» أكثر من حديثهم عن «آنذاك»، بمعنى أنهم يتركون «زمن الحدث» مشتغلاً بوعي أو من دون وعي، وكأنه ليس فقط قراراً بالعيش مع المحرقة وذكراها, بل بإمكانية حدوثها ثانية. فالزمن المؤطر لحدوث الحدث يظل القابلة المولدة لأشقاء له. لكن هذا ما يقوّله الكاتب لأولئك الناس من كبار السن الذين ربما يحجمون عن الحديث عما حدث هناك هربا من الماضي وأهواله، وليس كما تريد لهم فصاحة الكاتب أن يفكروا. تلك بكل الأحوال تظل نقطة ثانوية عندما تُقارن بعدم التفات الروائي «الكوني» إلى «هنا» و «آنئذ» الفلسطينيين. فكلا الإطارين، الزمن والمكان، لا يزالان يضخان معاناة يومية، وليسا حدثاً ماضياً, يمكن التهرب منه أو استدعاؤه للتحذير من تكراره أو لأية أغراض أخرى، نبيلة أو لئيمة. «هنا» و «آنئذ» الفلسطينيين تفيض من كل زاوية أو أفق قصير تطل عليه نافذة بيت غروسمان في القدس. وقبل، أو على الأقل مع, تأمله لمعاناة الآخرين البعيدين، فإن معاناة من يدوسهم جيش أبناء ضحايا «الهولوكوست» تضج سائلة أياه عن موقف. ما يُدهش حقاً في صمت غروسمان المدوي إزاء ما يحدث للفلسطينيين أنه صمت يحدث عند كاتب هو أكثر ميلاً لليسار وللخطابات الكونية، ولروائي يُحتفى به هنا وهناك على ذلك الاعتبار.
حتى يصبح «الهولوكوست» خطابا كونياً ضد الإبادات وضد العنصريات وضد كل أنواع الجرائم التي تتلبس أي لبوس أيديولوجي عليه أن يتطور باتجاهين: الأول هو أن يضم ضحايا المرحلة الثانية المباشرين لـ «الهولوكوست»، أي الفلسطينيين. فهؤلاء هم ضحايا الضحايا, أو ضحايا بالاستتباع، لم يكونوا طرفاً في ما حدث أو تسبب في أوروبا, وليسوا جزءا من تاريخها، وهم الآن يدفعون الثمن الأكثر كلفة. جريمة «الهولوكوست» لم تتوقف عن إبادة ستة ملايين يهودي، والتي هي جريمة فادحة ضد الإنسانية ولها استثنائية لا يجب التقليل منها, لكنها جريمة استمرت وظلت تتواصل لتطال (الآن) ما يُقارب العشرة ملايين فلسطيني, خمسة منهم في دياسبورا صار لبعض جغرافيتها عنصرية وسمات لا ترحيبية بالفلسطينين تتشابه وجغرافية الدياسبورا اليهودية. والاتجاه الثاني هو أن يتضمن الخطاب الكوني لـ «الهولوكوست» ما حدث ويحدث من إبادات في العالم كله. وهذا لا يقلل ويجب أن لا يقلل من مركزية واستثنائية المحرقة اليهودية، ولا القصد من إضافة ابعاد كونية جديدة لها التقليل من أهميتها فتلك مماحكة مؤدلجة وغير إنسانية, لكن القصد الحقيقي هو بناء تضامن إنساني ضد ما يقوم وما يمكن أن يقوم من جرائم بحق الانسانية حتى لو كان القائمون بها ضحايا سابقين أو أحفاد ضحايا.
وعندما يتطور خطاب كوني حقيقي ضد الإبادات والعنصريات ويساوي بينها تغيب كثير من الإنكارات لهذه الإبادة أو تلك المجزرة، أو على الأقل يخف ضجيجها. فكثير من تلك الإنكارات, ومن ضمنها إنكارات عربية عديدة، تصدر عن موقف سياسي ناقم وغضب إزاء التجاهل «العالمي» لمعاناة الفلسطينين. وهذا ينطبق على جزء كبير من الإنكارات خارج الفضاء العربي للمحرقة نفسها. فالمركزية الفائقة والثقل المُعطى لـ «الهولوكوست» اليهودي, وكما أشار جوت في مقالته – خطابه المشار إليه، صار يثير مقادير كبيرة من الشك والتهكم واللامبالاة، على ضوء السكوت والإهمال الذي يصف «الخطابات العالمية والكونية» إزاء طيف من المعاناة عصف ولا يزال يعصف بشعوب وجماعات مختلفة. لكن يجب القول أيضاً إن جزءا لا يُستهان به من الإنكارات العربية للمحرقة يصدر أيضا عن قصر نظر، ونتيجة الظن أن الإقرار بالمحرقة معناه منح الشرعية لقيام الدولة الإسرائيلية التي تستند في بعض ما تستند إليه لتبرير قيامها ووجودها إلى حدوث المحرقة، ومن ثم ضرورة ايجاد وطن آمن لليهود في العالم. المشروع الصهيوني لبناء وطن قومي لليهود في فلسطين بدأ جدياً قبل حدوث المحرقة بنصف قرن على الأقل، والربط الميكانيكي بين قيام الدولة والمحرقة جاء لاحقاً ومتأخراً ومسوغاً لما قام أصلاً، وليس لما كان سيقوم. عربيا وفلسطينيا تكون إزالة التوتر إزاء الموقف من المحرقة والإقرار بهولها والمعاناة التي تعرض لها يهود أوروبا والتضامن مع من أبيدوا منهم على يد النازية هي أيضا استكمال لإنسانية وشمولية خطاب جديد حول المحرقة.
(*) أكاديمي أردني – فلسطيني – جامعة كامبردج
(المصدر: ملحق “تيارات” بصحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 فيفري 2008)