الأحد، 4 مايو 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
9 ème année, N° 2903  du 04.05.2008
 archives : www.tunisnews.net  


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: اعتقال فتيات بالجملة بصفاقس على خلفية حفظ القرآن الكريم اضراب جوع تضامنا مع اضراب الجوع الذي يشنه كل من رشيد خشانة و منجي اللوز معز الجماعي: تحركات إحتجاجية في اليوم العالمي لحرية الصحافة ا ف ب: صحافيان تونسيان معارضان يواصلان اضرابا عن الطعام إيلاف: زيارة لصحافيّين تونسيين مضربين عن الطعام قدس برس: النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تنتقد وضع الإعلام في البلاد وات: الرئيس ابن علي يتلقى برقيتي تقدير من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف الشروق: كواليس سياسية الصباح: أخبار متفرقة الراية: تونس- بعد خروج المرأة للعمل من يربّي أطفال اليوم؟ نبيل الرباعي:  أما آن الأوان في تونس للترفع عن القشور بين المعارضة الإسلامية وبقايا اليسار المندس في أجهزة النظام النفطي حولة: إلى أهلي و شعبي – إلى أهلي  الطيبين بمدينة الرديف عبدالحميد العدّاسي: الزّعيم محمد العروسي الهاني:    3 ماي عيـد الصـحافة العالمــي تحتفــل به سنويــا فهل تطــورت الصحافـــة فـــي بلادنـــا خــالد الطراولي: حـــرام وحيد تاجا: لقاء مع المفكر الإسلامي التونسي د. راشد الغنوشي  أمين عام «حزب النهضة الإسلامية» في تونس 1 (3) صلاح سرميني: في تونس، الفيلم التسجيلي يلتزم، يقاوم، يشهد، ويحذر صالح عطية: الحوار حول حرّية الإعلام في قناة تونس 7: – لماذا الهروب بقضايا الإعلام والصّحافة إلى نقاش حول قضايا مفتعلة؟؟ د.محمود الذوادي: كيف ترفع قناة «الجزيرة» بقوة الثقافة مكانة قطر؟ توفيق المديني: مشروع ساركوزي المتوسطي عبدالرحمن حللي: كتاب اشترك في تأليفه عبد المجيد الشرفي ومراد هوفمان «مستقبل الإسلام في الغرب والشرق»… واحتمالات العلمنة والتدين صلاح سالم: الحجاب التركي: مأزق سياسي مفتعل لهوية حضارية ملهمة! فتحي بالحاج: محمد الأشقر: إنه مصر التي تتحدى .. الحياة: مصر: الإضراب اليوم قرع على «الحلل» وصلوات في المساجد والكنائس لرفع الظلم


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr صفاقس في 03 ماي  2008

اعتقال فتيات بالجملة بصفاقس على خلفية حفظ القرآن الكريم

 

 
علمت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من أهالي المعتقلات أنه اثر صلاة الجمعة ليوم 2 ماي 2008 و بينما كانت مجموعة من الفتيات تغادرن مسجد المنار بمدينة صفاقس بعد أداء صلاة الجمعة وقعت مهاجمتهن في الطريق العام من قبل أعوان بالزي المدني تابعين على ما يبدو للحرس الوطني بصفاقس و اقتياد بعضهن إلى مقر الفرقة ثم اثر ذلك و حوالي الساعة الخامسة ظهرا قام الأعوان بمداهمة محل سكنى السيدة مريم بنت منصف والي حرم الطبيب المقيم بمستشفى صفاقس الدكتور غانم بن عز الدين المطيبع الكائن بطريق منزل شاكر كلم 1 قصاص المراكشي حيث وقع اعتقال جميع الفتيات اللاتي كن داخل المنزل بصدد مذاكرة و حفظ القرآن الكريم . و من بينهن : 1- السيدة مريم والي حرم غانم المطيبع 2- الآنسة حنان شعبان الطالبة بالسنة الأولى آداب فرنسية  3- الآنسة فنون بكار طالبة بكلية الآداب بصفاقس 4- الآنسة إيناس الجلولي طالبة في الإعلامية 5- الآنسة يسرى القلال طالبة بالمعهد التحضيري 6- الآنسة سلمى غربال طالبة بكلية الآداب و لما كان الأعوان بصدد تفتيش المنزل المذكور قدمت اليه السيدة نبيلة بنت محمد كريد عاملة بالمستشفى لزيارة ابنها صاحب المحل الدكتور غانم المطيبع فوقع اعتقالها هي الأخرى كما قام الأعوان أيضا بمداهمة محل سكنى الآنسة فيروز ذياب و هي تلميذة بالسنة الخامسة ثانوي و اعتقالها بعد تفتيش محل أبويها و اقتيادها إلى مقر الفرقة و قد تولت قوات الحرس تعطيل أجهزة الهاتف الجوال التابع للمعتقلات مما انقطع معه أي اتصال بينهن و بين ذويهن اللذين أخذوا يبحثون عنهن لدى الأقارب و الأصدقاء دون جدوى و لجأوا إلي القسم الإستعجالي للمستشفى للسؤال عنهن ثم توجه بعضهم للسؤال إلى مراكز الأمن و كانت المفاجأة الكبرى لبعضهم إذ قام الأعوان باعتقال والدة الآنسة فيروز ذياب التي جاءت لمقر فرقة الحرس للسؤال عن ابنتها ليصبح عدد المعتقلات ثمانية .  هذا و علمت الجمعية أيضا أن الدكتور غانم المطيبع وقع هو الأخر إلحاقه بالاعتقال مع زوجته مريم و والدته نبيلة كريد ليكتمل جمع العائلة في الاعتقال . و قد رابط أهالي المعتقلات أمام فرقة الحرس بصفاقس إلى صباح هذا اليوم 3 ماي   و يؤكد أهالي المعتقلات أن بناتهن ليس لهن أي نشاط و لسن محل شبهة و كل ما كن يفعلنه هو الحرص على القيام بالواجبات الدينية والتعلم جماعيا أصول حفظ القرآن بمنزل السيدة مريم والي حرم الدكتور غانم المطيبع أحيانا. علما بأنه حسب ما يتردد من أخبار فان قائمة المعتقلات قد يكون أضعاف ما تسنى لنا معرفته .   و إن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين إذ تعبر عن عميق خشيتها من أن تكون هذه الاعتقالات مندرجة فيما تشهده البلاد منذ مدة من حملات التضييق على ممارسة الشعائر الدينية و التخويف منها و تعمد اختلاق أحداث لا وجود لها أصلا لفبركة ملفات “الإرهاب” فإنها : 1- تسجل أن أعوان الحرس بصفاقس قد داهموا المنازل و اعتقلوا ما طاب لهم دون الاستظهار بأي إذن قضائي و دون احترام حقوق المواطن كما قام الأعوان بإيقاف فتيات و ربات منازل دون حتى احترام حقهن في إعلام أهاليهن بهذا الإيقاف مما خلق بلبلة و حول إيقاف البنت مصيدة لإيقاف والدتها و إيقاف الزوجة مصيدة لإيقاف زوجها.  2- تعتبر أن تواصل إيقاف المعتقلات على النحو المذكور يجعلهن عرضة لممارسات التعذيب و سوء المعاملة و غيرها من التصرفات المهينة. و هي تحمل السلطة و الأجهزة المعنية المسؤولية الكاملة عن أي أذى قد يصيب المعتقلات 3- تدعوا إلى إطلاق سراح المعتقلات فورا و تنبه السلطة إلى خطورة المنهج الأمني الذي تسلكه في محاربة المحجبات من بنات تونس و نسائها في خرق فاضح للقوانين و مبادئ حقوق الإنسان . عن الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين نائب الرئيس الأستاذ عبد الوهاب معطر


بلاغ  

 
تضامنا منا مع اضراب الجوع الذي يشنه كل من رشيد خشانة، رئيس تحرير جريدة “الموقف” و منجي اللوز رئيس تحريرها، والذي يتزامن يومه الثامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة، نعلن نحن الممضين أدناه : عن دخولنا في إضراب عن الطعام، كامل يوم 03 ماي 2008 بمقر فدرالية التونسيين مواطني الضفتين بباريس، مساندة منا للمضربين ودعما للتضحيات التي يخوضها التونسيات والتونسيين من أجل إعلام حر – مساندتنا لجريدة “الموقف” التي تتعرض إلى محاولة تصفية وإننا نشد على أيادي الصحفيين الذين يعملون بها من أجل ضمان حقها في الإستمرار نؤكد على على استمرار نضالاتنا من أجل حقنا في إعلام حر، تعددي، ونزيه باريس في 03 ماي 2008 قائمة المضربين : إياد الدهماني – الحزب الديمقراطي التقدمي فرنسا لوممبا المحسني – منظمة الشيوعيين الثوريين ناجح الشعري – الحزب الديمقراطي التقدمي فرنسا ريم مهذبي – باحثة سفيان المخلوفي – صحفي – جامعي باريس منجي خلفت – ناشط سياسي لطفي الهمامي – الجمعية التونسية لمقاومة التعذيب نجيب البكوشي – باحث في الفلسفة السياسية حسين الباردي – محامي فتحي بلحاج – المشرف على موقع المسيرة نبيل النائلي – باحث في العلوم السياسية – باريس الطاهر العبيدي- صحفي عبد الستار الباجي- الحزب الديمقراطي التقدمي فرنسا عدنان بن يوسف – الحزب الديمقراطي التقدمي فرنسا محمد جابالله – اتحاد العمال المهاجرين التونسيين حسين الجزيري – حركة النهضة غادة بن يوسف – طالبة منصف قدوار – الحزب الديمقراطي التقدمي فرنسا رمزي الوسلاتي – جمعية ثقافة وفنون الضفتين رياض بالطيب – جمعية التضامن التونسي قائمة المساندين : كمال الجندوبي محي الدين شربيب فيوليت داغر طارق بن هيبة منيرة المحيرصي حبيب واردة عبد الرزاق البوعزيزي عادل ثابت معز بن علي طارق التوكابري بهيجة وزيني فتحية الشعري محمد بحر

تحركات إحتجاجية في اليوم العالمي لحرية الصحافة

 

 
نفذ عدد من منخرطي جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي إضرابا عن الطعام كامل يومي السبت و الأحد ، و يعتبر هذا الإضراب احتجاجا على تتعرض له جريدة الموقف من مضايقات آخرها تعمد السلطة إقحام القضاء للانتقام من الحزب و صحيفته . و كان الإضراب فرصة لإطارات جامعة قابس للقاء بعض الأطراف السياسية بالجهة ناقـشوا معهم التطورات السياسية في تونس و خاصة منها تنقيح الفصل 40 من الدستور و تقييم عمل هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات. و لم يكن إضراب منخرطي جامعة قابس إستثناءا فقد شهدت كل جامعات الحزب عديد التحركات الاحتجاجية التي تزامنت مع اليوم العالمي لحرية الصحافة.  معز الجماعي

صحافيان تونسيان معارضان يواصلان اضرابا عن الطعام

 
الأحد, 04. ماي 2008 تونس (ا ف ب):اكد صحافيان تونسيان السبت انهما يواصلان اضرابا مفتوحا عن الطعام باشراه في 26 نيسان/ابريل للاحتجاج على الضغوطات التي تمارسها السلطات على صحيفة “الموقف” المعارضة التي يعملان فيها. من جانبه اكد الرئيس زين العابدين بن علي في بيان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة ان “حرية التعبير حق اساسي من حقوق الانسان” ودعا الى “العمل على مزيد من النهوض بقطاع الاعلام حتى يكون اكثر جراة في التطرق الى مختلف المواضيع واشد قربا من مشاغل المواطنين وتطلعاتهم”. وقال رئيس تحرير “الموقف” رشيد خشانة ومدير المجلة الاسبوعية المنجي اللوز “معركتنا التي نخوضها اليوم بالاضراب عن الطعام تقع في صلب هذا المطلب اي الحرية”. ودان الصحافيان في بيان “الانغلاق الشامل” وفرض الرقابة وترهيب الصحافيين مؤكدين انهما سيواصلان الاضراب عن الطعام الى ان يتم وضع حد للضغوط على المجلة. وكان الصحافيان يتحدثان في مركز “الحزب التقدمي الديمقراطي” المعترف به في تونس في حضور صحافيين وناشطين. ودعت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين الى ايجاد حل والتراجع عن الدعاوى القضائية ضد صحيفة “الموقف” الناطقة باسم “الحزب التقدمي الديمقراطي”. وبدأ الصحافيان اضرابا مفتوحا عن الطعام في 26 نيسان/ابريل للاحتجاج على “المناورات الادارية والقضائية للسلطة الهادفة الى خنق الصحيفة (…) التي تتعرض الى عمليات حجز متكررة”. غير ان السلطات التونسية وصفت هذا التحرك الذي تزامن مع زيارة دولة قام بها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى تونس بانه “مناورة ديماغوجية وانتهازية”.
 
(المصدر: وكالة فرانس برس للأنباء بتاريخ  4 ماي 2008)


زيارة لصحافيّين تونسيين مضربين عن الطعام

 

 
إسماعيل دبارة اليوم العالمي لحرية الصحافة لم يكن عاديًا أبدًا بالنسبة إلى الصحافيين التونسيين هذه السنة، فبين المفاجآت والتناقض والأمل، يحيي صحافيو تونس يومًا عزيزًا عليهم ظلوا لسنوات يعلقون الآمال تلو الآمال عليه، عسى أن يأتيهم الثالث من أيار/ مايو بما يُثلج صدورهم ويلبي طموحاتهم المعلقة. المفاجأة كانت بكل المقاييس إنشاء أول نقابة مستقلة لهم في أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، نقابة أتت لتعوض جمعية متآكلة يقول بعضهم إنها لم تقدّم الكثير للصحافيين، إذ إنها لم تكن تختلف في شيء عن النوادي الصحافية. تيّار نقابي مستقل على رأس النقابة الجديدة تعهّد منذ توليه التسيير بالدفاع عن مصالح الصحافيين التونسيين المادية منها والمعنوية، وبشهادة عدد من الإعلاميين حدث تطور ملحوظ بين الماضي والحاضر. أما التناقض فقد شهد الجميع بوجوده وبوضوحه بين خطابين متضادين، خطاب رسمي يقول إن الصحافيين بخير ولهم الحرية في التطرق الى ما يحلو لهم ما لم يخلّوا بميثاق الشرف الذي تواضع عليه أبناء المهنة الواحدة ، وخطاب آخر لم يهادن يومًا في كيل الاتهامات للحكم بقمع الحريات الصحافية وملاحقة الصحافيين ومصادرة الجرائد وحجب المواقع الالكترونية التي تحمل خطابًا مغايرًا. آخر ما جدّ في هذا الصدد دخول كل من الزميلين رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة “الموقف” الأسبوعية والمنجي اللوز مدير تحريرها في إضراب مفتوح عن الطعام تجاوز في اليوم العالمي لحرية الصحافة يومه السابع. إيلاف زارت الصحافيين المضربين بمقر جريدتهم “الموقف” اللذين يؤكدان أنها “صرح إعلامي وجب الدفاع عنه ولو بالأجساد. ” من المؤسف أن نحيي اليوم العالمي لحرية الصحافة في بلادنا، وإعلامنا يرزح تحت الحصار وأغلال الرقابة  تقيد الأقلام الحرة” يقول رشيد خشانة لـ “إيلاف” وقد بدت علامات الإرهاق والتعب واضحة على محياه بعد سبعة أيام من دون أكل. التقرير الطبي الأول الذي صدر أمس الجمعة أفاد بانخفاض كبير في نسبة البوتاسيوم عند الزميل رشيد خشانة، مما أثر بشدة على تركيزه وتوازنه البدني. أما مدير التحرير الأستاذ منجي اللوز فيقول لمراسل إيلاف إن “تزامن اليوم العالمي لحرية الصحافة الموافق لـ 3 أيار/مايو من كل عام مع اليوم السابع لإضرابنا دليل قاطع على الظروف السيئة التي وصل إليها المشهد الإعلامي في تونس”. القضية ليست وليدة اليوم العالمي لحرية الصحافة بل هي نتيجة لتراكمات أزمة سياسية حادة كما يصفها بعض المراقبين، إندلعت بين الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض مالك صحيفة “الموقف” و الحكومة التونسية من جهة أخرى خصوصًا لما أعلن أحمد نجيب الشابي المدير المسؤول للجريدة والقيادي بالحزب المعارض ترشحه للانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها في 2009 على الرغم من أنه ممنوع قانونيًا من الترشح لذلك المنصب. إيلاف طرحت السؤال الذي يحرج قيادات التقدمي، فهم يعتبرون المعركة الحالية الهادفة إلى رفع الحصار عن جريدة “الموقف” استكمالاً لمعركتهم من أجل حرية التعبير في تونس، ويقول منجي اللوز في هذا الصدد: بطبيعة الحال لا يمكن أن نفصل بين معركتنا من أجل الانتقال الديمقراطي في البلاد وبين النضال من أجل إعلام حر وشفاف و نزيه في وطننا ، لكنني أؤكد أن إضراب الجوع الذي أخوضه أنا وزميلي ورفيقي رشيد خشانة هو دفاع مستميت على جريدة “الموقف” التي تريد الحكومة دفعها إلى الاحتجاب”. الطرف المقابل أي الحكومة التونسية لم تفوت فرصة اليوم العالمي لحرية الصحافة لتعتزّ بما تقول إنها صحافة  حرة وحظيت –بأشكالها المختلفة المكتوبة والمرئية والمسموعة ، الرسمية والمستقلة والمعارضة، بمتابعة دقيقة لأوضاعها من اجل القيام بوظيفتها كما ينبغي وفي كنف الحرية والمسؤولية بعيدًا عن المزايدات والصخب والضجيج. وتحاجج الحكومة اتهامات الصحافيين المنتقدين والمشككين في نوايا الحكم الهادفة الى تحرير القطاع الإعلامي في تونس بصفة كلية، بالإجراءات المهمة التي أقدمت عليها بغية تطوير الجوانب التشريعية المتصلة بالقانون المنظم لقطاع الصحافة وفى إثراء المشهد الاتصالي  بفضاءات إعلامية جديدة وبفتح الإعلام المرئي والمسموع على المبادرات الخاصة وفي معاضدة صحافة الأحزاب وفى الاهتمام بأوضاع الصحفيين. فقانون الصحافة التونسي نُقّح في أربع مناسبات “1988 و1993 و2001 و2005” باتجاه جعل حرية الرأي والتعبير حقًا أساسيًا من حقوق الإنسان وإلغاء العقوبات السالبة للحرية الشخصية والتي كانت تسلط على الصحافيين التونسيين من قبل. وكذلك إلغاء إجراء الإيداع القانوني والعقوبات المترتبة على عدم القيام به في مجال الصحافة تيسيرًا لظروف عمل الصحافيين. ولا يمكن إنكار أن الجهود الإصلاحية والحوافز التي بادر الحكم في تونس خلال السنوات الأخيرة إلى القيام بها قد أدت إلى تسجيل حركية  – وإن كانت بطيئة- على   المشهد الإعلامي ، فقد تم تسجيل تطور على المستويين الكمي والنوعي تمثل في  ارتفاع عدد الصحافيين المحترفين إلى 973 صحافيًا وارتفاع عدد الصحف والمجلات التونسية . إلا أن السجن لا يزال يتربص بالصحافيين في تونس، فسليم بوخذير مراسل “العربية. نت” والمعروف بتقاريره الجريئة واللاذعة في ما يتعلق بالفساد الإداري والمالي في البلاد، يقضي حاليًا عقوبة لمدة سنة واحدة في السجن المدني بمحافظة صفاقس الجنوبية في أوضاع تقول تقارير “مراسلون بلا حدود” وبعض المنظمات الحقوقية المستقلة أنها سيئة للغاية. الرئيس بوش من جهته وجه ضربة موجعة الى ما تقول الحكومة التونسية  إنها إنجازات في ميدان الصحافة وحرية التعبير  لما قام الخميس الماضي بإدراج تونس ضمن لائحة من ستّ دول تمارس ما سماه ” المضايقات والترهيب الجسدي والاضطهاد والتجاوزات”. ويقول رشيد خشانة وهو مراسل صحيفة الحياة اللندنية، ولم يمنعه إضراب الجوع الذي يشنه من مواصلة إرسال تقاريره اليومية في ما يخص الشأن الداخلي التونسي: “الإعلام العربي والغربي سلط الضوء على مشكلة صحيفة “الموقف” الحرة وأعطانا مساحة مهمة لنعبر عن آرائنا أكثر من المساحة التي أعطاها لحكومتنا مما يعني أننا طلاّب حق وإننا على صواب، وإن مطالبنا مسنودة من زملائنا في كل مكان من العالم، أما أبواق الحكومة التي تحاول قدر الإمكان تلميع الوضع السيئ الذي نعيشه فليس لها من سامع إلا وسائل الإعلام الرسمية التي تعودت على التهجم علينا في كل مرة نحاول فيها الاجتهاد لتقديم المعلومة الدقيقة والصحيحة والرأي المخالف للمواطن”. ولم يجانب رشيد خشانة الصواب كثيرًا لما تحدث عن دعم من قبل عدد من الإعلاميين في الداخل وفي شتى أنحاء العالم فقد أصدر عدد من الأحزاب السياسية المعارضة، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واللجنة العربية لحقوق الإنسان  بيانات مساندة للمضربين دعوا فيها إلى رفع “المظلمة التي سلطت على صحيفة الموقف “ومسؤوليها انطلاقًا من حجز 7 أعداد متتالية إلى عقل رصيدها البنكي ثم رفع 5 قضايا ضدها على خلفية افتتاحية لرئيس التحرير. وفي اتصال باللجنة الوطنية لمساندة المضربين والتي تضم 13 إعلاميًا تونسيًا، قال الصحافي محمد معالي: “كان بودنا أن نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة في ظروف أفضل بكثير من اللتي نحن عليها اليوم ..زملاؤنا يخوضون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام بسبب الحصار والخنق، وهم لن يجدوا منا إلا الدعم والمساندة في كل مراحل خطواتهم النضالية”. أما في الدوحة وفي باريس حيث يشتغل عدد كبير من الصحافيين التونسيين، فقد سجلت إيلاف إضرابات رمزية عن الطعام خاضها صحافيو المهجر من أجل مساندة زملائهم في صحيفة “الموقف”، ويقول المنجي اللوز الذي كان يستعد لعقد ندوة صحافية أمام عدد من وسائل الإعلام: نحيّي خطوات زملائنا الرمزية بالنسبة إليهم وذات الأثر والإسناد  الكبيرين بالنسبة إلينا، إن خطواتهم تلك تمثل لنا أفضل دعم يمكن أن نتلقاه من زملائنا الدين هاجروا بسبب التضييق والرقابة والحصار الذي تسبب في هجرتهم إلى خارج البلاد”. إيلاف لم تتمكن من البقاء طويلاً بالقرب من المضربين، فلا حالتهما الصحافية كانت تسمح بذلك ولا رنين هاتفيهما الخلويين المتكرر والحامل لعبارات المساندة والدعم سمح بالانفراد بهما. أما مطالب الصحافيين لوقف إضرابهما فهي لا تبدو بالنسبة إليهما “ضربًا من المستحيل. ويوجزها اللوز بالقول: التعويض عن الخسائر التي لحقت الصحيفة جراء المصادرة المتكررة، رفع اليد عن حسابها البنكي، وإسقاط التهم الموجهة إلى مسؤوليها على خلفية مقال رأي لم يذكر أحدصا بالاسم، هذه مطالبنا لوقف الإضراب عن الطعام، فمن الذي يرغب في التضحية بجسده أو بحياته. الظروف السيئة وتعنت الحكم وحدهما دفعانا إلى هذه الحلول القصوى”. من جهتها تؤكد مصادر بالحزب الديمقراطي التقدمي أنها لم تحصل على أي “إشارات ايجابية” من الحكومة لفكّ الإضراب عن الطعام  والوصول إلى حل وفاقي في هذه الأزمة التي يبدو أنها مرشحة للتصعيد بأكثر مما هي عليه الآن. “شكرًا لإيلاف التي بدأت في تسليط الضوء مؤخرًا على زوايا ظلت لوقت طويل من المسكوت عنها في إعلامنا العربي” … “شكرًا للزملاء في هذا الموقع الذي لا يسعنا إلا الثناء عليه وعلى جهود طاقمه المميز”. بهذه العبارات ودعنا رشيد خشانة والمنجي اللوز، وبإصرار كبير تعهد بالاستماتة في الدفاع عن حقوق اعتبرها “غير قابلة للمساومة أو التنازل” : الكلمة الحرة والإعلام الحر والرأي الحرّ. (المصدر: موقع إيلاف ( بريطانيا) بتاريخ 4 ماي 2008)


 

النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تنتقد وضع الإعلام في البلاد

 

تونس – خدمة قدس برس

 

أصدرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين تقريرها السنوي عن حرية الصحافة في تونس، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة. وتولى التقرير رصد التوجهات العامة للصحافة التونسية والإطار القانوني والمناخ السياسي الذي تعمل في إطارهن كما تناول أوضاع الصحافيين داخل المؤسسات الإعلامية وأهم الانتهاكات التي تعرض لها الصحافيون و مدى احترام أخلاقيات المهنة. ويمسح التقرير فترة عام كامل منذ أيار (مايو) من السنة الماضية.

ورأى التقرير إنّ الإعلام التونسي “لم يتمكن إلى حد الآن من تجاوز الخطاب التبريري والسطحي والدعائي رغم تعدد العناوين الصحفية”. مضيفا أنّ الإعلام مازال “يرزح تحت وطأة سلسلة من الطابوهات التي تتسع حينا وتتقلص أحيانا حسب الظروف السياسية والأمنية، الأمر الذي انعكس سلبا على المشهد الإعلامي شكلا ومضمونا فأصبحت مضامينه في جلها متخلفة” حسب نص التقرير.

وذكّر التقرير بأنّ الإعلام في تونس شهد خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي تجربة متميّزة “تم إجهاضها نتيجة الصراع الذي دار في بداية التسعينات بين السلطة والحركة الإسلامية”. كما تفاقم التراجع مع ما عرف بالحرب على الإرهاب وسن قانون مكافحة الإرهاب في تونس سنة 2003 ومساسه خاصة بمسألة السر المهني.

وعرض التقرير نماذج من الانتهاكات منها الاعتداءات التي يتعرضون لها من قبل أعوان الأمن خلال تغطية التظاهرات الثقافية والرياضية والمحاكمات. وحرمان مراسل الجزيرة من العمل من تونس. وضرب الصحفية سهام بن سدرين، في ميناء تونس وحجز صحيفة “الموقف” المعارضة ومنع الصحافيين من تغطية بعض الأحداث الهامة.

وناشدت نقابة الصحافيين السلطات التونسية إطلاق سراح الصحفي سليم بوخذير، واعتبرت أنّ موقعه الطبيعي “خارج السجن وبين أفراد عائلته وزملائه”.

وانتقد التقرير بشدة الصحف الخاصة التي اختصت في الحملات ضد المعارضين والناشطين كيومية “الصريح” وأسبوعيتي “الحدث” و “الإعلان” وطالبت بالكف عن هذه الممارسات التي وصفتها بالمخلّة بميثاق شرف المهنة وبالقانون وبأنّها “ساهمت في إعطاء صورة سيئة عن المشهد الإعلامي في تونس”.

 

(المصدر وكالة /قدس برس انترناشيونال/ بتاريخ 3 ماي 2008)


 

الرئيس ابن علي يتلقى برقيتي تقدير من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف

 

 قرطاج (وات)

تلقى الرئيس زين العابدين بن علي من النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية مديري الصحف برقيتي تقدير وامتنان تضمنتا اسمى مشاعر العرفان لما ورد في الرسالة التي توجه بها سيادته الى الاسرة الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة من معان سامية لدعم حرية التعبير والارتقاء بالرسالة الإعلامية الى الافضل.

وابرزت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في برقيتها تمسكها التام بكل القيم والمبادئ التي تضمنتها رسالة رئيس الدولة مؤكدة الانخراط بكل وعي في تكريس مقومات مجتمع ديمقراطي وتعددي تراعى فيه المعايير الدولية لاستقلالية الصحافة وحريتها.

وعبرت جمعية مديري الصحف من جانبها عن امتنانها وتقديرها لمتابعة رئيس الدولة المتواصلة لقطاع الإعلام ولما يعيشه المشهد الإعلامي الوطني من تطور موءكدة العزم على العمل من اجل مزيد تطوير وسائل الإعلام واستثمار ما تعهد به سيادة الرئيس هذا القطاع من تدابير واجراءات قانونية وترتيبية وسياسية غير مسبوقة للتوفق الى منتوج إعلامي وطني راق يتسلح بالجرأة في التطرق الى مختلف المواضيع.

 

(المصدر جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2008)

 


الشؤون الوطنية كواليس سياسية
* جمعها: خالد الحدّاد * مرأة «تحررية» من المنتظر أن يتم الإعلان خلال الأسبوع القادم عن بعث «منظمة المرأة التحررية» التابعة للحزب الاجتماعي التحرري وذلك بعد أن تم الانتهاء من هيكلتها ووضع التصوّرات اللازمة لنشاطها وتحرّكها وسترأس المنظمة الآنسة فتحية العماري.
* تطوّر «لافت» تشهد مختلف صحف المعارضة هذه الأسابيع ثراء وتنوّعا وتتجه مختلف العناوين وهي الأفق (الاجتماعي التحرري) والوطن (الوحدوي الديمقراطي) و»الطريق الجديد» (حركة التجديد) والمستقبل (ح.د.ش) والموقف (الديمقراطي التقدّمي) ومواطنون (التكتل من أجل العمل والحريات) والوحدة (الوحدة الشعبية) الى أخذ مكانها في الأكشاك في مختلف جهات البلاد. البعض من المتابعين قال انه لم يسبق ان شهدت صحافة المعارضة مثل هذا التعدد والتنوّع والكثافة في العناوين.
* تقييم «مرتقب» عقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي ليلة أمس اجتماعه الدوري من أجل تقييم الأوضاع داخل الحزب وخاصة التحرّكات الأخيرة التي ستكون من أهم محاور الاجتماع الذي أشرفت عليه الأمينة العامة ميّة الجريبي.
* تمويل عمومي تلقت أحزاب المعارضة البرلمانية الأسبوع الفارط  منابها الدوري من التمويل العمومي. العديدون مازالوا يتحدثون عن انتظارات وترقبات لسحب هذا التمويل على كل الأحزاب القانونية خاصة بعد أن ألغى التعديل الدستوري الخاص بأهم موعد سياسي وانتخابي (رئاسية 2009) التمييز بين الأحزاب البرلمانية والأحزاب غير البرلمانية.
* «مقعد دائم» أصبح من شبه المؤكد حصول الحزب الاجتماعي التحرري على مقعد دائم في منظمة الليبرالية العالمية والتي ستعقد مؤتمرها القادم ببلفاست (إيرلندا الشمالية) في الفترة من 14 إلى 18 ماي الجاري وسيشارك الأمين العام للحزب السيد منذر ثابت في هذا المؤتمر.
* تشاور و «تواصل» على عكس ما يردده البعض، اكدت مصادر مطلعة لـ «الشروق» أن «أحزاب الوسط»وهي المكوّنة للقاء الديمقراطي وح.د.ش تواصل التشاور والتواصل في ما بينها وانه لا وجود لأي إشكال «جوهري» بينها.
* علاقات «متطوّرة» من المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة تطوّرا للعلاقات بين الحزب الاجتماعي التحرري والحزب الليبرالي الألماني وإعلانا مرتقبا لمبادرة ثنائية بشأن تأطير المهاجرين التونسيين والعرب في ألمانيا وأوروبا.
* ترتيب «البيت الشعبي» قالت مصادر مطلعة أن الفترة المقبلة ستشهد إعادة ترتيب لبعض جامعات حزب الوحدة الشعبية، وحديث عن أجواء «معقولة جدا» داخل المكتب السياسي للحزب.
* حوار «رابطي» ما يزال الحديث يتزايد حول انطلاق حوار رابطي ـ رابطي وسط حرص من أطراف فاعلة داخل الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على العمل على إيجاد واقتراح آليات ومنهجية «ممكنة» وفاعلة لهذا الحوار الذي أجمع الكل على انه المدخل نحو إنهاء الأزمة التي تعرفها الرابطة منذ فترة.
* جانب فكري قاربت هياكل ح.د.ش  من إتمام التحضيرات الفكرية والسياسية لمؤتمرها القادم. اللجنة الوطنية واللجان الفرعية تجتمع بصفة دورية ومنتظمة وبحضور كافة أعضائها النيابات ستكون النقطة الثانية في الإعداد للمؤتمر.
* نساء ومساواة بمناسبة عيد الشغل نظمت أمس لجنة النساء من اجل المساواة التابعة لحركة التجديد تظاهرة ثقافية بقاعة «سينما الحمراء» بداية من الساعة الثالثة مساء. التظاهرة اشتملت على محاضرتين لدرّة محفوظ وسعاد التريكي وعرض لأفلام قصيرة كانت مشفوعة بنقاش.
* ذاكرة وطنية اهتمام متزايد بملف «الذاكرة الوطنية» ونقاش متعدد حول الجدوى العلمية والتاريخية للشهادات الشفاهية لبعض الشخصيات. الوحدة الشعبية عقدت مساء أول أمس الجمعة لقاء بالدكتور عبد الجليل التميمي رئيس مركز التميمي للبحث العلمي والمعلومات هذا المركز الذي يعدّ رائدا في جمع العشرات من الشهادات خاصة حول فترة الحكم البورقيبي.
* «خيبة أمل» انتابت بعض وجوه المعارضة الراديكالية مشاعر أشبه ما تكون بـ «خيبة الأمل» في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تونس. لم ينجح المعنيون في لفت ولو بسيط لاهتمامات الرئيس الفرنسي الذي بدا معجبا بالتجربة التونسية في كل المجالات بما فيها المجال السياسي والحقوقي.
* حوار «تقدمي» يتقدّم الحوار بين مختلف الفرقاء داخل حركة التجديد لتجاوز مخلفات المؤتمر الأخير. الأمين الأول السيد احمد ابراهيم أكد لـ «الشروق» ان الحركة في وضع جيّد وهي تتفاعل بصفة مستمرة مع جملة الأحداث.
* فرقة تزايد الاختلافات والفرقة بين أعضاء من مجلس النوّاب وأحزابهم المعارضة، اختلافات تُنذر بقطيعة كلية بين هذه الأطراف.
* عنوان جديد أسابيع قليلة وينضاف عنوان صحفي معارض جديد لسان حال حزب الخضر للتقدم.
* لوائح أوشكت لجان الإعداد للمؤتمر الأول لحزب الخضر للتقدّم عن إنهاء أعمالها التحضيرية.
 (المصدر: صحيفة “الشروق” (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 ماي 2008)

أخبار متفرقة

 

في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان

على ضوء المبادرة الأخيرة التي تم طرحها بخصوص تجاوز الوضع الذي تمر به الرابطة، لوحظت حركية هامة واهتمام كبير بهذه المبادرة من طرف الرابطيين عموما. ويبدو أن هنالك عزما جماعيا على تجاوز هذا الوضع، وذلك من خلال هذا الاهتمام الجماعي، والدفع باتجاه تجاوز بعض الخلافات القديمة التي عطلت مسار الرابطة. فهل تشهد الأيام القادمة تقدما باتجاه حل وفاقي يمكنه أن يقطع مع سلبيات السنوات الأخيرة، التي حكمت على الرابطة بالجمود والدخول في خلافات عميقة بين أعضائها ومكاتبها الجهوية؟ ذلك ما يأمله عدد هام من الرابطيين وما يسعون إلى تحقيقه ضمن حركية واهتمام كبيرين بالمبادرة.

 

بوابة رأس جدير الحدودية

يشتكي العديد من المواطنين من كلا البلدين الذين يتنقلون بين تونس والجماهيرية العربية الليبية من الظروف التي تعترضهم على مستوى البوابة الحدودية بين البلدين الشقيقين تونس ولييبيا. حيث أن هذه البوابة تفتقر لأبسط المرافق الضرورية في الجهتين، وهو ما يزيد من معاناة المسافرين الذين يضطرون في عديد الاوقات الى البقاء لساعات في انتظار السماح لهم بالمرور. فهل من اهتمام بهذه البوابة الهامة للعبور وذلك بتوفير مرافق لراحة المسافرين في كلا الاتجاهين وتسهيل مهامهم؟

 

شكل الكتاب المدرسي

منذ بعض السنوات الدراسية الماضية اتسم الكتاب المدرسي بشكل يجمع بين النصوص الدراسية من ناحية، وصفحات أخرى تنجز عليها التمارين. وهذا الشكل الذي عليه أصبح عليه الكتاب غير مجد بالمرة رغم التعلل بالجانب البداغوجي الذي يوفره. ففي كل سنة تتكبد المجموعة الوطنية ألاف الاطنان من الورق لاعادة طبع نسخ جديد من الكتاب على أساس أنه يكون صالحا لسنة واحدة ولا يمكن اعتماده في السنة المقبلة ومن طرف تلميذ آخر.

إن الكتاب بهذا الشكل يصبح من نوع الادوات التي تستعمل مرة واحدة، ثم تلقى جانبا، وهو ما لا يتماشى مع ظروف العائلات والمجموعة الوطنية والدولة التي يكلفها الكتاب الكثير في كل سنة. فهل تراجع هذه التجربة ليعمر الكتاب طويلا ويتداول بين التلاميذ ويقي الجميع مصاريف سنوية هامة؟

 

الناموس

بدأت جحافل الناموس تجتاح أغلب أحياء العاصمة والمدة المحيطة مع اشتداد الحرارة. والمطلوب من الهياكل البلدية التدخل العاجل للقضاء على هذه الحشرات وبيضها قبل التفريخ مع الحرص على النظافة والقيام بتحسيس المواطنين بأهمية النظافة للحدّ من انتشار الناموس.

 

في الحمامات

ينظم مساء اليوم الاحد في الحمامات بجانب سور المدينة القديمة لقاء يقدم خلاله الاستاذ الرشيد ادريس كتابه الجديد «قتيل الحمامات»..

وينظم مساء الجمعة القادم في مكتبة شارع المعز بالعاصمة لقاء يعرض فيه كتبه الثلاث الجديدة ..بينها كتاب مذكرات جديد يحمل جوانب من مسيرة الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي تعرض فيها لعدد من المناضلين البارزين الذين استماتوا في الدفاع عن تونس ورفضوا بعدها تولي مناصب سياسية وادارية مثل المناضلين سليمان الاغا ويوسف بن عاشور..والى جوانب متفرقة من مسيرة زعماء وطنين مثل حسين التريكي واحمد التليلي والطيب سليم وعلي البلهوان والمنجي سليم والحبيب ثامر..

 

 

مائوية بلدية أريانة

تستعد منطقة اريانة للاحتفال بمرور مائة عام على تاسيس بلديتها التي تطورت في العقدين الماضيين من مدينة صغيرة الى واحدة من اكبر بلديات البلاد مساحة وعددا ..تغطي اريانة القديمة والجديدة وقسما من المنازه ومدينتي رياض النصر ورياض الاندلس. وستنظم بالمناسبة عدة تظاهرات ثقافية وفنية في مختلف دوائر المنطقة البلدية  .

 

تمويل

ينظم البنك الاوروبي للاستثمار مع عدة مؤسسات مالية عربية وافريقية بتونس  يوم غد الاثنين في ضاحية قمرت ندوة مالية حول تمويل المؤسسات في بلدان المتوسط مع تخصيص عدد من المداخلات عن تونس .وسيحضر هذه الندوة نائب رئيس البنك الاوروبي للاستثمار باللوكسمبورغ السيد فيليب دو فونتان.

 

دورة دراسية بفرنسا لفائدة عدول التنفيذ

أجرى مؤخرا عدد من عدول التنفيذ التونسيين، في إطار اتفاقية التعاون المبرمة مع الاتحاد الأوروبي لدعم تعصير الجهاز القضائي لفائدة وزارة العدل وحقوق الإنسان، دورة دراسية مهنية احتضنتها المدرسة الفرنسية للإجراءات بالعاصمة الفرنسية باريس.

 

 

أريانة الصغرى

مازال سكان منطقة أريانة الصغرى المتاخمة لحي الغزالة وروّاد يعانون من العزلة على مستوى البريد. حيث يشتكي سكان هذه المنطقة من عدم وصول مراسلاتهم البريدية وخاصة فواتير الكهرباء والماء والهاتف حتى أن بطاقات أعداد أبنائهم التي أرسلت منذ ما يزيد عن الشهر لم تصل لحدّ اليوم والسنة الدراسية أوشكت على نهايتها!!

 

(المصدر جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2008)

 


 

بعد خروج المرأة للعمل من يربّي أطفال اليوم؟

د. عفاف كرعود: التربية الخيالية حلّت محلّ التربية الحقيقية ولخبطت نفسية الطفل

آباء يؤكدون: الأم هي المدرسة الأولي في تربية الأبناء وعملها خارج البيت له انعكاسات سلبية

 

تونس-الراية

إشراف بن مراد:

 

شكّل خروج المرأة للعمل وتغير نسق الحياة والعصر بداية لسلسلة جديدة من الضغوطات التي تتفاقم يوما بعد يوم أمام الأسرة الحديثة.من هنا أصبحت تربية الأطفال تطرح إشكالا مهما فمن يربي الأطفال اليوم خاصة مع تعدد الأطراف المتدخلين.

في هذا الجانب ،تقول الدكتورة عفاف كرعود شرّاد (طبيبة نفسانية): تعتبر تربية الأطفال في مجتمعنا اليوم واحدة من أهم المشاكل الخطيرة التي لم تقرأ لها العائلات التونسية حسابا ولم تستعدّ لها وللتغيرات التي حصلت في العشر سنوات الأخيرة. كما أن المجتمع برمته لم يأخذ هذا المشكل بعين الاعتبار، وبالتالي لا بدّ من البحث عن الحلول الكفيلة بردّ الاعتبار للتربية السليمة لأبنائنا لإعدادهم للاندماج في المجتمع.

فخلال العشر سنوات الأخيرة ارتفعت نسبة خروج المرأة للعمل بمن في ذلك الأمّ. وحسب الدكتورة كرعود شرّاد فإن العادة جرت أن تعود الأم للعمل بعد عطلة ولادة لا تتجاوز الشهرين تاركة ابنها بين أحضان المعينة المنزلية أو عاملة المحضنة أو الجدّة أو إحدي الجارات أو القريبات.. ومنذ ذلك الحين تنطلق رحلة اللخبطة في مسار تربية الطفل بعيدا عن أمّه ويتواصل الأمر علي هذا النحو حتي يدخل الطفل المحضنة المدرسية والروضة والمدرسة فاقدا لكل مقومات التربية الصحيحة. وبمجرّد أن تتاح له أوّل فرصة للحياد عن الطريق السوي (عادة في فترة المراهقة) لا يتركها تمرّ خاصة في ظل مواصلة التباعد بينه وبين أبويه وفي ظل انغماسه بالتوازي مع ذلك في التربية الخيالية Education defiction قوامها التلفزيون (الفضائيات بأنواعها) وألعاب الفيديو والكمبيوتر والأنترنت وقاعات الألعاب.

وتري الدكتورة شرّاد أنّ التجربة أثبتت أن الأطفال الذين يتربون في ظل خروج الأم للعمل علي أيدي الجدّة أو علي أيدي قريبة أو جارة كبيرة في السنّ مرشحون أكثر من غيرهم لتلقّي تربية سليمة ومتوازنة أفضل بكثير من الأطفال الذين يكبرون (منذ بلوغهم سن الشهرين) لدي المحاضن أو لدي المعينة المنزلية. فهذه الطريقة لا بدّ من تشجيعها في مجتمعنا لأن المتقدمات في السن عادة ما تكون لديهن الخبرة اللازمة لتربية الأطفال ولتلقينهم أصول الأخلاق الحميدة والتصرّف السليم بما يتوافق ومجتمعنا.

و تضيف الدكتورة شرّاد…يبقي خروج الطفل للشارع عنصرا أساسيا لتربية الطفل رغم ما أصبح يمثله الشارع اليوم من مخاطر.. فلقاء الطفل بأصدقائه ورفاقه واللعب معهم ضروري لينمي قدراته الذهنية والفكرية وحتي الجسدية طبعا مع أخذ الاحتياطيات اللازمة وهذا العنصر أصبح اليوم مفقودا واستبدل باحتجاز الطفل في المحضنة أو أمام التلفزيون أو الحاسوب دون مراقبة ويعيش بذلك في عالم خيالي.

وتعتبر الدكتورة عفاف كرعود شرّاد أنّ الإحاطة النفسية بأطفالنا ينقصها الكثير في مجتمعنا خاصة في ظلّ التباعد المتواصل للأبوين عن الابن وتلقيه أغلب عناصر تربيته عن طريق المعينة المنزلية والحاضنة والتلفزيون والحاسوب.. وفي الدول المتقدمة مثلا يولون هذا الجانب أهمية بالغة، ويخضع الطفل مثلا لعيادة نفسية قصد اختيار المدرسة أو الروضة أو الحضانة الملائمة له، وأحيانا تضحي العائلة بنصيحة من الطبيب بالانتقال بالسكن من منطقة إلي أخري حتي يجد فيها الطفل راحته النفسية.

 

الأم خير مرب لأطفالها

من يربي الأطفال اليوم ؟سؤال طرحته الراية علي عدد من المواطنين فكانت الاجابة مختلفة وفقا للتجربة الخاصة لكل شخص.إذ يقول رياض (موظف): بعد أن تتخلي الأم عن رضيعها وتعود للعمل، يمرّ الرضيع إلي الحضانة حيث يقضّي فيها سنتين أو ثلاث ثم تخطفه الروضة وبعدها التحضيري ثم يمرّ الطفل للمدرسة والمعهد.. وعادة ما تمرّ كل هذه المراحل في حياة الطفل عبر المعينة المنزلية. وكل هذه الأطراف تساهم -علي طريقتها- في تربية الطفل دون تنسيق ما دامت الأم والأب غائبين طوال النهار عن المنزل.. فكيف تريدون أن لا تتلخبط الأمور عند الطفل.

أما عبد الكريم (موظف) فقد قال:اللخبطة أمر مفروغ منه ولا يمكننا إنكاره انظروا إلي أطفالنا ومراهقينا اليوم كيف يتصرّفون وكيف يعيشون.. تارة يتصرّفون بعنف لفظي ومادي وتارة تظهر عليهم بوادر الحيل الشيطانية الموظفة لأشياء سلبية، وأحيانا لا يظهرون اي احترام للكبير وأحيانا أخري يتميزون إما بذكاء خارق أو بمستوي ثقافي متواضع.. وهذا أمر طبيعي ما دامت التربيات متعددة ومتنوعة.

من جانبه يقول صادق (موظف): لي ولدان وبنت نجحت وزوجتي والحمد لله في تلقينهم أسباب التربية السليمة لسبب بسيط وهو أن زوجتي لا تعمل. وخلافا لما ورد، يقول السيد لطفي اشتغال المرأة ليس بالضرورة مؤثرا سلبيا في تربية الأطفال شخصيا زوجتي تعمل، لكن توصلنا بفضل تضحيتها وتضحيتي وتضحية بعض الأقارب لأن نربّي أبناءنا علي أسس سليمة… فمتطلبات الحياة الكثيرة اليوم أصبحت تفرض علي الزوجة الخروج للعمل لصالح الابناء أنفسهم حتي توفر لهم أسباب الرفاهة والعيش الكريم وأسباب النجاح في الدراسة.. المهم التضحية من الأب والأم لانجاح هذه العملية المهمة.. عملية تربية الأبناء، رغم مرور الأبناء بعدة مراحل مثل المحضنة والروضة.

أما السيدة منجية فتقول إنّ التلفزيون قد خرّب تربية الأطفال لذلك علي الوالدين دائما أن يراقبا الأبناء وإن بطريقة غير مباشرة. لأن التلفزيون وبفعل القنوات المتعددة فتحت المجال شاسعا أمام الأطفال ليتعرفوا علي عوالم غريبة عنهم وهم بفعل الانبهار أصبحوا منبهرين بها ويحاولون تقليدها.

 

(المصدر جريدة الراية (يومية – قطر) الصادرة يوم 2 ماي 2008)


 

أما آن الأوان في تونس للترفع عن القشور بين المعارضة الإسلامية وبقايا اليسار المندس في أجهزة النظام

 

 
بقلم نبيل الرباعي* طيلة سبعة عشر سنة والأخ الفاضل البلدي رئيس حركة الاتجاه الإسلامي سابقا وأحد قياديي مبادرة الشيخ مورو سنة 1991 وأحد دعاة المصالحة يتعرض إلى المراقبة المستمرة وللمضايقات الأمنية. حيث أنه ممنوع من استخراج جواز سفر كتعرضه العديد من المرات إلى مضايقات في عمله كتاجر متجول وذلك بحجز السلع التي بحوزته بدون موجب قانوني بإيعاز من السفاح اليساري المندس في وزارة الداخلية المدعو محمد الناصر عندما كان مديرا لإدارة بالاستعلامات العامة التابعة لوزارة الداخلية قبل طرده  منها . أما آخر الانتهاكات في حق المناضل الفاضل البلدي فهي تعمد رئيس مركز الأمن الوطني بحي النصر العبقرية الأمنية الفذة مضايقته بطريقة أكل عليها الدهر وشرب كحجز ابنه سهل البلدي الذي قضى عقوبة سالبة للحرية بموجب قانون الإرهاب طيلة ثلاثة أيام متتالية من السابعة صباحا إلى الثامنة ليلا مع التنكيل به وتجويعه وذلك أيام زيارة الرئيس الفرنسي سركوزي إلى تونس من جهة ومن جهة أخرى تهديد ابنه بعدم تمكينه من الترسيم في السنة الدراسية القادمة وهي السنة النهائية له إذ لم يتعامل معه وذلك بمده بتقارير يومية على نشاط أبيه بالإضافة إلى الزيارات الليلية لمقر سكناه دون المراعاة لحرمة العائلة يا لها من حماقة ، أيعقل أن قيادي في وزن الفاضل البلدي أحد أبرز مؤسسي تنظيم الحركة والمعجز للقيادات الأمنية سابقا في ترصد تحركاته قد يتمكن ابنه اليافع من ترصده ومعرفة كل تحركاته ؟ لكن الشاذ يحفظ ولا يقاس عليه حيث أن قطاع الأمن لا يخلو من ذوي الهمم الصادقة والبعيدين كل البعد عن الممارسات اللاأخلاقية التي يمارسها البعض وخاصة المكلفين بمراقبة المساجين السياسيين السابقين حيث أنهم يكثرون من التقارير المقدمة لرؤسائهم والمحتوية على الكثير من الحيف والزيف لتكون طريقهم للترقية على حساب حياة غيرهم. وهذه الممارسات من شأنها أن تكون ذريعة للمعارضة اليسارية الراديكالية التي كانت المنظر والمحرض الأساسي في حملة سنة 1991 ضد الإسلاميين. وبعد يأسهم من تولي حقائب وزارية كمنظريهم الوزير المخلوع محمد الشرفي … جعلتهم يلجأون إلى المعارضة ويتخذون مثل هذه الممارسات العقيمة كوسيلة للتهجم على النظام كمحور أساسي في تحركاتهم. فمن له المصلحة في كل هذه الممارسات ؟ هل أن البقية الباقية من اليساريين الموجودين داخل أجهزة النظام لها علاقة بكل ذلك تضامنا مع زملائهم الذين فقدوا كل مواقعهم في مؤسسات المجتمع المدني  وحفاظا على مراكزهم وذلك بافتعال معركة وهمية مع الإسلاميين ؟ وخلاصة القول أنه من غير الجائز تكليف أشخاص غير مؤهلين في الحقيقة وإقحامهم في ملفات كهذه خطيرة أي ملف السلفية الجهادية وهم غير قادرين على التعامل معها. فمن غير المعقول أن يقوم أشخاص بهذه المواصفات ولا مصلحة لهم إلا الحفاظ على مراكزهم التعامل مع هذه الظاهرة الجديدة  بهذه الوحشية مما ينجر عنه شحن الضغينة والحقد وقد يؤدي هذا الوضع إلى ما لا تحمد عقباه والحال أنه يجب دراسة هذه الظاهرة أي السلفية الجهادية وإيجاد الحلول الملائمة لها حتى لا تتكرر مأساة جديدة  كبعث لجنة من العلماء والشيوخ الثقاة وذات مصدقية لدراسة الظاهرة واقتراح الحلول الملائمة لإيقاف هذا الإنحراف في فهم الإسلام وتكون تابعة لسيادة رئيس الجمهورية وذلك بمحاورة المناصرين لفكر السلفية الجهادية داخل السجن وخارجه وإقناعهم والأخذ بيدهم للرجوع على فكرهم الخاطئ ومصالحتهم مع الإسلام. وآخر ما نشير إليه و نحن في هذه المرحلة أن نعيد تصور الصراع القائم بين السلطة والمعارضة الإسلامية في إطار التكامل الإيجابي داخل الوطن الواحد آملين أن يحدد الطرفين فهمهما للحوار والتعامل ورفضهما لمفهوم التعامل القائم على الصراع والمواجهة ، مؤكدين على أن اختلافنا شعوبا و قبائلَ لا يحتوي على أي شكل من أشكال الامتياز بل لكل منّا مميزاته التي تجعلنا نتكامل أحببنا ذلك أم كنا مـــــــــن الكارهيــن 
 حرر بتونس في 5 ماي 2008 * ناشر و سجين إسلامي سابق  
الهاتف : 361.487 98 (216) + E-mail : rebai_nabil@yahoo.fr


إلى أهلي و شعبي إلى أهلي  الطيبين بمدينة الرديف

 إلى  شعبي الأبي بمدينة الكادحين  الذين أبو إلا أن يغمروني بدفئهم  وحبهم الجميل إلى إخوتي بمدينة المناجم الغراء الذين أكرموني  بحسن ضيافتهم و استقبالهم  في عيد العمال يوم الخميس  غرة ماي  2008 اكتب هذه الكلمات من القلب إلى القلب  من أعماق  جرحي  النازف من صميم فؤادي الذي لا يعرف الحقد  والعداء إلا  لأعداء شعبي ووطني وأمتي اكتب إليكم هذه الكلمات وفي القلب حب اللقاء على وقع نغمات نشيد العمال في عيد العمال  يوم لا ينفع مال  ولا بنون  إلا من أتى الله بقلب مؤمن  بحق الكادحين والشغالين والحيارى والتائهين   إلا من أتى الله مؤمنا بحق الثورة ضد الظلم  والجور والظالمين إلا من أتى الله مؤمنا بحق الأمة في الوجود حرة رغم كيد المعتدين إلا من أتى الله بقلب يؤمن بصمود الشعب في كل آن وحين  ونزل إلى الأرض  يشارك الشعب همومه  وآلامه  يضمد جراحه  ويمسح عنه دموع الثكلى والمظلومين  يبحث معهم عن بقايا نور خافت وسط الظلام الدامس يحاوله بعثه من جديد يسمع صوت  الرضيع الجائع والعجوز البائس  ينظر في الأفق البعيد يغضب يزمجر يصيح بأعلى صوته هل من عنيد ؟ هل من ثائر اشد به أزري  وسط الركام والخراب والصديد ؟ مدينتنا تنادي تتصدى تتحدى هل من مزيد ؟ تظاهرت احتشدت اعتصمت نصبت الخيام على الحديد خرجت عن بكرة أبيها تحتفل تنتصر تعلق القصائد والقصيد  ولا زالت تصرخ وتولول و تنادي:هلموا هلموا لمجد بلادي  نزرع الحب  نسقي شعبنا الحرية والكرامة الوطنية هكذا تداعت الكلمات بانسياب وتلقائية كانسياب عطفكم وسماحتكم وتلقائية تحياتكم ونظراتكم . لقد انتشيت بلقائكم وانتعشت في يوم أغر زاده دفء حرارتكم  نشوة وسعادة لا توصف . إنني مدين لمدينتكم بالرديف بل لمدينتي  بل لمدنيتنا- مع فتح الدال وكسر النون – التي فاقت كل الحدود والوعي المقصود . هكذا كنتم وهكذا كنت  واقسم بالله إنني احد منكم  فو الله طاب اللقاء معك أيا عبد الله في حي زمرة عندكم  ما أروع الاحتفال يا عدنان  ويا بشير ويا عثمان معكم لقد شرفتمونا والله بأدائكم على درب حركتكم يا أهلنا بالرديف لقد أصبحت  وأصبحنا  لحرية الوطن والشعب بحمد الله إخوانا .

النفطي حولة . 4 ماي


الزّعيم

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي

ملاحظات وأسئلة غير مرتّبة، قبل البدء:  

1 – تكرّر وصف المسؤولين التونسيين للتقارير التي تصدرها المنظّمات الحقوقية غير الحكوميّة بأنّها تقارير مغرضة لا تُقبل، ويرتكز المسؤولون التونسيون في صلفهم على تقارير “المجتمع الدولي” وفي مقدّمته الكبار الذين ما فتئوا يشهدون لتونس بسبقها على المستوى العربي والإفريقي في ميادين الإقتصاد وحقوق المرأة وغيرها من الحقوق. وقد قرأت اليوم رأيا لرئيس دولة كبيرة لا تخطئها العين، ينتقد تونس في مجال الصحافة وحريّة التعبير. فهل تقبل منه “تونس التغيير” ذلك أم تعتبره نقدا مغرضا اقترفه بوش الصغير دون تركيز قبيل مغادرته سدّة الحكم؟!…

2 – أتساءل: إذا توقّفنا عند شهادة قوم لقوم لا يملكون لهم ضرّا ولا نفعا، أفلا نتوقّف عند شهادات قوم لقوم باعوهم الضرّ بالنفع؟! أعني كيف نتّهم من شهد لفقير مدقع، كما تفعل المنظّمات غير الحكوميّة مع المساجين السياسيين أو “القتلى” التونسيين الهائمين على وجوههم في بلاد التغيير بالانحياز وعدم الحيادية ولا نتّهم بالكذب والنّفاق أؤلئك الذين مجّدوا الدكتاتوريّة في بلادنا من أجل تمرير مشاريعهم الإجراميّة كالاستثمار المغسول بدمائنا أو التطبيع مع الصهيونيّة عن طريق المتوسّط؟!

3 – أتساءل: ألا تزال الكتابة تُجدي والكلمات كلّها قد استنفِدت والحبر كلّه قد سال والرّؤوس كلّها قد ثقلت أو كادت!.. وربّما أجبت: بلى! فلعلّ كلمة واحدة صادفت أذنا صاغية ونفسا تتوق إلى الانعتاق جمّعت الجموع وحشدت الحشود فساروا جميعا في سلم يقوّضون الفاسد ويرسون الصالح المثمر المزهر!… لعلّ ذلك يحدث! وإن لم يحدث فإنّا لن نيأس أبدا لأنّ الظلم لا يسود ولأنّنا مؤمنون…

4 – أتساءل: متى نخرج من أرض التجارب التي تصاغ فيها التقارير السنويّة؟! فنحن حسب التقارير السنويّة إرهابيون أو مشجّعون على الإرهاب، جهلة أميّون لا نقرأ ولا نفهم ما نقرأ، بدائيون لا نتحضّر ولا نقوى على معايشة المتحضّرين؟! لماذا لا نخرج من هذه الدائرة التي وُضِعنا فيها دون رغبة منّا؟! لماذا لا نلاحظ نحن للآخر فنقرّر له أنّه ظالم معتدٍ وأنّه صليبيّ غازٍ وأنّه حيواني بلا خلق وأنّه كاذب بلا وعود وأنّه منافق بلا مبادئ وأنّه غدّار بلا ذمّة؟!. لماذا نخاف حتّى البدايات؟! فلنجرّب! فلنفعل شيئا دفاعا عن كرامتنا المذبوحة بسكاكين حكّامنا القاعدين!…

 

الزّعيم:

يقول الله تعالى: “فلمّا قضينا عليه الموتَ ما دلّهم على موته إلاّ دابةُ الأرضِ تأكل منسأته فلمّا خرّ تبيّنت الجنّ أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين“، هذه اللآية الكريمة من سورة سبأ تبيّن حقيقة دامغة وهي أنّ الجنّ لا يعلمون الغيب كما كانوا يتصوّرون ويوهمون غيرهم من الإنس، إذ لو علِمُوه لانتبهوا إلى موت سيّدنا سليمان عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام، وقد مرّ عليه – حسب ما يقول المفسّرون – حول كامل. وإذ أستنجد بالآية الكريمة، فليس لتأكيد هذه المعنى المتأكّد لدينا إن شاء الله ولكن لأستعير الصورة المشهديّة العامّة – مستغفرا ربّي ثمّ معتذرا لدى سيّدنا سليمان والمسلمين – كي أقارن بين الجنّ عمّال سليمان ورعايا حكّامنا العرب. فقد كان الجنّ مع سيّدنا سليمان المؤيّد بالوحي والتوجيه والدعم الربّانيين (والجنّ من ذلك الدعم الربّاني) يعملون له ما يشاء، وقد أمسى رعايا الحاكم العربي الذي قد لا يؤمن بالوحي جملة أو تفصيلا والذي قد وجد التأييد في ذلك من القوى التنويريّة الديمقراطيّة الغازية يعملون له ما يشاء كذلك، بخضوع تامّ قد يفوق خضوع الجنّ لسليمان، دون حرص منهم على معرفة هذا الزّعيم ولا معرفة يومياته (ماذا يفعل، ومن يعاشر وأين يذهب) أو أنشطته أو حضوره أو غيابه أو هيأته (حيا، ميّتا، قائما، خارّا،…)، مع أنّ الجنّ كانوا يرقبون سليمان قائما في محرابه متّكئا على منساته…

 

انصراف الرعيّة عن معرفة الزعيم بسبب خوفهم منه أو كرههم له أو بسببهما جميعا، حرّره حريّة تامّة جعلته لا يبالي بوجودهم ولا يحسب لهم أيّ حساب فزاد ذلك من تفنّنه في الكذب وتبحّره في متاهات اللذّة. غير أنّه لم يغفل عن المنساة (المنسأة) بل اختار له واحدة صقلها بنفسه حتّى ذلّلها وطوّعها ليس فقد للاتّكاء عليها بل وأيضا للهشّ بها على الرعيّة، فحيثما وُجِدَتْ أمِنَ الزّعيمُ ونُكّست الرّؤوس تكدح في العذاب المهين…

 

وفي هذا الباب تقول كاترين غراسيات (Catherine Graciet)، الصحافيّة بموقع بقشيق الفرنسي، بتاريخ 28 أفريل 2008، إذا كانت وسائل الإعلام  التونسية (قلت: المنساة) قد التزمت الصمت إزاء الزيارة التّي قام بها الرّئيس ابن علي منتصف شهر مارس 2008 إلى جزيرة موريس صحبة عسكرييه، فإنّ أهل موريس يتذكّرون جيّدا هذه الزيارة التي كانت في الفترة الموافقة لاحتفال الجزيرة بعيدها القومي (12 مارس). ثمّ تضيف الكاتبة فتقول: حاولت وسائل الإعلام إيجاد الرّئيس في تلك الفترة فجعلته – وهو غائب – يستقبل برقيات التهنئة (وبرقيات التهنئة والتأييد لا تنقطع عن الزّعيم)، ويكتب لأمير قطر معبّرا عن المشاعر الأخويّة القلبيّة (التي كثيرا ما تنهي بقطع العلاقات الدبلوماسية)، بل ويرسل برقيّة تهنئة إلى رئيس جزيرة موريس بمناسبة عيدها الوطني… ثمّ تسخر من زعيم تونس التغيير ومنّا معه بالإلحاق فتقول: تأمينا منه لغيابه السرّي عن بلده، فقد حمل الزّعيم في أمتعته ألويته (il a emporté dans ses bagages ses généraux)، وهو ما تتذكّره وسائل إعلام جزيرة موريس بشكل جيّد، حيث كتبت أسبوعيّة الإكسبراس بتاريخ 22 مارس (*) تقول: كان الرّئيس التونسي عابزين (Abzin) بن علي مصحوبا في زيارته الخاصّة التي أدّاها إلينا الأسبوع الفارط بما لا يقلّ عن 18 جنديّا بعضهم بالزيّ الرّسمي (والجندي في التعريف عند المسلمين أرفع شأنا من الألوية، ولكنّ الأسبوعيّة هنا تعني ما تقول فقد فاجأهم المستوى المتردّي للجماعة)، وهو ما شغل المصالح الأمنيّة بالمطار… يقول كاتب المقال في أسبوعيّة الإكسبريس منتقدا تصرّفات “جنود” الزعيم – وقد داسوا على الكثير من أمور البروتوكول – “ما تعوّدنا على هذه التصرّفات في بلادنا”. وتلاحظ كاتبة بقشيش بأنّ موقع رئاسة الجمهوريّة في شبكة الأنترنيت قد عاود نشاطه يوم 17 مارس بعد أن أعلن يوم 10 مارس أن لا وجود لأنشطة رئاسية يومها…

 

قد تطلع علينا منسأة الزّعيم فتكذّب الخبر، بل قد يكون الخبر نفسه خياليا، فلعلّ هؤلاء نشروا الخبر لأسباب “مغرضة”، غير أنّ الذي لا يكذَّب هي هذه العلاقة القائمة بين الزّعيم والرعيّة، فهي علاقة متخلّفة غير شفّافة لا تفرض على الرعيّة إلاّ خوفا يغتصبها مقابل كره للزّعيم يثقله ويبغّضه… كما أنّ الذي لا يُكذَّب هي هذه الضبابيّة وعدم الوضوح اللذين يلفّان محيط الزّعيم: فإذا تكلّم في التلفاز رأينا له أيادي متحرّكة تفرز موسيقى عبر الأثير لا يميّزها حتّى الموسيقيون أنفسهم، وإذا فرح لا يُشرك رعيّته فرحه وإذا حزن لا يُعلم رعيّته ربّما لعلمه بأنّها تفرح بحزنه وإذا مرض لا يدعون له وإذا شُفِي لا يستبشرون بشفائه وإذا حضر شغل وظلم وإذا غاب لم يُفتقد ولم يُحترم (كما رأينا في هذا الخبر)… كما أنّ الذي لا يُكذَّب هو أنّ الزّعيم لم يجعل عمله منسجما مع قوله حتّى يئس النّاس منه ومن صلاحه كما يئس الكفّار من أصحاب القبور….

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*): مقال الإكسبريس الموريسية هو – حسب كاترين دائما – بعنوان: “Le président Ben Ali dans son jet“، غير أنّي لم أفلح في العثور عليه. فلمّا عثرت عليه فاجأني بأنّه لا يُفتح!!!!           

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم                                                         تونس في 03/05/2008

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

     الرسالة 440                                                               بقلم محمد العروسي الهاني   

   على موقع تونس نيوز                                                     مناضل – كاتب في الشؤون

                                                                                  الوطنية والعربية والإسلامية   

 

3 ماي عيـد الصـحافة العالمــي

تحتفــل به سنويــا فهل تطــورت الصحافـــة فـــي بلادنـــا

 

أن الذاكرة التونسية تتذكر الجلسة الممتازة التي أشرف عليها سيادة رئيس الجمهورية التونسية بمناسبة يوم 3 ماي 2000 عيد الصحافة العالمي وحضرها مديري الصحف الوطنية والأسبوعية وجرى خلال هذه الجلسة الممتازة التاريخية حوار حر ديمقراطي تتناول وضع الصحافة المكتوبة وكل المسائل المطروحة وتحدث الأخوة مديري الصحف بصدق وصراحة وبحرية وإصغاء إليهم سيادة الرئيس باهتمام كبير وعناية فائقة وساهم رئيس الدولة بكلمة صريحة ووضع النقاط على الحروف وتحدث بصراحة ووضوح وتطرق لعديد المشاغل والمواضيع والتجاوزات….ودعاء المسؤولين عن الصحف لتحمل كامل المسؤولية وإفساح المجال لحرية الصحافة والمبادرة بأكثر مسؤولية وشجاعة وإفساح المجال للقراء للكتابة والمساهمة في تطوير الصحافة وأكد على ضرورة تطوير الإعلام ومواكبة حرية التعبير والإحداث في الداخل والخارج والسبق للحدث ودعم التنوع والإبداع والمبادرة بأكثر حرية دون خوف أو ريب أو خشية من أحد في إطار ميثاق الصحافة وشرف المهنة وقال كلمة بليغة اليوم الكرة في ملعب الصحافيين وأصحاب الصحف.……..

بعد هذا الطرح والتمشي الديمقراطي والضوء الأخضر الذي أعطاه رئيس الدولة فهل تطورت الصحافة وهل تنوعت الأخبار ونشر المشاغل وهل ساهمت الأقلام بحرية في الصحف وهل فتحت الصحف أعمدتها للرأي الحر….وهل تطرقت الصحف للمواضيع التي ركز عليها رئيس الدولة وهل بعد 8 أعوام تحسن دور الإعلام وهل أتاحت الصحف الفرصة للكتاب والقراء والأقلام لنشر مقالاتهم بحرية.

الجواب لا بل العكس الصحف كانت قبل عام 2000 أكثر تفتح وأكثر مساحة للرأي الآخر. وهامش الحرية نسبيا أفضل ولست أدري هل الجلسة الممتازة التاريخية التي أحيت ذكرى عيد الصحافة يوم 3 ماي 2000. حققت ما طرحه رئيس الدولة ودعاء إليه أم أن الجلسة لها غايات أخرى ومكاسب أخرى لمديري الصحف أم هي مجرد لقاء لطرح بعض المشاغل المادية مثل الإشهار وغيره…..

هذا من ناحية الصحافة المكتوبة….. أما الإعلام المرئي والمسموع فدار لقمان على عاداتها لم تتغير ولم تتطور ولم نشاهد أي تحسن في البرامج والملفات الحوارية الحرة الديمقراطية التي نريدها ونشيدها ونطمح إليها مثل الملفات التي نتابعها في فضائيات عربية مثل قناة الجزيرة والعربية والمستقلة وعدة فضائيات ولم نشاهد تطور في أي مجال ما عدى الغناء الهابط والرقص والعراء والأفلام والمسلسلات المتبذلة التي ساهمت في تعميق التهور الأخلاقي والبعد على الحياء والحشمة ومع الأسف هذا دور الإعلام المرئي..أما إصدار الصحف الجديدة وبعث إذاعة مسموعة أو فضائية فهذا أصبح حكر على مجموعة دون أخرى.

وكأن الترخيص في الحصول على إصدار صحيفة أو بعث إذاعة أو فضائية إعلامية حرة حكرا على أفراد معروفين…؟ لماذا هذا التمشي ولماذا نوافق على فلان ونرفض آخر ولو كان من أكبر الوطنيين المخلصين. بينما في المملكة المغربية وقع الترخيص لعدد هام من الأشخاص المغاربة لبعث محطات تلفزية وإذاعات جهوية ووطنية..

ختاما أنوه ببيان نقابة الصحافة الذي تم نشره في الصحف عشية الاحتفالات بعيد الصحافة العالمي والذي دعاء إلى مزيد توخي الموضوعية والوضوح والواقعية.س

وإعطاء حرية أوسع للإعلام ودعم حرية الرأي وحماية الصحافيين ومزيد ضمان مستقبلهم ودعم مكانتهم الأدبية والمعنوية والمادية ومزيد دعم حرية الكلمة وجعل الصحافيين يعملون في مناخ سليم ديمقراطي واحترام الرأي الآخر دون مس من كرامة الإنسان أو هتك أعراض الناس وإفساح المجال للتعبير مع التحري والدقة في المعلومة كل هذا يخدم الإعلام ويطوره ويضمن حرية أوسع لفرسان القلم الذين يمثلون السلطة الرابعة صاحبة الجلالة ولا تقدم لشعب في الدنيا إلا بالإعلام الحر والتعبير الصادق.

وأقترح في عيد الصحافة تنظيم ندوة وطنية تخصص لتطوير الإعلام بصفة عملية حاسمة وفاعله مع مزيد التحري في اختيار المسؤولين على رأس وسائل الإعلام والأهم أن يكونوا من أهل المهنة النزهاء وذات رصيد وطني وأخلاقي..

وماضي سياسي نظيف لا إفراط فيه وتفريط ولا ميل للشيوعية والماركسية؟؟؟

قال الله تعالى وقل عملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ( صدق الله العظيم )

 

محمد العروســي الهانــــــي

 

 


 

حـــرام  
خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr   دخل علي لاهثا وألقى التحية : أنعمتَ صباحا قلت … حرام أخذ سيجارة وأشعلها ونظر إليّ! قلت… حرام أخذ الملعقة وأراد أن يأكل… قلت … حرام دخل بيت الاستحمام وأراد حلق لحيته… قلت … حرام لبس بنطلونا ووضع جاكيت… قلت … حرام قال أنه ذاهب للسينما ليرفه عن نفسه… قلت… حرام قال سأذهب إلى المسرح قلت…حرام فتح التلفاز واستلقى على الأريكة. قلت… حرام تماسك عن مضض، فأطلق صوته بالغناء… قلت… حرام أراد أن يلقي شعرا قلت…حرام قال إني ذاهب إلى الشاطئ. قلت… حرام قال : فإلى الملعب! قلت…حرام أخذ فأسا كان بجانبه وأسرع نحوي شاهرا إياه، قفزت ولذت بالفرار وهو يتبعني، أحسست باقترابه مني التفت أذكّره بحاله وحالي… العن الشيطان يا صديقي! قال حرام! قلت لا تنس الأخوة التي تجمعنا! قال حرام! قلت ألا تذكر أيام الصبا التي جمعتنا! قال حرام! قلت إني أب أسرة وأطفالي مازالوا صغارا! قال حرام! قلت إني مسلم أؤمن بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا! قال حرام! قلت إني بريء حرام الدم! قال حرام! قلت إني لا أريد إلا الخير لك قال حرام! قلت هلا تركتني أصلي ركعتين! قال…حرام! أحسست بقرب أنفاسه ورائي واعتقدت جازما أن ساعتي قد قربت… الفأس من ورائي، والفناء أمامي، والجسد لا يجيب، والأرجل بدأت برمي المنديل… وأخذت أتلفظ بالشهادة وأنا أرى مسلسل حياتي في شريط قصير لا يتجاوز اللحظات… كانت بدايته في كتاب القرية ومؤدّب بالعصا يلوّح لمن أخطأ الترديد أو أخفض صوته.. ونهايته عصا، في رأسها فأس، والفأس في رأسي…حرام! وفجأة فتحت عيناي، وانتهت المنامة وطارت الحمامة، وإذا بي في فراشي وأنا في عش الزوجية… في الحلال!
غرة مــاي 2008 المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net  

 

لقاء مع المفكر الإسلامي التونسي د. راشد الغنوشي  أمين عام «حزب النهضة الإسلامية» في تونس

 

* كيف تنظرون إلى أوضاع العالم الإسلامي اليوم؟
** جدل متواصل محتدم بين فريقين من المهمومين بتشخيص أمراض الأمة: التجزئة، الفقر، احتلال فلسطين، الأمية، وسائر مظاهر التخلف: أحدهما ما يفتؤ يؤكد أن مردها إلى القوى الخارجية المتربصة بنا والمصممة على عرقلة كل سبيل لنهوضنا تأبيداً لتخلفنا وضعفنا حتى يتيسر لها استمرارها في نهب ثرواتنا وفرض هيمنتها علينا والحؤول دوننا وعودتنا إلى الساحة الدولية منافسين لها عبر امتلاكنا مجدداً لأدوات صنع مصيرنا ومنها: تجاوز حالة التشرذم التي فرضوها علينا بالحديد والنار منذ قرنين خليا حيث ترجحت كفة الموازين الدولية لصالحهم، فوضعوا أيديهم على مصائرنا من خلال سيطرتهم على طرق تجارتنا وعلى سائر مواردنا، متخذينها كلأ مباحاً لنهبهم وتيسير رفاههم، حائلين دون توظيفها لصالح نهضة أمتنا وإرساء نهضة علمية وصناعية تحسن اكتشاف ثرواتنا الطائلة وتحسن توظيفها لاستئصال الفقر والمرض والأمية من حياتنا، ولتطوير أجهزتنا الدفاعية بما يضمن قدرتنا الردعية لكل عدوان على أرضنا، وإرساء أنظمة عادلة ديمقراطية تعبر عن إرادة شعوبنا ومصالحها وتقود الأمة نحو استكمال مشروعها النهضوي بدءاً بأنظمة ديمقراطية قطرية وصولاً إلى اتحاد للأمة ديمقراطي. وكل هذه المطالب تعتبر ضمن الاستراتيجية الغربية – حتى الآن- خطوطاً حمراء، تقديراً من واضعي السياسات الغربية منذ قرنين على الأقل أن تحقق تلك المطالب مضر بمصالحهم في الهيمنة العالمية ويمثل عائقاً وعقبة كؤوداً في طريقها. ولذلك بدأ التفكير منذ أولى غزواتهم الحديثة لأمتنا على يد نابليون في غرز خنجر في القلب من أمتنا في فلسطين يقطع وحدتها الجغرافية ويستنزف مواردها، ثم جمعوا أساطيلهم لتفكيك أول مشروع نهضوي في النصف الأول من القرن التاسع عشر في مصر على يد النهضوي محمد علي، وفعلوا الأمر ذاته مع كل المحاولات التوحيدية والنهضوية التي عرفتها الأمة بعد ذلك، فقد كانت الأساطيل جاهزة للتصدي للجيش المصري في ما لو حاول التصدي لانفصال سورية على يد زمرة من الضباط المغرر بهم. كما أن الأمير فيصل وقبله مصدّق في إيران لقيا المصير نفسه عندما تجرأا على التحكم في ثروة النفط. وتعرض المفاعل العراقي النووي للتدمير. وكان الكيان الصهيوني المزروع في القلب الأداة الغربية الجاهزة وكلب الحراسة المسعور الذي يعد الحفاظ عليه وإمداده بكل مقوّمات البقاء واجباً؛ لا مجرّد البقاء فحسب؛ بل التفوق على البلاد العربية مجتمعة. وما تتعرض له إيران اليوم من ضغوط رهيبة لمنعها من تجاوز خط من الخطوط الحمراء: امتلاك ناصية التقدم الصناعي المعاصر التقنية النووية ليس إلا واحداً من شواهد كثيرة على وجود تلك الاستراتيجية الغربية الثابتة – حتى الآن – لعرقلة كل مسعى نهوض حقيقي في أمتنا إن على جبهة توحدها أو على جبهة تقدمها الصناعي أو على جبهة تحولها الديمقراطي؛ فكل باب ومجال للنهضة تقف في وجه أمتنا صوب ولوجه ترسانات من الأسلحة الرهيبة جاهزة للاستعمال، والمبررات أيضاً جاهزة ومؤسسات القانون الدولي عادة لا تتخلف في إضفاء الشرعية القانونية الدولية وحتى الأصباغ الإنسانية على مخططات العدوان والهيمنة وحتى لو تخلفت كما حصل في غزو العراق تمضي الأساطيل عارية من كل غطاء للشرعية الدولية لا تبالي. وهذا الفريق الذي يركز على العامل الخارجي ممثلاً في التفوق الغربي والاستراتيجية الثابتة في تعويق مقومات النهوض في أمتنا: أ‌- لا يبرئ الذات من تبعة أوضاع المهانة والضعف التي تتلظى بها الأمة ولكنه يصر على أولوية العامل الخارجي سبباً رئيساً في استمرار هذه الأوضاع وإفشال كل محاولات النهوض. ب‌- هو ولئن شمل الغرب على وجه التغليب بحكم واحد فهو إنما يعني القوى الرئيسية فيه وبالخصوص الولايات المتحدة حيث انضافت إلى الدعائم الاستراتيجية لهذه السياسة الغربية التقليدية المعادية لنهضة العرب والمسلمين أسس عقدية منحدرة إلى مراكز القرار من كنائس إنجيلية متعصبة تصاعد نفوذها وبالخصوص في إدارة بوش المتأثر هو ذاته برؤيتهم الدينية للصراع العربي – الإسرائيلي الذي أعطي أبعاداً دينية تتعلق بأساطير تتحدث عن معارك نهايات التاريخ وعودة المسيح عبر إعادة بناء هيكل مزعوم. وهي الثغرة الأخرى التي دخلت منها مجموعات الضغط الصهيونية المتعصبة للتأثير الذي يكاد ينفرد بوضع السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط عبر عدد من المراكز القوية والمفكرين النافذين على رأسهم مسعر الحرب على العرب والمسلمين وملهم الإدارة الحالية المستشرق المشهور برنارد لويس وتلاميذه أمثال مارتن كرامر ودانيال بايبس وستيفن إمرسون وشارل بيرل وعدد من المتنفذين في وزارة البنتاغون أمثال بول وولفيتز ودوغلاس فايث الذين اختطفوا إلى حد بعيد السياسة الأمريكية وبالخصوص المتعلقة بالشرق الأوسط بالعرب والمسلمين. غير أنه بحكم رسوخ التعدد في المجتمع الأمريكي فإن وجهة النظر الأخرى يبقى لها أنصار وربما يتزايدون بقدر فشل خيار الاستئصال كاشفين عن  الأخطاء الفادحة بل الكوارث التي تسببت فيها لأمريكة هذه المدرسة السبتية  وعلى رأسها غزو العراق والدعم اللامشروط للتطرف الليكودي في إسرائيل وكذا الدعم الأمريكي لأنظمة حكم فاسدة دكتاتورية بدل دعم التحول الديمقراطي وهو ما شكل الأرضية المناسبة التي يتغذى منها التطرف والإرهاب حتى عد بوش أكبر نصير لابن لادن وقوة تجنيد له من خلال السياسات التي اتبعها؛ كل ذلك بحجة مقاومة الإرهاب وهو ما زاد الإرهاب انتشاراً والسياسة الأمريكية تورطاً وبالخصوص في العراق وفلسطين وأفغانستان وهو ما نشر الكراهية للأمريكان على أوسع نطاق في العالم وبالخصوص في عالم الإسلام بل عمَّق الهوة بين عالم الإسلام؛ وعالم الغرب وعرض المؤسسات الدولية لخطر الشلل..  بينما السبيل الأقوم لدى أصحاب وجهة النظر الأخرى من المفكرين والاستراتيجيين الأمريكان  لمقاومة الإرهاب إنما يكون بتضييق منافذه وأسبابه من خلال التشجيع على التحول الديمقراطي في دول العرب والمسلمين حتى ولو أتى ذلك بالتيار الإسلامي الوسطي وهو التيار الرئيسي في الحركة الإسلامية.  ومن هؤلاء المفكرين البرفسور جون سبوزيتو وجون فول ولويس كانتوري ومارك قيرشيتس وريتشارد بولليات ونوح فيلدمان والباحثة شيري بيرنارد.. وعلى أهمية هذه الأصوات تبقى السياسة الأمريكية مختطفة لدى الفريق بالغ العداوة والكراهية للعرب والمسلمين والمناصر لكل عدو لهم وبالخصوص الكيان الصهيوني؛ إلا أن برغماتية العقل الأمريكي ستدفعه غير بعيد إلى مراجعة هذه السياسة كلما ارتفعت تكاليف تنفيذها وتوالت خيباتها كما يحصل اليوم في العراق. وإلى أن يحدث ذلك فليس هناك غير الثبات والصبر.    أما الفريق الثاني فعلى الضد من الأول لا يهمل دور الخارج في العرقلة والتعويق ولكنه يعتبر ذلك عاملاً ثانوياً بالقياس إلى العامل الرئيسي في تخلفنا وانحطاطنا ألا وهو العامل الذاتي المتمثل أساساً في: الإرث الفكري الثقافي المتمثل في ثقافة الخنوع والاستسلام للأقدار والتهوين من شأن الفرد وحرياته وحقوقه ومسؤوليته على مصيره بما يؤول بشخصيته إلى الانحسار والذوبان ذرة في هذا الكون أو قطرة متلاشية في محيط الأمة والجماعة فيغدو راضياً بكل ما يعطى قابلاً لكل صورة مصفقاً لكل ناعق محتقراً لنفسه ضائقاً ذرعاً بمجرد ذكرها والشعور بها. أما المرأة نصف المجتمع والتي بين أحضانها يتربى النصف الآخر فوضعها أشد تعاسة في مثل هذه المجتمعات إن من جهة النظر إليها وحتى من جهة نظرها لنفسها. ولقد تأسس هذا التصور على رؤية للحياة جملةً وللنشاط فيها والبناء والازدهار والاستمتاع الجسدي وللفن والجمال على أن كل ذلك رجس من عمل الشيطان ومن عوائق السعادة في الدار الآخرة ومن مغضبات الرب. ومن شأن كل ذلك أن يثمر حالة عامة من السكون والاستسلام للطبيعة والتحرك فيها للضرورة بأقل جهد والاستسلام لما هو قائم من أوضاع اجتماعية مثل وضع التفاوت الظالم وأوضاع سياسية مثل وضع الاحتلال الخارجي أو الاحتلال الداخلي ممثلاً في الاستبداد وتأله الحكام بتقدير كل ذلك جزءاً من نظام الكون الذي أراده الله. وهكذا قاد هذا الإرث الفكري إلى الاستبداد ولك أن تقول إن هو إلا ثمرة من ثمار الاستبداد؛ فلقد ثبت أن الأمويين كانوا أول من نشر وشجع عقائد الجبر. والأصوب القول إن هناك علاقة متبادلة بين عقائد الجبر في الكلام وسيادة التقليد في الفقه وهيمنة التصوف والطريقة في التربية حيث يغدو الفناء هدف التربية، وسبيلُها أن يغدو المريد بين يدي شيخه كالميت بين يدي مغسله، علاقة تبادل بين تلك الثقافة بعناصرها تلك وبين نظام الاستبداد الذي حكم مراحل شاسعة من تاريخنا. ويدفع هذا الفريق حجج الفريق الآخر بلفت الأنظار إلى أمم أخرى تعرضت للاحتلال ولمكايد السياسات الغربية ولكن ذلك لم يحل بينها وبين التوفق إلى بناء نهضتها ومغالبة كيد أعدائها مثل دول في أمريكة الجنوبية وأخرى في آسية مثل اليابان والصين، بل إن بعضها تعرضت لحرب مدمرة ساحقة ثم من تحت الركام والأشلاء نهضت كالعملاق حتى نافست في التقدم أعداء الأمس، فلماذا يظل العرب وحدهم يلوكون قصة التفسير التآمري للتاريخ يتهربون به من مواجهة الأسباب الحقيقية لتخلفهم واستمرار تموقعهم في ذيل الأمم. بينما الحقيقة واضحة كالشمس أنه في صميم ثقافتهم وفكرهم ومعتقداتهم وأنظمتهم الجبرية يكمن داؤهم الذي لا دواء له من غير الوعي به ومواجهته بما يستحق من معالجات جذرية لنظامهم الفكري والقيمي، وهو ما حاول رجال الإصلاح الكبار فعله بدءاً بمقاومة عقائد الجبر المترسخة في جذور العقل العربي بالتأكيد على حرية الإنسان ومسؤوليته على أفعاله. كما دعوا في مجال الفقه إلى فتح باب الاجتهاد وممارسته والتمييز الواضح بين النص المنزل قطعيِّ الدلالة وهو الملزم للمؤمن وبين ما تأثل في تاريخنا من اجتهادات مهما عظمت مكانة أصحابها لا تعدو بالنسبة لنا كونها حقلاً للتجربة يستفاد منه فيما يناسب عصرنا وحاجاتنا. كما دعوا في مجال السياسة إلى مناهضة أنظمة الاستبداد والجبر التي حكمت تاريخنا وانتهت إلى إطفاء شعلة النهضة في أمتنا، وذلك بالدعوة إلى إحياء قيمة الشورى وضبطها بآليات النظام الديمقراطي بتقديره أقوم سبيل معاصر لتجسيد ذلك المبدأ العظيم واستئصال آفة الاستبداد وانفراد الفرد بالتقرير في مصير الجماعة بينما تؤكد الشورى على وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ{42/38:6-8} الشورى: 42/38فلا يجوز بحال أن يستقل به فرد مهما بلغ علماً وحكمة. بل الاستبداد شر كله ولا يأتي بخير <#وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ@>{11/97:7-10} <pt>[هود: 11/97]<pn> دلالة كل ذلك واضحة أننا المسؤولون عما حل بنا من تخلف وانحطاط وغلبة الأمم علينا. داؤنا كامن في أحشائنا، من صنع أيدينا» قلتم أنى هذا ؟قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ{3/165:11-15} [آل ‌عمران: 3/165بل حتى حكامنا المستبدون ليسوا إلا الانعكاس المباشر لثقافة مجتمعنا وضحالة قيمة الحرية والكرامة لدى المواطن عندنا بما يسهل على كل طاغية تحشيد الناس حوله والتهليل له لدرجة تسليطهم على كل مصلح وتشويه صورته لديهم وتهميشه. وفي ظل هذه النمط من الثقافة تغدو مسألة مصادرة الحريات واضطهاد الأحرار وتزييف الانتخابات مسألة لا تثير غضب الجماهير بل تجد تأييداً غير قليل من قطاعات واسعة من النخبة. ولك أن تقارن بين ردود أفعال نخب وجماهير غربية على تزييف محدود جداً للانتخابات في بلادها حيث تندلع المسيرات العارمة ملتفة حول نخب معارضة موحدة لا يصرفها قر ولا حر ولا تهديد عن مواصلة وتصعيد تحركاتها فلا تعود إلى بيوتها وأعمالها حتى يسقط الدكتاتور أو تعاد الانتخابات، قارن بين ما حدث في يوغسلافية وجورجية وأوكرانية وبين ما حدث ويحدث في عدد من الدول العربية، حيث التزييف السافر لإرادة الجماهير فلا يتعدى الاعتراض إصدار بيانات الشجب المحتشم. أليس ذلك عائداً إلى الفرق بين قيمة الحرية في المنظومتين الغربية والإسلامية؟ وهل يرجى تحول في أوضاعنا قبل أن نعي بهذه الحقيقة الوعي الكامل فنقدم على إحداث الجراحات الضرورية في جسمنا الثقافي تأسيساً جديداً في ثقافتنا لقيمة الإنسان وحقوقه المقدسة في الحرية والكرامة ولقيم الاختلاف والتعددية والإنسانية وسلطة الأمة أساساً لشرعية الحكم.؟؟ غير أنه رغم ما تتوفر عليه هذه الأطروحة من حقائق ومن منهجية إصلاحية، ترفض صرف طاقات الجماهير تهوّم بحثاً عن مشجب تعلق عليه مشاكلها، بل تردّها إلى ذاتها تبحث فيها عن أسباب فشلها وانحطاطها وغلبة الأمم عليها من مثل التأكيد على قيمة الحرية وما أصابها من إعطاب بل دمار جراء طغيان عقائد الجبر عليها  وأنظمة الجور ومناهج الجمود الفقهي والتربوي، مما انصبت عليه جهود المصلحين المسلمين المعاصرين بالنقد والإصلاح، بما جعل هذه الأطروحة تبدو على قدر غير قليل من التماسك والواقعية والفاعلية.. فلا أحد يملك القدرة على نفي ما بين سلوك الإنسان فرداً وجماعةً بما يؤمن به ويعتقد من فكر وقيم وأن السبيل الأقوم لتغيير مسالكه يمر حتماً بتغيير منهجه الفكري والعقدي والقيمي؟ من ذا الذي يملك القدرة على إنكار ما بين السلوك المتطرف الذي يبلغ حد استباحة النفس والآخرين؟ رغم ذلك فالأطروحة لا تخلو من جانب جدلي شكلي ومن مبالغات غير قليلة قد تصل إلى حد جلد الذات وتبرئة العدو وانتهاء بالأمة إلى حال من تعميق الشك في قدراتها واليأس من إصلاح ذاتها. وأخطر من ذلك قفزها فوق حقائق الواقع والعلم، إذ تقع فيما يشبه خطيئة القياس مع وجود الفارق فيما تستظهر به من أمثلة لدول حققت نهوضها رغم تعرضها للاحتلال وللمكائد الاستعمارية مثل الصين واليابان وألمانية ودول في أمريكة اللاتينية. الفارق واضح بين الموقف الغربي من دول وأمم لا تمثل للغرب منافساً حضارياً وإنما هي مجرد منافس سياسي أو اقتصادي يمكن ضبطه، وبين أمة إسلامية تعد تاريخياً المنافس الأساسي للحضارة الغربية. ولكم أن تقارنوا بين رد فعل كل من أمة اليابان والأمة الألمانية على الاحتلال الغربي، إذ قبلتا بشروط المتغلب فاندمجتا بالكامل في إطار منظومته الحضارية والاقتصادية والعسكرية، فلم تكد تنطلق منهما رصاصة واحدة مقاومة للهيمنة الغربية، فقد قبلتا السير بكل انضباط على السكة التي رسمها لهما المحتل، قارن بين ذلك وبين ردود أفعال أمتنا على الاحتلال الغربي وآخرها احتلال العراق، حيث لم تنته الحرب بسقوط الدولة بل هي قد بدأت، إذ بسقوط الدولة تحررت الأمة من نقطة ضعفها الأساسية: الدولة المستبدة المغتربة، لتتولى أمرها بنفسها من دون وصاية، مفجّرة مقاومة أذهلت المحتلين والمتعاونين معهم، رغم الشذوذات المنكرة،  بينما كانوا موعودين باستقبالات وردية وكان العراق موعوداً بأن يجعل منه الاحتلال الأمريكي أنموذجاً للتقدم في الشرق الأوسط يكرر الأنموذج الياباني والألماني لو أنه ودع خطيئة المكارم جانباً كما نصح الزبرقان: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي ولكن شطراً كبيراً من شعب الرافدين صمم على رفض ما عرض عليه مما تتمتع به مجتمعات النمل؛ وأبى إلا أن يرحل يبتغي مكارم الحرية والعزة والاستقلال على غرار ما فعلت شعوب إسلامية وحرة أخرى، ولذلك هو يتعرض اليوم للسحق على يد أشرس آلة عسكرية عرفها تاريخ البشرية من أجل أن يفرض عليه القبول بشروط المتغلب كما قبلت بها أمم أخرى. وهو ما يفسر لنا أيضاً ازدواجية الموقف الغربي من تقديم كل صنوف الحماية والدعم لانتفاضات معينة كالسلافيين والجورجيين والأوكرانيين من أجل الديمقراطية وصمتهم على دبابات يلتسن وهي تدك البرلمان، ومباركتهم لما تقوم به أنظمة حليفة لهم في بعض الدول العربية من تزييف سافر لإرادة الشعب. السبب واضح في ازدواجية الموقف الغربي. الديمقراطية في أوربة الشرقية سبيل لنقل أمم من صف العدو إلى الانضواء تحت لواء الحلف الأطلسي والسوق الرأسمالي ولذلك تستحق الدعم؛ بينما الديمقراطية في دول أخرى قد تطيح بأصدقاء وتأتي بفريق أقل ما يقال فيه إنه غير مضمون، وهو ما يفسر ازدواجية الموقف الغربي تجاه طلبات الانضواء في الاتحاد الأوربي فقد قبلت دون عناء دولاً خرجت لتوها من المعسكر الشيوعي بينما ظل الطلب التركي تحت الأخذ والرد رغم ما بذل الأتراك من جهود محمومة لخلع ملابسهم الشرقية الإسلامية طمعاً في القبول بهم غربيين ولكن دون جدوى.. ومنذ مائتي سنة باءت بالفشل الذريع محاولة مماثلة من قبل محمد علي في السير سيرة الغربيين من أجل الحصول بركات التقدم العلمي والقبول به في النادي الغربي. وانظروا ما فعلت القيادة المصرية منذ السادات من مساع محمومة من أجل القبول بمصر شريكاً لإسرائيل في تمثيل المصالح الأمريكية في المنطقة أملاً في الفوز بمستحقات الحراسة ولكن دون تحقيق نجاح يذكر، لأنها لم تنسلخ من جلدها بالكامل. بينما ينعم الكيان الدخيل بدعم وحماية غير محدودين. وكل ذلك يجعل تجاهل العائق الخارجي لكل مشاريع نهوض أمتنا أو التخفيف والتهوين من شأنه ممثلاً في ميزان القوة الدولي المائل ضد أمتنا ضرباً من التنكب عن حقائق العلم والواقع وأسلوباً في جلد الذات وتبرئة العدو. جلد الذات الذي نهايته اليأس من أنفسنا بدوام اتهامها وترسيخ مشاعر القصور الذاتي وأننا وقد فشلنا في تحقيق أهدافنا الكبرى فلسنا نصلح لشيء ولن يصلح حالنا دون الانضواء تحت ألوية الآخر والسير سيرته فيما يحب ويكره من أجل أن نكون له أنداداً كما نصح طه حسين في كتابه مستقبل الثقافة بمصر. غير أنه إذا كانت الأمة بسبب العوائق الخارجية واستمرار العوائق الداخلية لم تحقق أهدافها في الوحدة والنهوض وتحرير فلسطين فلا يعني أن جهود قرنين من النهضة والإصلاح ذهبت سدى، كلا؛ فلقد أمكن لجهود الإصلاح أن تعيد قطاعاً واسعاً من المسلمين إلى ساحة الفعل التاريخي بعد أن همشه الانحطاط. وكان من ثمار ذلك إعادة الربط بين الدين والحياة واستيعابه لثمار الحداثة دون أن يضحي بشيء من تعاليمه وقيمه، خلافاً للمنتظمات الدينية والثقافية الأخرى التي اخترقتها الحداثة واحتوتها. وكان من نتائج ذلك اندلاع حركات على امتداد عالم الإسلام لمقاومة الاحتلال حتى اضطرت دول الاحتلال إلى الانسحاب مدحورة وما بقيت غير بقاع محدودة من عالم الإسلام تحت الاحتلال لا تفتأ ضربات الجهاد تلاحقه وتدخل عليه الرعب وتوقع فيه أشد الخسائر رغم تفوقه المادي. وهاهي صحوة عارمة تخترق عالم الإسلام وحيثما وجد مسلمون؛ مناضلة من أجل إصلاح أنظمة حكم تابعة فاسدة تمثل الخارج أكثر مما تمثل شعوبها صحة  تبغي استرجاع دولة اغتربت وتحرير إرادة شعبية قهرت. الثابت اليوم أن الإسلام قد أمكن له أن يهمش في كل أقطاره مذاهب العلمانية وألجأها إلى الاحتماء بعنف الدولة والظهير الخارجي للبقاء. الثابت أن الأجيال الجديدة في عالم الإسلام أحسن إسلاماً من سالفاتها منذ قرون بما لا يرتاب معه دارس جاد أن جيل المستقبل في عالم الإسلام على كل المستويات بما في ذلك مستوى الحكم، إسلامي بإذن الله.. ومن مؤشرات ذلك حمل الإسلام لأنبل الرايات مثل راية الجهاد لتحرير فلسطين والعراق وحمل راية الحرية والديمقراطية والدفاع عن المستضعفين ومقاومة الفساد والتبشير باستعادة وحدة الأمة المغدورة، وذلك عبر تعميق وتوسيع مشروع الإصلاح فلا يقف عند المستوى الفكري العقدي والتربوي وتعبئة الأمة ضد الاحتلال الخارجي وهي منطلقاته الأساسية بل هو قد عمل فيها تعميقاً وتوسيعاً وامتد بها إلى كل المستويات الاجتماعية وكل مؤسسات المجتمع المدني وعلى امتداد العالم.  خذ على سبيل المثال ما أنجزه على مستوى الطبقة الوسطى عبر نقاباتها: الأطباء والمهندسون والمحامون والصحفيون.. إلخ، من اختراقات هائلة فضلاً عن فئة الشباب والنساء، فضلاً عن إنجازاته المتفوقة في خدمة المجتمع عبر الانتشار الواسع في مؤسسات المجتمع الأهلي مثل الجمعيات الخيرية والمدارس والنوادي الرياضية. ولولا كوابح الدكتاتورية وحواجزها وما تلقاه من دعم خارجي غير محدود، لفاضت سيوله على السهل والوعر. الثابت أيضاً أن الإسلام لأول مرة في التاريخ يغدو بالجغرافية عالمياً فهو أسرع الديانات انتشاراً ولأول مرة يصبح تناول الإسلام في الصحافة الغربية جزءاً من صفحاتها الداخلية ولن يمضي زمن بعيد حتى تنمو مشاركته على كل صعيد. ولن يمضي زمن بعيد حتى يقتنع الغرب بدءاً بالأمم الأكثر برغماتية مثل الأمريكان والإنكليز أنه لا سبيل لضمان المصالح الغربية في عالم الإسلام دون قبول بشراكة إسلامية مع الإسلام وأمته وتخلٍّ عن فكرة المركزية الغربية أو أمركة العالم أي القبول بدل ذلك بتعددية حضارية، وذلك من خلال التعامل مع التيار الوسطي في الحركة الإسلامية اقتناعاً وقبولاً بدور للإسلام في تحديد السياسات الدولية بعد قرن أو يزيد من التهميش.
وهل يعد كل ذلك فشلاً؟
** قد يكون إذا لم نأخذ بعين الاعتبار ميزان القوة الدولي المستمر ميلانه منذ قرنين لصالح القوى الغربية، ولكنه يتحول تدريجاً لصالح الإسلام وأهله وفي اتجاه عالم متعدد على أنقاض المركزية الغربية. إن النصر أي تحقيق الأهداف قابل للتجزئة فيمكن تحقيقه بالنقاط أي التقدم التدريجي صوبه وليس فقط بالضربة الحاسمة.. فهل ما ذكر من نقاط قليل حتى لا يبقى في قاموس خطابنا غير الحديث عن الفشل اللهم إلا في اعتبار بعضهم أن مقياس النجاح هو مدى تحقق القطيعة بين الدين والحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية للأمة على غرار ما يعتقد أنه سبب نهوض الغرب، إذا كان الأمر كذلك فحقيق عليهم إدمان الصراخ صبحاً وعشياً بفشل الأمة. أو أن يعدَّ مقياس نجاح المشروع الإسلامي في الحصول على الدولة أو النجاح في إدارتها.مع أن هذا الهدف ليس أعز مطالب الحركة الإسلامية زمن اختلال موازين القوة لصالح خصوم الإسلام، وهو ما يفسر جزئياً على الأقل تعثر تجارب الحكم الإسلامي (إيران) أو فشلها الذريع (السودان) والحقيقة أن جوهر المشروع ليس سياسياً هو الدولة وإنما هو فكري اجتماعي تربوي متجه أساساً إلى الفرد وإلى المجتمع وإلى الناس كافة وعلى أساس ما ينجزه في هذه الصعيد يقاس نجاحه أو فشله، وهو ما يجعل الحرية والعدالة على رأس مطالبه بحسبانهما قيمة أساسية في الإسلام ومدخلاً لا بديل عنه لكل إصلاح. وما أحسب أنها قليلة على هذا الصعيد منجزات المشروع الإسلامي وذلك رغم استمرار العوائق الخارجية أساساً وعلى رأسها دولة الاستبداد نقطة الضعف الأولى في بنية الأمة اليوم، وما تستظهر به على الأمة من قوى خارجية، على رأسها اليوم الكيان الصهيوني وحماته الغربيون وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، ثم العوائق الداخلية عائق التجزئة، وعوائق فكر التغريب وفكر الانحطاط ومن هذا الأخير قلة رسوخ فكر الحرية والتعددية في موروثنا بما يجعل التوصل صعباً إلى الإجماع الضروري لكل اجتماع وكل تغيير وكذا إدارة الحوار والتعامل مع الاختلاف سلمياً بحثاً عن المشترك. وما حصل بين الجماعات الأفغانية الجهادية المنتصرة من تقاتل استكمل تدمير البلاد وأسلمها لأشد عناصر الإسلام تخلفاً (طالبان) الذين انتهوا بحماقاتهم إلى توجيه الدعوة إلى الأمريكان إلى احتلال البلد بديلاً عن الاتحاد السوفياتي. وليس بعيداً من ذلك ما انتهى إليه أهل المشروع الإسلامي في السودان من تنازع ذهب بريحهم ودفعهم إلى التسابق على الاستظهار على بعضهم بعضاً بالتمرد وبالخارج، كل ذلك ثمرة لهزال بضاعتنا في ثقافة الحرية والتعددية وفن إدارة الاختلاف سلمياً وهو ما نجح فيه الغرب بعد عصور من الفتن والتقاتل فطفق يتقدم بثبات صوب الإجماع متجاوزاً صارفاً الأنظار عن مواطن الاختلاف يهملها مرة ويدعها لعامل الزمن يعالجها مرةً أخرى؛ بينما يحرن قومنا عند كل نقطة اختلاف فتتضخم عندهم حتى تعشي أبصارهم عن ساحات الوفاق الفسيحة. لا بد من تأكيد الشورى أساساً لكل نهوض وضبطها بآليات الديمقراطية الحديثة والعمل فيها تطويراً عبر الممارسة.
وكيف نفهم الصحوة الإسلامية ضمن هذه الرؤية؟
** مع ما قلته فالثابت أن الأمة تتقدم وتقوى رغم أن الدولة فيها تزداد ضعفاً وخواء من الشرعية وتعويلاً أكثر على العنف مصدراً للشرعية معززاً بالظهير الخارجي. الإسلام واقع اليوم رغم استمرار نقاط الضعف الداخلي والعوائق الخارجية على سلم تاريخي صاعد بينما مذاهب العلمنة في حالة ذبول وشيخوخة. رغم أنها في سدة الحكم على الصعيد العالمي بينما الإسلام في المعارضة، ولكنه المعارضة الرئيسية، وستعمل سنة التداول عملها. قال تعالى: وَتِلْكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النّاسِ{3/140:9-13} وهو تداول لا يعني الإلغاء ولكنه استيعاب لما هناك من كسب وتشكيله في صيغ حضارية جديدة تتكفل بحل مشكلات مستعصية وضخ دماء جديدة في جسم الحضارة العالمية. <#لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (*) بِنَصْرِ اللَّهِ{30/4:4+، 30/5:1-2}. من جهة العقيدة يؤمن المسلمون بأن رسالة النبي عليه السلام تعبر عن كلمة الله سبحانه الأخيرة إلى البشرية، وأن الله سبحانه تعهد بحفظ هذا الدين، تعهده بحفظ نظام الكون الذي يستمر ما استمر هذا الدين ويزدهر ما ازدهر، فإذا انصرف الناس عنه كان ذلك من أهم أمارات الساعة وانخرام نظام الكون، لأن الله سبحانه إنما خلق الكون ليكون تجلياً لأسمائه الحسنى لقدرته وجلاله وجماله لعدله ورحمته ومراداته كما جاءت بها شرائعه وعهد بها إلى خلفائه قياماً بها وحراسة لها، فإذا أعرض الناس عنها ظِهْرِيّاً واستسلم الحراس وانتهت المقاومة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وساد الشر دون منازع، فقد انتفت الحكمة من خلق هذا النظام الكوني العجيب واستمراره، فآذنت شمسه بالمغيب.وإذن نحن مطمئنون على مستقبل الإسلام ما دام هناك ليل ونهار وشمس وقمر وتزاوج وإنجاب: <#إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ{15/9:1-7}، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ{37/173:1-4}. ذلك في مجال الاعتقاد، في عالم الغيب. أما في مجال عالم الشهادة عالم الأسباب فعلى ما يوجد في طريق الإسلام المعاصر ودعاته من أشواك وطغاةٍ ومكايد وحملات استئصال تشيب لهولها الولدان، تضربه على قوس واحدة، تشدها وترمي بها دول  ملأت أساطيلها البحار والأجواء والبراري وخرت أمامها صريعة إمبراطوريات عظمى: الفاشية والنازية واليابانية والشيوعية. ومع أن أمة الإسلام تعيش حالة يتم وتمزق بسبب انهيار آخر دولة تحدثت باسمها، فتفرق بعدها الشمل بل أنكى من ذلك تم اختراق دوله ومجتمعاته من قبل أعدائه فاجتمع عليه كيد الخارج مع كيد طائفة من أبنائه نخباً وحكاماً تولى العديد منها التنكر لمبادئ الإسلام بأثر ما تعرض له من غزو ثقافي وتخريب عقدي أو تزلفاً للأجنبي المتغلب، فطفق يخطط لتجفيف ينابيعه واستهداف دعاته بالاستئصال فامتلأت بهم السجون والمنافي وفرض عليهم الحصار وكمُّ الأفواه والتمييز الصريح ضدهم حتى نطق أكثر من دستور لـ«دولة إسلامية» بحظر قيام حزب على أساس الإسلام، وبمفهوم المخالفة أن كل فكرة أخرى يمكن أن ينهض على أساسها حزب لخدمتها إلا هذا اليتيم؛ رغم أنه هو المالك الأصلي للدار فيحرم حتى من غرفة فيه ومن الحركة داخله.  ومع كل ذلك الكيد والاستهداف – وربما على نحو ما بسببه – فالثابت بالوقائع المشهودة أن الإسلام في  هذه الأزمنة من التغلب الغربي لم يحقق بقاءه وحسب – بل هو يتقدم بثبات وسرعة تحت القصف إن على مستوى الكمِّ أو على مستوى الكيف. جغرافية الإسلام اتسعت وتتسع أكثر من أي فترة تاريخية سابقة: فهو من جهة استردّ بلاداً واسعة تمتد ملايين الأميال يعيش عليها عشرات الملايين كان الإلحاد قد اقتطعها واقتطعهم من دار الإسلام، هم اليوم قد عادوا وهم منشغلون بنفض الغبار عن مساجدهم واسترجاع أوقافهم ومدارسهم وربط أسبابهم بدار الإسلام رغم الكيد الغربي الذي مد يد العون سخية للحرس الشيوعي القديم حتى ولو أرسى جمهوريات ملكية يورِّثها لأبنائه بينما الغرب لا يفتأ خارج المنطقة الإسلامية من الجمهوريات الشيوعية السابقة يمارس كل أسباب الضغط والدفع للإطاحة ببقايا الشيوعية في تلك الجمهوريات..من بولونية إلى أوكرانية. وعلى الصعيد الجغرافي أيضاً فان للإسلام المعاصر عوالمَه الجديدة الممتدة في كل أرجاء المعمورة من الأمريكتين إلى أوربة وعبر كل القارات. وهو بصدد التفاعل مع عوالمه الجديدة أخذاً وعطاءً باذلاً إسهامه في تنميتها وازدهارها وخيرها، لا يعكر صفوه ويعرقل سيره غير فكر وأعمال التطرف والإرهاب الصادرة عن بعض أهل تلك البلاد المتعصبين أو عن بعض أبناء الإسلام الجاهلين. ولكن الإسلام ماض في تأصيل جذوره في عوالمه الجديدة وتطوير ثقافة إسلامية تتناغم مع خصوصيات تلك البلاد كما طور من قبل ثقافات إسلامية عربية وفارسية وهندية ومالاوية.. أما على صعيد الكيف فقد أمكن للمسلمين أن يكسبوا في إيمانهم خيراً بعد قرنين من الإصلاح عوداً إلى الجذور متجاوزين سجون الانحطاط محررين – إلى حد معقول متزايد دينهم، من أسرها وآصارها، مميزين بينها وبين أصول الدين، بما حوّلها إلى مجرد تراث وحقل تجارب يستفاد منه دون أن يرتقي إلى منزلة السلطة المرجعية التي تحل محل النصوص الأصلية – كما كان عليه الأمر لعصور مديدة حكماً عليها والعياذ بالله، وهي عملية بدأت منذ قرنين على الأقل ومستمرة وفي سياقها تحرر العقل المسلم من كثير من الأوهام وعاد يمارس الاجتهاد فيتحرر من كثير من الخرافات والأوهام ويستعيد دوره في إجراء الحوار والتفاعل بين الوحي ومشكلات الواقع بحثاً لها عن حلول جديدة مستفيداً من تراثنا ومقتبساً من كسب الحضارة المعاصرة فيما يتساوق مع مقاصد الإسلام، وهكذا تمت في الإسلام عملية مهمة جدا لم تتم في دين آخر- كما أسلفنا-  أعني تم له استيعاب الحداثة الغربية المعاصرة على شروطه وليس على شروطها فاستخدمها لضخّ دماء جديدة في عقول وحياة أهله دون بذل المقابل الذي طلبه الغربيون والمتغربون ولا يزالون وهو الإقدام على إجراء جراحات في بنية الإسلام حتى يتلاءم والحداثة العلمانية وهو ما تحمست له نخب وحكام أمثال بورقيبة وشاه ايران وطه حسين ومن سار على دربهم المهلك. ومن ثمار هذه العملية التاريخية المهمة جداً التي أنجزها الإصلاح الإسلامي أعني احتواء الإسلام للحداثة بشروطه ولمصلحته، هذه الصحوة الإسلامية المباركة التي تعمر الأمة من أقصاها إلى أقصاها وبالخصوص قطاعات التعليم حيث يهيمن القطاع الطلابي الإسلامي على كل الكليات في بلاد الإسلام وحيث يوجد مسلمون يتمتعون بنَفَسٍ من الحرية، وانعكس ذلك في النقابات المهنية للمهندسين والأطباء والمحامين والصيادلة وأساتذة الجامعات والصحفيين وحتى للجمعيات النَّسوية. ومن آثار هذه العملية التاريخية المهمة التنامي المتواصل لمعالم الحياة الإسلامية، فكانت كلمة التوحيد التي تم تحرير أقدار مما تتوافر عليه من طاقات خلاقة مثل خلية أولى تحمل مشروعاً متكاملاً لبنية عضوية متقدمة جداً لا تني تفصح عنها بالتدريج، فكان من ثمار ذلك ثورة التحرير التي عمّت عالم الإسلام :جهاداً تصدى للجيوش الغازية حتى لاذت بالفرار، ولا يزال يطارد ما تبقى حتى تولي الأدبار تجرر أذيال الخزي في أثر أسلافها.  ومن ثماره تلك العملية التاريخية المهمة وهي تحريك آلة الاجتهاد المعطلة منذ عصور،اجتهاد أصّل لمكانة العلم في دين الإسلام وللتربية الحديثة  وللنشاط الاقتصادي بعدِّهِ جزءاً من عبادة المسلم وللفنون الجميلة ولحقوق الإنسان وللحرية والديمقراطية ولدور المرأة شقيقة للرجل. وبذلك توالى بروز معالم الحياة الإسلامية في هذا العصر في مجالات كثيرة منها المجال الاقتصادي ففرض مفهوم الاقتصاد الإسلامي شخصيته المتميزة مقابل الاقتصاد التقليدي الرأسمالي فامتدت سلسلة واسعة من البنوك والشركات الإسلامية التي تلتزم بضوابط الشريعة وبلغ نجاحها حد أن غدت كبريات البنوك الغربية مثل سيتي بانك وباركليز تفتح لها فروعاً تتعامل بالشريعة الإسلامية وكان أحدثها البنك الإسلامي البريطاني خطوة كبرى، وانعقدت له المؤتمرات العلمية والندوات الدراسية بل قد فتحت جامعات غربية مثل لافبارة في إنكلترة كلية لدراسة الاقتصاد الإسلامي، بعدِّه ركناً في نظام الحياة الإسلامية،  والدولةِ في الإسلام التي لا تزال الدراسات والتجارب في مجالها من أجل بلورتها تُجرى إن على الصعيد النظري أو على الصعيد التطبيقي.. ومن ذلك دراسات وتجارب في مجال السياسات الإسلامية في شكل برامج لأحزاب إسلامية أو نقابات أو جمعيات خيرية أو مدارس إسلامية أو بحوث وفقه مقارن بين النظريات الإسلامية في الشورى مثلاً والديمقراطية وفي مجال حقوق الإنسان.. ومن ذلك ظهور معالم أخرى للحياة الإسلامية في مجال الأدب والفنون مثل الرابطة العالمية للأدب الإسلامي ومن مثل تطوير الزي الإسلامي للمرأة الذي هو صورة معاصرة تجسم قيم الإسلام في الحشمة متفاعلة مع ما اقتضته الحياة المعاصرة من مشاركة واسعة للمرأة في المجال العام. ولقد أمكن للأحزاب الإسلامية أن تحقق أقداراً غير قليلة من النجاح إن على صعيد تعبئة أوسع القطاعات الجماهيرية وراء قضايا الأمة الكبرى في العدل والحرية ومناصرة ضحايا العدوان الدولي على شعوب إسلامية والوقوف إلى جانب المقاومة فيها مثل قضية فلسطين والبوسنة والشيشان وكشمير والعراق؛ أو في مجال التصدي لأنظمة القهر والاستبداد مناصَرة لحقوق الإنسان والتعاون في ذلك مع سائر القوى الوطنية والتحررية في العالم من مثل الحركة العالمية لمناهضة للعولمة. وبرهنت الأحزاب الإسلامية ونوابها في البرلمانات على مدى ما تتوافر عليه هذه الجماعات من مستوى عال من المبدئية والواقعية في الآن ذاته. وحتى عندما حكمت هذه الأحزاب وأزيحت عن الحكم مثل حزب الرفاه لم تستنفر الجماهير إلى الجهاد المسلح مسفهة ما اتهمت به من توظيف للديمقراطية مجرد توظيف لتزيحها جانباً بمجرد الوصول للسلطة، وسرعان ما عادت إلى الساحة عبر صناديق الاقتراع أقوى مما كانت بعد أن تعلمت من تجربتها وتشكلت في هيئات جديدة حاملة لبرامج واقعية متطورة، محمولة إلى الحكم على أجنحة آمال شعوبها في العزة والرفاه وطهارة الأيدي المتوضئة،  ينطبق ذلك أيضاً على الأحزاب الإسلامية المشاركة في السلطة التشريعية وهو حال أغلبها من أندونيسية إلى الباكستان وبنغلاداش إلى المغرب مروراً بمصر واليمن والجزائر.. وكذا على الأحزاب المشاركة في الحكومات أيضاً وهي غير قليلة من أندونيسية إلى بنغلاداش والجزائر. عموماً يمكن القول إنَّ تجربتها قد أسهمت في تطويرها ذاتياً فجعلتها أكثر فقهاً بالواقع المحلي والدولي كما أسهمت في خدمة الإسلام وترسيخ التجربة الديمقراطية، وفوّتت على أعداء الإسلام فرصة دفعها إلى الصدام مع الحكومات مما تضررت منه التجربة الديمقراطية كثيراً، ولكن هذه المشاركات تبقى في عمومها جزئية وتظل الصورة العامة لوضع الإسلام بالقياس إلى معركته مع العلمانية ومقاومته للهيمنة الدولية: أنه في المعارضة المعترف بها أحياناً والمضطهدة إلى درجة السحق أحياناً أخرى.
 
 (المصدر: كتاب “الخطاب الاسلامي الى أين” لمحرره  الاكاديمي السوري وحيد تاجا وتولت نشره دار الفكر في 500صفحة)


الأمين العام لحركة التجديد التونسية: لنعمل كقوة هادئة دون تسرع ولا انتظارية

 
أرسلت في الأحد 04 مايو 2008 تونس- سفيان الشورابي طالب الأمين العام لحركة التجديد التونسية المعارضة أحمد إبراهيم الحركة بالعمل كقوة هادئة دون تسرع ولا انتظارية فيما يتعلق بالترشح إلى رئاسة الجمهورية حتى لا يؤدي بها إلى منزلق ما أسماه بـ”التقوقع” وذلك في المجلس المركزي للحركة الذي انعقد يوم الأحد بالعاصمة تونس مفتتحا جدول أعماله بتقرير تناول الوضع السياسي والاجتماعي والمهام المطروحة على المناضلين، إلى جانب بعض المسائل التنظيمية المتعلقة بحياة الحركة الداخلية. وقال إبراهيم في لقاء بمناسبة انعقاد المجلس أنه في بداية حديثه إلى المصادقة في قراءة أولى على التعديل الاستثنائي المتعلق بالترشح إلى رئاسة الجمهورية وإلى معارضة ممثلي الحركة في مجلس النواب إلى جانب ثلاثة نواب آخرين، منوها بدور النواب التجديديين وأدائهم الإيجابي جدا. وذكر إبراهيم إن “كل المؤشرات تدل على أن الانتخابات يراد لها أن تكون إعادة إنتاج لسابقاتها وأن لا وجود لأية نية في إصلاح المنظومة الانتخابية، تصورا ونصا وممارسة”… لكن رغم هذا الإصرار على إبقاء دار لقمان على حالها “هنالك إمكانية في خلق ميزان قوى سياسي من شأنه تحقيق الحد الأدنى من الإصلاح في المنظومة الانتخابية، وهو الهدف الذي  قررت الحركة التركيز عليه منذ العودة السياسية في الخريف الماضي بتنظيم ندوة أكتوبر”. وأكد إبراهيم أنه رغم الصعوبات السياسية التي على الحركة العمل على تذليلها والناتجة عن الاختلاف بين أطراف المعارضة الديمقراطية فيما يتعلق بالتمشي ومحتوى المعركة، ثمة نقاط قوة حقيقية تسمح للتجديد وحلفائه في الحركة التقدمية والحداثية بآفاق تحرك واعدة. وأضاف إبراهيم أن الاختلاف واضح  بين تمشي من اختار طرح المسألة من زاوية الرئاسية وحق الترشح لشخص معين من ناحية، وبين تمشي التجديد وأحزاب أخرى،الذي يرفض اختزال الأمور في الرئاسية ويتناول الانتخابات كملف متكامل يجب إصلاحه إصلاحا جذريا وشاملا من ناحية أخرى. وقال إبراهيم إن الاختلاف في المحتوى لا يقل أهمية عن الاختلاف في التمشي، حيث أن حركة التجديد “لا تعتبر الانتخابات مجرد آلية يجب إعطاؤها الحد الأدنى من المصداقية، لأنها بالخصوص مناسبة لطرح المشاريع السياسية والبدائل المجتمعية، ولذلك تربط الحركة بين الشكل والمحتوى ولا تعتبر المحتوى ثانويا إلى درجة السعي إلى تجميع كل من يقول “لا” للسلطة كما يفعل البعض وذلك ليس فقط بتجاهل التناقض بين المشاريع ولكن أيضا بالعمل على تغييب تلك التناقضات وحتى على محوها بدعوى تطور يريد البعض إيهامنا بأنه حصل في أطروحات التيار الأصولي بفضل تواجده ضمن تحالف معين”. وشدد إبراهيم على ضرورة التعامل السياسي المحكم “الذي يبقي على التعاون والتشاور الواسع والمبادرات المشتركة مع بقية أحزاب المعارضة في ملف إصلاح المنظومة الانتخابية من جهة، وعلى التمايز في التوجه السياسي الذي يعطي محتوى واضحا للحركة الديمقراطية والتقدمية خاصة في مرجعا لبديل مختلف في نفس الوقت عن مشروع السلطة والمشروع الإسلاموي وهو تمايز مزدوج يشكل إحدى ركائز تحالفاتنا في المبادرة/الائتلاف”.  لا تسرع ولا انتظارية وقال إبراهيم أن في هذا “موطن قوة حقيقيا علينا العمل على تعزيزه”، مبينا معالم النجاح المشجعة التي ظهرت في الندوة التي عقدتها الأطراف المكونة للمبادرة/الائتلاف يوم 20 أبريل الماضي والآفاق التي فتحتها والواعدة بانطلاقة جديدة لهذا التحالف على أساس التراكمات الإيجابية وإمكانية التوسع إلى مزيد من الشخصيات التقدمية الوطنية وحتى إلى أطراف سياسية واعية بضرورة قطب ديمقراطي حداثي. وفيما يتعلق بالترشح إلى رئاسة الجمهورية أكد إبراهيم أنه على الحركة أن تتجنب منزلقين، منزلق التسرع الذي نجحت في تجنبه إلى حد الآن ومنزلق التباطؤ والانتظارية لأن كليهما يؤدي إلى التقوقع، وعلى حركة التجديد أن تعرف كيف تتصرف كقوة هادئة علما بانه وكما يقول المثل الشعبي “ما يسبق عالسوق كان الخضار”… وأضاف أن الحركة ليست لها رهانات زعاماتية أو حزبية ضيقة وهي تحترم مناضليها وحلفاءها وتثق في الرأي العام الديمقراطي كما تحظى بثقته ولن تتخذ قرارا أحادي الجانب وهي مستعدة للتحاور من أجل موقف توافقي في كل القضايا المرتبطة بالانتخابات التشريعية والرئاسية ولوضع إمكانياتها بما في ذلك حقها في ترشيح أمينها الأول على ذمة الحركة الديمقراطية والتقدمية وتأمل “أن يتم اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بالمشاركة ومحتواها وصيغها وتوقيت الإعلان عنها بروح وفاقية”.  مع أهالي الحوض المنجمي وعن الوضع الاجتماعي، أكد إبراهيم أن من خصوصيات حركة التجديد أنها تعتبر السياسة كتعبير عن الصراعات الاجتماعية وأنها “تعمل على جعل انحيازها للعمال والشباب والنخب المستنيرة والفئات الشعبية والجهات المحرومة العمود الفقري في تحركها” وتناول بالتحليل مسألة غلاء المعيشة وعجز الحكومة على التحكم الكافي في التضخم ومشاكل الخدمات الصحية وقضية البطالة، خاصة لدى خريجي الجامعة، وما تطرحه على الحركة من ضرورة الاهتمام بأكثر جدية بمطالب هؤلاء الشبان وتحركاتهم، كما تعرض إلى تجربة النضالات الشعبية بالحوض المنجمي وواجب تعزيز التضامن مع أهالي المنطقة ومزيد التفعيل الميداني لدور الحركة بناء على برنامج متكامل يقترح حلولا عملية لتجاوز انعدام تكافؤ الفرص في التنمية والتشغيل ويعمل على إقرارها بمشاركة المواطنين. ومن جهة أخرى أكد إبراهيم على ضرورة إيلاء اهتمام أكبر بقطاع الشباب في الحركة وتعزيز المبادرات في اتجاه إنضاج وإنجاز مشروع بعث تنطيم شبابي مرن وناجع في صلبها من شأنه أن  يشكل نقلة نوعية في حياتها، كما قدم بسطة عن العمل في الوسط النسائي وما تقوم به لجنة “نساء من أجل المساواة” التي بعثت مؤخرا من نشاط ودعا إلى مبادرات جديدة لإحكام التنظيم والتحرك على الصعيد القطاعي وإتمام الهيكلة الجهوية والمحلية، إعدادا لعقد المجلس الوطني للحركة الذي سينعقد قبل العطلة الصيفية.  تعزيز المسار التوحيدي وبعد عرض الخطوات الهامة التي تم إنجازها منذ الاجتماع الأخير للمجلس المركزي خاصة في مؤسسة الحركة وتنويع نشاطها الوطني والمحلي وعودة جريدتها إلى دوريتها الأسبوعية، أكد إبراهيم على ضرورة مزيد تحسين مردودية العمل بالمساهمة النشيطة لكل إطاراتها ومناضليها وتعزيز صفوفها وتقوية وحدتها بتعبئة كافة الطاقات التي شاركت في المؤتمر الأخير بمن فيهم الملاحظين، وإيلاء أهمية خاصة للم شمل وتشريك جميع من ساهم في المسار التوحيدي الذي كان المؤتمر لبنة هامة من لبناته. وذكر في هذا الصدد بالمبادرات التي قامت بها قيادة الحركة بروح وحدوية متفتحة منذ بداية السنة وهي الروح التي بقيت متمسكة بها رغم التشنجات وقد أدى هذا التعامل المسؤول والعقلاني مع الخلافات إلى نتائج مشجعة بعد بعث لجنة الحوار من قبل الهيئة السياسية والاتصالات والحوارات التي قامت بها، حيث أنجز تقدم واضح في اتجاه إعادة الثقة الرفاقية ووضع مصلحة الحركة فوق كل الاعتبارات الذاتية والعزم على التجاوز الإيجابي والمسؤول،  وهو ما يسمح بخطو خطوة هامة نحو التجاوب مع متطلبات التشريك الواسع في الهيئات الحزبية ومجالات صياغة القرارات ومتابعتها… وبناء على ذلك ،طلب إبراهيم من المجلس المركزي إعطاء الهيئة السياسية  صلاحية مواصلة الحوارات بغية صياغة مقترحات للمجلس المركزي تستجيب لتلك المتطلبات في إطار احترام نتائج المؤتمر والهياكل القيادية والنصوص المنبثقة عنه وخاصة القانون الأساسي والنظام الداخلي، مؤكدا أنه بالإمكان – بعقلية الوحدة والتجاوز العقلاني –  الاهتداء إلى حل يحقق التناغم بين الإقرار بالمؤتمر وقراراته (رغم الاختلاف في التقييم) وتجسيم مبدأ التشريك تدعيما للوفاق الرفاقي وتعزيزا لوحدة الحركة حتى تخوض المعارك القادمة متماسكة ومتكاملة ومؤثرة.  نقاش ثري ومتنوع وإثر تقرير إبراهيم تدخل عدد كبير من أعضاء المجلس المركزي في المحاور الثلاثة التي تعرض لها. ففي خصوص الوضع السياسي والاستحقاق الانتخابي اتجهت النقاشات إلى طبيعة المبادرات السياسية والتحركات الميدانية الكفيلة بأن تسمح للحركة بأن تظل ماسكة بزمام المبادرة. فلئن كان صحيحا أن الحركة يجب أن تبقى وفية لتمشيها التحالفي وأسلوب التشاور إلا أن ذلك لا يمنع من تكثيف التحركات خاصة تحركات الأمين الأول بوصفه مرشحا “محتملا” لرئاسة الجمهورية وهي صفة من شانها إكساب النضال من أجل إصلاح شامل للمنظومة الانتخابية والعمل على تجميع أوسع القوى في هذه المعركة والمعارك اللاحقة درجة عالية من النجاعة. وألحت عدة تدخلات على ضرورة إدماج المشاغل الاجتماعية في برنامج التحالف الذي يجري بناؤه إدماجا حقيقيا وعدم الاكتفاء بجانب الحريات والمؤسسات، كما وقع التأكيد على هاجس توسيع التحالف إلى أطراف ديمقراطية على أساس التقائها معنا ومع الحركة التثدمية  في التوجه الحداثي … وقدمت توصيات تتعلق بالتظاهرات ذات المحتوى الاجتماعي كالتشغيل والصحة والتوازن الجهوي، وهي تظاهرات ينبغي عدم الاقتصار في تنظيمها على العاصمة بل يجب الإكثار منها في الجهات. ونظرا لتعدد الملفات اقترح عدد من المتدخلين أن تبرمج اجتماعات المجلس القادمة لتدوم يوما ونصف أو يومين حتى يتسنى التعمق في مواضيع في حاجة إلى الدراسة الجادة كملف العلاقات الخارجية وملف الفلاحة وغيرهما. وفيما يتعلق بالجريدة أكد العديد من الأعضاء على الطابع المتأكد لإنجاح حملة الاشتراكات وحل مشاكل التوزيع بالاعتماد أكثر على البيع النضالي.:.  أما على صعيد العمل على تعزيز المسار التوحيدي والحوار الجاري في هذا الاتجاه فقد عبر متدخلون عن أهمية إنجاح ذلك الحوار بتوخي القدر الكافي من المرونة في حين لفت آخرون الانتباه إلى ضرورة العمل في الحركة بعقلية نضالية وهو ما يعني عدم اختزال الأمور في الهياكل القيادية لأن مجالات المساهمة في القرار أوسع من تلك الهياكل وكل تشريك في مواطن القرار يجب أن يتم على أساس الإضافات الحقيقية والتحلي بخصال التفاني والكفاءة لا على أساس “جبر الخواطر” أو ترضية ” زيد أو عمرو… وفي كل الحالات يجب الحرص على احترام مؤسسات الحركة وقرارات مؤتمرها والتفاني في خدمة أهدافها الوطنية في كنف نكران الذات، وهي شروط لا بد من أخذها بعين الاعتبار ليكون التشريك الواسع للإطارات وخاصة منها تلك التي ساهمت في إعداد وإنجاز المؤتمر، محل وفاق كامل بالمجلس المركزي والمجلس الوطني، وعامل دعم لوحدة الحركة لا عنصر تصدع… وبين عدد من المتدخلين أنه، إذا تأكد الاتفاق على التجاوز الحقيقي وعم الوعي بأن تجاوز النواقص لا يمكن أن يتم ويدوم إلا إذا انبنى على الإيجابيات والمكاسب التي حققها المؤتمر، فإن في القانون الأساسي والنظام الداخلي من المرونة ما يسمح بإيجاد الحلول البناءة الكفيلة بأن تحظى بإجماع إطارات الحركة ومناضليها وأصدقائها (المصدر: موقع  آفاق بتاريخ 4 ماي 2008)

 


 

في تونس، الفيلم التسجيلي يلتزم، يقاوم، يشهد، ويحذر

‘اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي’ تؤكد مرة اخرى انها تظاهرة سينمائية نضجت مبكرا

 

ميدل ايست اونلاين

بقلم: صلاح سرميني

 

كلما أُتاحت لي الظروف بلقاء أحد السينمائيين من تونس، كنتُ أسأله عن “اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقيّ”، ردود الفعل الإيجابية المُتراكمة زادت من رغبتي بمُتابعة الدورة الثالثة، والتي انعقدت في تونس خلال الفترة من 2 وحتى 6 أفريل 2008، وعلى الرغم من كلّ ما سمعته، كنت أظنها احتفاليةً سينمائيةٌ صغيرة، تضمّ مجموعة أفلامٍ جمعتها مديرتها سهام بلخوجة من هنا، وهناك، وشكلت حولها تظاهرةً سينمائيةً، كي تُلفتَ الانتباه نحوها أكثر من الأفلام نفسها، كما تصورتُ بأنّ عدد الضيوف أكثر بكثير من الجمهور المحليّ.

 

ولكن، حالما وصلتُ مطار قرطاج الدولي، المألوف بالنسبة لي، تسارعت المفاجآت الواحدة بعد الأخرى.

 

لقد كان المُنظمون في موعدهم لاستقبال القادمين من باريس، وهم أكثر عدداً من آخرين وصلوا من بلدانٍ أخرى، وكان الغداء في موعده كما أشارت المُفوضة العامّة حورية عبدالكافي في رسالتها الإلكترونية الجماعية التي وصلتني ليلة السفر، وحتى التنبيه استعداداً للطقس البارد في تونس التي وجدتها (مناخياً) مختلفة عما عهدتها في فتراتٍ مهرجاناتيةٍ أخرى: أيام قرطاج السينمائية، المهرجان الدولي لأفلام الطفولة، والشباب/ سوسة، والمهرجان الدولي لأفلام الهواة/ قليبية.

 

وكان الكتالوغ في موعده أيضاً بلغتيّه الفرنسية، والإنكليزية (غابت اللغة العربية عنه، ومن المُفيد بأن يكون مستقبلاً باللغة العربية، والفرنسية فقط).

 

في المساء، تحتمّ علينا الذهاب إلى “المسرح البلديّ” المُجاور لفندق “أفريقيا” في السابعة والنصف لحضور الافتتاح المُفترض بدايته في الثامنة، وعندما وصلنا، كانت جموع المتفرجين ـ الشباب خاصةً ـ تتأهبّ للهجوم حالما يفتح المسرح أبوابه، وقتذاكَ، فهمتُ أسباب اصطحابنا المُبكر، وبعد دقائق من جلوسنا، امتلأت القاعة، والشرفات العديدة، وبكلّ تواضع، وثقة، وقفت سهام بلخوجة فوق المنصة تُعلن افتتاح الدورة الثالثة، وأشارت إلى المتفرجين المنتظرين خارج القاعة يأملون مكاناً شاغراً، وهم أكثر عدداً من الحاضرين المحظوظين، وشكرت الجميع: المُمولين، الداعمين، المُتضامنين، والمسؤولين (الغائبين) عن هذا الحدث الهام، والغريب بأنّ أحداً منهم لم يظهر، ولم نسمعَ أيّ كلمات ترحيبٍ روتينية من ممثلي المدينة، والدولة، ربما تجاهلاً مُتعمداً من طرفهم، ولكن، كان واضحاً تعمّد إدارة “اللقاءات” الابتعاد عن المظاهر الاحتفالية، أو عروض الافتتاح الخجولة/أو المُبهرة المُعتادة في مهرجاناتٍ أخرى، علماً بأنّ سهام بلخوجة القادمة من الرقص، والسينما هي الأقدر على انتهاز مناسبةٍ كهذه لتقديم عرضاً ما، ولكنها لم تفعل، وتخيّرت مقاطعة البهرجة التي تطغى ـ في بعض الأحيان ـ على الهدف الرئيسيّ للمهرجان..السينما.

 

وتوضح هذا التوّجه المقصود باختيار فيلميّ الافتتاح، الأول بعنوان “أحمد بهاء الدين عطية، المُغامر” لمخرجه التونسي رضا الباهي ـ 26 دقيقة، 2007ـ هو بمثابة ذكرى وفاءٍ لواحدٍ من أعلام السينما التونسية، والعربية.

 

في أحد مشاهد الفيلم/الوثيقة النادرة يحكي “المُنتج المغامر” عن بدايات مسيرته، وتحوله من النشاط السياسي إلى السينما، وهو القاسم المُشترك لمُعظم السينمائيين التونسيين الذين شحذوا مواهبهم في “الجامعة التونسية لهواة السينما”، و”نوادي السينما” التي انتشرت في طول البلاد، وعرضها، ويعود الفضل لها في تكوين كوادر سينمائية، وخلق جمهوراً شغوفاً، ومخلصاً للسينما بكافة أشكالها، وأنواعها، واليوم، فإنّ تزاحمه أمام الصالات حرصاً على مشاهدة أفلامٍ تسجيلية، أفضل مثالٍ على ذلك.

 

والفيلم الثاني، “كلماتٌ بعد الحرب” ـ 58 دقيقة ، 2007ـ لمخرجه الموسيقيّ التونسي أنور إبراهيم، وثيقة قويةٌ، ومؤثرة، تُلخص أراء بعض المُثقفين اللبنانيين حول المأساة التي عاشها اللبنانيّون فترة الاعتداءات الإسرائيلية على بلدهم في تموز من عام 2006.

 

وبدل أن ينصرف الجمهور فوراً بعد عرض الفيلميّن، أو يتبع الافتتاح سهرةً عامرة، فقد كانت المفاجأة مبادرة نادرة من نوعها في المهرجانات العربية، والدولية، حيث صعدت سهام بلخوجة إلى منصة المسرح برفقة المخرج، وأثارت نقاشاً مفتوحاً مع الجمهور حول الفيلم، بينما كانت (جيهان) ـ الراقصة الأولى في فرقتها ـ تهتمّ بدزينةٍ من الضيوف.

 

لم يكن فيلم الختام “محامي الرعب” ـ فرنسا، 2007 ـ لمخرجه باربيت شرودر أقلّ التزاماً، وإثارةً للجدل.

 

شيوعيّ، مقاومٌ للاستعمار، أم يمينيّ متطرف، أيّ مبادئ وجهت جاك فيرجيز؟ خلال 135 دقيقة يكشف الفيلم عن الغموض الذي يكتنف حياته، وخاصةً انخراطه في مقاومة الاستعمار الفرنسي للجزائر، وزواجه من جميلة بوحريد، ومن ثم اختفائه لمدة ثماني أعوام، وبعد عودته يدافع فيرجيز عن “الإرهابيين” من كلّ حدب، وصوب وُفق وجهة نظر الغرب حول نشاطاتهم المُسلحة: ماجدالينا كوب، أنيس نقاش، وكارلوس، وعن مجرمي الحرب أمثال الألماني باربي.

 

****

 

تخيّرت “اللقاءات” بأن تكون إعلامية، وتعمّدت إدارتها الابتعاد عن المُنافسة بين الأفلام، وفي جلسة عشاء، سمعتُ المدير الفنيّ المخرج هشام بن عمار يقول لأحد الضيوف بأنها “فكرةٌ مؤجلة”.

 

وبالإضافة لأفلام الافتتاح، والختام، تُجسّد البرمجة التزاماً، وتوجهاً خاصاً نحو القضايا المُلتهبة في مجتمعنا الراهن.

 

وكما جاء في الكتالوغ، لم تكن الاختيارات مجانية، فالبرمجة بناءٌ معماريّ عام، يُضاف كلّ حجر من الهيكل إلى التالي عن طريق الإسمنت/الخطة التحريريةّ.

 

تضمنت البرمجة 75 فيلماً من 17 دولة، تظهر معظمها شكلاً من أشكال الالتزام، النضال، والمقاومة، توزعت، وتقاطعت في محاور مختلفة :

 

* عندما يلتزم الفيلم التسجيلي: صراعات الأمس، واليوم.

 

* عندما يشهد الفيلم التسجيلي: بورتريهات، مصائر فردية، وجماعية.

 

* عندما يقاوم الفيلم التسجيلي: الذاكرة، والمنافي، النساء تتساءلن.

 

* عندما يحذر الفيلم التسجيلي: أين يذهب العالم؟

 

بالإضافة لتكريم المخرج التونسي المُقيم في باريس مصطفى الحسناوي، والفرنسية آنييس فاردا، اللذان منحا البرمجة ثقلاً نوعياً يتوافق مع فكرة الالتزام التي كشفت عنها “اللقاءات”.

 

وبرنامجٌ خاص تحت عنوان “وعودٌ تسجيلية”، يقدم أفلاماً قصيرة تمّ إنجازها في إطار مدارس، ومعاهد السينما، المؤسّسات، والورش المُستقلة، أو الأفلام المُمولة من طرف المخرجين أنفسهم.

 

******

 

“أولاد لينين” من إنتاج تونس/فرنسا 2007، لمخرجته التونسية ناديا الفاني، فيلمٌ فريدٌ في موضوعه، ويتقاطع مع فيلم “كلماتٌ بعد الحرب” لمخرجه أنور إبراهيم في تحطيم محرماتٍ تتعلق بالدين، والسياسة، وفيه لا تخشى الشخصيات المُختارة لتقديم شهاداتها عن العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006 من التصريح الواضح بعلمانيتها، ويكشف “أولاد لينين” عن ذكريات عائلة شيوعية تونسية امتلكت تاريخاً حافلاً بالنضال، وتنبش الفاني الذكريات، تستعيدها، وتتساءل: كيف يمكن أن تكون شيوعياً البارحة، واليوم ؟ وهل التخلص من الشيوعية، أو الانفصال عن مرجعياتها يحتمّ بالضرورة التخلي عن الحسّ النضالي ؟

 

فيما مضى، تطرقت بعض الأفلام الروائية العربية لهذه التيمة بخوفٍ، وترددٍ من خلال شخصياتٍ شيوعية (يسارية بالأحرى)، ولم تتعرض لها الأفلام التسجيلية العربية بهذا الوضوح، الصراحة، والكشف.

 

فيلمٌ يتمسّك بالنضال، ويرغب بأن يعود، وكما ذكر والد المخرجة في أحد مشاهد الفيلم:

 

ـ لقد أصبحت الشيوعية جثةً ميتةً، ولكنها تتحرك في بعض الأحيان…

 

وربما يرغب الفيلم ضخّ الحياة فيها بشكل يتناسب مع الحاضر .

 

فيلمٌ جرئ، يأتي في وقته، بعد أن اندحرت الشيوعية، وتكاد اليوم تختفي، ولكن، بعد اكتشاف الوجوه الحقيقية المُدمرة للرأسمالية، النظام العالمي الجديد، والعولمة.. فإنّ الجيل الحالي بحاجةٍ أكثر من أيّ وقتٍ مضى للتساؤل عن معنى الاشتراكية، الشيوعية، واليسارية، ليُغربلها من مُخلفاتها، ويسترجع ما هو إنسانيّ فيها.

 

ويُثبتُ تفاعل الجمهور التونسي مع الفيلم، بأنّ الفاني لا تبغي بأن يكون استرجاعياً، حنينياً إلى زمانٍ مضى، ولكنها استشعرت رغبات جيلٍ يبحث عن مرجعياتٍ إيديولوجية تحقق طموحاته في التغيير.

 

فيلمٌ/ بيانٌ سياسيٌّ صادقٌ، مؤثر، فعالٌ، وبعيدٌ عن الشعارات، والخطابات.

 

الفيلم الأمريكي “مخيم المسيح/Jesus Camp” لمخرجيه هيدي إيوينغ، وراشيل غرايدي ـ 85 دقيقة، إنتاج عام 2005ـ يُظهر التطرّف الديني الذي يحتاج إلى مقاومة إنسانية شاملة، فهؤلاء الذين تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم في الولايات المتحدة يشكلون قوةً انتخابيةً مُعتبرة، مُؤثرة، وقادرة على أن تُسمع صوتها في الحياة السياسية، والثقافية، وهم لا يؤمنون فقط بعودة المسيح، ولكنهم يستعدون لهذا الغرض، ويجهزون أنفسهم للوصول/الاستيلاء على السلطة في أمريكا باسم المسيح، ويدربون أطفالهم على أبشع أنواع التطرف ضدّ أنفسهم، والآخرين.

 

الفيلم الفرنسي/اللبناني “رحلة يوليو” ـ 35 دقيقة، إنتاج عام 2006ـ لمخرجه وائل نور الدين رحلةٌ إلى بيروت أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في يوليو 2006، يتجسّد فعله المُقاوم بالرغبة بتوقف التاريخ عن استنساخ أحداثه المُتتالية، والمُتشابهة، والدوران في حلقةٍ مستمرة، ولكنه، بدوره، يبتعد عن نمطية الأفلام التسجيلية التي صورت العدوان، يتخيّر أسلوباً جمالياً تجريبياً، مختلفا، ومخالفاً لتقاليد سيولة السرد المعهودة، وينهج تتابعاً حاداً، فظاً، وصادماً.

 

الفيلم التونسي “عزبز، نوافذ الخطر” ـ 52 دقيقة إنتاج 2008ـ لمخرجه جلال بالسعد أكثر الأفلام التي دخلت إلى قلوب الجمهور التونسي، فهو يكشف عن موهبة الطفل (عزيز) ـ 8 سنوات ـ الفائق الذكاء، والغارق في خيالاتٍ مستوحاة من عالم الرسوم المُتحركة التي تبثها محطات التلفزيون، يشاهدها بانتباه، يُعيد تنظيم قصصها، يخلق منها حكاياته، وشخصياته الخاصة، ويرسمها بإتقانٍ مدهش، ولكنه يعيّ تماماً بأنّ ما يجسّده على الورق لا علاقة له بالواقع، ويُعبر عن رأيه فيما يحدث في العراق، لبنان، وفلسطين، ويمتلك في هذه السن المُبكرة كلّ الإمكانيات (الخيالية) لمُقاومة الاحتلال، والظلم، والفساد، مُتعاطفٌ تماماً مع الضحايا، ويتوعد الجلادين بنهاياتٍ مُفجعة.

 

وبالإضافة للشخصيات العديدة التي جمعها في رسوماته، فقد خلق شخصيةً كريهةً، شريرةً، عدوانيةً، سيئة، وأسماها (Busharon) وهي مستوحاة من شخصيتيّ بوش، وشارون، وجهز لهما في مخيلته سيناريوهاتٍ مرعبة كي يخلص العالم من شرورهما (هل يعتبره بوش سلاح دمارٍ شامل؟).

 

ولكنّ عزيز الغارق في العنف المُستوحى من برامج التلفزيون، رقيقٌ، حالمٌ، وعاشقٌ لطفلةٍ تقاربه سناً، تُشاركه حبّه، أحلامه، وخيالاته المُرعبة، والطريفة معاً.

 

****

 

بعد عرض أفلام الافتتاح، وأنا أهبط سلالم “المسرح البلديّ” هرباً من الزحام، والمُدخنين، أوقفني الناقد السينمائي التونسيّ خميس الخياطي ليُجري معي حواراً مُقتضباً لصالح إذاعة “مونت كارلو”، في تلك الدقائق القليلة، شرحتُ له انطباعاتي الإيجابية عما شاهدته في اليوم الأول، وطلبتُ منه بأن يُصحح معلوماتي إن أخطأت، حيث ذكرت له بأنّ “اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي” في تونس هي التظاهرة الوحيدة في الوطن العربي المُتخصصة بهذه النوعية من الأفلام، حالما ذكرني بـ”المهرجان الدولي للأفلام التسجيلية، والقصيرة” في الإسماعيلية/مصر، ووافقته بدون تفكير، وفيما بعد، تذكرتُ بأنّ ذاك المهرجان يهتمّ بالأفلام الروائية القصيرة، والتسجيلية معاً.

 

وفي جلسةٍ ختامية جمعتني والمدير الفنيّ هشام بن عمار، أكدتُ مرةً أخرى على تفردّ “اللقاءات”، وتخصصها بالأفلام التسجيلية، وبتواضعٍ ذكرني أيضاَ بـ”مهرجان الإسماعيلية”، و”المهرجان الدولي للأفلام التسجيلية” في بيروتDocudays، وتدخلت المخرجة الفلسطينية بثينة خوري كنعان كي (نُصححَ معاً) معلوماتنا.

 

ـ يبدو بأنّ Docudays قد توقف (أتمنى بأن تكون المعلومة خاطئة، وغير مؤكدة).

 

ـ يضمّ مهرجان الإسماعيلية الأفلام القصيرة بأنواعها “روائية، تجريبية، وتحريكية”، والأفلام التسجيلية بأطوالها المُختلفة.

 

ـ خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر ‏2008 سوف تنعقد في أغادير/المغرب الدورة الأولى للمهرجان الدولي للأفلام التسجيلية.

 

إذاً، وحتى نوفمبر القادم، تظلّ “اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقيّ” في تونس، هي التظاهرة السينمائية الوحيدة في الوطن العربي المُتخصصة بالأفلام التسجيلية، وهي ما تزال في بداية مشوارها (ثلاث دورات)، ولكنها أثبتت نضجها المُبكر، تماماً كما الطفل عزيز في فيلم جلال بلسعد، وهي بانتظار “لقاءاتٍ” عربية أخرى كي تحبها، وتتعاون معها، وتتحول إلى نوافذ مُشرعة على الأفلام التسجيلية.

 

(المصدر موقع ميدل إيست أون لاين بتاريخ 4 ماي 2008)


الحوار حول حرّية الإعلام في قناة تونس 7:

لماذا الهروب بقضايا الإعلام والصّحافة إلى نقاش حول قضايا مفتعلة؟؟

 

تونس ـ الصباح:

بقلم: صالح عطية

عرضت قناة “تونس 7” أول أمس برنامجا حواريا ضمن سلسلة برنامج “الحدث السياسي”، خصص مرة أخرى لمسألة الإعلام على خلفية اليوم العالمي لحرية الصحافة، وجعل له عنوانا بارزا هو “حرية الإعلام: الواقع والآفاق”..

ولا شك أن الموضوع مثير إلى حدّ بعيد، لأنه يأتي في توقيت كانت جل الفضائيات والتلفزيونات في العالم، تطرح موضوع الإعلام والصحافة وقضايا الصحافيين في هذا اليوم الذي أريد له أن يكون بمثابة السجل لرصد جميع العوائق التي تطول الإعلام والعاملين فيه، خصوصا السياسية منها والحقوقية والمهنية.. ويهمنا هنا إبداء جملة من الملاحظات حول إدارة الحوار ومضمونه وسياقه والأسلوب، الذي اعتمد للحديث عن “حرية الإعلام”..

ــ في البداية، لا بد من الاشارة إلى عنوان البرنامج، “حرية الإعلام: الواقع والافاق”، الذي يحيل في الحقيقة على عنوان ندوة فكرية أو سياسية وليس موضوع حوار تلفزيوني، وهذا معناه أن هذا الاختيار كان يشير منذ الوهلة الاولى، إلى إمكانية الهروب بهذا الحوار نحو آفاق تتسع لها ندوة في أحد دور الثقافة وليس برنامجا حواريا تلفزيونيا محدودا في الزمن من ناحية، ومشاهدوه “من نوعية خاصة”، إن صح القول، بمعنى أنهم ليسوا من النخب المتخصصة في الثقافة والفكر والجدل السياسي..

ــ واللافت للنظر من جهة أخرى، أن معظم الذين أثثوا “بلاتو” البرنامج، ليس فيهم إلا صحفيين اثنين، هما الزميل الحبيب الشابي، والسيد العروسي النالوتي، عضو مجلس النواب ورئيس تحرير صحيفة المستقبل الناطقة بلسان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (رغم أن صفته الحزبية كانت تغلب على هويته الإعلامية)، فيما أن بقية الحضور هم إما من المسؤولين على مؤسسات صحفية (مثل حال السيد المنجي الزيدي، مدير جريدة الحرية)، أو جامعية على غرار السيد محمد حمدان (مدير معهد الصحافة وعلوم الاخبار)، أو مستشار في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، مثل السيد رضا الملولي، إلى جانب أن السيد عز الدين العامري، منشط البرنامج، ليس طرفا محايدا في الحوار، باعتباره مدير الاذاعة الثقافية، وبالتالي فهو طرف في هذا الحوار، مهما حاول أو اجتهد أن يكون على الحياد.. من هنا، فإن وجهة الحوار منذ البداية كانت واضحة، إذ لم تكن الرغبة الاستماع إلى الصحفيين ومشاغلهم ومعاناتهم والقضايا التي تهم المهنة، بقدر ما كان الاتجاه العام، تقديم “مقاربات”، إن صحت تسميتها كذلك، تتضمن كل شيء إلا مشكلات “صاحبة الجلالة”..

ــ ومثلما درجت عليه الملفات الخاصة بالإعلام في قناة “تونس 7″، يتم منذ البداية إحاطة النقاش بجملة من الممنوعات والخطوط الحمراء، التي باتت مستهلكة وممجوجة، ضمن نوع من التنظيرات التي تشبه إلى حدّ بعيد محاضرات من تلك المحاضرات القديمة التي تعود إلى مرحلة الستينيات من القرن المنقضي، مثل ربط الحوار بـ “ثوابت المجموعة الوطنية”، وبـ “مفهوم السيادة الوطنية” التي عبّر بعض الحاضرين عن خشيتهم المعتادة عليها، بالاضافة إلى مفهوم قديم جديد أدرج هذه المرة بشكل متعسّف، وهو “مفهوم المصالح الحيوية للبلاد”، إلى جانب قضايا “أخلاقيات المهنة”، ومحاولة تحميل الصحفيين مسؤولية المستوى الرديء الذي تعاني منه بعض الصحف، سيما الصفراء منها.. إنها “الاسطوانة” التي ملتها آذان المشاهدين، اسطوانة بالية هي أقرب لـ “الدمغجة” والضحك على ذقون المشاهدين منها إلى حوار يهم الصحافة والصحفيين ومشاغل المهنة، التي لا يمكن الحديث عنها إلا من قبل من يمارسونها بالليل والنهار، وليس من الذين يمثلون أحد مشكلاتها وعوائقها..

ــ ما أعجبني في هذا الحوار التلفزيوني حقا، هو هذه القدرة العجيبة لبعض الحضور، على الهروب بالحوار عن الإعلام، إلى حوار خارج دائرة الإعلام، يطرح مشكلات فكرية وسياسية خلافية أصلا، مثل مفاهيم العولمة والسيادة والخصوصيات الثقافية وصراع التكتلات ونفوذ أصحاب المال، وكأن مشكلاتنا في الإعلام التونسي، ترتبط بهذه القضايا وإذا ما اتفقنا حولها (ربما في العام 2100)، سنتمكن من إرساء إعلام حرّ وتعددي وذي مصداقية..

إن الصحفيين، سواء في الصحافة المكتوبة أو المرئية أو المسموعة، لهم أجندا أخرى ترتبط بقضايا بسيطة للغاية، مثل الوصول إلى المعلومة، وتحسين الظروف المهنية، والتوصل إلى حدّ من الحماية القانونية والسياسية والمعنوية، بل الاكثر من ذلك، العودة إلى مفهوم شديد البساطة في الإعلام، وهو أن “الخبر مقدس، والتعليق حرّ”، بحيث تكون لنا الامكانية أن ننقل الخبر، وأن تتوفر لنا إمكانية التعليق عليه بحرية ومسؤولية، وهي المسؤولية التي لا يمكن أن يلقننا أي كان درسا فيها، لاننا الاكثر قدرة على تقديرها حق قدرها، باعتبارنا أهل المهنة والذين يقتاتون منها، وبالتالي الاحرص عليها، والاكثر رغبة في صيانتها من كل من تسول له نفسه الاساءة إليها..

نحن بحاجة اليوم إلى أن نكتب ونعلق ونحلل، وأن ننقل الاحداث والوقائع التي تدور ببلادنا، بروح وطنية عالية لا يزايد علينا بشأنها أحد، ونحن بحاجة إلى أن نمارس حرية الإعلام، لا أن نستمع إلى تنظيرات حولها وكأننا في مدرج معهد الصحافة، أو ضمن أروقة بعض الاحزاب المتكلسة التي لم تتخلص بعد من اللغة الخشبية التي لان الخشب ولم تلن هذه اللغة إطلاقا..

لقد حان الوقت لكي نكف عن افتعال قضايا للهروب بالمشكلات الحقيقية، وإذا كان هذا هدف حوار حول الإعلام، فنحن نقول لبعض من حضر هذا البرنامج الحواري، لم تنطل الحيلة، والاولى أن نعتمد تلك المقولة الرائعة، “الحيلة في ترك الحيل”..

ــ ما أضحكني في هذا البرنامج الحواري حقا، هو قول أحدهم تعالوا نتحدث عن الحواسيب وحي الصحفيين، وهو ما يعني ـ وفق هذا المنطق ـ أنه إلى جانب المحاذير التي تحيط بالحديث عن حرية الصحافة، تم تمكين الصحفيين من حواسيب وبيوت يقطنونها، وبالتالي ما علينا إلا أن نخلد للخرس ونتحول إلى صم بكم مسبحين بحمد الحاسوب ومستغفرين لذلك البيت في حي الصحفيين، وتلك هي شروط حرية الصحافة..

ــ عمد عدد من الحضور في هذا البرنامج، إلى استعراض التطور المسجل في التشريعات المتعلقة بحرية الصحافة، بل إن السيد محمد حمدان لم يتردد في وصف التعديلات التي أدخلت على قانون الصحافة، بـ “الثورية والجذرية”، التي غيرت واقع الصحافة في البلاد، فيما أن السيد عبد الكريم الحيزاوي، أحد أبرز المتخصصين في الإعلام والاستاذ في معهد الصحافة وعلوم الاخبار والخبير في القوانين المنظمة لمهنة الصحافة، صرح قبل يومين في قناة “حنبعل”، بأن هذه التعديلات لم تؤثر على الواقع الصحفي إطلاقا.. فمن نصدّق يا ترى؟؟

ولكي تستكمل الصورة بشكل جيّد، لم يتردد بعض الحضور في القول بأن الشركات تتحمل مسؤولية الاعلانات والاشهار الموجه للصحف والمؤسسات الإعلامية، في المقابل لا وجود لاي كلمة على وكالة الاتصال الخارجي التي يعتبرها الجميع المسؤولة الاولى على معضلة الاشهار في البلاد، ويطالبون بالتمييز بينها وبين وكالة للاشهار العمومي..

ــ تبقى كلمة أخيرة بشأن منشط الحوار، السيد عز الدين العامري، الذي اعتمد أسلوبا غريبا في الحوار، وهو أنه جعل النقاش خاليا من أي ردود أو مشاكسة أو حوارات ثنائية، وهي مسائل ضرورية في كل حوار وإلا تحول إلى أشبه ما يكون بالتصريحات المتفرقة والمعزولة بعضها عن بعض، بل حتى عندما حاول الزميل الحبيب الشابي، الدخول في نقاش مع بعض الحضور، تلقى الاجابة الفورية، “نرجو أن نستمع إلى بعضنا البعض”، والنتيجة حوار مشتت “يغنّي فيه كل طرف على ليلاه”، كما يقال، وهو ما يؤكد أن قناة تونس 7 تعاني من مشكل منشط للبرامج الحوارية، وهو ما لن يتأتى إلا بتعديل سياستها في هذا المجال، والتعامل مع الملفات الحوارية، دون القفز على معطى هام، وهو وجود قناة تونسية منافسة، هي قناة حنبعل التي نجحت في رفع سقف الحوار ومضمونه..

فهل تستوعب القناة الدرس، أم تستمر دار لقمان على حالها، مستخدمة ذلك المثل الشعبي التونسي القائل: “عمشة في دار العميان”؟؟

 

(المصدر جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 4 ماي 2008)

 


مشروع ساركوزي المتوسطي

 

 
توفيق المديني عبّر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قام بزيارة دولة لتونس استغرقت ثلاثة أيام 28-30 نيسان, هي الثانية له منذ وصوله إلى الرئاسة الفرنسية خلال انتخابات السادس عشر من أيار من العام 2007- عبّر عن ثقته في أن تكتلاً متوسطياً ( مثمراً) بين جنوب وشمال المتوسط سيتمكن من منافسة التكتل الاقتصادي الآسيوي الذي تتزعمه الصين. ويروج الرئيس الفرنسي منذ وصوله للسلطة العام الماضي لمشروع إنشاء اتحاد متوسطي. وقال ساركوزي في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء الماضي أمام مؤتمر لرجال أعمال تونسيين وفرنسيين بتونس : ( انظروا في آسيا كيف اندمجوا). وقال : (نحن يمكننا إنشاء جبهة رابحة تقدر على منافسة آسيا.. هنا في المتوسط تلعب كل الأوراق إما النجاح المدوي أو الفشل الدرامي). وأضاف ( هناك طريقة لنبني معاً.. معاً أنتم باليد العاملة ونحن بالجامعات والمدارس والتدريب نستطيع أن نكون مثالاً يحتذى).‏ فما جوهر المشروع المتوسطي الذي يروج له الرئيس ساركوزي?‏ مشروع إنشاء اتحاد متوسطي, هو منظومة حضارية وسياسية واقتصادية وأمنية وثقافية تجمع بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط شماله وجنوبه. فالمشروع المتوسطي مستوحى في قسم كبير منه من المراجع التي اعتمدها ساركوزي لتأسيس هذا الاتحاد والظروف الدولية المحيطة بهذا المشروع الطموح.‏ ومن أبرز المراجع التقرير الذي أعدته بطلب من الرئيس ساركوزي كوكبة من الدبلوماسيين والمنظرين والمفكرين الفرنسيين لهذا الغرض, وهو يحمل عنوان ( تقرير ابن سينا) على اسم الفيلسوف الطبيب المسلم. والتقرير وثيقة ضرورية لفهم الغايات التي يرمي إلى تحقيقها الرئيس ساركوزي, ولا سيما لجهة إيجاد حل للمشكلات التي باتت ترهق بلدان الاتحاد الأوروبي, وهي مشكلات مألوفة تمت مناقشتها كثيراً: الإرهاب بالدرجة الرئيسية, الهجرة غير الشرعية, تلوث البحر الذي يؤثر على السياحة وصيد الأسماك, شحّ المياه العذبة, البطالة المستفحلة والكثافة السكانية في الجنوب, التصحر الذي ينتشر ليطول بلداناً مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان, اتساع الهوة الكبيرة أصلاً في الدخل الفردي بين الشمال والجنوب. وبعبارة أخرى لا يمكن ضمان أمن أوروبا وازدهارها إلا إذا تمتعت الدول المتاخمة للبحر الأبيض المتوسط بالأمن والازدهار أيضاِ- إلا أن ذلك يتطلب مبادرة مشتركة كبيرة من قبل الشمال والجنوب- ويكمن في خلفية هذا التفكير توجه مفاده أنه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي, مالت أوروبا الغربية إلى إهمال جانبها الجنوبي, في حين أنها تولي الكثير من المساعدة والانتباه إلى دول أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية.‏ فبعد أن استخلص الرئيس ساركوزي الدروس من إخفاق برنامج (إيروميد)- الذي كان يشتمل على كل بلدان الاتحاد الأوروبي وحوض البحر المتوسط -اقترح ( تعزيز التعاون) بين أوروبا الجنوبية وبلدان المغرب العربي. وأثار المقترح الفرنسي حول الاتحاد المتوسطي اهتماماً متزايداً في صفوف البلدان المعنية في جنوب شرقي حوض البحر الأبيض المتوسط ولدى البلدان الأوروبية. فقد وافقت قمة الاتحاد الأوروبي التي انعقدت ببروكسل يومي 14و 15 أذار / الماضي, على إعطاء الضوء الأخضر لقيام ( الاتحاد المتوسطي) وعهدت للمفوضية الأوروبية بتقديم مقترحات تفصيلية لتفعيل هذا المشروع في منتصف /تموز المقبل. وقد دعي رؤساء دول وحكومات 43 دولة مرشحة لتكون عضواً في هذا الاتحاد إلى حضور اجتماع قمة في 13تموز المقبل, حيث من المتوقع أن يصدروا إعلاناً رناناً يطلق هذا الاتحاد بصورة رسمية.‏ وتقوم فكرة المشروع على البناء التدريجي لهذا الاتحاد المتوسطي الجديد من خلال القمم المنتظمة, ثم عبر المؤسسات المقلدة من مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بدايات تشكله في خمسينيات القرن الماضي, إذ إن المقاربة ستكون اقتصادية في جوهرها. والحق يقال: إن الفكرة ليست جديدة , فالقمة 5+,5 عقدت في تونس في كانون الأول ,2003 وهناك عدة اجتماعات مشابهة ضمت وزراء المالية والدفاع, عقدت بشكل سري خلال السنوات العشر الماضية. وكان واقع الإخفاق لأيروميد, عقب الذكرى العاشرة لاتفاق الشراكة الأورو- متوسطية في برشلونة في تشرين الثاني .2005 قد حث على الإسراع ببلورة هذا المشروع الجديد.‏ الأصل في الاتحاد المتوسطي الذي يبدو اليوم بمنزلة تقليعة جديدة, أنه لا يعدو أن يكون استنساخاً ذكياً لمشروع السلام الاقتصادي في المنظومة الأميركية ( للشرق الأوسط ) وشمال افريقيا, فقد بدأت في الدار البيضاء في مطلع تسعينيات القرن الماضي, ثم جالت على عواصم عربية قبل أن تتعرض للانهيار نتيجة تداعيات أزمة ( الشرق الأوسط). والحال أن الطبعة المنقحة للاتحاد المتوسطي تسلك المنهجية ذاتها في استقطاب بلدان شمال افريقيا, كونه الأقل تأثراً بما يحدث في المشرق العربي , وبالتالي فالرهان على إمكان إحداث اختراق كبير في انفراج العلاقات المغاربية يبقى محكوماً بإدارة الدول المعنية, أكثر منه بتسويق المشاعر. وسواء انجذبت المنطقة إلى دعم غير مشروط للاتحاد المتوسطي أو تحفظت على بعض أهدافه السياسية, فإنه يظل رؤية أوروبية تأخذ في الاعتبار معطيات توسيع الاتحاد وآفاق التحالفات والمنافسات القائمة مع الولايات المتحدة.‏ ويبدو أن أحد أهم دوافع الرئيس الفرنسي إلى الدعوة إلى اعتماد الاتحاد المتوسطي يتمثل في نتيجة الفشل التي حصدها ( مسار برشلونة) للتعاون الأوروبي المتوسطي على المستويات السياسية والاقتصادية كافة. ومن الأسباب التي تبناها الرئيس الفرنسي , صراحة أو ضمناً, في تشخيص أزمة » مسار برشلونة) عجز هذا الأخير عن ممارسة تأثير إيجابي في الصراع العربي – الإسرائيلي, على الرغم من انطلاقه عام ,1995 أي بعد بضع سنوات من انطلاق ما سمي عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.‏ فهل سيتمكن مشروع الاتحاد المتوسطي الذي اقترحه الرئيس ساركوزي من تعميق المسار الأوروبي المتوسطي , وسد الثغرات والتشققات التي ظهرت في جداره?‏
(المصدر: صحيفة الثورة (يومية – سورية) الصادرة يوم 4 ماي 2008)

 


الحياة الوطنية

كيف ترفع قناة «الجزيرة» بقوة الثقافة مكانة قطر؟

بقلم: د.محمود الذوادي(*) تقاس قوة الأمم والشعوب والمجتمعات بعدة عوامل من أهمها القوة العسكرية والإقتصادية والسياسية والسكانية والثقافية. فاليابان وألمانيا يملكان بالتأكيد قوة اقتصادية بارزة، وفي المقابل فإن الولايات المتحدة الأمريكية تتفوق اليوم على غيرها من الأمم في معظم تلك المعالم الخمسة للقوة المشار إليهاهنا.  ومن ثم تأتي مشروعية انفرادها شبه الكامل بتأثير سلطانها وهيمنتها على القارات الخمس في عصرالعولمة. كيف تكسب الدول الصغيرة مكانة مرموقة؟ وبسبب غياب كل تلك العوامل أوبعضها لدى العديد من الشعوب، فإن البعض منها يميل إلى تبني استراتيجيات أخرى ذكية تعطي إلى هذا البلد الحقير وذلك القطر الصغيرمكانة واحتراما بين الأمم العظيمة والشعوب الكبيرة والمجتمعات المتوسطة القريبة والبعيدة. وهذا ما فازت به قطرهذا البلد الصغير مساحة وسكانا وذلك عبرتأسيسها لقناة الجزيرة الناطقة بالعربية في العالم العربي منذ أكثرمن عشرسنوات، من جهة، وما تطمح، من جهة أخرى، إلى تحقيقه بواسطة قناة الجزيرة العالمية التي بدأت بثها بالإنجليزية في 15/11/2006 إلى القارات الخمس. والسؤال المشروع بهذا الصدد هو: لماذا تمثل قناة الجزيرة إستراتيجية عملية وفعالة في سعي الدولة القطرية لكسب رهان مكانة مرموقة بين الدول ومجتمعاتها بالرغم من ضآلة حجم مساحة بلاد قطر وقلة عدد سكانها. أما على مستوى القوة العسكرية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم فلا تكاد تكون لقطر قيمة على الإطلاق. ومن ثم فليس للدولة القطرية من عوامل قوة الدول المشار إليها سوى بعض من عامل القوة الإقتصادية والمتمثل في امتلاكها لرصيد محترم لكنه نسبي من مخزون موارد النفط والغاز. أما الوزن الثقافي لقطر في الوطن العربي فلا يكاد يكون له وجود أيضا. فهناك غياب شبه كامل لمفكرين قطريين من الوزن الثقيل على الساحة العربية الخليجية. فليس لها مثلا مفكر بارز عربيا مثل البحرين الصغيرة الحجم أيضا التي ينتمي إليها المفكر محمد جابر الأنصاري الجابري. وليست قطرهي الأخرى قطبا لدور النشر العربية والمراكز الثقافية مثلما هو الأمر في لبنان. الثقافة ومكانة الكويت المرموقة ليست قطرأيضا مثل الكويت المعروفة في الوطن العربي بمنشوراتها الثقافية العديدة والرفيعة المستوى مثل مجلة عالم الفكر وسلسلة كتاب عالم المعرفة، من جهة، والدوريات العلمية المرموقة لجامعة الكويت مثل مجلة العلوم الإجتماعية والمجلة العربية للعلوم الإنسانية، من جهة ثانية. وبسبب استثمار الكويت في الحقل الثقافي على مستوى عربي واسع وذلك عبر نشر مجلة العربي الشهرية على الخصوص التي سبق نشرها وتوزيعها في المجتمعات العربية معظم المجلات العربية الشهرية. الإستراتيجية الثقافية لقناة الجزيرة: مما لا شك فيه أن قناة الجزيرة تمثل هيكلا/إطارا ثقافيا موجّها إلى المشاهد العربي أو الأعجمي العارف للغة العربية أو للغة الانقليزية أو هما معا. فمن ناحية، يجوز من وجهة النظر السوسيولوجية والأنثروبولوجية اعتبار قناة الجزيرة ظاهرة ثقافية، إذ تستعمل هذه القناة في المقام الأول اللغة في بثها لبرامجها المتنوعة. واللغة، في رؤية العلوم الإجتماعية، هي أم المنظومات الثقافية في المجتمعات البشرية. ومن ناحية ثانية، فقناة الجزيرة هي جهاز ثقافي، مثلها مثل الكتاب والمجلة والجريدة، تستعمل الصورة والكلمة في شكلها الشفاهي على الخصوص لبث المعلومات والرأي والرأي الآخر للمثقف والمتعلم وحتى للأميين حول مواضيع وقضايا عربية وغير عربية مختلفة. وهذا يتماشى مع طبيعتها الرئيسية باعتبارها قناة إخبارية وتثقيفية لا مجال فيها للبرامج الترفيهية مثل عرض الأفلام والمسلسلات الفكاهية أو الدرامية أو غيرها من أنواع المسلسلات. قناة الجزيرة ومكانة قطر: مما لا شك فيه أن قناة الجزيرة عرّفت وتعرّف عربيا وعالميا بقطرهذا البلد الصغير أكثر من أي وسيلة أخرى. فعبارة “قناة الجزيرة في قطر” التي يرددها المذيعون بهذه القناة يسمعها عامة الناس وخاصتهم في الوطن العربي وفي العالم بأسره. ومن ثم يسجل اسم قطر في ذاكرة ملايين الناس القريبين من والبعيدين جغرافيا عن هذا القطر الصغير بالخليج العربي. بهذا يصعب أن تكون قطر نسيا منسيا مثل الأقطار الصغيرة الأخرى في عالم اليوم. نجحت وتنجح قناة الجزيرة القطرية في الفوز بالمكانة الأولى بين عشرات القنوات العربية لدى المشاهد العربي وذلك على المستوى التثقيفي لهذا الأخير. فشعار قناة الجزيرة الأول هو أنها قناة “الرأي والرأي الآخر”، أي قناة ديمقراطية التعبير الحر مما يؤدي إلى رفع مستوى التوعية لدى المواطن العربي بقضاياه وقضايا مجتمعه وقضايا الوطن العربي وتشابكها بقضايا القارات الخمس. ومقارنة بالقنوات العربية الكثيرة فإن قناة الجزيرة تصنف كأفضل قناة أحدثت ثورة إعلامية في العالم العربي بسبب القرب أكثر من واقع المجتمعات العربية وكشف الحجاب عن العديد من مشاكلها ومشاكل أنظمتها السياسية على الخصوص. وبعبارة أخرى، فقد رفعت قناة الجزيرة من مستوى الوعي لدى الإنسان العربي. والتوعية هي خطوة أولى تساعد على ترشح المواطن والوطن لسنن التغييرالإيجابية لصالح الوطن العربي والعالم الإسلامي. تفيد كل تلك المؤشرات بأن معظم برامج قناة الجزيرة تلقى ترحيبا واسعا وتعاطفا كبيرا لدى أغلبية المشاهدين العرب. ومنه يأتي الإعتراف المشروع من طرف معظم المواطنين العرب بفضل دولة قطر في تحسين المشهد الإعلامي في العالم العربي. وهكذا تقترن صورة قطر الايجابية في أذهان جل العرب بتحقيق مشروع الإعلام العربي الريادي ليس في الوطن العربي فحسب وإنما في العالم بأسره، إذ أصبحت قناة الجزيرة مصدرا لأخبار القنوات ووكالات الأنباء والصحف الأجنبية. وبهذا، يتجسم في المشهد الإعلامي ما كان غير منتظر قبل أكثر من عقد بقليل فقط، وهو أن يأخذ المشهد الإعلامي اتجاها معاكسا لما كان عليه: أي أن يصبح الجنوب بواسطة قناة الجزيرة هو مصدر الخبر والمعطيات الإعلامية بالنسبة للشمال القوي وصاحب الهيمنة العالمية. وهذا ما يعبر عنه شعار قناة الجزيرة العالمية الناطقة باللغة الإنجليزية “Al Jazeera setting the news agenda”، أي “أن لقناة الجزيرة الريادة في وضع برنامج جديد لعالم الأخبار”. كل تلك المعالم الإيجابية المقترنة بقناة الجزيرة تحفز الناس في القارات الخمس، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، على التعرّف على المقر الرئيسي لقناة الجزيرة وعن البلد المنشئ والمموّل لها. وبالطبع تستفيد قطر، هذا البلد الصغير جدا سكانا ومساحة، من كل ذلك لتعرف عالميا أكثر بكثير حتى من الأقطار الأكبر منها مساحة والأكثر منها سكانا. ويمكن القول بكل مشروعية أن الإعلام المرئي ذا الكفاءة والمصداقية العاليتين هو أسهل وأحكم إستراتيجية للتعريف بالذات على نطاق واسع في عالم أصبح أصغر من قرية. فقرار دولة قطر إنشاء قناة الجزيرة العربية في 1997 وقناة الجزيرة العالمية باللغة الإنقليزية والجزيرة الوثائقية والمباشر هو قرار استراتيجي بالنسبة لإعطاء قطر هذا البلد الصغير مكانة بارزة وصورة مضيئة على خريطة العالم التي يصعب فيها على المجتمعات الصغيرة والضعيفة كسب رهان المكانة المرموقة في فترة عدنا فيها إلى الإستعمار الجديد الذي تقوده الإمبراطورية الأمريكية بحق القوة وليس بقوة الحق. سادسا: مساندة نظرية الرموزالبشرية لإستراتيجية قطر ولفهم الإطارالفكري النظري الذي يعززحكمة دولة قطرفي تأسيسها لقناة الجزيرة، نقدم مختصر لنظريتنا حول الرموز الثقافية عندنا. تؤكد نظريتنا أن الإنسان هو كائن ثقافي بالطبع. يستند هذا على ملاحظات رئيسية حول خمسة معالم ينفرد بها الجنس البشري عن غيره من الأجناس الحية الأخرى: 1- يتصف النمو الجسمي لأفراد الجنس البشري ببطء شديد مقارنة بسرعة النمو الجسدي الذي نجده عند بقية الكائنات. 2- يتمتع أفراد الجنس البشري عموما بأمد حياة (سن) أطول من عمر معظم أفراد الأجناس الأخرى. 3- ينفرد الجنس البشري بلعب دور السيادة في هذا العالم بدون منافسة حقيقية له من طرف باقي الأجناس الأخرى. 4- يتميّز الجنس البشري بطريقة فاصلة وحاسمة عن الأجناس الأخرى بمنظومة ما أطلقنا عليه مصطلح الرموز الثقافية: اللغة، الفكر، الدين، المعرفة/العلم، القوانين، الأساطير، القيم والمعايير الثقافية… 5- يختص أفراد الجنس البشري بهوية مزدوجة تتكوّن من الجانب الجسدي، من ناحية، والجانب الرموزي الثقافي (المشار إليه أعــلاه في 4)، من ناحية ثانية. إن التساؤل المشروع الآن هو: هل من علاقة بين تلك المعالم الخمسة التي يتميّز بها الإنسان؟ أولا: هناك علاقة مباشرة بين المعلمين 1 و2. إذ أن النمو الجسمي البطيء عند أفراد الجنس البشري يؤدي بالضرورة إلى حاجتهم إلى معدل سن أطول يمكنهم من تحقيق مراحل النمو والنضج المختلفة والمتعددة المستويات. فالعلاقة بين الإثنين هي إذن علاقة سببية. ثانيا: أما الهوية المزدوجة التي يتصف بها الإنسان فإنها أيضا ذات علاقة مباشرة بالعنصر الجسدي (المعلم 1) للإنسان، من جهة، والعنصر الرموزي الثقافي (المعلم 4)، من جهة أخرى. ثالثا: عند البحث عن علاقة سيادة الجنس البشري بالمعالم الأربعة الأخرى، فإن المعلمين 1 و2 لا يؤهلانه، على مستوى القوة المادية، لكسب رهان السيادة على بقية الأجناس الحية، إذ الإنسان أضعف جسديا من العديد من الكائنات الأخرى. ومن ثم يمكن الاستنتاج بأن سيادة الجنس البشري ذات علاقة قوية ومباشرة بالمعلمين 3 و4: الهوية المزدوجة والرموز الثقافية. والعنصر المشترك بين هذين المعلمين هو منظومة الرموز الثقافية. وهكذا يتجلى الدور المركزي والحاسم لمنظومة الرموز الثقافية في تمكين الإنسان وحده من السيادة في هذا العالم. را بعا: إن الرموز الثقافية تسمح أيضا بتفسير المعلمين 1 و2. فالنمو الجسمي البطيء عند الإنسان يمكن إرجاعه إلى كون أن عملية النمو عنده تشمل جبهتين: الجبهة الجسمية والجبهة الرموزية الثقافية. وهذا خلافا للنمو الجسدي السريع عند الكائنات الأخرى بسبب فقدانها لمنظومة الرموز الثقافية بمعناها البشري الواسع والمعقد. خامسا: يلخص الجدول التالي مركزية الرموز الثقافية في ذات الإنسان، فيعطي بذلك مشروعية قوية لفكرتنا القائلة بأن الإنسان كائن ثقافي بالطبع. كيف كسبت قناة الجزيرة الرهان بالسلاح الرمزي؟ يفيد هذا التحليل الموجز لنظريتنا للرموز الثقافية أن هذه الأ خيرة هي مركز هوية الإنسان. وبالتالي، فإن استعمال الرموز الثقافية للتأثير على الآخر تمثل أحكم استراتيجية لأنها تمس مركز الثقل الأول في الإنسان والمجتمع. ومن ثم فكل من قطر والكويت أصابتا الهدف باختيارهما العوامل الثقافية في التعريف ببلديهما عربيا وعالميا. إذ أن العناصر الثقافية تمثل مركزية الإنسان، كما نرى ذلك في الرسم. أي أن قوة تأثير الرموز الثقافية على الآخر تاتي في الصدارة مقارنة بعوامل أخرى مؤثرة. فاستعمال الكويت للكلمة المكتوبة عبرنشر المجلات والكتب وتصديرها إلى المجتمعات العربية على الخصوص يعد وسيلة من الطرازالأول في التعريف بهذا البلد العربي الخليجي الصغير.وكذالك الشأن بالنسبة لمدى أهمية استعمال قناة الجزيرة للكلمة المنطوقة والصورة في تواصلها مع المشاهدين في القارات الخمس.إذ بهما استطاعت قناة الجزيرة أن تتبوأ ريادة عالمية في جذب عدد هائل من المشاهدين إليها ومن التعريف بقطرالبلد الصغير على خريطة العالم الكبير. ومما يزيد مصداقية استراتيجية استعمال الرموزالثقافية للتأثير على المشاهدين لقناة الجزيرة نرى أن طبيعة الرموزالثقافية ذاتها تسهل كثيرا على التواصل الحيني مع المشاهدين بغض النظر عن عراقيل عوامل الزمان والمكان. تتمثل الطبيعة المركزية للرموز الثقافية في كون أن ليس لها وزن أو حجم بالمعنى المادي للأشياء. أي أن هذه الرموز الثقافية ليست ذات طبيعة مادية بل طبيعة غير مادية /روحية/ متعاليةtranscendental .  فخلو الرموز الثقافية من عاملي الوزن والحجم يفهمنا سرعة ثورة الاتصالات في عصر العولمة التي تشارك فيها قناة الجزيرة بلا حدود. نكتفي هنا بذكر بعض أمثلة التواصل الحيني الذي يلعب فيه غياب عاملي الوزن والحجم دورا حاسما: فلماذا تصل الرسائل والوثائق المرسلة بالفاكس وبالانترنات بسرعة كبيرة مقارنة بالقيام بنفس المراسلة بالبريد العادي أو حتى السريع؟ يمكن تفسير ذلك بكل بساطة في أن المراسلة بالفاكس والانترنات تلغي عاملي الوزن والحجم للشيء المرسل. وهذا يعني أن هذا النوع من المراسلة يحرر الشيء المرسل من معطياته المادية (الوزن والحجم) فيعيده إلى طبيعته الأولى والمتمثلة أصلا في غياب الوزن والحجم من منظومة الرموز الثقافية. وبالغياب المطلق أصلا لهذين العنصرين تتأهل الرموز الثقافية بكل مشروعية للتنقل بسرعة فائقة وعجيبة وهذا ما يفسر أيضا مدى شدة سرعة تنقل الكلمة عبر الصوت البسيط. فأصبحت مضربا للأمثال. فتطير طائرة الكونكورد بسرعة كبيرة تقترب من سرعة الصوت. وترجع هذه السرعة الخاطفة لكون أن الكلمة المنقولة عبر السوط في النداء البسيط على مسافة قريبة بين الأفراد أو أثناء تهاتفهم على مسافات بعيدة بالهواتف الجوالة / المحمولة أو القارة / المنزلية هي كلمة ليس لها في الأصل لا وزن ولا حجم. وبالتالي فهي طليقة سريعة بطبيعتها لا يعرقل تنقلها السريع الوزن والحجم. يساعد أيضا غياب عاملي الوزن والحجم من الرموز الثقافية على فهم وتفسير القدرة الضخمة الحاوية لدى العلب الإلكترونية الحديثة Flash Disks . فرغم صغر حجمها المادي تستطيع تلك العلب أن تحوي عشرات ومئات الكيلو من المطبوعات المكتوبة في جرائد ومجلات وكتب ووثائق. يعود ذلك تبعا لنظريتنا إلى كون أن الطبيعة الأصلية لكلمات اللغات هي طبيعة لا وزن لها ولاحجم. وهي بذلك كأنها لاتحتاج إلى فضاء مادي لإحتوائها مهما كانت ضخامة حجمها. وهكذا يتحسن فهمنا وتفسيرنا لعجائب الثورة الالكترونية بواسطة نظريتنا للرموز الثقافية المؤكدة على خلوها التام من عاملي الوزن والحجم. وهكذا يتجلى أن لقناة الجزيرة ثلاثة عوامل رئيسية تعمل لصالح التأثير الكبير على مشاهديها ألا وهي استعمال الرموز الثقافية والتواصل الحيني مع المشاهدين بسبب خلوالرموزالثقافية من عاملي الوزن والحجم ثم نوعية البرامج العالية التثقيف التى لاتكاد تماثلها فيها القنوات الفضائية الأخرى في الشرق والغرب وفي الشمال والجنوب.كل تلك المعطيات تعطي،من ناحية، فرصة ذهبية لقطر البلد العربي الخليجي الصغيرجدا لكي يعرف بنفسه على الخريطة العالمية الكبيرة وترفع، من ناحية ثانية، سمعة قطرعالية بين الشعوب والأمم القريبة والبعيدة منه. وبالتأكيد ماكان لقطر أن يكسب رهان كل تلك المعالم الإيجابية لصالحه بدون السلاح الرمزي لقناة الجزيرة كما شرحنا ذلك عبر نظريتنا للرموز الثقافية. إن اختيار تأسيس قناة الجزيرة منذ أكثرمن عقد للتعريف بقطر هو اختيار استراتيجي حكيم بلا حدود. فليس هناك، إذن، للدول الصغيرة أفضل من عامل السلاح الثقافي كعنصر قوة يمكنها من تبوؤ مكانة مرموقة بين الأمم صغيرها ومتوسطها وكبيرها.
 
 (المصدر: صحيفة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 04 ماي 2008)

 


كتاب اشترك في تأليفه عبد المجيد الشرفي ومراد هوفمان «مستقبل الإسلام في الغرب والشرق»… واحتمالات العلمنة والتدين

عبدالرحمن حللي (*)   يزداد سؤال المستقبل أهمية وإلحاحاً عندما يتعلق الأمر بالإسلام، فهو قضية تشغل الغرب، بل العالم، أكثر من أي موضوع آخر، والسؤال الذي بقي معلقاً بين مآلات سيرورته إلى العلمنة أو التدين أكثر هو ما الذي يمكن فعله لرسم أفق أفضل لمستقبل الإسلام؟ وما المعيار الذي يحدد به هذا الأفق؟ وما العوامل المؤثرة في هذه المسار الذي يمكن تلمس معالمه؟ حول هذه الأسئلة يدور كتاب «مستقبل الإسلام في الغرب والشرق» الذي شارك فيه عبد المجيد الشرفي ومراد ويلفريد هوفمان، (صدر عن دار الفكر في دمشق – 2008).   يربط عبدالمجيد الشرفي الخطوط العريضة لمستقبل الإسلام بالاتفاق على خصائص الماضي والحاضر، ومن هذه الخصائص ما يلحظه من تشبث المسلمين بالأشكال الدينية العتيقة نظراً الى انتمائهم إلى العالم الذي لم يسهم في إنتاج الحداثة، وينطلق من رؤية نقدية لما هو موجود في الفكر الإسلامي الذي يراه متخلفاً عن ماضيه أو مجتراً له، ثم يسرد رؤيته للخيارات التي ستتحكم في مستقبل الإسلام وأتباعه، مجتراً وملخصاً أفكاراً كان طرحها في مقاربات ومقالات سابقة له، داعياً إلى العدول عما هو سائد من مسلمات، إلى ما يراه، بدءاً من تفسير القرآن الذي لا قراءة بريئة له ولا قطعي للدلالة فيه، فمعنى النص القرآني ليس واحداً، ويدعو إلى أن تطبق على النص القرآني المناهج النقدية التاريخية بما يشمل علم الاجتماع والنفس والمقارنة مع النصوص الدينية وما كشفت عنه الحفريات، وأن يفسر القرآن بطريقة تأليفية كما يحصل بالنسبة إلى «الكتاب المقدس» عند علماء التفسير المسيحيين، ووضع آيات المصحف في سياقها التاريخي والمعنوي وبالتالي تنسيب معانيها، واعتبار روح النص، فالمستقبل – كما يرى – «سيكون بلا ريب لتأويلية (هرمنوطيقا) جديدة تفسح المجال لقراءة النص القرآني قراءات متعددة تستجيب حاجات المؤمنين إلى معان متناغمة مع ظروفهم المستجدة، المادية والثقافية».   أما مستقبل علم الكلام فيربطه بتقديم المعطى الإيماني تقديماً يناسب المعقولية الحديثة لا العقلانية وحدها، وفك صلته بالسياسة لن يتأخر وستكون نظرية الخلافة والإمام ذكرى لما كان عليه المسلمون في عصور ما قبل الحداثة، ويدعو الى ثورة معرفية حول صلة علم الكلام بالفلسفة ليصبح الإنسان هو المحور والمنطلق، ليصل إلى ضرورة اعتبار الوحي تجربة نبوية متميزة لا تلغي التأثيرات المجتمعية والثقافية والنفسانية التي لم يكن النبي بمعزل عنها، وبالتالي الاعتراف بأثر تلك العوامل في صوغ النص القرآني، ويرى أن انتشار القراءة والكتابة والاطلاع على الكشوف المعرفية الحديثة وعوامل أخرى ستجعل العالم الإسلامي يقبل على مراجعات جذرية لمقولاته التقليدية، بما في ذلك الطقوس التي كان توحيدها مما اقتضته سيرورة المأسسة التي خضع لها الدين الإسلامي، ويطرح أساسين لتطوير العبادات: المرونة والعودة إلى روحها وتقديم الغاية منها على الأداء الشكلي، فعدم التنصيص على كيفية الصلاة وركعاتها مقصود لأن الهدف هو تنمية الشعور الديني الصادق، كما يمكن ترك الصوم مع الفدية، واستبدال الزكاة بالضرائب، والحج محتاج إلى اجتهاد لتيسير أدائه. ويتوقع أن يسير الفكر الإسلامي في مراجعة قواعد الاستنباط، كون «علم أصول الفقه برمته ذو وظيفة تبريرية لاختيارات أملتها ظروف المجتمعات الإسلامية في عصر التدوين ونشأة المذاهب الفقهية» .   هذه الرؤى التي قدمها الشرفي ليست دعوة منه إلى العلمانية فهو كما يقول: «لا نعتبر أنفسنا من الداعين إلى علمنة المجتمعات الإسلامية، إذ نحن واعون كل الوعي أن العلمانية لا ينبغي أن تكون إيديولوجية، ولا سيما حين تنقلب إلى إيديولوجية معادية للدين» لكنه يلاحظ ملاحظة النزيه أن العلمانية أصبحت ظاهرة شاملة لكل المجتمعات المعاصرة، والشعارات المعادية لها ترجع إلى الخلط بين الشريعة الإلهية والفقه البشري، ولامتداد عقلية الماضي في الحاضر، ولمصلحة الحكام لإدامة الاستبداد، ويمثل ضعف التصنيع عائقاً كبيراً في الشعور بالعلمانية. وتبقى قضايا الأسرة والسياسة والحدود هي الأكثر استعصاء على العلمنة، والحل لها في القراءة التاريخية والمقاصدية التي هي القراءة المستقبلية للنص القرآني، ويحدد ثلاثة عناصر متعلقة بالتراث سيجدد المسلمون النظر إليها وهي سلوك الصحابة ومجاميع الحديث والنظرة إلى التاريخ الإسلامي والفتوحات.   وفي ختام مقاربته يبدو الشرفي متفائلاً بمصير الإسلام بفضل شيوع التعليم والعنصر الديموغرافي، فغالبية المسلمين من الشباب يمكن أن يتأقلموا مع المستجدات، لكن هذا المستقبل مرتبط بأن يصل المسلمون إلى «استنباط نظم وقيم تأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تدين مدخلن على أنقاض تدين طقوسي شكلي، وفيها ما في النظم الديموقراطية وفي قيم حقوق الإنسان الكونية من مزايا وزيادة، وفيها أقل ما في هذه النظم والقيم من نقائص، إلا أنها لا تنحط عنها أبداً».   رؤية عبدالمجيد الشرفي هذه تعكس – كما قرأه محاوره مراد هوفمان – تجربة شخصية لا تخفي الإعجاب بالنمط الفرنسي المقصي للدين، وهي تتأسس على أحكام هدامة تقوم على التعميم والانفعال لاسيما في ما يخص النظرة إلى المؤسسة الدينية والهجوم على الشكلانية الشعائرية في الإسلام وكأنها لا تتساوق مع الروحانية أو أن أي دين يمكن أن يزدهر بدونها، بل إنه راديكالي واضح في إقصائه مقادير كبيرة من القانون الإسلامي لأنه لا يميز بين العقيدة والعبادة والمعاملات، ويتابع هوفمان ملاحظته على مقاربة الشرفي، فبعد أن همش أركان الإسلام والفقه الإسلامي وحكم على السنة كاملها بالتلاشي، يتقدم بكلام ولائي كاذب للواقع الحالي السائد ليصل إلى «أن الإسلام لن يخسر شيئاً إذا ما تخلص من عقلية الحلال والحرام»، ويرجع هوفمان رؤية الشرفي إلى الاعتقاد بحتمية التطور على نمط حركة التنوير والماركسية، وكأن الإنسان وتحيراته الغيبية تغيرت تغيراً جوهرياً على مدى الأربعة آلاف عام الماضية.   ويسأل هوفمان الشرفي في الخاتمة إن ما تدعو إليه من قيم ونظم كونية بمقدور أي دين أو فكر إيديولوجي أن يضطلع به، فلماذا نرتبك في شأن قيام الإسلام بذلك؟ .   في المقابل يرى مراد هوفمان في مقاربته أن الإسلام ليس إيديولوجية بل دين، فمصيره يعتمد إلى حد كبير على مستوى التدين واتجاهاته إجمالاً، ثم يعرض مسار العلم والدين في الغرب الذي أقصي في القرن العشرين وتحوّل إلى إيديولوجية ثم آل الأمر إلى الاعتراف بالدين وربطه بالعلم كما يقول أنشتاين «العلم أعرج من دون دين»، ووصل كبار فلاسفة الحداثة إلى رؤية صوفية بفضل النتائج التي توصلوا إليها عقلياً، ونهضة الدين لا تفاجئ إلا أولئك الذين يؤمنون بالحداثة على طريقة أسطورية وثنية جديدة، هذه العودة للدين إلى عالم العقل المعاصر ستجعل الإسلام أكثر الأديان انتفاعاً من هذه الفرصة التي أتاحها القرن الحادي والعشرون، ولو بسبب عوامل إضافية، أهمها وسائل الاتصال.   ويلاحظ هوفمان أن لا شيء يجعل مصير الإسلام في العالم مجهولاً أكثر من العنف الذي يمارس ضد الأبرياء باسم الإسلام، والخوف في الغرب من مزيد من (الإرهاب الإسلامي) له ما يسوغه، ومن الوهم الاعتقاد بأن المسلمين قادرون على السيطرة على هذا الوضع بإثبات أن القرآن والسنة لا يسمحان إلا بالدفاع المشروع، فالناس لا يهتمون بما يأمر به الإسلام بل بكيفية تصرف المسلمين، وللأسف لا يحاول أحد حل الوضع بكسب قلوب المسلمين اليائسين وعقولهم عن طريق إشاعة العدل وتعزيزه. أما العوامل المؤثرة في مستقبل الإسلام فيراها مرتبطة بتطور التعليم وتكيف التربية في العالم الإسلامي مع المعايير التعليمية الإجمالية، والعودة إلى المفهوم الشامل للإسلام وتقديمه على أنه قادر على حل مشكلات الفرد والإشكالات العالمية، فقد قلص الدين على أيدي النخب التي قادت العالم الإسلامي بعد الاستعمار إلى مجرد أخلاقية فردية خاصة، وأصبح طيعاً لأغراض سياسية محددة.   والطريق الوحيد لربط الإسلام بالعلم هي تكوين علماء مسلمين حقيقيين، ومن الشروط الجوهرية لتطور العالم الإسلامي تطوراً شاملاً إدخال آلية الديموقراطية، وحول وضع المرأة ينبغي أن يكون معيار النظر تجرد كثيرات من المسلمات من الحقوق التي منحها القرآن الكريم.   أما المسلمون في الغرب غير الإسلامي فتواجههم تحديات الفرقة بينهم لغوياً وعرقياً وطائفياً، ما يجعل من الصعب جداً الوصول إلى تمثيل عام للمسلمين، الذين يبقون مرتبطين بأوطانهم الأم، ويواجههم تحدي الإعلام الذي يمثل وضعاً غير مريح في مجتمع ذاكرته مشحونة من تاريخ يرجع إلى الحروب الصليبية ولا ينتهي بأحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) ومشكلات الإرهاب المتصاعد باستمرار الظلم واليأس، ما سيزيد معاناة الجاليات الإسلامية في الغرب، لكن على رغم كل تلك التحديات ثمة مسلمون يطرحون حلولاً مختلفة للاندماج والتعايش في الغرب ولعل المسلمين في أميركا نجحوا في هذا المجال أكثر.   ويرى هوفمان أن المسؤولية الأكبر للدفاع عن الإسلام وانتشاره في الغرب تقع على الغربيين الداخلين في الإسلام، بل يرى أن المستقبل العالمي للإسلام مرتبط بدورهم، نظراً الى تمثلهم الإسلام على أساس القرآن والسنة الصحيحة من دون أية صفقة ثقافية معه، ويذهب بعيداً إلى القول إن المسلمين الشرقيين يمكن أن يتعلموا من هؤلاء القادمين الجدد، ومن مدرسة الشريعة الإسلامية الغربية، ويصل الى حد اعتبار أن اللغة الإنكليزية عملياً هي لغة الإسلام الأولى لما ينشر بها من كتب وبحوث ومجلات لها اعتبار ومكانة ليس هناك ما يضاهيها بالعربية. ويرجع ذلك إلى غياب الرقابة على الأفكار في الغرب، ما يؤمل منه أن يسهم في اختفاء الجاليات وتحولها إلى أمة عالمية حقاً، عندئذ يمكن أن يصبح الإسلام بديلاً في عالم تختفي فيه المسيحية تدريجاً، ولا يرى الدولة شرطاً لوحدة المسلمين، فالإسلام يستطيع العيش من دون خليفة مشترك، ولكنه لا يستطيع العيش من دون أمة.   هذه رؤية مراد هوفمان حول مستقبل الإسلام والعوامل المؤثرة في مساره، رؤية يراها الشرفي تنطلق من زاوية إيمانية وسياسية وعملية، ويأخذ عليه ما أولاه العامل الديني في أكثر من قضية، ويعمم آراءه ومواقفه ويبني عليها نقداً في قضايا لا تلزمه، والقارئ لتعقيب الشرفي التونسي يظن أنه غربي متعصب للغرب وأن هوفمان الألماني يجهل الغرب وينعى قيمه وحداثته بجرأة ومن غير أسف!، بينما يجد قارئ هوفمان نقداً صريحاً للعوائق أمام مستقبل أفضل للمسلمين في الشرق والغرب على حد سواء، بل يرى المستقبل مرهوناً بما ينتجه المسلمون الغربيون.   أخيراً… يمكن قارئ هذا الكتاب أن يفهم طبيعة حملة المفكر التونسي محمد الطالبي على تلميذه عبد المجيد الشرفي الذي استلب منه الدعوة إلى القراءة المقاصدية للقرآن، فما قدمه الشرفي من دعوة وإلحاح وحسم أحياناً لتطوير الدين ليصبح منسجماً مع الحداثة التي يدعيها حتمية وكونية ما هو إلا تجسيد صريح لما ادعى التبرؤ منه وهو الدعوة إلى علمنة المجتمعات الإسلامية، وكأن الإسلام الذي يتحدث عنه الشرفي لن يوجد إلا عند من لا يعني لهم الإسلام في حياتهم شيئاً، وهذا هو المستقبل الذي يطمح إليه ويسير التاريخ بعكسه كما يرى هوفمان.   (*) كاتب سوري   (المصدر: ملحق “تيارات” بصحيفة الحياة (يومية – لندن) الصادرة يوم 4 ماي 2008)    

الحجاب التركي: مأزق سياسي مفتعل لهوية حضارية ملهمة!

صلاح سالم
يمثل حزب «العدالة والتنمية»، ظاهريا، مجرد «مؤسسة سياسية» ربما عانت تقلبات السياسة التي جعلته، بعد عام واحد على سيطرته شبه المطلقة على الشارع، يواجه أزمة الحظر والتفكيك من قبل المحكمة الدستورية بتهمة تقويض المبادئ العلمانية للدولة، على منوال سوابق عديدة لاحقت التشكيلات الحزبية للصحوة الإسلامية التركية في العقود الخمسة الأخيرة. ولكنه «جوهريا» يعكس ظاهرة تاريخية عميقة في الإحياء الثقافي لمجتمع عانى، لأكثر من ثلاثة أرباع القرن، حالة اغتراب ولدتها العلمانية المتطرفة، والحداثة المُحْبطة‏، لدى شعب مثّل الإسلام، لأكثر من خمسة قرون، المعين الأكثر حضورا في مركّب هويته الحضارية.   ولا شك في أن الحزب‏‏ «كمؤسسة سياسية»، يبقى قابلا للتفكك، ومن ثم التجاوز سواء الآن أو بعد أعوام أو حتى عقود. لكنه، كـ»ظاهرة ثقافية» يبقى مستعصيا على التجاوز، بل مؤهلا للنمو، إذ تشي قراءة التجربة التركية في القرن العشرين بنمو «العثمانية الجديدة» كصيغة ثقافية توازنية يتسع إطارها تدريجيا لضم قطاع أوسع بكثير من النخبة الإسلامية الأولى في الستينات، ما يجعل مضمونها الاعتدالي في وضع أفضل في ساحة التعبير عن الهوية الحضارية‏، كونها تحقق التوافق بين ثنائيات عدة‏‏ من قبيل: الدين والعلم، الإيمان والعقل، العرق والإنسانية، الماضي والحاضر على صعيد التأسيس الثقافي لها. وكذلك من قبيل: الدولة والمجتمع، الوطن والأمة، الشرق والغرب، على صعيد التعبير السياسي والحضاري عنها.   هذه الصيغة في الحقيقة محصلة لعمليتين جدليتين طويلتين شديدتي الأهمية، ولكنهما تبدوان حتى الآن غير متساويتين في العمق والنجاح. الأولى يمكن تسميتها بالجدل الداخلي / الذاتي. والثانية بالجدل الخارجي / التاريخي.   أما العملية الأولى، فهي الأكثر نجاحا ويمثلها ذلك الجدل داخل النزعة الإسلامية نفسها، والتي نمت في اتجاه اعتدالي من مرحلة «جبهة الشرق الأعظم» بقيادة «نسيب فاضل» في الستينات والذي حاول تنهيج دعوته الى إعادة بناء «إمبراطورية الشرق الإسلامي» ولو من خلال العمل السري بل والمسلح، ما كان يعني أن وجهته كانت إلى الماضي، بأكثر مما هي الى العصر. وذلك إلى المرحلة الثانية «النظام العادل» بقيادة نجم الدين أربكان، والتي تم تركيبها على أكثر من حزب سياسي بدءا من «السلامة الوطني» أوائل السبعينات، وصولا إلى «الرفاه» الذي دخل أربكان باسمه، منتصف التسعينات، في ائتلاف حاكم فشل في الحفاظ على قيادته تحت ضغوط العلمانية والجيش التي أدت إلى سقوط الوزارة، وتفكيك الحزب، وتجميد زعيمه. وهو المصير نفسه الذي واجه وريثيه «الفضيلة» و»السعادة‏». وصولا إلى المرحلة الثالثة الأكثر اعتدالا من حياة العثمانية الجديدة، ممثلة في «العدالة والتنمية»، والذي صعد إلى موقع السلطة منذ عام 2002، ونجح في تعزيز مواقعه في الانتخابات الأخيرة 2007، عندما صوت له نصف الأتراك تقريبا (46 في المئة) على نحو مكنه من تشكيل حكومة بلاده منفردا ما كان يعني الحضور القوي للإسلام المعتدل، والذبول التاريخي للعلمانية المتطرفة.   لقد اضطرت «العثمانية الجديدة» دوما في مراحلها الثلاث «جبهة الشرق الأعظم»، و«النظام العادل»، و»العدالة والتنمية» إلى تقديم تنازلات متوالية بغية التوافق مع الروح التركية الحديثة، بدءا من تجاوزها «العقلاني» لمنهج خليل فاضل الثوري، الجذري والعنيف في جبهة الشرق الأعظم. مرورا بتجاوزها «التاريخي» لنزوع أربكان إلى الاستقلال الصناعي والاقتصادي لتركيا عن الغرب، بما يوفر لها نوعا من الاستقلال الحضاري، ويُمَكَّنها من تبوء مقعد القيادة في عالم الشرق الإسلامي الفسيح، بدلا من اختناق أنفاسها في قاع الصندوق الأوروبي الضيق. وصولا إلى تجاوزها «السياسي»، حتى وهي في موقع الحكم، لهدف «التطبيع الكامل مع الإسلام»، إذ لا يزال الحجاب مشكلة تثير هاجس العلمانيين، وعامل تفجير أساسي للأزمة الراهنة بين حزب «العدالة» الحاكم الذي سعى إلى توسيع فضاء حرية اللباس للمرأة التركية في المدارس، وبين النخبة الأتاتوركية التي ردت على ذلك باتهامه بمعاداة المبادئ العلمانية، ودعت المحكمة الدستورية إلى النظر في حظره، حيث وافقت المحكمة على مبدأ البت في مصير الحزب، وتبقى النتيجة مفتوحة على كل الاحتمالات.   وأما العملية الثانية وهي الأقل نجاحا فتتمثل في الجدل الإسلامي- العلماني، والذي يرجع، على الأقل، إلى بداية عصر التنظيمات في‏1839،‏ إذ كانت العلمانية تنمو في مواجهة الإسلام التقليدي وخصوصا مع إعلان أول دستور عام ‏1876، مرورا بتكوين جمعية الاتحاد والترقي التي أجبرت السلطان عبد الحميد على إعادة العمل بالدستور عام ‏1908،‏ ثم الحرب التحريرية التي قادها أتاتورك انطلاقا من فضاء الدولة الوطنية وليس الإمبراطورية التاريخية كزعيم وطني حرر الأرض التركية في مواجهة المحتلين الفرنسي والإنكليزي بعد الحرب العالمية الأولى‏.‏ وهي اللحظة التاريخية نفسها التي تحولت فيها العلمانية إلى مركز الحكم، وأخذ فيها الإسلام موقع القطب المعارض، لعملية التغريب العنيفة التي قامت بها النخبة الأتاتوركية من خلال الجيش والبيروقراطية التركية‏، والتي تمكنت فقط من قمع الإسلام دون قدرة على اقتلاعه من وجدان الإنسان التركي‏،‏ باعتباره معينا للهوية والخلاص الفردي والروحي في مواجهة قسوة عملية التحديث وتعثرها في الوقت نفسه‏.‏ وهو ما أدى إلى انبعاثه من جديد طرفا في التوازنات السياسية القائمة لم تستطع النخبة الأتاتوركية أو لا تريد، حتى الآن، أن تعترف بحضوره الجديد الفعال، وهو ما يكشف عن ضعف قدرتها على التكيف الخلاق مع واقع بلدها، وهوية شعبها، ما يفرض عليها التوقف أمام حقيقتين أساسيتين وهي بصدد التعامل مع الأزمة الراهنة:   أولاهما أن نجاح حزب «العدالة والتنمية» في زيادة نسبة مؤيديه من 34 في المئة قبل أربع سنوات، إلى 46 في المئة قبل عام واحد لا يعنى إلا أن الحزب يلبي بازديادٍ مطامح شعبه، وأن صيغة الهوية «العثمانية الجديدة» التي يجسد الحزب مرحلتها الثالثة «الناضجة» تبدو الأقدر على توجيه دفة المستقبل. ذلك أنه لا يريد أسلمة تركيا سياسيا حيث يبقى الحزب ليبراليا في أغلب التصورات المعلنة عن رموزه‏ وإن انتفت عنه معاداة الإسلام كمعتقد وتقاليد في المجتمع التركي‏‏.‏ ومن ثم فهو ينتصر للعلمانية في تقاليدها الأوروبية‏‏ الراسخة، على حساب الكمالية التي تمثل نوعا من الأصولية العلمانية المعادية للدين في السياسة والمجتمع معا‏.‏   وثانيتهما: أن كل ما قدمه هو رفع الحظر عن الحجاب لمن تريده، وليس فرضه على من ترفضه، وفي نطاق المدارس فقط وليس في الفضاء العام كله، رغم أن مشكلة الحجاب كحرية «شخصية» في اللباس تعد حقا علمانيا، وأن حرمان المرأة منه إنما يتجاوز التقاليد التاريخية «الأصيلة» للعلمانية إلى نوع من «الأصولية العلمانية». ورغم أن الحزب لم يتعجل التغيير ولم ينزع إلى المواجهة، بل يذعن كثيرا لحساسية العلمانيين إلى درجة جعلت زعيمه أردوغان متهما من الحركة الإسلامية التركية بـ «التواطؤ مع العلمانية»، أو الخضوع لها، بل ودفعت بعض المتشددين إلى التشكيك في «ضميره» الإسلامي.   فالعثمانية الجديدة بلغت قدرتها القصوى على التكيف، مع حدها الأقصى من النجاح، وكل كل ضغط عليها، أو انقلاب، سيضع التطور السياسي التركي في اختبارات متكررة، ويرهنه بمسار انقلابي مأزوم، يعوق حلم تركيا الأوروبي، ويمنع نمو ديموقراطية حقيقية يتصالح فيها الإسلام مع الحداثة، في نموذج قادر على إلهام العالم الإسلامي كله، وربما من دون قدرة على اقتلاع الإسلام من المجتمع، ولا العثمانية الجديدة من الهوية الحضارية لتركيا.   (المصدر: ملحق “تيارات” بصحيفة الحياة (يومية – لندن) الصادرة يوم 27 أفريل 2008)


محمد الأشقر: إنه مصر التي تتحدى ..

فتحي بالحاج  إنه من ذلك الحقل العربي الأصيل، متأصل في حضارته وثقافته العربية، ثابت على الأرض العربية، لا يتزحزح، متمسك بمبادئ أمته العربية بقيمها بأخلاقها السامية والنبيلة، كريم بيته مقصد الشباب العربي التقدمي القادم من كل الأمصار إلى قلب العروبة.. هادئ إذا تحدث فانه يحدثك بمنهجية وعلمية، لكنه قاطع في تحديد سبب البلية العربية (الحكام العرب) حيث يلتقي الفساد والاستبداد ركيزة للهيمنة الأجنبية..  محمد الأشقر عربي مقاوم يرفض الثرثرة والأحاديث الطويلة الملتوية، يدفع الحوار دائما إلى المقترحات العملية.. محمد الأشقر وحدوي تقدمي يتناول المشاكل من وجهة قومية تقدمية لا ينظر إلى حلول مشاكل مصر إلا داخل محيطها العربي. يحارب الإقليمية والقطرية فكرا وممارسة وأسلوبا.. إنه من تلك التربة الناصرية الخصبة ومن تلك النبتة الطيبة التي ارتوت ونمت وترعرعت بينابيع الفكر القومي التقدمي. شجرة عروقها في قاع الأرض وجذعها في السماء.. ذلك هو محمد الأشقر أستاذنا الكبير نقول هذا لمن لا يعرف المناضل محمد الأشقر..أما إخوته الذين رافقوه في مسيرة العمر يعرفون هذا المعدن الأصيل الذي لا يلين..ثلاثة وستين سنة مرت كفاحا ونضالا ضد الإقليمية والقطرية..عندما تلتقيه وتتناول معه أطراف الحديث تحس أنك أمام شاب له مقدرة نادرة على العطاء والتضحية..  ثوري لا يعرف الكلل ولا الملل..مؤمن بمصر وبقدرة شعب مصر وبحيوية شعوب الأمة العربية.. مصر لا تقبل الخضوع والخنوع..السادات مبارك قوس في تاريخ مصر الحديث سيغلق.. لا يتردد في توجيه نقده اللاذع للنخبة العربية المقصرة في حق الجماهير: النخبة متقاعسة، مترددة تلهث وراء حركة الشارع غير فاعلة ومؤثرة، دور النخبة هو استكشاف للشعب طريق الحياة.. لا يرى  محمد الأشقر الاستكشاف  ثرثرة لفظية.. الاستكشاف لا يتم عن طريق التأملات والمقالات النظرية فقط بل من خلال الممارسة ومن خلال المعارك اليومية..الممارسة هي المحك الذي لا يخطئ لذلك نجده في كل التحركات الجماهيرية بين أبناء أمته يرفض الواقع المهين ويبشر بالمستقبل الأفضل .. يجوب مصر من شمالها إلى جنوبها، سيارته الحمراء تحولت السيارة الرسمية لمناضلي كفاية.. وحاملة لكل لافتاتها وراياتها تحديا للسلطة ورموز الفساد….اعتقلوه ظلما زورا.. يريدون سجن تلك الشجرة الطيبة عبثا يحاولون إنها شجرة جذورها ضاربة في قلب الأرض العربية على امتداد الوطن الكبير من المحيط الى الخليج.. من حق أستاذنا أن يفتخر وهو الذي ربى أجيالا من الشباب القومي التقدمي من المحيط إلى الخارج لقد أثمرت الشجرة وهاهو تيار المستقبل صامد نظيف رافض للفساد وللمفسدين..لأنهم جعلوا من مقاومة الفساد والمفسدين هما يوميا يمارسونه ارتعدت فرائص زمر الفساد وهي في قصورها العالية، المحروسة بآلاف العساكر والمخبرين…. لذلك  قرر المفسدون في الأرض اعتقال محمد الأشقر.. لأن محمد الأشقر يؤمن بالحرية لا يقايض بأي ثمن حرية الوطن والمواطن.. وهم يبيعون الوطن والمواطن سجنوه. لأن محمد الأشقر مؤمن إيمانا صوفيا بحق أمته العربية في استكمال وحدتها السياسية وبناء دولتها الديمقراطية والاشتراكية….وهم ينعزلون ويحاولون عزل مصر عن محيطها الطبيعي.. ينتصرون للقطرية والطائفية والإقليمية هو ينتصر للوحدة وهم يطالبون بالتفتيت على أسس قبلية وطائفية.. اعتقلوه.. محمد الأشقر ينتصر لخيار العدالة الاجتماعية، والبديل الاشتراكي.. يقاوم المستغلون والمفسدون..وهم المستغلون والمفسدون  اعتقلوه..  محمد الأشقر انتصر لأمته ولمبادئها الغالية والسامية..وهم ارتدوا بمصر إلى سنوات المقيم العام وسنوات الاستعمار.. ازداد عظمة بين أبناء شعبه وأمته أما سجانيه فازدادوا تساقطا وسقوطا.. أنه أكبر منهم..إنه أشجع منهم إنه يحاصرهم بالخوف الذي امتلكهم.. يعتقلهم بإصراره على التعبير عن آلام شعبه وهموم أمته.. محمد الأشقر هو التعبير عن القلب النابض لشعب مصر…. إنه مصر التي تتحدى.. إن ملايين مصر الغاضبة مع الأستاذ محمد الأشقر وملايين العرب يقفون مع ضمير الأمة.. معتقلوه لا ينامون ليلهم خوفا لأنهم لا يعرفون  كيف سيكون غدهم…أما  أستاذنا فانه هادئ مطمئن، وقد أعدم سجانه وحطم سجنه، يترقب، ينتظر الفجر القريب: فجر مصر، فجر الأمة العربية الذي لا يشك كما لا نشك لحظة أنه أقرب من أي وقت مضى… فهل هناك طريقا غير الطريق الذي خطه لنا أستاذنا الكبير لمواجهة هذا الواقع المهين، وتحقيق حياة العزة والكرامة العربية..!!! http://anssar.al-taleaa.net/index.html  عريضة: تطالب بإطلاق سراح الأستاذ محمد الأشقر ورفاقه الموقوفين وقف عمليات الاعتقال التعسفي في حق المواطنين.      يعرب المرقعون أدناه عن بالغ قلقهم وإدانتهم للاعتقال التي تعرض لها مجموعة من المواطنين المصريين بتهمة  التحريض على  إضراب يوم 6 أفريل، نذكر منهم : محمد الأشقر ود. مجدي قرقر، ضياء الصاوي ووليد صلاح، ومحمد شرف وبالرغم بأمر النيابة بالإفراج عنهم. فإنهم مازالوا رهن الاعتقال في ظروف صعبة ويتعرضون لمعاملة قاسية في السجن. يذكر أن هذا الاعتقال والإيقافات ليس الأول من نوعها بل هي حلقة من سلسلة من الاعتقالات التعسفية المتواصلة ضد المشاركين في التجمعات السلمية وهذا يستدعي التدخل الفوري العاجل من قبل مؤسسات المجتمع المدني والجهات الدولية لحماية المواطنين. إن الجهات الأمنية في مصر تتخذ العنف والاعتقال التعسفي سبيلا لمواجهة مطالب اجتماعية عادلة، وتواجه التحركات السلمية والمطالب السياسية المشروعة بالقمع وبالسجون. إن هذه الإجراءات مخالفة للاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي تنصص على احترام مبادئ حقوق الإنسان، وحق المواطنين في ممارسة حقوقهم السياسية والنقابية. وفي هذا الإطار نطالب نحن الموقعين أدناه السلطات المصرية بوضع حد لهذه الانتهاكات والإفراج الفوري عن المناضل محمد الأشقر ورفاقه وكل السجناء الموقوفين. وتكوين لجنة تحقيق محايدة وشفافة للكشف عن التجاوزات التي قامت بها أجهزة الأمن في حق المواطنين المدنيين.    للانضمام لحملة التضامن مع   المهندس محمد الأشقر ورفاقه، يرجى إرسال الإمضاءات على العنوان البريدي التالي:   solidaritealachkar@yahoo.fr هذا العنون الإلكتروني محمي من السرقة و الإدماج في القوائم البريدية , تحتاج لدعم جافا سكريبت لمشاهدته   almacira20@yahoo.fr www.almacira.com

 


مصر: الإضراب اليوم قرع على «الحلل» وصلوات في المساجد والكنائس لرفع الظلم

القاهرة – أمينة خيري فرق كبير بين الإضرابين، الأول كان ترقباً مشوباً بالحذر، والثاني حذرا مشوبا بالترقب. بين السادس من نيسان (أبريل) الماضي والرابع من آيار (مايو) الجاري فارق زمني لا يزيد على شهر، ولكنه يحمل قدراً غير قليل من الخبرة والدروس المستفادة على الجانبين الأمني والشعبي، وتحديداً الداعين والمتضامنين والمتعاطفين مع الإضراب. يصحو المصريون اليوم الأحد على الإضراب «الشعبي» الثاني في تاريخهم الحديث والداعي إلى البقاء في البيت، وهو الإضراب الذي خرج إلى النور بعملية قيصرية افتراضية على ساحة «الفيس بوك» على الشبكة العنكبوتية وانطلق منها على أيدي مجموعات من الشباب وعدد من القوى السياسية المعارضة. وعلى عكس إضراب نيسان الذي تعاملت معه القوى السياسية بكثير من الحذر وقليل من التعاطف، على الأقل إعلامياً، يأتي إضراب اليوم ليوحد صفوف عدد من هذه القوى. حتى جماعة «الإخوان المسلمين» (المحظورة) اعلنت تجاوبها مع «الإضراب»، وإن طغت على صيغة الاعلان لهجة الحذر الشديد من استخدام كلمة «إضراب» بالإضافة إلى «الحكمة» في التعامل مع الحدث. وجاء تأييد حزب الجبهة الديموقراطية للاضراب أكثر وضوحاً من الجماعة، وبلا تحفظ مؤكدا «حق كل شاب مصري وكل مواطن مصري في أن يعبر عن رأيه السياسي». في الوقت نفسه، اتخذت الأحزاب السياسية المعارضة التقليدية موقفاً اتسم بالتحفظ الشديد، واتفقت على أن الدعوة إلى الإضراب تفتقد رؤى سياسية واضحة. اذ وصف رئيس حزب التجمع اليساري الدكتور رفعت السعيد الإضراب بـ «المراهقة السياسية». وقال الامين العام لحزب الوفد منير فخري عبدالنور إن الإضراب «مجرد ظاهرة إلكترونية». جماعات الشباب الداعية إلى الإضراب، وأشهرها «حركة شباب 6 أبريل»، استفاضت في شرح وجهات نظرها على شبكة الإنترنت. ودعا منظمو الإضراب إلى صلاة وطنية اليوم، وذلك بأداء صلاتي الظهر والعصر أو قداس يوم الأحد في المساجد أو الكنائس، لكن من دون هتافات أو أي مظاهر احتجاجية. وحددوا عدداً من المساجد والكنائس لهذه الصلاة، على أن يبتهل الجميع قائلين: «ربنا الواحد أرفع عنا العذاب ونجّنا من شر الفساد والظلم». ورغم «قرصة الأذن» التي وجهها الأمن إلى «فتاة الفيس بوك» إسراء عبدالفتاح، وهي إحدى الداعيات إلى إضراب نيسان والتي ظلت رهن الاعتقال زهاء أسبوعين، بلغ عدد المصريين الموقعين على الموقع المخصص للإضراب على «الفيس بوك» هذه المرة اكثر من 120 ألفا، علما انه لم يتجاوز 72 ألفاً في الإضراب الماضي. علامة أخرى من علامات النجاح في نظر الداعين إلى الإضراب هي المخاوف الأمنية الشديدة التي انعكست في الحملة المنظمة في الإعلام الرسمي والتي اعتبرت يوم 4 أيار يوماً للعمل والإنتاج، خصوصا انه يصادف ذكرى ميلاد الرئيس حسني مبارك. ومن الأفكار المطروحة على شبكة الإنترنت لإضراب اليوم، فكرة دعت إلى إطفاء النور في البيوت من التاسعة الى العاشرة مساء «للاحتجاج على ارتفاع أسعار الكهرباء بصورة باتت مرهقة للجميع. ويصاحب اطفاء النور استخدام الحلل وأواني الطبخ التي باتت فارغة من الطعام كطبول. حيث يخرج المواطنون الى الشرفات أو يصعدون الى سطح المنزل ويقرعون بالملاعق على الحلل… وهي تظاهرة مبتكرة تتجنب أي احتكاك مع الأمن». يشار إلى أنه عكس الإضراب الأول، لم تصدر وزارة الداخلية بيانات تحذيرية شديدة اللهجة للمواطنين من الانسياق وراء «محترفي الإثارة والتيارات غير الشرعية الذين أخذوا في الفترة الأخيرة في الترويج لمنطلقات ودعاوى وشعارات مُضللة وعمدوا إلى الدعوة لوقفات احتجاجية وللتظاهر وللتوقف عن العمل».  (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 04 ماي 2008)
 

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

26 juin 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2590 du 26.06.2007  archives : www.tunisnews.net Vérité-Action :   « La torture ne

En savoir plus +

8 juin 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3668 du 08.06.2010  archives : www.tunisnews.net  AFP: Tunisie : taux de croissance

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.