لطفي المناعي يوجه نداء من أجل وضع حدّ للتجاوزات والتهديدات التي يتعرض لها
السبيل أونلاين – تونس – عاجل تلقى السجين السياسي السابق وعضو الحزب الديمقراطي التقدمي بنابل ، لطفي بن ابراهيم بن سلامة المناعي (صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد 04452090 ) ، اليوم الجمعة 30 أفريل 2010 ، في حدود الساعة السابعة مساءا مكالمة من هاتف جوال رقم 93319802 ، أعلمه الشخص المتحدث أنه من مركز شرطة واد سوحيل التابع لولاية نابل وطلب منه الحضور للمركز ، فطلب منه المناعي استدعاء كتابي كما ينص علي ذلك القانون . فهدده العون بأنه سيأتيه للبيت ويعتقله بالقوّة . وطالب المناعي في نداء الى كل النشطاء ومنظمات حقوق الانسان بضرورة التدخل من أجل وضع حدّ للتجاوزات والتهديدات التي يتعرض لها بسبب طلبه من عون الشرطة الالتزام بالقانون في توجيه الاستدعاء له . وكان لطفي المناعي ، تلقى يوم 16 جانفي 2009 من رئيس مركز واد سوحيل نزار رحومة استدعاء عبر الهاتف ، طلب منه الحضور إلى المركز ، فطالبه المناعي باستدعاء رسميا التزاما بالقانون . وتعرض المناعي الى الإعتقال يوم السبت 24 جانفي 2009 ، من منزله الكائن بنهج الإمام الغزالي عدد 1 بسيدي عاشور بنابل ، وذلك من قبل أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الشرطة . نشير الى أن السجين السياسي السابق لطفي المناعي يتعرض منذ أن غادر السجن سنة 1995 بعد قضاء حكم صادر ضده بالسجن مدة ثلاث سنوات من أجل الانتماء إلى جمعية غير مرخص فيها ، الى مضايقات متواصلة من طرف البوليس السياسي بنابل ، ويقوم رئيس مركز واد سوحيل المدعو محمد نزار رحومة بمضايقته باستمرار ، حيث أخضعه للبحث والاستجواب وهدده بإخضاعه للإمضاء أسبوعيا في صورة عدم استجابته مستقبلا لأي استدعاء شفوي كما يتصل بعديد المشغلين و تهديدهم لاجبارهم على عدم تشغيل المساجين السياسيين السابقين أو الشبان المتدينين . جدير بالذكر أن رئيس المركز نزار رحومة يعمد باستمرار إلى مضايقة الشباب المتدين حيث يجبرهم على الحضور إلى المركز بدون استدعاء و استجوابهم دون إذن من وكالة الجمهورية . بالتعاون مع الناشط الحقوقي سيد المبروك – تونس (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 30 أفريل 2010 )
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 14 و15 جمادى الأولى 1431 الموافق ل 28 و29 أفريل 2010
أخبار الحريات في تونس
1) دخول سجين الرأي رياض اللواتي وعدد آخر من المساجين في إضراب عن الطعام بسجن المرناقية: دخل عدد من مساجين الرأي المعتقلين حاليا بسجن المرناقية من بينهم سجين الرأي رياض اللواتي منذ يوم السبت 24 أفريل 2010 للمطالبة بإطلاق سراحهم وللاحتجاج على المعاملة السيئة التي يتعرضون لها من قبل إدارة السجن المذكور خاصة حرمانهم من الحقوق البسيطة التي يتمتع بها المساجين في سجون العالم، ومن بينها الحق في السرير حيث ينام عدد كبير من مساجين الرأي كغيرهم من مساجين الحق العام على البلاط، وكذلك الحق في العلاج والدراسة وغيرها من الحقوق التي يكفلها القانون التونسي. 2) البوليس السياسي يمنع سجين الرأي السابق أنور هويش من التنقل للعاصمة: منع أعوان البوليس السياسي في الأيام الأخيرة سجين الرأي السابق أنور هويش من التنقل من مدينة منزل بورقيبة إلى تونس العاصمة التي يقصدها للتزود بالبضائع التي يبيعها في تجارته، رغم إعلامه لهم بالتنقل عديد المرات إلا ان الجواب كان دائما بالرفض، وهو ما يعتبر اعتداء على حقه في التنقل داخل البلاد كمواطن تونسي كما يعتبر اعتداء على حقه في الشغل وطلب الرزق. 3) عرض مجموعة قبلي على التحقيق: تم صباح يوم الأربعاء 28 أفريل 2010 عرض مجموعة من الشبان المعتقلين مؤخرا بولاية قبلي محمد بن مرزوق بن أحمد ومحمد بن أحمد بن محمد بن حمد وبشير بن مبروك بن محمد الحرابي على أنظار قاضي التحقيق بالمكتب السادس بالمحكمة الابتدائية بتونس، وقد أحيلت المجموعة في القضية عدد 17924 من أجل تهم الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم ووفاق إرهابي وإعداد محل والاجتماع بدون رخصة ومغادرة البلاد التونسية بدون وثائق رسمية. كما تم اليوم الخميس 29 أفريل 2010 عرض المعتقليْن البشير الحرابي وعز الدين الحرابي على قاضي التحقيق بالمكتب السادس بالمحكمة الابتدائية بتونس من أجل تهم الدعوة لارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم ووفاق له علاقة بارتكاب جرائم إرهابية بالنسبة للأول مع إضافة تهمة مغادرة البلاد التونسية بدون وثائق رسمية ومن غير نقاط العبور الرسمية بالنسبة للثاني، وقد تم التحقيق معهما بحضور محاميهما. 4) المحكمة الابتدائية بتونس تنظر في قضية محمد اللافي ومن معه: نظرت الدائرة الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي صباح يوم الأربعاء 28 أفريل 2010 في القضية عدد 20169 التي أحيل فيها كل من محمد اللافي ورفيق اللافي وسليم التراس ومروان الباشطبجي ومحرز علاية من أجل عقد اجتماع غير مرخص فيه وإعداد محل لعقد اجتماعات غير مرخص فيها والدعوة لارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم ووفاق له علاقة بجرائم إرهابية وعدم إشعار السلطات بمعلومات عن ارتكاب جرائم إرهابية، وبعد مرافعة لسان الدفاع قررت المحكمة المفاوضة والتصريح بالحكم إثر الجلسة. وقد قررت المحكمة سجن كل من محمد اللافي ورفيق اللافي مدة ستة أعوام وسجن سليم التراس و مروان الباشطبجي ومحرز علاية مدة خمسة أعوام. 5) محكمة الاستئناف تنظر في قضية ماهر القماطي ورشدي الورغي: نظرت محكمة الاستئناف بتونس يوم الأربعاء 28 أفريل 2010 في طلب الاستئناف الذي تقدم به المتهمان ماهر القماطي ورشدي الورغي طعنا في الحكم الصادر ضدهما في الطور الابتدائي والقاضي بسجنهما مدة عامين، وقد قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم الجمعة 14 أفريل 2010 . 6) حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
جمعيات حقوقية تطالب الاتحاد الأوربي بالضغط على النظام التونسي
حرر من قبل التحرير في الخميس, 29. أفريل 2010 وجّه عدد من المنظّمات الحقوقية الدوليّة رسالة مفتوحة بتاريخ 29 أفريل 2010 إلى ممثلي السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بمناسبة انعقاد مجلس الشراكة التونسي الأوروبي المنتظر يوم 11 ماي القادم في لوكسمبورج، تطالب بالتأكيد على كون كلّ نقاش حول تدعيم العلاقات التونسية الأوروبية يجب أن يتضمّن أولويّة مسألة حقوق الإنسان والإصلاحات الديمقراطيّة، والتذكير بأن سياسة الجوار الأوروبية ترتكز على الاحترام المتبادل لهذه القيم. وذكّرت الشبكة الاورومتوسطية لحقوق الانسان والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والجمعية الدولية لمناهضة التعذيب وزراء الخارجية الأوروبيين والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي في مجال السياسة الخارجية والأمنية السيدة كاترين آشتون وكذلك إلى السيد ستيفان فول المفوّض الأوروبي المكلّف بسياسة التوسّع والجوار، أنّ تونس، وبعد مرور 5 سنوات على ابرام اتفاقية سياسة الجوار لم تحترم التزاماتها ولم تقم بأي اصلاحات في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. كما أكّدت الرسالة على تدهور الوضع الحقوقي في تونس وهو ما أجمعت عليه المنظّمات الدّولية في تقاريرها حسب نصّ الرسالة، مذكّرة أن الهدف من تطوير الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة هو دعم قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرّيات. وطالبت المنظّمات الممضية الاتحاد أن يطلب من الحكومة التونسية خلال الاجتماع القادم إطلاق سراح النشطاء الحقوقيين والنقابيين والطلبة وإعادة إدماجهم واستعادة حقوقهم وخاصّة مساجين الحوض المنجمي، والكفّ عن ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان، وضمان حرّية التنظّم والنشاط للجمعيات والنقابات وخاصّة الصحفيين والقضاة إضافة إلى جملة من المطالب الأخرى. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 30 أفريل 2010)
الرديف في 30 أفريل 2010
بيان إلى الرّأي العام
نحن سجناء الحوض المنجمي المذكورين أسفله وفاء لدماء شهدائنا من أبناء مدينة الرديف وإيمانا بعدالة قضيّتنا وأمام تعنّت السّلطة ورفضها غلق ملفّ الحوض المنجمي وإصرارها على الحلّ القضائي والقمعي، نعلن دخولنا كامل يوم 01 ماي والذي يُصادف عيد الشّغل العالمي في إضراب عن الطّعام بيوم واحد نؤكّد من خلاله على ضرورة: -طيّ الملفّ القضائي بإيقاف التتبعات بحقّ الفاهم بوكدّوس وإطلاق سراح حسن بن عبد الله والعيد رحّالي. -حقّنا في استرداد حقوقنا المدنيّة بتعويض السّراح الشّرطي بعفو. -حقّنا في شغل يحفظ كرامتنا، هذا المطلب الذي هو جوهر قضيّتنا ومن أجله سُجنّا وعُذّبنا. -إيجاد حلول عاجلة وجدّيّة لقضيّة التّشغيل بالجهة. -محاسبة كلّ من تورّط في تعذيبنا بمنطقة الأمن بقفصة وبمختلف السّجون التي نقلونا إليها. كما نؤكّد على حقّنا في اختيار أشكال نضاليّة نحقّق بها مطالبنا.وإنّنا إذ نعيد شكر من ساندنا من نقابيين ومنظمات وأحزاب وأفراد فإنّنا نشدّ على أياديهم من أجل تفعيل مساندتنا حتّى لا تذهب تضحيات الشّهداء والمساجين والعائلات هدرا.
غانم شرايطي بوبكر بن بوبكر
تعرضت صفحتي الشخصية على الموقع الاجتماعي العالمي الفايس بوك الى عملية حجب ابتداءا من يوم 26 أفريل2010 علما وأن هذا الحجب طال ايضا عشرات الصفحات الشخصية الاخرى لنشطاء نقابيين وحقوقيين وسياسيين و مواطنين , واحتجاجا على هذا الحجب غير المبرر والمخالف لكل القوانين الوطنية والمواثيق الدولية ولحرية التعبير وتضامنا مع كل الاصدقاء والنشطاء والمواطنين الذين تعرضت صفحاتهم الشخصية للحجب أعلم الراي العام الوطني وكل المتابعين وعموم المواطنين أني سأدخل في اضراب جوع رمزي وبصفة دورية في فاتح كل شهر الى ان يرفع الحجب عن صفحتي , وبصفة استثنائية سيكون الاضراب الدوري لشهر ماي 2010 في اليوم الثالث منه نظرا لتزامن ذلك مع اليوم العالمي لحرية الصحافة . الى جانب هذا الاضراب الرمزي والدوري والشهري , اعبر عن انخراطي في كل اشكال الاحتجاج الاخرى الرافضة لهذا الحجب من توقيع العرائض الى الاعتصام الى أي شكل احتجاجي اخر. ان مجابهة الحجب عمل جماعي يفترض ان تتوحد وتتظافر فيه جهود كل النشطاء والمواطنين والمؤمنين بحرية الرأي وحرية التعبير ويفترض ان تتكامل فيه مبادرات الجميع لبلوغ هذا الهدف النبيل . أوقفوا الحجب من اجل انترنت حر للجميع . ارفعوا الحجب عن الصفحات الشخصية والمدونات . محمد العيادي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
عائلات أبدت استياءها من الممثل بالماد تونس: مسرحية «الكوميدي» الفرنسية تثير سخط المتفرجين
تونس: المنجي السعيداني أثارت مسرحية «الكوميدي» التي عرضت على المسرح البلدي لمدينة تونس يوم الاثنين الماضي غضب الجمهور التونسي المكون في أساسه من العائلات التونسية التي جاءت للفرجة على التجارب الناجحة للمسرح الفرنسي. المسرحية المذكورة التي يقع عرضها ضمن تظاهرة «كوميديا في تونس» أخطأت العنوان هذه المرة وهي تتناول لأول مرة في تونس موضوع «الشذوذ الجنسي عند الرجال». الجمهور الحاضر في تلك المسرحية جاء ليستمتع ويتفرج على قصة كوميدية تهز النفس وتلهب المشاعر، فإذا به أمام مسرحية جريئة ومتحدية لكل العقليات الشرقية بأسلوب مباشر تتناول موضوع الشذوذ الجنسي، وكيف أحب الممثل الفرنسي بيار بالماد – وهو البطل الأساسي للمسرحية – رجلا من نفس جنسه، وسرد ذلك في إطار السيرة الذاتية التي جاءت على لسان البطل الرئيسي للمسرحية. الممثل الفرنسي صرح وبصفة علنية أمام الجمهور الحاضر في تلك السهرة «أنه هو نفسه وبكل بساطة شاذ، وما العيب في ذلك فهي حالة طبيعية مثلها مثل إشكاليات أخرى يعيشها المجتمع ولا مانع من مجاهرة الناس بها». الإعلامي التونسي نبيل الباسطي الذي فوجئ هو الآخر بموضوع المسرحية الفرنسية علق على الأمر قائلا: «كنا ننتظر أن يقص علينا بالماد قصة حب عاشها مع إحدى الحسناوات، ولكنه انعطف عن هذا المسار وقال: لا ليست جميلة شقراء بل إنه رجل وسيم». ويضيف الباسطي: «لقد تحدث الممثل الفرنسي بيار بالماد عن هذه الحقبة من حياته دون ضوابط ولا حدود، وعرى شخصيته أمام مئات المتابعين الذين اختار بعضهم مقاطعة العرض». المسرحية طرحت فكرة الشذوذ الجنسي لأول مرة على خشبة المسرح في تونس، وهو ما خلف حسب كثير من العائلات التونسية التي كانت حاضرة، الكثير من الاستياء مؤكدة أن ليس كل ما نعيشه أو نعرفه نقصه على الناس فوق خشبة المسرح. سامي منتصر أحد منظمي التظاهرة كان له رأي آخر فقد تساءل قائلا: «ما العيب في ذلك نحن تعودنا على تناول كل المواضيع في تونس بهامش من الحرية واسع جدا، والشذوذ الجنسي مظهر موجود في كل العالم، وعلى الفن أن يميط عنه اللثام ويتحدث عن جزئياته». وأضاف منتصر موضحا أن مسرحيات تونسية أخرى تناولت موضوع الجنس مثل «عشقباد» للتونسي توفيق الجبالي وكذلك «حب ستوري» للطفي عاشور ولكنها لم تقابل بنفس الموقف. وقال منتصر إن كثيرا من الممثلين العالميين ممن فازوا بجوائز هامة يصرحون علانية بأنهم شواذ جنسيا ولم يتطرق أحد إلى هذه الجوانب في حياتهم عند تسلمهم لأرفع الجوائز فلماذا نلزم ممثلا فرنسيا له عقلية مختلفة عنا في تناول موضوع الشذوذ الجنسي الذي بات موضوعا عاديا هناك، أن لا يتحدث عنه في تونس وهو يقدم مسرحية هو بطلها.
(المصدر: « الشرق الأوسط » (يومية – جدة، لندن) بتاريخ 30 أفريل 2010)
وزير السياحة
أربعون ألف سائح تعذر عليهم القدوم بسبب بركان اسلندا المنتوج السياحي الحالي لا يتماشى مع خصوصية التونسي وإمكانياته
تونس ـ الصباح رغم وصفه لها بأنها مؤشرات تبقى دون الطموحات والأهداف المرسومة، بين السيد سليم التلاتلي وزير السياحة أن احصائيات توافد السياح خلال الثلاثية الأولى من السنة الجارية سجلت نموا طفيفا بحوالي 0,6 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة وذلك بتوافد أكثر من مليون و98 ألف سائح وتسجيل حوالي 4 ملايين و463 ألف ليلة سياحية. وقال الوزير خلال اللقاء الإعلامي أمس ، أن تأثيرات أزمة بركان أيسلندا الأخيرة وتعطل حركة الطيران لم تكن كبيرة على القطاع السياحي في تونس.موضحا أن 40 ألف و364 حريفا تعذر عليهم القدوم إلى تونس خلال تلك الفترة وهذا لا يعني الإلغاء الكلي لرحلاتهم فهناك من قام بتأجيلها إلى موعد لاحق.في المقابل مدد في نفس الفترة أكثر من 35 ألف و600 سائح إقامتهم في النزل التونسية. مؤشرات موسم أفضل في المقابل أشار إلى وجود مؤشرات إيجابية بشأن الموسم السياحي الحالي استنادا إلى ما تشير إليه الخطوط التونسية من تطور للحجوزات بالإضافة إلى ما أعلنت عنه تقارير منظمة السياحية العالمية من تطور لنتائج السياحية في العالم بحوالي 3 و 4 نقاط مقارنة بالسنة الفارطة… وبشأن تزامن شهر رمضان من ذروة الموسم السياحي أشار وزير السياحة إلى الانتهاء من صياغة جملة من المقترحات العملية ستركز على تحسيس المتدخلين في القطاع على مراعاة متطلبات النشاط السياحي خلال شهر الصيام والعمل على فتح المحلات ليلا منذ بداية الشهر بالإضافة إلى فتح المطاعم والمقاهي والعمل على توفير خدمات النقل وخدمات الديوانة في المطارات أثناء موعد الإفطار بالإضافة إلى التحضير لإطلاق حملة ترويجية لتحفيز السواح الجزائريين والليبيين على القدوم خلال شهر رمضان والاستفادة أيضا من خصوصيات الشهر لجلب السواح غير المسلمين… السياحة الداخلية وقال الوزير حول دعم السياحة الداخلية أن الهدف المرسوم هو مضاعفة الليالي السياحية لتبلغ 6 ملايين ليلة للسائح التونسي غير أن أنماط الإيواء اليوم المعروضة أمام السائح التونسي لا تتماشى مع خصوصياته ولا مع إمكانياته .وأشار الوزير في هذا السياق إلى وجود خطة لتطوير أنماط الإيواء الخاصة بالسياحة الداخلية إلى جانب العمل على تطوير طرق التمويل وتجربة الصك السياحي.. وفي إجابته عن تساؤل «للصباح «حول موضوع توظيف معلوم على دخول السياح وآخر على المنتفعين من القطاع السياحي، أشار الوزير إلى وجود لجنة تفكير تدرس صيغ وطرق توظيف هذا المعلوم مؤكدا أن عديد الدول اليوم توظف معلوما على دخول السياح على غرار مصر وتركيا وأمريكا وتساءل في السياق ذاته لماذا تقتصر المساهمة على الفنادق ووكالات الأسفار ولا تساهم المطاعم ووكلات كراء السيارات لا سيما وأن ميزانية الترويج الحالية ضعيفة مقارنة ببقية الوجهات السياحة المنافسة.. تحدث وزير السياحة أيضا عن المتغيرات والتحديات التي تواجه اليوم القطاع السياحي وفي مقدمتها نقص الترويج عبر الأنترنات رغم وجود احصائيات تؤكد أن 70 بالمائة من السياح يختارون وجهتهم لقضاء عطلهم عبر مواقع الأنترنات. وفي سياق متصل بتحد آخر يواجه السياحة التونسية اليوم وهو جودة الخدمات قال الوزير أن الأنترنات قادرة كذلك على عكس مدى رضى السائح عن الخدمات المقدمة مشيرا إلى أن السائح اليوم يلتقط صورا لخنفساء في الغرفة أو لباب معطب أو لخدمة سياحية ما لا تستجيب للمواصفات ويضع كل ذلك على الأنترنات وبالتالي سيساهم ذلك السائح غير الراضي في تنفير 10 سياح آخرين بصدد البحث عن مكان لقضاء عطلتهم القادمة. وعرج الوزير على الدراسة الاستراتيجية لتطوير القطاع في أفق 2016 مؤكدا أنه سيتم عرضها على استشارة موسعة بداية من شهر جوان. وبين الوزير أنه ستتم إعادة النظر في الاستراتيجية الترويجية ودور الوزارة وديوان السياحة بالإضافة إلى إعادة النظر في دور المهنة باتجاه تجميع كل المتدخلين في القطاع صلب هيكل فاعل في تطوير القطاع تحت تسمية الجامعة الوطنية للسياحة… منى اليحياوي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 أفريل 2010)
الشيخ الغنوشي لصحيفة الشروق العربي الجزائرية: « نعم مازالت تونس دولة بوليسية »
هو رجل حمل قضيته بين جوانحه وهاجر بها الى حيث لا تصيبها حراب الخصوم وسهام الأعداء التي كانت ومازالت تتربص بها للإجهاز عليها . تحوّل من التيار القومي الذي كان يجري في دمه الى التيار الإسلامي بعد أن اكتشف أن القومية التي اعتنقها خالطتها دماء العلمانية التي لا مكان لها في الإسلام. حكم عليه بالسجن مرات عديدة في تونس آخرها سنة 1992 حيث حكم عليه بالمؤبّد في طريق هجرته مرّ بالجزائر واستقرّ به المقام في لندن. الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية الذي تحدّثت معه » الشروق العربي » بشأن العديد من النّقاط التي تناولت حقيقة دخوله المعترك السياسي ودور حركة النهضة التونسية في انقاذ المجتمع التونسي من الغرق في أوحال العلمانية. حاوره : الصّحفية سمية سعادة س: لو لم تتأثر بدموع أمك التي بكت خالك المسجون إبان الاستعمار الفرنسي٬ هل كنت ستدخل دهاليز السياسة ؟ ج: بسم الله والصّلاة والسّلام على رسول الله. وأحيي أحبابنا في الجزائر بتحية أهل الإسلام تحيّة أهل الجنة فالسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أمّا هل كنت سألج معترك السياسة لولا ما كان يحرق قلبي الصّغير من دموع أمي الحبيبة رحمها الله وقد سجن شقيقها الوحيد، من كان لها كل شيء ، من قبل الإحتلال الفرنسي بسبب ما كشفوا من علاقته بالمجاهدين « الفلاقة »؟ الله أعلم، إلاّ أن الظروف الأخرى التي أحاطت بأمثالي كانت تهيئني لمعارضة دولة « الإستقلال » وليس الإندماج فيها، فأنا أنتمي الى منطقة انطلقت منها الرّصاصات الأولى ضد الإحتلال الفرنسي بقيادة القائد المجاهد الطّاهر الأسود ابن نفس القرية « الحامة »، الذي فجّر العمل الجهادي ضد الإحتلال، ثم انحاز في الصّراع صبيحة الإستقلال بين بورقيبة وابن يوسف الى الأخير، وقاد التمرّد المسلّح المدعوم من قبل عبد الناصر. ينتمي الشيخ الطاهر الأسود الى نفس القرية التي أخرجت الروّاد الأوّل من المجاهدين. وفي الصّراع صبيحة الإستقلال بين الزّعيمين بورقيبة وصالح ابن يوسف انحازت في خطها العريض للأخير، الذي وجد الدّعم من قبل المشرق العربي مقابل انحياز فرنسا والمعسكر الغربي لبورقيبة، ولأن موازين القوة كانت لصالح الأخير فقد حسمت المعركة لصالحه، حسمها الجيش الفرنسي الذي كان لا يزال رابضا على الأرض بدباباته وطائراته حسم المعركة، وأنا الطفل الذي كان يدرج نحو سن الرابعة عشرة كدت أهلك برصاص طائش لجندي فرنسا كان ضمن وحدة ترابط على مدخل قريتنا توقف السيارات وتروّع النّاس. فلا عجب أن يكون عدد كبير من أبناء هذه القرية انتموا بعد ذلك في الستينيات والسبعينيات إمّا الى التيّارات اليسارية مثل المناضل اليساري الشهير نورالدين بن خذر، وكان والده أحد رموز اليوسفية، اغتالته اليد الحمراء البورقيبية. انضاف الى هذا المناخ الثقافي السياسي السّائد في القرية التي كان يسودها شعور عام بالخيبة من دولة الإستقلال رغم بذلها الوافر في الكفاح، انضاف عامل آخر أن والدي رحمه الله كان حاملا لكتاب الله، وكانت فكرته عن بورقيبة أنّه زعيم اسلامي ونموذج للتدين، غير أنّه أصيب بخيبة أمل فيه عند أول زيارة له للقرية، حيث اجتمع له حشد عظيم من أهل القرية من بينهم والدي وأشقائي، إلا أن صدمة والدي كانت كبيرة، إذ فوجئ أنّ بورقيبة ظلّ يتابع خطابه خلال أذان صلاة العصر وكأن شيئا لم يقع، بينما كان يتوقّع منه أن يقطعه وأن يؤم الناس في الصّلاة، المسكين لم يكن يعلم أن بورقيبة كان ملحدا أصلا، بينما كانت صورته عنه أنّه من جيل الصّحابة، فما كان منه إلاّ أن انسحب وهو يردّد « هذا رجل لا خير فيه ». وكان من جملة ردود أفعاله رحمه الله أن سحبني من المدرسة الإبتدائية المختلطة (فرنسي وعربي) ليفرّغني سنة لتذكّر ما لاحظ أني نسيته من سور القرآن، ثم ليحوّل وجهتي في اتجاه الإنخراط في نظام تعليمي عربي اسلامي نظام جامع الزيتونة، هذا النظام الذي مثّل الحصن الأعظم للدفاع عن الهوية العربية الإسلامية لتونس وللمنطقة عامة، وكانت الزيتونة قد انحازت في الصّراع بين بورقيبة وابن يوسف الى الأخير فكان ذلك سببا آخر لنقمته على هذه المؤسسة، التي كانت تضم صبيحة الإستقلال في جملة مراحلها الثانوية والعالية حوالي27 ألف طالبا، فكان أوّل قرارات دولة الإستقلال، الإجهاز على هذا النظام التعليمي جملة لصالح تعليم مفرنس. وخلافا للجزائر التي عرّبها الإستقلال فإن تونس فرنسها الإستقلال، إذ أقدم بورقيبة على ما لم تتجرّأ عليه دولة الإحتلال وكانت تتمناه ولم تقدر عليه، فكان ذلك جزء من صفقة الإستقلال، صفقة تضمن استمرار السّياسات الفرنسية بشكل أفدح ولكن بوجوه تونسية. وهكذا وضع قرار الإجهاز على التعليم الزيتوني جيلا كاملا على هامش الدولة تطحنه طحنا، انسدّت أمامه آفاق التّرقي العلمي والتّرقي الإجتماعي، فقد غرّبت الحياة مخلّفة وراءها أجيالا مشرّقة، فلم يكن أمام جيلي إلاّ الفرار الى المشرق بحثا عن فتح آفاق جديدة بالتعلّم في الجامعات المشرقية فطوّفّنا بين القاهرة ودمشق وبغداد وبيروت، مطاردين من السفارات التونسية باعتبارنا نقتبس من النّار المحرّمة، الثّقافة المشرقية. وهكذا كانت جملة ظروف النشأة والشّباب تهيئ أمثالي ليكون معارضا يساريا، شيوعيا أو قوميا أو اسلاميا، تلك كانت الحظوظ الأكبر. والحمد لله على ما قضى وقدّر س:لماذا انتلقت من التيار القومي الى التيار الاسلامي؟ ج: ذلك لمّا اكتشفت من خلال انخراطي في حزب قومي ناصري »الإتحاد الإشتراكي » في سوريا أن القومية أو العروبة التي ننشأ عليها نحن أهل المغرب العربي مندمجة في الإسلام ولا تفترق عنه، بله أن تعاديه أو تهمّشه، بل هي وجه من وجوهه وهما في حرب واحدة في مواجهة عدو واحد يهدّدهما معا يأتي من الغرب مصمما على تقويض كيانهما معا.عبر عن ذلك أقوى وأجلى تعبير العلاّمة ابن باديس خريج جامع الزيتونة: شعب الجزائر مسلم والى العروبة ينتسب. من موقع هذه العروبة الملتحمة بالإسلام، وفي مواجهة الرّياح الغربية التي اشتدّ مع الإستقلال عصفها بتونس، اشرأبت أعناقنا الى الأصل، الى المشرق العربي الذي كان المدّ الناصري العروبي يعمره ويشعّ على المنطقة كلّها، كان التونسيون يرنون الى مصر يومئذ بعين الأمل يبتغون عندها الملجأ الروحي، من هذا المنطلق وبهذه المقاربة اعتنقت شابا النّاصرية، وكانت كلّ شيء في حياتي، وهجرت بلدي صوب المشرق للإرتواء من ذلك النّبع، ورغم أنّ بغيتي في الدّراسة التي بدت لأشهر أنّها قد تحققت في القاهرة حيث قبلت وحوالي أربعين من أمثالي من الشبّان التونسيين طلبة في الجامعات المصرية، إلاّ أنّ الحلم لم يلبث أن تبدد بسبب تدخّل السّفارة التونسية لدى السّلطات المصرية لشطب أسمائنا وإعادتنا غصبا عنّا الى البلاد حتى لا نجلب إليها تلوثا ناصريا أو بعثيا، رغم ذلك فإنّ هذه الصّدمة لم تزعزع يقينيّاتي في العروبة النّاصرية، لأنّي ما أن استقر بي المقام في جامعة دمشق حتى انخرطت في نضال التيّار القومي النّاصري الذي كان يناضل يومئذ من أجل استعادة الوحدة المغدورة بين مصر وسوريا. انخراطي في حزب قومي مكّنني من الإنتقال من العروبة العاطفية أو الأصلية التي نشأت عليها ملتحمة بالإسلام، الى عروبة عقدية علمانية لا مكان فيها للإسلام غير المعدود حسب كتابات ساطع الحصري التي كانت المادة التثقيفية الأساسية في الحزب ركنا من أركان البناء القومي العربي بل مسألة ثانوية، وهو ما مثّل لي صدمة كبرى ايقظتني من غفلتي، وعمقت عندي شعورا مريرا بالخيبة، لدرجة الإحساس بأني قد خنت نفسي خدعت وتم التلبيس عليّ، فلم يكن أمامي إلا الإنسحاب من الحزب ومن ذلك التيار في القومية، عودا الى عروبتي الأصلية الملتحمة بديني في وحدة لا تنفصم في تاريخ منطقتنا وواقعنا. ولذلك لا أعتبر نفسي قد غادرت بذلك القرار عروبتي، وإنّما عمّقتها و أصّلتها عائدا بها الى أصلها، نحن قوم عرّبنا الإسلام، وبالقدر الذي نبتعد عنه نبتعد عن العروبة، والعكس صحيح . عدوالعروبة هو ذاته عدو الإسلام في هذه المنطقة من العالم بالذات بل في كل العالم فهذا الدّين عربي « إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًا » لعرب مسلمهم وغير المسلم لو فقهوا « وإنه لذكر لك ولقومك » وعندما ذهبت فورة الحماسة، ستيقنا أن ما حصل ويحصل من تناقضات مفتعلة وصراعات زائفة بين العروبة والإسلام وبالخصوص في منطقتنا لا يمكن أن يكون لها أساس صحيح لا في العروبة ولا في الإسلام،وهو ما دفعنا للإسهام الجاد مع ثلّة من أصدقائنا العروبيين في مركز دراسات الوحدة العربية وعلى رأسهم الصّديق العزيز خير الدين حسيب والصديق العزيز معن بشور للدعوة الى تأسيس المؤتمر القومي الإسلامي سنة 1994،مبتدئين الحوار القومي الإسلامي في القاهرةسنة 1989، فتم دفن هذا الصراع الزائف بين تيارين هما واحد حتى أنّ الذين تولّوا مهمّة التنسيق لهذا التّجمع الكبير وأولهم المرحوم صدقي الدجّاني ينسبه كل من التيارين الى نفسه،وكذلك الأستاذ المتوكل ونفس الأمر يصدق على المنسق الحالي المفكر الكبير الأستاذ منير شفيق، وذلك على أرضية مشتركة يلتقي فيها المطلبان،مطلب وحدة بلاد العرب وإعادة الإعتبار للإسلام روحا لهذه العروبة. س: هل مازالت تونس دولة شمولية ٬ بوليسية مثلما صرحت بذلك قبل 9 سنوات تقريبا ؟ ج:بالتأكيد. فما بالطبع كما يقال لا يتغيّر. وليس هذا الوصف جديدا على الدّولة، وذلك رغم أنّ مؤسسها رجل قانون، وربّما بسبب ذلك حرص على إضفاء صبغة قانونية على سلطاته الفردية المطلقة. سنّ دستورا له شبه بدساتير الدّول الحديثة،يقوم على مبدأ توزيع السلطات والسلطة الشعبية المعبر عنها في انتخابات دورية، مخوّلا للمواطنين حريات، ولكن الدستور نفسه يفرغ كل تلك المؤسسات والحقوق من أي سلطة قادرة على المحاسبة والمساءلة والتغيير، كل خطوط السلطة تنتهي الى يد الرئيس، والرئيس ليس مسؤولا أمام أي جهة في الدّولة، وهو ما جعل جملة القوانين الموصوفة بالمنظّمة للحريات والحقوق مثل الحقّ في الإنتخاب والتّعبير والعبادة والتنقل وتكوين الأحزاب والجمعيات. هي مشانق للحريات، فما يخوّله الدستور للمواطن من حق يأتي القانون ليسحبه ويردّ أمره الى وزير الداخلية، وهكذا تحولت وزارة الداخلية الى وزارة الوزارات، تتحكم في كل نشاط حكومي أو شعبي. ومع السلطات المطلقة المخولة قانونيا لوزارة البوليس أو لدولة البوليس فإنها لا تتقيّد بهذه القوانين المجحفة، وإنّما تتلاعب بها كيف شاءت سواء بالتأويل أوالتحايل . يعطينا القانون مثلا حق اعتقال المواطن مدة ثمانية أيام قبل تقديمه للمحاكمة قابلة للتمديد مرة، إلاّ أنها قد تغيبه لشهور دون إعلام لأهله، فإذا قررت تقديمه الى المحكمة الأمر سهل تزيّف تاريخ الإعتقال (أنا مثلا أمضيت في ضيافة أمن الدّولة ستة أشهر، لم يمرّ منها يوم أو ليلة دون أن تهتز أعصابي لسماع صراخ يقطع القلب، صراخ رجال ونساء، مع أن القانون يحظر التّعذيب، وتونس موقّعة على الإتفاقية الأممية ضد التّعذيب، ومع ذلك قضى المئات نحبهم تحت التعذيب دون أن يتعرّض للمحاكمة أحد، فالشّرطي هو صاحب الدّولة بل هو الدّولة، فمن ذا الذي سيحاسبه؟) ، شبيه بهذه المؤسسة في الجزائر من حيث السّلطة المطلقة والحضور في كلّ مكان مؤسسة معروفة. لا تكاد تتفوّق على وزارة الداخلية من حيث الميزانيات وزارة أخرى، تضاعف إطارها البشري وميزانياتها خلال العقدين الأخيرين ما لا يقل عن ستة أضعاف، بما له دلالة واضحة على تدهور الشّرعية. معروف أنّ شرعية الدّولة تتناسب عكسا مع احتياجها للقمع. الشرعية الكاملة أي العدل الكامل لا تبقى معها حاجة للحرّاس. والعكس بالعكس على قدر ما يزيد الظلم على قدر تزايد الحاجة للأمن. ولذلك كانت صدمة سفير فارس عظيمة وهو يرى أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب نائما في ظلّ شجرة بلا حراسة، وبعد أن استردّ أنفاسه نقل عنه القول « عدلت فأمنت فنمت س: ماذا استطاعت أن تقدم حركة النهضة الإسلامية للمجتمع التونسي الغارق في العلمانية ؟ ج: الحركة الإسلامية في تونس ممثلة في خطها العريض الذي مثلته في السبعينات الجماعة الإسلامية وفي الثمانيات حركة الإتجاه الإسلامي ثم حركة النهضة حاليا ولدت من رحم المجتمع التونسي لتلبي طلبا ملحا تولّد لديه جراء تجربة تحديثية علمانية متطرفة بل مغشوشة قادها عهد الإستقلال، مسخّرا لخدمتها بل لفرضها فرضا على الشعب أدوات الدولة الحديثة عبر التعليم والإعلام والقانون والثقافة والإقتصاد في اتجاه تجريم المجتمع القديم وربطه بالإسلام، دون تمييز، والعمل الدؤوب على تفكيكه، عقائد وشعائر وشرائع وقيما ومؤسسات، فكان من ذلك شطب المؤسسة الزيتونية العتيدة والقضاء الشرعي والدعوة لإنتهاك حرمة الصوم. واستباحة الزنا والخمور والقمار، وتجريم زيّ الحشمة والتقوى، في نهاية الستينات بدأت ثمار هذا المشروع التفكيكي تظهر ثمارها تحللا في مستوى الأسرة والشّباب حتى هجرت المساجد . فاقتضت رحمة الله أن تستيقظ في النّاس مشاعر الخوف على مقوّمات شخصيتهم من التبدد فولدت الحركة الإسلامية، دعوة الى الله سبحانه تنفض الغبار عن عقائد الإسلام تحيي المساجد، تجادل في مراكز العلم والثّقافة عن دين الله أصحاب العقائد العلمانية التي كانت سيطرتها تامة على الجامعة ومراكز الحداثة فما مرّت عشرية حتى كان التيّار الإسلامي يزاحم بجدارة تيارات العلمنة، فأخذت الدولة التي كانت منشغلة بالصراع مع اليسار تنتبه الى خطورة هذا الذي انبعث من القبر وحسبت أنها فرغت منه الى الأبد، فأخذت تعدّل من تصويب أسلحتها ومنذ بداية الثمانينيات تم إطلاق آخر مجموعة يسارية ليحل محلّهم الإسلاميون . ومنئذ ومسالخ الداخلية ومحاكمها ومعتقلاتها شغالة في قمع التيّار الإسلامي، الذي حاولت استيعابه في انتخابات 1989 لكنّه ظهر في حجم أكبر من أن تتسع له الأوعية، فعادوا الى سياسة القمع بأشد مما سبق حتى بلغ عدد المعتقلين في بداية الثمانينيات حوالي ثلاثين ألفا، من كتبت له الحياة قضى محكوميته وغادر تلك المسالخ والقبور يجر جسما منهكا تحلّق به روح شفافة زادتها المحنة يقينا في مشروعها الإسلامي منقذا. وكانت السنة الماضية شهدت خروج آخر دفعة من النهضويين عدا الرئيس السّابق للحركة الدكتور الشيخ الصادق شورو فرج الله كربه، إلاّ أن ذلك لم يزد حتى الآن رغم مطالبات الحركة المتكررة النظام بالإنفتاح عليها وعلى التيارات والتعامل معها التعامل السياسي باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الحياة السّياسة والكف عن التعامل الأمني، ولكن لا مجيب لنداءاتنا المتكررة بما جعل خروج الآلاف من السجن رغم إيجابيته في حد ذاته إلاّ أنه سياسيا لم يغير من الأمر شيئا، لم يزد حال آلاف المساجين السّابقين عن كونهم انتقلوا من سجن مضيق الى سجن موسّع، ولك أن تقول من سجن على حساب الدّولة الى سجن على حسابهم الخاص، محرومين من كلّ حقوقهم في الشّغل والتّنقل والتّداوي المجاني فضلا عن الحقوق السّياسية. غير أنّ السجون لم تشك في دولة الإستقلال بطالة، فقد تداولت التيّارات السياسية في البلاد متعة الضيافة فيها. وحلّ السّنوات الأخيرة محل النهضويين جيل جديد من شباب الصّحوة الإسلامية يعدّون بالآلاف، شاهدين على أنّ فشل ذريع لخطة تجفيف منابع الإسلام التي سخرت لها الدّولة مستقوية بالخارج كل امكاناتها، بما له دلالة واضحة أن ما زرعته الدّعوة الإسلامية المعاصرة منذ اربعين سنة تقريبا قد باركه الله سبحانه « وَمَثَلُ كَلِمَةٍ طَيّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء » / ابراهيم 24 / . صحيح أنّ هذه الدّعوة لم تحدث في مستوى الدولة تغييرا كبيرا والسّبب أنها لا تعبّر عن إرادة النّاس بما يكفي، مستظهرة عليهم بالخارج. أما في المستوى الشّعبي فرغم ان تأثيرات الدّولة ليست بالقليلة تغريبا وتفكيكا لمقومات الشّخصية الوطنية العربية والإسلامية، إلاّ أنّنا نستطيع بكلّ إطمئنان التّأكيد أنّ معركة الهويّة وهي المعركة الأولى التي استثمرت فيها الحركة أغلب جهدها وأرصدتها قد حسمت لصالح عروبة تونس وإسلامها، ولم يكن ذلك رهان دولة الإستقلال، بل كان رهانها تفكيك مقومات هذه الهوية وإلحاق البلاد بما وراء البحار. والدولة مهما عتت لا تستطيع أن تجدف الى الأبد ضدا عن التيّار الشّعبي، ولذلك بدأنا نرى قدرا ولو طفيفا محتشما من التراجع عن سياسة المواجهة للإسلام التي ورّطت فيها الدولة تيارات علمانية وماسونية متطرفة. أفرجت الدّولة عن « إذاعة القرآن الكريم » فأخذ يذاع في الأسواق وتلقى منه مواعظ، بعد كان شريطا منه كفيلا بسحب ترخيص سائق سيارة، أو حتى رميه بالتطرف واعتقاله، مع أنّ الحجاب المنصوص عليه في القرآن لا يزال محظورا على نحو تنفرد به تونس في العالم كلّه. الخلاصة أن الحركة الإسلامية التونسية ولدت في مجتمع قد نجح فيه مشروع التّغريب الى حدّ تم معه تهميش الإسلام جملة في مؤسسات الحداثة، حتى لم يبق أثر للصّلاة وسط الشّباب المتعلّم، وخلال عقد تمكن الدّعوة الإسلامية من الإقتحام بالإسلام في كل أرجاء مؤسسات الحداثة فانتشرت المصلّيات في الجامعات والمدارس والإدارات ومراكز الإقتصاد وحتى الأمن، جمعت العلمانية شتاتها متدرعة بالدولة والظهير الخارجي للقيام بهجوم معاكس كاسح متخذا الإستئصال النّهائي هدفه. لاق أهل الإسلام الأهوال منذ عقدين ولكن ثبّتهم الله سبحانه فما نجح القمع لا في استدراجهم الى مستنقع العنف رد فعل على عنف السلطة فهذه حركة اسلامية ديمقراطية أسّست لمناهج العمل المدني السّلمي، ولا نجح في عزلها عن المنتظم السياسي التونسي فقد عادت جزء منه. باطئنان نقول :إن الحركة قد نجحت بفضل الله أن تتجاوز بنجاح امتحان البقاء الذي أخضعت له، وهي اليوم بصدد التّعافي وإعداد نفسها لإستثمار ما زرعت في مجتمعها من قيم وأمثولات ونماذج نضالية مشرفة لا تكاد تخلو منها أسرة تونسية. الحركة واقعة ضمن تيار الصّحوة الإسلامية الصاعد في البلاد حاملا مشروع الهويّة والحرية والعدالة وتحرير فلسطين والوحدة المغاربية والعربية والإسلامية والتحرر من تيارات الهيمنة الدولية ، جزء من التيار الإسلامي الصّاعد في العالم متحالفا مع كل التيارات التّحررية المناهضة للعولمة المهيمنة. المؤكّد أن الحركة في حالة صعود وليس أمام السلطة أي سلطة تريد أن تحكم البلاد بقدر معقول من العدل إلا التّعامل معها ضمانا للإستقرار الضروري لكلّ مشروع تنموي جاد . في تونس وفي جملة عالم الإسلام لم يعد متّسع كبير لحكم معقول وتنمية مأمولة دون استيعاب للتيار الإسلامي ضمن المنتظم السياسي، دون غش ولا تحكّم. إذا كان التيار الإسلامي بدأ التهيؤ لعملية إدماجه في البلاد الغربية التي حاربته لقرون طويلة فهل سيبقى غريبا في دياره ذاتها؟ فرص سياسات الاقصاء والقمع والخداع ودولة الحزب الواحد دولة البوليس في الإستمرار آخذة في النفاد وتجدف خارج المستقبل. الحركة الإسلامية قوة تغيير وإصلاح، قد تكون الرّياح مواتية لها حينا فتزدهر ، وقد تهب في الإتجاه الآخر فتمتحن، وعندما يكون الحق في واد والظروف القائمة في الإتجاه المضاد فعلى أبناء حركة الإسلام أن لا يستسلموا معترفين بمشروعية الغالب في تقرير مصائر الأمور، بل عليهم أن يصمدوا ويثبتوا قابضين على جمر الحق حتى يأخذ اتجاه الرياح في التبدل . وواضح لكل ذي بصيرة أن رياح الإسلام تشتدّ، وأمواجه في صعود، بينما موجة الهيمنة الدولية التي انطلقت في أعقاب سقوط الإتحاد السوفياتي وفي سياقها حدثت حروب الخليج، وصعد نجم التسويات والتبشير بجنة اقتصاد السوق والتطبيع. في سياقات تلك الأمواج التي ركبتها حكوماتنا تحت شعار الحرب العالمية على الإرهاب . طحنت حركات الإسلام في تونس والجزائر وفي أقطار كثيرة « وَهَمَّتْ كُلّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الحَق » / غافر 5 /. واضح اليوم أنّ تلك الموجة وذلك المدّ في حالة اختناق ومأزق وتأزم. في المستوى الإقتصادي جنّة السوق لم يعد يبشر بها أحد. التّأميم على قدم وساق في قلب الرأسمالية. والخطب يتّسع أمام الآلة العسكرية المتوحّلة في مواطن كثيرة وإذا كان رأس القاطرة متوحّلا فلا تسل عن الأتباع وأتباع الأتباع. لم تعد استراتيجية استبعاد الإسلام شريكا في السّياسة الدولية أمامها وقت طويل للعمل رغم العناد الصّهيوني، العقبة الأشدّ والعدو الألدّ. س- دولة تدعي الحداثة مثل تونس ٬ لماذا مازلت تحتكم إلى قانون صادر في 1981 الذي يمنع المرأة التونسية من ارتداء الحجاب؟ ج:أمر محيّر حقا، لا يجد أي تفسير له في قاموس الحداثة باعتبارها في أهم ّ محمول لها حرية العقل، فبأي وجه من وجوه الحرّية يمكن لك أن تفرض على أحد ذوقك في ما يطعم وما يشرب وما يلبس؟ فلا يبقى لهذا المسلك المستهجن من تفسير في مجال الحداثة وإنما في ما يخرج عنها وما يناقضها وهو التسلّط والإستبداد وإهدار حرية الآخرين وعداوة متأصلة للدّين، وذلك جزء من الإرث اليعقوبي الفرنسي الذي ورثه وأشربه جزء من النخبة المغاربية والتونسية خصوصا، أخرجته عن سياق نشأته في بيئة كاثوليكية جامدة محاربة لكل منزع عقلاني تحرّري، وألقت به في بيئة اسلامية مختلفة بالكامل، لم تعرف عقلانية ولا تحررا ولا تحضرا ولا دخلت التاريخ إلا من باب الإسلام، فكيف تصوّب عليه سهام مستعارة من حرب أجنبية عنه. إنّه الجهل والغرور والتألّه. ولقد كان يسيرا على نظام ابن علي أن يحرّر نظامه من هذه الورثة السّيئة المعيبة باعتبارها ليست من صنعه وإنما من صنع سلفه كما تحرّر من أشياء أخرى. س- متى ستعود إلى تونس بصفة نهائية لقيادة حركة النهضة قيادة مباشرة ؟ ج: عسى أن يكون قريبا بمشيئة الله. أذكر أن أخا كريما مهاجرا هو الدكتور خالد الطراولي قد اقترح علي العودة الى البلاد، فأجبته بما كنت أجبت به شابا كان له موقع في الإنترنات متميز وهو زهير اليحياوي رحمه الله، قد وجه لي هو الآخر رسالة مفتوحة يدعوني فيها الى العودة تقديرا منه أنّ ذلك من شأنه أن يحدث تفاعلات في البلاد دون بيان كيف سيحدث ذلك؟ وباختصار أجبت :المعقول أنّ العودة تجب عند ما تنتفي اسباب الهجرة. ما الذي أخرجني من بلدي؟ الإستبداد الذي سلبني حرّيتي وحكم عليّ مرّتين بالسجن المؤبد، بعد أن كنت قد أمضيت خمس سنوات سجنا في العهد السّابق. فما مبرر أن ينتقل الإنسان من حرية الى سجن باختياره؟ هل القصد تعزيز تمثيلنا في السّجن، والحال أن تمثيلنا عال، سواء في السجن المضيق أم في السجن الموسع، حيث تكمّم الأفواه ما يضطر المناضلين الى البحث عن فرص للتعبير عبر الفضائيات الخارجية سواء عبر السفر أم عبر الهاتف؟. العالم قد صغر جدا، ما قلّل من أهمية المكان حيث توجد . المهمّ ما بين يديك من وسائل الإتصال. واقع الحال أنّ وضع البلاد ليس جاذبا بل طاردا، لدرجة ارتماء آلاف من الشباب في لجج البحار هروبا من وطن اغترب فيها المواطن بسبب القمع والبطالة. أحد الإخوة عاد أخيرا بعد ربع قرن من الهجرة، ورغم التطمينات التي تلقاها تم اعتقاله وحكموا عليه بأربع سنوات سجنا، مهدّدين وضعه العائلي في الخارج ومهنته باعتباره طبيبا صاحب عيادة. و بعد تدخّلات تم الإفراج عنه، فكان أمره مثيرا لعجب السجناء العاديين؟ ما الذي حملك على القدوم ونحن نغامر بحياتنا بالهجرة على قوارب الموت؟ س: ماذا فقدت بابتعادك عن تونس على المستوى الشخصي وماذا استفدت ؟ ج: فقدت شيئا كبيرا، فقدت ما عبّر عنه النّبي عليه السّلام وهو يغادر مكة، ملقيا عليها النّظرة الأخيرة في طريق هجرته: « والله لأنت أحب بلاد الله اليّ، لولا أن أهلك أخرجوني » هم بالمعنى الحرفي للكلمة لم يخرجوه، بل كانوا أشد ما يكونون حذرا من هجرته، وحرصا على بقائه مكمّم الفم، وكأنّ النبي عليه السّلام يبرّر سبب خروجه عن الأصل ألا وهو استقرار الإنسان في موطنه الى الإستثناء أي الهجرة بأنّ ذلك يحدث ويصبح مبررا، عندما يفقد المواطن حقوقه الأساسية ومنها حقه في الإعتقاد والتفكير والدّعوة والأمان، عندئذ يكون أهله أو حكامهم قد أخرجوه فعلا، أي أسقطوا مواطنته فما يبقى له مكان بينهم، وذلك الذي فعله الاستبداد بي وبعشرات الآلاف من أمثالي ممن أسقط عنهم حقوق المواطنة، فأبعدهم إما الى معتقل أو منفى داخل البلاد أو خارجها. رغم أن كل أهل تونس حقوقهم مهدورة وهم غرباء في الوطن، والغربة في الوطن ربّما أشدّ من الغربة خارجه، رغم أنّ الوطن يعيش فينا. وهم يعيشون به. ويمثّلون به وبأهله. ولحرص الإسلام على حرية الإنسان باعتبارها أهم مقومات انسانية الإنسان وماذا يبقى من مواطنتك إذا سلبت حريتك، جعل الله في الهجرة مخرجا. أما ماذا استفدت في هجرتي؟ حريتي التي حرم منها شعب تونس اللاهم إلاّ أولئك الذين يدفعون ثمنها ليل نهار ملاحقين بالقمع والحرمان والتضييق في السجون المضيقة وفي البلاد السجن الكبير. لم يدخر نظام البوليس وسيلة لإستدراجي عودا الى السجن إلاّ ابتغاها، فلمّا يئس طفق يوظّف كلّ علاقات الدّولة وإغراءاتها للتضييق عليّ في بلاد الله الواسعة ونصب الفخاخ لي في كلّ مكان بإدراج اسمي في قوائم الإجرام الدولي « الانتربول » ضمن قائمة لا تكاد تفوقها قائمة من دولة أخرى. وعمل ضمن وكالة إعلامه الخارجي المكلفة بشراء شهادات الإستحسان من الصحافة العالمية مبددا أموال الشعب، عمل على تشويه سمعتي وربطي بالإرهاب، من خلال قصص يخترعها ورّط فيها صحفا كثيرة في إيطاليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، حملتها الى القضاء فعجزت عن إثبات دعواها فلم تجد سبيلا غير الإعتذار ودفع التعويضات. س: كيف أصبحت علاقة حركتكم بالسلطة بعد هذه السنوات الطويلة من الصراع ؟ ج:على ما عليه. مع أنّنا لم ندخر وسعا في الدّعوة الى المصالحة الوطنية الشاملة عبر حوار جاد ينهي حال التوتر والإقصاء وتحكيم الأدوات الأمنية في الملفات السياسية، إلاّ أنّ السلطة لا تزال مصرّة على التّعامل الأمني واعتبارنا ملفّا أمنيا ملحقا بقضايا الإرهاب. ففي الوقت الذي تصالحت فيه دول اسلامية مع حملة السّلاح لا يزال الحكم في تونس يرفض الحوار والتصالح مع حركة أسّست وأصّلت للفكر الإسلامي السياسي المدني الديمقراطي، بما بدا معه حالة غريبة خارجة عن السّياق والمعقول. ٭س: راشد الغنوشي الأب الروحي لحركة النهضة التونسية اشتغل في جلي الصحون والحراسة في أروربا ٬ حدثنا عن هذه المرحلة ؟ ج:تلك فترة من طور الشّباب سواء خلال سياحتي في اروبا بين سنتي 1964 و1965 أو خلال وجودي طالبا في باريس. وكان الطور الأخير بالغ القسوة والشقاء، أن تكون مضطرا لتمويل دراستك الى الشغل في المطاعم تجلي الصحون أو توزّع أوراق الإعلانات على المحلاّت تحت زخات المطر والبرد القارص الأمر صعب. وربما كانت تلك أعسر أيام حياتي ربما لا يفوقها عسرا غير الأيام الأخيرة من حكم الطّاغية حيث لم يرضه الحكم علي بالسجن المؤبد وقرر إعادة المحاكمة آمرا بإعدامي إرواء لعطشه للدم، لولا أن الله سلّم. ٭س: نلاحظ أن الإسلام »السياسي »بدأ يفقد مراتبه الريادية ٬ هل لعلّة فيه ٬ أم أن المحيط الذي يعيش فيه لا يشجع على الاستمرار و النجاح ج: الإسلاميون يتحفظون على هذا الإستعمال الشائع، بسبب طبيعته التجزيئية للإسلام ،وكأن السياسة ملحق أضافته للإسلام بعض التيارات، مع أن السياسة المقصد الأعظم للإسلام باعتبارها رعاية شؤون الناس بما يجعلهم أقرب الى الصّلاح وأبعدهم عن الفساد، أي بما يحقق أقصى ما هو ممكن من السّعادة لهم والعدل بينهم، وإنّما بعث الله سبحانه الرّسل رحمة منه بعباده لمساعدتهم على إقامة العدل بينهم بما يحقق سعادتهم في الدارين. ولقد تآمرت سياسة الحكّام الظّلمة من المسلمين وغيرهم على دين الله لإقصائه عن أداء رسالته في إقامة العدل والحرب على الظلم، وتفريغه من رسالته الحقيقية ، فدسّوا عليه وفيه ضروبا من التأويلات الأغنوصية والعلمانية الضالّة، التي صوّرت للمسلمين أنّهم يمكن أن يكونوا مسلمين صالحين بمجرد أدائهم لبعض الّشّعائر، وقد ينخفض السّعر حتى يصل الى مجرد النّطق يالشهادتين، وقد يضاف اليها بعض الشطح الصوفي والمشاركة في بعض الحضرات، بما يجعل قلبه قابلا كلّ صورة حسب تعبير ابن عربي الضال المضل، فلا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ولا يتصدى لظالم ولا يقرّ بجهاد. وبذلك اغترب الإسلام في دياره وآلت الى الخمول حضارته فغلب الأعداء على ارضه وكادوا يجهزون عليه لولا أن قيض له أجيالا من المصلحين المجدّدين المجتهدين الذين نفضوا عن مشروع الإسلام الشّامل الغبار فصحّحوا العقائد من لوثات الشرك والبدع والجبر، نافخين في الأمة روح الجهاد معيدين الفعالية للإنسان المسلم أمرا بمعروف ونهيا عن منكر وسعيا في أرض الله بالإصلاح وإقامة العدل ومحاربة الظلم وذلك ضمن راية اسلامية شمولية للإسلام، ترتبط فيها العقائد بالشعائر والشرائع والأخلاقيات باعتباره – كما أنزل وكما طبق على يد مؤسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الأخيار وخلفائه الأبرارن دينا ودولة. الأمر أحيى مواتا وفجّر طاقات وطرد احتلالا وهدّد بالثورة على الطغاة وأقلق الكبار القائمين على مؤسّسات النهب الدولي لخيرات المسلمين ، فأرجفوا على حركات الإسلام ودعاته واصمينهم بأبشع الأوصاف، بالإرهاب والتطرّف والتشدّد وأنّهم اختلقوا دينا جديدا، هو ما أطلق جيش الخبراء المتفرغين لدراسة ومقاومة الحركة الإسلامية الاسلام السياسي يعنون به الحركة الإسلامية لتمييزها وفصلها من نسيج الأمة العام. ولذلك يرفض دعاة الإسلام هذه التّسمية وأمثالها، ويتمسكون بما سماهم به ربهم أنهم المسلمون . وإذا كان السؤال عن حال الحركات والجماعات التي تنطلق من هذا التصور الشّمولي للإسلام المندرجة ضمن مسمّى الحركة الإسلامية. هل هي تتقدم أم تتراجع؟ نحن لا نرى مؤشرات كافية دالة على أن الحركة الإسلامية (وليس الإسلام السياسي) هي في خطها العريض في حالة تدهور أو نكوص أو حتى استقرار بل المؤكّد أنها تتتقدّم إن على مستوى اندياح التّصور الشمولي لإسلام أو على مستوى ممارسة الشعائر الدينية أو في مجال الخدمة الإجتماعية أو في مستوى التنافس السياسي مع التيارات العلمانية حيثما كانت فسحة. نعم يمكن لهذا التيّار الممتد عبر العالم وغير مهيكل في جسم تنظيمي واحد، فقيادته تتمثل في فكرته، في المنظور الشامل للاسلام. هذا التّصور للإسلام لا تزال فكرته في تقدم ، باعتباره مشروعا مجتمعيا، ما السّياسة إلا وجها من وجوهه، وحتى في هذا المستوى يمكن أن نرى تراجعا هنا أو هناك في ساحة من الساحات مثل الساحة الكويتية ولكن هذه ساحة محدودة، فلا تتخذ مقياسا. ينبغي تركيز الأنظار على الساحات الكبرى مثل تركيا التي حققت السنوات الأخيرة انعطافة هائلة في الإتجاه قدما عائدة الى تراثها الإسلامي والإلتحام بالأمة وقضاياها واقتصادياتها، وذلك بعد اغتراب قسري امتد لحوالي قرن. وكذلك الساحة الأندونيسية حيث استمرت الحركة الإسلامية في تقدّمها ونموّها السّريع . السنوات الأخيرة حصل تطوّر نوعي في فلسطين المحتلّة التي تعتبر مسبارا لمعرفة الإتجاهات الكبرى الفاعلة في الأمة باعتبار قداسة القضية قضية القدس وفلسطين. كون المشروع الوطني العلماني بقيادة فتح ينهزم في انتخابات حرة على يد الحركة الإسلامية حماس، هذا أمر كبير وخطير، يكشف عن حالة تحوّل عامّة تجري في المنطقة برمّتها في اتجاه الإسلام منقذا، ومن ذلك المقاومة العراقية التي تصدّت لأكبر هجوم امبريالي في القرن الجديد، وردّته على أعقابه خاسئا محدثة فيه أضرارا بالغة في القلب والأطراف وأزمات حادّة. وعلى نفس المستوى تصدّت المقاومة الإسلامية الأفغانية لنفس المشروع الإمبريالي بكفاءة عالية. ومعنى ذلك أن الحركة الاسلامية قد حسمت معركة الهوية في المستوى الشعبي . شعوب الأمة هي أحسن إسلاما مما كانت عليه منذ وطئ الإحتلال أرض الإسلام منذ مائتي سنة. الأمة تقاوم بمختلف الوسائل مخططات الهيمنة الغربية الإسرائلية. أما الثغرة الأشد في بنيان الأمة ففي مستوى القمّة التي هي في غالبها لا تعبر عن ارداة الأمة وإنما تقمعها نيابة عن أعداء الامّة ضمانا لإستمرار دعم حكمهم . المشكل اليوم ليس كيف نصلح هؤلاء الحكام الذين لم يعودوا منا « وأولي الأمرمنكم ». لو رسمنا وضع أمّتنا بالألوان لوجدنا الأمة بلون وحكامها بلون مناقض تماما كما كان الوضع في جنوب افريقيا زمن النظام العنصري، نحن الشّعوب في موقع السود إزاء حكّامنا البيض. يشهد على ذلك كلّ سبر للآراء جاد حول قضايا أماتنا الكبرى مثلا قضية الجدار الفولاذي الذي يبنيه من سماهم الكاتب الإسلامي الكبير فهمي هويدي المصريون الجدد. سأل موقع الإخوان المسلمين قراءه :هل الجدار لحماية الأمن القومي المصري؟ أم هو لتشديد الخناق على حماس؟ كان الجواب ( 5 , 93 ) للخيار الثاني مقابل( 5 , 3 % ) للخيار الأول. ولا يختلف الأمر إزاء القضايا الكبرى هناك أقلية بيضاء استخلفتها القوى الإستعمارية وأمدّتها بكل وسائل الدّعم للقبض على رقاب الأمّة عبر قبضها على كل مؤسسات الدولة ومواقع التأثير، ولكن الحركة الإسلامية نجحت في فضح ومحاصرة تلك الأقلية، ما اضطرّها الى مفاقمة وسائل القمع حتى تحوّلت أنظمة بوليسية مافيوزية تستمد شرعيتها من قمعها لشعوبها غير متردّدة في الإدمان على تزوير إراداة شعوبها ونهب ارزاقها والتفريط في ما تبقى من استقلالها، حتى أنها لم تعد تخجل من ذلك، وما بناء الجدار الفولاذي حول أهلنا في غزة وتصريح مستشار سابق لرئيس جمهورية دولة عربية أن الرئيس القادم لبلده لا بد أن يكون مرضيا عنه من قبل الولايات المتحدة واسرائيل. وليس ذلك خاصا ببلد واحد بل هو شأن معظم دول العرب إن لم يكن كلّها. وكون الحركة الإسلامية قد كسبت معركة الهوية ومعركة الرأي العام وهمّشت المشاريع العلمانية المنافسة ما اضطرتها الى الإعتماد المتزايد على وسائل القمع والإستقواء بالخارج لا يعني أنّ كلّ الجماعات المنضوية تحت مسمّى الحركة الإسلامية هي بخير فهي حركات بشرية تصيب وتخطئ في اجتهاداتها السياسية أي في ما تعتمده من مناهج التغيير لما يتخبط فيه مجتمعها من آفات وعلى راسها الإستبداد كيف تتعامل معه؟ بعضها اعتمد القوة ردّا على العنف الرسمي، فما آب للأمة بغير المزيد من النكبات. وبعضها رغب في المشاركة في أنظمة فاسدة ، سبيلا لإصلاح أنظمة فردية مرتهنة الإرادة للأجنبي، فما آب بعد التجربة بطائل من صلاح لأنظمة طبيعتها فردية متسلطة لا تتيح للمشارك الضعيف أي فرصة للمشاركة في رسم السياسات الكبرى الداخلية والخارجية كل الذي تتيحه فرصا للمشاركة في المغنم، ثمنا لإسباغ الشرعية الإسلامية على تلك الانظمة الفاسدة. ولا يعني ذلك رفض المشاركة جملة، وإنّما المشاركة في أنظمة قامت على الإغتصاب والفساد والقمع. فلا عجب أن يؤول أمر تلك المشاركات بالضّرر على المشاركين وعلى صورتهم عند النّاس أنهم شركاء في آلامهم وما ينالهم من بلاء تلك الانظمة من قمع ونهب، وقد لا تحتفظ تلك الحركات حتى برأسمالها أي بوحدتها، فيكون الضّرر الذي ينالها بالمشاركة لا يقلّ عن الضّرر الذي يصيب المعارضين إن لم يكن أشد. وسواء أصابت حركة اسلامية هنا أم أخطأت هناك فالمشروع الإصلاحي الإسلامي عقيدة وشعائر وشرائع وأخلاقا ومؤسسات لا يزال مدّه في صعود وانتشار واستيعاب متزايد لمشكلات الحياة وتقديم الحلول لها، وتجربة المصرفية الإسلامية وما اثبتته من جدوى في الصّمود في مواجهة الإقتصاد الربوي التقليدي ليست سوى نموذج لما يمكن للمشروع الإسلامي ان يسلّم له الامر، فيفتح ابوابا استعصت على أي مفتاح آخر، كما فعلت المقاومة الإسلامية في التصدي للهيمنة الإسرائلية الأمريكية وزحفهما على المنطقة. س- هل يحق لنا أن نعاتب الغرب لظلمه للإسلام و في بلادنا الإسلامية من هو اشد ظلما له ؟ ج:الظلم من حيث أتى منكر، اجترحه قريب أم بعيد.فإذا ضربك أخوك فليس مشروعا لجارك أن يفعل ذلك. مع أن ظلم ذوي القربى كما تقول العرب أشد مضاضة. ولكن يبقى الأمر مدعاة للأسى أن بلغ التضييق على دعاة الإسلام في بعض بلاد الإسلام الى الحد الذي يضطرهم فيه الى الإحتماء من ظلم بني جلدتهم بدول غير اسلامية، وأن تكون المساجد في تلك البلاد تتمتع بحريات لا تتمتع فيها في بعض بلاد الإسلام، فقد عزل الأيام الأخيرة إمام جمعة في أحد مساجد تونس بسبب أنه انتقد الجدار الفولاذي، وقطعت أرزاق عدة أئمة في بلاد اسلامية أخرى .بينما خطباء المساجد في بلاد الغرب يتمتعون بحريات أكبر في التعبير عن ضميرهم الديني والإنساني. والمعروف أن حظر الحجاب في بلاد اسلامية هي تونس سبق حظره في فرنسا، ومع ذلك فتطبيقه في هذه الأخيرة أقل صرامة من الأولى إذ يقتصر هنا على المدارس الثانوية بينما يطال في تونس كل مؤسسات الدولة بل يمزق في الشارع من فوق رؤوس حاملاته، وهو ما جعل البلاد المنتسبة للاسلام كلاّ عليه إذ تقدم عنه أبشع الصور، ولا يقتصر الأمر على الحجاب فهذا أهون الأمر وإنما يتعدى ذلك الى حقوق الإنسان الكبرى في العدل والأمن على نفسه وأهله وماله وحقه في المشاركة في الشؤون العامة، ففي هذه المجالات لا شك أن النظم المطبقة في البلاد الغربية- على ما فيها من إخلالات- هي أقرب لروح الإسلام ومقاصد نظامه الإجتماعي في العدل والشورى واحترام كرامة الإسلام من كل الأنظمة المنتسبة للإسلام دون استثناء، الأمر الذي جعل المنظمات الإنسانية الدولية تلاحق هذه الحكومات المنتسبة للإسلام بتقارير متواترة ودورية ومثقلة بانتهاكات حقوق الإنسان تزويرا للإنتخابات وإدمانا على التعذيب الذي هو – حسب تقارير أمنستي حول تونس مثلا والامر ينطبق على غيرها دون استثناء- ممارسة منهجية تجد الدعم من أعلى هرم السلطة.الى جانب قمع الحرية ونهب الثروات العامة من قبل نخبة الحكم. الى انتهاك سائر حقوق المواطنين..إن الإسلام العظيم مثقل مرهق بتصرفات المنتسبين اليه، وأذكر زفرة جزائرية غاضبة سمعتها من المفكر العظيم المرحوم استاذنا مالك ابن نبي، وكان بصدد الحديث عن أمراض المسلمين، قال « تمنيت وأنا أتأمل في أمراض المسلمين وكيف تحولوا شهادة على الإسلام وعقبة في طريق كل باحث عنه، ففي طريقه الى القرآن تتعثر أقدامه في المسلمين، فلا يصل اليه للنهل مباشرة من ينابيعه الصافية، حتى وددت لو لم يكن هناك مسلمون أصلا بمن فيهم شخصي ».هي كلمة غيور غاضب، ورغم أن لها ما يبررها مما يأتيه مسلمون حمقى من أعمال باسم الجهاد تستهدف أطفالا ونساء وأشخاصا لا صلة لهم بالحرب على الإسلام، مما لا يمكن تسويغه من دين ولا من عقل، ومع ذلك يبقى عموم المسلمين خير من عموم غيرهم، فيهم الرّحمة والأخوة والخشية من الله والإستعداد للتضحية بالنفس ضد الظلم والظالمين حتى وإن أخطأ بعضهم الطريق. ويبقى الغرب مدانا أشد من حكام المسلمين إذ لولا دعم الغرب لهم لمصلحته الآثمة ما تمادوا في ظلمهم، لولا أن دول الغرب تجندت في نصرة الإنقلابيين ما تمكنوا وعاثوا في أرواح الناس وأموالهم وأعراضهم فسادا. الغرب ملوم بسبب ازدواجيته فهو إذ يحرص على سيادة الديمقراطية وحقوق الإنسان في أوطانه، لا يتردد في دعم أشد الأنظمة دكتاتورية وفسادا في أوطان المسلمين وفلسطين ليست سوى مثل واحد صارخ على حكمه الوحشي على شعب بكامله بالتشريد وإحلال أخلاط محلّه وتقديم كلّ الدعم والحماية لتوحشهم. وإلاّ فما مبرر مقاطعة حكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا وفرض الحصار والقتل البطيئ على شعب غزة لولا الظلم؟ إنّ حكّامنا الظلمة ليسوا سوى غصن من شجرة الزقوم، شجرة الظلم الغربي. وصدق الفيلسوف غارودي إذ أكد في كتابه « أصوليات » أنّ كلّ أصولية في العالم ليست سوى فرع للأصولية الغربية، أصولية اقتصاد السوق، والنهب لثروات الشعوب عبر وسائل ناعمة كالبنك الدولي والقروض، فإذا لم تجدي فالأساطيل جاهزة . هذا لا يعني بحال شمولا للغرب بحكم واحد نعني هنا النخب الحاكمة المتسلطة على الشعوب بدء بشعوبها ولكن بوسائل أكثر نعومة. وتبقى في الغرب قوى تحرّرية هي حليفة لنا في نضالنا ضد الظلم من حيث أتى من بعيد أو من قريب. وما سقط من الذاكرة خبر عشرات الملايين من أحرار العالم التي خرجت تصرخ في وجه النخب الحاكمة التي صمّمت على غزو العراق ظلما وبهتانا، إرضاء لشركات النفط والسّلاح واللوبيات الصهيونية، وهو ما يجعل الصّراع في العالم ليس ذا طبيعة عقدية بين اسلام وكفر، فالذين يحكمون بلاد الإسلام بالظلم والنخب الإعلامية والثقافية وغيرها المتحالفة معهم لا يمكن أن نقصيهم من الإسلام جملة ما داموا ينتسبون اليه ظاهرا، ولكن ذلك لا يعطي مشروعية للسكوت على ظلمهم بل يوجب الإنكار عليهم بكلّ ما هو متاح ومجد في دفعه فهم بالـتأكيد في معسكر الظلمة ونحن في مواجهتهم ولسنا معهم، بينما المقاومون للظلم من كلّ ملّة هم في معسكرنا مثل أولئك المناضلين من أجل سيادة حقوق الإنسان، الملاحقين لمنتهكيها والحاملين للواء الدفاع عن الحرية في كلّ مكان. هل ترى أن مناضلي حقوق الإنسان في انجلترا ممن ثاروا في وجه مجرمة الحرب ليفني وأوشكوا على اعتقالها رغم موقف حكومتهم المتواطئ هل تراهم وهم غير المسلمين أقرب ألينا أم أبعد من نخبة الحكم المنتسبة للإسلام في بلاد اسلامية لم تخجل من استقبال مجرمي الحرب الملطخين حتى أخمص أقدامهم بدماء أطفال غزة وصلحائها؟ لا شك أنّ هناك عداوة للإسلام في العالم، ولكن للصراعات في العالم أوجها كثيرة لا يختصرها الوجه العقدي، هناك صراعات قيمية بين حق وباطل، بين عدل وظلم بين خير وشر، وصراعات مصالح بين قلة من المرابين الدوليين يتحكمون في الاساطيل المدمرة، وشبكات الإعلام الضخمة، ومراكز القرار والنفوذ لتضخيم مصالحهم وحمايتها مستخدمين كل الوسائل الى ذلك بما فيها العقائد. والإسلام ذاته جيد وحضاري وانساني إذا لم يعترض طريقهم، وأحسن إذا قبل التعاون والعمل في ركابهم. بل هم يحتاجون له و لا غنى عنه . فمن يسوغ للجماهير خنق غزة بجدار فولاذي، إذا لم يكن بيدهم وتحت تصرفهم الأزهر والأئمة التي تردد فتواه. س: اعتبرك الليبراليون العرب » فقيها للإرهاب « على خلفية بعض كتاباتك التي يقولون عنها أنها تحرض على الإرهاب ٬ لا نريد أن نسمع إلى هؤلاء بل نريد الحقيقة منك٬ هل حقا حرضت على اغتيال السادات مثلا ودعوت إلى قتل الحكام العرب؟ ج:لقد قامت استراتيجية ما يسمّى بالحل الامني الشامل مع الحركة الإسلامية التي اعتمدتها الحركة الصهيونية وتوابعها الماسونية والأنظمة التي انخرطت فيها ومنها النظام التونسي للاسف واستئصاليوا الجزائر وأمثالهم، على فكرة أساسية تقوم على تجريم الإسلام ذاته باعتباره في نصوصه الأصلية وتطبيقاته التاريخية إرهابيا، يقرّ بمبدإ الجهاد ويتوفّر على رؤية شمولية تجمع في منظور واحد العقدي والسياسي الإقتصادي والاخلاقي الدنيوي والأخروي . هنا مكمن الداء وليس هذه الحركة الإسلامية أو تلك، بما يفرض اعتبارها جميعها أصوليات خطرة مهما اختلفت وسائلها في العمل بين مسالم وبين محارب، ما داموا جميعا ينهلون من ذلك النبع فمن العبث التسليم بأي ضرب من ضروب التمييز بين من يطلق عليهم معتدلين يمكن التعامل الإيجابي معهم واستيعابهم، وبين من يوصفون بالمتطرفين يجب الحذر منهم ومقاومتهم!! ذلك أمر خطير، ووقوع في شركهم لأن ما يبدو بينهما من فروق ظاهرية لا تعدو كونها حيلا وتنويعا للأدوار ومصائد للإيقاع باعدائهم حتى لحظة يتمكنون من رقابهم!! ولذلك أشاع هؤلاء الإستئصاليون ووحيهم يتلقونهم من حيفا وتل أبيب، أن الأصوليون إذا أشاعوا أنّهم يؤمنون بالديمقراطية فعلى أساس التصويت مرة واحدة التي تنقلهم الى الحكم. هؤلاء الإستئصاليون ليس هناك ما يضايق استراتجيتهم ومخططاتهم أكثر من المؤسسين لفكر الإعتدال والديمقراطية في الوسط الإسلامي، لأنهم يعسر عليهم المهمّة الإقصائية للاسلام جملة. ومقابل ذلك ليس هناك ما يريحهم ويسعدهم وييسر عملهم أكثر مما يأتيه بعض حمقانا من أعمال إرهابية تمارس القتل العشوائي، في حبن أن القرآن نص على مقاتلة المقاتل فقط « وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم » /البقرة 190/ وليس غيرهم ، وكذا ما يصدر عنهم من أقوال تكفّر الديمقراطية وتلعن إعلانات حقوق الإنسان وتنادي بالجهاد ضد الكافرين جملة باعتبار الكفر وحده في حد ذاته محلاّ للدماء والأموال خلافا للنّصوص وللممارسة التاريخية للجهاد، ولتطبيق الإسلام لقرون طوال في مجتمعات تعايشت فيها كل الديانات حتى الوثنية في ظل شريعة الإسلام. ولأني والحمد الله معتبرا عند هؤلاء من أهم من أسس لفكر الإعتدال والديمقراطية في السّاحة الإسلامية، فلا عجب أن استهدفني هؤلاء الليبراليون المزيفون العاملون في ركاب الدوائر المشبوهة والوكالات المتخصصة في ملاحقة الإسلاميين مثل وكالة الإتصال الخارجي التونسية، التي يعمل فيها هؤلاء الذين أشاعوا هذه الفرية وتضامن معهم أمثالهم، أو أمرتهم دوائرهم بذلك أو غرر بهم . ولقد بلغ هذا الإستهداف لرموز الإعتدال الاسلامي الى حد قيام هؤلاء الليبراليون – وبعضهم مرتد عن الماركسية ملتحق بأنظمة بوليسية جعلت له رزقه في الإفتراء على تيار الإعتدال الإسلامي- بجمع آلاف التوقيعات من ليبراليين- لم يستشيروا الكثير منهم أصلا- رسالة موجهة الى كوفي عنان بصفته الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، تطالبه بعقد محاكمة دولية لمن وصفتهم بفقهاء الإرهاب وعلى رأسهم فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي والشيخ سلمان العودة ..والعبد الضعيف وكانت رسالة علنية أعادوا نشرها في بعض المواقع. مرات كثيرة، فعهدت الى محاميّ في لندن أن يرفع أمرهم الى القضاء، فاضطرّ القائمون على الموقع الذي أدركوا أن « اللّيبراليين » غرروا بهم فطلبوا الصّلح على أن ينشروا مدة شهر اعتذارا عما فعلوا، مع التعهد بعدم العود ودفعوا تكاليف التقاضي مع تعويض عن السمعة بحوالي 100 ألف دولارا. وكانت تلك القضية العاشرة التي حكم لي فيها القضاء في بريطانيا وفي إيطاليا ضد صحف غررت بها السّلطة في بلدي لإلحاق تهمة الإرهاب بي، اضطرت للإعتذار ودفع التعويضات. وكان مما اعتذر عن نشره الموقع الليبرالي السّابق وكان من جملة الرّسالة الموجهة الى الأمين العام للأمم المتحدة، ولم نسمع لها عنده صدى افتراؤهم عليّ أنني مثلا أفتيت بقتل السادات. بينما كنت يومئذ في غياهب سجون لا يتسرب اليها خيط من الشّمس. واستظهروا على فريتهم بنص في أحد كتبي يعرض وجهة نظر الجهاديين المصريين فاقتطعوا النص من سياقه، وحسبوا أنهم بذلك قادرون على هدم صرح فكر متماسك أسسته وشهد عليه فيض من الكتب والمقالات والأحاديث الصحفية والمحاضرات. وأهم من ذلك شهد له الواقع، فقد فشل نظام القمع في بلدي في إقناع منصف بدعواه في إدانة الحركة بالإرهاب، إذ لم ير العالم في تونس من إرهاب غير الإرهاب الرسمي، كشفته آلاف من تقارير المنظّمات الحقوقية الدولية والمحلية بشهادات موثقة على التعذيب حتى الموت والإختطاف ورمي المتظاهرين المسالمين بالرصاص الحي. فهل سمع أحد بإرهاب غير ذلك في تونس حتى يتولى التنظير له أحد. وهل سيكون الإرهاب عسيرا على حركة شعبية شهدت لها السلطة ذاتها بحصولها على حوالي 20% من الأصوات في الإنتخابات النيابية 1989 والحقيقة أكبر من ذلك بكثير، وذلك في بلد يؤمه خمسة ملايين سائحا، لو كان رئيس هذه الحركة منظرا للإرهاب، لماذا لا يبدأ التنظير له في موطنه؟ س: ما الذي تعلمته من فكر مالك بن نبي الذي ترجمت كتابه في السجن ؟ ج: ربما يكون المرحوم مالك ابن نبي الخليفة الشرعي للعلامة عبد الرحمن ابن خلدون رغم أن بن نبي ليس مؤرخا، ولكنهما يشتركان في ان كلاّ منهما فيلسوف للتاريخ وللتاريخ الإسلامي بالذات، ولك أن تقول إن كلاّ منهما مؤرخ حضاري، أعمل معوله في الحفر والتنقيب عن الأسس التي قامت عليها حضارة الإسلام وبها ازدهرت وآتت ثمارها اليانعة. ومن أين دخل عليها الخلل. ورغم أن ابن خلدون اتّجه أكثر الى العوامل السّياسية والإجتماعية والدّينية لقيام الدول المسؤولة عن قوتها وتلك المتسببة في ضعفها وانهيارها، بينما ابن نبي يعمل ضمن منظور أوسع من هذه الدولة الإسلامية أو تلك، هو يبحث في الظاهرة الحضارية ذاتها التي أفرغ لها جهده وشغل بها عمره، وهو ما يهبه تفردا في الفكر الإسلامي المعاصر، الذي شغل نفسه أكثر في البحث في الإسلام ذاته لينتهي جوابا عن سؤال النهضة المؤرق، لماذا تأخّر المسلمون وتقدّم غيرهم؟ أن سبب ذلك ابتعادهم عن الإسلام، وهو ما يقتضي نقدا لما عليه المسلمون من تدين بما قد ينتهي الى تبديعهم في الاقل أو حتى تكفيرهم تمهيدا لدعوتهم مجددا الى كلمة التوحيد، كما ظهر ذلك في أجلّ صوره في فكر سيد قطب في مرحلته الثانية، بينما بن نبي اتجه الى حياة المسلمين والى تاريخهم يقلّب فيه كاشفا عن مواطن التخلّف فيه، مقابل ما يجب أن يكونوا عليه من تحضّر، إذ المسلم يمكن أن يكون متخلفا كما يمكن أن يكون متحضّرا، يمكن أن يكون عادلا،عقلانيا في استخدامه لوقته ولكلّ امكاناته المادية، كما يريد له الإسلام ، لكنّه وهو المسلم المقيم لشعائره الدّينية يمكن أن يكون ظالما مستهترا بالوقت وبالمال وبكل ّالإمكانات المتاحة. ومقابل ذلك يمكن لغير المؤمن أن يكون عادلا عقلانيا في حسن استخدامه للوقت وللإمكانات المادية فيكون متحضّرا، كما يمكن أن يكون متخلّفا ظالما مستهترا. لقد كنت قد قرأت سيد قطب في أول اتجاهي الإسلامي إثر تحوّلي من الإتجاه القومي وتأثرت به تأثر بالغا هو وشقيقه محمد رضي الله عنهما ومررت على الموطن الذي انتقد فيه سيد كاتبا اكتفى بنعته بالجزائري، وكان موضع النقد هو تمييز « الكاتب الجزائري » بين الإسلام والحضارة على نحو يمكن معه أن يكون المسلم متحضرا كما يمكن أن يكون متخلّفا، انتقد سيد بشدّة هذا التمييز لأن المسلم عند سيد قطب بالضرورة متحضّر، إذ الإسلام بتعريفه هو الحضارة، وبالتالي فلا تحضر خارج الإسلام ما دام الإسلام هو الحضارة، وأصابتني الحيرة بعد أن قرأت أعمال بن نبي ولم يرتفع عني كابوس الشكّ والحيرة، وتنحلّ عقدتهما حتى قدمت وأنا في طريق عودتي من فرنسا عبر اسبانيا، حيث فجّرت آثار الأجداد الاندلسيين أعماقي، قدمت الى الجزائر ولم يكن عندي فيها مبتغى غير اللقاء بمالك ابن نبي . كان بيته متواضعا مفتوحا للزائرين . كان الحديث معه صعبا لأنه يفرض عليك صرامة عقلية شديدة، فهو يوقفك حاملا إياك حملا على أن تكون متماسكا في طرحك، لا تلقي الكلام على عواهنه، فتفكّر وتعيد التفكير قبل أن تلقي بحديثك بين يديه، سألته عن المسألة التي حيّرتني، فخرجت من عنده وقد امتلأت قناعة بأنّ هذه المسألة هي جزء من كلّ، ضمن رؤية شاملة للحضارة الإسلامية ولواقع المسلمين وللواقع الدولي، بما يفتح أمامك آفاقا رحبة للتفكير وللتّفسير، ويضع في يدك مفتاحا لما استغلق من كثير من الأسئلة والمعضلات في التّاريخ والواقع. أدركت أنّني إذا ابتغيت تفسيرا لآي من كتاب الله، وبخاصة التّفسير البياني لها فسيد قطب حريّ أن أظفر عنده بمبتغاي، ولكن دون الإقتصار عليه ودون الإستغناء عنه. أمّا اذا طلبت تفكيك ظواهر التّخلف والتّحضر، والوقوف على محرّكاتها في تاريخنا وواقعنا، فليس في الفكر الإسلامي المعاصر ما يسعف وينير الطريق الى الواقع والى كتاب الله خير من مالك ابن نبي، فإذا كان الحديث في الحضارة فلا يفتى ومالك في المدينة. لفكر مالك ارتباط للظاهرة الإستعمارية التي ما كان لها أن تفشو في أمتنا لولا ظاهرة التخلّف التي منحتها قابلية التمكّن فينا. مالك متميز في الفكر الإسلامي المعاصر بتحليله للظاهرة الإستعمارية وهو ما جعله واحدا من أهمّ أعلام مفكري العالم الثالث مدرجا كفاح أمّتنا ضمن كفاح الشّعوب المستعمرة، مبشّرا بعالم ثالث متحرّر من قوى الهيمنة الشرقية والغربية، منظّرا لمؤسسات عالمثالثية مثل الافروآسوية ومؤتمر باندونغ مدافعا عن الثوار ضد الإستعمار الغربي سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين. هذا البعد العميق في فكر ابن نبي هو غائب في الأدبيات الإسلامية المعروفة بما يدرجها ضمن التيّارات المحافظة التي لا تكاد ترى في الصراعات الدولية غير وجهها العقدي، وهو ما يجعل إمكانات لقائها وتحاورها فضلا عن تحالفها مع قوى غير اسلامية على اساس رؤية مشتركة جامعة للمقهورين ضد جلاديهم المشتركين الإمبرياليين وعملائهم. من هنا يأتي وجه آخر لأهمية مالك ابن نبي في فتح آفاق الفكر الإسلامي المعاصر وحركاته على قوى تحررية ثائرة ضد الظلم الدّولي، مثل القوى المناهضة للعولمة وأخطبوتها الإقتصادي والثّقافي والعسكري وكذا القوى المدافعة عن البيئة. إنّ فكر سيد قطب في مرحلته الأولى يلتقي تماما مع فكر بن نبي فكر العدالة الإجتماعية وصراع الإسلام مع الراسمالية حتى اعتبر سيد أهم منظري ثورة 1952 لكن الملابسات التي مرت بها الثورة ومرّ بها سيد نفسه تكاد تكون أغلقت تلك الأبواب ولم تترك من منظور للصراع غير الصراع العقدي، ومن هنا تأتي مشروعية تخوّف البعض من عودة التيار القطبي في الإخوان ليحتل المواقع الأولى، الخشية أن يتمحور النضال في المجالات العقدية التربوية وأن يتأخّر ترتيب القضايا الإجتماعية والسياسية قضايا العدل والحرّية، بما يضيق إمكانات التّحالف مع القوى غير الإسلامية المناضلة ضد الإستبداد والحيف الإجتماعي والتّسلط الدّولي على أمّتنا. وفي مرحلة لا تزال فيها الهجمة الإمبريالية زاحفة على منطقتنا تكون الحاجة ماسة لأبناء التيار الإسلامي أن ينفضوا الغبار عن تراث ابن نبي الذي لا يزال مغتربا في الوسط الإسلامي، الذي تجتاحه أمواج السلفية المتشدّدة التي تبشر بمنظور عقدي ضيق متشدّد لا يمكنه بحال أن يستعيد الإجماع الضروري لأمّتنا لتواجه أعداءها المجتمعين عليها، حتى المسلمين السنّة فهي تزرع التكفير والتّبديع والتّنابذ بين صوفي وسلفي وبين سلفي وأشعري وبين مذهبي ولا مذهبي، فأنّى يكون للمذاهب غير السنّية من مكان خارج ساحة الصّراع معهم فضلا عن الطوائف غير المسلمة التي كوّنت عبر التّاريخ جزء من الأمة وحضارتها. إن الرؤى القائمة في الحركة الإسلامية متجهة بفعل الضغط السلفي الى المزيد من الضّيق، بما يجعل بأس الامة بينها، وهو الحاصل على امتداد عالم الإسلام والجزائر أخذت منه حظا وافرا وكأن ابن نبي لم يمر من هنا ولا ترك أثرا. وللأسف يغلب على ظني أنّ الجزائر آخر من كان له حظّ من فكر ابن نبي وأحسب أن تأثيره في الحركة الإسلامية التونسية أشدّ منه في الإسلام الجزائري. س:كيف تقيم تجربة الأحزاب الإسلامية في الجزائر؟ ج:هي ونحن والأمة في محنة نسأل الله الفرج. س هل تؤيد نظرية المؤامرة فيما جرى بين الجزائر و مصر على خلفية مباراة في كرة القدم ٬ بحيث هناك من يقول أن إسرائيل تدخلت لإذكاء نار الحرب بينهما ؟
ج:اسرائيل وغير اسرائيل من أعداء الامة لا غرابة أن يتدخلوا لإذكاء نار العداوة والبغضاء في أمتنا، المشكل ليس هناك، وإنّما في ما سمّاه المرحوم بن نبي القابلية للإستعمار. فهلاّ تطهرنا من هذه القابلية ولك ان تقول من هذه الجاهلية. أين ما حدث من توجيهات ربّنا « إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ اخْوَةٌ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ » / الحجرات 10 / وتوجيهات رسولنا عليه السّلام « المؤمن أخو المؤمن لا يظلمه ولا يخذله » هي أخوة في الله أم في الكرة؟ س: هل لديك كلمة تريد أن توجهها إلى شخص أو جماعة معينة عبر جريدة الشروق العربي الجزائرية ؟ ج:أحيي أهلنا وأحبابنا في الجزائر، داعيا الرّحمن الرّحيم أن يجمع صفوف أمّتنا مرّة أخرى على كلمة الحقّ والدّين والنصرة لكلّ مظلوم وبخاصة نصرة فلسطين والقدس الشّريف وفك الحصار الظالم عن غزة قلعة الصّمود. (المصدر: موقع الشيخ راشد الغنوشي (لندن – محجوب في تونس) نقلا عن صحيفة « الشروق العربي » الجزائرية بتاريخ 29 مارس 2010) الرابط:http://www.ghannoushi.net/index.php?option=com_content&view=article&id=399:chourouk&catid=1:dialouge&Itemid=37
تحية إلى الأستاذ عبد اللطيف الفراتي لحظة وفاء وفرح وتفاؤل
د. محمد الهاشمي الحامدي « من هنا مر الهاشمي الحامدي ،، وماهر المذيوب، ومن هنا مر صلاح الجورشي وحميدة النيفر ،، ومن هنا مر سليم الكراي أيام كان محسوبا على اليسار ومن هنا مر سمير العبيدي. وهو اليوم وزير وآخرون آخرون… » بهذه العبارة بدأ الكاتب والإعلامي التونسي الكبير عبد اللطيف الفراتي مقالته المعنونة « عودة أيام العز »، الصادرة قبل أيام في جريدة الصباح الغراء يوم 25 أفريل 2010، والتي أعادت نشرها نشرية « تونس نيوز الغراء » اليوم يوم 29 أبريل 2010. قرأت المقالة لأول مرة في « تونس نيوز »، وأسعدني وأثلج صدري تكرم الأستاذ الفراتي بذكر اسمي ضمن من ذكر من الكتاب السابقين في صحيفة « الصباح » الغراء. كان ذلك في الفترة من 1984 إلى 1986، وكان الأستاذ الفراتي رئيسا للتحرير، ومعه أيضا الأستاذ عبد الجليل دمق ذكره الله بخير. بدأت علاقتي بجريدة « الصباح » الغراء وأنا طالب في كلية الآداب بتونس العاصمة، في السنة الثالثة من دراستي الجامعية، ومن أساتذتي الدكتور عبد المجيد الشرفي، والدكتور عبد السلام المسدي، والدكتور هشام جعيط، وآخرون. وقد قدمت إلى دار الصباح بعد تجربتين حافلتين بالفائدة والإثارة في صحيفة « الرأي » الغراء، ثم في مجلة « المغرب العربي » الغراء. أشرفت على تحرير صفحة الجامعة في جريدة « الصباح »، وكانت تصدر مرتين في الأسبوع، في الصفحة الثالثة من الجريدة. كنت مثل أبناء جيلي، حالما وطموحا، وكان الأستاذ الفراتي أستاذا بحق، أعطاني ما أحتاجه من الحرية والثقة والمسؤولية لتقديم عمل صحفي جدير بالإحترام، وأفادني بنصائحه وتوجيهاته بلطف ونجاعة وأخلاق رفيعة كريمة. والفراتي إعلامي محنك قدير، يشهد له بذلك من عرفه ومن قرأ له، وتشهد له بذلك النخبة التونسية، وقراء « الصباح » يوم كان فارسها ورئيس تحريرها، كما تشهد بذلك مقالاته وتحليلاته الصحفية في الصحافة العربية. ومثله أيضا كان الأستاذ عبد الجليل دمق. إنني مدين بالكثير لهذين الرجلين. واليوم أجد أن الأستاذ الفراتي يضاعف دينه علي من خلال ذكر اسمي ضمن من ذكرهم من كتاب « الصباح الغراء ». أستاذ الفراتي: لقد أسعدتني كثيرا بلفتتك الكريمة. فلك مني الثناء الوافر وأصدق عبارات الإمتنان. وأحب أن تعرف أنني سعيد جدا بعودتك للكتابة في جريدة « الصباح »، وأرى في هذه العودة واحدا من أجمل أخبار الساحة الإعلامية التونسية لهذا العام. لك الثناء الوافر وفائق مشاعر الإحترام والتقدير. وقبل الختام، أحب أن تعرف أيضا أن مقالتك هيجت أشواقي إلى تونس الخضراء: إلى شارع علي باش حانبة كيث كان المقر القديم لدار الصباح، وإلى كلية الآداب بفرعيها في منوبة و9 أفريل، وإلى المركب الجامعي وصخرة سقراط في ساحة كلية الحقوق، وإلى مبيت الطلاب في ضاحية رأس الطابية، وشارع الحبيب بورقيبة المعطر بالخضرة والصحف والكتب، والفل والياسمين والشمس الرائعة الحنونة في موسم الربيع، والبرتقال الحلو الذي لم أجده في أي دولة أخرى خارج تونس، وعصير الليمون المنعش في حر الصيف. هيجت أشواقي إلى « مقروض » (حلاوة) القيروان الذي لا نظير له في العالم، وإلى شواطئ بنزرت والوطن القبلي والساحل، وطريق سيدي بوزيد من العاصمة عبر الفحص أو عبر قرمبالية، وسيدي بوزيد نفسها حيث درست في المرحلة الثانوية، ثم بيت أمي وأبي عليهما رحمة الله، وبقية إخوتي وأقاربي بارك الله فيهم وأمد في أعمارهم، في مسقط رأسي، في قرية الحوامد، حيث تتوزع البيوت بين مزارع الزيتون والخضار والأشجار المثمرة، والناس فيها رغم المماحكات والخصومات الصغيرة، عائلة واحدة متماسكة. هيجت أشواقي إلى أسماء كثيرة عرفتها في كل هذه المواضع، وأوقات حلوة مرت بسرعة شديدة، وكنت أرجو أن تتمهل ولا تسرع. غير أني أعرف أن الدنيا أوقات وأحوال، ومثلما عدتَ أنتَ إلى جريدة الصباح فإنني أرجو أن تعود كثير من الأوقات والمواقف الجميلة الأخرى. بل إنني آمل بقوة أن يكون الآتي والقادم أفضل مما فات ومضى. لذلك، أفضل أن تكون هذه المناسبة لحظة وفاء وفرح وتفاؤل. ــــــــــــ لندن 30 أفريل 2010
الوسطيّة بين الفكر المقاصدي و الفكر الحركي 2/4
الصحبي عتيق* وسطية الإسلام الحركي:
تحدّثت في الحلقة الأولى عن الوسطية في الحضارة و الثقافة الإسلامية باعتبارها تمثل أكثر الملامح الأساسيّة أهمّية في التصوّر الإسلامي وفي منهج التعامل مع النصوص من حيث الاعتدال والتيسير.ورجعت إلى مفسِّريْن من مدرستيْن مختلفتيْن وهما الإمام الرازي صاحب »مفاتيح الغيب » و الإمام ابن عاشور صاحب « التحرير والتنوير ».
أما الوسطيّة اليوم، فهي تختلف عن فكر الأقدمين وتطرح كرد فعل في المجال السياسي والحركي على « التطرف في كل صوره وأشكاله » وبدأت الوسطية تتوسّع وتتشكّل لتشمل « الوسطيّة السياسية » و »الوسطية الاقتصادية » و »وسطية الفتوى » و »وسطية الجهاد »… وهي تُعنَى بالمجال السياسي والحركي أكثر من غيره وتنصرف عند إطلاقها إلى منهج الاعتدال في الحركات الإسلامية أو ما يعرف ب »الإسلام السياسي » فتأخذ الوسطية منحى سياسيا حركيا في مقابلة التطرف باعتماد خطاب إسلامي معتدل. فلا معنى لإقحام توجهات الوسطية الحركية على النصوص القرآنية ومحاولة الاستدلال عليها من النصوص أو إعادة تفسيرها لتأصيل هذا المنهج ممّا يوقع في إسقاطات لا تنهض دليلا على الوسطية الحركية،إنّما الوسطية الحركية اجتهاد جديد و منهج معاصر و رؤية تلتزم بمحكمات الشرع ومقتضيات العصر والواقع المتغير دون تنكر لتراث الأمة وتتميز ب:
– المحافظة على تكاملية المشروع الإسلامي ورفض تجزئته. – إضفاء النسبية على التفاسير التقليدية ورفض الأنساق المغلقة والسعي إلى التجديد في كل قضايا الفكر الإسلامي. – الاستفادة من الأفكار الحداثية والسعي إلى إخضاعها للمرجعية الإسلامية. – الإصلاح السلمي وتجنب العنف باستثناء ظروف الاحتلال الأجنبي، فلم يعد العنف من فكر الحركة الإسلامية الوسطية بل تستدعيه
ظروف خاصة ،فقد حصل تراجع واضح عن خيار العمل المسلح واستعمال العنف، وهذا التراجع حصل بأثر كبير من التجارب ودروس الفشل التي خاضها الإسلاميون إلى جانب التحول الحاصل في فكرة إقامة الدولة وتعاظم الدور الدولي والتدخل الأجنبي في البلدان العربية وخاصة بعد آثار الحادي عشر من سبتمبر مما يجعل رهان استهداف السلطة عسير المنال إلى جانب الاصطدام بصلابة الدولة (الأمنية والعسكرية) مما جعل هذه الحركات تدفع ثمنا باهظا وتكاليف ضخمة في المواجهة العنيفة (النهضة في تونس والإخوان في سوريا والجبهة في الجزائر)( أبو طه أنور،مقال في:الخطاب الإسلامي إلى أين؟ )
-الواقعية بمعنى الاعتراف بالواقع ومكوناته الأساسية والتعامل معها دون قفز عليها ولا تجاهل لدورها. ويعني هذا تخفيض السقوف المبدئية في اتجاه مقادير كبيرة من « البراغماتية » في السياسة واتباع منهج المرونة القابل بالمتاح والمستطاع والخضوع لقانون الممكن بالاستناد إلى قوله تعالى (« لا يكلف الله نفسا إلا وسعها »، « واتقوا الله ما استطعتم ») تأصيلا لهذا المنهج. المشاركة السياسية والعمل ضمن الإطار الدستوري المتوفر والقبول بالتعددية والديمقراطية واحترام حرية الاعتقاد والتعبير وحقوق المواطنة ومحاولة تأصيل فكر فقهي ونظري يستوعب هذه المفاهيم مع اختلاف في درجات القبول وتبني منهج المرونة على مستوى الممارسة تجاه الدولة والقانون والمعارضة (العمل المشترك مع الشيوعيين والليبراليين والقوميين) والسعي إلى إيجاد علاقات مع القوى الدولية والإقليمية. فلقد نادت الحركات الإسلامية في بداية نشاطها بهدفين كبيرين: إقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية. ولكن هذين الهدفين أصبحا غير ممكنين في الواقع الراهن وتدريجيا بدأ الاتجاه نحو التعديل والواقعية. (مؤسسة كارنيجي الأمريكية:الحركات الإسلامية والمسار الديمقراطي في العالم العربي، تقرير مارس 2006.)
وهذه الأطراف تقوم بمراجعات ذات طابع سياسي وحركي(استراتيجي وتكتيكي) ومراجعات ذات طابع نظري في العلاقة بالغرب وفي مراعاة موازين القوى الدوليّة وفي ترتيب الأولويات بين الهوية والحرية والعدالة الاجتماعية وفي معاني تطبيق الشريعة وهل تسبق الحرية وهل بمقاصدها أم بكل أشكالها وهل تقبل بالمرحلية ؟وفي دور المرأة في المجتمع وفي الفعل السياسي وأساليب التغيير وفي التعامل مع قيم الحداثة وفي وجاهتها قبل ضغطها وفي معايير الحكم الرشيد ووحدة المرجعيات القانونية ومعايير الحقوق والحريات العامة والخاصة…إلخ مسألة التأصيل الشرعي بين الفكر التقليدي وسطوة الحداثة:
التأصيل هو بحث في كل مسألة عن أصل شرعي لها من خلال النصوص أو السيرة النبوية أو التجربة الراشدة أو في أقوال علماء الأمة المشهود لهم بالعلم والالتزام الأخلاقي. وهذه المرجعية تمثل إطارا يحكم سياق الموقف بحثا عن وجود شرعية في جذور « الأصول » تؤسس أو تشرع لهذا المسلك أو الموقف أو الرأي. فالتأصيل يعني « أن يكون كل ما يصدر عن العقل من رؤى وأفكار ذات طبيعة نظرية أو ذات بعد عملي موافقا للأصول الدينية بل نابعا عنها إما بصفة مباشرة أو غير مباشرة. » (النجارعبدالمجيد،مشاريع الإشهاد الحضاري3) فالتأصيل هو الانسجام مع الإطار التشريعي الصادر عن مصادر الوحي الكريم والبحث في كل مسألة عن حكم نابع من هذه المنظومة وغير خارج عن حدود الشريعة، وبالبحث في « الأصول » و »المرجعية » ينتهي الأمر إلى:
– البحث في القياس عن علل فرعية. – البحث في فهم الدلالات الالتزامية منطوقا ومفهوما وهو بحث في مسالك استثمار النص وجدلية العلاقة بين حركات الألفاظ و منطق المعاني والتأويل…
– البحث في « المقاصد القريبة » بتعبير العلامة محمد الطاهر ابن عاشور وهي الكليات الخمس مع تفعيلها وتوسيعها. – البحث في « المقاصد العالية » وهي الموازنات بين المصالح والمفاسد وهذا في مجال المسكوت عنه أو الاجتهاد فيما لا نص فيه ولا نظير يقاس عليه .وهذه كلها طرق لاستمداد الحكم التفصيلي الذي يتعلق بكل فعل.
واليوم، تطرح قضايا معاصرة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والطب من واقع التشابك بين الفكر التقليدي والفكر الحداثي الذي يخترق الأمة ويضغط عليها بسطوة القوة التكنولوجية والإعلامية والمالية والعلمية والعسكرية في زمن النظام العالمي الجديد ليجعل الأمة وطلائعها (حركات وأحزاب وعلماء ومثقفين) بين « مسايرة الواقع الضاغط وهمّ الحفاظ على الهوية كما تتجلى في النص ». وأمام سطوة هذه الحداثة واستحقاق الواقع الضاغط يصبح التأصيل عملا صعبا لأنه يلاحق الواقع المتغير، وهذا الواقع أنتجت أغلبُ مفاهيمه في حقل حضاري مرجعيته غربية لذلك يغدو التأصيل عملية معقدة للبحث عن حكم لكل عمل في النصوص الدينية والتراث الفقهي والتاريخ الإسلامي أو بالبحث عن أفق للتجديد والاجتهاد جمعا بين ثوابت النصوص ورعاية مقاصد الشريعة وتحقيق مصالح الأمة بعيدا عن التبسيط القائم على الترقيعات والاستعارات من الفكر الغربي ونقلها إلى الفكر الإسلامي وعزلها عن سياق نشأتها وفضائها الثقافي و الحضاري وأرضيتها الاجتماعية والتاريخية التي أفرزتها كالديمقراطية والتعدديّة والتداول على السلطة والمواطنة وحقوق الإنسان…. ————————– *كاتب وباحث من تونس (المصدر: صحيفة العرب(يومية-قطر) بتاريخ 29 أفريل -2010)
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أفضل المرسلين
تونس في 29/4/2010 بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل كاتب في الشأن الوطني والعربي والإسلامي الرسالة رقم 794على موقع الأنترنات
عيد الصحافة عيد الوئام والمحبة
يوم 3 ماي القادم عيد الصحافة العالمي ينبغي أن يكون في بلادنا يوم الوئام والتضامن والمحبة والثقة المتبادلة
لكل شريحة في بلادنا عيد ومناسبة للفرحة والسرور والمحبة والوئام عيد الأمهات، عيد الإباء، وعيد الزهور، عيد الطفل، عيد المسنين، عيد الشغل، عيد الثورة، عيد الجلاء، عيد الفلاحة، عيد الثقافة، وعيد الشهداء، وعيد الكتاب، ومعرض الكتاب وعيد المؤسسة وعيد الشجرة وجل الأعياد أصبحت عالمية ومنها عيد المرأة يوم 8 مارس وعيد حقوق الإنسان العالمي وعيد الزيتونة وعيد مقاومة الفقر ويوم 3 ماي عيد الصحافة العالمية وقد احتفلت به بلادنا في أعلى مستوى يوم 3 ماي 2000 بإشراف سيادة الرئيس زين العبدين بن علي ودعا إليه رجال الصحافة المكتوبة والمرئية وجرى حوار إعلامي بأسلوب حضاري مباشر وشارك في الحوار كل المدعوين بحرية وصراحة ووضوح وأصغى إليهم رئيس الدولة وكان الحوار حرا وديمقراطيا وساهم فيه سيادة الرئيس بكلمة هامة صريحة وعميقة وشاملة وسلط فيها الأضواء على عدة تعاليق وقضايا ومشاغل بصراحة استحسنها الشعب التونسي وتجاوب معها الرأي العام التونسي والعربي لأنها كانت نابعة من الواقع المعاش ووضع النقاط على الحروف ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وحمل رجال الصحافة المسؤولية وقال اليوم الكرة في ملعب أصحاب الصحف وابرز بكل صراحة عدة نقاط منها عدم تنوع المادة الإعلامية وما تقرأه في صحيفة الصباح تطالعه في كل الصحف بالحرف والصور؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ودعا إلى الاجتهاد والتنوع وفتح أعمدة الصحافة المكتوبة لكل من يرغب في المساهمة وتطوير الصحافة المكتوبة بالخصوص والعناية بدعم حرية الرأي والتعبير. هذا ما أكد عليه الرئيس في لقاء يوم 3 ماي عام 2000 وكنا نعتقد أن بعد كلمة الرئيس يومها سوف تتطور الصحافة المحلية في بلادنا بعد أن أعطى رئيس الدولة الضوء الأخضر بصراحة ولكن بصراحة قبل عام 2000 كانت مساهمة المناضلين أشمل وأعمق وأغزر والمساحة الحرة أكبر وهامش الحرية اكبر وقد كتبت شخصيا من عام 1970 في الصباح فقط أكثر من 47 مقالا وبعد عام 2003 لم اكتب جملة واحدة نتيجة التعتيم الإعلامي والتعليمات الفردية وقد أشرت مرارا لهذه النقطة التي لا مبرر لها ما عدى التسلط على الصحافة والحد من حرية التعبير وهذا يأتي بعد إشراف سيادة الرئيس يوم 3 ماي 2000 هذا من جهة ومن جهة أخرى بعد إشراف رئيس الدولة عام 2000 بمناسبة عيد الصحافة العالمي 3 ماي غابت هذه أللفتة و المبادرة الرئاسية الهامة ومن عام 2001 أصبحت ذكرى 3 ماي عيد الصحافة مقتصرة على توجيه كلمة أو رسالة إلى رجال الصحافة صادرة من رئيس الدولة يذكر فيها بأهمية عيد الصحافة ودور الصحافيين ودعم رجال الإعلام أدبيا وماديا ومعنويا وانتشار الصحف ورفع الرقابة الذاتية وغير ذلك من الإجراءات على مستوى الخطاب ممتازة اما في المضمون فهناك اطراف اخرى لا تريد الخير؟؟؟؟؟؟؟؟ ولكن في الحقيقة أن الإشراف المباشر والحوار الديمقراطي الحر والحرص الرئاسي للاجتماع برجال الصحافة لا فقط مديري الجرائد والشخصيات بل حضور كل الصحافيين من مختلف وسائل الإعلام الصحافة المكتوبة الرسمية والمستقلة والمعارضة والإعلام المرئي والمسموع والالكتروني من أوكد الضروريات في الوقت الحاضر بالخصوص وأن إفساح المجال لأصحاب المهنة ورجال الإعلامالسلطة الرابعة من أهم واوكد ما يطمح إليه كل صحفي وكاتب وأعتقد أن بعد مرور عشرية كالمه من 2000 إلى 2010 لا بد من المبادرة الرئاسية خاصة وقد كثر الحديث في الداخل والخارج حول موضوع الإعلام وملف حرية التعبير والحقوق ونحن نرغب في تنظيم حوار واسع وديمقراطي بإشرافرمز البلاد الضامن للحريات مهما كانت والساهر على تطبيق القانون والعادل في تصريف الأمور حتى يتسنى لكل الصحافيين والكتاب والمساهمين في الصحافة الالكترونية لدعم حرية الرأي والتعبير وحضور لقاء إعلامي رفيع مع رئيس الدولة شخصيا يسمعهم وينصت إليهم كعادته مباشرة ويستمعون إليه وإلى توجيهاته واختيارات البلاد الكبرى كصفة العائلة الواحدة مع رئيسها وفي هذا اللقاء سوف تنجلي عدة سحب وكثير من الأقاويل والتأويلات والوشايات والإقصاء باعتبار كل الصحافيينهم أبناء تونس وأبناء الوطن وأبناء بن علي كلهم يحملون هموم الشعب التونسي ولهم رسالةوطنية هامة وسامية ونبيلة . ولا أحد يستطيع المساومة أو المزايدة عن الصحافيين والكتاب وإذا تمت وتم الاقتراح وهذا اللقاء بهذا الأسلوب الحضاري اعتقد الاعتقاد الراسخ أننا سنربح ونكسب ونستطيع أن نحقق قفزة نوعية رائعة للإعلام ولحرية التعبير ربما نصبح لا نحتاج إلى دروس من الخارج إذا أخلصت النوايا وصدقت العزائم وإزالة كل أنواع العوائق وبعدت أقوال الوشاية وغمزات ولمزات وأنانية البعض؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقتها تتضح الرؤية وتتقشع السحب وحتى الذي كان يطالب بتنظيم مسيرة يوم 3 ماي القادم يعدل على طلبه وينظم فورا إلى اللقاء المرتقب ونتمنى حصول هذا الاجتماع في المستوى الرفيع حتى نفرك الرمانة ونحدد المسؤولية ومن هوراء التعتيم الإعلامي وأنا مستعد كمناضل ساهمت بـ794 مقالا عبر الانترنت أن احضر اللقاء وأساهم بكلمة عسى أن تكون ايجابية وحاسمة ولها مغزاها وأبعادها بعد هذا التعتيم الذي وصلنا إليه اليوم والحلة التي لا نحسد علها نتيجة تصرف بعضهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قال الله تعالى « سيجعل الله بعد عسر يسرا » صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني 22 022 354
لماذا تحتاج امريكا لأن تغير سياستها تجاه العالم الإسلامي؟
د. بشير نافع منذ مطلع الستينات، على الأقل، ينظر القطاع الأكبر من الرأي العام العربي والإسلامي إلى الولايات المتحدة من منظار سلبي. بغض النظر عن العلاقات الأمريكية بالأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة، اعتبرت الشعوب العربية والإسلامية السياسة الأمريكية سياسة منحازة للدولة العبرية وعدوانها المستمر على حقوق الفلسطينيين، وأنها سياسة تستبطن دوافع السيطرة والهيمنة. في بلدان عرفت بعلاقاتها الوثيقة مع واشنطن، كتركيا مثلاً، لم تعمل عقود من التحالف إلا على تعميق الشكوك في مصداقية السياسة الأمريكية. والحقيقة أن الموقف الأمريكي الداعم للدولة العبرية لم يكن العنصر الوحيد، وإن كان الأهم والأبرز، في تراجع أسهم الولايات المتحدة عربياً وإسلامياً؛ فقد ترسبت في تاريخ العلاقة سلسلة طويلة من العداءات واصطدام المصالح، ابتداء من التوتر الذي شاب علاقات الإدارات الأمريكية المتتالية بأنظمة الحكم القومية والتحررية، مروراً بدعم واشنطن التقليدي لأنظمة عربية وإسلامية مستبدة وفاسدة، وصولاً إلى الاعتقاد الواسع لدى الشعوب العربية والإسلامية بافتقاد السياسات الأمريكية إلى القيم العليا واستنادها المتزايد إلى المصالح الاقتصادية والأمنية الاستراتيجية البحتة. بيد أن الرؤية العربية والإسلامية السلبية للسياسات الأمريكية لم تصل مطلقاً إلى مستوى القتامة والعداء الذي وصلت إليه خلال العقد الأول من هذا القرن، عقد فترتي إدارة الرئيس بوش الرئاسيتين. عرفت العلاقة الأمريكية بالعالمين العربي والإسلامي لحظات سوداء من قبل، بالطبع، لعل أبرزها كان وقوف واشنطن إلى جانب الدولة العبرية خلال حرب حزيران (يونيو) 1967 التي انتهت باستيلاء الإسرائيليين على مساحات واسعة من الأراضي العربية وعلى مدينة القدس. ولكن ما شهدته العلاقات الأمريكية بالعرب والمسلمين خلال سنوات إدارة بوش الابن كان شيئاً مختلفاً تماماً. فمنذ توليها مقاليد البيت الأبيض، أظهرت إدارة بوش عدم اكتراث واضح بعواقب تفاقم الصراع غير المتكافئ في فلسطين، وتبنت سياسة تستند إلى منح الإسرائيليين فرصة كاملة لإيقاع الهزيمة بالانتفاضة الفلسطينية، بغض النظر عن التكاليف الإنسانية لمثل هذه السياسة. وما أن وقعت هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، حتى تطورت سياسات إدارة بوش وخطابها إلى مستوى من الحرب غير المعلنة، بل والمعلنة أحياناً، ضد العرب والمسلمين. لم تنظر واشنطن بوش إلى هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) باعتبارها هجمة إرهابية تتحمل مسؤوليتها المجموعات التي خططت لها ونفذتها، بل باعتبارها شأناً عربياً وإسلامياً جمعياً، يضم الأنظمة والشعوب على السواء، ويتعلق بالقيم والمعتقدات والتاريخ والثقافة كما يتعلق بالسياسة. ولم يستهدف الرد الأمريكي تنظيم القاعدة والمجموعات المرتبطة به وحسب، بل واستهدف أنظمة ودولاً بأكملها، بعضها عرف بصداقته وتحالفه التقليدي مع الولايات المتحدة. بغض النظر عن مدلولات الخطاب وحمولته التاريخية، أعلنت واشنطن باختصار حرباً صليبية شاملة على العرب والمسلمين. لم ينظر إلى السياق السياسي الذي ولدت فيه القاعدة ونشأت فيه المجموعات التي ارتكبت الهجمات على واشنطن ونيويورك، بل أصبحت مناهج تعليم المسلمين، من مصر والسعودية إلى باكستان، محل اتهام. وسرعان ما استهدف حتى النص القرآني المقدس ذاته، في تبسيط ساذج وعدواني للعلاقة بين النصوص الكبرى والتاريخ. وجهت أصابع الاتهام إلى أغلب منظمات العمل الخيري الإسلامية حول العالم، وأخذت الآلة الأمنية والعدلية الأمريكية في تقويض الواحدة تلو الآخرة من مؤسسات الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، بما في ذلك المساجد ومدارس نهاية الأسبوع. وإلى جانب ذلك كله، انطلقت آلة الحرب الأمريكية لتصبغ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بالموت والدمار والاستهتار بالقيم والمشترك الإنساني. لم تكن حكومة طالبان من ارتكب الهجمات على واشنطن ونيويورك، بل ان طالبان سعت حثيثاً لبناء علاقات وثيقة بواشنطن، ولكنها حملت مسؤولية الهجمات على أية حال. وبدلاً من مطاردة القاعدة أمنياً واستخباراتياً، شنت الحرب على أفغانستان بأجمعها، أسقطت حكومتها، ووضعت كلها تحت سيطرة احتلال أجنبي متعدد الجنسيات. وبينما أعطيت حكومة شارون الضوء الأخضر لتحطيم عظام الفلسطينيين، بدأت الاستعدادات للحرب على العراق وإطاحة نظام حكمه واحتلاله، بغض النظر عما إن كانت له علاقة ما بأحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). ولم يكن خافياً أن غزو العراق واحتلاله كانا مقدمة لإطاحة أنظمة أخرى في الجوار، أو وضعها بالفعل في حظيرة السياسة الأمريكية. وكما كانت عملية غزو العراق قصيرة وقليلة التكاليف، أصبح الاحتلال طويلاً وباهظ الثمن، إنسانياً وعسكرياً ومالياً، للعراقيين والأمريكيين معاً. ومن الصعب فصل الحرب الإسرائيلية على لبنان في صيف 2006، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في نهاية 2008، عن مجمل سياسات إدارة بوش في العالمين العربي والإسلامي. انتهت الحرب كما هو معروف بهزيمة إسرائيلية فادحة في لبنان، وإخفاق لا يقل أهمية في غزة. في كلتا الحالتين، تعززت الرؤية العربية السلبية للسياسات الأمريكية، وتعزز موقع كل من حزب الله وحكومة حماس. أطاحت سياسة إدارة الرئيس بوش الابن بسمعة الولايات المتحدة عالمياً، وجعلت من أمريكا هدفاً للمظاهرات وحركات الاحتجاج في العالم بأجمعه. وفي المجال العربي الإسلامي، رسبت مرارة عميقة وعداءا ثقيل الوطأة. ولكن نتائجها الاقتصادية والاستراتيجية على الولايات المتحدة وموقعها في العالم كانت أخطر بكثير. خلال إدارة الرئيس بوش، التي كان يفترض بتوجهها الجمهوري المحافظ أن يقلص مصاريف الدولة، تصاعدت نفقات الحكومة الفيدرالية بسبب الحروب غير المحسوبة العواقب إلى درجات غير مسبوقة. وإلى جانب وصول انفلات النظام البنكي إلى ذروته، أوقع الدين المتفاقم العطب بالاقتصاد الأمريكي، ليجر معه اقتصادات أغلب الدول الغربية. والمشكلة أن أزمة الاقتصاد الأمريكي جاءت في وقت غير مناسب على الإطلاق؛ فبخلاف الأزمات الكبرى التي تعرض لها النظام الرأسمالي منذ بداية القرن التاسع عشر، عندما لم يكن للأنظمة الغربية الرأسمالية من منافس ملموس على المسرح العالمي، انفجرت هذه الأزمة والعالم يشهد صعود الصين الاقتصادي الحثيث، إلى جانب عدد آخر من اقتصادات المستوى الثاني في البرازيل والهند. ولكن ثمة ما هو أسوأ؛ فقد تمتعت الولايات المتحدة والقوى الغربية خلال سنوات الحرب الباردة بميزة ثقيلة الوزن على الاتحاد السوفياتي من خلال سيطرتها على مختلف المؤسسات التي تنظم حركة التجارة والمال والاقتصاد العالمية، حيث لم يمنح السوفيات مجرد العضوية. اليوم، تتحول الصين سريعاً إلى القوة الاقتصادية الثانية في العالم من على أرضية هذه المؤسسات وداخل أطرها. تفجير صراع اقتصادي ومالي ضد الصين سيؤدي بالضرورة إلى تقويض أسس المنظومة الاقتصادية العالمية، التي وضعتها الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية. في كل حالات النهوض الاقتصادي السابقة منذ ولادة الرأسمالية الصناعية، ترافق الصعود الاقتصادي بالسعي الحثيث للتحكم في أكبر قدر ممكن من مصادر الطاقة في العالم، وببناء عسكري متسارع. والواضح أن الصين الجديدة تسير على ذات النهج الذي سارت عليه القوى الغربية السابقة. بيد أن الصين ليست التحدي الوحيد الذي يواجه الولايات المتحدة. فبين 2003 – 2005، أطلقت إدارة بوش استراتيجية كاملة لحصار روسيا ودفع نفوذها الجيوبوليتكي إلى الخلف، مطيحة بحكومات جورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان، إضافة إلى ضم دول البلطيق السوفياتية السابقة لحلف الناتو. لم تجرد هذه المكاسب روسيا من نطاق حمايتها في أوروبا والقوقاز ووسط آسيا وحسب، بل وضعت حلف الناتو على بعد أقل من مائة ميل من بطرسبرغ، مدينة روسيا الثانية ومسقط رأس بوتين، أيضاً. وما أن بدأت سياسة الحروب الأمريكية في التعثر، حتى سارعت روسيا إلى الرد في جورجيا، التي خسرت ثلث مساحتها؛ وخلال الأشهر والأسابيع القليلة الماضية في أوكرانيا وقرغيزستان؛ إلى جانب توقيع اتفاقية الاتحاد الجمركي مع بيلاروسيا وكازاخستان. في كل من هذه المواقع بالغة الأهمية لاستراتيجية حصار روسيا أو حمايتها، ليس من السهل التنبؤ بكيف يمكن أن يأتي الرد الأمريكي. بغض النظر عن جدل انحطاط القوة الأمريكية، الذي تحول مؤخراً إلى ما يشبه نبوءات العرافين، لم يعد أمام الولايات المتحدة من فسحة طويلة لإعادة النظر في استراتيجيتها العالمية. إن كان لا بد لواشنطن أن تواجه التحديات النابعة من الصعود الصيني وإعادة التوكيد على القوة الروسية، فلا بد أن تبدأ إدارة أوباما في إعادة بناء العلاقة مع المجال العربي والإسلامي، ليس فقط بحملة من الدبلوماسية العامة، ولكن أيضاً، وفي شكل أساسي، بتغيير ملموس في السياسات. تطوير علاقات إيجابية مع الدول والشعوب العربية والإسلامية، بل ربما محاولة تأسيس تحالف بعيد المدى مع العرب والمسلمين، سيسهم في تسهيل الانسحاب الأمريكي من العراق وتحرير الولايات المتحدة من أعباء الحرب في أفغانستان؛ سيجعل من واشنطن صاحبة الكلمة العليا في التدافع المتصاعد الوتيرة على مصادر الطاقة؛ ويؤمن موضع القدم الأمريكية في الجوار الاستراتيجي لروسيا والصين والهند، وفي تقاطع الطرق بالغ الأهمية الاستراتيجية في العالم. الولايات المتحدة، بكلمة أخرى، لا ترغب في إعادة النظر في مجمل سياسات إدارة بوش تجاه العرب والمسلمين وحسب، بل هي تحتاج لإعادة النظر هذه. ولذا، فليس من المستبعد أن تصبح السياسة الأمريكية تجاه قضايا مثل الصراع العربي الإسرائيلي أكثر إيجابية؛ أن تحاول واشنطن ما أمكن تجنب أو تأخير قرار توجيه ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني؛ أن تصل في النهاية إلى خيار التفاوض في أفغانستان؛ وأن تفسح المجال لدور إقليمي أكبر للدول العربية والإسلامية الرئيسية، ذات العلاقات الدافئة بواشنطن.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 أفريل 2010)
من يحكم العالم؟
د. عصام العريان
ثلاثة أحداث هزّت العالم خلال العقد الماضي، كان آخرها إغلاق المجال الجوي لأوروبا في وجه حركة الطيران لمدة أسبوع، وكان القرار فردياً مفاجئاً للجميع الذين لم يتحسبوا له. سبق ذلك الهلع الذي أصاب العالم بسبب بيانات منظمة الصحة العالمية حول ما سمته « أنفلونزا الخنازير » وتلاها لوم شديد الآن من أوروبا بسبب عدم دقة بيانات الصحة العالمية. وكان الأهم والأخطر قبل السنوات الرعب الذي ما زالت تسببه « الحرب على الإرهاب » والشلل الذي أصاب الاقتصاد العالمي عندما ظهرت عورات سوق المال الأمريكية. لا شك أن أخطر هذه الحوادث هو ما يخص الجانب الأمني (حرب الإرهاب) والجانب الاقتصادي، إلا أن ما سببته بيانات الصحة العالمية لملايين البشر كان مزعجاً ومقلقاً، ليس فقط نتيجة للخسائر المالية، ولكن لأنه طرح السؤال الأخطر: من يحكم العالم؟ هل هي الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية؟ ومن يتحكم في أحاسيس البشر بالخطر؟ ومن يقدر على زرع الفزع في النفوس حول صحتهم وسلامتهم؟ وهل هناك من يحاسب هذه الهيئات وهؤلاء الأشخاص؟ من يستطيع الآن محاسبة منظمة الصحة العالمية التي تسببت في خسائر فادحة للحكومات والدول، بينما تربحت شركات أدوية مليارات الدولارات؟ ومن الذي يعوّض ملايين الأفراد الذين تسبب غلق المجال الجوي في أوروبا في تعطيل مصالحهم وتأخير صفقاتهم أو تعطيل إجراءات يقدر البعض الآن حجمها بـ2 مليار دولار على الأقل؟ سابقاً في فترة الشباب قرأنا بانبهار عن فكرة الحكومة الخفية التي تحكم العالم، وكانت كل الكتب التي تتناول ذلك الأمر تشير إلى مجموعات صغيرة من رجال المال والأعمال ومعهم رجال قليلون من الساسة وكهنة وحاخامات من اليهود هم الذين يديرون العالم كله وخاصة أوروبا، ويحركون الناس والزعماء مثلما يحرك لاعب الشطرنج أحجار رقعته (أشهر تلك الكتب كان أحجار على رقعة الشطرنج) في تلاعب خطير بمصائر الأمم والشعوب، بل في إشعال الحروب بمؤامرات خفية. الآن ومع تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة، ومع طغيان سلطان وسائل الاتصالات والنقل نجد أنفسنا أمام ظاهرة واضحة وليست سرية، واجتماعات علنية وليست في الخفاء، تحدد مصير البشرية الاقتصادي والعسكري والصحي والبيئي بل الاجتماعي والإنساني. بعض هذه اللقاءات الهامة تتم تحت مظلة « الأمم المتحدة » في مؤتمرات عالمية تريد وضع وفرض وثائق حول الطفل والمرأة والسكان، وهذه الوثائق لها خلفية ثقافية أوروبية في الغالب، علمانية في الأساس، لا دينية دائماً، مما دفع الكنيسة الكاثوليكية دائماً للوقوف ضد هذه الوثائق، مما تسبب في فتح ملفات حرجة تتعلق بالكنيسة ورجالها ووضعها في موقف الدفاع المستمر عن نفسها، خاصة مع تولي بابا جديد له رؤية متحفظة في الأساس، وتم تصنيفه على جناح المتشددين العقائديين. وغالبية هذه المؤتمرات تتم في إطار مجموعة ضيقة من الدول ورؤسائها مثل مجموعة الدول الثماني أو مجموعة الدول العشرين، وأحياناً يُقال لنا أن هذا الملف تحسمه الدول (5+1) أي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن+ألمانيا، وأحياناً يقال دول الآسيان في جنوب شرق آسيا..إلخ. وقبل الاستطراد ستجد أن هذه المجموعات لا يوجد بها دولة عربية ذات شأن أو يتم استضافة دولة على سبيل « ذر الرماد في العيون »، ولا توجد دولة إسلامية في هذه المجموعات باستثناء أندونيسيا وماليزيا في مجموعة الآسيان، وطبعاً تشارك الدول الإسلامية على هامش الاجتماعات والمؤتمرات الدولية التي تعقدها الأمم المتحدة لإقرار ما قررته الدول الكبرى ولجان الأمم المتحدة مع إضافة لا تغني ولا تسمن من جوع ولا تعطل أمراً. هناك قرارات أخطر حددتها الدولة العظمى الأولى (أمريكا) منفردة، وهي التي أعلن فيها الرئيس السابق « بوش الابن » من ليس معنا فهو ضدنا، وما يحاول اليوم الرئيس « أوباما » إقراره عبر الكونجرس لإصلاح « سوق المال » وإنقاذ الاقتصاد الأمريكي الذي بدأ يتعافى، وشعار « أوباما » الواضح هو الانحياز لدافع الضرائب الأمريكي ضد أباطرة سوق المال، وهذا ما يهدد تجديد ولاية ثانية له أو يهدد الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة. إذن؛ نحن أمام هذا التساؤل الخطير في حياة البشرية اليوم (من يحكم العالم ويتحكم في مصائر الشعوب)، وهو سؤال مطروح منذ قرنين من الزمان على الأقل، وهو ما جعل العالم يخضع لسيطرة استعمارية عسكرية استنزفت القارات القديمة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بشرها وناسها الذين أبيدوا ومواردها الطبيعية، ثم دفع العالم كله ثمناً فادحاً من أرواح عشرات الملايين من البشر في حروب أوروبية باتت عالمية وحروب إقليمية بعيداً عن أوروبا التي تضمن بأرواح أولادها -ذوي الدم الأزرق- بينما تدفع بقية دول العالم من أرواح أولادها لضمان رفاهية الأوروبيين والأمريكيين. الذي يحكم العالم الآن ويحدد القرارات الخطيرة لا يهمه إلا الرخاء المادي والاقتصادي لأوروبا وأمريكا، ويحتكر المعرفة الغالية في مجالات التحكم مثل: المعلومات والطاقة النووية والكمبيوتر والسلاح والأدوية. ونحن في عالم « المفعول بهم » الذي تؤثر فينا قرارات السادة في حلنا وترحلنا، سفرنا وإقامتنا، صحتنا وعافيتنا، أموالنا في البنوك وصناعة السياحة، حتى وصلت إلى مياه النيل وأراضي سيناء وبقية شئون حياتنا، وستصل إلى أولادنا الذين يراد لهم أن يتمردوا علينا، والتدخل في أخص خصائصنا: القيم والثقافة والتقاليد، ماذا علينا أن نفعل؟ أولاً: علينا أن نفيق من الغيبوبة التي أصابتنا طوال العقود، والقرون الماضية. ثانياً: علينا أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا وقيمنا وديننا وحضارتنا ونجدّد ونجتهد لمواكبة العصر. ثالثاً: علينا أن نتحد كعرب ومسلمين وشرقيين، من كافة الأديان والملل والأعراق ضد هذه الهيمنة الطاغية التي يريدها الأوروبيون والأمريكيون باقية لا تزول. رابعاً: علينا أن نقول: لا بملء أفواهنا ضد هذه القلة التي تحتكر القرار وأن لا نستسلم لقراراتها. خامساً: علينا أن نعتمد -بعد الله- على أنفسنا في بناء قدراتنا الذاتية ونجمع قوتنا إلى قوة الآخرين الضعفاء بجوارنا لنشكل تحدياً جديداً. سادساً: علينا أن نفضح هؤلاء الذين يحكمون ويتحكمون في مصائر البشر الآن، ونفضح النخب المتخاذلة التي تريد لنا أن ننساق وراءهم ونحن مغمضو العيون نسير كالدواب إلى الذبح. باختصار علينا أن نمتلك الإرادة الحرّة، وهي أثمن ما وهبه الله للإنسان عندما خيّره بقوله تعالى: }مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا{ (19) (الإسراء: 18-19) صدق الله العظيم
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 29 أفريل 2010)
القوة في القرن الشبكي
د. أحمد نوفل
هذا عنوان مقال للدكتورة آن ماري سلوتر عميدة معهد ويدرو ويلسون للشؤون العامة والدولية، وأستاذ السياسة والشؤون الدولية في جامعة برنستون. وتشغل حالياً مدير تخطيط السياسات في وزارة الخارجية الأمريكية. وأحب أن أتخير من بين هذه المقالات المهمة لألخصها لكم وأعرضها بين أيديكم، فجميل أن تعرف عدوك، ومهم أن تعرف كيف يفكر. تقول الكاتبة في بداية مقالها كمدخل تدخل منه إلى موضوعها: « نحن نعيش في عالم شبكي (Networked)، فالحرب شبكية، حيث تعتمد قوة كل من الإرهابيين، (هم الإرهابيون) والقوات المعنية بمكافحتهم (هم أي الأمريكان الشهداء على الناس وبيطلعلهم!) تعتمد على مجموعات صغيرة من المقاتلين ترتبط ببعضها، وبالمخابرات وبوسائل الاتصال وشبكات الدعم، والدبلوماسية شبكية، حيث تتطلب إدارة الأزمات العالمية.. » والأعمال كلها شبكية، وضمنت كلامها إن الأقدر من يتمكن من حشد شبكات عالمية من الأطراف العامة والخاصة. وقالت إن العالم في العقد الأخير صار يتحول من « العالم الرأسي المعتمد على التنظيم الهرمي، إلى العالم الأفقي المعتمد على الشبكات ». وتواصل الكاتبة ضرب الأمثلة على العالم الشبكي، فتقول: ووسائل الإعلام شبكية، حيث تعتمد المواقع الإلكترونية الإخبارية والأشكال الأخرى من وسائل الإعلام التشاركية على مساهمات القراء من أجل خلق حوار شبكي واسع. والمجتمع شبكي. وضربت الكاتبة أمثلة بمواقع مثل: (My space) و(our space) حيث تؤدي إلى ما أسمته « خلق عالم كوني » رابطاً بين مئات الملايين من الأشخاص عبر القارات، ثم تكلمت عن محاولة أن تكون الكنيسة شبكية، بمعنى ربط ملايين الكنائس عبر العالم بشبكة واحدة. ثم تكلمت عن طبيعة نفسية تتحدث عن أن الرجال يميلون لرؤية العالم مكوناً من تنظيم هرمي للسلطة، ويسعون للوصول إلى القمة، بينما تميل النساء لرؤية العالم مكوناً من شبكات من العلاقات، ويسعين للانتقال إلى المركز. وأشارت الكاتبة إلى دراسات من بينها دراسة فريد زكريا « عالم ما بعد أمريكا » (وقد قدمنا ملخصه قبل وقت قصير) وقد تحدث فيه عن صعود قوى أخرى كالصين وهبوط نسبي لأمريكا، تقول: ورغم ذلك فإن العالم الشبكي الناشئ في القرن الواحد والعشرين يوجد فوق الدولة، وتحت الدولة، وخلال الدولة، وفي هذا العالم، ستكون الدولة الأكثر اتصالية هي الطرف المحوري القادر على وضع الأجندة العالمية، وعلى فتح الأبواب أمام الابتكار والنمو المستدام، وهنا، تمتلك الولايات المتحدة ميزة واضحة. وتقول الكاتبة إن ميزة الولايات المتحدة متأصلة في السكان والجغرافيا والثقافة. ثم تبين كيف جعلت الولايات قلة سكانها (20 إلى 30% من سكان الصين أو الهند) جعلتها ميزة، وكيف وظفت التنوع السكاني في توسيع قدرتها على التأثير عبر العالم. ونبهت إلى ضرورة « أن تنظر الولايات المتحدة إلى المهاجرين إليها باعتبارهم روابط حية مع بلدانهم الأصلية، وأن تشجع التدفق في الاتجاهين. ثم تشير إلى موقع الولايات المتحدة الجيوسياسي وكيف حمى المحيط الهادي والأطلسي الولايات المتحدة من الغزو. وتقول إن أوباما سيبدأ في استعادة السلطة الأخلاقية للولايات المتحدة. (انكشف الزيف، هي لم تكن سلطة أخلاقية بقدر ما كانت دعاية وزينة وادعاء كاذباً وتطاولاً، وإلا فإنها هي راعية الظلم والدكتاتورية والإرهاب..) ثم عادت إلى تنوع السكان، وكيف يستطيعون « مع السياسات الصحيحة » أن يربطوا وطنهم الجديد (أمريكا يعني) بالأسواق والموردين في أوطانهم القديمة، كما يستطيع قطاع الأعمال أن ينسق بين الشبكات الدولية من المنتجين والموردين.. وتحت عنوان: « الحياة في مجتمع شبكي » قالت الكاتبة: « في سنة 2000 اتخذت شركة أمريكية (جامبل) قراراً بتحديث أسلوب عملها في القرن الواحد والعشرين، فافتتحت محفظة براءات اختراعها، جاعلة كل تركيباتها متاحة لكل من يرغب في دفع ثمن الترخيص للسماح له بصناعتها.. وهم الآن يتطلعون إلى مجموعات بعيدة جداً من المبتكرين حول العالم وعلى الإنترنت، حيث يتجمع المبتكرون على موقع Innocentive الذي يشبه مزاداً علنياً للأفكار على الإنترنت، سماه بعضهم: « سوق الأفكار »، تجمع بين أناس يسعون لبيع أفكارهم وشركات تسعى لشراء تلك الأفكار. (هذه الشركة كما يقول المترجم انتقلت من تصنيفها ضمن أكبر 500 شركة في العالم إلى ثامن أكبر شركة سنة 2008) وتضرب الكاتبة أمثلة من عدة شركات من مثل IBM وغيرها، ومن ضمن الأمثلة شركة « فنج » وهي أنجح شركة في توريد الصادرات، ووظيفة الشركة أن تحدد الموردين من أكثر من 40 دولة في العالم، وتتصل بهم من أجل أن تلبي طلبات محددة، ولا بد أن تأتي الشبكات الناتجة عن ذلك سريعة ومرنة وقادرة على العمل على مستوى عال مشترك. إن سر نجاح التوريد هو تحقيق التناغم بين الشبكات. بداية، قد تبدو هذه الشبكات الكونية، وكأنها مجرد الجيل التالي من مقاولات التوريد، لكن ما يحدث هو شيء أعمق، فمقاولات التوريد تتطلب قيادة مركزية تحدد بدقة ماذا وكيف يجب أن ينتج المزيد، ومن ثم، ومن خلال تنظيم هرمي قائم ومستقر، ترسل قراراتها إلى المنتجين لكي ينتجوه من دول متعددة، لكن على العكس، في النظام الذي نتحدث عنه، تصبح سلاسل التوريد « شبكات للقيمة، ويصبح الموردون شركاء، وبدلاً من مجرد توريد المنتجات، يشاركون بالفعل في تصميمها. وتعد شركة بوينغ Boeing على وجه الخصوص مثالاً ناصعاً، على اعتبار أنها يمكن النظر إليها باعتبارها قلب الصناعة ذات الطراز القديم، لكنها قد تحولت من كونها صانعاً للطائرات إلى « دامج للنظم »، معتمدة على شبكة أفقية من الشركاء، الذين يتفاعلون معها لحظة بلحظة، وهم يقاسمونها المخاطرة والمعرفة من أجل أن يحققوا مستوى أعلى من الأداء، وهو ليس مجرد تغيير بسيط في الشكل، ولكنه تغيير في الثقافة. إن التنظيم الهرمي والسيطرة يتراجعان أمام تجمعات التشارك والتنظيم الذاتي. ويمكن لشركة أن تكون في جوهرها صغيرة جداً، أو حتى ليست أكثر من نقطة التقاء مركزية لقادتها ومديري الكيانات المندمجة فيها، لكنها من خلال الشبكات الصحيحة تستطيع أن تصل إلى أي مكان يوجد فيه المبتكرون والمصانع وموردو الخدمات. وفي هذا العالم كما يقول ويليامز: « المتصل فقط سيستمر في الحياة » ثم ضربت أمثلة بالمنظمات غير الحكومية التي أدركت كذلك قوة الاتصالات وأعطت مثالاً « الحملة العالمية لخطر الألغام »، التي بدأت سنة 91 بتحالف بين ست منظمات غير حكومية من أمريكا الشمالية وأوربا، وقد نمت حتى أصبحت تضم أكثر من (1100) مجموعة في حوالي ستين دولة. ومع الاتساع اكتسبت نفوذاً، وبعد أن فازت بجائزة نوبل سنة 97 ضغطت بنجاح في اتجاه عقد اتفاقية دولية لحظر الألغام (رفض التوقيع عليها أمريكا وروسيا والصين ودول أخرى..) وفي سنة 95 بدأت مجموعة صغيرة من منظمات حقوق الإنسان في المطالبة بإنشاء محكمة جنائية لمحاكمة مجرمي الحرب، وتأسست المحكمة سنة 98، وتضم الآن أكثر من (2000) منظمة من كل الأرض. وشكلت شبكات عابرة للقوميات ضاعفت من قدرتها على الضغط. قال رئيس جائزة نوبل: « إن حشد وتركيز الاهتمام الجماهيري العريض الذي شهدناه يحمل وعداً يتجاوز حدود القضية المطروحة، ومن الواضح أنه قد أرسى أسلوباً لكيفية تحقيق الأهداف السياسية على المستوى العالمي. وتعليقنا على هذا الجزء من المقال الذي سنواصله في حلقة تالية إن شاء الله: 1- في الوقت الذي يتجه العالم فيه نحو مزيد من التواصل والشبكية ينعزل العالم العربي في قوقعته القطرية، وفي داخل كل قطر قواقع عنصرية وجهوية. 2- الأقوياء بالتنظيم الشبكي يزدادون قوة، والضعفاء بالتقسيم الهمجي يزدادون ضعفاً. وكأنه ينقصهم عوامل وهن وضعف. 3- المنظمات غير الحكومية تغلغلت فيها الصهيونية ووجهتها إلى خدمة أهدافها، مثل منظمة محاكمة مجرمي الحرب، طالبت فقط بمحاكمة البشير ودافعت عن أولمرت ونتنياهو! 4- على الحكومات العربية أن تطلق يد المنظمات الشعبية غير الحكومية، فالقوة المجتمعية قوة للجميع، أم تريدوننا ضعفاء جميعاً؟ وسلام على المؤمنين الأقوياء « المتشابكين »!
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 29 أفريل 2010)
الحجاب والنقاب والهوس الفرنسي
مصطفى الخلفي 2010-04-30 أي رسالة تحملها حادثة تغريم منتقبة سائقة في «نانت» بفرنسا تحت دعوى إعاقة النقاب لها عن القيادة بأمان؟ باختصار إنها تكشف عن المدى الذي بلغه الهوس العدائي داخل بعض الأوساط الفرنسية تجاه قضية هامشية لا يتجاوز عدد المعنيين بها 300 شخص على مستوى فرنسا بأكملها وذلك من أصل أكثر من ثلاثة ملايين مسلم، ولم يؤدِّ الرأي القانوني لمجلس الدولة الفرنسي حول عدم قانونية السعي نحو حظرٍ تام لما يسمى بالبرقع إلى أي تراجع في الموقف الحكومي والبرلماني. قد يبدو من المثير الربط بين موضوعي الحجاب والنقاب في النقاش الفرنسي، إلا أن هيمنة هذا الملف على الأولويات الفرنسية الحكومية والمدنية سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الدولي، والامتداد الذي عرفه نحو الساحة البلجيكية التي تتجه هي الأخرى لاستصدار قانون بحظر النقاب.. كل ذلك يطرح تساؤلات حول الخلفيات المريبة والكامنة وراء هذا المسعى. لقد سبق لسيرج حلمي مدير نشر شهرية «لوموند ديبلوماتيك» أن انتقد وبحدة هذا التركيز الحكومي على هذه القضية على حساب قضايا أخطر بكثير، سواء من حيث الفئات الواسعة المعنية بها أو من حيث الآثار المالية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بها، متسائلا عن إمكانية استعمال هذا الملف لتوجيه الانتباه بعيدا عن سياسات حكومية فاشلة، كما تساءل آخرون، وضمنهم علمانيون وحقوقيون، عن مدى العلاقة بين التركيز المستمر على هذا الملف وتحويله إلى قضية عمومية وبين الرغبة الدفينة لبعض الجهات الفرنسية اليمينية المتطرفة في توظيف هذا الملف انتخابيا وكذا استغلاله لتعميق حالة الفوبيا والخوف من الإسلام في القارة الأوروبية، وتأجيج التوتر تجاه النظام القيمي الإسلامي ككل، والانتقال بعد ذلك نحو عولمة النموذج الفرنسي على المستوى العالمي، باستعمال آليات المؤتمرات والاتفاقيات الدولية. المثال البارز في هذا الصدد هو تركيز النشاط الفرنسي غير الحكومي بمناسبة دورة «بكين+15» للجنة وضع المرأة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة في النصف الأول من الشهر الماضي على هذا الملف، حيث إن البيان الوحيد الذي قدم في الدورة من قبل كل من «هيئة التنسيق الفرنسية لجماعة الضغط النسائية الأوروبية، ومؤسسة النساء المتضامنات، ومنظمة نظرات نسائية» سعى إلى عولمة المقاربة الفرنسية لهذا الملف. عند تحليل البيان نقف عند قضايا كثيرة، يمكن تسجيل اثنين منها لهما علاقة بموضوع المقال، الأولى تهم موضوع نظام الإرث، والثانية موضوع ارتداء الحجاب في المدرسة، حيث نصت الفقرة الرابعة من البيان على أنه «لمكافحة فقر المرأة، يتعين أن تعتمد جميع الدول قوانين لإرساء المساواة بين النساء والرجال في شؤون الإرث، وأن تعكف على إنفاذها». وهي مقاربة ملتبسة تربط بين الفقر والإرث وتكشف عن السعي لوضعه تغيير هذا النظام كمقدمة للتحرك الدولي القادم. غير أن الفقرة التي خصصت لموضوع الحجاب كانت الأطول والأوضح في كشف الخلفيات الفلسفية، فحسب البيان فإن «المدرسة هي البوابة التي يدلف منها الأطفال إلى رحاب الإنسانية عن طريق اكتساب المعارف والتقاء الآخر على السواء. لذلك، يتعين ألا تنضوي المدرسة تحت أي إيديولوجية سياسية أو دينية، وإنما ينبغي أن تعلم الأطفال إناثا وذكورا التعايش في إطار الاحترام المتبادل»، و «ذلك هو مبعث صدور القانون الفرنسي لعام ٢٠٠٤ الذي يحظر ارتداء العلامات الدينية في المدرسة، ويهدف إلى حماية الفتيات على اختلاف أعمارهن». لا نريد الدخول في مناقشة لمضمون البيان، فذلك مجاله مكان آخر، لكن ما يهمنا هو أن البيان نموذج جلي لمنطق السعي لعولمة النموذج الفرنسي، فالبيان يتجاهل أن اللائكية التي تشكّل مرجع هذا التوجه هي نفسها أيديولوجية يتم السعي لفرضها واستغلالها لتهميش الخلفيات الدينية التي تشكلت عند الطفل في إطار أسرته وإبقائها خارج المدرسة، وذلك عوض العمل على تأسيس ثقافة الاحترام والتعايش الإيجابي والقبول بالاختلاف التي تشكل نقيض التصور اللائكي الرافض لارتداء الحجاب، وهو التصور الذي نجح بشكل بارز في العالم الأنجلوساكسوني وتقدم حيث أخفق النموذج الفرنسي. لا يتوقف البيان في دفاعه عن النموذج الفرنسي عند كشف الخلفية الفلسفية الحاكمة، بل يعمل على الربط بين منطق المساواة وبين رفض الحجاب في الأماكن العامة، حيث لا يقتصر الأمر على المدرسة ليشمل الفضاء العام، فحسب الفقرة 10 من البيان «إذا كان هناك من يعتبر أن الفتيات والشابات يشكلن مصدر إزعاج للنظام العام، وأنه ينبغي من ثَمَّ إن يغطّين شعرهن في الأماكن العامة حماية للأولاد الذين يُعتقد أﻧﻬم غير قادرين على التحكم في غرائزهم، فإن هذا الوضع يوِّلد تصورات تتعارض تماما مع مبدأ المساواة بين المرأة والرجل»، ليضيف في الفقرة الموالية متسائلاً «كيف يتصور الأطفال، إناثا وذكورا، الأماكن العامة إذا كان على أمهاﺗﻬم وأخواﺗﻬم أن يرتدين الحجاب، أن يتخفَّين عندما يخرجن من بيوﺗﻬن؟ بل كيف يتصورون المرأة نفسها؟». ما يقع في فرنسا يكشف عن حالة هوس يراد الآن تعميمها وعولمتها بعد أن تتم أوربتها على مستوى الاتحاد الأوروبي، مما يفرض عدم تجاهل ما يقع في الساحة الفرنسية. elkhalfi2000@yahoo.fr (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 30 أفريل 2010)
الجزائر تتشدد في إجراءات منح التأشيرة للفرنسيين
الجزائر- باشرت الحكومة الجزائرية بتنفيذ إجراءات جديدة مشددة بخصوص منح الفرنسيين تأشيرة الدخول، وذلك ضمن سياسة المعاملة بالمثل. وذكرت صحيفة (الخبر) على موقعها في شبكة الإنترنت الجمعة أن الخارجية الجزائرية أبرقت مؤخرا تعليمة لسفارة الجزائر في باريس وكل القنصليات الجزائرية المعتمدة في فرنسا، تجبرهم فيها على اتخاذ إجراءات جديدة يشرع في تنفيذها فورا. ويتعلق الأمر أساسا برفع رسوم الحصول على التأشيرة إلى 85 يورو بالإضافة إلى حث مصالح السفارة الجزائرية على أخذ كامل وقتها قبل منح التأشيرات لطالبيها من الفرنسيين في إطار ما يسمى بسياسة (المعاملة بالمثل) التي تفرضها الجزائر على فرنسا بسبب الاستفزازات التي تعرضت لها الجزائر من قبل مسؤولين فرنسيين. وكان آخر التصريحات ما أدلى به وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير وقال فيها إن العلاقات الجزائرية الفرنسية قد تعرف تطورا إذا رحل جيل الثورة عن الحكم في الجزائر، وهو الجيل الذي ينتمي إليه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكل القادة السياسيين والعسكريين. ووصفت مديرية الشؤون القنصلية الجزائرية الإجراءات بـ(العادية) وتدخل في إطار المعاملة بالمثل. وتعد مسألة حرية تنقل الأشخاص من بين أهم الملفات الخلافية بين الجزائر وفرنسا، رغم تواجد جالية جزائرية هامة بفرنسا تقدر رسميا بأكثر من 800 ألف من أصول جزائرية، وما يفوق 2,5 مليون مهاجر جزائري بحساب التواجد غير الشرعي، فضلا على تواجد جالية فرنسية تعد الأهم من بين الأجانب المقيمين في الجزائر. ويتقدم ما بين 200 ألف إلى 250 ألف جزائري سنويا بطلب الحصول على تأشيرة الدخول إلى فرنسا، إلا أن نسبة القبول تراوحت ما بين 50 إلى 60 بالمائة في الفترة ما بين 2004-2009. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 أفريل 2010)
القاهرة نفت وأكدت وجود تنسيق مسبق حماس تتهم مصر باستخدام غاز سام لقتل فلسطينيين داخل الأنفاق
2010-04-30 غزة – رفح-شادي محمد- وكالات حمّلت حركة حماس أمس الخميس السلطات المصرية مسؤولية مقتل أربعة فلسطينيين في نفق حدودي, متهمة إياها بضخ «غاز سام» فيه, وطالبت مصر بالتحقيق في الحادث وتقديم المسؤولين عنه للمحاكمة. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس في مؤتمر صحافي في غزة: «تحمِّل حماس الجانب المصري المسؤولية عن مقتل أربعة عمال أبرياء, بعد قيام أجهزة الأمن المصرية بضخ غاز سام في أحد الأنفاق. ونطالب بالتحقيق في الحادث, وتقديم المسؤولين عنه للمحاكمة». وأضاف أبو زهري: «نستنكر تكرار حوادث القتل (في الأنفاق), حيث بلغ عدد الضحايا 105, منهم 40 قتلوا بسبب الغاز السام والمياه العادمة في الأنفاق, والتي تتسبب في المعاناة». وشدد أبو زهري على أن «الاعتماد على الأنفاق هو خطوة اضطرارية لجأ إليها شعبنا. والبديل للأنفاق ليس قتل المواطنين الأبرياء, بل فتح المعابر». وتابع: «هذه الأنفاق تمثل شريان الحياة لغزة، ولو كان معبر رفح مفتوحا لما حصل هذا الحادث المؤسف». وكانت وزارة الداخلية التابعة لحكومة حماس اتهمت في بيان مساء الأربعاء قوات الأمن المصري برش غازات سامة في النفق الذي انهار جزئيا وقتل فيه أربعة فلسطينيين وأصيب سبعة آخرون. من جانبه، قال المكتب الإعلامي لشرطة حماس في بيان آخر «إن المواطنين الأربعة توفوا نتيجة تفجير الجانب المصري لأحد الأنفاق الحدودية مع مصر». وفي القاهرة، أكد مسؤولون أمنيون مصريون تدمير أربعة أنفاق في شمال رفح, من دون الإشارة إلى وقوع ضحايا في الجانب المصري. وقضى عشرات الفلسطينيين خلال الأشهر الأخيرة في حوادث أو انهيار أنفاق على جانبي الحدود بين شطري رفح الفلسطيني والمصري, حيث تنتشر مئات الأنفاق للتهريب, خصوصا المواد الغذائية والوقود وأحيانا مواد قتالية. من ناحيتها، نفت مصادر أمنية مصرية مسؤولية القاهرة عن مقتل أربعة من الشبان الفلسطينيين من مهربي الأنفاق على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة. وأكد مصدر أمني مصري، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه لم يتم تدمير أنفاق منذ عدة أيام، مضيفا أنه كان هناك تنسيق مسبق بين المسؤولين في مصر والحكومة الفلسطينية المقالة, قبل تدمير أي أنفاق خشية وجود أشخاص داخلها. وقال إن معظم عمليات تدمير الأنفاق تتم بطريقة الردم بالرمال والحجارة, حفاظا على السكان المتواجدين في تلك المناطق. ونفى المصدر وضع أي غاز سام داخل الأنفاق مطلقا. وتنتشر المئات من الأنفاق بين قطاع غزة ومصر بغرض تهريب البضائع إلى القطاع المحاصر إسرائيليا منذ ثلاثة أعوام. وأشارت مؤسسات حقوقية فلسطينية إلى مقتل أكثر من 140 عاملا خلال عامين, جراء حوادث الأنفاق التي استهدفها الطيران الحربي الإسرائيلي بشكل مستمر بدعوى التصدي لعمليات تهريب أسلحة. (المصدر: « العرب » (يومية – قطر) بتاريخ 30 أفريل 2010)
صفوت الشريف يحذر من ‘الفوضى’ ويلمح لتمديد الطوارئ البرادعي : هدفي ليس الترشح بقدر الانتقال الى الديمقراطية
4/30/2010
القاهرة ‘القدس العربي’: حذر صفوت الشريف، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي، مما اسماه الاندفاع الى الفوضى، ملمحا الى اتجاه النظام لتمديد حالة الطوارئ التي كانت فرضت عقب اغتيال الرئيس الراحل انور السادات عام 1981. وشدد الشريف على ان الحزب الحاكم هو صاحب فكرة التغيير، مشيرا إلى أن الحزب سوف يخوض بقوة وثقة ورؤية واسعة انتخابات التجديد النصفى المقبلة لمجلس الشورى. وقال خلال اجتماع المجلس الأعلى للسياسات الذي عقد بحضور جمال مبارك الأمين العام المساعد وأمين السياسات للحزب الوطني الديمقراطي، انه لن يستطيع أحدا أن يختطف من الحزب الوطني عملية التغيير، مؤكدا أن هناك توازنا بين تحقيق أمن الوطن وبين الاندفاع للمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ، خاصة أن مصر مستهدفة، وعلينا أن نتعامل مع كافة الانتقادات التي توجه إلينا، حرصا على عدم الانحياز إلى الفوضى. وتطرق الشريف في حديثه إلى نائب ‘الرصاص’، حيث وجه كلمة لقيادات الحزب الوطني في البرلمان، قال فيها إنه على قياداتنا في البرلمان أن يكون أداؤهم محسوب الكلمات، وأدان الخطأ الذي وقع فيه النائب الذي طالب بإطلاق الرصاص على المتظاهرين. وعن البرنامج الانتخابى للتجديد النصفي لمجلس الشورى، قال الشريف إنه ستطرأ عليه تعديلات إضافية، وسيكون أكثر تفصيلا واتساعا فيما يتعلق بالمضمون والإصلاح السياسي في انتخابات مجلس الشعب، واصفا اجتماع المجلس الأعلى للسياسات بأنه نقطة فارقة في الاستعداد للانتخابات المتتالية، موضحا أنه كانت هناك اجتماعات مستمرة لهيئة المكتب وأن عملية الإعداد للانتخابات ليست وليدة اليوم، وإنما بناء على عمل تراكمي كبير منذ عام 2005. وقال الشريف إن الانتخابات سوف تكون شفافة وواضحة وديمقراطية وصحيحة طبقا للدستور، وعن طريق الاختيار الصحيح للمرشحين، وإننا نرحب بمؤسسات المجتمع المدني لمتابعة الانتخابات. وأضاف قائلا: لا أحد يفصّل الدستور على مقاسه، وقد أجرينا تعديلات جوهرية من قبل ولا يمكن أن تكون هناك انتخابات بعد أسابيع ونتحدث عن تعديلات دستورية، فنحن دولة مستقرة، ومن يريد أن يعمل فإن عليه أن يعمل وفقا للدستور، وأعلن عن لقاء بين قيادات الحزب ورئيس الوزراء وعدد من الوزراء يوم الأحد المقبل للاتفاق على طريقة التحرك خلال الحملة المقبلة. وكان الشريف قد نقل في بداية الاجتماع تحيات الرئيس حسني مبارك زعيم الحزب الذي يتابع التحرك الحزبي والاستعداد للانتخابات، على حد وصفه، وأضاف الشريف قائلا: أبلغكم أن الرئيس مبارك بصحة جيدة ويبذل جهدا كبيرا من أجل العمل الوطني. من جهته ربط المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي ترشحه للرئاسة في مصر بحصوله على ضمانات بأن تكون الانتخابات حرة وعادلة، مؤكداً سعيه للعمل على تغيير الدستور المصري بحيث يسمح بالمراقبة الدولية للانتخابات ووجود لجنة انتخابات مستقلة. وأشار البرادعي وهو رئيس الجمعية الوطنية للتغييرفي مصر في حلقة خاصة أجرتها كبيرة مراسلي ‘سي أن أن’ الإخبارية كريستيان أمانبور إلى أن هدفه الرئيسي ليس الترشّح بقدر ما هو ‘رؤية بلادي التي ترعرت فيها تقوم بنقله حقيقية نحو الديمقراطية’. وانتقد المسؤول الدولي السابق الوضع السياسي الراهن في مصر قائلا ‘لدينا رئيس في السلطة منذ 30 عاماً’، ولفت إلى انه ينظم حملة شعبية عبر كافة الأطياف السياسية في مصر، باستخدام موقع فايسبوك الإجتماعي الشهير للمطالبة بتغيير الدستور المصري بشكل من شأنه فتح النظام السياسي في مصر على التعددية الحقيقية. وقال ‘إنها حركة سلمية لها قاعدة شعبية، وفي كل مكان أذهب إليه هناك دعم هائل للتغيير في مصر’. وشدد البرادعي على ان ‘الوضع الراهن يجب أن يتغير لأن الطريقة التي صيغ بها حالياً، تتيح لقلة من الناس فقط حق الترشح للرئاسة. لذلك فإن الديمقراطية لم تعد جزءاً من نمط الحياة في مصر منذ أكثر من 50 عاماً.. وفي الواقع حان الوقت لها’. ويشترط الدستور المصري بمن يريد ترشيح نفسه لمنصب الرئيس أن يكون عضواً لمدة سنة على الأقل، في لجنة عليا لحزب حاصل على ترخيص بالنشاط، وأن ينال تزكية 250 من أعضاء مجلسي الشعب والشورى والمجالس المحلية وكلها مجالس يهيمن عليها الحزب الحاكم. والبرادعي لا يملك حزباً سياسياً وهو ليس عضوا في حزب سياسي في مصر وهذا ما يمثل عقبة رئيسية أمام ترشّحه، إلاّ انه تعهّد ببعث رسالة بالتغيير الديمقراطي للحكومة. وقال ‘بالنسبة للشعب فأنا وكيل حقيقي للتغيير، وللنظام فأنا شخص واقعي.. لا يمكن لي حتى الحصول على مقر أو جمع الأموال، ولكن لنا الكثير من المتطوعين، الكثير من المتطوعين الشباب في كل مكان بالبلاد يناقشون التغيير ويشرحون للناس كيفية تأثيره على حياتهم الاقتصادية والاجتماعية’. وتحدث أحمد عز، أمين لجنة التنظيم في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، في الحلقة وقال ان البرادعي يبالغ في وصف صعوبة المنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال ان الحزب الحاكم أكد بوضوح انه يرحّب بدخول البرادعي الساحة السياسية المصرية.وأضاف ‘دستورنا يعترف بالاحزاب السياسية التي تستند الى قواعد سياسية واضحة. وهناك 24 حزباً في مصر وأي منها بإمكانه طرح مرشحين في العام 2011. ونصف هذه الأحزاب عرضت على البرادعي أن يكون مرشحها. ولكن البرادعي تردد مفضلاً الترشح كمستقل’. وكان للدكتور سعد الدين إبراهيم الناشط الحقوقي والسياسي المصري المعروف الذي اعتقل ثلاث سنوات بتهمة التشهير بالنظام، مداخلة أيضاً في الحلقة، وقال ان البرادعي مرشح لديه كاريزما يواجه منافسة لوجيستية هائلة لتنظيم حملة شعبية. وأكد ان ‘فرصة البرادعي في الفوز بانتخابات رئاسة الجمهورية كبيرة وذلك لأن الملايين من المصريين على استعداد للوقوف خلفه ومساندته وحشد الناس له، ففي حال وجود انتخابات نزيهة ومراقبة دولية ستكون هناك فرصة كبيرة للتغيير في مصر والعالم العربي أيضاً’. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 أفريل 2010)