الاثنين، 7 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2540 du 07.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


إسلام أونلاين.نت: الجنون.. مصير معتقل سياسي بتونس

إسلام أونلاين.نت: حملة نهاية العام الدراسي على الحجاب بتونس

الموقف: منظمات حقوقية تطالب بالحرية لدانيال زروق

الموقف:استنكار واسع لمنع المحامين من زيارة منوّبيهم

القدس العربي: نحو خمسة آلاف يهودي انهوا زيارات لكنيس الغريبة في جربة التونسية

رويترز : البحرية التونسية تنقذ تسعة مهاجرين من الغرق

أخبار تونس: الرئيس زين العابدين بن علي يوجه برقية تهنئة إلى الرئيس الفرنسي المنتخب السيد نيكولا ساركوزي

 سويس إنفو : الرئيس التونسي يهنيء ساركوزي بفوزه في انتخابات الرئاسة الفرنسية

عبد الله  زواري: حـصـاد الأسـبـوع: الإثنين 07 ماي 2007

على العريض للموقف:الاتفاقات الناحجة هي التي لا ترضي أي طرف

راضية النصراوي للموقف: متمسكون بمبدأ التداول

عارف المعالج: من يوقف هذا الانهيار الاجتماعي ومن يقف وراءه

عبدالحميد العدّاسي: رسالة مفتوحة إلى السيّد رئيس الجمهورية التونسية

عزالدين محمود: تعقيبا  على إستراتجيّة الصلح والوفاق للأخ  الهاشمي  الحامدي

بوعبدالله بوعبدالله: حق المواطنة اولا يا اخي الهاشمي

محمد العروسي الهاني: من حقوق المواطنة  احترام رسائل المواطنين والرد عنها والإجابة بعناية وسرعة واهتمام ودون صمت

أبو يعرب المرزوقي: قراءة نقدية في مقاربة تونسية حول منزلة المرأة في الإسلام (3 من 3)

  د. محي الدين عميمور: بورقيبة … ثانية

عبدالباقي خليفة : هنيئا لكم السقوط ..

سفيان الشورابي: في حقيقة أزمة دارفور: الجنجويد قادمون « للحصول على نصيبهم من الزكاة »!  

محمود المبارك : نقاش بيزنطي في تركيا!

الحياة: «غوغل إيرث» بالعربية تغيّر طرائق تعليم التاريخ والجغرافيا وتروّج للسياحة والاستثمار في الدول الناطقة بلغة الضاد


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


الجنون.. مصير معتقل سياسي بتونس

محمد الحمروني
تونس–  أذهب التعذيب الشديد عقله لدرجة عجزه عن التعرف على أمه، لكن حالته لم تشفع له ليرى النور، فبدأت الأم إضرابا مفتوحا عن الطعام للضغط على السلطات التونسية لإطلاق سراح ابنها المعتقل منذ أشهر تحت طائلة قانون الإرهاب ولم توجَّه له أي تهمة.
وتقول فطيمة بوراوي (52 عاما) لـ »إسلام أون لاين.نت »: « بدأت إضرابا مفتوحا عن الطعام يوم الخميس (3-5-2007( للمطالبة بإطلاق سراح ابني وليد العيوني بعد أن أصيب بفقدان مداركه العقلية، وأصبح غير قادر على التعرف علي وعلى زوجته، جراء تعرضه للتعذيب الوحشي منذ اعتقاله يوم 11 ديسمبر 2006 ».
وأضافت فطيمة: « دخولي في إضراب عن الطعام سببه يأسي من لفت النظر إلى وضعية ابني من خلال الوسائل القانونية والإعلامية والإدارية الممكنة ». وفي أسى وصفت الأم حال ابنها في آخر زيارة لها لسجن « المرناقية » قرب العاصمة الأسبوع الماضي: « كان يصيح قائلا: لست أمي لا أعرفك، ويضرب بيديه على البلور العازل بيننا، وهو في حالة هيجان كبيرة، ما دعا أعوان السجن لإنهاء الزيارة بعد دقيقة واحدة من بدايتها ».
ونفت الأم أن يكون وليد إرهابيا قائلة: « ابني فنان كبير، كان من بين أكبر عشرة مصممي ديكور في العالم، وكانت له شركة ذات صيت عالمي مقرها إمارة دبي ».
تضامن الأمهات
إضراب فطيمة ألهب مشاعر مجموعة من أمهات المعتقلين تحت طائلة قانون الإرهاب، فدخلن في إضراب عن الطعام تضامنًا معها.
وقالت زينب الشبلي، والدة السجين خالد العرفاوي، والناطقة باسم « لجنة أمهات وعائلات الشبان ضحايا قانون الإرهاب »: « إن عددا آخر من عائلات المساجين سيلتحقون بالإضراب تضامنا مع السيدة فطيمة ».
وحذرت زينب في تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » من « الوضعية الحرجة التي يمر بها السجين وليد، واستغربت مواصلة سجنه برغم فقدانه لكل مداركه العقلية ». وأكدت أن « مأساته -رغم بشاعة الجرم المرتكب في حقه- ليست إلا واحدة من مآس عديدة يعانيها المساجين ومن ورائهم عائلاتهم وخاصة أمهاتهم ». وطالبت باسم لجنة أمهات المساجين « بإطلاق سراحه فورا، نظرا للتدهور الخطير في حالته الصحية ».
كما طالبت بإطلاق سراح بقية الشبان المعتقلين بمقتضى قانون الإرهاب، معتبرة أن « هؤلاء الشبان يقدمون قربانا لـ(الرئيس الأمريكي) جورج بوش وإدارته من المحافظين الجدد ».
المنظمات الحقوقية تندد
وتعرضت عدة منظمات حقوقية في بياناتها وتقاريرها لإصابة العيوني بالجنون، ونددت بالممارسات التي أوصلته إلى هذه الوضعية، مطالبة بإطلاق سراحه، خصوصا أنه لا توجد تهمة واضحة موجهة إليه، ويعرف عنه فقط توجهاته الإسلامية. 
وأكدت الجمعية الدولية لمناهضة التعذيب بتونس تعرض العيوني منذ اعتقاله لتعذيب شديد بمقرات وزارة الداخلية وفي السجن. وقالت في بيان لها صدر مؤخرًا إنها علمت « ببالغ الأسى نبأ فقدان السجين السياسي وليد العيوني لمداركه العقلية نتيجة تعرضه للتعذيب ».
وحسب الجمعية « فإنه يُقيم منذ 16 يناير الماضي في ظروف سيّئة للغاية بسجن المرناقية، إذ تمَّ إيواؤه بمرحاض مساحته متران مربعان ينعدم فيه الهواء ونور الشمس، كما كان يشكو لعائلته من عدم تمكنه من النوم لعدة أسابيع، وإجباره على البقاء في وضع جسدي غير طبيعي نظرا لضيق الغرفة ». جروح وكدمات
وأوضحت المحامية راضية النصراوي، رئيسة الجمعية، أنها عاينت خلال زيارتها المباشرة لوليد: « وجود كدمات برأسه ووجهه، وآثار جرح كبير فوق حاجبه ». كما أكد سمير بن عمر، محامي السجين العيوني، « أن موكله لم يتمكن من التعرف عليه، ولاحظ أنه كان يرتجف ويهذي ».
وقبل فقده لعقله قال وليد العيوني لمحاميه: « تعرضت للضرب بالهراوات الغليظة والركل والرفس على الرأس من طرف عدد كبير من الأعوان بأحذيتهم العسكرية، مما خلف أضرارا بدنية فادحة، إذ بقيت لعدة أيام فاقدا القدرة على رؤية أي شيء نتيجة انتفاخ وجهي وعينيَّ مع فقداني القدرة على السمع بأذني اليسرى ». ووليد العيوني (29 سنة) أب لأربعة أطفال، واعتقلته السلطات الإماراتية، وأعادته برفقة عائلته وعائلة أخيه إلى تونس يوم 18 أكتوبر 2006.
مكافحة الإرهاب
ومؤخرا منعت بعض السجون عددا من المحامين من زيارة موكليهم، وعزا مراقبون هذا الإجراء إلى رغبة السلطات في عدم تسرب الانتهاكات داخل السجون للرأي العام والمنظمات الحقوقية.
وتزايد عدد السجناء الموقوفين على خلفية قانون الإرهاب من أبناء التيار السلفي منذ أحداث الضاحية الجنوبية للعاصمة في ديسمبر 2006 ويناير 2007، حيث قتلت قوات الأمن 12 مسلحًا واعتقلت 15 آخرين ممن أسمتهم بـ »مجموعة خطيرة من المجرمين ». ويقدر محامون تونسيون عدد المعتقلين بتهم متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب، المطبق منذ عام 2003، بحوالي ألف شخص. وبجانب المعتقلين الجدد تتواصل منذ 17 عامًا محنة عدد من قيادات حركة « النهضة » الإسلامية في سجون انفرادية وظروف صحية سيئة شبهها البعض بـ »الموت البطيء ».
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 6 ماي 2007)  


حملة نهاية العام الدراسي على الحجاب بتونس

محمد الحمروني تونس- مع اقتراب موعد امتحانات نهاية العام الدراسي في تونس، قامت السلطات الأمنية بمنع العديد من الطالبات المحجبات من دخول المدارس والجامعات، وهو ما أثار تخوف المراقبين للشأن الداخلي من حملة مضايقات أمنية جديدة للمحجبات.
وذكرت مصادر طلابية لإسلام أون لاين.نت أن السلطات الأمنية قامت مطلع الأسبوع الجاري بمنع الطالبات المحجبات من الدخول إلى المدرسة العليا للتكنولوجيات بمنطقة الشرقية -وسط تونس العاصمة- وتم سحب بطاقة إحداهن بسبب إصرارها على الدخول بالحجاب.
وبحسب عدد من الطالبات، فإن هذا الإجراء يأتي في إطار استعداد الأجهزة الأمنية لمنع المحجبات من اجتياز امتحانات آخر السنة، الأمر الذي تكرر في السنوات الأخيرة بشكل يكاد يكون منهجيا في عدد كبير من المعاهد والمدارس العليا.
ووقع المنع نفسه أمام منطقة الأمن بوادي الليل قرب العاصمة، حيث قامت قوات الأمن بحملة إيقاف وتثبت من الهوية إزاء طالبات محجبات بعد خروجهن من الجامعة التونسية، وقال أحد الشهود إنه رأى مساء الجمعة أعوانا يستوقفون الحافلات وينزلون منها ما يقرب من 20 طالبة محجبة بدعوى مخالفتهن للقانون الذي يعتبر الحجاب « زيا طائفيا ». ورأت طالبات أن هذه الوقائع وغيرها تنذر بعودة حملة المضايقات التي تمارسها السلطات ضد المحجبات خاصة مع اقتراب موعد امتحانات نهاية العام الدراسي.
مداهمة الأسواق
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شنت قوات الأمن أكثر من حملة استهدفت المحجبات في الأسواق العامة والمعاهد وأمام المساجد، حيث داهمت شرطة منطقة السيجومي -في ضواحي تونس العاصمة- سوق المنطقة واعتقلت عددا من المحجبات من السوق، وتم اقتيادهن إلى مركز الشرطة، حيث تعرضن للإهانة والاعتداء اللفظي، وممارسة ضغوط شديدة من أجل إرغامهن على نزع خمُرهن.
وفي الإطار نفسه قامت قوات الأمن في مدينة منزل بورقيبة -شمال العاصمة- بجمع أكثر من عشرين محجبة من أمام المسجد الكبير بالمدينة، أخذن إلى مركز الشرطة. وفي رمضان الماضي شنت السلطات حملة واسعة ضد المحجبات، كما قامت بسحب الدمية « فلّة » التي تمثل طفلة محجبة وتلقى إقبالا في تونس، وكل الأدوات المدرسية التي تحمل صورتها، كما قامت في نفس الفترة بحملة ضد كل مظاهر التدين في البلاد شملت عددا من أئمة المساجد.
ودأبت الأجهزة الأمنية على إيقاف المحجبات وإجبارهن على إمضاء تعهدات بعدم عودتهن لارتداء الحجاب إضافة إلى الضغط عليهن وإرهابهن من أجل نزعه، وتتصاعد هذه الحملة بشكل دوري مع اقتراب موعد امتحانات نهاية العام الدراسي التي تستهدف الطالبات. وشهدت المدن التونسية في السنوات القليلة الماضية عودة قوية ولافتة لارتداء الحجاب الذي كان قد اختفى تقريبًا منذ صدور مرسوم حكومي في ثمانينيات القرن الماضي يمنع ارتداءه في المؤسسات التعليمية والإدارية.
ويعتبر القانون 108، الصادر عام 1981 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الحجاب « زيًّا طائفيًّا »، وليس فريضة دينية، ومن ثَمَّ يُحظر ارتداؤه في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوية؛ وهو ما يعارضه بشدة قطاع كبير من الشارع التونسي.
سلسلة محاكمات
من جهة أخرى تتواصل في تونس سلسلة المحاكمات التي يتعرض لها الشباب المتدين من مختلف التيارات وخاصة ما بات يعرف منهم بـ »التيار السلفي ». وتتابع المحاكم التونسية النظر في مثل تلك القضايا وإصدار الأحكام بحق هؤلاء الشبان كان آخرها الأحكام التي صدرت نهاية الأسبوع الماضي بحق 12 منهم.
وتراوحت الأحكام بين 4 أعوام سجنا و6 أشهر مع إخضاع المتهمين لعقوبة تكميلية بـ 5 سنوات مراقبة إدارية. وكان المتهمون أوقفوا سنة 2005 على خلفية تكوين « مجموعة جهادية » ومحاولة الالتحاق بالمقاومة العراقية، بحسب قرار الاتهام.
لكن محاميي الدفاع شددوا على بطلان إجراءات الإيقاف والتتبع بعد ثبوت تزوير تواريخ المحاضر، إضافة إلى ما أورده المتهمون من شهادات تثبت تعرضهم للتعذيب من طرف أعوان الأمن الذين تولوا استجوابهم. كما أكد الدفاع على خلو قرار الاتهام من أي تعليل قانوني وأنه ورد في شكل لائحة إدانة سياسية.
وقال عبد الرءوف العيادي المحامي المختص في قضايا الحركات الإسلامية في تصريح لـ إسلام أون لاين.نت: « اعتبارا لكون ملفات الإحالة كانت فارغة تقريبا ما عدا ما ورد فيها من تقارير الأمن، ولأن التهم الموجهة ضد موكليَّ لم تستند إلى أيّ دليل واضح يمكن اعتماده من طرف القضاء كدليل أو قرينة، تقدمت بطعن في قرار إحالة هؤلاء الشبان للمحاكمة، لكن الطلب رفض دون أن يتم فحص المطاعن التي قدمتها، ولا أن يقع الرد عليها »، معتبرا أن هذا الأمر يمثل تخليا من القضاء عن القيام بدوره.
محاكمات سياسية
من جانبه قال محمد النوري الناشط الحقوقي: إن « هذه المحاكمات لا تقوم على أساس قانوني وإنها محاكمات سياسية بامتياز الهدف منها أساسا هو تجريم المقاومة والانخراط في الأجندة الأمريكية لمكافحة الإرهاب ».
وحذر النوري من أن الأحكام الجائرة التي تصدر يوميا في حق هؤلاء الشبان قد يكون لها أثر عكسي، مؤكدا على ضرورة « الاتعاظ بتجارب البلدان الشقيقة والصديقة » حتى لا تقع بلادنا في مثل ما وقعت فيه تلك البلدان، في إشارة إلى التفجيرات التي شهدتها الجزائر والمغرب مؤخرا والتي ثبت تورط معتقلين سابقين في عدد منها.
ويقول مراسل إسلام أون لاين إنه في ظل الدور الذي يلعبه المحامون في المعركة القضائية والحقوقية الدائرة الآن على هامش هذه المحاكمات أصبح الدفاع نفسه مستهدفا، فقد تعرض العيادي منذ أسبوعين للضرب أمام قاعة المحكمة، الأمر الذي تطلب حينها انسحاب المحامين تضامنا مع زميلهم، كما مُنع قبل يومين المحاميان سمير بن عمر وأنور القوصري من زيارة موكليهم داخل السجن.
ويرجح قانونيون أن يكون سبب منع تلك الزيارات هو حرمان المعتقلين من الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من تبيان التجاوزات التي تعرضوا لها سواء خلال الاستجواب أو في السجن.
(المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 30 أفريل 2007)

منظمات حقوقية تطالب بالحرية لدانيال زروق

محمد الحمروني
دعت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية إلى « منح السيد دانيال زروق حريته دون شروط أو تأخير ». واتهمت المنظمة في رسالة وجهتها إلى السلطات التونسية  » بإدانة زرّوق عدة مرات بنفس التهمة، وهي الانتماء إلى حركة النهضة الإسلامية غير المعترف بها، وذلك في مخالفةٍ للقانون الدولي ولمجلة الإجراءات الجزائية ».
وحسب ما جاء في الرسالة فقد تم توقيف زروق القيادي بالنهضة عام 1991 وحوكم بعدها أربع مرات بنفس التهمة، بالرغم من وجوده في المعتقل، وبلغ مجمل الأحكام بحقه 23 سنة ونصف السنة قضى منها إلى حد الآن ما يقرب من 16 عاما.
ويعاني زروق من عدة أمراض أصيب بها داخل السجن ومنها الربو والقلب، كما أجريت له عملية جراحية بقرحة المعدة قبل أن يعاوده المرض بعدها من جديد، ويبلغ دانيال من العمر 52 عاما، وكان يعمل قبل سجنه أستاذا لمادة التربية الإسلامية، وهو متزوج وله ثلاثة أبناء، هم على التوالي حمزة وإيمان ومنصف، بحسب بيان المنظمة الذي صدر الخميس 26 أفريل.
وطالبت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من جانبها بإطلاق سراح زرّوق، معتبرة أنه كان ينبغي أن يغادر السجن منذ سنة 1996، وثمنت الجمعية الموقف الذي اتخذته هيومن رايتس ووتش في رسالتها التي « جاءت لتحطم جدار الصمت المطبق الذي فرضه النظام بخصوص المعتقلين السياسيين وخاصة أبناء حركة النهضة منهم ».
وذكرت  الجمعية في بيان حصلت « الموقف » على نسخة منه  أنها سبق أن « نبهت لخطورة التجاوزات القانونية التي يتعرض لها المساجين السياسيون من حركة النهضة وغيرهم في مخالفة واضحة لما نص عليه القانون من ضرورة اعتماد اتصال القضاء، أي ضّم القضايا المتعددة المرفوعة ضد متّهم ما إلى بعضها ».
وقال القيادي والسجين السابق لحركة النهضة الدكتور زياد الدولاتلي   » إن من أكبر المظالم التي سلطت على المساجين السياسيين هي الأحكام المكررة، التي كان الهدف منها حسب رأيه، تأبيد وضع النهضة في السجون ».
وحسب الدولاتلي فإن السلطة تمارس « سياسة الموت البطيء من خلال حزمة الأحكام الثقيلة المسلطة على أبناء الحركة »، مذكرا بعدد الذين قضوا في السجن « نتيجة الإهمال وسوء المعاملة »، أو بعد خروجهم منه نتيجة الأمراض الخطيرة التي أصيبوا بها خلال قضاء فترة حكمهم. يذكر أن عددا من قيادات حركة النهضة لا يزالون منذ 17 سنة على الأقل يقبعون في السجن أغلبهم في سجون انفرادية في ظروف قاسية من الإهمال الصحي وسوء المعاملة، وذلك على الرغم من المناشدات الدولية المتكررة والانتقادات الحادة للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
(المصدر: صحيفة « الموقف »، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 404 بتاريخ 4 ماي 2007)  

استنكار واسع لمنع المحامين من زيارة منوّبيهم

محمد الحمروني

منعت إدارة سجن المرناقية صباح يوم 28 أفريل 2007 الأستاذ المحامي سمير بن عمر عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من زيارة منوّبيه (كمال أم هاني ونعيم علوي وأحمد الفوشاني وعادل بن حمودة) رغم حصوله على ترخيص بالزيارة من قاضي التحقيق المتعهد بقضيّتهم. كما تعرض في نفس اليوم الأستاذ أنور القوصري نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لنفس الرفض في سجن برج العامري عندما توجّه لزيارة منوّبيه الموقوفين في نفس القضايا، وعند استفساره عن السبب أجابه أعوان السجن بأنّه « لا يمكنه زيارة هذا الصنف من الموقوفين مستقبلا لأسباب أمنيّة ». واستدعى هذا الإجراء ردود فعل مستنكرة من عدد من المنظمات الحقوقية.
 فاعتبرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن هذا المنع يمثل سابقة خطيرة من شأنها أن تمس من حقوق المتهم الأساسية وهو ما يؤشر على أن المحاكمة التي  من المفروض أن تكون وقعت يوم الاثنين الماضي لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة خاصة وأن لسان الدفاع يستمد صفته من المتهم الذي يحدد وحده الطريقة التي يجب إتباعها في الدفاع عن نفسه بالوسائل المتاحة له قانونا.
ونبّه المجلس الوطني للحريات من جانبه إلى أنّ السلطات الأمنيّة قد حلّت محلّ السلطات القضائية ومارست صلاحياتها بدون قيود. فالقانون صريح في هذا الشأن إذ يمنح للسلطات القضائية وحدها حق إصدار تراخيص زيارة الموقوفين بالسجن  وتحديد صلاحيتها. وندّد المجلس بأساليب اللجوء إلى مبررات من قبيل « الأسباب الأمنيّة » لتعليل انتهاك حقوق المواطنين المضمونة بالقوانين التونسية.
أما رابطة حقوق الإنسان فحملت بشدة على هذا الإجراء، وطالبت برفعه حالا وتمكين المحامين من زيارة منوبيهم بكل حرية واحترام حق كل متهم مهما كانت الأفعال المنسوبة إليه في التمتع بحقوقه كاملة وخاصة حقه في محاكمة عادلة ومن مبادئ المحاكمة العادلة الحق في إختيار المحامي وإعداد وسائل الدفاع معه وفق الضوابط القانونية. كما طالبت بالتحقيق في الموضوع وتسليط العقاب الرادع على من أعطى أوامر بتعطيل الإذن القضائي الذي يسمح بالزيارة.
 الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس (مقرها لندن)  فاعتبرت هي أيضا أن منع المحامين من زيارة منوبيهم، يثبت ما أكدته « الحملة » من غياب العدالة في المحاكمات التي يتعرض لها المئات من الشباب في قضايا الإرهاب، ويؤكد إصرار السلطة على تجاهل القانون، وتوظيف القضاء، واستهتارها بآلام المئات من الشباب وعائلاتهم، من أجل إثبات حسن السلوك، بدعوى الإنخراط في المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب.
(المصدر: صحيفة « الموقف »، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 404 بتاريخ 4 ماي 2007)


نحو خمسة آلاف يهودي انهوا زيارات لكنيس الغريبة في جربة التونسية

جربة (تونس) ـ ا ف ب: شارك ما بين اربعة الي خمسة آلاف يهودي، بينهم المئات من الاسرائيليين، في الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جزيرة جربة جنوب تونس والتي انتهت الاحد، وسط اجراءات امنية مشددة بعد الهجمات الاخيرة التي نفذت في المغرب والجزائر.
واعلن بيريز الطرابلسي رئيس رنيس الغريبة ان الزوار الذين وصلوا الخميس الماضي اتي معظمهم من فرنسا واسرائيل. والكنيس الذي يقع بالقرب من مدينة حومة السوق الصغيرة التي تضم اكبر تجمع سكني في هذه الجزيرة (500 كلم جنوب تونس)، هو اقدم كنيس في افريقيا.
ومن الزوار ما بين 700 والف اسرائيلي معظمهم من اصل تونسي. ونظرا لغياب العلاقات الدبلوماسية والخطوط الجوية بين البلدين، فقد اتي هؤلاء عبر تركيا ومالطا وفرنسا، ودخلوا تونس بتاشيرات خاصة.
وجرت الزيارة وسط اجراءات امنية اكثر تشددا هذا العام بسبب الهجمات التي نفذت اخيرا في المغرب والجزائر. ويقطن في جربة نحو الف يهودي تونسي. وعام 2002، شهدت هذه الجزيرة اعتداء تبناه تنظيم القاعدة امام كنيس الغريبة اوقع 21 قتيلا. والطائفة اليهودية التونسية واحدة من اكبر الطوائف اليهودية في الدول العربية ولكن عددها تراجع بشكل كبير علي مر السنين. وقد غادر قسم كبير من اليهود الذين كان عددهم حوالي مئة الف نسمة عند استقلال تونس في 1956، للاقامة خصوصا في فرنسا واسرائيل. ولم يعد عددهم حاليا سوي الف نسمة تقريبا.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 ماي 2007)

البحرية التونسية تنقذ تسعة مهاجرين من الغرق

تونس (رويترز) – تمكنت وحدات البحرية التونسية من انقاذ تسعة شبان يبحرون خلسة إلى ايطاليا من الغرق قبالة سواحل بنزرت شمالي العاصمة تونس. وتأتي هذه العملية مع تزايد محاولات الهجرة السرية من شواطيء شمال افريقيا الى أوروبا مع استقرار العوامل الجوية. وقالت صحيفة الاسبوعي يوم الاثنين أن البحرية انقذت أربعة مهاجرين تونسيين وخمسة جزائرين قبالة سواحل بنزرت بعد انطلاقهم في رحلتين مختلفتين باتجاه جزر ايطالية. وأضافت ان الرحلة الاولى انطلقت من الشواطيء الجزائرية وأن المهاجرين اوشكوا على الغرق بسبب هبوب رياح عاتية لولا تدخل وحدات البحرية ببنزرت بينما انطلقت الرحلة الثانية من شاطيء بنزرت. وكثفت تونس من جهودها للحد من تدفق المهاجرين على أوروبا وفرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية طائلة على كل من يضبط من مشاركين ومنظمين لهذه الرحلات.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 7 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


الرئيس زين العابدين بن علي يوجه برقية تهنئة إلى الرئيس الفرنسي المنتخب السيد نيكولا ساركوزي

وجه الرئيس زين العابدين بن علي إلى السيد نيكولا ساركوزى الذى انتخب اليوم الاحد رئيسا للجمهورية الفرنسية برقية تهنئة في ما يلي نصها: « ان انتخابكم على رأس الدولة الفرنسية ليتيح لي فرصة سعيدة كي أتوجه اليكم باسمي الخاص وباسم الحكومة والشعب التونسيين بأحر التهاني واصدق التمنيات بالنجاح في المهام السامية التي اوكلها اليكم الشعب الفرنسي الصديق تقديرا لخصالكم الانسانية العالية ولتجربتكم السياسية الواسعة. وأود أن أنتهز هذه الفرصة السعيدة لاعبر لكم عن كامل الاستعداد لاواصل معكم تقاليد الحوار والتشاور التي ميزت على الدوام العلاقات التاريخية التونسية الفرنسية وأن أؤكد لكم ما يحدوني من عزم على العمل معكم من أجل تعزيز الصداقة واثراء التعاون بين بلدينا. واني لعلى يقين بأن السنوات القادمة ستمكننا من قطع خطوات جديدة على درب تعزيز الحوار بين ضفتي المتوسط كي نبني معا شراكة استراتيجية ومتضامنة تتيح رفع تحديات التنمية والاستقرار والامن وتمكننا من الاعداد لمستقبل فضائنا الاورومتوسطي في كنف الثقة والطمأنينة توطيدا للاستقراروالسلم في العالم. واذ اجدد التعبير عن تهاني لكم أرجو أن تتقبلوا عبارات عميق تقديي وفائق احترامي ».
(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 6 ماي 2007)


الرئيس التونسي يهنيء ساركوزي بفوزه في انتخابات الرئاسة الفرنسية

تونس (رويترز) – هنأ الرئيس التونسي زين العابدين بن علي نظيره الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي مرشح اليمين المحافظ بعد فوزه برئاسة فرنسا على حساب منافسته الاشتراكية سيجولين روايال. وقال بن علي في برقية التهنئة « اود ان انتهز هذه الفرصة السعيدة لاعبر لكم عن كامل الاستعداد لاواصل معكم تقاليد الحوار والتشاور التي ميزت على الدوام العلاقات التاريخية التونسية الفرنسية. » وبعد فرز كل الاصوات تقريبا حصل ساركوزي على 53.1 في المئة من الاصوات مقابل 46.9 في المئة لروايال وحصل بذلك على تفويض لتطبيق رؤيته عن فرنسا الكادحة رغم تحذيرات اليسار من انه سيحدث انقساما في البلاد واتهامات بانه زعيم خطر ومتسلط. وأضاف بن علي لنظيره الفرنسي « اني على يقين بأن السنوات القادمة ستمكننا من قطع خطوات جديدة على درب تعزيز الحوار بين ضفتي المتوسط كي نبني معا شراكة استراتيجية ومتضامنة تتيح رفع تحديات التنمية والاستقرار والامن وتمكننا من الاعداد لمستقبل فضائنا الاورومتوسطي ». وفرنسا هي الشريك الاقتصادي الاول لتونس بحجم مبادلات تجاوز مليار يورو عام 2006 وباكثر من 1100 مؤسسة استثمارية بقيمة 80 مليون يورو. (الدولار يساوي 0.7348 يورو)
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 7 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


 

حـصـاد الأسـبـوع: الإثنين 07 ماي 2007

أعدّه : عبد الله  زواري

 1)علمت:
ملاحظة: كتب عدد من إخواننا في شان المصالحة الوطنية و عزفت عن الإدلاء بدلوي في الموضوع لا استهانة و لا صدودا إنما اعتبارا إلى انعدام شروطها الأولية…. و قريبا من هذا الإطار أقدم بعض التفصيلات عن الحياة اليومية للمساجين السياسيين- سواء منهم المسرحين أو الذين لا يزالون خلف القضبان-  و معاناتهم اليومية… عساني بذلك أساعد على تصويب الرؤية و تسديد الموقف….
1) فرض على  السجين السياسي السابق السيد  الطاهر الحراثي الحضور  بمركز الشرطة بسيدي عمر بوحجلة  كل يوم ثلاثاء تعسفا على منطوق الفصلين الخاصين بالمراقبة الإدارية، و الغريب ليس ذلك بل الغريب ما كان يوم الثلاثاء الماضي من السيد رئيس مركز الشرطة الذي لم يأبه لتلك اللافتة المكتوبة المعلقة قي بهو المركز و التي تحدد الأسلوب الحضاري المطلوب توخيه في التعامل مع المواطنين… فقد خاطب السيد الحراثي بكل غلظة و عنجهية، و بعد أن استرسل في إهانته  طلب منه حلق لحيته و إن لم بفعل فسيتولى حلقها له بالجلم و أنظره إلى الثلاثاء القادم…
ما كان من السيد الطاهر الحراثي إلا أن تقدم بشكاية إلى وكالة الجمهورية بابتدائية القيروان كما أرسل برقية إلى السيد وزير العدل و حقوق الإنسان … 
             2) السيد عمر علي عون بن راشد السجين السياسي السابق ( مجموعة جرجيس للإنترنات)       و بعد الاعتداء عليه بالعنف اللفظي و المادي، دهب إلى محكمة الناحية بمقر إقامته (جرجيس) قصد تقديم سكوى في الذين اعتدوا عليه بالعنف بمقر منطقة الحرس الوطني ببن قردان عملا بمقتضيات الفصل من مجلة      و بعد  ان سمع الموظف اسم المشتكى به توقف عن إنمام الاجراءات و اتجه مسرعا نجو مكتل السيد قاضي الناحية الذي لم يتأخر في الحضور و طلب من الشاكي تقديم شكةاه لدى السيد قاضي ناحية بن قردان اين تم الاعتداء عليه… كان ذلك يوم الاثنين 30 أفريل 2007…
و في يون الخميس 3 ماي 2007 اتجه السيد عمر راشد إلى محكمة ناحية بن قردان متظلما       و بعد أن فاتح الموظف المكلف بقبوال الشكاوى باسم من اعتدى عليه توقف عن الكتابة.. و طلب منه الرجوع في اليوم الموالي… لآ ادري لم لم يستنجد السيد الموظف بالسيد قاضي الناحية كما فعل زميله في جرجيس… أم كان السيد القاضي في مهام أخرى خارج مقر المحكمة، فتعذر الاتصال به و وقع تأجيل ذلك إلى يوم الجمعة…
و للمرء أن يتساءل هل كل القضايا التي تقدم إلى محكمة الناحية يجب أن تحظى بموافقة السيد القاضي عليها تسجيلها…
3) السيد فرج الجامي السجين السياسي الذي دخل في إضراب عن الطعام منذ ما يزيد عن عشرين يوما مطالبا بعرضه على طبيب مختص، أوقف إضرابه اليوم بعد نقله إلى مصحة خاصة حيث أجري عليه كشف بالأشعة على فكه الأسقل، كما وعدوه بإتمام بقية الكشوف بعد ذلك.. فهل يصدقون هذه المرة؟؟؟ أرجو أن يتم ذلك فلكل قاعدة استثناء فهل يكون وعدهم هذا الاستثناء؟؟؟
2) تدبرت: « كلما قرأت القرآن…شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي »  [غوته] فهل تهتز أرواحنا مثله عند قراءة القرآن؟؟؟
3) سمعت: بمناسبة احتفاء الجالية اليهودية المحلية و اليهود في مختلف دولهم الأصليةب’الغريبة » قررت السلط المحلية إلغاء انتصاب الأسواق الأسبوعية في كل من جرجيس و جربة نهاية الأسبوع الجاري…أليس غياب الحل العادل للقضية الفلسطينية مكلفا للجميع و لو كانوا على آلاف الأميال من بؤرة الصراع؟؟؟
4) رأيت: تعددت الحواجز الأمنية في كل مفترقات الطرق… و نتج عن عملية التثبت في هويات ركاب السيارات و المسافرين بطء في سيلان حركة المرور خصوصا أن عددا كبيرا من الأعوان القادمين من بقية الولايات لا يعرفون السكان الأصليين أي ابناء البلد… و شعرت بفضل المراقبة الأمنية المسلطة علي… إذ لا تكاد سيارة الأجرة التي امتطيها تقف أمام حاجز حتى يشار على السائق بمواصلة الطريق…  فالحمدلله الذي لم يحعل هذه المراقبة شرا محضا..
5): قرأت:

آخر ما كتبه أحمد فؤاد نجم

طاطي رأسك طاطي طـــاطي أنت ف وطن ديمقراطــــي أنت بتنـــعــــم بالحـرية بس بشرط تكون مطاطــــي لما تكون شغــال بذمــة خايف على مصــلحة الأمـة شغلك يطلع من غير لازمــة علشان مبيعلاش غير واطي طاطي راسك طاطي طاطــي أنت ف وطن ديمــــقراطي لما حاميها يكون حراميــها وبلاده ورا ضهره رامـيـها طالع نازل واكل فيـــــها مسنود بالبدلة الظباطــــي طاطي راسك طاطي طاطـــي أنت ف وطن ديمـــــقراطي لما شــقاك يصــبح مش ليك فقرك سد السكة علـــــيك تتلفّت تلــــقى حـوالــيك إما حرامي و إما عقــــاطي طاطي راسك طاطي طاطـــي أنت ف وطن ديمقراطــــي لماتلاقي بـــلاد الـدنـيــا فيها البني آدم حــــاجة تانية وأنت في الطبقات الـــــدنيا قرد مسلسل أو وطواطــــي طاطي راسك طاطي طاطـــي أنت ف وطن ديمقراطـــــي لما الجهلة يبــقوا أمــامــك أو فوقك ماسكــين ف زمامك ويسوقك ع الهــلكة إمامك تشرب م السم السقـــــراطي طاطي راسك طاطـــي طاطي أنت ف وطن ديمقـــــراطي لمـــا الكلــمة تكون بتدينـك لما تخبي ف قلـــبك دينــك لما الذل أشوفه ف عيـــــنك هات إحباطك على إحباطــــي طاطي راسك طاطي طاطـــي أنت ف وطن ديمقراطــــــي أنت ف وطن ديمقراطــــــي 6) نقلت:

« هل يُـبْـعـث بـوش في فـرنـسا »

إن المحافظين الجدد و حلفاؤهم قد فقدوا قاعدتهم الإنتخابية في كل من الولايات المتحدة و اسبانيا و انقلترا و إيطاليا و لم بيق لهم إلا أمل وحيد و هام هي فرنسا و ذلك  بانتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا للجمهورية..   » كيف نجعل من « 6 ماي2007″   » 29 ماي 2005  » جديدا بهزيمة نيكولا ساركوزي »؟؟؟ يكفي أن نقرأ الصحافة الأجنبية لنرة أن ساركوزي هو المرشح المفضل للمحافظين الجدد و الناطقة باسمهم « ذي إكونوكست » تبرز على غلافها لويس 18 الجديد في هيئة نابوليون… إنهم يساندونه لا كما يساندون أي مرشح يميني آخر بل لأنه الرجل السياسي الفرنسي الهام  الوحيد الذي يتبنى أفكارهم… …………………………. لا يوجد رجل سياسي فرنسي  و بالتأكيد لا يوجد مرشح لرئاسة الجمهورية يقول إنه يشعر بغربة في بلده بالذات و إنه يشعر باعتزاز عند يوصف ب »ساركوزي الأمريكي » و إنه يعتبر حطاب الوزير الأول الفرنسي دي فيليبان في الأأمم المتحدة عام 2003 تهريجا ر رغم  انه حظي بإعجاب العالم كله… إن انتصاره يمثل تبعية فرنسا للخارج وهو ما لم يحصل أبدا في السابق إلا إثر هزائم عسكرية..  إن السؤال لا يتمثل في « هل نحب سيقولان رويال أو لا » و لا يتمثل كذلك في  » هل نثق فيها     و في حزبها ».. بكل التأكيد إن الاشتراكيين في الحكم لن يوقوا بوعودهم… لكنه من الأفضل ألف مرة للحركة الاشتراكية ان يروا في سدة الحكم اشتراكيين لا يوفون بوعودهم خيرا من ساركوزي الذي يفي بما وعد.. يكون من الأفضل ألف مرة أن يرى رئيسا سيء انتخابه أو انتخبه أناس اقترعوا ضد خصمه      و ليس لصالحه على ان نرى رئيسا تقدمه الصحافة  الفرنسية و العالمية على أن برنامجه الذي يسعى إلى تطبيقه أكثر راديكالية مما وعد به..
إن الانتصار على ساركوزي يعني كذلك أن الصحافة ليست قوية كما كان في 29 ماي 2005 يجب بين الدورتين إحياء المجموعات التي أفشلت « الحلف الدستوري » و إحياء الحملة ضد ليبان سنة 2002 و التعريف بكتابات ساركوزي و خطبه..إن على « يسار اليسار » الذي عرف كيف يفترق في الدورة الأولى عليه أن يتحد في الدورة الثانية في معركة صد ساركوزي بوضوح.. إن الفرنسيين الذين يتركون ساركوزي ينتصر  بعدم اهتمامهم أو بدعوى النقاء الأخلاقي المغلوط بأمساكهم يجب أن يفكروا في الرسالة التي سيرسلها انتخابه إلى العالم من حولنا و خصوصا في العالم الثالث: إن كانت فرنسا غير قادرة على مقاومة الهيمنة الأمريكية فمن يقدر على ذلك؟؟؟ يكون من الخطأ الاعتقاد أن كل شيء سينفجر بانتخاب ساركوزي،، ستكون هناك مواجهات لكنها ستقمع.. إن فرنساا ليست مرحلة ما قبل الثورة.. أن على الحركة الاشتراكية أن تعمل سنوات أخرى لتصل إلى بديل ذي مصداقية و قابل للتحقق …  نعم إن مشروع  المحافظين الجدد فاشل لا محالة لكن بفضل صراع شعوب الشرق الأوسط يستطيع الشعب الفرنسي أن يهزمه دون إطلاق رصاصة واحدة ن و ذلك بأن نقول  » لا  » لساركوزي يوم 6 ماي جان بريكمون: أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة لوفان ببلجيكا
من كتبه:  Impostures intellectuelles   » A l’ombre des lumières »-  « Imperialisme humanitaire: Droits de l’homme, droit d’ingérence, droit du plus fort? لمزيد من الدقة يستحسن الرجوع إلى:   www.michelcollon.info   7) دعـــــــــاء   » الحمدلله الذي لا يشكر على مكروه سواه »
عبد الله  زواري جرجيس في 04/05/2007
(المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 7 ماي 2007)


حزب الوحدة الشعبية  منتدى التقدم  دعــوة ينظم منتدى التقدم لحزب الوحدة الشعبية لقاء فكريا يحاضر خلاله الأستاذ عزام محجوب حول :

إشكاليات التنمية الإنسانية وأهداف الألفية للتنمية

وذلك يوم الجمعة 11 ماي 2007 على الساعة الخامسة مساء بمقر جريدة الوحدة  ( 7 نهج النمسا ـ تونس ).          الدعوة إلى المشاركة في هذا اللقاء مفتوحة للجميع.     عن منتدى التقدم عادل القادري

 

على العريض للموقف:

الاتفاقات الناحجة هي التي لا ترضي أي طرف

محمد الحمروني حظيت وثيقة 18 أكتوبر حول المرأة بنقاش واسع شمل محتواها وخلفيات أصحابها ومرجعيتها. وتوسع الجدل مؤخرا خاصة بين أبناء التيار الإسلامي واخذ شكل المقالات والردود عليها. واستزادة  في استيضاح مواقف حركة « النهضة » باعتبارها الحركة الممثلة داخل الهيئة وللتعرف على وجهة نظرها فيما طرح مؤخرا على منابر النقاش سواء في تونس او خارجها كان لنا هذا الحوار مع القيادي والناطق الرسمي السابق لحركة « النهضة » المهندس على العريض.    ¢كثر الحديث في المدة الأخيرة عن المصالحة، خاصة في صفوف ابناء حركة  النهضة في المهجر، وتوسع إلى محاولة تحديد من يعرقلها فماذا ترى؟
لا توجد مصالحة مع النهضويين ولا مع غيرهم حتى نتحدث عمن يعرقلها، لقد طالبنا وطالبت أحزاب عديدة بحوار واسع ومصالحة شاملة على أرضية الحريات وحقوق الإنسان،  ولكن التعامل مازال امنيا لا سياسيا .
   ¢ يتساءل البعض لماذا دخلت هيئة 18 أكتوبر في مناقشة مسائل نظرية معلوم سلفا أنها خلافية؟
كما تعلمون فان الهيئة تشكلت منذ أكتوبر 2005، وحددت أهداف نضالها في ثلاث نقاط هي إطلاق المساجين والعفو التشريعي العام وحرية الإعلام وحرية التنظم وأضافت مهمة رابعة هي إدارة حوار جاد ومسؤول بين كل الأطراف حول جملة من المسائل بغية تبديد شبهات وتخفيف ضغوط وتقوية عمل الهيئة ومزيد فتح الآفاق أمامه وصولا الى صياغة عهد ديمقراطي يرتقي بهذه التجربة على قدر رصيد عملها واتساع أرضيتها ونمو الثقة بين مكوناتها ووضوح بعضها لبعض. وأعلنت اغلب محاور النقاش في أكثر من بيان  منذ أواخر 2005، ومنها موضوع حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات. وخلال 2006 وزيادة على التحركات الميدانية والإعلامية الداخلية والخارجية التي تعلقت بالأهداف الثلاثة نظمت الهيئة محاضرات وندوات حول موضوع المساواة وتقدمت بعض أطرافها بورقات في الغرض كانت آخرها ندوات عقدت في ديسمبر 2006 وكل هذه الأعمال وقع تغطيتها إعلاميا ونشرت في عدد من وسائل الإعلام ومن بينها جريدة « الموقف »، وتوجت تلك المداولات كما هو مقرر  ببيان مشترك في 8 مارس .
  ¢ الم يكن أولى بهيئة 18 أكتوبر أن تبقى موحدة حول المطالب الثلاثة وان لا تدخل في جدال حول المسائل الخلافية؟
   قد يبدو للوهلة الأولى أن هيئة بهذا التنوع  كان أولى بها أن تبقى متّحدة حول المهام الثلاثة الأولى وتحذر الدخول في نقاشات فكرية قد تهدد وحدتها. ولم يكن هذا الأمر غائبا عنا، فالهيئة مدركة لاختلاف مشاربها الفكرية ولكنها، في الوقت نفسه وكما ذكرت سابقا، واعية بعدة ضغوط تفرض عليها الوضوح في بعض المسائل الجوهرية مثل الحفاظ على حقوق المرأة ودعمها ومثل الالتزام بالديمقراطية وحقوق الإنسان حتى يسهل العمل المشترك ويستمر وتتصدى الهيئة بذلك للضغوط والتشكيك فالوضوح المطلوب حاجة موضوعية وذاتية لتطوير عملها وتقوية أرضيته وهو هدف ووسيلة أيضا، وإذا استحال الاتفاق على عهد ديمقراطي نأمل أن يستمر اتحادها على المطالب الثلاثة.
  ¢  الم يكن الأجدى البدء بقضايا عامة مثل قضية الهوية أو نظام الحكم قبل التطرق لموضوع المرأة؟
   الهيئة تجمّع سياسي له ظروفه وأولوياته وليس مركزا للدراسات والبحوث، والأجندات السياسية تختلف أحيانا عن صرامة المنهجية العلمية، لان السياسة تعالج واقعا حسب مكوناته وإكراهاته وقد تطارحت الهيئة الخيارات ومالت إلى هذا الموضوع، وهي التزمت وملتزمة على قدر طاقتها بالنضال من اجل تلك المطالب الثلاثة رغم كل العراقيل والحوار خدم ويخدم تلك الأهداف.
  ¢  لكن « الوثيقة » حول المرأة  أثارت ردود فعل رافضة أو منتقدة لمرجعيتها من أكثر من طرف؟
   يقال عادة إن الاتفاقية المشتركة الناجحة هي تلك التي لا ترضي أي طرف من أطرافها بمعنى أنها لا تعبر عن كل طرف كما يريد فتلك وظيفة أدبياته وبياناته. إن جوهر ما في هذا البيان المشترك  هو انه سجل جملة من المكاسب التي تحققت للمرأة التونسية في مجال الأحوال الشخصية ومجال تعليم والشغل الخ. وسجل الهوة الموجودة بين القانون والواقع وأكد ارتهان كثير من الحقوق بإجراء إصلاحات سياسية حقيقة والتزم بالعمل على مزيد تعميق المكاسب وتنميتها باستمرار تحقيقا للمساواة بين المواطنين رجالا ونساء في الحقوق والواجبات وحدد كل ذلك في نقاط واضحة بعدما تبين من الورقات والندوات أن الاتفاق كان غالبا في مستوى النقاط العملية الخاصة بمجتمعنا، وذلك على الرغم من تعدد المرجعيات والتقييمات، وليس بالضرورة تناقضها.
  ¢هل يعني هذا الكلام أن الوثيقة لم تكن إلا محاولة لصياغة المشترك بين مكونات 18 أكتوبر إذن؟
 نحن نخوض تجربتنا بكل ما يعترضها من صعوبات ذاتية وموضوعية، وتقديري أن الإصرار على حل الصراع العقائدي بين منظومات مختلفة، أو حتى داخل المنظومة الواحدة، طريق غير سالكة ولا مطلوبة وإنما التوجه يكون للبحث عما يوفر التعايش بينها بدل الاحتراب وهذا دور السياسة، فمهمتها تحييد الخلافات التي يستحيل حلها ويمنع إلغاؤها كما يقول برهان غليون  » فهي تستطيع وحدها بما تقدمه من فرص للتفاهم على قضايا وبرامج عملية تحييد الصراعات المذهبية الطبيعية… ». وما حاولناه هو أن نلتقي على نقاط عملية كما هو الغالب على البيان. هل كان بالإمكان أفضل في هذا الطور؟ ربما.. ولي ثقة فيمن لهم القدرة على التبصر بكل تجربة للنهل من مكاسبها وتطويرها، أما طرح مهام تعجيزية أو ضبط خطوط مستقيمة يجب إتباعها أو إشعال الصراعات الحزبية والعقائدية والتشكيك فلا تفيد غير تأبيد هذا الواقع ودعم المستفيدين من استمراره .
  ¢ البعض احتج على ما بدا في الوثيقة انه تمجيد لمجلة الأحوال الشخصية وبالتالي لبورقيبة وبدا هذا الاحتجاج أوضح داخل التيار الإسلامي؟
   تحرير المرأة وتفعيل دورها يختلط فيه الشرعي بالعرفي في أذهان الناس في كل الحضارات. فرغم كل الدفع التحرري الذي حواه القران الكريم والسنة الشريفة فإن أحكام القبيلة والعرف انتصرت على روح التحرر الذي أطلقه القران الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم بتشريك المرأة في الشورى والبيعة والخروج إلى الجهاد وتأكيده احترامها وما سنه الله تعالى في الزواج والميراث وسائر الحقوق. واني لتساءل : أي وضع كانت ستكون عليه المرأة، من حيث نمو شخصيتها ومكانتها ودورها، لو استمر سهم التحرير والتفعيل في اتجاهه السوي. المرأة كانت دائما « شأنا خاصا » بالرجل (حرمه وحريمه) ولأنها كذلك كان التدخل في هذا الموضوع عسيرا وبطيئا لاسيما والرجال هم المفاتيح، ولذلك تغلب الخضوع والإذعان بل زاد التنافس في الحجب وستر الحياة الخاصة للرجال، والمرأة معتبرة جزءا منها، وزيد في توسيع دائرة المحرمات تجاهها صوتها ووجهها الخ.
  كثر الحياد عن قواعد الدين ومقاصده جهلا أو تحايلا فتحولت قوامة الرجال إلى مركب استعلاء او امتياز وإذلال ولم يراعوا رضا المرأة في الزواج ولا حتى سنها أحيانا واستعمل حق تعدد الزوجات ورقة لامتهان الزوجة أو تهديدها به لترضخ وأسيء استعمال الطلاق بيد الزوج دون رقابة قضائية فاضطربت الأسرة وصارت رهينة غضبة أو مزاج  وحرمت المرأة من نصيبها في الميراث ومازالت إلى اليوم محرومة منه في كثير من مدننا و بوادينا لان المجتمع يوجد دائما من الضغوط والثقافة لصالح الطرف الأقوى ما يجعل المرأة تتخلى عن نصيبها قناعة و « اتقاء » لردود فعله وعجزا.  » إن ما أدرجه الإسلام لصالحها في القانون يبقى مقبولا شرعا لكن شتان ما بين القول والفعل. فالنظرية هنا … غالبا ليست سوى مظلة لراحة الضمير التي تدحضها الممارسة في كل آن » كما قال عبد الوهاب بوحديبه. لكل هذه الأسباب كان ضبط قوانين الأسرة والرفع من مكانة المرأة احد أهداف التيار الاصلاحي في تونس كما في غيرها من البلدان العربية . هذا هو الإطار الذي ولدت فيه مجلة الأحوال الشخصية.
  ¢ ولكنها أثارت انتقادات لم تنته موجهة إليها والى صاحبها بورقيبة؟
   نعم وقد لا تنتهي،لان كل تغيير في هذا المجال يثير ردود أفعال تختلط فيها  الثقافة والغيرة على الدين والمواقع المكتسبة من الرجال عبر التاريخ، فما بالك إذا جاء التغيير بإشراف وفرض من الوزير الأكبر بورقيبة المعروف بتعلقه بالغرب وحطّه من التراث العربي الإسلامي وربط المجلة به وحده خلافا للحقيقة. فالمجلة اعتمدت بدرجة أولى على لائحة الشيخ عبد العزيز جعيط التي أعدها سنة 1947 عندما كان وزيرا للعدل وشيخ الإسلام المالكي وجمدها المستعمر، وكان هذا تعبيرا عن الوعي المبكر لتيار الإصلاح التونسي بضرورة تنظيم مجال الأحوال الشخصية من جهة  وتفاعلا مع حركة الإصلاح في المشرق ومن روادها الإمام محمد عبده بآرائه التجديدية في كثير من المجالات ومنها قضية المرأة التي ألف فيها قاسم أمين كتابه « تحرير المرأة » وقد قال عنه الشيخ احمد الباقوري مدير جامعة الأزهر أنذلك  » أن هذا الكتاب المنسوب إلى قاسم أمين هو في الحقيقة آراء الإمام محمد عبده لم يستطع المجاهرة بها خوفا من علماء الأزهر فتطوع قاسم أمين وأصدرها باسمه فكان من أمره ما كان ». ولم يكن المجتمع التونسي بمعزل عن هذا التيار الإصلاحي فكان له رواده من العلماء والمفكرين والساسة. ومع الاستقلال سارع بورقيبة وحكومته إلى تشكيل لجنة برئاسة الشيخ الفاضل بن عاشور، أول مفتي لتونس المستقلة، لصياغة مجلة جديدة فاعتمدت  على لائحة الشيخ جعيط ونهلت من مجلات أخرى مصرية وسودانية وحتى إيرانية ومن القانون الفرنسي وغيره من المصادر.
   فالمجلة إنتاج تونسي لنخبة من العلماء ورواد النهضة والساسة في سياق أهداف التيار الإصلاحي وتكريس الاستقلال وتجاوز ما يشبه حالة التشتت القضائية السائدة آنذاك لاسيما مع هيمنة صلاحيات المحاكم الفرنسية واعتبارا حتى للضغوط الفرنسية لضمان حقوق (الفرنسيين التونسيين) بعد رحيلها. فهل من الموضوعية العلمية ومن الوفاء لجهود أسلافنا من أبناء الخضراء بكل اتجاهاتهم ولمصالح مجتمعنا اليوم النظر باستخفاف او الرفض الجملي لما أسسوا ولما بنوا في ضوء واقعهم وتوازناته وتوازناتهم. اننا  مع الوصل لا مع القطيعة والفصل. لقد أسسوا  وبنوا لنصون ونعدل وننمي .
  ¢هل تريد أن تقول أن المجلة تندرج حسب رأيكم في إطار الاجتهاد الإسلامي؟
يجب أن أوضح اولا أنني لست في موقع القضاء ولا الإفتاء وثانيا ان الإخوة في حركة النهضة أعدوا منذ بداية الثمانينات جملة من الدراسات ونظموا عددا من الندوات حول هذه المجلة  وخلصوا إلى أنها بصفة عامة لا تعد خارجة عن نسق اجتهادي داخل المدارس الفقهية عدا جزئيات وبعضها فيه نظر.  وأما ثالثا أننا مع كل حقوق المرأة ومكاسبها ودعمها ورابعا فان أولوية بلادنا اليوم هي الإصلاح الديمقراطي ففي ظله تتوفر ظروف التقييمات الوفية للحقيقة وحدها المتخلصة من الخوف ومن الحزبية والتشنج أما إذا عم منطق الإخراج من الملة السياسية ومنطق الإخراج من الملة الدينية فليس لنا أن نبشر بمستقبل أفضل.وهذا ما يزيد في إلحاحية اتخاذ إجراءات توقف الاحتقان واليأس وتفتح باب الأمل وأولها إنهاء محنة المساجين وعائلاتهم وتحرير الإعلام والتنظم وإيقاف المضايقات المسلطة على الأشخاص والجمعيات والأحزاب.
(المصدر: صحيفة « الموقف »، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 404 بتاريخ 4 ماي 2007)


راضية النصراوي:

متمسكون بمبدأ التداول

محمد الحمروني
مواصلة لسلسة الحوارات التى تجريها الموقف مع المترشحين لعمادة المحاماة وبعد الحوار الذي أجريناه مع الأستاذ محمد النوري تلتقي الموقف مع الاستاذة راضية  النصراوي.  س: لماذا لم يتمكن المستقلون من الاتفاق على مرشح  واحد؟ وهل يضعف تعدد الترشحات في صفوفهم حظوظهم في الفوز بالعمادة مقابل تقوية حظوظ مرشحي السلطة؟
ج: طبعا إن اتفاق المستقلين على مرشح واحد يدعم حظوظهم في الفوز بالعمادة. وقد عبّرت شخصيا منذ البداية عن استعدادي لنقاش هذه المسألة وقدمت اقتراحات عملية للوصول إلى اتفاق حتى لا تتكرر السيناريوهات التي شهدتها جمعيّة المحامين الشبان مثلا، ولكنني لم أجد التفاعل المطلوب من كافّة الأطراف. ومهما يكن من أمر فانتخاب العميد غالبا ما يتم على دورتين وتبقى أمام المستقلين والديمقراطيين عامّة فرصة للتوحد إذا اجتاز أحد مرشحيهم إلى الدورة الأولى.
س: ما هي المقاييس التي من الممكن الاتفاق حولها لاختيار مرشح واحد للمستقلين؟
ج:  التجربة والإشعاع والثبات في الدفاع عن الحقوق الماديّة والمعنويّة للمحامين والقدرة على توحيدهم من أجل هذه الحقوق، هذه بعض المعايير وأضيف إليها معيارا آخر بدأ يفرض نفسه في السنوات الأخيرة وهو تكريس مبدأ التداول.
س: يعني أنك إذا فزت بالعمادة لن تترشحي ثانية؟
ج: لن أترشّح ثانية، وذلك لعدّة أسباب منها اقتناعي الشخصي بمبدأ التداول على المسؤولية في كل المجالات وبأنه من الأفضل أن يقدم العميد المنتخب أقصى ما لديه للمهنة خلال دورة تدوم ثلاث سنوات كاملة ثمّ يترك الفرصة لغيره من الزميلات والزملاء لتحمّل المسؤولية خصوصا أن القطاع يزخر بالطاقات أضف إلى ذلك أن المحامين أنفسهم أبدوا خلال الدورات الثلاث الأخيرة رغبة في التداول. ويعود الفضل إلى العميد الحالي الأستاذ عبد الستار بن موسى في ترسيخ هذا التقليد. لقد وعد في برنامجه الانتخابي بالاكتفاء بدورة واحدة، ووفى بوعده. وأنا شخصيا، إذا اختارني الزميلات و الزملاء، عميدة، سأواصل في هذا النهج.
س: كيف تقييمين وضع المحاماة اليوم؟
ج: المحاماة تعيش أزمة فقد أصبحت مهنة مهمّشة. وتتحمل السلطة مسؤولية هذا الوضع لأنها لا ترغب في وجود محاماة مستقلّة تدافع عن حقوق الناس وتسهم في إشاعة العدالة والحريّة، لذلك فهي تسنّ القوانين التي تحدّ من مجال تدخل المحامين وترفض التفاوض مع هياكلهم وتعتدي على كرامتهم وتعسّر بكل الوسائل مهمّتهم وهو ما أدّى إلى تدهور أوضاعهم الماديّة والمعنويّة. وقد بيّنت التجربة أن الأمر لا علاقة له بـ »هويّة » العميد أي بانتمائه الفكري و السياسي. فمنذ مطلع التسعينات تداول على العمادة من هو موال للسلطة ومن هو معارض ومن هو مستقل، ولكن سلوك السلطة كان واحدا مع الجميع: رفض التفاوض الجادّ حول مطالب القطاع والإمعان في إضعافه وتفقيره وتهميشه. وهذا الموقف من المحاماة هو جزء لا يتجزأ من موقف السلطة العام من القضاء. فهي تعمل بكل الوسائل على إخضاع القضاة وضرب استقلاليتهم وفرض هياكل منصّبة عليهم. كما أنها لا تتوانى عن انتهاك التشريعات التي وضعتها بنفسها. فلو كانت السلطة تؤمن حقا بدولة القانون والمؤسسات لاحترمت استقلالية المحاماة والقضاة ولفتحت التفاوض مع المعنيين بالأمر حول كل قضية تثار. ولكن الأمر عكس ذلك.
س: ما الجديد الذي تطرحه الأستاذة النصراوي مقارنة بما طرحته الهيئات السابقة والمرشحين الآخرين والذي يمكن أن يمثل برنامجك الانتخابي ؟
ج: لن أكون في قطيعة مع ما هو ايجابي في التجارب الماضية بل سأعمل على ترسيخه وتطويره. في هذا الإطار سأدمج  في برنامجي الانتخابي كل المطالب المهنية التي بلورتها هياكل المهنة في الدورات السابقة كتوسيع مجال تدخل المحامين ورفع يد السلطة عن معهد المحاماة وإيجاد حل للتأمين وضمان حصانة المحامي واحترام استقلالية المحاماة وتشريك الهياكل في سن التشريعات المتعلّقة بالمهنة وفتح الأفاق أمام الشباب من المحامين وإلى ذلك سأولي اهتماما خاصا بالشباب باعتباره يمثل مستقبل المهنة التي وفد عليها وهي في أزمة وهو المتحمل الأول لانعكاساتها السلبية ماديا ومعنويا، لذلك سأعمل على تطوير منحة التسخير إلى أجرة محاماة معدّلة. فالمحامي المسخّر، وهو عامّة حديث العهد بالمهنة، لا يمكنه أن يتحمل خصاصة المتقاضي فالدولة هي المسؤولة في المقام الأول عن ذلك وعليها أن تعوّض للمحامي حتى لا يعيش هو في خصاصة. كما سأعمل على فتح أفاق جديدة أمام المحامين الشبان بتنظيم تربصات في مكاتب في الخارج وسأستخدم كل ما لديّ من علاقات في هذا المجال وسأطلب من الهيئة توفير فرص تعلّم اللغات الأجنبية للمحامين الراغبين في توسيع آفاقهم. على صعيد آخر لن أدّخر أي جهد للدفاع عن أخلاقيات المهنة وإعادة الروح إليها خصوصا وأنها مسألة من مشمولات المحامين أنفسهم ولا تتطلب تدخل طرف من خارج المهنة، وأعني بأخلاقيات المهنة: الاحترام المتبادل بين الزميلات والزملاء، تدعيم التضامن بينهم، إرساء علاقات احترام متبادلة بين المتمرّنين والمشرفين على التمرين…الخ
وسأجعل الدفاع عن كرامة المحامي أثناء أدائه لمهامه بندا أساسيا من بنود برنامجي: إلغاء الفصل 46 من قانون المهنة الذي كان آخر ضحاياه الزميل الأستاذ فوزي بن مراد وسن تشريع يضمن حصانة المحامي، مراجعة علاقة القضاة والإدارة بالمحامين، تغيير قَسَم المحامي لتركيزه على احترام أخلاقيات المهنة أكثر من أي شيء آخر، إلغاء قانون الإرهاب الذي يلغي دور المحامي ويلزمه بالوشاية، أخيرا سأعمل على تعصير المهنة باستغلال كل الوسائل المتاحة (تعميم الإعلامية على كافة الفروع والجهات،…) لجعل المهنة تواكب عصرها وتتصدى للتحديات المطروحة عليها.ولِم لا مراجعة الهيكلة في اتجاه بعث فروع جديدة…
ومهما يكن من أمر فسأقدم في المستقبل القريب برنامجي للزميلات والزملاء وستجدون فيه كل التفاصيل.
س: أنت مناضلة يسارية، وحقوقية معروفة… كيف ستوفقين بين انتمائك ونشاطك في هذا المجال وبين ترشحك للعمادة؟ وكيف ستكسبين أصوات الأطراف الأخرى؟
ج: أنا محامية مستقلّة ديمقراطية وتقدميّة هذا أمر يعرفه كافّة الزميلات والزملاء وهم يعرفون أيضا أنهم لما انتخبوني سنة  1979 أوّل محامية في تاريخ المهنة في الهيئة المديرة للمحامين الشبان ثمّ سنة 1989 أوّل محامية في تاريخ المهنة في الهيئة الوطنية للمحامين، يعرفون أنني دافعت عن مصالح المحامين وحقوقهم دون استثناء أو تمييز. وعلى عكس ما يظن البعض فإن نشاطي الحقوقي أكسبني خبرة كبيرة في التعامل الديمقراطي مع كل الأطراف. كما أن نشاطي في هذا المجال سيسهّل عليّ تحمل المسؤولية إذا فزت بالعمادة. فأنا سأستثمر علاقاتي بالحركة الحقوقية في الداخل والخارج للدفاع عن مصالح المهنة وإسماع صوت المحامي خصوصا أن بعض مطالب القطاع مثل احترام استقلالية القضاء لا يتوقف تحقيقها على جهود المحامين وحدهم بل يتطلب مشاركة من قطاعات أخرى وتعبئة للرأي العام.
س: يقول البعض راضية النصراوي عميدة ستسيّس المهنة،  فبماذا تردين على ذلك؟
ج: هذا أسلوب متخلّف تستعمله السلطة للتنصّل من مسؤولياتها وعدم الاستجابة لمطالب المحامين وغيرهم من القطاعات المهنية. كلما هبّ قطاع من القطاعات للدفاع عن حقوقه المادية والمعنويّة إلا واتُّهِم بـ »التسييس ». أخيرا أضرب المعلمون والأساتذة دفاعا عن مطالب مادية وبيداغوجية واضحة ومع ذلك اتّهمتهم السلطة بشن « إضراب سياسي » حتى لا تعترف بتدهور قطاع التعليم وبمشروعيّة مطالبه وهي تفعل نفس الشيء مع المحامين في الوقت الذي تبعث فيه خليّة حزبية لتهميش هياكل المهنة، والدفاع عن خيارات الحزب الحاكم دون مراعاة لمصالح المحامين والقطاع، وتضغط في كل مرّة من أجل تزكية رئيس الحزب الحاكم للرئاسة…الخ. فمن يتّهِم من بـ »تسييس المهنة »؟ وفوق ذلك هل الاهتمام بالشأن العام تهمة؟ المحامون لهم دور في المجتمع ولهم مطالب ذات بعد سياسي أحببنا أم كرهنا (استقلالية القضاء، استقلالية المحاماة، احترام سيادة القانون، تشريك المحامين في سن القوانين…) وهي مطالب تهم الرأي العام الوطني ولكن المهم أن يتم ذلك وفقا لإرادة المحامين وصلب هياكلهم وبطرق ديمقراطية!. المحامون لهم تقاليد، كانت لهم مواقف سياسية في عهد الاستعمار كما كانت لهم مواقف من عديد القضايا الوطنية والعربية والدولية خلال الخمسة عقود الأخيرة من حكم النظام القائم. كانت لا تنعقد جلسة للمحامين إلا وتصدر عنها لوائح في قضيّة من القضايا حتى لو كان العميد غير معارض للسلطة (أحداث 26 جانفي 1978، قضايا الحريات، القضيّة الفلسطينية والقضايا العربية…).
س: هل أن راضية النصراوي العميدة ستتفاوض مع السلطات؟
ج: لا يمكن أن يرفض عميد المحامين التفاوض مع السلطة حول مطالب منظوريه. والمشكلة لم تطرح إطلاقا من هذه الزاوية. إن من رفض دائما التفاوض هو السلطة وليس هياكل المحامين. وهذا السلوك لا يقتصر على المحامين. بل هو سلوك السلطة مع كل القطاعات: القضاة، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نقابات التعليم، المعطّلون عن العمل…الخ. وآخر ما حصل مع المحامين هو إصدار قانون معهد المحاماة في الوقت الذي كان القطاع يطالب السلطات بالتفاوض في شأنه. إن السلطة لا تريد في الواقع التفاوض وإنما الإخضاع والفرض. أنا أؤمن بالتفاوض ولكن التفاوض الجدّي الذي لا يتم على حساب مصالح المحامين وكرامتهم. مع العلم أن التفاوض لا يتنافى مع أساليب العمل النقابي كالعريضة والإضراب والاعتصام عند الاقتضاء… وقد مارس المحامون التونسيون هذه الأساليب مع كل العمداء تقريبا للدفاع عن كرامتهم ومصالحهم. وهو ما يمارس في كل بلدان العالم (مصر، المغرب، فرنسا..)
كلمة أخيرة:
أقول للزميلات والزملاء إن القطاع في حاجة إلى عميد حازم ومرن في نفس الوقت، حازم في الدفاع عن كرامة المحامين والتصدّي لأي نيل منها وعن دورهم داخل المؤسسة القضائية والمجتمع، ومرن في التعاطي مع المشاكل التي تطرأ وفي البحث عن حلول لها وفي توحيد المحامين بمختلف انتماءاتهم واجتناب تشتيت صفوفهم لأن قوّة القطاع في وحدته ولن أدّخر من ناحيتي، إذا نلت ثقة الزميلات والزملاء، أي جهد للرفع من شأن المحاماة والمحامين التونسيين.
(المصدر: صحيفة « الموقف »، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 404 بتاريخ 4 ماي 2007)  

من يوقف هذا الانهيار الاجتماعي ومن يقف وراءه

عارف المعالج -جامعي                كثر الحديث عن مظاهر الانحلال الخلقي والتفسخ السلوكي الغير المسبوق كمظاهر أصبحت تقض مضجع المجتمع التونسي و تصل في بعض الأحيان إلى مستوى الجرائم الخطيرة التي لئن اكتسب البعض الجرأة في توصيفها و الكشف عنها إلا أنهم أجمعوا كذلك عن الإحجام عن كشف أصل الداء وعن الطرف الذي يتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية لهذا الانهيار الذي يهدد السلم الاجتماعي للمجتمع بأسره.
إن ما يثير الحيرة ويؤكد عمق أزمة الهوية والأخلاق في تونس هو شيوع مظاهر الانحراف الاجتماعي وعدم انحصارها في فئة معينة عمرية أو شريحة اجتماعية محددة، فقد شهد المجتمع التونسي في الفترة الأخيرة عدد من الممارسات والجرائم التي تعكس هذا التحول السلبي والخطير في الأرضية الأخلاقية التي يقف عليها. لقد تعددت القضايا المرفوعة في المحاكم حول ترويج واستهلاك المخدرات بصورة مثيرة في الأوساط التلمذية  والرياضية  والفنية وغيرها، كما انتشر شرب الخمور والعلاقات الجنسية المنفلتة مما ساهم في تراجع المردود العلمي للتلاميذ والطلبة وأدى إلى انحدار مستوى الشهادة التونسية إلى أدنى المستويات في العالم، وقد واجه بعض النواب في البرلمان ظاهرة انتشار الزنا بالدعوة إلى بيع العازل الذكري في المغازات العامة وإلغاء تصنيفه ضمن المواد الصيدلية وذلك عوض أن يدعوا إلى مراجعة البرامج التربوية والموقف من التوعية الدينية والتربية الأخلاقية التي أدت إلى هذا الضياع الأخلاقي وانتشار هذه السلوكيات الشاذة  وتحميل الحكومة فشل سياستها التربوية والاجتماعية
كما أصبح العنف السمة التي تميز سلوك الأفراد حيث سجلت المؤسسات التربوية خلال السنة المنقضية  وحدها حوالي 2025 حالة عنف منها 40 بالمائة ضدّ الأساتذة و%83 من الاعتداءات داخل القســم، وهو ما جعل تونس في المرتبة الثالثة عالميا في العنف المدرسي. وهناك حاليا العديد من القضايا المنشورة لدى المحاكم من بينها اعتداء تلميذ على أستاذه بجهة حي التحرير و طعن تلميذ بطن أستاذته الحامل وتشويّه تلميذ لوجه أستاذته بشفرة حلاقة داخل القسم، وعدد أخرى من القضايا التي تتابعها النيابة ويوعز انتشار هذه الظاهرة إلى غياب النشاط الثقافي الهادف ومحاصرته ومنعه  وفرض  أنماط غريبة من النشاط الحزبي  من لون واحد أو التهريجي المؤصل للانتهازية والعبثية والميوعة.
كما أن الفساد الأخلاقي وانعدام وازع الضمير جعل تونس تشتهر بظهور أنوع من الجرائم من الطراز  الخطير والنادر التي لم يشهد لها العالم مثيلا كالجريمة الأخيرة التي ارتكبها الزوجان القادمان من إيطاليا  وقد ضبطا متلبسين بتوريد كمية من مخدرات الكوكايين في بطن رضيع قاما بشق بطنه وإخفاء المادة السامة بداخلها وكذلك الجريمة التي ارتكبها زوجان قاما بقتل مولودهما الجديد خنقا ثم بإلقائه في بئر. وما المداهمة التي تعرض إليها القطار في الفترة الأخيرة والترويع الذي لحق بالمسافرين الآمنين من قبل عصابة منفلتة ومسلحة بالسلاح الأبيض إلا عينة أخرى تعكس حالة الهلع وافتقاد الأمان الذي أصبح عليها المواطنون نتيجة تفشي الجريمة.
كما شهدت البلاد انتشار مختلف أشكال الاعتداء اللفظي التي حولت الشوارع وفضاءات الترفيه وأماكن الراحة إلى مرتعا للبذاءة وسوء الأخلاق في ظل التسيب العام  وغض الطرف المشبوه الذي تتعامل به السلط المعنية مع هذه القضية والإصرار على عدم تفعيل فصول القانون الخاصة بالأخلاق والقادرة نظريا على معالجة هذه الظاهرة.
يأتي هذا التسيب في محاصرة مظاهر الفساد وغياب الحرص على معالجة أسبابه في واقع يتسم بالاستمرار في انتهاج سياسة تكرس إضعاف الوازع الديني والأخلاقي  وفي وقت يسود المجتمع فيه حالة من استياء شديد بعد صدور حكم قضائي مخفف بالسجن مع تأجيل التنفيذ بحق محام أمريكي سائح اتهم وضبط متلبسا  بممارسة اللواط مع قاصر والترويج لأفلام إباحية، والحكم مع تأجيل التنفيذ هو بمثابة حكم بعدم سماع الدعوى بالنسبة للأجنبي الذي لن تنفذ بحقه العقوبة لأنه سيغادر البلاد،
وهذا الحكم المخفف من شأنه أن يحول البلاد جهة مفضلة للمرضى من هواة السياحة الجنسية في وضع مهدد بانحسار النشاط السياحي إثر دخول البلد دائرة الضوء إثر الأحداث والمواجهات الأخيرة المسلحة وافتضاح زيف المعجزة التونسية ونجاح تجربتها في مقاومة الإرهاب، إذ أن القبضة الحديدية التي أبرزت على السطح زبد السلم المفخخ وسراب الرفاه الاجتماعي المزعوم أخفت تحت رمادها كل مظاهر التطرف الاجتماعي من العنف اللفظي في الشوارع إلى عنف العلاقات الزوجية الذي جعل تونس في ظل الشعارات التي تجعل من تونس جنة المرأة العربية تحتل من بين أعلى نسب العوانس و المرتبة الرابعة عالميا في نسب الطلاق بأكثر من 15 ألفا ملف تحال سنويا إلى المحاكم يبت بالإيجاب في نحو 11 ألفا، 48.3  بالمائة منها حالات ناتجة عن  المعاملة السيئة والعنف وانتشار تناول الخمر والإدمان على المخدرات وما يسبب ذلك من إحالة عشرات آلاف الأطفال إلى الضياع والتسكع والبؤس فالانحراف ثم الإجرام.
ومما يضاعف الريبة والاستياء أن يأتي هذا التسيب في معالجة أسباب مظاهر العنف الاجتماعي في وقت تشتد فيه القبضة الحديدية على مظاهر التدين و يتم فيه استهداف الأئمة ذوي الشعبية الجماهيرية والتأثير وتسخر القوى الأمنية لملاحقة المتدينين الملتحين في الشوارع وحتى الفتيات الصغيرات اللاتي تحرصن على الالتزام بالحجاب الإسلامي  وقد وصل الحزم  إلى منعهن من الدراسة إلا إذا كشفن عن شعرهن ؟؟
كما يجيء الحكم المخفف والرمزي على المحامي الأمريكي الذي أجرم في حق الطفولة والأخلاق في نفس الوقت الذي تصدر فيه أحكام قاسية بحق شباب تونسي غيور على الكرامة العربية والإسلامية تصل لعشرات السنوات للاشتباه في نواياهم للالتحاق بالمقاومة الإسلامية في العراق أو فلسطين والتي من بينها  الأحكام الأخيرة في حق شباب لم تتجاوز أعمارهم الـ25 عاما بالسجن لمدد من 9 إلى 11 عاما لمحاولتهم الالتحاق بالمقاومة العراقية.
قد يدعي البعض أن هذا التحول الذي يشهده المجتمع هو ضريبة تفتحه على الغرب ومحاولة بلوغ تقدمه العلمي  وتقدمه الاجتماعي والاقتصادي ولكن واقع الحال يفضح مغالطة هذه المقولة بعد أن تأكد اقتران  تدهور الوضع الأخلاقي بالانحدار الرهيب للمستوى التعليمي الذي تدحرج إلى أدنى المستويات العالمية، وببقاء البلاد بعيدة عن الدول المتقدمة ولم تستطع تجاوز دائرة الدول الطامعة في النمو بالرغم من أنه كانت توجد العديد من الدول الشبيهة في ظروفها وإمكانياتها بتونس  لكنها استطاعت أن تلتحق بالدول المتقدمة والصناعية بدون ان تضحي بهويتها ولم تعمل على التنكر لقيمها بل اعتبرتها مصدر عزة  وأداة تحفيز للمجتمع، وما المثال الماليزي – أو ما اصطلح على تسميته بالمعجزة الآسيوية -عنا ببعيد حيث تم تنزيل الحركة الإصلاحية  والتنموية في الإطار الثقافي الوطني وداخل المنظومة القيمية الإسلامية للمجتمع وفي كنف الاعتزاز بالهوية.
أن أول خطوة في اتجاه الخروج من هذا الواقع  المنفلت هو الاعتراف بفشل وكارثية السياسة الاجتماعية والتربوية  التي انتهجها أصحاب القرار وخاصة منذ أن وظفوا سلطتهم وسطوتهم لكسب معركتهم السياسية مع التيار الإسلامي المحافظ بانتهاج ما اصطلح على تسميته بسياسة تجفيف منابع التدين عبر تغيير البرامج التربوية وانتهاج سياسة إعلامية وثقافية لا علاقة لها بالموروث الحضاري ومشيعة للثقافة  المتميعة حتى أصبح المشهد التونسي مضربا للأمثال عن البعد عن القيم الإسلامية والخلق الحميد.
أن تداعيات هذا الانحراف السلوكي والأخلاقي الممنهج يمس المجال القيمي والأخلاقي للمجتمع ويمثل فعلا  إحدى تجليات الاختراق الثقافي الجديد الذي أريد به مواجهة المد الإسلامي وهو كما يقول الباحث في علم الاجتماع، محسن المزليني:  » دليل على قصور في فهم أبعاد الأمن واختزاله في بعض المستويات دون الأخرى، وعدم إدخال المسألة الثقافية ضمن هذا المفهوم الإستراتيجي ويعكس رواسب نظرة علمانية غلبت على النخبة التونسية وسيطرت على الساحة الثقافية والسياسية منذ الاستقلال…وهي النخبة التي لا تهتم بالقيم الإسلامية والثقافية الأصيلة لهذا البلد « .
إن اللامبالاة التي تطبع موقف العديد من النخب من هذا الانحراف وتسليمها للأمر الواقع ووقوفها موقف العاجز إن لم يكن موقف الضحية له في ظل استمرار وقوع المجتمع فريسة لسياسات ثقافية غير محسوبة العواقب تنذر بأن يدفع العديد وخاصة الشباب الطامح إلى الإصلاح إلى البحث –خارج الأطر الطبيعية- عن أشكال أخرى للفعل من أجل حماية  النفس والمجتمع من الدمار. متحفزا بقوله تعالى « واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب » وبوصية النبي الكريم « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان »
 
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 16 بتاريخ 25 أفريل 2007)


رسالة مفتوحة إلى السيّد رئيس الجمهورية التونسية

كتبها عبدالحميد العدّاسي

 

السيّد الرّئيس زين العابدين بن علي، صاحب التغيير ومُنعش تونس، تحيّة تليق بمقامكم السامي وبعد.

 

لا شكّ أنّك على اطّلاع – رغم ما يفرضه أعداء تونس على حريّة الصحافة في البلاد – بما يدور في الساحة التونسية من حوارات بين أبنائها في الدّاخل والخارج حول الصلح والمصالحة بين جميع الفرقاء في البلاد. ولا شكّ أنّه قد بلغ إلى مسمعك انقسام « أبنائك » بين مناصر لما يطرحه الأخ الهاشمي الحامدي، زائرك السابق في قصرك بقرطاج، وبين معارض للطّريقة (وليس للفكرة) التي يُتناول بها الموضوع، من حيث عدمُ القناعة بجعل القضيّة مجرّد اعتذار شخص ألجأته الظروف إلى التفريط في حقوقه الطبيعية البسيطة من شخص أخذته العزّة بالإثم – لا قدّر الله – فصار لا يحاور ولا يعفو إلاّ إذا علا حذاؤه الجماجم، معتبرين أنّ هذا السّلوك مُذهبٌ – في الآن الواحد – لعزّة التونسي ولسماحته، فما كان التونسي يوما ذليلا متذلّلا إلاّ لربّه وما كان التونسي يوما جبّارا ظلوما. وموقعك يأبى عليك بالتأكيد أن ترى أبناءك أذلاّء مسّاحين للأحذية فاقدين للهمّة، وموقعك يأبى عليك كذلك أن تُؤسّس للظلم وقد تركتها كلمة مدويّة في فضاء جافى التطبيق: « لا ظلم بعد اليوم ».

 

وقد حاولتُ وآخرون – مثلما قد تكونُ تابعتَ – إقناع الدكتور الهاشمي بالإقلاع عن توخّي الطرق « الوضيعة » – التي لا شكّ أنّك تأباها وتحاربها – في إصلاح الشأن التونسي، مؤكّدين على حبّنا لتونس وعدم وجود مشكلة بيننا وبين التجمّع الدسوري من حيث هو حزب سياسي عتيد (وإنّما مشكلتنا معه من حيث أنّه وكر عصابات عاملة ضدّ المصلحة التونسية)، ولكنّه ظلّ يقنع نفسه ويحاول إقناع البعض من التونسيين بفكرته المائلة عن الحقيقة، المتحدّثة عن غضبك عنّا وعدم رضاك عن مردودنا وسلوكنا. وقد بعث لي (بصفتي قارئ) عبر موقع الحوار.نت الإلكتروني (أخبرني بعضهم بأنّ هذا الموقع التونسي الرّائد قد منع في تونس!) بمشروع بيان يزعم أنّه سيُرضيك إمضاؤه من طرف مجموعة قصر عدَدَها على المائة، وقد أردتّ إطلاعك عليه كما رأيت إرفاقه بعض التعليقات التي أرجو أن تقرأها بعين بصيرتك (وبصر الرّئيس بصيرة). فقد جاء على لسان الأخ الهاشمي، وقد برع في كتابة اللاّفتات السياحيّة والبيانات الصلحية: « إنّ المواطنين التونسييين الموقعين على هذا البيان يجددون الإعلان عن تأييدهم للمبادئ التي تضمنها بيان 7 نوفمبر 1987، ويشيدون بالإنجازات التي تحققت لبلادهم خلال العقدين الماضيين تحت قيادة الرئيس زين العابدين بن علي، وبالمكانة المرموقة التي حققتها تونس في المحافل الإقليمية والدولية بسبب السياسات الخارجية الرصينة والحكيمة التي انتهجتها الحكومة.

 

كما يشيد الموقعون بما تضمنه خطاب الرئيس زين العابدين بن علي في اليوم الوطني للجمعيات من دعوة لتوسيع دائرة الحوار والتشاور والوفاق بين التونسيين، وتأكيد على أن المساهمة في الشأن العام حق لكل تونسي وتونسية، وتأكيده في خطاب عشرين المارس الماضي على الأهمية القصوى للولاء لتونس والتمسك بهويتها العربية والإسلامية.

 

وفي هذا السياق يدعو الموقعون على هذا البيان لتصحيح مسيرة العلاقة بين التونسيين المنتمين للتيارات الإسلامية المعتدلة والتجمع الدستوري الديمقراطي، وإخراجها من دائرة الصدام والقطيعة والمواجهة، ومعالجة آثار المرحلة السابقة، وفتح صفحة جديدة من العلاقة تحكمها قوانين البلاد، وقيم التضامن والمحبة والتسامح بين أبناء الوطن الواحد.

يعرب الموقعون على هذا البيان عن استعدادهم للمساهمة بكل ما في وسعهم وكل ما يطلب منهم للمساهمة في تحقيق هذا الهدف الوطني النبيل، وفي تعزيز الخيار الديمقراطي والوفاق الوطني ومواجهة تيارات العنف والتعصب والإرهاب.

كما يعلن الموقعون على هذا البيان عن ثقتهم الكاملة في الرئيس زين العابدين بن علي ويأملون أن يلقى هذا البيان تقديره الشخصي واهتمامه ودعمه ».

 

 انتهى نصّ البيان، وهو جزء من مقالة بعنوان: « الإستراتيجة المفصّلحة للصلح والوفاق ».

 

قلت: لا يمكن اتّهامنا – يا سيادة الرّئيس – بأنّنا لم نؤيّد ما جاء في بيان اشراقتك الأولى يوم السابع من نوفمبر 1987، فلا ظلم بعد اليوم ولا رئاسة مدى الحياة ولا فرق بين التونسيين (فكلّهم لآدم وآدم من تراب) لا زال صداها يتردّد في الآذان، وعليه فلا ضير أن أعلن أنا شخصيّا تأييدي الكامل وتمسّكي الوثيق بما جاء في بيانك البُشرَى، بل لعلّي ألعن كلّ من حرّف تلك المبادئ وأنقص من قيمتها أو أبطل مدلولها أو أساء تأويلها، إذ لا يجرأ على ذلك – سيادة الرّئيس – إلاّ ابنُ حرام متربّص بتونس وبمصلحة تونس والتونسيين. ولكنّ الدكتور يبالغ هنا في شطر الفقرة الأولى عندما يقترح الإشادة بما أنجزتَ، فهو يُضمر دائما جنوحك إلى المنّ على التونسيين بالمنجزات وانتظارك الجزاء منهم، في الوقت الذي ههمتَ فيه بما هممت وأنتَ لا ترجو جزاء ولا شكورا من أحد. كما أنّ الحديث عن المنجزات لا يخلو من المبالغات التي يريد أعداؤك بها تغييب النقائص التي حرصتَ دوما بزياراتك المفاجئة المصحوبة بالكاميرا على إبرازها والإذن بتلافيها وإيجاد الحلول المناسبة والمستعجلة لها. فمن هذا المنطلق يمكنني القول بأنّ تونس قد شهدت الكثير من التقدّم العمراني ولكنّه تقدّمٌ صاحبه الكثير من الغبش من ذلك كثرة المديونية والارتهان إلى الخارج، والتردّي الخلقي وشيوع الألفاظ البذيئة الدّخيلة على البلاد وهو ما دعاك – حرصا منك على المصلحة – إلى سنّ القوانين المحدّة من الانحدار في دهاليز الرّذيلة، وعدم قدرتك على الحدّ من نفوذ الأصهار الذين لم يساعدهم أصلهم – ربّما – على صيانة مركزك الاجتماعي المرموق وإنّي لأشعر بالحرج الذي تحسّ به مثلا من خلال فاجعة صفاقس الأخيرة بسبب جشع هذا الصهر الذي لم يحترم نفسه ولا أخته ولا زوج أخته ، وكذلك المظالم التي مسّت الكثير من الأشخاص والقطاعات في البلاد، ولا أخفيك بأنّ الكثير (وأنا منهم) يحمّلك أنت شخصيّا ذنوب الأرواح التي أزهقت والبيوتات التي خُرّبت والأطفال الذين يُتّموا والنساء اللاّتي ثُكلن والبسمة التي فرّت والدمعة التي انهمرت والدّماء التي سالت والهامات التي مالت والحزن الذي خيّم والهمّ الذي عمّ، إلى غير ذلك ممّا ينغّص الحياة في بلاد فرحة الحياة… وإذن فكلام الدكتور لا يمكنه التماسك ولا يمكنه كذلك صياغةَ إجماعٍ أو أسر مائة من المفتونين بمنطقه، لما فيه من المغالطة والمجاملة القاتلة للدّين، بل وأيضا – و هذا هو الأخطر – لما فيه من التملّق الذي قد يدفع بعض الحكّام ممّن تمسّكوا بالكراسي وغفلوا عن ربّ النّاس (حاشا العاقلين) إلى ركوب رؤوسهم الطينية.  

 

سيادة الرّئيس إنّي إذ أكتب إليك، هذه الكلمات فلأنّني أريد التأكّد من رغبتك الفعلية في أن ترانا نتزلّف إليك (وهو أمر يضعك ولا يرفعك) كي « ترضى » عنّا، أم أنّ الدكتور الهاشمي – بطيبته – قد حسب أنّ ذلك قد يُرضيك عنّا؟! وإنّ إذ كتبت فلن أزيد على هذا – رغم عدم اتياني على كلّ جوانب الموضوع – مراعاة منّي لسنّك وأعبائك الثقيلة التي تحملها على عاتقك، ناصحا في الختام بالتخفيف من الأوزار والحدّ من نفوذ الأصهار والاستماع إلى كلمة قد لا تسمعها من الأجوار… وأشهد الله ثمّ أشهدك، بأنّي أحبّ تونس وأهلها وترابها كما أحبّ أن أراك مُطابقا فعلك قولك منجزا لوعدك كارها لسلوك عجوز كان في القصر قبلك راجعا إلى ربّك نادما على ذنبك… لأنّ الأيادي الصلبة التي انتزعته عند الكبر قد تنتزعك، وكفّار النعم الذين أخذوه قد يأخذونك، والألسن التي ذكرته فنسيته فذكرتك سوف تنساك كما ذكرتك، والقبر الذي آواه سوف يؤويك. وهو بداية حياتك الخاصّة فانظر كيف تحياها… وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا أفلح من اختار النّاس عن ربّ النّاس!…     


 

السلام عليكم

 

تعقيبا  على  إستراتجيّة  الصلح والوفاق  للأخ  الهاشمي  الحامدي

 

نحن إستبشرنا خيرا  منذ البداية  بالمشروع  لما  ظننا ما يحتويه  لكن  إتّضح  جليّا  أنّ  مشروعك   إنساني  بحت  فقبلنا  ذلك  لوقف النزيف لكن …….

1-   عليك  أين تحدّد  الفئة المستهدفة  من  مشروعك  ( أيّ  الدّاخل

2-  ما ذكرته  كنتيجة   لمشروعك   موجود  ولم تأتي بجديد (  الخلاص الفردي مطروح  من طرف  السلطة

3-  تشخيصك  للحالة السياسيّة   خاطئة  هل المعركة بين الإسلاميين  والتجمّعيين  (أذا علينا أن نلتجي  الى القضاء  لحسم المعركة  ( ونستغلّ شعار  لا ظلم بعد اليوم )

4-  قزّمت  المعارضة  (تحالف 18 أكتوبر ) الى  درجة  نفيت وجودها ( أنت وجه إعلامي  عليك أن تكرّس التعدّديّة  ووجود الآخر  رغم ضعفها

5-  الرقم  الذي ذكرته  لحسم هذا الخيار  مائة  لا ينجح  المشروع  لكن بإذن الله   أضمن لك   10000  أخّ  لكن   من الدّاخل  لأنّ أهل المهجر  تبحث  على مصالحة  شاملة  بما فيها الحقوق السياسيّة

6-   مضمون  طرحك   ينفي  كلّ   التيّارات  الموجودة  في تونس  وفيه ضمنيّا  الأعتراف  بالإنسداد  السياسي   ( ما طرحته يعني أعطيني  قفّتي  ما عيني   في عنب لأبناء النهضة

7- طرحك  لتكوين  منتدى أبن خلدون  أو جمعيّة الإمام مالك  بن  أنس   والشباب الإسلامي  في تونس يسعى  لتكوين  منتدى  أبن لادن   بدلا عن النهضة بأكملها 

7-  والأخطر من ذلك  وأنت إسلامي   التكوين  وأكيد تعرف الحركة أكثر منّي  أنّك  لم تشر  الى خطورة   غياب  حركة إسلاميّة معتدلة  ومستنيرة   مثل حركة النهضة  في السّاحة التونسيّة لإستعاب  قسم كبير من  الشعب التونسي   ( النهضويين في تونس  أصبحوا في نظر الشباب الإسلامي  علمانيين لماذا ؟ الجواب  عند السلطة  التي  تعرف إسلاميين من نوع آخر نسأل الله أن يحفظ تونس)  

8-  من طبيعية  وجذور  الشعب التونسي المسلم  و في حالة الإنسداد  السياسي  مع تطوّر عقليّة الشعوب في  توحيد الصّفوف والقوّة   لمواجهة  قضايا  الأمّة ا الموجودة  في العالم  (ألأن المسلمون  تجاوزوا  مقولة  عمر إبن الخطّاب  لو عثرت بغلة في العراق  لسألني عنها الله لما لا تعبّد لها الطريق ) الآن مسلم  أندونيسي  يقول  موت ذلك الفلسطيني أو العراقي أو الشيشاني  سيسألني عنه الله  لماذا لا تستنصر  لأخيك   إذا  ضع في إعتبارك  هذا  الفكر  وكيف  ستنحاور  معه

 

9-   أدعوك أخي الهاشمي  أن  تصحّح  مسعاك  حتّى  لا ينفضوا  من حولك  (أنا شخصيّا  من دعاة  المصالحة  التي تبدأ برفع  المظلمة فوريّا  مع إسترداد الحقوق المدنيّة كاملة   مع التعويضات )   مع وجود مشروع  وطني  على أساس التوافق سياسي  يضمن  المشاركة السياسيّة (ليس المشاركة في السلطة لكن لتقويّة النظام في مواجهة الآخرين في  القضايا دوليّة )  للعمل من أجل تونس   ويضمن مصالح تونس  كدولة  مع  المجتمع الدّوّلي  والأقضل  أن تتعدّد المعارضة  إسلاميّة  على غرار المغرب  مع معارضات  علمانيّة  متنوّعة  (أنظر المغرب  رغم صفة  النظام الإسلاميّة و وجود  حركات إسلاميّة  سياسيّة   إلاّ  أنّ  الفكر  المتشدّد وجد له  أنصار  فما بالك  في  وضعيّة  تونس  ألا تخشى من  الفكر المتشدّد  أن يستقطب  المضطهدين 

  

10-  بعد التجارب والإقرار بالإنسداد السياسي   ألا  تتضح لك  الرّوية  أنّ الشعب التونسي  أمام خيارين  إمّا الإنخراط  فى  التجمع  لحماية أنفسهم  وستتضارب  مشاريعهم مع  ما هو موجود  وإمّا  الإنخراط  في القاعدة  والإتجاه نحو  تدمير البلاد والعباد

 

ألا يوجد من يعتبر  ويفكّر بعقل سليم  ليضمن السلامة والمناعة للبلاد 

هل لك  أن تعلن في يوم ما  بعدم  الوصول الى  حلّ  والسبب  عدم إكتراث  السلطة

 

أسئلة  محيّرة  يا أخّ هاشمي 

 

– هلّ  الرّئيس الزين العابدين بن علي  شخصيّا  الذي قال فيه الشيخ  راشد الغنوشي  ثقتي في الله ثمّ في بن علي   على علم بما   ما يحدث  في تونس  وخاصّة  لإخواننا  وأخواتنا

– هل نستطيع  قول  أنّ  الرّئيس  مكبّل  بقوّة ما  …….

–  هل  عدم وجود  عنف في البلاد  نتيجة قوّة  الأمن والبوليس   لا أتصوّر ذلك  لكن الحقيقة أنّ تونس كانت ولزالت  ملقّحّة ضد الفكر التكفيري  لكن أثر التلقيح  بدأ يضعف

– هل تنفي  أو تستبعد  حدوث  مكروه  في تونس مستقبلا

–  هل ينفع  التنديد والإستنكار  لو وقع المكروه

–  هل نستطيعوا   إصلاح  التدمير  وإسترجاع  الضحايا  بإستنكراتنا  وتنديدنا لو وقع مكروه

– من يتحمّل  مسووليّة الضحايا  مدنيين  أو أعوان  أمن

 –  ألا تستبعد  أن يقع  تغيير  من طرف ما من داخل  السلطة  بتخطيط من فرنسا  أو أمريكا  وتلقى المسووليّة  على الرّئيس بن علي  شخصيّا ظنّا  لطي صفحة الماضي  لمن يأتي  بعده

 

 

أقولها وأردّدها   لا أمن  ولا سلام ولا تأمين للمستقبل   إلاّ  بالعمل  سويّا  بين السلطة  والحركة الإسلاميّة  والأولى العمل مع  حركة النهضة لحماية  البلاد والعباد   لأن  الصراع القادم صراع   فكري روحي  عقائدي  وليس إجتماعي  إقتصادي   أيّ حتّى لو    قامت  الحكومة بمعجزة  إقتصاديّة إجتماعيّة   لا مفرّ  من  تطوّر  الفكر  التشدّدي  والعنفي  في غياب  الحوار  والتكاتف والتعاون

نحن  كإسلاميين  نريد أن نكون  مساعدين  لأيّ سلطة  في خدمة البلاد  بدلا من  معارضين 

نكونوا  ناصحين  لسلطة  تستمع  وليس ناقدين  بدون طرح بديل

 

أخي الهاشمي  لا أرى  في الأفق  بوادر إنفراج في القريب  لكن  المستقبل مشرق لتونس  بإذن الله   أتمنّى أن يأتي بأقلّ أضرار

 

والله المستعان

 

عزالدين محمود

 ezdmahmoud@hotmail.com

 


حق المواطنة اولا يا اخي الهاشمي

 

بوعبدالله بوعبدالله

بداية اشكر الأخ الهاشمي على تكرمه بالرد والإيضاح واشكر حسن نيته ,واخلاصه في الطرح  والبيان . واني احب قبل ان اجيبه عن سؤاله الرئيسي لي في مقاله الأخير , ان اقول له اني اشاطرك الراي اخي في مجمل ما قلته او طرحته واني مع هذا البيان . وقبل ان اشرح موقفي اود ان يتسع صدرك لبعض الملاحظات التي سابديها لك في اطار مزيد التوضيح لبعض المسائل:

قلت أخي :في رأيي أن تشكيل حزب سياسي إسلامي في تونس على شاكلة الإخوان المسلمين ليس فكرة جيدة. هي فكرة فيها بعض المنافع لكن أضرارها على الدين والوحدة الوطنية والمتدينين أكبر وأكثر من تلك المنافع

اخي هذا الراي يجب ان نعممه فاي حزب – اسلامي او غير اسلامي -لا يستطيع فرض نفسه وتوجهاته سيبقى ضعيفا, والأحزاب الضعيفة يجب الا يكون لها مكان بين الأقوياء. و اي حزب يحمل اسم او الصفة الإسلامية, لا يعني انه ملك الحقيقة و نجا . صحيح قد يكون ركب سفينة النجاة لكن ضعف الربان وارتباك الركاب مع شدة العواصف العاتية قد تلقي به الى التهلكة بدل الوصول الى بر الأمان  .

 

 وقلت اخي :كما أن تشكيل تنظيمات سرية في الدولة الحديثة فكرة غير موفقة، وأضرارها أكثر وأكبر من أية منافع 

ان السلطة في الحقيقة هي التي تؤسس او تدفع تجاه التنظيمات السرية , وظاهرة السرية تستفحل وتنتشر اكثر فاكثر كلما اشتد الخناق اكثر, فكلما ضاق العلن نشطت وازدادت رقعة السرية اتساعا وتوغلا في المجتمع  .

اما دعوتك لبعض الإسلاميين الإنتماء للتجمع – وهذا مستبعد –  يفقدهم صفة المعارضة وسنجد انفسنا في دولة الحزب الواحد و الأوحد . ولقد سبق ان قلت ان الشباب او الجيل الجديد من الإسلاميين وبعض القدامى ليست لديهم اي رغبة في الإنتماء لا للنهضة ولا للتجمع فهذه حقيقة وممارسة فعلية من طرف الشباب  ورفضهم هذا مبني على عدة اسباب بينت البعض منها في احد مقالاتي .

لكن هناك من الإسلاميين من تغيرت نظرتهم للعمل السياسي في البلاد وهذه النظرة تنوعت وهي تتراوح بين رافض للعمل السياسيي اطلاقا  , وبين من يرفض تاسيس حزب اسلامي , وبين من يدعو الإسلاميين للإنتماء لأحزاب اخرى موجودة على الساحة منهم الحزب الحاكم , وبين من يدعو للعمل الجمعياتي بدل الحزبي  .

 

وقلت اخي: فإن المرحلة المقبلة التي تبنى على معطى صحيح هو وجود مائة إسلامي تونسي مقتنعين بخيار فتح صفحة جديدة في العلاقات مع الحزب الحاكم، هي السعي للدخول في حوار مع السلطات التونسية

اخي الهاشمي  اجزم لك ان كل الإسلامين بل كل التونسيين يريدون  صفحة جديدة  والدخول في حوار مع  السلطة . انت تطلب مائة وانا اقول لك هناك مائات مقتنعة حتى بما يسمى بالحل الفردي كمدخل لتخفيف الأزمة وطي صفحاتها , لكن حتى هذا –اي الحل الفردي –  يفشل وسرعان ما توصد ابوابه من طرف المسؤلين.

 

ففي الداخل هناك من يطالب فقط بحقه في المواطنة اي في جواز سفر وشغل وحياة آمنة , ويريد من السلطات الأمنية ان تنسى انه كان في يوم من الأيام سجينا عندها  وتكف عن ملاحقته  , وهؤلاء قد اعتزلوا , بل طلقوا , بل كبروا على العمل السياسي اربعا , حتى ان البعض منهم لا يريد سماع كلمة سياسي او حزبي , والبعض الآخر يقول لك اريد الإستقرار ولست مستعدا ان اجعل كامل حياتي مخبرا للتجارب السياسية جربنا لم ننجح فلاداعي لإعادة التجربة,  وهذه حقائق تلمسها السلطة وتدركها جيدا في داخل البلاد .

 

وكذلك في خارج البلاد لو كان هناك قبولا من السلطة او صدقا في مسالة تسوية الوضعيات – حتى بشكل فردي –  لأستقبلت السفارات التونسية  مائات من الإسلاميين لصدق نيتهم ورغبة في تجسيد طي صفحة الماضي – بالرغم الرفاهة المادية والإجتماعية  والمكانة التي حققوها في بلاد الغرب –

لكن اخي الهاشمي الرفض يكون من طرف هذه السفارات , ولعلمك انه  منذ سنوات هناك  من يحاول حل مشكلته بصفة فردية  لكن السلطة لم تستجب لطلبه , وهناك من اذا اتصل بالسفارة لتسوية وضعيته يطلبون منه ان يتحول الى مخبر وهذا ما يرفضه  الجميع فحالات الرفض هذه هي التي قد تحول او تصد البعض عن الإمضاء على بيانك.

 

نحن نسمع ان السلطة  تقول انها لا ترد من يريد تسوية وضعيته لكن الواقع يؤكد عكس هذا الأمر

فكيف – وهذا الحال – تريد ان تجمع مائة صوت او اقل او اكثر . مبادرتك جيدة وسليمة. وانا اقولها لك اخي الهاشمي لو بامكانك ان تبلغ رئيس الدولة او من يعلمه ان مطالب تسوية الوضعيات ابوابها موصدة في وجوه الإسلاميين . لتفتح هذه الأبواب  و سترى المائات التي ستمضي على هذا البيان . ولا تتصور ان احدا اغلقت ابواب السفارة في وجهه  ولا امل له في تسوية وضعيته والعودة  قد يسجل اسمه , فهذا لا يعقل.

ففتح الأبواب يشجع ويطمئن الأطراف التي تريد ان تسوي وضعيتها فتنضم لهذا البيان ولن تبقى الا القلة التي تريد مواصلةالمنهج الذي هي عليه الآن مع السلطة  اي الحديث عن اسقاط السلطة  و… و و… و…. وهي الفئة  التي ترفع شعار : لاخير في السلطة , ولا تنتظروا خيرا من هذه السلطة.

 

انا شخصيا مع  هذا البيان اجمالا وساكون اول الموقعين للأسباب التالية:

 

 اولا: لقناعتي الخاصة بلزوم المساهمة  بجهدي الفردي والمتاح لي  في طي صفحة الماضي و شعاري: لا احمل حقدا لأحد ولا اريد ان يحقد علي احد , وما يمكن ان يقربنا لا يمكن ان نسقطه بتعلة ان  هناك آخر يفرقنا.

ثانيا : ايماني بان المسلم بامكانه ان يفيد من اي موقع في المجتمع , وان الإنتماء لحزب سياسي  ليس من ثوابت الدين ,  وليقيني بعدم جدوى السياسة التي يمارسها بعض الإسلاميين الآن , لأنها عطلت المصالح   وجلبت المفاسد, ومن هذا المنطلق  فلن ارفض الجمعيات ذات الطابع الخيري كما لن احجر على غيري العمل السياسي , فعلى كل فرد ان يموقع نفسه حيث يفيد لا حيث يكون مجرد رقم او تابع.

  ثالثا : ان تسوية وضعيتي الفردية وعودتي للوطن من دون ان يتعرض الي احد  ومعاملتي  من طرف السلطات كاي مواطن تونسي , شجعني على بناء صورة جديدة – عن السلطة والإسلامين- اساسها ان المصالح السياسية يجب ان تزول اذا حضرت المصالح الشرعية.وان المحدد في العلاقات بين اهل القبلة الواحدة هو الدين لا المصالح او لمواقف السياسية. وان السياسة غير مقدسة بل هي عنصر يمكن ان نضحي به .

 

لذا اقول للعديد من الإخوان لا عيب في ان تسوى الوضعيات –  اي بعيدا  عن الحل الجماعي التنظيمي –  لمن لم تعد تربطه اي علاقة باي تنظيم . وان كنت اجزم ان مثل هذه الحلول لا تروق لبعض اطراف في السلطة –  حتى لا أتهم الجميع –  لذا هي ترفض حتى هذا الحل من خلال عدم استجابتها لبعض المطالب . كما ان هذا الحل لايروق ايضا لبعض اطراف المعارضة الإسلامية وغيرها التي تظهر هذا الحل بانه  غير اخلاقي . اقول ان السياسة لا تحكم على الأخلاق لأن الأخلاق يحكم عليها الخلاق.

 

سالتني اخي الهاشمي :هل يوجد حسب اطلاعكم، مائة من الإسلاميين التونسيين، لديهم الرغبة في تأييد مثل هذه الإستراتيجية علنا وبأسمائهم الصريحة، والتوقيع على هذه العريضة المقترحة، ليكون ذلك الدليل القاطع على تأسيس خيار جديد في مسيرة العمل الإسلامي التونسي؟اقول لك اخي: هناك العديد من الإسلاميين الذين يشاطرونني  ويشاطرونك  نفس القناعات  تقريبا , لكن الذي يحول بينهم وبين  بيانك  او دعوتك هو: انا وانت لنا حقوق المواطنة و ممن لهم جوازات سفر وطنية تمكنهم من دخول الوطن فتصالحت مع السلطة . في حين غيرنا قد حُرم من هذا الحق – المواطنة –  هم يريدون  ان يجدوا من يستمع اليهم ويمكنهم من تسوية وضعياتهم.  فالسلطة سوت وضعية العديد من النساء ووجدت لهن حلا ومكنتهن من جوازات السفر والعودة  , لكن الى الآن الأبواب مغلقة في وجوه الرجال خصوصا من صدرت ضدهم احكاما بالسجن .

ّ لذا اعود واكرر لك نفس المطلب ان كان بامكانك ان ترفعه للرئيس,  والمطلب هو : افتحوا ابواب تسوية الوضعيات والعفو  وستلمس السلطة بنفسها ان جل الإسلاميين – ولا اقول الكل –   لا يريدون الا الخير , ولا يحملون اي حقد ولا يطلبون الا حق المواطنة . قد يتنازلون  عن بعض المكاسب و العمل السياسي  لكن لا يمكن لأحد ان يتخلى بارادته عن حق المواطنة.

 


بسم الله الرحمان الرحيم      
 
   تونس في 07/05/2007 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
الرسالة رقم  227     
  على موقع تونس نيوز   
 
      بقلم محمد العروسي الهاني محمد العروسي الهاني  مناضل دستوري

من حقوق المواطنة  احترام رسائل المواطنين والرد عنها والإجابة بعناية  وسرعة واهتمام ودون صمت

 

إن أهم شروط المواطنة وحقوقها وأعطائها المنزلة الكبرى في قلب الوطن وفي قلوب الرحماء والمسؤولين هو احترام ما يرد من رسائل هام ذات بال تعالج قضايا المجتمع او حتى قضايا اجتماعية او خاصة . أو تهم قرية او مدينة وهذا يدخل في حرية الرأي والتعبير. ونحن نعيش على موقع عيد الصحافة العالمي يوم 3 ماي من كل عام . وإذا فهمنا عيد الصحافة العالمي فهما صحيحا ودقيقا. وقتها ندرك فهم حرية التعبير والرأي الآخر . وندرك أن حرية التعبير شاملة وليس لها قيود أو خطوط طبعا في نطاق الأخلاق والفضيلة والاحترام المتبادل وعدم الخوض في هتك الأعراض. أو تشويه مقصود فهذا منافي لأخلاق وشرف التعبير الحر. ومن هذا المنطلق وفي هذا الاتجاه الاخلاقي النزيه عكفت طيلة سنة كاملة من ماي 2006 إلى ماي 2007 على كتابة 37 رسالة مفتوحة على موقع الأنترنات تونس نيوز وقد خصصت 13 رسالة  مفتوحة للتاريخ إلى سيادة الرئيس شخصيا تهم الحياة العامة والحياة السياسية والاجتماعهية والاقتصادية والسياسية الخارجية وخاصة العربية. و 24 رسالة مفتوحة للسادة رئيس مجلس النواب، والأمين العام للتجمع ووزراء الشؤون الدينية والإجتماعية والمالية والفلاحة والصحة والتجهيز والاسكان والنقل والتشغيل والإتصال والإعلام والتربية كل في ما يخصه وكل الرسائل تعالج النقاط الحيوية وتبرز بوضوح مشاغل المواطن وهمومه. ولكن بدون جدوى لا إجابة ولا رد ولا تعليق وفي بعض الأحيان وفي اوقات لاحقة تحس ببعض الأفكار الواردة في المقالات الآنفة الذكر. تذكرني في مواقع القرار بأسلوب آخر ومنهجية تختلف فكرا وأسلوبا على ما جاء في الرسائل المفتوحة.  وقد ذكرني الأستاذ الكبير والاعلامي المشهور والصحفي القدير محمد حسنين هيكل المصري في حلقات الحوار بقناة الجزيرة هذه الأيام . بأنه كان توخى في أسلوبه كتابة الرسائل المفتوحة حتى لأعلى هرم الدولة في مصر، أسلوب شيق لكن الحاجة الملحة إلى المبلغين بأمانة في دائرة المسؤولية. وهذا والله هو الأصل ومربط الفرس… هل الدائرة تبلغ أم لا هذا هو اللغز الكبير. وكنا نعتقد أن كل رسالة مفتوحة نشرت في موقع الأنترنات سيقع الرد والإجابة عنها لأننا نخابط قلوب رحيمة ومسؤولين يرعون حقوق المواطن لا رسائل الله أعلم بمصيرها. أم قضية طلب المقابلة والعناية بالردود واعطى المواطن حقه فهذه عينات حية أخرى أذكرها بكل التفاصيل.. والأمانة وبكل مرارة. وبصدق  ونزاهة حتى يقع احترام المواطن.وهذه عينة حية من الرسائل المفتوحة التي نشرت عبر الأنترنات خلال شهر نوفمبر 2006 بحكم انتمائي لمعتمدية الحنشة ولاية صفاقس- ترابيا كتبت مقالين على رداءة الطريق الذي أنجزه صندوق 26-26 بمنطقة الحجارة منطقة الظل والذي أذن بإنجازه رئيس الدولة. لفك عزلة المنطقة  عام 1998 ولكن كما أشرت في المقالين فإن الطريق المشار إليه أصبح كثير العيوب والتعطيب والخلل والحفر الكبيرة نتيجة عدم الرقابة الفنية والأهمال ونتيجة مرور أكبر الشاحنات الكبرى ليلا نهار في أشغال الطريق السيارة مساكن – صفاقس . وقد طالبنا من وزارة التجهيز والإسكان بزيارة الطريق والعمل على اصلاحه منذ نوفمبر 2006 لكن كلامك يا هذا… إلى متى عدم الإكتراث برأي المواطن واقتراحه.

عينة أخرى أشرنا في مقالات 3 لوزير الشؤون الاجتماعية عن بعض الأوضاع الإجتماعية لكن هل من مجيب خاصة فيما يتعلق بالعائلات المعوزة ومناطق الظل. والترفيع في منحتهم.

عينة أخرى حول وزارة النقل لكن هل من مجيب

عينة أخرى حول وزارة الاتصال والاعلام وحرية الصحافة والتعبير.

لكن ليس هناك إجابة ولا رد وكأن الرسائل تضع في البحر أو في قاع بئر غارق أين القلوب الرحيمة وأين الاصغاء إلى مشاغل الناس واحترام أرائهم. وأين توصيات الرئيس للمسؤولين

-عينة أخرى حول التشغيل فهل استجاب وزير التشغيل لما ورد عليه من ملاحظات عملية أم لا يهم رأي المواطن . والعجوز هازها الواد وهي تصرخ وتقول العام عام صابة…وعينات مع وزارة التربية والتكوين والله تشيب رأس الصغير ووعود ووعود ووعود… ثم كلامك يا هذا… واخيرا قصة مع والي  الجهة تبعث له بنسخة من مقال نشر بموقع تونس نيوز خلال  هذا العام حول مشاغل منطقة الظل الحجاره لبعث نواة مدرسة اعدادية باعتبارها منطقة بعيدة ونائية وما جاء في الرسالة يبكي الأبل والكبار والصغار لكن هل من عناية أو رد أو محاولة للاتصال على الأقل لاحترام رأي المناضل لا الصمت هو سيد الموقف وعدم الاجابة هي الطريق والمسلك الوحيد والمنصب قائم وموجود والامتيازات موجودة لماذا الرد على ملاحظات المناضلين قال الله تعالى « ولتكن منكم يدعون إلى الخير  ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون » صدق الله العظيم .

محمد العروسي الهاني

الهاتف : 22.022354


تونس، في 03 ماي 2007 سيمينار الذاكرة الوطنية: مع سعادة السفير الحبيب نويرة يوم السبت 12 ماي 2007

نواصل تنظيم سمينارات الذاكرة الوطنية بدعوة هذا الأسبوع الأستاذ الحبيب نويرة, ليثير على منبر المؤسسة حياته ثم جزءا من رؤاه وتجربته واختماراته كسفير, ذلك أن الرواد الأول من الديبلوماسيين التونسيين, قد لعبوا دورا فاعلا ومهما جدا في الديبلوماسية التونسية والتي كانت تتمتع بسمعة عالية جدا.
فالأستاذ الحبيب نويرة من مواليد 1925 بالمنستير, أحرز على الشهائد الابتدائية والأهلية والتحصيل والعالمية في الآداب سنة 1950 ليصبح مدرسا. وبعد ذلك التحق بالقاهرة في بعثة رسمية ليتحصل على الإجازة في  التاريخ منذ 1955. وفي سنة 1956 التحق بوزارة الخارجية ليعين ملحقا بطرابلس ثم سكرتيرا بالرباط, فقائما بالأعمال في بغداد, وليعين وزيرا مفوضا بالقاهرة. وفي سنة 1964, أصبح سفيرا في العديد من الدول العربية وأحيل على التقاعد سنة 1986.
أما الجانب الوطني في مسيرته, فقد أعتقل سنة 1941 وأودع سجن الجندرمة في المنستير, ثم بثكنة عسكرية بسوسة ثم السجن المدني بتونس وحكمت عليه المحكمة العسكرية  بـ 45 يوما سجنا وغرامة مالية. وفي 10 مارس 1942 سجن المنستير لعدم تسديد الغرامة وأعيد سجنه سنة 1943 بسجن سوسة, وهذا ما يترجم عن المضامين الوطنية التي كانت يجيش بها المجتمع التونسي في تفعيل المقاومة بكل السبل ضد المحتل الفرنسي للبلاد. وقد تمكن الأستاذ نويرة من نشر الكتب التالية :
– ذكريات عصفت بي, صدر سنة 1992. – يوميات ديبلوماسي في الوطن العربي, صدر سنة 1996. – مراسلات وإرساليات, صدر سنة 2002. وعلى ضوء هاته المسيرة, سوف يتوقف الأستاذ الحبيب نويرة في سمينار الذاكرة  الوطنية حول ثلاث ملفات هي على التوالي : – الحياة الطالبية بتونس خلال الفترة 1951-1943 – الحياة الطلابية بمصر خلال 1952-1955, – الأحداث الثقافية والسياسية بتونس خلال سنة 1955, – والمحور الرابع سيتناول فيه مسيرته الديبلوماسية خلال ثلاثين سنة 1956-1986.
والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في مقر المؤسسة المذكور أسفله. الأستاذ عبد الجليل التميمي تونس في  : 04 ماي 2007  


صدر هذه الأيام أعمال المؤتمر العالمي الثاني عشر للدراسات الموريسكية حول :

الصور الأدبية للموريسكيين وكتاباتهم ولغتهم في القرن 16

في نفس الوقت الذي تعمل مؤسستنا منذ 25 سنة على الاهتمام بهذا الحقل من الدراسات عن تأريخ وآداب الموريسكيين, نسجل غياب الاهتمام الكامل من قبل المؤسسات والمنظمات والجامعات العربية والإسلامية, وهو أمر يبعث عن الأسف والقلق لفقدان استراتيجية الأوليات المعرفية والبحثية لتاريخنا وحضارتنا, بل تم التنكر لذلك تنكرا بائسا, في حين قامت بعض المؤسسات البحثية في بورتوريكو مثلا أو في إسبانيا بالاهتمام بذلك, وشجعت جيل الباحثين الشبان للتخصص في تاريخنا وحضارتنا.
ألم يحن الوقت يا أمة العرب والمسلمين للاهتمام الجدي والفاعل بهذا الحقل من الدراسات بدل إنشاء المراكز والجامعات عبر العالم وصرف الملايين عليها ؟
لقد دعونا ومازلنا ندعو وسوف نبقى ندعو إلى إنشاء مركز دولي متخصص في تاريخ وآداب الموريسكيين, وتلك هي ضريبة الوفاء والالتزام الحضاري للأمة. تجدون طي هذا محتويات أعمال المؤتمر العالمي الثاني عشر وكملة الأستاذة لوث لوباث بارلت, أكبر متخصصة عالمية في هاته الدراسات ثم كلمتنا لتقديم هذا الكتاب الجديد في هاته السلسلة والتي وصل عددها اليوم إلى 26 عنوانا     
        . مع الشكر على اهتمامكم. د. عبد الجليل التميمي  


قراءة نقدية في مقاربة تونسية حول منزلة المرأة في الإسلام (3 من 3)

الحداثيون يقولون انهم تحرروا من سلطة الكهنوت ولم تبق امامهم الا شرعية الاستبداد ومعارضة الصالونات

قبل الخوض في تأويلات حول مساواة ارث المرأة بالرجل علي الباحث ان يعرف القانون والفلسفة والمنطق والعقيدة

أبو يعرب المرزوقي (*) المسألة الرابعة
لم أفهم لجوء الاستاذة إلي قياس الإرث المخول للمرأة في الشرع الإسلامي بالإرث المخول لابن الزني في القانون الفرنسي. فهل وحدة المقدار بمجردها كافية لتكون مبررا للقياس؟ ومع ذلك فلست ممن ينفي حرية الباحثة في اختيار نموذج الصوغ النظري الذي ترتئيه: فلها كامل الحق في ذلك. اختارت الباحثة إذن أن تقيس هذين الأمرين ربما بسبب ما فيه من التبشيع المقصود إذ قد بينا ما يجعل القياس خاليا من الدور المأمول في عملية معرفية تعتمد علي ترجمة من هذا الجنس وهو فيها لا يكون مطلوبا إلا لهذه الغاية. فأصبحت الترجمة مجرد حيلة خطابية توحي للقارئ بسؤال استنكاري قد يكون نصه قريبا من: كيف يمكن لشريعة يزعمها أصحابها سماوية أن تكون نظرتها إلي المرأة دون نظرة شريعة وضعية لابن الزني ثم يواصل المؤمنون بها اعتبارها مقدسة؟!
وهذا أيضا مما لا أناقش فيه. فهو أمر مشروع عند من يميل إلي الكتابة الخطابية رغم بدائيته لخلوه ـ ليس بالذات ـ بل عند الباحثة من حذق الخداع الذي يرغب فيه الخطباء: فالاستبشاع من أدوات التأثير في الإقناع الخطابي بشرط أن يكون خفي الخيوط وبارع الحياكة فلا تبرز مخارزه للعين المجردة فيفتضح صاحبه ويحصل الوقع المقابل. أما منطقيا فقيــــــاس الباحـــــثة بين الحالتين المقيسة والمقيس عليها لا يستقيم إلا إذا سلمنا لها بما بنت عليه علاجـــها: سلمــــت أن العلاقــــة بين مقدار الإرث دالــــة المنـزلة الوجـودية للوارث دالة بالمـعني الرياضي للكلمة function in a mathematical meaning
ومن ثم فالتساوي في مقداره دليل علي التساوي في مقدارها (بل هي ذهبت إلي أكثر من ذلك إذ الحل الإسلامي بات عندها مفضولا والحل الفرنسي فاضلا لأن ابن زني في هذا أكبر حظا من البنت في ذاك). وقد عالجنا مسألة العلاقة بين المنزلة الوجودية والملكية والإرث عالجناها آنفا في ثانية المسائل الموضوعية فبينا سخف هذا الحكم فضلا عن كونها تسلمته ولم تعتبره بحاجة إلي دليل. لكن إذا كانت الباحثة قد اعتمدت طريقة الترجمة فمعني ذلك أن الظاهرة المترجم إليها تبدو لها ذات شفيف كاشف للبنية النظرية التي أرادت استخراجها لشرح سطح الظاهرة بعمقها أعني بالنموذج المحدد لقوانينها بالمعني الرياضي للكلمة. وليس بعزيز أن تجد في حديث المتحدثات عن الحداثة من يفهمن هذه الأحداث البديهية لأن حظهن من العلم ينبغي ألا يقل عن حظ ابن الزني حتي في القانون الفرنسي قبل تعديله الأخير إرثا عن أصحاب الحداثة قيسا لقيمها علي قيم الملكية في مثالنا. فعندما نترجم معطيات مشكل رياضي بلغة الجبر لحله فنصوغ معطياته بمعادلة جبرية يكون المقصود بالترجمة الانتقال من الصوغ الذي ينطق بمعجم اللغة الطبيعية ونحوها إلي الصوغ الذي ينطق بمفردات الجبر وقوانينه. عندئذ تصح الترجمة الصوغية: إذ النقلة تغير مستوي الصوغ فتيسر إجراءات العلاج لكونها تبين الخفي من البنية الباطنة للظاهرة المدروسة. وهي لا تكون كذلك إلا بافتراض شرطين يصعب أن يتوفرا في مثال الأستاذة متراتبين علي النحو التالي:
فالشرط الأول هو أن يكون الانتقال ضروريا للعلاج علما وأن فعل الانتقال من الصوغ الذي لا يقبل العلاج العلمي (إرث البنت في الإسلام) إلي الصوغ الثاني (إرث ابن الزني) الذي يقبله ذا قواعد معلومة لأهل الاختصاص ومتفق عليها: شرط وحدة السياق بين الظاهرتين أعني عدم أخذهما بمعزل عنه وهو هنا روح القانون العامة. والشرط الثاني هو شرط الشرط الأول وهوأن يكون بين الصوغين تشاكل بنيوي يبرزه الصوغ الثاني ويخفيه الصوغ الأول وهو عينه ما يمكن من العلاج. فالصوغ الثاني ليس هو العلاج بل هو كما في مثال الصوغ الجبري يمثل منطلق العلاج المؤدي إلي الحل تحليلا أو تركيبا: شرط التشاكل البنيوي بين نظامي الملكية والوصية.
فهل الحكم القانوني الذي يحدد الإرث عند ابن الزني في القانون الفرنسي الذي تشير إليه الباحثة يشترك مع النظام الذي يحدد الإرث عند البنت في الشرع الإسلامي في غير المقدار؟ وهل اعتبار انتقال الملكية بالإرث حقا للوارث يقتضي المساواة بين الورثة يبقي لمفهوم الحرية في التصرف في الملكية معني خاصة إذا لم نجد أدني مبرر لحصر هذا المبدأ في الأخوة؟ وهل الاشتراك في المقدار وحده كاف للقول بالتشاكل البنيوي بين الظاهرتين الموصوفتين أم إنه يستوجب الاشتراك في العلة العميقة التي بموجبها يحدد المقدار أيا كان كما علل القرآن سبب نهي المالك من تفضيل من سيوصي له بما يظنه علما بمن هو أكثر نفعا له من بينهم؟ والعلة إن وجدت ألا ينبغي أن تكون هي عينها جوهر المبدأ الوجودي الذي يستند إليه التشاكل البنيوي العميق تحت سطح الظاهرتين؟ والتشاكل المبني علي المقدار حتي عند التسليم بقابليته للاستعمال في الكلام علي الإرث معدوم في هذه الحالة بسبب الخلل في حدود المعادلة. فالمقارنة كان يمكن أن تكون مفيدة لو لم يكن أحد الحدود الأربعة مختلفا: فمقدارا الإرث متجانسان (النصف في الحالتين) لكن الوارثين من جنسين مختلفين (ذكر وأنثي) إلا إذا كان مدلول ابن الزني يعني الجنسين عند الباحثة. لذلك فالتشاكل حتي لو قبلناه لن يكون وجوديا بل رياضيا لا غير بمعني انتسابه إلي طبيعة طريقنا إلي علمه وليس إلي طبيعته هو. طبيعته التي لا ندري ما هي دراية تمكننا من زعم الكلام علي المنزلة الوجودية لمن تنسب إليهم الحقوق.
فعلاقة الطبيعتين إحداهما بالأخري منعدمة أعني أن الوجود (معين المنازل الوجودية) والمال (معين مقادير الملكية الموروثة) ليس بينهما علاقة مباشرة. ومن يدرس العلاقة يجدها تمر بتوسط الحقوق التي تضبط أمرا يكون مشتركا بينهما له شيء من طبيعة حدي التوسط. فمن المنزلة الوجودية تنبع الحرية شرط إرادة الفعل في المجال الإنساني. ومن المال تنبع القدرة عليه في المجال الإنساني. فتكون العلاقة بين الملكية من حيث هي أداة الفعل والحرية من حيث هي علته وغايته أو العلاقة بين الإرادة وإحدي أدوات القدرة موضوع الحقوق التي تصل القانون الذاتي بالقانون الموضوعي ومن ثم تصل الذات من حيث أحد أبعاد منزلتها الوجودية بالملكية من حيث أحد أبعاد دورها في تحقيق أحد شروط الإرادة النافذة أي القدرة: فيكون الأمر كله متعلقا بحق تملك المال وبحرية التصرف فيه دون وصاية أيا كان مقداره وفي ذلك تتساوي المرأة والرجل في الشرع الإسلامي ولا أظن الأمر كذلك في أصل الشرع الذي أخذت الباحثة منه مثالها المحبب. ولن يختلف الأمر حتي لو كان كذلك إذ يكون التعلق بحرية التصرف وليس بمقدار المتصرف فيه.
أما تساوي المقدارين وحده فهو غير كاف ليكون في المقيس عليه دلالة أوضح مما في المقيس في هذه الحالة علي القانون العام الذي يشتركان فيه أعني في التشاكل البنيوي المطلوب المعلل للنقلة من أحدهما إلي الآخر ومن ثم الممكن من العلاج. ولا أظن الكاتبة تجد مثل هذا الكلام صعبا فهو واضح حتي للمبتدئين في فنون العلاج الرياضي فكيف بالمتجاسرين علي تفسير القرآن بمثل هذه الأقيسة العجيبة؟
وظني ـ والله أعلم ـ ان علة نصف الإرث عند ابن الزني غير علة نصف الإرث عند البنت في الإسلام رغم علمي أن هذا النصف الأخير ليس معللا في أي نص قرآني اللهم إلا إذا حملنا محمل الجد ما استنتجته الكاتبة بتأويلاتها لتاريخ خصومة الإرث عند العرب في الجاهلية وفجر الإسلام. فكل هذه التأويلات أقل ما يقال فيها إنها ليست مبنية علي قواعد سليمة كما سنري في المسألة المنهجية الموالية. فعلة مقدار الإرث ينبغي أن تكون من جنس الموروث أعني أنها ينبغي أن تكون من خصائص الملكية الكمية وليس من كونها ملكية ولا من كونها دالة علي الحرية التي هي مقوم من مقومات المنزلة الوجودية: فحرية التصرف في المال لا تقدر بمقدار المال بل بمقدار التصرف. ولا شك أن مدي فاعلية الحرية يمكن أن تقاس بمقدار المال في المجتمع الإنساني لتقدير المنازل الاجتماعية بمقداره وخاصة في المجتمعات الأليغارشية كالتي يحلم بها حداثيونا ويسمونها ديمقراطية: يصعب أن يفهموا التشريع المعد لمجتمع ذي قيم ارستوقراطية تشمل الجميع مجتمع للفضيلة فيه معني وبها تحدد المنازل لأن معيارها التقوي في التعارف وليس التقية في التناكر.
وفي هذه الحالة تكون علة النصف في إرث ابن الزني ـ والله أعلم ـ تقليدا موروثا عن العرف الفرنسي قبل الثورة بقي في لاوعي المشرع الفرنسي. فهو ابن من أم لم تدفع لأبيه ما يقابل الصداق عندنا لأنه لم يتزوجها قانونيا ـ كما هو الشأن في عرفهم المشار إليه ولا ننسي أننا نتكلم علي من عندهم ما يورث ولهم القدرة علي الزنا المعلن والاعتراب بالأبناء الطبيعيين بالمصطلح غير الديني ما دمت أتكلم بلغة الأكاديميين المتحررين من هذه المفردات غير المحايدة فلا معني لوصف العلاقة بالزنا عندهم ! ـ فلا يكون له من الإرث إلا نصف حق الابن الشرعي الذي يرث من الثروة بكاملها ـ أعني من ثروة الأب وفيها ثروة الأم التي انضمت إلي ثروته والتي يعد الصداق جزءها الأهم ـ وليس من نصفها. وهذا يبين أن النصف هنا عادل بإطلاق. لكن مثل هذا التعليل منعدم في الحالة الإسلامية: ليس للأب مبرر لحرمان البنت من النصف الذي خصم من حقها الكامل بمنطق الباحثة إذ حتي هذه الحجة التي وجدناها لنصف ابن الزني ليس لها وجود لبنت الحلال ! إنه حرمان تحكمي مئة في المئة: ليس من مبرر قابل للتصور من أصل الملكية نفسها كما في حالة ابن الزني.
لكن الباحثة استعاضت عن العلة التي حددها الشرع الإسلامي بعلة استنبطتها بعملية تأويلية غير مشروعة منطقيا وفلسفيا سنأتي إليها لاحقا. فالعلة عندها ليست إلا مجرد تحليل ينصف به الشارع المفضول للمحافظة علي منزلته الدونية أو مفضوليته. وهو عندها لن يتحرر إلا بالعدل الذي هو عندها المساواة وهي في عرفها فوق الإنصاف. وكنت في الحقيقة أظن الإنصاف أبلغ من العدل لأنه يتجاوزه إلي الإحسان فإذا بي أجده قد أصبح حائلا دون العدل والمساواة. فلا العدل هو أن تعطي المرء ما يستوجبه مقامه ولا الإنصاف هو أن تقسم معه مناصفة دون اعتبار للمنازل بل العكس هو الصحيح عند فيلسوفة الحقوق في فقه اللغة الحداثية: ربي زدني علما.
والمشكل الأهم في هذه الترجمة العجيبة أن الأستاذة لم تبحث في تعليل مناصفة ابن الزني أصلا فضلا عن عدم الوعي بعدم تعليل مناصفة الإناث في الشرع الإسلامي. لكنها حاولت طلب التعليل من خارج النص واللجوء إلي أسباب النزول بدون رابط بين الآية وسبب نزولها كما حاولت طلبه من غير الآية إما في السنة أو في تاريخ الجاهلية. وهذا خروج عن مفهوم سبب النزول من أصله تسليما جدليا منا بأن سبب النزول يصلح تفسيرا لكون النصوص هي علي ما هي عليه فيتجاوز كونه من دوافع إيجاد النص المعلومة وليس علة كونه علي ما هو عليه.
وحاصل القول إن الترجمة لم تكن بهدف صوغ المعادلة التي تساعد في العلاج بل هي من جنس حيل الخطابة التي تعتمد علي الاستشناع الخطابي من أجل الاستفضاع الدرامي المؤدي إلي إقناع المخاطب برأي الخطيب الذي أعيته الحجة بمقومات ما يصفه بخطابه. ولعله من فساد الذوق أن يقارن المرء شرعا مقدسا عند شعبه حتي وإن لم يكن المقدس ذا معني عنده بمدنس حتي في الشرع الوضعي الذي اعتمده رغم كونه يجهل منه العلل والأسباب: فتكون الشريعة الإسلامية في مسألة إرث البنت أشنع من الشريعة الفرنسية في إرث ابن الزني. ولما كانت ثروة الأب ليست له وحده في نظام الملكية التي أخذ منها مثال إرث ابن الزني بل هي ثروة الوالدين كان من المعقول جدا ألا يحصل ابن الزني إلا علي نصف ما يحصل عليه الابن الشرعي. ولما كانت الباحثة قد تكلمت عن ابن الزني دون بنت الزني فإننا لن ندلي برأي حتي تفعل علي ألا ننسي المساواة بين حظ الزواني والزناة حظهم من العلوم التي تقيس المنازل الخالدات بالفاني من الممتلكات. المسألة الأخيرة لعل مفهوم الحداثيين لا تزال دون إدراك الفرق بين السبب والعلة. ولا يدركون أن السبب لا يعدو أن يكون الحدث العارض الذي يمكن أن ينبه الإنسان إلي أمر. لكن علة الأمر غير سبب إدراكه. فالأمران ينتسبان إلي سلسلتين من الأحداث مختلفتين تمام الاختلاف:
أولاهما متصلة بأثر وقعه يجري في مستوي الأحداث النفسيه (=صغائر التاريخ). والثانية لها تعلق بترابط أحداث الأمر (=عظائم التاريخ) الذي انتبه إلهي الإدراك.
وهذا الأمر مقوماته ذات ترابط وجودي لا يعلم إلا بما يكونه العقل من ترابط بين حدود منطقية مشاكلة للحدود الوجودية ويجهل إذا ظنت علله راجعة إلي الأحداث النفسية. ولنضرب مثالا مشهورا حتي يفهم من يدعي الفهم من دون أسبابه: فلو صحت نظرية مفسري التشريع الإسلامي بأسباب نزول القرآن لكانت خرافة التفاحة التي سقطت علي رأس نيوتن تفسيرالبنية قانون الجاذبية!
لافائدة من التذكير بدلالة المطلع الشهير لأشهر قصائد المتنبي. فتفسير جلائل التاريخ بصغائر الأحداث هو الأصل في الأهمية التي يوليها من يخلط بين أسباب النزول وعلل كون النازل هما علي ما نزل عليه. ويذكرني هذا بموقف ابن خلدون ممن يفسر نكبة البرامكة بالعلاقة الغرامية بين العباسة والبرمكي. فعندي أن كل محاولات فهم التشريع القرآني بأسباب النزول ـ حتي لو توفرت وكانت العلاقة بين النص والأسباب ثابتة ـ لا تعدو أن تكون تفسيرا للتاريخ الجليل بالتاريخ الصغير: لذلك تري كل الحداثيين يسترقون السمع لما يجري في بلاطات بلادهم لتفسير التاريخ بمقاسهم سواء كان ماضيا أو حاضرا. سأستسمح القارئ باستطراد مشروع في مثل هذه الحالات التي يكون فيها علاج المسائل البنيوية سانحة لعلاج المسائل الظرفية. فقبل الكلام علي هذه المسألة العويصة أشير إلي مأساة ـ ملهاة ركحها أقسام العربية في الجامعة التونسية. فعلوم العربية التي هي أسمي علوم الأمة ماتت وعوضها شبه من التفلسف مربع قل أن تجد له مثيلا في الجامعات التي جعلها النقد الذاتي تتحرر من سلطان الدجل:
فبعض المختصين فيها أصبحوا فلاسفة تاريخ وبعضهم أضحوا فلاسفة حضارة وبعضهم أمسوا فلاسفة نقد وهم جميعا باتوا فلاسفة تشريع
ولم يبق أحد في أقسام العربية مختصا في علوم العربية إذا أضفنا إلي هذا الرابوع الرطن بما يسمي اللسانيات بين قوم لا يكاد أغلبهم يجيد اللسان العربي حتي وإن حفظ قواعده فضلا عن غياب تعدد الألسن الضروري لمثل هذه المهام. ووهم تفسير التشريع الإسلامي بأسباب النزول بدأها زعيم فلسفة التاريخ رغم كونه ينتسب إلي اختصاص العربية وتابعها زعيم فلسفة الحضارة رغم نفس الانتساب وأتمتها زعيم فلسفة النقد رغم نفس الانتساب: وكلهم يشتركون في جرأة التطفل علي ما ليس من اختصاصهم جرأة لا يساويها إلا الجرأة علي إهمال اختصاصهم.
فهل الآداب العربية تعد إلي فلسفة التاريخ وفلسفة الحضارة وفلسفة النقد إعدادا يؤهل أصحابها إلي الخوض في فلسفة التأويل والشرائع والأديان من حيث هم علماء؟ أم ان المنتسبين إليها يعبرون عن مواقف شخصية في حدود ما يضمنه حق حرية التعبير للمواطن بخصوص التشريعات التي تنتظم بها حياة الجماعة؟ لن أجادل إلا في الخلية الأولي من هذا الخيار. أما الخلية الثانية فلا جدال فيها. فحق المواطن في موقف شخصي من مثل هذه المسائل أمر مشروع. لكن أن يزعم البعض موقفه علما وأن يقدمه علي أنه ليس موقفا شخصيا بل تأسيسا لنظريات في فهم التشريع الإسلامي وتأويل مضموناته حتي يجعله مادة للتدريس الجامعي دون فهم لمعني الفصل بين المجال العمومي للنقاش بين المفكرين والمجال الخصوصي لتدريس المضمونات العلمية في الجامعات فذلك هو ما أعتبره مأساة ـ ملهاة تجري علي ركح أقسام العربية في جامعاتنا.
ولنستأنف البحث في قضية العلاقة بين أسباب النزول والنصوص النازلة. وحتي نعالج القضية بأكبر قدر ممكن من الحياد سنفردها من بعديها التشريع عامة والتشريعي الديني خاصة. لن نهتم بأسباب التشريع عامة (وضع القوانين) ولا بأسباب النزول (التشريع الديني) بل سنهتم بالوقوع وأسبابه سواء كان الأمر متعلقا بوضع التشريعات (في مجال المعايير القانونية) أو بوضع النظريات (في النظريات العلمية).
فلنبدأ بالنظريات العلمية إذ هي أيسر علي الفهم من التشريعات القانونية. فلا شك أن بعض التجريبيين يتصور المعاينات التجريبيبة من أسباب وضع النظريات العلمية. لكني لم أسمع بواحد منهم ذهبت به النزعة التجريبية إلي أن يصير غفلا فيعتبرها علل كون القوانين العلمية هي ما هي. فالقوانين العلمية تخضع لمنطقين متعامدين:
1 ـ أحدهما منطقي خالص هو تناسق النظريات في تواليها التاريخي (تاريخ بناء علم الفيزياء مثلا هو الذي يحدد المشاكل الفيزيائية وحلولها ومن ثم النظريات من حيث هي لبنة في جسم علم الفيزياء) وفي تساوقها الفني (التناسق مع فروع علم الفيزياء والعلوم الشارطة كالرياضيات والمشروطة كالكيمياء). 2 ـ والثاني اقتصادي خالص هو النسق الأبسط والأقل مفروضات لعلاج أكبر عدد مممكن من القضايا التي يطرحها المجال الموضوع للعلم في تواليها التاريخي (التقليل من الشذوذ التجريبي في ظاهرات الموضوع) وتساوقهاالفني (الاستفادة من تقدم العلوم الشارطة والعلوم المشروطة).
أما ما يسمي بأسباب الوقوع أو التجارب التي بموجبها يضطر العالم إلي مراجعة نظرياته أو وضع نظريات جديدة فهي من جنس المنبه الذي يوجه انتباه العالم وليست من جنس علة العلم الذي يصل إليه العالم. إنها تنبهه إلي أمر ينبغي أخذه في الحسبان دون أن تحدد كيفية أخذه في الحسبان. فهذه الكيفية ينبغي أن تخضع للمنطقين المتعامدين اللذين أشرنا إليهما أي المحدد المنطقي أو ما يمكن أن يعتبر جوهر الأكسيومية التي هي صورة العلم والمحدد الاقتصادي الخالص أي ما يمكن أن يعتبر جوهر الفاعلية التي هي وظيفة العلم من حيث هو صورة عن العالم وأداة فعل فيه.
ولنأت الآن إلي التشريع. فهو يقبل القياس علي ما يتصف به العلم من حيث هذين المحددين المؤثرين في كونه ما هو وتحرره من سبب الوقوع. فلا وجود لتشريع يتجدد في كل لحظة بمقتضي المنبهات الخارجية التي تمثلها أسباب النزول في حالة التشريع المنزل وأسباب الوقوع في حالة التشريع الوضعي: ويذكرني هذا الموقف بموقف فقهاء عقاب الزمان الذين يتصورون الفقه لا يتطور إلا بالمنبهات الخارجية التي يسمونها فقه الواقع الذي هو في الحقيقة البديل من علمه أعني الجهل بطبيعة التشريع والواقع. فكل قانون جديد لا يتصل به سبب النزول أو الوقوع إلا بصلته بتوقيت التشريع وظرفه. لكن التشريع الذي سينتج بعد هذا التنبيه لن يكون محكوما إلي بالمحدد المنطقي والمحدد الاقتصادي بالمعنيين اللذين أشرنا إليهما في حالة القانون العلمي علي الأقل من حيث صورته القانونية.
لا شك أن الكثيرين سيحتجون بأن القانون التشريعي عامل التأثير فيه الخفي أهم من هذين العاملين المحددين لصورته القانونية دون مضمونه القانوني: وهذا العامل هو علاقات القوة في المجتمع. وهم يحتجون هذا النوع من الاحتجاج لظنهم القانون العلمي خاليا من أثر علاقات القوة في المجتمع. فخيار الحلول في الحالتين خاضع للتناسق مع النسق العام للحضارة التي يقع فيها التشريع بحسب مجالاته الثقافية. الفرق الوحيد أن المحدد الذي من هذا الجنس في العلمية هو علاقات القوة في وسط الثقافة العلمية أو في الجماعة العلمية: الخيارات في الحلول النظرية محكومة بعلاقات قوي بين مذاهب فكرية أو فلسفات يحكمها في الغاية خيارات عملية تعود إلي جنس الخيارات التي تحكم الأخلاق العامة ما كان منها واعيا أو غير واع أعني ما يسمي بـ المعروف والمنكر Silichkeit. وهي في التشريع علاقات القوة التي يبدو فيها هذا الطابع بأكثر وضوع لأنها تحدث في وسط الثقافة السياسية أو الجماعة السياسية التي مدارها الأخلاق العامة لجماعة من الجماعات.
وفي كل الأحوال فليـــــس سبب النـــــزول أو سبب الوقوع إلا المنبــــه أو ما يسمي بالفرنسية La causalitژ occasionnelle ليس هو العلة الذاتية لما سيكون عليه القانون سواء كان علميا أو شرعيا بل هو المناسبة التي يأتي القانون لعلاجها بمنطقه الخاص وليس بما ورد في السبب من منبهات تعد السانحة التي وجهت الذهن إلي عرض من أعراض ما سيعالجه التشريع. فكل ما قاله طالبو التفسير بأسباب النزول يمكن أن يكون صحيحا من حيث التنبيه إلي ضرورة علاج المسألة التي يريدون تفسيرها. لكن تلك الأسباب لا تفسر كون ما يريدون تفسيره علي ما كان عليه بل هي قد تفسر توقيت وقوعه وظرفه لا غير. لذلك فلــــــيس لما قالته الباحثة حول الإرث عند العرب وفي لحظة نزول الآية علاقة بما تم في آية الحد من حرية التصرف في الوصية. الخاتمة كيف نفهم عدم الفهم عند من لا يميز بين سبب نزول النص (أو وقوعه في القانون الوضعي) وعلة ما نص عليه ومن يتصور الترجمة أداة تحليل كيفما اتفق وينتهي إلي التطفل علي غير اختصاصه بمعان ثلاث. ذلك أن مسألة المساواة في الإرث بين الرجال والنساء وإن كان ذات صلة بقضية الجناسة والحركة النسوية فإنها لا تقتصر عليها بل تتعداها إلي ثلاثــــة وجوه يحق لأي إنسان أن يقف منها الموقف الذي يلائمــــه دون أن يزعم موقفه مستندا إلي معرفة علميـــة بل هـــو مجرد رأي. ليس يحق له أن يقدم مبررات موقفه وكأنها عــــلوم بأسانيد فيها شبه من البحث الأكاديمي بما يرد فيها من مصطلحات رنانة تزعـــــم عقلية (مثل المنزلة الوجودية ومنهج الترجمة طلبا للبنية العميقة والمسكوت عنه زعما باستعمال الهرمينوطيقا إلخ..) وتشخيصات تبدو انثروبولوجية في ما وراء أسباب النزول. فلا بد من علم متين في ثلاثة اختصاصات ليس لمن اختصاصه العربية حتي وإن زعم التفلسف في التاريخ أو في الحضارة أو في النقد الأدبي مقومات الكلام العلمي فيها: أولها حقوقي وقانوني والثاني منطقي وفلسفي والثالث عقدي وديني ولما كان الاختصاص الأخير أقل الثلاثة بعدا عن الالتزامات التي يصعب ألا يقع فيها الخلط بين الموقف والعلم بات التطفل عليها داء دويا وخاصة في المتطفلين علي فلسفة التاريخ وفلسفة الحضارة وفلسفة النقد فإني ركزت علي الأولين ولم أجادل في الأخير رغم علمي بأن أكثر الناس هوسا بالهاجس الديني هم من يزعمون وقوف مواقف العلمانية: فلو اعتبرنا كثرة الكلام في المسائل الدينية حتي سلبا مقياسا لمعرفة الهواجس التي تدور في خلدهم لكانوا أكثر معاناة للمسألة الدينية ممن يزعمون إسلاميين في الحركات المتحمسة للفعل المباشر واستبدال النظريات الفلسفية بالثرثرات الإيديولوجية.
وحتي يتأكد من الحداثة الكاذبة في فكر الحداثيين العرب يكفي أن تسأل عن طبيعة الشرعية التي يستند إليها التشريع الوضعي الذي يريدون. فمن المفروض أن يكون البديل الوحيد من شرعية التشريع الذي تقول به أخلاق الجماعة التي ينتسبون إليها الشرعية الديمقراطية أعني إرادة الجماعة التي يريدون أن يفرضوا عليها آراءهم التشريعية. فهل يقبلون مثلا أن يعرض مقترحهم بالحد من حرية المالك في الوصية إلي غاية تتحقق فيها المساواة بين المرأة والرجل في الإرث علي الاستفتاء الشعبي؟ طبعا سبكون ردهم: لكن الشعب جاهل ولا يفهم ما يفهمون. فيثبت من ثم أنهم ليسوا علمانيين بل قائلين بكنيسة العقلانيين الاستبداديين الذين يشرعون للشعب بديلا من الكهنوت الذي ينسبون إليه ما يعتقد الشعب أنه إرادة الله.
إنهم يقدمون أنفسهم علي أنهم تحرروا من سلطان الكهنوت الزائف باسم إله وهمي حسب رأيهم بسلطان كهنوت أكثر زيفي باسم إله هو عين التزييف: العقل الذي لا يمتاز عن الرأي وعبادة الهوي إلا بالادعاء. أما خصومهم فيجمعون بين الشرعيتين: شرعية ما تؤمن به أغلبية الجماعة وشرعية ما تريده الجماعة شرعا لها لو استفتيت في تشريعاتها. لذلك فإنه لم يبق لهؤلاء غير شرعية الاستبداد الذين هم حلفاؤه موضوعيا وذاتيا مع رفاه المعارضة الصالونية التي لم تعد تنطلي علي أحد وخاصة منذ أن تبين للجميع حلف أغلبهم مع رأس الطاغوت في الحرب علي حصانة الأمة الروحية بالعمالة الفاقدة لكل روح والعابثة بكل القيم باسم عقلانية قاصرة علي أدني شروط علوم العقل والنقل.
(*) مفكر وأكاديمي من تونس (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 ماي 2007)

بورقيبة … ثانية

د. محي الدين عميمور(*)
كنت مترددا في التعليق علي برنامج قناة العربية حول الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الي ان قرات في عدد الجمعة تعليقا للدكتور عماد عبد الرزق حول الامر، توقف فيه مطولا عند خطاب الرئيس التونسي الراحل في اريحا، وهو امر يحلو لكثيرين اثارته اليوم لمجرد ادانة مرحلة معينة من التاريخ العربي.
وانا اعتقد ان السيدة ميسون، ومع اعترافي بجهدها المتميز، شيدت تحليلها علي عمل فني سياسي غير متكامل، ومع اعترافي بما بُذل فيه من جهد، ولمجرد انه قزم الرئيس الحبيب بو رقيبة وقدمه كمجرد رئيس لتونس، ولم يلجأ في عمله الي الاستعانة بعشرات السياسيين الذين عرفوا الرئيس الراحل او تعاملوا معه، ولم يكن بالتالي من حق مُعد البرنامج تناول احداث عربية من زاوية واحدة بما يمكن ان يري فيه البعض كذبا بالحذف (وهو ما لا اتصور انه امر مقصود لذاته ولكن نتائجه يجب ان ترصد وتسجل).
وكان المفروض ايضا ان يلجأ مُعدّ البرنامج الي مذكرات الجنرال شارل دو غول، وما ذكره عن الزعيم التونسي بالنسبة لبعض مواقفه في مطلع الستينيات، وخصوصا في قضية بنزرت ، وهي ملحمة هامة في التاريخ التونسي المُعاصر.
وبداية لا بد من الاعتراف بان الرئيس الحبيب بورقيبة هو واحد من كبار رجالات هذا العصر الذين تمكنوا بذكائهم المتميز من الوصول الي مرتبة رئيس مدي الحياة (بقانون سُنّ خصيصا له) بعد ان تخلص تدريجيا من الشيخ الثعالبي مؤسس حزب الدستور (القديم) ثم من محمد الامين، باي تونس ثم، وبالتصفية الجسدية، من صالح بن يوسف، ثم من كل قيادات المقاومة التونسية، وتمكن بعبقرية خارقة للعادة من تحويل كل من تحمل رئاسة الوزراء الي كبش فداء ينقذ زعامته المنفردة، التي وضع لنفسه فيها لقب المجاهد الاكبر . وسأركز في هذا الحديث علي قصة خطاب اريحا المشهور، لعل الذين يتصدون فيما بعد لتناوله يتعمقون اكثر في تحليل معطيات تلك الفترة بما يضع الامر في نصابه ويُعطي لكل ذي حق حقه.
والنقطة الاولي هي اعتبار مطالبة بورقيبة العرب بالاعتراف بتقسيم فلسطين سابقة شجاعة كان يُمكن ان تكفينا شرّ حروب تتواصل حتي اليوم. والواقع يقول ان ذلك كان يمكن ان يكون صحيحا لو كان الرئيس بو رقيبة قد اخذ قبل ذلك عهدا علي الولايات المتحدة الامريكية لكي تفرض علي اسرائيل قبول اقتراحه، علي اساس ان واشنطن كانت الحليف الاول لاسرائيل.
لكن الواقع يقول ايضا بان كل القيادات الامريكية كانت اكثر حرصا علي اسرائيل من بن غوريون وشاريت وبيغين وشامير مجتمعين، والي درجة ان تعليمات ايزنهاور لبوب آندرسون وهو يرسل به لترويض جمال عبد الناصر في منتصف الخمسينيات كانت عدم الالتزام بما يمكن ان يؤدي الي تنازل اسرائيلي عن الاراضي التي احتلتها خارج قرار التقسيم، ومن بينها النقب التي رفض بن غوريون وشاريت مجرد الحديث عنها. وتقول الوثائق التاريخية ان اول من فكر في طرح الاعتراف بالقرارات الدولية المتعلقة بفلسطين، ومن بينها قرار التقسيم، كان وزير الخارجية المصرية الاسبق محمود فوزي، الذي اقنع الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام 1955 بتقديمه الي مُنظمي مؤتمر باندونغ، الذين كان بعضهم (وخصوصا اونو رئيس بورما آنذاك) يتفاعلون ايجابيا مع طلب اسرائيل للمشاركة في المؤتمر.
واعرب عبد الناصر يومها عن استعداده لقبول مشروع التقسيم كتابيا اذا قبلته اسرائيل كتابيا ايضا، وكان الرفض الاسرائيلي لهذا الطرح سببا في عزلتها عن العالم الثالث الي تشرين الثاني (نوفمبر) 1977 عندما اسقط الرئيس انور السادات ما اقنعه به هنري كيسنجر من انه حاجز نفسي يكفي اسقاطه لتعرية اسرائيل واجبارها علي ردّ الحقوق العربية لاصحابها.
وكان ذلك بداية الانهيار النهائي للتضامن العربي الذي اوصلنا الي عصر التنازلات المُتتالية. وهكذا فان اعطاء فضل الحديث عن قبول قرار التقسيم للرئيس بو رقيبة هو تزوير للتاريخ، علما بان الرئيس التونسي لم يستشر احدا من اعضاء وفده في الامر، وبغض النظر عن تفاصيل حواره مع الرئيس عبد الناصر، والتي اشار اليها البرنامج عن حق، فلم يكن من حق عبد الناصر ان يفرض علي بورقيبة ما يجب ان يقوله للفلسطينيين. لكن رغبة بو رقيبة في الخروج بموقف متفرد كان وراءها ضيق حقيقي من التفاعل العربي الهائل مع الرئيس عبد الناصر حتي علي الارض الفلسطينية (وهو ما اثار كثيرين في المغرب العربي من بينهم الرئيس الجزائري الاسبق الشاذلي بن جديد خلال زيارته لغزة في منتصف الستينيات، حيث قال للمتظاهرين الذين كانوا يهتفون للرئيس المصري بان كفاحهم هو وحده الذي يعيد لهم حقوقهم، ودفع الشاذلي ثمن ذلك اذ اعيد الي القاهرة في طائرة شحن).
وليس سرّا ان بو رقيبة كان يشعر بقلق كبير من شعبية عبد الناصر، وبوجه خاص من علاقاته مع القيادة الجزائرية آنذاك بزعامة الرئيس احمد بن بله، بل ان الاستاذ محمد حسنين هيكل يورد تعبيرا متوترا للرئيس بو رقيبة قال فيه للرئيس عبد الناصر بسخط حقيقي: لماذا انت طويل وانا قصير؟ .
وانا اصدق هذه الرواية لانني اعرف اننا، وبطلب تونسي، كنا نضع كرسيا في السيارة الرسمية المكشوفة ليصعد عليه بو رقيبة فيبدو اطول من الرئيس هواري بومدين، وكنت الاحظ خلال زيارتنا الي تونس ان هناك عددا من الرجال الاشداء مهمتهم حمل الرئيس التونسي علي الاكتاف عند كل تجمع جماهيري. لم يكن الرئيس التونسي اذن صادق النية وهو يدعو الفلسطينيين لقبول قرار التقسيم لان الامر كان مجرد انفعال ظرفي، لعل من بين اهدافه التشكيك في طروحات الرئيس عبد الناصر، ومن بين الادلة علي ذلك ان الرئيس التونسي لم يطالب باجتماع للجامعة العربية لتدارس الامر، ولم يطرح الامر علي مؤتمر للحزب الدستوري وفيه من المناضلين والخبراء من يمكنهم دراسته وتقديم المعطيات العملية حول تنفيذه.
ولعلي، والامر يتعلق بتاكيد الطبيعة المندفعة للرئيس بورقيبة، اضيف امرا يتعلق بالوحدة التي عقدها مع العقيد معمر القذافي وعرفت بوحدة جربة، والتي كان موقف الرئيس الجزائري هواري بو مدين السلبي منها سببا في انهيارها قبل ان تعمّر اسبوعا واحدا، واختفي من الساحة السياسية الي الأبد مهندسها وزير الخارجية محمد المصمودي.
فقد قلت للرئيس بو مدين، وكنت آنذاك مستشاره الاعلامي، بان موقفنا من الوحدة سيعطي الفرصة لخصوم الجزائر لتاكيد ادعاءاتهم بان الجزائر تقف ضد الوحدة العربية. وقال لي الرئيس الجزائري الراحل، وهو ما كتبته قبل سنوات، من ان الوحدة هي مثل الزواج، والمثل الشعبي يقول ان زواج ليلة يلزمه تفكير سنة، اما ما حدث في جربة، دون دراسة مسبقة او تحليل لاوضاع البلدين او استشارة لشعبيهما، فهو زواج متعة. لكن هذا كله لا يمنع من القول بان الرئيس الحبيب بو رقيبة هو واحد من الذين وضعوا بصماتهم علي القرن الماضي، والمرفوض هو ان يقوم البعض بتزوير التاريخ ظنا بان ذلك تكريم للرجل الذي آمن بتونس اولا واخيرا. وقد اعود للامر ثانية لاستكمال بعض الجوانب عن الزعيم التونسي الراحل.
انطباعات عابرة
اتابع بحجم كبير من الاستياء ما يدعو اليه البعض من ادانة للتعامل مع القنوات الاجنبية علي اساس انها قنوات تكرهنا ولا تريد لنا الخير، وهو قول اتصور انه يعبر عن موقف عبثي لا يعرف من امور الدنيا شيئا مذكورا. فالتعامل مع الخارج لا ينطلق من حب او كره وانما من تكامل للمصالح يتفهم فيه كل طرف التزامات الطرف الآخر. واتذكر هنا ان شخصية تعمل اليوم في مجال المجتمع المدني تحاورت عبر فضائية عربية متميزة مع من يُعطي لنفسه صفة معارض جزائري (وهو نفسه الذي استمعنا له مؤخرا عبر اكثر من قناة وآخرها مع دبلوماسي جزائري في حصة قلم رصاص للاعلامي الكبير حمدي قنديل، الذي كان يبدو عليه امتعاض كبير لان الدفاع كان اقل من مستوي الهجوم).
اندفعت الشخصية الجزائرية في دفاع عن مواقف السلطة الجزائرية وتصرفت كمدفع رشاش كان همه ان يمنع الطرف الآخر من اعطاء وجهة نظره، والتي كان يُمكن هدمها بسهولة ويُسر بالمنطق والحجة.
وبعد ايام التقيت الشخصية الجزائرية فراحت تتفاخر بان كل من لقيتهم من المسؤولين الجزائريين اثنوا علي تدخلها، ولقيت في اليوم التالي سفير البلد الشقيق الذي يحتضن الفضائية فسألني قائلا : اريد ان اعرف هل الشخصية التي تكلمت في الفضائية في الاسبوع الماضي كانت تتحدث معنا هناك ام معكم هنا؟. ولم اجب لانني اعرف ان جل المتحدثين في الفضائيات الاجنبية يوجهون حديثهم لمؤسسات جزائرية ولا يهمهم المستمع غير الجزائري، وهنا يكمن المشكل.
(*) وزير سابق وكاتب من الجزائر (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 ماي 2007)


هنيئا لكم السقوط ..

عبدالباقي خليفة (*)
 » لا تنتظروا مني القبول ،أنا الذي يؤمن بأن الله الذي جعل لي عقلا وزودني بالمنطق وبحس فهمي هو الذي تقولون إنه يريدني قمع استخدامهم  » غاليليو ردا على الكنيسة التي أنكرت قوله بدوران الأرض . •الكنيسة : توقف عن قولك بدوران الارض لان ذلك يخالف الكتاب المقدس •غاليليو : لكنها تدور ..
 » والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى حتى عاد كالعرجون القديم. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر .ولا الليل سابق النهار .وكل في فلك يسبحون  » القرآن الكريم * في الوقت الذي يشمئز فيه البعض من تصرفات العلمانية في البلاد الاسلامية ومنها العربية ، وتزداد فيه حدة الدفاع عن ذلك المسخ الذي يحكمنا بالحديد والنار، بشهادة أنصاره ، أجدني في غاية السرور والحبور من عظائم الامور. ( فرحت ) عندما قامت فرنسا بمنع الحجاب ، و( فرحت ) بأخبار غوانتانامو وأبوغريب ، وأمثالهما في تونس ومصر وغيرهما من البلاد الاسلامية ومن بينها العربية .  » لا لشئ سوى الاعتقاد الجازم بأن لا شئ يعين على الاعداء ويساهم في نهايتهم ، أكثر من عدم نزاهتهم وافتقادهم للعدالة وللاخلاق الانسانية  » كما قال غاندي ذات يوم . ورغم ألمي الشديد لما يحدث للأحرار في كل مكان على يد الأنظمة البربرية التي توصف بالعلمانية ، غير أني أرى أن كل ذلك يصب في صالح النقيض لذلك المسخ ، فالبقاء للأصلح وليس للاقوى كما يظن البعض . فكلما أمعنت العلمانية في القمع وفي قسوتها كان ذلك ايذانا بقرب رحيلها وسوء الاحدوثة في التاريخ ،كما حصل للاكليريوس وأنظمة الحق الالهي في أوربا. فالعلمانية المستبدة بما في ذلك علمانية الستار الحديدي وشرق أوربا البائدة ، لم تزد على تغيير إله من ثلاثة أضلاع أو مجلس إلهي واحد من ثلاثة أفراد ، بإله يمثل تيارا يريد فرض هيمنته على المجتمع والعالم ، ومن إنسان إله في النصرانية ،إلى تأليه الانسان ، ( كل انسان ) في العلمانية . وتغيير الكتب الدينية المقدسة ،بكتب وكتاب مقدسون ، أضيف عليهم في الدول العلمانية الديكتاتورية رؤساء مدنسون ( مقدسون ) . ولنا في التاريخ أكبر وأعظم العبر. فالعلمانية وكما يذهب إلى ذلك الموسوعي عبد الوهاب المسيري ليست مرتبطة بالديمقراطية أو العكس ، كما يزعم البعض ،وإنما هناك أطياف من العلمانية بعضها ديمقراطية وبعضها الآخر من أسوأ ما عرف التاريخ البشري من أنظمة حكم ، كالتي تسود في تونس ومصر وغيرها . فالنظام الشيوعي كان نظاما علمانيا بكل المقاييس ، وكان يعتبر الديمقراطية شكلا من أشكال البروجوازية . والانظمة العلمانية الغربية الديمقراطية ، لا ترى الديمقراطية من حيث الممارسة مطلبا للعلمانية في دول الجنوب التي تحكمها أنظمة فاسدة ومستبدة لان مصالحها تقتضي ذلك ،وهي بذلك تعود بالعالم للديمقراطية العنصرية الاولى في أثينا .وهذا وضع كل من يعترض على الديمقراطية تحت أي تبرير كان ، كشرط العلمانية . وهو شرط سفيه ومنافق ،إذ أن العلمانية المستبدة والناطقة باسم العلمانية كممثل وحيد تمنع شخصيات وأحزاب علمانية ،بوسائل غير ديمقراطية ، من المنافسة الديمقراطية للوصول إلى الحكم بل الوجود الموضوعي في مناخ طبيعي ، بعيدا عن المضايقات والممارسات القمعية الاستبدادية ، وتونس أكبر مثال على ذلك . لقد عاش الناس في القرون الوسطى بل قبل ذلك بكثير تحت نير الحكم الجبري ،ومحاكم التفتيش ،وتحولت السلطة إلى إله يعبد من دون الله ، بل في بعض فترات التاريخ ، شعر المستبدون أن وجود الله يهددهم فادعوا الالوهية ،كفرعون، أو مارسوها في صمت كما يفعل الطغاة اليوم ، وهم من عناهم ، سير ريتشارد فرانسيس بورتون ، بمقولته الشهيرة  » بعد دراستي لسيرهم تأكدت بأنهم لم يعبدوا شيئا غير أنفسهم « .واليوم تتمنى الكنيسة لولم تكن هناك محاكم تفتيش ، وتتمنى لولم تتحالف مع الاستبداد ، ولكن بعد خراب الكنيسة ، وخروج الناس منها أفواجا ، حتى أضحت الكنائس عرضة للبيع ، فتتحول إلى مراقص أو خمارات ومساكن ، وأحيانا مراكز عبادة للديانات الأخرى كالمساجد . مصير العلمانية المستبدة ولا سيما في البلاد الاسلامية سيكون أسوأ من مصير الكنيسة في الغرب ،الاولى وقفت في وجه العلم والديمقراطية ،والثانية في وجه الحريات والتدوال السلمي على السلطة، وهما من قيم المستقبل ، الأمرالذي يجعل الأنظمة العلمانية الشمولية بين خيارين في ظل قانون الانتخاب الطبيعي بتعبير الشيخ راشد الغنوشي ، التأقلم مع المتغيرات أو الانقراض . وليس هناك خيار آخر بعيدا عن ميتافيزيقا ( النظرية العلمية ) أو أكذوبة نهاية التاريخ . لذلك بقدر ما يؤلمني الواقع ،يفرحني المستقبل الذي قد أراه أو لا أراه ،ولكنه بعون الله ومشيئته قادم حتما . لقد كان ضروريا وفق قانون التحولات الاستراتيجية في حياة الامم ، قيام أنظمة ديكتاتورية ،واحتلال فلسطين والعراق ،وأفغانسان ،وامتلاء السجون ،وسيادة قانون الغاب ، وتغول السلطات ،وظهور حركات التمرد المسلح . ومما قرأته في الدراسات الاجتماعية الاكاديمية أن « الحروب من أقوى عوامل التغيير في حياة الأمم « . وفي كتاب الله  » لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا  » وقال تعالى « ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض « .لذلك يعتبر السكون والسكوت على الحق تمثلا بشيطان أخرس ،في العقيدة الاسلامية ،التي تعتبر  » أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر « كما ورد في الحديث . ونحن اليوم نفتخر بأبي ذر الغفاري ،والائمة الاربعة أبو حنيفة ، والامام مالك ، وأحمد ابن حنبل ، والشافعي ، وابن تيمية وابن المبارك ،والعز ابن عبد السلام ، وسعيد ابن جبير وقافلة الشهداء من فجر الدعوة إلى يوم الصحوة المشهود بمن فيهم شهداء تونس الأبرار في تسعينيات الالم والدم ،ومطلع القرن 21 الواعد بكل خير . إن كلمة الحق تتمثل في مقابلة مباشرة ، أو كتابة مقال ، أو تحبير كتاب ، أو ندوة ،أو بيان أو ماشابه ذلك . في بداية تسعينات القرن الماضي حضرت مناقشة بين عدد من الشباب حول ما يحدث في الجزائر آنذاك ، و كنت على الحياد أتابع ذلك النقاش العميق ، بدأ أحدهم حديثه بمهاجمة الجماعات المسلحة ، مخطئا طريقها في التعامل مع الازمة ، وحملها السلاح ،ولو دفاعا عن خيارات الجماهير ،وأطال في ذلك الحديث ، وكان من أصدقائي ، لكن الرد من ذلك الشاب الذي تجاوز العشرين بقليل لا يزال يرن في أذني حتى اليوم ، قال له  » لولا هؤلاء الذين تنتقدهم لما سمح لكم بالعمل السياسي السلمي « . لست مع العنف سبيلا لانتزاع الحقوق ، ولكن ليس لي الرد المناسب على ذلك الشاب الذي أصبح له شأن كبير الآن في عالم البحث والنشر والدراسات الاستراتيجية . وإذا ما يممت وجهي شطر مصر أرى أن النظام الذي هادن الاخوان المسلمين بعد هلاك جمال عبد الناصر ، يعود لقمعهم بقوة وعنف شديدين ويقيم لهم المحاكم العكسرية بعد اعلان الجماعات الاسلامية المسلحة تخليها عن العنف !!! . أما في تونس وبسبب وجود حركة اسلامية سلمية ، ترفض استخدام العنف ، لم تعرف البلاد موجات الدم التي عصفت بالجوار على مدى عشرية كاملة ، لكن النظام الحاكم زعم أن ذلك يعود إلى خبرته في التعاطي مع التيارات الاسلامية ، وقد انطلى ذلك على الكثير من الجهات الدولية التي بدأت تفيق من ذلك الوهم . وفي محاولة منه للتأقلم مع الوضع الجديد على طريقته ، وليس كما يجب التأقلم وفق شروطه الموضوعية ، عمل النظام على تفجير المعارضة بمحاولة وضع أسافين وعقبات تحول دون اجتماعها على انقاذ البلاد من الحكم الفردي والاستبداد السياسي ونظام الحزب الواحد و لوازم الديكور،التي لم تغير من الوضع شيئا لا على المستوى الشعبي أو السياسي . ليس ذلك فحسب بل عمد إلى سياسة ماكرة تهدف لتفجير الاحزاب والحركات السياسية من داخلها من خلال محاولة استقطاب بعض أفرادها أو تشجيع البعض على البحث عن الخلاص الفردي . وطبخ الحصى للمغفلين عبر ترويج أماني لا أساس لها في الواقع باعتراف عرافيها . وهي بالتالي ليست سوى عواطف أقرب للادانة من حسن النوايا . ( ففي جهنم كثير من ذوي النوايا الحسنة ) . قبل بضعة سنوات وتحديدا سنة 2002 كتب أحدهم رسالة للرئيس بن علي يعلن فيها عدم وجود أي نشاط سياسي له ، وأنه يريد أن يعيش مواطنا عاديا ، وحصل ذلك الشخص على جواز سفر لمدة سنتين ، وتم تجديده لسنتين مرة أخرى وبعد ذلك تم رفض تجديد جواز سفره ، لأنه لم يلب بعض المطالب الامنية . وهذا حال كل من يتم ايهامه بجدوى مراسلة الرئيس وطلب الخلاص الفردي . ويسعى النظام حاليا لتنفيس الاحتقان بدون أي تنازلات ، أو اعتراف بحقوق الضحايا ، أو بتعبير آخر يريد من المعارضين التنازل مقابل الاوهام التي فشل البعض في تحويلها إلى واقع معاش . ولكن لو استمر تفاعل قوى المعارضة مع بعضها البعض ، وتأكيد تلك القوى على تماسكها الداخلي فإن النظام سيعترف في نهاية المطاف بحقوقها كاملة . وهناك قضية هامة جدا تشغل الكثيرين من السياسيين ،وهي ضعف اتصالات المعارضة على مختلف أطيافها بالجهات الدولية السياسية والحقوقية والاعلامية وجماعات الضغط الاخرى ، فما هو سائد لا يزال يشكو من حالة ضعف شديد ، إذ يتطلب الامر اتصالات دورية ، و طرق الابواب باستمرار ، و تهنيئة ساركوزي من قبل أحزاب المعارضة و طلب رفع الغطاء عن النظام الحاكم كما فعل المرزوقي و يجب تجديد المبادرة باستمرار و من الآن . فمقال في صحيفة أميركية ، أو فرنسية أو انجليزية أو غيرها يهز النظام أكثر من عملية عسكرية من وزن ما حدث قبل أسابيع ، وغيرها . إذ أن الرصاص قد يعطي الديكتاتورية مبررات ( بمنطقها ) للامعان في القمع ، لكن الكلمة هي أشد أعداء الاستبداد والديكتاتورية لذلك روي عن بونابرت قوله  » صحيفة واحدة أشد من مائة مدفع  » . والنظام التونسي من النوع الذي لا يقبل بالتغييرات السلمية ، ولا يؤمن بالديمقراطية ،والتداول السلمي على السلطة . وعكس ما يحاول البعض ايهامنا به ، فهو نظام لديه أجندة ومهمة يقوم بها سواء عن قناعة ايديولوجية ، أو بتفويض خارجي ، أو كلاهما معا . وهو حرب أو خنجر في يد ( شبه شبه معلومة شبه شبه مجهولة ، بتعبير بعض فصائل اليسار في بعض تعريفاتهم الطريفة ) على كل من يخالف تلك الايديولوجية التي تقمصت دور المدافع عن العلمانية والحداثة ، وهي علمانية وحداثة بائسة محروسة على مدى قرن من الزمان بالدبابة أو قل قائمة على فوهة دبابة ، ولودخلت تلك الدبابة ( غدا ) لثكنتها لسقطت تلك الحداثة وتلك العلمانية كقطعة من الايس كريم في يوم صيف ملتهب . علمانية وحداثة معاقة لا تستطيع أن تقوم بمفردها بدون عكاز اسمه الدبابة ،رغم قرن من الزمان كما هو الحال في تركيا وتونس وغيرها . والحديث عن الحداثة والعلمانية كالحديث عن بورقيبة والبورقيبية ، قام بالجبر وبالجبر أخرج من السياسة . فما الذي بقي من بورقيبة غير القمع والاغتيالات كما حصل مع صالح بن يوسف ،وغيره . ومن العار مقارنته بغاندي ، من العار مقارنة النرجسية وتمجيد الذات ،مع التواضع ونكران الذات . والذين وصفوا بورقيبة بغاندي لم يقراوا شيئا عن غاندي البتة ،أما إذا قرأوا فتلك مصيبة ، فهم قطعا لم يفهموا ما قرأوا أو جحدوا وكذبوا وتلك مصيبة أعظم . على قول من قال  » إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم  » . قلت إن النظام التونسي وعلى غير ما قدمه البعض أو حاول تقديمه له ايديولوجية يرى أن الاسلام يناقضها فعمد إلى تغييبه حينا و تطويعه حينا آخر .ويرفض أي قراءة خارج ذلك الاطار .وقد حاولت مقارنة الوضع في تونس وعلاقة النظام بالاسلام مع دول عربية أخرى فوجدت البون شاسعا مع جميع الدول العربية ، فالدول التي لها قنوات فضائية عديدة تزخر بالبرامج الدينية ،والعلماء والمفتين،بينما لا نكاد نعثر على شئ من ذلك القبيل في وسائل اعلام النظام لطبيعة النظام الحاكم ، وتأثره بالنمط الفرنسي في تعامله مع الدين . ولكن الدين ليس هو المعطى الوحيد على فرادة النظام التونسي ، الذي يفتخر بأن هناك 9 آلاف منظمة للمجتمع المدني ، ولكن الكم لا يعكس الكيف بالضرورة . فمنظمات المجتمع المدني كالاحزاب السياسية ، جميعها بيض النظام الفاسد على كثرته . لقد كشفت جريمة  » ستار أكاديمي  » في صفاقس مؤخرا عن نوعية الاعلام الذي يسود في تونس ،و نوعية الاحزاب المعارضة ( الشرعية ) ومؤسسات المجتمع المدني ، بيض فاسد . فهل هناك حزب سياسي من أحزاب الديكور طالب بتحقيقات حول الجريمة ، هل هناك ( صحافة ) تحدثت عن مسؤولية الجهات المسؤولة ، هل هناك برلمان ناقش القضية ، وهل و هل و هل و هل …… فقط هناك من يدافع عن هذه العلمانية في نسختها البورقيبية النوفمبرية … هنيئا لكم السقوط . أما أنا فسأظل أردد مع ، روبرت غرين أندرسول قولته الشهيرة  » لا أريد جنات تنتظر سقوطي ولا سعادة في مقابل حريتي .. أفضل أن أتعفن داخل قبر مسدود وسط دود أحمر من أن ألبس لباس بيدق مرصع بالجواهر  » . (*) كاتب و صحافي تونسي – ملاحظة : قال لي أحدهم أنه شاهد في مسلسل تونسي تاريخي ،عن فترة الاحتلال الفرنسي الكريه، شخصا أنكر صعود الانسان للقمر، فقلت له: لانه جاهل مثلك. قال إن شيخا ( ذكر اسمه ) أنكر بعض الاكتشافات العلمية فقلت له إن ذاك الشخص رحمه الله لا يتمتع بكافة حواسه ، فقد كان أعمى ،وقوله ليس حجة ، فكل يؤخذ من كلامه ويرد ، إلا الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما يخبر عن ربه ، كما قال إمام دار الهجرة رحمه الله . 
(المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 7 ماي 2007) 

 

في حقيقة أزمة دارفور: الجنجويد قادمون « للحصول على نصيبهم من الزكاة »!

  

سفيان الشورابي    أخذت قضية دارفور نصيبا هاما من النقاش والتحليل، على اعتبار تداخل الكثير من الفاعلين فيها والمؤثرين في مجرياتها. وتتجاذب أثناء ذلك الآراء بين موقف اصطفّ وراءه جمهور كبير من المشْحونين إيديولوجيا، تكفيهم شرارة لتنطلق نيران التخوين والرمي بالعمالة كنار لا تمي »ز؛ و قلّة ممن آمن بكوْنية حقوق الإنسان وشموليّتها جميع البشر أيا كان لون بشرتهم أو طريقة نطق لسانهم؛ وآخرين من محترفي الاستثمار السياسي الناجع في مصائب الأقوام والشعوب، آثروا المزايدة بآلام و مآسي شعب أُبيد منه إلى حد الآن 250 ألف إنسان. فلا هم ساعون فعلا لإنقاذ الوضع من التدهور الذي تشهده، ولا مصلحة لهم في حلّ المشكلة برمتها. و لكن، وتحت راية الفقرة الأولى من المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقّعت عليه جميع دول العالم، والتي جاء فيها أن  » الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان، وعلى القانون أن يحمي هذا الحق ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسّفا. » و بالتالي، فان أي خرْق مهما كان مأتاه ومهما كان مصدره، هو محلّ تنديد ورفض بالضرورة. ولا تنفع على هذا النحو جميع المبرّرات والتعلاّت لانتهاك حق طبيعي لا تملك أي سلطة حِرْمان أحد منه. و يُعتبر حديثي هاما في هذا المقام، نظرا للفظائع والمجازر التي اُرتكبت بإقليم دارفور ولم تبلغ مع الأسف إلى مسامع المعْنيّين عندنا بمثل هذه المواضيع. ربما، لانعدام جُرأتهم للغوص في مثل هذا الشأن، أو الخوف من أن تطالهم سهام العمالة وتهم التبعية. أما من قام بذلك، فلكي يلقي بما يحدث في ذلك القطر العربي على عاتق التدخل الخارجي، واليد الطولى للحركة الصهيونية… وليحيّن من جديد « نظرية المؤامرة » الأبدية، التي تجاوزت قرآننا في كونها صالحة لكل زمان و مكان. فما هي حقيقة الأوضاع في دارفور؟ ومن هو المتسبّب الحقيقي في ما يحدث؟ تحتلّ تلك المقاطعة خُمُس مساحة السودان، بنصيب 510.000 كم². و يقدّر عدد سكانها بـستة ملايين نسمة. وتتّسم المنطقة بطغيان الجبال و الهضاب على المشهد الطبيعي. و تتنوع الأعراق و تختلف في إقليم غرب دارفور، مع هيمنة بسيطة لقبيلتيْ المساليت و الفور اللتين تعتمدان بشكل رئيس على الزراعات البسيطة و رعْي الدواب. وكانت تُسمّى في السابق منطقة بحر الغزال، ولم تُصبح تابعة للسودان الحديث إلا إثر استقلاله سنة 1956. تحُدّها من الشمال ليبيا ومن الغرب التشاد ومن الجنوب الغربي إفريقيا الوسطى. ولعل في نقاط تماسها هذه ما عاد عليها بالوبال الكثير، عوض أن تكون دوافع ازدهار ورُقيّ. إذ يعتبر الكثيرون مثلا أن دارفور هي بمثابة القاعدة الخلفية للتشاد. فأغلب الانقلابات التي وقعت في هذا البلد يتم تدبيرها دوما من دارفور. فالإطاحة برئيسها فيليكس مالوم و غوكوني عويدي، وصراع حسن حبري مع الرئيس الحالي إدريس ديبي مرتبط في الكثير من الأحيان بذلك الإقليم؛ حيث تُحاك خيوط اللعبة السياسية وتُصاغ التحالفات والمكائد لما يحدث في التشاد. وهو ما يُفسّر في جزء منه، امتداد الأزمة وتشابكها وارتباطها بين الجانبين. وعرفت المنطقة، مع الأسف، الكثير من الحروب والنزاعات بين سكانها نظرا لتنوع الانتماءات القبلية وندرة الموارد الطبيعية، بيْد أنه غالبا ما يتم احتواؤها و تسويتها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة. فمثلا، اندلع سنة 1989 صراع عنيف بين قبيلة الفور والعرب. ولكن، تمّت المصالحة بسرعة في الفاشر عاصمة الإقليم. ثم نشب نزاع آخر بين العرب والمساليت غرب دارفور عامي 1998 و 2001، انتهى بالتوقيع على اتفاقية سلام بين الطرفين. غيْر أن استبداد نظام عمر البشير أجّج من جديد نعرات الخلافات بين المجموعات القاطنة بتلك المنطقة وأعادها إلى السطح من جديد. إذ قام سنة 1994 بعملية واسعة لإعادة تقسيم المنطقة إداريا، منح عن طريقها أبناء الطوائف العربية مناصب قيادية هامة لتسيير هذا الجزء من السودان. وقسّمها إلى دارفور الشمالية و عاصمتها الفاشر، ودارفور الجنوبية وعاصمتها نيالى، ودارفور الغربية ومركزها الجنينة، وهي الإقليم الذي شهد المعارك الأهلية مؤخرا بين الفصائل المسلحة القريبة من السلطة (الجنجويد) وحركة المعارضة المسلحة. مجازر مريعة في حق الأبرياء اندلعت الحرب الأخيرة منذ شهر أبريل 2003، بين قوات تحرير السودان التي تضم الآن إلى جانبها الحركة الشعبية لتحرير السودان، و الجيش الشعبي لتحرير السودان من جهة، و ميليشيات الجنجويد المدعومة مباشرة من الحكومة المركزية السودانية. و ذلك على خلفية إعلان الانفصاليين رفضهم عملية التعريب القسْري للمنطقة ومطالبتهم بعلمانية الدولة السودانية. وإذا استطاعت تلك القوات المسْنودة بالجيش السوداني القضاء بسهولة على الفصيل المتمرد، فإنها أعلنتها بشكل همجي، حربا دائمة وشعواء تجاه سكان إقليم دارفور. وذلك بغاية المعاقبة الجماعية للطائفة العرقية التي ينحدر منها المتمردون. لا غير! فبمجرد انتهاء المعارك، كشفت عدد من المنظمات الحقوقية الدولية عما يمكن تسميته بالإبادة الجماعية والمُمنهجة لأبرياء ذنبهم الوحيد هو أنهم كانوا من سكان تلك البقعة من الأرض. فقد تكفلت ميليشيا الجنجويد مسنودة بالطيران الحربي السوداني، بعمليات قصف جوي همجي للسكان المحليين. و تحدثت تقارير عن أحداث قتل واسعة النطاق، وحالات إعدام جماعية، و إحراق للقرى، وسرقة المواشي و المؤن. وقال فلاح في الثاني والعشرين من قرية غوكور، يدعى جمعة، إنه كان يزور بعض أقاربه في تلك المنطقة آنذاك و »وجدت القرية محاصرة برجال الجنجويد. فاختبأتُ بين نصال الكلأ وسمعتُ القائد يقول [في هاتفه المحمول] عبر شبكة ثريا ”نحن بالقرب من القرية رقم 1541 وقد وجدنا مجموعات الدفـاع الذاتي وقتلناهم“. ثم أحرقوا كل شيء، ونهبوا كل شيء. أحرقوا جميع المساجد غير المبنية بالآجر وأخذ رجال الجنجويد بعض الفتيـات فألقوا بهن على الكلأ واغتصبوهـن هناك – في دنغو وكورما. اغتصبوا ثلاث عشرة فتاة، كانت بينهن خديجة، وهي في الثامنة عشر. وقال جمعة إن بعض القرى كانت لديها وحدات للدفاع الذاتي، ولكنها وحدات مستقلة عن جيش تحرير السودان، بل هي دفاعية حصرا ». وقال أيضا « لم يكن جيش التحرير موجوداً في أي بقعة قريبة، بل كان رجاله في الجبال. والحكومة لا تطارد جيش التحرير، بل تريد إحلال العرب في القرى » ( تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش ). وفي شهادة أخرى، قال أحد شهود العيان، واسمه أحمد « إن الناس كان يشيّعون في ذلك اليوم جنازة رجل توفي في الثمانين من عمره يدعى يحيي عبد الكريم، وكانوا يقيمون صلاة الجنازة عليه في المسجد. وقد سقط ستة عشر قتيلاً، من الاثنين والأربعين المذكورين، في المسجد ». كما قُتل الإمام وحفيده الذي كان في الثالثة من عمره، ثم انطلق المهاجمون يطاردون الفارين ويطلقون النار عليهم كذلك. و في أغسطس 2003 تعرضت قرى طائفة فور في منطقتي موكجار وبنديسي للهجوم من جانب قوات جنجويد والقوات الحكومية التي قامت بنهب القرى وقتل المدنيين، وكان ذلك أحياناً في أعقاب هجمات جيش تحرير السودان في المنطقة. هاجم جيش تحرير السودان مدينة بنديسي، وهي من أكبر المدن في المنطقة الريفية غربي دارفور واقتحمت قواته مخفر الشرطة ونهبت ما فيه من ذخيرة ومدافع رشاشة، وقتلت اثنين، أحدها عربي كان محتجزاً في المخفر، واختطفت أحد رجال الأعمال. وفي غضون أسبوع جاءت الشرطة إلى بنديسي وإلى قرية قريبة تدعى كوجونغ في الصباح الباكر وقالت للسكان إن « الجنجويد قادمون، ولكن على الجميع أن يتحاشوا الاشتباك معهم وأن يظلوا في منازلهم ». وقال أحد الشهود من بنديسي إن رجال الشرطة جاءوا بخطاب من رئيس شرطة غارسيلا (وهو الآن وزير الصحة لغربي دارفور) يقول فيه إن الجنجويد قادمون « للحصول على نصيبهم من الزكاة » ( هكذا! ). كما حدثت حالات قتْل جماعي في المناطق التابعة لطائفة فور في مقاطعة وادي صالح في الفترة من نوفمبر 2003 إلى أبريل 2004. ولا تقلّ الأخبار الواردة من هناك عن انتهاكات أخرى على نفس الشاكلة ضدّ أبرياء ومدنيين لا ذنب لهم ولا ناقة، في اتجاه يحيلنا إلى المجازر الصربية المُرتكبة في حق البوسنيين والكوسوفيين خلال منتصف التسعينات. و تعود جذور مجموعات الجنجويد هذه إلى قبيلة باقارا العربية. وبرز حضورهم وتعاظم دورهم سنة 1988، حين هزَم التشاد بمعية قوات فرنسية وأميركية الجيش الليبي، ودحَر الفصائل التشادية الموالية لمعمر القذافي إلى دارفور المجاورة. و بتلك المنطقة حصل التحالف مع ميلشيات التهريب والفساد الماسكة بالحكم للأقاليم الثلاث بدارفور، باسم الوحدة العرقية بين القبائل العربية، لتُسيطر من ثمّ على أهم المناصب الإدارية والعسكرية و لتنطلق في حملة هوجاء ضد القبائل المحلية. وفي سبيل إيجاد حل للأزمة الدارفورية، أقرّ مجلس الأمن القرار عدد 1706 الذي يدعو إلى وقف القتال وإرسال قوات دولية إلى المنطقة لإسناد عمليات الإغاثة الإنسانية وإعلان حالة السلم بين جميع أطراف النزاع. ولكن، والنظر إلى تعقّد المصالح الاستراتيجية للقوى العظمى وتباينها، من شأن ذلك القرار أن يزيد في تعكير الوضع وإدامة انخرامه. إذ أن الإدارة الأميركية، التي عادة ما تجلبها وتثيرها روائح الموارد الطبيعية والطاقية، أكثر مما تعنيها مشاهد دماء وأصوات وعويل الأبرياء تسعى بلا هوادة إلى إرسال قوات متعددة الجنسيات إلى المنطقة، وذلك، على خلفية ورود بعض التقارير الصادرة عن عدد من الهيئات الاقتصادية العالمية تبشّر باحتواء جنوب وغرب السودان على احتياطيات كبيرة من البترول. أما السودان، وبدعم خفي من روسيا والصين، فإنها ترفض قطعا وجود قوات أجنبية على ترابها. وذلك تفاديا لفضْح حقيقة الارتباط المتين مع الميليشيات المسلحة من جهة، وخوفا من ترهل و إضعاف سيطرتها وإحكام سيادتها على هذا الجزء من أرضيها من جهة أخرى. وبذلك، يكون الالتجاء إلى قوات افريقية لتطبيق فصول هذا القرار، ولحسن تنفيذ اتفاق أبوجا للهدنة المتبادلة، المَخْرج المقبول إلى حدّ الآن من جميع الأطراف. غيْر أن الاتحاد الإفريقي يجد صعوبة بالغة في تغطية مصاريف 17300 جندي تابع له، و توفير الدعم اللوجيستي و التقني الدائم. خصوصا و أننا نعلم أن الدول الإفريقية المشاركة بقواتها في دارفور تعاني هي الأخرى من أزمات داخلية، وتحتاج بدرجة كبيرة إلى دعم مالي للقضاء على الفقر و لمحاربة المجاعة لديها. من أجل إنقاذ الوضع في دارفور لا يبدو الوضع في دارفور الغربية حاملا لبوادر انفراج في اللحظة الراهنة، وذلك لحالة الفوضى المُسيطرة إلى حد الآن في ذلك الإقليم. إضافة، إلى غياب رغبة و إرادة حقيقيتين من قبل الحكومة السودانية وما يسمّى بالمجتمع الدولي لحل المشكلة جذريا، بطريقة تكفل للسكان المحليين العيش بكرامة ومن دون خوف على مصيرهم. والى جانب مأسوية الحالة الدارفورية، فان إشكالية أخرى تُطرح على المهتمين بمثل هذه القضايا. و ترتبط خصوصا بالإحراج المتولّد عن الاهتمام الحكومي وغير الحكومي بالنتائج الناجمة عن عمليات خرق القوانين الدولية. وهي الآن تلقى صعوبات كثيرة في توفير أرضية مشتركة ومقبولة من قبل الجميع. فمثلا، من المتفق عليه، أن السودان في هذا الجانب انتهك، على الأقل، المادة 27 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية الذي ينص على أنه « لا يجوز، في الدول التي تضم أقليات أثنية أو دينية أو لغوية، أن يُحرم الأشخاص المنتسبون إلى الأقليات المذكورة من حق التمتع بثقافتهم الخاصة أو المجاهرة بدينهم وإقامة شعائرهم أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم ». لذلك، كان الالتجاء إلى أعلى سلطة بالأمم المتحدة لإرغام السودان على احترام هذه القاعدة. ولكن، ورغم أن القرار 1706 يشير في ديباجته إلى الالتزام بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامته الإقليمية، إلا أن البنود الواردة في هذا القرار الأممي تمنح القوات الدولية صلاحيات واسعة تخولها اقتطاع أجزاء هامة من السيادة؛ على غرار مراقبة الحدود، وتوليعمليات الشرطة المدنية، والمساعدة في إقامة جهاز قضائي، وجمع الأسلحة الخ… وهو ما من شأنه أن يثير الكثير من التساؤلات حول صدقية مهام هذا القرار وأغراضه… حيث الإنسان الدارفوري في نهاية المطاف، المتضرر الوحيد من التجاذبات الدولية واختلاف النوايا بين المؤثّرين في الساحة الدولية، ومن صعوبة وغياب ابتداع آليات لضمان تطبيق الأعراف والمعاهدات الدولية.
 

(المصدر: موقع الأوان  بتاريخ  6 ماي  2007)


نقاش بيزنطي في تركيا!
محمود المبارك (*)      
المتأمل في الوضع السياسي على الساحة التركية، لا يملك إلا أن يقول: لو كان أتاتورك حياً اليوم لربما مات كمداً. فالإسلاميون الذين طردهم أتاتورك من سدة الرئاسة، استطاعوا العودة إلى الزعامة السياسية «بالطريقة الديموقراطية» نفسها التي مكنت خصومهم من الوصول إليها. وبذلك تمكنوا – منذ فترة – من احتلال منصب رئيس الوزراء، وها هم اليوم يقفون على أعتاب رئاسة الدولة.
وعلى رغم أن الإسلاميين في تركيا يرفضون نعت حزبهم بـ «الإسلامي»، ويؤكدون على التزامهم الكامل بركائز أتاتورك الخمسة، بما في ذلك علمانية البلاد، إلا أن «حماة الديموقراطية» في تركيا، يخشون على علمانية تركيا من الزوال إذا ما تمكن حزب التنمية والعدالة التركي، ذو الميول الإسلامية، من الوصول إلى قمة السلطة السياسية في جانبيها رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة. ولعل مردَّ هذا الخوف العلماني الذي نتجت منه زوبعة سياسية في تركيا، يكمن في قبول فكرة وجود إسلام سياسي عند المجتمع التركي، وهو ما لا تريده العلمانية التركية وحماتها. إذ المتأمل في هذا الجدل السياسي العنيف داخل البيت التركي، قد يخلص إلى أن هذا الجدل القائم ما هو إلا جدل بيزنطي. فالاعتراض السياسي على تولي عبدالله غل رئاسة الدولة يعود في حقيقته، إلى ارتداء زوجته حجاباً إسلامياً. وهو أمر في نظر دعاة ورعاة العلمانية التركية، مخالف لروح ومنهج العلمانية الذي خطه أتاتورك. ويخشى أن يجر هذا الأمر إلى ظاهرة تحجب النساء في تركيا بشكل رسمي. وبما أن ذلك قد يقود إلى تغيير الأسس التي قامت عليها دولة تركيا الحديثة، فإن الجيش ألمح إلى منع ذلك بقوة السلاح.
فالتهديد الذي أومأ إليه رئيس أركان الجيش باحتمال تدخل الجيش في شكل انقلاب عسكري، لإنقاذ العلمانية التركية من السيف الإسلامي المسلط عليها، إنما يأتي خوفاً من ارتداء حجاب لامرأة مسلمة. ولعله من المخجل أن تتحول قضية حجاب زوجة مرشح رئاسة الدولة، إلى خلاف سياسي محتدم، في بلد ترتدي أكثر من ثلثي النساء فيه الحجاب.
والواقع أن تجربة الإسلاميين المعتدلة في تركيا خالفت ظن الكثيرين الذين راهنوا على فشلها، وتمكنت تركيا اليوم من دفع تهمة التعارض بين الإسلام والديموقراطية. ويبدو أن محاولات الجيش التركي للتدخل المباشر لن تجدي نفعاً، حتى لو تدخل الجيش بانقلاب عسكري، إذ يكاد يجمع المحللون اليوم على أن عودة الإسلام السياسي لتركيا أصبحت غير منازعة، بسبب الشعبية العارمة التي تحظى بها وسط المجتمع التركي.
وعلى رغم الجهود المضنية التي بذلها أتاتورك ومَن بعده، لطمس معالم الإسلام السياسي، إلا أن غالب الشعب التركي لا يرى بأساً من قبول الإسلاميين المعتدلين وتسليمهم قيادة بلادهم السياسية. وبدا واضحاً اليوم أن التخويف بالإسلام السياسي لم يعد يجدي نفعاً مع الجماهير التي يزداد تعلقها بالانتماء إليه، بسبب نزاهة أتباعه في العمل السياسي، وفساد رعاة العلمانية التركية السياسي الذي لم يعد يخفى على المواطن التركي.
بل إنه ربما جال في خاطر المواطن التركي أن العلمانية أشد خطراً على الديموقراطية من الإسلاميين. فالإسلاميون الذين يرضون بقواعد اللعبة الديموقراطية سواء فازوا أم خسروا، لم يأت منهم – ولا يتوقع أن يأتي منهم – تهديد باستخدام القوة لتحقيق مآربهم السياسية. بينما سبق أن تدخل الجيش التركي في الماضي مرات عدة ولا يزال صدى تهديده الأخير يدوي في الآذان، الأمر الذي قد يعد – إذا ما تحقق – نكسة ديموقراطية كبيرة وخطوة إلى الوراء قد تتعدى آثارها الخريطة التركية إلى أوروبا، حيث ما يزال ينظر إلى «الديموقراطية التركية» بعين الحذر كشرط لقبولها في الاتحاد الأوروبي.
ولكن الواضح اليوم، هو أن رئاسة الدولة التركية ستؤول إلى الإسلاميين، سواء حصلوا على ذلك عن طريق اقتراع البرلمان – وهو أمر لم يعد متوقعا – أم عن طريق التصويت الشعبي المباشر في انتخابات مبكرة، قد تجرى قبل الخريف المقبل بعد حل البرلمان، إذا ما تطلب الأمر، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى إمكان حصول حزب العدالة والتنمية على فوز ساحق قد يتعدى نسبة الثلثين.
ولعله من المنطق القول إن رفض العلمانيين الأتراك للإسلاميين المعتدلين، قد يدفع المتطرفين إلى رد فعل لا يكون هو الأمثل. وليست التجربة الجزائرية ببعيدة، على أن الفرق بين الوضع الجزائري والوضع التركي هو موافقة الغرب على الانقلاب ضد الخيار الديموقراطي في الحالة الجزائرية، ورفضه ذلك في الأزمة التركية الحالية. اليوم وبعد أكثر من ثمانية عقود من إرساء قواعد الدولة التركية العلمانية، يبدو واضحاً أن العلمانية التي قامت بفرض القوة السياسية لن تدوم، وأن كل ما أتى به أتاتورك بقوة السيف سيزول إلى ضده.
وأنه حتى الغرب الذي لا يقبل بوصول الإسلاميين إلى قمة السلطة السياسية في أي بلاد إسلامية، يقف عاجزاً أمام الحالة التركية، إذ إن التجربة الإسلامية في تركيا جمعت بعقلانيتها السياسية ما تعذر جمعه في بلاد إسلامية أخرى، بين الإسلام والديموقراطية. ولا غرو أن تكون تركيا مثالاً يحتذى في الجمع بين المتناقضات، فهي قد جمعت بين آسيا وأوروبا، على رغم استمرار نقاشاتها البيزنطية.
(*) حقوقي دولي. (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 ماي 2007)

صورها لا تحتوي على ما يثير القلق أمنياً …

«غوغل إيرث» بالعربية تغيّر طرائق تعليم التاريخ والجغرافيا وتروّج للسياحة والاستثمار في الدول الناطقة بلغة الضاد

القاهرة – أمينة خيري     في مقدور الناطقين بلغة الضاد ومستخدميها من الآن وصاعداً، وضع العلامات التي يرتأون أنها مهمة بالنسبة الى ثقافتهم وتاريخها على سطح الكرة الأرضية وباللغة العربية مباشرة، على خرائط رقمية شائعة الاستخدام لدى جمهور الإنترنت. قد تشهد الشبكة الإلكترونية قريباً، ظهور خرائط عليها عبارات عربية تقول «هنا ولد المسيح» أو «هنا قتل السادات» أو «هذه الساحة التي أُمّمت منها قناة السويس»، أو ربما أشياء أكثر بساطة من نوع «أنا مررت من هنا» و»هنا بيت حسين» و»هذه سيارة هالة»؛ فتصبح تلك الاشارات والعبارات تحت أنظار العالم فورياً. وقد أضحى بمستطاع عُشاق العربية من جمهور الإنترنت، وضع اشاراتهم وعباراتهم على الخرائط التي يعرضها قسم «ايرث» (أي «الأرض»)، على موقع مُحرِّك البحث الشهير «غوغل»، الذي يستخدمه عشرات ملايين البشر يومياً. ففي مطلع أيار (مايو)، كشفت شركة «غوغل» عن خدمتها الجديدة، والتي وصفتها بأنها تدعيم المنطقة العربية بخرائط تُظهر مفهوم «الجغرافيا الغوغلية الثلاثية الأبعاد». وبحسب ما أوضح المدير الاقليمي لشركة غوغل للشرق الأوسط وشمال افريقيا المهندس شريف اسكندر، فإن التفكير في الخدمة العربية على قسم «ايرث» انطلق من خلال اقتراح وجه إلى القائمين على محرك «غوغل» أثناء مؤتمر القاهرة لتكنولوجيا الكومبيوتر الذي عقد في القاهرة في شباط (فبراير) الماضي، والذي ناقش الخدمات العربية وتوافرها على الموقع الواسع لمحرك البحث الشهير. ورأى اسكندر أن الخدمة الجديدة لن تكون مجرد أداة للتسلية أو لتمضية الوقت على شبكة الإنترنت، ولكنها قد تحقق ما هو أعمق من ذلك بكثير، «فقد تتمكن من تغيير أشياء كثيرة في طريقة التعليم، وكذلك أساليب التخيّل والعرض التقليديين للأماكن الجغرافية والأحداث التاريخية، وباستطاعتها أيضاً أن تساهم في الترويج السياحي للمنطقة العربية التي يفترض أن تكون من أكثر المناطق جذباً للسياح والاستثمارات على المستوى العالمي». وفي لقاء مع «الحياة»، صرح اسكندر بأن استخدام «غوغل إيرث» في المدارس العربية «سيغيِّر الصورة الذهنية النمطية التي يرسمها طلاب المدارس والجامعات عن موقع مدينة أو دولة ما على الكرة الأرضية، وبدلاً من الاعتماد على الخارطة الورقية المعلقة على جدار قاعة الدرس ومحاولة تخيّل موقع مدينة اللاذقية أو دولة المغرب أو قارة آسيا، يمكنهم هذا البرنامج من رؤية الأماكن كما تبدو فعلياً على سطح الكرة الأرضية، مع إضافة معلومات باللغة العربية بالنسبة الى خرائط دول المنطقة». وأضاف: «سيغدو بإمكان طلاب المدارس رؤية الأماكن التي يصعب عليهم تخيلها. إذ نادراً ما يتمكن تلميذ في مدرسة ابتدائية، على سبيل المثال، من تخيل مكان مثل محافظة الفيوم التي هي واحة خضراء في وسط الصحراء. كما يصعب على كثيرين تخيل حجم بحيرة ناصر التي تكونت خلف «السد العالي» في جنوب مصر، أو ما آلت إليه منطقة «توشكى» في أقصى الجنوب أيضاً والتي تغيرت معالمها بسبب التطور الذي طرأ عليها. وباستعمال الوسائط الإلكترونية والتقنيات المتقدمة في خرائطها الجغرافية، تخرج العملية التعليمية من عباءة، الورقة والقلم والوصف والكلام، لغة بصرية تُقربها من وقائع عيشها». وأشار الى أن في إمكان جهات مثل وزارات التعليم في الدول العربية، أو غيرها من المؤسسات التعليمية والأكاديمية، الاستفادة من التقنيات الرقمية لمراكمة «طبقات» من المعلومات الى الخرائط الثلاثية الأبعاد في «غوغل ايرث»، حيث تصبح متاحة أمام الطلاب. وأعرب اسكندر عن اعتقاده بأن معرفة الأماكن والمواقع قد تشجع بعض مستخدمي «غوغل ايرث»، من خارج الأُطر الرسمية والأكاديمية، على وضع معلومات أو صور إضافية على الخرائط التي تظهر فيها اللغة العربية، موضحاً أن الأمر قد يؤول الى ظهور «وسيلة اتصال بالغة الجودة إذ تمكّن سكان من العالم التواصل وتبادل المعلومات والصور عن كوكبهم من أي مكان كانوا، لأن ذلك الأمر لا يقتصر على مستخدمي اللغة الإنكليزية». وأشار إلى أن «غوغل إيرث» تمنحنا المعلومة بالطريقة نفسها التي نفكر بها، فقد يستخدمها بعضهم لتحديد نقاط الإغاثة على الطرق السريعة، وهي بالغة الأهمية لأي مسافر على تلك الطرق. وقد تستخدمها شركات أو فنادق لتحديد مواقع وأماكن فروعها وأرقام هواتفها. وقد تستعمل أيضاً ضمن المقالات الصحافية المكتوبة بتقنية «النص الفائق الترابط» (أو ما يُشابهه) كوصلة link ضمن موضوع عن المرافئ الموجودة في منطقة ما، ما يضيف بُعداً آخر للمادة المكتوبة». وتوقع أن تساهم «غوغل إيرث» بالعربية في تحقيق مزيد من الرواج السياحي للمنطقة، عبر تنشيط عملية إضافة المعلومات والصور والتجارب الشخصية النابعة من زيارة دول المنطقة العربية العامرة بالكثير من الميزات السياحية. ورأى أن مشاهدة الأماكن والمواقع من خلال الصور أو الأفلام أو مواقع الإنترنت، مثل «غوغل إيرث» لا يثبط رغبة الافراد في زيارتها على ارض الواقع، مشيراً الى أن «التجربة برهنت أن مشاهدة الأماكن يشجع الكثيرين على تحويل هذه المشاهدة إلى معايشة من طريق الزيارة فعلياً، إذ تثير حب الاستطلاع بشكل أكبر، سيما لو أعجبت المشاهد الصور، وجذبته المعلومات المُضافة اليها». ولا تخلو خدمة «غوغل إيرث» من ميزة سيكولوجية، إذ تمنح مستخدمها فرصة إثبات الوجود والإحساس بأنه قادر على إضافة محتوى قد يكون مفيداً لغيره من المستخدمين. والأرجح ان تلك الميزة تغري الكثيرين، خصوصاً الشباب. وبالطبع، ثمة احتمال أن يعمد بعضهم الى وضع معلومات خاطئة أو غير مناسبة، لسبب أو آخر، كما هي الحال بالنسبة الى الكثير من النشاطات المُشابهة على شبكة الإنترنت. ويعول اسكندر في هذا المجال على «مجتمع غوغل»، أي مستخدمي موقع المُحرك البحثي «الذين كثيراً ما ينهضون بمهمة التصويب أو التعليق على المعلومات غير الصحيحة أو تلك التي يرونها غير مناسبة، ما يخلق حالاً من التفاعل النشط على تلك الخرائط». وتلتقط مسؤولة شركة «غوغل» لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إيما ليناكر الخيط لتضيف أن إدارة «غوغل» لا تتدخل لحذف محتوى إلا في حال كونه «غير مشروع» في دولة ما. ولا يخلو هذا الأمر من احتمال إثارة المشاكل، كما يحصل بالنسبة الى احتجاج المعارضة الصينية، مثلاً، على قبول شركات المعلوماتية بالرقابة على البلوغرز المعارضين للحكومة الصينية، ممن يوصمون بممارستهم نشاطات تخريبية وغير مشروعة. هل يتكرر مثل هذا المشهد في «غوغل ايرث» باللغة العربية، خصوصاً ما يتعلق بقضايا الصراع العربي – الإِسرائيلي؟ سؤال مفتوح. من جهة أخرى، أكد اسكندر تكراراً أن الصور التي تقدمها خدمة «غوغل إيرث» ليس فيها ما يسبب القلق سواء لدواعٍ أمنية أو غير ذلك، لأنها صور يستطيع اي شخص الحصول عليها من الجهات التي تلتقطها. وبقول آخر، فإن ما يظهر على ذلك الموقع هو ببساطة صور تجارية تلتقطها شركات متخصصة وتبيعها لمن يريد الحصول عليها، اي أنها متاحة سواء وجدت «غوغل إيرث» أو لم توجد. ويأمل المشرفون على محرك البحث الشهير بأن تكون خدمة «غوغل إيرث» العربية وسيلة جادة لإضافة المزيد من المحتوى العربي إلى الشبكة الإلكترونية الدولية. فطالما علت الأصوات شاكية من ضآلة حجم ذلك المحتوى العنكبوتي، خصوصاً بالمقارنة مع اللغات العالمية مثل الانكليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها، على رغم أن لسان الضاد معروف لدى 360 مليون عربي، اضافة الى مليار مسلم. ويشار إلى أن كماً كبيراً من المعلومات والصور أضيف إلى «غوغل إيرث» من مستخدمين عرب، أو أجانب زاروا المنطقة أو ارتبطوا بها بشكل أو آخر. ويدل الأمر على اهتمام المنطقة بذلك البرنامج الرقمي، خصوصاً الإمكانات الضخمة التي يتيحها لمهتمين بشؤون المنطقة العربية والمعلوم أيضاً أن خدمة «غوغل إيرث» توافرت أخيراً بست لغات، قبل إطلاق العربية، وهي التشيكية والبولندية والروسية والهولندية والكورية والبرتغالية، إضافة الى توافرها بالإنكليزية واليابانية والفرنسية والإيطالية والألمانية والأسبانية.
(المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

19 mai 2011

TUNISNEWS 11 ème année, N°4013 du 19.05.2011 archives : www.tunisnews.net An-Nahdha Movement: Statement on the events of 18May

En savoir plus +

7 juillet 2009

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année,N° 3332 du 07.07.2009  archives :www.tunisnews.net   Slim BAGGA: Mafia au pouvoir – Deux ou

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.