مالّذي يبرّر « شكّ » دول « مسلمة »!! في الجدوى من فتح هامش لتشريك الفعاليّات الأهليّة ذات المرجعيّة الثّقافيّة الإسلاميّة في الشّأن العامّ كلّما توجّدت أسباب نشأتها لديها, وعدم إقرارها أ نّ هكذا اختيارتحصين ضدّ التّطرّف والإرهاب, و تكريس لحقّ الإختلاف, أبرز ركائز المجتمع التّحرّري ؟ لا ندّعي امتلاك حقيقة ما حدث وشرّع باسم هكذا « شّكّ » , إلاّ أنّنا لا نشكّ لحظة واحدة أنّ خيار إقصاء هذا الشّريك في التّاريخ والأرض والهويّة وإنكار حقّه في التّعبير السّياسي والمساهمة في تصريف الشّأن العامّ, نقيض للمجتمع الدّيمقراطي التّعدّدي ….وإنّه لمن مفارقات الحديث في هذا الشّأن أنّ الدّولة العبريّة…الّتي تنعي عليها دول مسلمة! يهوديّتها! لم تمنعها عقيدة أغلب مواطنيها من آحتضان حزب إسلامي بزعامة شيخ عربيّ وتشريع مشاركته في الحكم من داخل الكنيست أبرز وأهمّ مؤسّساتها الدّستوريّة إضافة لبعث خدمة رقميّة لفائدة أقلّيتها المسلمة وسائر مواطنيها لتفسير وتأويل القرآن الكريم. في المجتمعات الموسومة بتجريم الإختلاف ونكوص القيم التّحرّريّة يطال كذلك الإقصاء من حقّ المشاركة في الشّأن العامّ الأقلّيّات ذات الخصوصيّة الثّقافيّة أوالعرقيّة مكتسيا في حالته تلك, صبغة التّمييز الإتني والثّقافي ( مثال ذلك وضع الأقباط, اليهود, المسيحيّين, البربر والزّنوج في ضلّ عدد من الأنظمة العربيّة تنشىء وتُنشّىءِِِ تيّارات التّكفير والتّدميرغالبا حيث يسود الجهل والإقصاء…والجوع متعدّد الأبعاد.. [جوع للحرّيّة, للدّيمقراطيّة, للشّعور بالمواطنة إلخ….] … في المجتمعات المعنيّة بظاهرة التّيّارات الفكريّة ذات المرجعيّة الثّقافيّة الإسلاميّة تتخفّى الجهات صاحبة المصلحة في تأبيد معادلة الإقصاء لتبرير و تمرير رفضها وتدجينها للحقّ في الإختلاف خلف هلوسات شعاراتيّة , من طراز » الدّين للّه والوطن للجميع ! » , وخشيتها على مكاسب حداثيّة افتراضيّة, لم تعرف منها الشّعوب المأزومة غير بريق المفردات . إنّ الفعاليّات الأهليّة ذات المرجعيّة الثّقافيّة الإسلاميّة ظاهرة نتجت كردّ تاريخي و سياسي على إفلاس التّجارب الماركسيّة- اللّينينيّة و القوميّة العروبيّة وتفشّي الحيف والمظالم. كذلك هي نتاج لما حلّ بالمجتمعات من أزمات نتيجة لفشل العقل العربي و الإسلامي في آستيعاب و تبنّي مبادئ الحداثة مُطوِّعة خصوصيّاته. خلال الأسبوع الّذي تلى وقوع كارثة الحادي عشر من سبتمبر ذكّر الرّئيس الأمريكي جورج بوش المنتهية ولايته بقناعاته حول الإسلام و ما يحمل من رسالة سلام…كذلك دعت اللّجنة الأروبّيّة بصفتها إحدى مؤسّسات الإتّحاد الأروبّي بتاريخ 21 سبتمبر 2005 صلب مذكّرة موجّهة للبرلمان والمجلس الأروبّيين إلى ضرورة دعم مظاهر الإسلام المعتدل وتعبيراته كأداة ضروريّة لمقاومة التّطرّف…. دعوة مماثلة لتشريك التّيّارات الإسلاميّة المعتدلة بالمتوسّط في صنع حراك مجتمعاتها الأهليّة…. وردت بالتّقرير المعروف باسم » ابن سينا » في العام 2007 والّذي رفعه لفيف من المختصّين في مجالات شتّى للرّئيس الفرنسي نيكولا سركوزي ليستأنس به في رسم ملامح مشروعه المتوسّطي الواعد. هذه المواقف ليست وليدة مستجدّات دوليّة استثنائيّة بل هي نتيجة عقود من التّفكير الإستراتيجي الغربي حول ماهية الإسلام كمعطى ثقافي …. جريمة البرجين التّوأم وما تبعها من أعمال إرهابيّة كشف عن قناعة لدى كبرى الدّيمقراطيّات في جدوى دعم الحراك الفكري والثّقافي ذي المرجعيّة الإسلاميّة, المنفتح على مبادئ الحداثة. قناعة سمحت لدول ديمقراطيّة مثل بريطانيا وفرنسا و ألمانيا والولايات المتّحدة الأمريكيّة …لتكون ملجأ وملاذا لأبرز الوجوه الممثّلة لأنوار الفكر الإسلامي لمّا ضاقت بها أرجاء الأوطان. وإنّه لفي سيرالعديد من المجدّدين, فلاسفة وفقهاء ومصلحين في عالمنا العربي/ الإسلامي ما يدعوللإعتقاد بأنّ تجريم الإختلاف مسألة ضاربة جذورها في عمق عقل السّلطة العربي والإسلامي …المناوئ في أغلب ردهات تاريخه لسلطة العقل بما هو جدل وشكّ وآختلاف لغاية الإقتراب من الحقيقة لا آمتلاكها[ هذه حالنا منذ إغلاق باب الإجتهاد باستثناء أوج ازدهارالحقبة الأندلسيّة]. حقّ الإختلاف دفع الحلاّج ضريبته من حقّه في الحياة واضطهد لأجله ابن تيميّة…وابن حنبل….وقاد خطى المصلح محمّد عبده إلى المنفى… حقّ الإختلاف هو سبب مأسات طه حسين مع شيوخ الأزهر و الطّاهر الحدّاد ..مع بعض مشائخ الزّيتونة ….هو عنوان معانات « التّرابي الجديد
لقد حقّقت أجهزة الإستبداد العربيّة, نجاحات لا مجال لإنكارها في القدرة على تنميط الجمهور, بأساليب مهرجانيّة مدجّجة بأحدث الشّعارات المكرّسة لخطاب الصّراع والقطيعة مع الغرب التّحرّري دافعة به للإنحراف عن دوره الحقيقي – كقوّة تغيير إزاء صنّاع أزمة الحقوق و الحرّيّات في الدّاخل- والصّدام مع العالم الحر,ّ حليفه الضّروري , في بناء المجتمع البديل, مجتمع المواطنة الفعليّة والعدالة و قدسيّة الحقّ في الإختلاف. نخب الحكم الإنتهازيّة لا تأذن بالجمهرة لأجل قضايا, غير متجانسة مع حساباتها وارتباطاتها الخفيّة! هكذا غابت عديد القضايا العادلة عن شارعنا وتلفازنا العربيّين ونامت هادئة بكنّش مقدّمة أخبار لا تبرح البسمة شفتيها وهي تحدّثناعن كارثة الحادي عشر من سبتمبرو ما تبعها من مجازر إرهابيّة , أوالقانون الفرنسي الّممجّد للإستعمار! عن إبادة شعب الشّيشان ,و قمع المسلمين الإيغور وشعب التّبت في الصّين, عن إبادة شعب البوسنة, وحرب الإبادة ضدّ دارفور..أو.آستهتار نظام البعث السّوري بسيادة لبنان الشّقيق إلخ
شاهدت منذ أيّام إنتاج غنائي يحمل عنوان « الضّمير العربي », … هوعمل فنّي درامي ممتاز تقنيّا, غير بريء في توظيفه آلام الشّعوب العربيّة بالصّورة المؤثّرة والكلمة المعبّرة وأجمل الأصوات… لإقناع من بقي لديه بعض الظّنّ… أنّ « الغرب » عدوّ لحريّتنا وأمن « أوطاننا ». هو أسلوب آخر لتسويق خطاب الظّواهري و نجاد و نصراللّه , خطاب صدام الشّعوب- لا الأنظمة – مع العالم الحرّ .. شاهدت المطربة « وعد »… , مردّدة ,على لسان أكثر من متمعّش من أوجاع الرّوح فينا, بالأوطان والمنافي, في وجه الشّرق الأوسط الجديد الّذي لايظهرعلى الشّاشة! » رافضة هيمنتك…تحت ستار الحرّيّة رافضة هيمنتك…تحت ستار الحرّيّة! « .. ذكّرني ما تغنّت به » وعد » آهات » و « ميجنة » بمقال كالفتوى للصّحفي التّونسي برهان بسيّس, نشر بتاريخ 4 أفريل 2003 على صفحات « العرب نيوز » … مقال جهاديّ! « ليس كمثله شىء! » رسم للشّباب العربيّ و في تونس التّسامح و حوارالحضارات بشكل خاصّ ! صورة مهزليّة لشعب عظيم كِره فرقعة الّلغة و قعقعة الشّعارات و أدرك درجة قصوى من النّضج والوعي بتحدّيات الرّاهن والمصير. جاء في المقال المذكور: » فشعب العراق الذي أسقط (!!! .)…. اليانكي (!!!) ….. انضبط لتربيته الأصيلة التي تداولها جيلا بعد جيل ……. وعمّقها مع موجة التحرر الوطني العربية (!!!) بكره اسرائيل( !!!) والحقد علي السياسات الامريكية(!!!) ….. » خاتما مقاله متسائلا « هل فهمتم لماذا نحبّ العراق ؟ »..
مُفردات , قعرها الأنطولوجي جهاديّ!.. مُكثّف بجرعة من التّجنّي والتّطفّل على تاريخ وراهن السّياسات الدّوليّة لِقلم حبره أغلب الضّن من جبال » كرجيل », يتلهّى بإلهاب مشاعر التّكاره والتّصادم بين الثّقافات والشّعوب. كلمات قالها عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان التّونسيّ و مضى غير مهتمّ بوقعها في مجتمع شابّ , أدركت البطالة فيه سنة 2008 نسبة 14.2 % , زائد ثلاثة إلى خمسة نقاط في صفوف فئة الحاصلين على شهادات عليا. هل أنّ واجب التّضامن مع شعب العراق في محنه العديدة يمرّ بحشد ما آستطعنا من كره و أحقاد ضدّ الدّولة العبريّة والولايات المتّحدة الأمريكيّة ؟ أين كانت مشاعر التّضامن الكاره الحاقد مع شعب العراق أيّام جرائم البعث الصّدّامي بمقابره الجماعيّة و محتشدات التّجويع والتّعذيب والقرى الكرديّة المدمّرة و المهجّرة؟ أين كان صاحب المقال الجهاديّ لمّا عادت إلى تونس رفاة أبنائها الّذين قضوا ملتزمين بفتوى « كره إسرائيل والحقد على السّياسات الأمريكيّة؟ هل « شيّع » أحد منهم إلى مثواه الأخير؟ لا…هل كتب فيهم مرثيّة…أو تأبين؟ طبعا لا ما أبشع أن يصبح الحلّ لخلاصنا من أزماتنا النّفسيّة والسّياسيّة والثّقافيّة….وبُرهان آلتزامنا بالقضايا الإنسانيّة العادلة رهين مدى كرهنا للدّولة العبريّة و حقدنا على السّياسات الأمريكيّة…كُتب المقال المذكور …لِشباب تونس الخضراء وفي أرض دجلة والفرات عبّرالشّعب العراقي, من خلال نوّابه الممثّلين لجميع أطياف مشهده السّياسي / الطّائفي ( تقريبا), عن حاجته لحضور قوات التّحالف الدّولي فوق أراضيه, بل و حاجته للولايات المتّحدة الأمريكيّة على وجه الخصوص في المجالات السّياسيّة والدّبلوماسيّة والثّقافيّة والإقتصاديّة والأمنيّة ..يكتب هذا في بلدي تونس الممضي على آتّفاقيّة تعاون آقتصادي ثنائيّة مع الدّولة العبريّة منذ سنة 1997نعتبرها علامة مضيئة دالّة على حكمة الرّئيس بن علي, مشفوعة بآتّفاق شراكة متوسّطي في العام 2008 في إطار الإتّحاد من أجل المتوسّط , و نظام البعث السّوري – الطّرف في الإتّحاد من أجل المتوسّط- يضع, بوساطة رجب طيّب أردوغان, اللّمسات الأخيرة لعلاقات دبلوماسيّة…كاملة و مباشرة – نثمّنها – مع الدّولة العبريّة….وهذه زيارة دولة يأدّيها أحمدي نجاد إلى العراق المحرّر من البعث الإجرامي غير محترز أو متحفّظ على حضور قوات التّحالف الدّولي فوق أراضيه…قناعتي أنّ الإرهاب لغة وإيحاءات تفعل بالعقول الغير محصّنة ما تفعله النّار بالهشيم من المشروع مناهضة كلّ سياسات الدّنيا والمطالبة بملاحقة كلّ من أجرم في حقّ الإنسان أيّا كان… لأيّ سبب يدينه ويجرّمه القانون والضّمير الدّوليّيين . لكن لا حجم الأخطاء والمظالم المرتكبة و لا هويّة الجهات المتّهمة بآقترافهما يقدّمان مسوّغا حضاريّا وأخلاقيّا يجيز إشاعة مشاعر الحقد والكراهيّةّ . إنّ عقم الشّوارع العربيّة وعدم قدرتها على إنجاب عشر مظاهرة « تلقائيّة » للتّنديد بعمل إرهابي يحمل توقيع التّكفير….يدعو لمزيد السّؤال حول خطورة التّنميط الكامن وراء تعبئة الحفات العرات الجياع… للتّظاهر…لا بأسلوب مدنيّ متحضّر بل بغليان مرضيّ يحمل رسائل الحريق والفناء للعالم الحرّ..بأسره . هذا ما عشناه أيّام التّظاهر دفاعا على رسول الإسلام , محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم . كم عمل فنّي ظهر بالمكتبات وقاعات السّينما الغربيّة مجدّدا/محرّفا لسيرة السّيد المسيح …؟ ردّ المجتمع المسيحي المحافظ بكلّ هدوء عن طريق فضاءات التّعبير الحرّ والمسؤول ولم تصدر فتوى كنسيّة واحدة أجازت الكره والحقد ضدّ من نسب للسّيد المسيح ما ليس فيه.. ترى لمصلحة من تعود فائدة إبراز رعايا متجمهرين محتفين بحرق علم الدّانمارك…أو غيره من الدّيمقراطيّات؟ هل كان الشّعب الدّانماركي معاديا للمسلمين والإسلام؟ ما معنى أن لا يحرق المواطنون الأمريكيّيون علما واحدا من أعلام الشّعوب الّتي يحمل منفّذوا كارثة الحادي عشر من سبتمبر جنسيّاتها؟ عشنا أيّام الكاريكاتور المتعلّق بالرّسول محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم, هيجانا ممنهجا غاب عنه العقل, و كانت محاولات الخروج على إخراجه الرّسمي مبرّرا للردّ بعنف السّلاح [ الجماهيريّة الشّعبيّة الّليبيّة العظمى مثالا] وهو ما أدّى – على سبيل الذّكر- إلى قتل إحدى عشر مواطنا ليبيّا لم نسمع ببيان يتيم صادرعن صحوة الهيام النّبوي أدان جريمة قتلهم. إنّ التّنميط يعتمد إنتاج و تسويق صورة مستحضرة لأعضاء من الجسم الإجتماعي حسب المعايير المشبعة ل »فونتازم » مراكز القوى الأجنبيّة المانحة حقّ الوجود والبقاء للأجهزة الإستبداديّة : فالرّعيّة إمّا راقصة, راكضة بالملاهي و مواكب الأضرحة والزّوايا و حفلات « السّتار أكادمي » وهي الشّهادة على برائتها من فيروس التّشدّد…و ضمانة لجلب « الإستثمار » أو معلّقة على شمّاعة الإنتفاض ومصنّفة « مادّة شديدة الإنفجار » , تسوّق لدوائر القرار الغربيّة لترهيبها من هذا الجمهور العاشق للموت الكاره للفنّ والجمال , المعطّل العقل , المتحفّز للصّدام و الجهاد…[ مثال ذلك ما وقع من آنحراف موجّه لمظاهرات « شعبيّة » خرجت في الأساس لمناهضة ما وصف بالحرب على العراق و جنوب لبنان و تحوّلت لمظاهرات جماهيريّة موجّهة لمساندة النّظام الصّدّامي و حزب اللّه….ِ] فتخلص دوائر القرار الغربيّة إلى ضرورة تأبيد أجهزة قادرة {بأرخص التّكاليف والوسائل} على ضمان مصالح « مستثمريها » وخصي « انتفاضات »الرّعاع!.).
… غياب الحرّيّات والحقوق الإجتماعيّة والسّياسيّة الأ ساسيّة, مفرخة للمتطرّفين والمتشدّدين. ولعلّ كلمة الرّئيس الأمريكي باراك أوباما بجامعة القاهرة شكّلت أبرز مراحل الإلتزام الأطلسي بقضايا الحرّيّة والدّيمقراطيّة بالعالم العربي والإسلامي والّتي من ضمنها التأكيد على قيمة أنوار الفكر الإسلامي في مقاومة التّطرّف والإرهاب. إنّ هذا التّوجّه للإدارة الأمريكيّة- والّذي لم يتفاعل معه عديد ضحايا الإضطهاد في العالم العربي الإسلامي بعقلانيّة وبعد نظر- دفع بأجهزة الإستبداد العربي إلى التّكثيف من حملات دعايتها لمزيد ردم شعوبها بمستنقع معادات السّاميّة و عداء الولايات المتّحدة الأمريكيّة الّتي قد نتحفّظ على بعض سياساتها لكن لا ننسى أبدا أنّها قاومت آلإرهاب وآلأنظمة المنتجة له ولا تزال ودفعت لتلكم الغاية ما لا يقدّر بثمن : دماء أبنائها…منذ تصدّيها للنّازيّة والفاشيّة والشّيوعيّة… إنّ أيّ مراجعات جذريّة جدّية قد تحدث بخصوص سياسات الإقصاء عموما وتلك المتعلّقة بأنوار الفكر الإسلامي المعتدل على وجه الخصوص من شروطها الإستغناء عن جيل البيروقراطيّات الإنتهازيّة الّتي أخّرت شعوبها عن ركب الحداثة زاجّة بها في متاهة الصّدام مع كبرى الدّيمقراطيّات لتتمادى – بعد عزل شعوبها – في انفرادها بالحكم..واحتكارها للمواطنة… و استفرادها بالحرّيّة… وإنّ ما نخشاه هو رفض تلكم البيروقراطيّات الهجينة الإذعان لحكم التّاريخ لتغادر السّاحات المدنيّة والسّياسيّة لمجتمعاتها..مكرهة وفي خظمّ سيناريوهات كوارثيّة مؤلمة…
تغوّل بيروقراطيّات الإقصاء مردّه كذلك وهن جلّ المعارضات الرّسميّة والشّبيهة, القائمة في البلدان المشكّلة لما آ صطلح على تسميته : » العالم العربي و/ أو الإسلامي ». ّ هذه المعارضات أغلبها جزء من أزمة الحرّيّات, لا بديلا نزيها, أو نقيضا تاريخيّا, مؤسّسا لآليّات, وميكانزمات وأخلاقيّات حكم, تكرّس القطيعة مع ماهو سائد ( آنظر المواقف المؤسفة والمحيّرة لبعض الأقلام المصطفّة إلى جانب أصوات الحرّيّة! من نظام عمر البشير المسؤول الأوّل على كارثة دارفور! أو تلك المستميتة في الدّفاع على الإجرام البورقيبي في حقّ تونس أو المتعامية على الحقوق الثّقافيّة للأقلّيّات … )… هذا هوموقفنا من جلّ المعارضات العربيّة الرّسميّة وشبه الرّسميّة المتواصلة, المتناسخة المتناسلة, منذ عقود , من داخل قانون آجتماعيّ/ سياسيّ غريب سِمته عدميّة الحراك وديناميكيّة الجمود…!
إنّ فشل هكذا معارضات في تبنّي الهموم الحقيقيّة للأغلبيّة المبعدة عن الشّأن العامّ والأقلّيّات المهمّشة..وعدم قدرتها{على} أو رغبتها{في} آلإنصهار ضمن برامج وفاقيّة دنيا وآنغماسها المرضي في نرجسيّة الزّعامات الهلاميّة.. جعل منها عنصرا ثابتا في حالة الإنتكاس والإحتقان داخل مجتمعاتها. هذا المشهد التّعيس حوّل إرادة الإصلاح إلى مغامرة غير آمنة العواقب, في غياب قوى سياسيّة بديلة, مؤهّلة و مسندة جماهيريّا, لتحمّل مسؤوليّة الحكم . إنّ حلم التّغييرالطّبيعي , أي ذاك التّغيير السّلمي الّذي تلده صناديق الإقتراع لم تتوفّربعد أبرز شروط تنفيذه على أرض الواقع و الحفاظ عليه في أغلب المجتمعات العربيّة و/ أو الإسلاميّة [ في هذا السّياق نفهم : المهزلة الإنتخابيّة الإيرانيّة في مارس- أفريل 2008 و جوان 2009 , سعي الكماليّة المتطرّفة في تركيا لحلّ الحزب الحاكم إثرمسار إنتخابي ديموقراطي فريد …الإنقلاب العسكري بموريتانيا على أوّل رئيس ينتخب ديموقراطيّا…إيقاف المسار الإنتخابي الجزائري إثر فوز ساحق لجبهة الإنقاذ… ] هذا الوضع الرّديء جعل المعارضات الشّكليّة والممارسة لولاء المٌتعة على آختلاف مشاربها أقرب لقلب السّلطان من عسسه و مليشياته…فوجودها قانونيّا كان أو شبه قانوني قرينة جدّيّة على ديمقراطيّته أمّا عدميّتها فهي آلّشهادة له على عدم واقعيّة مجرّد الحديث في مسألة التّداول السّلمي على مسؤوليّة الدّولة.
أدركت نخب الإستبداد في العالم العربي و/ أو الإسلامي عمق التّحوّلات الكونيّة الرّاهنة مستشرفة ما لها من آثارمصيريّة على ديمومتها فآنبرت متصدّية – عبثا- لحركة التّاريخ, مراهنة – لأجل البقاء- على حسن توظيف الدّور الأمني الموكول لها بآسم الحرب على الإرهاب. هكذا شاهدنا تيّارات وطنيّة حقوقيّة و حزبيّة ترمى بالإرهاب والتّطرّف و فريّة التّخوين…وتابعنا تحوّلات نوعيّة في نسق وطبيعة المطلبيّة الإجتماعيّة السّلميّة المشروعة تواجه بعنف السّلاح هذا المشهد الحزين …لا ينال من رسوخ قناعتنا في أنّ تاريخا إنسانيا جديدا يكتب سينتهي معه إعتبار الحرّيّة فائض قيمة لمستوى نهضة آجتماعيّة وآقتصاديّة لا تجود به على شعوبها إلاّ الدّيمقراطيّات الغربيّة ( أنظر التّجارب الجنينيّة الموريتانيّة المنقلب عليها ,و السّودانيّة –في الجنوب ودارفور- و العراقيّة بعد سقوط النّظام الصّدّامي والخطّ التّحرّري الّذي يمثّله سيف الإسلام القذّافي في ليبيا….) أو مجرّد شعار يوظّف لتنميق البيانات الصّحفيّة الرّسميّة. أجل لقد تسارعت خطى العالم الحرّ باتّجاه فرض مشاعيّة الحرّيّة منذ سقوط جدار برلين في التّاسع من نوفمبرسنة 1989 ونزول السّتار الأبدي على كوميديا »دكتاتوريّة البروليتاريا »,و حصول ثورة رقميّة رهيبة في عالم الإتّصال وتداول الخبر
وإنّ المفردات الطّوطميّة الّتي يقع ترتيلها بالمنابر الإعلاميّة, لنفي قرينة نسب التّطرّف لواقع داخليّ مأزوم, آستباحته وشرّعته النّخب الإنتهازيّة حفاظا على ديمومة مصالحها, مفردات من صنف: « غياب دور العائلة » …و »حالة غزّة والقطاع « …و » دمويّة الوضع الأمني في العراق » و »اغتصاب التّكفيريّين للثّورة الرّقميّة! » هذه المفردات الطّوطميّة ..هي محاولة بائسة لشرعنة أجهزة حكم » ما كّارتيّة » حوّلت مجتمعاتها إلى أوكار للأمراض المستعصية . مجتمعات تنخرها أنيميا الكرامة وتؤرّقها أوجاع مخاض الحرّيّة في كلّ يوم جديد ..هذه المفردات المفاتيح مادّة كًلاميّة مخِدّرة تُجرّع عُنوة للشّعوب الغارقة في الجهل والحاجة لضمان تطبيعها مع الإستبداد
إنّ طمس وإخماد أصوات الفكر الإسلامي المستنير – أي ذاك الفكر المكرّس لقدسيّة الحقّ في الإختلاف و الفصل بين مجال حرّية المعتقد كشأن شخصي و خاصّ ، والشّأن العامّ كمجال لتحمّل المسؤوليّة و التّكليف والمحاسبة ( مصر ,المغرب , الأردن, الجزائر قطعوا أشواطا فعليّة في مجال مأسسة تعبيرة الفكر الإسلامي المعتدل )- , فتح المجال فسيحا لصنّاع التّكفير والتّدمير… وهم ليسوا ضرورة جلاّس شجون لهاني السّباعي داعية « الجهاد » من مركز المقريزي بمدينة الضّباب.. .بل هم غالب الأحيان » فتية آمنوا » بحقّهم في مواطنة فعليّة و…أخطؤا السّبيل لإدراكها ..
و إنّ الدّيموقراطيّات المسيحيّة [ إيطاليا, فرنسا, ألمانيا] لتشكّل مرجعيّة متميّزة من واجب الحركات السّياسيّة المستندة لأنوار الفكر الإسلامي محاكاتها في تبنّيها لمبادئ المواطنة والحرّيّة وتقديسها للحقّ في الإختلاف و فصلها بين الدّين والدّولة حتّى لا يحصل لبس بين طريق الإنفتاح على الدّيمقراطيّة والتّعدّديّة و مزالق الدّعوة…لمجتمع اللاّهوت والحكم التّيوقراطي…وإنّ حزب العدالة والتّنمية التّركي ليمثّل في آعتقادنا اليوم الحزب السّياسي الوحيد الّذي نجح بآمتيازفي هكذا آتّجاه , متّعضا بدون شكّ, من ماضي تركيا القريب. نجح أردوغان الّذي كان ينعت ب »ترابي البسفور » منذ نوفمبر من العام 2002, في إحداث ثورة تشريعيّة لبراليّة, عزّزت الحقوق والحرّيّات بالنّسبة للمرأة والأقلّيات على وجه الخصوص وأهدى لتركيا , بعد تجديد طاقمها التّكنوقراطي, نهضة آقتصاديّة جائها الثّناء من البنك وصندوق النّقد الدّوليّيين. [ آنظر بالمقابل التّجربة الجزائريّة والمواقف المرعبة لبعض زعامات حزب الإنقاذ الجزائري من الدّيموقراطيّة]
لنذكر كيف نُسف اتّفاق كنيس سانت إيجيديو الّذي أبرمته أطرافا فاعلة في المشهد السّياسي الجزائري سنة1995 بمشاركة جبهة الإنقاذالإسلاميّة. كانت فرنسا من خلال حكومة آلان جوبي توشك أن تدعم هكذامسار متحضّر وواعد بالسّلم والوئام…فجاء ردّ أصحاب المصلحة في تأبيد الحالة النّمطيّة ل »جزائر الفوضى الشّاملة » بقطع الطّريق إرهابيّا على أيّ إمداد دبلوماسي لفائدة ميثاق سانت إيجيديو. ولاتزال كثبان شكّ كثيف لم تتقشّع إلى اليوم, تلفّ العلاقة المُمكنة بين إفشال تلكم المبادرة والأعمال الإرهابيّة الّتي نفّذها جزائريّون بباريس {الجميلة} سنة 1995 و أدّت لمنع القوى الدّيمقراطيّة الجمهوريّة الحاكمة بفرنسا آنذاك من مواصلة دعم مسار سانت إيجيديو .. ( في هذا الخصوص مهمّ الإطّلاع على الجدل الّذي ثار حول جريمة قتل الرّهبان الفرنسيّين بالجزائر سنة 1996….) لنذكر.. الّنداء المصوّر لما يسمّى ب »القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي » بتاريخ 13 جانفي 2009( في هذا الخصوص راجع صحيفة » لوموند » الفرنسيّة بتاريخ 21 جانفي 2009 ) الدّاعي للقيام بأعمال إرهابيّة ضدّ المصالح الغربيّة والإسرائيليّة بموريطانيا. لمّا نعلم أنّ كلّ الدّيمقراطيّات الغربيّة أدانت الإنقلاب على الشّرعيّة الدّستورية بموريطانيا وتنادت بعودة الرّئيس المقال إلى مهامّه وأنّ موريطانيا ليست الدّولة الوحيدة –مغاربيّا- المبرمة للآتّفاقات تعاون…. مع الدّولة العبريّة, نتساءل عن » أسباب الّنزول » الحقيقيّة لهذه الفتوى الجهاديّة في وقت يبدو فيه العسكرالموريتاني في أمسّ الحاجة لتمديد الجزء الأوّل من مهزلته الإنقلابيّة ( مرحلة الوعود…الكاذبة) إذ لا شيء أصلح في هكذا حال من الإحتماء بمبدأ الظّروف الإستثنائيّة ورومنسيّة الذّود على الوطن بالوقوف خلف القائد الواحد! والرّمز الخالد ! حتّى وإن كان آنقلابيّا! في وجه الإرهاب الشّبح! خلال شهر أوت من العام الحالي, بضع أيّام بعد مسار آنتخابيّ غير نزيه, فجّر مواطن موريتاني نفسه أمام السّفارة الفرنسيّة…! هاتفني صديق مازحا وقال لي » هل من دليل أهمّ من هذا لتأكيد آنتساب الرّئيس الموريتاني المخلوع للقاعدة!؟ »
إنّ هذه الصّورة النّمطيّة عن الشّارع/المجتمع/الفرد/ العربي و/أو المسلم هي أنجع ماتمتلكه اليوم وتوظّفه أجهزة الإستبداد العربيّة و/ أو المسلمة من وسائل لتفادي محكمة التّاريخ. فأيّ شيء أضمن لبقاء هكذا أجهزة من تقديمها لشعوبها في صور نمطيّة مريبة تُبرزها إمّا ذلولة خدومة لأجل نعمة الشّركات الأجنبيّة أو صداميّة عدوانيّة تجاه العالم الحرّ لو أفلتت بآسم الحرّيّة وحقوق الإنسان من عقال أنظمتها الأمنيّة.
لذلك من المشروع التّسائل, – إذا سلّمنا بحيويّة الدّور الذي يلعبه المتطرّفون في تمديد عمر الدّكتاتوريّات-, عن مدى ضلوع النّخب الإستبداديّة في التّشكيل « المخبري » لنوعيّة وبؤر « إرهابيّييها » و « متطرّفيها »..لضمان دوام نظم امتيازاتها الفئويّة ؟
كارثة الحادي عشرمن سبتمبر وتداعياتها الدّمويّة والنّفسيّة المؤلمة أوقعت عديد القوى الدّيمقراطيّة بالمجتمعات الأهليّة الغربيّة في شكيزوفرانيا المفكّراللّبرالي الفرنسي دي توكفيل وانفصامه بين الإعتقاد في جدوى التّجربة الدّيمقراطيّة التّحرّريّة الأمريكيّة,- مثلما شهدها أيّام منفاه, داعيا للإستئناس بها في تشكيل و نحت ملامح المجتمع الفرنسي- وهي التّجربة القائمة على تقديس مبدىء المساوات{ من وجهة نظرحقوقيّة} بين مواطنين أحرار, و تنصّله من هكذا اعتقاد عند تعرّضه لمسألتي الحرّيّة والمساوات بالجزائرالفرنسيّة آنذاك . حيث آعتبر أنّ الجزائريّيين لا تشملهم مبادئ المساوات و فضائل المواطنة…. لقد نجحت الأنظمة الإستبداديّة العربيّة في الإستفادة من الإنفصام التّوكفيلي ….وأصبح آستمرار أغلبيّتها منذ الحادي عشر من سبتمبر مستمدّ لا من أحقّية في الحكم أو معادلات سياسيّة داخليّة { إن وجدت} بل من مدى آرتهانه للهواجس الأمنيّة والإقتصاديّة/ الإستثماريّة لمراكز النّفوذ الدّولي. هذه الأخيرة , بعد أن مُورس عليها {ولايزال}إرهاب السّلفيّة الجهاديّة و إرهاصات الصّورة النّمطيّة المخيفة الّتي تسوّقها أجهزة الإستبداد حول أصناف عريضة من مواطنيها, سقط بعضها رهينة واقعيّة سياسيّة…آزدهرت معها وآنتعشت مقولات يمينها المتطرّف المُعلن والمتستّر..حول نسبيّة الحاجة للدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان .
إنّ قتامة الوضع الحقوقي عربيّا وإسلاميّا لا تنفي حدوث بوادرإيجابيّة قد تثمر تحوّلات و مراجعات عميقة بخصوص عديد التّجارب السّياسيّة وتأذن بفتح الطّريق لجيل جديد من الإختيارات والتّوجّهات في العالم العربي و/أو الإسلامي..لسيّما بالنّظر إلى آلتزام الولايات المتّحدة الأمريكيّة, بالتّوازي مع حربها على الإرهاب , بدعم المسارات الدّيمقراطيّة النّاشئة.
فهذه الجزائر …تحوّل إلى حقيقة ملموسة ما دأب المختصّون تصنيفه مستحيلا,…. لمّا تنادى حسّان حطّاب وغيره من قيادات « الجماعة السّلفيّة للدّعوة والقتال » داعيا كلّ المسلّحين إلى « الإنضمام لمسعى المصالحة الوطنيّة والعفو الشّامل الّذي أذِن به الرّئيس بو تفليقة. » فحطّاب تحوّل بصدقيّة هكذا مسعى من رأس التّنظيم الإ رهابي للقتال والجهاد إلى داعية سلام! و يذكر أنّ أحد الجنرالات أدّى زيارة قبل وفاته بأيّام لأحد القادة السّابقين ب « جيش الإنقاذ الإسلامي » من المنتفعين بمسار المصالحة على إثر محاولة آغتياله من قبل التيّار الرّافض لها. ثمّ جاءت عودة عدد من أبرز قيادات جبهة الإ نقاذ,الغير متورّطين في جرائم سنوات الجمر, إلى الجزائر في غضون خريف 2006, عودة تحمل في طيّاتها وعيا عميقا بدقّة الضّرف ومستلزمات المرحلة. جزائريّا كان قرارالّجنة الأمميّة لحقوق الإنسان لشهر مارس العام 2007, القاضي{ ضمنيّا} ببطلان كلّ الأحكام والإتّهامات الّتي وجّهها قضاة جزائريّون لزعيم حركة الإنقاذ الشّيخ عبّاسي مدني و {بشكل رسمي} بالتّعويض له عن جميع أضراره المادّيّة والمعنويّة… انتصار آخر للمشروع الحضاري الّذي أسّس له الرّئيس بوتفليقة من خلال برنامج وطني جسور قوامه السّلم والوئام والوفاق. برنامج انطلق{ من خلال تصريحات الرّئيس بوتفليقة} سنة 1999 و سط دعم جماهيريّ عريض غير مسبوق عبّرت من خلاله كلّ القوى الوطنيّة الجزائريّة بما فيها حركة الإنقاذ, عن استعدادها لطيّ صفحة المظالم والجرائم الّتي لا تحمل إمضاء فاعل وحيد, للدّخول في شراكة وطنيّة مسؤولة لصا لح الوطن و ضدّ الأيدي الخفيّة داخليّا وخارجيّا, صاحبة المصلحة في تأبيد الأحقاد وفوضى الإستبداد. وإنّه ليحقّ لليبيا ,المفاخرة بنهرها الصّناعي …قاهرضمـأ الصّحراء, الّتباهى بما تحقّق بسعي من مؤسّسة القذّافي الّتي يديرها نجل الزّعيم الّليبي سيف الإسلام لفتح صفحة جديدة بين نظام الحكم اللّيبي والجماعة اللّيبيّة المقاتلة (جماعة إسلاميّة متشدّدة) بعد عودة أحد أبرز قياديّيها من منفي دام ثمانية عشر سنة والسّعي للإفراج على أغلب معتقليها وتمكينهم من جميع حقوقهم المادّيّة وآلتزام هذه الجماعة بطيّ صفحة الماضي من حيث القناعات والممارسات للدّخول في مسار يؤسّس لنشأة حركة مدنيّة تنبذ العنف و تدينه و تدعم مجهود التّنمية الشّاملة بالجماهيريّة العظمى.
ولمّا أطلق النّظام الّليبي سراح أحد مواطنيه السّيّد عبدالّله شاميّة المتّهم ب »الإنتماء » لحركة إسلاميّة هناك..معيدا له جميع حقوقه.. لم تشفع له » محاكمته للأحداث » ولا نقده الذّاتي بل ولا حتّى رضاء اللّجان الشّعبيّة عليه! فضلّ غير مرغوب فيه تونسيّا وتمّ ترحيله منها في مارس سنة 2007 حال وصوله لها صحبة وفد ليبي شبه رسمي من المختصّين في مجالات تعنى بشؤون التّنمية! وفي جويلية سنة 2007 أسرّ لنا السّيد برهان بسيّس عضو الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسية في تونس , نحن قرّاء جريدة « الصّباح » , بخوفه – المشروع والّذي نشاركه فيه- ممّا بلغ لعلمه حول دمويّة الأحداث الّتي شهدها « المسجد الأحمر » بباكستان.. ! ناسيا أو متناسيا أنّ أوليّتنا في تونس – لم ولن تكون « المسجد الأحمر » أولويّتنا تونسيّا هي « الجبل الأحمر » ذاك الحيّ الشّعبي.. بالعاصمة التّونسيّة… الواقع بمنطقة نعتها البورقيبي الهادي نويرة ب « الحزام الأحمر » وهي مشّكّلة من أحياء فقيرة محيطة بالعاصمة تونس…أحياء أغرقها بورقيبة وأوفياءه في ما يشبه الحروب البونيقيّة ضدّ الحاجة و ما شابه ذلك من اللآفات ! .حدّثنا السّيد برهان بسيّس عن « المسجد الأحمر » تاركا لنا سرّا كبيرا و حيرة حول مشاعره في نفس الشّهر من نفس السّنة وهو يشاهد « السّجّاد الأحمر » يفرش فوق أرض قرطاج التّسامح وحوار الحضارات….. لأحد رؤوس التّطرّف الفارسي, منوشهر متّقي, الواعد الإنسانيّة بمحرقة جديدة ..وضرب مصالح العالم الحرّ حيثما كانت ( أي حتّى في تونس!) .. الرّجل… أوداجُهُ لم تزل بعد منتفخة لشدّة التّرهيب والوعيد… وفي تونس مثقّفون! ونساء ورجال سياسة ! و مختصّين في التّحاليل الإستراتيجيّة ! متمعّشون من النّاتج القومي الخام… قالوا ….وما ضرّ لو نضّمنا لمجنون فارسي لقاء مع رئيس دولتنا… الّذي أنقذنا في نوفمبر 1987 من مجنون.الدّولة…من نظّم هذا اللّقاء؟ و خلال صيف 2008 دعي مدير قناة المنار… » تلفزة » حسن نصر اللّه… ضيفا مبجّلا على إعلام وإعلاميّي الحداثة التّونسيّة… سعدوا لآستقبال منوشهر متّقي ومدير تلفزة نصراللّه وهم يعلمون أنّ جحافل من الشّباب التّونسي حوكمت ولا تزال على أساس القانون المتعلّق بجرائم الإرهاب في أغلب الأحيان على إثر نشاط دعوي صوفي مسالم أو لمجرّد التّفكير في الإلتحاق بما تصفه الصّحافة الرّسميّة وبيانات أحزاب ولاء المتعة ب »المقاومة » في العراق وغير العراق…ألا ينطبق القانون التّونسيّ المتعلّق بالإرهاب على منوشهر متّقي ومدير تلفزة « المنار »؟ تونسيّا…كان الميثاق الوطني سنة 1988- على علاّته- خطوة دستوريّة جدّيّة بآتّجاه تنظيم وفاقي للحياة السّياسيّة على أسس تعترف للعائلات الفكريّة الوطنيّة الجمهوريّة بالحقّ في المشاركة. و كانت أهمّ مراحل نضج هكذا آختيار بخصوص تشريك الطّيف الإسلامي تلكم الّتي شهدت ميلاد صحيفة » الفجر » ثمّ المشاركة تحت عنوان قائمات » مستقلّة » في الإنتخابات البلديّة والتّشريعيّة سنة بعد التّبشير بمبادئ السّابع من نوفمبر 1987. بعد ذلك عرف التيّارالإسلامي في تونس محنة السّجون والمنافي على إثر ما عاشته البلاد من أحداث عنف متبادل وغير متكافئ بين أتباع لهذا التّيّار و جهات أمنيّة. وإنّ مبادرة الرّئيس بن علي في العام 1998, بتسريح المئات من مساجين التّيّار الإسلامي ورفع الرّقابة الإداريّة على الآلاف من الأتباع لم تمنع عودة العلاقة بين رموز في الدّولة والتّيّار الإسلامي في تونس إلى حالة التّنافر الّتي لم ينهيها حتّى آسترجاع العديد من المهجّرين من أتباع هذه العائلة الفكريّة لحقّ العودة بسعي شخصي من الرّئيس بن علي… بل ولا لطّفتها نداءات العقل والضّمير الدّاعية من داخل القيادة التّاريخيّة لهذا التّيّار ل »فكّ الإشتباك »… تونس الرّئيس بن علي, جمهوريّة الغد, بما تحمله من وعود وإنجازات, ليست بحاجة لخوض آمتحان « ناتهان شارنسكي. »..و آلخروج في ما بعد من عباب غبار السّاحات العامّة مثخنة الخطى نحو المزيد من الإحتقان. و إنّ السّاعين من داخل مؤسّسات و فضاءات الفعل السّياسي في تونس لآعتبارات فئويّة و شخصيّة وجهويّة لتحويل تونس, إلى بيت عزاء دائم, هم – قلناها ونأكّدها اليوم- الأعداء الحقيقيّون لمشروع الرّئيس بن علي الحضاري. كانت تونس مطلع الموسم السّياسي 87/ 88 مؤهّلة , داخل محيطها القريب والبعيد, بآلنّظر لما وضعت من أسس وآليّات وفاقيّة , لرفع عماد بيتها الدّيمقراطي صلب شراكة وطنيّة لا إقصاء فيها ولا تهميش. في نهاية الثّمانينات كان النّسيج الإجتماعي التّونسي والوضع الإقتصادي محليّا ودوليّا و نضج الوفاق السّياسي على قدر من الإيجابيّة سمح بالإعتقاد في جدّيّة فريق الحكم القديم الجديد….عشرون سنة مضت تقريبا منذ ذلك التّاريخ, أعادت خلالها الجزائر للسّلم والحوار مكانتهما في عمق مجتمع عاش حالة تقاتل كُلفته خسائر بشريّة وآقتصاديّة رهيبة.. لكن من يزور الجزائر اليوم أو يتابع حراكها في شتّى المجالات… من يصغي لنبرة الخطاب السّياسي الرّسمي و حضور المعارضة بكلّ أطيافها يكتشف جزائرا طموحة متصالحة متضامنة قويّة بمواطنيها رغم حجم الصّعوبات والتّحدّيات العالقة…عشرون سنة مضت على الحلم التّونسي…… آسترجعت خلالها ليبيا مكانتها الدّوليّة بين الأمم بجدارة ومضت بعد تسوية ملفّ حلمها النّووي إلى ولوج مرحلة لبراليّة يقودها نجل الزّعيم اللّيبي سيف الإسلام ….الجماهيريّة العظمى تعيد الإعتبار لذاكرتها الأمازيغيّة واليهوديّة…وتصالح طيفا من معارضيها الإسلامييّن, بخطى ثابتة… متخلّصة من المفاهيم المتحجّرة لمسألتي الإنتماء والهويّة …خطى … جسورة جديرة بالثّناء والتّقدير…. أمّا المملكة المغربية …. وعلى الرّغم من معوقاتها التّاريخيّة ( قضيّة الصّحراء الغربيّة….وضع المرأة, نسبة التّمدرس…) هي اليوم على حدّ تعبير رئيس الأمميّة اللّبراليّة في العام 2008 » في رسالة وجّهها للسّيّد محمّد تامالدو رئيس شبكة اللّيبراليّيين العرب » قاطرة الدّيموقراطيّة بالمغرب العربي…. ». أجل فمنذ مطلع التّسعينات باشر ملك المغرب الحسن الثّاني حوارا شبه مباشر مع معارضيه من التّيّار الإسلامي شمل جماعة العدل والإحسان الّتي لا تعترف له بصفته الدّستوريّة: « أمير المؤمنين » ! كان منعرجا حاسما أعطى دفعا تعبويّا ملموسا لقسم كبير من المجتمع المغربي…دفعا عزّز أركان البيت الدّيمقراطي المغربي في وجه المخاطر التّنمويّة والأمنيّة. في السّادس من جانفي العام 2005 و بمناسبة آنتهاء مهمّة هيئة العدل والمصالحة المغربيّة, والّتي بعثت لتتولّى التّحقيق الجدّي في المظالم وتضع حجر أساس المصالحة الوطنيّة المغربيّة, قال الملك محمّد السّادس متحدّثا إلى شعبه : » لقد أقدمنا بكلّ شجاعة وحكمة وثبات على استكمال التّسوية المنصفة لماضي انتهاكات حقوق الإنسان الّتي أطلق مسارها الرّائد منذ بداية التّسعينيّات والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثّاني , قدّس اللّه روحه . وإنّنا لنستحضر, بكلّ خشوع وإجلال , إلحاحه, من أعلى منبر البرلمان , في آخر افتتاح له,للدّورة النّيابيّة لأكتوبر 1998 , على الطّيّ النّهائي لكلّ الملفّات العالقة. كما جاء في نطقه السّامي » حتّى لا يبقى المغرب جارا من ورائه سمعة ليست هي الحقيقة وليست مطابقة لواقعه ولا تفيده في مستقبله » » وأضاف الملك محمّد السّادس قائلا » وإنّي لواثق أنّ هذه المصالحة الصّادقة الّتي أنجزناها , لا تعني نسيان الماضي فالتّاريخ لا ينسى. » في تونس … حتّى…النّحلة…هذه الحشرة اللّطيفة الّتي يكتفي العالم بأسره بعسلها…في تونس بحثنا فيها عمّا هو نقيض عسلها!…لسعها السّامّ والقاتل أحيانا وحوّلناه – أو هكذا يُعتقد- نحن أحفاد حنّبعل والكاهنة البربريّة والفاتح عقبة بن نافع… إلى علاج نافع!…مشافي اللّسع, غطّت تراب البلاد, مرتادوها ليسوا مازوشيّيين ولا أتباعا حركيّيين لتيّار سياسيّ وطنيّ يساريّ أو يمينيّ محظور تعوّدت جلودهم آلام التّعذيب…في بلدي تونس, تنتشر مجالس اللّطم كانتشار محلاّت بيع الخمور بدون رخصة…تونسيّون وجدوا خلاصهم في آستحظار عذابات كربلاء- وهم جاهلون لماهية الدّولة الأغلبيّة القيروانيّة- ودخول الألفيّة الثّالثة مخمورين بأوجاع المراثي ومآتم العزاء! مجالس…تزهو بإشاعة الحقد والكراهيّة يغادرها روّادها مكلومة أوصالهم مقفّلة عقولهم كمن غادر محلّ إيقاف بعد سكر فاضح….عدد غفير من شبابنا قضى غرقا بمياه المتوسّط و صار يسكنه ,بعد حلم « الهجرة إلى الشّمال »,….ملح البحر…فطفق أصحاب مؤسّسات الإعلام الإشهاري ضمانا لدوام امتيازاتهم الجبائيّة…يرسمون له صورة نمطيّة تقدّمه..مزيجا من غياب الحسّ الوطني واللاّوعي , مشوّهين فيه الذّاكرة وحقيقة حلمه المشروع وهو في قاع اليمّ…صريع! …لا جدال في ما تحقّق لتونس, من الإنجازات , في شتّى المجالات التّنمويّة بحرص موصول من الّرئيس زين العابدين بن علي. رصيد رفيع من المكتسبات الإقتصاديّة والسّياسيّة يسند لبن علي الإهابة والأحقّية لمواصلة قيادة البلاد والسّير بها نحو تاريخ جديد …تاريخ نأمل أن يعيد لبيان السّابع من نوفمبر صدقيّة معانيه وللميثاق الوطني قيمته الإلزاميّة حول جملة المبادئ الرّافعة لمشروع دولة القانون الدّيمقراطي والمؤسّسات. لا جدال كذلك في النّفس الجديد الّذي يشقّ الحزب الحاكم منذ مؤتمر ه الأخير و إقرار مبدأ الإنتخاب لأعضاء لجنته المركزيّة وبروز جيل من الشّباب لا ينتمي لثقافة » صبّاط الظّلام »*(2) جيل تصحّ تسميته بجيل الرّئيس بن علي.
لكن ما يؤرّقني أنّ تونس ضلّت, لحكمة آرتآها الحرس القديم والنّخب الإنتهازيّة !, بطيئة الخطى متردّدة , متوجّسة في تعاملها مع ملفّي الحقوق و الحرّيّات والتّوزيع العادل لحظوض النّماء والإزدهار بين الجهات. فأمّا بخصوص مسألة الحقوق والحرّيّات فإنّ المدخل الجدّي والحقيقي الوحيد لهذا الملفّ هو سنّ قانون عفو تشريعي عامّ لفائدة كلّ من أدين قضائيّا بسبب أفكاره ومعتقداته وإنهاء محنة القوى الوطنيّة المهجّرة المشكّلة من كلّ الطّيف الأهلي التّونسي وبشكل أساسي من أتباع و كوادر التّيّار الإسلامي. ولكي يغلق باب العود على البدئ, تونسيّا الحاجة أكيدة لمبادرة رئاسيّة تأذن بإنشاء مؤسّسة وطنيّة ممثّلة بكلّ جهات الجمهوريّة على شاكلة هيئة العدل والمصالحة المغربيّة تسند لها مهمّة الإنكباب على الملفّات الحقوقيّة العالقة منذ عقدين من الّتاريخ والبحث في أوجه تسويتها من خلال تمشّي يحفظ للذّاكرة حرمتها ويؤسّس لمصالحة وطنيّة حقيقيّة.
أمّا ملفّ التّوزيع العادل لحظوض النّماء والإزدهار بين الجهات في تونس, كمدخل لتصحيح منظومة الحقوق الإجتماعيّة,فهو تونسيّا…- من وجهة نظرنا-, سيبقى أدقّ التّحدّ يات المطروحة وأهمّها على المشروع الرّئاسيّ « جمهوريّة الغد », المطروح عليه إنهاء مظلمة طال عهدها في حقّ جهات لم تجني من البورقيبيّيين في ضلّ جمهوريّتهم إلاّ التّهميش و النّسيان, ملفّ التّوزيع العادل لحظوض النّماء والإزدهار بين الجهات في تونس هو صمّام الأمان المركزيّ ضدّ صُنّاع و تُجّار التّطرّف والإرهاب. هذه تحدّيات تونسيّة, كسبُها يقتضي من حزب الأغلبيّة الحاكمة, التّجمّع الدّستوري الدّيموقراطي, والمعارضات الوطنيّة الحقيقيّة , القطع مع ثقافة الرّضاء على الذّات ونفسيّة » الجحيم هو الآخر », وإرساء روح الجدل المسؤول و »الشّكّ المنهجيّ » البنّاء المُتًحرِّر من المسلّمات.
عادل الزّيتوني (1)عنوان قصيدة لصاحب السّموّ الملكي الأمير عبداللّه الفيصل رحمه اللّه. باريس 19 أوت 2009 (2) آسم مكان بالعاصمة تونس شهد أبشع الجرائم الّتي آقترفها البورقيبيّون في حقّ معارضيهم
المعارضة و«التشريعية» 16 قائمة في «الوحدوي» تجديد في «الشعبية» ومستقلون في «التكتل»
تونس – الصباح: بدات « ماكينة » الانتخابات التشريعية تدور في صلب الأحزاب السياسية بشكل تصاعدي مع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي المقرر ليوم 25 أكتوبر القادم.. ويبدو ملف القائمات الانتخابية، احد أبرز المشكلات التي تهيمن على تفكير القيادات والكوادر الوسطى في الأحزاب، حيث تتركز النقاشات منذ فترة حول هذا الموضوع، فيما خصصت بعض الأحزاب مكاتبها السياسية للتداول حولها، كما اتخذت بشأنها قرارات واجراءات عملية لضبط المسلك العام المحدد «لهوية» هذه القائمات خلال الانتخابات المقبلة.. وباستثناء التجمع الدستوري الديموقراطي (حزب الاغلبية) الذي يعد قائماته ضمن سياق حزبي وافق سياسي خاص به واذا ما تركنا جانبا الخطوة الهامة التي قطعها الاتحاد الديموقراطي الوحدوي في مجال اعداد قائماته، حيث انتهى من ضبط 16 قائمة الى حد الان، فان بقية الاحزاب بدات تتحسس طريقها نحو ملف القائمات الانتخابية، وسط توقعات بان تنتهي هذه العملية قبيل نهاية شهر رمضان القادم.. «فيتو» امام المستقلين؟ وعلمت »الصباح » في هذا السياق، ان قائمات حزب الوحدة الشعبية، ستشهد نسبة تجديد يتوقع ان تكون بنسبة معتبرة، خصوصا على مستوى رئاسة القائمات.. وقرر الحزب خلال اجتماع مكتبه السياسي الأخير، جعل القائمات الانتخابية مرتهنة بعوامل الخبرة والاقدمية والاشعاع الجهوي لاسيما بالنسبة لرؤساء القائمات.. وسيكون المكتب السياسي المحدد الاول والاخير لتشكيلة القائمات الانتخابية، مع الاستئناس بوجهة نظر الجامعات التي تعد أكثر اطلاعا ودراية بالشخصيات الجهوية من حيث مواقعها ودرجة تمثيليتها ومكانتها الاعتبارية. واستبعد هشام الحاجي، عضو المكتب السياسي للحزب والعضو بالبرلمان، امكانية لجوء حزبه الى المستقلين، وقال في تصريح لــ »الصباح » » ستكون القائمات مشكلة بنسبة 100% من أبناء الحزب وكوادره »، قبل ان يضيف » « لن نعوّل على المستقلين، لان لدينا اكتفاء ذاتيا، بل تنافسية كبيرة في مستوى اعداد القائمات « . وكان الحزب خصص اجتماع مكتبه السياسي المنعقد يوم السبت المنقضي لتدارس البرنامج الانتخابي للحزب والتصور العام للحملة الانتخابية المزمع القيام بها على الواجهتين: التشريعية والرئاسية وشكلت الوحدة الشعبية لجنة ثلاثية عهد اليها باعداد البيان الانتخابي للحزب، وتتألف اللجنة التي تلتئم اليوم في اول اجتماعاتها من هشام الحاجي وعربية بن عمار وعادل الحاج سالم.. شروط اولية من جهتها، وضعت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين « شروطا » مبدئية لاعداد القائمات الانتخابية… وقالت مصادر من الحزب ان من بين هذه الشروط، الاشعاع والكفاءة والتمثيلية الجهوية.. وسيعهد لجامعات الحزب بتقديم اقتراحات للمكتب السياسي الذي سيكون المحدد في الضبط النهائي للقوائم ، خصوصا اذا ما سجل خلاف او تباين بين اكثر من مرشح لرئاسة القائمة الواحدة.. ومع ان الحزب لم يبدا في « صياغة » القائمات بسبب وجود امينه العام السيد اسماعيل بولحية خارج البلاد، فان بعض الجهات تبدو محسومة في هذا السياق، على اعتبار ان رؤساء جامعاتها حافظوا – او ينتظر ان يحافظوا – على قيادتهم لهذه الجامعات في أعقاب عملية اعادة الهيكلة التي يخضع اليها الحزب منذ فترة غير بعيدة، وهؤلاء المسؤولون على الجامعات، هم الذين يرأسون القائمات الانتخابية في العادة.. وعلى اية حال، فان بداية الحسم النهائي ستنطلق بداية من موفى الشهر الجاري، عندما يكون الحزب قد قطع شوطا مهما – وربما أتم اعادة هيكلة جامعات الحزب الموزعة في جميع الجهات. «استهداف» المستقلين وعلى خلاف (الوحدة الشعبية) و(الديمقراطيين الاشتراكيين)، يبدو الوضع في حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات مختلفا تماما.. وقال مصطفى بن جعفر، الأمين العام للتكتل في تصريح لــ »الصباح » ان المؤتمر الوطني الاول للحزب شكل ظاهرة انسجام في صفوف التكتل، ما يرجح ان تكون القائمات وفاقية وفي اطار من التناغم الملحوظ.. لكن بن جعفر ، اوضح ان المكتب السياسي هو الذي يقرر – في المحصلة النهائية – اتجاهات الأمور، من خلال حرصه على عملية توازن واضحة بين الجهات التي يتمركز فيها الحزب.. وكان المجلس الوطني للتكتل الديمقراطي، المنعقد في شهر جويلية المنقضي، تطرق الى موضوع القائمات الانتخابية وتدارس حجم حضور الحزب في « التشريعية »، وحسب المعلومات التي توفرت لــ »الصباح »، فان قائمات الحزب ستكون « تكتلية » بالأساس، حيث سيستثمر التكتل امتداده الجغرافي في نحو 16 جهة.. لكن الأمين العام للحزب ذكر لـ »الصباح » بان التكتل قرر الانفتاح على المجتمع المدني، من خلال التعويل على المستقلين في حوالي 10 جهات، نجح الحزب في تكوين نواتات ضمنها، من المنتظر استغلالها و »التأسيس عليها » خلال الانتخابات المقبلة.. وسيراهن الحزب في هذا السياق على الشخصيات النقابية والحقوقية ولفيف من النخب الموجودة في اكثر من جهة.. سيناريو 2004 في ذات السياق، بدات حركة التجديد في « نحت » ملامح قوائمها الانتخابية، في ضوء اجتماع هيئتها السياسية قبل اسبوع، التي تدارست الخطوط العريضة للقائمات. وقال حاتم الشعبوني، عضو الهيئة السياسية للحركة لــ »الصباح » ان سيناريو انتخابات العام 2004، سيتكرر خلال الاستحقاق القادم، حيث سيتم توزيع رؤساء القائمات على الأطراف المعنية بتحالف (التجديد – المبادرة الديمقراطية) والذي يتالف من حزبين يساريين الى جانب المستقلين من الشيوعيين. وتتجه النية الى تثميل الحزب في جميع الولايات والجهات، ومن المنتظر ان تكون الكلمة الحسم في ضبط القائمات الانتخابية النهائية للمجلس المركزي للحزب (أعلى سلطة بعد المؤتمر).. في هذه الأثناء، يواصل الحزب الديمقراطي التقدمي مشاوراته بشأن القائمات في « التشريعية »، فيما يعتقد ان يكون حزب الخضر للتقدم « في طريق مفتوح »، امام ضبط تركيبة القائمات وتفاصيلها. صالح عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أوت 2009)