TUNISNEWS
6 ème année, N° 2048 du 30.12.2005
المجلس الوطني للحريات بـتونس: تشديد الحصار على مناضلي المجتمع المدنيالمجلس الوطني للحريات بـتونس: عملية انتقامية تستهدف السيد كمال الجندوبي اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في بتونس: بيان توضيحيالنهضة تتضامن مع الاستاذ كمال الجندوبي قدس برس: خسائر في قطاع الدواجن تفوق 10 ملايين دينار
سامي بن غربية: مدونتي تحصل على حق اللجوء السياسي في مصر !
افتتاحية الموقف: معارضة منتهية الصلاحية
الحبيب الحمدوني: إضاءة في التعامل مع الإسلاميين
رشيد خشانة : الحكومة تنظر للإصلاح من ثقب الإبـرة
الموقف: في ندوة شارك فيه سياسيون وجامعيون – غياب الحريات عطل بناء المغرب العربي
الصباح: وزير في حكومة أوروبية يكتب الى رئيس الجمهورية: تونس بفضل سياستكم المستنيرة تعدّ مثالا وقدوة في العالم الصباح: هجرة المهندسين بعد التخرّج.. الخسارة التي لا تعوّض
الشروق: شاب تونسي مقيم بألمانيا يلقي بنفسه من باخرة مسافرينالشروق: الأديب الراحل المسعدي وعد بإهدائنا مكتبته الخاصة، لكنها اختفت ! د. أبو خولة: فشل القاعدة الأخير في تونسحقائق: «اختلاف الماطري مع بورقيبة كان فـي المزاج والمنهاج» حقائق: محمود الماطري: مثال للوطنية والتحلي بالنزعة الإنسانية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
تونس في 29 ديسمبر
2005بــلاغ
عملية انتقامية تستهدف السيد كمال الجندوبي
تعرض السيد كمال الجندوبي رئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان رئيس لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس إلى عملية انتقامية من طرف أجهزة الأمن السياسي التونسي بفرنسا يوم 28 ديسمبر الجاري، حيث وجد سيارته الرابضة في المستودع الخاص والمغلق التابع لعمله محطّمة بفعل إجرامي، حيث تعمّد المعتدون تهشيم بلّور السيارة وتحطيم هيكلها بالكامل واقتلاع لوحات أرقامها.
وجاء هذا الاعتداء أياما بعد عملية سرقة جهاز حاسوب محمول من سيارته بعد تهشيم بلّورها. وتعتبر هذه العملية الإجرامية بمثابة انتقام ردّا على النشاط الذي نظّمه السيد كمال الجندوبي بوصفه رئيس لجنة احترام الحريات خلال الأسابيع الأخيرة والمتمثل في جولة لوفد من ممثلي المجتمع المدني التونسي لدى أهمّ الهيئات الأوروبية لمتابعة تداعيات قمة مجتمع المعلومات والتي أسفرت على قرار البرلمان الأوروبي بإدانة السياسة التعسفية للنظام التونسي.
والمجلس الوطني للحريات :
يعبّر عن تضامنه الكامل مع السيد كمال الجندوبي الذي يمنع إلى حدّ الآن من حقه في جواز السفر والعودة إلى أرض الوطن.
يندّد بهذا الاعتداء الجبان الذي يدلّ على فشل سياسة نظام الحكم التونسي العاجز عن مراجعة أخطائه ومعالجة عزلته المتزايدة دوليّا.
يحمّل السلطات الفرنسية مسؤولية أيّ مكروه يهدّد السلامة الجسدية للسيد كمال الجندوبي، ويطالبها بالكفّ عن التغاضي عن نشاط أجهزة أمنية غير قانونيّة لا رادع لها ضد النشطاء الحقوقيّين التونسيّين على الأرض الفرنسية.
البوليس السياسي يمنع عقد اجتماع بمقرّ المجلس
حاصرت اليوم 29 ديسمبر 2005 قوات من البوليس السياسي مقرّ المجلس الوطني للحريات وقطعت الطريق أمام أعضاء المجلس لمنعهم من دخول المقرّ لحضور جلسة موسّعة لهيئة الاتصال.
فقد حضرت إلى المكان أعداد كبيرة من عناصر البوليس بالزي المدني والمعروفة بسلوكها المشين والاعتداء الجسدي واللفظي على النشطاء، وأغلقت المنافذ المؤدية إلى مقر المجلس ومنعت الدخول إليه.
والمجلس الوطني للحريات :
يذكّر بأنّ هذا المنع يتكرّر منذ شهر ديسمبر 2004، فقد منعت كلّ الجلسات المقرّر عقدها بالمقرّ ووقع الاعتداء الجسدي واللفظي على مناضليه في عديد المناسبات.
يندّد بهذا الاعتداء على حق المجلس في نشاطه الداخلي ويطالب برفع الحصار الأمني المضروب على المجلس.
يجدّد تمسّكه بحقه في النشاط القانوني والعلني كما يضمنه الدستور التونسي والمواثيق الدولية. ويطالب السلطات التونسية باحترام قوانين البلاد وتعهّداتها الدولية.
عن المجلس
الناطقة الرسمية
سهام بن سدرين
المجلس الوطني للحريات بـتونس
تونس في 28 ديسمبر
2005
تشديد الحصار على مناضلي المجتمع المدني
1– محاصرة المناضل علي بن سالم
تواصل قوات البوليس السياسي إلى حدّ اليوم محاصرة منزل الأخ علي بن سالم العضو المؤسس للمجلس الوطني للحريات ورئيس ودادية قدماء المقاومين وتتعمّد منع أي زائر من دخول بيته بما في ذلك أبنائه. وقد تم تشديد المراقبة الأمنية مباشرة بعد انتهاء قمة مجتمع المعلومات بعدّة أشكال، بالحصار المضروب على بيته والمتابعة الأمنية اللصيقة في جميع تنقلاته بسيارة مدنية يمتطيها ثلاثة أعوان أمن.
ويذكّر المجلس أنّ السيد علي بن سالم تعرض إلى محاولة اعتداء إجرامي يوم 25 نوفمبر 2005 حين كان يمشي على الرصيف وسط مدينة بنزرت.كما تمّ قطع خط هاتفه وخط الفاكس والارتباط بشبكة الانترنت. وتزامنت هذه المحاصرة مع مستجدات الشكوى في التعذيب التي قدمها السيد علي بن سالم ضد مسؤولين بالدولة التونسية من بينهم محمد علي القنزوعي الذي أعيد تعيينه أخيرا على رأس الأجهزة الأمنية.
والمجلس الوطني للحريات:
يعتبر هذه الإجراءات مخالفة لأبسط حقوق المواطنة المكفولة بالدستور التونسي والمواثيق الدولية. وخرقا للإعلان الأممي الخاص بحماية المدافعين عن حقوق الإنسان.
يدين بشدّة بمحاولة استهداف السلامة الجسدية للمناضل علي بن سالم ويطالب بإجراء تحقيق فوري للكشف عن الجناة الحقيقيّين وتقديمهم للعدالة.
2- تشديد عزلة عبد الله الزواري
تتواصل سياسة العقاب المفروضة على عبد الله الزواري في مقرّ إقامته الجبرية في مدينة جرجيس في أقصى الجنوب التونسي، ولاتزال قوات البوليس السياسي تحاصر منزله وتردع كلّ الزوّار من مقابلته. وقد بلغ هذا العزل إلى حدّ قطع جميع وسائل الاتصال من هاتف وفاكس وأنترنت في بيته، كما يمنع عبد الله الزواري إلى حدّ هذا اليوم من دخول محلاّت الانترنت العمومية.
والمجلس الوطني للحريات إذ يعبّر عن تضامنه الكامل مع عبد الله الزواري:
يطالب برفع الحصار الأمني المفروض على عبد الله الزواري ومنحه حقّه في التنقل واختيار مكان إقامته كما يضمنه القانون. وبحقّه في التمتع بجميع وسائل الاتصال سواء كانت خاصّة أو عمومية.
عن المجلس
الناطقة الرسمية
سهام بن سدرين
اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في بتونس
بيـــــــان توضيـــــــــــحي
باريس 29- 12- 2005
كمال الجندوبي رئيس اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، ورئيس الشبكة ألأورو- متوسطية لحقوق الإنسان، هل أصبح من جديد هدفا للبوليس السياسي التونسي؟ أصحاب مهمات الظلام، الذين يشتغلون تحت سطح الأرض؟؟؟
يوم الأربعاء 28 – 12 – 2005 بعد الظهر، تعرضت السيارة الشخصية للمناضل كمال الجندوبي للتحطيم والتهشيم، دون أن يختلس منها شيء، وقد تصرّف الجناة بنوع من الحقد الكبير، في تحطيم نوافذ السيارة والأضواء، ومرآة المشاهدة، والبلور وتهشيم الأبواب… وغادر الجناة موقف السيارات المحمي، والموجود تحت الأٍرض والتابع للإدارة الرئيسية للمنظمة، التي يشتغل بها كمال الجندوبي مديرا، بضاحية » مونتراي » القريبة من باريس، وانسحب الفاعلين بأمان، بعد إتمام مهمتهم بدقة وعناية، وللتذكير فإن نفس السيارة (الضحية) وقع رميها في وسط الطريق العام، قبل أيام وقد سرق منها جهاز كمبيوتر هو ملك كمال الجندوبي.
والسؤال المطروح هل هذه عقوبة، ضد رئيس اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، الوجه المعروف عالميا بدفاعه عن الديمقراطية، والمطالبة باحترام حقوق الإنسان في تونس،؟
وللإشارة فإن السيد كمال الجندوبي، محروما من جواز سفره منذ سنة 2000 وممنوعا من العودة إلى بلده وموطنه الأصلي تونس منذ سنة 1994، وهو ينشط بمعية مناضلات ومناضلين تونسيين، في منظمة اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، التي تلعب دورا توافقيا بين جميع التيارات الفكرية التونسية، دون أي نوع من الإقصاء، وقد تمكنت في السنين العشر الماضية من الكشف عن الطبيعة البوليسية للنظام التونسي وانحرافاته، وقد كسبت في هذا المجال بالشواهد والحجج مصداقية إعلامية وديبلوماسية،
وهذا الانتقام من سيارة السيد الجندوبي هل هو جاء صدفة، متزامنا بعد الزيارات للوفد المهم، المشكل من شخصيات المجتمع المدني التونسي من بينهم المضربين ومنشطي حركة 18 أكتوبر بتنظيم اللجنة من أجل احترام الحريات، وقد لاقى هذا الوفد صدى وتجاوبا لدى نواب في البرلمان الفرنسي، والأحزاب الفرنسية، وفي ألمانيا وبلجيكا حيث تم استقبالهم من طرف جهات أوروبية عليا.
ثم ألا يمكن أن يكون هناك رابط بين الأحداث المتزامنة، التي تعرض لها هذه الأيام بعض المدافعين عن الحريات في تونس، الذين يعيشون في فرنسا، والحملة التفنيدية من الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والشبكة الدولية الأوردو- متوسطية، واللجنة من أجل احترام الحريات، يوم 21 ديسمبر 2005 ضد المناشير التشويهية لمناضلين منهم: نجيب االشابي- خميس الشماري- خميس كسيلة-
وطبعا المكالمتين الهاتفية المجهولة المصدر، المهددة بالقتل ضد، الصحفي المستقل الطاهر العبيدي المقيم بفرنسا.
وللعلم فإن أساليب التهديد والتخويف هذه، كانت قد مورست سنوات 90 من طرف النظام التونسي، ضد حقوقيين ومعارضين في التراب الفرنسي، حيث اعتدى البوليس السري التونسي، على بعض المعارضين الديمقراطيين في فرنسا.
– تعلن اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، عن سخطها تجاه هذه الممارسات والأساليب، وتعبر عن تضامنها المطلق مع كمال الجندوبي المناضل الذي لا يكل، والمعارضين والديمقراطيين ضحايا الأساليب الهمجية هذه الأيام التي تمس الأمن والكرامة.
– اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان، تأخذ بجدية هذه التصرفات، وتطلب من كل الشخصيات ومختلف الحساسيات المعارضة التونسية في الخارج إلى اتخاذ الحذر والانتباه.
– وأخيرا تطالب اللجنة السلطات الفرنسية فتح تحقيق للكشف عن الجناة والفاعلين، حتى ينالون جزاءهم، وتدعو كل شركائها في الداخل وفي العالم، وكل أصدقائها والنواب، والإعلاميين والأحزاب السياسية، للتحرك لدى السلطات الفرنسية لكي تتحمل مسؤولياتها.
اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في بتونس
النهضة تتضامن مع الاستاذ كمال الجندوبي
تونس: بسبب الخوف من أنفلونزا الطيور ..
خسائر في قطاع الدواجن تفوق 10 ملايين دينار
تونس – خدمة قدس برس
تكبد قطاع الدواجن التونسي خسائر تفوق 10 ملايين دينار (الدولار يعادل نحو 1.3 دينارا)، بسبب عزوف المواطنين عن استهلاك اللحوم البيضاء. وصار العديد من المربين والتجار مهددين بالإفلاس وغلق مشاريعهم، بسبب الخوف المتزايد لدى المواطن التونسي من مرض أنفلونزا الطيور.
ولم تفلح تصريحات وزير الصحة المتكررة والبرامج الإذاعية والتلفزيونية والمقالات الصحفية، التي برمجتها الحكومة التونسية، في التخفيف من مقاطعة العديد من المواطنين للحم الدجاج.
وقدر الطاهر الرايس الكاتب العام للجامعة الوطنية لمربي الدواجن الخسائر بأكثر من 50 في المائة من مجمل الكمية المتوفرة في السوق. وقبل اندلاع هذه الأزمة كان قطاع الدواجن يساهم بـ13 في المائة من الإنتاج الحيواني، ويعمل فيه 8 آلاف مربي. كما تدهورت أسعار الدجاج في بعض المناطق من 3 دينار تونسي إلى دينار واحد، وهو سعر أقل من التكلفة التي تقدر بدينار ونصف الدينار.
من جهة أخرى قال مالك الزرلي مدير المصالح البيطرية بوزارة الفلاحة التونسية، إن نتائج المراقبة إلى حدّ الآن تؤكد خلوّ تونس من وباء أنفلونزا الطيور، وذلك وفقا لنتائج التحاليل المخبرية، التي استهدفت عينات من مختلف مواقع الإنتاج، والتي بلغت 5000 مدجنة.
كما أكدت منظمة الدفاع عن المستهلك أن الدجاج التونسي سليم من أي أمراض، ويمكن تناوله دون خوف، بعد قيام خبراء من وزارتي الصحة والفلاحة ببحوث مكثفة في مختلف جهات البلاد.
ورغم هذه التصريحات فإن الأزمة مرشحة للتواصل في قطاع الدواجن، بسبب ما يسميه علماء النفس « الخوف الاحتياطي » لدى التونسي، وكذلك مع اقتراب عيد الأضحى، الذي ستتوفر فيه لحوم الماشية بوفرة.
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
مدونتي تحصل على حق اللجوء السياسي في مصر !
بقلم
: سامي بن غربية
على ما يبدو فإن قصتي مع اللجوء لم تنتهي بعد
. فبعد أن تحصلت على حق اللجوء السياسي في هولندا ، ها قد شاءت الأقدار أن تلتحق بي مدونتي لتصبح مثلي، ضحية من ضحايا اللعبة السياسية و لاجئة حالها كحالي يُنكر عليها حقها في الإنتماء إلى » المجموعة الوطنية » التونسية.
فبعد أن
رفض إدراجها، لأسباب سياسية، على قائمة تجمع المدونات التونسية، و قبل أن أتوجه رسميا بطلب اللجوء السياسي لتجمعات المدونات العربية الأخرى قرأت على مدونة أحد أقربائي المصريين عمرو غربية « حَوْلِيَّاتُ صَاحِبِ الأشْجَار« الذي يعمل على تعريب برنامج وردپرس للتدوين و الحاصل على جائزة أفضل مدونة صحفي عربي لسنة 2005 في مسابقة دويتشه فيلله أن مجمع المدونات ء ?لمصرية قد عرض على مدونتي اللجوء السياسي دون الحاجة إلى المرور بالمفوضية العليا للاجئين. إيه الكرم ده !!
مجمع المدونات المصرية الذي يحمل إسم
دلو معلومات منال وعلاء حصل بدوره على الجائزة الذهبية لمراسلون بدون حدود في إطار مسابقة دويتشه فيلله لفضلى مدونات 2005 و كما عرفه موقع دويتشه فيلله فهو :
«
عالما حيّاً من النشاط السياسيّ والدفاع عن المظلومين ومساجين الرأي؛ بل قد تجد مظاهرات في طور التخطيط والتنفيذ. إلى جانب هذا يوفّر منال وعلاء خدمات برمجيّة ويستضيفان مواقع متنوّعة وفي مدوّنتهما قسم لتجميع كلّ ما يكتب في المدوّنات المصريّة من مختلف أنحاء الطيف السياسيّ.
إذ يسعدني أن أنتمي لمجمع بهذا النوع و بهذه الطريقة فإني سأعمل كل ما في وسعي من أجل أن تكون مدونتي سفيرا تونسيا في مستوى هذا الفضاء الذي منح لمدونتي اللجوء السياسي وتلميذا يستلهم خبرة سنحتاجها حتما أثناء المغامرة المقبلة التي سأخوضها رفقة بعض المغضوب عليهم من المدونين التونسيين غصبا عن غاصبي التَـوْنَـسـة منا
.
أنا بصدد ترجمة هذه التدوينة إلى لغات أخرى
.
Article taken from [fikra] فكرة
– http://www.kitab.nl URL to article: http://www.kitab.nl/2005/12/28/haq-alloujou/
مداعبة …. بالسواك الحار
بقلم حيان
أخي هادي بريك، بارك الله فيك وفي أصابعك التي نقرت حروف مقالتك على لوحة حروف حاسوبك، فخرجت مقالة أحسبها من أجمل ما قيل في صحيفتنا الغراء عن المصالحة وفقهها، ولا أزكي على الله أحدا. قد والله « برّدت » قلبي كما يقول أهلونا في بلاد إفريقية، لكن يا ليتك تزيده زمهريرا فتثلج صدري بكامله لو طبّقت بعض ما كتبته عن فقه المصالحة على حالة الخلاف الذي دار بينك وبين أخي خمّيس، حتى يرتبط القول بالعمل والإخبار بالإشهاد.
ولا تظنن أنني أهزأ بك أو بصاحبك فإني والله رغم هزلي البادي أكظم جدا مهولا. ولقد اقترحت عليكما بالأمس مشروعا وأنا أنتظر ردا منكما يكون شيئا أخر غير اللامبالاة.
تكسير الأقلام عوض تكسير العظام
افتتاحية الموقف
معارضة منتهية الصلاحية
تعتمد الحكومة في دعايتها الخارجية والداخلية على إبراز الديكور التعددي الذي صنعته على مدى أكثر من عشر سنوات، وتحديدا منذ الإنتخابات التشريعية لسنة 1994 للبرهنة على أنها قطعت شوطا كبيرا في تركيز الديمقراطية. وقامت في مناسبات عديدة بتوسيع المساحة الممنوحة للأحزاب التي تدور في فلكها سواء في المجالس البلدية أو في المجلس النيابي، بينما أوصدت الأبواب واقعيا وقانونيا أمام المعارضة المستقلة عن الدولة.
وإمعانا في هذه السياسة المزدوجة أقرت حوافز وتشجيعات سخية لمن يُظهر لها الولاء فيما عسَرت على مخالفيها الرأي، فحجبت عنهم التمويل العمومي وأغلقت دور الثقافة في وجوههم وضايقتهم في مقراتهم بل وحتى في حياتهم اليومية.
لكن الناظر إلى أداء تلك المعارضة الديكورية التي لا رسالة لها ولا حضور على الأرض، يُدرك أنها لا تنفع الناس ولا تصلح حتى درعا للدفاع عن الحكم خصوصا في أوقات الشدة، لأنها فاقدة للمصداقية في الداخل والخارج. وللمرء أن يتساءل عن الجدوى من الإستمرار في إنفاق المال العام على كيانات صورية لا يمكن نفخ الحياة فيها اليوم ولا غدا، بينما تحتاج البلاد إلى تشغيل مئات الآلاف من العاطلين وخاصة منهم الخريجين بدل إيجاد وظائف لمحترفي « المعارضة » في أحزاب أضحت أقرب إلى بيوت العجزة ومآوي الضمان الإجتماعي منها إلى كيانات حزبية تضطلع بوظيفة وطنية. وهذا وجه آخر من وجوه التجربة التعددية المشوَهة التي فُرضت على بلادنا كي يستمر احتكار الحزب الحاكم للحياة السياسية.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
إضاءة في التعامل مع الإسلاميين
الحبيب الحمدوني
ي الأيام الأخيرة النقاشات حول الإسلاميين وإمكانية التعامل معهم بما يعنيه من مضمون وكيفيّة ودرجة. وأعتقد أن جميع الأطراف معنيون بهذه المسألة بصرف النظر عن أطيافهم الفكريّة والسياسيّة أو مواقعهم أي معنيون بالاصداع بالموقف. وبدا البعض فعلا في التعبير الصريح عن موقفه سواء على طاولات النقاش أو من خلال المقالات والبيانات أو الكراسات. لكن العملية مازالت في خطواتها الأولى ولا ترقى إلى مستوى ما تفرضه الاستحقاقات والتحديات الحاضرة أو على المدى المنظور. ولن يتم إلا بتحديد وسائل عمليّة وهيكليّة تؤطّر حوارا وطنيّا عميقا شاملا وعلى الملأ وبدون محظورات.
وفي هذا المجال وعلى ضيق المساحة أود أن أتوجّه ببعض الأسئلة إلى ثلاثة أطراف:
أولا السلطة: إلى متى تدوم سياسة عزل الإسلاميين وغلق الأبواب دونهم؟ ماذا عساها أنتجت مثل هذه السياسة غير الدفع بهم إلى مزيد التقوقع على الذات ومزيد التحجّر وتفريخ التطرّف بعد أن سلبوا كل عوامل التفاعل الحي مع المجتمع و أفكاره واتجاهاته وكل عوامل التطوّر ؟ هل فضت هذه السياسةّ مشكلة الاسلام السياسي أم هل انها في أحسن حالاتها حافظت على اللغم كما هو بما هو تهديد متواصل لا أحد يعلم متى يكون مفعوله خصوصا في واقع تحجير تقارع الآراء والاتجاهات وانتشار الجهل على نطاق واسع تحت وطأة الغزو الثقافي وانحلال اعلامنا وأدواتنا الثقافية بما يسهل على الإسلاميين الامتداد في تربة مناسبة لهم كثيرا ؟ ولا شكّ أن الإسلاميين تأقلموا مع وضع العزلة وخلقوا أشكالا تواصلهم بالصورة التي يحافظون بها على كيانهم الفكري والسياسي ولما لا التنظيمي. إذن أليس من الأجدى تمكينهم من حقّهم في العمل العام لانهم موجودون فعلا ولا مصلحة البتّة في إخفاء عين الشمس بالغربال ؟ وأليس من الأجدى البحث عن أرضيّة هذا الاعتراف السياسي وضوابطه العامة من قبيل تحديد ضرورات عدم توظيف الدين في السياسة واحترام حريّة المعتقد وحقوق الإنسان وصيانة أسس الدولة الديمقراطية ؟ وإذا ما آمنت السلطة بهذا فلا مناص من القطع مع المعالجات الأمنيّة الصرفة وغطلاق الحريات للجميع وتوفير إمكانيات تنافس البرامج والرؤى عبر اتخاذ مبادرات كبيرة وجديّة للخروج من حالة الانغلاق لا مبادرات ضعيفة ومشكوك في جدواها على شاكلة تعيين شخص لا حول له لتقبّل الشكاوى.
ثانيا القوى الديمقراطية: بداية أستثني من هذه القوى المعارضة الصفراء لانها في حالة غيبوبة متواصلة وقد تفيق يوما فيما لو تغيرت الظروف لتبتعد عن السلطة وتكون اسلامية أكثر من الإسلاميين أنفسهم ما دامت تعمل تحت شعار » يميل مع النعماء حيث تميل « . القوى الأخرى على الأقل لها ثوابت بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها. والسؤال: لماذا كلّ هذا الفزع الذي يعيشه البعض ؟ ولماذا التهويل والتضخيم ووضع الأمور في غير نصابها ؟ لنتخاطب بلغة السياسة والسياسة فعل ميداني بغية تغيير الواقع وفق ما هو ممكن
. التقاطع مع الإسلاميين في معركة الحريّة والديمقراطية لا ينبغي أن يؤخذ إلا على أساس أنه مدخل لا أكثر ولا أقل من اجل فك القيود التي تكبل البلاد باعتبار الهيمنة الكبيرة للسلطة وأجهزتها على الحياة العامة بما يحتم عدم رفض أي طرف له مصلحة في هذه المعركة. الجميع مستفيدون بما فيهم الإسلاميون ما في ذلك من شكّ. وفي ظلّ هذه الاستفادة تتم المنافسة المشتركة بين البرامج المجتمعية لكل طرف حول تونس الغد. والأفضل أن يظهر الإسلاميون ونرى برامجهم حتى تتسنى مقارعتهم لا أن يبقوا أشباحا لا نعرف ماذا يطرحون على وجه التحديد ولا نعرف إن كانوا تطوّروا، أو على الأقلّ بعضهم ومن هم ؟ وإن كانوا قادرين فعلا على الانخراط في العمل السياسي المدني من خلال برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية واضحة المعالم أم مازالوا أوصياء على الدين يستغلونه للوصول إلى سدّة الحكم لا غير. وأي طرف إن كانت رؤيته نافذة وواثقا من نفسه وكان ذكيّا وصاحب حنكة لا مهرب له من الخضوع لشروط الفعل السياسي الناجع بعيدا عن العقد والفزّاعات المغلوطة والمناحات التي في غير محلّها.
ثالثا الإسلاميون: إلى متى تظلون في حالة خصومة دائمة مع الجميع ومع الدنيا كلّها ؟ متى سيكون بإمكانكم نسج تعامل مع الآخرين على قاعدة التسامح والقبول بالغيرية ؟ متى سيكون بإمكانكم الترويج لدين سمح مستنير يتسع للدنيا وما فيها من اختلافات وتجاذبات، لا لدين التزمت والإلغاء والتكفير لا يتسع حتى لما بينكم من تباينات في الفهم والتأويل ؟ متى تخرجون عن صمتكم وتتحلون بالشجاعة المطلوبة لنسمع أصواتكم في القضايا المركزيّة المطروحة وبغير اللغة العتيقة المتخشبة التي لا يزال راشد الغنوشي يرددها في بياناته الأخيرة ؟ متى تطورون خطابكم بما يساعدكم على الاندماج في الحراك السياسي المدني وفي المجتمع عامّة فلا يكفّر من يخالفكم الرأي والمعتقد ولا يتهم أمثال النوري بوزيد ومحمد الصغيّر أولاد أحمد ومحمد الشرفي وفريد بوغدير وغيرهم بالردّة والزندقة مثلما فعلتم في عهد ما به من قدم ؟
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
الحكومة تنظر للإصلاح من ثقب الإبـرة
رشيد خشانة
إذا كان الإعلام هو مفتاح التطور السياسي وأساس دفع التنمية الإقتصادية في عالم اليوم بإرسائه لتقاليد الشفافية واعتماده على المعطيات الإحصائية والإجتماعية الصحيحة بعيدا عن المنهج الدعائي، فإنه حريَ بأن يحظى بالأولوية على قائمة الإصلاحات في بلادنا. وما يلاحظه المراقب في الفترة الأخيرة هو اهتمام في الظاهر بهذا القطاع في ضوء تجديد تشكيلة المجلس الأعلى للإتصال وإقرار مجلس النواب تعديلات أُدخلت على قانون الصحافة أبرزها إلغاء الإيداع القانوني بالنسبة للصحف والمجلات الوطنية ذات الصبغة الإخبارية، إضافة للجولات التي قام بها وزير الإتصال على بعض المؤسسات الإعلامية الرسمية لمعرفة مشاكلها عن كثب.
وواضح أن التفكير في إصلاح البيت الإعلامي لم يأت إلا بعدما اهتمت الصحافة الأجنبية بجميع أصنافها بحالة الإعلام في تونس على إثر اكتشافها الوضع المريع الذي أصبح عليه بمناسبة زيارة مئات الإعلاميين لبلادنا في قمة المعلومات ودقهم لنواقيس الخطر. ومعنى ذلك أن الحكومة أشاحت بوجهها عن النداءات الصادرة عن الإعلاميين التونسيين والمعارضة وقوى المجتمع الأهلي طيلة سنوات لتكتشف اليوم أن هناك مشكلا عنوانه تطوير الإعلام التونسي. ومن المفارقات العجيبة أن الذين يشنون الحملات على المعارضة بدعوى توافقها مع « الأجندا الخارجية » هم الذين برهنوا على التأثر بتلك الأجندا. فالملف الإعلامي، مثلا، لم يسحب من الأدراج ولم يوضع على مائدة مجلس النواب إلا بعدما تكثفت التقارير القاتمة والملفات المحرجة عن الموضوع في الصحافة الأجنبية.
أكثر من ذلك تتعاطى الحكومة مع هذا الملف، على عادتها دائما، من ثقب الإبرة، فهي تستمر في لجم الإعلام الوطني بقانون صارم تبدأ معظم فصوله بعبارة « يُعاقب » كناية على طابعه الزجري المطلق وعلى السلطة التقديرية الحاسمة التي تُعطى للإدارة، وهي سلطة غير محايدة في ظل سيطرة الحزب الحاكم على مؤسسات الدولة. كما أنها تضرب حصارا ماديا وسياسيا حول الأصوات الحرة بحرمانها من الإشهار والمنح العمومية التي تخصصها الأنظمة الديمقراطية لصحافة الرأي، والتي كنا نتحصل عليها في الماضي، فضلا عن حجب تلك الأصوات في وسائل الإعلام العمومية سواء السمعية البصرية أو وكالة الأنباء التونسية.
لم تعالج الحكومة هذا الوضع ولم تبرهن على إرادة حقيقية لعلاجه، فهي لم تنطلق من ضرورة وضع حد لإعلام الرأي الواحد مثلما تطالبها بذلك النخب على اختلاف مشاربها، ولم تعلن عن فتح المشهد أمام الإجتهادات الوطنية، التي هي أوسع بكثير من حلقة الحزب الحاكم، بل أقبلت على حل المعضلة من زاوية صغيرة اعتُبرت محسومة منذ الربيع الماضي ، وهي المتمثلة في إلغاء الإيداع القانوني للصحف. واقعيا تركنا هذا الموضوع وراءنا منذ ماي الماضي فلا فائدة من اجتراره واحتسابه في رصيد « المكاسب » مثنى وثلاثا ورباعا… بل المطلوب هو إلغاء الفصول الزجرية التي تضع كابوسا ثقيلا على أكتاف الإعلاميين وسيفا قاطعا على رقاب كل الأصوات الحرة التي تتربص بها العقوبات كلما أبدت رأيا مستقلا للمطالبة بتقويم اعوجاج أو انتقاد تجاوز.
والمطلوب أيضا فتح مصادر المعلومة أمام الإعلاميين في بلد ندر أن بقي في العالم مثيل له على صعيد حجب الخبر عن الصحفي بما يؤول إليه ذلك من تعتيم اعلامي شبه كامل حمل التونسيين على الهجرة إلى الفضائيات والإنترنت. وما الأخبار المنشورة التي يأتي غالبيتها من مصدر واحد هو وكالة الأنباء الرسمية، بعد الغربلة و »الصقل »، إلا دليل يومي على إخضاع المعلومة في بلادنا لقالب واحد بشكل مناف تماما لقواعد العمل الإعلامي.
أما على الصعيد المؤسسي فإن الحكومة أوهمت، من خلال توسيع المجلس الأعلى للإتصال، بأنها استجابت جزئيا للمطالبة بتشكيل مجلس أعلى للإعلام السمعي والبصري بيد أنها زادت أعضاء المجلس من دون تغيير طابعه الصوري. فالمجلس المنشود يكون مؤلفا من كفاءات سياسية ومهنية مشهود لها بالخبرة ويتمتع بصلاحيات توجيه القطاع وليس مجلسا بيروقراطيا يأتمر بأوامر السلطة التنفيذية.
وكان واضحا أن المجلس الأعلى للإتصال سيبقى استشاريا وستظل نقاشاته بيزنطية مادام يقتصر على رفع تقرير سنوي إلى صاحب الأمر أسوة بجارته الهيئة العليا لحقوق الإنسان، ومعروف أي مصير ينتظر تلك التقارير. كما أن التشكيلة المعلنة أثبتت أن الوجوه التي اختيرت في المجلس تمثل تعددا في الكم لا في النوعية، إذ أن الأصوات « غير المنسجمة » استبعدت منه واستُعيض عنها بأسماء معظمها يكرر بعضه البعض.
ولا يخرج هذا التعاطي مع المجلس الأعلى للإتصال ومع تنقيح قانون الصحافة بل مع ملف الإعلام عموما، عن تكتيك ربح الوقت الذي عودنا عليه الحكم بالإقتصار على ترقيعات ظرفية هروبا من الإصلاح الحقيقي. وستظهر الأيام المقبلة أن هذا التمشي عقيم فلا هو يستجيب للحاجة الملحة للتغيير النابعة من صميم الأسرة الإعلامية التونسية ولا هو كاف لمواجهة الإنتقادات الخارجية التي باتت تحرج الحكومة على ما يبدو أكثر من الإنتقادات الداخلية، ومن خسر هنا وهناك فهو خاسر مرتين لا محالة، والأهم أنه خسر مصداقية النخب والرأي العام … بغير رجعة.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
في ندوة شارك فيه سياسيون وجامعيون:
غياب الحريات عطل بناء المغرب العربي
محمد الحمروني
أكدت مجموعة من الباحثين والدارسين والسياسيين أن أسباب فشل التجربة الوحدوية لبلدان المغرب العربي تعود بالأساس إلى غياب الإرادة السياسية والاستقالة التي تعيشها النخب المغاربية . جاء ذلك في حلقة النقاش التي نظمتها مؤسسة عبد الجليل التميمي للبحث العلمي والمعلومات . الحلقة انتظمت يوم 24 ديسمبر الجاري واشتملت على كلمة ألقاها الأستاذ مصطفى الفيلالي المعروف بتجربته الطويلة في العمل المغاربي التي امتدت على مدى 50 سنة تقريبا توجت بإصداره كتابا عنوانه « المغرب العربي الكبير : نداء المستقبل » ، قبل أن يفتح باب الحوار للمتدخلين .
و قال الفيلالي أن الأسباب الموضوعية التي تتوفر عليها بلدان المغرب العربي والتي من المفترض أن تتأسس عليها أي وحدة تعتبر إيجابية بشكل افضل مما هي عند بلدان الاتحاد الأوروبي مثلا . ورغم ذلك فان تلك البلدان وغيرها تمكنت من أن تقطع أشواطا باتجاه خلق فضاءات عمل مشتركة في حين لم تتمكن بلدان اتحاد المغرب العربي من قطع ولو خطوة واحدة بهذا الاتجاه .
و لخّص الفيلالي الأسباب التي تقف وراء عدم قيام عمل مغاربي مشترك في :
• انعدام حرية الرأي و التعبير ، فقد حكمت بلدان المغرب العربي منذ الاستقلال بشكل فيه الكثير من التعسف و منع لحرية التعبير وهو ما جعل اغلبية المجتمعات العربية تعلن استقالتها من المشاركة في تدبير الشأن العام . و هذا الكلام يصح بالخصوص على النخب التي تتحمل حسبما أكّده الفيلالي المسؤولية الكبيرة في الدفع باتجاه مزيد من الوحدة .
• عدم توفر قادة المغرب العربي على الإرادة السياسية اللازمة للقيام بهذه الخطوة ، ولعل الصراع على زعامة المغرب العربي بين القيادات التاريخية التي حصلت على الاستقلال – بورقيبة الحسن الثاني أساسا – و بين قيادات شابة تميل إلى الثورية وتسعى إلى « تصدير » تصوراتها المجتمعية – القذافي – بالخصوص قد لعب دورا مهما في تأخير نشوء هذا الاتحاد .
• اختلاف المسارات التي عرفتها بلدان المغرب العربي بعد الاستقلال ، ففي حين اتجهت بعض البلدان شرقا إلى الاتحاد السوفياتي – ليبيا و الجزائر – اتجهت بلدان أخرى غربا – تونس و المغرب – بل إن هذه الثنائيات نفسها عرفت صراعا كبيرا أو على الأقل هي لم تستطع أن توجد اتفاقا فيما بينها . فالصراع بين فرنسا وأمريكا على المنطقة انعكس في خلاف بين المغرب و تونس . كما أن البلدان التي اختارت أن تتجه شرقا لم تتمكّن من توحيد تصوراتها المجتمعية فشهدنا نظاما اقرب إلى هيمنة الأحزاب الستالينية في الجزائر في حين كانت ليبيا تعيش تجربة » الجماهيرية ».
و عن تكلفة هذه الوضعية قال الفيلالي أنها كبيرة جدا خاصة على المستوى الاقتصادي و أضاف أن أوّل نتائج حالة الانغلاق السياسي وانعدام الحريات هي هروب عدد كبير من الكفاءات التي كان من المفترض أن تتحمل عبء التطوير و التغيير في بلدان المغرب العربي و ذكر الفيلالي انه وحسب منظمة العمل الدولية فان السبب الأوّل لهجرة الكفاءات هو إنعدام الحريات .
وأوضح أن غياب عمل مغاربي مشترك فوّت على الجميع فرصا كبيرة للاستثمار. وتساءل لماذا لا يقع استغلال الثروات الطبيعية الهائلة للمنطقة الرابطة بين » سوق الأربعاء » في الغرب التونسي و ما يسمى » بسوق إربعاء الغرب » التي توجد بالمغرب الأقصى . وشدّد الفيلالي على أن هذا الامتداد يمثل منطقة خصبة يمكن استثمارها بشكل كبير في المجال الفلاحي .
و الحل حسب رأيه هو التّمكين لحرية الرأي والتعبير وهذا يتطلب إلماما علميا بالواقع لا المعالجات الصحفية كما قال . وشدّد على أن التغيير يمكن أن يقع بالعنف أو عن طريق قلب الأنظمة ولكن هذه الطريقة مكلفة جدّا وثمن العنف قد يكون مرتفعا و التجربة الجزائرية ليست عنا ببعيدة كما أضاف .
أمّا الحل الأسلم برأيه فهو مبادرة المثقفين وأصحاب رؤوس الأموال إلى استثمار الاتفاقيات المبرمة وعددها تقريبا 34 اتفاقية، لم يقع تفعيل أي منها، و البدء في إنشاء مشاريع مشتركة انطلاقا من تلك الاتفاقيات نفسها .
و لكن السؤال الذي يبقى دون إجابة هو : هل بإمكان تلك المؤسسات وأولئك الأشخاص القيام بمبادرات خارج إطار السلطة ودون موافقتها حتى وإن كانت تلك المبادرات تتمّ وفقا للاتفاقيات المغاربية؟
من جانبه عبّر الاستاذ البشير بن سلامة الوزير الأسبق للثقافة عن حيرته وتشاؤمه من الوضعية التي تعيشها الدول العربية عامة والمغاربية على وجه الخصوص . و أضاف أن سبب هذا التشاؤم عدم تمكن العرب إلى حد الآن من حل مشاكل الدولة الوطنية. ومن تلك المشاكل أن العرب لا يريدون أن يقتنعوا أو أن يسلموا بان الدولة الوطنية حقيقة قائمة وأن الحدود التي تفصل بينها حقيقية في مقابل إصرار الكثيرين وتحت شعارات مختلفة على اعتبار أن تلك الحدود مصطنعة . و أكد أن القفز على المشاكل والتمسك »بأوهام الماضي » وعدم الاقتناع بأن الدولة بحدودها وتفصيلاتها الحالية هي شيء حقيقي ملموس هو الذي جعل العرب لا يستطيعون التوصل إلى حلول اتحادية . و لا يجب حسب بن سلامة نسيان أن كل بلد عربي يجر وراءه تاريخا يمتد من مرحلة التحرير إلى الآن وأن ذاك التاريخ كوّن شبكة علاقات وتواصل ولغات وحتى ميولات مختلفة بين البلدان المغاربية وهذا أمر يقع القفز عليه كلما طرحت مسالة العمل العربي المشترك .
و لفت الوزير الأسبق الانتباه إلى ثلاث مسائل أساسية اعتبر أن حلّها يعتبر مرحلة ضرورية للتّأسيس لمراحل أخرى من العمل العربي المشترك وهذه المسائل هي :
* مسالة الديمقراطية : إذ اعتبر أنها لا زالت في حاجة إلى كثير من الوقفات الدراسية وتساءل لماذا مثلا لم يقم المترجمون العرب الذين نقلوا علومهم عن اليونانين بالتركيز على الديمقراطية اليونانية .
* مسالة الإسلام : و قال أن هناك من يطرح اليوم شعار الإسلام هو الحل وهذا شعار كبير وهو يطرح عديد الإشكاليات التي يجب التواضع على حلها.
• مسألة اللغة : وما يجب طرحه ، حسب رأيه، بهذا الخصوص مشكل الازدواج اللغوي و الاضطراب الحاصل بسبب ذلك .
و أكّد أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية الدكتور عبد الوهاب بوحديبة من جهته أن العلاقات بين بلدان المغرب العربي مرتبطة إلى حد اليوم بطبيعة الأشخاص وحالاتهم وانفعالاتهم وهو ما يجعل القرارات السياسية بل النظم السياسية نفسها تتماشى حسب مخيّلات وخيارات أولئك الأشخاص. وهذا يعود بالأساس إلى غياب المؤسسات .
أما الدكتور عبد الجليل التميمي فقال انه كثيرا ما تساءل عن أسباب فشل إنجاز هذه المنظومة(منظومة العمل العربي المشترك) وأضاف انه يعتقد أن القيادات السياسية المغاربية لم تكن واعية تماما بهذا التراث المغاربي و تساءل كيف يدخل بن بلة مثلا حربا كحرب الرّمال ؟ وهل أن دخوله تلك الحرب هو الدليل على غياب ذلك الوعي ؟ هل العنجهية و الغطرسة كانتا وراء ذلك ؟ و حمّل التميمي المؤرّخين المسؤولية عن عدم تعميم الرؤية المغاربية في كتب التدريس
وقال : هناك اليوم إنفصال مطلق بين الطموحات الحقيقية والآمال الحقيقية و بين الواقع المعيش و الحل حسب رأيه يكمن في استفاقة المثقفين وإبراز رؤاهم وتطلعاتهم في حركة فكرية « عنيفة » كما قال من اجل فرض رؤيتهم وإلا فانهم سيتحملون فشل هذا المشروع . وشدّد التميمي على انه لا بد من الدفع باتجاه تجمّعات مغاربية متواصلة وتوجيه نداءات وخلق جيل يؤمن بهذا المشروع و يقوم بتحقيقه .
هذا وتمحورت باقي التدخلات حول المقارنات بين الاتحاد الأوروبي واتحاد المغرب العربي وفي حين حاول البعض إبراز نجاح الاتحاد الأوروبي في خلق فضاءات للعمل المشترك على الرغم من الفروق الهائلة التي تفصل بين مختلف مكوناته ، و تمسك البعض الآخر بأن الدخول في مثل هذه المقارنات يعتبر من « الأخطاء الشائعة » لان أوجه الاختلاف بين التجربة الأوروبية والمغاربية وما حف بكل واحدة منها من ظروف لا يسمح بإجراء تلك المقارنات .
كما تناولت مداخلات أخرى نشأة الدولة القطرية الحديثة ودورها في تقسيم المنطقة عبر حواجز يعتبرها البعض وهمية في الوقت الذي كانت المجتمعات التي تعيش في هذه الربوع في حالة تواصل دائم سواء بحثا عن الكلأ أو مصادر المياه . وذكر البعض بوضعية عدد كبير من الجزائريين الذي استوطنوا الشمال الغربي للبلاد التونسية والذين يعيشون إلى الان إما بدون هوية أو بهوية جزائرية رغم أن صلتهم ببلدهم الأصلي قد انقطعت منذ مئات السنين .
تبقى الإشارة إلى الأهمية التي يمكن أن تكتسيها مثل هذه النقاشات في لحظة تاريخية هامة من العمل المغاربي والعربي المشترك . ليبقى التساؤل هل أن مثل هذه النقاشات بما فيها من طرح للوضع المهترئ للعمل العربي يمكن أن تبعث على التفاؤل وتشحذ الرغبة في الخروج من هذه الحالة ؟
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
بعد لابريس، الصباح والشروق تنشران اليوم 30 ديسمبر الترجمة العربية لرسالة الوزير الأوروبي (المجهول الإسم) إلى الرئيس بن علي:

تونس بفضل سياستكم المستنيرة تعدّ مثالا وقدوة في العالم
هاجس يؤرق المهتمين بشأن التعليم العالي:
هجرة المهندسين بعد التخرّج.. الخسارة التي لا تعوّض
قناة رياضية خاصة في تونس؟
* تونس ـ الشروق :
علمت «الشروق» أن عددا من المستثمرين سيقومون قريبا، ببعث قناة تلفزية جديدة في تونس مختصة في المجال الرياضي.
وكشف مصدر مطّلع، أن المشروع جاهز، ويجري التشاور حوله مع سلط الاشراف.
وكان مشروع مشابه طرح في العامين الاخيرين مفاده أن اللاعب الدولي السابق طارق ذياب أعدّ مشروعا لبعث قناة رياضية خاصة.
وتردد وقتها ان الشيخ صالح كامل صاحب باقة «آرتي»، سيكون شريكا في المشروع الا أن هذاالاخير اتجه الى قناة «الجزيرة الرياضية» التي يمتلك الآن جزء من أسهمها.
وتؤكد مصادر مطّلعة، ان هناك نية من الدولة لبعث قناة رياضية خاصة تساهم في اثراء المشهد الاعلامي البصري في تونس. ويذكر حسبما ورد في مشروع القناة، أنها ستكون مختصة في البرامج الرياضية فقط، وإنما في برامج الالعاب أيضا.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 30 ديسمبر 2005)
إسناد الدكتوراه الفخرية للأستاذ الشاذلي القليبي
انتظم مساء أمس الخميس بمدينة العلوم بتونس حفل بإشراف السيد الأزهر بوعوني وزير التعليم العالي أسندت خلاله جامعة تونس الدكتوراه الفخرية للأستاذ الشاذلي القليبي اعترافا بمسيرته المتميزة كمرب وباحث ورجل ثقافة وسياسي مرموق .
وأكد رئيس جامعة تونس الأستاذ عبد الرؤوف المهبولي بالمناسبة علي دور المحتفي به لدى اضطلاعه بالتدريس بدار المعلمين العليا التي تعد أول نواة جامعية في تونس بعد الاستقلال حيث أسهم في غرس قيم التمسك بالهوية الوطنية مع الأخذ بمناهج التفكير العقلاني والانفتاح على الحضارات الأخرى .
وذكر بأهمية تكريم الجامعة التونسية لمن ساهم في خدمة تونس في مختلف المجالات اعترافا بجليل أعمالهم .
ومن جهته ثمن الأستاذ الشاذلي القليبي في محاضرة ألقاها بالمناسبة اللفتة الكريمة لجامعة تونس بإسناده الدكتوراه الفخرية مشيرا إلى دور الجامعة التونسية منذ نشىتها في تكوين الكفاءات لبناء الدولة الحديثة .
كما ألح في هذا السياق على أهمية النهوض برسالة التعليم والاستثمار في المعرفة للارتقاء بتونس إلي مصاف البلدان المتقدمة فضلا عن تكريس قيم التضامن والحوار بين الشعوب لمجابهة التخلف وتجنب الصراع بين الحضارات والثقافات .
يذكر ان الاستاذ الشاذلي القليبي هو من مواليد سنة 1925 بتونس حيث تلقى تعليمه الثانوي بالمعهد الصادقي قبل ان يلتحق بجامعة السوربون بباريس أين تحصل على الإجازة في اللغة والآداب العربية سنة 1947 وعلى التبريز سنة 1950 .
وقد اضطلع بعديد المسؤوليات في الدولة التونسية من أبرزها توليه الإشراف على قطاعي الثقافة والإعلام كما تولى منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية في الثمانينات من القرن العشرين وله العديد من المؤلفات في مجالات الثقافة والفكر .
(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
رئيس جمعية الكتاب بتازركة :
الأديب الراحل المسعدي وعد بإهدائنا مكتبته الخاصة، لكنها اختفت !
* تونس (الشروق) : أثار اختيار جامعة منوبة لربيبة الأديب محمود المسعدي لتسلّم الدكتوراه الفخرية التي أسندت للراحل خلال حفل علمي انتظم يوم أمس الأول الاربعاء أثار قضية ثانية، الى جانب الموقف الغاضب الذي عبّر عنه شقيق المسعدي، وتتعلق بمكتبة المسعدي الخاصة التي اختفت ولم تظهر بعد رحيله، كيف ذلك؟ لقد صرّح السيد أبو السعود المسعدي رئيس جمعية الكتاب بتازركة لـ»الشروق» (ونحتفظ بتسجيل صوتي لهذا التصريح) أن الأديب الراحل وعد بإهداء مكتبته الخاصة للجمعية. وجاء في حديث السيد أبو السعود قوله : «عند انشاء جمعية الكتاب بتازركة تحدّثنا وتحاورنا مع «سي محمود» عن أهدافها وغاياتها وقد شجعنا، وكان قد حضر أول تظاهرة قامت بها الجمعية سنة 1995 وهي «مصيف الكتاب على شاطئ تازركة». وما فتئ يدعمنا معنويا وكان في آخر حياته قد تحدّث الينا، ومن جملة الاحاديث وعده بإهداء مكتبته الخاصة لجمعية الكتاب بتازركة باعتبار انها (الجمعية) أسست مكتبة خاصة بها بالاضافة الى المكتبة العمومية بتازركة، ولكن وافاه الاجل ولا ندري ماذا ترك من وصايا لأن «أطرافا أخرى» (ذكرها لنا السيد أبو السعود) قد طمست كل شيء ولم تُعطنا أي خبر، هذا بالنسبة الى المكتبة على الاقل. وفاتحنا هؤلاء في هذا الموضوع اثر وفاته لكن لم نتلق اي رد لا بالسلب ولا بالايجاب… وهذا يُعتبر خسارة للثقافة وللأدب وللمجتمع التونسي، اذا بقيت المكتبة مخفية». وفي ما يتعلّق بالدكتوراه الفخرية قال السيد أبو السعود المسعدي «وقع ابلاغي من طرف الاستاذ محمد القاضي البارحة (الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والاربعاء) بأن رئاسة جامعة منوبة والسيد وزير التعليم العالي سيُسلّمان الدكتوراه الفخرية للجمعية لكن فوجئنا بتغيير هذا البرنامج». أما السيد عزيز المسعدي شقيق الاديب الراحل محمود المسعدي فقد صرّح لـ»الشروق» (ونحتفظ بتسجيل صوتي لهذا التصريح) قائلا: «الى حد البارحة التاسعة ليلا كنّا على علم بأنه سيقع اسناد «الجائزة» (هكذا عبّر عن الدكتوراه الفخرية) الى جمعية الكتاب بتازركة… وقد جاء أغلب أفراد العائلة اليوم… وكان في ظننا انه ستتم مناداة أحدنا وخاصة أنا الشقيق الوحيد الحاضر، ولكن لم يحدث هذا مع ان الجمعية أولى بها…». يذكر ان السيد أبو السعود المسعدي قد قدّم لنا نفسه على أنه رئيس جمعية الكتاب بتازركة. وهو الى جانب ذلك ابن شقيق الاديب المسعدي، وهو المناضل المرحوم وحيد المسعدي. * اسماعيل الجربي
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 30 ديسمبر 2005)
البحرية الايطالية اكتشفت الجثة:
شاب تونسي مقيم بألمانيا يلقي بنفسه من باخرة مسافرين
ليلة السبت الماضي 24 ديسمبر 2005 لم تمر عادية علي باخرة نقل مسافرين تونسية حيث فارق أحد ركابها الذين غصّت بهم الباخرة والتي كانت قد انطلقت من ميناء جنوة الايطالي، الحياة، وهو تونسي مقيم بألمانيا لم يتعدّ عمره 25 سنة متزوج وأب لابنين وزوجته التونسية أيضا سبقته على متن الطائرة وهي حامل في شهرها الخامس وكانت تنوي قضاء عطلة رأس السنة صحبة العائلة.
باتصالنا بعدد ممّن كانوا على متن الباخرة تأكدنا أن الهالك كان على متن الباخرة صحبة والدته وأخته التي لم تتعدّ ربيعها العشرين وعند خروج الباخرة من ميناء جنوة الايطالي كانت محمّلة بالسيارات، وعدد كبير جدا من الركاب كما كانت الساعة تشير الى حدود الثامنة والنصف ليلا وبعد أن عبرت السواحل الايطالية لفترة لم تتعدّ الساعتين شعر البعض بأن الباخرة عادت من حيث أتت وبدأ السؤال يدبّ في أوساط المسافرين وعلم البعض ممّن لم يأخذهم النّعاس بأنّ أحد الركاب نزع عجلة الإسعاف من احدى القوارب الصغيرة بالباخرة ورمى بنفسه في اليم وذلك حسب شهادة فتاتين في سن المراهقة 12 و16 سنة ورجل لا يتعدّى عمره 35 سنة ولما تأكد نوتية الباخرة والمصالح المختصة في أمن الباخرة التونسية بأنه يتعذر الإنقاذ أو البحث عن الهالك عادت الباخرة لتواصل مسيرتها بعد أن تكفلت المصالح الأمنية الايطالية بمواصلة البحث عنه وقد تمكنت عند الصباح من اكتشاف جثته.
وباستفسارنا عن الأسباب الحقيقية التي أدت بشاب ليلقي بنفسه في البحر وعن الظروف التي جعلته يفاجئ الجميع ويتسبّب في حصول كارثة لعائلته تبين أنه كان يعاني من نوبات عصبية وظروف نفسانية غير عادية بعد أن شعر في مكان عمله بأنه غير مقتنع بما تمّ اسناده له من شغل بألمانيا في مؤسسة تجمع عددا من المعاقين وبقي يعمل نصف وقت ويتلقى جراية كاملة وهو أيضا لا يعاني إلا إعاقة طفيفة في يده اليسرى منذ الولادة، وقد صاحبته هذه الوضعية النفسية غير العادية فترة لا تقلّ عن الثمانية أشهر الأخيرة.
والأكيد أن المصالح الأمنية التونسية قد قامت بكل الاجراءات اللازمة والأبحاث الضرورية لكشف الأسباب الحقيقية لموت هذا الشاب التونسي الذي يحمل جوازي سفر وجنسيتين تونسية وألمانية. أما جثته فقد تكون وصلت بعد أن قامت المصالح الأمنية الايطالية بكل الاجراءات وكذلك المصالح الطبية التي قامت بتشريح الجثة وإمضاء تقرير طبي في الأمر.
* مرشد السماوي
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 30 ديسمبر 2005)
فشل القاعدة الأخير في تونس
د. أبو خولة (*)
ما أن بدأت الوفود الأجنبية تحط رحالها بتونس، بمناسبة انعقاد القمة الأممية للمعلومات، والأيدي على القلوب . كيف لا ومنظمة القاعدة الإرهابية أعلنتها حربا ضروسا على البلاد، بدليل أن هذه الأخيرة كانت من أول الدول العربية والإسلامية التي عرفت بعد 9/11 تفجيرات إرهابية لكنيسة يهودية بجزيرة جربة السياحية، وهي الجريمة التي راح ضحيتها تونسيون وسياح ألمان وتسببت في خسائر كبرى للاقتصاد الوطني . وتحديد تونس على راس قائمة الدول المستهدفة من طرف القاعدة ليس بغريب إذا ما اعتبرنا أهميتها كالدولة العربية الأكثر حداثة – من ناحية حقوق المرأة كما من ناحية التعليم العصري
–، وهو ما يتناقض أساسا مع ثقافة التخلف وفقه الظلام لهذه المنظمة الشريرة.
لهذا اجزم أن القاعدة لو أعطيت الاختيار لفضلت ضرب تونس – خلال فترة انعقاد القمة الأممية الأخيرة للمعلومات– على ضرب فنادق عمان، على سبيل المثال، و لسبب بسيط وأساسي وهو أن ضرب هذه الأخيرة بإمكانه الانتظار ، بينما توجيه الضربة لتونس يجب أن يتم تحديدا خلال انعقاد القمة. كذلك يوفر وجود الحركات السلفية المسلحة في الجزائر نفس المزايا التي يوفرها تواجد القاعدة في العراق، بالإضافة إلى أن الحدود التونسية أطول وربما حتى أسهل اختراقا من الحدود الأردنية المحروسة جيدا بحكم الحرب العراقية. أضف لذلك أن قوة الجهاز الأمني التونسي قد لا تفوق ، حسب ما هو معروف، قوة الجهاز الأمني الأردني، الذي سبق له أن افشل عديد المحاولات الإرهابية في الماضي. فلماذا إذن لم تجرب القاعدة حظها مؤخرا في تونس؟
الجواب هو أن نجاح عملية إرهابية كبرى يتطلب أكثر من تهريب متفجرات عبر الحدود، حيث يقتضي توفير دعم لوجستي لإيواء الإرهابيين. و هذا لا يتم إلا بوجود عناصر محلية مستعدة لمد يد العون. والقاعدة تعرف أكثر من غيرها أن مثل هذا الاستعداد متوفر في دولة مثل الأردن، حيث كان أسامة بن لادن يحظى بتأييد نسبة اكثر من 60% من المواطنين، حسب نتائج عديد عمليات سبر الآراء التي أجريت قبل تفجيرات عمان الأخيرة. لكنها تدرك أيضا أن مثل هذا الدعم الجماهيري الإجرامي غير متوفر في المجتمع التونسي، الأكثر عقلانية من نظرائه في دول المشرق، والذي من الصعب أن ينطلي عليه أي تبرير للعنف و الإرهاب.
ونعود و نؤكد أن اكبر عامل يجعل من دولة مثل تونس تستعصي على إرهابيي القاعدة ومن على شاكلتهم، الخطوات الهائلة التي خطتها البلاد في مجال حقوق المرأة والتعليم العصري، وكذلك الانفتاح على الثقافات الأخرى نتيجة متابعة الرأي العام للقنوات التلفزية الأجنبية -خصوصا الفرنسية- و الاحتكاك الكبير بالأجانب نتيجة وجود ما يقارب من 3000 شركة أجنبية عاملة بالبلاد وقطاع سياحي ضخم يجلب ما يفوق 6.5 مليون سائح أجنبي سنويا.
هذا بالتأكيد ما أدركته حركة القاعدة خلال السنوات القليلة الماضية وهي تتدارس فرص نجاحها في توجيه ضربة لتونس، خلال انعقاد قمة المعلومات. لكن عدم تجرؤها على مجرد المحاولة -على ما يبدو- يعكس بلا شك يأسها من إمكانية الحصول على دعم محلي. اليوم و منظمة القاعدة الإرهابية تجر أذيال خيبتها التونسية، يتوفر درس يجب أن تعيه جيدا الدول العربية و الإسلامية التي تحاول جاهدة التصدي للفكر التكفيري. فكما تتطلب الانتخابات ترشيح مرشح يميني لالحاق الهزيمة بمرشح يساري، أو تتطلب العلوم تطوير نظرية جديدة لهدم نظرية سابقة، يتطلب القضاء على الفكر التكفيري الإرهابي تطوير الفكر المعادي له، و لا يتم هذا إلا بدعم قوى الحداثة و التقدم في المجتمع، وهو عكس ما قامت به معظم الدول العربية و الإسلامية خلال العقود الماضية.
الأولوية المطلقة في العالم العربي الإسلامي اليوم – مسقط راس السلفية الإرهابية- تتمثل في إيجاد تربة مجتمعية جديدة غير صالحة لنمو هذه النبتة الخبيثة. و لن يحصل هذا إلا بإقرار ثقافة جديدة تقر بحقوق المرأة و الاقليات الدينية، وتعتمد على مناهج تعليمية حداثية تشيع مبادئ التسامح و الانفتاح على الآخر. حصل هذا -إلى درجة كبيرة في تونس- بصدور قانون المرأة و تعميم التعليم الحداثي العصري منذ حصول الدولة على الاستقلال، و إلغاء جامعة الزيتونة بدمج طلابها في مدارس التعليم العام. و عندما تم افتتاحها بنفس الاسم في بداية التسعينات من القرن الماضي، جاءت في حلتها الجديدة مؤسسة تعليمية رائدة و مثالا حيا لما يجب أن تكون عليه كافة مؤسسات فقه الإرهاب الحالية في سائر دول العالم العربي-الإسلامي التعيس. وعندما يحصل هذا، ستستعصي هذه الأخيرة بدورها على الإرهاب و المحرضين عليه، تماما كما استعصت تونس على إرهاب القاعدة خلال فترة انعقاد القمة الأممية للمعلومات الأخيرة.
(*) كاتب المقال منسق لجنة الدفاع عن ضحايا الفتاوى الإرهابية،
بريد إلكتروني:
DefendFatwaVictims@yahoo.com
وصلة الموضوع وردود القراء عليه:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2005/12/116579.htm
(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 29 ديسمبر 2005)
محمود الماطري: مثال للوطنية والتحلي بالنزعة الإنسانية
المنصف بن فرج
الفقيد محمود الماطري، هو أحد أعمدة النضال الوطني في الثلث الأول من القرن العشرين، وهو من الجيل الأول المؤسس للحزب الحر الدستوري التونسي الجديد في 02 مارس 1934، لتعديل مسار الحزب والحركة الوطنية آنذاك، إلى جانب الزعيم الحبيب بورقيبة والمرحومين البحري قيقة ومحمد بورقيبة والحبيب بوقطفة وغيرهم … وقد رد له العهد الجديد وسيادة الرئيس زين العابدين بن علي الإعتبار منذ فجر التغيير المبارك، وقد كان ذلك في الذكرى الخامسة عشرة لوفاته في ديسمبر 1987، وهو ما ملأ قلوب عائلة الدكتور الماطري الفقيد بالفرحة والإبتهاج . وبمناسبة هذه الذكرى لوفاته، لابد من التذكير بحياة ذلك الفقيد ، تعريفا منا للشباب وللأجيال الصاعدة بقيمة ذلك الرجل ومدى تأثيره في الحياة الوطنية زمن الإستعمار وإبان حركة التحرير وبعد الإستقلال.
فقد ولد يوم 26 رجب 1315هـ الموافق لآخر ديسمبر 1897، وعاش يتيم الأم والأب، وهو من أصل تركي الأب تونسي الأم أندلسية الجذور، وقد تعلم في الكتاب أولا ثم بالمعهد الصادقي حتى الحصول على الدبلوم الصادقي ليباشر مهنة التعليم ثم ينجح في البكالوريا بجزئيها سنتي 1918 و 1919 ويلتحق بفرنسا ليدرس الطب بمدينة )ديجون( ثم بباريس وكان طيلة سنوات الدراسة يعمل قيما ومدرسا حتى يستطيع توفير نفقات الحياة هناك، إلى أن تحصل على شهادة الدكتوراه سنة 1926 وعاد إلى تونس .
ولاشك أن الرجل كان ذا حساسية خاصة وشعور وطني كبير فقد ساهم في عدة أنشطة سياسية ببعض الأحزاب والرابطات الإنسانية في فرنسا، كما مارس الكتابة الصحفية في مواضيع لها علاقة بالحماية الفرنسية وبالوضع السائد بتونس آنذاك. ولقد واصل المرحـــوم أنشطته الإنسانية والسياسية بتونس فكتب العديد من المقـــــالات بصحف عديدة منها »الراية التونسيـة » و »صوت التونسي» وبعدها في جريــــدة »العمل التونسي» التي أسسها الزعيم الحبيب بورقيبة في غرة نوفمبر
1932 ، وهو ما أهله لأن ينتخب ضمن جماعة »العمل التونسي» ليكون أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري لكنه انشق عنهم مع الحبيب بورقيبة ورفاقهما ليؤسسا الحزب الحر الجديد، لاختلاف في الرؤى والمواقف وطبيعة العمل السياسي مع جماعة اللجنة التنفيذية .وقد كان من مبادئ الدكتور محمود الماطري تمسكه بمبادئ الحرية التي تعلمها في فرنسا، وبالسيادة التونسية وشرعيتها، والإعتزاز بالإنتماء إلى تونس والتمسك بهويتنا العربية الإسلامية، وبمقومات السيادة التي منها تعبير الشعب عن إرادته عن طريق الإنتخابات، وفصل السلطة القضائية والإدارية وضمان حرية الأفراد الشخصية، وتنوير الشعب بالتعليم والرفع من مستوى عيش كل المواطنين وقد انبعث الحزب الجديد برئاسة الدكتور محمود الماطري، والحبيب بورقيبة كاتب عام، والطاهر صفر كاتب عام مساعد ومحمد بورقيبة أمين مال والبحري قيقة أمين مال مساعد، وانتخب مؤتمر قصر هلال الشهير مجلسا قوميا يراقب أعمال الديوان السياسي يتركب من عشرين مناضلا …
وقد استرعى نشاط جماعة الحزب الجديد اهتمام الرأي العام في تونس وتفاعلت معهم فئات الشعب، إلا أن المستعمر الفرنسي سرعان ما جنح إلى قمع الوطنيين ومنهم الدكتور الماطري والزعيم الحبيب بورقيبة ورفاقهما، فزج بهما في السجون، وأبعدهما إلى المنافي بأقصى الجنوب في (برج البوف ( سابقا ) وبن قردان)، وهناك ساءت صحة المرحوم الماطري، وبعد ثلاث سنوات من التعذيب والسجن والتغريب، ومع مطلع حكومة الجبهة الشعبية بفرنسا، عادوا إلى نشاطهما، وشاهدا بعض الإنفراج (المؤقت)، أملاٍ في التفاوض مع الفرنسيين وكتب الدكتور الماطري يبدي تصور الإجراءات الإصلاحية، رأى فيها « أن التونسيين بأسرهم على استعداد للمشاركة في إدخال السياسة الجديدة حيز التنفيذ »، في الوقت الذي أدلى فيه الزعيم الحبيب بورقيبة بتصريح صحفي قال فيه: « ان الإتحاد الذي تنفصم عراه بين فرنسا وتونس يعد أساسا لجميع مطالب الحزب الدستوري الجديد» ، وما هي إلا مدة وجيزة حتى قدم الدكتور الماطري في ديسمبر 1937 استقالته من رئاسة الحزب دون أن يتخلى عن العمل في صفوفه، وذلك للخلاف الذي أصبح قائما بينه وبين بورقيبة، وهو خلاف كان سببه اختلاف في المزاج، وفي المناهج، ذلك أن مزاج المرحوم يتميز بالتروي والتعقل والحذر من التصعيد الذي يريق الدماء هدرا، وله نزعة إنسانية مسالمة، أما بورقيبة فكان، مغامرا، يرى في إسالة الدماء إحدى وسائل التأثير على الرأي العالمي، والضغط على الإستعمار الفرنسي وتوريطه، ومن أسباب استقالته ما كان من حوادث 9 أفريل 1938 وما تلاها من دماء .
ورغم الإختلاف في المواقف، فقد بقي المرحوم مناضلا كبيرا ووطنيا غيورا مشهودا بأعماله التي ساهمت في التعجيل بتركيز السيادة الوطنية، وقد كان صديقا مؤازرا للملك المرحوم المنصف باي، وكان وزيرا في وزارة محمد شنيق، ثم تولى الوزارة في أول حكومة الإستقلال. ولا ينسى أحد الجوانب الإنسانية في مهنة الدكتور الماطري الطبية، فقد كان جادا في عمله، متواضعا، خدوما، يخصص كل يوم جمعة لفحص مرضاه المعوزين بالمجان، في عيادته الخاصة، وكثيرا ما كان يشتري لهم الدواء من ماله الخاص . وغير خفي أن المرحوم كان بنى مسجدا بحي البلفدير قريبا من محل سكناه، وهي إحدى محاسنه، إلى جانب ما عرف به من وطنية صادقة هو وزوجته المناضلة السيدة قمر الماطري لما قدماه من وخدمات جليلة للوطن في زمن الإحتلال، وكذلك بعد حصول تونس على استقلالها.
(المصدر: القسم العربي بمجلة حقائق الأسبوعية، العدد 1044 بتاريخ 29 ديسمبر 2005)
الاستاذ الشريف الماطري:
«اختلاف الماطري مع بورقيبة كان فـي المزاج والمنهاج»
المنصف بن فرج
الاستاذ الشريف الماطري بوصفكم الابن الاكبر للمرحوم محمود الماطري، هل يمكن أن تحدثنا عن نشاط الزعيم المرحوم محمود الماطري في سنوات الشباب؟
منذ أن كان عمره عشرون سنة تقريبا وحينما كان يدرس بفرنسا قصد الحصول على الجزء الثاني للبكالوريا ثم سافر الى سويسرا صحبة صديقه سالم الشاذلي لملاقاة زعماء سياسيين من بينهم شكيب ارسلان ومحمد باش حامبة وغيرهم. وخلال اقامته بفرنسا انتمى محمود الماطري الى عدة تنظيمات سياسية مثل رابطة حقوق الانسان والحزب الاشتراكي الفرنسي، والحزب الشيوعي، كما ساهم بالكتابة في عدة صحف وكان يعالج في مقالاته بشكل عام مواضيع لها صلة بسياسة الحماية الفرنسية في تونس والاستعمار عموما. وخلال دراسته للطب بكلية باريس كان على اتصال دائم مع الطلبة التونسيين من بينهم الزعيم الحبيب بورقيبة والبحري قيقة والطاهر صفر، وقد تحدث في مذكراته عن اول زيارة قام بها للحبيب بورقيبة له بفرنسا وفي »لاكسيون
» كتب. مقالات صحفية سابقة.ما هوالدور الذي قام به المناضل محمود الماطري في حوادث 8 أفريل 1938 وكيف تمكن من تهدئة المتظاهرين دون التشابك مع السلطات الفرنسية؟
لما بلغ الى علم محمود الماطري ان سلط الحماية على علم بمظاهرة 8 افريل 1938 وعزم السلطات الفرنسية على استغلالها كتعلة لاستعمال القوة لاعتقال القادة الوطنيين لتحطيم الحركة الوطينة سارع الماطري بالالتحاق بمكان المظاهرة قبل اطلاق النار من طرف الفرنسيين وخطب في الجماهير التي استقبلته بحرارة كبيرة وابلغها بنية السلطات الفرنسية لاستعمال الرصاص وحذرها من مغبة التصعيد الذي سيضر بمصلحة الحركة ونجح في تهدئة المتظاهرين الذين تفرقوا بدون أي تشابك مع السلطات العسكرية، وقد بلغت مطالبهم الى مسامع السلطات الفرنسية وهكذا نجح في اخفاق استراتيجية السلطة الاستعمارية الا انه في اليوم الموالي سالت الدماء واستشهد العديد من المواطنين.
ماهي علاقة محمود الماطري بالزعيم الحبيب بورقيبة، وماهي أسباب الخلاف بينهما؟
كانت علاقة حميمية عريقة وثابتة علاقة الاخ الاكبر بأخيه زيادة على ان الصدف شاءت ان يشغلا شقتين متلاصقتين بنهج جامع الهوى برحبة الغنم (معقل الزعيم حاليا) حيث أصبح ذلك العقار بعد الاستقلال متحفا لتاريخ الحركة الوطنية الا ان طرق العمل بينهما مختلفة واختلافها من الاساس اختلاف في المزاج وفي المنهاج كما ورد في تحليلها الاستاذ عز الدين قلوز في التذييل لمذكرات .
محمود الماطري الذي كان يتميز بنزعة انسانية مسالمة ذات نظرة اعتدالية ترتكز على تحكيم العقل قبل الاقدام على اي عمل، ومن ذلك المنطلق كان الماطري يتجنب التصعيد الذي قد يؤدي الى ازهاق أرواح أبناء وطنه. وبفضل ذلك المزاج والتفكير الرصين نجح الماطري في التأثير على الزعيم بورقيبة الذي كان في أول النضال يطالب بالاستقلال الكلي في تبنيه سياسة المراحل والاكتفاء بالاستقلال الداخلي كمرحلة اولى.
ورغم ذلك فان اختلاف الرجلين في المزاج الذي تحدثت عنه بكل دقة ((Andrée Viollis في كتابها)Notre Tunisie (Gallimard. جعل محمود الماطري يخير الاستقالة من رئاسة الحزب تجنبا للانشقاق الذي قد يحدث وفضل ان يعلل موقفه لأسباب صحية لكي لا يضر بالحركة الوطنية.
هل حدثكم المرحوم الماطري عن المنصف باي ودوره في تدعيم الحركة التحريرية؟ وما هي المسؤوليات التي تحملها والدكم في تلك الفترة ؟
عاشر المرحوم محمود الماطري المنصف باي خلال سنة 1919-1918 عندما كلفه باعطاء دروس خاصة لأبنائه حيث لما كان يباشر التدريس بالمرسى، ثم عند رجوعه من فرنسا طلب منه ان يكون طبيبه الخاص. لقد كان محمود الماطري معجبا بخصال المنصف الباي خاصة ان احتكاكه به جعله يكتشف روح الاعتدال والوطنية الصادقة حتى انه ايام الحرب العالمية الثانية كان موقف المنصف باي تجاه الجالية اليهودية موقف الاب تجاه ابنائه فعندما بلغ الى سماعه حدوث بعض التجاوزات من طرف سلط الاحتلال الالمانية ضد تلك الجالية بنابل كلف محمود الماطري بوصفه وزيرا للداخلية لينتقل على عين المكان والاجتماع بأفرادها وابلاغها تعاطفه معها وعندما رأى محمود الماطري الاشارة الخاصة التي اجبر اليهود على حملها لاحظ امام الالمان ان الملك لا يفرق بين ابنائه ودعاهم لازالة تلك العلامة المشينة وكان ذلك بمحضر السلطات الفرنسية والألمانية، هذه الحادثة اكتشفتها بنفسي عن طريق مواطن يهودي من نابل يدعى اورير حداد عاشها وهو صبي وأيدها كذلك يهودي اخر أصيل نابل نشرت شهادته في مجلة Jeune Afrique.
أما المسؤوليات التي تحملها الماطري في تلك الفترة فهي، مستشار وطبيب خاص للمنصف باي. وفي7 جانفي 1943 عين الماطري أول وزير للداخلية مع تكليفه بالصحة العمومية بوزارة شنيق. أما دور المنصف باي في الحركة الوطنية فقد نجح في توحيد جميع الاتجاهات والمنظمات والفئات وتصرف تصرف المناضل الصادق واسترجع هيبة السلطة التونسية خلافا لمن سبقوه على العرش وللتذكير فان الشعب التونسي عاش فترة المنصف باي كصفحة ناصعة من تاريخه استندت الحركة الوطنية اليه طيلة سنين وقرأت لها السلط الفرنسية ألف حساب.
كيف كانت علاقة محمود الماطري بالزعيم الحبيب بورقيبة بعد الاستقلال؟
منذ رجوع الزعيم بورقيبة من منفاه ((Fort Saint Nicolas بفرنسا كانت تفيد محاضر الشرطة وجود رسائل لمحمود الماطري وجهها له ثم انه عند ابعاده الى جزيرة GROIX بفرنسا قام بمساعي كبيرة للحصول على رخصة لزيارته ).هناك صورة في المذكرات بعثها بورقيبة لمحمود الماطري تخلد ذلك اللقاء بين المناضلين) . وبعد الاستقلال طلب الزعيم الحبيب بورقيبة من محمود الماطري بأن يشارك في اول حكومة ترأسها في اخر عهد لمين باي وكلفه بمهام وزارة الصحة العمومية. كما طلب بورقيبة من الماطري أن يترشح للمجلس التاسيسي فكان دوره فعالا في ادماج المبادئ الديمقراطية ورغم ذلك فقد صدرت عن بورقيبة تصرفات غريبة من بينها تهديم منزله الكائن برحبة الغنم بدعوى تهيئة الحي بينما كان الماطري في ضيافة بايطاليا وتعرضه لمهاجمات أولى في خطابه في 3 سبتمبر 1970 ثم في 1972 حيث اضطر الماطري لتوجيه رسالة مفتوحة لبورقيبة تم نشرها في الصحافة اليومية رد فيها الماطري على جميع الاتهامات التي وجهت ضده.
كيف كانت علاقة محمود الماطري مع محمد بورقيبة والطاهر صفر والبحري قيقة؟
كانت علاقته مع جميع المناضلين بصفة عامة طيبة للغاية وزادت تلك العلاقة توطيدا بصفة خاصة مع محمد بورقيبة والطاهر صفر والبحري قيقة في المنفى بين 1934 و 1936 فكان دائما يتدخل لتدهئة الخلافات بينهم وبين الحبيب بورقيبة. أما بالنسبة لمحمد بورقيبة فرغم انه كان يكبر الحبيب بورقيبة بعدة سنوات كان يحدث بين الاخوين تشاجر فيتدخل الماطري للتوفيق بينهما.
(المصدر: القسم العربي بمجلة حقائق الأسبوعية، العدد 1044 بتاريخ 29 ديسمبر 2005)