TUNISNEWS
9 ème année N 3484 du 06.12.2009
archives : www.tunisnews.net
الحرية لسجين
الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو
ولضحايا قانون الإرهاب
الصباح:تصريحات الوزير البشير التكاري أمام مجلس النواب يوم 3 ديسمبر 2009
** مقترح « تونس نيوز** إلى الجمعيات والمنظمات والهيئات المعنية بملف (المنفيون التونسيون)
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان:صحفيون عرب يتضامنون مع الصحفيين التونسيين
سليم بوخذير: في برنامج حقوق الناس:الهجمة الأخيرة على الصحفيين في تونس حالة غير مسبوقة
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية:تضامنا مع المربي محمد صالح حاجبي
ظاهـر المسعـدي:الامتحان الصعب للمعارضة التونسية
زياد الهاني:[بصراحة] حول قدسية العمل، والتداخل بين أجهزة الحزب والدولة
عصام وفاطمة الحشايشي:من الخائـــن ؟؟
بشير الحامدي:الحل بأيدينا فهل سنفوت الفرصة لتبقى الطريق سالكة لزمرة عبد السلام جراد وعلي بن رمضان؟
طلبة تونس :أخبار الجامعة
اليوم السابع:هبوط اضطرارى لطائرة ركاب تونسية بمطار القاهرة
الصباح: الرجال والنساء في مهب الغرائز والاغراء:التحرّش الجنسي يمزّق حاجز المحظور
الصباح:لقاح أنفلونزا الخنازير:مضاعفات خطيرة لحالة واحدة فقط على مليون
فتحي العابد:حشيشة الفهم
استدراكات الشيخ القرضاوي على موضع ملاحظات الشيخ راشد الغنوشي
طارق الكحلاوي:في استنطاق المئذنة وماهيتها التعبيرية (1-2)
هيثم مناع:الوراثة السياسية عند العرب
د. فيصل القاسم:انتصار.. يا محسنين.. انتصار!
د. عصام العريان:تركيا تدخل عهد الجمهورية الثانية
د. عزمي بشارة:بين المخارج المشرِّفة والتخريجات المؤسفة
الحياة:الجزائر: «مراجعات سرية» لسجناء سلفيين تسحب «الغطاء الشرعي» عن العمليات المسلحة
احمدي نجاد: هجوم امريكا على المنطقة هو بسبب ظهور رجل من نسل النبي سيقضي على الظالمين
الشيخ خالد الجندى : لو فكرت فى إنتاج فيلم يتحدث عن الإسلام لن يكون بطله عادل إمام الذي إعتاد أن يشوه صورة الإسلام
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
جانفي2009
فيفري2009
أفريل 2009
أكتوبر 2009
تصريحات الوزير البشير التكاري أمام مجلس النواب يوم 3 ديسمبر 2009:
… وفي إجابته على تساؤل يتعلق بالادعاءات حول الحرمان من حق العودة أوضح وزير العدل وحقوق الإنسان أنه « لا يمكن الحديث عن حق العودة باعتبار أن الدستور التونسي يمنع تغريب المواطنين مُبيّنا أن من يدّعون ذلك هم محل تتبع قضائي وبإمكان الأشخاص الصادرة ضدهم أحكام قضائية العودة والإعتراض على هذه الأحكام وتسوية وضعياتهم ». (المصدر: « الصباح » (يومية – تونس) بتاريخ الجمعة 4 ديسمبر 2009)
** مقترح « تونس نيوز » ** إلى الجمعيات والمنظمات والهيئات المعنية بملف
(المنفيون التونسيون)
مواصلة لهذا الحوار الجنيني وغير المباشر مع السلطات التونسية، قد يكون من المفيد إعداد قائمة مفصلة تنشر على الإنترنت وتشتمل على الإسم واللقب وتاريخ الولادة والصفة وبلد الإقامة وتاريخ مغادرة البلاد للعشرات بل للمئات من التونسيات والتونسيين شيبا وشبانا نساء ورجالا وأطفالا وكهولا الموزعين على أرجاء المعمورة والذين لا يملكون جوازات سفر تونسية (سواء تقدموا بطلب رسمي إلى أقرب سفارة أو قنصلية تونسية من مقر إقامتهم أم لم يفعلوا ذلك لسبب أو لآخر) والذين لا يستطيعون عمليا العودة إلى أرض الوطن رغم أنهم ليسوا محل أي تتبع قضائي من أي نوع. صحيح أن هؤلاء العشرات بل المئات من التونسيين والتونسيات لم يصدر قرار فعلي أو حكم قضائي بتغريبهم عن بلادهم لكنهم مُبعدون فعليا ومُغرّبون واقعيا عن موطنهم بدون أي موجب أو سبب أو مبرر. إنه من المهم جدا ومن المستعجل جدا أن تتضافر الجهود لوضع حد نهائي لهذه المأساة الوطنية والإنسانية ولتكن البداية أولا بجميع المواطنين الذين لم تصدر بحقهم أحكام قضائية!!!
صحفيون عرب يتضامنون مع الصحفيين التونسيين
السبت 5 ديسمبر 2009 قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان ، صحفيين عرب أعربوا عن تضامنهم مع زملائهم الصحفيين في تونس ، دعما ودفاعا عن حرية الصحافة في تونس ، في بيان جاء فيه : صحفيون عرب يتضامنون مع زملائهم في تونس دفاعا عن حرية الصحافة والصحفيين التونسيين نحن الصحفيون العرب الموقعين على هذه العريضة ، إذ نعلن عن تضامنا الكامل مع زملائنا وأشقائنا الصحفيين التونسيين وحرية الصحافة في تونس ، التي تتعرض لهجمة شرسة لم يسبق لها مثيل منذ صدور صحيفة الرائد التونسي في عام 1860. وقد هالنا أن تنحى هذه الحملة منحى شديد الخطورة ، يتمثل في تلفيق القضايا الجنائية ضد العديد من زملائنا الصحفيين ، وتستهدفهم بالتشهير والتشكيك في وطنيتهم والاعتداءات البدينة ،فضلا عن الاستيلاء على نقابة الصحفيين المستقلة وتحويلها لمؤسسة تابعة للحزب الحاكم في تونس ، فإننا نؤكد على الآتي: أولا : أنه لا حديث عن صحافة حرة ومستقلة عربيا ، في ظل محاصرة الصحافة والصحفيين في تونس واستمرار اعتقال زميلينا توفيق بن بريك وزهير مخلوف بسبب كتاباتهما الصحفية.. ثانيا : أن نضالنا من أجل مجتمعات ديمقراطية في عالمنا العربي يبدأ بالتأكيد على دعم حق الصحفيين العرب في العمل في مناخ خالي من التحريض وتلفيق القضايا الجنائية ضدهم . ثالثا: رفضنا الشديد لاستمرار الحكومة التونسية في الزج بزملائنا الصحفيين في السجون والاعتداء عليهم ، لمجرد ممارستهم لحق المواطنين عليهم في التمسك بالمصداقية وحق الاختلاف والنقد. رابعا: نعبر عن كامل دعمنا لهم و تمسكنا بحق عودة القيادة الشرعية النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين المنتخبة ، لعملها و ووقف تدخل السلطات التونسية والحزب الحاكم في شئونها. خامسا : رفضنا للإغراءات المادية والعينية التي تغدقها الحكومة التونسية على بعض الصحف والصحفيين العرب ، لنشر إعلانات تقلب الحقائق وتتحدث كذبا عن حالة حقوق الإنسان وحرية التعبير في تونس. ونحن نؤكد في النهاية على أن حرية الصحافة في تونس جزء لا يتجزأ من حرية الصحافة العربية. الموقّعون : 1.الياس خوري كاتب وصحافي لبنان 2.هاني شكرالله ، جريدة الشروق المستقلة ، مصر 3.جمال فهمي ، صحفي وعضو مجلس نقابة الصحفيين ، مصر. 4.رالى ميخائيل ، صحفية ، لبنان 5.إبراهيم منصور ، صحيفة الدستور المستقلة ، مصر 6.حصة سيف ، صحفية ، الإمارات 7.خالد السرجاني ، جريدة الدستور المستقلة ، مصر 8.أميرة الطحاوي ، صحفية ، مصرية 9.توفيق شومان ، صحفي مصري 10.خالد البلشي ، رئيس تحرير جريدة البديل ، مصر 11.مجدي حلمي ، جريدة الوفد ،مصر 12.نفيسة الصباغ ، صحفية ، مصر 13.حسام الحملاوي ، صحفي ، مصر 14.ليال حداد ـ صحافية في جريدة « الأخبار »، لبنان 15.بيسان كساب ، جريدة الدستور ، مصر 16.هشام يونس ، جريدة الأهرام ، مصر 17.محمد عبد الحفيظ سعد ، جريدة الشروق ، مصر 18.عمرو عبد الغني ، جريدة التعاون ، مصر 19.أحمد بدر ، جريدة الدستور ، مصر 20.سامح مسعد ، جريدة التعاون ، مصر 21.رضوان آدم ، جريدة الدستور ، مصر 22.بشير البكر ، صحافي ،كاتب باريس ، سوريا 23.مصطفى بسيوني ، جريدة الدستور ، مصر 24.عامر شوملي، كاريكاتيريست، فلسطين 25.زكريا محمد ،شاعر ، فلسطين 26.رشيد محاميد ، جريدة المشعل، المغرب 27.عبد الكريم محمد الخيواني، صحفي، اليمن 28.فاتن حمودي، صحفية، سوريا – الإمارات. 29.محمد خير ،جريدة الدستور ، مصر 30.عمرو بدر ، جريدة الدستور ، مصر 31.عبد القادر محمد عبدالقادر ، صحيفة الميدان ، السودان . 32.فيصل الباقر ، صحفي ، السودان 33.محمد عبدالله أحمد سليمان ، رسام صحفي ، جريدة المصري اليوم ، مصر. 34.عبدالمنعم محمود ، جريدة الدستور المستقلة، مصر 35.أيمن حمدي خليل ، صحفي وإعلامي ، تليفزيون فلسطين. 36.خليل العوامي ، جريدة الوفد ، مصر. 37.حسين عبد الغني ، صحفي ، قناة الجزيرة . 38.حسام تمام ، صحفي ، مصر . ( المصدر:موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان)
طالب بإطلاق سراح مخلوف وبن بريك ووقف إستهداف الصحفيين والحقوقيين الصحافي سليم بوخذير: في برنامج حقوق الناس الهجمة الأخيرة على الصحفيين في تونس حالة غير مسبوقة
السبيل أونلاين – تونس – قنوات إستضاف برنامج « حقوق الناس » الأسبوعي التى تبثه قناة الحوار اللندنية والتى تشارك في إنتاجه « اللجنة العربية لحقوق الانسان » ، الصحافي المستقل سليم بوخذير من تونس عبر الهاتف . وتناولت مداخلة الصحفي المحاصر في بيته ، قضية الحكم الظالم الصادر ضد مراسل السبيل أونلاين في تونس ، المناضل الحقوقي السجين زهير مخلوف ، الذى قضت المحكمة الإبتدائية بقرمبالية يوم01 ديسمبر الجاري بسجنه مدّة 3 أشهر مع غرامة قدرها 6000 دينار تونسي . وقد نقل مخلوف مساء الإربعاء 02 ديسمبر 2009 ، إلى سجن المسعدين في ولاية سُوسَة جنوب العاصمة ، والذي يبعد أكثر من 160 كيلومتر عن سكن أسرته الكائن ببرج الوزير بمدينة أريانة أحد ولايات تونس الكبرى . كما تناول بوخذير في مداخلته المتلفزة قضية الصحافي التونسي توفيق بن بريك الذى صدر ضده حكم جائر يوم26 نوفمبر الماضي لمدّة 6 أشهر ، وقد نقل بن بريك من سجن المرناقية بضواحي العاصمة تونس إلى سجن سليانة الذي يبعد على مقر إقامة أسرته أكثر من 130 كيلومتر . ووصف بوخذير الأحكام الصادرة ضد زهير مخلوف وتوفيق بن بريك بأنها جائرة ، وطالب بإطلاق سراحهما وطي صفحة إستهداف الصحفيين . وتطرق سليم بوخذير الذى يخضع منزله خلال الأسابيع الأخيرة إلى حصار بوليسي خانق ، إلى الهجمة التى تشنها السلطات على الصحافة المستقلة في البلاد بداية من شهر أكتوبر الماضي ، ووصف تلك الهجمة بأنها « حالة غير مسبوقة » ، وقال بوخذير الذي تعرض إلى الإختطاف والإعتداء بالضرب المبرح يوم 28 أكتوبر 2009 من قبل عناصر البوليس السياسي ، أن السلطة لم تستفد من إستهداف الأصوات الصحفية المستقلة ودعاها إلى التراجع على هذه الإجراءات الظالمة والتى لا طائل من وراءها . وأشار بوخذير إلى التحرش الذي تعرض له مراسل الجزيرة في تونس الصحافي لطفي حجي ، وأيضا الصحفي لطفي الحيدوري وغيرهما من الصحفيين والحقوقيين . وأكد بوخذير أن الغرامة التى سلّطت على مخلوف تهدف إلى إستنزافه ماليا حتى بعد إنهاء فترة سجنه .
لمشاهدة المداخلة : الرابط على اليوتوب : http://www.youtube.com/watch?v=CXaXd38jAwM (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس ) ، بتاريخ 06 ديسمبر 2009)
المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية تونس في 06 / 12 / 2009
تضامنا مع المربي محمد صالح حاجبي
تعرض المربي محمد صالح حاجبي المعلم بسيدي بوزيد رفقة ابنه انس حاجبي التلميذ بالسنة رابعة رياضيات بالمعهد الثانوي 9 افريل بسيدي بوزيد إلى اعتداء بالعنف الشديد داخل حرم المعهد المذكور من طرف محامي بجهة سيدي بوزيد يوم الاربعاء الفارط ورغم أن هذا الاعتداء خلف أضرارا صحية خطيرة للمعلم وابنه ( كسر في اليد للابن وضرر خطير للأب في انفه ) فان الطرف المعتدي مازال طليقا وهو ما اجبر نقابتي التعليم الثانوي والأساسي الإعلان عن بدء دخولهما في إشكال احتجاجية إلى حين إيقاف المعتدي . إن المرصد التونسي للحقوق والحريات النقابية يعبر عن تضامنه المطلق مع المربي محمد صالح حاجبي ويأمل من السلط ذات الاختصاص فتح تحقيق سريع في وقائع هذا الاعتداء ومعاقبة المعتدي وفق ما يفرضه القانون منعا لكل توتر أو احتقان في صفوف نقابيي سيدي بوزيد ومدرسيها . جميعا من اجل فرض الحقوق والحريات النقابية. جميعا من اجل التصدي للاانتهاكات ضد العمال والنقابيين. عن المرصد المنسق محمد العيادي — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux
الامتحان الصعب للمعارضة التونسية
جاءت الانتخابات العامة التي شهدتها بلادنا في شهر أكتوبر الماضي مخيبة لآمال الشعب التونسي، حيث باحت كعادتها بأسرارها قبل بدايتها وأعادت إنتاج نفس المنظومة السياسية القائمة منذ الاستقلال وأبقت على نفس المشهد السياسي مع مزيد تعزيز الواجهة الديكورية لإضفاء صبغة تعددية شكلية من شأنها تخفيف الضغوط الخارجية التي تمارس من طرف الدوائر الأجنبية والمنظمات الدولية، ولقطع الطريق أمام الأصوات الداخلية المنادية بضرورة إصلاح سياسي بات ملحا أكثر من أي وقت مضى. وبصرف النظر عن طبيعة المناخ العام الذي جرت فيه هذه الانتخابات وعن ردود الفعل والمواقف المنتقدة لها كتلك التي صدرت عن واشنطن عشية إعلان النتائج، فإن المتمعن في المشهد السياسي خلال الأشهر الأخيرة يتبيّن أن الحكم كان واثقا من إعادة خلافة نفسه دون عناء في هذه الانتخابات، وهو ما يفسر إحجامه عن استعمال أي ورقة من أوراقه الانتخابية الرابحة، كإطلاق سراح سجناء الحوض المنجمي أو حل أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من الأوراق التي تستعمل عادة قبيل الانتخابات والتي باتت من تقاليد الأنظمة الشمولية. بيد أن هذه الثقة المطلقة في النفس كان يفترض أن تعكس حالة من الهدوء والاعتدال والاسترخاء عند الحكم، وهو عكس ما كان عليه عشية الانتخابات، حيث بدا متوترا ومتشنجا ومبالغا في رجم مخالفيه وضربهم بلا هوادة ولا أخلاق وسجنهم لأبسط الأسباب وأتفهها، بالإضافة إلى تصاعد وتيرة حملات التشويه والثلب والتجريح في حق رموز المعارضة المستقلة والمجتمع المدني، احتضنتها أعمدة بعض الصحف المشبوهة والمعروفة بقربها من السلطة. هذه الحالة الهستيرية التي وسمت سلوك الحكم أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة، وبعدها، تستبطن في واقع الأمر حالة من الأرق والشعور بالقلق على مصير الحكم ما بعد الخماسية المقبلة وهي الأخيرة دستوريا للرئيس الحالي، وكل المؤشرات والدلائل تؤكد بأن الحكم بمختلف أجنحته داخل القصر غير مرتاح لانتقال السلطة وفقا لآليات موضوعية وديمقراطية، نظرا لما يمكن أن يهدد مصالحه الحيوية أو يعرضه للمسائلة والمحاسبة عما اقترفه من أخطاء وتجاوزات في فترة حكمه، وهذا الموضوع كان في الفترة الأخيرة الشغل الشاغل للنخب التونسية المتابعة للشأن السياسي، حيث بدأت مشغولة من الآن بمستقبل النظام السياسي في البلاد، بين متفاءل بانفتاح سياسي وانتقال ديمقراطي وتداول سلمي على الحكم، وآخر مرجح للتمديد للرئيس الحالي أو التوريث السياسي بمعنى الخلافة التي تستوجب إجراء عملية جراحية على الدستور، وهي تخمينات لا يمكن نفيها أو تأكيدها ، ولكن ما هو مؤكد أن تونس على وشك الدخول في موجة من الحراك السياسي، من المتوقع أن تبدأ بعد عامين، وستكون بلا شك مختلفة كليا عن حالة الحراك التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة والتي بلغت ذروتها أثناء التنقيح الدستوري الذي فتح باب الرئاسة مدى الحياة على مصراعيه عام 2002 ، وإذا ما بقيت الساحة السياسية الداخلية متشتتة وخالية من أي حركة احتجاجية قوية وقادرة على التأثير، فضلا عن أن الساحة الخارجية تبدو عازفة عن ممارسة أي ضغط للإسراع بعملية التحول الديمقراطي، فلا غرو أن تكون أجنحة القصر هي مركز الحراك السياسي والمحددة لمصير البلاد دون حسيب أو رقيب. وإذا ما ألقينا نظرة على الحالة المصرية، وهي حالة تحمل العديد من نقاط التشابه مع نظيرتها التونسية، نجد الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية في حالة حراك سياسي منقطع النظير، حالة حراك مبكرة ومناهضة لإمكانية خلافة آلية تؤول لجمال مبارك نجل الرئيس المصري محمد حسني مبارك،وبالتوازي مع ذلك طُرحت العديد من البرامج والرؤى والمبادرات التي يمكن أن تضع بلد النيل على سكة الإصلاح السياسي والتداول السلمي على الحكم، كانت آخرها المبادرة التي أطلقها الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، والتي ارتأى فيها خروج آمن ومشرف للرئيس مبارك وعائلته من الحكم، مع ضمانات مؤكدة بعدم تعرضه للمحاسبة عن سياسات حكمه، واقترح هيكل تشكيل ما سماه » مجلس أمناء الدولة والدستور » يتكون من 12 شخصا من بينهم العالم الكيميائي أحمد زويل ومحمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية وآخرون بمشاركة القوات المسلحة باعتبارها حارس السيادة المصرية، ومهمة هذا المجلس هي التفكير والبحث عن كيفية الوصول إلى نوع من الاستفتاء العام على دستور جديد وعقد اجتماعي جديد، في مرحلة انتقالية تدوم ثلاث سنوات، كما طالب هيكل الرئيس مبارك الإشراف بنفسه على هذه المرحلة الانتقالية وتكون تلك آخر وأهم خدمة يقدمها للبلاد، منتقدا ظاهرة تحوّل رجال الأعمال إلى سياسيين، والسياسيين إلى رجال أعمال. غاية ما نروم تأكيده من خلال استشهادنا بالمثال المصري، هو حالة الضعف والانقسام الذي تعيشه المعارضة الديمقراطية في تونس اليوم، فخلف أبوابه المغلقة يطبخ نظام الحكم على قدم وساق ملامح المشهد السياسي لتونس ما بعد 2014، وسيخرج من صمته بعد زهاء العامين ليعلن مبادراته التي سيفرضها كأمر واقع عبر المؤسسات الخاضعة لهيمنته، وعلى المعارضة تحمل مسؤولياتها كاملة في هذه المرحلة التاريخية لاجتياز هذا الامتحان الصعب وذلك بتوحيد صفوفها وعزفها على أوتار هذه القضية من الآن واتخاذ المبادرات الجريئة والشجاعة قبل فوات الأوان والخروج من دائرة الانتظارية و مربع الاحتجاج الضيق، وأحسب أن العبء الأكبر في هذه المرحلة يقع على عاتق الحكم وحده، فأي خطوة انفرادية في هذا المجال قد تولد ردود أفعال مدمرة، وبإمكانه مد يده لكل فرقاء الساحة السياسية والجلوس إلى طاولة الحوار لصياغة مستقبل أفضل لتونس وغلق أبواب الإحباط والتشاؤم وفتح أبواب الأمل والتفاؤل. ظاهـر المسعـدي
[بصراحة] حول قدسية العمل، والتداخل بين أجهزة الحزب والدولة
زياد الهاني
لا يختلف تونسيّـان حول قدسيّـة العمل. وفي ضرورة تطوير الإدارة والنهوض بمستواها، لأن في ذلك مصلحة وطنية متأكدة لا تقبل المزايدة أو التأجيل. كلام كثير تمّ تداوله في السابق حول خطر التداخل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة على النظام الجمهوري. وكان الردّ يأتي دائما بأنه من حقّ كل حزب حاكم أن يحكم، وهي قولة حق يراد بها باطل. فهل يحقّ لحزب أن يستغل كلّ إمكانات الدولة المادية والمعنوية لمصلحته الخاصة ليوبّـد حكمه باعتباره حزبا حاكما!؟ ألم تكن إمكانات الدولة كلّـهـا مسخّـرة للحزب الحاكم خلال الانتخابات الأخيرة، والصور تغني عن كل تعليق!؟ السيد محمد الغرياني أمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي أشرف يوم الجمعة 4 ديسمبر 2009 بمقر بنك الجينات على تركيز شعبة مهنية بمقر هذه المؤسسة العمومية. وجرى ذلك خلال فترة العمل الرسمي وبحضور السيد نذير حمادة وزير البيئة والتنمية مثلما أوردته جريدة الحرية في عددها الصادر في اليوم الموالي. الغرياني لاحظ في كلمته بالمناسبة «ان المكانة الطلائعية للتجمع في كل الاوساط والجهات والقطاعات تحمله مسؤولية مضاعفة في المحافظة على سعة انتشاره وما يحظى به من ثقة شعبية كبيرة في مشهد ديمقراطي وتعددي لا نجاح فيه الا لمن يتسلح بعقلية التنافس السياسي النزيه ويعلي المصلحة الوطنية ويحتكم الى الضوابط القانونية». والسؤال المطروح هنا: هل من قواعد التنافس السياسي النزيه أن يسمح حزب لنفسه بتركيز خلايا في كلّ الإدارات ومواقع العمل باعتباره حزبا حاكما، في حين يحظر على غيره ذلك!؟ مجال السياسة هو مجال للاختلاف واالتنافس. فهل من المصلحة الوطنية أن يتمّ إدخال السياسة في مواقع العمل التي تتطلب التفرغ والتركيز؟ أين ذلك من قدسية العمل إذا كنّـا نؤمن حقّـا ممّن يؤمن بقدسيـة العمل؟ للحديث بقيّـة.. زياد الهاني — مرسلة من زياد الهاني إلى بصراحة بتاريخ 12/05/2009 01:37:00 م
قراء خاصة لشبه المقالات الواردة على أعمدةالصحف المحلية خاصة الأسبوعية « كل الناس » مصدرها أعلى جهاز قمعي للبلاد التونسية ، الذي اتخذ من المقر الرسمي للسلطة الدستورية بقرطاج مختبرا لأعماله الإجرامية المنظمة في حق الشعب التونسي والمعارضة الحرة و النزيهة بتونس وخاصة تلك التي اختارت قهرا من البلدان الديمقراطية الحرة مقرا لها حتى تتمكن من ايصال صوت الشعب التونسي المسلوبة إرادته بأبشع وسائل القمع و الذي ودون مبالغة لم يعرف تاريخ الإنسانية المعاصرله مثيلا من حيث الرداءة و انعدام الذوق نعم انعدام الذوق و الحياء بتماديه في استبلاه ليس فقط شعبنا الكريم بمختلف شرائحه بل طالت به الوقاحة و الدناءة إلى إستعمال القضية الفلسطينية أداة لضمان استمراريته في السلطة والمشاركة الفعلية في مشروع إجهاض المقاومة الفلسطينية وكذلك لضرب المعارضة الحرة والنزيهة والحال أن بن علي هو أول من خان القضية الفلسطينة بالتنسيق و التسهيل لكل عمليات ومخططات الكيان الصهيوني ضد القيادات الفلسطينية بتونس بن علي , إن حملة التخوين و العمالة ليست بالجديدة إذ مارستها بصفة خاصة منذ 2005 بصفة قارة و إلى حد التاريخ ضد سليم بقة على أعمدة الحدث و الأخبار… و كل الناس ، ناسبا له عمالته للموساد و تورطه في حادثة حمام الشط و التحريض منذ ذلك التاريخ على تصفيته الجسدية وذلك بتمريرك لبعض الصحف الفلسطينية و الفصائل الفلسطينية المتشددة بتورطه حتي في اغتيال أبو جهاد (را جع الصحف الفلسطينة المعنية التي تشير بصريح العبارة إستقاءها المعلومات من » مصادر أمنية تونسية !!!! » ) يا للغرابة كل هذا يحدث وسليم بقة حر طليق بتونس في ذلك التاريخ والحال أنك أنت الذي كنت في فترة الإعداد و التمهيد للعملية مكلف بأمن البلاد و العباد و الفلسطينين المقيمين بتونس على وجه الخصوص . ألم تكن علي علم مباشر بجميع تحركات ياسر عرفات بتونس !! . أنت أدرى من أي شخص أن العمالة تتم مع أشخاص من داخل أجهزة الدولة. فبالله عليك كيف تم تسلل الكمندوس الإسرائيلي بحرا لإغتيال أبو جهاد الذي كان يقطن بجوارك ؟؟ والحال أنك منذ إستلائك على السلطة جعلت من خليج سيدي بو سعيد منطقة أمنية حمراء برا و بحرا و جوا ؟؟؟؟ بكل بساطة و باللغة العامية » حليت اللعب نقطة و ارجع للسطر ». بن علي ، إن مراحل تدرجك نحو أعلى هرم في السلطة إقترن بصفة مباشرة و غير مباشرة بتلطخ يديك بدماء شهداء حمام الشط و دماء أبو جهاد. إن خانتك ذاكرتك نذكرك برتبك الوظيفية الأمنية منها و الحكومية الجد متقدمة و الحساسة في تلك الفترة . إن هذا لا يتطلب منا عناء ذهنيا و معلوماتيا كبيرا لإدراك تورطك شخصيا في جريمتك العظمى في حق نضالات الشعب الفلسطيني بل إنك تماديت في خياناتك بقبولك فتح أول مكتب علاقات صهيوني ببلادنا وإبرام اتفاقات تجارية في كنف السرية التامة دون استشارة الشعب التونسي. وهذا يعد خرق للدستور لكون مثل هذه الإتفاقات لها مساس بأمن ووجود الدولة التونسية أنسيت أن إسرائيل دولة عنصرية توسعية؟ عفوا نسيت أنك متخرج من « سان سير » . ثم بعد هذا و دونه من الساهر علي ضمان أمن الجاليات الإسرائيلية المتدفقة بالآلاف سنويا علي بلادنا؟ من الذي يجند بصفة قارة و عرضية فرق الحراسة الخاصة لمقرات ومنازل العديد من المسؤولين الإسرائيليين من أصل تونسي علي تفقة المواطن التونسي الكادح ؟ من الذي يؤمن نقل تلك الجاليات لبلادنا و يسمح بوضع العلم الإسرائيلي بشباك قيادة الطائرة التونسية و هي رابضة في مطار تونس قرطاج الدولي ، على تراب السيادة التونسية ؟ من الذي اختار شركاء له في مشاريعه التجارية الخاصة يهودا من ذوي جنسيات غربية عرفوا بولائهم ودعمهم المالي اللامشروط للكيان الصهيوني بتمويلهم القار للآلة الحربية الإسرائيلية المستعملة لإبادة الشعب الفلسطيني؟؟؟ سليم بقة ؟؟؟ قطعا لا لأن الموساد لم ولن يجد شخصا له المؤهلات و الكفاءة في مجال العمالة غيرك أنت بالله عليك هل تخال الفلسطينيين أغبياء إلي درجة غبائك , هم الذين تضلعوا في مجال المقاومة و المخابرات؟ طبعا لا . و في المدة الأخيرة عممت أسلوبك في التخوين و العمالة لتشمل خصومك السياسيين المباشرين الذين لعبوا مؤخرا دورا بارزا في فضح أسلوب حكمك وعدم احترامك لإلتزاماتك الدولية لدى حلفائك الإستراتيجيين خاصة الولايات المتحدة و الإتحاد الأوروبي و فرنسا. فقد أعلنت عن اكتشافك لعصابة متكونة من بعض رموز المعارضة الحرة و النزيهة المتكونة من أحمد بن نور سهام بن سدرين كمال الجندوبي يترأس قائمتها كالعادة دابتك السوداء سليم بقة, و » المنخرطين » حسب زعمك في مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني المتضمن تقويض المقاومة الفلسطينية والقضاء على المحور الشيعي بالمنطقة بزعامة حزب الله!! فعلا، أمام فشلك في إبقاع الفلسطينيين في فخك وسعت مؤخرا في الرقعة الجغرافية لمخططك العقيم و الساذج لتحدث البلبلة لدى الجالية العربية بأروبا من خلال أعمدة صحافتك البالية .. هنا تظهر بصفة جلية وواضحة نباهتك و نباهة مستشاريك !! يالعبقريتك أنت الوحيد من دون بقية الأطراف المعنية كالسلطة الفلسطينية و حزب الله و الحكومة اللبنانية التي تملك من وسائل النضال العسكري و اللوجستي ما يغنيها عن خدماتك الرديئة , تفطنت لوجود هذه العصابة !!! لكونك متخرج من « سان سير » فإن هذا لن يخفي جهلك الكبير بأمور جد أساسية لها علاقة وطيدة بنضالات شعوب الشرق الأوسط و ما اكتسبته من خبرات جراء ويلات الحروب فأين أنت من كل هذا ؟ أردت أن تخلق الحدث و الحال أن الأحداث قد تجاوزتك منذ أول يوم من عهدك الرديئ المبني علي شعارك الأساسي ألا وهو » الخيانة »و استلاب أموال الشعب وهتك أعراض أبنائه ألست هنا بموضع » الخائن للأمانة » ؟ الأدهى و الأمر أن أسلوبك الأخير ينم عن ضعف دبلوماسي فادح ميزته الأساسية إنعدام بعد النظر. كيف لا وقد قمت بالتحريض على التصفية الجسدية للعناصرالبارزة في المعارضة على تراب سيادة بلدان صديقة إحتضنت و ملزمة قانونا بحماية من قمت بتشريدهم و حرمانهم من حقهم الأساسي في المواطنة و هي أبسط الحقوق الأصلية التي حفظتها العهود و المواثيق الدولية . كيف تسمح لنفسك ببث دعاية خطيرة مفادها » إتخاذ الفصائل الفلسطينية قرارها بتتبع وتصفية كل العملاء أعداء القضية الفلسطينية داخل و خارج فلسطين والحال أن المقاومة الفلسطينية لازالت تعاني من تهمة الإرهاب الدولي , ألست هنا بموضع الخائن للقضية ؟ لقد أثبت بهذا حرصك على ضرب الحركة التحررية الفلسطينية بإظهار فصائلها في ثوب » الإرهابيين الدوليين » كما أثبت مساهمتك الفعلية و العلنية في تطبيق المشروع الصهيوني الذي نسبته لخصومك المحليين . كما تبين بالكاشف تحريضك للفصائل الفلسطينيةعلى الإرهاب الدولي وهذا في حد ذاته يعد جريمة لقانون الإرهاب يستوجب التتبع ( إن مآل الشكايات ضد صاحب الجريدة المقدمة من قبل من اتهمتهم بالعمالة ستكون بمثابة الإجابة على موقفنا هذا بالسلب أو الإيجاب ) . نعم إنك المستفيد الأساسي من تحريضك للفصائل الفلسطينية على الإرهاب الدولي كي تبقي على حضوض استمرار بقائك في السلطة باسم » الحرب ضد الإرهاب » !! من جهة أخرى ، منذ متى تغتاظ من المشاريع الهادفة لضرب حزب الله كأمتداد للحلف الإراني السوري بالمنطقة . إنك بهذا تكشف الغطاء عن مغازلتك لإيران التي شرعت فيها عمليا وسريا منذ فترة ليست بالبعيدة بحثا عن مخرج للمأزق الذي أنت فيه الآن للتنصل من وعودك للدول الغربية المتمثلة أساسا في الإعتراف بإسرائيل بعد الإنتخابات، وهو ما يفسرتغاضي الدول العظمى عن جرائمك في مجال الحريات و حقوق الإنسان طوال تلك المدة . هنا تجد تفسك في وضع لا تحسد عليه : وضع » الخائن لحلفائه » !! كل هذا لا يمنعنا من الإقرار بوجود نقطة إيجابية وحيدة من خلال حملتك العشوائية بحشرك لعديد الرموز من خصومك السياسيين في صف العمالة و الحال أن أغلبهم لا توجد بينهم أي رابطة لا من الناحية الجغرافية و لاالموضوعية و لا حتى الذاتية .و هذا لا نجد له إلا تفسيرا موضوعيا وحيدا و هو إعترافك الضمني وعن لاوعي أن مايجمعهم هو إختلا فهم معك في أسلوب حكمك ورفضهم لدكتاتوريتك . نعم جميعهم قالوا ولا يزالو يقولون لك بكل ما للكلمة من جرءة و بصوت عالي : لا لا لا و ألف لا … وكفى » عاش من عرف قدرو »
Issam et Fatma Hechaïchi
الحل بأيدينا فهل سنفوت الفرصة لتبقى الطريق سالكة لزمرة عبد السلام جراد وعلي بن رمضان؟
البيروقراطية ترتب أمورها وتحضر للانقلاب على قانون الدورتين. والأجراء يمولون جهاز البيروقراطية الفاسد بالمليارات ولا يدرُون بعدُ أن مهمة هذا الجهاز ليست إلا تلجيمهم وترويضهم لصالح الأعراف الرأسماليين والدولة… والهياكل النقابية وخصوصا تلك التي تدّعي الديمقراطية والدفاع عن الإتحاد وعن الحركة النقابية…إلخ متشبثة بتلابيب البيروقراطية ومنغمسة في تصريف شؤونها في ماراطون الصراع على المواقع والتخليد فيها. أنظر على مقربة من نفس المكتب الذي أصدر العقوبات في حق مناضلي صفاقس تنعقد هيئة إدارية لأكبر قطاع في الإتحاد [التعليم الأساسي] وها هو أمرالإنتهاكات والتجاوزات التي أتتها لجنة النظام في حق نقابيي صفاقس وغيرهم يمر وكأنه لا يعنيها والأغرب أن البعض يدفع من داخل هذه الهيئة إلى إذابة الجليد مع الجهاز التنفيذي البيروقراطي. [ترى أين يرون هذا الجليد؟ وهل من مهمات بعض ممثلي الجهات الدفع لإذابته حتى إن وجد؟ وهل هذا هو الموقف الذي كلفوا بتبليغه من قبل من انتخبهم لهذه المسؤولية؟]. أليس هذا الواقع مثالا صارخا على أن البيروقراطية أصبحت فعلا طليقة الأيدي بوجود مثل هؤلاء الأذناب في سلطات القرار. وهي لذلك تفعل ما تشاء دون خوف من أية ردة فعل أو معارضة فاعلة. الحل! الحل هو في أنه لابد من تكتيل الجهود من أجل ممارسة نضالية موحدة وميدانية تفرض على البيروقراطية التراجع وتكون منطلقا للتقدم في النضال من أجل تحقيق مهام أكبر تحت عنوان واضح لا لبس فيه: ليرحل هؤلاء الفاسدون. ولنتصدى لكل التجاوزات التي تحصل في حق النقابيين المناضلين. ولنعمل لإفشال كل المناورات والانتهاكات التي يمهّد بها الجهاز التنفيذي البيروقراطي الفاسد للتراجع عن قرار الدورتين. نعم نقول هذا لأننا مازلنا نعتقد أنه مازال هناك من النقابيين الكفاحيين في داخل الإتحاد العام التونسي للشغل من لم تستوعبهم آلة البيروقراطية النقابية وأن هؤلاء بمقدورهم لعب دور مهمّ في نسج خيوط هذا الحل. إن على هؤلاء اليوم الالتقاء والتشكل كنواة أولى لتيار نقابي كفاحي من أجل بلورة أرضية عمل نقابي مناضل. إن تكتل هؤلاء النقابيين أصبح اليوم ضرورة ملحة يفرضها الواقع ومهمة لابد من إنجازها للدفاع عن استقلالية الحركة النقابية في وجه الانتهاكات البيروقراطية المتواصلة. إن الحل الذي ننادي به ممكن برغم كل الظروف لو يتحقق شرط وجوده الأول: التشكل كنواة أولى لتيار نقابي كفاحي على قاعدة أرضية نقابية معارضة مستقلة ومناضلة .إنها مسؤولية ما تبقى من نقابيين مناضلين ومستقلين. هذا هو الحل فهل نقدر على فرضه أم ترانا سنفوت الفرصة لتبقى الطريق سالكة لأعداء العمل النقابي المستقل الديمقراطي والمناضل زمرة عبد السلام جراد وعلي بن رمضان وكل الواقفين في ظلهم والمتمسحين على عتبات مكاتبهم. ــــــــــــــــــــــــــــ بشير الحامدي 04 ديسمبر 2009
طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة
الخميس 3 ديسمبر 2009 العدد العاشر – السنة الرابعة –
محاكمة الطلبة المعتقلين في أحداث مبيت منوبة : تأجيل القضية إلى يوم 14 ديسمبر … تم يوم الإثنين 30 نوفمبر 2009 عرض الطلبة الموقوفين على المحكمة الإبتدائية بمنوبة وسط حضور بوليسي كثيف حيث قامت أعداد كبيرة منهم بالزي المدني و بالزي الرسمي بتطويق المحكمة لمنع أهالي الموقوفين و النشطاء الحقوقيين من حضور الجلسة مما تسبّب في حصول عدد من المناوشات … و قد رافع في القضية أكثر من 20 محامي أكدوا خلال تدخلاتهم على الطبيعة الكيدية للتهم الملفقة ضد الطلبة بسبب نشاطهم النقابي في حين تمسّك الطلبة الموقوفين ببراءتهم مشيرين إلى أن إمضاءهم على المحاضر تم تحت التهديد بالتعذيب و الإعتداء الجنسي و أكدوا على حقهم في ممارسة الحق النقابي و السياسي داخل المؤسسات الجامعية ….. و بعد مطالبة المحامين بـتأجيل الجلسة لتحضير وسائل الدفاع تم تأجيل النظر في القضية إلى يوم 14 ديسمبر 2009
قابـــس : طالب مفقـــــود ….. تشعر عائلة الطالب اسكنــدر بوجدعـــة بقلق شديد بسبب فقدانها لأي أثر لابنها الذي غاب عن الأنظار منذ يوم الخميس 19 نوفمبر 2009 حيث تؤكد مصادر طلابية بأنه تم اعتقاله بمدينة قابس و اقتياده إلى جهة مجهولة و الطالب المذكور أصيل منطقة العمرة بجهة سيدي مخلوف من ولاية مدنين و يدرس بالسنة الثانية إعلامية بمدينة قابس
تونـــس : محاكمة سبعـــة طلبــة …. مثل يوم الإربعاء 2 ديسمبر 2009 سبعة طلبة أمام الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي الأسعد الشماخي بتهمة » عقد اجتماع غير مرخص فيه » في القضية رقم 27628 و قد حضر للدفاع عنهم كل من الأساتذة راضية النصراوي و أحمد الصدّيق و سمير ديلو و بولبابة غومة الذين أكدوا انتفاء التهمة الموجهة إلى منوبيهم …. و الطلبة المحالون على المحاكمة هم : عبد الرحمان البنّاني و صلاح الدين ونّاس و وليد الزياني و وجدي الأسمر و شرف الدين بن بلقاسم و الناصر الجمعاوي و محمد بن عربية و قد تضمن ملف التحقيق مع هؤلاء الطلبة أسئلة حول متابعتهم للقنوات الفضائية المتخصصة في البرامج الدينية مثل قنوات » إقرأ » و » الناس » و » المجد » و ….
نابــــــل : اعتقال الطالب المنجي بن عبد اللّه ….. قام البوليس السياسي يوم الثلاثاء 1 ديسمبر 2009 باحتجاز الطالب المنجي بن عبد اللّه في مقر فرقة الإرشاد السياسي بنابــل بعد أن قاموا باقتحام منزل عائلته بدون إذن من وكيل الجمهورية في خرق فاضح للقانون و صادروا حاسوبه الشخصي و هاتفه الجوّال و بعض الكتب و الأقراص المضغوطة … و كان الطالب المذكور قد توجه من تلقاء نفسه إلى مقر فرقة الإرشاد بمنطقة الصفصاف بنابل و لم يتم إطلاق سراحه رغم الإتصالات المكثفة التي قامت بها أسرته لاستجلاء الأمر ….
لجنة مساندة مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس : عريضــــة عالميــة …. قامت لجنة مساندة مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس بإصدار عريضة للتوقيع عليها في مختلف أنحاء العالم …. و قد طالبت العريضة بـــ : 1- وقف جميع التتبّعات العدلية ضد مناضلي الإتحاد 2 – إعادة إدماج الطلبة المطرودين بتمكينهم من الترسيم في الجامعات التي طردوا منها 3 – الإستجابة لجميع المطالب النقابية و البيداغوجية للطلبة 4 – وقف كامل التضييقات المفروضة على الإتحاد و تمكينه من عقد مؤتمره بكل حرية ومن العمل بكل استقلالية و لمن يرغب في الإمضاء على العريضة يمكنه ذلك على البريد الإلكتروني :
Uget.petition@gmail.com الكابــــاس : الإعلان عن النتائـــــج ….. أعلنت وزارة التربية و التكوين عن نتائج الجزء الأول من الإختبارات الكتابية لمناظرة » الكاباس » التي يمكن للمترشحين الحصول عليها على الموقع الإلكتروني للشبكة التربوية :
www.edunet.tn و يتعين على الناجحين سحب استدعاءاتهم من الموقع المذكور أما الجزء الثاني من الإختبارات الكتابية فسيتم إجراؤه يوم الأحد 13 ديسمبر 2009
إنفلونـــزا الخنازيـــر : التعتيم الإعلامـــي …. إثر عطلة عيد الإضحى التزمت أغلب وسائل الإعلام الرسمية و الخاصة الصمت المطبق فيما يتعلق بانتشار وباء إنفلونزا الخنازير و ذلك في الوقت الذي يتناقل فيه الجميع أخبار تفشي الوباء بشكل كبير حيث لم يكفّ إقبال المواطنين بكثافة على المستشفيات و المستوصفات و العيادات الخاصة و ذلك بالرغم من النداءات المتكررة لمسؤولي وزارة الصحة للعموم بالتزام الأشخاص المصابين لبيوتهم و من جملة التوصيات التنبيه بشدة على النساء الحوامل بالإتصال بالهاتف فقط عند الضرورة و عدم الذهاب إلى المستشفيات …. و حتى الأرقام التي تم نشرها فهي بعيدة جدا عن الواقع فالإصابات أصبحت بالآلاف وليس 800 كما ذكرت الوزارة أما الوفيات فهي بالعشرات و ليس 4 … كما تتابع غلق المؤسسات التعليمية بعد عطلة عيد الإضحى و خاصة في تونس الكبرى و صفاقس و سوسة ( مدرسة ابن شرف بحي الرياض – مدرسة بالقلعة الكبرى – مدرسة بكندار …. ) …..
منظومة إمد و الفشـــل الدراســـي : خلال الندوة التي نظمتها الجامعة العامة للتعليم العالي و البحث العلمي يوم الإربعاء 2 ديسمبر 2009 بجامعة المنار بالعاصمة لتقييم منظومة » إمد » و شارك فيها أساتذة جامعيون و أخصائيون من المغرب و الجزائر و فرنسا أكد الجامعي الفرنسي جاك دوقوي أن منظومة » إمد » تعرف صعوبات عديدة و متنوعة في فرنسا بحيث أدت إلى فشل 52 في المائة من الطلبة المنضوين تحتها في سنتهم الأولى كما أنها ما زالت تشكو من عدم وضوح التقسيم على مستوى الإختصاصات و نفس الملاحظات يمكن إدراجها بالنسبة للتجربتين المغربية التي انطلقت منذ سنتين و الجزائرية التي مر عليها إلى حد الآن خمس سنوات ….
مناظرات إعادة التوجيه الجامعي …. دورة مارس 2009 : قررت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي أن يكون آخر أجل للترسيم لمناظرات إعادة التوجيه الجامعي سيكون يوم الثلاثاء 15 ديسمبر 2009 …. و يشترط في المتقدّم لهذه المناظرة أن يكون مسجّلا فعليا بإحدى مؤسسات التعليم العالي خلال السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 أو قام بعملية التسجيل الجامعي عن بعد و تهمّ هذه المناظرة الطلبة الجدد و المستمرّين لسنة واحدة ( حاملي باكالوريا 2008 و 2009 )
ما بين منع المآذن في سويســرا و غلق المساجد في تونــس : صوّت الناخبون في سويسرا في الإستفتاء الذي تم يوم الأحد 29 نوفمبر 2009 لصالح منع تشييد المآذن في المساجد مستقبلا وهي النتيجة التي أثارت زوبعة كبيرة من ردود الأفعال المختلفة في جميع أنحاء العالم أغلبها كان مندّدا بنتيجة الإستفتاء و توجّس المسلمون – خاصة في أوروبا – من موجة عنصرية جديدة قد تسبّب متاعب كبيرة لجالية يتجاوز عددها الــ 50 مليون ما بين شرق أوروبا ( 35 مليون ) و غربها ( 15 مليون ) و يأتي ذلك في وقت لم يتعاف المسلمون فيه تماما من آثار أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 … و لكن نظرة خاطفة لواقع المساجد في تونس تبين الأوضاع الصعبة التي تعيشها و خاصة في المؤسسات الجامعية حيث تم غلق جميع المساجد و » المصلّيات » منذ سنة 1991 خلال الهجمة الشرسة على حركة النهضة بل وصل الأمرإلى حد غلق مسجد المركب الجامعي الذي كانت تقام فيه صلاة الجمعة إضافة إلى الصلوات الخمس إلى حدود شهرجويلية 2002 و قد تسبب كل ذلك في حرمان الطلبة من أداء صلواتهم – و خاصة الظهر و العصر و المغرب – في أوقاتها بسبب عدم وجود أماكن مخصصة لذلك و بعد المسافة بين المساجد و المؤسسات الجامعية التي شيّد أغلبها و خاصة الجديدة منها – عمدا – خارج مناطق العمران و بعيدا عن الكثافة السكانية …..
محاكمة الطالب المعتدي على الأستاذ الجامعي خـــالد بوجـــلال : نظرت الدائرة الجناحية بالمحكمة الإبتدائية بتونس في بداية هذا الأسبوع في القضية المنشورة ضد الطالب الذي اعتدى على أستاذه يوم الإثنين 2 نوفمبر 2009 بكلية العلوم بتونس بسبب حصوله على 0,5 من 20 في مادة الكيمياء و قد رافع عن المتهم الأستاذ منصور السويبقي الذي أكد أن منوّبه يعاني من مرض نفسي و عصبي مزمن ناتج عن حرمانه من مواصلة الدراسة بالخارج إثر حصوله على معدل ممتاز في الباكالوريا حيث نجح في دورة جوان 2005 بمعدل 18,25 من 20 و أن ما أتاه من فعل تجاه أستاذه – رغم أنه لا يمكن تبريره من حيث المبدأ – لم يكن صادرا عن قناعة و تمييز و قصد بل كان نتيجة مباشرة للوضع النفسي المتردي الذي كان يعاني منه و طالب في الأخير بعرضه على الفحص الطبي لتبيان مدى تحمله المسؤولية الجزائية من عدمها كما طالب بالإفراج المؤقت عنه …. و قد أجلت المحكمة النظر في القضية إلى وقت لاحق للبت في مطالب الدفاع و من المعلوم أن الطالب المذكور يدرس بالسنة الثالثة بكلية العلوم بتونس وهو أصيل الجنوب التونسي و ينحدر من عائلة تعيش ظروفا مادية صعبة و قد تقدم – إثر فعلته – بالإعتذار لأستاذه طالبا منه العفو ….
مقرين : لاعب كرة قدم مشهور يعتدي على طالب …. حدث خلال الأيام الأخيرة من شهرنوفمبر حادث اصطدام بين سيارة كان يقودها طالب – عمره 23 سنة – في طريق عودته إلى منزل والديه بجهة مقرين – جنوب العاصمة – فاصطدمت بسيارة شاب ثان و أعقب ذالك مناوشة كلامية كان يمكن أن تنتهي بسلام إلا أن الطالب فوجئ بشخص – وهو لاعب مشهور بفريق كبير بالعاصمة – يتوجه نحوه و يسدّد له لكمة قوية … و قد تدخل عدد من الحاضرين لفض النزاع و لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث عاد اللاعب المذكور بسرعة إلى مكان الحادثة على متن سيارة كبيرة الحجم مصحوبا بشخصين آخرين كان أحدهما يحمل » شاقورا » و أشبعوا الطالب لكما و ركلا و أصيب في فخذه بضربة من الشاقور … و قد تقدم الطالب المعتدى عليه بشكاية ضد اللاعب المذكور و شريكيه وتولت النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية ببن عروس النظر في القضية للبتّ فيها ….
و في الختام : » من نشأ في الإستعباد يشبه من اعتاد شرب السّموم فلا يؤثّر فيه لدغ الثعابين ، أو يشبه أهل المناطق الإسكندنافية العليا فمن ولد في الظلام لأشهر طويلة يفاجأ بسطوع ضوء الشمس و يظن كما يحصل لحيوان » الخلد » أن الظلام هو أصل الأشياء »
هبوط اضطرارى لطائرة ركاب تونسية بمطار القاهرة
أنقذت العناية الإلهية 265 من الحجاج التونسيين من النجاة من كارثة سقوط الطائرة التى كانت تقلهم فى الرحلة رقم 714 بعد أن تحطم زجاج أحد النافذ بالكبينة الخاصة بالطائرة وتأثرها بالضغط الجوى داخلها. واضطر قائد الطائرة التونسية للهبوط اضطراريا بمطار القاهرة الدولى عقب تحطم زجاج كابينة القيادة أثناء رحلته القادمة من جدة ومتجهه لتونس ، وتلقى برج المراقبة بمطار القاهرة استغاثة من قائد الطائرة أثناء عبوره بالمجال الجوى المصرى تفيد بضرورة الهبوط الاضطرارى. وهبطت الطائرة بالمطار وتم إنزال جميع الركاب واستضافتهم بصالة الترانزيت حتى يتم إصلاح الطائرة. (المصدر: جريدة اليوم السابع المصرية بتاريخ 6 ديسمبر 2009)
الرجال والنساء في مهب الغرائز والاغراء: التحرّش الجنسي يمزّق حاجز المحظور
تونس ـ الصباح بعد أن تعذر ايجاد احصائيات رسمية في خصوص التحرش الجنسي في تونس، وبعد أن استجوبنا خمسين امرأة تونسية من فئات عمرية ومستويات تعليمية ومن جهات مختلفة، وبعد طرح السؤال: « هل تعرضت للتحرش الجنسي؟ وكيف كان ذلك؟ » كانت النتيجة مقلقة ومفاجأة الى الحدّ الذي جعلنا نفتح ملف التحرش الجنسي الذي أصبح ـ والكلمة لاغلبية المستجوبات ـ احد « كوابيس » المرأة العاملة منها، والطالبة الجامعية، يحضر يوميا في حياتها وبشكل مؤذ، رغم القانون الذي يجرمه والذي تم سنه خلال السنوات القليلة الماضية لردع المتحرشين بها وحمايتها من هذا الاعتداء الذي غالبا ما يكون خفيا، إذ أن 48 امرأة صرّحن بأنهن تعرضن للتحرش الجنسي، ومنهن من كانت ضحية للتحرش في عديد المرّات، وبطرق تختلف في حدّتها وظروفها، لكن لها نفس الوقع ونفس النتائج. ولان كان عدد قضايا التحرش الجنسي كبيرا ومفزعا، تجدر الاشارة إلى أن ما يتم الابلاغ عنه إلى السلطات المختصة لا يتجاوز نسبة ضئيلة مقارنة بالحالات الحقيقية نتيجة حالة السرية والصمت التي تحيط بهذا النوع من الاعتداء وهو ما يؤكّد أنّ الارقام والاحصائيات لا تمثل إلا جانباً بسيطاً من تلك المعاناة التي تعيشها المرأة العاملة في العالم اليوم. خوف وصدمة ولعل سبب ذلك هو حساسية الموضوع، وأن كثيرا من ضحايا التحرش يخفن من الفضيحة وتلويث السمعة، اذ أن أصابع الاتهام ستشير اليها بالدرجة الاولى، لذلك فهي تفتقد الجرأة والشجاعة في التحدث عن معاناتها، فتظل التجربة السلبية راسخة في ذهنها، تاركة ترسبات وآثارا نفسية عميقة، قد لا يحمد عقباها لخصها طبيب وأستاذ مختص في علم النفس بقوله « في حال كانت المرأة، الطالبة أو العاملة، ذات شخصية هشة غير متماسكة أو ضعيفة فسيؤثر عليها ذلك كثيرا مستقبلا، وقد يصل الامر بها الى رفض الروابط الزوجية لانها سترى في ظل الرجل صورة سلبية مماثلة لصورة الرجل الذي تحرش بها، حتى وإن استطاعت تكوين أسرة فقد لا ينفع معها تغيير المكان، أي أن تغيير الوضعية لن يؤدي بها الى تغيير فكرتها وانطباعها. وإذا وقعت المرأة في شباك المتحرش بها، واستطاع التلاعب بها فقد يتعدى الاثر إلى المنزل، فتتغير معاملتها مع زوجها نتيجة للعلاقة الجديدة، وقد تتفاقم لتصل إلى الطلاق لتعيش مع من قوض حياتها سعياً وراء السراب!! وترك المرأة العمل نهائيا من أبرز آثار التحرش. ويوضح الدكتور في هذا الصدد: « تفضل الكثيرات العودة الى منازلهن بعد تعرضهن للتحرش ». وهناك أثر بالغ على سير العمل وقوته، فالقبول لن يكون على أساس الكفاءة والمؤهلات، بل هناك عناصر جديدة في أولوية التوظيف، فالجمال وحسن المظهر هما أهم الصفات المطلوبة في المتقدمة عند المصاب بهذا المسلك المشين، فضلا عن المحسوبية في الاداء الوظيفي فيما بعد، مما يؤثر سلبا على سير العمل ». العارض والمتكرر وعن القائم بالتحرش قال الدكتور: « قد يكون المتحرش من النوع السادي الذي لا يستمتع بالعلاقات الجنسية العادية، وإنما يسعده أن يأخذ ما يريده من الطرف الاخر بقدر من العنف والاجبار والقهر، وهو نموذج مرضي ومضطرب. والتحرش لا يقتصر عليه بل يمكن أن يحدث من أشخاص عاديين في ظروف تشجعهم على ذلك، وهذا ما نسميه « التحرش العرضي » أو » التحرش الموقفي »، بمعنى أنه سلوك عارض في حياة الشخص أو سلوك ارتبط بموقف معين وليس بالضرورة أن يتكرر، على عكس التحرش المرضي الذي فيه فرصة للتكرار لان وراءه دوافع متجددة تدفع الشخص للتورط فيه من حين الى آخر وهو النوع الاخطر الذي لا رادع له سوى القانون. وكون التحرش مدفوع باضطرابات مرضية لا يعفي صاحبه من المسؤولية كما قد يظن البعض أو يتخوف، وإنما ربما يفسر لنا ما يحدث وينبهنا لامكانية تكرار حدوثه، وربما فقط يخفف العقوبة في بعض الظروف الخاصة جدّا. قلق وغضب هناك آثار سريعة تظهر مباشرة أثناء حالة التحرش وتستمر بعدها لعدة أيام أو أسابيع وتتلخص فى حالة من الخوف والقلق وفقد الثقة بالذات وبالاخرين وشعور بالغضب من الاخرين وأحيانًا شعور بالذنب. والشعور بالذنب هنا يأتي من كون المرأة حين تتعرض للتحرش كثيرا ما تتوجه لنفسها باللوم وأحيانا الاتهام، ولسان حالها يقول لها: « ماذا فعلت لكي يفكر هذا الشخص فى التحرش بك؟ يبدو أن فيك شيئا شجع هذا الشخص على أن يفعل ما فعل. يبدو أنك فعلا سيئة الخلق وعديمة الكرامة. لماذا طمع فيك أنت بالذات؟ إنه يظن أنك من أولئك النساء الساقطات. هل يكون قد سمع عنك ما شجعه على ذلك؟؟ ». وهناك آثار تظهر على المدى الطويل وتتمثل فيما نسميه بكرب ما بعد الصدمة، خاصة إذا كان التحرش قد تم فى ظروف أحاط بها قدر كبير من الخوف والتهديد للشرف أو للكرامة أو لحياة الضحية وسلامتها، وهنا تتكون ذاكرة مرضية تستدعي الحدث في أحلام اليقظة أو في المنام، وكأنه يتكرر مرات كثيرة كما يحدث اضطرابا نفسيا وفسزيولوجيا عند مواجهة شيء يذكر الضحية بالحدث، ويتم تفادي أي شيء له علاقة بالحدث، ويؤدى ذلك إلى حالة دائمة من الخوف والانكماش والتردد وسرعة التأثر. كما أن الضحية تفقد قدرتها على الاقتراب من رجل، وإذا تزوجت فإنها تخشى العلاقة الحميمة مع زوجها لانها تثير لديها مشاعر متناقضة ومؤلمة. هذا ما شرحه الطبيب النفسي، وعن الحلول قال « على الضحية أن لا تلوم نفسها أو الظروف، فالتحرش الجنسي هو جذب انتباه جنسي مفروض عليها دون أدنى ذنب منها وأن تحاول إيجاد منفذ قانوني للشكوى. الاقتصاص وأن واصل المتحرّش أفعاله الدنيئة والتي قد تتمثل في النظرة الخبيثة أو ذات المعنى للانثى، بينما تمر أمام الشخص أو التلفظ بألفاظ ذات معنى جنسي أو تعليق صور جنسية أو تعليقات جنسية في مكان يعرف الشخص أنها سوف ترى هذه الاشياء أو لمس الجسد. يجب حينها مواجهة المتحرش والاعلان بوضوح وصراحة ودون أدنى مواربة أنها ليست سعيدة بهذه التلميحات، وأنها لم ولن يكون لها أي شغف أو رغبة في إقامة علاقة من أي نوع مع المتحرش. والحل الاكثر جدوى كما يقول الدكتور هو أن تقتص المتحرَّش بها من المتحرِّش عن طريق القانون. كما ظهر من النتائج أن ثلث النساء اللاتي تعرضن للتحرش لم يقمن بخطوات الحل؛ بسبب الخوف من التنكيل أو الخجل. والبقية اللاتي قررن استرداد حقوقهن المعنوية يحميهن القانون وينصفهن حتى لو تعذّر الاثبات القطعي، ذلك أن القائم بالتحرش لا يمكن أن يرتكب جريمته على مرأى من الناس. إثبات الجريمة التحرش الجنسي انتهاك لحرمة المرأة الجسديّة والمعنويّة ولذلك جرّمه القانون التونسي ويعرف الفصل 226 ثالثا من المجلّة الجزائية مفهوم التحرّش الجنسي بـ »الامعان في مضايقة الغير بتكرار أفعال وأقوال وإشارات من شانها أن تنال من كرامته أو تخدش حياءه وذلك بغاية حمله على الاستجابة لرغباته او رغبات غيره الجنسيّة أو ممارسة ضغوط عليه من شانها إضعاف إرادته على التصدي لتلك الرغبات ». والتعريف القانوني للتحرش الجنسي واسع النطاق ولكنه في نفس الوقت يحدد معايير ضرورية لاثبات الجريمة وهي كما عددها المحامي ادريس بن حسين: « التكرار في المضايقة والتصرف بالافعال والاقوال وحتى الاشارات والغاية الجنسية لاشباع رغبة الشخص متعمّد التحرش أو رغبة الغير. ويعتبر التحرش الجنسي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن لمدة سنة أو بخطيّة تصل إلى ثلاثة آلاف دينار ». وعن إمكانية إثبات التحرش أورد بن حسين أنه « يتم عادة الرجوع إلى وسائل الاثبات العامة في المادة الجزائية من شهادة شهود واعتراف وغيره، إلا أن هذه المسالة تطرح إشكالية على مستوى صعوبة الاثبات وذلك في صورة وقوع التحرش الجنسي بالاقوال. ففي هذه الحالات يمكن الالتجاء إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة من تصوير وتسجيل صوتي، ويبقى الامر خاضعا لاقتناع وجدان المحكمة في كل الاحوال ». إن إثبات حدوث التحرش من أصعب الامور على المرأة، فعند سؤال احدى النساء اللواتى قمنا باستجوابهن وصديقتها فيما إذا كانتا تعلمان أن القانون يمنع التحرش الجنسي ويعاقب عليه، أبديتا استغرابهما قائلتين: « هل أستطيع أن أقاضيه؟! » وبعد إخبارهما بأن القانون الجنائي يعاقب على التحرش، قالت نجاة: « لم يكن في علمي ذلك »، قبل أن تستدرك ولكن « كيف أستطيع أن اثبت أن ذلك الرجل تحرش بي؟! أكد المحامي ادريس بن حسين في هذا الصدد أن الخوف من الفضيحة الاجتماعية والادانة المسبقة للضحية وراء الاحجام عن الابلاغ عن العديد من حوادث التحرش. في الاغلب تمر حالات المضايقة الجنسية دون شكوى من الضحية لشعورها بالحرج. وفي الاحيان الاخرى يكون السبب عدم معرفة المضايق لكونه ارتكب ما ارتكب في الزحام أو بسرعة ثم هرب من المكان ». الوجه الاخر لا بدّ من أن للمتحرّش أسبابا اجتماعيّة لقيامه بالتحرش، هذا الفعل الذي لا مبرر له وقد لخصّها السيد فتحي جراي أستاذ مختص في علم الاجتماع بما يلي: « التبني المجتمعي لثقافة « الوصم » ما يجعل العبء ملقى بشكل دائم علي المرأة، إضافة إلي تبني ثقافة التكتم والتعتيم وغياب الوعي العام بعناصر الجسد وكيفية التعامل معها أو غياب التربية الجنسية وكذلك حالة الازدحام بما يسمح باختراق خصوصيات الاخرين، وانتشار حالات الاقتراب غير المحسوب بين الجنسين في الاماكن العامة والوجود غير المنضبط في بعض منها كالجامعات، إضافة إلى العشوائيات التي تمثل بيئة أساسية لانتشار مثل هذه الظاهرة، وضغط المثيرات الجنسية وانتشار البطالة والفقر وتدهور القيم الدينية وانتشار القنوات الاباحية والملابس الفاضحة. الشكوى الاكثر شيوعا بين بنات حوّاء هي تحرش الرجال بهن، ولكن للتحرّش وجه آخر، فقد لا تكون صاحبة الشكوى بريئة لا حول لها ولا قوة، إذ أن هناك نساء يدفعن الرجال ويشجّعنهم على التحرّش بهن وإن لم يقصدن ذلك. فهل يجب أن ندين الرجل دائما؟ … وأوتار الغرائز التقينا بين أروقة أحد المركبات التجارية شابا كان يراقب حركات الروّاد في ازدراء وحذر واضحين، فقررنا أن نقطع صمته وسألناه عن مدى مشاركة المرأة في تعرضها للتحرّش الجنسي … هو السيد « رمزي » الذي قال: « وهل تكتفي المرأة بالمشاركة؟ إن مجرّد جولة بين أروقة هذا المركب تعطي إجابة شافية وكافية عن السؤال، العطر الصارخ الذي يستخدمنه يشق أرجاء المكان، الجسد المكتنز في « سروال دجين » و »البودي » الذي يظهر أكثر مما يخفي، الكعب العالي الذي يعزف على أوتار الغرائز ويجعل الحواس تختلط والافكار تتزاحم، اللّفتات، الضحكات، الوجوه الملطّخة بألوان أعرفها وأخرى لا أعرفها، كلّها حبال تقود الرجل من عنقه نحو الخطيئة فيرتكبها دون وعي منه. كيف نتهم الرجل إذن بعد كلّ ما ذكرت؟ ومن أين لي القوة لاصمد أمام « الايحـاءات المباشرة وغير المباشرة التي قد أتلقّاها من إمرأة فأعجز عن رفضها؟ » إختار « أحمد » أن يستهل كلامه بتنهدات جياشة: « التحرّش الجنسي خرج أخيرا من دائرة المحرمات والخطوط الحمراء »، وأفاد أنه من المهم جدّا أن نعطي لكلّ ذي حق حقّه، فلا يمكن أن نحمّل الرجل المسؤولية بأكملها، ذلك أنه حين يرى الفستان يرقص بزهو ونشوة على إيقاع الخطوات المثيرة التي تدير أعناق الرجال في غفلة منهم، تتخلّى عنه ذاكرته وتأخذه خطواته نحو صاحبة الفستان، فيمطرها بكلمات الغزل ويصدّق أنه من آخر سلالة « عمر إبن أبي ربيعة ». ولكن الفرق بينهما هو أن هذا الاخير إستمتع بالحب العذري والممنوع المرغوب وتمنّع المرأة .. في حين أن الرجل اليوم يجد كلّ شيء مباح، فسرعان ما يملّه وينفره « . » نعمة أم نقمة »؟ « الله جميل ويحبّ الجمال » هذا ما نتّفق عليه جميعا، فالجمال من أهم مقومات الحياة، ولكن للانسة « رباب » (24 سنة) رأي آخر: « وهبني الله قسطا وفيرا من الجمال، ولكن أحيانا أتمنّى لو كنت دميمة أو بشعة الخلقة لانني بصراحة ضقت ذرعا بتصرّفات كل الرجال الذين ما إن ينظروا في وجهي حتّى تفرّ الكلمات منهم فتقلقني وتجعلني أشعر بالخجل والارتباك. فهل عليّ أن أصبح متعهدة التقطيب والعبوس، فأنال النفور وبالتالي الراحة المطلوبة، أم أن أتكلس في المنزل فأتخلص من التحرش الجنسي الذي أعاني منه كل يوم إمّا من خلال تصريحات مباشرة أو كلمات مشفرة أو نظرات مريبة ومخيفة؟ كيف عليّ أن أواجه كلّ هذا فلا أسير مع القطيع ولا أميل مع الهوى السائد وحسب إتجاه الريح؟ وهل تحوّل الجمال من نعمة إلى نقمة؟. الغاية تبرر الوسيلة يبدو أن السيدة « شيراز » (32 سنة) لا تجد أي حرج في الاعتراف بأن الوظيفة قد تكون الغاية التي تبرر الوسيلة أي الاغراء، حيث سردت حكايتها قائلة » بعد تخرّجي من معهد عال للدراسات القانونية، بدأت رحلة بحثي الشاقّة عن عمل محترم يتماشى وكفاءاتي العلميّة، زرت مؤسسات عديدة لا أستطيع عدها. وذات يوم حين دخلت احدى المؤسسات اجتاحني إحساس بأنني أخيرا وجدت ضالّتي. ولمّا سلّمت ملفّ الشهادات والمعلومات الشخصية، أخذه صاحب المؤسسة بمنتهى البرود، أما عن موعد الالتحاق بالوظيفة، فقد أجابني بصوت مفتعل بالحماس وبدون أن ينطق وجهه بأي معنى. حين تلقّيت تلك الاجابة الباردة، شعرت بقشعريرة الخيبة تنسكب على قلبي، ولكن في طريق العودة إلى المنزل، طغت على سطح مخيلتي فكرة ذكيّة، نفذتها في الغد وكانت تتلخّص في ارتداء ملابس جذابة جدّا ومغرية والسماح لشعري بأن يتحلّى على ظهري فتتناثر خصلاته في دلال مكابر، وكان أحمر الشفاه السلاح الاقوى الذي جعلني أفوز بالوظيفة على الفور ». ذكرى بكاري ( المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 06 ديسمبر 2009)
لقاح أنفلونزا الخنازير: مضاعفات خطيرة لحالة واحدة فقط على مليون
تونس ـ الصباح جدل عميق يطرحه اللقاح الخاص بانفلونزا الخنازير في صفوف بعض الاوساط الاجتماعية. وبين شق مؤيد للقاح وآخر رافض له تتباين الآراء وتختلف. مسألة التعاطي مع اللقاح الخاص بانفلونزا الخنازير باتت تؤرق الكثيرين في ظل رواج بعض الافكار المسبقة التي تحوم حول مدى خطورة اعراضه. امكانية اللقاح قد يكون التقدم في السن او المعاناة من بعض الامراض المزمنة من بين الاسباب التي تدفع بالبعض في حال تستوجب حالتهم ذلك الاقدام على عملية اللقاح، فالسيدة نعيمة لا تمانع من اللقاح خاصة انها تعاني بعض الامراض المزمنة كالسكري وضغط الدم وتجد في هذا اللقاح حلا يقيها من خطر الاصابة بفيروس انفلونزا الخنازير. وتؤيدها في ذلك السيدة آمال حيث تعتبر ان اللقاح يعد وسيلة من وسائل الوقاية من هذا المرض كما انها تعرف الكثيرين ممن اقدموا عليه ولم تصبهم اعراض جانبية. غير ان هناك البعض يعترض على مسألة اللقاح لاعتقادهم في خطورة مضاعفاته الجانبية، فالسيد عادل يعتبر ان لقاح انفلونزا الخنازير تنجر عنه مضاعفات جانبية حادة تصل حد الاصابة بامراض فيروسية كالسيدا واخرى عصبية كامكانية الاصابة بالشلل. لا وجود لمضاعفات خطيرة أقاويل عديدة ومثيرة تطرح حول مضاعفات اللقاح وانعكاساته الكارثية وكلها اقاويل يفندها الدكتور الهاشمي الوزير مدير معهد باستور حيث يؤكد ان تسبب اللقاح في الشلل او في امراض فيروسية خطيرة كالسيدا لا اساس له من الصحة وكلها احاديث واقاويل مريبة هدفها التضخيم. وفي ذات السياق يؤكد الدكتور الهاشمي الوزير ان اي دواء لا يخلو من مضاعفات جانبية. وبالنسبة لامكانية تسبب لقاح انفلونزا الخنازير في مضاعفات خطيرة بين الدكتور ان الاحصائيات اثبتت احتمال وقوع ذلك بنسبة (حالة واحدة) على مليون. في ظل خضم المخاوف الناتجة عن خطر المضاعفات الناتجة عن اللقاح كان لابد من التقصي عن مدى رواج هذه اللقاحات. وفي هذا الصدد يبيّن السيد اسماعيل عبد العاطي صيدلي ان الاقبال على اللقاح المضاد لفيروس انفلونزا الخنازير يبقى محتشما مقارنة بتزايد الطلب على الكمامات والاقنعة القابلة للاستعمال مرة واحدة. وفي ذات الاتجاه تبين مصادر من وزارة الصحة العمومية ان كميات اللقاح المتوفرة في الصيدليات لا تباع الا وفقا لوصفة طبية ويذكر ان سعر اللقاح الخاص بانفلونزا الخنازير يقدر بـ12.800د. منال حرزي ـــــــــــــــ غلق مدرسة حي الحبيب 1 بصفاقس اضطر المسؤولون المشرفون على قطاعي التربية والصحة بصفاقس بعد التشاور مع المصالح المركزية إلى غلق 10 مدارس قبل عطلة عيد الاضحى منها 7 ابتدائية ظهرت فيها حالات واصابات التلاميذ بأنفلونزا الخنازير وقد ساد الاعتقاد بأن الأمور ستعود الى مجاريها بعد العيد في كامل المؤسسات إلا أنها وان تمت العملية فإنها أجبرت على غلق المدرسة الابتدائية حي الحبيب 1 يوم الثلاثاء الماضي على أن تعود إلى النشاط يوم غد الاثنين. غيابات عديدة وقد ترددت أخبار يوم أمس حول امكانية تفشي الاصابات بالمدرسة الابتدائية بالي بباب البحر فقمنا بالتحريات اللازمة واتصلنا بالمدير الجهوي للتربية والتكوين السيد سالم حرشاي الذي نفى أن تكون المدرسة قد وقع اغلاقها أو اغلاق قسمين في مستوى السنة السادسة وقال انها سجلت بعض الغيابات وأن المدرسة تخضع هي وبقية المدارس إلى رقابة طبية منظمة ومتى ظهرت اعراض المرض على أحد التلاميذ فإنه سيتم دعوة التلميذ أو التلاميذ الى ملازمة البيت ريثما يتماثلون للشفاء التام مؤكدا أن الوضع عادي ولا يبعث على القلق أو الفزع. الحبيب الصادق عبيد (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 06 ديسمبر 2009)
بسم الله الرحمان الرحيم حشيشة الفهم
يحكى أنه في زمن الأجداد البسطاء والقلوب الخالية من الحقد والضغينة كان هناك رجل يسمى « محماش » من جنوب الجزيرة.. وقد عرف فيما بعد أنه يهودي.. ومحماش في العامية هو ذاك العود الذي يحرك به الفحام الفحم أو الجمر، أو أعواد الحطب في النار، وقد اقترنت به هذه الكنية لأنه كان في صغره يوقع بين الأطفال على أبسط الأشياء، فكان يألب هذا على ذاك، ويوقع بين الإخوة أحيانا.. ببساطة كان يوقد نيران الفتنة بين الأصدقاء بسرعة مذهلة. في ذلك الوقت لم يكن هناك فرق بين المسلم وغير المسلم، لأنهم جميعا يشتركون في اللباس والفراش، والطعام والجيرة، والبيع والشراء.. وكان هناك سوق كبير وبعيد عن جهتنا، فعزم الجد عرفان والجد فهمان والجد مسموع الذهاب له لأول مرة في حياتهم، والتسوق منه إن أمكن.. حيث كانوا يسمعون عنه الكثير من القصص والأساطير، وأنه يوجد به كل شيء، حتى « حليب الغولة » كما يردد القدماء. دخل أجدادي الثلاثة ذلك السوق ليتعرفوا على بضاعته وجديده.. وكان كل فرد بما عنده من بضاعة منهمك، وكل بائعيه من تلك المنطقة، بل لا يكاد يوجد واحد من خارجها إلا ذلك اليهودي، الذي كانت عنده أكياس كثيرة بداخلها صرر وقراطيس، يقول أنها تحوي حشائش مطحونة تساعد المرء على الفهم.. وكان ينادي داخل السوق بأعلى صوته: « حشيشة الفهم.. هنا مبتغاك ياقليل الفهم.. » تحلق الناس من حوله وكل يريد أن يفهم.. ذهب أجدادي بدورهم لمعرفة الحكاية، وطلب الجد « مسموع » (كان يسمى مسموع لعلو صوته حيث كان يسمعه القريب والبعيد) من ذلك البائع أن يبيعه قرطاسا من تلك الحشيشة.. فساله: بكم قرطاس الفهم؟ أجابه البائع: بخمس مليمات! اشترى الجد مسموع القرطاس رغم غلاء سعره، ووضع كمية قليلة من ذلك المطحون بين طرفي إصبعي السبابة والإبهام، وقربها إلى أنفه واستنشق قليل منها، ثم صاح بذلك الرجل: هذا روث..! أجابه البائع: الآن فهمت يارجل!! اشتد الصياح والكلام بينهما فطلب محماش منه أن يبتاعه ذلك القرطاس! فقال له: إنه روث! أجاب: لا يهم! أشتريه منك بعشرين مليما! أعطاه القرطاس.. وأخذ منه العشرين مليم وهو رقم قياسي في أي بضاعة كانت في ذلك الوقت.. ثم أخذ الجد مسموع يجوب السوق، وهو ينادي بأن ذلك المعتوه باعه قرطاس روث بخمس مليمات، ثم ابتاعه إياه بعد ذلك بعشرين مليما.. رجع الناس يتزاحمون على ذلك البائع وكل يزيد في الثمن.. حتى وصل ثمن القرطاس الواحد عشرين مليما.. وقبل بدء عملية البيع طرح محماش عرضين لمن يريد أن يبيعه تلك الحشائش من جديد: الأولى أن يبيعها له في الحال مقابل ثلاثين مليما.. أو بعد أن يؤدي الجميع صلاة الظهر.. وفي ساحة المسجد مقابل خمسمائة مليم.. رضي الناس بالقول الثاني واشتروا منه تلك البضاعة.. وصار الجميع يحلم.. باع كل البضاعة الموجودة بحوزته وأخذ يجوب السوق ويتفرس في وجوه الناس.. متعجبا أحيانا ومستغربا تارة أخرى.. حتى سمعوا الآذان. انفض الناس وانتهى البيع وكل راح صوب المسجد لأداء الصلاة، والأهم من ذلك قبض الخمسمائة مليم بعد الصلاة.. وقف الجميع أمام المدخل الخارجي للمسجد، حيث كان يعرف كل واحد منهم عدم استطاعته دخول المسجد ومعه صرة الروث.. تركوا جميعهم تلك القراطيس خارج سور المسجد ودخلوا.. بعد الصلاة مباشرة هرعواإلى خارج المسجد لجمع صررهم فلم يجدوا شيئا.. أصابهم الهلع وارتابهم الشك بأن أحد أعوان محماش هو الذي سرق البضاعة حتى لا يستطيعون مطالبته بشيء.. لكن ليست لديهم حجة على ذلك.. خاصة أنه كان معهم داخل المسجد.. ثم هو الآن جاثم داخل البهو ينتظرهم.. ليبتاعهم تلك البضاعة.. رجعوا إليه وطلبوا منه أن ينتظر قليلا لعل بضاعتهم نقلت عن طريق الخطأ إلى مكان آخر.. صعق الجميع.. وعادوا إلى خارج السور لعلهم يجدون ما يمنحهم شيء من الصبر.. أو من يدلهم على شيء من تلك البضاعة يعوضون بها عن ما لحقهم من خسائر.. لهثوا يمنة ويسرة دون طائل.. استأذن هو في الإنصراف لأنه لا يمكن أن يبقى ينتظرهم كامل اليوم.. فكروا هم في المسألة وقتها فوجدوا أنفسهم قليلي الفهم.. بل بلا عقول.. فأخذوا يلومون أنفسهم: معقول نشتري روث بقيمة بقرة حلوب..؟!! لكن لم ينفعهم شيئا ذلك اللوم والندم. ومن ذلك التاريخ ومستويات الفهم في انحدار.. ولعل ما أوصل الحال إلى ما نحن عليه اليوم سببه محماش…!! فتحي العابد
استدراكات الشيخ القرضاوي على موضع ملاحظات الشيخ راشد
قضية تركستان الشرقية وموقفنا من الصين:
هذا، وقد أثار أخونا الباحث المفكِّر المسلم المعروف الشيخ راشد الغنوشي – في تعقيبه على الطبعة الأولى من (فقه الجهاد) – إشكالا مهمًّا حول موقفنا نحن المسلمين أو موقف الفقه الإسلامي أو الاجتهاد الإسلامي، من دولة (الصين الشعبية)، التي ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية وثقافية مع العالم الإسلامي كلِّه، ولا تزال تتوسَّع وتمتدُّ هذه العلاقات يوما بعد يوم، برغم موقفها المعروف من قضية (تركستان الشرقية) كما نعرفها نحن ونسمِّيها تاريخيا، أو قضية (شيانج يانج) كما يسمُّونها هم. وقد ضمَّتها الصين إلى امبراطيتها بالقوة منذ سنة 1760م، وقد استطاعت بالكفاح أن تستعيد استقلالها فترة قصيرة، ثم تغلَّبت عليها الصين، لأن العالم الإسلامي لم يشعر بمشكلتها، ولم يساعدها في محنتها. وقد عملت الصين على تغيير الهُويَّة الديمغرافية لهذه المنطقة، بتهجير بعض أهلها منها قسرا، ونقل بعض الأقوام إليهم من غير عرقهم، وبالذات من قومية (الخان) الذين يكوِّنون أكثر من (90%) من سكان الصين. ولهذا لم يعد العنصر التركستاني هو الغالب على هذا الإقليم، كما كان من قبل، بل أصبح يمثِّل أقل من (50%). فلم يعد اليوم هناك في ضوء الواقع وطن مسلم بحكم الأكثرية، فليس وضع هؤلاء مساويا لوضع الفلسطينيين، في وضوح قضيَّتهم، وظهور الاغتصاب فيها، عن طريق استعمار استيطاني إحلالي، احتلَّ الأرض قهرا، وشرَّد أهلها منها، وحلَّ محلَّهم فيها. أما ما حدث في الصين فهو ضمُّ بلد إلى آخر أكبر منه، مجاور له. وهو أمر غير جائز شرعا، وهو منكر، ولكنه ليس كما وقع لفلسطين. على أن مضي قرنين ونصف على ضمِّها إلى الصين، تجعلنا كأننا نريد أن ننبش التاريخ، ونفتعل صدامًا مع الصين، التي تغلغلت في تعاملها مع العالم الإسلامي، تغلغلا يتعسَّر، بل يتعذَّر تحجيمه، ناهيك بقطعه وإنهائه. والذي أراه في هذه القضية: أنه لا يجوز السكوت عنها نهائيا، مجاملة للصين واتساع التعامل معها، كما يقول بعض الناس، الذين لا يهمهم أمر المسلمين وقضاياهم، كما لا يجب تصعيدها واعتبارها مثل فلسطين في اغتصابها جهارا نهارا. بل يجب الوقوف موقفا وسطا، وهو ما قلتُه لهم حين زرتُ الصين في شهر نوفمبر من هذا العام ( 2009): إني لا أرى ضرورة للانفصال الذي يطالب به أهل الإقليم، والاستقلال التام عن الصين العظمى، بل الأوفق أن يظلُّوا جزءا من الصين، لهم حكمهم الذاتي، ومجلسهم المحلي، وحكومتهم الخاصة بهم، وأن ينالوا نصيبهم العادل من ثروة إقليمهم، فهم أحقُّ بالانتفاع به قبل غيرهم. ويجب العمل على تطوير الإقليم، والارتقاء به من حالة التدنِّي والفقر والضنك التي يعيشون فيها، إلى حياة تليق بنهضة الصين الكبرى، التي لمسناها في بكين وفي سائر المدن الكبيرة. وقد اقترحتُ عليهم أن يزورهم وفد من منظمة المؤتمر الإسلامي، أو من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أو من كليهما، ليلقاهم في مناطقهم، ويتعرَّف على مطالبهم ومظالمهم، للتفاهم مع المسؤولين على طريقة لإجابتهم إلى ما يريدون، أو إقناعهم بحلول واقعية ممكنة، وإذا حسُنت النيات تيسَّر العلاج. ويجب على العرب والمسلمين استغلال حسن العَلاقة مع الصين للتأثير على سياستها، وكسب ما يمكن كسبه لصالح إخوتنا المسلمين الذين يسمُّونهم (الإيغور)، وربما كان هذا هو الحلُّ الوسط لقضية طال عليها الأمد، دون أن يصل أحد الطرفين إلى حلٍّ.
مقدمة الطبعة الثالثة
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. (أما بعد) فهذه هي الطبعة الثالثة من كتابي (فقه الجهاد)، بعد أن أصدر (مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد) طبعته الخاصة، ليتولى توزيعها على عدد من الشخصيات العربية والإسلامية والعالمية الهامة والمشغولة بالفكر الإسلامي وقضاياه، وما يؤثر منه في سلم العالم وحربه، وكذلك المكتبات والمراكز العلمية والثقافية في العالم. كما أصدرت مكتبة وهبة طبعتها الأولى منه، وقد نفدت الطبعتان تقريبا في أقل من ثمانية أشهر. وها نحن نقدم طبعتنا هذه للقارئ الكريم. الكتاب يقدم ثقافة جديدة عن الجهاد: وأود أن أبادر هنا فأقول: إن هذا الكتاب يقدِّم للقارئ المسلم وغير المسلم (ثقافة جديدة) عن قضية من أخطر قضايا الإسلام، التي طالما التبس فَهم حقيقتها على المسلمين، وعلى غير المسلمين، وهي قضية (الجهاد). هذا الكتاب يقدِّم عنها ثقافة غير الثقافة المتوارثة عند جمهور المسلمين، التي أخذها الخلف عن السلف، والمتأخِّرون عن المتقدِّمين، يدرسها المسلمون في كتب الفقه المذهبية المختلفة، على ما فيها من قصور وتناقضات، ولا يناقشونها، ويعتبرونها قضايا علمية مسلَّمة. تقوم هذه المسلَّمات على أن (جهاد الطلب) فرض كفاية على المسلمين في مجموعهم. ومعنى (جهاد الطلب): القصد إلى غزو غير المسلمين في ديارهم مرَّة على الأقل كلَّ سنة، لتوسيع دار الإسلام، وفرض النظام الإسلامي – لا العقيدة الإسلامية – على غير المسلمين. ومعنى (فرض الكفاية) أنه فرض على مجموع المسلمين – لا على جميع المسلمين – وليس على فئة معيَّنة، ولا على بلد معيَّن، بل على الأمة الإسلامية كلِّها بالتضامن، بحيث إذا قام به بعضهم بما يكفي، فقد سقط الحرج والإثم عن الأمة كلِّها، وإذا لم يقُم به أحد فقد أثمت الأمة جميعها. هذه الثقافة إذا أُخذت بلا مناقشة ولا تمحيص، ولا ترجيح ولا تحقيق، يردُّ الفروع إلى الأصول، والظنيَّات إلى القطعيَّات، والمتشابهات إلى المحكمات، والمختلَف فيه إلى المتَّفق عليه، سنجد أننا أمام قضايا متناقضة في أنفسها، وقضايا مناقضة لمُحكَمات القرآن الكريم، وبيِّنات السنة الصحيحة، وقواطع العقيدة والشريعة الإسلامية. مثل القول بشرعية قتال المسالمين من غير المسلمين، الذين لم يصدر منهم أيُّ أذى أو إساءة إلى دين الإسلام، ولا إلى أمَّته، ولا اعتدوا على أرضه أو حرماته، أو حرمات أهله، لأنه فرض كفاية على المسلمين أن يغزو بلاد الكفار كلَّ سنة مرَّة على الأقلِّ، فإن لم يفعلوا أثموا جميعا! وهو ما يخالف مخالفة بيِّنة: صريح القرآن، وصحيح السنة. ومثل القول بوجوب نشر الإسلام بالقوَّة في العالم، وأن الناس كلَّ الناس عليهم أن يختاروا واحدة من ثلاث: الإسلام، أو دفع الجزية، أو الحرب! ومثل قول بعضهم: إن الكفر وحده علَّة كافية لوجوب قتال المخالفين، وإن لم يصدر منهم أيُّ عدوان على المسلمين. ومثل تبنِّي بعضهم جواز قتل الأسير – أي أسير – وجواز الاسترقاق ولو في عصرنا، وبعد اتفاق العالم على إلغائه، حتى إن بعض العلماء المتشدِّدين أثَّم الدول الإسلامية جميعا، لانضمامها إلى الأمم المتحدة، وهذا في نظرهم حرام شرعا؛ لأنها تدعو إلى احترام حدود الدول الإقليمية وسيادتها، ومعنى هذا المنع من الجهاد، وغزو تلك البلاد! كما هو مفروض علينا! كما يدعو ميثاق الأمم المتحدة إلى احترام اتفاقية الأسرى، وفيها لا يجوز قتل الأسير، وكأن الإسلام يوجب قتل الأسرى! وكذلك تحترم اتفاقية إلغاء الرقيق في العالم. وكأن الإسلام هو الذي شرع الرقَّ! والحقُّ أن الإسلام إنما شرع العتق، ولكنه وجد الرقَّ معمولا به في العالم، فضيَّق مصادره، ووسَّع مصارفه، وعمل على إلغائه بالتدريج. ولذا رحَّب علماء الإسلام كلَّ الترحيب بإلغاء الرقِّ من العالم. وهذه الثقافة القديمة تعتمد على قراءة غير صحيحة لمصادر شريعتنا، ومصادر ثقافتنا، وليس على فقه عميق، أو اجتهاد صحيح صادر من أهله في محلِّه، وفي زمنه. وقد كان أكبر ما اعتمدوا عليه: آية في القرآن سمَّوها (آية السيف)، زعموا أنها نسخت مائة وأربعين آية أو مائتي آية من آيات القرآن العظيم، فهي موجودة في المصحف خطًّا، ومقروءة لفظا، ولكنها (معدومة معنى)؟! وقد ناقشنا قضية النسخ في القرآن، وبينَّا أنها لا يسندها دليل قطعي من صحيح المنقول، ولا صريح المعقول، إذ الحكم بإعدام آية من القرآن مسطورة في المصحف، لا بدَّ له من دليل قطعي، ولا تكفي فيه الظنون. والعجيب أنهم اختلفوا في تعيين هذه الآية، وكلُّ الآيات التي ادَّعَوا عليها أنها (آية السيف)، إذا تأمَّلتَ فيها، وقرأتَها قراءة متدبِّرة، وربطتها بسياقها وسباقها، ووصلتَها بالآيات الأخرى من كتاب الله، لم تجد فيها أيَّ دلالة لما يدَّعونه. وأشهر هذه الآيات، الآية الخامسة في سورة التوبة: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة:5]. والآية إذا تأمَّلتَها حقَّ التأمُّل، لا تجد فيها عبارة أو إشارة تفيد مشروعية قتال المسالمين من غير المسلمين، ولكن تشرع قتال (المشركين)، والمقصود بهم مشركو العرب أو مشركو قريش ومَن حولهم، وهم الذين حاربوا الإسلام ودعوته من أول يوم، وشهروا السيف في وجهه: سيف الأذى والعذاب والحصار قبل الهجرة، وسيف الحرب والغزو في عقر الدار بعد الهجرة، وهم الذين لا يرعَون لأحد عهدا ولا حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمَّة، وفيهم نزلت أوائل سورة براءة أو التوبة، وأمهلهم القرآن أربعة أشهر يختارون فيها لأنفسهم، أو يدخلوا مع المسلمين في حرب. وذلك بعد انسلاخ الأربعة الأشهر (مدَّة المهلة)، والتي سمَّاها القرآن (الأشهر الحرم) مجازا، لأن قتالهم محرَّم فيها. فـ{ال} في {الْمُشْرِكِينَ} للعهد، أي للمشركين الذين سبق الحديث عنهم. ومثل هؤلاء المشركين يجب أن يعامَلوا بمثل عملهم من القتل والأسر والحصار وقعود كلِّ مرصد، كما قال في سورة البقرة: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة:191]. فانظر إلى قوله تعالى: {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} فهي معاملة بالمثل. وقوله: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} يعني: أن فتنة الإنسان عن دينه، وتعذيبه لكي يرتد عنه، أشد من القتل نفسه؛ لأنها اعتداء على عقل الإنسان وإرادته، في حين أن القتل اعتداء على جسمه. وبعد هذه الآية يقول تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة:6]، فالآية تأمر بإجارة مَن استجار من المشركين، وإعطائه فرصة ليسمع كلام الله (القرآن)، ثم إبلاغه إلى المكان الذي يأمن فيه. فكيف تكون هذه (آية السيف) وبعدها مثل هذا الكلام؟ وبعدها آية أخرى تقول: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:7]. وقبل آية السيف هذه أيضا آية تقول: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:4]. فكيف تكون هذه آية السيف، وقبلها وبعدها ما يفتح أبواب السلم على مصاريعا لمَن يريد السلم أو يسعى إليها؟ وكان مما اختاره الله تعالى لمشركي العرب، أن يدخلوا في الإسلام كافَّة، مختارين طائعين، قبل أن تنسلخ الأشهر الحرم الأربعة، وأن يصبحوا هم عصبة الإسلام، وتصبح أرضهم معقل الإسلام. وكفى الله المؤمنين القتال. ومن الآيات التي أشاعت الثقافة القديمة غير الممحَّصة التي زعموا أنها (آية السيف) آية: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:36]، والآية – كما ترى – تعلِّم المسلمين أن يتجمَّعوا كافَّة، أي أن يكونوا يدًا واحدة على قتال المشركين كما يتجمَّع المشركون، ويكونون يدًا واحدة على قتال المسلمين. فهو أيضا نوع من المعاملة بالمثل. وإذا لم يقابل المسلمون تجمع المشركين والكفار عليهم بمثله، كان هناك خطر وفتنة وفساد كبير، صرَّح به القرآن في آية أخرى فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:73]. وكما ناقش الكتاب دعوى (آية السيف)، ناقش كذلك دعوى (حديث السيف)، وهو الذي يقول: « بعثتُ بين يدي الساعة بالسيف، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظلِّ رمحي … »[1] إلى آخره. وقد ناقش هذا الحديث من ناحية سنده وثبوته، ومن ناحية متنه ودلالته، وبيَّن ضعفه من ناحية سنده، وضعفه وتهافته من ناحية دلالته، بالبيِّنات والأدلَّة، لا بمجرَّد الدعوى. فإن الله تعالى إنما أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ولم يرسله بالسيف ولا بالرمح. وناقش الكتاب بعض القضايا الفقهية المهمَّة، مثل دعوى الإجماع على أن الجهاد فرض كفاية على الأمة، بحيث يجب عليها أن تغزو بلاد الكفار كل سنة مرة. والحق أن هذا لا يستند إلى دليل من محكمات القرآن والسنة، كما أنه ليس متَّفقا عليه بين الأئمة، فمنهم مَن قال: إن هذا كان واجبًا على الصحابة في أول الإسلام، وليس على من بعدهم، كما قال هذا أحد العلماء المجاهدين، وهو عبد الله بن المبارك، وقال الإمام النووي: إنه محتمل. ومنهم من قال: إنه ليس فرضا، ولكنه نافلة. كما هو رأي عبد الله بن عمر من الصحابة، وعمرو بن دينار من التابعين، وابن شبرمة والثوري من أئمة الفقهاء. وحتى لو سلَّمنا بما قاله الفقهاء، وأنه فرض كفاية، فماذا يعني ذلك؟! إن هناك من فسّر فرض الكفاية تفسيرًا إيجابيًّا مقبولاً، لدى المسلمين وغير المسلمين، وهو: أن تُشحن ثغور المسلمين وحدود البلاد بقوات إسلامية مسلحة على أعلى مستوى من التدريب، ومعهم أفضل ما يقدرون عليه من الأسلحة اللازمة، يقودهم رجال أقوياء أمناء لا يفرّطون في دينهم ولا في أمتهم. وبهذا الإعداد القوي – ماديا وبشريا – يخمدون شوكة الأعداء بحيث لا يطمعون في الإغارة على المسلمين، أو التعدي على حدودهم، أو على أحد منهم، أو من أهل ذمتهم. وهو ما نقلناه عن أئمة الشافعية وغيرهم، ولم نجئ به من عند أنفسنا. كما أن هذا الكتاب ناقش بعض المسلمين الذين اتخذوا العُنف طريقًا لتحقيق مطالبهم من الحكومات الحاضرة، ورأوا أنّ استخدام القوة العسكرية وحدها، هو الطريق الأوحد لإزالة المظالم، وإقامة العدل، وتطبيق الشريعة، وإحلالها محل القوانين الوضعية المستوردة، واستباحتهم في سبيل ذلك دماء (المدنيين) المسلمين الأبرياء، الذين لا ناقة لهم في السياسة ولا جمل. وهؤلاء الذين ينسبون أنفسهم إلى (الجهاد) وأنهم بعملهم هذا يحيون فريضة الجهاد التي أماتها المسلمون، ولهم في هذا فقههم الخاص، وأدلّتهم التي يستندون إليها، ولهم مشايخهم الذين يرجعون إليهم، ويفتونهم بشرعية ما يقومون به من سفك الدماء، وتخريب الديار، وترويع الآمنين. مناقشة فقه جماعات العنف: وقد ناقش الكتاب هؤلاء من دعاة العنف، والقتل العشوائي، ونقد ما يستندون إليه من أدلة أو شبهات، وبيّن وجه الخلل والعوار في فهمهم من جهاته المختلفة: 1- من جهة تكفير الحكام الحاليين، والتكفير مزلق خطر، لا يجوز لعالم مسلم يحترم دينه، ويحترم نفسه أن يلجأ إليه، فإن إخراج من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ولا يُنكر معلوما من الدين بالضرورة، ولا يستحلُّ محرمًا قطعيًّا، ولا يقول قولاً صريحًا يخرجه من الإسلام، ونحو ذلك … إخراج هذا من الإسلام والحكم عليه بالكفر الأكبر المخرج من الملة أمر خطير، ما لم نر « كفرا بواحًا عندنا فيه من الله برهان »[2]. 2- ومن جهة الخروج المسلح على السلاطين الظَّلَمة، فهذا أيضًا له شروطه وضوابطه، وإلاّ أصبح الأمر فوضى، وخصوصا في عصرنا هذا الذي أصبحت فيه الدولة تملك قوَّات مسلَّحة برِّيَّة وبحرية وجوية، لا تستطيع أي جماعة شعبية أن تملك ما يكافئها أو يقاربها، ومعنى الصدام المسلح هنا: الدخول في معركة فناء أو انتحار، لا تحقق هدفا، ولا تؤتي ثمرة، ولهذا شدَّدت السنة النبوية فيه. 3- ومن جهة تغيير المنكر بالقوة، فهذا له شروط، لا بد أن تتوافر، وخصوصا لمن يريد أن يحمل السلاح، ويقاتل السلطان، لتغيير المنكر، وأبرز هذه الشروط: ألا يترتب على المنكر منكرٌ آخر أكبر منه، فيتقبل أهون الشرَّين، ويرتكب أخف الضررين. 4- وقد بين الكتاب أن الذي يملك التغيير في عصرنا واحد من ثلاثة: أ- إما البرلمانات المنتخبة دستوريا في الدول الديمقراطية، لمن يملك أغلبية كبيرة، تستطيع أن تغيِّر التشريعات والقوانين بطريقة سلمية. ب- أو القوات المسلحة، إذا اتفقت مجموعة كبيرة من الضباط الكبار على ذلك، بحيث لا تحدث فتنة، وإن كنتُ لا أُجيز الانقلابات العسكرية، لما تحمله من أخطار وما تفرزه غالبا من أنظمة عسكرية مستبدة كثيرا ما يطول أمدها. ج- أو ثورة شعبية عامة تقف فيها جماهير الشعب خلف زعامة مطاعة مرْضيَّة، كما حدث في ثورة الخميني في إيران. وقد ناقش الكتاب كثيرا من القضايا الشائكة المعاصرة، بمنطقه العلمي الشرعي الواقعي، ومنهجه الوسطي، ووجد لها حلولاً في ضوء محكمات الشريعة. وهكذا استمرَّ هذا الكتاب (فقه الجهاد) يناقش هذه القضايا المتوارثة بالمنطق الإسلامي الأصيل، المعتمد على أدلَّتنا الشرعية الصحيحة والبينة، المستمد من أصولنا ومصادرنا، والنابع من ثقافتنا وتراثنا الفقهي، وليس مستوردا من خارج أرضنا، فهو يعالج قضايانا الشرعية والفكرية بأدوية من فكرنا وفقهنا وتراثنا، من صدليتنا، ومن صنع أيدينا، بحيث لا تخالف الأصول، ولا تباين النقول، ولا تناقض العقول، بل إذا عُرضت عليها تلقَّتها بالانشراح والقَبول. فهذه هي الثقافة الجديدة التي يقدمها الكتاب. ثقافة حية مؤثِّرة: ونحن لا نريد من هذه (الثقافة الجديدة) مجرد (المعرفة النظرية) بالجهاد وحقيقته وأبعاده وأهدافه، ولكننا نريد ثقافة تنتج حركة في الحياة، ثقافة حيَّة مؤثرة في الضمير والسلوك، تقاوم ثقافة دعاة العنف، وعشَّاق الدم، ومشيعي الموت، وينعكس أثرها في نظرة المجتمع وفي مسيرته، وفي علاقاته الخارجية والداخلية. حتى تشيع في الحياة فكرة السلام بدل الحرب، والحوار بدل الصدام، والتعارف بدل التناكر، والحب بدل الكراهية، والتعاون بدل الأنانية. فهذا ما نريد لهذه الثقافة الجديدة أن تثمره في حياة البشر، على مستوى أنفسنا نحن المسلمين، وعلى مستوى العالم من حولنا، الذي تقارب وتقارب، حتى أمسى قرية واحدة. وبهذا تكون هذه الثقافة مجدية حقا، ويكون هذا العلم نافعا حقا. فنحن المسلمين نرى العلم الذي لا يؤدي إلى العمل علمًا غير نافع، يستعاذ بالله منه، كما استعاذ رسولنا الكريم منه حين قال: « اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع »[3]. فقد ذم القرآن، وذمت السنة، كل علم من هذا النوع، تحشى به الرؤوس، ولا تزكو به النفوس، وليس له مدلول عمليٌّ في واقع الحياة، وقد ضرب له القرآن أسوأ مثلين: مثل الكلب ومثل الحمار، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ}[الأعراف:175-176]. وفي سورة أخرى قال: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}[الجمعة:5]. ولهذا اشتهر بين علماء المسلمين هذه الحكمة: علم بلا عمل، كشجر بلا ثمر، أو كسحاب بلا مطر. ترحيب عام بظهور الكتاب: فلا غرو أن تلقَّى الكتابَ: العالمُ العربي والإسلامي, والمنصفون خارج العالم الإسلامي، بحسن القَبول، وأثنَوا عليه، ونوَّهوا به، واعتبروه ميلادا لفكر جديد، وثقافة جديدة، في قضية طالما خاض فيها الخائضون بغير حجَّة، وقال القائلون بغير بيِّنة، من الجهتين: جهة المُفْرِطين، وجهة المُفَرِّطين، حتى قال بعض الغربيين المنصفين: إن الكتاب قد حلَّ مشكلة كبيرة استمرت قرونا طويلة بلا حلٍّ!! والحمد لله قد اعتدل الميزان، واتَّضحت الرؤية، وحصحص الحقُّ، وانكشف القناع عن وجه الحقيقة، التي ضاعت في خضم الصراع بين الغلاة والمضيِّعين. وإني لأحمد الله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وجزيل نعمه، على ما استُقبل به هذا الكتاب (فقه الجهاد)، من الترحيب به، والاحتفاء بمقدّمه، والتنويه بشأنه، على مستويات شتَّى. فهناك مَن حاول التعريف به، كما فعلت صحيفة (المصري اليوم) القاهرية، حيث عرَّفت بالكتاب في مقالات سبع مطوَّلة، كلُّ مقالة تستغرق صفحة كاملة، وكذلك عرّف به موقع (إسلام أون لاين) العالمي على الإنترنت. وهناك مَن أشار إلى بعض القضايا المهمَّة التي طرحها وناقشها الكتاب بمنطق علمي رصين، كما فعل الكاتب الصحفي المصري الكبير الأستاذ مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين، في عموده اليومي بالأهرام، لمدَّة ثلاثة أيام. وهناك مَن عرضه في صورة مشاركة في ندوة في جامعة أدنبرة في بريطانيا، شارك فيها عرب وأوربيون وأمريكيون، (الذي عرضها على موقع قناة الجزيرة على الإنترنت)، وممن شارك فيها الأستاذ الكاتب المفكر المسلم الداعية الكبير الشيخ راشد الغنوشي، والذي قال: إن (الجهاد) كان أداة في يد المتطرِّفين، يبرِّرون به ما يقومون به من عنف، فسحبه القرضاوي منهم، ليصبح في صفِّ الاعتدال، وفي خدمة تيار الوسطية الحق. وهناك مَن أرسل إليَّ مُثنيا على الكتاب ومعرِّفا بمنزلته مثل الأخ الكريم د. أحمد زكي حماد، والشيخ عبد الله الجديع. ومنهم من هاتفني، ومنهم من شافهني، شاكرًا ومقدرًا، وداعيًا بالمزيد من التوفيق. وقد دعاني الإخوة في نقابة الصحفيين بالقاهرة، الأستاذ صلاح عبد المقصود وكيل النقابة، وزميله الصديق محمد عبد القدوس، وإخوانهما، للحديث عنه، في محاضرة كاملة. فضلا عن جملة من الأسئلة بعد المحاضرة. وهناك من الباحثين من سجل رسالة دكتوراه، في جامعة لندن (soas)، وموضوعها (القتال في القرآن: دراسة تحليلية لنظرية الشيخ القرضاوي من خلال كتابه فقه الجهاد)، وهو الباحث التونسي أحمد جعلول. وهناك مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد، التابع لمؤسسة قطر، للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، الذي تبنَّى الطبعة الأولى من هذا الكتاب لتوزيعها على مكتبات الجامعات، ومراكز الدراسات والأبحاث في العالم. وهناك من أصحاب المال والأعمال والمؤسَّسات من اشترى مئات النسخ من الكتاب لتوزيعها على المثقفين وطلاب العلم، والمهتمين بالدراسات الإسلامية، كما فعل أخونا الفاضل أحمد مصطفوي الهاشمي والبنك الدولي الإسلامي والشيخ وليد بن هادي من قطر، جزاهم الله خيرا. مزية هذه الطبعة: هذا وقد أَجريْتُ تصحيحات وتنقيحات وإضافات شتى نافعة على هذه الطبعة، بعضها من باب استدراك الإنسان على نفسه، ابتغاء التي هي أحسن، كما يرشدنا القرآن، أو الاستدراك على خطأ وقع من ناسخ أو طابع، أو وَهْم من مؤلف، وهو ما لا بد منه بحسب طبيعة البشر، أو من اقتراح بعض الإخوة من مكتبي، أو من الأخ الكريم العالم الباحث المدقّق الشيخ مجد مكي، الذي انضم إلى مركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد بالدوحة، فكان إضافة لها اعتبارها. وهذا اقتضاني أن أحذف أشياء لا حاجة إليها من الفهارس، مثل الترجمة للرواة، وأكتفي في فهرس (الأعلام) برجال الفقه وكل من له رأي موافق أو مخالف من المتقدمين أو المتأخرين أو المعاصرين، من المسلمين أو غير المسلمين. وأن أزيد كثيرا من العناوين الجانبية الموضحة، وأن أضيف بعض عبارات أو جمل أو فقرات تحسينية أو تكميلية، أو تعديلية في بعض المواضع. وأن أضيف بعض الملاحق المهمة، وأحذف ملاحق ليس لها ضرورة. وفي هذا كله إثراء لهذا الكتاب المبارك إن شاء الله، ومزية لهذه الطبعة التي حظيت بخدمة غير عادية. فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم:8]. ذو الحجة 1430هـ ديسمبر 2009م يوسف القرضاوي [1] – سيأتي تخريجه في موضعه. [2] – سيأتي تخريجه في موضعه. [3] – رواه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2722)، وأحمد في المسند (19308)، والنسائي في الاستعاذة (5458) عن زيد بن أرقم.
في استنطاق المئذنة وماهيتها التعبيرية (1-2)
طارق الكحلاوي هناك بلا شك الكثير من المعطيات والعوامل المعقدة التي يمكن أن تفسر التصويت السويسري ضد المئذنة، بعضها يتعلق بما هو سياسي سواء الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، وبالتأكيد الظرف العام الذي يتقابل فيه المتطرفان الأقليان، الأوروبي اليميني المتطرف ذو التنويعات الإسلاموفوبية والعنصرية، والإسلامي القريب من رؤى القاعدة الذي يستعدي مفهوم المواطنة أساساً. كما أن تنوع الخريطة السياسية والثقافية السويسرية يبدو ذا علاقة بتباين التصويت، وهنا تأتي دلالة تصويت أغلب الشطر السويسري الفرنسي الأكثر انفتاحا ضد العريضة، وتصويت الكانتونات الجبلية الجرمانية والإيطالية الأقل انفتاحا مع العريضة. غير أن القليل من الجدال تركز حول المخيلة الثقافية التي أفرزت التصويت السويسري، مخيلة لا يمكن قراءتها في العشريات الأخيرة زمن قدوم مهاجرين مسلمين. بدون التقليل من العامل السياسي أودّ أن أقترح هنا أننا بصدد مخيلةٍ انتقائية استنطقت المئذنة واتهمتها بماهية تعبيرية جوهرانية جامدة ولاتاريخية، لتنتهي إلى تجريمِها، ومن خلالها (تجريم) المواطنينَ السويسريين من الديانة المسلمة. إذ من يعتقد أن هذا الشغف بما يمكن أن تمثله المئذنة من «خطر» على «حرية الدين» والقيم الحداثية في سويسرا هو أمر طارئ يتعلق بوضعية خاصة بالسنين الأخيرة إنما يتجاهل معطيات قديمة، ولكن الأهم يعبر عن ازدراء لثقل المنظومات الثقافية الأكثر تعميرا وتأثيرا. نحتاج للتركيز على النص الرئيسي الذي شكل أساس الحملة التي نادت بمنع المآذن، إذ هناك نجد بيسر مفاتيح فهم الخطاب والجدال السويسريين ضد المئذنة (يمكن الاطلاع عليه في موقع www.minarets.ch). إذ أصدرت «المبادرة الفيدرالية الشعبية ضد بناء المآذن» نصاً دعائياً من صفحتين نجد فيه المحاججة التي تتم وفقها المطالبةُ بمنع المآذن. الحجة الأساسية تتمثل فيما يلي: «المئذنة هي تعبير عن الرغبة في حيازة سلطة سياسية- دينية».. ما الدلائل على ذلك؟ يتم عرض أمرين بالأساس: أولهما، التنصيص على أن المئذنة «ليست من الدين في شيء»، ثم ثانيا التركيز بشكل خاص على تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء التركي الحالي رجب طيب أردوغان سنة 1997 مستعملا تعبيرات مستعارة من شاعر عثماني: «ديمقراطيتنا ليست إلا القطار الذي نستقله لنصل إلى هدفنا. المساجد هي ثكناتنا، والمآذن هي حرابنا، والقباب خوذاتنا، والمتعبدون جنودنا». الآن، من الأيسر البدء بالمعطى الثاني. وإذا كان يجب أن نتعامل مع تصريحات أردوغان بجدية في هذا الجدال، ألا يجدر حينها الاستفتاء ليس على المآذن فحسب بل أيضاً على القباب، بل المساجد ذاتها والمتعبدين أيضاً بما أنهم جميعا أينما كانوا خاضعون بشكل ما لإرادة رئيس الوزراء التركي. من الواضح طبعا أن تصريحات مجزوءة وخارج السياق لشخص مثل أردوغان تحديدا، عرف تحولاتٍ فكرية عديدة انتهت به في موضعه الراهن والذي لا يمكن التشكيك في صدقية تمسكه بالنظام الديمقراطي التركي، هي دلالةٌ على عدم إمكانية رهن «فهم المسلمين» عامة للمئذنة من خلال كلام محدود زمانا ومكانا لشخص مسلم بالتحديد مهما علا شأنه. في المقابل، المعطى الثاني (أي «المئذنة ليست من الدين في شيء») أكثر جدية، ولو أنه لا يحيلنا ضرورةً على استنتاج «التعبير السلطوي» أو «الرغبة في الهيمنة» للمئذنة. يجب هنا التنصيص على أن الجدال السويسري ليس بالأساس حول فعل «الآذان» أو الدعوة للصلاة، إذ إن المآذن الأربع المبنية في سويسرا الآن لا تستعمل في ذلك الغرض، ولو أن النص الدعائي لحملة «المبادرة الفيدرالية» يشكك في أن ادعاء المسلمين الذين يطلبون ترخيص بناء المآذن هو خطوة لتفعيل هذه المآذن في اتجاه توظيفها لأداء الأذان. إذ من الناحية الفيلولوجية وكما برهن بعض المستشرقين منذ قرن فإن وجود ثلاثة أسماء عربية لوصف المئذنة (أي المئذنة والصومعة والمنارة) تعبير عن الطبيعة الإشكالية لوظيفة المئذنة، إذ إن هذه التسميات لم تكن تعني الشيء ذاته في النصوص المبكرة ولم تتقارب مفهومياً إلا بشكل متأخر. وعموماً، من الصعب أن تجد مختصا جديا واحدا في العمارة الإسلامية قادرا على تقديم سرد تاريخي يقيني في علاقةٍ بالمئذنة وأصولها خاصة ماهيتها التعبيرية (إذا كان هناك ماهية تعبيرية أصلاً)، مثلما هو حال السرد اليقيني المتضمن في النص الدعائي لـ «المبادرة الشعبية الفيدرالية» السويسرية التي يبدو أنها مختصة في العمارة الإسلامية وماهياتها، (إذ) أكثر من باحثين سويسريين (على سبيل الذكر لا الحصر) قضوا عمرهم في هذا الاختصاص، ممتنعين عن الإدلاء بأحكام تعميمية دون التمحيص اللازم، وأذكر هنا بالتحديد الراحل عالم النقائش ماكس فان برشام والذي كتب مقالا واحدا عن المآذن طيلة حياته حرص فيه على التحذير من أي انزلاق في سرديات تاريخية يقينية (ربما في نقد ضمني لصديقه وزميله البريطاني كرزويل الذي قدم جينيولوجيا شديدة الصرامة لتاريخ المآذن في بداية مسيرته الأكاديمية، وكان يميل إلى تجاهلها لاحقا). لكن إذا كنا متيقنين من أمرٍ فيما يخص المعطيات الأثرية والتاريخية، فهي أن فعل الأذان الذي انطلق مع بناء مسجد المدينة سبق بناء المآذن بما يؤكد عدم وجود تحديد ديني يرهن فعل الأذان بوجود مئذنة. إذ إن أول المعطيات الأثرية على وجود مآذن داخل المساجد تزامنت مع «الفتوحات الإسلامية» في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي خاصة نحو الشام ومصر. وهناك فإن المؤشرات تحيلنا على استيعابٍ إسلاميٍ لعنصر معماري ما قبل إسلامي يتمثل بالأساس في صوامع دق الأجراس للكنائس (bell towers) بالأساس، وليس اختراعا معماريا إسلاميا (هناك الكثير من التكهنات حول «أصول المئذنة» بالإضافة إلى الأصل البيزنطي، غير أن أغلبها لا يزال يفتقد لمرتكزات أثرية صلبة). أفضل الأمثلة بلا شك هو أكبر وأقدم المساجد الإسلامية الموجودة، والتي بنيت تحت رعاية الخلافة الأموية في عاصمة الخلافة في دمشق، أي الجامع الأموي في دمشق بداية القرن الثامن ميلادي، والذي بني في إطار وعلى أنقاض الكنيسة البيزنطية الأساسية في دمشق واستعمل صوامعها. وبمعنى آخر إذا كانت هناك أي علاقة في هذه المرحلة المبكرة بين عقلية «الفتح» وصورة المئذنة، فهي أن استيعاب المئذنة ضمن الشكل الإمبراطوري الإسلامي للمسجد كان أحد المؤشرات العملية على سيرورة «الفتح» وليس في ذاته تعبيرا على الرغبة في «الفتح»، إذ هو تعبير عن التأثر بثقافة المغلوب المعمارية بما هي ثقافة مشهدية أرقى تستحق الاستيعاب والإدماج. بشكل متدرج، خاصة مع القرن التاسع ميلادي، ستصبح المآذن تعبيرا عن عظمة وقوة تأثير المساجد الجامعة، خاصة المبنية تحت رعاية مراكز الخلافة. وهكذا يعتقد أن مئذنة المسجد الجامع في قرطبة التي أضيفت في القرن العاشر ميلادي وبالتحديد مع قرار أمويي الأندلس إعلان الخلافة، تشير إلى تقليد مئذنة الجامع الأموي في دمشق بما يعكس الطموح الأموي الأندلسي لاتخاذ لبوس معماري في مستوى إمبراطوري. كذلك يجب النظر بنفس الطريقة لتأثير المآذن الملولبة للجامعين الأساسيين في مدينة الخلافة العباسية في القرن التاسع، أي سامراء، وكانا الجامعين الأكثر اتساعا في الفترة ما قبل الحديثة، على مئذنة جامع ابن طولون في القاهرة في نفس القرن. مرة أخرى تأثير المركز على الأطراف. المئذنتان القرطبية والقاهرية في هاتين الحالتين هما تقليد للنموذج الإمبراطوري، غير أن «تنافس المآذن» هذا لم يكن أمرا حتميا، إذ مالت الخلافة الفاطمية- الشيعية إلى تجنب بناء المآذن رغم بنائها جوامع كبيرة تحاكي طراز القلاع العسكرية في المهدية والقاهرة، ويرجع ذلك على الأرجح لنصوص شيعية تحدد مستوى الأذان في مستوى محدد. وحتى الأمثلة القليلة التي احتوت على مآذن مثل جامع الحاكم كان تموقعها في الركنين الأماميين للواجهة الخارجية، خاصة أمام البوابة ذات الطابع العسكري، وسطهما يحيل على مشهد الأبراج الركنية في القلاع العسكرية. وهكذا حتى في هذه المرحلة الإمبراطورية حيث يتم استعمال كل العناصر المعمارية في الجوامع الأميرية لتأكيد عظمة السلطة نجد أمثلة تتخلى عن المئذنة أو تستعملها في سياقات مترددة. (المصدر: جريدة العرب ( يومية – قطر) بتاريخ 6 ديسمبر 2009)
الوراثة السياسية عند العرب
هيثم مناع جاء الإسلام بمفهوم الأمة-الجماعة المؤمنة في مقابل القبيلة ورابطة القربى، وبدا في المرحلة المكية العديد من معالم الصراع بين الانتماءين. وفي المدينة، تصاعد دور الإسلام في الحياة المعيشة، إلا أن هذا التصاعد لم يلغ تماما وجود التعبيرات السلطوية ما قبل الإسلامية (دور سيد الأوس وسيد الخزرج أو اعتماد الصحيفة مبدأ العصبات مثلا). بدأ دور هذه التعبيرات في التراجع أمام تعدد طبيعة الاعتناق الإسلامي والانتشار الأفقي للدين الجديد. لكن الانتشار الأفقي هذا لم يترافق بتغييرات فعلية في صفوف الأطراف الجديدة المنضمة سواء عبر الوفود أو إثر الغزوات. الأمر الذي سيظهر للعيان يوم وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) في حدثين تاريخيين في غاية الأهمية: الأول، بيعة السقيفة التي كان أفضل من تناولها، من وجهة نظر متقدمة، أبو حيان التوحيدي في رسالة السقيفة المنسوبة لعمر وأبي بكر. هذه الرسالة تؤسس لرفض منطق ولاية العهد القائمة على عصبة القرابة: من جهة الإصرار على لسان الشيخين برفض الملكية أولا: « لسنا في كسروية (من نظام كسرى) ولا في قيصرية (من أنموذج القيصر) ». ونسبة قول عمر لعلي ثانيا: « ولعمري إنك أقرب منه (يعني أبا بكر) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرابة، ولكنه أقرب منك قربة، والقرابة لحم ودم، والقربة روح ونفس، هذا فارق عرفه المؤمنون، ولذلك صاروا إليه أجمعون ». أما الثاني، فهو حروب الردة التي شملت تقريبا ثلاثة أرباع من شملتهم سلطة الدولة بشكل أو بآخر. لقد تعاملت معظم القبائل العربية مع الدولة الناشئة على أساس الولاء أكثر مما كان تعاملها على أساس الانتماء. الولاء بالمعنى القبلي كعلاقة متبادلة غير متكافئة، كإعادة إنتاج « فرضي » لعلاقات القربى تضطر أن تلجأ لها القبيلة عندما تكون في وضع غير متكافئ مع الآخر. هنا تكمن الأهمية الاجتماعية السياسية لنتائج حروب الردة التي أعادت من عاد من المرتدين ليس فقط لدفع الزكاة، بل لأخذ أربعة أخماس الغنائم بانضمام قطاع واسع منهم مباشرة إلى صفوف الجيش الإسلامي. أي أنها شكلت بالنسبة للقبائل انضماما إلى الأمة، كقبائل، بما يعنيه الانضمام من مساواة في الانتماء إلى الجماعة بصيرورتهم طليعة الأمة المقاتلة. في وفودها وبيعتها، ردتها وعودتها، حافظت القبائل الأعرابية ومعظم القبائل الحضرية الريفية باستمرار على تكويناتها السلطوية على حالها. وفي انطلاقة الجيوش العربية خارج الجزيرة خرجت القبائل المحاربة إلى الأمصار بنسائها وأبنائها لتبني معسكراتها وسكناها وفق تقسيمها القبلي، حيث تم تنظيم عطائها وقتالها في ديوان الجند مع النسابة. وكان سيد القبيلة وسيط الخلافة عند قبيلته، والي أمور قومه والمسؤول عما يبدر منهم. وفي معظم جيوش الفتوح الأولى كانت رايات القبائل ترافق راية قيادة الجيش التي تشمل قائدا عاما وقيادات محلية لكل جماعة قربى مقاتلة. بحيث يبدو الجيش وكأنه تحالف بين قبلي-بين إقليمي ذو قيادة واحدة تعينها الخلافة وقيادات لجماعاته تحددها موازين القوى في هذه الجماعات. يعتبر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) رمز القطيعة مع أنموذج الوراثة السياسية والدينية. ويعزز رأينا أحاديث تنفي أية صيغة للتوريث والإرث عند الأنبياء عامة ورسول الإسلام بشكل خاص. وقد أكد القرآن الكريم على تفريد المسؤولية والولاية السياسية والجنائية. فينسب للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قوله: « يا معشر بني هاشم! لا يأتيني الناس بالأعمال وتأتونني بالأنساب ». روى أبو داود عن النبي قوله: « ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية ». وله في نقد النصرة العمياء ما رواه البيهقي وأبو داود: « من نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي ردي، فهو ينزع بذنبه ». كانت الفترة الأشد خصبا وتنوعا في الانتقال السياسي بين خليفتين تلك التي شهدها الإسلام الأول من خلافة أبي بكر إلى وفاة معاوية بن أبي سفيان، ويمكن تكثيفها كالتالي: 1- تكوين رئاسي للأمة (بجملة صلاحيات سيد القبيلة)، حصر الخلافة في قريش، مساواة القبائل والعصبات في القتال (أبو بكر الصديق: 632-634م). 2- تكوين رئاسي، تخليف أبي بكر لعمر تحديدا، ظهور المراتبية في البنية المقاتلة، الخلافة وجهاز العاصمة من قريش المهاجرين والأنصار، الولايات موزعة (عمر بن الخطاب: 634-644م). 3- تكوين رئاسي في خيار بين ستة أشخاص حددهم عمر، تأكيد المراتبية في البنية المقاتلة، الخلافة وجهاز العاصمة والولايات في بني أمية وبني أبي معيط من قريش مكة (عثمان بن عفان: 644-656م). 4- تكوين رئاسي، مبايعة من المنتفضين على خلافة عثمان، استمرارية في البنية المقاتلة، الخلافة وجهازها بشكل أساسي في بني هاشم والأنصار (علي بن أبي طالب: 656-661م) 5- تكوين وراثي حصرا في بني أمية، ضبط جهاز الدولة عبر هيمنة أموية، تحالف مع قبائل يمنية، ولاءات شخصية.. ». من المتفق عليه لدى علماء التاريخ الاجتماعي أن السمة الأساسية لبناء الدولة في أنموذجها هذا قامت على اعتبار صلاحيات الحاكم (النبي ثم الخلفاء) هي التي ستخلق للدولة جهازها الذي تبع استلام الحاكم. بكل الأحوال، أصّلت هذه النماذج أسس الصراع على النظرية السياسية في الثقافة العربية الإسلامية، وكانت باستمرار المرجعية المركزية للعلاقة بين الخليفة وجهازه والحاكم ومن يأتي بعده. وقد تناوب التياران الرئيسان في معركة صفين في عام 36 للهجرة على نقد ورفض عصبية القربى والوراثة في الحكم إلى حين تأصلت الوراثة في دولة معاوية وفي المدرسة الشيعية لاحقا كقيمة إيجابية في الدولة والدين. ولكن مهما كانت النزعة لتصوير الوراثة جزءا من التراث الأول، فإن هناك ما يزعزع ذلك في رهط من الأحاديث والأقوال والحوادث نروي منها على سبيل المثل لا الحصر محاولات العديد من القبائل العربية مساومة النبي على خلافته مقابل مبايعته. ومعروف لأهل السنة والشيعة ما حدث مع النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عندما عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة فيما ينقله ابن هشام في السيرة قال: « قال له رجل: « أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: الأمر لله يضعه حيث يشاء ». وهناك أحاديث كثيرة عند المدرسة الجعفرية والمدارس السنية الأربعة ناهيكم عن المعتزلة والخوارج والإسماعيلية تؤكد مبدأ استعمال ولاية الأصلح بالشورى إن كان إماما أو في التعيين من الإمام. وبعضها يصل لتخوين من يفعل ذلك « من ولي من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله ». ويروي ابن تيمية عن عمر بن الخطاب قوله: « من ولي من أمر المسلمين شيئا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما، فقد خان الله ورسوله والمسلمين ». ويعتبر العديد من المؤرخين ما نسبه أبو بكر للرسول (صلى الله عليه وسلم) عشية السقيفة من أن الإمامة في قريش وليد الدافع السياسي لتعارضه مع روح القرآن الذي يعطي الوراثة مطلقا للمستضعفين في الأرض عامة. وبالإمكان القول إن الميراث الشيعي الذي دافع عن الولاية والوراثة في أهل البيت لا يخلو من إشكاليات على صعيد الإقرار بالشورى والقربى كلاهما. فمن جهة، يقر كبار الأئمة بمبدأ أولوية العدل على القرابة الذي نص عليه القرآن « وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى » (الأنعام 152). يروي أهل الأخبار عن عمر بن الخطاب قوله لعثمان بن عفان: « لا تجعلن بني أبي معيط على رقاب الناس ». ويتفق مؤرخو الحقبة الراشدية على أن الانتفاض على عثمان إنما كان على قريش وبشكل أدق بطون بني أمية وبني أبي معيط. لقد كان رفض المنطق العائلي والوراثي في الحكم متأصلا عند الثوار المسلمين الأوائل باعتباره في صلب الإسلام، في حين أن الوراثة والعائلية من جاهلية العرب والعجم. وحتى الإمام علي بن أبي طالب لم ينج من النقد عند تعيين ثلاثة من أبناء العباس حيث قال له صاحبه الأشتر بن مالك النخعي: « ففيم قتلنا الشيخ إذن؟ » في إشارة لمقتل عثمان لتسليمه أبناء عصبته الولايات الأساسية. لعل البيعة الجماهيرية للحسن بن علي، كذلك للعديد من رموز الخوارج كانت الرد على منطق وراثة الحكم بصلات الدم والقربى. وفي حين اتفقت فرق الخوارج على اعتبار اختيار المسلمين للخليفة والعدل واجتناب الجور بعد تولي الخلافة من مقومات الإمامة الكبرى في الإسلام، أصلت الخلافة الأموية وراثة الخلافة العائلية باعتماد سياسة القوة أولا وقوة الطابع العصبي للسياسة من جهة ثانية. « نجح » معاوية بن أبي سفيان، بعد الوفاة المشكوك في أسبابها لولي العهد المتفق عليه (الحسن بن علي) في توريث الخلافة لابنه. الأمر الذي زرع قواعد الاستبداد الوراثي في التاريخ العربي الإسلامي. ولكنه، لحسن الحظ، لم ينجح في إدخال التوريث في النظرية السياسية في الإسلام. لهذا أصر أهل العلم على رفض الخلافة عبر ولاية العهد الملكية، وميزوا دائما بين الخليفة والملك، باعتبار أكثر المشابهات بين الخلافة والملكية هي تلك المتعلقة بالحكم مدى الحياة وفيما عدا ذلك ثمة افتراق كامل بينهما. ظهر التشدد في رفض ولاية العهد، كما يشير الهادي العلوي في تولي عمر بن عبد العزيز الخلافة. فبعض الفرق أيدت سياسة عمر بعد أن اتضح أنها تجري في خط مغاير لأسلافه، في حين ذكر البعض الآخر بأن عمر جاء عن طريق ولاية العهد، إذ أوصى به سليمان بن عبد الملك واستخلف بناء على هذه الوصية. وبالتالي فالطريقة التي وصل بها عمر إلى الخلافة باطلة. للتخلص من هذا الإحراج لجأت المعتزلة إلى المغالطة، فادعت أن عمر استحق الخلافة لا لأجل العقد المتقدم من سليمان وإنما لأجل رضا أهل الحل والعقد (ابن المرتضى). وينسب لسفيان الثوري رأي مختلف يقول: « أخذ عمر الخلافة بغير حق ثم استحقها بالعدل ». وفي الأثر واقعة هامة في التاريخ العربي الإسلامي تتعلق بولاية العهد: « لما مات يزيد بن معاوية أراد بنو معاوية مبايعة ابنه معاوية الثاني وارثا لأبيه وفقا للتقليد الذي وضعه جده معاوية الأول. استشار معاوية الثاني أستاذه عمر المقصوص صاحب المذهب القدري المناهض للحكم الأموي فقال له: إما أن تعدل وإما أن تعتزل، فنظر في أمره كيف يختار، وكيف يمكن أن يكون عادلا إذا اختار البقاء في منصب الخلافة. فما كان منه إلا أن اعتلى منبر المسجد وخاطب أهل دمشق قائلا: « أنا قد بليت بكم وابتليتم بنا، لا أحب أن ألقى الله بتبعاتكم. فشأنكم وأمري (أي أترك لكم الخلافة). فتصرفوا فيه كما تريدون. ولّوه من شئتم. فوالله لئن كانت الخلافة مغنما لقد أصبنا منها حقنا وإن كانت شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها ». كما أن كتب المدينة الفاضلة ومنطلقات النظرية السياسية الإسلامية بعد التراجم من اليونانية لم تعط الوراثة أي حق شرعي بقدر ما ربطت موضوع الخلافة بالكفاءة والخلق والتفقه في الدين والدنيا. بل على العكس من ذلك، انتقلت فكرة الشورى إلى الفقه، فاعتبر الخلافة غير شرعية إذا استندت إلى القهر والغلبة واشترط لصحة الاستخلاف استناده للشورى التي أصبح تعريفها « حق مجموع المسلمين في اختيار الخليفة ». أدخل الأنموذج الليبرالي الاستعماري المؤسسات الغربية ولو بشكل مشوه وإيديولوجي وناقص. أما تعبيرات المقاومة السياسية والمسلحة فقد أصلت التحدي الأكبر للتثاقف البنّاء، تحدي اكتشاف الذات واكتشاف الآخر والبحث عن سبل الانتصار على الآخر لدخول التاريخ طرفا شريكا لا خانعا مستعبدا. ومع تسلم الضباط الوطنيين في مصر والعراق وسورية والسودان والجزائر.. وضع مفهوم المواطنة على قربان الوطن وتمت التضحية باستقلال القضاء باسم قضاء الثوار، وصودر حق الخلاف باسم الوحدة الوطنية. وبذلك ضرب التسلط العربي المقومات الجنينية للمجتمع المدني التي نشأت في ظل الأنموذج الليبرالي الاستعماري والمقاومة الوطنية. ولا ضير بعد هذا أن نشهد نماذج لا تعرف معنى مذكرة التوقيف ويختفي فيها الأفراد دون حسيب ولا متتبع ولا مطالب، ويسجن رواد المعارضة السلمية لربع قرن دون محاكمة، ثم يجري الحديث عن ثورة وجمهورية واشتراكية وتحرر إلى ما هنالك من شعارات مفرغة من كل معنى. مع سقوط النظم السياسية لحلف وارسو، لم تعد إيديولوجية العسف باسم الوطنية والتقدم تقنع حتى أصحابها. إلا أن العقود المستديمة للتسلط تركت المجتمع جريحا منهك القوى مشّوه الوعي. ولا يمكن الحديث، في رأينا، عن اغتيال الجمهورية واغتيال مبدأ الديمقراطية لصالح ولاية العهد فقط منذ أشهر أو سنة أو سنوات. فالمسألة أعمق من ذلك: لقد فشل الأنموذج التسلطي العربي في بناء الجمهورية وفشل في بناء دولة قانون ودستور. واغتال عن سابق إصرار وتصميم حق المواطنة ومقومات المجتمع المدني باعتباره يفتقد للشرعية بكل المعايير السياسية الحديثة. لم يكن بوسعه الاستمرار إلا بـ »شرعية الأمر الواقع »، أي بالعسف الصلف والتوظيف السيئ للسلطة على أسس عصبية ما قبل المدنية. فمع اختلاف أشكال وصولها للسلطة واحتفاظها بها، تلاقت السلطات التسلطية العربية على ضرورة إلغاء المواطن المشارك المسؤول، المواطن المدرك لحقوقه والواعي لدوره كمقرر لبنية الدولة وطبيعتها وشكلها ومؤسساتها، بكلمة، الشعب يقرر مصير الدولة. إلا أن علاقة الهيمنة الغربية وضعف المؤسسات الديمقراطية أنجب دولة عصبية أمنية لا تتقاطع مع الدولة الحديثة إلا في تحديث وسائل القمع وأدوات تدنيس الوعي. في حين أنها استحضرت في تجمعات المصالح العسكرية والمدنية، السياسية والاقتصادية للسلطة الجديدة، العلاقات العضوية التاريخية كنقطة ارتكاز لاحتفاظها بالسلطان واغتيال مبدأ التداول. وهكذا شهدنا في النظام العربي المعاصر جمهورية غير تعاقدية وملكية غير دستورية الأمر الذي سهل تحول مؤسسة الدولة إلى مزرعة عائلية مع التهميش المتصاعد لمبدأ تقسيم السلطات والمشاركة في المسؤولية الوطنية والمواطنية في الكيان السياسي الواحد. وفي هذا السياق، يمكن اعتبار مصر الانتكاسة الرمزية الكبرى لأنها تحمل مواصفات أساسية للدولة وليست حكومتها مجرد سلطة كما هو الحال في تونس وسورية وليبيا والسودان واليمن. هل يمكن الخروج من حالة الاستعصاء التي تفرضها التكوينة الأمنية-العصبية على الدولة والمجتمع بالطرق السلمية والانتقال المحدود الخسائر؟ لا شك في أن الإجابة عن هذا السؤال ستحدد المدى الزمني لعودة العرب إلى التاريخ الإنساني، بتعبير آخر، خروجهم من أنماط الحكم العربية القديمة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 5 ديسمبر 2009)
انتصار.. يا محسنين.. انتصار!
د. فيصل القاسم لا ألوم أي شعب عربي يبحث عن أي انتصار حتى لو كان الفوز على الوسادة أو على منشفة الحمام، فباستثناء بعض حركات المقاومة الباسلة، تعيش كل الدول العربية تقريباً حالة من الهزيمة واليأس على مختلف الصعد، فشعوبنا مهزومة أمام جلاديها لا تستطيع حتى أن تعبر عن ألمها ومظالمها، فما بالك أن تدافع عن حقوقها أو تنتزعها، فلا يمر يوم إلا وتسمع عن إيداع العشرات من المعارضين في سجون هذا النظام أو ذاك لأتفه الأسباب. حتى إن البعض يسجن الكتاب والمفكرين لمجرد أنهم قالوا كلمة حق ليس ضد النظام الحاكم، بل ضد بلد آخر. تصوروا: لم يعد بإمكان البعض أن ينتقد نظاماً عربياً آخر إلا بإذن النظام الحاكم. والويل كل الويل لمن يتجرأ وينتقد ارتفاع أسعار البطاطا أو تدني خدمات الصرف الصحي في بوركينا فاسو أو ساحل العاج، أو من يظهر على فضائية دون ألف إذن وإذن، فمصيره الأقبية المظلمة إلى ما شاء الله، والتهم جاهزة بكبسة زر. لقد تحولت بلداننا إلى مستنقعات راكدة لا يسمح فيها حتى للبعوض أن يطير فوقها. هذا في الوقت الذي تتغول فيه الدول وأجهزتها الباطشة بطريقة لا تقل إرهاباً وقسوة عن تلك التي رسمها الروائي البريطاني الكبير جورج أورويل في رواية « 1984 ». صحيح أن حكامنا حققوا وما زالوا يحققون الانتصار تلو الآخر على شعوبهم. وصحيح أيضاً أن « جيوشهم الباسلة » تبلي بلاء حسناً ضد أي فصيل داخلي يحاول الخروج عن الطوق، كما تفعل الترسانة اليمنية وأعوانها ضد المتمردين في صعدة، لكن نفس المستأسدين على شعوبهم هم في واقع الأمر نعامات عندما يتعلق الأمر بمواجهة الخارج. ولا أدل على ذلك من أن الذين يمطروننا ببيانات نارية، ويستخدمون لغة غضنفرية على شاشات التلفزيون ضد المتمردين المساكين لا يترددون في التهافت على إرضاء الأعداء الحقيقيين، فلا يرفعون في وجوههم سوى « مبادرة السلام العربية » التي تتعامل معها إسرائيل باستخفاف وصلف صارخين. كما أن الشعوب مهزومة، تتهافت على أي بصيص يرفع معنوياتها، فالحكام أيضاً مهزومون أمام أسيادهم في إسرائيل وأمريكا وأوروبا، لا بل أمام نظرائهم في أفريقيا، فعلى الأقل ما زال يمتلك العديد من الزعماء الأفارقة رغم فقرهم وتخلفهم بعض الكرامة والشهامة والإباء، بينما لا يقوى حكامنا إلا على الاستسلام والرضوخ. ولعلنا نتذكر كيف تحدى الأفارقة الحصار الذي كان مفروضاً على ليبيا رغم أنف أمريكا وبريطانيا، بينما كان يتسابق الحكام العرب على تطبيق الحصار بحذافيره. أما مجتمعاتنا فحدث ولا حرج، فهي لم تعد تستطيع المنافسة حتى مع أقرانها في العالم الثالث مثل إيران، فبينما يطل علينا الإيرانيون شهرياً بصواريخ ومعدات عسكرية فتاكة، ما لبثت بلداننا العربية تستورد إبرة الخياطة وحتى الفلافل والطعمية من الصين والغطرة والعقال من اليابان. لقد بدأ العالم العربي يخرج فعلياً من العالم الثالث ليحل وحده لا شريك له في العالم الرابع. لم يعد لنا مكان حتى في وسط المتخلفين، فالتخلف أصبح درجات، ونحن نقبع في الدرك الأسفل للتخلف. والغريق يتمسك بقشة. فلو نظرنا إلى الإحصائيات والجداول التي تصدرها الأمم المتحدة حول الفساد لوجدنا الدول العربية تتصدر القوائم فيما لو بدأ الترتيب من الأسوأ إلى الأفضل. وستقبع بلداننا في ذيل القوائم فيما لو كان الترتيب من الأفضل إلى الأسوأ. وكذلك الأمر بالنسبة للاستثمار الاقتصادي والبحث العلمي حيث تحل الدول العربية في مؤخرة القائمة. ومن المضحك أن قطاع غزة الذي يعاني الأمرين اجتماعياً واقتصادياً جاء في مرتبة متقدمة من حيث الازدهار الاقتصادي مقارنة ببعض الدول العربية. لا عجب بعد كل ذلك أن تجد الجماهير العربية وحكامها يستميتون من أجل انتزاع نصر هزيل في ملاعب كرة القدم. لماذا لأنهم مهزومون في كل شيء، ولهذا فهم يستقتلون للفوز بأي نوع من الانتصار. ولو كانوا أصحاء فعلاً من الناحية العقلية والنفسية لكانوا عملوا من أجل تحقيق انتصارات أبقى وأجدى لا من أجل انتصارات تتقاذفها، وتنتجها أقدام اللاعبين وأحذيتهم. يا الله لماذا وصل بنا الأمر إلى تمجيد ما تنتجه الصرامي والكنادر والجوتيات، أكرمكم الله. أليس النعل شيئاً مذموماً في ثقافتنا العربية؟ أما زلنا نعيّر الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بضربة حذاء منتظر الزيدي؟ فلماذا إذن تنقلب لدينا المعايير عندما يحقق لاعبونا انتصاراًً بنعالهم؟! أليست « كرة القدم نموذجاً لقياس حالة الإحباط الجمعي » في عالمنا العربي، « ولحجم الكبت » المستدام بين ظهرانينا، يتساءل أحد الكتاب. ألا « تعتبر واحدة من أدوات التنفيس لاحتقاناتنا وهزائمنا المزمنة »؟ ألا تصبح كرة القدم في دولنا « المتصدرة قائمة أكثر الدول فساداً وفشلاً ومرضاً وأمية، ألا تصبح معركة وطنية زائفة »… فينسى الشعب كل هزائمه أمام الداخل والخارج على حد سواء ليحتفل بانتصار هلامي؟ « ميزة الهزائم » يجادل أحد الزملاء، « أنها تعلم الشعوب، فأعظم المهزومين في التاريخ، أصبحوا في مقدمة البشرية مثل اليابان وألمانيا. إلا أن هزائمنا عادة تضاف إلى مسبحة نسبِّح بها كلما جاء ذكر الوطن، نلمِّعها، نتباهى بها، ومع الزمن نحيل الهزيمة بقدرة قادر إلى نصر من نوع آخر ». لا عجب أبداً أن نقيم الدنيا ولا نقعدها من أجل كرة قدم، فنحن أمة تشحذ النصر ولا تحققه. نحن شحاذون لكل شيء بما فيها الانتصارات. انتصار…انتصار… يا محسنين! (المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 6 ديسمبر 2009)
تركيا تدخل عهد الجمهورية الثانية
د. عصام العريان
يمكننا القول بثقة إنه ببدء مناقشة حزمة الإجراءات والقوانين التي يعتزم حزب العدالة والتنمية وإقرارها في البرلمان التركي بشأن المسألة الكردية تكون تركيا قد دخلت عهدا جديدا يطلق عليه المراقبون « الجمهورية الثانية » هذه المناقشات بدأت في يوم ذكرى وفاة مؤسس الجمهورية الأولى « كمال أتاتورك » مما أدى إلى صخب شديد وعراك بالأيدي بين ورثة أتاتورك من غلاة العلمانيين وأعضاء حزب الشعب اليساري وبين أغلبية النواب المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية المحافظ ذي الجذور الإسلامية، ولا شك أن اختيار اليوم يحمل دلالة رمزية لا تخفي على المراقبين وهو يعني الانقطاع عن السياسة القديمة والبدء بسياسة جديدة أو نهاية الجمهورية الاولى وبداية الجمهورية الثانية. الحزمة المقترحة من القوانين والإجراءات تتعلق بأحد أهم وأخطر القضايا التي توارثتها الحكومات المتعاقبة وهي « المسألة الكردية » وتسببت في مواجهات دامية بين « حزب العدالة الكردستاني » بقيادة « عبدالله أوجلان » الذي يقبع في زنزانة انفرادية في جزيرة منعزلة بعد عملية ناجحة للقبض عليه في « كينيا » وبين الجيش التركي على مدار عقود من الزمن سالت فيها أنهار الدماء وراح ضحيتها مئات الأتراك من الجانبين وتم تدمير عشرات القرى في جنوب شرق تركيا وتسببت في توتر دائم على الحدود بين تركيا وبين سوريا والعراق وأصبحت أحد أهم العقبات التي تواجه انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لأنها من جهة عظّمت دور الجيش التركي بصورة ضخمة جدا مما أدى إلى سيطرته على الحياة السياسية وتدخله الدائم في حل الحكومات والقيام بعدة انقلابات على الحياة الديمقراطية ضد الحكومة اليمينية واليسارية معتدلة كانت أو إسلامية، وأيضا تشوّه سجل تركيا في ملفين هامين جدا بالنسبة إلى أوروبا يتعلقان باحترام حقوق الإنسان واحترام الخصوصيات الثقافية وكذلك احترام القواعد الديمقراطية. لقد سار حزب العدالة والتنمية بخطوات ثابتة وعزز مكانته الشعبية والإقليمية والدولية خلال السنوات القليلة الماضية مما يؤذن ببداية عهد جديد فعلا في تركيا الحديثة. لقد حافظ الحزب على ثقة الشعب به ونجح في اجتياز اختبار الانتخابات المحلية والعامة رغم تراجعه الطفيف في المحليات. السبب الرئيسى في ذلك هو زرع أمل واقعي في نفوس الشعب التركي لتحقيق الاستقرار والأمن ومعه الازدهار الاقتصادي والسعي جديا لتحقيق حلم الأتراك القديم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. كل ذلك تحقق وفق خطة مدروسة وبحكمة شديدة وبخطوات وئيدة بطيئة لكنها متلاحقة. أفشل الحزب كل خطط خصومه من العسكريين والسياسيين لإخراجه من الحكم أو الانقلاب عليه أو إثارة الجمهور العلماني ضده وضد سياساته واستخدام الحزب أغلبيته البرلمانية القوية والتي تعززت في الانتخابات البرلمانية الثانية بذكاء شديد لإجراء تعديلات دستورية وقانونية تحجم دور الجيش وتغل يد المحكمة الدستورية العلمانية عن حل الأحزاب الذي تسبب في تعويق الحياة الديمقراطية وإفساد الحياة السياسية وقطع الطريق دوما على الأحزاب ذات الجذور الإسلامية. لم يستدرج الحزب الى معارك داخلية إيدولوجية مثل قضية الحجاب بل تعامل معها بحكمة مثيرة للاعجاب وتراجع عن مشروع قانون ولو إلى حين ولم ينظم مظاهرات ضخمة لمواجهة مظاهرات العلمانيين حتى لا يتسبب في توتر داخلي يؤدى إلى تدخل الجيش بذريعة القلاقل والاضطرابات. نجح الحزب في كسب تأييد خارجي هام في أمريكا وبعض أوروبا رغم معارضة فرنسية شديدة وتمنع ألماني وكان شعاره أنه يقدم حلا وسطا بين العلمانيين المتطرفين وبين الخوف الشديد في الغرب من الإسلاميين (الاسلاموفوبيا)، فطرح ما سماه « العلمانية المؤمنة » وهو ما يجد صداه في أمريكا نفسها وبعض دول أوروبا مثل بريطانيا التي للدين دور رئيسى فيها، وهذا ما يجعله محل دراسة المهتمين بالظاهرة الإسلامية كحل وسط لإشكالية دمج القوى والتيارات الإسلامية في الحياة السياسية وإمكانية مشاركة الأحزاب الإسلامية في الحكم أو تولي الحكم تماما، وهي تجربة ما زالت في بدايتها وفي ظروف خاصة جدا لتاريخ تركيا وعلاقاتها مع أوروبا والتطرف العلماني الذي رسخّه « كمال أتاتورك » وورثته ضد كل مظهر إسلامي إلا انه لم ينجح في اقتلاع العقيدة والدين من قلوب ونفوس الأتراك. اليوم يصنع الأتراك بقيادة حزب العدالة والتنمية ورجاله تاريخا جديدا لتركيا، في حين يتدهور الوضع العربي من بلد إلى بلد، ويخرج العرب تدريجيا من التاريخ بعد فشل ذريع لمشروع الدولة الوطنية القومية الذي بدأ بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية لغياب الرؤية وفقدان البوصلة وانعدام الحريات العامة والتردد في إرساء حياة ديمقراطية. فهل كان السبب كما يقول البعض هو علمانية تركيا أم ديموقراطيتها ؟ وهل العلمانية كما يدعي البعض شرط لازم لحياة ديموقراطية؟ هذا سؤال هام يحتاج الى بحوث معمقة ودراسات واسعة الا انني وبسرعة ضد ان السبب هو علمانية تركيا وقد اثبتت تجارب عديدة انه لا ارتباط بين العلمانية والديموقراطية وإلا فإننا بذلك نضع عقبة كبيرة جدا ضد التحول الديموقراطى في بلاد المسلمين التي لا يمكن لها ان تتخلى عن دينها او عقيدتها وستظل تطالب بتطبيق كامل لشريعتها الاسلامية. في خطوات ثابتة راسخة قام الأتراك خلال الشهور القليلة الماضية بالتالي : • فتح الحدود الجنوبية مع سوريا وتوقيع عدد ضخم من الاتفاقيات مع الحكومة السورية مما يمهد لاتفاقية تعاون استراتيجي بعد أن كادت المشاكل تهدد بنشوب نزاع مسلح مع سوريا قبل شهور، بل أصبحت تركيا هي الوكيل الحصري للوساطة بين سوريا والعدو الصهيوني. • توقيع اتفاق تاريخي مع أرمينيا بعد عداوة تاريخية بسبب ما يتذرع به الأرمن من مذابح في عهد الخلافة العثمانية ضد السكان الأرمنيين. • تهدئة الأوضاع على الحدود الجنوبية الشرقية مع العراق وزيارة تاريخية للبصرة وأربيل وفتح قنصلية بالبصرة والتمهيد لأخرى في اربيل وفتح الحدود لعودة اللاجئين الأكراد إلى قراهم في جنوب تركيا في إطار الخطة الموضوعة لإنهاء المسألة الكردية باحترام الثقافة الكردية والسماح بقيام أحزاب كردية وتعليم اللغة الكردية كلغة ثانية في المناطق الكردية والسماح بإذاعات وتليفزيونات كردية… إلخ. • زيارة إيران والإقرار بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية، بل تم طرح تركيا كبديل مقترح لارسال الوقود النووي المخصب من ايران اليها بدلا من روسيا وفرنسا. • زيارة باكستان والاعتراض على السياسات الغربية والأمريكية فيما يتعلق بالأمن والاستقرار في أفغانستان وباكستان رغم قيادة تركيا لحزب « الناتو » في هذه الآونة. • السعي الجاد للقيام بأدوار إقليمية في كثير من الملفات الشائكة كما سبق بيانه. • التوتر الحاصل في العلاقات شبه الاستراتيجية مع العدو الصهيوني وإلغاء المناورات المشتركة والاعتراض العلني على السياسات الصهيونية في غزة والقدس مما أدى إلى شهادات متتالية من حركات « حماس » ثم « حزب الله » وإشادة بالدور التركي مما أدى للاستنجاد بهم للتدخل حيث يغيب العرب أو يتواطأ بعضهم ضد المصالح والثوابت الفلسطينية. كانت تلك المشاكل والتوترات من ميراث الجمهورية الأولى التي أرساها أتاتورك عام 1923م عندما ألغى الخلافة الإسلامية العثمانية والسلطنة وزرع بذرة القومية التركية المتطرفة وحاول إغلاق تركيا على حدود متوترة مع كل أو معظم دول الجوار من اليونان إلى روسيا رغم انه رفع شعار (سلام في الوطن سلام في العالم) بينما يعلن قادة حزب العدالة اليوم انهم يطبقون هذا الشعار في الواقع. الحسنة الوحيدة إن كان له حسنات هي أن أتاتورك بذر بذرة نظام ديمقراطى في جو علمانى صارم، صحيح أنها كانت ديمقراطية متعثرة بسبب تدخل الجيش باستمرار في انقلابات متتالية، إلا أن نزاهة الانتخابات وحرية تشكيل الأحزاب ووعي ونضج الشعب التركي وتمسكه بجذوره الإسلامية ورسوخ العقيدة الإسلامية في قلوب الأتراك وتصميم وعزم آباء الحركة الإسلامية باختلاف فصائلها من « سعيد النورسي » و »نجم الدين أربكان » و « فتح الله كولن » وانتهاء بـ « عبدالله جل » و »رجب طيب أردوغان » على الاستمرار في العمل والتقدم خطوة بعد خطوة رغم كل العثرات والمشاكل، كل ذلك أدّى إلى تطورات هامة وعظيمة نشهدها اليوم في تركيا التي يمكن أن تكون جسرا بين العالم الإسلامي وبين الغرب لإنهاء عداوة تاريخية ما زالت قائمة بسبب الحروب المتتالية في العراق وأفغانستان والاحتلال الصهيوني للمقدسات الإسلامية وأرض فلسطين والنزاعات المستمرة التي تشتعل بفعل التدخلات الغربية في بلادنا والاستنزاف المستمر لثرواتنا والتأييد المتواصل للديكتاتوريات الجاثمة على صدورنا. نجحت تركيا في حل معظم مشاكلها الحدودية تمهيدا لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي بحيث اصبحت حدوده المتوقعة آمنة، كما نجحت في رسم معالم واضحة لنظامها الديمقراطي، فهل تصبح تركيا النموذج الذي يتعلم منه العرب والمسلمون؟ أم أصبحت العودة الى الشرق الاوسط القديم هي الامل والحل بعد ان فشلت الدول الوطنية وفشلت كافة المشاريع الاخرى كالشرق الاوسط الجديد ولم ينجح أحد من المتقدمين لوراثة العثمانية القديمة فأصبحنا امام جمهورية ثانية في تركيا وعثمانية جديدة في المنطقة.
(المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 6 ديسمبر 2009)
بين المخارج المشرِّفة والتخريجات المؤسفة
د. عزمي بشارة توالت مؤخرا تداعيات انتخاب نتنياهو واتضاح طبيعة العلاقات الأميركية الإسرائيلية للمرة الألف حتى في عهد أوباما. وبالعامية « حاصت » القوى السياسية الفلسطينية، أو دارت في مكانها بعصبية وحيرة ضاربة أخماسا بأسداس. وتتالى الإدلاء بمواقف وتصريحات جسيمة تعبِّر عن حالة من عدم الارتياح الشديد. واستنجد رئيس السلطة الفلسطينية بما يسمى « المجتمع الدولي » لأنه لا يمكنه الاستمرار بهذه الطريقة ملوّحا بإمكانية عدم ترشحه (عدم رغبته في الترشح مرة أخرى). وفي غضون أسبوعين تطرّق ناطقون باسم السلطة مرة إلى إمكانية حل السلطة، ومرة إلى حل الدولة الواحدة، وثالثة إلى التوجه إلى مجلس الأمن لترسيم حدود الدولة الفلسطينية، أي لترسيم حدود الرابع من حزيران. وهي حدود معروفة لا تحتاج إلى ترسيم. لأنها هي هي خطوط الهدنة التي رسمتها المعركة، ووقع عليها في رودس مع الجيش الأردني عام 1949، وأهمها خطوط الهدنة داخل القدس نفسها.. وخرائطها موجودة جاهزة في الأرشيفات. هي إذا خطوط واضحة خلافا لحدود التقسيم 1947 التي رسمتها وصاغتها الأمم المتحدة من لا شيء. وصارت هي أيضا خرائط في الأرشيفات. ومع أن التوجه إلى مجلس الأمن تحول من « أضعف الإيمان » الذي تسخر منه الثورة الفلسطينية إلى خيارٍ يهدِّد به الفلسطينيون خصومهم، فإن هذا الخيار الأخير هو الأكثر جدية من ناحية السلطة والأكثر انسجاما مع إستراتيجيتها. أما الخيارات الأخرى فلا تنسجم ضمن تصورها لنفسها وللعالم، وهي تشبه التلويح والتهديد في مشادة أكثر مما تشبه التكتيك السياسي، ناهيك عن الإستراتيجية. فالدولة الواحدة هي حلٌ يُطرَحُ لمصلحةِ الشعبين. وعلى من يجِدّ في مثل هذا الحل أن يُقنِع، لا أن يهدّدَ به، وكأنه يهدد بحرب لا يقصدها أصلا كي يُنَفِّرَ منه. فلا نحصد من هذا التلويح سوى أن خيار الدولة الواحدة خيار سيئ يُلَوَّح به للتخويف. الضرر اللاحق بهذه الفكرة جراء هذا الاستخدام هو ضرر جسيم. أما فكرة حل السلطة فحبّذا لو كانت واقعية، وكان حلها ممكنا. فلا أفضل لمسار أوسلو من عودة التاريخ إلى الوراء كأنه لم يكن. ولا أفضل للمقاومة من عودة إسرائيل للاهتمام بالقمامة وتأمين العمل والصحة والتعليم بالحد الأدنى من واجبات الدولة المحتلة وعودة فصائل المنظمة بالمقابل للاهتمام بالمقاومة. ولكن هيهات، فالتاريخ لا يعود القهقرى. وعلى أية حال، فإن السلطة هي كل ما يملكه أربابها وربابنتها وربيبوها. ولن يتخلوا عنها. وإذا تخلوا (في خيالنا الجامح طبعا) فلن تقبل إسرائيل أن تعود للاحتلال المباشر، وستنشأ حالة فراغ تملأه الأجهزة الأمنية. والمرشحون لـ »إنقاذ الشعب الفلسطيني » من حالة الفوضى بدعم غربي وإسرائيلي همُ كثُر. أما اقتراح التوجه إلى مجلس الأمن لاستخلاص قرار بإقامة دولة وترسيم حدودها، فهو خيار أكثر جدية إذ ينسجم مع عالم ولغة أصحابه السياسية. هذا وإن أدى إلى معاناة التقاط الصور التي لا يرغبون فيها مع قادة عالم ثالثيين شعبويين (في رأي الكاتب أيضا) من أمثال شافيز بعد التعود على الصور في البيت الأبيض. ولكنه للأسف عبارة عن تخريجة، وليس مخرجا مشرفا. والتخريجة غير موجودة في لسان العرب، ولكن عبقرية العامية الدارجة جمعت فيها دلالتين: ما تفعله الأم لتخرج اللعنات والأرواح التي تؤمن بها من عالم طفلها المريض الناجم عن اللعنات، كما تؤمن به هي، والتخريجة في هذه الحالة سحر وشعوذة، وما يفعله المرء للاحتيال بصيغ تبدو كأنها مخرج ولكنها ليست مخرجا فعليا. نحن نتحدث في الحالين عن محاولة التأثير على الواقع بالالتفاف عليه بالسحر والشعوذة وخفة اليد. وهي ليست مشرِّفةً لأنها تعبر عن مأزقِ سلطةٍ لا يمكنها العودةَ للمفاوضات، ولا يمكنها العيش سياسيا دون مفاوضات. ومن هنا فهي تستدر عطفا ودعما. أقطابها يتحركون دوليا لتحريك الأوضاع في نوع من الحركة الدبلوماسية غير المدعومة بخيارات بديلة لخيار التفاوض. وبالتالي فإن « العالم » لا يرى تهديدا، كما لم تهتز قصبة لنفس هذا « العالم » (وهو في عرفهم أميركا وأوروبا) عندما أعلن رئيس السلطة الفلسطينية « عدم رغبته » في ترشيح نفسه. لقد استخدموه ولا يبدو أنهم سيذرفون عليه دمعة، بل سيفكرون فورا في البديل. فهو عزيز فعلا، ولكن معزّته ليس شخصية… حليفهم في مأزق هذا صحيح، ولكنه لا يهدد بالعودة للانتفاضة، ولا حتى للحجر. وبالتالي فإن الحركة في مجلس الأمن محرجة قليلا له و »للعالم ». ولكنها في النهاية سوف تنتهي. ويعودون إلى نفس المأزق. فمجلس الأمن لا يغيِّر موازين القوى، ولا الواقع على الأرض، ولا حتى حين يرسل قوات لتغيير الواقع وإسقاط دول. فحينها لا يقوم مجلس الأمن بتغيير الواقع، بل تقوم بذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها عبر استخدام مجلس الأمن. ولا يبدو أن الولايات المتحدة عازمة على استخدام مجلس الأمن لإقرار فرض عقوبات على إسرائيل، ناهيك عن إرسال قوات لتحرير مناطق الضفة الغربية والقدس التي سيعلنها مجلسُ الأمن دولةً. وبالعكس فإن هنالك احتمالا جديا بأن تحبط قرارَه باستخدام حق النقض، باعتبار اقتراح القرار الفلسطيني هو دعوة « للتدخل » في المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة بين « الطرفين ». ومؤخرا قام ميتشل الذي أكثرت بعض « الصحافة العربية الخفيفة » (أو باختصار « الصخافة ») من التغني بأصوله العربية، قام، لا فض فوه ولا عشم يثنوه، بتهنئة نتنياهو على تخفيف الاستيطان. ومنذ أوسلو تصر الولايات المتحدة على أن على الهيئات الدولية ألا تتدخل في عملية السلام، وأن تترك « الطرفين » يتفقان. وهذا المنطق هو أحد أهم أبعاد أوسلو من ناحية إسرائيل. ففي أوسلو خرجت (م ت ف) عن تقليد تطبيق القرارات الدولية إلى المفاوضات بين « طرفين » كاملي الإرادة، متساويين كذبا، متكافئين زورا، بوسيط محايد زورا وبهتانا، ألا وهو الولايات المتحدة. وها هي السلطة تدرك للمرة الألف منذ عقدين أنها في ورطة ومأزق. وهي تحاول استثارة الشفقة أو التعاطف القائم على تقدير موقفها وضرورة إنقاذها. وفي كل مرة تعود فيها السلطة لاستدعاء المجتمع الدولي الذي همَّشته، أو إلى التضامن الذي هدمته بمعاولها تجد أن قسما كبيرا من الدول التي كانت حليفة للشعب الفلسطيني استغلت أوسلو لتنظم علاقاتها مع إسرائيل (والهند فقط حالة من هذه الحالات). ولكن غيرها كثير، كما لوحظ مؤخرا من زيارة تسيبي لفني المعيبة إلى المغرب. وهي وزيرة خارجية إسرائيل إبان حربها على لبنان وعلى غزة. على كل حال لنفترض أن مجلس الأمن أقر التوجه الفلسطيني. ماذا سوف يحصل بعدها؟ لقد أقرت هيئة الأمم المتحدة حدودا أفضل بكثير هي حدود التقسيم لعام 1947. ووافقت عليها الحركة الصهيونية في حينه، فماذا حصل؟ احتلت إسرائيل غالبية القسم المقرر أن تقوم عليه دولة عربية في فلسطين. سيكون القرار المقترح تراجعا عن قرار التقسيم، وهو القرار الدولي الوحيد الذي يتضمن حدودا مرسمة بين الكيانين. وسيكون دون حق العودة. ولن تطبق إسرائيل قرار مجلس الأمن، بل سوف تدعو السلطة إلى العودة للتفاوض لأنه لا شيء يلزمها سوى المفاوضات برعاية أميركية. لقد أعلنت دولة فلسطينية عام 1988 في الجزائر. ولكن قلة تذكر أن الإعلان جاء بناء على قرار التقسيم عام 1947. أما الإعلان الحالي فيرغب في أن يأتي بناء على قرار مجلس الأمن على حدود 1967. أي أن السلطة « تهدد » إسرائيل بالتراجع عن الإعلان السابق، ولتهتز أركان الهيكل. وسوف تبقى السلطة في حدودها الحالية. أي أنها سوف تتحول في أفضل الحالات إلى دولة محاصرة بحدود مؤقتة على نمط اقتراح موفاز. ولكنه سوف يبدو كأنه إنجاز وتحدّ. ويستشهد البعض بالغضب الإسرائيلي من التحرك الفلسطيني لإثبات صحته. هذا ليس دليلا على الإطلاق. فمن الطبيعي أن تعارض إسرائيل، لتحصّل ما هو أفضل لها دائما. فهذه الدولة خلافا للعرب ترى في كل شيء خسارة لها، وتنازلا منها، ولا تتوقف عن البكاء والتمسكن، حتى حين يرى العرب قرار مجلس الأمن انتصارا لهم، رغم أنه لن يطبق. إن أي مخرج مشرف يتطلب تغييرا ما في الإستراتيجية التي قادت إلى المأزق. حين تصل قيادة إلى وضع تهدد فيه بالاستقالة وتخرج من لدنها في الوقت ذاته ثلاث إستراتيجيات متضاربة فلا يعني هذا سوى أنها في مأزق. ومأزق القيادة السياسية إذا ارتبط بخيار سياسي يكاد يكون تاريخيا، ودافعت عنه وربطت مصيرها ومستقبلها به في مرحلة تاريخية معينة، هو مأزق لهذا الخيار. وإذا تورط قسم كبير من نخب الشعب الفلسطيني وجمهوره في هذا الخيار، فإن المأزق هو مأزق شعبي. والشماتة في مثل هذه الحالة هي حماقة، فحال مرتكبها كحال المتشفي بمأساته. تتطلب المسؤولية السياسية إذا حوارا عربيا وفلسطينيا للبحث عن مخارج. وأقول مخارج مشرفة، وليس حلولا ولا إستراتيجيات. لأن الإستراتيجية في رأي الكاتب غير مرتبطة بالوعظ والتبشير، بل بالهدف، وبمقومات هذه الإستراتيجية المادية وعناصرها وحَمَلَتِها، وبالإرادة أيضا. وهذه كلها لا يمكن فرضها. ففي رأيي لا يوجد حل لقضية فلسطين، ناهيك عن حلول، بل إما أن توجد إستراتيجية مواجهة عربية أو لا توجد. والمقاومة هي حالة بينية لا بد من توفرها إلى أن توجد إستراتيجية مواجهة عربية. ومهمة المقاومة هي تحرير الأرض بالمعنى القطري للكلمة، ومنع تحوّل إسرائيل إلى حالة طبيعية في المنطقة، وتقديم نماذج ناجحة في مواجهة إسرائيل، وتقديم الدليل على أن هذه المواجهة ممكنة، وتطوير إرادة المجتمعات العربية، ومنع فرض حلول غير عادلة… وغيرها. وقد حقّقت المقاومة إنجازات في هذه المجالات. ولا يمكن فرض حلول أو إستراتيجيات على من تبنّى حتى الآن إستراتيجية محدّدة جدا مناقضة لما نقترح. ولكن لا بد من طرح المخارج عليه لكي لا تُفَسَّر الأمورُ بأن جزءًا من الشعب الفلسطيني ينتظر فشل الجزء الآخر ليتفرج على عملية سقوطه، أو ذهابه في طريق الفشل إلى نهايةٍ يدفع الجميع ثمنها. فقد وُقِّعَ أوسلو، ولكن من دفع ثمنه هو من وقَّعه ومن عارضه، وحبذا لو طرحت مخارج لعدم توقيعه من قبل الدول العربية، بدلا عن الدفع باتجاهه أو انتظار فشله. لن تعود السلطة الفلسطينية إلى خيار المقاومة. وما زالت الدول العربية غير راغبة في تبني خيار المواجهة من جديد. وهو في رأينا أمر لا بد من حصوله في النهاية بهذه الأنظمة أو بدونها، فإن أي تحديث وتطوير للعالم العربي، وأي نهوض ديمقراطي، وأي نهضة، وحتى أي إلغاء للتأشيرات بين الدول العربية سوف يؤدي إلى التصادم مع إسرائيل. ولكن في هذه الأثناء، كيف يمكن أن تقترح على جزء كبير من الشعب الفلسطيني مخارج مشرّفة؟ لا بد أولا من الاعتراف بفشل طريق أوسلو. والتلويح الجدي يكون بالعودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية وإقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية. هذا تهديد، وهو تهديد جدي، ويجب أن يُنَفَّذ. لأن البديل قاد إلى مأزق. ثم لا بد من وضع برنامج سياسي مشترك يلزم الجميع، وذلك في مقابل تخلي السلطة عن التنسيق الأمني مع إسرائيل. أما بالنسبة للعودة إلى المفاوضات. فلا عودة إلى المسارات المنفصلة لأنها تتيح لإسرائيل الاستفراد بكل طرف على حدة بل وخلق وهم حول وجود تنافس معيب ليس له وجود بين المسارات. ومن هنا فإن أي خيار تفاوضي لا بد أن يكون بمنطق مبادرة السلام العربية الشاملة لفلسطين وسوريا ولبنان سوية. إذ لا يمكن التفاوض على القدس وعلى حق العودة فلسطينيا، ولا يجوز أن توقع سوريا ولبنان اتفاقيات سلام مع إسرائيل بناء على حدود الرابع من حزيران، ودون حق العودة. ومن يشكك في نوايا سوريا فليلزمها بالتنسيق معه من خلال حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وفي مسار تفاوضي عربي واحد. لن تقبل إسرائيل بما نطرحه هنا للآخرين كمخرج. فكاتب هذه السطور يرى أصلا أنه يجب إلغاء مبادرة السلام العربية. ولكنه كلام مطروح كمخرج لغيرنا بمنطقه هو، منطق التفاوض، وليس بمنطق كاتب هذا المقال. ولكنه لو كان منطقا متماسكا على الأقل، فسوف يطرح مخرجا مشرفا. في حالة فشل مثل هذه المبادرة، وسوف تفشل، يجب أن تدعو الدول العربية الأردن ومصر إلى إلغاء السلام المنفرد مع إسرائيل. فقط في مثل هذه الحالة تطرح خيارات بديلة، خيارات مواجهة، يقود إليها منطق التفاوض. وهي تحول المأزق إلى مأزق إسرائيلي وأميركي. وهي تطرح حلا لاستعادة التضامن العربي بلغة لا يريد النظام الرسمي العربي حاليا التخلي عنها. حسنا، من لا يريد التخلي عن منطق التفاوض فليطْرَحه على الأقل بشكلٍ ناجعٍ يحرجُ ويقلق إسرائيل وأميركا فعلا، ويلزم العرب بطرح خيارات أخرى. وباختصار لا مخرج مشرفا دون التخلي عن مسار أوسلو. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 3 ديسمبر 2009)
الجزائر: «مراجعات سرية» لسجناء سلفيين تسحب «الغطاء الشرعي» عن العمليات المسلحة
الجزائر – «الحياة» كشف مصادر قضائية جزائرية وجود مساع لإجراء «مراجعات» يقودها ناشطون في التيار السلفي عبر سجون جزائرية. ويُعتقد أن عدداً من مساجين «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» توصلوا إلى ضرورة إطلاق هذه الخطوة التي ما زالت سرية إثر إتصالات غير رسمية تمت مع الأمير السابق لـ «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» حسان حطاب الذي تحوّلت جماعته منذ 2007 إلى فرع «القاعدة» المغاربي. وتداولت أوساط جزائرية معلومات عن «مراجعات سرية» يتم التحضير لها في بعض السجون في العاصمة الجزائرية حيث يُعتقل أشهر معتقلي ما يُعرف بـ «السلفية الجهادية». وذكر مصدر قضائي لـ «الحياة»، أمس، أن المشروع بدأ منذ عام تقريباً وقاده عنصر قريب من القيادي السابق في «الجماعة السلفية» عبدالرزاق البارا (عماري صايفي) ويعتقل في سجن في العاصمة منذ بضع سنوات. وجاءت الخطوة التي لم يعلن عن تفاصليها بعد، إثر تواصل بين معتقلين وبين مؤسس «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» حسان حطاب «أبو حمزة». ويعاون حطاب في هذا المسعى معتقلون سابقون نشطوا إلى جانبه وجرى الإفراج عنهم بداية العام الجاري. وبين هؤلاء عنصران: الأول كان «رسولاً دائماً» لحطاب بين المناطق، والثاني أحد القريبين منه وأعتُقل قبل سنوات إثر اشتباك مع الجيش الجزائري. ونقلت مراجع جزائرية أن عدد الموقّعين على «المراجعة» التي يجري إعدادها يبلغ 24 سلفياً، وتكشف أن المراجعة تعتبر أن «الأعمال التي كانت تُنفّذ باسم الدين قد نُزع منها غطاء الشرعية بعد التدبّر في كلام أهل العلم واستخارة الله في هذا الموقف». وتضيف أن المنضمين إلى المراجعة يقولون فيها: «نحن نسأل الله أن يجعل هذا الكلام في ميزان حسناتنا، وإننا لا نبتغي غير مرضاة الله، وإن أسخطنا رفقاء الأمس». ويضيف أصحاب المبادرة أنهم «يستغفرون الله ويتوبون إليه مما اقترفته أيديهم، وإنهم اليوم لم يدفعهم إلى التوبة والرجوع إلى جادة الحق والصواب طمع في مال أو منصب أو جاه، بل هو الطمع في مغفرة الله والإنابة إليه وعفو المظلومين من أبناء الشعب الذي قهرته ويلات استباحة دمائه وأمواله وأعراضه باسم الدين». وتابع هؤلاء «إن كثيراً من إخواننا ممن لم يتمكنوا من التوقيع على هذه المراجعات الشرعية موافقون على محتواها جملة وتفصيلاً». وسألت «الحياة»، أمس، مصدراً متابعاً للملف، فقال إن «الأمر يعود إلى قرابة نحو عام. هناك عناصر قيادية في التنظيم المسلح (الجماعة السلفية، أو القاعدة اليوم) في سجن الحراش في العاصمة أبدت تفاعلها مع المشروع ورتّبت له في شكل دقيق». لكنه أضاف: «بعض المعتقلين ربط ضمن المراجعات مطالب قانونية واجتماعية لمصلحة معتقلي التنظيم الذين يجنحون إلى السلم». وتبدو الظروف الحالية التي أعلن فيها جزئياً عن المبادرة مواتية لأصحاب «المراجعات» التي تُعد الأولى من نوعها في سجون جزائرية. ويعرف «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» تقلّصاً في نشاطه، فيما تزداد الشكوك حول مصير زعيمه «أبو مصعب عبد الودود» الذي لم يظهر في تسجيلات مصوّرة منذ نحو عام. وشكّلت مراجعات «الجماعة الإسلامية المقاتلة» في ليبيا نموذجاً أثار اهتمام ناشطي التيار السلفي في الجزائر. وحظيت مراجعات الجماعة الليبية باهتمام بالغ بسبب بعض التقاطع بين التنظيمات المسلحة في ليبيا والجزائر، ما يمكن أن يترك تأثيراً على «حلقات متشددة» في تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» الذي أعلن رفضه المصالحة أو أي مشروع مستقبلي لـ «العفو الشامل». (المصدر: « الحياة » (يومية – لندن) بتاريخ 6 ديسمبر 2009)
احمدي نجاد: هجوم امريكا على المنطقة هو بسبب
ظهور رجل من نسل النبي سيقضي على الظالمين
غزة-دنيا الوطن قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان سبب هجوم امريكا وحلفائها العسكري على بعض دول المنطقة هو علمهم بانه سيظهر رجل من نسل النبي محمد في هذه المنطقة ليقضي على’جميع الظالمين’. وقالت وكالة مهر للانباء شبه الرسمية ان احمدي نجاد كان يتطرق مساء امس الخميس خلال زيارته محافظة اصفهان الى الهجوم الذي شنته امريكا وحلفاؤها خلال الاعوام الماضية على بعض الدول في المنطقة. وقال ‘ ان السبب الذي دفعهم لشن هذا الهجوم والذي لم يصرحوا به هو علمهم بأنه سيأتي يوم يظهر فيه رجل من نسل آل محمد (ص) في هذه المنطقة ويقضي على جميع الظالمين في العالم والشعب الايراني من بين أنصار هذا الرجل الرباني. وأضاف ان ايران’ لديها وثائق تثبت ذلك’. واعتبرالرئيس الايراني أحداث 11 ايلول (سبتمبر) 2001 في نيويورك ‘سيناريو معدا سلفا لإتخاذه ذريعة للهجوم على منطقة الشرق الاوسط’. وقال ‘ ان أمريكا وبعد مضي ثماني سنوات على تلك الاحداث باتت اليوم ذليلةً أكثر من السابق، وهي تعيش حاليا الذل الشديد في العراق وافغانستان’. واشار الى ان من وصفهم بـ’ الأعداء’ صوروا أحداث الانتخابات الرئاسية الاخيرة في البلاد بشكل يوحي وكأن الشعب الايراني’ اصبح ضعيفا وبإمكانهم ابتزازه’. وقال ‘ان من كانوا بالأمس يريدون محو اسم ايران هم اليوم بحاجة الى ايران’. ولفت الى ان بلاده ‘تنعم بالهدوء والعزة والأمن بالرغم من انهم أحاطوا البلاد بجيوشهم من الشرق والغرب ومن الجنوب بسفنهم الحربية ويراقبون شمالي ايران بأقمارهم الصناعية’. وتابع ان ايران اليوم ‘أهم بلد في الشرق الاوسط ..ان من كانوا يحاولون قبل ثلاثين عاما القضاء على الثورة الاسلامية الايرانية هم اليوم بحاجة اليها’. (المصدر: موقع صحيفة « الدنيا الوطن » (الإلكتروني – فلسطين) بتاريخ 6 ديسمبر 2009)
الشيخ خالد الجندى : لو فكرت فى إنتاج فيلم يتحدث عن الإسلام
لن يكون بطله عادل إمام الذي إعتاد أن يشوه صورة الإسلام
القاهرة -دنيا الوطن – محمد عامر تطاول الممثل المصري « عادل إمام » على الدعاة، وشكك في اعتزال العديد من « الفنانات » للتمثيل بعد ارتدائهم للحجاب. ومن جهةٍ أخرى، هاجم « عادل إمام » حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائلا: « لو المقاومة هي حماس فأنا لست مع المقاومة التي تصدر الأطفال والنساء لصواريخ « إسرائيل »، على حد قوله. كان منضمًا للحزب الشيوعي: ولم ينفي « عادل إمام » أنه كان مؤمنًا بأفكار الحزب الشيوعي في مرحلة شبابه، وأنه كان منضمًا للحزب الشيوعي. وقال: « أنا كنت في شبابي منضم للحزب الشيوعي وكانت تعجبني أفكار كارل ماركس ولينين، لكن عندما بدأت الحكومة تقبض على الشيوعيين قام والدي بحرق الكتب وضربني ومن يومها لم أنضم لحزب ». وتابع « ولا حتى الحزب الوطني الذي أحترم طريقة أدائه، لأني اقتنعت بخبرتي أن الفنان ملك كل الناس ولا يجوز أن ينضم لحزب. واستمر تطاول عادل امام على رموز الدعوة والعلماء من بينهم الداعية عمرو خالد والشيخ خالد الجندى ، وذكر على لسان الشيخ خالد الجندى حيث قال أن الشيخ خالد قدم له شيك على بياض من أجل فيلم عن الإسلام ، واستمر عادل إمام فى خلط الأوراق بين الإسلام والديانات الأخرى . وانفردت دنيا الوطن بلقاء الشيخ خالد الجندى حيث أكد الشيخ خالد الجندي أن ما صرح به الفنان عادل إمام لوسائل الإعلام عن قيام الشيخ بعرض شيك على بياض عليه من أجل القيام ببطولة فيلم ديني هو كلام عار تماما من الصحة ولا أساس له وهو من نسج خيال الفنان. وأشار الشيخ الجندي أنه لو فكر أن يقدم أي مبلغ من المال فالأولى به أن يقدمه من أجل نصرة الأقصى وتحرير فلسطين أو يقدمه من أجل القيام بحملة لتنظيف القاهرة أو غير ذلك من الأعمال الخدمية . وأشار الشيخ انه حتى لو فكر فى إنتاج فيلم يتحدث عن الإسلام فهل من المعقول أن يكون بطله شخصا مثل عادل إمام إعتاد أن يشوه صورة الإسلام فى كل أعماله . (المصدر: موقع صحيفة « الدنيا الوطن » (الإلكتروني – فلسطين) بتاريخ 6 ديسمبر 2009)