الاثنين، 18 يناير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3527 du 18 . 01. 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهيرمخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


الحزب الديمقراطي التقدمي:رغم انقضاء محكوميته زهير مخلوف يحرم من إلقاء نظرة الوداع على شقيقته

حرية و انصاف:الإدارة العامة للسجون تتمادى في تجاوز القانون وتمنع زهير مخلوف من حضور جنازة شقيقته

السبيل أونلاين:عاجل..زهير مخلوف لم يحضر جنازة شقيقته ويدخل في إضراب شرس

هند الهاروني:مناشدة إنسانية عاجلة لحضور الأخ زهير مخلوف لجنازة أخته المرحومة فاطمة

السبيل أونلاين:تعيين جلسة الإستئناف في قضية زهير الإربعاء القادم

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:توجيه تهمة  الإرهاب ..لتونسي انضم ..لحركة فتح ..!

حرية و انصاف:أخبار الحريات في تونس: الاعتداء بالعنف الشديد على المناضلين عمار عمروسية وفتحي تيتاي

مراسلة خاصة:حوار تونسي على قناة فرانس 24

الراصد الغيور:التحوير الوزاري : وجوه جديدة أم حقائق جديدة ومُرة؟

رويترز:الرئيس التونسي يعين وزير الخارجية السابق عبد الله مستشارا له

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي بلاغ صحفي

صـابر التونسي:المصالح والشرف

القدس العربي:فراتيني من تونس: لا اريد رؤية شبكة ارهابية متينة تربط بين موريتانيا باليمن والصومال

منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « :وجهة نظر رقم 6 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) : ما حكاية 128 ألف دينار المصاريف الوهمية ؟

منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « :وجهة نظر رقم 7 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) ما أهمله نواب المؤتمر وبعض مغالطات النقابة العامة…

منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية « :وجهة نظر رقم 8 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) :هــل يعيد التاريخ نفسه ؟

طلبة تونس:أخبار الجامعة

أحمد القاسمي:إنجاز فيلم عن اغتيال الزعيم فرحات حشاد مغامرة خطيرة قراءة في فيلم اغتيال فرحات حشاد

محمد سعيد الرحالي:حتى يكون الجميع على بيّنةتفاعلا مع خارطة الطريق و أخواتها (2/2)

في ندوة بمقر الديمقراطي التقدمي:الخبير الإقتصادي حسين الديماسي يؤكد: الأرقام الرسمية لا تكشف الحجم الحقيقي للبطالة

بلحسن إدريس:من أجل قراءة متأنية لكتاب: »7 نوفمبر عشريتان من جهاد البناء والانفتاح الحضاري »

الطاهر العبيدي:شهادات من رحلات المنفى فاخر بن محمد الحلقة 5

د.خـالد الـطراولي:الإسلام; هو الحل والإسلاميون كذلك..ولكن !!

الشروق:رغم تسببه في السمنة: وزارتا الصحة والتجارة ومنظمة الدفاع عن المستهلك ممنوعة من مراقبة الاشهــار!

زياد الهاني:الحكم بسجن زميلة صحفية يمنية: مطلوب تضامنكم

توفيق المديني:تداعيات المنافسة الصينية – الغربية في إفريقيا

اسلام اولاين:الكحلاوي: مصير إدارة أوباما أشبه بمصير إدارة كارتر

صالح النعامي:العرب إذ يوفرون لإسرائيل المخارج

عبد الحليم قنديل:سيادة مصر وسيادة الرئيس


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage / Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي2009

https://www.tunisnews.net/17fevrier0a.htm 

فيفري2009    

https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm 

مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 

أفريل 2009     

https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي  2009      https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm

جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    

 https://www.tunisnews.net/15Octobre09a.htm 

أكتوبر 2009

https://www.tunisnews.net/22nov09a.htm 

نوفمبر2009

https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm


الحزب الديمقراطي التقدمي  نهج إيف نوهال – تونس10 الهاتف: 71332194

رغم انقضاء محكوميته زهير مخلوف يحرم من إلقاء نظرة الوداع على شقيقته

 


إمعانا في سياسة الانتقام و التشفي رفضت اليوم إدارة السجون الراجعة بالنظر إلى وزارة العدل وحقوق الإنسان تمكين السجين السياسي زهير مخلوف الإطار بالحزب الديمقراطي التقدمي من إلقاء نظرة الوداع على شقيقته و حضور موكب تشييع جنازتها و قد رفضت إدارة السجون مطلب حضور الجنازة الذي تقدمت به عائلة الأخ مخلوف و محاموه بتعلات واهية و مما يزيد الأمر خطورة أن يوم الجنازة يصادف انقضاء مدة العقوبة بثلاثة أشهر نافذة في قضية رأي أجمع الملاحظون على صبغتها الكيدية و على افتقادها لكل مقومات المحاكمة العادلة و كانت السلطات القضائية عمدت، في إجراء استثنائي، إلى تعيين جلسة الاستئناف بعد انتهاء مدة الحكم على الأخ مخلوف الذي أشعر رسميا بأنه لن يخلي سبيله رغم انقضاء محكوميته إن مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي إذ يقفون بخشوع و إجلال أمام روح الفقيدة و يتقدمون بخالص عبارات التعزية و المواساة للأخ مخلوف و كافة عائلته فإنهم يستنكرون بشدة هذا الإجراء اللاإنساني في حق مناضل سياسي و إعلامي حر و الذي يندرج في إطار سياسة القمع و التشفي التي تسلكها السلطة في مواجهة معارضيها و الحزب الديمقراطي التقدمي: ـ يحذر من عواقب هذا الانغلاق و التحجر و انعكاساته السلبية على الحياة الوطنية ـ يعتبر أن عدم إخلاء سبيل الأخ مخلوف بعد انقضاء محكوميته يحوله إلى رهينة سياسية بيد السلطة ـ يطالب بإطلاق سراحه فورا و دون تأخير و يناشد كل الأحرار في تونس و العالم الوقوف في وجه هذه المظلمة و تفعيل تضامنهم من أجل الحرية لزهير مخلوف تونس في 18 جانفي 2010 الأمينة العامة مية الجريبي
 


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 02 صفر 1431 الموافق لـ 18 جانفي 2010

الإدارة العامة للسجون تتمادى في تجاوز القانون وتمنع زهير مخلوف من حضور جنازة شقيقته

 


منعت الإدارة العامة للسجون والإصلاح عصر اليوم الاثنين 18 جانفي 2010 الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف المعتقل حاليا بسجن المسعدين بولاية سوسة من حضور جنازة شقيقته الفقيدة فاطمة مخلوف التي دفنت عصر اليوم بمقبرة المعمورة بولاية نابل. ونتيجة هذا المنع المخالف للقانون والذي يهدف فقط للتنكيل بالسيد زهير مخلوف والنيل من معنوياته قرر هذا الأخير الدخول في إضراب وحشي ومفتوح عن الطعام احتجاجا على هذا المنع غير المبرر وهذا التنكيل المقصود. علما بأن شقيقة السيد زهير مخلوف الفقيدة فاطمة مخلوف قد وافاها الأجل المحتوم يوم الأحد 17 جانفي إثر معاناة طويلة مع مرض السرطان، وقد شيع جثمانها الطاهر مساء اليوم الاثنين إلى مقبرة المعمورة تحت حراسة أمنية مشددة. وحرية وإنصاف: 1)تتقدم لعائلة الفقيدة بأخلص التعازي وأحر مشاعر المواساة راجية من المولى العلي القدير أن يسكنها فراديس جنانه وأن يرزق أهلها جميل الصبر والسلوان. 2)تدين بشدة منع الإدارة العامة للسجون السيد زهير مخلوف من حضور جنازة شقيقته وتعتبر ذلك اعتداء صارخا على القانون الذي يسمح للسجين بحضور الجنازة. 3)تدعو السلطة إلى وضع حد لهذا التنكيل المقصود الذي يتعرض له السيد زهير مخلوف وتطالب بإطلاق سراحه فورا ووقف هذه المحاكمة السياسية غير العادلة.   
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


عاجل..زهير مخلوف لم يحضر جنازة شقيقته ويدخل في إضراب شرس


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   لم يُمكّن المناضل الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف من حضور مراسم دفن شقيقته السيدة فاطمة مخلوف التى ووريت الثرى اليوم الإثنين 18 جانفي 2010 ، وتوفيت المرحومة فاطمة مساء أمس الأحد 17 جانفي بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان .   وقرر زهير الدخول في إضراب شرس ومفتوح عن الطعام من أجل إطلاق سراحه ورفع المظلمة التى يتعرض لها ، ويشكل الإضراب خطرا كبيرا على صحّته وحياته قد يؤدي به إلى الموت خاصة أنه يعاني من مرض السكري ولم يمضي على إضرابه الأوّل سوى بضعة أسابيع .   وعلى الرغم من كل المناشدات التى أطلقها محاموه وأسرته فإن السلطات المعنية أصمت آذانها وتجاهلت البعد الإنساني وحرمت بالتالي زهير من حضور موكب دفن شقيقته .   وكان زهير مهتم بشقيقته خلال مباشرتها العلاج بمستشفي صالح عزيز بتونس العاصمة ، فقد كانت تتحول من المعمورة بنابل إلى العاصمة أين يقطن زهير (ببرج الوزير بأريانة) ليكون في إستقبالها ومرافقتها إلى حين إنهاء مواعيد العلاج ثم تأمين عودتها إلى نابل .   وكان من المنتظر أن يطلق سراح زهير مخلوف اليوم الإثنين 18 جانفي بعد إنتهاء مدّة العقوبة الجائرة المسلّطة عليه ، والتى تنتهي اليوم حسب ماهو مدوّن في ملف القضية ، ولكن وقع تمديد فترة إعتقاله دون مبرر بهدف التشفي منه ومساومته من أجل التخلي عن نشاطه الحقوقي والإعلامي .   يذكر أن تعيين جلسة الإستئناف في القضية تمت اليوم فقط بهدف تمديد إعتقاله ، وستنعقد الجلسة بعد غد الإربعاء 20 جانفي 2010 .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ  18 جانفي 2010)


مناشدة إنسانية عاجلة لحضور الأخ زهير مخلوف لجنازة أخته المرحومة فاطمة

 


 من هند الهاروني تونس بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد صادق الوعد الأمين تونس في 18 جانفي 2010، 2 صفر 1431 أسأل الله أن يقع تمكين الأخ زهير مخلوف و هو في سجن المسعدين من حضور جنازة شقيقته التي سيشيع جثمانها اليوم بعد صلاة العصر بإذن الله من المعمورة بنابل الأخت فاطمة التي توفت البارحة ليلا و هي مصابة بمرض السرطان عافانا و عافاكم الله و أسأل الله أن يدخلها جنته و يثيبها على صبرها و معاناتها ألف خير، أنا أكتب هذه المناشدة لكوني أعرف ما إحساس و ما معنى أن يكون في العائلة من في السجن و قريبه و العزيز عليه في هذه الدنيا يموت و يحتضر و هو يتألم من شدة المرض فضلا عن محنته التي عاشها مع قريبه  و هو في السجن و هو ليس بجانبه و هو أيضا يلفظ آخر نفس له  في هذه  الحياة ليلاقي ربه و هو ليس بجانبه… زد على ذلك سعي العائلة إلى الاتصال بجميع الجهات العائد إليها الأمر بالنظر بدأ برئيس الجمهورية  لتمكين السجين من حضور الجنازة و هم في حزن و ضغط نفسي شديدين هما : موت أحد و سجن أحد و لكن الحمد لله أنه يبث نعمة الإحساس بالصبر في قلوبنا في تلك اللحظات و نبقى دائما بشرا نستمد منه القوة سبحانه.  أقول هذا لأنني عشته و عشناه في عائلتنا عندما مرضت أمي أيضا المرض الشديد نفسه و كان أخي عبد الكريم الهاروني  في السجن ,,, و لكن الحمد لله أن أخي عبد الكريم وقع تمكنيه من حضور جنازة والدتنا السيدة بالحسين  التركي رحمها الله و كان ذلك في يوم لن أنساه أبدا يوم الخميس 17 أوت 2006 ندعو الله أن يرحم أختنا الكريمة ماجدة و يرزقها الجنة و أن لا يحرمها من حضور أخيها زهير الذي ندعو له الله بأن يجازيه الله خيرا على وقوفه إلى جانبها و الاعتناء بها بالحرص على مداواتها و ندعو الله الفرج الكامل له أيضا فيجمع شمله مع زوجته الصابرة فاطمة و ابنيه العزيزين يحيى و نورس في بيتهم و أسرتهم. و ما هذه الدنيا إلا أياما معدودات… و « سعدك يا فاعل الخير » كما يقال في المثل التونسي و السلام  عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته-
 
أختكم هند الهاروني


تعيين جلسة الإستئناف في قضية زهير الإربعاء القادم


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   علمنا الآن أنه تم تعيين جلسة الإستئناف في قضية المناضل الإعلامي والحقوقي زهير مخلوف ، والتى ستنعقد يوم الإربعاء 20 جانفي 2010 .   وكان من المنتظر إطلاق سراحه صباح اليوم 18 جانفي 2010 ، من السجن المدني بالمسعدين ، وذلك وفق التاريخ المسجّل في ملف الحكم الصادر ضده بتاريخ 01 ديسمبر 2009 ، ولكن إدارة السجن هددته بعدم إطلاق سراحه في الموعد المحدد بهدف التشفي منه على خلفية نشاطه الإعلامي والحقوقي والسياسي .   وما زلنا بإنتظار إطلاق سراحه اليوم لحضور جنازة شقيقته السيدة فاطمة مخلوف التى وافاها الأجل مساء أمس الأحد 17 جانفي ، وليبقي في حالة سراح . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ  18 جانفي 2010 )
 


 » الحرية للدكتور الصادق شورو  »  » الحرية لجميع المساجين السياسيين «  الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس  e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 18 جانفي 2010

توجيه تهمة  الإرهاب .. لتونسي انضم ..لحركة فتح ..!

 


نظرت الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الإبتدائية برئاسة القاضي التهامي الحافي  اليوم 18 جانفي 2010 في القضيتين عدد 19025 و 19026التين يحال فيهما: المبروك شفرود ( من مواليد 1984) بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي خارج تراب الجمهورية و الدعوة إلى الإنضمام لتنظيم له علاقة بجرائم إرهابية و استعمال اسم وكلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بنشاطه و أعضائه و المساعدة على إيواء و إخفاء أعضاء تنظيم إرهابي و استعمال تراب الجمهورية للقيام بأعمال تحضيرية قصد ارتكاب جرائم إرهابية و إعداد محل لاجتماع أعضاء تنظيم لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و التبرع بأموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص و تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ، و قد كانت هيئة الدفاع مكونة من الأساتذة : صحبية بالحاج سالم  و إيمان الطريقي و سمير ديلو و بعد تلقي المرافعات  قرر القاضي  حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم إثر الجلسة ، و ينتظر صدور الحكم في ساعة متأخرة من مساء اليوم ، و الملفت للنظر في هذه القضية أنها المرة الأولى التي توجه فيها تهمة الإرهاب لمواطن تونسي غادر البلاد لينظم لـ..حركة فتح ..! الفلسطينية ..  و إذ تعبر الجمعية عن بالغ استهجانها لتجريم المقاومة و تشويه المؤمنين بها بوصمهم بالإرهاب فإنها تعتبر الزج بالقضاء التونسي في مطاردة المتطوعين لمساندة كفاح الشعب الفلسطيني عملا غير مبرر و لا مقبول . عن الجمعية لجنة متابعة المحاكمات
 


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 02 صفر 1431 الموافق لـ 18 جانفي 2010

أخبار الحريات في تونس


1)   تعيين تاريخ جلستي الاستئناف للصحافيين زهير مخلوف وتوفيق بن بريك: عينت محكمة الاستئناف بنابل تاريخ النظر في استئناف الحكم الابتدائي الصادر ضد الناشط الحقوقي والإعلامي زهير مخلوف والقاضي بسجنه مدة 3 أشهر نافذة لجلسة يوم الأربعاء 20 جانفي 2010، كما عينت محكمة الاستئناف بتونس تاريخ النظر في الحكم الابتدائي الصادر ضد الصحافي والكاتب توفيق بن بريك والقاضي بسجنه مدة 6 أشهر نافذة لجلسة يوم السبت 23 جانفي 2010. 2)   الاعتداء بالعنف الشديد على المناضلين عمار عمروسية وفتحي تيتاي: تعرض المناضلان عمار عمروسية وفتحي تيتاي صباح اليوم الاثنين 18 جانفي 2010 للاعتداء بالعنف الشديد أمام محكمة الاستئناف بقفصة من قبل أعوان البوليس السياسي الذين منعوهم من حضور جلسة استئناف الحكم الابتدائي الصادر ضد الصحافي الفاهم بوكدوس، وقد قررت المحكمة تأجيل النظر في الاستئناف إلى جلسة يوم الثلاثاء 23 فيفري 2010. 3)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.  
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


حوار تونسي على قناة فرانس 24


تبث قناة فرانس 24 العربية مساء الثلاثاء على الساعة السابعة حوارا تونسيا بين معارضين هما السادة  خميس الشماري وعماد الدايمي وممثلين عن السلطة  وذلك في اطار برنامج « النقاش ». موضوع الحلقة هو علاقة تونس بالاتحاد الاروبي ومساعيها للحصول على مرتبة « الشريك المتقدم » . ويتزامن البرنامج مع اجتماع للبرلمان الاروبي في ستراسبورغ لدراسة وضع الحريات وحقوق الانسان في تونس..
مراسلة خاصة


التحوير الوزاري : وجوه جديدة أم حقائق جديدة ومُرة؟


لا بد أن يعرف التونسيون ما خفي من معلومات من وراء حيطان القصر حول حقيقة التحوير الوزاري الأخير خاصة وقد زعم بعض « المحللين » أنه يبرهن على إضعاف « الصقور » في نظام بن علي بطرد عبد الوهاب عبد الله من الخارجية، بينما الحقيقة أن كل مفاتيح القرار أصبحت بأيدي  ليلى الطرابلسي التي فرضت رجالها على زوجها. فليلى تكاد أن تصبح رئيس الدولة الحاكم بأمره إذ كانت على قاب قوسين من فرض منذر الزنايدي في الوزارة الأولى لولا أن بن علي خاف من ثورة شعبية في حالة إقدامه على تعيين الزنايدي وزيرا أولا وهو أحد رموز الفساد الكبيرة في البلاد مثلما يعلم كل الناس. كما أنها ربحت الجولة بفرضها لعودة عبد العزيز بن ضياء (رجلها الوفي ) إلى منصب الوزير المستشار الناطق باسم رئاسة الجمهورية، بعد أن أعفاه بن علي من مهامه في الأيام الأخيرة. كما قد فرضت أيضا رضا قريرة الذي خدم عائلة الطرابلسي طويلا على رأس وزارة الدفاع والأنكى من ذلك أنها تعمل الآن على فرض إرجاع عبد الوهاب عبد الله إلى القصر في منصب المستشار حتى يعود إلى مؤامراته وشبكة الخيوط التي ربطها ووزعها في كل مكان

.( وقد تحقق هذا التكهن وعاد اليوم الإثنين عبدالوهاب عبدالله مستشارا تابع الخبر مباشرة بعد هذا المقال)

 تعليق تونس نيوز لقد أصبح الجو في وزارة الخارجية خانقا وأصبحت العلاقات بين الوزارة والسفارات المعتمدة في تونس لا تطاق من كثرة تشكي تلك السفارات ودولها من الإهمال والتجاهل طوال الفترة الماضية، الشيء الذي جعل التبديل على رأس هذه الوزارة أمرا حتميا. لكن لم يكن كمال مرجان هو المبوب للخارجية إذ كان بن علي يريد ويحرص على تعيينه في الداخلية منذ مدة، بيد أنه لقي نفسه عاجزا عن ذلك بسبب جبروت ليلى التي تصدت لقراره فأذعن لها ونقله إلى وزارة الخارجية. وهنا لابد من أن نذكر أيضا بأن هذا الرجل  لا يختلف عن « الصقور » بلغة بعض المحللين ذلك أنه أرغد وأزبد ضد مناوئي النظام طوال الحملة الماضية ونعتهم بشتى النعوت. وواجه بن علي فشلا آخر حين حاول التخلص من مدير ديوانه عياض الودرني ورام تعيينه في وزارة التعليم العالي عوض الأزهر بوعوني، فوجد صدا قويا من ليلى التي دافعت عن الودرني باعتباره من أهم رجالها في القصر، وفي النهاية أمكن له أن يبقى متربعا في مقعده. بل لقد أرادت ليلى أن تذهب بعيدا وكان حلمها تعيين توفيق بكار على رأس وزارة الإقتصاد والمالية بوصفه اليد الطيعة لآل الطرابلسي في التحويلات المالية إلى الخارج، فتضمن بهذه الكيفية انفراد عائلتها بأعصاب الإقتصاد. لقد مدت ليلى حبل النجاة لكثير من رجالها حتى يقع إنقاذهم من الإعفاء ومن العودة إلى ديارهم خاليو الوفاض وأول الناجين وزير العدل البشير التكاري الذي أملت على زوجها إبقائه في الحكومة والاكتفاء بتبديل وزارته بوزارة أخرى (من العدل إلى التعليم العالي). وإذا تأكدت المعلومات حول صدها لوزراء سابقين عن العودة إلى الحكومة فإن ذلك يعزز رأينا حول إحكام القبضة على زوجها وعلى الدولة. فقد سعى بن علي لترقيع النظام الذي تداعت سمعته وتدهورت شعبيته من جراء الفساد بإعادة بعض الوزراء السابقين من الذين اشتهرت عنهم النظافة والاستقامة إلى الحكومة، بيد أن الصد كان دوما بالمرصاد وأخفق من هو في موقع رئيس الدولة في تحقيق رغائبه أمام الجدار الفولاذي الطرابلسي. مساكين نحن التونسيون بعدما أصبحنا نعيش في بلاد تحكمها عائلة من وراء الستار ولا يملك رئيسها حولا أو قوة. الراصد الغيور 


الرئيس التونسي يعين وزير الخارجية السابق عبد الله مستشارا له


تونس (رويترز) – قالت وكالة الانباء التونسية الحكومية يوم الاثنين ان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عين عبد الوهاب عبد الله وزير الخارجية السابق مستشارا لديه بعد أربعة أيام من خروجه من الحكومة اثر تعديل وزاري. وقالت وكالة تونس افريقيا للانباء في بيان مقتضب « قرر الرئيس زين العابدين بن علي تعيين عبد الوهاب عبد الله مستشارا لدى رئيس الجمهورية مكلفا بالشؤون السياسية. » ويحظى عبد الله بثقة واسعة من الرئيس وينظر اليه على انه أحد اللاعبين المؤثرين في المشهد السياسي والاعلامي في البلاد. وعبد الوهاب عبد الله عين وزيرا للخارجية عام 2005 لكنه ترك منصبه الاسبوع الماضي لكمال مرجان ضمن تعديل حكومي أدخله الرئيس بن علي وشمل عدة وزارات من بينها الدفاع والعدل والمالية (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 18 جانفي 2010)


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي  بلاغ صحفي

اجتمع المكتب السياسي لحرب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي مساء السبت  16/01/2010 واتخذ القرارات التالية: 1 – دعوة المكتب السياسي الموسّع والمستشارين البلديين للإجتماع يومي 30 و31 جانفي 2010 في مدينة صفاقس للإعداد للانتخابات البلدية المقبلة . 2 – تحديد موعد ندوات سياسية وشبابية خلال شهري فيفري ومارس المقبلين. 3 – تفعيل نشاط الهياكل الجهوية  للحزب. 4 –  تسجيل استقالة الأخ أحمد الغندور من الحزب التي سبق أن قدّمها خلال المجلس الوطني المنعقد في الحمامات يومي 26 و 27 جانفي 2010 .       عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام  

المصالح والشرف

حرر من قبل صـابر التونسي في الأحد, 17. جانفي 2010 يفاجئنا ولاّت وأمورنا من حين لآخر بمواقف قوية وشجاعة لا يملك المرء إلا أن يثني عليها ويباركها وإن صاحب ذلك استغرابا مردّه إلى أن الشيء من غير مأتاه مستغرب!  فقد صَحَت الآن « حكومتنا » العتيدة وانتبهت إلى أن هناك قطاعا اسمه « سياحة جنس »! … يعمل فيه أقوام خارجون على القانون! … لهم قدرة على التخفي والحصانة من المتابعة! … يتاجرون بفلذات أكباد التونسيين من الأطفال فيعرضونهم لحما حراما في سوق كلاب!  صح نومكم الذي طال يا قوم! « وعمتم » صباحا! … « استيقظتم » متأخرين بعد أن فات الأوان! وهتكت الأعراض وعمت الأمراض! ولكن المهمّ أنكم استيقظتم! … لتضربوا على أيادي الجناة ولتمسحوا دموع الضحايا وتعالجوا جروحهم النفسية! ولكن لسائل أن يسأل، أين الخلل؟ ولماذا يقع هؤلاء الأطفال ضحايا دراهم معدودات؟ … والحال أن « الحكومة » قد أطعمت الناس من جوع وأمّنتهم من خوف! … وعدلت في توزيع الثروة! … ووسائل الإنتاج! … واتاحت لجميع مواطنيها فرصا متساوية في الكسب المشروع والعيش المستور؟  أهو خلل في التربية أم خلل نفسي؟ لماذا يقع أطفالنا ضحايا هذا النصب والاحتيال؟ … وعيون أعوان « الحكومة » ساهرة لا تنام!… لماذا يكثر الحديث عن عصابات الإتجار في الجنس وشبكات استغلال الأطفال لانتاج الأفلام الداعرة؟ والصور المشينة؟ … ولا نكاد نسمع حديثا عن شبكات اتجار في السلاح ، أو »عصابات » سياسية تهدف لقلب نظام الحكم؟!  لماذا يفلح « الأمن » في تأمين السلطان ويفشل في الحفاظ على رعايا السلطان؟ أم أنه مجتهد هنا، شريك هناك؟؟ ولماذا حدثت الصحوة الآن بالذات وليس قبل هذا الوقت أو بعده!  أسئلة كثيرة تقرع الذهن، توجهت بها لصديق من أصحاب النوايا المبيّتة والذين يعتبرون الشكّ طريقهم للمعلومة! فأجابني:  » لا يغرنك ما تقرأ وتسمع، فلا علاقة للأمر بالصحوة أو الغفلة وإنما الأمور كلها مدروسة وتحت السيطرة! … « سياحة الجنس » في صفوف الأطفال، منتشرة في شرق العالم وغربه! ولسنا بدعا من القوم! … وما يحصل عندنا يحصل عند غيرنا! … هم يعلمون بذلك ويعرفون من « يستثمر » في « القطاع » ومن هم زبناؤه!  ولا تصدق أن ما حصل في « قابس » من قبل سواح من جيراننا مسألة معزولة ، حدثت بسبب عدم مراعاة حقّ المضيّف ولا أدب الضيافة! … إنما المسألة أوسع من ذلك بكثير، فهي منتشرة في كل البلاد وخاصة منها المدن السياحية! … بعضها علني وأكثرها « سري »! وتجارها متنفذون! وأما زبائنها فمن كل الملل والنحل! »  قلت إن كان ما تزعم حقّا فكيف تفسّر الهجوم على مجموعة بعينها من السواح؟  قال إن كنتَ حقّا باحثا عن جواب لسؤالك فاقصد « بن قردان » لترى جموع التونسيين الذين كانوا يسترزقون من الاتجار المباح من جارتنا! … ولكنها ضيقت عليهم الخناق مؤخرا واشترطت عليهم شروطا مجحفة لدخول أراضيها! … فأرادت « حكومتنا » أن تنتقم من بعض مواطني جارتنا، كما انتقموا من مواطنينا، فكان الضرب تحت الحزام!  لا تعتقد ان المسألة صحوة ضمير أو ثورة شرف! … فهؤلاء القوم يَكْلُمُونَ أعراضهم لجني المال من غير أن يسكروا! … وكل ما تسمعه عنتريات كاذبة! وليتهم تعلموا من عنترة قوله:  فإذا شربت فإني مستهلك *** مالي، وعرضي وافر لم يُكْلم!  ثم ماذا تفهم يا صاحبي من التشهير الآن بما يسمّى « الإتجار بالجنس » في صفوف الأطفال! … هل معنى ذلك أن الأمر مستساغ في صفوف الكبار؟ … وما الفرق بين طفلة تنقص يوما عن 16 سنة أو تزيد يوما؟ … « تجوع الحرة ولا تأكل من ثدييها » ويموت « الأب » جوعا ولا يبيع بناته! … وليت الذين يتشدقون بالشرف هنا ينصفون كل الضحايا والأرامل اللواتي يتعرضن للتحرش من كبار متنفذين ولا يجدن من ينصفهن ويسترهن ويضرب على أيادي العابثين!  ليتهم يصدقون في:   » نموت ! نموت ويحيا الوطن »! ويلحقون بها : »نجوع نجوع ولا نبيع أعراضنا »!!
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 17 جانفي 2010)
 


فراتيني من تونس: لا اريد رؤية شبكة ارهابية متينة تربط بين موريتانيا باليمن والصومال


تونس ـ وكالات: حذر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني من بروز شبكة إرهابية تمتد من اليمن في شبه الجزيرة العربية بآسيا إلى موريتانيا وجنوب الصحراء في افريقيا. وقال فراتيني خلال مؤتمر صحافي عقده في ساعة متأخرة من مساء السبت بتونس إن التعاون ضد الإرهاب يبقى مهمة حيوية وضرورية وغير قابلة للتأجيل بالنسبة إلى كافة دول شمال افريقيا، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي. وأضاف الوزير الإيطالي الذي بدأ زيارة إلى تونس محطته الأخيرة في جولته الافريقية التي شملت خمس دول بمنطقة افريقيا جنوب الصحراء الكبرى، أنه لا يريد أبدا رؤية اليوم الذي ‘تبرز فيه شبكة إرهابية متينة تربط بين اليمن والصومال من جهة، وبين موريتانيا وجنوب الصحراء الافريقية من جهة أخرى’. وقال إن حدوث مثل هذا الأمر يعني ‘فشل جهود المجموعة الدولية،لذلك فإن تضافر الجهود من أجل مكافحة الإرهاب يبقى مهمة أساسية بالنسبة لنا جميعا، أوروبيين وأفارقة،لأن التهديد الإرهابي يشمل الجميع ،وليس فقط الدول المغاربية والافريقية’. ومن جهة أخرى، ألمح فراتيني إلى أن تنظيم ‘القاعدة في بلاد المغرب العربي ‘هو الذي يحتجز الرهينتين الإيطاليتين اللتين اختطفتا في 19 كانون الأول/ديسمبر الماضي بشرق موريتانيا في منطقة يعرف عنها شيوع أنشطة الجماعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وقال ‘لقد بحثت هذه المسألة مع عدد من رؤساء الدول التي زرتها في هذه الجولة، ومنهم رئيسا موريتانيا و مالي’، و’يبدو أن الرهائن الإيطاليين وغيرهم من الغربيين موجودون لدى مجموعات إرهابية مرتبطة بتنظيم ‘القاعدة’ تنشط في مناطق صحراوية تفتقد للسيطرة الأمنية’. وشملت جولة فراتيني كلا من موريتانيا ومالي وأثيوبيا وكينيا وأوغندا ومصر، وذلك بهدف تعزيز العلاقات الثنائية وتطوير استراتيجية روما في افريقيا انطلاقا من نتائج قمة مجموعة الـ8 التي عُقدت العام الماضي في لاكويلا تحت الرئاسة الإيطالية. وكان تنظيم ‘القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي’ الذي كان يعرف سابقا باسم ‘الجماعة السلفية للدعوة والقتال’ قد أعلن مسؤوليته عن خطف ثلاثة عمال إغاثة إسبانيين في موريتانيا وفرنسي في مالي في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، إلى جانب تنفيذ عدد من الهجمات في الجزائر وعدة دول أخرى بالمنطقة. يشار إلى أن فراتيني أجرى محادثات مع نظيره التونسي كمال مرجان، شملت علاقات التعاون الثنائي، وعدداً من القضايا التي تهم البلدين منها ملف الهجرة، والإرهاب وتطورات الاتحاد من أجل المتوسط. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم  18 جانفي 2010)


وجهة نظر رقم 6 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) : ما حكاية 128 ألف دينار المصاريف الوهمية ؟

 


18 جانفي 2010 نقابي من التعليم الثانوي اطلعنا من خلال ما تسرب من معطيات من داخل قاعة مؤتمر التعليم الثانوي على كشف مصاريف النقابة العامة للتعليم الثانوي خلال المدة النقابية الممتدة من 29 مارس 2009 إلى 10 جانفي 2010 وتوزعت على هذا النحو* : عدد المنخرطين لسنتي 2007/2008: 53341. عدد المنخرطين لسنة 2009: 58500. المداخيل الجملية (حصة القطاع باحتساب 15% من معلوم الانخراطات) : 513.139 ألف دينار تحويل مباشر إلى حساب النقابة العامة للتعليم الثانوي : 150.336 ألف دينار. الباقي في خزينة المكتب التنفيذي :362 ألف دينار (هذا المبلغ أصبح تحت تصرف البيروقراطية النقابية عوضا عن القطاع ؟؟ وهو رقم مشكوك فيه لأن التقرير تحدث عن 128 ألف دينار إضافية صرفت على « النشاط النقابي القطاعي » دون أي سند أومبرر قانوني؟؟). المصاريف :150.718 ألف دينار. وقد توزعت مصاريف النقابة العامة كما يلي : التنقلات إلى الجهات : 32.156 ألف دينار ( لم يكشف عن مصاريف السيارتين من بنزين وصيانة). الهيئات الإدارية :23.250 ألف دينار. التظاهرات : 24.650 ألف دينار. الأيام الدراسية :26.640 ألف دينار. إعانات :12.640 ألف دينار. مصاريف العمل اليومي :32.913 ألف دينار. تمويل إضافي من المكتب التنفيذي لتغطية نشاطات نقابية :128 ألف دينار.(صرفت دون أن تمر بالحساب البنكي للنقابة العامة) فهل يوجد صندوق أسود بالاتحاد caisse noire  تحت تصرف الطغمة البيروقراطية و أذنابها ؟ ما هي الأنشطة المشار إليها ؟ ولماذا لم تبوب تلك المصاريف ؟ ولفائدة من صرفت ؟ وفي أي الأغراض صرفت ؟ لا نشك أن مداخيل قطاع التعليم الثانوي في تزايد تبعا لارتفاع عدد المنخرطين و إذا سلمنا بتلك الأرقام فإنه من حق كل أستاذ منخرط أن يسأل أين ذهبت 128 ألف دينار و ما هي الأبواب التي صرفت فيها ؟ و إلا اعتبرت تلك المصاريف غير قانونية وتدخل ضمن التصرفات المشبوهة المحسوبة على البيروقراطية النقابية والأطراف الموالية لها وتؤكد ما يشاع عن سوء التصرف المالي بالاتحاد وهو ما يفرض على النقابة العامة – التي طالما نزهناها عن مثل التصرفات- تقديم التوضيحات اللازمة حفاظا على مصداقيتها حتى وإن انتهت أشغال المؤتمر. ملاحظات وتساؤلات لابد منها لابد منها: تتحدث بعض الأصوات مشككة في سلامة التصرف المالي وحتى يتم قطع الطريق أمامها ندعو النقابة العامة لتقديم التوضيحات الضرورية لتبرير تلك المصاريف (128 ألف دينار) التي لم تدخل إلى الحساب الجاري للنقابة العامة مثلما هو مبين ولم تصرف حسب أبواب قانونية. إن ما يدعو إلى المطالبة بالتوضيحات وتقديمها للرأي العام النقابي عامة و الأستاذي خاصة هو الشك الذي يحوم حول عملية المحاسبة المالية التي غابت خلال الدورة النقابية من خلال لجنة المراقبة القطاعية التي عبرت عن تذمرها من هذا الوضع ( السيد ناصر بلحاج على سبيل المثال) وكذلك بين أعضاء المكتب النقابي كما غابت المحاسبة المالية مع اللجنة الوطنية للمراقبة المالية المشكوك في نزاهتها أصلا وقد تسبب ذلك في تأجيل المؤتمر عديد المرات حتى قيام اللجنة بالمحاسبة يضاف لذلك عدم قانونية عملية المحاسبة والمصادقة لأنها أنجزت في تعارض مع قانون المنظمة ( غياب المحاسبة على امتداد 4 سنوات ومشاركة السيد محمد بلخير مقرر اللجنة دون صفة قانونية بعد أن فقد صفة العضوية باللجنة بانتخابه عضوا بالاتحاد الجهوي للشغل بمنوبة تطبيقا لقانون المنظمة فهل يخفى الأمر عن المسؤول عن النظام الداخلي والمسؤول عن المالية وبقية الأطراف؟؟؟. بالعودة للمبلغ 128 ألف دينار الذي صرف على « أنشطة نقابية » غير معلومة وغير موثقة يتأكد إذن وجود تلاعب فعلي بمالية النقابة العامة بتغطية من المكتب التنفيذي لا بد من التحقيق فيها إذا بقي شيء من النزاهة والمبادئ لدى تلك الأطراف التي وجدت من البيروقراطية النقابية كل المساندة والتواطئ.  * معطيات قدمها لسعد اليعقوبي المسؤول عن المالية بالنقابة العامة للنواب. * أرقام أوردناها  باعتماد التقرير المالي (ألف دينار) ولكم أن تطلبوا تفاصيلها من النواب. نقابي من التعليم الثانوي (*) إعلام من منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » مع نهاية مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي سينشر منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » كلّ البيانات و المقالات النقدية التي ترد عليه من مختلف الفرقاء تحت باب  » وجهة نظر حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي  » على شرط أن تتناول الشأن النقابي العام و لا تتضمّن مسّا بالحياة الخاصّة أو الشخصية للمعنيين أو ثلبا مجانيّا مع التنبيه المسبّق إلى أنّ ما سننشره لا يعكس بالضرورة وجهة نظرنا و لا يلزم إلاّ أصحابه. المنسق العام المصدر  :  منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » الرابط  : http://fr.groups. yahoo.com/ group/democratie _s_p  


وجهة نظر رقم 7 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*)

ما أهمله نواب المؤتمر وبعض مغالطات النقابة العامة…

تونس في 18 جانفي 2010 نقابي من التعليم الثانوي – لم يشارك في أشغال المؤتمر إن المتصفح للتقرير الأدبي لمؤتمر التعليم الثانوي في بعده السياسي والديمقراطي والمطلبي يتوقف عند حقيقة مفزعة وهي أن أصحاب التقرير الذي لم يتمكن النواب من مناقشته باستفاضة سقطوا في منطق التبرير والتضخيم بل والتهويل للتغطية على الأداء السيء الذي سقطت فيه منذ مدة   ومن النمادج على ذلك نذكر بعض النقاط قصد توضيحها وإنارة الرأي العام الأستاذي على الرغم من أن المؤتمر قد قال كلمته النهائية : 1-في السياسة التعليمية التي تعد أخطر ملف على الإطلاق فقد حصرت النقابة النقاش في حماية مدرسي التقني العاملين بالمدارس التقنية من الزيادة عن النصاب التي لم تعد تمثل ظاهرة مهددة للزملاء بفعل تقلص عددهم إلى أبعد الحدود في السنوات الأخيرة إضافة إلى ذلك لم تتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن  المشروع النقابي للتعليم التقني بتعلة « مماطلة الوزارة » فقط وتغافلت عن تقاعسها في إيلاء المسألة العناية اللازمة. لقد أقدمت الوزارة على إجراءات تراجعية في البرامج التي شاركت فيها النقابة سنة 2005  كقيامها بتقليص الضوارب وساعات التدريس في العربية والفلسفة وراجعت برامج التعليم بالإعدادي دون أن تتحرك النقابة لمواجهة تلك التراجعات أو تفرض على الوزارة التفاوض مع النقابة. 2-في المسائل الديمقراطية اعتبرت النقابة أن الدفاع عن استقلالية العمل النقابي هو في رفض « التوظيفات » الحزبية للعمل النقابي من « قوى تسعى » إلى ذلك للهيمنة على العمل النقابي فما هي تلك القوى ؟ وهل أن قبول دخول قوى سياسية جديدة معروفة بقربها من تلك القوى على الخط تمثل خطرا أم لا ؟ وفي دفاعها عن حرية الاتحاد واستقلاليته فإن  » المصلحة الوطنية العامة » ص… أصبحت عنصرا من خطاب النقابة في تحليل صواب الاختيارات النقابية للقيادة النقابية في الموقف من الدخول إلى مجلس المستشارين ؟ 3-أما عن « انحياز » النقابة للجماهير فقد « انخرطت » « ومنذ البداية في معركة الدفاع عن حق الشغل وعن الشفافية في مناظرات التشغيل وعن سياسة تنموية عادلة تنهض بالجهات المحرومة وبجهة الحوض المنجمي بالتحديد » ص29 هكذا أصبحت نقابتنا العامة تدافع على خيارات العدالة والنهوض بالجهات المحرومة والشفافية والتنمية العادلة دفعة واحدة ؟ بل زعمت انخراطها منذ البداية في النضال مع أهالينا في الحوض المنجمي تجسيدا للانحياز للجماهير؟؟؟ وربما من منظور طبقي اشتراكي إنه كذب واستبلاه للنقابيين المغفلين لأن النقابة العامة لم تبادر بإصدار أي موقف بل مارست الحياد الانتهازي واختارت مسايرة البيروقراطية حتى وقع الفأس في الرأس وسقط الشهداء و تم تجميد نقابيي الحوض المنجمي وزج بهم في السجن تحركت حينها. 4-دائما في إطار دعمها المزعوم لانتفاضة الحوض المنجمي « حشدت الدعم…وخاضت… دورا حاسما في جلب قيادة الاتحاد …أو الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني… وتصدت للمضايقات… ببرقيات المساندة والتنديد… والتنسيق مع المحامين الوطنيين والتقدميين…واستضافت كل المساندين…وعبرت عن ارتياحها للإفراج عن مناضلي الحوض المنجمي… » خطاب لا يجد من يصدقه لأنه يجانب الحقيقة. 5-في الموقف من عملية التزكية التي مررتها البيروقراطية النقابية اكتفت الكاتب العام بإمضاء عريضة نقابية داخلية لم يكتب لها أن تروج أو تأخذ صدى. 6-في المسألة الديمقراطية و المطلبية باركت النقابة العامة اتفاق الزيادات العامة الذي أمضته البيروقراطية النقابية واعتبرتها « زيادة مقبولة » في بيانها في الغرض ولم تكن حازمة مع القرارات البيروقراطية التي حرمت القطاع من عقد مجلسه القطاعي أو التي ألغت تفرغات الأخوين الطيب بوعائشة وفرج الشباح عضوي النقابة كعقاب لهما واقتصر دورها في « المراسلات الرسمية المتعددة » لإرجاع التفرغ و كأنما القضية هي مسألة تفرغ والحال هو استهداف للقطاع هذا إن لم تكن بعض الأطراف متواطئة مع البيروقراطية كما أن الموقف من سياسة تجميد النقابيين لم تلق من النقابة العامة التنديد والتصدي… 7-في ملف التقاعد تضمن اتفاق أكتوبر 2006 تكوين لجنة للنظر في الحالات المستوجبة النظر إلا أن ذلك لم يحدث مطلقا وهو ما يؤكد عدم جدية الطرفين ومحاولة إفراغ مطلب التقاعد من مضمونه كما توخت النقابة أسلوب التبرير فيما يخص القانون الأساسي بتقديم مبررات تاريخية تفضي ضرورة إلى الاقتناع باستحالة الوصول إلى اتفاق شامل في الغرض كذلك الشأن في تطبيق اتفاقية 25 مارس 2005 لترقية المعلمين الأول للتربية البدنية عبر التشكيك في جدواها وتحميل النقابات السابقة مسؤولية حرمان هذا الصنف من الترقية… وروجت إلى أن الترقية العلمية مدخل « يسهل »الترقية المهنية وهي مغالطة كبيرة لا تنطلي إلا على مغفل لأن الحصول على الإجازة لايخول الارتقاء إلى رتبة  أستاذ تربية بدنية (الإجازة لا تعادل الأستاذية) ثم إن هذا الإجراء لايحل مشكلة جميع المعلمين الأول أولئك الذين حرموا من الترقية المهنية على مدى 19 سنة. وبخصوص ظاهرة انتداب المعوضين للعمل في مراكز عمل قارة فإننا لم نجد من النقابة الحزم لخوض المعركة عملا بالقول المأثور « اطرق الحديد وهو سخن » قبل أن تستفحل الأوضاع وتأخذ مرونة التشغيل مداها مجددا في القطاع. نقابي من التعليم الثانوي – لم يشارك في أشغال المؤتمر (*) إعلام من منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » مع نهاية مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي سينشر منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » كلّ البيانات و المقالات النقدية التي ترد عليه من مختلف الفرقاء تحت باب  » وجهة نظر حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي  » على شرط أن تتناول الشأن النقابي العام و لا تتضمّن مسّا بالحياة الخاصّة أو الشخصية للمعنيين أو ثلبا مجانيّا مع التنبيه المسبّق إلى أنّ ما سننشره لا يعكس بالضرورة وجهة نظرنا و لا يلزم إلاّ أصحابه. المنسق العام المصدر  :  منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » الرابط  : http://fr.groups. yahoo.com/ group/democratie _s_p
 

وجهة نظر رقم 8 حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي (*) : هــل يعيد التاريخ نفسه ؟

 


تونس في 18 جانفي 2010 نقابي من قطاع التعليم الثانوي  
انتهى مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوى وأفرز نتائج اختلفت القراءات لها وتعدّدت المواقف منها باختلاف وتعدّد المرجعيّات النقابية / السياسية لأصحابها من ناحية وبتعدّد واختلاف زوايا النّظر من ناحية ثانية. والأكيد أنّ تقييما شاملا للمؤتمر ونتائجه تتطلّب دراسة متأنّية وعميقة في علاقة بعدّة محاور إلاّ أنّنا سنكتفي في هذه المساهمة الأوّلية بمحاولة رصد الدّور الذي لعبته القيادة البيروقراطية  للاتحاد في هذا المؤتمر اعتبارا لخطورة هذا الدّور وأهميّته في تحديد النتائج وانعكاسها المباشر على مستقبل العمل النقابي داخل القطاع والاتحاد. بداية لا بدّ من الإشارة إلى حقيقة موضوعية لا يختلف فيها إثنان وهى وجود رؤيتان مختلفتان جوهريا­ – بل ومتناقضتان – داخل الرأي العام النقابي وخاصة القطاعي منه، ترى الأولى أنّ البيروقراطية – كتيّار داخل الحركة النقابية – والمكتب التنفيذي – كتعبيرة مكثّفة لخياراتها تدخّلت بقوّة لتؤثّر في مصير المؤتمر في حين تعتبر الرؤية الثانية أن المؤتمر تمّ إنجازه باستقلالية تامّة عن إرادة المكتب التنفيذي. ورغم أنّ الجزم بصحّة هذا الرأي أو ذاك قد يتطلّب البحث في عدّة عناصر متداخلة ك- الديناميكية النقابية الداخلية للقطاع / الحسابات النقابية والسياسية للأطراف الفاعلة في القطاع / نتائج الدورة النيابية الماضية / الاستحقاقات النقابية والتحديات المطروحة على الحركة النقابية / تعمّق الأزمة الاقتصادية والسياسية بالبلاد و انتظارات السلطة للدّور الموكول للمكتب التنفيذي في علاقة بهذه المسألة / الصراعات التي تشق أجنحة البيروقراطية -. رغم كلّ هذا فإنّ رصد الدّور الذي لعبته قيادة الاتحاد في مؤتمر الثانوي يتطلّب ضرورة طرح جملة من الأسئلة تعتبر الإجابة عليها بكلّ تجرّد وموضوعية حلقة رئيسية وضرورية للإقناع بمدى وجاهة وصحّة هذا الرأي أو ذاك وهذه الأسئلة هي :                                      1) هل يمكن أن نقبل بالرأي القائل أن قيادة الاتحاد بقيت خارج اللعبة في مؤتمر الثانوي في الوقت الذي حاولت فيه بكلّ طاقاتها وبكلّ أساليبها الفعل في نتائج مؤتمرات كافة الهياكل الوسطى الأخرى – اتحادات جهوية / نقابات عامة / جامعات عامة – بل تدخّلت حتّى في مؤتمرات عديد الفروع الجامعية والنقابات الأساسية ونسوق على سبيل الذّكر لا الحصر مؤتمر النقابة الأساسية للفولاذ ببنزرت وما نتج عنه ؟ 2) هل تقبل فكرة حياد هذه القيادة تجاه مؤتمر الثانوي أي تجاه هيكلة أهمّ القطاعات من حيث عدد المنخرطين ومن حيث التنوّع الفكري والسياسي لتركيبته وكذلك من حيث تأثيره في الجهات وباقي القطاعات ؟ 3) لماذا رفضت القيادة تمكين القطاع من عقد مؤتمره في شهر سبتمبر ؟ هل يعود السّبب في ذلك إلى مجرّد شكليّة تتعلّق برزنامة الهيكلة أم إنّ المسألة أعمق من ذلك بكثير وهى تتعلّق بمحطّة الانتخابات وبعدم جاهزيّة التوليفة كما تراها البيروقراطية ؟ 4) كيف يمكن لنا أن نفسّر استهداف البيروقراطية لعضوين من المكتب السابق – فرج الشبّاح و الطيّب بوعائشة – منذ سنتين ؟ ألا يعتبر ذلك خطوة أولى في اتّجاه التخلّص منهما خلال المؤتمر الأخير ؟ و كيف نفسّر صمت المكتب السابق على ذلك الاستهداف ؟ 5) ما هيّ مبرّرات إقصاء فرج الشبّاح من القائمة الرسميّة رغم وجوده ضمن ذات القائمة في 2005 و على نفس أرضيّة العمل إضافة إلى أنّ مردوده لم يكن أسوأ من غيره خلال الفترة المنقضية ؟ 6) كيف يمكن أن نفسّر نجاح عناصر كانت لفترة قريبة محلّ فيتو – رفض قطعي – من طرف أغلب الناجحين و من الذي فرض وجودها داخل التّشكيلة المنتخبة – المقصود هنا نعيمة الهمّامي – ؟ كذلك من فرض تواجد أحمد المهوّك ضمن القائمة الرسميّة ؟ 7) من وقف وراء ترشّح عبد الرحمان الهذيلي للكتابة العامة و تمسّكه بالحصول عليها إذا لم يكن مقبولا من طرف إحدى الأجنحة الفاعلة داخل المكتب التنفيذي ؟ 8) هل شهدت الفترة النيابية السابقة خلافا و تصادما نوعيّا يذكر بين المكتب المتخلّي – الذي عاد أغلبيّته إلى التشكيلة – و المكتب التنفيذي رغم أهميّة الملفّات التي كانت مطروحة على الساحة النقابية داخل القطاع و الاتحاد و السياسية داخل البلاد و التي تعاملت معها القيادة البيروقراطية بأسلوب ميزته مهادنة السلطة و تمرير مشاريعها ؟ 9) هل مثّل الأسلوب الذي اعتمدته النقابة المتخلّية – و العائدة في أغلبها – طيلة السنوات الخمس الماضية أيّ حرج للقيادة البيروقراطية سواء في الملفّات القطاعية – قيمة المنح / التقاعد / ملفّ التعليم / المطرودون…- أو في الملفّات الأخرى – التزكية / المفاوضات الاجتماعية / الحوض المنجمي / المسألة الديمقراطية داخل المنظمة / التجريد…- ؟ هذه بعض الأسئلة التي نترك لغيرنا الإجابة عليها متعهّدين بالعودة لاحقا إليها و إلى عناصر أخرى هامّة في استبيان نتائج مؤتمر الثانوي هذا المؤتمر الذي ستكون الفترة القادمة محدّدة في توضيح نتائجه كما كانت السنوات الخمس الماضية فيصلا في توضيح نتائج مؤتمر 2005  » آملين  » ألاّ يعيد التاريخ نفسه في شكل مهزلة أو مأساة – بل و مأساة -. نقابي من قطاع التعليم الثانوي (*) إعلام من منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » مع نهاية مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي سينشر منتدى  » الديمقراطية النقابية و السياسية  » كلّ البيانات و المقالات النقدية التي ترد عليه من مختلف الفرقاء تحت باب  » وجهة نظر حول تقييم نتائج مؤتمر التعليم الثانوي  » على شرط أن تتناول الشأن النقابي العام و لا تتضمّن مسّا بالحياة الخاصّة أو الشخصية للمعنيين أو ثلبا مجانيّا مع التنبيه المسبّق إلى أنّ ما سننشره لا يعكس بالضرورة وجهة نظرنا و لا يلزم إلاّ أصحابه. المنسق العام المصدر  :  منتدى » الديمقراطية النقابية و السياسية  » الرابط  : http://fr.groups. yahoo.com/ group/democratie _s_  

طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة الأحد 17 جانفي 2010 العدد الخامس عشر – السنة الرابعة –  

تونس : إقرار الحكم الإبتدائي ضد الأمين العام للإتحاد العام لطلبة تونس ….. أقرّت الدائرة الجنائية السادسة عشرة بمحكمة الإستئناف بتونس يوم الخميس 14 جانفي 2010 الحكم الإبتدائي القاضي بسجن الأمين العام للإتحاد العام لطلبة تونس عــزّالديـــن زعتـــور بالسجن لمدة سبعة أشهر مع النفاذ و ذلك بتهمة  » السكر الواضح و التشويش و الإعتداء على موظف أثناء أداء واجبه  » كما قضت بسجن بوبكــر الطاهــري – وهو عضو سابق بالمكتب التنفيذي للإتحاد – بالسجن خمسة أشهر      و تعود وقائع القضية – وهي مسجلة تحت عدد 3951 – إلى سنة 2006 و لكن السلطة قامت بإثارتها من جديد و ذلك قبل فترة وجيزة من الموعد المحدد لانعقاد مؤتمر الإتحاد سنة 2008 ….  أما حيثيات البحث فتقول بأنه تم ضبط المتهمين المذكورين بأحد شوارع العاصمة وهما بحالة سكر واضح و يتفوهان بكلام مناف للحياء كما عمدا إلى الإعتداء على أعوان البوليس أثناء محاولة إيقافهما باستعمال قارورة بلورية في حين يؤكد زعتور بأن القضاء تم توظيفه مرة أخرى لتصفية حسابات سياسية مع المنظمة النقابية الطلابية و محاولة النيل من استقلاليتها و عرقلة عقد مؤتمرها العام  كما أكد بأنه تم قلب الحقائق حيث أن عون البوليس هو الذي بادر بالإعتداء عليه و على زميله و ليس العكس  …..                                          و قد أصدرت هيئة المحكمة في الجلسة ذاتها بطاقتي إيداع في شأنهما تونـــس : عشرة طلبة بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي و الثقافي ببئر الباي مهدّدون بالمحاكمة …. تم يوم السبت 2 جانفي 2010 استجواب الطالبين عبد الحفيظ البســـــدوري و رفيق الهانـــي من قبل فرقة الأبحاث و التفتيش بالزهراء حول نشاطهما بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي و الثقافي ببئر الباي و تمت مواجهتهما بتهم من نوع التحريض على الإضراب و الإعتداء بالعنف و تعطيل سير الدروس و قد يكون ذلك مقدمة لإحالتهما على القضاء و قد تضمن التحقيق معهما ذكر أسماء 8 طلبة آخرين قد يتعرضون للمحاكمة أيضا ….. الشابّــــــة : التلاميذ يساندون الطلبة المساجين يوميا …. لم ينفك تلاميذ معهد  » أبو القاسم الشابي  » بالشابة و منذ يوم الخميس 7 جانفي 2010 على تخصيص ربع ساعة يوميا في الساحة التي تتم فيها تحية العلم للوقوف احتجاجا على الأحكام الصادرة بحق الطلبة الذين حوكموا فيما يعرف بقضية  » مبيت البساتين للفتيات بمنوبة  » ….. و رغم تهديدات مدير المعهد باتخاذ الإجراءات الإدارية ضد التلاميذ المحتجين فإنهم أصروا على القيام بوقفتهم الإحتجاجية اليومية …. مدنيــــن : اعتقال تلميذ يدرس بالباكالوريا ….. قام البوليس السياسي مساء يوم الإربعاء 6 جانفي 2010 باعتقال التلميذ عبد الناصر بن محمد ناجح وهو في طريق عودته إلى البيت و يدرس عبد الناصر بالسنة الرابعة رياضيات بمعهد طريق قابس و قام البوليس بنقله ليلا إلى منزل عائلته حيث قاموا بتفتيشه تفتيشا دقيقا و حجزوا حاسوبه الشخصي و قد تم كل ذلك خارج إطار القانون باعتبار أنه لم يتم تقديم إذن من وكيل الجمهورية للقيام بتلك الإجراءات … مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي : انعقد مؤتمر نقابة التعليم الثانوي أيام الإثنين 11 و الثلاثاء 12 جانفي 2010 بنزل  » الديبلوماسي  » بتونس العاصمة تحت شعار  » من أجل الدفاع عن المدرسة العمومية و صون كرامة المربّي  » و قد ترأس المؤتمر المنصف الزاهي عضو المكتب التنفيذي المكلف بالوظيفة العمومية و شهد المؤتمر تدخلات عديدة و نقاشات حادة خلال الجلسات العامة و في الكواليس حول واقع العمل النقابي و الوضع المتردي للمعاهد و الظروف القاسية التي يعمل فيها الأساتذة و انهيار مستواهم المعيشي كما شملت النقاشات عدة قضايا وطنية حيث أكد نواب المؤتمر على ضرورة النضال المتواصل لفرض و تحقيق الحريات العامة بالبلاد  و تطرقوا كذلك إلى عدة قضايا قومية و منها الإحتلال الأمريكي للعراق و خاصة القضية الفلسطينية و بالخصوص موضوع  » جدار العار  » الذي قامت السلطات المصرية بإنشائه على الحدود مع غزة و قد وجه المؤتمرون برقية احتجاج إلى السفير المصري في تونس …. مناظرة إعادة التوجيه الجامعي لحاملي باكالوريا جوان 2009 : انطلقت عملية الترشح لاجتياز مناظرة إعادة التوجيه الجامعي الخاصة بحاملي باكالوريا جوان 2009 منذ يوم الأحد 10 جانفي و تتواصل إلى يوم الإربعاء 10 فيفري 2010 و يشترط في المترشح أن يكون متحصلا على باكالوريا 2009 و سواء كان المرشح مسجلا بإحدى الجامعات التونسية أو بالخارج أو تحصل على تأجيل الترسيم في السنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 أو في السنة السابقة و يجب على المترشح توجيه مطلب الترشح للمناظرات إلى رئاسة الجامعة المعنية وجوبا عن طريق البريد مع بيان الشعب المطلوبة و يرفق كل مطلب بظرف خالص معلوم البريد يحمل العنوان الشخصي و ذلك حالما يتم الإعلان رسميا عن تاريخ المناظرة و على كل مترشح سحب  » مطبوعة الترشح  » من الموقع الإلكتروني للجامعة و تكوين ملف يتضمن الوثائق المطلوبة و سحب الروزنامة التفصيلية لإجراء الإختبارات الخاصة بالشعب المطلوبة من نفس مواقع الجامعات و لا تشمل مناظرات إعادة التوجيه المراحل التحضيرية للدراسات الهندسية و المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية و المعهد الوطني للعلوم التطبيقية و التكنولوجية و معهد النهوض بالمعاقين و التقني السامي في الخدمة الإجتماعية إنفلونـــزا الخنازيــــر : عندما يفقد الإعلام مصداقيته ، لا تنفع النداءات و المناشدات …. تكثفت خلال الأيام الأخيرة النداءات و الدعوات للإقبال على التلقيح ضد فيروس إنفلونزا الخنازير و لكن الإستجابة كانت ضعيفة جدا حتى من قبل من لديهم أمراض مزمنة أو هم في وضعيات صحية دقيقة بل أكثرمن ذلك فإن عددا كبيرا من الأطباء رفضوا القيام بالتلقيح و قاموا بنصح مرضاهم بعدم القيام بذلك … و الحقيقة التي لا جدال فيها هو أنه قد توفرت للتونسي – بفضل الثورة الكبيرة في مجال الإتصالات – إمكانيات ضخمة للإطلاع  و التمحيص و النقد و المقارنة و بالتالي التحرّر من وصاية أجهزة متكلسة فقدت ثقة المواطن الذي خبرها مرات و مرات وعاين التناقض الكبير بين ما تنقله و الواقع المعاش و سخرت من عقله و ذكائه كثيرا ….  و في هذا السياق لم يستجب الطلبة – كما المواطنون – للنداءات المتكررة الداعية إلى المسارعة بالتلقيح ضد إنفلونزا الخنازير بحيث قد لا تتجاوز نسبة من قاموا بذلك الــ 1 في المائة و ذلك بعد اطلاعهم على العديد من المعلومات و المعطيات المتعلقة بالآثار الجانبية لهذا المرض من خلال المواقع الإلكترونية و كذلك متابعتهم للعديد من الندوات و النقاشات على شاشات القنوات الفضائية …..  المعهد العالي لتنشيط الطفولة بقرطاج درمش : ذكرى مرور 20 سنة على تأسيسه … مرت في شهر ديسمبر 2009 الذكرى العشرون لتأسيس المعهد العالي لتنشيط الطفولة بقرطاج درمش     و ستشهد نهاية السنة الجامعية الحالية تخريج أول دفعة من حاملي شهادة الإجازة التطبيقية في تربية الأطفال و كانت سنة 2004 شهدت انطلاق شهادة الماجستير المهني المختص في الطفولة  يضم المعهد حاليا 132 1 طالبا يؤطرهم 38 أستاذ جامعي أستـــاذ يسطــو علـى أطروحــة طالبــة جامعيــة ؟؟ تعرّضت الطالبة سميّـــة الهنشيـــري – أصيلة قفصة – إلى عملية سطو على أطروحتها التي تحمل عنوان  » القصص الشعبي في الصحراء  » من قبل أستاذ تعليم ثانوي يزاول مهنته بجهة المهدية و قدّم نفسه على أنه أستاذ مبرّز و قد حصل ذلك خلال ندوة  » الخرافة في العالم العربي  » التي نظّمها النادي الثقافي الطاهر الحداد بتونس بالإشتراك مع وحدة بحث  » انتروبولوجيا الثقافة العربية و المتوسطية بكلية الآداب بمنوبة  » و قد سلّمت الطالبة المذكورة – وهي تواصل حاليا دراستها بالمرحلة الثالثة دراسات معمقة في اختصاص الحضارة بكلية الآداب بمنوبة – النسخة الأصلية الوحيدة لديها – وهذا خطأ فادح من جانبها ما كان لها أن تقع فيه – إلى الأستاذ المذكور بهدف الإطلاع عليها و اقتراح إضافات و تغييرات عليها و لكن ما راع الطالبة إلا و الأستاذ يماطل في إرجاع الأطروحة إلى صاحبتها ثم أغلق هاتفه الجوّال تماما حتى لا تستطيع الإتصال به مستقبلا فاشتكته إلى وزارة التعليم العالي و وزارة التربية في محاولة منها لإصلاح الأمر بالحسنى و تجنب اللجوء للقضاء إلا أن الأستاذ المذكور تعنّت و أصرّ على تجاهل الجميع – بمن فيهم بعض الوسطاء –  فما كان من الطالبة المسكينة إلا أن أخذت تجمع الأدلة لإثبات حقها و تتمكن بالتالي من استرجاع أطروحتها التي سهرت الليالي في إعدادها  وهي تعدّ العدّة لتقديم عريضة إلى وكيل الجمهورية لتتبّع الأستاذ …. القيــــــروان : تلميذ الباكالوريا يعتـــدي علـــى أستـــاذه …. على إثر مطالبة أستاذ الرياضيات أحد تلاميذه بتقديم تبرير للغيابات المتكررة قام هذا الأخير بالإعتداء على أستاذه و لولا تدخل بقية التلاميذ الذين قاموا بشلّ حركة زميلهم لحصل ما لا يحمد عقباه … و قد جدّت هذه الحادثة يوم الخميس 14 جانفي 2010 بأحد المعاهد الثانوية بمدينة القيروان و قام على إثرها أساتذة المعهد بالإضراب لعدة ساعات مساندة لزميلهم و احتجاجا على هذه الإهانة للإطار التربوي …. سوســـــــة : تلميذ يصفــع أستـــاذة ….. و في مساء نفس يوم الخميس 14 جانفي 2010  قام تلميذ يدرس بأحد المعاهد الثانوية بسوسة ( معهد الذكور سابقا ) بصفع أستاذته عدة مرات في القسم و على مرأى و مسمع من زملائه   و قد جاء حادث الإعتداء على الأستاذة التي تقوم بتعويض زميلة لها و تقوم بتدريس مادة التفكير الإسلامي بعد نشوب جدال بينها و بين التلميذ الذي تقول بأنه تطاول عليها فقامت بصفعه فردّ الفعل أضعافا مضاعفة …. و قد تقدمت الأستاذة بشكوى ضد التلميذ كما قام الأساتذة بوقفة احتجاجية لمدة 20 دقيقة على الساعة العاشرة صباح يوم الجمعة الفارط …. و في الختـــــام :  » إن الأوضاع السياسية المتردّية في العالم العربي لن تنتج غير المبدعين المأجوريــن و المرتزقـــة ، و الحالة طبيعية جدا حسب المنطق العام للأشياء  »                                                                 
 الشاعــــر الفلسطينــــي  سميـــح القاســــم  

إنجاز فيلم عن اغتيال الزعيم فرحات حشاد مغامرة خطيرة قراءة في فيلم اغتيال فرحات حشاد


بقلم: أحمد القاسمي*   لا بد من التسليم بدءا بأنّ إنجاز فيلم عن اغتيال الزعيم فرحات حشاد مغامرة خطيرة لا يتجشمها غير مغامر يقبل المراهنة ضد الإكراهات والمصاعب وذلك لندرة الوثائق التي تنير سبيل الباحث ولغموض الحادثة ورحيل أهمّ الرفاق من ناحية ولمكانة الرجل في الذاكرة الجمعية من ناحية ثانية ولميل المخيال العربي فطريا إلى تقديس زعمائه مما يجعله ممانعا لكلّ توثيق لحياتهم يتسم بالموضوعية من ناحية ثالثة.. ولا نحسب تقبل فيلم يتجشم هذا العبء من متفرج ذي دراية بشخصية حشاد يغفل عن الانتباه إلى كيفية معالجة المخرج فنيا لموضوعه، بقد انتباهه إلى تفاصيل مقتل الرجل ذلك أنّ البحث في أنماط التفاعل بين الجمالي من الفيلم والإخباري منه سؤال مركزيّ. الوثائقي الحواري اختيارا جماليا أثيرا: لقد اعتمد الفيلم (1) أسلوبا حواريّا استجوابيا يمثل السؤال منه مثيرا يحفّز المستجوب للإفضاء والشهادة ويستدرجه إلى الموضوع المقصود. فكان الفيلم بأسره شهادة تقلّب صفحات مسيرة فرحات حشاد ذات منزعين: منزع إخباري يقدم المعلومة التاريخية فيتولّاها المؤرّخون أو منزع سرديّ يعرض الحالات من هذه المسيرة والتحولات منها ويتولاها رفاق فرحات حشاد ومعاصروه. ولا نحسب هذه التداول بين المنزعين إلاّ اختيارا من المخرج يحدّ من برودة المؤرّخ الناشئة عن هاجس الرصانة العلمية والدقة في التعامل مع الوثيقة ويكبح انخراط الزوجة والرفاق العاطفي وليد توهج الذاكرة واستعار المشاعر، بحثا عن موضوعية تلاحق الحقيقة التاريخية نحو البحث في أسباب الاغتيال وظروفه ونتائجه، شأن كلّ وثائقيّ. من الحوار إلى التحقيق: يمثّل منحى التحقيق طبقة مهمّة من فيلم « اغتيال فرحات حشاد » فرغم أنّ هذا الاختيار يظلّ ثاويا منطمسا تحت وطأة الحوار الاستجوابي مفتقرا إلى شروط تحققه شأن زيارة فضاءات الأحداث وتقصّي تفاصيل حياة فرحات حشاد الأسرية في صباه أو شبابه أو كهولته أو حياته النقابية فإنّ ضغطه يظلّ قائما. فالفيلم بشكل ما، يفيد من خاصّية التحقيق ويعمل على أخذ المتفرج إلى عالم فرحات حشاد صبيّا ينشأ في عائلة صيّادي أسماك بجزيرة قرقنة أو شابا يترك مقاعد الدراسة ويلتحق بالعمل في سوسة أو كهلا يخوض غمار العمل النقابي فينجح فيه أيّما نجاح ويتغيّر طموحه من الوقوف ضدّ استغلال العمّال إلى مواجهة المستعمر وتحرير الوطن. على أنّنا نجد هذا التحقيق نظرا لمركزية عملية الاغتيال منه. يجعل من التحقيق في الفيلم البوليسي أصلا اعتباريّا فيوجد المحقق أو المخبر هو ذاك المؤلّف الذي يتوارى خلف ما يطرح في الكواليس من أسئلة وما يثبت في الفيلم من أجوبة ينتزعها من محاوريه انتزاعا ويوجد الضحيّة فيتعرف المتفرج إليها تدريجيّا حتى يشارك المخبر في تحديد المستفيد من موتها حتى يوجّه إليه الاتهام. هي فرحات حشاد أمّا المتهم فيضيق عليه الخناق شيئا فشيئا مع كلّ لقطة أو مشهد وتحصر فيه الشبهة وتجمع ضدّه الأدلّة ومن يكون غير فرنسا. مثّلت النهاية إذن وفق ما تقدّم، إدانة صريحة لفرنسا باعتبارها مسؤولة بطريقة مباشرة عن مقتل فرحات حشاد وباعتبار منظمة اليد الحمراء ذراع مخابراتها. أمّا مصلحتها فيما أقدمت عليه فتطهير لتونس ممن يمثلون خطرا عليها تمهيدا لمنح البلاد استقلالا منقوصا ولمنح بورقيبة- حليفها- ساحة سياسية خالية من الخصوم أو من المناوئين. 3- الحوار والتحقيق عونان سرديّان: تحت هاتين الطبقتين –الوثائقي حوارا أو تحقيقا- تكمن طبقة ثالثة نقدّر أنّها الطبقة الأكثر سمكا والمركز الأكثر جذبا في الفيلم، هي القصّ. فرغم نزعته التحليليّة وما فيه من تجريد، يكاد الأثر يكون سردا لسيرة فرحات حشاد يتشكل من وضع بداية سمتها الفقر في جزر نائية من جزر تونس وسياق تحوّل تكمن ذروته في المجد النقابي يأخذ شخصية فرحات حشاد إلى تونس العاصمة ثم إلى الأمم المتحدة خطيبة في المحافل الدولية مدافعة عن استقلال تونس ووضع ختام مزدوج المَخرج يتمثل مَخرجه الأوّل في موت فرحات حشاد أمّا مَخرجه الثاني فمداره على استقلال الوطن. ولمّا كان المحاوَر ممانعا يجيب على قدر السؤال ولمّا كان الحوار سائبا منفلتا عن كلّ نسق ناظم فلا يقدر على تشكيل الأحداث أو الدفع بها. كان المونتاج العضوي وسيلة المخرج الطيّعة من خلاله تتضافر الشهادات وتعمل متكاملة باعتبارها أعوانا سردية على تشكيل الحدث الفرعي شأن عرض عمليّة الاغتيال فيحدد مصطفى الفيلالي (22 دق 10 ث) تاريخه وتذكر زوجته (22 دق 28 ث) انطلاقه من منزله برادس نحو وسط المدينة بما يمثّل تأطيرا. أمّا الباحث لطفي زيتون (22 دق 37 ث) فينقلنا إلى الأفعال مستندا إلى الرواية الرسمية الفرنسية وعنه يأخذ الباحث علية عميرة الصغيّر (22دق 58ث) خيط السرد فيذكر تفاصيل من عمليّة الاغتيال ويكل الفرنسي عضو منظمة اليد الحمراء أنطوان ميليرو (23دق 26ث) أخرى. على أنّ الأحداث الفرعية تتعاقب لترصد تحوّلات في سيرة فرحات حشاد(2) يقطعها بين الحين والآخر عرض لحالات وأوصاف ويتم ذلك كلّه وفق منطق حسّي حركيّ. وعلى هذا النحو يتسرّب السرد إلى الفيلم ليؤثّر في إنشائيته تأثيرا عميقا فيجعل من فرحات حشاد أوّلا بطلا يقارع قوى منظورة وأخرى غير منظورة ترسل إليها الإشارات في شكل تهديد بنهايته المفجعة. ولكنّه يتحدّى قدره، وجراء عناده ينتهي صريعا. ولئن كان موته ذاك هزيمة ظاهرة فإنّها تخفي انتصارا للحرية على حساب الضرورة يرتقي بفرحات حشاد إلى مصاف الأبطال في التراجيديا الإغريقية، ويعرج بالعمق الوثائقي الذي يريد الحقيقة ويتقصّى أسرار موت حشاد إلى التخييلي بما يمثّل إرباكا يعتري مقاربة الفيلم بالجمالية. لعلّ هذا الإرباك يعود في قدر كبير منه إلى صعوبة طرق الموضوع سواء لغياب الشهادات بحكم الفقد إذ أودى أغلب الرفاق أو لغياب الوثائق بحكم الحجب فقد ظلّت فرنسا تمنع الإفراج عن أرشيف القضيّة. 4- فرنسا: من اغتيال زعيم إلى اغتيال الحقيقة هل توفرت في اغتيال فرحات حشاد أركان الجريمة التامة بحيث يكفل فيها المجرم إفلاته من تبعات إجرامه أم هل استطاع الفيلم إماطة اللثام عن لغز مقتل حشاد، ذلك التحدّي الذي أعلنّا منذ البداية أنّه مغامرة خطيرة ؟ لا نعتقد أنّ الإجابة ستكون بنعم في الحالين ولا نحسب أنّ الكشف الباتّ عن هذا اللغز من الهيّن المتاح. ومن ثمة لم يتجاوز الفيلم التذكير بالمتداول من الوثائق (3) أو الرائج من التخمينات فلا يمكن لمن تعوزه مثل هذه الوثائق أن يطمح إلى المزيد. ولكنّ مسارا واعدا نعتقد أنّ الحفر فيه كان سيمنح الفيلم طرافته، أُهمل ولم يعالج بالقدر الكافي هو ذلك التواطؤ بين الحكومة الفرنسية والسلطات التونسية فجر الحكم البورقيبي على إطلاق سراح الجناة من سجن بنزرت. ومع ذلك لا يغرب عنّا ما وسم الفيلم من بعد تحليليّ استدلالي ينطلق من الكليات إلى الجزئيات فيبدأ بعرض مصادراته ممثلة في أنّ موت فرحات حشاد جريمة تقتضي من فرنسا كشف الحقيقة وتحمّل تبعاتها الأخلاقية والقانونية ثم يأخذ في عرض التفاصيل والغوص فيها بما هي براهين تؤسس لمسار حجاجيّ يعمل على إذعان ذهن متفرّجه لدفعه إلى التسليم بهذه المصادرات. وهذا التمشي الاستدلالي يمثل في اعتقادنا إدانة وإن بصوت حييّ خفيّ لفرنسا التي تتباهى بكونها مصدرا للقيم النبيلة والحريات والعقلانية والتنوير، لا تمارسه من تعتيم على وثائق هذه القضيّة رغم مرور أكثر من خمسين سنة بما يرفع عنها السرّية وفق القانون الفرنسي ويجعل من اغتيال فرحات حشاد حلقة من تاريخها الاستعماري المشين تنضاف إلى الاغتيالات وأعمال التعذيب الوحشية التي مورست في تونس والجزائر والمغرب وتورط مخابراتها في اختطاف المهدي بن بركة وإصرار قادتها المتواصل على عدم الاعتذار عن استعمار بلادهم للأوطان وإذلالها لشعوبها ونهبها لثرواتها.  
* باحث في سيميائيات الأدب والسينما  
المصدر جريدة الشعب الأسبوعية (لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل) السبت 16 جانفي 2010  
الهوامش: 1- فيلم وثائقي من إخراج جمال دلالي وإنتاج الجزيرة الوثائقية 2009 2- من نشأته فقيرا في جزيرة جربة إلى دراسته وعمله في سوسة ثم تدرجه في العمل النقابي من تابع للمنظمة… إلى تأسيسه للاتحاد العام التونسي للشغل وعمله على الجمع بين الهمّ النقابي والهمّ السياسي إلى موته في سبيل ذلك، غايته تلك. 3- نستثني من ذلك اعتراف عضو منظمة اليد الحمراء أنطوان ميليرو بمساهمته في تدبير الاغتيال بما مثل شهادة تدين فرنسا وسبقا يحسب للفيلم  

حتى يكون الجميع على بيّنة تفاعلا مع خارطة الطريق و أخواتها (2/2)


محمد سعيد الرحالي تُرى ما الذي تغيّر في طبيعة النظام حتى نهب لوضع الخرائط  ورفع الريات البيضاء؟ نحن لا نرى شيئا غير محاولة تحقيق مصالح شخصية لبعض الناس، أونوع من الاستفاقة المتأخرة، لا أقول استفاقة ضمير ولكن نوع من الاعتذارالمتأخر الذي  هو في النهاية صوت السلطة  وترويج الأوهام.. وكأن هنالك ظروف مصالحة حقيقية، والذي يعطلها هو بعض أشخاص أو شخص واحد ربما في النهضة..  لم يُحدد لنا هؤلاء الناس كيف تكون المصالحة و على أي أساس؟  »  
ربما الجواب يكون بديهيا، فآليات التحليل » عندهم تشير بأن يكفيك أن تحسن لغتك، أن تحسن « هندامك »، أن تتبرم من قيادة حركتك، أن تثبت للآخر أنك برئ وأنك لا تريد به شرا، أن تكثر من الابتسام للطاغي، أن تُجهد نفسك في جلد الذات و ذكر سلبيات الماضي أو ربما حتى الحاضر… فكل هذا و غيره يشهد بيقين على فداحة ضعف التحليل  عندهم، الذي يركز على أخطاء قائمة أو مفترضة للحركة.. إن مثل هذا التفكير و النظر هو للأسف لا يعد بحال سبيلا للخروج من الأزمة بل تكريس لها و هو في حد ذاته مظهر من مظاهرها … لا يمكن إذن التعبير عن هذه المواقف الرثة، ممن قضّى جزءا من عمره وهو يبشر بمشروع يكون أملا للمستضعفين في تونس…فحتى لو تصورنا أن الذين يفعلون ذلك يفعلونه جادين و فرضنا إحسان الظن بأصحابها، فأنها ستبقى سذاجة وضحك على الذقون.. فالسياسة عالم لا يعترف بالابتسامات والخطاب… السياسة هي تفاعل بين موازين القوى . لا بد أن تُغير موازين القوى ، فلا أحد يعطف على أحد .
 
مجال السياسة ليس مجال العواطف ولا حتى مجال الحق والعدل و الخير وإنما هي موازين القوى بشتى أنواعها.. وإلا إذن، لماذا يتخلى حاكم عن عرشه؟ ابن خلدون يقول بأن  » الملك يميل إلى الانفراد  » هذا قانون ، ما الذي يجعل هذا الذي انفرد بالسلطة وانفرد بالثروة و انفرد بالكلمة وانفرد بالثقافة ، ما الذي يجعله يشرك غيره في ذلك ، ويتنازل لغيره ؟. افترضوا أن النهضة غابت الآن ، افترضوا أن الأرض انشقت وابتلعت كل نهضوي، هل حلت مشكلة البلاد؟ هل حل مشكل نجيب الشابي وهو حزب معترف به، ولكنه مضروب على يديه، مقراته تؤخذ من بين يديه؟ هل حل مشكل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي وقع السطو عليها؟  هل حل مشكل المجلس الأعلى للحريات؟ هل حل مشكل حزب المؤتمر للدكتور المرزوقي؟ هل حل مشكل حزب العمال التونسيين، حمة الهمامي؟ هل حل مشكل منظمة الصحافة في تونس؟ ما لهؤلاء القوم الذين يروجون للأوهام وكأن المشكل كله مشكل النهضة والغنوشي « !! أليست  » مشكلة تونس أعمق مما يتصور و يتوهم هؤلاء الرهط من النهضويين؟ أليس  » السقف »  أعلى من ذلك بكثير..  أليست  مشكلة  تونس مشكل مصالح كبرى، دولة تنهب بكل معنى الكلمة وهوية تضيع…؟  إذن،  فليكف هؤلاء الناس عن ترديد السذاجات وعن تتـفيه قضية تونس و التبسيط الساذج  على أنها قضية نهضة ونظام  و تقييم و اعتراف للعدو  « بالخطيئة » و ليس  » الخطأ »، عله يفتح لهم سبل التعبير و التغيير ويكونون من بعد ذلك قوما « صالحين ».  
إن المأزق السياسي الذي تعيشه تونس منذ أكثر من عقدين، يكمن يقينا في ضيق أفق السلطة عن استيعاب حركة وتطلّعات المجتمع وتمحّضها للحل الأمني، بالتوازي مع استقالة المنتظم السياسي التقليدي وعجزه عن الضغط على السلطة والتعبير عن غضب الجماهير.. فإن لم يكن الأمر كذلك ما المخرج من المأزق السياسي دون التصدّي لعنف السلطة؟ أم يُراد منا أن نتحوّل إلى مجرد رقم في ديكور المعارضة يعيش على المطلبيّة الذليلة والانتظار الرخيص؟ ألم يكن يعلم هؤلاء أن خيار قيادة الحركة في فرض الحريّة سنة 1991 لم يأت فجائيا ولا معزولا عن الواقع، بل خيار في اضطرار تعلمون انه كان نتيجة تطور في علاقة السلطة بالمجتمع، وثمرة شورى موسعة أيضا، وإقرار من المؤسسات بعد مراجعات متتالية  نعم انه يمثل تحولا في سياق الحركة العام، يَرد عليه الصواب والخطأ ولكنه كان يومئذ يُمثل توقا قاعديّا و جماهيريا إلى الخروج من المأزق وكسر الحواجز وتجرئه الشعب وإطلاق الطاقات المكبوتة…. نعم كان منتظرا كذلك إزاء  كل تحوّل وقوع الضحايا. ولكن تقاليد حركتنا التضامنيّة  مثلت  قاعدة متينة للوحدة وتجاوز الأزمات والخيارات الصعبة.. فهل عجزت هذه الآلية اليوم عن المرور من هذه العقبة سالمين؟ وعلى فرض أن المخاطرة في هذا التحوّل من الضخامة أنها لا تُطاق فهل انقطعت بنا السبل و ضاقت بنا الحيل فلم يبق غير تبرؤ المبطن « بالواقعية » و « النظر للجزء المملوء من الكأس »  و « تثمين المربعات البيضاء ».. ألخ.. تمهيدا للارتماء في حضن الجلاد… في  وقت  بلغ فيه جنون السلطة الدائم منتهاه وحرصها على استئصال الحركة وقمعها وتمزيقها ؟ أولا يكفي دليلا قاطعا على فساد ذلك الموقف…إذن، الحديث عن المصالحة في تونس هو رغبة لا قيمة لها بل غير موجودة، و لن توجد هذه الرغبة إلا حينما نستطيع أن نغير موازين القوة.. فإذا لم تأزم الأوضاع في مثل هذه الأنظمة لن تنال شيئا، لن ينظر إليك حتى الغرب باهتمام، لا ينظر إليك أهل الحكم في الداخل ولا القوة الدولية في الخارج، ما لم تثبت على أنك قادر على أن تأزم الأوضاع و تباشر ذلك،..ينبغي أن تفكر ما هي أدوات الضغط التي تستخدمها، ودون امتلاك وتجميع ما يكفي من أدوات الضغط وتكتيلها في اتجاه تغيير موازين القوة لصالح الشعب سيظل الحديث عن السياسة وعن التفاوض والتصالح حديثا أخلاقيا وليس حديثا سياسيا.. ينبغي  أن نكف إذن، عن مطالبة الحاكم هذا نوع من الشحاذة.. أعطني شيئا  من الحرية أعطني  حزبا أعطني صحيفة.. كفّ  عن الطلب يا أخي و مارس ما بيدك من وسائل ضغط.. الحاكم سيأتيك .. وليعلم هؤلاء الذين يلهثون وراء السراب  ويشنون حربا على قيادتهم  ويتهمونها بالتصلب، أن المصالحة هي رغبة موجودة عندنا لكن لكي تتحول إلى واقع لا بد من عمل جاد لتغيير ميزان القوة في الشارع وتفعيل حركته .. ولسوء حظ أصحاب  « الاستفاقة المتأخرة »،  أن ما بات اليوم يُعرف بالمشاركة وإستراتيجية المشاركة في الحكم التي سلكتها بعض الحركات الإسلامية، لم تأت بثمارها المرجوة ولم تحدث تغييرا.. واكتشف  الناس أنها وهم لا يقل سوء عن حديث مصالحة الجلاد، بل هي مرحلة متقدمة لمشاركته جرائمه و التبرير لها وإضفاء الشرعية عليه.. ينبغي للإسلاميين أن يزنوا هذه المعادلة بدقة، هل مشاركتهم في أنظمة فاسدة هي سبيل إلى تغييرها أم سبيل لتكريسها و إضفاء الشرعية عليها، ينبغي أن لا نذهل قط أو نكف قط عن كوننا حركة تغيير و أن هذه الأوضاع ليست الأوضاع التي نطمح إليها..بل نريد تغييرها ، هذه الأوضاع متناقضة مع ديننا، متناقضة مع مشروعنا، متناقضة مع استقلال البلد ومع مصالحه الحيوية..
 
لو  نظر هؤلاء « المبشرين » بعقلية المشاركة، و المستنكفين عن عقليتهم السابقة المنظرة للتغيير الشامل!! لو تأمل هؤلاء بالعقل و بعيدا عن عقلية الانهزام أمام العدو وكسب المنافع الذاتية.. لوجدوا أن ما يدعون اليه لا يعدو أن يكون مجرد وهم وتضليل لغيرهم.. هل غيرت مشاركة غيرهم في الواقع شيئا؟ بل العكس هو السائد.. لم يكن للمشاركة الإسلامية  في الجزائر مثلا إنعكاسات  إيجابية على الوضع المعاشي للناس ولا على الوضع الثقافي فقد تراجع برنامج التعريب وتعززت الفرنسية . مشاركة الإسلاميين لم تغير في الأردن شيئا لا في مستوى المعاش ، ولا في المستوى السياسي فلم يتزحزح التطبيع مع الكيان الصهيوني. وفي  مستوى المجتمع المدني زحفت السلطة على مؤسساته تضع يدها عليها، فماذا غيرت مشاركة الإسلاميين ؟ إن هذا النمط في التحليل يشكل تعبيرًا عن الضحالة التي أصابت أبناء الحركة في ثقافتهم السياسية و عقلهم التحليلي. لا بل قد عبرت بشكل أفدح عن غياب النظر الديني جملة تقريبا، فغابت أية إشارة لمفاهيم الابتلاء و القضاء و القدر و الاحتساب و التمحيص و الفتنة على اعتبار أن حركة التاريخ تحكمها إرادة الله سبحانه و أن مرد كل الأمور إليه و أن ما أصابنا من خير أو شر فمندرج ضمن هذه المشيئة الإلهية المطلقة… فلا نظر عقليا ـ عند أصحاب التطبيع وواضعي الخرائط ـ يستوعب ما حدث في سياقه التاريخي العام و لا نظر دينيا في التعامل المطمئن مع أقدار الله سبحانه، بل يشبه أن تكون هذه النظرة علمانية مبسطة مغلّفة بغطاء ديني رقيق، و هو نهج في النظر غير مجد لا في الدنيا و لا في الآخرة إن الدعوات الكبرى لا يمكن ليد الطغيان أن تستأصلها و إنما تؤصلها، و تحجم عودها و تزيد من كسبها النضالي. ألا يفخر زعماء الحركة الوطنية بالسجن و التشريد في مقاومة عدوهم ؟ ألم يؤسسوا على ذلك شرعية حكمهم ؟
فلماذا يريد تحليل هؤلاء الذين كنا نحسبهم من أركان حركتنا  أن يؤسس على ملف سجننا الحافل و ملف مهجرنا في أوسع هجرة شهدها تاريخ تونس الحديث، و ملف معاناة عائلاتنا و شهدائنا، ملف صمودنا، و الفيتو الذي لا نزال نمارسه على النظام و السياسة في تونس: إنه بدوننا لا سياسة و لا ديمقراطية و لا انتخابات و لا استقرار و لا تنمية نهاية، و ذلك الذي سيكون بإذن الله.  لماذا يريد تحليلهم أن يؤسس على هذه الملفات الضخمة شهادة و فاتنا و اندثارنا ؟ أم أن الطبيعة الغالية على النفوس أنها تقبل ساعة النصر حتى لكأن المنتصرين ملائكة أو حكماء معصومين، فإذا أدبرت فالويل للمهزومين فهم الحمقى و الجهلة و حتى الخونة و الشياطين… إنها مفارقة  عجيبة بين صورة الحركة و قيادتها لدى عامة الناس و صورتها لدى أبنائها و نخبها.. إنها الهزيمة. فأهدوا، و استرجعوا أنفاسكم و ثقوا في ربكم، ثقوا في شعبكم المؤمن، ثقوا في أنفسكم، ثقوا في حركتكم و قيادتكم و لن ينالكم إلا ما كتب الله لكم، و لن يفوتكم ما كتب الله لكم، إنكم تسنّون سنة خطيرة ستبوؤون منها بإثم كبير إن لم تتداركوا الأمر ، فإن لم تفعلوا ذلك و أصررتم على  ما عزمتم عليه، فالله غني عنكم و لن نغير طريقنا. لقد  تشاورنا بما فيه الكفاية و اهتدينا بمشوارنا إلى رؤية في ماضينا و حاضرنا و خطة لمستقبلنا هي معالجة الأمر، طالما أن المسألة اجتهادية والشورى فيها قد أخذت حظها. محمد سعيد الرحالي  

في ندوة بمقر الديمقراطي التقدمي: الخبير الإقتصادي حسين الديماسي يؤكد: الأرقام الرسمية لا تكشف الحجم الحقيقي للبطالة

 


عقد الحزب الدميقراطي التقدمي يوم الجمعة الماضي ندوة علمية ألقى خلالها الخبير الإقتصادي والأستاذ الجامعي حسين الديماسي محاضرة تناولت بالتحليل إشكالية البطالة وتداعياتها بحضور الأمينة العامة للحزب وعدد من أعضاء المكتب السياسي إضافة إلى شخصيات وطنية وحقوقية وأكاديمية من بينهم السادة خميس الشماري والحبيب مرسيط وجلول عزونة وأمية الصديق وتوفيق فخري والعياشي الهمامي والزميل لطفي حجي. كما تميزت الندوة بحضور عدد هام من الشباب.  تولى إدارة النقاش الأستاذ رشيد الخشانة، الأمين العام المساعد ورئيس تحرير « الموقف »، الذي أكد في كلمته التقديمية على أهمية القضية المطروحة للنقاش باعتبارها أهم التحديات التي تواجه الإقتصاد الوطني مستندا إلى تقارير رسمية حديثة شخصت بعضا من أوجهها الخطرة دون أن تصل إلى قول كل ما يجب قوله، فاسحا بذلك المجال للخبير الديماسي ليخوض بتحليلاته الدقيقة في هذه المناطق الملتبسة. أكّد المحاضر أن البطالة، التي أطلق عليها المأساة العظمى أو « أم المآسي »، هي  ظاهرة قديمة في بلادنا، إذ طبقا للأرقام الرسمية والتي سيعود لاحقا لكشف عوراتها، استقرت نسبة البطالة بداية من سنة 1966 (أول تعداد عام للسكان يحصي الفئة النشيطة) بين 16 و 14 بالمائة. ثم تطرق إلى الخطاب الرسمي حول هذه الظاهرة الذي يؤكد أن الحكومة نجحت في تقليص هذه النسبة. واعتبر أن قراءة أولية للأرقام المتعقلة بهذه الظاهرة تؤيد هذا الإدعاء »، فحسب تعداد 94 كانت نسبة البطالة 16 بالمائة لتنخفض سنة 99 إلى حوالي 15 بالمائة ثم لتبلغ     14,2 حسب مسح سكاني أجري سنة 2008. غير أن التقلص لم يكن إلا ظاهريا، حسب الديماسي، ولا يعبر عن تحسن في قدرة الاقتصاد الوطني على خلق مواطن شغل إضافية، وإنما تفسره أسباب ثلاث: أولها ما سماه بـ « الشد المدرسي »  والذي يعني تأجيل دخول الفئات الأصغر سنا سوق العمل. فطيلة الستينات والسبعينات كانت السياسة التعليمية تقوم على الإنتقاء المفرط وهو ما يدفع بالكثير من التلاميذ إلى ترك مقاعد الدراسة وطلب الشغل في وقت مبكر. أما المنظومة التي تعتمدها الحكومة الآن فتقوم على التسيب الشديد والنجاح الآلي الذي يؤول بصاحبه إلى طلب الشغل في وقت متأخر. ويتعلق السبب الثاني بطفرة الهجرة إلى الخارج، وهنا أكد الديماسي أن الأمر لا يخصّ مئات من « الحارقين » الذين نتابع فصول ركوبهم الأخطار على صفحات الجرائد وكأننا نتفرج على مسرحية درامية، فالظاهرة أعمق وأخطر، إذ لا يُنتبه إلى الأعداد الهائلة التي تهاجر عبر طرق أخرى مثل الدراسة أو السياحة أو غيرهما من الطرق والتي قدرها المحاضر بتدفقات لا تقل عن 20 ألف مهاجر سنويا. وهذه الظاهرة « المسكوت عنها » هي الأشد خطورة لأن نصفها تقريبا هم نوابغ البلاد ونخبها. أما السبب الثالث لتفسير هذا التقلص فهو ما سماه المحاضر « التلاعب بالمصطلحات التي تستعمل في التعدادات ». فخلال التعدادات السابقة عن سنة 2004 كان السؤال الذي يحدد العامل من العاطل نصه « أنت خلال الأسبوع الفارط هل اشتغلت ولو يوما واحدا؟ » فإذا اشتغل، أيا كان طبيعة الشغل عرضيا أو مؤقتا، يعتبر من العمال وإلا أضيف إلى سجل العاطلين. أما خلال تعداد سنة 2004 فتغير السؤال كالتالي « خلال الأسبوع الفارط هل اشتغلت ولو ساعة سواء بمقابل أو بدون مقابل؟ ». وبناء على ذلك تراجعت نسبة البطالة، ليس في الواقع وإنما في الأرقام الرسمية بفعل تغيير المقياس والكلمات. لكن هذا التلاعب لا يقتصر على الحكومة التونسية، حسب الديماسي، فهو مملى من المنظمة العالمية للشغل وذلك لغايات إيديولوجية تهدف إلى تزويق مظهر العولمة وتمرير فكرة الرفاه. تحولات خطرة لكن التوقف في دراسة البطالة عند « نسبتها » فقط يُخفي الكثير من المعطيات الخطرة، فهي لا تظهر مثلا حجم البطالين والذي تعاظم بشكل لافت، فخلال تعداد 84 بلغ العدد الجملي للعاطلين 350 ألف ليقفز إلى 520 ألف عاطل سنة 2008، أي ما يفوق نصف مليون رغم أن المقياس المعتمد فيه الكثير من التضليل مثلما مرّ ذكره. ولكن الخطورة تزداد حدتها إذا أخذنا في الإعتبار التغيرات التي مست نمط البطالة خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة. وهي تغيرات يمكن اختزالها في ثلاث مستويات أساسية. أولها يهم الفئة العمرية المتضررة أكثر من هذه الآفة، إذ كانت شريحة 15 ـ 25 سنة هي المتضرر الأكبر خلال العقود الثلاث الأولى من الاستقلال، لكنه وخلال العشرية الأخيرة تصدرت الفئة 25 ـ 34 سنة هذه القائمة بعد أن صارت نسبتها لا تقل عن 25,2 بالمائة سنة 2008. وليس خاف على احد ما يمكن أن يكون لهذا التحول من تداعيات خطرة على المستوى الإجتماعي طالما أن السن (29/34 سنة) هي سن تكوين الأسرة في مجتمعنا. لذلك فإن أولى التداعيات هو تفشي ظاهرة العزوبية وتأخر سن الزواج ، إذ كشف تعداد 2004 أن العنوسة بين الفتيات من الشريحة العمرية 28/29 سنة تجاوزت 25 بالمائة في حين لم تكن تمثل سنة 66 إلا ثمانية بالمائة، ولا شك أننا تجاوزنا هذه النسبة بكثير في السنوات الأخيرة. أما التحول الثاني فيتعلق بالمستوى التعليمي للعاطلين. ففي حين كانت النسبة الأكبر من البطالين خلال العقود الثلاث الأولى هي من الأميين أو من ذوي المستويات التعليمية البسيطة، فقد مست الآن شريحة أصحاب الشهائد العليا بعد أن تطورت نسبتهم من 2،3 بالمائة سنة 84 إلى 21،6 بالمائة سنة 2008. و أكد المحاضر أن هذا المعدل إنما يعبر عن المخزون الكلي للعاطلين طيلة هذه السنوات، وأنه لو أخذنا هذا الرقم في إطار كل دفعة لكان العدد مفزعا. أما عن أسباب تفشي البطالة في صفوف هذه الفئة فأعادها المحاضر إلى دواعي تتعلق بالعرض وأخرى تتصل بالطلب. ففي المستوى الأول أكد أنه بداية من التسعينات تم الانتقال من منظومة تربوية شديدة الإنتقاء إلى منظومة تربوية شديدة التسيب. وأدخلت هذه السياسة القطاع التربوي في أزمة عميقة انغمس في ظلها في حلقة مفرقة بين التسيب والرداءة وخاصة بفعل الغاء نظام التقييم في الأساسي وإفساده في بقية المستويات. كما تشكو هذه المنظومة التعليمية والتكوينية من الركود وعدم ملاءمتها مع المتغيرات التكنولوجية فانتهى الأمر إلى تخريج اختصاصات تعداها الزمن. أما الأسباب المتعلقة بالعرض فذكر الديماسي أن ضعف خلق فرص جديدة للعمل إنما يعود إلى تراخي الاستثمارات، وإلى تخلي الدولة عن القيام بدورها التعديلي. فقد كانت طيلة عقود تبني المصانع و النزل التي توفر آلاف مواطن الشغل، ثم تخلت عن هذا الدور واقتصر تدخلها على برامج الإسعاف المتمثلة في الصناديق وإجراءات الإدماج. بل إن عمليات التفويت التي قامت بها الحكومة في مؤسسات القطاع العام، وعمليات التطهير التي تمت في بعضها الآخر زادت حجم البطالة بدل أن تعالجها خاصة في ظل عجز القطاع الخاص عن آداء دوره. تشاؤم وفي ما يخصّ آفاق هذه الظاهرة أكد المحاضر أنها ستزداد سواء إلى حدود سنة 2020 وهي الفترة التي ستشهد تحولا ديمغرافيا يبدأ في ظله تناقص الطلب على الشغل. وإلى ذلك الحين فإن الأزمة ستتعقد بارتفاع نسق الطلبة المتخرجين، بالتزامن مع مزيد التدهور في المستوى لأن  ما يسمى بالإصلاحات ليست في حجم هذا التدهور وإنما يغلب عليها التسرع والعشوائية ولعل أبرز مثال على ذلك إقرار امتحان السنة الرابعة إبتدائي. كما أن قلة الطلب على اليد العاملة سيفاقم هذه الظاهرة نتيجة امتداد متوقع للأزمة العالمية. فإذا كان الإقتصاد الوطني يشكو منذ زمن من ضعف نسق الإستثمار فإن هذا الضعف هو أشد في ظل الأزمة العالمية. ولا شك أن أسوأ الحلول لهذه المعضلة هي سياسات الإسعاف التي تقوم بها الدولة والتي تستعيض بالزبد عمّا ينفع الناس. أما خارجيا فإن انغماس أوروبا في سياسة التقوقع على ذاتها والتمادي في غلق الحدود بتعلات مختلفة لن يساعد بلداننا على حل هذه المعضلة. وسيزيد ضعف القدرة التفاوضية بين الحكومة عندنا والحكومات المغاربية عموما وبين الشريك الأوربي الأمر سواء طالما أنها لم تربط بين تحرير تبادل السلع وتبادل البشر بين الضفتين. أثنى المعقبون على الورقة التي قدمها الأستاذ الديماسي لدقة تشخيصه لمعضلة صارت في كثير من الأحيان مجالا للتضليل والمزايدة. فقد أكد الأستاذ خميس الشماري أن السياسات الحكومية التي وضعتها لمعالجة ظاهرة البطالة والتي تركز على إنشاء الصناديق، هي أشبه بمعالجة مريض السرطان بالأسبيرين، مؤكّدا أن أهم الحلول تمر وجوبا بإعادة توزيع ثروة البلاد، وأن هذا الحل ليس ديماغوجيا أو شعار يرفع للمزايدة وإنما هو الخيار الإستراتيجي الأمثل للخروج من هذا المأزق. وتطرق الدكتور أحمد بوعزي إلى ظاهرتي « تهجير » النوابغ وليس هجرتها مؤكدا أن الخيارات المتبعة تدفع كل النوابغ إلى الهجرة مشيرا إلى خطورة هذا التوجه على جميع المستويات. كما أشار إلى أن غياب الشفافية وازدياد ظاهرة الفساد تساهمان في تعميق هذه الأزمة. في حين ذكر أمية الصديق الناشط الحقوقي والسياسي في المهجر أن رداءة التعليم لا تتعلق فقط بالمنظومة التعليمية التونسية وإنما بكل بلدان العالم الثالث بل نجد نفس الشكوى من تدني المستوى في البلدان الأوروبية، فهي بهذا المستوى ظاهرة عالمية أفرزها نمط الإنتاج المتغلب والذي لم يعد يحتاج إلى عمال ذوي ثقافة معينة بقدر ما هو يحتاج إلى عمال « رحالة » يؤدون كل عمل يُطلب منهم ويعملون على كل آلة، وليس مطلوبا منهم وفق هذا الأساس إجادة اللغة أو غير ذلك، إنما يكفي استيعابهم لمنظومة « إشاراتية » تؤدي وظيفة التواصل. في حين ركز الخبير المالي توفيق فخري على ضرورة التحليل السياسي أيضا لأزمة البطالة مؤكدا أن المشاكل التي تضعف من قدرة الإقتصاد الوطني على استحداث فرص عمل جديدة ليست كلها إقتصادية وإنما يعود أغلبها إلى الخيارات السياسية في أحيان كثيرة. الشابي: الحل ليس في الماضي أما الأستاذ الأستاذ أحمد نجيب الشابي فاعتبر في تعقيبه أن العرض الذي قدمه الأستاذ الديماسي يتميز بقدر عال من الدقة والوضوح والموضوعية في المفاصل الكبرى للقضية المطروحة، مؤكدا على سلامة الكثير من الاستنتاجات التي توصل إليها الباحث مثل ملاحظته المتعلقة باستقرار نسبة البطالة، كذلك إشارته إلى جملة من المتغيرات مثل التركيبة الاجتماعية للعاطلين والتي باتت تمس أكثر الفئات العمرية حساسية وهي تلك التي بلغت سن الزواج وعلاقة ذلك بالنموذج التربوي. كما اعتبر أن الملاحظات الإستشرافية التي قدمها الديماسي، ورغم طابعها التشاؤمي، هي منطقية وسليمة. لكن منطقية هذه الاستنتاجات لم تمنع الأستاذ الشابي  من طرح عدد من الأسئلة الجوهرية تعلقت أولاها بمسألة التعليم. فرغم موافقته على تشخيص المحاضر لأزمة المنظومة التربوية الناتجة عن تحول السياسة التعليمية من الانتقاء المشط إلى التسيب المفرط والذي انعكس سلبا على مستوى التعليم، إلا أنه ذكر « أن أحد أهداف نضالنا في فترة الشباب تركز حول مواجهة سياسة الانتقاء تلك ومن أجل فتح فرص التعليم ». لذلك أكد أن نقد هذا التسيب المشط لا يجب أن يدفعنا إلى التخلي عن جماهيرية التعليم وبالتالي تحسن مستوى العاطلين عن العمل. فليس ممكنا أن يبقى الحال كما كان عليه في الستينات حين كان جل الناس أميين. أما القضية الثانية فتتعلق بما تطلق عليه الدولة آليات إدماج أصحاب الشهائد العليا في سوق الشغل. ذكر الشابي في هذا الخصوص أن آليات المساعدة تكلف الدولة قرابة 18 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين لا تزيد عن خمسة بالمائة في الفضاء الأوروبي، وأن البنك الدولي نصح الحكومة بضرورة التخلي عن هذه السياسات وبتوجيه هذه المخصصات المالية لإحداث صندوق للبطالة وليس لإنشاء المصانع، مؤكد اتفاقه مع الديماسي بأن هذه السياسة غير مجدية لأنها لا تخلق أي فرص إضافية للعمل. كما تطرق إلى ما ذكره المحاضر حول ضعف قدرتنا التفاوضية مع الإتحاد الأوروبي بقوله « صحيح أن سياسة التصدير إلى أوروبا فيها الكثير مما يمكن أن يُقال حول الأجور البخسة وتدني مهارة اليد العاملة وضعف القيمة المضافة وبالتالي ضعف اندماج القطاعات المصدرة في الإقتصاد الوطني »، لكن هذه المصانع المصدرة تشغل أيضا « مئات الآلاف من اليد العاملة. وهو ما مكن بلادنا من أن تحوز على خمسة بالمائة من سوق النسيج بالفضاء الأوروبي ». وهو ما يعني، والكلام للشابي « أن قدرتنا على التفاوض مع الشريك الأوروبي مكبلة بحاجتنا إليه، إذ أن 65 بالمائة من الناتج الداخلي الخام هو ثمرة مبادلاتنا مع هذا الطرف. كما أن هذا الفضاء يحوز على 47 بالمائة من صادراتنا وأن 90 بالمائة من عائدات المهاجرين متأتية من هناك إضافة إلى 73 بالمائة من السياحة و 76 بالمائة من الاستثمار الخارجي، فأي قوة تفاوضية ستتوفر للحكومة في ظل اقتصاد تابع بهذا الحجم؟ ». وبناء على هذه المعطيات تساءل الشابي هل يمكن أن نخلق وظائف عمل دون استثمار؟ مؤكدا أن ذلك غير ممكن أصلا. وذكر أن إيرلندا كان وضعها شبيها ببلادنا خلال الثمانينات حيث كانت نسبة البطالة لا تقل عن 17 بالمائة. لكنها وبفضل نسبة نمو تراوحت بين سبعة وثمانية بالمائة تمكنت من تخفيض نسبة البطالة إلى أربعة بالمائة. وشكك الشابي في صحة الرؤية التي قد تستشف من المحاضرة والتي ربما ترى أن حل أزمة البطالة يتوقف على عودة الدولة إلى لعب دور أساسي في العملية التنموية، مرسلا سيلا من الأسئلة النقدية: هل من جدوى للدعوة إلى أن تحل الدولة محل المجتمع في وقت يتم التركيز فيه عالميا على المؤسسات الصغرى والمتوسطة كمحور للعملية التنموية وعلى الاستثمار في التقنيات المتجددة التي تخلق بضاعة عالية القيمة المضافة قادرة على التنافس في الأسواق المحلية والعالمية. إن السؤال الأهم، والقول للشابي هو: كيف يمكننا أن نخلق حركية استثمارية يشارك فيها التونسي، وليس أن تعوضه الدولة في القيام بهذه المهمة، والتي تتوجه إلى القطاعات القادرة على الاندماج في الاقتصاد الوطني ليصبح الطلب الداخلي محورا أساسيا للتنمية، لنحقق ما نصبو إليه في عصر العولمة التي لا نقدر على الخروج منها، طالما أن ظاهرة العولمة ليست نتيجة قرار سياسي وإنما هي بالأساس إفراز للتطورات التكنولوجية المتسارعة؟ لذلك أكد أن المراهنة يجب أن تكون على هذه المستجدات وليس بالعودة إلى سياسات تنتمي إلى عصور خلت. وفي تعقيبه على النقاش أكد الأستاذ حسين الديماسي أن مهمته الأساسية كباحث تكمن في تشخيص الواقع الإقتصادي والإجتماعي بشكل دقيق تاركا البحث عن البدائل للأحزاب، فهذا دورها الأساسي. كما أعاد التأكيد على دور الخيارات السياسية، وهي مهمة الدولة، في تيسير أو تعسير الحلول، مضيفا أن الأولوية مثلا هو في فتح مواطن شغل في الجهات المحرومة عوض تحسين البنية التحتية للأحياء القصديرية لأن هذه الأخيرة تركز على المظهر في حين يمكن للمتساكنين تحقيق بعضها إذا كانت لهم مواطن شغل. كما أشار إلى الكلفة السلبية العالية لتعطل الإتحاد المغاربي على بلدانه، في حين تشكل وحدتهم الاقتصادية أحسن الحلول لظاهرة البطالة كما تمكنهم من وزن تفاوضي أكبر مع الإتحاد الأوروبي. محسن المزليني صدرت بالموقف عدد 529 بتاريخ 15 جانفي 2010  

من أجل قراءة متأنية لكتاب: « 7 نوفمبر عشريتان من جهاد البناء والانفتاح الحضاري »

تأليف: د / محمد الفاضل اللاّفي ـ أ / محمد المختار اللاّفي الأستاذ / بلحسن إدريس: مفكّر تونسي ـ باريس الدكتور محمد الفاضل اللاّفي؛ مفكّر تونسي من طراز مختلف، فقراءة أعماله وكتاباته تكشف لنا عن عقل منهجي واسع الإطلاع، وعن توجه جديد داخل حقل الفكر الإسلامي، يتجاوز المألوف. ما أكتبه ليس عرضا مفصّلا لكتاب الدكتور محمد الفاضل اللافي (بالاشتراك)، فذلك يحتاج إلى الكثير من الأدوات المعرفية والمنهجية، ولكن ما أكتبه الآن وقفات أشارك فيها مع المشاركين في التعريف بهذا الرّجل وإلى ما يهدف إليه من خلال كتابه هذا. إنّه يكتب عن قناعة، ومما أثار إعجابي بهذا الكتاب: أنّ الدكتور محمد الفاضل اللاّفي، يعيش أفكاره ويمارس قناعاته عمليا؛ واثقا بنفسه وبأفكاره، معتدّا بثقافته وعلمه ومعرفته الدينية، التي جعلته يمتلك جرأة التحرّش بمراكز القوى الإسلامية والعلمانية على السواء، والصدام معها حول قضايا وأفكار لا يجرؤ أحد على مجرّد الاقتراب منها:( النظرة الدينية لخطابات رئيس الجمهورية التونسية، وتحليله المعرفي لشخصيته…). ومن الأشياء التي ميّزت كتاب الدكتور محمد الفاضل اللافي أنه أراد مشاكسة اليسار العلماني وفي نفس الوقت يرد على الإسلاميين الذين يغمسون أقلامهم في عرض رمز الدّولة، وقد بذل قدرا كبيرا من الجهد الفكري والعاطفي، وحشد طاقات نفسية وعقلية، تنم عن عملية عطاء دافق وإشعاع فكري شديد التركيز والدقّة. من خلال هذا الكتاب أراد أن يوجه رسالة ذكية مفادها؛ أنه يمكن لعالم الدين أن يكون في كنف الدّولة وفي صفّها، يقوم بدور أئمة الهدى، مثل الكثير من العلماء: الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي والدكتور النابلسي بسوريا، والشيخ القرضاوي بقطر، والشيخ أحمد الكبيسي بدبي، والكثير منهم بالخليج العربي. وهو بذلك يكون قد أبطل قول الذين يقولون أن الدولة عدوة الإسلام، ويحاولون اتخاذ الدين أداة احتجاج، نظرا لأنه الأقرب إلى قلوب الناس وعقول الشباب؛ يشكل ثقافتهم ويحدد تصوراتهم للعالم، ويمدهم بمعايير السلوك. إن الحديث عن رئيس الدولة وتحليل شخصيته من كل الجوانب، يُبرِز مكانة الرجل وقدرته على التفاعل مع الأحداث وفهمه العميق لما يريد الشعب والتأكيد على ارتباطه بالواقع، وذلك بالاهتمام بالقطاعات المهمشة والمحرومة في المجتمع، مع توظيف روح التضامن الاجتماعي والعاطفة المستمدة من الإسلام: موائد رمضان، الاهتمام بكبار السن، الاعتناء بالأيتام والعجّز، مساعدة الفقراء لإيجاد مأوى يكنّهم… كما يبيّن ويظهر كيف استطاع الرّجل أن ينقذ تونس من آفة التطرّف الديني، الذي يناقض الاعتدال في السلوك الديني فكرا وعملا، ولا يعترف للآخرين برأي ويتوخى العنف في التعامل والخشونة في الأسلوب والغلظة في الدعوة. ولا ينسى الدكتور محمد الفاضل اللاّفي ـ وشريكه في الكتاب ـ أن يذكر أن من أسباب تواجد الأفكار التكفيرية وتوجه بعض الشباب إلى الأفكار الإرهابية هو الخطاب العلماني الذي يعادي كل ما هو إسلامي، ويجعل ثقافة الآخر ضد ثقافة الأنا، يأخذ بالنموذج الغربي نمطا للتحديث، وينكر خصوصية شعب تونس وهوية المجتمع. الدكتور محمد الفاضل اللافي لا يكتب من فراغ. فالرّجل معروف عالميا في الأوساط العلمية الدينية، حافظ لكتاب الله، وعضو مؤسس لكثير من الهيئات العالمية الفقهية، كما أنه قريب جدا لكثير من العلماء الأجلاء، ممّن لهم الفضل في تنوير الشباب بالإسلام السمح، وخبير بالحركات الإسلامية العالمية، وهنا تأتي أهمية محتوى الكتاب. فهو يرتوي من مدرسة علماء الشرق، أمثال الشيخ كفتارو رحمه الله والشيخ البوطي والنابلسي والشعراوي والقرضاوي، كما ينتمي قبل ذلك إلى مدرسة الزيتونة تكوينا ومنهجا. فأخذ الكثير والكثير منهم. الذين أسسوا مدرسة النصح للرؤساء والحكام، والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، بدل المواجهة والتنطع والقطيعة مع الدولة. والدكتور محمد الفاضل اللاّفي، بهذا الكتاب يريد أن يوجه رسالة إلى الحركات الإسلامية التي تطرح مشاريع سياسية لتكون بديلا للمشاريع القائمة، واهمة في فهمها للواقع؛ أنها لم تعد تمثل لتونس المعجزة الفكرية والحضارية، بل الأصل أن يوظف عالم الدين كل طاقته وجهده وفكره لخدمة الدولة، ومساعدتها في إيجاد الحلول، وتوجيه الشباب إلى الخلق الحسن؛ من الإخلاص والنزاهة، وتوفير الحس بالمسؤولية الاجتماعية وبالعدالة والتسامح، وكل القيم الإسلامية السمحة، التي تحمي الشباب وتمنعه من اختيار طرق مشبوهة. من المهم أن نذكر أن الدكتور محمد الفاضل اللاّفي وشريكه، قد طرحا مشروعا إصلاحيا مؤصلا شرعيا، منطلقَيْنِ بحكمة ووعي شديد من الآيات القرآنية التي تختم عادة بيانات رئيس الدولة. فهما يؤكدان قيم الخير والعدل والاستقامة من أجل إقامة العمران، وينبهان إلى سلوك الشر وقيمه؛ من الظلم والحيف الاجتماعي والاستكبار السياسي والتنطّع والغلوّ الفكري والاعتداد بالنفس، ويبينان مخاطر كل ذلك وسوء مآلاته. إنّنا في هذه الخاتمة نوجّه بشدّة إلى ضرورة قراءة هذا الكتاب والتوقف عند أفكاره، بل الحرص على تقديمه في ندوات خاصّة، وتبنيه ورقة تثقيفية، من طرف الأحزاب التونسية، وخاصّة من طرف مؤسسات التجمع الدستوري الديمقراطي. فميزة الكتاب يتوجّه بالخطاب للنخب الفكرية بمختلف أطيافها، وكذلك إلى العامّة للتثقيف والمعرفة.

شهادات من رحلات المنفى فاخر بن محمد الحلقة 5


الطاهر العبيدي* taharlabidi@fre.fr يبتلع فاخر بعض جرعات من الصمت الذي يشبه التقاسيم على أوتار الجراح، حين يتذكر رحلة ممرّات الرحلة الموشومة في الذاكرة المنحنية على الماضي ،والملتصقة بالحاضر، والمطلة على المستقبل الآمل، ليعود للحديث وسرد الحكاية من حيث انتهى في الحلقة الرابعة. ليسترسل في القول: تلعثمت في فمي الكلمات، وتصاعدت في صدري النبضات، حين التفتّ للخلف لمعرفة من الذي قبض على كتفيّ، وسرعان ما خفتت هواجسي الأمنية، حين اكتشفت أن الذي قبض على كتفي ليس عون أمن، أو مخبرا، أو أحد الوشاة، بل هو أحد الشباب الذين عرفتهم في ظرف ما، في تاريخ ما، في مناسبة ما، في مكان ما.. ودون مقدمّات بادرني بالسؤال تلو السؤال؟؟؟ لماذا أنا تائه في هذا المكان؟ لماذا أراك مرتعدا خائفا متوتّرا منتظرا وعيونك تكاد تنطق بما لا تودّ البوح به لأي كان؟… تردّدت في الإجابة، وحاولت المراوغة والفرار من أسئلته التي تساقطت كما تتساقط أوراق الشجر. فأصرّ على معرفة سبب وجودي بهذا الشكل وفي هذا المكان. وحين لم يظفر منّي بأي جواب أقسم بأغلظ الإيمان أن أرافقه إلى البيت ضيفا مبجلا. لبيّت دعوته، وفي بيته الآمن كنت مرّة أخرى على موعد مع الودّ، وكرم الضيافة، وحسن الاستقبال..وحين استرجعت بعضا من اطمئناني المذبوح رويت له قصّتي باختصار، واستسمحته في الانصراف كي لا اسبّب له أيّ إزعاج، خصوصا وأني بعد فراري من بين يدي ذاك العون أكيد انه قد صدرت ضدّي بطاقة جلب وتفتيش، أوّل ما ترسل، ترسل بإشارة ضوئية إلى الموانئ والمطارات والحدود البرية، ومختلف الدوائر الأمنية، والدوريات البوليسية في مفترق الطرق والممّرات. كما أنه أكيد قد وقع تصنيفي من طرف  » سيادة الدولة  » بأني مواطن مذنب في حق الوطن والمجتمع.. وحين انتبهت إلى نفسي عجبت من قدرتي على فهم التراتيب الأمنية، وتضلعي في قوانين بلادي، التي تبقى  » بلادي وإن أغارت علي ّ ». كان مضيفي أحد الشباب الذي يحمل  « قلادة  » في رقبته، وطريقة حلق شعره ولباسه تدل على مسايرته للموضة الاستهلاكية، ممّا جعلني احترز منه قليلا، غير أن تصرّفاته فاجأتني، بل جعلتني أستوعب أول درس من دروس الهجرة، وهي أن الرجولة والمروءة لا تقترن بالمظاهر والأقوال، بل بالممارسة والأفعال. حين هممت  بالانصراف رفض مضيّفي الشاب تلبية طلبي، وعرض عليّ مساعدته في رسم خطة للفرار، متبرّعا من تلقاء نفسه في استقدام من أريد من الأصدقاء، مضيفا أن مظهره لا يثير الشبهات، فهو بالنسبة لمقاييس أمن البلاد مواطن مائع المظهر واللباس، لا يخشى منه ولا يشكل أيّ تهديد على الأمن والنظام، فهو المثال الواقعي لدولة ومجتمع يقيّم الانسان عبر الملامح والمظهر والهندام، وهو نتاج لسياسة توريد ثقافة رداءة القيم والسلوك واللباس، في اليوم الموالي جاءني بأحد الأصدقاء ممّن طلبت وممن أثق بهم، لوضع خطة للفرار من بلد الطفولة والصبا والشباب، وبينما أنا وصديقي القادم لمساعدتي من أجل تأمين مغادرة المكان، يبحث معي عن حل لمغادرة البلاد، ونفتش معا عن طريقة للحصول على بطاقة هوية، وإذا بمضيّفي الشاب يفضّ ما وقعنا فيه من إشكال، ليقدم لي بطاقة هويته، وشهادة قضاء الخدمة العسكرية، من أجل تسهيل عملية العبور. فحاولنا معا واجتهدنا بكثير من العناء وضع صورتي الشخصية على بطاقة الهوية، وأخبرني صديقي بأنه رتب عملية فراري مع أحد المهرّبين وأعطاني كلمة السرّ، للتعرف على من سيمكنني من الفرار..اتكلت على الله متسلحا بالدعاء متوكئا على بعض قوافي الإمام الشافعي:
 » تغرّب عن الأوطان في طلب العلى                                 وسافر في الأسفار خمس فوائد جلاء هم واكتساب معيشــــــــة                              وعلم وآداب وصحبة ماجد  فإذا قيل في الإسفار ذل ومحنة                          وقطع الفيافي وكسب الشدائد فموت الفتى خير من بقائــــه                       بدار هوان بين واش وحاسد «    ودّعت مضيّفي الشاب بحرارة دون كلام. فقد تبخّرت أمام شهامته كل الكلمات. وباتت في نظري مصطلحات الشكر والثناء، مفردات عرجاء، بتراء، عفراء، يابسة صفراء، متصاغرة أمام هذا الموقف من مواقف الرجولة التي لا تبحث عن الشهرة والرياء.. ودّعت مضيّفي فعانقت فيه أحد أبيات عمر أبو ريشة  
 » تقضي البطولة أن نمدّ جسومنا                    جسرا فقل لرفاقنا أن يعبروا »   كما احتضنت صديقي الذي رتب لي عملية الفرار فاحتضنت فيه قولة  » أفلاطون  » « نحن لا نولد من أجل أنفسنا، بل من أجل الوطن »، وكأني سمعته ونحن نتبادل كلمات الوداع، يردّ عليّ بأحد « الأمثال الانجليزية »  » أن تموت جوعا وأنت حر خير لك أن تعيش عبدا وأنت سمين »…  ومن جديد وجدت نفسي أركب الحافلة ولكن هذه المرة في مغامرة أخرى، في سفر آخر، في اتجاه آخر، من مدينة  » قابس  » إلى  » تونس  » العاصمة. كانت الرحلة طويلة، وكنت تائه الفكر، مشتت الأحاسيس، يعتصرني ألم الفراق، يركلني الشوق، تلطمني الذكريات، يلسعني إحساس لاذع في طعم فراق التربة والأرض والوطن.. يصيبني الألم بين الضلوع، وتفترسني مواجع وأوجاع، هي خليط بين التأذي اللاذع، والبكاء الصامت، والحزن المتدفق، والوجع المتسكع بين القلب والروح، لعل مرارته لم يتذوّقها إلا من عاش مثلي تلك اللحظات، لحظات فراق الوطن، التي تمتزج فيها الغصّة بالوجيعة بالألم بالانقباض، بمعاني التيه والاقتلاع من جذور الوطن.. كنت طيلة رحلتي مسيّجا بهذه المشاعر المكلومة، والأحاسيس الجريحة، ومحاصرا بالهواجس، لأدوس على أحزاني وأتحدى شجوني، لمّا استحضرت إحدى مقولات الأب  » طانيوس منعم »   
 « إني لأبذل أنفاسي بلا ثمن                          حتى أراك كما أهواك يا وطن « 
وظللت على هذه الحال موزّعا بين تأملاتي المقطبة الجبين، ليمر في ذهني ذاك العون الذي فررت من بين يديه، وحين تذكرته أشفقت عليه، كيف سيكون مصيره ؟وهل سيصدقه رؤسائه أم سيتهمونه بالتواطؤ مع مجرم فار من عدالة  » عهد التغيير »، أو لعل تهمته ستكون ثقيلة باعتباره رجل أمن، فقد يصنف بأنه أحد أعضاء الجناح الأمني والعسكري لتنظيم سرّي يسعى لتقويض الاستقرار، وزعزعة أمن البلاد… ومن خلاله تذكرت أحد الأعياد الوطنية التي تقام سنويا احتفالا ب » تونسة الأمن الوطني  » تذكرت هذا العيد.. وتأملت حالي، فوجدت نفسي هاربا من هذا الأمن الذي عوض أن يحميني يطاردني.. استمرت رحلتي في الحافلة ست ساعات، وكانت سفرة ثقيلة مضنية تعض الجسد والفؤاد والروح، وصلت بعدها إلى تونس العاصمة، لأتجه مباشرة إلى محطة القطارات بساحة  » برشلونة « . وهناك اتخذت مكانا على أحد الكراسي، انتظر قدوم المهرّب كي يصطحبني مع عائلة أخرى إلى الجزائر. كانت محطة القطار تغرق في انهار من البشر الذين يتحركون في كل اتجاه، كانت صور المبحوث عنهم من بعض قيادات وأعضاء حركة النهضة معلقة على بعض الجدران، وحالة الخوف والترقب تتسلق العيون والوجوه، والمدينة في حالة عسكرة. وسيارات البوليس تجوب الشوارع المحاذية للمحطة ذهابا وإيابا، مطلقة منبهات الأجراس، ممّا يزيد الوضع انقباضا، وتضاعف من قلق الناس.. تأخّر المهرّب بأكثر من ساعة عن الموعد المحدّد. بدأ الشك والقلق يتسرّب إلى قلبي وأحسست بعدم الاطمئنان من وجودي بهذا المكان، الذي تمسحه  » العيون المستيقظة  » لاصطياد عطسة أو ضحكة تمس من هيبة قوانين الجمهورية…كانت لحظات الانتظار ثقيلة مرهقة، والجو يخنقه الترقب والخوف والضغط، وتجثو عليه ألأحذيته الأمنية، والناس تقريبا تشعر بالرعب ممّا هو آت.. فقد حدثني صديقي أن مداهمات أمنية عشواء تعمّ كامل البلاد لاعتقال الآلاف، والتهم السياسية متوفرة. والمحاضر جاهزة. والسجون باتت مفتوحة وتغصّ بالعباد، والصلاة تهمة، والحجاب بدعة، والتردّد على المساجد يحيل على دوائر التحقيق والاتهام.. وبينما أنا شارد في تأمل أحوال الناس، وإذا بفرقة أمنية من البوليس مدججة بالأسلحة والهراوات، وعلى رؤوسهم الخوذات، ومعهم فريق مصاحب من الكلاب التي تنظر الأمر بالانقضاض، مروا بجانبي ثم فجأة حاصروني من الأربع جهات، وتقدم مني رئيسهم طالبا مني الاستظهار ببطاقة هويتي وهنا كان الذي كان… البقية في الحلقات القادمة    ملاحظة هامــــــــــــــة هذه الشهادات تنطلق من تحقيقات ميدانية حيث أحداثها وتواريخها وإبطالها حقيقيون، ولكل منهم مغامرات مثيرة مع الترحال والتخفي والسجن..طبعا مع الانتباه والتحفظ على بعض الجزئيات، اتقاء للثأر أو التتبعات ضد الذين ساعدوا أو تعاونوا في تهريب هؤلاء.. حاولت أن لا أجعل من هذا العمل شهادات سردية جافة، بل حرصت وأنا أسجّل هذه القصص أن انتبه والتقط وأتعايش مع مشاعر وأحاسيس الرواة في كل ثناياها وتشعباتها، مستخدما بعض تقنيات العمل الصحفي والأدبي، قصد التوغل قدر الإمكان فيها وتصويرها واستنطاقها، وترجمة حالات القلق التي أرصدها وأنا أسجل مرويات هذه التغريبة التونسية. * صحفي وكاتب تونسي مقيم بباريس  

الإسلام; هو الحل والإسلاميون كذلك..ولكن !!

د.خـالد الـطراولي   كتب الدكتور المرزوقي منذ أيام مقالا بعنوان لا حل في «  »الإسلام هو الحل » وقد وددنا التوقف عند بعض مقولاته ومقاربته لإشكالية التغيير عامة وموقف الإسلام والاسلامين ودورهم فيها. ولنكن واضحين منذ البداية فإن هذا الرد لن يكون كاملا وافيا نظرا لمتطلبات النشر المحدودة، ولذلك سوف يبقى الحديث متواترا في رؤوس أقلام أو ما يقاربها، وأن البحث عن الحقيقة هو دافعنا وهدفنا، والاجتهاد منطقة يرتادها كل ذي زاد ونظر، وأن الجميع لا يخضع لمحاكم التفتيش ولا لنعوت الخيانة أو الكفر أو الجهل، فلا قدسية لفكر ولا عصمة لصاحبه سواء لبس قبعة أو وضع عمامة، وإنما هي اجتهادات وسعي جاد لبلورة الفكرة الواعية وإحداث الإصلاح النوعي المنشود وغير المغشوش، في العقول والسلوك. لقد عدد الأستاذ المرزوقي الأزمة وحصرها في أبعادها الروحية والاقتصادية والسياسية واعتبر أن المشروع السياسي الاسلامي غير قادر عن رفع التحدي من خلال هذه الأبعاد، ودخل على الخط خلط بين السطور بوعي أو بدون وعي بين الإسلام كمقدس ومنهاج حياة متكامل، وبين قراءة للإسلام متمثلة في المشروع الحركة الإسلامية الإصلاحية حتى وقع الالتباس لدى القارئ [انظر التعليقات على المقال] ورغم أن الدكتور المرزوقي سعى في البداية إلى وضع هذا التمييز إلا أن الأسطر اللاحقة وضعت المتابع موضع الخلط بين الإسلام والقراءات السياسية له. الأزمة البيئية ليست أزمة الإسلاميين! هذه الأزمات سعى الدكتور إلى تبيين عجز الإسلام السياسي عن تحديها، وأخذ التحليل طريق السطحية والإسقاط ومنحى الالتباس… فبدأ المشوار مع الأزمة البيئية وتبعه تساؤل غريب دخلت فيه الشريعة من ثقبة الباب والطعن فيها على أطراف الأصابع وضربت الصحوة في أحلى مظاهرها وهو الحجاب.. يقول الأستاذ المرزوقي « هل ستحمينا إقامة الحدود…من جفاف الأنهار وزحف الرمال » « وهل سيؤدي تغطية الرؤوس إلى انتهاء الاحتباس الحراري » ورغم هذه السطحية والدمج المغشوش، فهل يمكن أن نبادر بدورنا فنسأل وهل كشف كل رؤوس العالم نساء ورجالا أدى إلى حبس هذا الاحتباس، لقد اجتمعت القبائل كلها في استوكهولهم منذ أيام وعجزوا عن تلطيفه وكانت كل الرؤوس خالية من أي غطاء ولعل العقول أيضا عارية من أي وعي ومن منظومة من القيم. لعلي لن أواصل وأدعي وماذا قدمت الأيديولوجية العلمانية ببابيها الشرقي والغربي للبيئة؟ وماذا حملت برامج الأحزاب العلمانية عندنا من ليبرالية وماركسية من أجوبة حول البيئة؟ ماذا حملت الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة في ضفتنا من إجابات وإضافة حول البيئة؟؟ لقد تطلعت إلى برامج بعض الأحزاب الإسلامية فوجدتها لا تزيد ولا تنقص عن مثيلاتها غير الإسلامية وبقيت العموميات مسلكا عاما لا يحمل عنوانا أيديولوجيا. ومع ذلك فإني أعتبر هذا خللا في الطرح الإسلامي الذي يحمل مرجعية حسمت بشكل واعي وراشد قضية البيئة وربطته مباشرة بالإنسان وبسلوكياته « ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس » وكان على الحركة الإسلامية أن يتمثل برنامجها هذا البعد ويتميز، نظرا لوجود المادة الخام التي يحويها مقدسها وما عليها إلا توظيفه وتفعيله من خلال البرامج والخطط، وما كان عليها أن تنتظر حتى تكون البيئة موضة العام. إن القضية الأساسية في هذا الباب البيئي والذي غفله الدكتور الفاضل أنها قضية وعي وقيم ومرجعية، وهاته المرجعية التي انطلق منها غطاء الرأس حملت بين أطرافها دفعا للعلم والأخلاق والسلوك الحضاري، وبغطاء الرأس دون غطاء العقل بنت هذه المرجعية حضارة بقيت أكثر من عشرة قرون. إن أشد ما يحزنني في مثل طرح الأستاذ المرزوقي هو الاختزال والسطحية والتركيبات المفتعلة أو الخلط الجريء والمسقط من مثل إدماج إقامة الحدود في قضية البيئة، أو الفرضيات الفضفاضة من مثل الغمز في ظاهرة الحجاب، والتي تبنى عليها المواقف الجادة وتغييرات الأوطان والأمم. المصرفية الإسلامية وفرادة طرح الإسلاميين أما عن الأزمة الاقتصادية فتتواصل السطحية والحديث المسقط والخلط غير البرئ « يحدثونك هنا عن البنوك الإسلامية حلا لأزمة النظام المصرفي، يا للسخرية وهم يتناسون أولا أنها جزء هامشي جدا من نفس النظام المجنون، إن شجرة منع الربا تحجب غابة مصدر الأموال وأغلبها ودائع سرقات عائلات وعصابات » ولعل الدكتور أخطأ المرمى حقيقة فالتنظير المصرفي الإسلامي وأحدثه من باب اختصاصي الاقتصادي، يمثل لو اقتربنا منه أكثر، احدى أهم الإضافات النوعية في مجال الاقتصاد المالي منذ أكثر من قرن، أما عن التجربة البنكية فرغم الأخطاء والنقص من مثل هيمنة المرابحة وإشكالية التورق وقد تعرضت لها في بعض كتاباتي[انظر كتابي رؤى في الاقتصاد الإسلامي] فإن التجربة تمثل فرادة اقتصادية مهمة جعلتها تكون في مأمن من الأزمة العالمية نظرا لما حملته من أدوات ووسائل تبتعد عن مواطن الغرر والجهالة [رغم ما حدث في دبي والذي يمثل حالة خاصة مرتبطة بسلوك مصرفي غير محنك] ولن نذكّر بحديث الفاتيكان أو بعض الساهرين على بعض معاقل البورصة العالمية أو المنظرين المصرفيين من أهل الغرب وهم يمجدون التجربة ويعتبرونها إضافة نوعية هامة تستدعي التطبيق والتجربة، و لا تكاد تخلو البنوك الأجنبية العظمى من نافذة إسلامية تطبق قواعد الشريعة في معاملاتها. ولعل الدكتور لما خانته الحجة انطلق يطعن في مدخرات البنوك الإسلامية وجعلها ملجأ اللصوص والمفسدين، وكأنه نسي أن أغلب المصارف الإسلامية لا يسكن الجنان الضريبية التي تحفل بعديد البنوك التقليدية، والتي وفرت الغطاء لعمليات السرقة والهروب الضريبي، والتي كان لها دور فعال في استفحال الأزمة العالمية الأخيرة. ليعذرني الدكتور المرزوقي أن أبوح للجميع أن المصرفية الإسلامية هي الإضافة النوعية التي تكاد الوحيدة للإسلاميين منذ خروجهم إلى ساحة الفعل وهذا مربط الفرس الذي يعيدنا إلى الخلل الحقيقي الذي غفله الأستاذ في هذا الباب والذي انتقدته في كتابات سابقة، والذي يحمله بعدان: الأول أن التجربة المصرفية الإسلامية نظرا وتنزيلا وقعت خارج أسوار التنظيمات الإسلامية وبقيت محمولة من قبل الإسلاميين المستقلين، وهو فراغ ينبئ بعمق الأزمة الفكرية وأزمة الإبداع وأزمة الحريات في التنظيمات الإسلامية. أما الثاني فإن هيمنة السياسي والحقوقي لدى الإسلاميين أفقرت الباب الاقتصادي. ومهما كانت التبريرات التي تتماهى بين الضغط الأمني وما تتعرض له الظاهرة الإسلامية من محن واعتقالات وسجون ومنافي، وبين عدم ضرورة الطرح بتفاصيله والاسلاميون خارج منازل الحكم والتمكين، فهما كانت التبريرات فإن الاسلاميين مقصرون في الباب الاقتصادي، وكأن الجماهير تتغدى ديمقراطية وتتعشى حريات وتبقى صائمة مابقي من نهار وليل. فالمطلب المعيشي جزء أساسي في حمل هموم الناس وتفهم حياتهم، ويمثل إجابة ضرورية وأساسية في أي مشروع للتغيير. غير أن هيمنة السياسي وضمور الإجابة الإقتصادية ليسا حكرا على الإسلاميين، والدكتور المرزوقي يعي ما أقول، فبرنامج حزب المؤتمر الذي يترأسه لا يتعدى البعد الاقتصادي فيه بعض الأسطر في البرنامج العام. ومع ذلك فإن هذا الخلل الذي يحمله الخطاب الإسلامي لا تبرير له، خاصة وأن مرجعية هذا الخطاب تفيض دعوة وتنبيها ومبادئ عامة ورئيسية لفهم الظاهرة الاقتصادية ومعالجة انحرافاتها. الإسلاميون أكثر الناس مقاومة للاستبداد أما البعد السياسي للأزمة فقد لخص الدكتور المرزوقي عجز الإسلاميين عن الإجابة السياسية ومواجهة الاستبداد بحديث فيه كثير من مجانبة الواقع وطمس للحقيقة، فقد جعلهم بين ثلاث، جزء متطرف مقاتل جذب السخط وتأليب الراي العالمي، وجزء معتدل ومداهن للسلطة وجزء ثالث ترك السياسة للسياسيين واختلى في محرابه ومعينا المستبد في استبداده بتقوقه وانسحابه! ونسي الدكتور المرزوقي الحركة الاسلامية المعتدلة والمقاومة سلما وعدلا والتي واجهت الاستبداد ورفضت العنف ودخلت المنافي والسجون وحملت مشعل الوقوف بلا انحناء وهي غالبية الاسلاميين الذين رفضوا العنف والاستبداد ولم يتركوا الساحة للظلام. وليست حركة النهضة التونسية التي غمز في سلوكها إلا مثالا حيا لما تعرضت له من استئصال وجور دون أن تترك الساحة أو تنحني أو تسقط في مستنقع العنف وبقيت شوكة في حلق الاستبداد. ورغم ذلك فإن الخلل الأساسي في المقاربة السياسية للإسلاميين يتمحور خاصة في ضعف فقه المرحلة وضمور فقه لأولويات، والخلط بين الثنائيات، بين التكتيكي والاستراتيجي، وبين التخطيط والارتجال، وبين الحزم والتهور، والفصام بين النظرية والتطبيق. وأهم هذا الخلل شأنا وخطورة، غياب المؤسسة في كثير من الثنايا والأعمال، وصولة التنظيم على منافس التحرر والحرية  المولد للإبداع، والسياسة فن الممكن ولكن أيضا موطن الإبداع. الأزمة الروحية وجاهزية إجابة الإسلاميين أما عن الأزمة الروحية فكان حديث الدكتور المرزوقي مبتورا وفضفاضا وتغلب عليه السطحية، فتحدث عن الوعاظ!! وغفل عن ذكر الحركة الاسلامية في هذا الباب، وهذا السهو ليس اعتباطيا، ولكن لأن مشروعها القيمي والأخلاقي يبدو الأكثر تمكنا مرجعية وقراءة وتنزيلا، ولم يجد الأستاذ ما يستنقصها فيه، وكنا ننتظر منه أن يكون موضوعيا فيثمن ولو على مضض ما يحمله مشروع الإسلاميين في هذا الباب من تشخيص متكامل للوضع الأخلاقي في بلدانهم وخطابهم القيمي الذي يمزج وضع الحريات وتقاطع المصالح مع الاستبداد بنشأة السقوط الأخلاقي والقيمي واستفحالهم في المجتمع. دفاعا عن الصحوة كنت أود التوقف عند هذه الأزمات التي طرحها الدكتور المرزوقي، غير أن حديثه عن الصحوة أحزنني وفاجأني لقسوته وفضاضته ورأيته يدخل ولو تحت البرنس إلى مجال نقد الإسلاميين ونقد سلوكياتهم وسحب أي منحى إيجابي لهم في المجتمع فقد قال « نستطيع بالتأكيد القول إن هذه الأخيرة [الصحوة] لم تفشل فقط في استئصال الاستبداد بعد أكثر من نصف قرن من ظهورها بل هي اليوم من أكبر عوامل انتصاره ودوامه. » رغم أن المصطلح بقي غامضا ولم نفهم مدلولته، ولم يبين لنا الدكتور كيف ساعدت الصحوة الاستبداد وأدامت صولته!! إلا أنه وفي رؤوس أقلام نقول أولا أن عمر الصحوة ليس نصف قرن إلا إذا وقع الخلط بين النهضة والاستقلال والحركة والإسلامية وغيرها من الظواهر فالصحوة الأولى كانت في السبعينات والثانية في التسعينات. ثانيا أن الصحوة الدينية مستقلة عن الحركة فكل منهما خطابه ودوره وميدانه ورجاله ونسائه. ثالثا لقد دفعت الصحوة ولا تزال ضريبة رفضها الانحناء للاستبداد ومقاومتها بحجابها وسلوكياتها وأتعجب من قولة الدكتور المرزوقي وهو تونسي ويتابع يوميا ما تتعرض له بنات الصحوة وشبابها في تونس من تضييقات ومحاكمات، ثالثا لم تسلم الصحوة نعم « الاسلام هو الحل »  تعبيرة دينامكية متحركة، واصطلاح لغوي متطور يحمل في طياته دوافع البحث والاجتهاد وينبذ السكون والجمود والتقوقع. فهو موقف اجتهادي خالص يواكب الواقع بتحدياته ومستجداته ولا يرمي بماضيه وراء الأكمة وفي مزابل اللاوعي، بل يعتبر المرجعية المقدسة هبة ونعمة تدعو للاغتراف منها بعلم ووعي عبر أفهامنا واجتهاداتنا حتى لا يسقط الماضي على الحاضر دون وعي ولا أن يبقى الحاضر عاريا منبوذا دون مرجع وسند. ولقد اصطبغت جملة « الاسلام هو الحل » عند البعض ولا شك بمنحى شعاراتي مهيمن وخطاب فضفاض في غالبه وحديث العامة والهتافات الجماهيرية العاطفية ومناطق المنازلة السياسوية التي وضفته خطأ بدون محتوى وأفرغت جذوره الطيبة المنبثقة أساسا من هذه المرجعية الجميلة وهي الإسلام كدين وحضارة، كمعتقد وتاريخ، كإيمان وحياة روحية، كسلوك ومعاملات… لذلك نختلف مع الأستاذ المرزوقي حين اعتبر أن الإسلام مكنوز روحي فقط وأن « الإسلام ليس الحل وإنما دعامة روحية للوصول إليه » وهو مفترق أساسي ومحدد يسحب من الإسلام أي دور داخل الإطار العام ويحصره في بوتقة ضيقة تلامس حياة الفرد الخاصة. نعم الإسلاميون ليسوا ملائكة ولا شياطين، ويعيشون الخطأ والصواب و يحومون بمشروعهم الإنساني بين الأمم. ولهم أن يكونوا حلا لأوطانهم إذا استوعبوا دورهم وفقهوا مرحلتهم وفعّلوا مقدسهم أحسن تفعيل، وتميزوا حقيقة لا مجازا بالبعد الروحي والزهد السياسي، وجعلوا من الإحسان والإتقان في كل شيء والتي تحمله مرجعيتهم، مطية لخدمة الإنسان أيا كانت ضفافه، وإصلاح الأوطان وإسعاد أهلها ورفاهتهم مادة وروحا. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 17 جانفي  2010)  


رغم تسببه في السمنة: وزارتا الصحة والتجارة ومنظمة الدفاع عن المستهلك ممنوعة من مراقبة الاشهــار!


تونس ـ «الشروق»:  
71٪ من النساء و52٪ من الرجال في تونس يعانون من زيادة الوزن.. وما لا يقل عن 10٪ من الأطفال دون ثلاث سنوات يعانون من السمنة.
تصدّرت هذه الأرقام حصيلة مسح وطني حول الحالة الصحية والتغذية في تونس أعدّه معهد التغذية عام 2005 وتم تحيين بعض أرقامه عام 2006. ويتوقّع المختصون زيادة في هذه الأرقام خلال السنوات المقبلة… اذ صرّح الدكتور صابر الدخلي الاختصاصي في مرض السمنة والسكري وأمراض التغذية ونائب رئيس جمعية علوم التغذية أن أكثر من 7٪ من الأطفال في تونس يعانون من السمنة كمعدّل وطني. ما هي عوامل هذه الزيادة؟ وما الذي حرّك شهيّة الاستهلاك لدى الأطفال؟ إشهار غير مراقب؟ أم ثقافة غذائية مفقودة؟ يتم إعداد عمليات المسح حول الحالة الصحية والتغذية في تونس لفترات زمنية معيّنة أقصاها كان 7 سنوات (ما بين 1998 و2005). وانطلق منذ بداية 2009 إعداد مسح جديد سيكون «مختصرا» هذه المرة. ينتهي اعداد المسح بنهاية شهر فيفري المقبل حسب بعض المصادر. وسيتم الاعلان عن نتائجه نهاية العام الجاري. صفة «المختصر» أطلقها على المسح مصدر في القطاع الصحّي مشيرا الى أن هذه الدراسة الجديدة ستشمل عينة من إقليم تونس الكبرى فقط لتكون عيّنة وطنيّة. وذكر المصدر ان الكلفة الباهظة لإنجاز مثل هذه الدراسات والتواجد المكثّف لعدد السكان في العاصمة و«وفرة» الإشكاليات الصحية في الجهة كان الدافع لاقتصار المسح الوطني على إقليم تونس الكبرى فقط.. رغم اختلاف الخصوصيات الغذائية بين الجهات. ويتوقّع الاخصائيون صدور أرقام جديدة ستؤكد زيادة السمنة وزيادة الوزن في صفوف السكان بعد صدور آخر مسح عام 2005. لا حاجة للأرقام «لا نحتاج الى أرقام جديدة نطلب أفعالا» هكذا علّق نائب رئيس جمعية علوم التغذية ردّا على انتظارات ما سيقدمه المسح الجديد.. مشيرا الى ان ما بحوزتنا من أرقام يؤكد التقارب مع ما يتم تسجيله من إصابات بالسمنة لدى الأطفال والمراهقين في الدول الاوروبية. ويعاني حسب قوله 1 على 2 من الأطفال ما بين 3 و5 سنوات من زيادة الوزن وما بين 20 و25٪ من هؤلاء يعانون من السمنة… و«الارقام مرشحة للزيادة «حسب تعبيره». ويفسّر المختصون ارتفاع معدلات السمنة لدى الأطفال ولدى السكان عموما بعوامل عديدة أبرزها العامل الوراثي ثم الوسط المعيشي وقلّة ممارسة الرياضة والعامل الهرموني بصفة أقل. ويتفق أغلب هؤلاء على القول ان العامل الاستهلاكي يظل الأبرز في تحريك حجم البدانة بين السكان. اضطرابات السلوك الغذائي 37٪ من النساء و14٪ من الرجال و4٪ من المراهقين و10٪ من الأطفال دون ثلاث سنوات يعانون جميعا من البدانة حسب ما جاء في نتائج المسح المنجز عام 2005 وحسب ما تم تحيينه من أرقام عام 2006. ويرى الدكتور الدخلي الاختصاصي في أمراض السكري والسمنة وأمراض التغذية ان التونسي يعيش على وقع تغييرات في السلوكيات الغذائية متأثّرا بحجم الدعاية والإشهار. ويؤكد ان التثقيف الغذائي وحده اصبح حلاّ لا ينفع للحدّ من إصابة السكان بالسمنة اذ تأكدت الحاجة اليوم الى خطوة أخرى بديلة تساند جهود التثقيف الغذائي. وأشار الى تواصل اضطراب السلوك الغذائي لدى الطفل ما دام عرضة للدعاية والإشهار. ربع ساعة من الاشهار غير المراقب تبيّن احصاءات أحد المكاتب الخاصة ان الاشهار الغذائي تحوّز يوم 13 جانفي الجاري موعد المقابلة الأولى للمنتخب الوطني في أنغولا، على 835 ثانية من المساحة الاشهارية أي حوالي ربع ساعة على شاشة قناة تونس 7 وقناة 21.. وهي النسبة الأرفع من مجموع الاشهارات… قال عنها الدكتور الدخلي إنها «تخمة اشهارية». كما تحوّز في نفس اليوم على حوالي 6 دقائق من مجموع الاشهار على قناة حنبعل الخاصة وعلى حوالي دقيقة على قناة نسمة الخاصة. احتوت تلك المساحات الاشهارية دعاية لمنتجات الحليب ومشتقاته والشكلاطة والبسكويت والحلويات ودعاية خاصة بالفضاءات التجارية الكبرى. كما تشير احصاءات المكتب الى أن قناة تونس 7 الحكومية ماتزال تحظى بنسبة المشاهدة الأعلى اذ كانت خلال نفس اليوم (13 جانفي) قبلة حوالي 35٪ من مجموع المشاهدين في تونس. ولأنها الأكثر مشاهدة فمن يراقب الاشهار الغذائي على شاشتها؟ «طرد» وزارتي الصحة والتجارة سؤالنا عن المراقبة ظل عالقا برنين هواتف لا تردّ… وانتهى انتظار الردّ عليه الى البياض إذ لم نحصل على أية، معلومة من اللجنة المشرفة على الاشهار داخل القناة. وفي المقابل عبّر أعضاء سابقون أو طالبون لعضوية اللجنة عن ضبابيّة قرار تغيبهم عن مثل هذه اللجنة. وأجمع أغلبهم أن السبب قد يكون تجاريّا بالأساس وأن تغييب بعض الأعضاء مردّه «شحن» لعائدات الإشهار الخاصة بالقناة. السيد الحبيب العجيمي ممثل منظمة الدفاع عن المستهلك قال إن المنظمة تم منعها من دخول اللجنة المشرفة على الإشهار… وأن المراسلات التي تم توجيهها إلى الإدارة العامة لمؤسسة الإذاعة والتلفزة سابقا انتهت إلى الرفوف… دون رد. ممنوعون السيد إلياس بن عامر مدير الجودة وحماية المستهلك بوزارة التجارة الذي يتولّى المنصب منذ بضعة أشهر قال إن المسؤولة السابقة في المكتب كانت عضوا في اللجنة.. لكن «على حد علمي نحن لا نحضر اجتماعات اللجنة اليوم وربما منذ فتح «السوق» الإعلامية للمستثمرين الخواص». بدوره رفض متحدث باسم معهد التغذية، ممثل وزارة الصحة العمومية في اللجنة، التعليق عن سبب غياب المعهد عن لجنة الإشهار قائلا «سأتصل بكم».. ولم يتصل. ومن الواضح أن لجنة الإشهار داخل القناة أصبحت تتكون من الشركات المروجة والمشرفين على احتساب عائدات الإشهار من إدارة القناة فقط… فعن أية مراقبة سنسأل؟ وتشير مصادر إلى أن خوصصة الإذاعات والقنوات حولت لجنة الإشهار إلى لجنة داخلية في القنوات الحكومية وفقدت مثل هذه اللجان لدى القنوات والإذاعات الخاصة. فمن يحمي المشاهد والمستمع من اللوبي التجاري؟ ومن ينقذ الأطفال من غثّ الإشهار وقاية لهم من أمراض السمنة وزيادة الوزن التي أصبحت من أولويات الصحة العمومية؟ بيّن نائب رئيس جمعية علوم التغذية أن السمنة تمثل القاعدة للإصابة بالأمراض المزمنة.. وأن 20٪ من المراهقين التونسيين المصابين بالسمنة حاليا مهددون خلال السنوات القليلة القادمة بالإصابة بمرض السكري. إعداد: أسماء سحبون (المصدر: النشرة الإلكترونية لجريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 17 جانفي 2010)


الحكم بسجن زميلة صحفية يمنية: مطلوب تضامنكم

قضت محكمة الصحافة في اليمن بالسجن ثلاثة أشهر للصحفية أنيسة محمد علي عثمان، ومنعها من الكتابة لمدة عام ، في القضية المرفوعة ضدها من وزارة الإعلام بتهمة بسب إهانة رئيس الجمهورية في مقالين منشورين في العدد 155، 156 من صحيفة الوسط الأول تحت عنوان « بأمر الرئيس..ترويع الأطفال » والآخر « السلطة وحش على العزل.. فارة عمياء تجاه العدو »!؟ ويرجى من كافة الزميلات والزملاء التنديد بهذا الحكم القضائي االجائر الذي استهدف الزميلة أنيسة محمد علي عثمان بسبب مقالتي رأي نشرتهما. ويمكنكم التعبير عن تضامنكم مع الزميلة من خلال التوقيع في الصفحة التضامنية: http://www.raynews.net/anesa وذلك للتصدي لهذه البادرة السيئة التي ستمهد لسلسلة من الهجمات ضد الكاتبات اليمنيات، وستفتح أبواب السجن على مصراعيه لكل من يعبر عن رأيه، أو يمارس حقه المشروع في التعبير.   (المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 18 جانفي 2010)

تداعيات المنافسة الصينية – الغربية في إفريقيا

توفيق المديني  
ينتاب القارة الافريقية قلق شديد من جراء تنامي الصادرات النسيجية الصينية نحو الأسواق الأوروبية والأميركية، علماً أن المنتوجات النسيجية تمثل 75٪ من صادراتها. فالبلدان الافريقية مثل جنوب إفريقيا والمغرب وتونس وكينيا وأوغندا ومدغشقر أو جزر الموريش اختارت قطاع النسيج كمحرك لتنميتها ولكنها لم تأخذ في حسبانها عند انطلاقتها بروز الصين كقوة عالمية رائدة في صناعة وتصدير الملبوسات والنسيج.‏ وهذا ما جعل بلدان عديدة مصنعة للنسيج في العالم الثالث ترفع شعار «التكيف أو الموت» ولم يأخذ هذا الشعار بعده الحقيقي إلا في مواجهة الرهانات العالمية التي ترتسم في الصناعة العالمية للنسيج والملابس. وقلب الاتفاق متعدد الألياف حول النسيج مع بداية عام 2005 الذي منح حصصاً (كوتا) للبلدان الغنية رأساً على عقب توزيع الحصص، ودق جرس الإنذار عقب الوصول المدوي لكل من الصين والهند.‏ ففي الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت واردات النسيج والملابس الآتية من الصين مبلغ 27 مليار دولار أمريكي في عام 2005 بنسبة ارتفاع 100٪ خلال خمس سنوات وحصل الأمر عينه في أوروبا حيث ارتفعت وارداتها النسيجية من الصين إلى 28 مليار دولار في العام نفسه.‏ وأحدث هذا الاتجاه التصاعدي قلقاً كبيراً في البلدان المصنعة للنسيج في العالم الثالث.‏ حسب ديوان المستشارين المتخصصين في النسيج «ويرنر الدولية» فإن تكلفة الساعة الوسطية لعامل صيني تعتبر قياسية ولا تزاحم، فتكلفة ساعة العمل للعامل الصيني في الداخل هي 0.48 دولار وللعامل الصيني على الساحل هي 0.76 دولار وللعامل المغربي 2.58 دولار وللعامل البرازيلي 2.83 دولار وللعامل الجنوب إفريقي 3.8 دولارات وللعامل الأمريكي 15.78 دولاراً وللعامل الايطالي 19.76 دولاراً وللعامل الفرنسي 21 دولاراً وللعامل الألماني 27.69 دولاراً.‏ وكانت النتيجة خفض العديد من المستثمرين في قطاع النسيج استثماراتهم في افريقيا لكي يتجهوا وجهة آسيا نظراً لرخص اليد العاملة الصينية، فالصناعيون يستبقون انخفاضاً في الانتاج في ظل تزايد عدد العاطلين عن العمل في قطاع النسيج الافريقي، إذ وصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو 300 ألف حسب احصاءات الفيدرالية الدولية لعمال الصناعة والملابس والجلد. وهناك بعض الاتفاقات مثل «الكل ما عدا الأسلحة» للاتحاد الأوروبي وأفريكان غراوثاند أوبورتينيتي (آغوا) الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2000 سمحت بكل تأكيد بدعم الصادرات الإفريقية في الوقت الحاضر، من خلال اقتراح اعفائها من الرسوم الجمركية أو غياب نظام الحصص.‏ بيد أن هذا الوضع لا يجوز أن ينخدع به أحد. وعلى الرغم من المزايا التي تمثلها للصناعات الافريقية فإنها لا تسمح إلا بتعويض جزئي للتأثيرات المدمرة الناجمة عن التخلي عن اتفاق تحديد الحصص وفضلاً عن ذلك باتت الصناعات الافريقية مطالبة بأن تأخذ في الاعتبار لتهديد آخر: ألبسة البالة. فخلال سنوات أصبح بيع الملابس العتيقة تجارة مربحة في العديد من البلدان. والمشهد أصبح مألوفاً في بداية كل شهر تفرغ مئات البالات الآتية من أوروبا بشكل خاص، محتوياتها من الملابس العتيقة في العواصم الافريقية الكبيرة، مقدمة للمستهلكين امكانية شراء الملابس بأسعار أقل، وملحقة الضرر بالقطاعات المحلية وخلال خمس سنوات خسرت صناعة القطن في الكاميرون نصف مبيعاتها وسرحت ربع العاملين فيها.‏ في مواجهة هذه التهديدات بدأت بعض البلدان تنظيم ردودها ويطلع كل من المغرب وتونس بدور طليعي في ذلك، إذ يبحثان كيفية توظيف قربهما من السوق الأوروبية وأصبحت قابلية رد الفعل والتدفقات الممدودة وتخفيض قيمة التكلفة وكذلك المدة لتسليم البضائع من المبادئ الجديدة. واليوم بإمكان الآمرين بالسحب الاسبانيين أو الايطاليين أن يغيروا التشكيلة حتى ست مرات في السنة، إنهم يفضلون تحديد الكميات المخزونة والشركات القادرة على تلبية احتياجاتهم بأسرع وقت ممكن ويقول مدير المجموعة المغربية «داتما» التي مقرها في الدار البيضاء والتي تشغل نحو 800 شخص، إننا قادرون على تلبية احتياجاتهم خلال عشرة أيام فقط وللمجموعة عشرات من الزبائن الأوروبيين منهم كيابي، وبورتون، كامايو أو زورا.‏ وفهمت السلطات المغربية الموضوع جيداً ووضعت قيد الانجاز أيضا،ً عن طريق إطلاق مشاريع كبيرة لإعادة التنظيم والترميم مثل ميناء طنجة. وتتركز الجهود حول الشروط الاجتماعية والبيئية للانتاج حيث يوليه المستهلكون الأوروبيون أهمية كبيرة عند شرائهم للمنتوجات.‏ في دراسة حديثة قامت بها المؤسسة الفرنسية للموضة أكدت ضرورة تطوير الشركات النسيجية في البلدان المغاربية انتاجها لكي تضمن بقاءها ويجب عليها اقتراح من الآن فصاعداً، مزيد من الخدمات لمموليها لكي تزيد من قيمها المضافة حسب شرح جيلداس مانفيال صاحب التقرير. فالشركات المغاربية تخشى أن تتخطاها البلدان المنافسة الأخرى، مثل تركيا حيث صناعة النسيج فيها تعتبر أكثر اندماجاً.‏ وتتجه سياسة إبرام الاتفاقات التي طورها كل من المغرب وتونس خلال السنوات القليلة الماضية في هذا الاتجاه فقد وقع المغرب اتفاقية للتجارة الحرة مع كل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية كانون الثاني عام 2006 ووقعت تونس كذلك اتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا تموز 2006.‏ واختارت بلدان افريقية عديدة استراتيجيات مغايرة تقوم على أساس زيادة الاستثمارات في ميدان البحث- التنمية وهي تبحث في تحقيق اقتصاديات على مستوى عال، ولاسيما حول تشكيلة من المنتوجات النسيجية لم تدخلها المنافسة الصينية بعد.‏ جدير بالذكر أن السوق العالمية للنسيج سوف تتجاوز 150 مليار دولار خلال 2010 مقابل 90 مليار دولار في عام 2000 في ظل طلب متزايد من أوروبا.‏   
(المصدر:صحيفة الثورة(يومية-سورية) ،شؤون سياسية، بتاريخ 18 جانفي 2010)  


الكحلاوي: مصير إدارة أوباما أشبه بمصير إدارة كارتر


حوار – هادي يحمد   طارق الكحلاوي  
اعتبر الخبير الإستراتيجي الدكتور طارق الكحلاوي، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة روتجرز الأمريكية، في حوار خاص مع شبكة إسلام أون لاين. نت، أن العام الأول لتولي بارك أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن موفقا تماما في الملفات الثلاثة الخارجية الكبرى للولايات المتحدة، وهي الملف الأفغاني، والعراقي، والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.  
وأكد الكحلاوي أن الوعود الانتخابية التي أطلقها أوباما قبل وصوله إلى البيت الأبيض اصطدمت بتعقيدات الواقع، وبتركة الرئيس السابق، وبسياسات الولايات الأمريكية المتعاقبة؛ حيث بدا أن أقصى طموحات إدارة أوباما في العام الأول أن تركز على تثبيت الوضع القائم في بعض الملفات مثل الوضع في العراق ومواجهة إيران وحل الصراع في الشرق الأوسط، بينما بدا الملف الأفغاني الذي وعد أوباما بتغيير كبير فيه من أكثر الملفات التي لم تحقق فيها الإدارة، سياسيا وعسكريا، أي اختراق يذكر حتى الآن. وفي تفسير ذلك يرى الكحلاوي أنه في مختلف ملفات الخارج التي تمثل أولوية لإدارة أوباما، كان هناك تكرار لنفس المعضلة، وهي رغبة الإدارة في إمساك العصا من المنتصف، الأمر الذي عكس ترددها في حسم ملفات خارجية ترى أنه يمكن تأجيلها مع احتمال تعثر معالجة الملفات الداخلية.  
ورأى الكحلاوي أنه بمضي الوقت سوف تعمد إدارة أوباما إلى اتباع نهج إدارة كلينتون الذي أجل ملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلى نهاية عهدته الرئاسية، كما أن الوضع العراقي لم يتغير كثيرا، ومن الأرجح أنه سيتفاقم لاحقا، رغم بعض الإنجازات المحدودة التي تعود أصلا للإدارة السابقة، بينما الملف الأفغاني – الباكستاني سيبقى على ذات العقدة المستعصية، أما إيران فإنها ربما تحدد مستقبلا مصير الإدارة الحالية وبقاء أوباما والديمقراطيين في سدة الحكم من عدمه.  
وبالنظر إلى تزايد فرص فشل أوباما في معالجة كافة هذه الملفات، يلفت الكحلاوي النظر إلى ما نبه إليه بعض المراقبين الأمريكيين من أن الإدارة الأمريكية تواجه مصيرا أقرب لإدارة كارتر التي لم تنجح في أواخر السبعينيات من القرن العشرين في الحد من تفاقم الصعوبات الاقتصادية مقابل الأخطاء الكبيرة في معالجة الشأن الخارجي، وخصوصا أزمة الرهائن الأمريكيين في طهران في أعقاب قيام الثورة الإسلامية. وفيما يلي الحوار كاملا:  
* بداية كيف تقيمون أداء الرئيس أوباما في تعاطيه مع ملف الصراع العربي – الإسرائيلي، خاصة أن هناك آراء في العالم العربي تذهب إلى أن الوعود التي أطلقها قبيل وصوله للرئاسة والطموحات الكبيرة بحل عادل اصطدمت في النهاية بالواقع وبالتعنت الإسرائيلي؟.  
من الضروري في البداية أن نتذكر أنه برغم حالة التفاؤل العامة التي عمت المنطقة باعتلاء أوباما سدة الرئاسة، إلا أن رؤية فريق الإدارة الجديدة لهذا الملف بالتحديد كانت غامضة في أحسن الحالات، وكنت قلت على صفحات « إسلام أون لاين. نت » قبل حوالي عام أن هذا الملف لا يوجد على رأس أولويات الإدارة الأمريكية في رؤيتها لـ »الأمن القومي » بمعزل عن كل الإشارات الخطابية في هذا الصدد. والحقيقة فإن كل المؤشرات التي أرسلتها هذه الإدارة خلال العام المنصرم أكدت تحديدا هذا التوجه، وبمعنى آخر يبدو لي أن أهم ما يميز أداء إدارة أوباما إزاء هذا الملف هو غياب الرغبة في التغيير لأجل الحفاظ على الوضع القائم مثلما وجدته مع انتهاء الحرب على غزة. وعموما نجح المكلف الرئيسي بهذا الملف، أي مبعوث الإدارة إلى المنطقة جورج ميتشيل، في القيام بهذه المهمة. وهذا لا يعني بالضرورة أن ذلك هو الهدف النهائي لهذه الإدارة، لكنه بدون شك الهدف الذي تم رسمه في المرحلة الحالية؛ فنحن هنا لسنا بصدد فشل في تحقيق مشروع محدد، بل بصدد غياب الرغبة في تحقيق أي مشروع وفي ذلك « حل الدولتين ».   يشير البعض إلى إصرار الإدارة حتى أشهر قليلة ماضية على « وقف الاستيطان » كأحد شروط إحياء « عملية السلام » مقابل رفض حكومة نتنياهو لذلك، غير أن ذلك لا يعني أن فريق أوباما حاول تفعيل مشروع ما اصطدم في المقابل بـ »تعنت إسرائيلي ». إن ما يجري على الأغلب عمليات استكشاف لأوضاع بديلة، لكن لم تكن مرفقة -خاصة في علاقته بإسرائيل- بأي مؤشرات على رغبة جدية في الضغط، وما بدا أنه « تراجع » للإدارة عن مبدأ وقف الاستيطان هو في نهاية الأمر وقف لإحدى المناورات التي تستهدف إشغال مختلف الأطراف بحالة من الحراك الظاهري، في حين أن الهدف الفعلي يبدو الحفاظ على الوضع القائم، بل وتدعيمه، خاصة في الجانب الفلسطيني. وإذا تابعنا ممارسات الإدارة الأمريكية، خاصة في الأشهر الأخيرة، تتكشف بشكل أكثر وضوحا أنها اتجهت بالأساس للحفاظ على وضع دعم سلطة « رام الله » من خلال تقوية خطة الجنرال دايتون الأمنية، مقابل الحفاظ على وضع عزل « الحكومة المقالة » في غزة، من خلال الموازنة بين دعم « وضع الهدنة » ودعم سياسة العزل في ذات الوقت.  
وفي هذا السياق قامت إدارة أوباما بتنفيذ الاتفاق الذي التزمت به الإدارة السابقة مع الطرف الإسرائيلي إثر الحرب على غزة، أي إحكام الحصار عبر البحر، والآن عبر تمويل والمساعدة في بناء « الجدار الفولاذي » على الجبهة المصرية… الأنباء التي وردت في بعض المنابر حول عمل ميتشيل خلال الأسابيع الأخيرة على منع اتفاقية تبادل الأسرى تتضمن أسماء كبيرة من مختلف أطراف المشهد السياسي الفلسطيني مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات -بما يمكن أن يدعم موقف « حماس »- يجب أن لا يكون مفاجئا، إذ هو أيضا تعبير عن نفس الرغبة في الحفاظ على الوضع القائم خاصة من الجانب الفلسطيني.  
وفي هذا الإطار من الواضح أن مبدأ « الحوار مع الأعداء » الذي تصدر -بلاغيا- إستراتيجية الرئيس أوباما لم يشمل « حماس »، إذ لا يزال مشروطا بقبول حماس بـ »شروط الرباعية ». في المقابل وكما يجب أن يكون متوقعا، لا يبدو أن هناك ذات الحزم مع الجانب الإسرائيلي، خاصة مع تواصل بناء المستوطنات بدون قيام إدارة أوباما بأية مبادرة عملية تعكس جديتها في خصوص رفضها تواصل الاستيطان.  
* هل يعني ذلك أنه لن توجد تغييرات في السياسة الأمريكية في هذا الملف؟  
باستثناء الملفات المتعلقة بعمليات عسكرية فورية تستلزم قرارات آنية، فإن ملف الصراع العربي – الإسرائيلي مثل غيره من ملفات السياسة الخارجية هو رهين تفرغ أكبر من الإدارة الأمريكية من تركيزها على الملفات الداخلية. « المهلة » التي يتم الترويج لها من قبل الإدارة الأمريكية منذ أسابيع والتي تصل حسب بعض التسريبات إلى ثلاثين شهرا تعني أننا إزاء « مهلة » ليس للأطرف المعنية في المنطقة، بل « مهلة » للإدارة تسمح لها بالسباحة عبر المستنقعات الصعبة للملفات الداخلية، وبما يسمح لها الموازنة بين إشغال الأطراف الإقليمية عن أية مبادرات تحدث تغييرات دراماتيكية وعدم القيام بأي أخطاء كبيرة تؤثر على حظوظ الرئيس أوباما في الانتخابات الرئاسية القادمة. هنا أصبح من الصعب في الحقيقة ألا نأخذ بجدية التكهنات المتزايدة التي تتحدث عن عزم أوباما اتباع ما قام به الرئيس كلينتون عندما أجل أي تدخل جدي في هذا الملف حتى نهاية عهدته الثانية؛ وهو الأمر الذي يجب أن لا يكون مستغربا؛ بسبب الثقل الخاص للموظفين السابقين في إدارة كلينتون في الإدارة الحالية، وفي ذلك في الشئون الخارجية. لكن أسباب قيام أوباما بمثل هذا التأجيل لن تكون بهذه البساطة؛ إذ إن الثقل الكبير للملفات الداخلية، سواء الاقتصادية أو الأمنية، يجعل سياسة تأجيل النظر في ملف الصراع العربي – الإسرائيلي سياسة منتظرة إلا إذا حدثت تطورات وسلسلة ردود أفعال تخرج عن السيطرة تؤثر على التوازنات العامة في المنطقة. في المقابل هناك بعض المؤشرات على بدء الإدارة الجديدة في تغيير الظروف العامة للعلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في اتجاه كسب وسائل ضغط على الطرف الإسرائيلي منها: أن تلميح ميتشيل الأخير باحتمال استعمال سلاح نزع « ضمانات القروض » لم يكن اعتباطيا، وهو تعبير عن العقلية الأخرى التي نجدها في إدارة أوباما المتأثرة بسياسة الرئيس بوش الأب، والذي سبق له استخدام نفس أسلوب الضغط، لكن أهم مؤشر على رغبة الإدارة في خلق ظروف جديدة تسمح لها بضغط أكبر على تل أبيب نجده في الثقل الذي ساهمت فيه لصياغة لوبي إسرائيلي بديل في واشنطن عن اللوبي التقليدي « إيباك ».     التطرف الإسرائيلي.. عقبة رئيسية أمام أوباما   لقد كانت الظروف المحيطة بتأسيس « جاي-ستريت »، تعبيرا عن الصراع داخل مجموعة بدت أنها « كتلة صماء » تدافع بدون تمييز عن السياسيات الإسرائيلية. مواقف « جاي ستريت »، وهي منظمة متكونة أساسا من يهود أمريكيين ذوي ميول ديمقراطية وأيضا ميول جمهورية معتدلة ليست « ثورية »، ولا تقطع مع بديهيات إسرائيلية من نوع « الدولة اليهودية ».. لكنها في ذات الوقت تتخطى خطا أحمر عادة في السياق الأمريكي هو الدعوة لضرورة التفريق بين « اللاسامية » ونقد السياسات الإسرائيلية وفي ذلك محاولات الالتفاف على « حل الدولتين ». وفي هذا الإطار يأتي تأكيد المنظمة على موقف وقف الاستيطان في انسجام مع خطاب الإدارة الحالية، وكان حضور الجنرال جيمس جونس، مستشار أوباما للأمن القومي، الجلسة التأسيسية للمنظمة في أكتوبر 2009 رسالة واضحة لأهمية هذه المنظمة في أجندة الإدارة الحالية، وذلك رغم الضغوطات الكبيرة التي مارستها « إيباك » لتهميش الحدث ومقاطعة الهيئات الرسمية الإسرائيلية للحفل. وقد أخذ الموضوع بعدا إعلاميا واسعا عند حدوث الصدام بين حنا روزنتال المشرفة على « محاربة اللاسامية » في إدارة أوباما والعضوة السابقة في « جاي-ستريت » مع السفير الإسرائيلي في واشنطن حول أهداف المنظمة. هناك أيضا مؤشرات أخرى تخص محيط الإدارة والأجواء العامة المحيطة بها، وعلى سبيل المثال لو تمعنا في أداء المؤسسات البحثية الأكثر قربا من الإدارة الحالية مثل « مركز الأمن الأمريكي الجديد » (The Center for New American Security) نلاحظ استيعابه لوجوه برزت في السنوات الأخيرة بتعبيرها عن رؤية بديلة للوضع في المنطقة، وفي ذلك معرفة دقيقة بأوضاعها ونقدها الروتيني للسياسات الإسرائيلية مثل الأستاذ في جامعة جورج تاون مارك لينش، والذي لم يكن من الممكن قبل سنوات قليلة أن نتخيل وجوده في مثل هذه المراكز البحثية القريبة من صنع القرار. من اللافت أيضا تغير لهجة بعض الوجوه التي اتسمت بلغة محافظة عادة في هذه الأوساط مثل الباحث في نفس المركز روبرت كابلان في شهر أغسطس الماضي (مجلة « الأتلنتيك » 3 أغسطس 2009) عندما عدد الأسباب التي تشير إلى ضرورة تغير العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية، خاصة التخلي عن النظر إلى إسرائيل على أنها ذات موقع « عاطفي » وإستراتيجي خاص في الرؤية الأمريكية للمنطقة، تستوجب الانحياز اللامشروط لسياساتها.
* ننتقل إلى الملف الأفغاني، خاصة أنه كان جوهر الحملة الانتخابية في مقاومة الإرهاب بالنسبة لأوباما.. كيف ترون محصلة عام، لاسيما أن عدد الجنود الأمريكيين القتلى وصل إلى أعلى مستوياته منذ بداية الحرب في عام 2001؟.  
الملف الأفغاني يجب مقاربته في الحقيقة بوصفه الملف « الأفغاني-الباكستاني »، والذي أصبح يتم الحديث عنه بمختصر « أف-باك »، خاصة على خلفية تداخل تنظيمي « طالبان » أفغانستان و »طالبان » باكستان وانتشار تنظيم « القاعدة » بين ضفتي الحدود الباكستانية – الأفغانية على مدى « التخوم » الشفافة (بشريا وجغرافيا) بين البلدين. ومثلما ذكرت على صفحات هذا الموقع منذ حوالي عام، فإن هذا الملف على رأس أولويات الملفات الخارجية للإدارة الحالية، فهو مؤشر حقيقي عن موقع السياسة الخارجية بالنسبة لاختيارات هذه الإدارة، إذ على أهميته الاستثنائية بما أنه ملف عسكري يستوجب قرارات حاسمة وواضحة، وليس مجرد ملف سياسي؛ فقد استغرق الرئيس في مشاورات طويلة نسبيا في مختلف الاتجاهات حتى يمكن له التسويق الداخلي لزيادة في عدد القوات لا يمكن وصفها بأنها ضخمة، وهو ما يعكس الحساسية الكبيرة التي توليها الإدارة للوضع الداخلي وردود الأفعال المحلية. وعموما انقسم هذا العام إلى مرحلة أولى تمثلت في استكشاف الوضع « الأفغاني-الباكستاني »، خاصة المساهمة في إعادة ترتيب التوازنات السياسية الداخلية في كل منهما والتشاور حول الخطة البديلة، ثم في مرحلة ثانية، وهي متواصلة الآن، أي تنفيذ الخطة البديلة (نفس الخطة التي تم تطبيقها في العراق مع تغييرات طفيفة)، والمتمثلة في الترفيع من وجود القوات وتكثيف حركتها خارج قواعدها، سواء في عمليات عسكرية أو في التواجد بين الأهالي. ويشار هنا إلى أن وضع سقف زمني لتنفيذ الخطة، حتى في سياق الحديث على أنه عمليا سقف زمني مرتهن بنجاح الخطة، وليس حدا جامدا، إنما يعكس مرة أخرى الحساسية الكبيرة التي توليها هذه الإدارة لردود الفعل الداخلية، خاصة أننا على أبواب الانتخابات التشريعية في الولايات المتحدة. من الواضح أن التطورات الأخيرة لا تشير إلى بداية ناجحة للخطة الجديدة، خاصة بعد عملية « خوست »، وتكرار سقوط جنود أمريكيين في المواجهات مع « طالبان »، ولو أن القيادات العسكرية الأمريكية تؤكد أن الخطة في بداية تنفيذها، وأن زيادة القوات التدريجية لم تكتمل بعد، بما يمكن اختبارها بشكل جدي، لكن هناك أيضا معطيات أخرى -إضافة للتطورات الميدانية- تجعل الإستراتيجية الجديدة محل تساؤل.. مثلا يقول الجنرال جيمس جونس إن عناصر « القاعدة » الناشطين في أفغانستان لا يتعدون المائة شخص، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول جدوى الزيادة في القوات كوسيلة ناجعة لضرب الطرف الأساسي الذي يبرر الوجود الأمريكي هناك. وكذلك ثمة عدم واقعية في بعض أهداف خطة الزيادة في القوات مثل رفع عدد الجنود الأفغان إلى 240 ألف جندي بدلا من العدد الحالي الذي لا يتعدى 90 ألفا.. المشكل الأساسي هنا هو أن العماد الأساسي للجيش الأفغاني يتمثل في الأقلية الطاجيكية (25% من عدد السكان) التي تمثل 41% من عدد الجنود.. والأهم أنها تشكل حوالي 70% من قيادات الألوية، وفي المقابل فإن الجزء الرئيسي من التركيبة السكانية الأفغانية (أي قبائل البشتون) ليسوا ممثلين بشكل متناسب في الجيش، وهذا يعني أن الاعتماد على جيش طاجيكي بالأساس في حرب تدور أساسا في مناطق بشتونية المساهمة في دفع البشتون للاصطفاف أكثر مع « طالبان » على أسس عرقية وليس أيديولوجية بحتة.. هذا إضافة إلى أن حكم أفغانستان كان تاريخيا يتم بتوازن دقيق بين مختلف مكوناته وأطرافه، وليس من قبل حكومة مركزية، خاصة إذا كانت تعتمد على مكون عرقي أكثر من بقية المكونات. هناك إشكال آخر كبير أيضا يقف عائقا أمام نجاح خطة الإدارة الجديدة، وهو أن « طالبان » ليست كتلة صماء؛ مما يجعل أي شراكة أمريكية-باكستانية تقف على أرض غير صلبة؛ إذ إن الحكومة الباكستانية ليست في حرب مع كل « طالبان » باكستان، بل مع بعض أجنحتها، خاصة تلك المتركزة في جنوب وزيرستان (بقيادة آل محسود)، في حين تتجه تصريحات قيادة « طالبان » أفغانستان بقيادة الملا عمر بأن « العدو الرئيس » الذي تواجهه هو الوجود الأمريكي، وأنها ليست مستعدة للانخراط في صراع مع الحكومة الباكستانية.. وهذا يعني عمليا أن فرص عقد الباكستانيين لصفقات مع « طالبان » كبيرة، خاصة في سياق تاريخ العلاقات الوطيدة بين الطرفين، في حين أن مختلف أجنحة « طالبان » تبدو على عداء مع الوجود الأمريكي.   * في الجهة العراقية.. ومع تجدد أعمال العنف في العراق والعمليات الانتحارية.. كيف تقيمون عمل الإدارة الأمريكية مع أوباما حتى الآن في خصوص هذا الملف؟.

الأرقام عموما في العراق لم تتغير كثيرا في عام 2009 مقارنة بعام 2008.. مثلا حسب آخر المعطيات التي قدمها « مؤشر العراق » (Iraq Index) التابع لمؤسسة « بروكينجز »، فإن رقم الضحايا المدنيين من العراقيين جراء التفجيرات كل شهر بقي في نهاية سنة 2009 في نفس مستواه مع نهاية سنة 2008 (أي بين 250 و350 قتيلا). لكن هذا طبعا رقم مرتفع، ولا يعكس « حالة من السلم »، لكنه أيضا لا يقارن بما كان عليه الوضع مثلا سنة 2007 عندما كان هذا الرقم يتجاوز بشكل روتيني الألفي ضحية. أما الأرقام المتعلقة بالهجمات المعلنة ضد القوات الأمريكية وحلفائها بدت حتى أقل بعض الشيء مما كان عليه الوضع عام 2008؛ إذ تتراوح بين 150 و200 عملية في الأسبوع.. ومرة أخرى لسنا هنا بصدد « حالة سلم »، لكن لا يمكن مقارنة ذلك أيضا بما كان عليه الوضع في السنوات السابقة بما في ذلك سنة 2008. والأرقام الخاصة بعدد القتلى من الجيش والشرطة العراقيين انخفضت بشكل ملحوظ مقارنة حتى بسنة 2008؛ إذ كانت عموما بمعدل 40 قتيلا شهريا.. لكن ذلك أيضا يعني أن الوضع ليس « مستتبا ». إن كل هذه الأرقام تشير إلى نقطة أساسية، وهي أن تراجع حدة المواجهة العسكرية لا يمكن أن يعني انتفاءها بسبب تواصل وجود وضع احتلال مرفوض من قبل قطاعات مؤثرة في صفوف الشعب العراقي. وفي اعتقادي يجب بداية محاولة القيام بتقييم دقيق للوضع العراقي.. هناك ثلاث مسائل لا يمكن تجاهلها: الأولى انحدار وضع « القاعدة » في العراق، والثانية محدودية انخراط التحالف العربي السني في العملية السياسية التي ترعاها الولايات المتحدة، والثالثة تأثير الصراع داخل التحالف الشيعي التقليدي على التركيبة السياسية التي تم إرساؤها في ظل الاحتلال. والمسألتان الأخيرتان ستحسمان ما ستئول إليه الانتخابات التشريعية المقررة هذا العام. بالنسبة للمسألة الأولى هناك ما يكفي من المعطيات الآن، وفي ذلك ما نشر من الوثائق الداخلية لـ »القاعدة » في العراق، من أن هذا التنظيم لم يعد يقدر على أن يكون رقما صعبا في المعادلات العراقية؛ إذ إنه -وبمعزل عن قيمة التأثير العسكري الأمريكي- فإن الوضع الذي آلت إليه « القاعدة » كان نتيجة بالأساس لقرار الأخيرة تقويض شرط وجودها العراقي، أي أسس التحالف الواعية أو الضمنية مع تحالف واسع فيما بين العرب السنة، من خلال التعالي على أسباب انخراط هؤلاء في الصراع ضد الاحتلال، وعلى تركيبتهم القبلية المعقدة، والتوهم أن « القاعدة » يمكن أن تملي على الجميع شروطها؛ وبالتالي كان عام 2009 بالنسبة لإدارة أوباما خال من « القاعدة » في العراق، وربما كانت تلك إحدى المزايا النادرة التي خلفتها الإدارة السابقة للإدارة الحالية. غير أن عام 2009 بالنسبة للإدارة الأمريكية في العراق هو عام بداية تخلخل التحالف العربي السني الذي كان يمكن أن ينخرط في العملية السياسية بعد أن رفع الغطاء عن « القاعدة »، وربما تجسد ذلك حتى من خلال احتمال عودة بعض ممن كانوا يعملون مع القوات الأمريكية تحت تسمية « قوات الصحوة » إلى صفوف العمل المسلح ضدها خاصة إثر استهدافهم من قبل المؤسسات الأمنية التابعة لحكومة المالكي التي تسيطر عليها غالبية شيعية وترفض إدماج هؤلاء ضمن القوات الحكومية. وعلى الأرجح فإن القرار الأمريكي بـ »الانسحاب » أو ما يعرف بـ »اتفاقية وضع القوات » (SOFA) لم يكن كافيا، ولم يلب الانتظارات السياسية للفصائل العراقية المعادية للاحتلال، خاصة ضمن المجال العربي السني؛ إذ إن تغيير تسمية قوة هائلة من الجنود يمكن أن تصل حتى 50 ألفا بعد « نهاية الانسحاب » بحلول نهاية عام 2011 بأنها « قوات للاستشارة والمساعدة » لم يكن يعني على الأغلب « انسحابا » بالنسبة لهذه الفصائل.. وهذا في حالة تم الالتزام بجدول الانسحاب مع العلم أن عدد القوات الآن لا يزال يفوق مائة ألف، هذا عدا عن الصمت حول وضع ودور القوات المتضخمة للشركات الأمنية المثيرة للجدل، والتي تجاوزت 130 ألف عنصر، وفي ذلك أكثر من 30 ألفا يحملون الجنسية الأمريكية، وكذلك هناك غموض حول وضع القواعد الأمريكية داخل العراق، والتي يتجاوز عددها 280 قاعدة، والتي بصدد التوسع في المجالات الريفية بعيدا عن المدن منذ إعلان « اتفاقية وضع القوات ».     هل يتراجع أوباما عن الانسحاب؟
وفي هذه السياقات الغامضة من غير المفاجئ أن يتراجع القادة العسكريون الأمريكيون عن الانسحاب وفق الجدول المحدد مثلا في شهر مايو 2009 من إحدى القواعد الكبرى في بغداد من خلال إعادة تعريف المجال الجغرافي للقاعدة، واعتبار أنها لا توجد ضمن بغداد. وعموما فإن هناك مزاجا عاما يجمع العرب السنة والشيعة في رفض استمرار وجود القوات الأمريكية في العراق، ولا يبدو ذلك غائبا عن صانع القرار الأمريكي؛ إذ عبر أكثر من 70% من العراقيين (في عينة تعكس التنوع المذهبي والعرقي العراقي) في آخر استطلاع رأي تم إنجازه من قبل مؤسسات إعلامية أمريكية على رأسها شبكة « أي بي سي » (في فبراير 2008) عن رفضهم لوجود هذه القوات. ومن الواضح أن جهود حكومة المالكي الناجحة لتأجيل الاستفتاء حول « اتفاقية وضع القوات »، والذي كان مزمعا إجراؤه في يوليو 2009 يعكس شعورا بأن غالبية عراقية ترغب في اتفاق واضح يضمن انسحابا مبكرا يختلف عن الاتفاق الذي تم توقيعه. وبرغم هذا التأجيل فإن الصراعات المتفاقمة في المشهد السياسي العراقي خاصة ضمن التحالف الشيعي التقليدي تعكس هشاشة العملية السياسية الراهنة لا غير، وتزداد كلما اقترب موعد الانتخابات التشريعية في مارس 2010، و أيضا كلما زاد الاضطراب في الداخل الإيراني الذي يترك تأثيره بالضرورة على وحدة المشهد الشيعي العراقي. عموما وبشكل يشبه ما يحدث في علاقة إدارة أوباما بملف الصراع العربي – الإسرائيلي، فإن الرؤية الأمريكية للوضع في العراق تتجه للحفاظ على الوضع القائم، وتأجيل كل ما يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التعقيدات الحالية، برغم أن هذا التوجه تحديدا سيؤدي في النهاية إلى تفاقمها بالفعل.  
إذن يمكن القول إن إدارة أوباما لم تتمكن في عامها الأول من إنجاز تقدم يلحظ في أي من الملفات السابقة، بل إنها تعمد لتكتيك تأجيل حسم هذه الملفات لا أكثر..؟
في مختلف هذه الملفات السابقة لدينا تكرار لنفس المعضلة؛ إذ إن ثمة رغبة من الإدارة الحالية في أن تمسك العصا من الوسط، وهذا يعكس ترددها في حسم ملفات خارجية ترى أنه يمكن لها أن تؤجلها مع احتمال تعثر معالجة الملفات الداخلية (وفي ذلك ارتباطها من جهة الإنفاق المالي بالملفات الخارجية)، وتفاقم الملفات الخارجية يمكن أن يؤدي إلى التأثير على شعبية الإدارة الحالية وحظوظها في الحصول على عهدة رئاسية جديدة. وقد نبه بعض المراقبين الأمريكيين الإدارة الأمريكية من هذا المصير، مشيرين بشكل خاص إلى ما حصل مع إدارة كارتر عندما لم تنجح في الحد من تفاقم الصعوبات الاقتصادية مقابل الأخطاء الكبيرة في معالجة الشأن الخارجي، وفي ذلك قضية « الرهائن الأمريكيين » في السفارة الأمريكية في طهران آنذاك إثر اندلاع الثورة الإيرانية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 18 جانفي 2010)   

العرب إذ يوفرون لإسرائيل المخارج

صالح النعامي بدون مواربة وبشكل صريح ومعلن باتت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تتبنى رسمياً الموقف الإسرائيلي الرسمي من العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، وهناك مؤشرات عديدة تؤكد أن هذه الإدارة تقدم على هذه الخطوة متسلحة بمباركة عربية رسمية. فقد اعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون أن الإدارة الأمريكية تصر على إستئناف المفاوضات بدون شروط مسبقة، مما يعني توجيه صفعة مدوية لرئيس السلطة محمود عباس، لأن هذا الموقف يعني أنه يتوجب على عباس التراجع عن مطالبته بوقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس كشرط مسبق للعودة للمفاوضات. ومن نافلة القول أن عودة عباس للمفاوضات بمباركة عربية يعني مباركة فلسطينية وعربية لمواصلة الإستيطان وإضفاء شرعية على قضم الأرض الفلسطينية. وكعادتها تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها العرب ذر الرماد في العيون وتضليل الفلسطينيين والرأي العام العربي مجدداً عبر الزعم بأن إستئناف المفاوضات سيتم استناداً لظروف واضحة ومحددة، وهي: 1-     الاعتراف بحدود العام 1967. 2-     الإقرار بأن القدس الشرعية هي عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة. 3-     الاستناد إلى فكرة تبادل الأراضي. 4-     إلتزام واشنطن بتقديم ضمانات لكل من السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وللأسف الشديد فإن بعض وزراء الخارجية العرب هم الذين أخذوا على عاتقهم القيام بمهمة ترويج هذه الأفكار المضللة دون توضيح ما يطرحونه من أفكار. فلأول وهلة يخيل للمرء أن الاعتراف بحدود العام 67 يعني انسحاب إسرائيل بشكل كامل من كل مناطق الضفة الغربية التي أحتلت في حرب الأيام الستة، وإقامة الدولة الفلسطينية فيها. وواضح تماماً أنه ليس هذا المقصود بتاتاً،  فعن أي حدود يتحدثون ماداموا يقرون لإسرائيل بالحق في مواصلة الأنشطة الإستيطانية على قدم وساق. وإن كانت إسرائيل تعلن أنها ستسأنف الاستيطان بوتيرة عالية تماماً بعد انتهاء فترة التجميد المؤقت للاستيطان في الضفة الغربية ( مع العلم إن الأنشطة الاستيطانية تتواصل بدون توقف ) فأين سيتم الإعلان عن الدولة الفلسطينية، مع العلم أنه حتى في ظل الأوضاع الحالية لا يمكن الإعلان عن دولة فلسطينية حقيقية في الضفة الغربية، إذ أن الكتل الإستيطانية وجدار الفصل العنصري عملا على تقطيع أوصال الضفة الغربية. ويتجاهل المتحمسون لإستئناف المفاوضات في كل من واشنطن وبعض العواصم العربية من الحقائق التي تحاول إسرائيل تكريسها على الأرض، وكأن ما يحدث يتم على كوكب آخر. فقد أعلن مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية مؤخراً عزمه عن إقامة أكبر مدينة استيطانية في محيط مدينة بيت لحم تؤوي عشرات الآلاف من المستوطنين وبدعم كامل من وزارة الإسكان في حكومة نتنياهو. للأسف الشديد إن صناع القرار في العالم العربي يبدون غير مهتمين بمعرفة التفاصيل ذات الدلالة في كل ما يتعلق بنوايا إسرائيل والإطار الذي يرسم إستراتيجيتها الاستيطانية. فلم يعد التحمس للاستيطان يأتي لاعتبارات أمنية وسياسية وديموغرافية، بل بات ضرورة اقتصادية لكثير من الفئات السكانية التي لم تكن تظهر حماساًً واضحاً للعيش في مستوطنات الضفة الغربية، وتحديداً الطبقات الفقيرة وأتباع التيار الديني الأرثوذكسي، الذين باتوا يكتشفون الاستيطان في الضفة الغربية بسبب مزاياه الاقتصادية، حيث تنخفض أسعار الأراضي، إلى جانب أن هذه الفئات تحاول الاستفادة من المزايا التي يقدمها الكيان للذين يقبلون على الاستيطان في الضفة الغربية. أما الحديث عن الاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، فهذا ليس أكثر من ضحك على اللحى، فالقدس الشرقية في العرف الإسرائيلي هي البلدات الفلسطينية التي تقع في محيط القدس مثل أبو ديس والعيزرية وغيرها، وليست البلدة القديمة والمسجد الأقصى وحارة النصارى والشيخ جراح وغيرها من أحياء، وتستثني إسرائيل من القدس الأحياء اليهودية التي أقامتها منذ احتلالها للقدس وحتى الآن مثل مستوطنات: جيلو وبسغات زئيف وهار حوما، وغيرها، مع العلم أن حدود بلدية الاحتلال في القدس تضاعفت عشرين مرة منذ احتلالها عام 67 وذلك بسبب ضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية. ومن أسف فإن صناع القرار في العالم العربي لا يبدون معنيين بالوقوف عند دلالات التحرك الصهيوني على الأرض. فعما قريب ستنجز إسرائيل مشروع  » E1 ,   » الذي يعد أكبر مشروع استيطاني تهويدي يرمي إلى ربط القدس بمستوطنة  » معاليه أدوميم « ، كبرى مستوطنات الضفة الغربية، وعند إنجاز هذا المشروع فإنه سيتم فصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها، وسيصبح الحديث عن دولة فلسطينية متصلة الإقليم عندها أمراً غير واقعياً. ومما لا شك فيه أن أخطر ما يحاول النظام العربي الرسمي الترويج له في كل ما يتعلق بالتحرك الأمريكي الأخير يتمثل في منح شرعية لفكرة  » تبادل الأراضي « ، التي تعني مقايضة التجمعات الإستيطانية الكبرى في الضفة الغربية بالتجمعات التي يقطن فيها فلسطينيو 48، وبذلك يلتقي المسؤولون العرب مع وزير خارجية إسرائيل الهاذي أفيغدور ليبرمان أكثر المتحمسين لهذه الفكرة لأنها تضمن تحقيق هدفين أساسيين من أهداف الحركة الصهيونية التاريخية، وهي الظفر بالمستوطنات في الضفة الغربية، وفي نفس الوقت التخلص من  » العبء  » الديموغرافي الذي يشكله هؤلاء الفلسطينيين، أصحاب الأرض الفلسطينيين. ويتوجب رفض فكرة تبادل الأراضي بشكل مطلق ليس فقط لأنها تضفي شرعية على المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية علاوة منح إسرائيل الوسائل لضمان تفوق اليهود ديموغرافياً في هذا الكيان المغتصب، بل أيضاً لأن هذا سلوك غير أخلاقي، فكيف تتم المساواة بين اللص وصاحب الحق. طالع بقية المقالات على موقع صالح النعاميwww.naamy.net


سيادة مصر وسيادة الرئيس


عبد الحليم قنديل قد يصح أن نعتذر للخيانة نفسها، فلم يعد لفظ الخيانة ملائما لوصف الانحطاط والتدهور الذي آلت إليه سياسة النظام المصري. وربما لايليق أن ننعت النظام بصفة ‘المصرية’، فليس لنظام مبارك من المصرية شيء، اللهم إلا معنى الجنسية، وليس صحيحا أن النظام يبني سياسته على مبدأ ‘مصر أولا’، بل تبنى له السياسة على أساس مبدأ ‘إسرائيل أولا’، في مصر، فوجود النظام في ذاته يتناقض مع أبسط معايير الوطنية المصرية، فمصر دولة دور، ومعاركها الوجودية الكبرى دارت إلى ما نسميه الشرق العربي الآن، ومن ‘قادش’ رمسيس إلى ‘مجدو’ تحتمس، وإلى ‘حطين’ صلاح الدين، وإلى ‘عين جالوت’ قطز، وإلى معارك إبراهيم باشا ساري عسكر عربستان، وإلى معارك عبد الناصر العسكرية والسياسية، وإلى حرب أكتوبر 1973، بعدها انزلقت مصر إلى ‘الثقب الأسود’، وإلى انحطاط تاريخي نهبت فيه ثرواتها، واستذل أهلها، ونزلت إلى قاع التاريخ الجاري، خرجت من سباق الأمم، وصارت مجرد عزبة لعائلة السياسة الفاسدة وأغواتها وممالكيها ومليارديراتها. ومن العبث ـ مع هذه الظروف ـ أن نتحدث عن سيادة مصر وكأنها سيادة الرئيس، أو سيادة العائلة، فوجود الرئيس في ذاته، وبالطريقة التي يحكم بها، هو انتقاص من سيادة مصر، فلم ينتخبه أحد في مصر، ولا فوضه شعبها، بل يحكم بتفويض أمريكي إسرائيلي، وينفذ ما يطلب منه بالحرف، ويدفع لحساب إسرائيل لكسب رضا ‘الباب العالي’ في واشنطن، ومقابل أن يبقى له الحكم ولذريته ومماليكه من بعد. وربما يلفت النظر، أن أحمد أبو الغيط ـ وزير خارجية الرئيس ـ يعلن أخطر القرارات من واشنطن لا من القاهرة، وعلى طريقة إعلانه الأخير من واشنطن عن قرار المنع التام لقوافل الإغاثة إلى غزة، فقرارات النظام ‘السيادية’ الكبرى تصنع في واشنطن، وتعلن هناك، وإن كان يسمح أحيانا بإعلانها من القاهرة على سبيل التمويه، وتلك قصة مريرة طويلة بدأت عقب حرب أكتوبر 1973، وخذلان السياسة لإنجاز السلاح، فقد بدا كيسنجر ـ وزير الخارجية الأمريكي الصهيوني الشهير ـ مأخوذا بتنازلات الرئيس السادات، وفي غرف المفاوضات المغلقة بالذات، ففي كتابه (أكتوبر 1973: السلاح والسياسة)، يروي محمد حسنين هيكل ـ المقرب وقتها من السادات ـ واقعة مذهلة، فقد عرض السادات على كيسنجر مالم يتوقعه الأخير في حياته، قال له: إن جاءتكم فكرة أو مبادرة فاعطوها لي، وأنا أعلنها باسم مصر، لماذا؟ لأنها إذا أعلنت باسم واشنطن وقبلتها، فسوف يتهمني المصريون بالتبعية، وإذا أعلنت باسم إسرائيل، وقبلتها، فسوف يرميني المصريون بتهمة الخيانة، والحل: أن أعلنها باسم مصر، وتبدو مبادرة مصرية ونجاحا مصريا. وعلى طريقة ‘تمصير’ الرغبات الأمريكية والإسرائيلية، يمضي الرئيس مبارك، فرغبات واشنطن تبدو كأنها مبادرات القاهرة، وتبدو سيادة إسرائيل كأنها سيادة مصر، مع أن القاصي والداني يعلم أنه لادخل لمصر في الموضوع، وأن اسم مصر ـ له المجد في العالمين ـ بريء من تنازلات العائلة الحاكمة، وأن سيادة مصر الحقيقية منتهكة ومضيعة من زمن طويل، لانتحدث عن أسرار، بل عن حقائق مفزعة مدونة في الملاحق الأمنية لما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، فبعد حرب أكتوبر 1973 مباشرة، كان لمصر 70 ألف جندي في سيناء إلى شرق قناة السويس، وكان لها ألف دبابة، ونزل التعداد ـ باتفاقي فض الاشتباك الأول والثاني ـ إلى سبعة آلاف جندي وثلاثين دبابة لاغير، وبعد مقايضات المعاهدة المذلة، صارت الصورة مرعبة، فقد جرى حجز الوجود العسكري المصري ـ بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة ـ إلى مسافة 58 كيلو مترا شرق قناة السويس، وعرفت هذه المنطقة ـ في ملاحق المعاهدة ـ باسم المنطقة )أ )، ثم جرى إخلاء المنطقة(ب) ، وبعرض 109 كيلومترات، من أي وجود عسكري مصري سوى أربع كتائب حرس حدود، وفي المنطقة ( ج )، وبعرض 33 كيلو مترا، وإلى حدود مصر مع فلسطين المحتلة وغزة، جرى نزع السلاح المصري بالكامل، وقصر الوجود على قوات شرطة مدنية، ولم تسمح إسرائيل إلا لاحقا، وفي اتفاق ايلول (سبتمبر) 2005، سوى بوضع 750 جنديا من حرس الحدود، وبغرض محدد هو مطاردة وردم ‘أنفاق الحياة’ الواصلة من رفح المصرية إلى رفح الفلسطينية، وفي كل سيناء جرى حظر إقامة أي مطارات أو موانىء حربية مصرية، بل أن مقر إقامة الرئيس نفسه في شرم الشيخ يقع في المنطقة منزوعة السلاح المصري بالكامل، أي أن الرئيس يقيم في منطقة منزوعة السيادة المصرية، وتحت حد الحراب الإسرائيلية القريبة، وفي وسط تشكيل من قوات متعددة الجنسيات، وتعرف باسم MFO، أو ‘ذوي القبعات البرتــــقالية’، وغالب هذه القوات أمريكي، وقيادتها أمريكية، وتدفع مصر نصف ميزانيتها البالغة سنويا 65 مليون دولار، ولهذه القوات ثلاث قواعد، أولاها في ‘الجورة’ شرق سيناء بالقرب من الحدود، وثانيتها في جزيرة ‘تيران’ السعودية بخليج العقبة، وثالثتها إلى جوار شرم الشيخ، ووظائف هذه القوات الأجنبية معروفة، فهي تراقب أي إخلال محتمل بترتيبات نزع سلاح سيناء، ولها حق التدخل عند اللزوم، والبدء في تطبيق مذكرة تفاهم أمريكية ـ إسرائيلية موقعة في 25 آذار( مارس) 1979، أي قبل أيام من توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وتتضمن تعهدا أمريكيا بالتدخل عسكريا ضد مصر في حال تهديد أمن إسرائيل. ماذا تعني هذه الصورة؟ تعني ـ ببساطة ـ أن قصة السيادة المصرية من أحاديث الخرافة، وأن الموجود هو العكس بالضبط، فقد أعيدت سيناء إلى مصر منزوعة السيادة، أعيدت على طريقة الذي أعادوا له قدما وأخذوا عينيه، فقد جرى نزع سيادة السلاح في شرق مصر، وفي القاهرة تكفلت المعونة الأمريكية ـ ومضاعفاتها ـ بالباقي، أعادت تشكيل نخبة الحكم والمال، ونزعت سيادة قرار السياسة والاقتصاد، وضعت مصر في القيد الحديد، ووضع على فمها قفل بيت الرئاسة، وراحت مواردها تنهب كما لم يحدث في تاريخها الألفي، وطفت وطغت طبقة من مليارديرات المال الحرام، فيما تحول الشعب المصري ـ في غالبه ـ إلى أفقر شعب في المنطقة، وبين الثراء الناهب والفقر الكادح، جرت إقامة أضخم جدار أمني، جدار مصفوف من العسكر السود والخوذات السوداء، وبحجم مهول وصل بقوات الأمن الداخلي إلى مليون و 700 ألف شخص، وهو ما يتعدى ثلاثة أضعاف حجم جيش مصر العظيم. والمحصلة ظاهرة، مصر تحت الحصار، تماما كما أن فلسطين تحت الحصار، وجدار العار عند الحدود هو امتداد لجدار القمع في القاهرة، ولا أحد تحت الحماية سوى العائلة ومليارديراتها ورعاتها الأمريكيين والإسرائيليين، أما مصر ـ بغالب أهلها فقد انتهت إلى عين الرعب، وإلى خلط البصائر والمصائر، وإلى سحابة دخان كثيف تطلقه وسائل الاعلام المملوكة للنظام وأجهزة أمنه ومليارديراته، وإلى عبث عقلي بلا آخر، وإلى زحام من مشاهد الدم، وإلى حديث عن سيادة البلد وكأنها سيادة الرئيس. هل يتبقى بعد ذلك من معان محددة مفهومة لعبارات من نوع الأمن القومي وسيادة مصر؟ وهل يجرؤ النظام على اعلان الحقيقة في سيناء؟ أو على إشهار الذمة المالية للعائلة والأصهار والأصحاب؟ بالطبع لا يجرؤ النظام على شيء من ذلك، وربما لا يصح أصلا أن تسأله في شيء أو عن شيء، فاختصر الطرق، واسأل رعاته في واشنطن وتل أبيب، إسأل في العناوين الحرام عن نظام ولد ويعيش في الحرام. كاتب مصري Kandel2002@hotmail.com (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)  

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.