طلبة تونس
أخبار الجامعة السنة الأولى: العدد رقم 26 الجمعة 11 ماي 2007
بعد طرد طالبات من كلية الطب بتونس : هل بدأت حملة جديدة على المحجبات في الجامعة ؟؟؟؟
تم خلال الأسبوع الأول من شهر ماي 2007 طرد عدة طالبات محجبات من كلية الطب بتونس بعد رفضهن نزع الحجاب عند الدخول إلى الكلية و يأتي هذا الإجراء التعسفي من قبل الإ دارة في وقت حرج بالنسبة لهؤلاء الطالبات باعتبار دخولهن في فترة التحضير لامتحانات آخر السنة وهن أحوج ما يكن للهدوء قصد التركيز على المراجعة و ضمان أوفر الحظوظ للنجاح و يعمد بعض مديري و عمداء المؤسسات الجامعية سنويا إلى استغلال فترة الإمتحانات للقيام بحملة ضد الطالبات المحجبات بمراقبتهن واحدة واحدة داخل القاعات و المدارج و تخييرهن بين أمرين إثنين : إما خلع الحجاب أو عدم إجراء الإمتحان و قد تضرر خلال السنوات الماضية العديد منهن لدرجة أن البعض رسبن أو تركن الجامعة و الدراسة و هناك من أصيبت بانهيار عصبي بسبب المضايقات المتواصلة فهلا تخلى هؤلاء القوم عن ممارساتهم القمعية و تركوا الطالبات يمارسن قناعاتهن و حرياتهن في اختيار اللباس الذي ارتضينه لأنفسهن و كان أجدر بهم الاهتمام بالمشاكل البيداغوجية و المادية و التنظيمية العديدة التي تتخبط فيها مؤسساتهم
أساتذة التعليم الثانوي يضربون من جديد …..
على إثر فشل المفاوضات مع وزارة التربية و التعليم حول منحة افتتاح السنة الدراسية قررت النقابة العامة للتعليم الثانوي القيام بإضراب عن العمل كامل يوم الخميس 24 ماي 2007 احتجاجا على عدم استجابة الوزارة لمطالب الأساتذة التي تعتبر في حدها الأدنى و ذلك رغم التضحيات الجسيمة التي يقدمونها في سبيل تكوين الناشئة و تزويدهم بالعلوم و المعارف التي تؤهلهم للحياة الإجتماعية و المهنية و يشار إلى أن الوزارة لم تكتف باقتراح مبلغ هزيل للمنحة يتمثل في 180 دينارا موزعة على ثلاث سنوات بل عمدت إلى استثناء النقابيين و الإداريين و أساتذة التربية البدنية من هذه الزيادة و كأن هؤلاء ليست لهم حاجيات أساسية مثل بقية زملائهم و تقول مصادرنقابية أنه في صورة عدم استجابة الوزارة للمطالب المشروعة و المعقولة للاساتذة فقد يتم التصعيد باللجوء إلى الإضراب الإداري خلال الأسبوع المغلق و عدم إرجاع الاعداد و اعتماد أشكال نضالية أخرى خلال دورة الباكالوريا
حاملو الباكالوريا الجدد : التوجيه سيتم عن بعد ….
قررت مصالح الشؤون الطالبية بوزارة التعليم العالي و البحث العلمي تمكين حاملي باكالوريا 2007 من تعمير بطاقة الإختيارات المتعلقة بالتوجيه الجامعي عن بعد و ليس بطريقة يدوية كما جرت العادة و يأتي هذا الإجراء بعد إقرار التسجيل الجامعي عن بعد و تزويد الطلبة ببطاقة إلكترونية خلال السنة الجامعية القادمة تكون متعددة الإستعمال
معرض تونس الدولي للكتاب : دار لقمان لا زالت على حالها …..
مثلما كان متوقعا خلت الرفوف في معرض تونس الدولي للكتاب في دورته الخامسة و العشرين من الكتابات الجيدة و الحديثة – ما عدا استثناءات قليلة – و ضربت الرقابة بقوة في كل الإتجاهات فشملت الكتب ذات المضمون الفكري و السياسي و الإجتماعي و الديني و مع غياب الكتاب الثقافي حاول بعض الطلبة الإستفادة مما هو معروض من الكتب ذات صلة باختصاصاتهم الجامعية رغم أن ذلك لم يكن في متناول الجميع بسبب غلاء الأسعار ومن النتائج المباشرة للوجه البائس الذي بدت عليه هذه التظاهرة الثقافية التي لا تحصل كل يوم و ينتظرها المثقفون كل سنة بشغف زيادة النفور من المطالعة و عدم الإقبال على الكتاب و تعميق أزمته أكثر فأكثر و بالتالي مزيدا من التصحر الثقافي و التسطيح
مع قرب مواعيد الإمتحانات و المناظرات الوطنية : إطلاق موقع إلكتروني جديد …
أنجز المعهد الوطني للمكتبية و الإعلامية موقعا خاصا ضمن البوابة التربوية التونسية » إيدونات » بهدف مساعدة تلاميذ الباكالوريا و التاسعة أساسي خلال المراجعة للإمتحانات النهائية و يضم الموقع عددا هاما من المواضيع و الفروض تمتد من سنة 1998 إلى سنة 2006 بالنسبة لتلاميذ التاسعة أساسي و كامل فروض الدورات الرئيسية و دورات المراقبة من سنة 1994 إلى سنة 2006 بالنسبة لتلاميذ الباكالوريا عنوان الموقع هو : www. reussite. edunet. tn
قابس : ارتفاع عدد الطلبة إلى 21068 خلال السنة الجامعية الحالية 2006-2007 ….. أصبحت مدينة قابس خلال السنة الجامعية الحالية رابع مدينة جامعية من حيث عدد الطلبة بعد تونس العاصمة و صفاقس و سوسة و قد بلغ هؤلاء 068 21 موزعين على المؤسسات الجامعية التالية :
– كلية العلوم بقابس : 4909 – المعهد العالي للغات : 3693 – المعهد الأعلى للتصرف : 3316 – المعهد العالي للإعلامية و الملتميديا : 1618 – المعهد العالي للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا : 1617 – المعهد العالي للدراسات التكنولوجية : 1563 – المعهد العالي للفنون و الحرف : 1357 – المعهد العالي للدراسات القانونية : 1167 – المدرسة الوطنية للمهندسين : 975 – المعهد العالي لعلوم و تقنيات المياه : 475 – المعهد العالي للمنظومات الصناعية : 302 – المعهد العالي لعلوم التمريض : 76
مع الملاحظ أن نسبة الفتيات
تبلغ 64 في المائة
من المجموع الكلي للطلبة
مأساة حفل » ستار أكاديمي » بصفاقس …..
خلفت حادثة التدافع التي حصلت مساء يوم الإثنين 30 أفريل 2007 إثر انطلاق حفل » ستار أكاديمي » بالمسرح الصيفي بصفاقس العديد من الضحايا بين قتلى قضوا اختناقا و جرحى كتبت لهم النجاة و كان من ضمنهم طالبتان هما : – ندى الجراية البالغة من العمر 22 سنة وهي تدرس بالسنة الثانية بالمعهد الأعلى للتجارة بصفاقس و قد توفيت – رحمها الله – على عين المكان و لحظات قبل أن تسلم روحها لخالقها كانت تستغيث و تطلب النجدة من شقيقها الأصغر ماهر صائحة » يا ماهر ماش نموت ماش نموت » و كانت ندى – وقبل أن تغادر البيت صحبة شقيقها ماهر- قد أدت صلاة المغرب ثم قامت بتوديع أبيها وهي لا تعلم أن أجلها بانتظارها بعد دقائق معدودات ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ماتدري نفس بأي أرض تموت ) صدق الله العظيم – نادية بن صالح ذات العشرين ربيعا وهي تدرس بالسنة الأولى في اختصاص الإنقليزية بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بصفاقس و كانت – رحمها الله – على أهبة الإستعداد لاجتياز امتحان آخر السنة الذي لم يعد يفصلها عنه سوى أيام قليلة و لكن سبق قضاء الله و قدره مخلفة اللوعة و الأسى في قلوب أفراد عائلتها و زملائها
محاكمة طالب عرض فيلما إباحيا و حاول إرساله عبر الهاتف ……
قضت هيئة الدائرة الجناحية بابتدائية تونس خلال شهر أفريل الفارط بسجن طالب يدرس بإحدى المؤسسات الجامعية بتونس العاصمة بالسجن مدة ثمانية أشهر مع تأجيل التنفيذ بتهمة عرض فيلم إباحي و السعي إلى إرساله عبر الهاتف و كان الطالب المذكور قد قام بتسجيل فيلم إباحي من إحدى القنوات الفضائية على جهاز هاتفه المحمول و المجهز بأحدث التقنيات ثم عرضه على عدد من أصدقائه بالقرب من مؤسسته الجامعية و طالبه البعض منهم بإرساله إليهم على هواتفهم المحمولة و قد تفطنت لهم دورية أمنية و أوقفتهم على ذمة البحث و كان منطلق القضية …
(المصدر: « أخبار الجامعة » لموقع « طلبة تونس »، السنة الأولى، العدد رقم 26 بتاريخ 11 ماي 2007)
إضراب في اتصالات تونس ضد الخوصصة
دخل اليوم الخميس 10 ماي 2007 عمال موظفات وموظفي الشركة التونسية للاتصالات في إضراب عن العمل ليوم واحد رافضين عزم الدولة بيع 16 % من رأس مال الشركة التونسية للاتصالات لمستثمر أجنبي بعد أن تم التفويت منذ أكثر من عام في 35% منه لمستثمر إماراتي. وكانت الهيئة الإدارية للقطاع المنعقدة أواخر شهر مارس الماضي قررت إضرابا في الاتصالات وحمل الشارة الحمراء في بقية المؤسسات التابعة لوزارة الاتصالات مثل ديوان البريد وديوان الإرسال الإذاعي والتلفزي وشركة مقاولات الاتصالات. ومنذ ذلك التاريخ جرت سلسلة من الاتصالات بين الطرف النقابي ودوائر من الوزارة أهمها الجلسة التفاوضية مع وزير الاتصالات يوم الاثنين 30 أفريل الماضي والجلسة الصلحية بمقر التفقدية العامة للشغل التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية يوم الاثنين 07 ماي الجاري لم تكن كافية كلها للتوصل إلى حل مرضي يلغي قرار الإضراب. وقد تمسك الطرف النقابي في هذه الجلسات بالاستجابة لجملة المطالب المادية والمهنية أبرزها : – تراجع الوزارة عن عزمها بيع 16 % من رأس مال الشركة. – تمثيل الجامعة العامة للبريد في مجلس إدارة الشركة على غرار عديد المؤسسات في البلاد. – الترفيع في اعتمادات الصندوق الاجتماعي. – تمكين الجامعة العامة للبريد من الإطلاع على النظام الهيكلي الجديد organigramme ومناقشته وإبداء ملاحظاتها فيه. – تحسين بعض الجوانب المادية لتحسين المقدرة الشرائية لأعوان وعمال الشركة. وأمام تعمد الوزارة عدم الكشف عن حقيقة نواياها وما هي بصدد إعداده لبيع قسط 16 % من رأس مال الشركة ورفضها تمكين الجامعة من مشروع النظام الهيكلي الجديد لإبداء الرأي والمماطلة في الاستجابة لبقية المطالب المادية الأخرى يجد الطرف النقابي نفسه مجبرا على اللجوء للإضراب كحل أخير. وكانت الجامعة العامة للبريد والاتصالات عقدت عشية أمس الأربعاء 09 ماي اجتماعا عاما حاشدا بالأعوان في مقر الاتحاد بالعاصمة (تونس) لنقاش تدابير الإضراب وجوانبه العملية استعدادا للدخول فيه. وفي المقابل أصدرت الوزارة مذكرة لتشويه المطالب حملت فيه الطرف النقابي مسؤولية الأزمة، وهي ممارسة أضحت اليوم معهودة لدى كافة الوزارات والدوائر الرسمية للدولة كلما لجأ هيكل نقابي لمثل هذه الإجراء دفاعا عن مطالب منظوريه للتشكيك في النقابات وفي النضالات ومحاولة إفشالها. (المصدر: موقع « البديل »، لسان حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 10 ماي 2007) الرابط: http://www.albadil.org/article.php3?id_article=1055
تونس- خصخصة: قائمة في بعض المؤسسات العمومية التي ستتحول ملكيتها إلى الخواص: الشركة التونسية لتوزيع البترول, الشركة التونسية لصناعة الإطارات المطاطية, الشركة التونسية لصناعة السيارات, المعامل الآلية بالساحل, الشركة التونسية للصناعات الميكانكية الكهربائية, مركب الصناعات المعدنية والتعهد بمدينة « قابس », شركة قانز تونس, الشركة التونسية للسكك, الشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين, بنك تونس والإمارات, شركة السياحة والمؤتمرات, فنادق سوسة بالاص وبوجعفر وإقامة نادي صقانس, ونور العين (عين دراهم) أسبوعية »الإعلان » 04-05-07 وقد تم عرض 60 بالمائة من رأس مال « البنك التونسي الكويتي » للبيع. يومية « الشروق » 05-05-07 . (المصدر: النشرة الإلكترونيّة لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ، عدد 13 بتاريخ 10 ماي 2007)
ارتفاع أسعار النفط يكلف ميزانية تونس450 مليون دينار
تونس – الراية – إشراف بن مراد: من المتوقع أن يكلف ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمية، ميزانية الدولة التونسية 450 مليون دينار خلال السنة الجارية. ويذكر أنه تمّ تعديل سعر البنزين الرفيع الخالي من الرصاص ليصل إلي1ر150 دينارتونسي/ اللتر وثانيا سعر البنزين الرفيع ليبلغ 1ر150 دينارتونسي/ اللتر وثالثا سعر بترول الانارة ليصل إلي 590 مليما/ اللتر ورابعا سعر زيت الديزل/ الغازوال ليبلغ 790 مليما/ اللتر ثم مادة الفيول وال الثقيل لتبلغ 300 دينار بالنسبة إلي الطن. وشمل تعديل الأسعار غاز البترول السائل وتحديدا الحمولة ذات 3 كلغ 1ر650 دينار وكذلك الحمولة ذات 5 كلغ 2ر680 دينار ثم الحمولة ذات 6 كلغ 3ر190 دينار والحمولة ذات 13 كلغ 6ر800 دينار والحمولة ذات 25 كلغ 21ر170 دينار والحمولة ذات 35 كلغ 29ر635 دينار.كما شمل غاز البترول المسيل (الصبة) 846ر750 دينارا/ الطن وغاز البروبان المسيل (الصبة) 878ر195 دينار/ الطن. وقد أكدت مصادر مطلعة أنّه بعد التراجع النسبي المسجل نهاية سنة 2006 ارتفعت أسعار النفط مجددا في الأسواق العالمية خاصة خلال الثلث الأخير من شهر مارس الماضي..ولهذا السبب فإنّ التعديل الجديد لأسعار المواد البترولية يندرج في إطار التقليص من حدة انعكاسات الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات في السوق العالمية..فمنذ الثلث الأخير لشهر مارس 2007 واصلت أسعار النفط العالمية نسقها التصاعدي حيث قاربت 70 دولارا في بداية أبريل 2007 واستقرّت في مستويات تناهز 69 دولارا. وتري هذه المصادر أنّ هذا الارتفاع هو ارتفاع هيكلي لأنّ البلدان المصدّرة للبترول قد أدخلت هذا المستوي من الأسعار في توازناتها المالية المستقبليّة فضلا عن اعتماد جلّ الهيئات المالية العالمية، مثل صندوق النّقد الدولي، لهذه المستويات المرتفعة لأسعار النفط عند إعداد دراساتها الاستقصائية للأوضاع الاقتصادية والمالية العالمية أو عند إعداد تقديرات النموّ العالمي. كما أن هذا الارتفاع الكبير هو وليد أسباب عديدة، وقد تكون المضاربات والحساسيّة عند التعامل مع بعض ما يطرأ علي الساحة العالمية من مستجدّات وأحداث أبرز هذه الأسباب. ومن أهمّ هذه الأحداث مسألة الملف النووي الإيراني لأنّ إيران تعتبر رابع أكبر منتج للنّفط في العالم وأنّ جزءا من أسعار ارتفاع النّفط في العامين الأخيرين يعود إلي قيام المتعاملين الاقتصاديين باعتماد احتمال انخفاض الصادرات الايرانيّة في توقعاتهم والذي يقدّر البعض انعكاسه بارتفاع في الأسعار بنحو 15 دولارا للبرميل، وقبل فترة جاءت أزمة البحارة البريطانيين لترفع الأسعار الفورية للنّفط بنحو ستّة دولارات للبرميل في ظرف ساعات معدودة. إضافة إلي إضراب عمّال النّفط الفرنسيين في ثالث أكبر ميناء للمنتجات النفطية في العالم، ميناء فو-لافيرا وتوقف الإنتاج في استراليا بعد الإعصار البحري الذي اجتاح منطقة إنتاج النفط فيها، وانخفاض مخزون البنزين في الولايات المتحدة الأمريكية واستمرار القلق في نيجيريا ثامن أكبر منتج للنفط في العالم. (المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 ماي 2007)
حالة من الإمتعاض لدى المواطنين تُخلّفها في تونس زيادات أسعار المحروقات
حالة من الإمتعاض الشديد تركتها هذه الأيام في الشارع التونسي الزيادات الأخيرة (التي بدأ العمل بها الأحد الماضي) في أسعار المحروقات من بنزين و « مازوط » وغار. و قد شمل السّخط على هذه الزيادات أصحاب السيارات و لا سيما أصحاب سيارات الأجرة و كذلك المواطنين في المنازل ممّن يستعملون الغاز للطبخ و التدفئة ، بإعتبار أن هذه الزيادات ليست الأولى في الفترة القليلة الماضية و من الواضح أنها لن تكون الأخيرة ، فالنظام التونسي حطّم الأرقام القياسية في الزيادات في المحروقات في السنتيْن الماضيتيْن في زيادات البنزين التي يُسميها « تعديل أسعار » بدل زيادة أسعار، إلى درجة أن سعر المازوط مثلا فاق الآن بكثير السعر الذي كان يحمله البنزين الرفيع منذ سنتيْن ، و يتعلّل النظام في كلّ مرّة بزيادة الأسعار العالمية لبرميل النفط كمبرّر لزياداته التي لا تُطاق في المحروقات بتونس، و لكنّ في كلّ ينخفض سعر البرميل عالميا ، لا يسمع التونسيون بتاتا بأن الحكومة تخفّض الاسعار محليّا و هو ما كشف لهم حقيقة جشع المستفيدين في السلطة من سوق المحروقات من تعمّد هذه الزيادات . بالمناسبة أسعار النفط انخفضت بعد الزيادة التونسية في الأسعار.. (*) مراسلة خاصة من تونس بتاريخ 9 ماي 2007
قتلوها لأنها منعتهم من اغتصابها..!
تونس – الراية – إشراف بن مراد: اهتزت منطقة حي التضامن، الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، الأسبوع الماضي علي وقع جريمة قتل استهدفت التلميذة مروي التي لا يتجاوز عمرها 13 سنة بعد اختطافها. وايضاحا لمستجدات هذه الجريمة الشنيعة، أكد عم الضحية لصحيفة الصباح الأسبوعية التونسية أنه عند عودتها من المعهد بعد انتهاء الحصة الصباحية من يوم الخميس قبل الماضي التحقت بمحلات تجارية ملك أقاربها حيث قضت قرابة الساعة في مساعدة ابن عمها في ترتيب الملابس المعروضة للبيع ثم وفي حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال أعلمتني أنها ستلتحق بالمعهد لحضور حصص المساء والتقت لاحقا بوالدتها التي أعطتها مفاتيح المنزل وقبل مغادرتها المحل قبلتها. إلي اليوم لا أصدق أن ابنتي اختفت من هذه الحياة إلي الأبد.. عندما سلمتها مفتاح المنزل لتغير ملابسها وتأخذ محفظتها أوصيتها بأن تترك المفتاح لدي تاجر الحي.. وبعودتي سألت العطار عن المفتاح فأعلمني بأنه لم ير مروي منذ عادت إلي المنزل بعد انتهاء حصة الدراسة الصباحية. وبعد فوات الموعد المحدد لعودتها انتابني الخوف والشك فأعلمت عمها بالأمر ليتحول إلي المدرسة الإعدادية حيث اعلموه انها متغيبة عن الحصص المسائية . يضيف العم: ..وفي حدود الساعة السابعة مساء زاد اليأس من عودتها لتسجل العائلة بلاغا لدي أعوان الأمن وانطلقت حملات التمشيط التي شارك فيها المواطنون وعناصر من فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالمنطقة التي تواصلت علي امتداد أربعة أيام لكن دون جدوي ويوم الأحد قبل الماضي أعلمنا أعوان الأمن بضرورة حضور احد أفراد العائلة لديهم . وعن ملابسات العثور علي جثة ابنته بمنطقة قرمبالية قال عثر عليها أحد عمال النظافة بالطريق السريع في كيس بلاستيكي أسود وظن في البداية أنه يحتوي علي فضلات وعندما حاول نقله اكتشف الجثة واعلم أعوان الأمن . واضاف والد الفتاة قائلا تم إلقاء القبض علي ثلاثة شبان أحدهم كنت آويته وعائلته في منزلي في فيضانات 2004 مدة طويلة إلي أن تمكنوا من ترميم منزلهم. وكنت حضرت جانبا من الأبحاث حيث اعترفوا بارتكابهم للجريمة وأكدوا أنهم حاولوا الاعتداء عليها لكنها صدتهم فهوي عليها احدهم بهراوة علي الرأس لتسقط مغشيا عليها وظنوا أنها توفيت فحاولوا طمس آثار الجريمة فناولوها مبيدا ساما بعد أن خلطوه بمشروب غازي. وفي ساعة متأخرة من الليل نقلوا جثتها بواسطة سيارة احدهم والقوا بها علي حافة الطريق. (المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 ماي 2007)
برلمانيون وخبراء يحذرون من تفاقم ظاهرة الشيخوخة في تونس
تونس ـ يو بي آي: أبدي برلمانيون وباحثون تونسيون تخوفا من ظاهرة تفاقم ظاهرة الشيخوخة في تونس، حيث ينتظر أن يبلغ عدد التونسيين الذين تتجاوز أعمارهم الستين عاما نحو خمس السكان في نهاية عام 2034. وحذر رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع في كلمة افتتح بها امس الأربعاء ندوة حول موضوع البنية السكانية في تونس الرهانات والآفاق ،من أن تفاقم هذه الظاهرة في بلاده سيفرض ضغوطا اضافية علي قطاع الصحة والضمان الاجتماعي. وقال ان تراجع نسبة السكان الذين لا يتجاوز سنهم الـ15 عاما سيقلص الطلب علي التعليم،كما أنه سيكون لتزايد السكان من الشريحة العمرية بين 15 و59 عاما انعكاسات اضافية علي سوق العمل. وتشير الدراسات الي أن نسق الشيخوخة في تونس سيصبح أسرع من أوروبا، وأن المشكل لم يعد في الحد من الانجاب، وانما في كيفية تعديله نحو وضعية تساعد علي تجنب التهرم المفرط،والتفطن الي المخاطر التي يطرحها علي اكثر من صعيد . وكان الاحصاء السكاني التونسي الأخير الذي أنجز عام 2004، قد خلص الي تراجع معدلات الانجاب في تونس من حوالي 7.2 بالمئة عام 1966 الي 2.9 عام 1994، والي طفلين فقط عام 2002، مما أدي الي غلق العديد من المدارس الابتدائية بسبب تراجع عدد الأطفال دون الخامسة. ودعا فؤاد المبزع الي الاستعداد للتفاعل مع العشرية القادمة ومع أبعادها العمرانية والاجتماعية والاقتصادية، لتحويل العنصر البشري الي عامل تنمية حتي لا يكون عبئا علي المجتمع . ووفقا للمسار الحالي للنمو السكاني في تونس،فان عدد سكان تونس سيكون بعد مائة عام في حدود 10 ملايين نسمة أي نفس الرقم الحالي للسكان التونسيين ولن تكون الزيادة السكانية في ذلك التاريخ بأكثر من 1.75 بالمئة، حيث يقدّر أن يبلغ عدد سكان تونس 13 مليون نسمة عام 2049. أما محمود السكلاني عضو المجلس العلمي للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري التونسي،فقد رأي ان ظاهرة الشيخوخة هي نتيجة حتمية لسياسة تحديد النسل وتراجع معدل الخصوبة لدي المرأة من 7 أطفال عام 1956 الي طفلين عام 2004 . ولا يوجد في تونس أي قانون للحد من الانجاب، ولكنها اعتمدت منذ العام 1966 سياسة لتحديد النسل أطلق عليها أسم التنظيم العائلي بهدف تحسين مستوي معيشة المواطن عبر التشجيع علي الحد من الولادات. وساهمت هذه السياسة في تقلص نسبة الأطفال دون الخامسة من العمر في تقلص ملحوظ ومتواصل حيث انخفضت من 18.6 بالمئة عام 1966 الي 14.6 بالمئة عام 1984، و8 بالمئة عام 2002 و8.1 سنة 2004. ومن جهته حذر فاروق بن منصور مدير مركز الصحة الانجابية بتونس من أن 9.3 بالمئة من سكان تونس يفوق سنهم الستين عاما ممّا يعني بروز تهرم سكاني في تونس سينتج عنه بروز أنواع جديدة من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة . وأشار الي أن أمراض القلب والشرايين تصيب 40.2 بالمئة ممن يفوق سنهم الستين عاما،فيما يرتفع عدد المرضي بالسكري من الشيوخ الي 32 بالمئة ثلثهما من النساء. ولئن طالب فاروق بن منصور بالاسراع بتطوير التكوين في اختصاص طب الشيخوخة وتحسين التكوين القاعدي في مراحل التدريس الطبي،فان محمد شعبان مدير عام البحوث والدراسات في مجال الضمان الاجتماعي، حذّر من جهته من تزايد الضغط علي الخدمات الاجتماعية. وانعكست سياسة تحديد النسل التي اتبعتها تونس بصفة تدريجية علي تطور التركيبة الديمغرافية للمجتمع التونسي، لجهة ارتفاع نسبة الذين تفوق أعمارهم 60 عاما من 5.5 بالمئة عام 1966، الي 6.7 بالمئة عام 1984، ثم 9.1 بالمئة عام 2003، و9.3 بالمئة عام 2004، وهي مرشحة لتبلغ 10.8 بالمئة عام 2014، و19.8 بالمئة عام 2034. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 ماي 2007)
شخصيات سياسية عربية وأوروبية تبحث في تونس الهجرة غير الشرعية
تونس ـ يو بي أي: بدأت امس الخميس في مدينة الحمامات الساحلية التونسية أعمال ندوة دولية حول الهجرة في المنطقة الأورو ـ متوسطية بمشاركة شخصيات سياسية وأكاديمية ودبلوماسية عربية وأوروبية. ويشارك في هذه الندوة التي ستتواصل أعمالها علي مدي يومين وزير خارجية مالطا ميخائيل فرندو،ووزير خارجية بلجيكيا الأسبق شارل فرديناند نوثامب، وعبد القادر مساهل مساعد وزير الخارجية الجزائري،وحسان أيوب مستشار العاهل المغربي محمد السادس،والحبيب بن يحيي الأمين العام لاتحاد المغرب العربي. ويتضمن جدول أعمال الندوة التي افتتحها حاتم بن سالم مساعد وزير الخارجية التونسي، بحث ومناقشة ثلاثة محاور أساسية مرتبطة بموضوع الهجرة غير الشرعية هي الرهانات والتحديات الاقتصادية للهجرة ، و الرهانات والتحديات السياسية والأمنية للهجرة ، وأخيرا الرهانات والتحديات الثقافية والاجتماعية لهذه الظاهرة. ويأتي تنظيم هذه الندوة في الوقت الذي تستعد فيه تونس لاستضافة مؤتمر وزاري دولي لبحث السبل الكفيلة بمكافحة الهجرة غير الشرعية في نهاية العام الجاري بمشاركة وزراء وخبراء من الدول الافريقية والمتوسطية. ويلقي موضوع الهجرة غير الشرعية منذ فترة بظلاله علي مجمل التّحركات السياسية والاتصالات الديبلوماسية بين العواصم الأورو ـ مغاربية، وبدأ في الأونة الأخيرة يتفاعل ويأخذ منحي دراماتيكيا وسط تزايد الانتقادات لأوروبا بعدما ثبت عدم جدوي الحلول الأمنية التي تتبعها. وبالمقابل تتفق دول جنوب المتوسط (تونس و المغرب والجزائر وموريتانيا وليبيا ومصر)علي أن ارضيها أضحت منطقة عبور واقامة للعديد من هؤلاء المهاجرين السريين من الساحل ومن افريقيا السوداء الذين يجتازون الصحراء سنويا كمقدمة للانتقال الي أوروبا. وساهم هذا الاتفاق في بلورة شبه موقف مغاربي موحد ازاء هذه الظاهرة التي تؤرق العلاقات المغاربية الثنائية والمغاربية ـ الأوروبية، أساسه أن دول جنوب المتوسط لا يمكن لها أن تتحول الي حارس للحدود التي ينطلق منها المهاجرون نحو الضفة الشمالية سواء كانوا أفارقة من دول غرب الصحراء أم من الدول المغاربية نفسها. وتري أن الهجرة غير الشرعية تعد من المسائل المعقدة التي تستدعي تضافر جهود جميع الأطراف في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ،حتي تتمكن من السيطرة عليها. ويصعب تحديد حجم الهجرة غير الشرعية، وغالبا ما تتفاوت التقديرات التي تقدمها الجهات المختلفة لأعداد المهاجرين، حيث تقدر منظمة العمل الدولية حجم هذه الظاهرة ما بين 10 و 15 بالمئة من اجمالي عدد المهاجرين في العالم الذي يقدّر بحوالي 180 مليون شخص، بينما تري منظمة الهجرة الدولية أن حجم الهجرة غير الشرعية في دول الاتحاد الأوروبي يصل الي نحو 1.5 مليون نسمة. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 ماي 2007)
مراجع قانونية
حرية العمل النقابي طبقا لقانون الشغل التونسي
(مجلة الشغل) النقابات المهنية
الفصل 242 يمكن أن تتأسس يكل حرية نقابات أو جمعيات مهنية تضم أشخاصا يتعاطون نفس المهنة أو حرفا مشابهة أو مهنا مرتبطة بعضها ببعض تساعد على تكوين منتوجات معينة أو نفس المهنة الحرة. و يمكن للقاصرين الذين تجاوز سنهم 16 عاما أن ينخرطوا في النقابات ما لم يعارض في ذلك أبوهم أو المقدم عليهم. و يمكن للأشخاص الدين انقطعوا عن مباشرة وظيفتهم أو مهنتهم أن يستمروا في المشاركة في نقابة مهنية إن كانوا باشروا تلك المهنة مدة عام على الأقل. الفصل 250 على المؤسسين لكل نقابة مهنية أن يسلموا أو يوجهوا بمجرد تأسيسها مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ و في خمسة نظائر إلى مركز الولاية أو المعتمدية التي بها مركز النقابة، يحتوي على :
أولا : قانونها الأساسي. ثانيا : القائمة الكاملة للأشخاص المكلفين بأي عنوان كان بإدارتها أو تسييرها و هذه القائمة تكون محتوية بالنسبة لمن يهمهم الأمر على الاسم و اللقب و الجنسية و النسب و تاريخ الولادة و مكانها و المهنة و المقر.
و كل تغيير في القانون الأساسي أو في تركيب القائمة المذكورة يستدعي حالا إيداع هذه الوثائق من جديد حسب نفس الأساليب المذكورة. و يحتفظ بمركز الولاية أو المعتمدية المودع به القانون الأساسي بنظير من هذا القانون و يوجه الوالي نظيرا منه إلى كاتب الدولة للداخلية و نظيرا آخر إلى كاتب الدولة للشباب و الرياضة و الشؤون الاجتماعية و نظيرا ثالثا الى وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية التي ترجع لها النقابة بالنظر اعتبارا لمركزها. و يسلم النظير الأخير فورا لمن قام بالإيداع بعد أن تضع عليه السلطة التي اتصلت به تاريخ الإيداع.
(المصدر: « منبرالعمل النقابي الحديث » منبرالعمل النقابي الحديث العدد الأول *ماي2007* نشرية نقابية داخلية تصدرها الجامعة العامة التونسية للشغل)
أخبار وتعاليق
*تعقيب على قناة حنبعل تداول المتتبعون للشأن النقابي و السياسي على مدى الأسابيع الفارطة بعث الجامعة العامة التونسية للشغل كمنظمة نقابية جديدة و مختلفة و قد عبرت عن ذلك عديد الأقلام التونسية سواء بالتحليل الموضوعي أو التساؤل و الهجوم. و قد احترمنا كل الآراء و وضحنا عبر الكتابة و الانترنات برنامج عمل المنظمة و المؤسسين لها و الضرورة (الاقتصادية و الاجتماعية) و الوطنية لبعثها، و حاولنا التوفيق بين مواصلة العمل التأسيسي و الإعلام التوضيحي معولين في ذلك على مرحلة الوعي التي بلغتها كل فئات المجتمع، إضافة إلى تطلع جميع الأطراف إلى غد أفضل للعمال و المنظومة الاجتماعية في خضم كل التغيرات التي يشهدها العالم. و في هذا الاطار اقترحت قناة حنبعل التلفزية تسجيل برنامج يتعلق بالتعددية النقابية واتصلت بمنسق لجنة الاتصال للمشاركة في الحصة ، فاجتمعت في الحين لجنة الاتصال و اتفقت على المشاركة في البرنامج لاثراء النقاش طبقا لمنطلقات منظمتنا وأهدافها ، مع تتمينها اهتمام القناة بموضوع التعددية النقابية. غير أنه تم اعلامنا من الغد بتأجيل الموضوع من قبل القناة مما جعلنا نعتبر ذلك تراجعا عن تسجيل الحصة. ثم اننا فوجئنا ببث البرنامج بعد أسبوع من ذلك في غيابنا و في حضور ضيفين عبرا عن وجهة نظر أحادية الجانب مما أفقد الحصة الموضوعية والمصداقية. ولنا أن نتساءل لم الاتصال بنا ولم التراجع عن دعوتنا بدعوى تأجيل التسجيل ولم تم تسجيل الحصة في غيابنا أصلا ما دام الموضوع يتعلق بالتعددية النقابية ؟!
(المصدر: « منبرالعمل النقابي الحديث » منبرالعمل النقابي الحديث العدد الأول *ماي2007* نشرية نقابية داخلية تصدرها الجامعة العامة التونسية للشغل)
تعقيب على مقال للأستاذ محمد صالح التومي
تحت عنوان « الحركة النقابية العمالية التونسية بين مشاكل الوحدة ومخاطر الانقسام « ،تناول الأستاذ محمد صالح التومي في مقال شمل حلقتين، صادر في جريدة « الشعب » لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل عدد 909 بتاريخ 17 مارس 2007، ظاهرة التعددية النقابية في تونس مبديا معارضته لها.
وكما أن له الحق في رأيه داك فانني بدوري لي حق الرد عليه.
رغم ابرازه التباين بين كل من المنظمة النقابية الجديدة » الجامعة العامة التونسية للشغل » والتجربة التي سبقتها « الكنفدرالية الديمقراطية للشغل » المتسمتين بالاستقلالية على التجارب السابقة المنعوتة بالتبعية للسلطة، فانه يعتبر ان برنامج المنظمة النقابية الجديدة يصب في نهاية المطاف في » مشاريع السلطة » ، وكان من المفروض أن ينطلق من الأرضية التي طرحتها المنظمة النقابية الجديدة إلا أنه إعتمد تارة على مقال كتبته منذ عشر سنوات حول الدور الجديد للشركاء الاجتماعيين في ظل التحولات الجارية وتارة على مداولات ندوة نظمتها جمعية محمد علي الحامي للثقافة العمالية حول الدور الجديد للحركة النقابية في ظل العولمة.
ان هذا الخلط الذي أتصور أنه غير مقصود من قبل الصديق محمد صالح لتحليل أدبيات المنظمة النقابية الجديدة هو غير مقبول أيضا، فلكل مقام مقال كما يقال، فالمقال الذي أشار اليه صديقنا لا يلزم المنظمة النقابية الجديدة وكذلك الأمر بالنسبة لأدبيات جمعية محمد على التي لها استقلاليتها التامة عنها، فالجامعة العامة التونسية للشغل غير جمعية محمد على، كما أن مقالي الصادر منذ عشرية لا يلزم لا هذه ولا تلك، و كان الأحرى به أن يفرق بينها جميعا حتى لا يختلط الحابل بالنابل كما جرى فعلا. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا تجاهل الصديق التومي النصوص التي أصدرتها المنظمة الجديدة في حين يقتضى المنطق البسيط الاعتماد عليها للحكم عليها أو لها ؟ وبقطع النظر عن هذا الخلط الغريب، فان المقال الذي اعتمد عليه الصديق محمد الصالح حمله ما لا يتحمل، اذ أنه يندرج ضمن إسهامي في الحوارات الفكرية للحركة النقابية المعاصرة حول السبل الكفيلة بمواجهة تحديات العولمة من منظار العولمة البديلة التي تختلف عن كل من العولمة المتوحشة المطروحة من قبل الشركات متعددة الجنسيات أوالعولمة المضادة التي تعتبر العولمة شرا محضا.
فالعولمة البديلة المطروحة من قبل المنتديات الاجتماعية في العالم والداعية الى امكانية عالم أفضل لا تنفي الجوانب الايجابة للعولمة مثل الثورة العلمية التكنولوجية والمنوال الانتاجي الجديد المستند عليها وإنما تناهض الادارة النيوليبرالية للعولمة التي انجر عنها تفاقم الفقر والاقصاء الاجتماعي وتعميم هشاشة التشغيل وانشار الفساد وازدياد الفوارق الاجتماعية،
وتنادي بعولمة الحقوق الاجتماعية والمدنية أيضا وعدم الاقتصار على العولمة الاقتصادية وسلعنة العالم. كما تضمن مقال الأستاذ التومي بعض المعلومات غير الدقيقة المتمثلة خاصة في ربطه بين تقلص الانخراط النقابي والتعددية النقابية كما هو الحال في فرنسا في الوقت الذي يشيد فيه بالنسبة المرتفعة للانخراط النقابي في بلجيكا غير متفطن لواقع التعددية النقابية فيها، كما غفل الأستاذ عن الحركية الاجتماعية والنضالية التي تشهدها ايطاليا ، بلد التعددية النقابية، متجاهلا أن توحيد المنظمات النقابية العالمية في منظمة واحدة في شهر نوفمبر2006 بفيانا بالنمسا تحت إسم « الكنفدرالية النقابية الدولية » لم يلغ المنظمات النقابية على مستوى كل بلد، فلازالت التعددية النقابية قائمة في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا واليابان وغيرها الكثير ، بل إنها دعمت تجربة التعددية النقابية في عديد البلدان على غرار المغرب الأقصى الشقيق ، كما أنها تعكس ثراء الحركة النقابية وتنوعها وخصوصياتها من بلد إلى آخر. ولقد تضمنت ديباجة القانون الأساسي للمنظمة النقابية العالمية الجديدة حرية التنظيم النقابي و حق الشغيلة في الانتماء للتنظيم النقابي الذي يتماشي مع اختياراتها.
وتجدر الملاحظة أن هنالك التباس في بعض المفاهيم التي يستعملها الأستاذ التومي كمفهوم العولمة الذي تعرضت له في ما تقدم أو مفهوم إعادة التأسيس. فهذا الأخير استعملناه بالمعنى البشلاري القائم عل القطيعة المعرفية. فجامعة عموم العملة التونسية التي بعثها محمد على ورفاقه لم تؤسس الفعل النقابي في تونس إذ سبقتها تجارب نقابية أخرى أوتزامنت معها لكنها كانت في قطيعة معها وبهذا المعنى البشلاري فهي إعادة تأسيس للحركة النقابية واذا كانت التجربة الثانية لجامعة عموم العملة التونسية بقيادة القناوي ورفاقه هي إحياء للأولى فان تجربة الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الشهيد فرحات حشاد ورفاقه هي أيضا إعادة تأسيس للحركة النقابية الوطنية ذاتها وفي هذا السياق والمفهوم يندرج تأسيس المنظمة النقابية الجديدة « الجامعة العامة التونسية للشغل »
وأخير وليس آخرا ، فاذا كان الصديق محمد صالح يتفق معنا في تشخيص الوضع النقابي الراهن للاتحاد بأنه في حالة تعطل مؤسساتي فلماذا اذن يحاججنا بلوائح مؤتمر الاتحاد المنعقد أخيرا في مدينة المنستير؟ الحبيب قيزة – نقابي ملاحظة، في نطاق حق الرد قدم هدا المقال لجريدة الشعب لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل قصد نشره ، لكنه لم ينشر وهو ما يؤسفا.
(المصدر: « منبرالعمل النقابي الحديث » منبرالعمل النقابي الحديث العدد الأول *ماي2007* نشرية نقابية داخلية تصدرها الجامعة العامة التونسية للشغل)
أسئلة غبيّة جدّا إلى حكومة ذكيّة جدا . . حول كارثة ستار أكاديمي بصفاقس
الجزء الثاني
* القلم الحرّ سليم بوخذير * تنظيم أيّ حفل في تونس لفنانين أجانب يقتضي تقديم ملف في تنظيم هذا الحفل إلى وزارة الثقافة من طرف منظّم حفلات شرعي قبل حتّى قدوم هؤلاء الفنانين إلى البلد ، و ذلك من أجل الحصول على ترخيص بإجراء الحفل و كذلك من أجل الحصول على ترخيص في تحويل أجر هؤلاء الفنانين بالعملة الصعبة ، و الحفل /الكارثة بصفاقسمساء الإثنين 30 أفريل هو حفل في تونس و لفنانين أجانب ، و نحن مبدئيا سوف نستبق النيّة الحسنة في الموضوع و سنقول إنّ « فرحة شباب تونس » لحسام الطرابلسي هذه إنّما إستقدمت مجموعة « ستار أكاديمي4 » هذه إلى تونس بمقتضى ترخيص قانوني في حفلات ثلاث لها بتونس و ليس من غير ترخيص .
و السؤال هو : كيف إذن – و الحالة تلك- ،صارت وسائل الإعلام المُؤتمرة بأوامرالحكومة تتحدّث بعد الكارثة أنّ الجهة المنظّمة هي « الجوهرة النسائيّة » و ليست « فرحة شباب تونس » ؟ هل يجوز أن تكون وزارة الثقافة قد تلقّت ملفين معا من جهتين مختلفتيْن لنفس الحفل و بنفس التاريخ و بنفس المكان ؟ * ردّت صحيفة « الشروق » المؤتمرة بأوامر الحُكم على شُكوكي في حكاية نسب التنظيم إلى « الجوهرة » النسائيّة » بدل « فرحة شباب تونس » مثلما ورد في إجراءات الدعاية للحفل ، بأن كتبت « الشروق » منذ يوميْن أنّ « فرحة شباب تونس » إنّما باعت الحفل إلى « الجوهرة النسائية » و أسندت لها مهمّة تنظيمه ، و إذا صدّقنا « الشروق » في هذا الكلام ، فإنّي لأتساءل بحرارة : هل يجوز أصلا يا سادة يا مادة أن يقع بيع ترخيص عمومي مُسند بإسم جهة معينة هكذا إلى جهة أخرى ؟ أليس الترخيص العمومي هو بمثابة اللزمة العمومية لا يجوز بيعها إلى طرف آخر ؟ و إذا إفترضنا أصلا أنّ الحفل كان قانونيا فعلا و مرخّصا له وأنّ حسام الطرابلسي هذا هو أصلا متعهّد حفلات قانوني و رفع ملفّا في تنظيم الحفل إلى الجهات المعنيّة و حصل على الترخيص فعلا بناء على ذلك ، فكيف إذن يُسمح بأن يبيعه إلى جهة أخرى ؟ هل الترخيص هو ملك لحسام الطرابلسي هذا حتّى يجوز له أن يبيعه إلى من يُريد و أن يتصرّف فيه مثلما يشاء ؟
* إذا صدّقنا أن حسام الطرابلسي هذا قد باع الحفل إلى « الجوهرة النسائية » و أنّ الحفلات الثلاث التي تعهّد بإقامتها ل »ستار أكاديمي 4″ ببلادنا كانت فعلا مرخّصة من وزارة الثقافة ، فمن المسؤول قانونا في حالة حصول كارثة –مثلما حصل فعلا- إلاّ هو حتّى لو باع الحفل إلى غيره ؟ من المسؤول أمام وزارة الثقافة و أمام الداخلية و أمام القانون على كارثة سببها الأاصلي و الوحيد هو تجاوزات خطيرة إرتكبها الطرف المنظّم ؟ من المسؤول أمام كلّ هؤلاء إلاّ من وقع إسناد الترخيص له (وهذا دائما إذا ما صدّقنا أصلا أنّ هذا الحفل كان مرخّصا له فعلاو أنّ « فرحة شباب تونس » هذه هي شركة تعهّد حفلات قانونية و شرعيّة فعلا ) ؟ من المسؤول أمام كلّ هؤلاء ، هل من حصل على الترخيص و قام بالدعاية للحفل و قام بنقل الفنانين إلى صفاقس و باع التذاكر الحاملة لإسمه إلى المواطنين الأبرياء ، أم جهة أخرى مجهولة تفترضون أنتم بعد حصول الكارثة أنّ « فرحة شباب تونس » قد كلّفتها بدلا عنها – دون إستشارة أحد- بأن تكونة مسؤولة عن التنظيم ؟
* من الناحية القانونية اللافتات و التذاكر و ومضات الدعاية للحفل تدلّ تماما على أنّ المنظّم هو « فرحة شباب تونس » و ليست أي جهة أخرى ، و التذاكر ولافتات الدعاية هي بالنسبة لضحايا كارثة حفل صفاقس تُعتبر من الناحية القانونية بمثابة العقد الذي يربط المتفرّجين بالمنظّم و بالتالي المسؤول عن الحفل و على ماحصل فيه من تجاوزات خطيرة أدّت إلى الكارثة ، فلماذا أصلا لم يقع إلى الآن إستدعاء الممثّل القانوني الوحيد ل »فرحة شباب تونس » و هو حسام الطرابلسي ل « التحقيق » الذي تزعمون أنّكم فتحتموه في الكارثة لمساءلته قانونيا في مسؤوليته عن الحفل ؟ * في أيّ حادث ينجرّ عنه القتل غير العمد أو القتل العمد ، لا يتمّ فحسب إستدعاء المسؤول قانونا عنه و إنّما أيضا يتمّ إيقافه على ذمّة التحقيق منذ أوّل يوم . و نحن لو صدّقنا أصلا أن « تحقيقكم » هذا في الكارثة كان محايدا و نزيها و مستقلاّ ، فلماذا إذن لم يقع إلى الآن إيقاف أيّ مسؤول عنه ، لو لم يكن المسؤول هو حسام الطرابلسي بالذات الذي يعجز أي محقّق في تونس أيا كان ، على أن يتجرّأ أصلا حتّى على إستدعائه للسؤال ؟
* قالت « الشروق » في نفس المقال الذي ذكرته إنّ « فرحة شباب تونس » هذه أعادت مبلغ 30 ألف دينار إلى ما يُسمّى ب »الجوهرة النسائيّة » بصفاقس لإعادة مبالغ التذاكر إلى المواطنين ، ألا يقف هذا خير دليل على مسؤوليّة « فرحة شاب تونس » عن التذاكر و عن الحفل و بالتالي عن الكارثة ؟ هل سمعتم بسخص يعيد إلى الناس مبالغ تذاكرحفل أدّى إلى كارثة إلاّ إذا كان هو المسؤول و أنّه يُقرّ بوضوح أنّه هو المسؤول؟ فإذا صدّقنا ان « الجوهرة النسائية » هي المنظّمة للحفل مثلما تدّعون و بالتالي هي من باعت التذاكر مثلما تحاولون إيهامنا ، لماذا لا تُعيد هي مبالغ التذاكر إلى الناس ؟ لماذا تُجشّم « فرحة شباب تونس » نفسها عناء « التبرّع » بكلّ هذا المبلغ مادامت « الجوهرة النسائية » هي التي نظّمت الحفل و هي التي يُفترض في هذه الحالة أنّها هي من باعت التذاكر و بالتالي المُطالبة بإرجاع ثمن التذاكر؟ أليس هذا دليلا آخر انّ « فرحة شباب تونس » هي منظّمة الحفل و هي من باعت التذاكر و المسؤولة قانونا على ما جرى و انّ « الجوهرة النسائية » هذه ما هي إلاّ بديل وهمي ل »فرحة شباب تونس » من أجل إخفاء اليد الحقيقية المسؤولة عن الحفل /الكارثة ؟
* بالنسبة لنا تُعتبر « فرحة شباب تونس » قد أقرّت رسميا بأنّها هي المسؤولة عن تنظيم الحفل و أنّها هي المسؤولة عن بيع التذاكر بالذات مادامت هي من تكفّلها دون غيرها بدفع مبالغ التذاكرالمُعادة إلى المواطنين .
و كارثة حفل « ستار أكاديمي » تسبّب فيها أساسا و أوّلا و أخيرا ، بيع آلاف مؤلّفة من التذاكر يفوق بكثير طاقة إستيعاب المسرح الصيفي بصفاقس بغرض التربّح ، لماذا إذن تصمتون في « تحقيقكم » على إستدعاء حسام الطرابلسي الممثل القانوني ل »فرحة شباب تونس » المسؤولة عن التذاكر و بالتالي عن السبب الاصلي للكارثة و قد إعترف بوضوح من خلال تكفّله بدفع ثمن التذاكر المُعادة إلى المواطنين بأنّه هو المسؤول عن بيع التذاكر بكلّ هذا العدد الفائق بكثيرلطاقة الإستيعاب؟
* صحيفة « الصباح » ورغم ولائها المُطلق إلى الحكومة و بالتالي إلى أصهارها ، أقرّت بوضوح و صراحة بأنّ سبب الكارثة هو الإكتظاظ الشديد الناجم عن بيع 16 ألف تذكرة بينما طاقة إستيعاب المسرح الصيفي بصفاقس هي في حدود 9 آلاف .
و قد أرسلت الجهة المجهولة التي تحدّثنا عنها ، إلى « الصباح » تكذيبا لنبأ بيع المنظّم لعدد تذاكر بهذا العدد ، و نشرت « الصباح » التكذيب و مع ذلك تمسّكت « الصباح » بصدقيّة معلوماتها و كتبت تقول مع نشر التكذيب ، إنّ دليلها على أنّ عدد التذاكر قد فاق بكثير طاقة إستيعاب المسرح الصيفي بصفاقس هو الأرقام المكتوبة على نسخ التذاكر التي حصلت عليها من مصادرها ، ألا يقف هذا دليلا على أنّ المنظّم هو المسؤول عن الكارثة؟ فلماذا لم يقع إلى الآن إيقاف المنظّم لو لم يكن حسام الطرابلسي و الحال أنّ صحيفة موالية لكم قد نشرت أنّ المنظّم قد باع تذاكر تفوق بكثير طاقة إستيعاب الفضاء و بالتالي تسبّب في الكارثة؟
* إذا صدّقنا أنّ الجهة المنظّمة للحفل هي « الجوهرة النسائية » و ليست « فرحة شباب تونس » مثلما نعرف ، فلماذا تُعاملها صحفكم على أنّها « شاهدة » و ليست مسؤولة ؟ و لماذا تُعاملها « فرقة الشرطية العدلية » على أنّها « شاهدة » ؟ و لماذا يمنحها حسام الطرابلسي مبلغ 30 ألف دينار بحالها لمحاولة إنقاذها من أي تتبّع عدلي حول مسألة التذاكر ؟ ألا يقف كلّ هذا دليلا آخرعلى أنّ « الجوهرة النسائية » هذه هي أصلا غير مسؤولة , و أنّكم إنّما أدخلتموها في الموضوع بغرض التضليل و التغطية عن المسؤول الأصلي و هو « فرحة شباب تونس » ؟
* قانون الإحتراف الفني و كراس شروط تعهّد الحفلات الفنية في تونس ، ينصّان بوضوح على أن اي حفل يُنظّم لا بدّ أن يتكفّل به متعهّد حفلات قانوني ، و لو إفترضنا أن شركة « فرحة شباب تونس » لتنظيم الحفلات لصاحبها صهر بن علي ، هي تُعتبرمتعهّد حفلات مرخّص له و قانوني و أنّها تقدّمت بمطلب بالحصول على ترخيص في الحفلات الثلاث ل »ستار اكاديمي4″ في بلادنا ، فهل تأكّدتم إذن قبل تنظيمها للحفل أنّها قامت بدفع معاليم التأمين عن الأرواح الحاضرة في الحفل مثلما يشترط ذلك القانون وأنّها إستظهرت بها لكم قبل منحها الترخيص مثلما يشترط القانون ذلك أيضا ؟
* هل تأكّدتم أيضا (هذا أصلا إذا صدّقنا كما قلنا أنّ الحفل كان مرخّصا له) ، من أنّ حسام الطرابلسي قام فعلا بدفع الأداءات المُستوجب دفعها حسب القانون و ذلك قبل 72 ساعة من شروعه في الدعاية للحفل ، (و هي كالآتي حسب منشوريْ وزارة الثقافة و الوزارة الأولى : 15 بالمائة من المبلغ الإجمالي المفترض لأجورالفنانين المشاركين في الحفل يدفع بعنوان خصم من المورد و8,8 تدفع بعنوان حقوق مؤلّفين و 25 بالمائة بعنوان أداءات عن المصاريف العينيّة ) ؟ هل يجوز أن نصدّق أن حسام الطرابلسي يدفع كلّ هذه المبالغ إلى الدولة من أجل أن يحصل على ترخيص؟ هل يحتاج هو أصلا إلى ترخيص ؟
* أجابني أحد المدافعين عن « الجوهرة النسائية » بأنّها بريئة من المسؤولية عن الكارثة بإعتبارها كما قال ، قامت بالإستظهار في ما سُمّي ب « التحقيق » بعقد يربطها بصفتها جمعية ب »فرحة شباب تونس » على أساس أن تكون (أي فرحة شباب تونس) هي من تتكفّل بتنظيم الحفل لها لفائدة مواردها ، لو صدقت حكاية هذا الذي يدافع عن براءة هذه « الجمعية » ، إذن لماذا لم تقع مساءلة من إستظهرت « الجمعية » ل »التحقيق » بعقد يدلّ على أنّها هي الجهة التي تكفّلت لها بالتنظيم و نعني « فرحة شباب تونس » لصهر بن علي و بالتالي المسؤولة قانونا على التجاوزات التنظيمية الخطيرة التي تسببت في الكارثة ؟
… و ختاما تعازيّ الحارة مُجدّدا إلى كلّ عائلة فقدت عزازا في كارثة هذا الحفل / المصيبة .
مجزرة 8 ماي 91
إرهاب دولة و جريمة لن تسقط بالتقادم
بقلم: رافع القارصي(*)
لم تكن مجزرة 8 ماي 91 الرهيبة حدثا معزولا وإستثنائيا في سياق سياسات دولة العنف في نسختها النوفمبرية الجديدة و إنما كانت تعبيرة دموية على العقيدة السياسية للنظام وتأكيد من حكام تونس الجدد أن البلاد قد دخلت بالفعل عهدا جديدا , عهدا عوض فيه الرصاص القنابل المسيلة للدموع وتحول فيه التعذيب و القتل إلى أدوات عمل تمكن « الموظف » الذي يحسن إستخدامهما من سرعة الترقي في الوظيفة و تسلق السلم الإداري في أوقات قياسية (*), إنه العهد الذي تحول فيه جسد التونسي إلى ما يشبه المرفق العام تعود ملكيته إلى الدولة التي من حق أعوانها التابعين لسلك الضابطة العدلية إن يفعلوا بهذا الملك ( المرفق العام ) أى شيء من شأنه أن يساعد دولة العنف والإقصاء على بسط سيادة متوحشة لاتحدها مرجعية دستورية ولا إلتزامات دولية تجاه أشخاص القانون الدولي و المعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان .
لقد كانت مجزرة الحرم الجامعي رسالة أراد نظام الأقلية في تونس توجيهها إلى أبناء شعبنا و مفادها أن الحكام الجدد كلهم عزم على سلب كل الحقوق من كل المواطنين بما في ذلك الحق في الحياة و ذلك في سبيل البقاء في السلطة وأن دولة التحديث المغشوش في نسختها النوفمبرية الجديدة لن تتوانى في إطلاق الرصاص في الشوارع و الجامعات بل وحتي في المساجد ( يرجى مراجعة أحداث مسجد سبالة بن عمار الشهيرة ) كل ذلك من أجل تعبيد الطريق أمام عصابات الجريمة المنظمة لمزيد نهب الثروة الوطنية وتأميم كل فضاءات المجتمع المدني .
إن التكييف القانوني لما وقع في الحرم الجامعي يوم 8 ماي 91 يرتقي إلى إعتبار ما أقدمت عليه قوات القمع من إزهاق متعمد لأرواح خيرة أبناء الشعب شكل من أشكال إرهاب الدولة بكل المعايير القانونية الدولية التي إستقر بها العمل فقها وقانونا و يزداد هذا التكييف القانوني مشروعية عندما نراجع القانون المنظم لكيفية التصدي للمظاهرات من طرف القوة العامة و هو القانون رقم24 والصادر في تونس سنة 1969و الذي ينص في فصله 21 علي الآليات الواجب إستعمالها لتفريق المظاهرات و التي حددها المشرع بالتدرج على النحو التالي:
1 ـ إنذار المتظاهرين بواسطة مضخمات الصوت 2 ـ الرش بالماء أو المطاردة بالعصي 3 ـ الرمي بالقنابل المسيلة للدموع 4 ـ إطلاق النار عموديا في الفضاء لتخويف المتظاهرين 5 ـ إطلاق النار فوق رؤوسهم 6 ـ إطلاق النار صوب أرجلهم
قراءة وتعليق علي هذا النص التشريعي .
إن منطوق النص و روحه العامة بالإضافة إلى بنيته اللغوية كل ذلك يؤكد بأن المشرع التونسي قد نحى وهو ينظم طرق التصدي لأعمال الشغب و المظاهرات منحى قانوني يساعد على حماية الأرواح البشرية حتى في حالة العصيان المدني و التظاهر في الطريق العام وهذا التوجه يجد ما يسنده في القانون الدولي وفي الإتفاقيات الدولية التى صادق عليها النظام الطائفي في تونس . إن سحبنا لهذا النص القانوني على واقعة الحال ( مجزرة 8 ماي 91) يساعد الباحث القانوني على تقرير مايلي:
* إن الإقدام على إطلاق النار على طلبة عزل داخل الفضاء الجامعي و مع سابق الإصرار و الترصد ( راجع إعترافات الشهيد الحي بوبكر القلالي ) الأمر الذي أدى إلى سقوط الشهيدين الكريمين أحمد العمري و عدنان سعيد إلى جانب العديد من الجرحى من بينهم الشهيد الحي بو بكر القلالي يعتبر عملا إجراميا منافيا لمنطوق النص و ليس له ما يبرره خاصة أن إطلاق الرصاص على الطلبة كان من أجل إحداث فعل القتل و لم يتأطر ضمن الدفاع الشرعي الذى لم تتوفر أركانه في قضية الحال و من ثم يصبح من نفذ الجريمة ومن أمر بها ومن وفر لها الغطاء السياسي مدانون ويتوجب مقاضاتهم إن تعذر ذلك أمام القضاء الوطني فإن القضاء الدولي يملك من الصلوحيات ما يجعله قادرا على جلب الجناة ومحاسبتهم على ما إقترفت أياديهم الآثمة من أفعال يجرمها القانون الدولي الإنساني وما السابقة القضائية التي أقدم عليها القضاء السويسري في قبوله النظر في الدعوى المرفوعة ضد الجلاد الفار من وجه العدالة الدولية المدعو » عم عبد الله القلال » إلا دليل يدعم ما توصلت إليه هذه الورقة البحثية
* إن وجود هذا النص التشريعي لم يمنع السلطة التنفيذية من الإعتداء على الأرواح البشرية في كل الأحداث التي عرفتها تونس( جانفي 78 جانفي 84 تحركات 78 8 ماي 91 ) وهنا يجدر التنويه إلى أن الإشكال في تونس لم يكن في التشريع وإنما في الممارسة السياسية للنظام الذى لايتورع في تجاوز القوانين الوطنية والدولية بشكل سافر و عمدي مما يجعله في خانة الأنظمة المارقة و المتمردة عن القانون الدولي الإنساني و بالتالي يصبح العمل على متابعة رموز الجريمة النوفمبرية من أوكد واجبات رجال القانون والضحايا على حد السواء .
* إن جريمة 8 ماي 91 لن تسقط بالتقادم باعتبارها جريمة ضد حقوق الإنسان وطبقا لما إستقر به العمل فقها و قانونا فإن كل ما يشكل تهديدا للذات البشرية بفعل التعذيب أو القتل أو المعاملة القاسية يعد جرائم ضد الإنسانية وجب متابعة مقترفيها جزائيا .
* إذا كان إطلاق الرصاص بهدف القتل مجرم قانونا بحكم التشريع الوطني والدولي إلا في حالة الدفاع الشرعي التي حددها المشرع والتي لم تتوفر أركانه في قضية الحال فإن القتل العمد الذي صاحب تدخل قوات القمع لتفريق تجمع طلابي سلمي داخل أسوار الجامعة و ليس من شأنه تهديد النظام العام و لاتعطيل حياة المواطنين يعتبر من قبيل الجرائم العمدية التي يتجه فيها القضاء إلى توخي أقصى ظروف التشديد على الجناة باعتبار أن هذا السلوك الإجرامي إتجه إلى سلب حق الحياة من الضحايا بدم بارد و هذا ما يدلل على النزعة الإجرامية الشريرة للجناة و لرئيسهم في العمل الذي أعطى التعليمات وأصدر الأوامر .
وهكذا يتضح أن جريمة 8 ماي 91 تضمنت كل أركان الجريمة العمدية والتي يتجه فيها المشرع الوطني والقضاء الدولي إلى مقاربة قضائية تتجه نحو حرمان الجناة من كل ظروف التخفيف بل وعلى العكس من ذلك يتجه القضاء الدولي اليوم إلى إعتبار هذا السلوك الإجرامي من قبل الدول والأجهزة الأمنية المتورطة فيه من قبيل الجرائم الخطيرة و التي تصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية التي يعاقب مقترفوها بأقصى العقوبات البدنية و لو قدر للسلطات القضائية السويسرية إيقاف المتهم الجلاد عبد الله القلال لقضى ما تبقى له من عمر وراء القضبان .
لم تكشف مجزرة 8 ماي 91 على الطبيعة الإجرامية للنظام الطائفي في تونس فحسب وإنما كشفت كذلك على إنتهازية ولاأخلاقية العديد من الأطراف السياسية في البلاد الذين تحالفوا مع الجلاد وتحولوا إلى مساحيق رديئة لتجميل الوجه البشع للجناة أما أحدهم فترأس ما يسمى باللجنة الوطنية لحماية المؤسسات التربوية وأما الثاني فما زال و إلى عهد قريب يدافع عن تجنيد الطلبة و عن تواجد البوليس في الحرم الجامعي بل و حتى عن ما وقع في المركب الجامعي يو 8 ماي 91 وهو وبالتوازي مع ذلك مازال يصنف نفسه ضمن المدافعين عن الحداثة و عن حقوق الإنسان و عن دولة القانون والمؤسسات و نسي ماكان يعلمه لطلبة الحقوق في كلية الحقوق بأريانة أو في المركب الجامعي , إنه السقوط القيمي و الإفلاس السياسي لهذه الأطراف ولعل ما تعيشه من حالة تهميش وعطالة جزء من عدالة السماء التى تمهل ولاتهمل ( اللهم لاشماتة ).
لقد كشفت دماء الشهداء الطاهرة الزكية الغطاء عن حالة من زواج المتعة بين النظام والرفاق ( اقصد التيار الإستئصالي الفرنكفوني ) إذ في الوقت الذي كان فيه أبناء الإتحاد العام التونسي للطلبة وبقية شرفاء الحركة الطلابية من إسلاميين و بعض مناضلي التيار الوطني داخل اليسار الطلابي يواجهون حرب أبادة حقيقية فرضت عليهم من قبل تحالف الشر المتكون من رموز اليسار »الحداثي » و آلة الدمار الشامل ممثلة في الإقطاع النوفمبري والأجهزة الخاصة للداخلية في هذا الوقت العصيب كانت قيادات إتحاد الرفاق تجتمع بوزير حقوق الإنسان لتقسيم غنائم هذه الحرب القذرة .( بدون تعليق )
إن الكلمات الخالدة للزعيم الطلابي والوطني السجين الحر رغم القيود الرمز والقائد البطل هيثم العجمي الأوريمي عجل الله إطلاق سراحه من سجون الإقطاع النوفمبري عندما قال ذات يوم « لامجتمع مدني بدون جامعة ولا جامعة بدون الإتحاد العام التونسي للطلبة « ستبقى خالدة خلود دماء الشهداء , شهداء الحرية والهوية في الجامعة والبلاد وستتوارثها أجيال الحركة الطلابية جيلا بعد جيل ولن تعتريها لاعوامل التعرية الثقافية ولا عوامل التصحر لأنها شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء بل أصبحت فروعها في المنافي ترعاها وتتعهد صاحبها بالدعاء وتترقب فجرا قريبا بإذن الله العلي القدير .
إنني أردت بهذه الورقة المتواضعة أن أجدد العهد مع الله أولا ومع شهداء الإتحاد العام التونسي للطلبة وكل ضحايا دولة الحذاء العسكري ثانيا عسى أن تكون هذه الذكرى حافزا لنا على مواصلة طريق حمدة بن هنية و عدنان سعيد و عثمان بن محمود و كل شهداء معركة التحرير والإستقلال الثاني على حد تعبير الد . المرزوقي حتى نكون عند يوم الحصاد الذى تكلم عنه الزعيم الطلابي والرمز الوطني عبد الكريم الهاروني الأمين العام السابق لمنظمة الإتحاد العام التونسي للطلبة حين قال غداة المؤتمر العام للحسم في المركب الجامعي عندما بدأت الأمطار في النزول على الجماهير ( نحن نزرع والمطر ينزل والحصاد قريب بإذن الله ) نكون يومها من الفائزين المنتصرين وهذا هو الربيع الحقيقي ربيع العزة و الشهامة والحرية لا ربيع الذل و المهانة والتسول . (*) ممثل الطلبة في المجلس العلمي لكلية الحقوق ( أريانة ) عن الإتحاد العام التونسي للطلبة سابقا .
(المصدر: منتدى الحوار.نت بتاريخ 10 ماي 2007)
الرابط: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?p=42429#post42429
ورقات من ماض لم ينته بعد (1)
« ابتسم إنها تونس »
بقلم أشرف زيد
« سأكتب هنا أفكاري من غير ترتيب ولكن قد لن تكون في غموض خال من كلّ تصميم. هذا هو التّرتيب بعينه والذي سيسم, وإلى الأبد, موضوعي بالفوضى نفسها ». ب. باسكال, أفكار, ف 717.
« في الوقت الذي دكوا فيه الباب بعقب البندقية كان فيليبس يخاطب سان فيسنتي قائلا: – إن الثورة عِلْمٌ, يا صاحبي, لا يمكنك أن تجد نفسك في المكان المناسب, بمفهوم… – لست متأكدا من العبارة؟ خيط, مجرى, the strame of history, التاريخ, نعم, هذا هو. (…) – أنت مخطئ على طول الخط, يا فيليبس, قال هذا وهو ينظر إلى صديقه, ومن دون أن يلتفت ولو مرّة واحدة تجاه البنادق الموجّهة إليهما. الثورة هي عمل إرادة لا أرى لعِلْمك هذا من مكان هاهنا. – أغلق فاك يا كلب. قالها الشرطي وهو يدفعه بعقب بندقيّته. – الإرادة, الإرادة, هذه ترّهات, إذا ما غاب عنها مفهوم التاريخ… » باكو إينياسيو تايبو الثاني, مرور, 1987. « ابتسم إنّها تونس! » سألني صاحبي, ذات صباح, وكان بصدد إعداد القهوة الّتي دعاني إلى احتسائها عنده: – هل شاهدت, البارحة برنامج أكثر من رأي على قناة الجزيرة؟ – لا لم أشاهد بالأمس شيئا… بل لم أفتح التلفاز بالمرّة. هيّا! قل لي ما الّذي حدث بعالمنا هذا, المتقلّب. – لقد فاتك خير كثير! لحظة واحدة سآتيك في الحال, قال ذلك وهو يسكب القهوة في الفناجين, ويقدّمها على طبق, مصحوبة بكأسي ماء وبمرشّ لماء الزّهر, فالقهوة العربيّة عند صديقي, تقليد له طقوس لا يمكن التّهاون معها وإلاّ فإنّ البنّ يفقد مذاقه ويصبح مشروبا مبتذلا كغيره من السوائل. – هيّا لقد أعييتني بتقاليدك وطقوسك! ما الذي قيل بالأمس على قناة الجزيرة؟ اعتدل صاحبي في الجلسة وتحمحم تصفية لصوته وانطلق في الكلام: » استضاف برنامج أكثر من رأي, سفيرا سابقا لأمريكا لدى المغرب, وعلمانيّان عربيّان, يشتغلان بجريدة الحياة, السّعوديّة التّمويل؛ وكذلك المفكّر الإسلامي الشّيخ راشد الغنّوشي, وذلك للتَحاور حول إحدى منعطفات 11 سبتمبر. وساد الحوار الكثير من الخطاب المتداول والممجوج: الأمريكي يبرر سياسة بلاده الرّشيدة تجاه الإرهاب, مؤكّدا أنَ الحرب لا علاقة لها بالإسلام و لا حتّى بالبترول؛ والعلمانيّان وبدرجات متفاوتة يدعمان مبدأ الدّيمقراطية و لكن في حدود… ؛ في حين أنّ الغنّوشي ركّز على مقولة الدّيمقراطيّة, أوّلا و آخرا. لقد كان ثلاثتهم يسعون من خلال أطروحاتهم إلى الخروج بالعالم العربي الإسلامي من وضعه الحالي و بأقل التّكاليف. – ما الذي تجده مهماّ إذا؟ – لا تتعجّل بالأمر يا صديقي العزيز. فأنا لا أعتبر ما قاله السّفير والعلمانيّان كلاما ذا أهمية فيجدر الوقوف عنده, ولكنّ مداخلة راشد الغنّوشي, على قصرها, تركت في نفسي بعض المشاعر الغريبة. فهو من حيث المبدأ محقٌّ, وكلامه معقول ولا يمكن إلاّ أن يكون مقنعا… ولكنّني تساءلت عن الدور الذي كان بإمكانه لعبه لو أنَه بقي في تونس في مواجهة واحدة من أعتى الدِيكتاتوريَات. – لو مكث هناك, لكان في السجن, وهذا أمر لا يتمنَاه المرء لأحد. – أنا معك في هذا. ولكن تبوُء قيادة حركة شعبيَة معارضة يحمِّل من قام بالأمر مسؤوليَات عدَة وجسيمة, ويعرِّضه إلى مخاطر جمَة… قد تصل إلى بذل الرُوح, وهو نظريًا منتهى ما يصبو إليه المؤمن المجاهد في سبيل قضيَة عادلة. لو كان الشيخ راشد الغنّوشي داخل السِّجن لكان عبأ ثقيلا على الديكتاتوريَة, ولكان شعلة وهّاجة تنير الطريق للآخرين, لهؤلاء السَائرين على نفس الدرب, ولكان لكلِّ كلمة ينبس بها من الوقع أكثر من كل ما ينشره ويكتبه ويقوله الآن من منفاه. » ترشّف صديقي قهوته وأضاف متنهّدا: – » المنفى, مقبرة المعارضين… لا يمكن لأي نشاط في المنفى أن يغيّر من واقع الأوضاع في الدّاخل, لا سيّما حين تنعدم الطّليعة القائدة في هذا الدّاخل المقهور, المتروك لنفسه, في مواجهة قدره. فأنا لا أستغرب البتَة لما آل إليه أمر الشَعب في تونس من انعدام الاهتمام بالسِّياسة ومن غياب روح الصراع لديه, ومن تسليمه التَام وخلوده إلى الأفراح والمسرَات… ولا ألومه البتة على ذلك؛ بل أتفهَم إلى حد بعيد موقفه هذا. سألته مقاطعا: – أتسمّي هذا موقفا؟ – أجل! وأيّ موقف! إنَ الذي يسوؤني ويدفعني إلى التَقزُز إلى درجة الغثيان, هو مواقف بعض المعارضين المهزومين بالنَفي, أو بالصَمت, أو ربَما بهما معا: لم يلحقوا العنب لقطفه فقالوا عنه أنه حامض. تراهم ينعتون الشَعب التُونسي بشتَى النُّعوت: فهو شعب استهلاكي, لا همَ له إلاَ الشطيح والرديح, وهو شعب مسالم -بالمفهوم السلبي- أي أنَه جبان ولا يمتلك الرُجولة الكافية, إلى آخره من التُرَهات التي تتسلى أشتات المعارضة باجترارها في بعض مقاهي باريس. أقول لهم ماذا فعلتم أنتم, بربّكم, غير أنّكم أتقنتم كلّ فنون الهرب إلى الخارج, وانتظار الآتي المجهول؟ لقد باتت آمالكم مرهونة بقشَة واهية, فصرتم تعيشون على وقع الإشاعات المختلفة: فتارة توشوشون , ورؤوسكم تلتفت يمنة ويسرة, بأنَ الرَئيس في خلاف شديد مع ليلاه, قد يصل إلى حدِ الهجر في المضاجع ؛ وطورا تروِّجون بأنَ شيبوب أضحى من المغضوب عليهم. ومرة تنتشون لما يتردد عن مشاجرات, وصلت إلى استعمال الأيدي والهراواة بين أفراد من عائلتيْ الطرابلسي و بن علي في إحدى ملاهي الحمّامات الليلية …من يدري, لعلَى الثورة تندلع في فراش إحدى المومسات, حين تكتشف بأنَ المْعلِّمْ لم تعد تهتزُ له قصبة… من يدري؟ أشْكونْ يعرف ؟ يا لخيبة المسعى… لقد بدَدوا في لهثهم وراء الأوهام الزائفة وبعض الوعود المعسولة سنوات من النضال وليال طوال من الأحلام, وأنهار من دموع الأمهات والأطفال… وأرواح إخوة لنا أزهقت على منصَات التعذيب الوحشي, بأيدي بعض المتبقِين من العصر الحجري… وكان أقصى ما توصلوا إلى فعله أنَهم راهنوا على تشويه صورة النظام لدى من أسموه : الرأي العام العالمي, بل و أصدروا ذات يوم قائمة سوداء بأسماء من ثبت عليهم التعذيب والتقتيل… يا ويلهم منهم… إنهم الآن يرتعدون هلعا… – أراك تشككّك في دور الرأي العام الدّولي؟ – لا يوجد رأي عام دولي… إنَها لأكذوبة كبرى لا يقبلها إلاَ ساذج أو معتوه, هناك مجموعات ضغط, تحرِّكها مصالح واضحة و معيَنة, تصنع الأحداث, وتؤثِّر في مجرياتها, وتعتقد بأنَها تميت من تشاء وتحي من تشاء, و تذلُ من تشاء و تعزُّ من تشاء. فما قيمة معارض إسلامي يعذَّبْ و يُقتلْ؟ بل ما قيمة عشرة و مائة و ألف: « Un bon islamiste est un islamiste mort » ماذا تمثِل تونس عند من يعلم بوجودها ممَن يشكِّلون الرَّأي العام العالمي ؟ لا شيء… مجرَد بطاقة بريديَة باهتة, تغمرها زرقة البحر, ومشموم ياسمين على أذن طفل مبتسم, وشاشيَة مائلة, لتكتمل الصُورة… وابتسم إنَّها تونس… هذه تونس اليوم… لا أكثر… (المصدر: منتدى الحوار.نت بتاريخ 18 فيفري 2007) الرابط: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=8146
ورقات من ماض لم ينتهي بعد (الحلقة 2)
« هكذا كان يا أخي… «
بقلم أشرف زيد
« بقدر ما نكون معزولين, بقدر ما نكون ضعفاء ». « لنحذر من التفكير بأنّ غياب التّنظيم يضمن الحرّيّة. كلّ شيء يبرهن على العكس ». « لنترك الجماهير تتصرّف بما يقتضيه انفعالها ». مالاتستا .
إنّ الشُّعوب هي الَتي تصنع التَاريخ بل تقتحمه. والشُعُّوب لا سبيل لها لأداء هذا الدَور, ما لم توجد طلائع وقيادات في مستوى التَحدِيات والأحداث. وليس مثل الشَعب الكوبي في نهاية الخمسينات ببعيد عنَا؛ وكذلك الشَعب النِيكراغوي و الشَعب الإيراني والتشيلي والأرجنتيني؛ وغيرها من التـَجارب المختلفة, الَتي برز الشَعب من خلالها في دور الفاعل الأساسي, وكان في الوقت نفسه في التحام تامٍّ مع طلائعه الثورية… تلك التي جعلت من تطلعات الشعب مبادئ ثابتة لها, ولم تراهن على تكتيكات وحسابات حزبية ضيقة, أو على أوهام ووعود زائفة. لقد وقعت الحركة الإسلامية في تونس – وقياداتها خاصة – في مثل هذا المستنقع, فحصرت الصراع بينها وبين نظام الحكم في حركة مدٍّ وجزر, بحسب اعتبارات ذاتيَة لكليهما, تاركة الشعب في منزلة المتفرِج. واشتدّت المعركة, لتصبح حملة ضروسا تطال كل من له علاقة من قريب أو من بعيد بالإسلام, حتى في صيغه الأكثر تقليدية: قانون المساجد, منع الحجاب, مضايقة الملتحين… ويُحكى أنَّ الرعب الذي أسدل ستاره القاتم على تلك الحقبة دفع ببعض النَاس إلى التخلٌص حتَى من مجرَد مصحف للقرآن بالبيت, لدفع الشُبهة… هكذا كان يا أخي… أيَة مصيبة أعظم من تلك الَتي حلّت بتونس؟ هذا البلد الذي انتصبت فيه شامخة لثلاثة عشرة قرنا وإلى ماض ليس بالبعيد, الجامعة الزَيتونيَة, تلك الأخت الموءودة للأزهر وللسّوربون ولهايدلبرغ ولكمبريدج. هذا البلد الذي أخرج للناس سان أوغسطين وابن خلدون, ابن رشيق وأبو القاسم الشابي, علي بن غذاهم الماجري وعبد العزيز الثعالبي, محمد الطاهر ومحمد الفاضل ابني عاشور, محمد علي الحامي وفرحات حشاد… وغيرهم كثير ممن باتوا اليوم مجرد أسماء شوارع وأزقة, يسند جدرانها الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل… وعن الفكر وعن الحركة… وفي ساعة متأخرة من الليل, تتناهش فيها القطط العامة المتغوِّلة أوعية القمامة, وتتصاعد من كل زوايا أزقّتها رائحة البول والقيء وأرخص أنواع البيرة, وتحت فانوس لا يكاد يضيء, يتعاطى شبحان لرجل وامرأة, داخل سيارة, الحب, يختلط فيه معسول الكلام بتسع وتسعين قبلة… وأخرى على عجل… بنت فاميليا… – » شْبِيك إلْتَوَّا ؟ – شدِّتني صاحبتي للعشاء – للعشاء؟ ! بالشفا ليك وليها… » (المصدر: منتدى الحوار.نت بتاريخ 9 ماي 2007) الرابط: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=8999
ورقات من ماض لم ينته بعد (3)
« جيل تونسي فريد »
بقلم أشرف زيد لا زال صاحبي, بعد خمسة عشر عاما, يتحسر تحسُر الثَكلى كلّما ذكر ما حدث لمكتبته آنذاك (1987) – وهذا أمر يسير مقارنة بآلام البعض. حدّثني محاولا إخفاء دمعة فاضت بها عيناه: « لقد دأبت, مذ بدأت قراءة الكتب على جمعها, جاعلا منها مفخرتي وأعزُ ما أملك. فلم أترك معرضا للكتاب العربي يمرٌ من دون أن أضع فيه كلٌ مدَخراتي المتواضعة لاقتناء ما قدرت عليه من الكتب؛ وما سافرت إلى مكان إلاَ وعدت منه محمّلا بكتب قد يندر وجودها في تونس. فمن مجموعات لشعر أحمد فؤاد نجم, إلى كتب فقه وتفسير؛ ومن روايات جرجي زيدان والمنفلوطي ومحفوظ إلى أعمال تشي غيفارا الكاملة؛ ومن سيرة بن هشام إلى كتب عن تروتسكي وروزا لوكسمبورغ؛ ومن روائع دوستويفسكي وغوركي, إلى اقتصادنا لباقر الصَدر؛ ومن امرأتنا في الشَريعة والمجتمع للحدَاد إلى كتابات سيِد قطب؛ ومن مقدمة بن خلدون إلى أيَام طه حسين؛ ومن جماعة تحت السُور, وجولة حول حانات البحر المتوسط لعلي الدُوعاجي إلى فجر الإسلام لأحمد أمين ورسائل الإمام الشَهيد حسن البنَا ؛ ومن متمرِد ألبير كامو إلى قصَة الإيمان للشَيخ نديم الجسر, وكذلك رجال حول الرَسول لخالد محمد خالد ؛ ومن روايات سعيد جودة السَحَار إلى الحكومة الإسلاميَة للإمام الخميني ؛ ومن مراسلات ماركس-أنجلس إلى أيَام من حياتي لزينب الغزالي, مرورا بحوار مع الشُيوعيين تحت أقبية السجون. من روايات حنَا مينا, وكتب جبران إلى ما العمل؟ للينين, مرورا بمسرحيَات عماد الدِين خليل ومحاولته إعادة كتابة التَاريخ الإسلامي. من التُوت المرِ للمطوي والمنبتِ لعطية وكذلك الدِقلة في عراجينها لخريِف, إلى روايات إحسان عبد القدُوس وهملت والعاصفة لشكسبير. من الأعمال الكاملة لأبي القاسم الشَابي إلى مقامات بديع الزَمان الهمذاني, مرورا باللهجات العربيَة في التُراث؛ من الرَوض العاطر إلى شرح رسالة بن أبي زيد القيرواني مرورا برواية ريكاردو قلب الأسد… كلُ هذه الكتب وغيرها, وكلُ هؤلاء الكتَاب وغيرهم كانوا قد ساهموا في صياغة وتشكيل عالمي الفكري و الحركي وجزء لا يستهان به من أحاسيسي, بين بدايات المراهقة و سن العشرين. طبعا أنا لا أدَعي أنَني قرأت كل ما ذكرت, أو أنَني ذكرت كل ما قرأت؛ ولكنني أعترف بأن نسق التَجميع كان أسرع من نسق القراءة والبحث. أوليس في سيرورة اقتناء الكتب وتجميعها علامة على التواصل اللاشعوري وكذلك الحسي بالكتب وما تحتويه؟ » شعرت من حديثه أنّ علاقته بكتبه كانت بحقّ علاقة مزيجها العاطفة والعقل والحس, كما كان يحلو له أن يقول. أضفت محاولا إثارة ذكرياته: – كنَا (أعني الكثير من أبناء جيلنا) نتسابق في جمع وتبادل وقراءة الكتب. حتَى أنَ صناعة وتجارة الكتاب العربي عرفت ازدهارا, غير معهود, خلال الثمانينات. وخير شاهد على ذلك ما عرفه معرض الكتاب العربي, عاما بعد عام, من توسُع ونجاح. وإنَني لأذكر إلى السَاعة. الزُحام الذي كان يشهده المعرض, لا سيَما في يوم الافتتاح, إذ يعجز رجال الشُرطة والمنظِّمون عن صدِّ وتنظيم الجموع الشَبابيَة الجارفة وهي تقتحم المبنى, لا تلوي على شيء, مهرولة عبر أروقة الكتب المختلفة, كلٌ شطر دار نشره المفضَلة, من قومييِّن وماركسيِيّن وإسلاميِيّن. ألم توجد في كلّ مساجد القطر, تقريبا, مكتبات تعير الكتب للقرّاء, على غرار المكتبات العموميّة؟ ترى أين هي الآن تلك المجلّدات والكتب والرّسائل؟ جزء كبير منها وقع حجزه كما تُحجز المخدّرات وغيرها من الممنوعات ليودع في مستودعات وزارة الدّاخليّة: هنيئا للجرذان وللفئران ولرطوبة الجدران. تلك حُمَّى الكتب, التي أصابت جيل فريد من شباب تونس؛ وكانت عرَضا صحِّيا لما عايشته البلاد, آنئذ, من غزارة وحيوية في الفكر والفنِّ والسيَاسة. – كان ذلك قبل أن تغمُرَ الساحة ثقافة مجاري المياه المستعملة… ثقافة « نوبه » وهالة الركبي… ثقافة « حضرة » ولطفي البحري… ثقافة « ريح السّدّ » و »عُصفورُ سَطْح »ِ لم يعد يجيد الزقزقة, مذ أن أتَخذ من مؤسسة الحزن والخوف عشًّا له ». تنهّد صاحبي, وبعد فترة من الصّمت المشحون أضاف قائلا: « لا أظن نفسي مبالغا و لا مكابرا حين أدَعي بأن الجيل الذي فوجئ بالثمانينات وهو في العشرين من العمر, هو من أفضل ما عرفته تونس من المنابت خلال الخمسة عقود المنصرمة. فلقد حاول ذلك الجيل, وبنجاح نسبي صياغة ذهنية تأليفية synthétique بين الموروث الثقافي الغربي المتمكِّن, وبين الوارد العربي الإسلامي الجديد – وأنا أعذر من يعتقد, عن حسن نيَة, أنَ الأجدر قلب هذه المعادلة؛ فهو حتما, لا يزال أسير الموروث… الغربي. فلقد جمع ذلك الجيل, وبديناميكيَة غريبة, بين العلم والثَقافة والتَسيُّس ؛ فباتت حركيَّته المتدفِقة تعمُّ دور الشَباب والثَقافة, وتستعمل كلَّ الوسائل التَعبيريَة الممكنة, من مسرح ورسم وموسيقى وكاريكاتور وشعر… في خدمة الالتزام بقضايا الجماهير القطريّة والقوميّة والعالميّة. وكانت الجامعة وكذلك المعاهد الثانويَة مسرحا لتحرُّكات كبرى, تنمُّ على درجة عالية من الوعي والتَحرُّر والشَجاعة والنُضج, برغم ما قيل ويقال عن « الأخطاء ». وتعدَدت المناسبات التي جعلت أبناء ذلك الجيل يكتسحون الشَارع, ليقودوا المظاهرات الشَعبيَة الضخمة, بداية من 26 يناير 1978 وأنتهاءا بأحداث ربيع وصيف 1987, مرورا بحركة فبراير المجيدة لسنة 1981, وبانتفاضة يناير 1984, للخبز والحريَة… هذه الأحداث وغيرها من الإضرابات والإعتصامات, شكّلت محطَات مشرقة في تاريخ تونس المعاصرة, ورصيد وطن أُهدر فى عمليَات إستمناء كبرى على موائد البيروقراطيَة والوصوليَة بكلِ اتجاهاتها و ألوانها. ألم يفرز أقصى اليسار « المتشدِّد », الزَعيم البروليتاري سمير لَعْبيدي, وكذلك منظِر الاستئصال الوزير محمد الشَرفي, وشاعر العهد الجديد آدم فتحي, وغيرهم كثير…؟ أو لم يفرز الاتجاه الإسلامي في صيغه الأكثر راديكاليَة, المتذبذب – بين المعارضة الصاطيليطيّة القُصوى, وإشراقات التّربية الدّينيّة في غرف القصر الرئاسي بقرطاج – محمد الهاشمي الحامدي, وكذلك بعض المباركات الصُوفية للمُخَلِّص؟ وسوف لن أتوقف عند من اختاروا نهج « المعارضة » الليبرالية اللَطيفة, كمظهر من مظاهر » الشِياكة »؛ فهؤلاء لم يدخلوا التَاريخ حتَى يخرجوا منه. لقد وقع إجهاض كلَ تلك التَجارب بوأد ذلك الجيل الفريد, وبتقديمه قربانا على مذبح الـتّكتيكات الحزبيَّة الضيِّقة وحسابات النِظام الغادرة. النَتيجة؟ أغلب أبناء ذلك الجيل تبعثروا بين سجين, ومنفي – اضطرارا أو اختيارا – ومطلِّقا طلاقا بائنا لا رجعة فيه لماضٍ باهظ الثَمن. (المصدر: منتدى الحوار.نت بتاريخ 11 ماي 2007) الرابط: http://www.alhiwar.net/vb/showthread.php?t=9037
أردناها مصالحة لله تعالى ثم الوطن والمواطن وليس تذللا وابتزازا …
مرسل الكسيبي (*) كتبت قبل أيام قلائل الفصل الأول من خلاصة تجربة شخصية وجماعية هدفت الى ايقاف نزيف الصراع السياسي المفتوح منذ بداية عقد التسعينات من القرن الماضي بالجمهورية التونسية , ولعلني كنت قاصدا والى أقصى الحدود ومن خلال الاشارة والتلميح الترفع عن الدخول في متاهات الاتهام والشتام بين مكونات الطيف السياسي والوطني الواحد ,طالما أن الهدف من محاولات الاصلاح والمصالحة لم يخرجا عن وجهتهما الوطنية السليمة وطالما أن جهود الاصلاحيين لم تسقط في فخاخ العطاءات والابتزازات ومراحل قبيحة من التذلل على أعتاب محترفي احتكار صناعة القرار … لم أرد من خلال ما ذكرت من معطيات تاريخية سابقة حول محاولات تجذير خيارات الصلح والوفاق تونسيا ضمن رؤية عقلانية تقدم درء المفاسد على جلب المصالح ,الا الاعتراف ودون خجل وفي اقرار بالحقيقة بأن محترفي السياسات الأمنية والاستئصالية في بلدنا تونس قد غلبوا كفة الصراع والتمادي في التنكر لحقوق المواطنة الكاملة على كفة الاصغاء لمنطق العقل والمصلحة الوطنية العليا … ولم أكن حين اخترت التحدث بصوت عال هذه المرة حول نتائج ومحصلات هذه المحاولات الوفاقية الا أمينا مع الذات ومشهدا للنفس أمام بارئها وخالقها بأن أي محاولة جديدة في مثل هذه الظروف والمؤشرات السياسية والأمنية العامة التي يمر بها البلد الا مضيعة للوقت واهدار للحبر وتضييع للكرامة ولاسيما اذا ما انتقلت هذه المحاولات من اطارها النبيل والوطني السامي الى اطارها التذللي والتسولي الكريه من قبل أشخاص هم في غنى عن ممارسة أدوار نربأ بالنفس أن تنزل الى مداركها السفلى … أفرق بلا شك بين الأخوة الدينية والوطنية والانسانية الجامعة وبين المصالح الشخصية والسياسية العابرة , اذ أن ما يجمعني ببعض الاخوان والأصدقاء هو أكبر من مشاريع ابتزاز آنية مالها من قرار ,ومن ثمة فان دفاعي عن بعض الاخوان سابقا لم يكن أصلا شيكا بدون رصيد بقدر ماأنه كان رغبة صادقة في ايقاف حالة التدهور الأخلاقي في الخطاب الاسلامي التونسي … أما وقد أصبح البعض يتسول كرامة اخوانه وحريتهم وشرف الوطن والمواطن بالمذلة والشبهات أو الرغبة في العطاء الرسمي مقابل سراب يحسبه الضمان ماء ,فاننا نشهد الله رب العالمين بأن أنفسنا التي تعلمت العزة في محاضن الوطن والمنافي وضيق الأنفس والثمرات …,نشهده تعالى بأن أنفسنا تأبى علينا التمسح على أحذية لماعة ومغرية ولكنها لن ترتفع بوصة واحدة على جماجم الشهداء وعزة وكرامة رفاق دربنا واخوتنا السجناء من الذين طلبوا الحرية للوطن فعوقبوا على ذلك بزنزانات انفرادية وأساليب وحشية في السادية الأمنية والسياسية والاعلامية والايديولوجية … نعم ندافع عن المظلوم ولكن نرد الظالم ولا نجرم أبدا ومطلقا طالبي وعشاق اشواق الحرية , نؤمن بالتدافع السلمي بين الطروحات والأفكار ونعتز بوسطية واعتدال وسماحة اسلامنا ونكره وننبذ العنف الأهلي والتطرف وتضييع أمن الأوطان وراء العنف الرسمي والعنف المجتمعي المضاد … لانطمع عندما ننقد أخطاء رفاقنا واخواننا ونتأمل في مسيرة تجارب الأمس القريب والبعيد في عطاء الحكام والمسؤولين ,اذ أن مانقوم به من نقد وتجريح وتعديل سياسي في حق قادة الرأي العام المعارض ليس قربانا نتزلف به الى القادة الرسميين … عرضت علينا العودة الفردية الى الوطن قبل ستة أشهر عندما دعونا الى فك الاشتباك بين السلطة والمعارضة الاسلامية في تونس على أرضية عفا الله عما سلف ,ولكن جعلناها مشروطة للأمانة والتاريخ بـ : اطلاق سراح كل مساجين الرأي ورفع كل القيود والمضايقات عمن أفرج عنهم في إطار محاكمات سياسية سابقة ,كما ضمان عودة آمنة وجماعية للمنفيين بعد ترتيب ذلك بضمانات قانونية وتشريعية . هذه حقائق تاريخية نقدمها للقارئ من باب معرفة محصلات تجربتنا السابقة على مدار سنتين فارطتين , فان رجعت اليها السلطة بالنظر والتحقيق العملي فعلى الرأس والعين ,وثمة وقتها مجال أمام المعارضة كي تفتح أبواب المصالحة الوطنية العادلة بعزة وكرامة ,وان أعرضت عنها ونأت وأرادت من البعض أن يمارس أدوار التخذيل والتشتيت والتمزيق داخل الصف المعارض تارة على خلفية اثارة الفوارق الايديولوجية داخل هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات ,وتارة على خلفية تجريم نضالات المناضلين الاسلاميين الوسطيين والتشكيك في خياراتهم الوطنية السابقة… ,فاننا حينها سنلتزم بقول كلمة الحق في ظل غياب مناخات المصالحة الوطنية الصادقة ,ومن ثمة لن ننخرط في مشاريع عرائض أو بيانات أو خطط تقدم نفسها باغراء الكلام المعسول تارة باسم الاسلام والسيرة النبوية المطهرة وتارة باسم المصالح الوفاقية الهشة التي ترتكز على اذلال الضحية وتمجيد السادية … وفي الأخير أقولها مقدما الخلق والدين والمثل والوطن والمواطن البسيط على متاع الحياة الدنيا القليل: لبيت في ربض الجنة-أي في أطرافها- خير لي من فتات موائد رسمية فاخرة أطرق أبوابها بالذلة … والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته , والى لقاء قريب بمشيئة الله تحت زيتونة تونسية وارفة نستلقي تحت ظلالها بنخوة وعزة . (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 10 ماي 2007)
د. رجاء بن سلامة لـ »مواطنون »
« العلمانيّة هي الأرْضيّة الوحيدة التي تَضْمن المساواة والكرامة والحرّيّة »
تعيش الدول المتقدمة إشكاليات معرفية و ابتسمية متعددة مرتبطة بعصْر ما بعد الحداثة. فمن انعكاسات المجتمعات الصناعية-الاستهلاكية، إلى خطورة التطيّف (communautarisme) الثقافي، وصولا إلى تبني الجيل الثالث من حقوق الإنسان، مرورا بالبحث عن بلورة عولمة بديلة…في حين تعيش شعوبنا إلى اليوم همومًا صاحبتها منذ القرون الوسطى، ولم تستطع الإجابة عنها. وان فعلت فلكيْ تخالفها و تُعارضها، باِسْم الخصوصيات و الموروثات و الماضي التليد. لماذا نُكرّر إلى اليوم ذلك السؤال الموجع: لماذا تأخرّنا حضاريًّا في حين تقدّم غيرنا؟ ربّما الكثير منّا لا يريد الغوص في أسبابها، لكوْن » الجرأة فضيلة في عالمنا العربيّ الذي لم يتبنّ بعد أبجديّات حرّيّة الرّأي والتّعبير » حسب ما قالت الأستاذة رجاء بن سلامة في أحد كتاباتها. ومحدثتنا حاصلة على دكتوراه الدّولة في اللّغة والآداب والحضارة العربيّة، و أستاذة محاضرة بكلّيّة الآداب والفنون والإنسانيات، منّوبة. و هي عضو أيضا في جمعيّة « الفضاء للتّحليل النفسيّ الفرنسيّ التّونسيّ »، من كتّاب موقع الأوان: www.alawan.com، ومن من مؤلّفاتها : (نقد الثّوابت 2005)؛ (العشق والكتابة: قراءة في الموروث 2003)؛ (صمت البيان 1999)؛ (الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاريّ ومسلم 1997). طرحنا عليها البعض ممّا يريد الكثير منّا البوح به. و نبَشْنا في زوايا نُخفيها دوما توجّسًا من ذواتنا المراقبة لأي زوائد قد تُثير هيَجان حرّاس أصنام الأعراف و عبدة آلهة النُظم. فكانت الإجابة كالآتي:
أجرى الحوار: سفيان الشورابي السؤال الأول: عاشت تونس خلال الأشهر الأخيرة البعض مما يحياه الكثير من الشعوب العربية الأخرى؛ مجموعات جهادية مسلّحة، تكفير للمجتمع و إعلان حرب الكل ضد الكل، سلطة متغطرسة لا تقرّ بأنها ساهمت بطريقة مباشرة في نشأة الإرهاب، إطلاق حملة هوجاء ضدّ أبرياء… وفي الأثناء، حدثت لخبطة غريبة في تحليل أسرار نمو المجموعات السلفية الجهادية في تونس، وتغلغلها فكرا و ممارسة. من هو المسؤول حسب رأيكم؟
لا يمكن أن نحدّد طرفا مسؤولا وحيدا في نشأة الإرهاب. فالظّاهرة الواحدة تنشأ نتيجة تضافر عوامل مختلفة وفق مبدإ « التضافر البنيوي للحتميّات ». الأنظمة الحاليّة مسؤولة عن الحرمان السّياسيّ الذي تعيشه قطاعات عريضة من المجتمعات، ولسوء معالجة أزمات الشّرق الأوسط، وسوء إدارة الولايات المتّحدة الأمريكيّة للحرب على الإرهاب، دور في تنامي الإرهاب. ولكنّ المنظومات الإعلاميّة والتّربويّة والدّينيّة الحاليّة مسؤولة عن ترويج الإيديولوجيا الاستشهاديّة الجهاديّة. رجال الدّين والقائمون على شؤون المقدّس على النّطاق العربيّ مسؤولون عن ترويج ثقافة المواجهة الحربيّة باعتبارها الخيار الأفضل في المطالبة بالحقّ، والفضائيّات العربيّة التي تقدّم هذيان شيوخ الإرهاب على أنّه فكر يُقدّم حلولا مسؤولة كذلك عن تماهي الشّبّان مع ابن لادن والقرضاوي وغيرهما من شيوخ الإرهاب.
وهناك أمر هامّ، وهو عدم وضوح إدانة الإرهاب لدى المناهضين له. فقد سبق أن كتبتُ أنّه من الضّروريّ الفصل بين الحكم الأخلاقيّ على الإرهاب وبين الموقف المعرفيّ الذي يريد أن يفهم أسبابه. ما لاحظته إثر الأحداث التي جدّت بتونس هو أنّ الموقفين اختلطا، بحيث وجدنا أشخاصا يكتفون باتّهام النّظام الحاكم بالمعالجة الأمنيّة للقضايا، وبالتّسبّب في الإرهاب. النّزاهة تقتضي أوّلا إدانة العمل الإرهابيّ ثمّ البحث في أسبابه، بدل البحث في الأسباب وتحويل هذه الأسباب ضمنيّا إلى مبرّرات، والنّزاهة تقتضي القول بأنّ المعالجة الأمنيّة ضروريّة ولكنّها غير كافية. ويجب أن تكون مشروطة باحترام جملة من المبادئ منها مبدإ افتراض البراءة. لا شيء يمكن أن يبرّر القتل الأعمى، بما في ذلك القمع السّياسيّ، والمُدان الأوّل والمسؤول الأوّل يجب أن يكون الحلّ الإرهابيّ نفسه.
السؤال الثاني: ولكن، هل فعلا تعتبرين أن انتشار مثل هذه الخلايا وقدرتها على الحياة رغم الانحباس السياسي الذي تعيشه بلادنا يعود بالأساس إلى هيمنة و سيطرة « الأيدولوجيا الدينية كمكوّن رئيس للثقافة » عندنا؟
الإيديولوجيا الدّينيّة كما قلت عامل أساسيّ، ولكنّه ليس العامل الوحيد. هناك نصوص دينيّة تشّجّع على القتل، وتسمّي هذا القتل جهادًا. ويجب أن نقرّ بهذا الأمر، ولكنّ هذه النّصوص يمكن أن تحيّن ويمكن أن لا تحيّن. هي الآن تحيّن نتيجة للبؤس الحضاريّ لذي تعيشه المجتمعات العربيّة، ونتيجة لعدم تبلْور فكر تأويليّ جديد يُبطل العمل بآليّات العنف التي اعتمدتها المجموعة الإسلاميّة النّاشئة في القرن السّابع الميلاديّ لأن عصرها ليس عصرنا. لا يمكن أن نُنكر وجود آيات من قبيل « واقْتُلُوهُمْ حَيْثُمَا ثقفتُمُوهُمْ »، أو « وأَعِدّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم مِنْ قُوَّة وَمِن رِبَاطِِ الخَيِلِ تُرْهِبُونَ بِه عَدُوَّ الله وَعَدُوّكُمْ… »، ولكن إلى جانب هذه الآيات توجد آيات أخرى يمكن أن تحيّن اليوم، مثل « لاَ إِكْرَاه فِي الدِّين »… على كلّ لست من المؤمنين بأن الدّين ظاهرة معزولة عن القوى الاجتماعيّة والمادّيّة، ولست من المؤمنين بأن الأفكار وحدها هي التي تصنع التّاريخ. فكرة الجهاد وحدها لا تفسّر ظهور الإرهاب الإسلاميّ، وإن كانت هذه الفكرة أساسيّة في إيديولوجيّته.
السؤال الثالث: أين المثقف التونسي إذا، ولماذا غاب كل هذه المدة؟ ألا تعتقدين أن الصمت هو أيضا مشاركة في الجريمة؟
الجريمة الأولى هي ممارسة الإرهاب والجريمة الثّانية هي تبريره وعدم إدانته بالوضوح الكافي. لا يوجد مثقّف تونسيّ واحد. يوجد مثقّفون من تيّارات مختلفة، منها ما لا يدين الإرهاب ويخلط بينه وبين المقاومة. بل توجد مؤسّسات عريقة في العمل الحزبيّ أو النّقابيّ دافعت عن الإرهاب الدّائر في العراق واعتبرته مقاومة. وأصدرت بيانات في الدّفاع عن هذه المقاومة التي تستهدف العراقيين العزّل أوّلا وقبل كلّ شيء. وأذكر أنّ بعض الجامعيّين التّونسيّين كان يعتبر تفجيرات 11 سبتمبر من تدبير المخابرات الإسرائيليّة. وظلّ متمسّكا بهذا الرّأي حتّى بعد تبنّي تنظيم القاعدة لهذه العمليّات. وأذكر أنّ الكثير من هؤلاء لم يدينوا أحداث 11 سبتمبر لأنّهم اعتبروها انتصارا على العدوّ الأمريكيّ. لست أدري إن غيّرَ هؤلاء آراءهم، لأنّهم كانوا يعتبرون أنفسهم على حقّ، وكانوا يستنكرون وجود مثقّفين يدينون الإرهاب، أي قتل المدنيّين وغير المحاربين لأسباب سياسيّة.
السؤال الرابع: وفي صنف آخر، أكدتِ أن عدد من مثقفيين و أكادميينا انخرطوا بشكل آخر في تبني الخطاب الديني القتالي كركيزة أساس لبرامجهم. فالدين عنصر رئيس و جوهري لحضارتنا. ما رأيك حول هذه النقطة وأنت التي قلتِ عن المثقف بأنه ذاك الذي يذكّر بالمحتوى الأخلاقيّ للحياة السّياسيّة وللدّولة، ويذكّر بضرورة تجاوز العنف وتحويله إلى فعل سياسي مدني؟
قلت هذا عن المثقّف، ولكن هناك من يشغل دور المثقّف ويستعمل قنوات الاتّصال المرتبطة بهذا الدّور ليدافع عن « النّعرات » المولّدة للعنف. هؤلاء هم مثقّفو القبيلة، ومثقّفو الهويّة. وهؤلاء يصرخون ويتّهمون، وتقتصر مهمّتهم على لعب دور الضّحيّة وإنتاج ثقافة الضّحيّة بكلّ ما فيها من مقوّمات: اتّهام الغيْر دون اتّهام النّفس والاعتراف بالخطإ، والبحث عن كبش الفداء أو التّضحية بالنّفس، والمتعة بالألم، وطلب الموت إلخ…
السؤال الخامس: من المعروف عنك تطرقك في المسكوت عنه على الملأ. و يصل بك إلى حدّ إبداء أرائك فيها، تكون في غالب الأحيان معاكسة للتصور العام و للذهنية المتوارثة. فهل هو رغبة منك للتمايز أو انطلاقا من مقولة أن الأسلوب الاستفزازي له من الوقع و التأثير الأبلغ من غيره من الطرق؟
مقالات الرّأي المتواضعة التي كتبتها لم تكن استفزازا بل ردّا على ثقافة الاستفزاز والاستنفار والصّراخ، وثقافة اللّغة الخشبيّة التي لا تطرح أيّ إشكال. يزعجني أحيانا إجماع الإعلاميّين والمثقّفين عندما أرى فيه منطق الجموع المتماهي بعضها مع بعض والمتماهية مع زعيمها، أو لنقل كما قال فرويد : التي »تضع الزّعيم محلّ مثال الأنا ». فلا تترك إمكانيّة لتحكيم العقل ولا تترك مكانا لطرف ثالث. كما تزعجني اللّغة الخشبيّة التي تدور حول البؤرة الكارثيّة دون أن تتطرّق إليها، فهي لا تقول شيئا بل توهم بأنّها تقول. هناك تجربة عبور للخطر وتجربة إشراف على الحدود القصوى هي التي تخترق الكتابة. وأنا أفضّل الصّمت على اجترار الكلام المعتاد وعلى الإخوانيّات التي تقول كلّ النّاس على حقّ وكلّ النّاس طيّبون.
السؤال السادس: تعاني وسائل إعلامنا من قلّة الجرأة في طرح المواضيع، وتحاشي الغوص في ما قد يثير من حولها المتزمتين من جميع الأطياف. فأي خلاص تعتقدين في صحته، لكي يسهل الحديث في المخبّئ و المستتر من قضايانا و همومنا؟
تعجبني هذه العبارة « المتزمّتين من كلّ الأطياف ». فالتّزمّت ليس حكرًا على أنصار الإسلام السّياسيّ من المتعصّبين. يجب أن يبحث كلّ منّا عن بؤرة التّزمّت داخله لينكبّ على فهم أسبابها، والذي يريد تغيير العالم يجب أن يبدأ بتغيير نفسه. الرّقابة التي تمارسها السّلطة عامل هامّ من العوامل التي تجعل إعلامنا باهتا منمّطا، وتجعل الكثير من مثقّفينا المستقلّين محرومين من وسائل الإعلام الرّسميّة ومن إبداء آرائهم بكلّ حرّيّة، ولكن هناك الرّقابة التي يمارسها كلّ منّا على الآخر. هناك فكر التّخوين ومصادرة النّوايا والإدانة وابتسار الآراء. وهناك فكر « ثوابت الأمّة » وهو فكر يصنع الممنوعات لكي يعطّل التّفكير، وكلّ هذا العنف ليست السّلطة مسؤولة عنه.
الكثير من مثقّفينا لم يتعلّموا بعد مبادئ الحوار، وهم يصيحون ولا يتكلّمون ويصادرون الآراء بدل مناقشتها، وكأنّ شعارهم هو ما عبّر عنه الكاتب السّوريّ ياسين الحاج صالح في مقال بديع له: « أنا غاضب إذن أنا على حقّ ».
السؤال السابع: مع الأسف الشديد ورغم مرور قرنيْن من محاولات ترْشيد الوعي، ما يزال رائج الخلْط الخاطئ بين العلمانية و الإلحاد. فلماذا يُكرّس بعدُ مثل هذا اللبس، وأي شكل ترينه مناسب و قادرًا على تصحيح هذه الوضعية؟
لا بدّ من التّمييز بين الإلحاد وعدم الإيمان بِدِين من الأديان وبين العلمانيّة. الإلحاد موقف شخصيّ موكول إلى ضمير الإنسان، والعلمانيّة مبدأ تسيير للدّولة، يكفل احترام كلّ الأديان ويقتضي تحييد الدّين باعتباره مسألة شخصيّة، وعدم اتّخاذه مرجعيّة للقانون. ليس من المُجدي الخلْط بين الإلحاد والعلمانيّة، أي الخلْط بين الخيار الشّخصيّ والمبدإ السّياسيّ. ولكن من الضّروريّ الدّفاع عن الاثنين لأنّ بلداننا لم تتبنّ بعد أوّليّات حرّيّة التّفكير والمعتقد.
الإلحاد ما زال يعدّ تهمة عندنا، رغم أنّ حرّيّة الضّمير والمعتقد من المبادئ الأساسيّة التي تنصّ عليها منظومة حقوق الإنسان. والعلمانيّة أيضا ما زالت تهمة في ديارنا، رغم أنّ الأمثلة الدّالّة على فشل الدّول الدّينيّة بارزة للعيان. الدّول الدّينيّة، أو الدّول التي لم يتوفّر فيها حدّ أدنى من العلمانيّة إن لم تمْنع كلّ شيء بما في ذلك الفنّ والتّلفزة، تقطع الأيدي والأرجل وترجم الطّفلات وتمنع النّساء من قيادة السّيّارات، وتطبّق حكم الرّدّة على أهل الرّأي والإبداع، وتقيم الشّرطة الدّينيّة التي تعتدي على كرامة النّاس، وتضطهد الأقلّيّات الدّينيّة، وتطلّق الرّجل من زوجته لعدم كفاءة النّسب، وتمنع النّساء من السّفر بدون محرم أو بدون موافقة الزّوج، ولا توزّع الثّروة توزيعا عادلا، وهي إلى ذلك تدّعي أنّها تحكم باسم اللّه وبتفويض منه. لا بدّ من حدّ أدنى من العلمانيّة لكي نتجنّب الوحشيّة والعنف. فالعلمانيّة ليست ترفًا فكريّا، بل هي الأرضيّة الوحيدة التي تضمن المساواة والكرامة والحرّيّة.
السؤال الثامن: وفي نفس الإطار ذكرتِ سابقا في أحد مقالاتك بأن » أقنعةُ رجال الكنيسة سقطت منذ قرون، وبدا للعيان بشريًّا ما أوهموا الناس بأنه إلهيٌّ، وتبدَّدتْ أساطيرُهم وصكوك غفرانهم « . فمتى تسقط أقنعة رجال الدين عندنا؟
المهمّ بالنّسبة إليّ هو أن يلزم رجال الدّين بيوت الصّلاة وأن يهتمّوا بالعبادات وبأمور الآخرة، ويتركوا الدّنيا لأهلها. وسائل الإعلام العربيّة وسّعت من سلطة رجال الدّين والدّعاة، وجعلت المسلمين يعوّلون على الإفتاء في كلّ شيء بدل تعويلهم على عقولهم. ولكنّ هيمنة الدّين ربّما تُمثّل علامة من علامات الشّعور بالخطر المحدق به. فالتّفكير الدّينيّ لم يعد يحيل على نفسه، بل أصبح يحتاج إلى ركائز من خارجه هي العلم أو حقوق الإنسان. الدّين يريد أن يكون الآن علما ودولة وسياسة وقانونا وكلّ شيء. يريد أن يتوسّع وأن يكون كلّ شيء لأنّه لم يعد وحده يقدّم قصّة عن العالم وتفسيرًا له. فالهوس الدّينيّ المتنامي في كلّ مكان ناتج أساسا عن الخوف على الأديان من الخطابات الأخرى المنافسة والمهدّدة.
السؤال التاسع: غيْر أن الدستور التونسي يُقرّ في فصله الأول إقرارا بدين الدولة. و لدينا وزارة تُعنى بالشؤون الإسلامية. و يشارك كبار المسئولين بجميع الاحتفالات و الأعياد الدينية. وعدد من قوانيننا المدنية و العقارية تستند في البعض من فصولها إلى الشرع الإسلامي. فكيف تصنّفين البلاد التونسية على هذا المستوى، وألا تلاحظين وجود نوع من الازدواجية؟
يجب أن نقرّ بأنّ الدّولة التّونسيّة من أقرب الدّول الإسلاميّة إلى نموذج العلمانيّة. فدستورها لحسن الحظّ لا ينصّ على أنّ الإسلام أو الشّريعة مصدر تشريع، وقوانين الأحوال الشّخصيّة فيها أكثر القوانين تحرّرا من الأحكام الفقهيّة القديمة، والقرار التّشريعيّ فيها بيد السّلطة التّشريعيّة بحيث أنّ الإفتاء محصور في دائرة ضيّقة متعلّقة بالعبادات.
ولكن لا يوجد نموذج واحد للعلمانيّة، وقد لا تعني العلمانيّة الفصل التّامّ بين الدّولة والدّين. وتوَلّي الدّولة تسيير شؤون الدّين أو الأديان بالأحرى يمكن أن لا يكون إخلالا بالعلمانيّة، بل حماية للمواطنة التي تقتضي انتماء إلى الدّولة. يجب أن يبقى التّعليم وإدارة مراكز العبادة بيَد الدّولة، ويجب أن يبقى التّشريع بيَد السّلطة التّشريعيّة لا بيَد المفتين. وإلاّ واجهنا الانفلات الدّينيّ الذي نجده في بلدان أخرى تُعوّض فيها الجماعات الإسلاميّة الدّولة في قطاعات حيويّة وبشكل لافت. كما أنّ مشاركة المسؤولين في الاحتفال بالأعياد الدّينيّة قد لا تمثّل خطرا على العلمانيّة، فهي بمثابة مشاركتهم في الاحتفالات الفولكلوريّة أو الرّياضيّة. ثمّ يجب أن لا ننسى أنّ الدّستور التّونسيّ ينصّ في فصله الخامس على أنّ الجمهوريّة التّونسيّة « تضمن الحرّيّات الأساسيّة وحقوق الإنسان في كونيّتها وشموليّتها وتكاملها وترابطها… » وعلى أنّها « تضمن حرمة الفرد وحرّيّة المعتقد وتحمي القيام بالشّعائر الدّينيّة ما لم تخلّ بالأمن العامّ ». والمطلوب هو تفعيل هذا الفصل الخامس. وتفعيله يقتضي إزالة القوانين التي تتنافى مع مبدإ المساواة، وخاصّة فيما يتعلّق بالميراث وبالجنسيّة. فهذه مطالب أوّليّة وملحّة. كما أنّ هذا الفصل يقتضي احترام الحياة الشّخصيّة وعدم فرض العبادات الإسلاميّة على الجميع بغلق المطاعم والمقاهي في شهر رمضان حتّى إنّ حياة المفطر لأسباب صحّيّة أو عقائديّة تتحوّل إلى جحيم في هذا الشّهر. يجب أن نطالب بتفعيل هذا الفصْل في انتظار يوم مشرق نتخلّص فيه من المركزيّة الإسلاميّة التي ولّدت هذا المبدأ الدّستوريّ في العالم العربيّ، أي مبدإ الدّولة المسلمة. فليس كلّ التّونسيّين مسلمين، وهناك الكثير من اللاّدينيّين الذين تركوا الإسلام باعتباره دينًا، ومن حقّ هؤلاء أن يكونوا مواطنين مثل غيرهم، فالدّين ليس للجميع، أمّا الدّولة فهي للجميع، ويجب أن تمثّل الجميع.
السؤال العاشر: ذكرتِ في أحد مقالاتك أن » أنّ خطاب الإسلام السّياسيّ الإفراطيّ ولّد ضديده الإفراطيّ لدى بعض اللّيبراليّين والعلمانيّين ». فهل هذه قاعدة عامة و خيار أزلي؟
هذه آليّة معروفة وليست خيارا. الإفراط الإسلامويّ المتمثّل في شعار « الإسلام هو الحلّ » ولّد إفراطا تعبّر عنه بعض الكتابات التي تقول « الإسلام هو المشكل ». والإفراط المتمثّل في كره الغرب باعتباره كتلة واحدة وتأكيد فكرة صدام الحضارات ولّد الإفراط الذي يعتبر التّدخّل الأمريكيّ العسكريّ حلاّ لمشاكلنا. علينا أن نجد طريقنا وصوتنا خارج هذيْن الإفراطين.
السؤال الحادي عشر: طرحتِ يوما السؤال التالي؛ لماذا لا ترقّ قلوب المثقّفين والإعلاميّين والحكماء والنّجوم العرب لملايين المشرّدين والقتلى والمغتصبين والمجوّعين بإقليم دارفور السوداني ولمجزرة بدأت شتاء 2003 وتتواصل إلى اليوم. لماذا حسب رأيك؟
التّفكير السّياسيّ السّائد في المنابر وفي النّفوس ما زال يحكمه منطق الجموع لا منطق حقوق الإنسان. ومنطق الجموع يولي الاهتمام الأكبر بالزّعماء وبطولاتهم المتوهّمة وبلاغتهم الجوفاء، ولا يولي اهتماما بحقوق الشّعوب التي ينتهكها الزّعماء. وإضافة إلى ذلك، يوجد فكر المؤامرة الذي يعتبر أنّ كلّ قضيّة على وجه الأرض من شأنها أن تلهي النّاس عن قضايا الشّرق الأوسط، وتوجد عنصريّة ضدّ السّود، غير معبّر عنها في التّصريحات العلنيّة ولكنّني أسمعها في المنتديات الخاصّة وأقرأها بين السّطور، وأقرأها في استخدامنا للّغة، وفي تسمية المشارقة للسّود عبيدا. توجد مصالح دوليّة تتعلّق بالنّفط، وتعقّد قضيّة دارفور، ولكنّ هذا لا يبرّر إنكار المثقّفين العرب للجرائم المرتكبة في دارفور. وهذه فضيحة أخلاقيّة أخرى تضاف إلى فضيحة الدّفاع عن الإرهاب وتبريره. المقال الذي كتبته عن دارفور لم يكن تحليلا سياسيّا للوضع في هذا البلد، بل كان نقدا للنّظام الثّقافيّ والإعلاميّ العربيّ انطلاقا من هذه المسألة.
السؤال الثاني عشر: أثار المقال الذي نشرته بأحد المواقع بالانترنت بعنوان « نحن وحزب اللّه والهذيان التّبشيريّ » الكثير من ردود الأفعال العنيفة. وذلك لخروجه عن الخط العام المهيمن على نفسية الشعوب العربية. وأثار موجة عارمة أطلقتها جوقة التخوين و الاتهام بالعمالة و التبعية الفكرية. فلماذا تنتقدين حركة مقاومة ضدّ محتل، لماذا لا تعتبرين الموت من أجل الوطن هدفا ساميا في حدّ ذاته؟
لا أنتقد مقاومة المحتلّ، وإن كنت من المؤمنين بمبدإ اللاّعنف في كلّ شكل من أشكال المقاومة. ولكنّ المشكل المطروح بالنّسبة إلى حزب اللّه هو: أيّ وطن وأيّ مقاومة؟ ما هو الوطن الذي يدافع عنه حزب اللّه وهو يرضخ إلى أجندة إيرانيّة وسوريّة جاءت أحداث ما بعد الحرب بأدلّة أخرى عليها؟ أيّ راية يدافع عنها نصر اللّه إن لم تكن راية الحليفيْن اللّذيْن يُمثّل كلاّ منهما نموذجا للأنظمة الشّموليّة القمعيّة؟ ثمّ أيّ مقاومة تُحوّل الاستشهاد إلى غاية في حدّ ذاتها، وتدفع الوطن بأكمله ثمنا لأمجادها؟ أردتُ أن أقول في هذا المقال إنّ حزب اللّه ليس لبنان، ولا يمثّل مصلحة لبنان، ولا يمثّل الخيار الوحيد للمقاومة.
يفيدنا التّحليل النّفسيّ بوجود مجموعة من العلامات المرضيّة (سندروم) تقوم على استفزاز الخصم قصد إظهار قسوته، واستدراج الضّحيّة للجلاّد حتّى تبرهن على أنّها ضحيّة. وهذا ما رأيته في خطابات زعيم حزب اللّه وفي خياراته. يمكن أن نقول إنّ إسرائيل خسرتْ الحرب وإنّ حزب اللّه حقّق انتصارا عسكريّا عليها، ولكنّ الثّمن المدفوع لهذا الانتصار كان باهظا جدّا. في هذا المقال الذي شنّع عليّ التّونسيّون كتابته، حتّى إنّ منهم من كتب بيانا يبرّئ نفسه منّي (والأمر مضحك فكأنّ هؤلاء قبيلة وكأنّني صعلوكة أو خليعة قرّرت القبيلة التّبرّؤ منها). في هذا المقال، أدنت إسرائيل بكلّ وضوح، وأدنت سياسة حزب اللّه، اعتقادا منّي بجدوى وجود « الثّالث »، والثّالث الذي دافعت عنه هو ما يمثّل الشّرعيّة الدّوليّة والمنتظم الأمميّ. ولكنّ هذه الهيئة كانت ضعيفة أثناء الحرب وهي ضعيفة إلى اليوم، وتلعب الولايات المتّحدة دورا في إضعافها وتقليص مصداقيّتها، لأنّها تريد أن تكون بوليس العالم. لكنّني مع ذلك رأيت أنّه من الواجب التّذكير بهذا الثّالث وبما يرمز إليه. الثالث في كلّ تجارب الحياة هو الذي يأتي ليخلّص من الجنون الثّنائيّ، وهذه هي الخلفيّة النّظريّة والقيميّة التي جعلتني أكتب هذا المقال. نحن لا نريد بوليسا دوليّا يكون دولة من الدّول العظمى، ولا نريد دولتين عظمتين متنافستين كما في أيّام الحرب الباردة، بل نريد هيئة ثالثة تضع حدّا للعنف، وتمثّل سلطة أخلاقيّة وقانونيّة. أغلب المثقّفين أرادوا أن يكونوا إلى جانب خصْم ضدّ خصْم آخر، وأنا ذكّرت بأنّه إذا وُجد خصْمان مُغرقان في الجنون والغضب، فلا بدّ من ثالث مخلّص. كتبت ضدّ تماهي المثقّفين مع هذا الزّعيم ذي المشروع التّيوقراطيّ الذي يطفو على السّطح أحيانا رغم كلّ المراوغات، وضدّ الخلْط بين لبنان الدّولة وحزب اللّه المليشيا الدّينيّة. ولا أفهم إلى اليوم كيف يمكن لمثقّف يعتبر نفسه تقدّميّا أن يرى نفسه في هذا الزّعيم، وكيف يمكن لنفس المثقّف أن يدافع عن نصر اللّه في الصّيف وأن يطالب بالمساواة بين الجنسين في الشّتاء.
السؤال الثالث عشر: و لكن ألا تعتبرين أن الاضطهاد القومي الممارس من قبل إسرائيل تجاه شعوب المنطقة، مبررًا كافيًا من أجل التضحية بالنفس؟
إسرائيل تضطهد وتبني الجدار العازل وتجرف البيوت وتقتل الأطفال ولا تريد حكوماتها سلاما حقيقيّا ولا عادلا، وتدعو ممارساتها اليوميّة إلى اليأس والانتحار. نعم. ولكنّ هذا المعطى لا يبرّئ ساحة العرب، ولا يبرّر العمليّات الانتحاريّة. ماذا فعل الفلسطينيّون في الرّقعة الأرضيّة التي أتيحت لهم وماذا يفعلون اليوم؟ العمليّات الاستشهاديّة ضدّ الفلسطينيّين أدانها الفلسطينيون أنفسهم، وتبيّنت عدم نجاعتها سياسيّا لأنّها ألّبت العالم ضدّهم. المقاومة التي يؤدّي فعلها إلى زوال المقاوم مقاومة فاشلة ومشوّهة. الظّالم لا نردّ عليه بفعل ظالم، بل بالمطالبة بالحقّ وبالشّرعيّة الدّوليّة وبالفعل الإيجابيّ الإبداعيّ. إن كان القمع الإسرائيليّ يدعو بعض الفلسطينيّين إلى اليأس، فلا يحقّ لنا أن نصنع من اليأس والانتحار شعارًا وثقافة، لأنّ اليأس لاأخلاقيّ، ولأنّ حياة الإنسان شيء ثمين ونفيس.
السؤال الأخير: صدرتْ و تصدر في بعض الأحيان و البلدان آراء تكفيرية تحل سفك دماء أصحاب الرأي الحر و المخالف، فما هو تفسيرك؟
هذه الدّعوة أو الأُمنية بالأحرى مظهر آخر من مظاهر تخبّط حركات الإسلام السّياسيّ، بما في ذلك الحركة التّونسيّة التي تُعتبر أكثر اعتدالا من غيرها. هذه الحركة لا تعرف ما تريد، أو لا تقول لنا بوضوح ما تريد. هل تريد الدّيمقراطيّة والتّعدّديّة أم تريد الحفاظ على منظومة الفقه القديم بما فيها حكم الرّدّة الذي يقضي بشنق من يعتبر كافرا؟ هل تريد المساواة والحرّيّة أم تريد انتخابات تُمكّنها من الوصول إلى الحكم؟ حركات الإسلام السّياسيّ التي تقول إنّها تطمح إلى الدّيمقراطيّة لم تتخلّص من النّزعات الفاشيّة إلى اليوم، وهي حركات معارضة، فما بالك بها إذا وصلت إلى سدّة الحكم؟ بعض الأفراد والقياديّين فيها قطعوا شوطا في مراجعة مبادئ الإسلام السّياسيّ، ولكنّ القاعدة العريضة لم تقطع أيّ شوط. وما زال مشروعها أخلاقيّا، وما زالت تعتبر الإسلام حلاّ لكلّ المشاكل، وما زالت تخلط بين العمل السّياسيّ والفكر الدّعويّ الوعظيّ، وتُسقِط الأخلاقيّ الوعظيّ على القانونيّ والسّياسيّ. هناك إسلاميّون أمضوا وثيقة تعترف بمجلّة الأحوال الشّخصيّة ولكنّ الكثير من الإسلاميّين كتبوا في المواقع الإسلاميّة بحِدّة ضدّ هذه الوثيقة وضدّ مجلّة الأحوال الشّخصيّة، وضدّ المساواة في الإرث. إذا استثنينا مطلب العفو التّشريعيّ العامّ وحرّية التّنظّم والتّعبير، وهي المطالب المشتركة بين حركات المعارضة، فإنّ أوضح نقطة في المشروع المجتمعيّ الإسلاميّ تتعلّق بالمرأة وبتقييد حرّيّتها وحجبها. والإسلاميّون إلى اليوم يردّون بحدّة لا نظير لها على الكتابات التي تطالب بالفصل بين الدّين والسّياسة والقانون.
(المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 18 بتاريخ 9 ماي 2007)
هذه الأبيات هي مشروع قصيدة مطولة لم تكتمل بعدُ …
أقدمها هدية متواضعة، لكنها من وهج وجدان نابض حبا واحتراما لقناةٍ بدّدتْ منّي الشك في جدوى الكلمة بعد يأس… وأنعشت فيّ الروح بعد ذبولٍ كاد يكون النهاية …
فألف قبلة على جباه كلّ العاملين في « المستقلة » الحبيبة وعلى رأسها مديرها الكريم : الدكتور الهاشمي …
صلاح داود
لغة الضاد في… ليلة الزفاف
(سفَـر في عالم « المستقلة » عالم الإبداع)
المسـتـقـلةُ أجّـجـتْ نارَ الهـوى
فتهـيّجـتْ تسـتوقـدُ القـرطـاسا
عصفـتْ على أحلامـنا أحلامُها
لمْ تـحـتـكـرْ مَــدَدا ولا كُـرّاسا
فـَلقتْ كَـوامِنَ من جمود وجودنا
فــتـَـوقـّــدتْ أشـواقــنــا قـُــدّاسـا
*****
مِحْـرابُنا في مَعـبد الكلِمِ الصّـدِي وَجَفتْ لهُ كلّ ُالقلوب حِـباسا
واستوثبتْ بُـورَ الحـياة تـفـتّـقـا عشقتْ به بنتُ المجاز جناسا
وترعّـشتْ شهُـبُ الخـيال كناية ً فترجّجت هُوجُ العقول مِراسا
جـلَـلُ الفصاحة من بديع بلاغة عـلـِق البيانَ فأشْعـل الأقـباسا
وبـدَا التساؤلُ حائرا في صبْوة قَدحتْ له كأْسُ التعجّب كـاسا
والوحيُ من هوَس الزوابع تابعٌ هُوجَ استعاراتٍ عـلَتْ أفراسا
وتغـنّجت بِدعُ الحروف تــمايُـسا فجرى لها فاهُ الهـوى بـوّاسـا
وتعـتّــق التـشـبـيهُ يرسُم لــوحةً أرْختْ على جفـْن الطباق نعاسا
والنعـتُ مِن منعــوته مستــنـْفـَـرٌ متعـقّـبٌ خبرَ الــنّــوى عسّاسا
والفاعلُ المرفوع مِن ضمّةِ العُلا حسِـبتْ له ألِـفُ المُثـنَّى بَــاسا
والفـعـل يرقـُبُ اِسـمَه متـصرّفا مِن وَقـْفة الماضي غدا همّاسا
باتت لـعـلّ معَ المضارع حاضرا مِن حزم إنَّ تُـطَـبّـق الأضراسا
وتراقصت معَ ليت صار وأختُها أمسى فــأصبح نورُها نـبـراسا
قَـفزتْ على التمييز من تخْيـيلها صورٌ يـُطـرِّبُ حـالُـها الجُلاسـا
وتجمْهرتْ كلّ ُ النواسخ في جوقةٍ فتـقَــارعَـتْ أبـدالُـنـا أجراسا
هاج المضافُ على المنادَى هائما فبدا الضميرُ المختـفي حَـرّاسا
واسمُ الإشارة يَرْتجي مِن شُحّ لَوْ أنْ يُرجِعَ « المنصورَ » و »العــبّاسا »
ومــنـارةً مِــن حِــقـْـبة ذهـبــيّـة عشِقت لها روحُ »النُّواس » فِراسا »
ويُعـرّفَ النّـكِرَ الذي بالمستـقـــ لّــةِ أتـْـرعـوا أحــبابَهُ أعراسـا
أنّ الهوى،مِن عندنا، بلغ المُنى ما ضـرّنـا،أوْ أعْــلـنَ الإفــلاسا
دُفِـقـتْ لنا، رئةُ الهواء فما أنــا ، إلا يقـيـنـا طــلّــق الــوسـواسا
*****
هـذي القـناةُ تعـطّـرتْ أنـْسامُها
فـتأوّدتْ كُـلّ ُ العـطـور نُـعـاســا
صنعتْ من الإعجاز إشعاعَ النُّهَى
وأمــدّتِ الجـسدَ المـخـدّرَ رَاســــا
فتـبـكّــمتْ أبـواقُ مَنْ دَعـَـرُوا بـنا
حــبَـسـتْ لـهـمْ أنـفاسُـنـا أنـفـاســا
صلاح داود
تونس 26/04/2007