الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: مقتل الشاب محمد عبد العزيز صايا في مطاردة بوليسية الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: أحكام قاسية لمحاكمات ظالمة حرّية و إنصاف: أحكام قاسية في حلقة اليوم من سلسلة المحاكمات السياسية حرّية و إنصاف: اعتقال القلم الحر المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر بتونس: الصحفي سليم بوخذير يحاكم بتهم ملفّقة لجنة عائلات ضحايا قانون الارهاب: مسانـدة واحـتـجـاج الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان :بيـــان مذكرة إلى السادة أعضاء مجلس النواب من الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين صحيفة « الخليج »:حزب تونسي معارض يرفض السماح بترخيص لحزب ديني معتدل موقع « أخبار تونس »:اجتماع المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري – دعوة الى مزيد تطوير المشهد الإعلامي وتكثيف منابر الحوار موقع « ليبيا اليوم »:قورينا: مقتل شاب ليبي بطريقة بشعة داخل الأراضي التونسية معز الجماعي:من مظاهر الفساد المالي في الإتحاد العام التونسي للشغل يوسف الأخضر:الساحة الإسلامية التونسية في انتظار « اردوغان جديد » صـابـر التونسي:سـواك حـار (57) عليّ من تونس: على بن عليّ وأسرته أن يختاروا بعدما اختار اليسار الحرب على الشعب التونسي مرسل الكسيبي :الحزب الاجتماعي التحرري يحكم تونس ! بشير الحامدي: إضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة المطرودون عمدا معركة تهم كل النقابيين لابد من إنجاحها السينمائي والإعلامي التونسي خميس الخياطي لـ »آفـاق »:إذاعة « الزيتونة » تدفع للانغلاق دينيا موقع « مغاربية » :مقابلة مع إقبال الغربي: قراءة نسوية للشريعة مصطفى عبدالله ونيسي: غربة الإنسان ومولد الذئاب في زمن العولمة محمد العروسي الهاني:رسالة مفتوحة للتاريخ إلى خادم الحرمين الشرفين الملك عبد اللله آل سعود .مقترحات حول موسم الحج لهذا العام 1428 هجري د. محمد الهاشمي الحامدي: للتفوق شروط توفيق المديني: تعريف السلام في الثقافة الصهيونية
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة مساجين حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين
نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي في تونس فرجا عاجلا قريبا
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4- نورالدين العرباوي
5- عبدالكريم بعلوش
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبدالنبئ بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
21- رضا عيسى
22- الصادق العكاري
23- هشام بنور
24 – منير غيث
25 – بشير رمضان
حملة تضامنية لمطالبة السلطات التونسية بالكشف عن مصير السجين « كمال المطماطي »
نحن الممضون أسفله نطالب السلطات التونسية بالكشف عن مصير السجين« كمال بن على المطماطي » الذي وقع اعتقاله سنة 1991 بتهمة الانتماء لحركة النهضة و منذ ذلك الحين لا تعرف عائلته عنه شيئا .كما نطالبها بتقديم معلومات حول مدى صحة الرواية التي تناقلها بعض السجناء الذين اعتقلوا معه في نفس الفترة و الذين يرجحون وفاته تحت التعذيب.
الاسم و اللقب الصفة البلد
ترسل الإمضاءات إلى عنوان البريد الإلكتروني
منسق الحملة
معز الجماعي
مقتل الشاب محمد عبد العزيز صايا في مطاردة بوليسية
أحكام قاسية لمحاكمات ظالمة
أحكام قاسية في حلقة اليوم من سلسلة المحاكمات السياسية
اعتقال القلم الحر
الصحفي سليم بوخذير يحاكم بتهم ملفّقة
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان
القيروان في 26 – 11- 2007
بيــــــــــــــــــــــــان
دخل السادة : محمد المومني، أستاذ فلسفة ، علي الجلولي ، أستاذ فلسفة و معز الزغلامي ، أستاذ لغة انقليزية في إضراب عن الطعام بمقر النقابة العامية للتعليم الثانوي بتونس منذ يوم الثلاثاء 20 نوفمبر 2007، وذلك بعد أن رفضت وزارة التربية والتكوين تجديد انتدابهم كأساتذة متعاونين رغم التقارير البيداغوجية والإدارية الجيدة والتي تثبت كفاءتهم في التدريس.
ورغم تدخل الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الثانوي لدى وزير التربية والتكوين ، فان الوزارة المذكورة أصرت على عدم رفع هذه المظلمة عنهم مما يؤكد أن السبب الرئيسي لطردهم هو نشاطهم النقابي ، وانه جاء أساسا على خلفية مشاركتهم في الإضراب الذي دعت له الهياكل النقابية للتعليم الثانوي في 11 افريل 2007.
لذا فان فرعنا يعبر عن مساندته المطلقة للأساتذة المضربين عن الطعام ويحمل وزارة التربية والتكوين كل تعقيد يطرأ على صحتهم. كما يدعو الوزارة المعنية لاحترام الحق النقابي وإعادة الأساتذة المضربين فورا إلى عملهم والكف عن معاقبة المربين بسبب أنشطتهم النقابية التي يضمنها دستور البلاد و كذلك مواثيق حقوق الإنسان العالمية.
إلى ذلك فإننا نهيب بكل مكونات المجتمع المدني لمزيد التضامن مع المضربين دفاعا عن حقهم في الشغل.
عن هيئة فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالقيروان
مسعود الرمضاني
مسانـدة واحـتـجـاج
تونس في 26/11/2007
نحن عائلات ضحايا قانون الارهاب ، نتابع منذ فترة مختلف الاعتداءات و المضايقات التي يتعرض لها الأستاذ الأستاذ الفاضل عبد الرؤوف العيادي ، و منها الاعتداء على حياته الخاصة و عرقلة دفاعه أثناء جلسات المحاكمات و ملاحقة البوليس السياسي له في كل تنقلاته و منعه من الاتصال بزملائه و حرفائه و كان آخرها منعه من زيارة الموقوفين من أبنائنا في السجن.
– نندد بهذه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الأستاذ عبد الرؤوف العيادي بهدف إبعاده عن ملفات أبنائنا.
– نحيي الأستاذ الكبير عبد الرؤوف العيادي و نؤكد له أننا واثقون أنه سيظل ثابتا على الحق مناصرا للمقهورين في وجه الظلم.
لجنة عائلات ضحايا قانون الارهاب
* |
الاسم و اللقب |
الجهة |
1 |
هدى بن خالد |
تونس |
2 |
زينب الشبلي |
منزل بورقيبة |
3 |
فطيمة بوراوي |
قليبية |
4 |
الهذبة الجلاصي |
المحمدية |
5 |
فاطمة الهمامي |
منزل بورقيبة |
6 |
صليحة الهمامي |
منزل بورقيبة |
7 |
جميلة عياد |
أريانة |
8 |
بية الهمامي |
منزل بورقيبة |
9 |
نور الدين بن الشيخ |
بنزرت |
10 |
أم عروة |
بنزرت |
11 |
فاطمة زياني بن بوبكر |
منزل بورقيبة |
12 |
نعيمة الفضيلي |
أم هاني منزل بورقيبة |
13 |
مريم الزغبي |
منزل بورقيبة |
14 |
مبروك بن علية |
منزل بورقيبة |
15 |
زهرة درمول |
أريانة |
16 |
فوزية بن معتوق |
أريانة |
17 |
يمينة العياري |
منزل بورقيبة |
18 |
حدي الفزعي |
منزل بورقيبة |
19 |
بركانة عوني الفزعي |
أريانة |
20 |
فتحية يعقوب |
قبلي |
21 |
كلثوم الحبيب |
العالية |
22 |
منة الامام |
العالية |
23 |
أسماء بن محمد |
بنزرت |
24 |
حبيبة الفرشيشي |
بنزرت |
25 |
أحمد الغزواني |
أريانة |
26 |
رجاء العباشي |
منزل بورقيبة |
27 |
سعيدة بوقديدة |
سوسة |
28 |
سمية الحرشاني |
سيدي بوزيد |
29 |
مبروكة العياري |
سوسة |
30 |
فاتن عبد الصمد |
قبلي |
31 |
نجيبة المرزوقي |
صلامبو |
32 |
شاذلية الشرادي |
جرزونة |
33 |
فاطمة ربيع |
تونس |
34 |
جنات القلعي |
تونس |
35 |
كلثوم عون |
تونس |
36 |
هناء الماكني |
بنزرت |
37 |
نجاة الماجري |
منزل بورقيبة |
38 |
ربح الشطبوري |
سوسة |
39 |
محبوبة البكاري |
سيدي بوزيد |
40 |
منية البلومي |
أريانة |
41 |
منجية الجندوبي |
تونس |
مذكرة إلى السادة أعضاء مجلس النواب من الهيئة الشرعية لجمعية القضاة التونسيين
تونس في 21-11-2007
نتوجه إليكم اليوم و بمناسبة استعدادكم لمناقشة ميزانية وزارة العدل وحقوق الإنسان وفي نطاق الاضطلاع بمسؤوليتنا كهيئة شرعية لجمعية القضاة التونسيين لإبلاغ صوت القضاة لمجلسكم الموقر وعرض مشاغلهم الحقيقية والتذكير بها مجددا
السادة أعضاء المجلس الموقر
إن مطلب القضاة الأساسي ومطمحهم الجوهري كان ولا يزال سنّ قانون أساسي حام للقضاة يكرس المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية ويؤمن أوفر الضمانات لمسيرة القضاة المهنية ومنها بالأساس :
1) مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه الذي يرقى إلى مرتبة المبدأ الدستوري في الدول التي تتخذ من القانون والمؤسسات مرتكزا لأنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
2) إصلاح المجلس الأعلى للقضاء وذلك بسن نظام داخلي له وتنظيم طرق عمله وإدارته على أسس الشفافية والإشراك الفعلي لممثلي القضاة في أعماله واعتماد انتخابات حقيقية لأولئك الممثلين تكفل حرية الترشح وسرية الاقتراع وشفافية الفرز وهي ضمانات غائبة في انتخابات المجلس كما تجرى راهنا.
وإنه لا يفوتنا بهذه المناسبة التذكير بما آل إليه التنقيح الأخير للقانون الأساسي للقضاة بمقتضى القانون عدد 81 لسنة 2005 المؤرخ في 4 أوت 2005 من إغراق لذلك التنقيح بأحكام إجرائية تعلقت بالمادة التأديبية مع غياب المعالجة الشاملة واللازمة سواء لوضع القضاة من حيث ضمانات النقلة والترقية والتأديب، أو لوضع المجلس الأعلى للقضاء وما يتطلبه من إصلاح جوهري وهو ما جعل ذلك التنقيح مخيبا لآمال القضاة لعدم تحقيق وان جزءا يسيرا من مطالبهم التي نادوا بها منذ المؤتمر الثالث للجمعية في 11فيفري 1990 حول » سن الضمانات الكفيلة بجعل القضاء سلطة قوية ومستقلة يكون لها القول الفصل في كل النزاعات التي تنشأ بين الإفراد والجماعات وفي ضمان الحريات العامة والفردية وفي فض النزاعات بين الإطراف الاجتماعية وفي مقاومة ظاهرة العنف وصيانة الأموال العمومية وقيم المجتمع بشكل عام » ( لائحة المؤتمر الثالث )
.و إن ما تم من تفكيك لهياكل الجمعية بواسطة حركة نقل 2005 و ما سلط على أعضائها ومسؤوليها من نقل تعسفية وما يواصل هؤلاء تكبده من معاناة جراء الإقصاء والاستثناء من النقل والترقيات طبق مطالبهم المبررة والمشروعة يقوم شاهدا قويا على هشاشة الوضع القانوني للقاضي وخطورة غياب الضمانات الجوهرية للقضاة من حيث النقلة والترقية وطرق إدارة المجلس الأعلى للقضاء وتأثير ذلك على استقلال القاضي بصفة فردية لما يمثله غياب تلك الضمانات من عوامل رهبة وخوف في أداء الوظيفة القضائية وعلى استقلال القضاء بشكل عام لأن انعدام الضمانات المشار إليها يجعل من اليسير المساس بحق القضاة في الاجتماع والتعبير والدفاع عن مصالحهم المشروعة بواسطة حركة النقل والترقيات.لذلك فإن مطلب الإسراع بسن قانون أساسي حام للقضاة يكرس المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية يبقى مطلبا ملحا ومتأكدا
.السادة أعضاء المجلس الموقر
إن تسليط الضوء على الوضع الراهن للقضاة في ظل القانون الأساسي الحالي وأسلوب عمل المجلس الأعلى للقضاء يكشف عن مجموعة من الأوضاع أهمها :
أولا : على مستوى النقل:
تكرس المنظومة القضائية الحالية مبدأ النقلة الإجبارية للقاضي وذلك في ظل عدم إقرار مبدأ عدم نقلة القاضي إلا برضاه، وما يلاحظ في هذا الصدد أن مقتضيات الفصلين 14 و20 مكرر من القانون الأساسي قد أبقت على إمكانية النقلة في جميع الحالات استنادا لمصلحة العمل. كما يتميز وضع القاضي مقارنة بقطاعات أخرى بـ :
*عدم استقرار القضاة بمراكزهم والتجاء الإدارة إلى نقلتهم تحت عناوين متعددة كالترقية والعقوبة التأديبية ومصلحة العمل والتي تستوعب بدورها حالات شتى كتسديد الشغور أو التسمية بخطط قضائية جديدة أو مواجهة ارتفاع بين في حجم العمل أو توفير الإطار القضائي لمحاكم جديدة… هذا فضلا عن لجوء الإدارة إلى نقلة القاضي دون طلب منه أو امتناعها عن نقلته رغم طلبه المبرر في كثير من الأحيان بدواعي أسرية ملحة وعلى رأسها حق تقريب الزوج لما في ذلك من تأثيرات نفسية واجتماعية على حياته
*غياب أي تنظيم لحركة النقل مما أدى إلى عدم ضبط الأسباب الموجبة للنقلة مع تعدد مقاييس المفاضلة غير الشفافة بين القضاة.
ثانيا : على مستوى الترقية:
يتميز الوضع الحالي ببطء في حركة الترقيات وتزايد عدد المحرومين منها وتضخم قائمات الانتظار وبروز ما أصبح يعرف بين القضاة بظاهرة الرسوب (أي تجاوز أغلبية القضاة للأقدمية المحددة للترقية مع طول مدة التأخير التي أصبحت لا تقل عن 4 سنوات). وظاهرة التسريع في ترقية بعض القضاة في مدة قياسية لاعتبارات غير مهنية والاستناد في اختيار القضاة لبعض الخطط الوظيفية إلى معايير غير مضبوطة.
السادة أعضاء المجلس الموقر،
إن أهمية المطالب المتعلقة بالنقل والترقيات وتنقيح القانون الأساسي في اتجاه إصلاح شامل لتلك الأوضاع لا يحجب عنا المشاغل اليومية للقضاة التي تتعلق أساسا بأوضاعهم المادية وظروف العمل بالمحاكم.
أ) في الوضع المادي للقاضي
إنه لمن الثوابت التي نادت بها المنظمات القضائية الدولية وتم تبنيها على مستوى المواثيق الدولية المتعلقة باستقلال القضاء تمتيع القضاة بأجور محترمة تحفظ هيبة القاضي والسلطة التي يمثلها وتجعله في مأمن من جميع الإغراءات.
وإن ما يلاحظ على مستوى أجور القضاة أن منحة القضاء لم تشهد ترفيعا خارج الزيادات العامة منذ سنين بالرغم من تزايد الأعباء القضائية والاختصاصات المحدثة (قاضي الأسرة، قاضي الضمان الاجتماعي، قاضي السجل التجاري قاضي المؤسسة، قاضي الأطفال قاضي الجباية، قاضي تنفيذ العقوبات إقرار مبدأ التقاضي على درجتين في المادة الجنائية الإرشاد القضائي…) وهي و لئن كانت تمثل مكسبا بالنسبة الى المنظومة القضائية إلا أنها قد زادت في حجم العمل وتشعبه على جميع درجات التقاضي سيما وأنه لا ينتدب لها ولا يرقّى إليها قضاة جدد بل غالبا ما تنضاف إلى أعمال القضاة الأصلية فينجر عن ذلك زيادة في عدد الجلسات وفي حصص المفاوضة وفي الأبحاث القضائية المكتبية والميدانية وتلخيص الأحكام ومراجعتها بعد الرقن بحيث تقع مباشرتها دون مقابل أي دون زيادة على مستوى الأجر.
وإن عدم الزيادة في منحة القضاء خارج الزيادات العامة قد أدى إلى تآكل القدرة الشرائية للقضاة في مواجهة نسق ارتفاع الأسعار وكلفة الحياة خاصة وأن عددا كبيرا منهم يتنقلون للعمل بمحاكم بعيدة عن مقراتهم الأصلية الأمر الذي يفرض على الكثير منهم التخلي عن أجزاء هامة من مرتباتهم في نفقات التنقل والسكن والأمر صالح خاصة بالنسبة إلى قضاة الرتبة الأولى والثانية وهم يمثلون الاغليبية فالعدد الكبير منهم مضطرون إلى إنفاق ما بين 300 و400 دينار أي حوالي 25 إلى 30 بالمائة من مرتباتهم في تسديد نفقات التنقل في ظل الارتفاع المشط لأسعار المحروقات وأعباء السكن والإقامة بعيدا عن أسرهم مع العلم أن هولاء هم الأصغر سنا ولأحوج في مقتبل حياتهم الأسرية إلى الإمكانيات المادية لمواجهة ما يتطلبه مستقبلهم من التزامات ثم أن هولاء المتنقلين هم الذين لا تسمح لهم رتبتاهم بامتياز كميات البنزين الشهرية ، والملاحظ أيضا أن السنوات التي يقضيها هؤلاء بعيدا عن أسرهم صارت تمثل عبئا متزايدا على أسر القضاة في ظل غياب ضمانات النقلة وحق القضاة مثل غيرهم في حياة عائلية عادية يتوفر فيها الحد الأدنى من الاستقرار وهو المبدأ الذي تقره كثير من الأنظمة القضائية في العالم مثلما أقر ذلك فقه القضاء الإداري الفرنسي سنة2002 . لذلك فإن طلب إقرار زيادة في منحة القضاء في الفترة القادمة لفائدة كل القضاة وخارج الزيادات العامة يكون مبررا ومتأكدا.
ثم إنه ومن جهة أخرى وبالنسبة إلى منحة الاستمرار ونظرا إلى أن قضاة التحقيق وقضاة النيابة العمومية وقضاة النواحي بالمناطق النائية يتحملون المسؤولية الأكبر في تأمين حصص الاستمرار( فضلا عن الحصص العادية المقررة لجميع القضاة ) وذلك خارج التوقيت الإداري في النهار و خلال الليل وفي أيام العطل الأسبوعية والرسمية فإنه يكون من العدل إقرار منحة استمرار خاصة بهم تغطي الحصص التي يؤمنونها في أوقات مخصصة في العادة للراحة والحياة العائلية والاحتفال.
ب) في ظروف العمل بالمحاكم:
تطرح هذه النقطة مشكل مقرات المحاكم وحالة القدم والتداعي التي أصبحت عليها العديد منها فضلا عن عدم استجابة الكثير منها لمواصفات المباني المعدة لإيوائها ؛ كما تشكو مكاتب القضاة والكتبة داخل الكثير من المحاكم من الاكتظاظ (المحكمة الابتدائية بتونس، محكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف بتونس) ومن النقص الفادح في التأثيث اللائق من مكاتب وخزائن وستائر وكراس ووسائل عمل ضرورية كالهواتف مع غياب التدفئة والتكييف أو نقصهما كما تفتقر إلى التجهيزات الصحية اللائقة و إلى النظافة والصيانة والتعهد بشكل عام… وتخص هذه الأوضاع عددا كبيرا من المحاكم : قرنبالية وزغوان و الكاف والقصرين وسيدي بوزيد وسليانة وباجة وجندوبة وقفصة ومدنين وسوسة وصفاقس وأغلب محاكم النواحي وعدد من فروع المحكمة العقارية التي تعاني بدورها أوضاعا صعبة ومزرية.
ولا يفوتنا في هذا الصدد الإشارة إلى عدم وجود المكتبات بالمحاكم وإن وجدت فان أغلبها أصبح مكاتب للكتبة في ظل ضيق الحيز المكاني والاكتظاظ كما أن معظمها يفتقد إلى المراجع الضرورية لعمل القضاة و والى الرائد الرسمي المجمّع( مرجع القضاة الأول) والى المجلات القانونية وهي فضلا عن ذلك غير مجهزة بالإعلامية علما وأن الحواسيب لم تعمم بعد على القضاة وأن أغلبهم غير متمكن من التقنية الإعلامية على أهميتها في تعصير القضاء وتحديثه والارتقاء بجودة العدالة كأداة محددة في التنمية البشرية وهو ما يحتم استكمال برامج تأهيل القضاة في هذا المجال وتمكينهم من الحواسيب التي وعدوا بها منذ أكثر من سنتين ولذلك فانه يكون من المتعيّن رصد اعتماد إضافي للنهوض بأوضاع المحاكم
كما أن نقص الكتبة والحجاب في أغلب المحاكم أدى إلى حالة غريبة من تداخل المهام وتقاطع المسؤوليات والوظائف اذ كثيرا ما يتحول الحاجب إلى كاتب والكاتب إلى حاجب والسائق إلى حاجب وكاتب , وعامل التنظيف إلى حاجب وهكذا يعوض الكلّ الكلّ مع ما يعنيه ذلك من خطورة تداخل المسؤوليات وتعذر تحديدها عند الاقتضاء وهو مظهر من مظاهر التخلف الإداري التي لم تعد لائقة . كما أن الأحكام مازالت في عديد المحاكم تأخذ وقتا طويلا لتجد طريقها إلى الرقن بل إن بعض الأحكام الاستعجالية تتعطل أكثر من 4 أشهر وقد تصل هذه المدة إلى 8 أشهر بالنسبة للأحكام الأصلية وذلك بسبب النقص الفادح في إطار الرقن.
ولا بد من الإشارة هنا أيضا وفي آخر هذا الباب إلى ضعف الحماية الأمنية في المحاكم لقلة عدد أعوان الأمن العام أو افتقادهم تماما في كثير من الحالات و بالنسبة إلى الجلسات المكتبية خاصة الشيء الذي يجعل القضاة عرضة للاعتداءات ونشير هنا بالخصوص على سبيل الذكر لا الحصر إلى الاعتداء الذي تعرض له زميلنا قاضي ناحية منزل بوزلفة في أواخر السنة القضائية الماضية ونؤكد لفتا للانتباه على السهولة التي تمكن بها المعتدي من الوصول إلى القاضي الجالس حينها متسلحا بما تسلح به من أدوات خطيرة ثم إلى تمكنه بعد ذلك من الفرار في يسر .وقد أثارت هذه الحاثة دهشة الأوساط القضائية واستغراب الرأي العام الوطني إذ أسهبت الصحافة في ذكر تفاصيلها الغريبة . كما أن ضعف الوجود الأمني قد مكن بعض الموقوفين من الفرار كما حدث ذلك دائما على سبيل الذكر في المحكمة الابتدائية بقابس و محكمة الاستئناف بالكاف .وهو ما يدعونا إلى التشديد على ضرورة تعزيز الطاقم الأمني بمقرات المحاكم.
وفي الأخير ونحن نثير قضية ظروف العمل فان الدعوة موجهة إلى حضرات النواب إلى القيام بزيارات إلى مقرات المحاكم للوقوف على أوضاعها التي لا يمكن لمذكرة غير تفصيلية non exhaustive مثل هذه أن تأتي على دقائقها.
ج ) في حجم العمل:
إن ما يجدر تسجيله في هذا الباب هو غياب مقاييس كمية مضبوطة لعمل القضاة وهذا ما يفرض عليهم داخل المحاكم ذات الكثافة العالية (محاكم المدن الكبرى والمحاكم ذات مرجع النظر الواسع) القيام بالعمل مهما تعاظم حجمه ومهما فاق حدود الطاقة المعقولة. إذ هناك من الجلسات ما أصبح يمتد إلى ساعات متأخرة من الليل.
إن الاكتظاظ بتلك المحاكم والتسارع في نسق العمل بها والتضييق في صلاحية رؤساء الدوائر في تعيين القضايا وتوزيعها على الجلسات بدوائرهم حسب ما تقتضيه تلك القضايا من زمن معقول للفصل وما تتطلبه من جهد أعضاء الدائرة أصبحت عوامل تشكل خطرا على حقوق المتقاضين لزيادة هامش الأخطاء القضائية الناجمة عن ضغط العمل وتجاوزه حدود طاقة القاضي البشرية.
. لذلك فانه من الضروري التفكير في وضع مقاييس مضبوطة ومعلومة لحجم العمل القضائي الموكول لكل قاض طبق الاختصاص وقدرة الشخص العادي على أداء العمل مما يجعل هذه المقاييس تتحول إلى مرجع موضوعي وشفاف يحسم ويحدد مدى احتياجات كل المحاكم للإطار القضائي حتى لا يقع إثقال كاهل القاضي أو المساس بمصلحة المتقاضي.
السادة أعضاء المجلس الموقر
في النهاية نؤكد أن ملاحظاتنا هذه تأتي في نطاق تغذية الحوار البناء بين مجلسكم الموقر و الهياكل المهنية المستقلة ونحن على يقين بأنها ستجد لدى سيادتكم القبول المؤمل و الدعوة موجهة إليكم لتعميق النظر في التشريعات المرتبطة بالنظام القضائي وما تقتضيه من مبادرات التطوير والإصلاح ولايلاء مزيد العناية بإدارة العدالة في بلادنا لدورها المحدد في إرساء أسس المجتمع العادل والآمن ولكم منا في الأخير أسمى معاني الاحترام مع تمنياتنا لكم بالنجاح في أعمالكم.
السيد أحمد الرحموني، الرئيس الشرعي للجمعية
السيدة كلثوم، كنو الكاتب العام
السيدة روضة القرافي، عضو المكتب التنفيذي
السيدة وسيلة الكعبي، عضو المكتب التنفيذي
السيدة ليلى بحرية، عضو الهيئة الإدارية
السيد محمد الخليفي، عضو الهيئة الإدارية
السيد حمادي الرحماني، عضو الهيئة الإدارية
السيدة نورة حمدي، عضو بالجمعية
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
إنّا لله وإنّا إليه راجعون
بلغني اليوم – وأنا في سفر – أنّ ابننا الفاضل (نحسبه ولا نزكّيه) إبراهيم بن عمر السعيداني، المقيم بسويسرا بمدينة فريبورغ والمولود يوم 5 أفريل 1987، قد وافاه الأجل المحتوم البارحة الأحد 25 نوفمبر 2007، بسبب حادث مرور مريع، في حدود الساعة السادسة والنصف مساء، أثناء قيامه بتجربة سيارة كان قد فرغ من إصلاحها.
نسأل الله سبحانه وتعالى له الجنّة ولأبويه الصبر الجميل، وأدعوكم إخوتي وأخواتي إلى الإكثار من الدّعاء لأفراد العائلة، فإنّ الخطب جلل. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون….
لمن أراد الاتّصال للقيام بواجب العزاء: الوالد عمر السعيداني: 0041264364580.
(المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
حزب تونسي معارض يرفض السماح بترخيص لحزب ديني معتدل
أعلن الحزب الاجتماعي التحرري التونسي، وهو حزب معارض معترف به، رفضه القاطع لفكرة منح ترخيص لتأسيس حزب تونسي جديد، يتبنى أطروحات دينية معتدلة.
وقال في بيان أصدره المكتب السياسي للحزب نشر أمس إنه “يرفض رفضا قطعيا كل محاولات الوصل بين المرجع الديني المقدس والتنظيم السياسي”، في إشارة إلى تقارير ذكرت أن السلطات التونسية قد تسمح بتأسيس حزب ديني معتدل، يقطع الطريق أمام الاعتراف بحركة النهضة الاسلامية المحظورة.
واعتبر الحزب الاجتماعي التحرري التونسي أن التراث الديني “ملك مشاع بين كل التونسيين، وأن المعتقد قضية شخصية تدخل ضمن حرية الضمير، من المفروض أن تكون الدولة ضامنة لها، والمعتقد مبدأ مطلق تطرح صيانته في علاقة بكل الأفراد والأقليات في إطار الاحترام الكامل للقوانين والمؤسسات”.
وكانت تقارير ذكرت في وقت سابق أن هناك فكرة قيد الدرس في مراكز صنع القرار في تونس تتعلق باحتمال السماح بتأسيس حزب ديني جديد، إلى جانب الترخيص القانوني ل”حزب اليسار الاشتراكي” الذي شكلته مجموعة منشقة من “حزب العمال الشيوعي” غير المعترف به.
(يو.بي.آي)
(المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الشارقة) الصادرة يوم 26 نوفمبر 2007)
اجتماع المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري
دعوة الى مزيد تطوير المشهد الإعلامي وتكثيف منابر الحوار
أكد المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري أهمية الحوار في تحقيق الوفاق الوطني وأشار لدى اجتماعه يوم الجمعة (23 نوفمبر 2007) برئاسة الأمين العام للحزب السيد منذر ثابت الى أن المرحلة الراهنة تكتسي أهمية بالغة وتتطلب من كل أطراف المجتمع السياسي تطوير آلية الحوار والوفاق بما يساعد على رفع التحديات التي أفرزتها التطورات الدولية على الصعيدين الاقتصادي والسياسي .
ودعا في هذا السياق الى مزيد تطوير المشهد الإعلامي وتكثيف منابر الحوار بما يعكس التعددية التي تشهدها البلاد كما أكد على أهمية مواصلة تجربة اللقاء الديمقراطي ضمن رؤية جديدة تستجيب لاستحقاقات المرحلة القادمة وما تطرحه من إشكاليات ونظر المكتب السياسي من جهة أخرى في عدة مسائل تتصل بتنظيم وبسير عمل هياكله .
(المصدر: موقع « أخبار تونس » (رسمي) بتاريخ 24 نوفمبر 2007)
قورينا: مقتل شاب ليبي بطريقة بشعة داخل الأراضي التونسية
بنغازي- ليبيا اليوم
كشفت جريدة قورينا الصادرة صباح أمس الأحد عن مقتل شاب ليبي بتونس. وقالت الجريدة إن مدينة وادي الليل التونسية شهدت خلال الفترة الماضية جريمة بشعة راح ضحيتها شاب ليبي في مقتبل العمر.
ووفقاً لمصادر مطلعة عثرت الشرطة التونسية على جثة الشاب الليبي بجانب إحدى القنوات المائية، حيث تم إحالة المجني عليه للتشريح الطبي وتبين أن سبب وفاته لم يكن غرقاً في القناة المائية بل تلقيه عدة طعنات.
وخلال محاضر تحقيق شرطة مدينة وادي الليل التونسية تبين أن تحريات الشرطة قادت إلى العثور على سيارة على بعد عدة أمتار من مكان وقوع الجريمة وتبين أن السيارة يملكها المجني عليه وأن الوثائق الموجودة داخلها تشير إلى أنه شاب ليبي الجنسية.
وقالت إحدى الصحف التونسية أثناء رصدها تلك الجريمة إنه بإجراء المزيد من التحريات انحصرت الشبهة في مواطن تونسي من مدينة وادي الليل، حيث اعترف هذا الأخير بجريمته عند إيقافه من قبل الشرطة مؤكداً أنه أقدم على قتل الضحية بعدما رافقه من ليبيا إلى تونس، وأنه بوصولهما إلى مسرح الجريمة طلب القاتل من الشاب الليبي مبلغاً مالياً وعندما رفض الشاب الليبي منحه ذلك المبلغ قام القاتل بتسديد عدة طعنات للمجني عليه، واعترف القاتل أثناء التحقيق أن الشاب الليبي تحامل على نفسه وهرب ولكن الطعنات أدت إلى سقوطه وهلاكه بجوار القناة المائية.
يذكر أن المواطن التونسي الذي قام بالجريمة حكم عليه مؤخراً من قبل الدائرة الجنائية الرابعة بابتدائية تونس بالسجن المؤبد، وأن ذلك المواطن بصدد الطعن في الحكم الصادر ضده بالاستئناف وذلك بعد أن أكد للمحكمة عدم إضماره لنية القتل.
(المصدر: موقع « ليبيا اليوم » بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
الرابط: http://www.libya-alyoum.com
من مظاهر الفساد المالي في الإتحاد العام التونسي للشغل
في الوقت الذي يعاني فيه مئات النقابيين في تونس من الخصاصة بعد عزلهم من عملهم بسبب ممارسة نشاطهم النقابي الذي يضمنه الفصل الثامن من الدستور، أهدى الإتحاد العام التونسي للشغل سيارات جديدة من النوع الفاخر(ميقان كلاسيك) إلى الكتاب العامين لاتحادات الجهوية كما قام بإبدال السيارات القديمة لأعضاء المكتب التنفيذي بسيارات جديدة من نوع(أودي4) .وبعملية حسابية بسيطة نجد أن الإتحاد أنفق قرابة المليار من المليمات على تجديد أسطول سيارات إطاراته ،و برغم ضخامة هذا المبلغ يبقى عينة بسيطة من عينات الفساد المالي الذي ينخر جسم هذه المنظمة النقابية المتورطة مع السلطة في إطار الرشوة السياسية مقابل التزام مركزيتها المسك بزمام الأمور و التصدي لأصوات النقابيين الأحرار المطالبة بتحسين أوضاع العمال في ظل تفاقم الأزمة الاجتماعية في تونس ،فمركزية إتحاد الشغل أصبحت تقريبا تسيطر على أغلب النقابات العامة التي تشكل ثقل و تسعى لجلب ما تبقى(التعليم العالي،الثانوي،الأساسي،الصحة،البريد…) إلى بيت الطاعة ليكونوا شهود زور و أبطال مسرحية سيئة الإخراج .
معز الجماعي
Jemai_moez@yahoo.fr
الساحة الإسلامية التونسية في انتظار « اردوغان جديد »
بقلم: يوسف الأخضر (*)
يشهد الواقع السياسي في تونس حالة احتقان شديدة ، وتدل على ذلك عديد المعطيات ليس هذا مجال استعراضها لان ما يهمنا في هذا المقال ليس السياسي اليومي أو الإجرائي بقدر ما يهمنا مقاربة مبادئ السياسة وأفكارها التي يحتكم إليها الفرقاء مختلفين أو مجتمعين. ونحسب أن الاحتقان المذكور ناتج عن توتر في الخطاب أو عن خطاب متوتر أصلا ينبني على مبدأ رفض الآخر والإقصاء ،وهو نتيجة لتربية نشأ عليها قادة ومفكرو التيارات السياسية المختلفة ،لذلك يحتاج الخروج من هذا المأزق الذي يعيق تطور الحياة السياسية في البلاد إلى مراجعة تطلب شجاعة وجرأة على شاكلة جرأة اردوغان في تركيا، ولا نبالغ إذا ذهبنا إلي القول بأن كل تيار فكري أو حزب سياسي في تونس يحتاج إلى » أردوغانه »الخاص به بما هو رمز للتغيير والثورة على الجمود والتفاعل مع المتغيرات بما يفعل المبادئ الكبرى والأفكار العظيمة في الواقع الاجتماعي.
ولان أردوغان التركي نشأ داخل الحقل الإسلامي ، ولان التيار الإسلامي في تونس يمر بحالة استثنائية كما أن حضوره داخل اللعبة السياسية يكاد يكون محوريا تدور حوله كل المقاربات والمواقف حضورا وغيابا ، ولانه أيضا معطى لا يمكن أن نغفل عنه أو نتجاهله رأينا أن نبدأ بالبحث في خصائص الاردوغان الإسلامي التونسي ، ما هي دواعي الدعوة إلى وجوده ؟هل هي ضرورة ملحة أم حاجة مستقبلية أم تحسين قد يستغني عنه؟ هل هناك من هو مؤهل للقيام بهذا الدور ؟ وهل هناك من هو مستعد لذلك وما هي المهام المرحلية المطلوبة منه و كذلك المهام الاستراتيجية؟كل هذه الأسئلة وغيرها نحاول الإجابة عنها أو مقاربتها من أجل تعميق الحوار حولها .
في البدء لا بد من الإقرار بأن اردوغان التونسي المفترض أو المنتظر لن تكون له من الممهدات الموضوعية التي قد تيسر مهامه لاختلاف الواقع الموضوعي بين تونس ولا تركيا ، وليس مبرر الاختلاف الموضوعي أو الفارق في القياس مدعاة لعدم طرح هذا الإمكان في رأينا بل لعل ذلك يجعل الأمر أكثر إلحاحا لان من ينتظر منه أن يكون في حجم هذا الزعيم التاريخي(فردا ام جماعة)لا بد أن يأتي بما لم تستطعه الأوائل.
ليس من المفيد الوقوف كثيرا عند الحاجة إلى مثل هذه الدعوة لان كل تجربة بشرية تحتاج إلى المراجعة والتغيير طيلة مسيرتها التاريخية إذا رامت أن تنجح أو تحقق أهدافها ،لكن ما هو مطروح هنا هو مستويات هذه الحاجة وقد أشرنا إليها بمصطلحات تستعمل عادة عند علماء الأصول في تصنيف المصلحة(الضروري ، الحاجي ،التحسيني)بما يعني أن هذه الدعوة هي في تقديرنا « مصلحة »بصرف النظر عن درجتها التي سنبحث فيها لاحقا و »المصلحة يدور معها الحكم وجودا وعدما ».
وبمنطق رياضي نلغي احتمال أن تكون هذه المصلحة تحسينية لان التحسيني في درجة المصالح هو تتمة وتكملة للحاجي الذي هو بدوره مفتقر إليه من حيث التوسعة ورفع الضيق ،وإن كان التيار الإسلامي في ضيق يحتاج فيه إلى التوسعة فان ذلك وحده لا يكفي لان هذا التيار في مرحلة إن لم يتوفر له فيها هذا الاردوغان المنتظر » لم تجر مصالحه على استقامة »بحسب تعبير الأصوليين بما يعني أن الدعوة إلى وجود اردوغان التيار الإسلامي في تونس هو بدرجة الضروري غير أن السؤال الذي يجب الإجابة عنه هو ما هي دواعي الضرورة في هذا الإطار ؟
وفي اعتقادنا تنبع الضرورة من جهتين ، جهة أولى هي حاجات هذا التيار إلى مراجعات حقيقية وحسم على المستوى الفكري في عدد من القضايا الجوهرية على أن تكون هذه المراجعات حاسمة وواضحة وهو ما يتطلب جرأة نحسب أنها الدافع لضرورة وجود اردوغان إسلامي تونسي ، أما الجهة الثانية التي تنبع منها ضرورة هذه الدعوة فموضوعية تتعلق بزاوية الاكراهات الواقعية التي يفرضها وجود هذا التيار ضمن مكونات أخرى على الساحة السياسية ما زالت لم تتضح بعد كيفية ولا مبدأ التعامل معها ، وزاوية إكراهات واقعية أخرى تفرض على التيار تفعيل مشاريعه في الواقع الاجتماعي من أجل حلول ناجعة لمشاكل المجتمع وهو ما يتطلب إعادة النظر في جملة من التصورات والآليات المتحكمة في تنزيلها داخل أدبيات هذا التيار وهنا نسأل من هو الشخص المؤهل أو القادر على أن يكون اردوغان الحركة الإسلامية التونسية؟
تتطلب الإجابة عن هذا السؤال معرفة جملة القضايا والتصورات والآليات التي يفترض أن يتجرأ هذا الاردوغان المنتظر على تغييرها أو على الأقل فتح حوار جدي حولها لمراجعتها ، ولان المجال هنا يقصر عن تناول كل القضايا فإن ذكر بعضها قد يساعدنا على مقاربة الإجابة عن سؤال الشخص او الطرف المفترض لهذه المهمة، وفي اعتقادنا توجد قضية رئيسية أولى قد تكون هي قطب الرحى في جملة القضايا الأخرى المطروحة على التيار الإسلامي في تونس وبالتحديد على « أردوغانه المنتظر »لان عدم حسمها إلى الآن يرجع زيادة عن الظروف الموضوعية التي مر بها التيار إلى وجود أزمة حقيقية تتمثل في غياب خيال سياسي قادر على تجاوز ما خلفته محنة التسعينات، هذه القضية هي قضية العلنية وقد يسأل سائل عن علاقة قضية سياسية بقضايا عقدية وفكرية في خطاب التيار الإسلامي ونحسب أن السؤال لا يدرك معنى أن يكون تيار ما علنيا لان العلنية تقتضي الحسم في خيارات التغيير الاستراتيجية بما يحدد أسلوب العمل السياسي، ولن نعتد هنا بسعي التيار الإسلامي للحصول على تأشيرة العمل القانوني لان ذلك وحده لا يكفي لتحرير طاقات الفعل داخل التيار من مكبلات السرية التي تعودها منذ نشاته والتي نحسب أنها راجعة إلى أساسا إلى الخيارات الفكرية والنظرية فالرؤية الفكرية والمنهج الأصولي للحركة الاسلامية في تونس برغم قيمة الجهد الذي بذل في إنجازها لم تستطع أن تساعد الفرد المنتسب لهذه الحركة على حسم رؤيته وبناء شخصيته وبقي فردا لا يقدر على تحديد مرجعيته يتأثر بأدبيات » الإخوان المسلمون » وينفتح على الحداثة ورواح بين التشدد والوسطية ، وتعد هذه الخصال عند البعض ميزة إيجابية تساعد هذا الفرد على التطور والحوار فإن ذلك لا يقلل من خطورة غياب المرجعية المحددة للتوجهات والرؤية العامة ،خطورة تنعكس على مستوى الخطاب الذي يوصف من خصوم التيار بكونه خطابا مزدوجا، ولئن كان للواصفين أغراضهم السياسوية فان الأمر في نظرنا يعد منطقيا إذا نظرنا إليه في ظل غياب المرجعية المحددة فقضايا المرأة والحرية والقبول بالآخر لا يكفي الحسم فيها بقرار مركزي تتخذه قيادة الحركة في مؤسساتها العليا طالما لم تكن الأسس النظرية التي بني عليها واضحة ومتبناة لدى كل المنتسبين لها .
لن يعدم مخالفو هذا الرأي الحجة لابراز العوائق التي تعترض هذا الطرح وتشكك فيه ولكن نحسب أنها على اختلافها وتنوعها تبقى عوائق واقعية بالمعنى الإجرائي للكلمة بما يعني أن على » الاردوغان المنتظر » أن يستنفر كل جهده وطاقاته الفكرية وخياله لإبداع سبل التحرر منها وتجاوزها لان من يقف وراء هذه العوائق قد لا يكون له الاستعداد لفسح المجال أمام هذا التطور خاصة إذا كان من خارج التيار ، وهذا ما يفتح لنا باب البحث عن المؤهل للعب هذا الدور بالنظر إلى واقع وإمكانات التيار الإسلامي ولسنا هنا في وارد التشكيك والبحث في نوايا وذمم المناضلين داخل هذا التيار ولكن البحث يقتضي منا النظر إلى ما هو متوفر في الواقع حتى نستطيع مقاربة الإشكال المطروح.
فإذا انطلقنا من الزعامات التاريخية للتيار نقف أمام صنفين ،صنف أول نحسب أن مساهماته الفكرية والعلمية لم تعد تسمح له بالفعل داخل التيار إلا بقدر الافادة الروحية أو ما تعرف بدرجة الآباء الروحيين ذلك انه قد ثبت بالتجربة فشل الجمع بين وظيفتي المفكر والسياسي للفارق البين بينهما وعلي هذا الصنف أن يحسن توظيف موقعه الجديد ومن هؤلاء نذكر الشيخ الغنوشي والدكتور عبد المجيد النجار، وصنف ثان هو القيادات الميدانية التي تحملت المسؤولية إبان المحنة وهي رموز قدمت وأصابت و أخطأت وعليها أن تعيد النظر في موقعها داخل التيار بما يساعده على التطور دون أن تستقيل بما يعني في نهاية التحليل أن الصنفين غير قادرين على أن يستجيبا لشروط الاردوغان المنتظر، ولم يبق أمامنا غير فئة الشباب الجامعي أو عناصر الاتجاه الإسلامي سابقا فهم وحدهم الآن مؤهلين في نظرنا إلى تطوير التيار الإسلامي في تونس بناء على ما صار يتسم به هؤلاء من نضج فكري بعد ان عاشوا مرحلة لم يكونوا فيها متصدرين للمهام القيادية وكان حجم حضورهم الميداني في الجامعة وما اتسمت به من حراك متواصل يمنعهم من التأمل والمراجعة دون أن يشفع لهم ذلك في التنصل من مسؤولية ما آل إليه وضع التيار الإسلامي بعد التسعينات غير انه في تقديرنا صار لهؤلاء الشباب بعد تجربة السجن والتقدم في البحث العلمي من القدرة على الإلمام بالمتغيرات في الواقع التونسي والتفاعل معها بما يرجع للتيار فعاليته داخل المجتمع ويساعده على المساهمة في الخروج من أزماته السياسية والاجتماعية التي يعاني منها .
ينبع هذا الحكم من قراءة بعض المقالات التي ينشرها هذا الشباب بين الفينة والأخرى وكذلك من تحليل بعض مساهماته في الندوات الفكرية التي تنظمها بعض الجمعيات الثقافية، قد لا يكون ذلك كافيا في نظر البعض ونحن نذهب إلى اكثر من ذلك فقد يقعد هؤلاء الشباب عن القيام بهذه المهمة إذا اشتدت المعوقات الموضوعية أمامهم ولن يعدموها لان المتربصين بالجديد كثر ولا يسعنا هنا إلا أن نراهن على التاريخ وليس في ذلك أي تناقض مع الجرأة التي اشترطناها في « الاردوغان المنتظر » لان هذه الجرأة معطى قائم في واقع الحال تحتاج إلى بعض الوقت.
(*) باحث جامعي
سـواك حـار (57)
الحقائق « ألقت القبض » على عبد الكريم الهاروني لتظفر بهذا الحوار: (الطاهر لعبيدي تونس نيوز عن حقائق) وقد تسلح سي الطاهر في عملية « قبضه » « المدانة » بأسطول من « المخبرين » يحملون أقلاما كالسواريخ وهواتف كأجهزة التفجير عن بعد!! … نسأل الله السلامة لأخينا عبد الكريم الذي صبر حتى مل من صبره الصبر ولم يعد الإعتقال أو القبض يرهبه!! كيف يواصل أحدهم ارتياد البلاد والتنعم بدفئها وشواطئها ورضاء السلطة، وإخوة له لا يزالون يقبعون وراء القضبان وينالهم القيظ والغيظ، وسلطة لا تظهر أي تفاعل إيجابي معهم، وأصبح خلاصهم الفردي بالنسبة لبعضهم كحالة شبه المرمي على الرصيف؟؟؟ (د. خالد الطراولي:الحوار نت عن موقع اللقاء) قُلْ مع القائل: « بلادي وإن رُميت على أرصفتها عزيزة وحاكمها وإن جلد ظهري وقهر إخواني كريم »!! … تسلم وتنعم « بأكل خبزتك مسارقة »!!… مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة وتلك هي الخطوة الأولى لتحرير بقية الإخوة وانظر إلى القطرة التي بالكأس فما الكأس إلا قطرات وقطرات وقطرات !! لازلت أعتقد أن من بين التجمعيين أحرارا وليسوا مندسين، وطنيين وليسوا انتهازيين، يريدون الصالح العام وليس الهم الشخصي والمكسب الفردي، من يحمل داخله نفسا وطنيا وقلقا وانزعاجا مما يدور في الثنايا والدهاليز والأروقة..، (د. خالد الطراولي:الحوار نت عن موقع اللقاء) أعرنا مجهرك يا دكتور لنراهم معك فنظارتي ما عادت تكفي لطول مكثي في « مربع السواد » الذي حجب رؤيتهم عني!! وماذا لو طلبت السلطة من حركة النهضة اعادة التشكل سياسيا(…) ؟…, ماذا لو أبدت السلطة استعدادا سياسيا واضحا للاعتراف بالنهضة أو حزب اخر يحمل مسمى جديدا (…)؟ (مرسل لكسيبي: تونس نيوز عن الوسط) أرأيت لو؟ … أرأيت لو؟ … لست من « الأرئيتيين » ولكني أعلم أن أحدهم جاء فقيها يسأله عن حكم وضوءه لو أنه حمل فوق ظهره قربة مملوءة » … « (بموجب من موجبات الوضوء »ريح ») فرد الفقيه عليه « املأها وضعها على ظهرك ثم عُدْ لأجيبك عن حكم وضوءك حالها »!! وليس من العسير ملاحظة ذلك في أغلب المحطات الحوارية التي جرت على صفحات النات، والتي عبر فيها هذا الطرف أو ذاك من أبناء الحركة عن رغبة في التواصل مع السلطة، أوتحدث فيها عن النصف الملآن من الكأس بدل التركيز عن النصف الفارغ (د.عمر النمري: الحوار نت) نصف فارغة ونصف ملآنة!! … مما أُفرغت وبما مُلأت؟ … ألا ترون معي أن بقاء الأخ الصادق شورو وإخوانه 17 سنة خلف القضبان دليل على أن « كأسكم » قد ملأت نصفها حقدا وشماتة وتنكيلا وأفرغ نصفها الآخر من الرحمة والشهامة؟؟ بالرغم من تفاقم القطيعة بين النخب الحاكمة والشعوب وفقدان هذه الأخيرة الثقة بالنظم التسلطية القائمة، فإن الغالبية العظمى من الرأي العام لا تزال تنظر بصورة سلبية، إن لم تكن بروح الشك، إلى فكرة التغيير. … بل ليس من المؤكد أن للتغيير معنى محددا وواضحا عندها (برهان غليون: تونس نيوز عن الجزيرة نت) سي برهان نحن في تونس ليس لدينا مشكلة مع مصطلح « التغيير » فهو أكثر المصطلحات تداولا عندنا، وقد تصالحنا مع هذا المصطلح… وبعد أن تجذر « التغيير » فينا صرنا ندعوا إلى إلى مصالحة صانعه … بل ومن عشقنا لمصطلح التغيير صرنا ندعو لتغيير « التغيير » ومواجهة « التغيير » بالتغيير ما لم يتغير!! أذكر أنني قلت عن النظام أنه » لا يصلح ولا يصلح » صيف 2000 في مقابلة هاتفية من بيتي المطوق بأربع سيارات بوليس مع قناة تلفزيونية قلبت للقضية ظهر المجن . شاعت هذه المقولة من الخليج للمحيط ، لكن مرتزقة النظام اكتشفوا أن أحسن طرق مقاومتها التهكم عليها . (د. المنصف المرزوقي: الحوارنت عن « وطن ») لم تقلب للقضية ظهر المجن … وإنما « رجعلها شاهد لعقل »!! وطارت « السكرة » وحضرت الفكرة »! مهمة هؤلاء الوحيدة تصريف فعل نطالب بالإصلاح ولذلك أسميهم الطلبة بمعنى المتسولين، أيديهم ممدودة إلى الأمام ورؤسهم منكسة إلى الأرض : يا كريم متاع الله شوية إصلاح يرحم بوك. (د. المنصف المرزوقي: الحوارنت عن « وطن ») (لكم التعليق، فسواكين على بعض يضران باللثة!!) وان كان لنا الحق في تسمية مربعنا كما كان لك الحق في تسمية مربعك، فانه مربع الصمود والصبر والمقاومة السلمية المدنية، التي تجتهد في استجماع عناصر القوة، بتوحيد جهود الخيرين من أبناء تونس، لبناء وطن يتسع للجميع دون اقصاء او استثناء. (علي بن عرفة: الحوار نت) يبدو أن تدافع المربعات في بحر الإسلاميين سيحدث زوبعة تيسر وقوع بعض من مراكبهم في قبضة القرصان!!
سـواك : صـابـر التونسي
على بن عليّ وأسرته أن يختاروا بعدما اختار اليسار الحرب على الشعب التونسي
بقلم: عليّ من تونس
ما هي متطلّبات الحوار؟؟؟
الحوار هو صناعة إجتماعيّة هو فن يتطلّب الإتقان و المهارة ، هو من عمل الأنبياء، والعلماء، والمفكرين، وقادة السياسة، فهو الوسيلة الأولى للتعامل لإزالة الخلافات في مصلحة عامة أو لطرح مصلحة عامّة بما أنّه صناعة فلا بدّ له من إنتاج إذا الحوار يشكل منبعاً أساساً للأفكار المبدعة والحلول المبتكرة، للوصول للتوفيق و التوافق على المصالح و القضايا المشتركة والأفكار المتضاربة. إذا بالحوار تزيل الخلافات وبأقلّ الأضرار الماديّة والمعنويّة و يتوصّل الأطراف الى حلّ يرضي الجميع والنصر الحقيقي من يحقّق مطالبه بدون أضرار للطرف الآخر بالمفهوم الديني والدنيوي من هذا المقياس على النهضة أن ترتّب أولويات المطالب التي سيقع الحوار من أجلها وعليه أطالب المحاور النهضوي =
– أطرح للحوار المطالب المكفولة دستوريّا ( حقّ المواطنة وما يترتّب عنها)…
– كن جديّا و شجاعا في النقاش في القضايا الصعبة بما تؤمّن تشييد أواصر الثقة, يتطلّب التوفيق بين سقف المطالب والمستطاع تحقيقه ( مطالبة بالتمثيل النسبي في البرلمان يطمئّن الآخرين من الإقصاء……..)
– . التمييز بين المسائل الجوهرية والمسائل الثانوية. – تجنّب النقاش والحوار حول الخلافات الحادّة التي تنتظر, والتي لا تحسم إلاّ بمؤسّسة من مؤسّسات الدولة *البرلمان* لا فائدة من وضعها للحوار
( الرّئاسة مدى الحياة ……….)
– ولمصلحتك في تشجيع محاورك على التعاون المثمر تجنب وإياك أخطاء التفكير النمطي، وكن على وعي بما تريد إيصاله. – أزل الحواجز وأعط الآخر فرصة ليتعرف عليك وقدّم مبررات التواصل.
– إبتعد عن الحوار التقييمي للآخر أو النقدي الذي يمكن بسهولة أن يحرج محاورك، ولا بأس من الإشارة بطريقة ودية إلى بعض ما يزعجك ولفت نظر محاورك للآثار السلبية الناجمة عن التصرفات والممارسات الحاليّة قد تودّي الى فقدان الثقة.
– من علامات حسن النيّة والعقلانيّة ذكر بعض إجابيات الآخر وتقديره وحتى إظهار الإعجاب ببعض الإنجازات لديه. لأن التعبير عن المشاعر الإيجابية يحقق تواصلاً متكاملاً ويقرّب في الإشتراك في المصلحة
– البعد عن الأحكام الشاملة والتقييمية السلبيّة أيّ لا تعطي فرصة لمحاورك بعدم جدوى الحوار و إيقافه. – عدم إظهار إمتلاكك الحقيقة دون الآخرين أو أنك الأقدر والأعلم لفهم كل ما يدور من حولنا واستشفاف المستقبل.
– حسّس المحاور إيجابيّة ما فهمته منه حتّى تفرض عليه ترشيد وتوجيه مناخ الحوار.
هذا ما أطرحه على إخوتي في الحركة تفاؤلا وإستباقا. لكن بعد المحاولات المتكرّرة لفتح الحوار مع السلطة ولم تجد الحركة إلاّ الصمت السلبي عناداً وتجاهلاً ورغبة في مكايدة الحركة . مع العلم أنّنا الصوت المنادي بالمصالحة التي تبنى على بداية صفحة جديدة ونسيان الماضي الأليم بتجاوز عذبات إخواننا في الدّاخل نقول قد خاب ظنّنا في ما إنتظرناه في مناسبة العشرينيّة للتغيير. ومع هذا رجاءنا في الله ثمّ الخيّرين من السلطة ندعو السلطة لحوار إيجابي يتّصف بالمسووليّة و الموضوعيّة والواقعيّة وبتفائل وبصدق مع إحترامنا كفئة من الشعب.
لا نريد حوار سلطوي وحوار طريق المسدود. و نطالب بإطلاق كافة إخواننا من السجون وعلى رأسهم رئيس الحركة الدكتور الصّادق شورو مع بقيّة إخوانه حتّى يكون حوار مشجّعا ومبشّرا. وإجابة على متطلّبات الحوار؟؟؟؟؟؟ خيار المصالحة بدون تجاوب من السلطة لا جدوى منها وخيار المعركة الإعلاميّة بدون مقاومة على أرض الواقع تبكي فيها كلّ الأمهات والزوجات و يحرم فيها الجميع من الأمن والأمان لا جدوى منها لا فرق بين إسلامي أو تجمّعي فعلى بن عليّ وأسرته أن يختاروا بعدما إختار اليسار الحرب على الشعب التونسي.
(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
الحزب الاجتماعي التحرري يحكم تونس !
مرسل الكسيبي (*)
ظاهرة سياسية مثيرة تلفت نظر المتابعين للشأن الوطني العام منذ بضعة أشهر , حيث برزت على الساحة التونسية مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي تحاول تقمص دور الناطق الرسمي أو الاعلامي باسم السلطة …!
الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أو حزب الوحدة الشعبية أوالحزب الاجتماعي التحرري : أحزاب بدت أحيانا كثيرة في مقام المتكلم رسميا باسم رئيس الجمهورية أو باسم التجمع الدستوري الديمقراطي دون أن تملك من الحضور السياسي أو القوة الانتخابية أو الانتشار الجماهيري مايسمح لها بأن تلعب هذا الدور …
بمناسبة أو بغير مناسبة حرص بعض هذه الأحزاب وخاصة الحزب الاجتماعي التحرري على المزايدة على صانعي القرار الرسمي من خلال الحسم المسبق في قضايا وطنية تثير كثيرا من النقاش والجدل السياسي أو حتى التأمل لدى النخب التونسية على اختلاف مشاربها وتوجهاتها .
فقبل سنتين ومباشرة بعد انهاء اضراب قادة هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات , عجل بعض هؤلاء بالتشويش على بعض المطالب الوطنية الاصلاحية عبر الاعلان عن تأسيس مااصطلح على تسميته باللقاء الديمقراطي , وكان ذلك حتما اشارة تاريخية سيئة لن تعني في نظرنا غير رفض المطالب الثلاث التي اجتمعت عليها الهيئة الحقوقية والسياسية المذكورة …
رفع قادة حركة 18 أكتوبر مطالبهم الحقوقية المشروعة وطنيا واقليميا وحتى دوليا , ولم يجد بعض هؤلاء مضافا اليهم شريحة سياسية في حركة التجديد غير تعطيل مسار الاصلاح والانفتاح عبر لعب دور السلطة الردعية المضادة لتطلعات التونسيين والتونسيات في التنظم السياسي المشروع والاعلام الحر واخلاء السجون من معتقلي الرأي واستصدار العفو التشريعي العام …!
أضرب قادة الحزب الديمقراطي التقدمي قبل أسابيع عن الطعام مطالبين بحق حزبهم في الحفاظ على مقراته , فلم يكن أمام هذا الثلاثي الحزبي الصغير من سبيل الا أن يلعب دور المزايد في الحفاظ على السيادة الوطنية وحماية الاستقلال ومناوئة ماأسماه فاعلوه بالاستقواء بالأجنبي , وكأن لسان حال هؤلاء يقول أن الوطنية والاستقلال والسيادة الترابية لاتعني من قريب أو بعيد أمثال السادة أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي !!!
تسربت قبل أيام أو قبل أسبوعين أخبار عن تفكير الرئيس بن علي في الاعتراف بحزب مدني ذي خلفية اسلامية معتدلة , فثار غليان البعض حفاظا على مكاسب شخصية أو ايديولوجية بنيت على مصادرة حريات الاخرين وعلى تراجع مكانة تونس في الحقلين السياسي والحقوقي …
الحزب الاجتماعي التحرري سارع الى اختطاف مضمون هذه الرسالة الرئاسية أو التجمعية قبل أن تدخل مرحلة النضج , من أجل أن يعلن في تهافت غير مفهوم رفضه القاطع لفكرة منح ترخيص لتأسيس حزب تونسي جديد، يتبنى أطروحات دينية معتدلة !!!
تفاصيل هذا الخبر المؤسف تم ايرادها هذا اليوم 26 نوفمبر 2007 بطريق وكالة اليونايتد برس انترناشيونال الأمريكية , حيث أوردت هذه الأخيرة بأن الاجتماعي التحرري “يرفض رفضا قطعيا كل محاولات الوصل بين المرجع الديني المقدس والتنظيم السياسي”، في إشارة إلى تقارير ذكرت أن السلطات التونسية قد تسمح بتأسيس حزب ديني معتدل، يقطع الطريق أمام الاعتراف بحركة النهضة الاسلامية المحظورة.
واعتبر الحزب الاجتماعي التحرري التونسي أن التراث الديني “ملك مشاع بين كل التونسيين، وأن المعتقد قضية شخصية تدخل ضمن حرية الضمير، من المفروض أن تكون الدولة ضامنة لها، والمعتقد مبدأ مطلق تطرح صيانته في علاقة بكل الأفراد والأقليات في إطار الاحترام الكامل للقوانين والمؤسسات”.
واذا كان تبرير الحزب الاجتماعي التحرري لايختلف كثيرا في مضمونه عن تبريرات منمقة اللفظ منتقاة العبارة تروج لها بعض الأطراف المتمعشة من قمع التيار الاسلامي المعتدل وباقي الطيف المعارض , فاننا نؤكد بالمقابل على أن مثل هذا التبرير لايتساوق مع جوهر العملية السياسية الديمقراطية التى تحتاج تونسيا الى اعادة الصياغة , بناء على تجارب تركيا وماليزيا وأندونيسيا والمغرب والجزائر والأردن واليمن وموريتانيا والكويت والعراق …,حيث أثبتت المعادلة بأن احتواء التيار الاسلامي سياسيا وتشريكه في الحياة العامة هو أكبر ضمان للنماء والاستقرار بعيدي المدى , ولعله يكفينا النظر الى تجارب الأشقاء المغاربيين في موريتانيا والمغرب الأقصى والجزائر لنستوعب السبيل الأمثل في التعامل مع قضايا سياسية أساسية لايمكن استبعاد التيار الاسلامي الوسطي منها كطرف في معادلة الحل .
(*) كاتب واعلامي تونسي
(المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 26 نوفمبر 2007)
الشبيبة المعارضة في تونس تعيش أحلك أيامها…
تونس 26 نوفمبر2007
إضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة المطرودون عمدا
معركة تهم كل النقابيين لابد من إنجاحها
لماذا إلتجأ الأساتذة معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي المطرودون عن العمل عمدا إلى خوض إضراب جوع دفاعا عن حقهم المشروع في العودة إلى عملهم بعد الإجراء التعسفي الذي تعرضوا إليه من طرف وزارة التربية والتكوين.؟
وبعبارة أوضح :
لماذا يلتجئ منخرطو منظمة نقابية تعرضوا إلى مظلمة إلى خوض هذا الشكل من النضال؟ ولماذا يضع شباب مثلهم حياتهم في الميزان من أجل حقهم في العودة إلى عملهم بعد أن أطردوا منه تعسفا لمشاركتهم في إضراب خاضه قطاعهم خلال السنة الدراسية المنقضية 2006-2007 ؟ ولماذا تعجز منظمة نقابية منخرطوها بمئات الآلاف عن الدفاع عن نقابييها ؟
الإجابة واضحة :
إنها تداعيات الواقع السياسي والنقابي الفاسد السائد اليوم في بلادنا والمستمر منذ أول التسعينيات والمتمثل في تمسك السلطة بسياسة القمع وتكميم الأفواه ومصادرة أبسط الحقوق المدنية ومواصلة البيروقراطية النقابية الانخراط في نهج المشاركة الذي حوّل الإتحاد العام التونسي للشغل من منظمة بيد الشغيلة إلى منظمة بيد الأعراف والدولة.
لقد تعرضت الشغيلة في بلادنا ومنذ أن شرعت الدولة في برنامج التأهيل إلى عمليات طرد وتسريح بالجملة سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العمومي وقد كان العمال المستهدفون وفي كل مرّة يلتجئون إلى أشكال نضالية متقدمة دفاعا عن حقهم في العمل [عمال النسيج بالمكنين ـ عاملات فوشانة ـ عمال معمل السكر بباجة ـ عمال تونس الجوية ـ عمال المغازة العامة بتونس…الخ ] لكن كانت هذه النضالات تفشل في كل مرة ولا تحقق أي مطلب لعدّة أسباب أهمها إصرار السلطة على عدم التراجع ومناورات البيروقراطية النقابية على هذه الأشكال من النضال وتعويمها بإجراء الاتفاقيات المهينة مع الأعراف من وراء ظهر العمال إضافة إلى عامل نقص التعبئة لمساندة مثل هذه الأشكال النضالية الكفاحية من قبل أغلب القيادات النقابية الأساسية والوسطي والوطنية في كل القطاعات وهو الأهم.
ولئن تعامل النقابيون في السابق مع هذه النضالات بكثير من السلبية ولم يعملوا على تأصيل هذه الأشكال النضالية وتعميمها ومساندتها المساندة الفعالة [بالإضراب مثلا] ولئن فوتت المعارضة النقابية المناضلة والنقابيون المحالون على لجنة النظام كذلك فرصة تحويل المعركة ضد التجريد إلى معركة تهم كل النقابيين وذلك برفض المثول أمام « محكمة التجريد » وبالانخراط في أشكال مواجهة قادرة على تعبئة كل المعارضين لهذه الحملة من أجل إسقاط المؤامرة وفرض التراجع علي البيروقراطية النقابية فإن إضراب الجوع الذي يخوضه الأساتذة معزّ الزّغلامي ومحمّد مومني وعلي الجلّولي هو محطة أخرى من محطات هذا النضال الكفاحي لا يجب أن تمر كسابقاتها ولإنجاحها لابدّ من تعبئة قاعدية واسعة لكل النقابيين في كل القطاعات في الجهات وفي إقليم تونس الكبرى لإقامة التجمعات والإعتصامات والإضرابات الاحتجاجية والتضامنية والبدء فورا في قطاع التعليم الثانوي في خوض إضرابات جهوية تتوج بإضراب شامل .إنه الطريق الوحيد لمساندة حقيقية وفعالة للضغط من أجل إرجاع الأساتذة المطرودين عمدا إلى عملهم.
بشير الحامدي
المصدر نشرية » الديمقراطية النقابية و السياسية » عدد 61 ليوم 26 نوفمبر 2007
Liens : http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/
http://groups.google.com/group/democratie_s_p/
السينمائي والإعلامي التونسي خميس الخياطي لـ »آفـاق »:
إذاعة « الزيتونة » تدفع للانغلاق دينيا
تونس- سفيان الشّورابي
لم يعد خافيا اليوم وجود ضغط مكثف تدفع به الحكومة التونسية من أجل « الاحتماء » من سهام التيارات الإسلامية، و »الاتقاء » من موجات التكفير والرمي بالزندقة التي عانت منها سنينا طوال.
وكان سلاح الإعلام، من جملة أدوات صقل الأفكار بشكل عام، التي قولبتها في وظيفة حادت عن أهدافها المطلوبة، وجاء السماح ببعث إذاعة دينية، في وقت انتظر فيه العديد من المراقبين إصلاحات أكثر فائدة، لتبين أن هناك اتجاه بدأ يهيمن داخل السلطة التنفيذية ينذر بعواقب وخيمة قد تهدد مسيرة التونسيين نحو التحديث والعصرنة.
لذلك آثرنا مسائلة خميس الخياطي الأخصائي في حقل الإعلام والسينما، وصاحب كتاب (تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية)، ليشرح لنا تداعيات مثل هذا الانحراف الفكري على مستقبل تونس، فكان الحوار التالي:
آفاق: في خطوة حملت قراءات متعددة، قامت الحكومة بالترخيص لبعث « إذاعة الزيتونة » المختصة بترتيل القرآن على مدار الساعة، وكتب أحدهم أن ذلك يتنزل في إطار « تونسة » الوعظ الديني للتصدي للقنوات الدينية الخليجية. ما هو تقييمك لهذا الرأي، وهل تلحظ، فعلا، وجود اختلاف بين الأمرين؟
الرد الأول الذي يتبادر إلى ذهني له علاقة بما وصف بـ »مصالحة التونسي مع دينه » وكأن البلاد قبل مجيء الرئيس بن علي في العام 87 كانت في قطيعة مع دينها، وهو كلام غير صائب وغير صحيح ويراد منه شيئا آخر سياسي غير المصالحة فحسب.
ثم إن تكون هذه الإذاعة قد أسست للتصدي للقنوات الدينية، فتلك نظرة مغالطة وخطوة لا تأثير لها على المتلقي التونسي لسبب الفوارق الجوهرية القائمة بين الإعلام السمعي-بصري والإعلام السمعي، وكل من يقول بما ذكرت من أدلة، له أغراض غير حقيقة هذه المحطة الإذاعية الدينية.
أكثر من ذلك، إنها تؤكد دون وعي وبصفة إجمالية الخطاب الذي تبثه القنوات الدينية مهما كان مصدرها وباختلاف مناهجها، وتدفع بالتونسي نحو حدود منغلقة على مرجعيته الدينية الرئيسية دون الانفتاح على الغير دينيا وشعائريا وغير ذلك. وهنا يقول المثل التونسي « جا يكحل فيها، عماها »، وهي سياسة متخلفة وتراجعية. ألم يكتب أحد الصحفيين أن وجود مركز بث الإذاعة بقرطاج (الضاحية الشمالية للعاصمة تونس) هو ثأر للإسلام على قرطاجة المسيحية؟ أيوجد غباء أثقل من هذا؟
فيما يخصني، الأسئلة مغايرة تماما. إني لست ضد وجود مثل هذه المحطة الإذاعية شريطة أن تحترم في شأنها بعض القواعد. أن يكون الإسلام العامود الفقري للشخصية التونسية المتعددة المشارب، فذلك أمر لا يشك فيه اثنان عاقلان وعقلانيان.
وبما أن الأمر بهذه الأهمية كما هو الحال بالنسبة للدفاع الوطني أو الأمن المدني مثلا، وهما عنصران مكونان للدولة التونسية، فلماذا لم تؤمر مؤسسة الإذاعات التونسية، أي القطاع العام الذي هو ملك للدولة الساهرة على شؤون كل المواطنين، بإنشاء إذاعة الزيتونة ضمن منظومة الإذاعات التابعة للقطاع العام (الإذاعات الجهوية/الدولية/الشباب/ الثقافية/ الوطنية)، وتكون الدولة هي الباعث الوحيد لعنصر هام من العناصر المكونة للبلاد عوض أن يعهد للقطاع الخاص – مهما كانت قرابته بمركز الدولة – بالسهر على مكون رئيسي من مكونات مجتمعنا التونسي. هذا أمر غريب لا أفهمه في دولة « القانون والمؤسسات ».
كذلك، مدير هذه المحطة معروف كونه يمثل تيار « الإسلام التجمعي » (نسبة للحزب الحاكم)، وبالتالي علاقته بالمرجعية السياسية علاقة عضوية، والمحطة هي تجسيد لهذه العضوية وكل ذلك يصب في وادي استعمال الإسلام لأغراض غير إيمانية، وهو العيب الذي تعيبه الدولة على تيار الإسلام السياسي وها هي تأتي بفعله.
بعض الأسئلة الأخرى: من أين سيكون تمويل الإذاعة مستقبلا والحال أن المحطات، مهما كان نوعها، تعيش من الإشهار؟ من أين تأتي هذه الإذاعة بالأرشيف الذي باتت تبثه؟ وإن اشترته من مؤسسة الإذاعة، ما هي شروط الشراء وكم مقداره؟ ثم ما رأي المجلس الأعلى للاتصال في شأنها؟ أسئلة عديدة تضعها هذه الإذاعة التي وجدت لها الدولة بسرعة البرق موجات « الأف أم » المغطية للتراب التونسي بالكامل ولم تجدها للإذاعة الثقافية التي قيل لنا الكثير عن خيراتها على ثقافة البلاد.
المسألة لا تهم « إذاعة الزيتونة » بصفة خاصة بقدر ما تهم المشهد السمعي – بصري التونسي بأكمله والذي تعمل عليه الدولة بعشوائية لا مثيل لها. وقد نشعر في القريب العاجل مساوئ هذه السياسة.
آفاق: يستند البعض على كون الدستور التونسي يقر أن دين الدولة هو الإسلام لتبرير قيام الدولة بهذا الإجراء. ألا تعتقد أنه حان الوقت للمطالبة بإلغاء هذا الفصل للسماح لجميع المواطنين للتعايش بشكل متساو؟ وإلا فلماذا لا تنشئ الدولة إذاعات خاصة بالمسيحيين وأخرى لليهود الخ؟
وجود هذا الفصل لا يسمح للدولة أن تعمل ما تريد بحسب الأهواء، ثم إن وجد هذا الفصل، فهناك فصل آخر في ذات الدستور يقول بحرية المعتقد وبأن الدولة مسؤولة عن تأمينها. وبالتالي الدولة مسؤولة عن الشعائر الإسلامية، كما هي مسؤولة كذلك عن الديانات السماوية الأخرى.
أنا لست من القائلين بتغييب الدولة عن الميدان الديني، وإلا لتركناه بين أيدي المتزمتين الأصوليين الذين لهم روابط مالية وأيديولوجية خارج البلاد، وكل من يمتلك سياسة واضحة الأهداف في العمل على الشخصية الأساسية التونسية. أتظن بأن دولة فرنسا لا تهتم بالشعائر في مقاطعة الألزاس (شرقي فرنسا)؟ وزارة الداخلية الفرنسية هي كذلك وزارة الشعائر الدينية. أما المطالبة بإلغاء الفصل الأول، فإنه لم يحن وقتها والشعب التونسي لن يتفهمها في ظل الصراع الحضاري الذي يروج له وكأنه صراع ديانات.
سياسة الحكومة تمهد لعودة تيار الإسلام السياسي
آفاق: في أي إطار تموقع الإشارات التي تطلقها الحكومة منذ فترة قصيرة: توجه نحو الاعتراف بحزب ديني، بعث الإذاعة الدينية، عدم الاعتراف بجمعية الدفاع عن اللائكية، مشاركة مكثفة للمسئولين الحكوميين في مناسبات دينية، إلغاء منشور منع الحجاب عن طريق حكم قضائي الخ؟
يقال أنه لسحب البساط من تحت التيار الإسلامي. هراء! إن كان الأمر على هذا النحو، فهي سياسة غبية لأنها تعزز التيار الديني عوض أن تحيد الإسلام الذي يجب أن يخرج من حلبة السياسي. والدولة هي الساهرة الأولى والمؤتمنة على هذا التحييد وهذا الخروج. لو فعلت عكس هذا – كما تفعل هذه الأيام في الإشارات التي ذكرت وأخرى لم تذكرها – فإنها تحفر قبرها بيدها وتمهد لعودة تيار الإسلام السياسي للساحة، إلا إذا كان همّ القائمين على الدولة الاستمرار في السلطة مهما كان الثمن، حتى وإن وضع على كفة عفريت المراجعة مجلة الأحوال الشخصية ومكتسبات أخرى منذ الزمن البورقيبي والتي يرى التيار السياسي-الديني أنها « مقدسات اللائيكية » يجب الإطاحة بها بدعوى مكافحة التغريب، وغير ذلك من الترهات.
سياسة الدولة في هذا المجال غير واضحة، وعديد الإشارات التي تبعث بها غير منسجمة، كما لو كان هناك صراع رؤى داخل دواليب الدولة والحزب الحاكم.
آفاق: أثار كتابك (تسريب الرمل: الخطاب السلفي في الفضائيات العربية) الصادر عن دار سحر بتونس، سجالا هاما، لكونه كشف تبعات الالتحام بين رأس مال الأوليغارشية الخليجية و »المالالي » الإسلاميين في تنميط « العقل العربي ». ما هي أسباب هذا الالتقاء؟
هناك أسباب عدة أختزلها في سبب واحد له عدة أوجه. في الأول، هناك فشل سياسة الدولة الوطنية المستقلة. ثانيا، فشل النخب الوطنية التي قد تكون (في تونس على الأقل) قد ربحت معركة التعليم ومحو الأمية وخسرت معركة الثقافة. ثالثا، هناك مشروع سعودي-خليجي للريادة في العالم العربي عبر الاقتصاد والمشاريع التمويلية المشروطة (البحيرة، مدينة القرن، مدينة عمر المختار، الخ…)، وعبر المرجعية الدينية « الوهابية » تحديدا.
وهنا تدخل شبكة القنوات الفضائية الخليجية العاملة بـ »فكر أصولي مصري » خرج عن الأزهر، والتي تنصب علينا من « نايلسات » بدون رقابة ولا كراس شروط لتفعل فعلها في ذهنية المشاهد التونسي الذي هجر قنواته الوطنية في الأساس. هي أدغال يحكم فيها رأس المال السعودي اعتمادا على الدعاة المصريين ومن شابههم.
الدولة التونسية لا تملك تصورا للمشهد السمعي البصري
آفاق: حسب رأيك، لماذا نجح الخطاب الديني في تكوين هذا الكم الهائل من المناصرين المصدقين والذين انتقلوا من القول إلى الفعل؟
الطبيعة تكره الفراغ. وما لم تقم به التلفزة التونسية، تعوضه التلفزات الأصولية كما تشتهي وتريد عبر الأقمار الاصطناعية وفي غياب « تنسيقية » عربية-عربية ملزمة للجميع، والتي قد يبحث فيها وزراء الإعلام العرب في شهر يناير/كانون الثاني المقبل بالقاهرة.
مرد ذلك هو الضعف الثقافي الموجود حاليا في تونس. حيث لا يوجد بكامل الجمهورية إلا 13 قاعة سينما، قلة قليلة من المسارح، باقة من المهرجانات الصيفية الخاوية المضمون أو ذات المضمون المفتعل، هجران للشارع حيث لا يوجد به إلا الأمن وذوي السوابق وقد تركته العائلة التونسية، الخ. حينما « يسجن » التونسي عن طواعية في منزله وليس له إلا التلفزات والأسطوانات المضغوطة وثلاجته، لماذا لا يسقط في مصيدة الفضائيات دينية كانت أو غنائية.
المسؤولية تقع على الدولة التونسية التي حتى هذه الساعة لا تملك تصورا واضحا للمشهد السمعي البصري الوطني أو أنها تمتلكه ولكنه تصور في الاتجاه الخاطئ. آفاق: قلت في وقت سابق أن غياب الحرية و الشفافية و الحراك الاجتماعي هي التي تهدد بهجرة المشاهدين إلى قنوات تمرّر رسائل سلفية. ألا تعتقد أن تراجع النخب العلمانية عن القيام بدورها، هو الذي أدى، بشكل آخر، إلى مثل هذه الحالة؟
نعم. النخب، علمانية أو غيرها، تراجعت وليس لها « في السوق ما تذوق ». الجواب المركزي اليوم في تونس (أكثر منا في غيرها) هو المال (الذي نعبر عنه بكلمة الدزة = الدافع)، « عندك أو ما عندكش؟ » كما يقول عموم التونسيون. وبالتالي العمل المدني من سياسة ونقابات وجمعيات وغيرها – رغم الكم الهائل الذي تمتلكه تونس من جمعيات – أصبح عمل من لا عمل له، أو من في خلده نية الوصول، أو من يغامر بحياته وحياة عائلته الخ.
والتلفزة التونسية هي من هذا الباب صورة صادقة لمجتمعنا: برنامج « دليلك ملك » الذي يبث في وقت الذروة لخمس سهرات في الأسبوع (من الاثنين حتى الجمعة) ويعاد بثه يوم الغد صباحا وكأن التلفزة فقيرة برمجيا، وتحكم بالتالي على التونسيين بمشاهدته قصرا أو الهجرة إلى القنوات العربية، مع تراجع للقنوت الفرنسية. هذا الأمر غير مقبول من أي زاوية ينظر إليه. وبالتالي غياب البرامج الحوارية « الصحيحة » وليس الكرنفالية، غياب الوثائقيات الجادة وغير المتملقة والمنوعات المرتكزة، الخ.
كل هذا يجعل التونسي ينفر من قناتيه التلفزيتين العموميتين (تونس 7 وتونس 21) وقد أصبحتا على صورة الـ »برافدا » أو يشاهد قناة « حنبعل تي في » القحلة إلا في مادة كرة القدم، ناهيك عن « نسمة تي في » التي اختصت في إعادة بث الكليبات الممجوجة. جرّاء كل هذا، تونس تمون القنوات الخليجية بمشاهديها ولن أستغرب « شيزوفرينية » التونسي الذي قيل عنه أنه من دعاة « إقرأ » صباحا و »روتانا » مساء.
المصدر: « آفـاق » (إخباري- واشنطن) بتاريخ 26 نوفمبر 2007
الرابط: http://www.aafaq.org/news.aspx
مقابلة مع إقبال الغربي: قراءة نسوية للشريعة
حاورت مغاربية الأستاذة بجامعة الزيتونة الدكتورة إقبال الغربي عن دعوتها لما أسمته « قراءة نسوية للشريعة »
أجرى القابلة جمال العرفاوي من تونس لمغاربية
خلال ندوة أقامتها جامعة الزيتونة خلال أكتوبر الماضي دعت السيدة إقبال الغربي أستاذة الشريعة وأصول الدين بالجامعة التونسية إلى قراءة نسوية للنصوص المقدسة وذلك من أجل مصالحة جادة وحقيقية بين الاسلام والقيم الكونية الحديثة. ولتقديم رؤية واضحة لهذا المفهوم الحديث، مغاربية التقت السيدة إقبال وكان معها الحوار التالي.
مغاربية : خلال الندوة التي احتضنتها العاصمة التونسية الشهر الماضي حول « الاسلام واحد ومتعدد » تحدثت عن ميلاد تيار جديد اسمه الإسلام النسوي. ماذا تقصدين بكلمة الاسلام النسوي؟
الغربي : الاسلام النسوي أو النسائي هو قراءة نسوية للنصوص المقدسة وهي قراءة تحاول أن تصالح الاسلام مع القيم الكونية الحديثة وخاصة المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة. وهذا التيارالاسلامي النسوي بدأ في التسعينات وفي الحقيقة ظهر في جميع أركان العالم في الشرق كما في الغرب وهناك تيارات قوية وجدت في إيران وفي أمريكا وماليزيا وباكستان وجنوب أفريقيا وكل هذه التيارات تحاول أن تتجاوز التناقض الأساسي بين القيم الروحية للاسلام، وهي قيم تنص على المساواة بين جميع الأفراد وعلى الكرامة الإنسانية وعلى مبدأ المسؤولية، بين هذه القيم مع واقع القرن السادس الميلادي.
مغاربية : كيف يمكن أن نشرح آيات صريحة في القرآن تدعو إالى ضرب النساء من زاوية الإسلام النسوي؟
الغربي : الاسلام النسوي يتوخى القراءة التاريخية أي القراءة النسبية وهو يقطع مع القراءة الحرفية للنص المقدس يعني أن نأخذ هذه الآيات في سياقها التاريخي والجغرافي ونعتبر أن هناك غائيات للاسلام ليست صالحة في كل زمان ومكان وليست متعالية عن واقعها الحالي المهم أن نصالح الإسلام اليوم مع القيم الكونية فالمساواة بين الجنسين أصبحت قيمة مهمة وثابتة في حياتنا المعاصرة.
وأبرز النساء المدافعات عن الإسلام النسوي يوظفن العلوم الحديثة مثل تاريخ الأديان ومثل اللسانيات والأديان المقارنة للتأكيد على أن هذه الآيات ليست متعالية عن المكان والزمان وأنه بمقدورنا أن نغير وأن نطور هذه القراءات في اتجاه القراءة التقدمية النسوية.
مغاربية : وهل يؤيد الاسلام النسوي إمامة النساء للصلاة حتى وان كانت مختلطة؟
الغربي : إن أول إمامة للنساء قامت بها الاستادة أمينة ودود وهي أمريكية من أصول إفريقية وابنة رجل ديني مسيحي وكانت تحضر معه خطب مارتان لوثر كينغ لذلك تشربت قيم المساواة والعدالة فأمت أول صلاة مختلطة في إفريقيا الجنوبية سنة 95 ثم أمت صلاة مختلطة في الولايات المتحدة، وما أود أن أقوله هو أن النصوص غير واضحة في هذا المجال وعندما نتذكر مقولة الرسول الكريم النساء شقائق الرجال وأن الله خلق كل البشرية من نفس واحدة وأن الكرامة الإنسانية لا تقسم وعندما نتذكر كل هذه المبادئ فلماذا نمنع إمامة المرآة لماذا نقر بإقصاء المرأة من الفضاء المقدس؟.
مغاربية : ألا تخشين من أن تزيد هذه الدعوة من حدة الانقسام الذي يعيشه المسلمون اليوم؟
الغربي : بالعكس نعيش اليوم ما يسمى بصراع الثقافات والحضارات وغالبا ما يصبح هذا الصراع صراع ديانات ودائما ما يؤخذ الإسلام كطرف واحد أي وحدة متجانسة لا يوجد بها أي تناقض وليس فيها تيارات مختلفة بالعكس الإسلام وهنا استحضر قولة المفكر ادارود سعيد الذي قال عندما نتحدث عن الاسلام لسوء الحظ غالبا ما ننسى الزمان والمكان فالإسلام متعدد وله علاقة بالمحيط الاقتصادي والسياسي والثقافي الذي نشا فيه. عندما نستحضر كل هذا ندرك أن الإسلام واحد في العبادات وفي أبعاده الروحية أما في الممارسة اليومية فهو متعدد وليست هناك قراءة واحدة للنص الديني فسيدنا علي قال إن القرآن حمال أوجه، فمند نشأة الإسلام كانت هناك قراءات وتناقضات وهناك صراعات فكرية وهذا ما يمثل ثراء وغنى الإسلام.
مغاربية : ولكن تيار السلفية الذي أصبح حضوره بارزا في الحياة العامة في المنطقة العربية والإسلامية ما زال يصر على أن النساء ناقصات عقل ودين؟
الغربي : دائما هناك تيارات تتصارع تيارات التقدم والحداثة وفي المقابل هناك تيار الردة الذي يريد العودة إلى الماضي وهذا الماضي الوهمي أي الحلم بأشياء لم تحدث في التاريخ على الإطلاق.
وفي هذا الإطار علينا أن نذكر بأن العولمة تذكي هذه الظاهرة فالعولمة هنا بالنسبة للكثيرين تبشر بخطر انحلال الهويات وانحلال الثقافات والقوميات و يواجه كل هذا برد فعل يسميه سيغومند فرويد نرجسية الفوارق الصغيرة فنتشبث بالهوية المريضة وبالهوية السقيمة الهوية التي تقصي الآخر وتقصي خلاصة القيم الكونية.
مغاربية : تعددت خلال السنوات الأخيرة الحوارات واللقاءات بين ممثلي مختلف الأديان في إطار ما يطلق عليه حوار الأديان ولكن ألا ترين في ظل الانقسام والاقتتال بين المسلمين أنفسهم نحتاج اليوم إلى حوار إسلامي قبل الحديث عن الحوار مع الأديان الأخرى؟
الغربي : طبعا الحوار اليوم ليس ترف فكري الحوار اليوم هو حاجة ملحة والحوار الإسلامي المسيحي هو هام والحوار أيضا بين الطوائف الإسلامية هام جدا ولنضع أمام أعيننا أن الصراع الحقيقي اليوم هو ليس صراع مسيحي إسلامي ليس صراع سني شيعي بل هو صراع بين التقدم بين الإنسانية والحيوانية بين الثقافة والهمجية هذا هو الصراع الحقيقي فاليوم لدينا رهانات خطيرة جدا رهانات بيئية ورهانات اقتصادية سياسية وهناك أخطار محدقة بوطننا الحقيقي الذي هو الأرض عندما تكون لنا هذه النظرة الشاملة نقتنع أن الحوار هو حاجة ملحة وليس ترف كما قلت.
(المصدر: موقع « مغاربية » (ممول من طرف وزارة الدفاع الأمريكية) بتاريخ 25 نوفمبر 2007)
الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2007/11/25/feature-02
بسم الله الرحمن الرحيم
ليت مربعك ، أستاذنا، يتسع لكل التونسيين ج 2
مصطفى عبدالله ونيسي / 26ـ 11ـ 2007-11-26
تفاعلا مع مقال د. النجار كتبت نصا في الأيام الفارطة تحدثت في الجزء الأول منه عن ما أسماهم الدكتور بالواقفين على المربع الأبيض ، ووعدت بكتابة الجزء الثاني لأخصصه للواقفين على المربع الأسود و الذين هم في أغلبهم من إخواني ورفاق دربي الذين أحبهم ولا أريد أن أغادرهم بهذه السهولة لألتحق بالطريق الثالث إلاّ و هم معي و حتى لا أغضبهم قررت أن أعدل عن رأي لأعوضه بما هو خير إن شاء الله ، وليعذرني القارئ الكريم عن ذلك . و تعويضا عن وعدي قررت أن أعيد نشر مقال : غربة الإنسان و مولد الذئاب في زمن العولمة الذي قد نُشر في شهر مارس 2004(في المجلة الإلكترونية تونس نيوز) فمضمونه ينسجم تماما مع ما نحن فيه من حوار ، و للقارئ أن يحكم بنفسه . وإليكم المقال :
غربة الإنسان ومولد الذئاب في زمن العولمة
الحيرة و انقلاب الموازين:
لا أخفي على أحد أنني أصبحت في و ضع لا أدري فيه أهُو من حُسن حظّي أم من سُوءه أنني بدأت أدرك بعد هذه السنين الطويلة من المنفى والحياة في عاصمة من أهم عواصم الغرب أننا، كمناضلين و عشاق للحرية، في زمن لا يُسمح لنا فيه بالعيش إلا داخل الغابة التي يُطلقون عليها، تضليلا و مغالطة، حرية السوق والنمو و سعادة الأفراد والشعوب حيث غدت هذه الحرية الموعودة هي حرية أن يلتهم الأقوياء الضعفاء بعد استدراجهم و تجريدهم من كل وسيلة للدفاع عن أنفسهم و كرامتهم. إنه زمن غُربة الإنسان و مولد الذئاب. زمن عُبد فيه المال عبادة، و ما الإنسان فيه إلا سلعة و متاعا، فهو لا يُساوي إلا ما يملك من متاع الدنيا، ولا يحق له أن يملك إلا بقدر ما يساوي في بورصة سوق الذئاب.
زمن يكفي القليل من الذهب فيه ليحوّ ل الأسود إلى أبيض و التقي المجاهد عن شرفه و عزة بلاده إلى مُجرم و إرهابي و الجميل إلى قبيح والبطل إلى خائن والجبان إلى شجاع والفاشل إلى ناجح…..
زمن يُسوى فيه بين الضحية و الجلاًَد و لا حرج. زمن لا مكان فيه لما نُسميه نحنُ العامة من النّاس أخلاقا و فضيلة وأديانا سماوية. زمن اختلت فيه الموازين و انقلبت فيه القيم. إنّها غابة تعيش فيها كلّ المخلوقات إلا الإنسان.غابة يهيمن عليها كلّ ذي ناب من السباع وُيساعده كُلّ ذي مخلب من الطّير، لا مكان فيها للشرفاء ولا خيار لهم إلا المغامرة بحياتهم ومواجهة المتطلعين إلى السلطة والهيمنة على الغابة.
و في لحظة وعي أفرزتها تراكمات أحداث جسام داخل الغابة تساءلت كيف استطعت أن أعيش في غابة تحكمها و تدير شؤونها العّامة و الخاصة سباع ضارية حتّى هذا الوقت؟ تساءلت هل كنت عميلا أم ماذا دهاني وقد كنت أعتقد أنّني شجاع و منا ضل حرّ لا يُشق لي غُبار؟
المهم بالنسبة لي أني استيقظت من سُباتي الذي يبدو أنّه قد طال فاستعذت من الوسواس الخنّاس و حمدت اللّه على هذه السلامة و لو كانت وقتيه و حتّى صورية، وشكوته أيضا سوء حظّي أنّني وُلدت في زمن أصبحت فيه هيمنة السباع أمرا واقعا سائلا إياه سبحانه أن يُفرج همي و يجعل لي مخرجا من حيث أعلم أو لا أعلم. ولأنّ الطبع يغلب التطبّع لم أستطع أن أندمج في فصيلة الذئاب رغم المغريات الكثيرة و المتنوعة بل و غمرتني مشاعر و نوازع تحررية مريبة أربكتني فتساءلت لأول مرّة بيني و بين نفسي هل يا تُرى فيه مجا ل والحال هذه للتمرد والمطالبة بالاستقلال للنجاة من بطش الذئاب أم أنّ الاستسلام والإقتناع بأننّي واحد من قطيع الخرفان و ترويض النفس على ذلك أولى، فلا مستقبل لي و لا أمل في الحياة إلا داخل ما يقرره و يحدده واحد من سادة الذئاب.؟
وفي هذه الغابة المترامية الأطراف ذاقت أنفاسي و أُصبت بالإحباط الشديد والتأزم لمّا يئست من الإصلاح من الدّاخل و بالطرق السّلمية والقانونية، بل وأيقنت أنّني إذا ما تماديت في هذا المسار فإنّني سأسير لا محالة بخطى حثيثة نحو الهاوية و الأسر الذي ليس منه فكاك إذا لم أغضب وأتمرد. و عندئذ تحملت مسؤوليتي التاريخية و بدأت التفكير بجدية في كل الطرق و الوسائل و الحيل المناسبة التي يمكن أن تُخفف من روعي و روع من هم على شاكلتي و تُحقق لي الخلاص الفردي و النجاة بجلدي على أقل تقدير.وفي هذا المناخ المشحون الذّي أملته و فرضته السياسات » الذئبية » فكرت أيضا في مستقبل الأجيال القادمة و خاصة منهم الأطفال الرّضع كيف سيكون؟ أليس من حق هؤلاء علينا أن يحلموا بحياة أفضل بعيدا عن هيمنة الذئاب أم هي نهاية التاريخ كما يدّعي بعضهم؟ (1)
ولأننّي مُشاكس ولا أقد ّر العواقب، ولأنني أيضا متفائل جدّا رغم قتامة الواقع واختلال موازين القوى، لم أتوقف عن التفكير في طرق تتناسب و إمكانياتي المتواضعة جدّا جدا للتمرد و العصيان المدني و إعلان الثورة بطريقتي الخاصة. و بينما أنا مُستغرق في التدبير والتقدير و التخطيط، ألهمني الله تعالى في لمحة بصر رُشدي وقذف في قلبي نورا على الطريقة » الغزّالية » أعاد لي بمُقتضاه ثقتي في نفسي وديني و تاريخي المليء بالبطولات و الأمجاد فعند ذلك أيقنت و صدّقت من جديد بأن الحياة خارج زمن الذّئاب ليس فقط هي الأصل و ممكنة بل هي ضرورة وواجب في آن واحد وأنّ الطريق إلى ذلك هو الإيمان الصّادق و الإخلاص و الحب و الوفاء و العمل الجّاد على التغيير والصمود مهما كانت الظروف صعبة، بل أيقنت بالإضافة إلى ما تقدم أنّ هذا الواقع المرضي و الإستثنائ الذي يحاصرنا من كل ناحية ما هو في الحقيقة إلاّ النتيجة الطبيعية لتقصير الإنسان و إهماله لوا جباته الدّينية و الإنسانيّة وانحرافه عن الوظيفة المركزية التي من أجلها خُلق. » أولمّا أصابتكم مُصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم » (2) في هذه اللحظات العصيبة من التفكير أدركت وشعرت بالحاجة الماسة لكل ما يمكن أن يعينني على المقاومة من أجل ممارسة حقي الطبيعي في الحياة الكريمة.وكاستجابة طبيعية لهذا الشعور التفت يمينا وشمالا و حاولت أن أقلب كل النظريات و الفلسفات فلم أجد أفضل ولا أبلغ ولا أوضح من القران الكريم الذّي يُرشدني إلى قوانين النصر والهزيمة و يمدني بالعون المعنوي والنفسي متذكرا قول الله تعالى » إنّ الله لا يُغير ما بقوم حتّى يُغيروا ما بأنفسهم » (3). أضف إلى ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم التفسير العملي لكتاب الله والمصدر الثاني الذي نلتمس فيه ومنه العون والمدد و نقتبس منه الآليات و المضامين والمشاعر السوية والمعنويات المرتفعة لمواجهة التحديات. و بالعودة إلى التاريخ ومُختلف التجارب الإنسانية القديمة و الحديثة وجدت كمّا هائلا من التجارب والدروس في مقاومة معسكرات الذئاب على مر العصور. لقد كلفت نفسي مثل هذا العناء من البحث والتنقيب عن المصادر الحقيقية للقوة استعدادا للمقاومة و الذود عن مدينة الإنسان حتّى لا تلعني و إخواني من بني الإنسان الأجيال القادمة. ولكن في المقابل لا أذيع سرّا عندما أقول أنّ الحياة الحقيقية الجديرة بالشرفاء ليست أمرا ميسورا ولا هي في مُتناول الجميع إذا لم نبذل الجهد الكافي و المطلوب لنكون جديرين بها وإلا فإنّ عالم الذئاب ليس ببعيد عنّا كما يُمكن أن نتصور لأول وهلة، إذ كل واحد منّا قابل لأن ينقلب إلى ذئب إذا لم ينتبه إلى ذلك سواء بصفة كاملة أو جُزئية. وإذا كانت الذئاب لغزا إلى هذا الحد فما هي الحدود الفاصلة بين عالمي الإنسان و الحيوان أي الذئاب؟
الذئب، الرمز و الدلالة:
لا شك أنّ السباع بكل أنواعها كغيرها من المخلوقات، هي من خلق الله، قد خلقها لحكمة يعلمها و يراها. وهي عندما تقتل إنما تفعل ذلك استجابة لحاجة ضرورية وغريزة بيولوجية هي غريزة الجوع. فهي تقتل لتأكل ولا تقتل للتشفي والتلذّذ بالآم الآخرين. وهي أيضا جزء لا يتجزأ من هذا المحيط الذّي نعيش فيه، بل هي ضرورية للحفاظ على البيئة و توازنها.أمّا السباع التي نعني فهي تلك التي قد خلقها الله ابتداء خلقا سوّيا في صورة إنسان، تكريما و تشريفا و تكليفا إلا أنّها أبت إلا أن ترتكس إلى الوحل طواعية بخروجها على النّاموس الالهي العام فقلدت السباع الضّارية في أسوإ طباعها وخصالها ولؤمها: » لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثمّ رددناه أسفل سافلين… » (4) وذلك بسبب ما ارتكبته من معاص وخروج عمّا أودعه الله في هذا الكون من قوانين: » إن هم إلا كالأنعام بل هم أضّل سبيلا… » (5) وقد حُذّرنا منذ زمن بعيد من الشّيطان ذئب الإنسان حتى لا يكون مصيرنا كمصير الشّا ة القاصية فينفرد بها الذّئب: » الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ من الغنم القاصية، إياكم و الشعاب وعليكم بالعامة و الجماعة والمساجد » (6)
كما أنّ النبيّ صلى الله عليه و سلّم أوصانا بالحذر من كثير من الدّواب و الكواسر و الحشرات لما تُمثله من خطر على حياة النّاس و أمنهم: « خمس من الدّواب لا حرج على من قتلهنّ:الغراب والحدأة والفأرة والعقرب و الكلب العقور(7) »(8) وللذئب صفات يُضرب بها المثل، كُلها تنطبق و زيادة على بعض النّاس، منها الغدر و الخبث والخيانة والجرأة و اليقظة واللؤم وسرعة الجوع… ولذا قالوا قديما: من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم ويُروى أنّ امرأة من بني اسرائيل وجدت ذئبا صغيرا يكاد يموت جوعا و نظرا لقلة معرفتها بطبيعة الذئاب أشفقت عليه المسكينة وأخذته لبيتها و ربته مع شاتها الوحيدة، فكان يشرب من لبنها و يتدثر بصوفها ولمّا كبُر و اشتدّ عُوده قتل الِشّاة و أكلها فقالت المرأة فيه بعد فوات الأوان:
بقرت شُويهتي وفجعت قلبي وأنت لشاتنا ولد ربيب
غُذّيت بدرها و رُبيت فينا فمن أنبأك أنّ أباك ذئب
إذا كان الطباع طباع سوء فلا أدب يُفيد ولا أديب
ومن عجائب الذئب أنّه لا يأمن لأحد، فشُغلُه الشاغل هو أمنه الخاص أوّلا، ولذا فهو لا ينام إلا بإحدى عينيه و يحرس بالأُخرى. فهو لا يُقيِّمُ مَن حوله إلاّ من خلال وعلى خلفية أفعاله و خصاله و قد قال فيه احد الشعراء: ينام بإحدى مُقلتيه و يتقي بأُخرى الأعادي، فهو يقظان هاجعُ
ولكن حتّى نكون من أهل القسط ومن الشهداء بالحق فإنّ هذه الكواسر والسباع و ما قد نُطلقه عليها من أوصاف إلاّ أنّها لم تخرج يوما عن مُمارسة دورها المرسوم لها مُسبقا، بل إنّها لمّا طلب منها عُقبة بن نافع أن تخرج من الغابة التي على أنقاضها بنى مدينة القيروان، و جامعها الكبير، لتكون عاصمة ومنطلقا جديدا للفتح الإسلامي في بلاد المغرب، خرجت طواعية و من دون إكراه وهو ما لا يُمكن للسباع الآدمية أن تستوعبه أو تفهمه أو تطيقه. و يكفي أن ننظر إلى شارون و اله وبوش و صحبه وصدّام و زبانيته سابقا و كلّ من كان على شاكلتهم و دينهم، فبماذا يتميز هؤلاء الرهط من السباع الآدمية إذا ما قارنا أفعالهم الإجرامية و العُدوانية بأفعال غيرهم من بقية السباع مُجتمعة. بل إننا عندئذ قد نظلم الذئاب الحقيقية ظلما كبيرا لأنّ الذئاب الرمزية من بني جلدتنا هُمُ أشدّ مكرا و فتكا وبطشا و أكثر قُدرة على الظلم، وهم لا يفعلون ذلك للضرورة و إنّما يفعلون ذلك حبّا للتسلط و الهيمنة و القهر.
المقاومة و إرادة الحياة:
وبناء على ما تقدم فإنّ إرادة الحياة اللائقة بالإنسان السّوي تستدعي منّا قرارا حاسما و عاجلا على المقاومة و التصدي و هي بالتالي لا تحتمل التردد و الخوف و التأجيل، لأنه لولا خوفنا و ترددنا وانغلاقنا و جُبننا ما استطاعت الذئاب في يوم من الأيام أن تبني قصورها و عروشها، وكم نهانا الرسول صلى الله عليه و سلّم وحذرنا من الخوف وحبّ الدنيا و كراهية الموت الشريف وقد كان شعار كثير من أسلافنا المجاهدين »اطلبوا الموت توهب لكم الحياة ». وجدير بنا أن ننسج على منوال هؤلاء الكرام إذا ما أردنا الحياة عزيزة و كريمة ليُمارس الإنسان حقه في الحياة كمخلوق جدير بالخلافة و عمارة الأرض بكل حرية و أمان.
إصلاحُ الغابةِ أم » أنسَنَة ُ » السِّبَاعِ:
لقد أدركت أيضا نتيجة لصحوة الضمير هذه، وتراكم التجارب المتعددة و المتنوعة، وإفرازا مُرّا لحياة المنفى و البعد عن الأهل والدّيار أنّ المناضل محكوم، أحب أم كره، بواقع مُعقد و مُركب و لا يمكنه بحال أن يقلب الواقع بفكره و حُسن نواياه لأن الفكر وحده ليس هو الجزء المُحدّد في عملية التغيير والإصلاح. كما أن الغابة لا يُمكن إصلاحها أيضا عن طريق المعجزات والوصفات الجاهزة.
فالإصلاح عملية مُركبة، والمبادئ مهما كانت جميلة لا تُجدي نفعا كبيرا إذا لم تصحبها إرادة قوية وتصميم على الفعل لا حدود له « لقد أرسلنا رُسُلنا بالبينات و أنزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم النّاس بالقسط و أنزلنا الحديد فيه بأس شديد و منافع للنّاس »(9)
فالنجاح ليس هِبَة َ َ تُعطى وإنّما هو كسب مشروط، بالإضافة إلى صحة الفكرة في عُمومها وسلامة القصد والتوكل على الله ، بالفعل الجاد والمبادرة والأخذ بأسباب النجاح والنزول إلى الميدان والجهاد بالمال والوقت والنّفس إن لزم الأمر و خاصة في زمن المعارك المفروضة علينا. فإرادة الحياة بطبيعتها لا تحتمل الاستقالة والسلبية والبقاء على الربوة بعيدا عن الصراع والاكتفاء بدور المتفرج الذّي قد لا يتوقف عن لعن الذئاب وأفعالهم و التعلق بالسمّاء وهي بعيدة عنه مكتفيا بالدّعوة إلى الخير وهو لا يدري أنّ السماء لا تُمطر ذهبا ولا فضة. أحسب أننّا مُطالبون أن ننزل إلى الأرض لنثبت عليها أقدامنا و نتعرف على واقعنا من قريب مهما كان حاله ونتفاعل معه سلبا وإيجابا فننحاز إلى الجميل منه أو على الأقل إلى ما هو أقل سوءا و ضررا عند الضرورة والإكراه .لا شك أن الممازجة بين المثال الذي يطمح إليه الإنسان و السمو الذّي بشر به الأنبياء و الحكماء من جهة و التاريخ البشري بمُختلف منعطفاته الحلوة والمرّة من جهة ثانية هو من صلب عمل الإنسان وهو المسئول الأول عن توجيهه وتوظيفه لخدمة الحضارة الإنسانية. إنني، بعد هذه السنين الطويلة من محاولة السّباحة ضد التيار المفروض علينا في الدّاخل والخارج، أعترف أن هذا الجهد المتعدد المستويات، و أن هذا الأمل في عملية تحرير الإنسان ليس أمرا سهلا بالمرة وأنّ ذلك يتطلب همة عالية كهمة سيّدنا إبراهيم عليه السلام و إيمانا يتجاوز منطقنا البسيط والمحدود و أخلاقياتنا العادية ولكنه رغم ذلك يبقى أمرا ضروريا وقابلا للتحقق في نفس الوقت لأن الله لا يّكلف نفسا إلا وُسعها ولأن الاستطاعة الإنسانية قادرة على تحقيق ذلك. إنه الإيمان با لنهايات السّعيدة التي منها يستمد الإنسان شرعيته و قوامته على سائر المخلوقات.
إرادة الحياة بين البدايات و النهايات:
إنّ البحث عن الوسائل المناسبة لتحقيق تلك النهايات السعيدة هو عملية اجتهادية بشرية بحتة. و من أهم الوسائل و أخطرها تأثيرا على تحقيق هذه النهايات هو ما نُسميه « بالفعل السياسي ».فالسياسة وسيلة نوعية و مُتميزة في تقرير مصير الإنسان سلبا و إيجابا. وهو ما فهمه المُتطلعون إلى السلطة في كل زمان ومكان فحرصوا على احتكار هذه الوسيلة ولو عن طريق القتل والإرهاب وسفك الدّماء ولذلك لا نستغرب عندما نسمع هؤلاء ونراهم في إعلامهم مُسخرين كل ثروات الدّولة المادية و المعنوية يرددون صباحا و مساء : »أيها النّاس إنّ السياسة حرام عليكم إلى يوم الدّين، حلال علينا وحدنا معشر السباع، فاجتنبوها إنها ّ رجس من عمل الشيطان و إلا فسيطالكم لا محالة غضبنا وتكونون من الخاسرين. »
ولأنّنا طيّبون، وعاطفيون، وخائفون، ومُترددون، كان يؤثر فينا كثيرا هذا القول البليغ، فنُعيد، نحن المُواطنون المُسالمون جدّا، إنتاج هذا الخطاب السديد والكلام الرّشيد بأساليبنا الخاصة مرددين بلا كلل ولا ملل أن السياسة قد ماتت و أنّها رجس من وحي الشيطان وأن اجتنابها قدر المُستطاع خير عند الله مُكتفين بموقع المحكوم فيه إلى الأبد، و نحن والحمد لله راضون ومُقتنعون، لا موقف لنا ولا رأي إلاّ ما يراه ويقرره الحاكم المعصوم الذّي لا ينبغي مُراجعته ولا إدانته إلى يوم الدّين.
ولكن على الطرف الآخر، من هذه الحقيقة التي أرادت السباع أن تُكرسها، نجد إرث الأنبياء والمصلحين يشدّنا إلى الأعلى دائما ويمنعنا من السقوط وينير لنا الطريق و يلقننا حقائق أخرى لا قبل للسباع بها . لقد تعلمنا من هؤلاء أنّ الحياة في عالمنا البشري ليست حقيقة مُطلقة و مؤكدة و مكتملة الصنع و أنّ الله أوجب علينا أن نُنجزها بما يتماشى و يخدم مصلحة الإنسان و ازدهاره، وتحقيقُ ذلك لا يُمكن أن يتم ذلك إلا عن طريق الإرادة العامة و الشعور المشترك بالمسؤولية الجماعية التّي تمُدُّنا بالإحساس المُرهف و تُلهب فينا مشاعر الرّحمة و الأخوة والتعاطف والتعاون والغيرة على الضعيف والمظلوم، فنجعل من كل واحد منّا مسئولا عن كل الآخرين »كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ». فالسياسة على ضوء هدي الأنبياء هي: »ما كان فعلا يكون معه النّاس أقرب إلى الصلاح و أبعد عن الفساد وإن لم يضعه الرّسول ولا نزل به الوحي » (10) فوسيلة على هذه الدرجة من الخطورة ينبغي أن يُعاد لها الاعتبار و أن تُحظى بالأولوية إذا ما أردنا تحرير الغابة من هيمنة الذئاب وجعلها واحة أمن وسلام للتعايش السّلمي بين المواطنين من كل دين و ملّة. « ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب » (11)
كما أن العمل على توفير الأسباب التّي تسمح لكل مواطن يحمل داخله بذرة خير أو عبقرية أو موهبة ولو كانت جُزئية أن يُعبر عنها و يُفجرها علما و فكرا وحضارة وفنّا و أدبا هي واجب، خدمة للناس وللكون. وحتى يؤدى الواحد منّا واجباته بهمة عالية و تفان فهو مُحتاج إلى أن يطمئن على أهله و نفسه عرضه ودينه. إنّ ما يُميز الإنسان عن غيره هو أنه كائن حرّ، والحرّية هي طريقه للفاعليّة و التألق في خدمة الصالح العام للمجتمع و الشعب و النّاس جميعا.إنّ هذا العالم، الذي أرادت الذّئاب أن تجعل منه مُجرد غابة تعبث فيها كيفما تشاء، كُلّه وطني، أينما انتُهكت حقوق الإنسان فيه و أهدرت كرامته شعرت بالألم و المرارة. و أنّ ما يُضاعف ألمي و يُعمق جُرحي هو أنّ مُعظم زعمائنا السياسيين و الروحانيين لا يعون و لا يُقدرون حجم ما نحن فيه من مخاطر وإذا ما وعُوا فإنهم لا يتمردون…
وما يُغضبُني أيضا أن مُعارضاتنا السياسية و الفكرية ينتقدون لأنهم لا يحكمون ولكنهم أيضا لا يتجرؤون ولا يُبادرون ولا يكادون يتميزون عمّا ينتقدون…..
يا حكامنا و يا حكماءنا و زعماءنا و يا مُعارضينا، رسميين و غير رسميين، هل من صحوة ضمير تُعيد لنا رُشدنا ؟ لنقاوم معا ،جنبا إلى جنب ما يُسمى « بالعولمة »و خاصة منها الاقتصادية التي ما هي في الحقيقة وإن اختلفت المسميات إلا الوريث الطبيعي و بأ قل الأثمان للاستعمار القديم و إلاّ فإنّ بوش وشارون و من كان على دينهما سيحطموننا و يذبحون أبناءنا و يستحيون نساءنا و يستبيحون دماءنا و أعراضنا،نستوي في ذلك حكامّا و محكومين . إن مُقاومة هؤلاء الذّين يكذبون علينا و يُلحون علينا أن نُلغ عقولنا لنعيش فقط ببطوننا و غرائزنا هي ضرورة قبل أن تكون واجبا و حقّا مشروعا.
إنّ التّصدي لهؤلاء الذين يريدون أن يفرضوا علينا بقوة المليارات و الصواريخ العابرة للقارات تاريخا كاذبا و مُستقبلا « ديمقراطيا » وهميا لا أساس له في الحقيقة إلا الفراغ والدمار الشامل والموت البطيء والمدروس هو شرف لكل مُقاوم وعلامة انتصار لا تُخطئ. إنّ مُقاومة هؤلاء في الدّاخل والخارج هي واجب ديني و إنساني مهما كانت الإمكانيات مُتواضعة ولو عن طريق الكلمة الصادقة أو نُكران الضمير الحي وذلك أضعف الإيمان. و من النضال أيضا أن لا نكُفّ عن إعلان حقائقنا ولو كانت جُزئية ومُضطربة من سوء ما نحن فيه من ضغط و من سوء ما نُعانيه من ظُلم و حيف. علينا جميعا أن نصبر على هذه الحال ولا نستسلم إلى أن يأتي الله بالفرج ونبني مكانا آمنا نعشق فيه الجمال والفضيلة والخير والعدل والحرية و نشعر فيه بالأمن و الأمان، وعند ذلك نُعيد ترتيب أوضاعنا المُبعثرة و أفكارنا المُشتتة ونُعلن حقائقنا كاملة غير منقوصة وقد نُساهم أيضا في بناء مشروع السّلام العادل.
فيا أحرار العالم في كل مكان ومن كل ملّة و دين لنتعاون على تحرير جزء مهما كان صغيرا من هذه الغابة المُوحشة نتخذه مُنطلقا لتحرير ما تبقى من الغابة ونزرعه قمحا و شعيرا و نغرسه تينا و زيتونا و رمّانا ونخلا و عنبا. و من الأفضل أيضا أن لا ننسى زرع شيء من الورود والأزهار، كالقرنفل و الياسمين، فنستبد ل رائحة الذئاب و عُواءها برائحة الأزهار و زقزقة العصافير وهي تُغني للحياة فنُغني معها أُنشودة الحياة الخالدة: »إذا الشّعب يوما أراد الحياة…..فلا بُدّ أن يستجيب القدر » (12)
إن ولادة الإنسان السّوي تعني موت هذه الذئاب المُنصبة علينا بقوة الحديد والنار أو على الأقل و في أسوإ الحالات تراجعها إلى حجمها الطبيعي الذّي من أجله خُلقت لا تتجاوزه قيد أنملة.
يا شرفاء العالم، إن النجاة من « زمن العولمة »هو العمل الجاد والمُشترك على تأسيس « عالمية إنسانية »
جديدة، قوامها الرّحمة والتعارف والتعاون والتكامل و بإيجاز تحقيق إنسانية الإنسان. وذلك هو الخيار الذّي سيُضفي على حياتنا القصيرة معنى وكرامة: « يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم « (13)
ليعذرني قارئ هذه الصفحات على ما تعكسه من قتامة وهموم ولكن ليعلم أن هذه الخواطر ولئن كانت
مُوغلة في التشاؤم إلاّ أنها لم تبن على فراغ وإنّما أملتها أحداث جسام عاشها العالم بصفة عامة و العالم الإسلامي بصفة خاصة ومنها نذكُر ما عرف في تاريخ هزائمنا بنكسة 5حزيران (جوان) 1967 وحرب الخليج الأولى ثمّ الثانية و غزو لبنان و مذبحة صبرا وشاتيلا وأحداث الجزائر و أحداث 11 سبتمر 2003 واحتلال أفغانستان والعراق من طرف الإدارة الأمريكية وأحلافها. وهي كُلها أحداث فرضتها أياد استعمارية وعُنصرية لا هم لها إلاّ التسلط و الهيمنة على الشعوب المُستضعفة. فإلى متى سنظل على هذه الحال ولا يكون ردّ الفعل في المستوى المطلوب.
إنّ هذا النص هو دعوة للإنتباه واليقظة أولا وهو دعوة للبناء وإرادة الحياة وتهيئة الأسباب لزرع الأمل من جديد ثانيا.
باريس ليلة الإثنين22 مارس2004
المُوافق ل1صفر1425للهجرة.
الهوامش
1) من هؤلاء ،نذكر « فوكوياما »
2) سورة ال عمران165
3) سورة الرعد: اية11
4) سورة التين: اية 4 و5
5) سورة الفرقان: اية 44
6) رواه أحمد
7) العقور هو ما هاجم الإنسان كالنمر و الأسد
8) متفق عليه
9) سورة الحديد: اية 35
10) ابن القيّم: الطرق الحكمية
11) قاعدة أصولية كلية
12)من ديوان لأبي القاسم الشّابي
13) سورة الحجرات :اية 13
14) استشهد هو بدوره بعد مدة وجيزة
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين بقلم محمد العروسي الهاني
الرسالة رقم
347 مناضل وطني وكاتب في الشأن العربيموقع تونس نيوز رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا
قناة العربية لها دور فاعل لإبلاغ الرسالة
رسالة مفتوحة للتاريخ إلى خادم الحرمين الشرفين الملك عبد اللله آل سعود
مقترحات حول موسم الحج لهذا العام 1428 هجري
على بركة الله تعالى وعونه وتوفيقه يسرني كمناضل وطني وكاتب في الشأن العربي والإقليمي ورئيس شعبة الصحافة الحزبية حزب النضال والتحرير سابقا أن أتقدم بأسمى آيات التهاني وأجمل الأماني لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود ملك المملكة العربية السعودية نصره الله وحفظه للأمة الإسلامية بوصفه رمزا وقائدا وزعيما عربيا
شهما ومصلحا وقدوة لقادة الدول العربية والإسلامية نعتز بموافقة وسداد رأيه وعمق تجربته وبعد نظره وخوف من الله وإيمانه العميق بالإسلام والسنة المحمدية صاحب الأنفة والعزة والشموخ العربي والشخصية القوية في العالم الإسلامي والقائد الحكيم لدعم المصلحة العربية والإسلامية وبصماتكم يعرفها القاصي والداني وأنتم بكل المقاييس قدوة لأمتنا العربية والإسلامية والأب الروحي للشعوب العربية والإسلامية اعتبارا لمكانة السعودية في قلوبنا، والأراضي المقدسة في وجداننا، ومكة المكرمة في عقولنا، والمدينة المنورة على صاحبها ومؤسسها وساكنها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أحسسنا وضميرنا، وحياتنا اليومية، ووجداننا وعمقنا الروحي والديني والعقلي، وأنّ مكانة المملكة العربية السعودية هي في قلب كل مسلم يؤمن بالله وكتابه ورسوله ويعتزّ بأول بيت وضعت للناس مكمة المكرمة أقدس أرض وأعظم مكان وأشرف وأطهر أرض الله على الإطلاق وإن المؤمن المسلم أعظم رحلة عنده هي شدَ الرحال إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة وإن شاء الله بيت المقدس تصديقا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. خادم الحرمين الشريفين تقديرا لدوركم الكبير الذي لا حدود له. نرجو من مقامكم الرفيع وعظيم مسؤوليتكم وعمق رسالتكم ونبل موافقكم وحسكم المرهف لضيوف الرحمان وقاصدي بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج والعمرة وزيارة المدينة المنورة والوقوف على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال لا يقف على قبري شقي صدقت يا رسول الله. خادم الحرمين الشريفين، نرجو من مقامكم الرفيع إعطاء إذنكم السامي وأمركم العالي للسادة سفراء المملكة العربية بالدول العربية والإسلامية لمزيد العناية والرعاية بمنح التأشيرة للعامرة قلوبهم بحبّ بيت الله الحرام وزيارة روضة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أن الشروط أصبحت بالنسبة لأداء مناسك الحج في بعض البلدان صعبة وأحيانا المواطن في تونس مثلا يبقى ينتظر خمسة أعوام والأعمار بيد الله والآجال لا يعلمها إلا هو وقد وجدنا بعض الشروط الصعبة أما الإنتظار لمدة خمسة أعوام أو اكثر أو قبول شروط شركة خدمات الحج قمرت حيث الذي يريد أداء الحج من المواطنين أن يدفع بالعملة الصعبة 4 آلاف أورو وهذا المبلغ مشطّ ولا يقدر عليه أغلبية المواطنين. المقترحـات :
أفترح على كريم مقامكم تخصيص
300 تأشيرة لكل دولة عربية أي نسبة30.1% من عدد السكان وتخصيص 50 تذكرة للقائمين على بيوت اللله أيمة المساجد الذين لم يسعفهم الحظ عن طريق وزارة الشؤون الدينية حيث هناك أيمّة محظوظين للمرة العاشرة يزورون مكمة المكرمة وآخرون ينتظرون وكذلك إمكانية منح 50 تذكرة بنصف المعلوم مع الإقامة بالمملكة العربية السعودية مثلما تفعله المملكة مع إخواننا المسلمين في دول أوروبا وآسيا والمهاجرين المقيمين في أوروبا وتكريم 40 معاق بمنحهم تذاكر مجانا وهذا ليس بالعزيز على المملكة العربية السعودية وكرم آل سعود ونبل وشهامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله آل سعود حفظه الله للأمة الإسلامية جمعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال الله تعالى : » ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون على المنكر وأولئك هم المفلحون » صدق الله العظيم.
و شكرا لسعادة سفير المملكة العربية السعودية بتونس
محمد العروسي الهاني
مناضل كاتب تونسي
مهتم بالشان العربي والسعودي والتونسي بالخصوص
هـ : 22 022 354
توفيق المديني: تعريف السلام في الثقافة الصهيونية