ملف مواطنون: الحياة الطلاّبية إلى أين…؟(الجزء الأول)
إعداد علدل الثابتي وإسماعيل الفالحي
شهدت السنوات الأخيرة مزيدا من تدهور وضعية الطلبة المادية و الاجتماعية والتمثيلية تجسمت خاصة في :
1 – الإقدام على تنفيذ إصلاح « إمد » دون استشارة الجامعيين والطلبة المعنيين الأساسيين بأي إصلاح يهم الجامعة 2 – تدهور أوضاع الطلبة المادية بعد تخلي الدولة المستمر عن التكفل بالخدمات الأساسية للطلبة إذ تم اختصار سنوات التمتع بالسكن الجامعي إلى سنة واحدة للذكور وسنتين بالنسبة للإناث وتم الترفيع في مبلغ الترسيم الجامعي 3 – تعمق أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس إذ بعد انقسام الأطراف المكوّنة له إلى عديد الخطوط (التصحيح و الـ 24 و الاستثنائي و التوحيدي) تكتلت أغلب هذه الأطراف الآن ضمن فريقين: فريق المؤتمر 24 المتكون من طلبة التيار الاشتراكي اليساري بالأساس وفريق التوحيدي الذي يضم أغلب الأطراف الناشطة في الاتحاد .ولم يتمكن التوحيديون من عقد المؤتمر التوحيدي لأسباب تتعلق بتدخل السلطات وربما لأسباب تهم الأطراف الطلابية 4 – تكثّف الحملة الأمنية هذه السنة على النشطاء الطلابيين وتعدد المحاكمات والملاحقات القضائية بعد أن تمّ طرد عديد الطلبة من الجامعات على خلفية نشاطاتهم النقابية خلال السنة الجامعية الماضية.
ولمزيد الإحاطة بالملف فتحت مواطنون صفحاتها ضمن هذا الملف لكل الأطراف الطلابية التي تريد التعبير عن رأيها في هذا الموضوع ولم نغفل عن أخذ رأي قدماء المناضلين في الحركة الطلابية في ما يدور في الجامعة الآن وتوجهت إلى الجميع بثلاث أسئلة :
1 -كيف ترون أوضاع الجامعة اليوم؟ 2 – كيف تقيّمون النشاط الطلابي ؟ 3 -ما هي المخارج في نظركم من الإشكاليات المحيطة بالعمل النقابي الطلابي في الجامعة ؟ إسماعيل الفالحي الشباب الاشتراكي الديمقراطي (المنظمة الشبابية للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات)
إنّ المخرج الوحيد للأزمة التي يعاني منها التمثيل الطلابي اليوم لا يتمّ إلا بالكف عن سياسة العقاب الجماعي التي تتوخاها السلطة تجاه مناضلي الاتحاد و أيضا التزام الأطراف الطلابية بالمواثيق الأخلاقية والخضوع لقرارات الهيئة الإدارية الأخيرة للمؤتمر التوحيدي 25 إن المتتبع للشأن الطلابي في السنوات الأخيرة يلاحظ تكاثر المحاكمات النقابية للطلبة الناشطين في صلب منظمة « الاتحاد العام لطلبة تونس »وهي في مجملها تهم كيدية وباطلة مثل إحداث الهرج و التشويش وتعطيل حرية الشغل والإضرار عمدا بأملاك الغير و السّرقة المجرّدة، ممّا أدى مباشرة إلى عزوف الطلبة عن ممارسة العمل النّقابي و بالتالي تعطيل انجاز مؤتمر المنظمة و تدهور الوضعية المادية للطلبة والتمثيلية على وجه الخصوص.
إن إقدام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إسقاط مشروع « أمد:إجازة-ماجستير-دكتوراه » بالجامعات دون استشارة الجامعيين أو الطلبة الممثلين بالمجالس العلمية وهم المعنيون الرّسميون بأي تغيير أو إصلاح يهمّ الجامعة فيه جانب كبير من التجاهل لمصلحة الطالب من ناحية وللمؤسّسات التعليمية في ارتباطها بسوق الشّغل من ناحية أخرى، مما سيفضي إلى مراكمة مهولة لأعداد أصحاب الشّهادات العليا الذين يواجهون أزمات البطالة بعد إنهاء الدّراسة الجامعية بأرقام مضاعفة و أكبر بكثير من خرّيجي الجامعة الحاملين لشهادة الأستاذية. كان من الأفضل لسلطة الإشراف أن تبقي على نظام الأستاذية و تتشاور مع الهياكل المعنيّة مثل المكتب التنفيذي لاتحاد الطلبة لإيجاد حلّ وسط مثل إدماج جزئي للإجازة في التعليم العالي لعلّه يفضي إلى حلول جدّية تحلّ مشاكل الجامعة و أزمة الاتحاد بما انّه يمثل شريحة موسّعة من مكوّنات المجتمع المعرفي.
إن تدهور الأوضاع المادية للطلبة يتأتى بالأساس من الاكتظاظ الطلابي إذ لا تقدر أغلب الجامعات على استيعاب كل الطلبة داخل الفصل الواحد فالبنية التحتية الجامعية هشّة كمّا و نوعاحيث لا تتماشى مع حاجيات الطلبة الأساسية، خاصة بعد تخلّي الدّولة عن التكفّل بالخدمات الأساسية مثل المطاعم الجامعية والمبيتات. وقد تمّ اختصار التمتع بالسكن الجامعي إلى سنة واحدة للذكور و سنتين بالنسبة للإناث. بالتالي من الأفضل لوزارة التعليم العالي أن تزيد من عدد المبيتات والجامعات. و كذلك لا ننسى ضرورة التخفيض في مبلغ الترسيم الجامعي الذي قد يكون من أبرز المعوقات للطلبة في السنوات الأخيرة.
إن انقسام الأطراف السياسية النّاشطة داخل الجامعة و تشتتها بين المؤتمرين التوحيدي و الاستثنائي، إلى مؤتمر ال 24 ثم مسار التصحيح لم يراكم للمنظمة النّقابية إلا الأزمات مما عرقل نشاطها سواء مع سلطة الإشراف أو مع المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية بما فيها الحزب الحاكم الذي ظل يطارد مناضلي هذه المنظمة العريقة ، حيث يطمح طلبة التجمع إلى الاستيلاء على هذه المنظمة العريقة. ونذكر في هذا السياق انقلاب مؤتمر قربة و حركة فيفري المجيدة سنة 1972. وفي الظرف الرّاهن لا يمكن الحديث عن مؤتمر لاتحاد الطلبة دون حوار جدّي بين الأطراف الناشطة والمتواجدة في السّاحة الطلابية يتمّ الاتفاق فيه على برنامج عمل يقدّم البديل الديمقراطي ويكون ذا فاعلية عالية في تغيير واقع الجامعة و يخرجها من دائرة الجمود.
لقد تكثفت الحملة الأمنية على النشطاء الطلابيين بتعدّد المحاكمات والملاحقات القضائية في هذه السنة وكانت الأحكام قاسية ، فالطالب ضمير بن علية حكم عليه بالسجن لمدة عامين وشهرين وطارق الزحزاح لمدة عامين، و قائمة الطلبة المساجين طويلة. و أيضا تم طرد العديد من الطلبة على خلفية نشاطهم النقابي بعد إحالتهم على مجالس التأديب وكذلك سُجِنَت أربع طالبات لمدّة عام مع النفاذ بتهمة الأضرار بملك الغير وتعطيل حرّية الشغل، وذلك على خلفية مشاركتهن في تحركات طلابية من أجل السكن بالمبيت الجامعي بمنوية في شهر أكتوبر الماضي. إنّ المخرج الوحيد للأزمة التي يعاني منها التمثيل الطلابي اليوم لا يتمّ إلا بالكف عن سياسة العقاب الجماعي التي تتوخاها السلطة تجاه مناضلي الاتحاد و أيضا التزام الأطراف الطلابية بالمواثيق الأخلاقية والخضوع لقرارات الهيئة الإدارية الأخيرة للمؤتمر التوحيدي 25 بآعتبارها أكثر شرعية و تتوافق مع الأعراف و القوانين النّقابية محليا و دوليا. عبد الرؤوف سعيد:
الشباب الاشتراكي اليساري المؤتمر الوطني 24 لا تكون اللجنة الوطنية للإعداد للمؤتمر الموحد بديلا عن الهياكل الشرعية للاتحاد المنبثقة عن المؤتمر الوطني 24
لم يعد خافيا حجم المشكلات التي تعيشها الجامعة التونسية لعل أهمها مسألة الإقدام على تنفيذ إصلاح « إمد » دون استشارة الجامعيين والطلبة المعنيين بأي إصلاح يهم الجامعة وهي ممارسة فوقية ومتعالية إضافة إلى تدهور أوضاع الطلبة المادية بعد تخلي الدولة المستمر عن التكفل بالخدمات الجامعية بخصوص السكن / النقل/ ثبوتية المنحة الجامعية /بطالة أصحاب الشهائد / ارتفاع معاليم الترسيم .بالتوازي مع أزمة الجامعة تعمقت أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس إلى آخر مراتب التمييع والانحطاط حتى تحولت المنابر الخطابية إلى فرص لكيل الشتائم والتخوين وإهمال المشاكل الحقيقية للطلاّب دون أن ترتقي الحركة الطلابية إلى مستوى الفصل المنهجي بين المطالبة النقابية والعمل السياسي وقد تعمّقت أزمة الاتحاد بفعل الازدواجية الهيكلية حيث صار الاتحاد منظمة ذات رأسين (المؤتمر الموحد/ المؤتمر الوطني24) وبمتابعة التجاذبات بين الأطراف الطلابية نكتشف أن مشروع توحيد المنظمة مهمة بعيدة مادمنا وحدويون وقلوبنا شتى وتأكد العقلية الاستحواذية الهيمنة والتربص ولتجاوز أزمة الاتحاد تقدمنا ب3 نقاط للنقاش نعتبرها مدخلا للتوحيد وهي :
·العودة للرعية والالتزام بقوانين المنظمة لأنّ التعامل المؤسساتي غير التعامل الحانوتي وبخصوص هذه النقطة لا تكون اللجنة الوطنية للاعداد للمؤتمر الموحد بديلا عن الهياكل الشرعيين للاتحاد المنبثقة عن المؤتمر الوطني 24 وهي نقطة يتحمل المسؤولين فيها الأمين العام المفترض عزالدين زعتور . ·ميثاق طلابي ينهي موجة العنف الهمجي بين الفرقاء داخل الاتحاد ·التأكيد على هوية الاتحاد كمنظمة ديمقراطية تقدمية تدافع عن قيم الحداثة والعقلانية بعيدا عن الشطط والتعصّب. ونعتقد أن هذه النقاط الثلاثة قد تكون مقدمة للتوحيد لأنّ أزمة الجامعة وتشظي الاتحاد يستوجبان التعقل والحكمة بما يخدم الجامعة وينقذ الاتحاد الذي تأكدت هشاشته في انتخابات المجالس العلمية الأخيرة وفقدانه لمواقع نقابية في أكثر من جزء جامعي .
(رمزي حاجي )الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة
الدعوة إلى ندوة وطنية عاجلة بين مكونات الاتحاد لتقريب وجهات النظر بعيدا عن كل محاصصة سياسية مرفوقة ببرامج عمل ولجنة طلابية تحت إشراف الاتحاد العام لطلبة تونس ترفع الامبريالية شعار الحرب الدائمة والشاملة باستمرار وتتفنّن في تنويع أشكالها ومن هذا المنطلق عرّفها لنين ب » الامبريالية هي الحرب » حرب نهب الثروات …العقول….الإنسان وعليه فإنّ هذا الثالوث هو مجالها الحيوي الذي تحكم سيطرتها عليه حتى تقتل كل إمكانيات ردّ الفعل وعلى الرغم من ذلك كان « التمرد » والرفض حيث ولدت البروليتاريا من أحشاء الامبريالية ورفع الشعار النقيض شعار النضال والحياة شعار التحرر والانعتاق الاجتماعي.
وانطلاقا من هذه الثنائية (امبريالية/بروليتاريا) واقتداء بمنهج التشريح والتجريح في الماركسية اللينينية ننزل حالة الحياة الطلابية اليوم في القطر التونسي ونخصها بالدرس وإن بشيء من الاقتضاب:
كانت الجامعة مركزا أساسيا لإنتاج الكوادر ومن هذا المنطلق دأبت الحركة الطلابية وعلى رأسها الاتحاد العام لطلبة تونس على تكوين الكوادر النوعية القادرة على إدارة الصراع من أجل الدفاع عن مصالح الشريحة الطلابية المادية والمعنوية وتأهيلهم لفهم الواقع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
ولما كان الاتحاد وقيادات الحركة على مرّ الفترات ممتلكين لآليات التحليل العلمي والمنهجي وقادرين على إيجاد الحلول الملائمة للصعوبات والمشاكل المختلفة وتصديه للبرامج المسقطة والنهج الفردي الاصلاحوي لسلطة الإشراف الذي كان رهين خيارات فوقية دون الرجوع للمعنيين بالأمر وعلى رأسهم الجامعيين والطلبة فمنظومة إمد تتنزل في هذا الإطار حيث غيبت عمدا ممثليها من نقابة التعليم العالي ومنظمة الاتحاد العام لطلبة تونس لاعتبارنا أن هذا البرنامج لا علاقة له بالإصلاح الهيكلي وإنما مملى من طرف الدوائر الاحتكارية كصندوق النقد الدولي في إطار برنامج ما يسمى بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيث أصبح نهج هذه الدوائر الاحتكارية الامبريالية بأن يكون التعليم العالي في أشباه المستعمرات تكوين عالي لتقنيين ساميين وقتل بالتالي البرامج التي تخلق كوادر تفكر إلى عقول تنجز وتركب فقط .
وإن خيار التسريع اللاطبيعي في عدد الطلبة الذي بلغ نحو النصف مليون اليوم هو الذي أفرز عديد المشاكل وبالتالي فإن كل خيار غير مدروس بصفة علمية وفق مقتضيات الواقع والقدرات تكون على هذا النحو ، التقديرات في منحى الارتجال في علاقة ببرنامج إمد أثبت فشله على أرض الواقع أو مشكل » الانفجار اللاطبيعي للطلاب فرغم توزع الكليات والمعاهد جغرافيا فهذا لم يحل المشكل بقدر ما عمّقه فعديد المؤسسات الجامعية في البلاد وفي المناطق الداخلية لم تحض بالعناية والقدر الكافي إذ غاب أهم معطى بين مختلف الأجزاء الجامعية وهو مبدأ تكافؤ الفرص فالمركبات الجامعية تنقصها عديد الخدمات وأهمها الكوادر الأكاديمية اللازمة ومقتضيات حياة جامعية علمية ونخص بالذكر لا الحصر المركب الجامعي جندوبة الذي يعاني من عديد النقائص .
في نفس الإطار مشاكل الخدمات الجامعية من سكن ومنح جامعية وغيرها تفاقمت لعجز سلطة الإشراف على تغطيتها فكان خيار خصصّة الجامعة بداية من التخلي عن المبيتات العمومية تدريجيا لصالح الخواص وهذا النهج هو ضرب لمجانية التعليم التي أصبحت السلطة ترفعه كشعار مجرد ومغالط.
هذا النهج الذي توخته السلطة قوبل بالرفض من طرف مناضلي الحركة الطلابية والاتحاد العام لطلبة تونس فكان الردّ فوري من السلطة ومن الدوائر الاحتكارية في إضعاف الاتحاد العام لطلبة تونس وتدجين الجامعة وتهميش الحياة الطلابية للقضاء على آلات الرفض العقلانية والمنهجية والمصحوبة ببرامج بديلة.في هذا الإطار جاءت أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس التي نراها بالأساس سياسية خلفتها السلطة عبر أجهزتها الإدارية والأمنية للتخلص من الاتحاد العام لطلبة تونس وقياداته ومناضليه لتفتح المجال واسعا أمام سهولة تطبيق المشاريع والبرامج المملات من الدوائر الاحتكارية مقابل امتيازات تدعم جيوب بعض المسؤولين وتفقر عقول أبناء الشعب….
ولما عجزت السلطة عن ضرب الاتحاد من الخارج وجدت الحل في اختراق المنظمة من الداخل عبر الخط الانتهازي من وشاتها ومخبريها مما ولّد شرخا داخل هياكل المنظمة ازدواجية نقابية…
وفي هذا الإطار جاء مسار التوحيد كخيار للخروج من الأزمة الهيكلية بتمثيلية توافقية بين مختلف المكونات الطلابية والعودة بالاتحاد إلى مهماته الرئيسية بأن يكون قادرا على استقطاب وتأطير الطلاب وتدريب ملكاتهم الثورية وغرس قيم الوطنية والتقدمية والقطع مع الفكر الظلامي والرجعي.
فلما عجز متعاوني السلطة عادت بأدواتها المباشرة إلى التدمير المنهجي والمنظم من محاصرة الجامعة والطرد التعسفي والمحاكمات الجائرة والباطلة في حق أبناء الاتحاد ومنع المؤتمر الموحد من الانعقاد… كل هذا التدمير المنهجي كان السبب الرئيسي في تأزيم المنظمة الطلابية وتعميق عزلتها عن الجماهير الطلابية إلى جانب سياسة السلوك الفئوي والحزبي الضيق الذي أضعف أداء المنظمة.
وعيا منا نحن الوطنيون الديمقراطيون بالجامعة بجسامة وخطورة المرحلة التي تمر بها المنظمة ومن موقع المسؤولية طرحنا المبادرة الوطنية بتاريخ 25/05/2009 وهذا أهم ما تضمنته كمقترحات للنقاش للخروج من أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس .
-اعتبار مسار التوحيد مكسب وجب التمسك به والمراكمة له والعمل على انجاز المؤتمر الوطني الموحد الذي هو ثمرة نضالات وتضحيات عديد المكونات الطلابية . – يجب التمسك بالهياكل التي وقع انتخابها جماهيريا وديمقراطيا فهي الممثل الشرفي لجماهيرنا الطلابية . -الدعوة إلى وفاق طلابي يتجسد في لائحة مبادئ وميثاق شرف يحوي ثوابت الحركة الطلابية ويكرس شعاراتها وعلى رأسها مبادئ وشعارات حركة فيفري المجيدة ويبلور الحد الأدنى الديمقراطي التقدمي الذي يحتكم به مختلف مكونات الاتحاد العام لطلبة تونس. – الدعوة إلى ندوة وطنية عاجلة بين مكونات الاتحاد لتقريب وجهات النظر بعيدا عن كل محاصصة سياسية مرفوقة ببرامج عمل ولجنة طلابية تحت إشراف الاتحاد العام لطلبة تونس تكون هي المحاور الرسمي مع كل القوى الوطنية والمفاوض مع سلطة الإشراف حول إعادة مطرودي الاتحاد وإطلاق سراح سجنائه فورا ثم المضي قدما في انجاز المؤتمر الوطني الموحد : جماهيري، ديمقراطي، تقدمي ، مناضل، ومستقل.
(ماهر حنين )عضو سابق للمكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس المنبثق عن المؤتمر 18 الخارق للعادة
واقع لو استمر دون تعديل و مراجعة في غياب طرف نقابي طلابي محاور فإنه لن ينتج إلا أجيالا محبطة من خريجي الجامعة و غير مؤمنة بإمكانياتها ويائسة من عدالة الدولة ليس نظام إمد في حدّ ذاته هو موضوع الخلاف الجوهري بل كل المسار الذي أدى إلي إقراره و الذي غيب ممثلي الطلبة و الجامعيين وهو تغييب يعكس إصرارا حكوميّا على التفرد بالرأي و القرار. ولعل التقييم الأخير الذي سعت إليه النقابة العامة للتعليم العالي في ندوة كلية الحقوق خير دليل لا فقط على رغبة الجامعيين في المشاركة البناءة في نجاح هذا الإصلاح، بل دليل كذلك على حاجة ملحة لإنجاز تقييم شامل يُشْرك كل الفاعلين المباشرين المعنيين بالجامعة و ينفتح على آراء وتصورات كل الفاعلين الآخرين و يستأنس بمحصلة تجارب دولية و عربية شبيهة لتعديل الإخلالات وتصويب المسار.
وبسؤالكم حول الوضعية المادية للطلبة فإنّكم تثيرون في تقديري أهم ملف يمس الجامعة اليوم، لأنه يهم عشرات الآلاف و في كل الجهات فالتطور الكمي لعدد الطلبة و للمؤسسات الجامعية يترافق مع تردي الخدمات الجامعية المقدَّمة لهم من سكن و مطاعم و نقل و تغطية اجتماعية .. وهو إذ يعود إلى الخيارات المتعلقة بالسياسة الاجتماعية للدولة و بآلية توزيع الثروة و المال العام فإنه يمثل عامل تأثير سلبي علي التكوين العلمي والاجتماعي للطالب التونسي اليوم و يدفع باتجاه إقرار واقع جامعي لا يتوفر فيه تكافؤ الفرص بين الجميع أمام ارتفاع كلفة التعليم التي صارت تتحمّلها الأسر عوضا عن الدولة، وهو واقع لو استمر دون تعديل و مراجعة في غياب طرف نقابي طلابي محاور فإنه لن ينتج إلا أجيالا محبطة من خريجي الجامعة و غير مؤمنة بإمكانياتها ويائسة من عدالة الدولة ، مما يشكل في حدّ ذاته مقدمات غضب شبابي قد يعبر عن نفسه بأشكال مختلفة و غير متوقَّعة .
لقد ظلت أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس في السنوات الأخيرة علامة على عجز الحركة الشبابية و الطلابية عموما على تجديد نفسها وفرض حضورها كفاعل اجتماعي مؤثر. و مهما اختلفت الآراء حول درجة مسؤولية النظام السياسي و مسؤولية الماسكين بشؤون الاتحاد منذ سنوات فإن ما نشهده اليوم من عودة الروح للجسم الطلابي و من مسعى لعقد المؤتمر التوحيدي يدفع باتجاه التفاؤل و أيضا باتجاه العمل على دعم هذا الجهد و شحذ هذه العزائم الطلابية الصادقة و المناضلة، فالحركة الطلابية التونسية عموما و الاتحاد العام لطلبة تونس منذ نشأته و على امتداد تاريخه النضالي كان جزءا من الحركة الوطنية و الشعبية والتقدمية، وهو اليوم في حاجة إلي تعزيز دوره في الساحة الجامعية أولا من خلال عقده لمؤتمره و تجديده لهياكله الوسطى و القاعدية و استرجاعه لجماهيريته و كذلك استعادته لموقعه صلب منظمات المجتمع المدني . إنّ تكثّف الحملة الأمنية على مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس و الأحكام القاسية الصادرة ضدّهم تأتي بعد محنة مساجين الحوض المنجمي لتكشف عن مشكل حقيقي بين الشباب و الخيارات الحكومية، و هو مشكل لا يحتمل المواراة و التعتيم، و إذا لم يعد أمام الطلبة إلا التوحّد وراء مطالبهم و من أجل حماية منظمتهم النقابية و مناضليها فإن المخرج الوحيد الممكن من هذا الوضع الدقيق على الجميع هو بيد الحكومة التي تملك كل مفاتيح الحلّ لو أرادت. و البداية تكون بإطلاق سراح كل المعتقلين و إيقاف المحاكمات و تمكين المنظمة النقابية الطلابية من عقد مؤتمرها مما يمكّنها من تمثيلية أقوى للطلبة و يجعلها محاورا كفؤا للحكومة وطرفا كباقي المتدخلين في الحقل الجامعي، من باحثين و مدرسين، لمناقشة و معالجة كل قضايا الجامعة التونسية، و كلما تأخرنا عن هذا الخيار كلما اتجهنا نحو أوضاع أسوأ
عبد اللطيف المكّي (الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للطلبة)
تحتاج الجامعة اليوم إلى إرادة وطنية قوية لتحقيق الاستقلالية الأكاديمية والإدارية ، ولتمكين نخبها من الاندماج في تناول الشأن الوطني بكلّ تفاصيله ومستوياته بحرّية
أريد أن أبدأ بتقديم الشكر إلى جريدة « مواطنون » على فتحها هذا الملف الوطني الهام.وردّا على أسئلتكم أقول: تحتاج الجامعة اليوم إلى إرادة وطنية قوية لتحقيق الاستقلالية الأكاديمية والإدارية ، ولتمكين نخبها من الاندماج في تناول الشأن الوطني بكلّ تفاصيله ومستوياته بحرّية ، بما يمكّن من تطوير الحياة الوطنية بما هي اهتمامات ورؤى وحلول .أما عن الطرف الطلابي الذي يمثّل محور الحياة الجامعية وعماد المستقبل فإنّي أقول لئن خسرت الحركة الطلابية القوّة التنظيمية القانونية في مؤتمر قربة فقد ربحت استقلالية إرادتها ،كما ربحت قوّة التأطير السياسي الذي تدعّم وتنوّع رغم بعض مظاهره السلبية. و تمكنت الحركة الطلابية من تجاوز التشرذم التنظيمي بتأسيس الاتحاد العام التونسي للطلبة سنة 1985 ثم الاتحاد العام لطلبة تونس سنة 1988 ودخلت الجامعة في ديناميكية جديدة للانتقال من أجواء القطيعة إلى أجواء الانفتاح والتفاعل الإيجابي مع محيطها من منطلق الإرادة الحرّة ممّا جعلها تمثل إحدى الروافع للقضايا الجامعية والوطنية والقومية والإسلامية وحتى العالمية ، ولأسباب يطول شرحها لم يرق ذلك لعديد القوى فبدأت ترتسم سياسات لضرب الحركة الطلابية واحتوائها، كانت إحدى حلقاتها ضرب الاتحاد العام التونسي للطلبة وسجن قياداته ومناضليه. ومنذ ذلك الحين لم تستطع أي قوة ملء ذلك الفراغ إلى اليوم . فتفاقمت المشاكل المادية والاجتماعية للطلبة ، وتعمّق التشرذم وما ينجر عن ذلك من مظاهر سلبية .فالصوت الطلابي اليوم غير مؤثر في الوضع العلمي والبيداغوجي والنقابي والسياسي في الجامعة والبلاد في ظل المحاصرة الأمنية والمحاصرة الفكرية، وكذلك بسبب إصرار البعض على التمسّك بمواقع ضعيفة كمكاسب حزبية، حتّى ولو على حساب المصلحة الإستراتيجية للحركة الطلابية والبلاد.
إنّ العمل الطلابي اليوم يعاني من عديد المشاكل أهمّها اختناق الطالب بالمشاكل الخدمية والخوف من انسداد أفق التشغيل وغياب الإرادة المشتركة للخروج من الوضع الحالي. وكذلك استمرار سعي سلطة الإشراف للانفراد بكل الشأن الجامعي دون الأساتذة والطلبة .وما هو موجود اليوم من نشاط طلابي لا يرتقي إلى مستوى استخراج الطاقات الكامنة في الحركة الطلابيّة حتى تستطيع الاهتمام بقضايا القطاع الجامعي والمشاركة في النهوض بالشأن الوطني .إلاّ أنه لا يمكننا إلا أن نشكر ونشجع كلّ من يبذل جهدا في هذا الاتجاه حتى وإن كان متواضعا .وبهذه المناسبة فإنني أعبّر عن تضامني مع كلّ الطلبة الذين تعرضوا للمحاكمة.
إن الجامعة ليست جزيرة معزولة بل إن مصيرها يرتبط بأقدار كبيرة بأوضاع البلاد وتوجّهاتها ، إلاّ أنه يمكن رسم ملامح المخرج من الوضع الحالي وهو ضرورة توحّد الطلبة حول استراتيجية استعادة فعّالية الحركة الطلابية والابتعاد عن التناحر السياسي بل وتحويله إلى عنصر إثراء باحترام الاختلافات والتوحّد حول مصالح القطاع . ويمكن في هذا الإطار ابتكار صيغة لإدارة حوار طلابي للوصول إلى هذا الالتقاء ،هذا أولا .
ثانيا ضرورة أن يلعب الأساتذة الجامعيون والنخب السياسية والفكرية دور المساعدة على ذلك دون وصاية أو انحياز.
وثالثا ضرورة أن تغيّر السلطة من رؤيتها للجامعة وللحركة الطلابية واحترام استقلاليتها وإرادتها باعتبارها مخزونا استراتيجيا للبلاد سيتحمّل يوما ما مسؤوليات إدارية وفنّية وسياسية ضمن دواليب الدولة والبلاد، مما يتطلب التعامل معه بمنطق المسؤولية والتفهم ومساعدته على تفجير طاقاته وتنمية ملكاته .إن أيّ إستراتيجية لا تنطلق ممّا ذكرناه هي بالضرورة إستراتيجية مضرّة .