26 octobre 2003

البداية

TUNISNEWS

  4 ème année, N° 1254 du 26.10.2003

 archives : www.tunisnews.net


أ

ف ب: منظمات تحاول اطلاق « حملة من اجل الحرية في تونس » المـؤتـمـر مـن أجل الـجمهورية:  بـــلاغ الرابطة التّونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان : أخبار سريعة 25 أكتوبر 2003 نورالدين العويديدي: حتى لا تُـهـمّـش المنظمة أو تحيد عن دورها! – الرابطة والحجاب وحرية النقد ومواقف السيد الطريفي وليد البناني: تهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك محمد فوراتي: تونس تستعد لاستقبال « سيدي رمضان » الوحدة: أزمة اللحوم البيضاء والحمراء : هل تستعيد السوق توازنها ؟ الوحدة: بعد احتجاب البطاطا من الاسواق..من نصدق الأسواق ام المسؤولين؟؟ أحمد نجيب الشابي لأقلام أون لاين : المصالحة مع النظام وهْـم لأن الحكم يعتبر نفسه نموذجا للنجاح – الجبهة الوطنية باتت ملحة.. ولا يمكن تحقيق أي شيء دون جرأة وشجاعة د. شيماء الصرّاف: بصمات الوطن.. الظلم.. الحب  – في كتاب  » حفريات في ذاكرة الزمن  »  رفيق عبد الصمد: في ندوة الالكسو حول دور الكتاب في تركيز مجتمع المعرفة : بين هيمنة الخطاب الماضوي وخدمة المستقبل؟؟ الشيخ طارق الشامخي : مدخل منهجي لعلم مقاصد الشريعة


Rapport de la commission des droits de l’homme et des libertes de la federation nationale des unions de juenes avocats Grève de la faim de Me Radhia Nasraoui: Bulletin Médical LTDH: Infos-Express 25 Octobre 2003

FTCR: Appel en vue de la création d’un Forum Social Tunisien


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك تتقدم أسرة « تونس نيوز » بأحر التهاني إلى جميع قراءها وأصدقائها سائلة المولى عز وجل أن يُعيده عليهم وعلى جميع التونسيين والعرب والمسلمين في أصقاع الأرض  بالخير والبركة وجمع الشمل وتحرير الأوطان وصلاح الأحوال الخاص منها والعام في الدنيا والآخرة، إنه سميع قريب مُجيب الدعاء.  كل عام وأنتم جميعا بألف خير

 

مصافحة رمضانية يومية بعنوان:

 ميثاق الصائم او كيف تتاهل للفوز بكاس الجنة لهذا الموسم

القربـى الاولى:  فلتصم جارحتك

قال عليه السلام : » من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه . »

كما قال عليه السلام : » رب صائم ليس له من صيامه  سوى الجوع والعطش . »

ودعا عليه السلام ذات يوم بامراتين في يوم من ايام رمضان وقعتا في اعراض الناس وناول احداهما قدحا وقال لها قيئي فقاءت دما وعبيطا ولحما ثم قدم القدح ذاته للثانية فقاءت مثل الاولى فالتفت الى اصحابه وقال : » لقد صامتا عما احل الله وافطرتا عما حرم . » يعني عن اعراض الناس .

فالحاصل ان الصائم في شهر رمضان في مسابقة كونية سنوية يرنو كغيره من الصائمين الى الفوز بكاس الجنة والعتق من النار لهذا الموسم الخصب وليس عليه للتاهل للادوار النهائية سوى اجتياز مجموعة من العقبات لا شك ان اولها صيام الجارحة من لسان وسمع وبصر ويد ورجل فذلك هو صيام الصالحين اما المقربون والصديقون فتصوم قلوبهم عن اقتراف خاطرة او معانقة هم يشغب على زلفى العبد الى ولي نعمته .

الهادي بريك

 


 

اليوم الوطني من أجل الحريات في تونس (متابعة) :

 

منظمات تحاول اطلاق « حملة من اجل الحرية في تونس »

السبت 25 أكتوبر 2003 14:08  تونس- حاولت جمعيات غير معترف بها وممثلون عن نقابة المحامين امس الجمعة اطلاق « حملة دولية من اجل الحرية في تونس »، غير ان الشرطة حالت دون ذلك، وفق ما افاد المنظمون.  وتعذر عقد مؤتمر صحافي كان مقررا لاطلاق الحملة اذ قطعت قوات الامن الطرقات الى مكتب مجلس الحريات الوطني وهو جمعية ناشطة انما غير معترف بها.  ولم يتسن القيام بزيارة لقصر العدل تعبيرا عن « التضامن مع نقابة المحامين في الدفاع عن استقلالها »، كما تعذر القيام بحركة احتجاج لدى النيابة العامة على عدم فتح تحقيق في شكاوى من « تعديات على مدافعين عن حقوق الانسان ومحامين » رفعت اليها.  واوضحت المصادر ذاتها ان المنظمين كانوا يعتزمون المطالبة ب »الحق في الوجود الشرعي »، غير انه لم يتسن القيام باي من التظاهرات المقررة.  وتعتبر اربع من الجمعيات الست المنظمة للحملة غير شرعية في نظر القانون التونسي الذي يفرض الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية قبل القيام باي نشاط شرعي.  والجمعيات المعنية هي المركز من اجل استقلال القضاء الذي يديره القاضي المعزول مختار يحياوي وريد-اتاك والجمعية الدولية لدعم المعتقلين السياسيين، اضافة الى مجلس الحريات الوطني.  وتتهم السلطات الجمعية الدولية لدعم المعتقلين السياسيين التي حاولت في تشرين الثاني/نوفمبر 2002 تشريع وجودها، بانها ستار للاسلاميين بسبب دفاعها عن معتقلي حركة النهضة الاسلامية المحظورة.  وانضم مجلس نقابة المحامين وجمعية المحامين الشبان الى حركة الاحتجاج.  وندد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مختار الطريفي بحظر النشاطات المقررة، معبرا عن مساندته للمنظمين.  ونظمت الرابطة بصورة منفصلة مساء امس الجمعة ندوة حول موضوع « التعديات على المدافعين عن حقوق الانسان » في تونس.
 
(المصدر موقع ايلاف نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية بتاريخ 25 أكتوبر 003)

 

 

 


 

 

الهيئة الوطنية للمحامين بتونس

قصر العدالة

شارع باب بنات تونس

الهاتف 71 563.315

 

تونس في 2003/10/24

 

جناب السيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس

 

نحيط جنابكم علما بأن النيابة العمومية لدى المحاكم الراجعة بالنظر للجناب ترفض الفصل في الشكايات الآتية :

 

1) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 1008658/1000 بتاريخ 2000/07/19

2) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 6051488/2001 بتاريخ 2001/4/4

3) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 6040073/2001 بتاريخ 2001/9/29

4) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 6051488/2001 بتاريخ 2001/11/15

5) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 5ص/140 بتاريخ 2001/11/24

6) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7027270/2002 بتاريخ 2002/4/27

7) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7027274/1000 بتاريخ 2002/4/00

8) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 5ص/156 بتاريخ 2002/5/28

9) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7035634/2002 بتاريخ 2002/6/13

10) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7061799/2002 بتاريخ 2002/12/26

11) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7061833/2002 بتاريخ 2002/12/26

12) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7006680/2003 بتاريخ 2003/2/24

13) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7029755/2003 بتاريخ 2003/6/5

14) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 70297/2003 بتاريخ 2003/7/16

15) وكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الشكاية عدد 7033904/2003 بتاريخ 2003/8/23

 

وحيث أننا نلفت إنتباه الجناب لكون الإمتناع عن النظر في هذه الشكايات يمثل خرقا للقانون وإنكارا للعدالة وحرمانا للمواطنين من الحق في اللجوء للقضاء.

 

وللجناب سديد النظر

العميد البشير الصيد


RAPPORT DE LA COMMISSION DES DROITS DE L’HOMME ET DES LIBERTES DE LA FEDERATION NATIONALE DES UNIONS DE JUENES AVOCATS

 

Mission a TUNIS du 10 au 14 Juillet 2003

 

La Fédération Nationale des Unions de Jeunes Avocats est, depuis plusieurs années régulièrement alertée a propos de ls situation du Barreau tunisien. Soucieux du suivi des missions d’observation judiciaire auxquelles avait participe la FNUJA, Jean-Luc MEDINA, son Président, a souhaite rencontrer sur place les acteurs locaux. C’était l’objet de la mission qui s’est déroulée a TUNIS du 10 au 14 juillet 2003

 

La mission de la FNUJA etait representee par Jean-Luc MEDINA, et Laurence MORISSET, responsible de la Commission des Droits de l’Homme de la FNUJA

 

La mission avait pour objectif  d’une part, de prendre contact avec le Barreau local afin de determiner si les conditions d’exercice des avocats tunisiens sont actuellement satisfaisantes et, d’autre part, de rencontrer les autorites tunisiennes afin de leur transmettre les inquietudes de la FNUJA et recueillir leurs observations

 

Parllelement a cela, et pour marquer sa solidarite avec le Barreau tunisien, le bureau de la FNUJA, compose de Marie-Pierre LAZARD, tresorier, Amelle MONTGODIN, secretaire general adjoint, Olivier BURETH, secretaire general et Nathalie FAUSSAT, secretaire general adjoint, a choisi de tenir sa premiere reunion de l’annee 2003 a TUNIS

 

I)   Le contexte

 

La situation generale des droits de l’homme et des libertes publiques en TUNISIE a ete evoquee par la Commission dans ses rapports d’aout 1999 et aout 2001

 

Le present rapport, don’t l’objet est le Barreau tunisien, ne fait donc pas etat de l’evolution recente de la situation des droits de l’homme en general en TUNISIE

 

Cependant, il convient de souligner que la lecture des compte rendus les plus recents des ONG de defense des droits de l’homme, ne semble pas noter d’amelioration dans ce pays

 

Pour le reste, s’agissant plus particulierement du Barreau, il faut souligner que quelques jours avant l’arrivee de la mission de la FNUJA sur place, la Cour d’Appel de TUNIS avait rendu le 8 juillet, une decision annulant une deliberation du Conseil de l’Ordre des avocats en date du 2 fevrier 2002 appelant la profession a la greve le 7 fevrier suivant

 

Les differentes parties concernees nous ont expose leur point de vue sur cette decision de justice

 

La mission a successivement rencontre Bechir ESSID, Batonnier de l’Ordre des Avocats puis le Ministre de la Justice

Compte tenu des elements portes a la connaissance de la mission par le Ministre, il est apparu necessaire de rencontrer a nouveau le Batonnier

 

II)  Rencontre avec Maitre Bechir ESSID, Batonnier de l’Ordre  des Avocats de TUNISIE

 

La mission, composee de Maitre MEDINA et Maitre MORISSET, s’est longuement entretenue avec le Batonnier de TUNIS, en presence de Maitre Chawki TABIB, President de l’Organisation arabe des Jeunes Avocats et de Maitre Rhadia NASRAOUI, ancien membre du Conseil d’Ordre

 

Plusieurs questions ont ete evoquees :

 

   – La defense des interets de la profession :

 

Le debat s’est rapidement porte sur la defense des interets de la profession, et la nature des organisations les plus habilitees pour ce faire

 

La question a un interet particulier en TUNISIE lorsqu’on sait que le Conseil de l’Ordre des Avocats de TUNISIE est conteste dans son role de defense des interets de la profession

 

Maitre MEDINA, après avoir présenté la FNUJA et son fonctionnement a Maitre ESSID, a explique a ce confrere l’utilite des syndicats dans la defense de la profession. Il faut savoir en effet qu’il n’existe pas en TUNISIE  de syndicats d’avocats et que par consequent, seul le Conseil de l’Ordre est amene a assurer la defense des interets des avocats. L’utilite de groupements a vocation syndicale echappe donc parfois aux confreres tunisiens, qui n’ont pas de reference locale en ce sens.

 

Les difficultes d’exercice rencontrees par certain confreres 

 

Dans un deuxieme temps, la mission a demande au Batonnier si les avocats en TUNISIE pouvaient exercer librement leur metier

 

Maitre ESSID a tout d’abord tenu a rendre hommage au Batonnier de PARIS, qui a toujours suivi l’evolution de la situation du Barreau dans le pays

 

Selon notre interlocuteur, la situation des avocats en TUNISIE est complexe et dangereuse, et ce, depuis longtemps

 

En ce qui le concerne personnellement, Maitre ESSID  a tenu a rappeler a la mission qu’il avait ete incarcere sous la presidence de BOURGUIBA, puis alors que le president BEN ALI etait au pouvoir, et jusqu’en 1993. Il avait alors beneficie du soutien de l’ATJA ( Association Tunisienne des Jeunes Avocats ), qui etait egalement malmentee a l’epoque. Par la suit, les avocats democrates sont parvenus a se solidariser, et a « arracher » le controle de l’ATJA,  du Conseil de l’Ordre et enfin du Bationnat, depuis l’election de Maitre ESSID

 

Nos interlocuteurs nous ont explique qu’il est pratiquement impossible de prendre la tete d’une association en TUNISIE si l’on n’est pas proche du regime ou soutenu par lui. S’agissant du Barreau, il y avait eu precedemment des Batonniers independants, mais jamais un opposant, tel Me ESSID

 

Le Batonnier nous a inique ensuite que le mombre d’agressions contre les avocats s’etait multiplie ces derniers temps. Selon lui, 70 cas d’agressions auraient ete denombres en 2 ans. Il y aurait egalement eu 20 cas de deteriorations de cabinets, souvent d’ailleurs a l’encontre de membres du Conseil de l’Ordre. Monsieur le Batonnier nous a cite notamment les cas de Maitre Raouf AYADI et JMOUR

 

Par ailleurs, notre interlocuteur nous a signale que les cabinets des confreres malmenes etaient tres souvent encercles par des agents en civil et qu’il arrivait meme que ces agents empechent les clients ou des confreres d’y penetrer.

 

L’exercice de la profession :

 

S’agissant plus generalement des conditions d’exercice du Barreau, Monsieur le Batonnier nous a fait part de son souhait, exprime aupres des pouvoirs publics tunisiens, de voir reformer la profession dans plusieurs sens : elargissement du champ d’intervention de l’avocat, mise en place de l’immunite de l’avocat, reglementation de l’entrée dans la profession

 

Sur ce drnier point, Maitre ESSID nous a explique qu’actuellement il existe en TUNISIE trois voies d’acces au barreau : le CAPA, le DEA et la magistrature. Selon lui, les equivalences seraient trop genereuses s’agissant de certains diplomes etrangers. Le Barreau souhaiterait donc une seule voie d’acces a la profession, en l’occurrence le CAPA

 

Monsieur le Batonnier nous a affirme que le Barreau avait toujours prone le dialogue et la negociation avec les pouvoirs publics

 

Malheureusement, selon lui, le Gouvernement a ferme toutes les portes

 

Ainsi, selon Maitre ESSID, le President de la Republique avait annonce dans son discours du 7 novembre 2002 une grande reforme de la profession, mais cette annonce n’a pas ete suivie d’effet. Seules quelques reformes « de forme » ont ete recemment adoptees, comme la creation d’un monopole pour rediger les actes de cession de fonds de commerce, ou la suppression du droit pour les societes de recouvrement de representer les parties devant les juridictions

 

Le Batonnier a tenu notamment a nous exposer le probleme de l’absence d’assurance maladie des avocats tunisiens, qui n’a fait l’objet d’aucune reforme de la part du gouvernement

 

C’est la raison pour laquelle, de son cote, le Conseil de l’Ordre a recherche la solution pour la mise en place d’un systeme de securite sociale pour la profession. Un appel d’offres a ete lance a toutes les societes d’assurance specialisees en la matiere. Cet appel a abouti a la selection d’une societe qui a fait une etude sur la question et qui a estime notamment que la meilleure solution serait de regrouper la caisse de securite avec la caisse de retraite et de prevoyance deja existante, et alimentee par les timbres de plaidoirie. S’agissant du financement, il faudrait doubler le cout de ce timbre. C’est dans ces conditions que le Conseil de l’Ordre a demande au gouvernement de reformer la legislation dans le but de permettre le doublement du timbre de plaidoirie, etant precise que cette reforme n’entrainerait aucune charge financiere supplementaire pour l ‘Etat

 

Selon Maitre ESSID, ce projet aurait ete presente au gouvernement depuis le 19 janvier 2002, mais n’aurait beneficie d’aucune suivi des autorites .

 

De son cote, le gouvernement aurait propose un systeme global de securite sociale, qui concernerait toutes les couvertures : maladie, naissance, retraite….Chaque prestation necessiterait un engagement financier particulier de la part des avocats. Le Batonnier aurait donc repondu au Ministere que la situation des avocats ne leur permettrait pas de se payer toutes ces prestations, la priorite dans l’immediat devant rester l’assurance maladie. En outre, si le champ d’intervention du Barreau etait elargi, comme cela est demande, les recettes des avocats seraient augmentees, ce qui permettrait un meilleur financement.

 

Selon le Batonnier, l’inaction du gouvernement proviendrait d’une mauvaise volonte car, loin de couter de l’argent, la reforme proposee par le Barreau genererait une ressource supplementaire pour l’Etat, qui recupere 8% du fruit des droits de plaidoirie

 

Faute de reponse des autorites publiques, la reforme serait donc bloquee

 

Pour le reste, le barreau a continue d’utiliser ses prerogative, notamment en decidant, lors de l’assemblee generale extraordinaire du 16 fevrier 2003, d’appeler a une journee de greve pour protester contre le traitement reserve a la profession

 

Malgre cel, les agressions se sont poursuivies : notamment, le 10 mai 2003, des policiers auraient encercle le club des avocats a la SOUKRA empechant des militants des droits de l’homme invites a diner par des avocats d’y penetrer

 

Le Batonnier aurait ete agresse

 

Selon nos interlocuteurs, la situation est reellement alarmante

 

Maitre MEDINA a ensuite demande au Batonnier s’il se reunissait frequemment avec le Ministre de la justice

 

Maitre ESSID a repondu qu’il l’avait rencontre a deux reprises en 2002 et 2003. A ces occasions, il lui avait remis les revendications du Barreau par ecrit. En revanche, Maitre ESSID  a ete tres etonne de ne pas etre convie lorsque le President de l’Union internationale des Avocats a ete recu par le Ministre de la Justice

 

Cette situation semble en effet contraire aux usages

 

L’arret rendu par la Cour d’Appel de TUNIS le 8 juillet 2003 :

 

Enfin, la mission a interroge Maitre ESSID pour connaitre la position du Barreau suite a la decision de la Cour d’appel en date du 8 juillet 2003.

 

Selon lui, cette affaire judiciaire ne serait que la reaction du pouvoir contre la deliberation du Conseil de l’Ordre qui souhaitait protester contre l’agression subie le 2 fevrier 2002 par Hamma HAMMAMI et ses co prevenus ( il faut se rappeler en effet que Hamma HAMMAMI, respnsable du parti ouvrier communiste tunisien, interdit par le pouvoir, avait ete physiquement malmene avec ses co prevenus lors de leur jugement le 2 fevrier 2002, le Barreau avait proteste contre cette attitude des forces de l’ordre, et appele a une journee de greve de la profession le 7 fevrier suivant )

 

Des que cet appel a la greve etait intervenu, le ministre avait declare officiellement qu’un recours serait exerce et que la deliberation du Conseil serait reformee en appel. C’est dans ces conditions que six avocats proches du pouvoir ont porte l’affaire devant la cour d’appel, competents pour statuer sur les recours exerces contre les deliberations du Conseil de l’ordre

 

Les demandeurs reprochaient en substance a la decision attaquee d’avoir entrave la liberte du travail

 

Apres plusieurs renvois, l’affaire a ete retenue et mise en delibere. Ce delibere a ete reporte a une date posterieure a l’assemblée générale du Barreau, qui a eu lieu en juin. L’arret a ete rendu le 8 juillet dernier et annule la deliberation du Conseil de l’ordre

 

Selon cette décision, le Conseil de l’ordre n’ayant que des attributions administratives, il n’avait pas le pouvoir d’appeler les avocats a la grève

 

De son cote, Monsieur le Bâtonnier a tenu a attirer notre attention sur le fait que la délibération contestée n’était pas a proprement parler une décision mais un simple appel a la grève pendant une journée. Aucune sanction disciplinaire n’était encourue par ceux qui n’avaient pas suivi cet appel.

 

Selon Maître ESSID, l’arrêt de la Cour n’a aucun sens car seule une décision du Conseil de l’ordre pouvait être attaquée en justice. En outre, les demandeurs ne pouvaient justifier d’aucun intérêt a agir  dans la mesure ou ils n’avaient pas été lésés ( aucune sanction disciplinaire individuelle ou collective n’a été prise )

 

Le Bâtonnier a publie un communique pour dénoncer l’arrêt du 8 juillet 2003, qui, en réalité, vise a porter atteinte a l’indépendance du Barreau

 

Le conseil de l’ordre a décidé lors de sa réunion du 10 juillet de se pourvoir en cassation

 

Enfin, le Batonnier nous a indique vouloir prochainement se rendre en Europe pour se mettre en rapport avec les confreres afin de les tenir informes de la situation du Barreau tunisien

 

Rencontre avec Monsieur Bechir TAKKARI, ministre de la justice de TUNISIE

 

La Ministre de la Justice a longuement reçu la mission dans les locaux de Ministère, et en présence de son chef de cabinet. Il a répondu a toutes les questions posées par la mission et a fait part de son point de vue a propos des préoccupations manifestées par la FNUJA quant a la situation du Barreau tunisien, d’une part en ce qui concerne l’absence d’assurance maladie et d’autre part en ce qui concerne les avocats rencontrant des difficultés dans leur exercice professionnel

 

S’agissant en premier lieu de la question de la sécurité sociale, nos interlocuteurs nous ont affirme que le blocage provenait de l’attitude du Batonnier, qui, en réalité, ne souhaiterait pas faire aboutir un quelconque projet

 

Tout d’abord, Monsieur le Ministre nous a indique ne pas avoir ete  destinataire de l’intégralité du projet présenté par le Barreau. Cependant, il lui aurait ete rapporte que ce projet ne concernerait pas seulement l’assurance maladie et ne prévoirait pas le doublement du timbre de plaidoirie

 

Sur le fond, le gouvernement n’est cependant pas oppose à un doublement du droit de plaidoirie, mais souhaite au préalable faire une étude statistique et démographique des besoins de la profession.

 

C’est en ce sens qu’un formulaire a été envoyé au Bâtonnier, afin qu’il le diffuse à tous les avocats. Ce questionnaire n’a jamais été retourne et c’est la raison pour laquelle la situation est bloquée

 

Notre interlocuteur entend donc dans l’immédiat obtenir les réponses au questionnaire afin de faire une étude plus sérieuse des besoins de la profession

 

Par ailleurs, le Ministre a souligne que selon lui, 40% des avocats, y compris le Bâtonnier, ne paieraient pas leurs timbres de plaidoirie. Le système propose par le Barreau serait donc injuste car il ferait reposer sur une minorité la protection sociale de l’ensemble de la profession. Il serait également défavorable aux jeunes avocats, dont  beaucoup n’ont déjà pas les moyens de payer les droits de plaidoirie a l’heure actuelle (la charge de timbres repose sur les avocats )

 

Enfin, selon Monsieur le Ministre, les finances de l’ordre seraient mal gérées, notamment en raison de dépenses importantes en frais de déplacement. Dans ces conditions, l’augmentation du droit de plaidoirie et la gestion commune avec la caisse de retraite ne régleraient pas la situation de l’assurance maladie.

 

En deuxième lieu, s’agissant des avocats militant en faveur des droits de l’homme et rencontrant des difficultés dans leur exercice professionnel, le Ministre a tenu à attirer l’attention de la mission sur le fait que le Barreau serait, selon lui, utilise par des extrémistes, a des fins politiques

 

Toujours selon notre interlocuteur, une alliance aurait été passée au sein du Barreau entre les intégristes islamises (le Ministre a nommément cite, entre autres, Maître Raouf AYADI, membre du Conseil de l’ordre ), les communistes et les nationalistes arabes. Les avocats de ces trois sensibilités politiques se seraient entendus afin d’élire le Bâtonnier ESSID, et d’utiliser le Barreau a des fins politiques

 

A ce stade, la mission a observe qu’a sa connaissance, les élections au Conseil de l’ordre se déroulaient de façon démocratique, et que par conséquent, l’élection du Conseil et du Bâtonnier étaient le reflet de la volonté du Barreau dans son ensemble.

 

Le ministre a répondu qu’ont ses yeux, le Bâtonnier n’avait aucune légitimité démocratique, compte tenu du faible participation du Barreau aux assemblées générales : En raison d’une ambiance très dégradée au sein du Barreau et toujours en raison de l’attitude d’avocats «extrémistes », de nombreux confrères modérés renonceraient à fréquenter ces assemblées.

 

Par ailleurs, certains avocats n’hésiteraient pas a organiser des réunions politiques au sein de leurs cabinets et les confrères qui auraient été blesses lors d’altercations physiques avec des policiers, se seraient en réalité exposes aux coups alors qu’ils s’interposaient lors d’interventions de la police, mandatée pour empêcher des réunions d’intégristes islamises.

 

Sur ce point, la mission n’a pas manque de faire observer à ses interlocuteurs, qu’a supposer que ces réunions existent bien, elles n’auraient aucune utilité si les libertés d’expression et de réunion étaient garanties en TUNISIE

 

Le Ministre a alors fait état du fort taux d’anaphabetisation en TUNISIE qui, selon lui, justifierait l’absence de liberté d’expression telle que nous la concevons en Europe.

 

Enfin, en réponse a la mission, qui soulignait au contraire qu’a sa connaissance, le taux d’alphabetisation du pays était l’un des meilleurs d’Afrique, le Ministre répondait que compte tenu du danger islamise, il était impossible de laisser ces personnes se réunir, sauf a prendre le risque de perdre le pouvoir a leur profit

 

Les membres de la mission ont fait remarquer au Ministre de la justice que de nombreux pays, dont la France, étaient exposes au risque du terrorisme islamise, voire a d’autres formes de terrorisme et pourtant, garantissaient les libertés d’expression et de réunion.

 

La mission a tenu à souligner qu’elle était sensible a la préoccupation de lutte contre le terrorisme exprime par l’état tunisien, mais que tout pays démocratique devait trouver un équilibre entre d’une cote, la protection de l’ordre public et d’autre la préservation des libertés individuelles. La mission a aussi insiste sur le fait que la pression policière lui parait tellement forte en TUNISIE, que l’action actuelle, loin de permettre de lutter contre l’intégrisme, risque au contraire de radicaliser l’opposition et de favoriser par conséquent l’émergence de groupements extrémistes.

 

Le Ministre a alors mis en avant la particularité de la TUNISIE dans la lutte contre l’intégrisme, du fait de sa position géographique

 

Finalement, le Ministre estime avoir fait tout son possible pour avoir de bonnes relations avec le Bâtonnier de l’ordre, mais selon lui ce dernier serait davantage occupe à faire de la politique que de défendre le Barreau. Ce serait aussi le cas, selon lui, des avocats se plaignant de harcèlement.

 

Pour terminer, le Président de la FNUJA a insiste auprès du Ministre de la Justice pour que la pression sur les avocats tunisiens soit nettement relâchée et que la fonction du Bâtonnier soit respectée comme il se doit.

 

Maître MEDINA a fait part de son souhait que le Bâtonnier puisse librement se rendre au prochain congre de la FNUJA et que le Ministre lui-même y soit présent, afin que toutes les tendances soient représentées.

 

Compte tenu des accusations graves portées par le Ministre de la Justice à l’encontre du Barreau, la mission a souhaite faire réagir le Bâtonnier aux arguments exposes.

 

Deuxième rencontre avec Maître Bechir ESSID, Bâtonnier de l’ordre des

Avocats de TUNISIE

 

La mission, accompagne par les membres du bureau de la FNUJA, s’est à nouveau entretenue avec Maître ESSID, en présence de Maître Salah CHOUKI, membre du Conseil de l’ordre et secrétaire général de la section de TUNIS, de Maître Rhadia NASRAOUI, ancien membre du Conseil de l’ordre et de Maître Chawki TABIB

 

La question de l’assurance maladie des avocats a tout d ‘abord longuement été évoqué.

 

En ce qui concerne le risque de mauvaise gestion financière, soulevé par le Ministre, nos interlocuteurs nous ont indique que la trésorerie de l’ordre était totalement séparée de la Caisse de prévoyance. Les deux caisses sont gérées par la profession, mais de façon distincte. Le barreau est réglemente par une loi et les risques éventuels de malversation sont donc très facilement contrôlables. Dans tous les cas, la profession est indépendante et la gestion des fonds doit rester l’affaire des avocats.

 

Plus précisément, les frais de voyage pour l’année écoulée ont été de 2000 dinars environ, ce qui n’a rien d’anormal. De toute façon, l’assemblée générale du Barreau statue sur les rapports moral et financier du Conseil de l’ordre, qui ont été approuve

 

Les confrères rencontres lors de cet entretien nous ont exprime leur souhait que l’Etat cesse de s’immiscer dans le fonctionnement du Barreau. A ce titre, le questionnaire elabore par le gouvernement est vecu par eux comme une vertiable ingerence.

 

Toujours selon eux, le Barreau a pris ses responsabilites, et a prepare un travail serieux sur cette question de l’assurance maladie : des etudes comparatives sur l’etranger ont ete realisees, plusieurs societes d’assurance ont ete consultees, un appel d’offres national a ete lance dans la presse, selon un cahier des charges bien defini. Dix societes y ont repondu et une a ete selctionnee. Elle a fait son etude et un questionnaire a ete distribue par le Conseil de l’Ordre et a sa demande, aux avocats.

 

Le Conseil de l’ordre s’est reuni avec les conclusions du questionnaire et a decide que le budget du projet ne devrait pas depasser le financement actuel de la Caisse de prevoyance. Depuis le 19 janvier 2002, le projet a ete presente au Ministere avec l’etude realisee

 

Une deuxieme reunion du Conseil de l’ordre a expose la reforme envisagee a l’assemblee generale du 1 juin 2002 et le projet a ete retenu par cette assemblee generale.

 

La mission a ensuite demande des precisions a ses interlocuteurs s’agissant du financement par un doublement du timbre de plaidoirie, qui, selon le Ministre, pourrait se reveler injuste, en particulier pour les jeunes avocats

 

Il nous a ete repondu que les arguments du gouvernement, qui semble vouloir jouer sur la fibre « jeune avocat » n’etaient pas fondes .

 

Selon le Batonnier, le financement par le timbre presente plusieurs interets

 

Tout d’abord, il est simple et pratique : chaque fois qu’un avocat se constitue, il doit joindre ce timbre a sa constitution. La situation est la meme pour l’activite non plaidante puisque le timbre doit aussi etre place lors de la redaction de contrats. Pour ce qui est de l’activite de notariat, exercee aussi par les avocats en TUNISIE, tres peu sont concernes car quasiment tous les avocats ont une activite plaidante.

 

Pour le reste, nos confreres ont conteste le chiffre de 40% de fraude avance par le Ministre de la justice. Selon eux, ce chiffre pourrait en realite etre estime a 3 ou 5%, mais il est difficile a determiner car le gouvernement fait peuve de peu de transparence en la matiere.

 

Il faut savoir en effet que c’est l’Etat qui fabrique et vend le timbre, mais qu’il a toujours refuse de la numeroter, ce qui serait pourtant un moyen de controle tres fiable. Actuellement, ce controle est exerce par le Conseil de discipline, en relation avec les greffes. Mais il manque de fiabilite car l’Etat ne donne pas les statistiques exactes des recettes generees par la vente de timbres.

 

Le Batonnier nous a d’ailleurs inidique que le projet de reforme propose par le Barreau preoir, outre l’augmentation du timbre comme mode de financement de l’assurance maladie, en renforcement du controle du paiement des timbres, leur numerotation, et la nullite de la procedure se le timbre ne figure pas sur le dossier

 

Selon Maitre ESSID, si le Ministere veut un systeme de securite sociale globale, il doit faire en sorte que le niveau de vie des avocats s’ameliore, pour en permettre le financement.

 

Enfin, la mission a interroge le Batonnier a propos des critiques eleveees s’agissant de la faiblesse du plafond de remboursement dans le systeme propose par le Barreau ( 2500 dinars ).

 

Selon lui, ce minimum serait pour l’instant satisfaisant, dans le mesure ou actuellement aucune couverture maladie n’existe. Un plafond de 2500 dinars serait preferable a l’absence de couverture sociale

 

Poursuivant l’entretien, Olivier BURETHE a interroge nos interlocuteurs sur la question de savoir si le conflit sur la securite sociale ne cacherait pas en realite un probleme politique, de sorte que les positions prises par certains membres du Barreau sur les droits de la defense pourraient expliquer l’echec de la politque sociale.

 

Maitre ESSID  a repondu qu’il etait le premier Batonnier reellement independent, en ce sens que le Conseil de l’Ordre n’a jamais soutenu le pouvoir en place depuis son election. Par le passe, le Conseil de l’ordre avait a deux reprises soutenu la candidature du President BEN ALI

 

Depuis son election, l’ordre a pris plusieurs positions n’allant pas dans le sens de l’action gouvernementale, a participe a des colloques et des seminaires, a soutenu le Juge YAHYOUI  lorsqu’il etait poursuivi

 

Parallelement, le cabinet du Batonnier a ete saccage apres qu’il soit intervenu lors d’une reunion avec le Ligue tunisienne des droits de l’homme. Maitre ESSID nous a aussi signale l’agression tres curieuse don’t sa fille avait l’objet lors d’un accident de la circulation avec une personne proche du pouvoir

 

Enfin, les confreres rencontres se sont insurges contre les tres graves accusations portees contre Raouf AYAYDI, membre du Conseil de l’ordre accuse par le Ministre de la Justice d’etre un integriste islamiste. Selon eux, Maitre AYADI est membre du parti politique dirige par Moncef MARZOUKI, ce qui n’ a rien a voir avec l’islamiste. Nos confreres ont estime indigne qu’un Ministre de la Justice donne des infromations erronees concernant un avocat

 

Notre attention a aussi ete attiree sur le controle exerce sur le courrier et le fax du Conseil de l’ordre, outre les coupures de la ligne telephonique du Batonnier.

 

Pour terminer l’entretien, Jean-Luc MEDINA  a assure nos interlocuteurs que le FNUJA suivrait l’evolution de la situation du Barreau, en envoyant du besoin une mission sur place.

 

Il est enfin important de preciser que la veille du depart de la mission, celle-ci a ete informee de ce Maitre NASRAOUI avait fait l’objet de violences policieres

 

Rhadia NASRAOUI a en effet relate qu’alors qu’elle se rendait a une reception organisee par la Ligue tunisienne des ecrivains libres ( association non reconnue par le gouvernement ), elle avait constate que les participants etaient empeches de se rendre sur les lieux par un barrage de policiers. Face a cette situation, les invites avaient du faire demi tour, sans qu’il y ait eu d’altercation. Le barrage s’etait alors ecarte, et Maitre NASRAOUI avait passer, avec Monsieur AZZOUNA, ecrivain et President de l’association. Elle inique alors que contre toute attente, les policiers l’auraient poussee contre un mur et frappée. Maître NASRAOUI  a été très choquée par cette agression et a déposé plainte. C’est la première fois qu’elle subissait un tel traitement, alors qu’elle était sans défense, et que la réunion était dispersée.

 

La mission a effectivement pu se rendre compte du choc psychologique subi par Maître NASRAOUI.

 

V)    Conclusion et recommandations de la FNUJA

 

La mission effectuée a TUNIS  du 10 au 14 juillet 2003 a été riche d’enregistrement

 

Selon nos interlocuteurs, c’est en effet la première fois qu’une ONG était reçue a la fois par les autorités tunisiennes et par des avocats opposants au pouvoir en place.

 

Cette particularité a permis a la FNUJA  de recueillir le point de vue des principaux acteurs du conflit opposant la majeure partie du Barreau au gouvernement tunisien et donc, d’avoir une vision globale de la situation dénoncée par de nombreux militants des droits de l’homme depuis plusieurs années.

 

A la lumière des entretiens réalises pendant la mission, un certain nombre d’éléments paraissent incontestables :

 

– Tout d’abord, il apparaît évident, du point de vue de la mission, que le blocage de la reforme de la sécurité sociale sur des questions apparemment « techniques » n’est que le reflet de véritables divergences sur ce que doit être l’indépendance économique des avocats et, donc l’indépendants du Barreau au sens large ( l’arrêt de la Cour d’appel du 8 juillet 2003 en est un autre exemple)

Il est aussi le résultat d’une absence de dialogue, qui semble s’être accentuée depuis l’élection du Bâtonnier ESSID

 

– Sur ce deuxième point, il faut observer que  la légitimité du Bâtonnier est en effet contestée par les autorités, qui estiment ne pas pouvoir travailler avec un Bâtonnier « qui fait de la politique » ( qualification d’ailleurs employée aussi a propos des avocats se plaignant de harcèlement policier )

La mission a eu beaucoup de difficulté pour comprendre ce que signifie « faire de la politique » aux yeux des autorités tunisiennes

La question de l’intégrisme islamise ayant été longuement évoquée lors de l’entretien avec le Ministre, il était possible dans un premier temps, de penser que c’était ce reproche qui était adresse en réalité au Bâtonnier et a l’ensemble des avocats concernes. Or, force est de constater que la plupart des avocats éprouvant des difficultés dans leur exercice professionnel et le Bâtonnier lui-même, ne se réclament pas de l’islamisme. Bien au contraire, plusieurs d’entre eux sont issus de partis de la gauche ou du nationalisme arabe. D’autres, enfin, n’affichent d’appartenance a aucun parti politique. L’argument de la lutte contre l’intégrisme est donc inopérant de « faire de la politique » ne signifie assurément pas être intégriste islamise.

Mais alors il est difficile de comprendre en quoi il serait incompatible d’exercer la profession d’avocat et d’appartenir a un parti politique, de militer en faveur du respect des droits de l’homme ou même tout simplement d’émettre de manière pacifique une opinion divergente de celle de la majorité actuellement ou pouvoir.

Les avocats rencontres par la mission n’ont jamais tenu pendant les entretiens de discours politique de quelque sensibilité que ce soit et il semblerait que ceux qui se plaignent régulièrement de harcèlement par les autorités n’aient jamais été surpris dans des activités terroristes

La mission craint donc très sérieusement que le terme « faire de la politique » ne désigne en réalité des avocats qui militent de façon active pour un meilleur respect des droits de l’homme en TUNISIE, dans des partis politiques ou des associations opposes au pouvoir en place, et ce, de manière pacifique. Dans tous les cas, aucun élément objectif n’ a été apporte a la mission pour en juger différemment.

 

Il reste donc que le dialogue est rompu entre les autorités et un Bâtonnier qui certes, reconnais être dans l’opposition, mais dont aucun élément objectif ne permet de juger que ses opinions personnelles sont incompatibles avec l’exercice de la profession d’avocat en général et du Bâtonnat en particulier. Par ailleurs, il est difficile de croire qu’un Bâtonnier prendrait seul l’initiative de rompre le dialogue avec les autorités sur une question aussi cruciale que celle de la protection sociale des avocats, au risque de se rendre très impopulaire auprès de son lectorat.

 

   Il est en effet une chose certaine, qui n’est d’ailleurs pas contestée sérieusement par les autorités tunisiennes, c’est que le Conseil de l’ordre et le Bâtonnier sont élus démocratiquement.

Le ministre de la justice nous a indique qu’il estimait que le Bâtonnier n’avait selon lui aucune légitimité démocratique, étant elu par une minorité seule pressente aux assemblées générales. La mission ne peut pas davantage retenir cet argument.

Tout d’abord, les avocats que nous avons rencontres nous ont tous indique que si les participants aux assemblées générales ne sont pas toujours très nombreux, il en est différemment lorsqu’il s’agir d’assemblées générales électives

En outre, a supposer que l’argument soulevé par le Ministre soit exact, il ne semble pas valable. En effet, les assemblées générales sont ouvertes a tus les confrères, et selon les informations en possession de la mission, elles se tiennent de façon régulière ( en août 1999, une mission de la FNUJA avait d’ailleurs pu assister a une assemblée générale ). Juridiquement, rien n’empêche donc chaque avocat de s’y rendre et de voter a bulletin secret pour le candidat de son choix lorsqu’il s’agit d’élire le Conseil de l’ordre et le Bâtonnier, voire de se présenter aux suffrages de ses confrères. Rien n’empêcherait donc une majorité d’avocats en désaccord avec l’action menée par le Conseil de l’ordre actuel, de se faire élire et de voter pour un autre Bâtonnier

A aucun moment le Ministre de la Justice n’a émis d’argument permettant de mettre en doute ce point

Par conséquent, il est très difficile de croire qu’une majorité modérée du Barreau aurait elu un Conseil de l’ordre et un Bâtonnier extrémistes, sauf a ce que la tres grande majorité du Barreau soit elle-même composée d’extrémistes ayant choisi de « faire de la politique ». Le choix du Bâtonnier résulte donc indiscutablement d’une volonté démocratique du Barreau. A ce titre, il n’appartient pas aux autorités locales de contester sa légitimité et d’en tirer argument pour ne pas poursuivre le dialogue, dans l’intérêt de la profession

 

La FNUJA demande donc instamment aux autorités tunisiennes :

 

   – De mettre tout en œuvre pour que tous les avocats, quelles que soient leurs opinions politiques ou leurs activités militantes en faveur des droits de l’homme, puissent librement exercer leur profession, conformément a la Déclaration sur les défenseurs des Droits Humains adoptée par l’assemblée générale des Nations Unies le 9 décembre 1998

  – De respecter comme il se doit la fonction du Bâtonnier, elu démocratiquement par ses pairs

  – De reprendre le dialogue avec le Barreau par l’intermédiaire de ses représentants démocratiquement élu, afin que soient mises en œuvre toutes les reformes indispensables pour assurer de meilleurs conditions d’exercice aux avocats tunisiens

 

La FNUJA sera très vigilante quant au bon respect de ces recommandations et mandatera régulièrement des missions sur le terrain afin de s’en assurer.

 

Laurence MORISSET

Avocat au Barreau d’AGEN

Responsable de la Commission Des droits de l’Homme de la FNUJA

 

(Texte du rapport envoyé à TUNISNEWS par Me Samir Ben Amor le 26 octobre 2003)


 

المـؤتـمــر مـن أجـل الـجمهورية
 
 بــــــــــــلاغ

 تونس في :24/10/2003   

 

تلقت السيدة نزيهة رجيبة أحد مؤسسي المؤتمر من أجل الجمهورية استدعاءا للمثول أمام المجلس الجناحي بتونس يوم 28/10/2003 بعد أن لفقت لها السلطة البوليسية تهمة مسك عملة أجنبية بطريقة غير قانونية.

 

وتأتي هذه الإحالة في سياق ما دأبت عليه السلطة منذ قيامها باللجوء إلى القضاء الذي حولته أداة طيعة بيدها لمعالجة الخلافات السياسية ومحاولتها الكيد للمعارض وتشويه سمعته بهذه الوسيلة وبغيرها من وسائل الدس عبر الإعلام الذي وضعت يدها عليه وحتى اللجوء إلى أكثرها دناءة مثل الصور الخليعة والكاساتات المركبة للنيل من شرف واعتبار المناضلين.

 

ويكفي استحضار بعض حالات التلفيق والكيد التي كان ضحيتها الأستاذ محمد نجيب حسني والسيدة سهام بن سدرين والأستاذة راضية نصراوي والسيد عبد الله الزواري والأستاذان محمد النوري  ومختار اليحياوي وغيرهم ممن تطول بأسمائهم قائمة ضحايا سلطة مفلسة غير قادرة على إدارة أي حياة سياسية مهما تقلصت حدودها.

 

ونلفت انتباه الرأي العام أن هذه القضية جاءت كرد فعل كيدي من جانب السلطة إثر حديث للسيدة نزيهة رجيبة بثته قناة الحوار منذ أسابيع وكذلك كرد على نص الإستقالة الذي بلغته إلى وزير التربية  والتكوين منذ أيام.

 

ويدعو المؤتمر من أجل الجمهورية جميع القوى الفاعلة من حقوقيين وسياسيين للتعبير عن تنديدها بهذا الأسلوب الدنيء الذي لم تستطع السلطة التخلي عنه قصد ترهيب المناضلين والمناضلات من أجل حرية البلاد وتخليصها من دكتاتورية  مستبدة جعلت من بقائها بكرسي السلطة مبررا للقمع الترهيب.     الأستاذ عبد الرؤوف العيادي 

 نـائـب رئـيـس المـؤتـمــر مـن أجـل الـجمهورية

Grève de la faim de Me Radhia Nasraoui

 

Tunis le 24 Octobre 2003

  

                                      

Bulletin Médical

 

Maître Radhia Nasraoui,avocate au Barreau de Tunis, a entamé volontairement une grève de la faim depuis le mercredi 15 octobre 2003 à son domicile.

 

Un comité médical s’est constitué pour suivre et surveiller l »état de santé de Me Nasraoui. Il est formé des médecins suivants:

 

Dr Ahleme Belhaj

Dr Sami Souihli

Dr Fethi Touzri

 

Dix jours après cette grève de la faim,et au vu des examens médicaux, l’état de santé de Me Nasraoui commence à montrer des signes inquiétants de fatigue,de faiblesse,des symptômes liés à des perturbations métaboliques et une perte de poids.

 

Cet état peut à tout moment se détériorer davantage,d’autant plus que Me Nasraoui vient de sortir d’une grève de la faim de 38 jours tout juste il y a un an.

 

Le comité médical se déclare préoccupé pour son état de santé et donnera régulièrement un bulletin de santé.

 

 

P/Le comité médical

Dr Fethi TOUZRI

 

(Source : Message publié par chokri.latif@laposte.net sur la liste Maghreb des Droits de l’Homme le 26 Octobre 2003 à 01:49:26)


 Ligue Tunisienne pour la défense des droits de l´Homme

Infos-Express 25 Octobre 2003

 La LTDH a organisé vendredi 24 Octobre 2003 à son siège une assemblée générale autour du thème :« Les agressions contre les défenseurs des Droits Humains » lors de cette assemblée présidé par M Mokhtar Trifi président de la LTDH , Me Ayachi Hammami a intervenu sur : « la protection des défenseurs des droits de l´homme dans les conventions internationales » cette intervention a été suivie par les témoignages de Me Radhia Nasraoui (en grève de la faim depuis le 15 octobre 2003 ) , M Ali Ben Salem , M Salah Hamzaoui , M Chokri Latif , M Jalloul Azzouna , M Neji Marzouk et Me Mohamed Jmour secrétaire général de l´ordre national des Avocats de Tunisie .  


    Les forces de la police ont encerclé le 24 octobre 2003 le siège du CNLT ou devait être tenue une conférence de presse dans le cadre de la journée internationale pour la liberté en Tunisie l´accès au local a été interdit . les actions programmées pour cette journée ont été interdites par les forces de la police. Dans une déclaration Me Mokhtar Trifi président de la LTDH a dénoncé fermement au nom de la LTDH le Harcèlement dont les militants des droits de l´homme font l´objet et a condamné l´interdiction par les autorités de l´action décidé par l´ordre nationale des avocats , le CNLT, le CIJ, L´ATJA, L´AISPPT et Le RAID/ATTAC-Tunisie pour le 24 octobre 2003 et a lancé un appel pour la défense des libertés publiques. 


  M Fethi Chamkhi porte parole de RAID ATTAC Tunisie a été convoqué le 22 octobre 2003 par le chef de la police politique du district de Grombalia, au poste de commissariat ou il a été interroger sur la Campagne internationale pour la liberté en Tunisie décidée pour le 24 octobre 2003 par : Le Conseil de l’ordre des Avocats ; Le conseil National pour les libertés en Tunisie , Le centre Tunisien pour l’indépendance de la justice , L’association Tunisienne des jeunes Avocats ; L’association internationale pour le soutien des prisonniers politiques ; Il a été informé que l’action programmée pour le 24octobre 2003 est interdite . M Mokhtar Yahiaoui président du Centre de Tunis pour l´indépendance de la magistrature et de l´avocatie a été convoqué par la police le 23 octobre 2003pour les mêmes motifs .


 
 Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l´Homme  Tunis le, 20 octobre 2003 Déclaration  (traduite de l´arabe)
 La Ligue Tunisienne pour la défense des droits de l´Homme suit avec très grande préoccupation les agressions et les violations dont sont victimes les femmes portant le voile de la part de la police ou de responsables d´administrations publiques. Ces violations ont pris la forme d´interdiction de travail et d´études ou d´agressions sur les lieux publics d´où ces femmes sont traînées vers les commissariats pour être obligées de se dévoiler.  La LTDH a été informée que ces agressions auraient parfois atteint le point de violer les domiciles dont le but d´y menacer celles qui oseraient sortir voilées. La Ligue considère également comme illégal le décret en vertu duquel les jeunes filles sont privées de scolarisation et qui recommande « la plus grande sévérité dans l´application des mesures interdisant les tenues pouvant avoir une signification sectaire », violant par là leur droit aux études et leur liberté vestimentaire.  La LTDH qui rappelle sa position de principe quant à la liberté des femmes de choisir leur tenue vestimentaire en dehors de toute imposition ou pression, demande aux autorités d´abroger les décrets et mesures administratives qui violent la liberté vestimentaire et portent gravement atteinte à la vie privée.  Elle dénonce les agressions répétées contre les femmes voilées et exige qu´il soit immédiatement mis fin à la campagne sécuritaire qui s´amplifie et que les intéressées recouvrent leurs droits au travail et l´éducation.  Pour le comité directeur  Le Président  Mokhtar Trifi

 

 Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l´Homme Tunis le, 18 octobre 2003
 
 Communiqué  (traduit de l´arabe)

 
 La Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l´Homme informe que M. Mohamed Bouazza, détenu d´opinion à la prison de Monastir poursuit depuis le 1er octobre 2003 une grève de la faim pour exiger sa libération.  Ce citoyen accusé d´appartenance au Mouvement « Ennahdha » purge des peines cumulées de 25 ans de prison pour les mêmes motifs de « participation à des manifestations violentes » prononcées par la chambre criminelle de la Cour d´Appel de Tunis en 1996 et 1997.  Depuis son arrestation en 1996, il ne cesse de réclamer son innocence sachant que son dossier comprenait le témoignage à charge d´un co-inculpé qui a déclaré par la suite devant la Cour que M. Mohamed Bouazza n´a pas participé à la manifestation et qu´il ne l´avait jamais cité durant l´interrogatoire.  M. Mohamed Bouazza considère que son implication par la police, dans deux affaires distinctes pour les mêmes faits, n´est due qu´à une condamnation antérieure à trois ans de prison pour appartenance au Mouvement « Ennahdha » et au fait qu´il réside dans le quartier où s´est déroulé la manifestation constatant que son état de santé s´est gravement détérioré ces derniers jours au point de lui faire perdre toute mobilité.  La Ligue appelle les autorités à libérer ce détenu condamné à deux peines pour les mêmes motifs à l´issue de procès inéquitables.  Elle rappelle également la nécessité de libérer l´ensemble des détenus politiques et de promulguer une loi d´amnistie générale  Pour le comité directeur  Le Président  Mokhtar Trifi  


   Le comité de la section de Monastir de la LTDH a organisé mercredi 22 octobre 2003 un rassemblement devant la prison de Monastir ( 130 Km de Tunis) ou le détenu M. Mohamed Bouazza qui condamné à deux peines pour les mêmes motifs à l´issue de procès inéquitables et qui ne cesse de réclamer son innocence depuis son arrestation en 1996 , poursuit depuis le 1er octobre 2003 une grève de la faim pour exiger sa libération.  


    Le Congrès de section de Mateur de la Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l´Homme s´est déroulé le samedi 18 octobre 2003 à la maison de la culture à Mateur.  Les travaux du congrès qui étaient présidés par Me. Mokhtar Trifi, Président de la LTDH se sont achevés par l´élection du nouveau Comité de la section ainsi que par l´attribution des fonctions à l´intérieur de ce comité comme suit :  M. Mohamed Salah Nehdi Président  M. Chédli Maghraoui Vice président  M. Abdelhak Thabet Vice président  M. Abderrahman Morsani Secrétaire Général  M. Sadok Hanchi Secrétaire Général adjoint  M. Fethi Maghraoui Trésorier  M. Lamjed Tayachi Trésorier adjoint   


    Ligue Tunisienne pour la défense des droits de l´homme  Fondée en 1977
 21 Rue Baudelaire El Omrane 1005 -Tunis – Tel 00213894145 -Fax 00216892866  E.mail : ltdh.tunisie@laposte.net -Site Web : www.ltdh.org

  الرابطة التّونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان 

أخبار سريعة 25 أكتوبر 2003

 

نظّمت الرّابطة التّونسيّة للدفاع عن حقوق الانسان يوم الجمعة 24 أكتوبر 2003 بمقرّها اجتماعا عامّا حول  » الاعتداءات التي تتعرّض لها نشطاء حقوق الانسان و خلال هذا الاجتماع الذي ترأسه الاستاذ المختار الطّريفي رئيس الرّابطة قدّم الأستاذ عيّاشي الهمّامي مداخلة حول حماية النّشطاء في المواثيق الدّولية اثر ذلك قدّم عديد النّشطاء شهاداتهم و من بينهم ألاستاذة راضية النّصراوي ( التي لا تزال في اضراب عن الطّعام منذ يوم يوم 15 أكتوبر 2003) و السّادة علي بن سالم و صالح الحمزاوي و شكري لطيف و جلول عزّونة و ناجي مرزوق و الاستاذ محمّد جمور الكلتب العام للهيئة الوطنيّة للمحامين 

 
 
طوّقت قوّات الأمن مقرّ المجلس الوطني للحريّات بتونس و منعت النّدوة الصّحفيّة و الفعاليات التي كانت مبرمجة ليوم 24 أكتوبر 2003 في اطار اليوم الدّولي من أجل الحريّة و في تصريح ندّد الاستاذ المختار الطّريفي رئيس الرّابطة التّونسيّة للدفاع عن حقوق الانسان باسم الرّابطة بالمضايقات التي يتعرّض لها النّشطاء كما أدان بشدّة بمنع السّلط للانشطة التي كانت الهيئة الوطنيّة للمحامين و المجلس الوطني للحريات بتونس و مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة و الجمعية التونسية للمحامين الشّبان و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السّياسيين و التّجمع من أجل بديل عالمي للتنمية (راد/أتاك-تونس) تعتزم القيام بها ووجّه نداء للدفاع عن الحريات العامة. بانتهاك الحريّات العامّة.  و كان السيّد فتحي الشامخي قد دعي من طرف مصالح الأمن بقرمبالية يوم الاربعاء 22 أكتوبر ليلا لاستجوابه عن الحملة الدولية من أجل الحرية في تونس كما تمّ اعلامه بمنع الانشطة المبرمجة ليوم 24 أكتوبركما كان السيد القاضي المختار اليحياوي دعي لمصالح الأمن يوم 23 أكتوبر لنفس الغرض . 
 

 

 

الرّابطـــة التّونسيّـــة للدّفــاع عن حقـــوق الإنســـان تونس في 24 أكتوبر 2003 بيــــــــــــــان
اتخذت الحكومة التونسية قرارا يقضي بمنع الرابطة من الحصول على أي تمويل من الاتحاد الأوروبي، فقد أستدعي رئيس الرابطة في نهاية شهر أوت الماضي إلى وزارة الداخلية ليقوم المدير العام للشؤون السياسية بإعلامه شفويا بأن الحكومة غير موافقة على التمويل الذي تحصل عليه الرابطة من هذه الجهة بدعوى أن ذلك مخالف لقانون الجمعيات ، وبعد أيام قليلة من ذلك وجه البنك الذي يوجد به الحساب الجاري للرابطة رسالة يعلمنا فيها أن مبلغا ماليا حوّل لحساب الرابطة من بروكسال ولكن لا يمكن تنزيله بذلك الحساب ووضعه على ذمة الرابطة ما لم تدل هذه الأخيرة بما يفيد « وجود التراخيص المفروضة بالقانون عدد 154 المؤرخ في 07 نوفمبر 1959 وخاصة مقتضيات الفصلين  » 8 و 14  » (ويتعلق الأمر بقانون الجمعيات) ومنذ ذلك الحين بقي المبلغ المالي المذكور مجمدا، علما وأنه يمثل القسط الثاني من تمويل المشروع الذي أبرم بين الرابطة والاتحاد الأوروبي سنة 2002 بهدف إعادة هيكلة الرابطة وتحديث طرق عملها، وكان القسط الأول صرف في أفريل 2002. ويهمّ الهيئة المديرة تأكيد ما يلي : 1 – أن القانون التونسي لا يفرض على الرابطة الحصول على أي ترخيص لتلقي تمويلات من أية جهة كانت محلية أو أجنبية. ذلك أن الفصل 8 من قانون الجمعيات الذي قيل لنا من طرف وزارة الداخلية ثم من طرف البنك أنه يفرض علينا الحصول على ترخيص مسبق لا يهم الرابطة بأي حال من الأحوال، فهذا الفصل ينص على أنه  » يمكن للجمعيات الخيرية أوالإسعافية أن تقبل العطايا بعد موافقة كاتب الدولة للداخلية « . ولكن الجميع يعلم أن الرابطة ليست جمعية ذات صبغة خيرية أو إسعافية بل أن وزارة الداخلية نفسها كانت صنفتها كجمعية ذات صبغة عامة بقرارها عدد 2008 المؤرخ في 14 ماي 1992 وهو القرار الذي أوقفت تنفيذه المحكمة الإدارية في القضية عـ595تت ــدد بتاريخ 26 مارس 1993، ونتيجة لذلك فإن الرابطة ليست معنية بهذا الترخيص الذي يهم فقط الجمعيات الإسعافية أو الخيرية. كما أن الفصل 14 المذكور أعلاه لا يعني الرابطة إذ أنه فرض على  » الجمعيات ذات المصلحة القومية  » أن لا تقبل العطايا والوصايا إلا بعد ترخيص من وزير الداخلية. والرابطة ليست مصنفة كجمعية ذات مصلحة قومية لأن منح هذه الصفة يتم بأمر يصدر باقتراح من وزير الداخلية، ولم يصدر أي أمر بهذا المعنى بخصوص الرابطة. 2 – أن القانون الأساسي للرابطة المؤشر عليه من وزارة الداخلية تحت عـ4438ـدد بتاريخ 7 ماي 1977 ينص في فصله 12 على أن موارد الجمعية تتأتى من : » 1- اشتراكات أعضائها – 2 –  الإعانات الممنوحة لها – 3 – المداخيل الحاصلة من المهرجانات المرخص فيها طبقا للقانون الجاري به العمل – 4 – المداخيل والفوائض على مكتسباتها ». ويلاحظ أن القانون الأساسي لم يشترط الحصول على أي ترخيص فيما يتعلق بـ » الإعانات الممنوحة » للرابطة . 3 – أن الدولة التونسية كانت من بين البلدان التي صادقت يوم 9 ديسمبر 1998 على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار الإعلان العالمي لحماية نشطاء حقوق الإنسان، وقد جاء الفصل 13 من هذا الإعلان العالمي ناصا على أن  » لكل فرد، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، الحق في التماس وتلقي واستخدام الموارد لغرض صريح هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بالوسائل السلمية …  » 4 – أن الاتحاد الأوروبي وفي إطار ما يعرف بـ » المبادرة الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان » أطلق خلال صائفة 2002 عرضا لتمويل مشاريع تتقدم بها جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في العالم حول قضايا مثل حقوق النساء، مناهضة التعذيب، حرية الصحافة والتعبير، تطوير الديمقراطية والحكم الرشيد، رصد الإنتخابات، المحكمة الجنائية الدولية، تيسير الوصول إلى العدالة وغيرها. وقد قدمت الرابطة مشروعا يتعلق بتيسير الوصول إلى العدالة، كما تقدمت 580 جمعية ومؤسسة بمشاريع قبل منها الاتحاد الأوروبي 51 مشروعا من 28 دولة من مختلف القارات، ومن بينها المشروع الذي تقدمت به الرابطة ( علما وأن 3 مشاريع أخرى قدمتها مؤسسات من تونس ولم تحض بالقبول) ونلاحظ هنا أن تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي اعترض على حصول إحدى منظماته على التمويل المذكور. 5 – أن حصول الرابطة على تمويل من الاتحاد الأوروبي يتنزل في إطار اتفاق الشراكة بين الحكومة التونسية والاتحاد الأوروبي الذي ينص في مادته الثانية على التزام الأطراف المتعاقدة بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكذلك في إطار التعهدات المتتالية لهذه الحكومة في صلب مسار برشلونة الأورومتوسطي حيث إلتزمت حكومات الفضاء الأوروبي المتوسطي بدعم منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد … 6 – أن منظمات وجمعيات ومؤسسات تونسية عديدة تحصل على تمويلات من الاتحاد الأوروبي وغيره من الممولين دون أي ترخيص مسبق ودون أن يثير ذلك حفيظة الحكومة التونسية أو امتعاضها مما يدفع على الاعتقاد بأن الرابطة هي المستهدفة، وأن ما تقوم به من أنشطة سواء بمقرها المركزي بتونس العاصمة أو بمقرات فروعها في الجهات أصبح يشكل مصدر إزعاج يجب إسكاته وذلك بعد أن استعملت لذلك جميع الوسائل من غلق مقر الرابطة واستصدار الأحكام ضدها دون مبرر ومضايقة مسيريها ومنخرطيها بمختلف الطرق والاعتداء على بعضهم بالعنف الشديد والتحريض عليها وعلى مسيريها عبر حملات إعلامية جائرة إلى غير ذلك من المضايقات. 7 – أن الرابطة تعتقد أن من حقها كما من حق الجمعيات والمنظمات المستقلة الحصول على التمويل العمومي لأنشطتها بشكل منظم وفي إطار ميزانية يصادق عليها مجلس النواب وتصرف لهذه الجمعيات دون اعتبار لمدى ولائها للسلطة. وبالنظر إلى كل ما تقدم فإن الهيئة المديرة تدعو السلط إلى التخلي عن موقفها اللاقانوني من برامج التمويل التي أبرمتها الرابطة مع الاتحاد الأوروبي كما تدعوها إلى الكف عن مضايقة أنشطتها وتمكين المنظمات غير الحكومية من ممارسة مهامها دون عراقيل واحترام تعهداتها الدولية في مجال دعم عمل نشطاء حقوق الإنسان. عن الهيئـــة المديـــرة الرئيـــــس   المختــار الطريفـــي


الرابطــــة التونسيـــــة للدفـــــاع عن حقـــــــوق الإنســـــان Ligue Tunisienne pour la défense des droits de l’Homme     تونس في 20 أكتوبر 2003   بـيـــــــــان
 

  تتابع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بكل اهتمام الإنتهاكات والإعتداءات التي تتعرض لها النساء المحجبات من طرف أعوان الأمن أو المسؤولين في الإدارات العمومية يمنعن من العمل أو من الدراسة، والإعتداء عليهن في الشوارع والأماكن العمومية من طرف أعوان بالزي المدني وإيقافهن ونقلهن لمراكز الأمن لحملهن على نزع الحجاب. وقد بلغ إلى علم الرابطة أن هذه الإعتداءات قد وصلت أحيانا حدّ اقتحام المنزل والهجوم على النسوة داخله وتهديدهنّ في صورة ارتداء الحجاب مستقبلا عندما يخرجن.   كما تعتبر الرابطة المنشور الصادر عن وزارة التربية والتكوين والذي يدعو فيه إدارة المعاهد والمدارس إلى « العمل بكل حزم وصرامة على تطبيق التراتيب التي تمنع ارتداء الأزياء ذات الإيحاءات والدلالات الطائفية »، والذي على أساسه منعت البنات المتحجبات من الدراسة،  منشورا غير قانوني وينتهك الحق في حرية اللباس والحق في التعليم.   والرابطة التي تذكر بموقفها المبدئي فيما يتعلق بحرية النساء في ارتداء اللباس الذي تخيرنه بدون ضغوط أو قيود أو إملاءات تفرض عليهن لحملهن لما تخترنه، فإنها تجدّد تذكيرها بما يلي :   –         مطالبتها السلطات بإلغاء المناشير الإدارية والتراجع عن التعليمات التي أصدرتها، والتي تنتهك الحق في حرية اللباس وتشكل … خطير على الحياة الخاصة.   – إستنكارها للإعتداءات المتواصلة على النساء المتحجبات والإنتهاكات الخارجة عن القانون التي تتعرض إليها ومطالبتها بوضع حدّ فوريا للحملة الأمنية المتواصلة والمتصاعدة ضدهن وإرجاع الحقوق لأصحابها بتمكينهن من حقهن في الدراسة والعمل.       عن الهيئـــــــة المديــــــرة الرئيــــــــس     المختـــار الطريفـــي     21، نهج بودلير – العمران – 1005 تونس – الهاتف : 71.894145 – الفاكس : 71.892866 البريد الألكتروني : ltdh.tunisie@laposte.net – الموقع على الأنترنت : www.ltdh.org  

حتى لا تُـهـمّـش المنظمة أو تحيد عن دورها!

الرابطة والحجاب وحرية النقد ومواقف السيد الطريفي

 

بقلم: الأستاذ نورالدين العويديدي

 

ثار جدل حاد، لا يزال متواصلا، وهو جدل مشروع، ودلالة على بقية حياة في المجتمع التونسي، بعد توقيع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالاشتراك مع فرع منظمة العفو الدولية في تونس، وجمعية نساء ديمقراطيات، بيانا تضمن مسا واضحا بأحد الحقوق والحريات الأساسية للإنسان، هو حقه في اختيار اللباس الذي يريد، مثلما تضمن تخويفا، غير مبرر، من عودة ظاهرة التدين إلى السطح في البلاد.

ومبعث الجدل، وحدته، أن البيان، وبيانات أخرى (بل ومقالات أيضا)، تزامنت معه، وصيغت بعبارات قريبة من عباراته، قد تضمنت تبريرا غير معهود من منظمات تدافع عن حقوق الإنسان، لانتهاك حق من حقوق الإنسان، بل دعوة وتحريضا للسلطات على مواجهة من يتمسك بذلك الحق، بتعلات وتبريرات واهية، لا يمكن قبولها مطلقا.

وإذ شهد الجدل تجاوزا لضوابط الحوار البناء، وهي الضوابط المطلوب توفرها في جميع النقاشات والحوارات، حتى لا تتحول الحوارات إلى سباب وتنابز، يضر ولا ينفع، فإن المرء لا يسعه إلا أن يعلن رفضه لأي خروج بالنقاش عن مقاصده، وهي التنبيه للخطأ، والاعتراض عليه، والعمل على تصحيحه، بأفضل الطرق، وتنقية الفضاء السياسي والاجتماعي التونسي من كل ما يتأخر به.

ومن نافلة القول في هذا السياق التأكيد على أن السيد مختار الطريفي، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي يشتكي من تكفير البعض له.. هو رجل مسلم، مثله مثل سائر أبناء الشعب التونسي، حتى يعلن هو بنفسه خلاف ذلك. وأدعو بكل جدية إلى الامتناع عن استخدام سلاح التكفير في الصراع السياسي بين أبناء الوطن الواحد، وأدعو إلى إدانة استخدامه بكل قوة ووضوح، إذا ما حصل واستخدمه البعض، في غير موضعه، لأنه قد يؤدي إلى نتائج خطيرة، الساحة التونسية في غنى عنها.

مع العلم أن ظاهرة التكفير، وثقافة التكفير، غير موجودتين، والحمد لله، لدى الإسلاميين التونسيين. وبالتالي فإن المسارعة إلى اتهام أي ناقد للتيارات الاستئصالية المتطرفة، أو للتيارات المتغربة، التي تضيق بالدين وبشعائره ورموزه، ومنها الحجاب، بأنه من المكفرة، اتهام غير مبرر.

وعلى السيد الطريفي، حين يقع في خطإ كبير، أن يتوقع سماع كلام لا يرضيه، وليسمح لي أن أقول له إن بعض مواقفه الأخيرة، وخاصة الموقف من الحجاب، هي مواقف مضرة بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وبالمدافعين عن حقوق الإنسان، حيثما كانوا، وبالبلاد والعباد..

كما أود أن أسر إليه بأن من الخطإ جعل ذلك الموقف الخاطئ موقفا رسميا للرابطة، بالرغم من أنف الرابطيين، وبالرغم من أنف قيم حقوق الإنسان.. وأظن أن مثل هذا القول لا يحمل تكفيرا للسيد الطريفي، حتى وإن حمل إدانة سياسية وأخلاقية لمواقفه السياسية الخاطئة.

وكنت أنوي عدم الكتابة عن بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وجمعية نساء ديمقراطيات، وفرع منظمة العفو الدولية في تونس، بشأن الحجاب، باعتبار أنها « زلة »، علينا أن نتركها تمر، على الرغم من اختلافي الشديد مع ذلك البيان واعتقادي بأنه كبيرة سياسية أو خطأ سياسي شنيع، على ما قال الصحافي التونسي المخضرم الأستاذ صلاح الدين الجورشي. لكن البيان الصادر أخيرا، باسم الرابطة مجددا، دفعني للكتابة دفعا.

حين حدثني صديق، قبل أن أقرأ البيان، عما كتبه السيد الطريفي دفاعا عن نفسه، ظننت أن الأمر يتعلق بمقال شخصي، بتوقيع شخصي، يدافع فيه السيد الطريفي عن شخصه، فلم أجد في الأمر عيبا.. واعتبرته أمرا طبيعيا، بل مطلوبا، حتى يوضح السيد الطريفي بعض ما يستحق التوضيح بخصوص البيان المشار إليه. لكن ما فوجئت به هو أنني وجدت بيانا موقعا باسم الرابطة، يدافع فيه السيد الطريفي عن نفسه وعن نساء ديمقراطيات وعن ذلك الموقف الخاطئ من الحجاب.

وكما أعربت عن قلقي من بعض الردود التي تخرج عن أدب الحوار، المطلوب التقيد به، واجتناب السباب الشخصي، فإنني أريد أن أعرب أيضا عن قلقي، وربما عن قلق الكثير من التونسيين الذين يحترمون الرابطة ويقدرون سابقتها، من استخدام اسم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومن استخدام قيم حقوق الإنسان في تحقيق أجندات إيديولوجية وحزبية ضيقة وخاطئة وغير مشرفة.

الموقف من الحجاب الذي اتخذه البيان الثلاثي موقف خاطئ، وهذه الجهات مدعوة للاعتراف بخطئها والعمل على إصلاحه، بأن تناصر المحجبات في محنتهن، وأن تدافع عن حقهن في لبسه من دون أن يعتدي عليهن أحد أو أن يعتقلهن رجال البوليس، لأنه لا يعقل أن يصدر من جهات تدافع عن حقوق الإنسان مواقف تعترض فيها على أبسط تلك الحقوق والحريات، وهو حرية الإنسان وحقه في اختيار لباسه، باعتباره من أخص الشؤون المتعلقة بالإنسان.

والخطأ الأكبر الذي دافع عنه السيد الطريفي، باسم الرابطة أيضا، لا باسمه الشخصي، هو دعوة نساء ديمقراطيات السلطة لإعمال آلتها الأمنية لمنع هذا اللباس بالقوة، رغم أن النظام لم يقصر طيلة عقد ونيف في التورط في ممارسة تلك الجريمة، مرارا وتكرارا.. والضحايا كثر، والشواهد عديدة.. فلا داعي لمزيد التحريض.

لا لتوظيف الرابطة وحقوق الإنسان

إنه لمعيب من نفر في القيادة الحالية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وعلى رأسهم السيد الطريفي، أن يستغلوا وجودهم على رأس الرابطة ليقحموا المنظمة في أمور كان المفروض أن لا تُحشر فيها حشرا. ولكن يبدو أن الضيق الإيديولوجي والحزبي الشديد بظاهرة الحجاب والخوف المرضي من عودة التدين إلى البلاد، بعد ظن واهم بأنه قد تم القضاء عليه، جعل هؤلاء يقحمون، خاطئين على طول الخط، اسم الرابطة في معارك ليست معاركها، وفي حروب ليست حروبها، ويبعدونها في المقابل عن معارك وحروب حقيقية هي لها، وجديرة بأن تخوضها، وأن تحوز قصب السبق فيها، كما كانت في معظم الأحيان، قبل تولي السيد الطريفي رئاستها.

لكننا صرنا نجدها معه، للأسف الشديد، مقصرة فيها أشد التقصير، حتى سبقتها منظمات وجمعيات حديثة العهد مثل المجلس الوطني للحريات، الأمر الذي تراجع بموقع الرابطة من الصدارة في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان إلى مراتب متأخرة، ويهدد بتهميشها بشكل كبير وبتحويلها إلى فرع ملحق بحزب سياسي صغير، ويا لخيبة المسعى.

إننا صرنا نخشى، مع السيد الطريفي أن يتم « اختطاف » الرابطة، وتحويلها عن الهدف الأصلي الذي قامت من أجل تحقيقه، وعن مهمتها التي تأسست من أجلها، وهي الدفاع عن حقوق الإنسان، لتصبح لجنة للدفاع عن بعض المناضلين السياسيين الذين يشاطرون السيد الطريفي الرأي والمذهب السياسي والإيديولوجي، أو هيئة للتمكين لتوجهات فيها الكثير من التطرف، ولا يتشاطر الرأي العام التونسي القناعة بشأنها مع بعض قادة الرابطة.

إن قيم حقوق الإنسان، ومؤسسات الدفاع عن هذه الحقوق، يجب أن تظل بعيدة عن التوظيف والاستخدام السياسي والإيديولوجي. وإن أسوأ خدمة يمكن أن تقدم لأي حزب أو جماعة فكرية أو سياسية، من الناحية الأخلاقية، هي تلك الخدمة التي تستغل فيها مؤسسة مثل مؤسسة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في التحريض على انتهاك حق من حقوق الإنسان، هو حق اللباس ونوعيته وشكله.

وماذا ترى السيد الطريفي يقول عندما يتناهى إلى علمه أن فتاة عمرها 17 عاما تتعرض لاعتداء وحشي على مرأى ومسمع من الناس من قبل ثلاثة أعوان شرطة بالزي الرسمي في حي العمران الأعلى لمجرد أن وجدها الجماعة تلبس الحجاب قرب منزلها.. لا في الجامعة، ولا في معهد ثانوي، ولا في إدارة رسمية، وهي أماكن من حقها أن تدخلها بحجابها، بخلاف ما نص عليه منشور 108 سيء الذكر، وإنما على باب منزلها، ثم يحققوا مع والدها ووالدتها، بتهمة تحريضها على لبس الحجاب؟

ثم ما لنا لا نقرأ بيانات تنديد واضحة وقاطعة بمثل هذه الجريمة، تصدر عن الرابطة؟ ألا يشعر السيد الطريفي و »النساء الديمقراطيات » أنهم شركاء في المسؤولية عما جرى لتلك الفتاة وعائلتها بعد مواقفهم التحريضية على الحجاب؟ وماذا يراد للمحجبات أكثر مما يتعرضن له من اضطهاد ومحاكم تفتيش في مطلع القرن الحادي والعشرين؟ هل مطلوب من الشرطة التونسية أن يدخل أعوانها إلى كل بيت، ويتثبتوا من أن النساء فيه لا يملكن « فولارات » يمكن أن يلبسنها، على شكل حجاب، حتى ترضى « النساء الديمقراطيات » على أداء السلطة ويقتنعن أنها لم توقف حملتها على « الظلاميين »؟

إننا لا نزال نتوقع من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومن نساء ديمقراطيات أن يصلحن هذا الخطأ، وأن يسارعن إلى الانتصار لقيم حقوق الإنسان، بالدفاع عن كل إنسان مضطهد بسبب قناعاته الفكرية أو الدينية أو السياسية، أو بسبب نمط اللباس الذي يختاره، حتى ولو خالف ذلك قناعات ناشطين في الرابطة أو في « نساء ديمقراطيات »، باعتبار أن حقوق الإنسان حقوق لكل إنسان، بغض النظر عن لونه وجنسه ومعتقده.

حتى لا تهمش الرابطة

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منظمة عريقة، كان تأسيسها تعبيرا عن نضج النخبة التونسية، ووعيها المبكر، قبل الكثير من نظرائها، بأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان. وقد كانت الرابطة، إلى فترة طويلة، صوت من لا صوت له. وكانت السلطة التونسية تحسب لها ألف حساب، والنخبة التونسية وأبناء الشعب يعتبرونها واحدة من أهم إنجازاتهم، حتى حرصت السلطة في بداية التسعينيات، وهي تخوض حربا لا هوادة فيها على خصم سياسي، قررت استئصاله بالطرق الأمنية القمعية، على ضرب المنظمة وتدجينها، بالنظر للاحترام الذي كانت تلقاه مواقفها وبياناتها في الداخل والخارج، التي كانت تندد بانتهاكات حقوق الإنسان، التي رافقت بقوة تلك الحرب.

غير أن السلطة، التي عجزت عن تهميش الرابطة، رغم كل الإجراءات والمحاولات التي اتخذتها لذلك، بسبب وحدة الرابطيين وتجند قوى المجتمع المدني في الداخل والخارج، للانتصار للرابطة، تجد نفسها اليوم مرتاحة كثيرا لواقع المنظمة، بعدما نجح بعض قيادتها في إضعاف وزنها ودورها وحضورها في الساحة التونسية والإقليمية، بما يحزن محبيها ويهدد بتهميشها كلية، في مجتمع لا يقبل الفراغ، وبإمكانه أن ينجب مؤسسات غير الرابطة، مثلما أنجبها قبل أكثر من عقدين، للاستجابة لحاجياته.

لقد نجحت الرابطة في أن تحتل موقعا رائدا في ميدان الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحريات العامة، واكتسبت صيتا محترما، بالنظر لاستجابتها لحاجيات المجتمع التونسي، وهي اليوم، للأسف، مهددة بأن يتلاشى كل ما حققته، إذا ما فقدت القدرة على مواصلة الاستجابة لحاجيات التونسيين.

ويعلم الرابطيون جيدا، مثلما يعلم غيرهم، أن المجتمع التونسي لن يظل أسيرا لأية منظمة، مهما علا قدرها وارتفع شأنها، ولن يقف مكتوف الأيدي، فلا يدافع عن نفسه أمام سلطة متغولة تريد أن تلتهم كل شيء، وأن تحاصر كل فضاء، وأن تخنق كل صوت حر، إذا اختارت تلك المنظمة أن تتخلى عن مسؤوليتها وتنحرف عن الهدف الذي قامت من أجله، وتحشر نفسها في معارك ليست هي معارك التونسيين.

وبالفعل فحين ضعف أداء الرابطة وتراجع دورها وإشعاعها وقدرتها على طرح الملفات الحقيقية التي يريد التونسيون من مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان طرحها، ظهرت مؤسسات أخرى بديلة عنها، استطاعت، في وقت وجيز، أن تنتزع لها مكانا متألقا تحت الشمس، رغم حداثة عهدها، وذلك على حساب الرابطة، وخصما من رصيدها، كما هو معلوم للجميع.

فالمجلس الوطني للحريات مثلا استطاع، بما امتلكه من جرأة وشجاعة ونزاهة، وقدرة على طرح الموضوعات الحساسة، التي يشكو التونسيون منها، ويريدون أن يروا من يتناولها، نيابة عنهم، وباسمهم.. استطاع أن يحتل مكانا بارزا في مؤسسات الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس، في زمن قياسي، حتى أوشك اسمه أن يطغى على اسم الرابطة.

فالمجلس، تحت قيادة الحقوقيين اللامعين الدكتور منصف المرزوقي، ثم الأستاذة سهام بن سدرين، وأخيرا المحامي محمد نجيب الحسني، فتح، أكثر من مرة، ملف التعذيب في السجون التونسية بقوة ووضوح، وأصدر قائمة بأسماء الأشخاص المورطين في التعذيب. كما تناول بجرأة وموضوعية وكفاءة مهنية وقانونية موضوع المحاكمات، التي عرفتها تونس خلال العقد الماضي، وعرى طابعها السياسي.

وأثبت المجلس بقوة حضوره في النشاطات المدافعة عن سائر حقوق الإنسان.. حتى صارت الفضائيات ووسائل الإعلام، فضلا عن عموم التونسيين، يعتبرونه مرجعهم الأول في قضايا الحريات وحقوق الإنسان في تونس، في خصم واضح من رصيد الرابطة.

في حين اختارت الرابطة، تحت قيادة السيد الطريفي، أن تأخذ من مظالم حقيقة، وانتهاكات شنيعة لحقوق الإنسان، يتألم منها التونسيون، مواقف باردة، تكاد تكون بلا لون ولا رائحة ولا طعم في مرات عديدة، واختارت في مرات أخرى أن تغض الطرف عن واقع المظالم، والاضطهاد المر، والبطالة والفساد، والاعتداء على أبسط الحقوق، وأن تقحم نفسها إقحاما، في المقابل، في فتح ملفات مفتعلة، مثل ملف الحجاب.. أو أن تضخم قضايا غير موجودة، مثل موضوع التكفير، رغم أنه أمر مدان من الجميع.

وكذلك الأمر في موضوع المساجين، فلقد تمكنت اللجنة الدولية لمساندة المساجين السياسيين من أن تنتزع لها موقعا محترما في الدفاع عن المساجين، رغم أنها ولدت متأخرة.. وذلك لأن هناك قضية حقيقية، تبحث عمن يخدمها، ومظالم كثيرة يتعرض لها المساجين، تبحث عمن يتبنى طرحها، وقد فرطت الرابطة فيها، أو تهاونت كثيرا في طرحها، أو تناولتها بشكل لا يحقق الغرض.

فقد شهدت السجون العديد من إضرابات الجوع، وتوفي معتقلون كثيرون تحت التعذيب.. أما وضعيات الاعتقال الرديئة، والإهمال، ونقص الغذاء، وقلة الدواء، ومشكلة الاكتظاظ في السجون، واستمرار التعذيب والانتهاكات القاسية لحقوق المساجين، بعد انتهاء محاكمتهم، فقد تعاملت الرابطة معه تعاملا دون الحد الأدنى المقبول من منظمة بأهمية الرابطة وعراقتها، الأمر الذي دفع ببعض الناشطين والحقوقيين إلى تأسيس جمعية للدفاع عن المساجين السياسيين، والمطالبة بإطلاق سراحهم، وهي الجمعية، التي ما كان لأولئك المناضلين الإقدام على بعثها، لو قامت الرابطة بما عليها من مسؤولية تجاه المساجين السياسيين.

إننا نأمل أن يمثل حصول الرابطة مؤخرا على مليون دينار من الاتحاد الأوروبي حافزا لها على تفعيل دورها، وتنويع أنشطتها، في الدفاع عن حقوق الإنسان التونسي، بغض النظر عن انتمائه الفكري والسياسي، يمينا أو يسارا، بعد أن أزيل العائق المالي، الذي قد يحول بينها وبين النشاط الفعال، في الدفاع عن المساجين السياسيين، والمعتقلين السابقين، الذين انتقلوا من سجن مصغر إلى سجن كبير، فيه المراقبة الإدارية الظالمة، والحرمان من العمل، ومن أبسط الحقوق الإنسانية، والدفاع عن المتحجبات..

وباختصار الدفاع عن كل تونسي، يتعرض لمظالم، وتنتهك حقوقه، ويعتدى عليه.. ويجب أن لا نحصر هنا دور الرابطة ومنظمات المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق المسيسين فحسب، بل على المنظمة أن تولي حقوق عامة الناس اهتماما مضاعفا، لأن المسيسين، إذا طالهم التعسف، يجدون أصواتا تدافع عنهم.. أما عامة الناس فإن مظالمهم قد لا يعلم بها أحد، وتنتهك حقوقهم، دون أن يجدوا من يدافع عنهم.

لكننا نعلن خشيتنا من أن تستغل هذه الأموال، التي قد يكون الحصول عليها مشروطا بطرح أجندات معينة، كما هي عادة الممولين الأجانب.. أن تستغل في إثارة قضايا، ليست القضايا، التي يحتاجها التونسيون، وفي خوض حرب لا تعني الرابطة كمؤسسة للدفاع عن حقوق الإنسان، لا من قريب ولا من بعيد.. ونخشى أن يكون البيان الثلاثي أول الغيث..

إن هذه الخشية نابعة من الأنباء، التي نشرت قبل الإعلان عن حصول الرابطة عن المنحة الأوروبية، بخصوص الجولة، التي قام بها السيد الطريفي وعدد من رفاقه الاستئصاليين، على عدد من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يحذرونها فيها من خطورة عودة ظاهرة التدين إلى البلاد، ويدعونها فيها لمساعدتهم على الوقوف في وجه اتساع تلك الظاهرة، بدلا من دعوتها لمساعدتهم على الدفاع عن حقوق الإنسان في تونس، دون تدخل في شؤون بلادنا.

وإذ يرى البعض في البيان الثلاثي المشار إليه آنفا دليلا على صحة حصول الجولة الأوروبية، وصحة الرواية بشأن نوعية الطلبات، التي قدمت للأوروبيين، ويرون في بدأ المعركة المصطنعة، باسم حقوق الإنسان، على ظاهرة التدين، إثباتا لذلك، فإننا كنا ولازلنا نتمنى أن لا تكون الأنباء صادقة، لكن ما فاجأنا أن الرابطة سكتت عن الأمر، ولم تصدر تكذيبا للخبر، رغم انتشاره، بشكل واسع بين التونسيين، المتابعين للإنترنيت، وللمواقع التي تنشر فيها الرابطة بياناتها وأخبارها، مما يجعلنا نقطع بأن قيادة الرابطة قد اطلعت على الخبر، واختارت عدم الرد عليه، ربما لكونه صحيحا، وهذا الذي مازلنا نتمنى أن يكون خاطئا.

كما إننا لا نزال نأمل من السيد الطريفي أن يكذب رسميا هذه الأخبار، إن كانت كاذبة حقا، وأن يبرر تأخيره في نفيها، وأن يؤكد للتونسيين جميعا أنه لا يستغل اسم الرابطة في التحريض على توجه فكري أو سياسي معين.. وأنه جدير حقا برئاسة منظمة يحترمها كل التونسيين، ويعتبرها التونسيون ثمرة مهمة من ثمار تضحياتهم الكثيرة.

حق التونسيين في النقد

رد السيد الطريفي، على النقد الذي وجه إليه في موضوع الحجاب جاء عبر الزج باسم الرابطة في الدفاع عن مواقف خاطئة وقع فيها، هو و »النساء الديمقراطيات ». وقد كشف الرد ضيق صدر السيد الطريفي بالنقد، وسماع الرأي المخالف، مما جعله يتهم الآخرين بتكفيره.. وهذا يجعلنا نتساءل هل يطمع السيد الطريفي في أن يجعل من نفسه ومن فريقه الإيديولوجي بقرات مقدسات لا يلمسهن أحد بنقد؟.

إن السيد الطريفي يزعم أنه وقع تكفيره هو والنساء الديمقراطيات، ومن سار في ركبه وركبهن.. وأنا أدين استخدام التكفير في المعارك السياسية، لكني أود أن أذكره بأنه يعمل في الشأن العام، ومن ثم عليه أن يعلم أن كل متصد للعمل في هذا الميدان، عليه أن يتقبل النقد والاعتراض والإدانة الفكرية والسياسية والأخلاقية، لكل سلوك أو موقف خاطئ يقع فيه، خاصة إذا تذكرنا أنه قد وقع في خطيئة مضاعفة: خطيئة التحريض على انتهاك حق شخصي صميم، وخطيئة استخدام الرابطة في هذا الاعتداء الشنيع على حق من حقوق الإنسان، وأيضا استخدامها في الدفاع عن محرضين على انتهاك حق من حقوق الإنسان.

على السيد الطريفي أن يتقبل النقد والاعتراض.. وعليه أن يعلم أن شخصه ليس مقدسا، وأنه مثله مثل سائر خلق الله، غير معصوم، بل خطّاء ككل الناس، وعليه أن يعلم أيضا أن مسؤوليته على رأس واحدة من أهم المؤسسات التي أفرزها كفاح التونسيين الطويل، لا يعطيه قداسة، ولا يجعله فوق النقد، ولا الاعتراض على مواقفه.

فما بال السيد الطريفي وبعض أمثاله، كلما توجه إليهم أحد بنقد، سارعوا إلى اتهام الآخرين بتكفيرهم؟ هل ينتظرون أن يقعوا في خطيئة سياسية مضاعفة، ثم يجد الناس يصفقون لهم سرورا بما وقعوا فيه من خطايا؟ أم إنهم مثل سائر الناس، عليهم أن يتوقعوا من عامة الجمهور ومن النخب أن يقولوا لهم أحسنتم إن أحسنوا، وأخطأتم إن أخطؤوا؟..

وما يلاحظ في هذا الصدد أن لافتة الاتهام بالتكفير صارت ترفع كلما اشتم أحد إخواننا العلمانيين التونسيين رائحة نقد تأتيه من جانب أحد الإسلاميين، أو كلما استند النقد إلى الجانب الديني، حتى صار الاتهام بالتكفير سيفا مسلطا على كل من ينتقد بعض العلمانيين، وهو سيف بات أقوى في فعله من فعل التكفير ذاته.

إننا صرنا نرى حملات منظمة تقام للهجوم على شخص أو جهة، إذا صدر منها نقد لأحد العلمانيين المتطرفين، في عملية تهدف إلى ترهيب ذلك الشخص أو تلك الجهة، وتشويهها، وتلويث سمعتها، حتى يصبح أي شخص آخر يفكر في التعبير عن موقف أو إعلان نقد يتهيب الأمر كثيرا، ويفكر في العاقبة قبل أن يفعل أي شيء.. وهذا ولا شك شكل من أشكال الترهيب الفكري والسياسي مثل التكفير أو أخطر منه.. وكما نطالب بتجنب التكفير، لا بد أن نشنّع على الترهيب الفكري بنفس القوة، حفاظا على حرية الفكر والنقد وقول الرأي المخالف.

لقد رأينا الشيخ عبد الرحمن خليف يتعرض لحملة عاصفة، وهجوم كاسح، ورأينا كيف قصف الرجل بمدافع ثقيلة، استهدفت ترهيبه، والتشنيع عليه، وهي أمور ساهم فيها السيد الطريفي باسم الرابطة كالعادة، لمجرد أن عبر الشيخ خليف عن رأيه في كتاب السيد محمد الشرفي « الإسلام والحرية.. الالتباس التاريخي »، وأعلن رفضه اتهامات قاسية، وجهها الشرفي لأحد أعظم القادة العسكريين في التاريخ البشري عامة، والتاريخ الإسلامي خاصة، هو الصحابي الجليل خالد ابن الوليد، حين اتهمه بممارسة جرائم حرب، أو حين اتهم الخليفة الثالث عثمان بن عفان بالفساد ونهب المال العام، وهو اتهام لا يجرؤ السيد الشرفي على توجيهه للرئيس التونسي الحالي، ولا لأي رئيس عربي.

فهل نقد الصحابة واتهامهم باقتراف جرائم ضد البشرية، والفساد المالي والإداري، أمر مقبول، ونقد السيد الشرفي أو السيد الطريفي أمر غير مقبول؟ وهل نحن أمام تدمير للمقدسات، وللرموز التاريخية للمسلمين، واصطناع مقدسات جديدة، لا يمكن نقدها، أو الاقتراب منها؟ هل نحن أمام اصطناع أصنام جديدة، تفرض على الناس فرضا؟ وتصنع لها معابد، ويدعى الناس لأداء فروض الولاء والطاعة لها؟ أليس هذا أشنع من التكفير، أو على الأقل في مستوى خطورته؟

وأود أن أسر لإخواننا العلمانيين، الذين أيدوا الاستئصال وباركوه، وهللوا له، ويريدون اليوم استمراره، ولأجهزة الأمن التي أوغلت في التعذيب وبالغت في انتهاك أبسط حقوق المتدينين وأقاربهم، وأسرفت في الاعتداء على حرماتهم والاستهتار بأعراضهم، وللمتغربين الذين أسرفوا في الاستفزاز، وفي الاستهانة بالمشاعر الدينية للتونسيين، حتى كان بعضهم يتعمد الإفطار في شهر رمضان المبارك أمام الناس، بأنهم بسلوكهم هذا قد زرعوا بذرة التكفير، التي بدأت تطل برأسها، للأسف الشديد، وأنه إن جرى تكفيرهم، فإنما هم يحصدون ثمار بذر زرعوه بأيديهم.

دعوة للتصحيح

إن الرابطة مطالبة بأن تعود إلى طبيعتها الأصيلة التي تأسست عليها باعتبارها منظمة تدافع عن حقوق الإنسان التونسي بكل تجرد، وبلا تحيز، وبلا حسابات سياسية.. إن شخصيات عديدة في منظمة العفو الدولية، ومنظمات دولية أخرى، قد أبدت قلقها من اتجاه لدى بعض الناشطين في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وفي غيرها من المؤسسات العاملة في ميدان حقوق الإنسان، لتسييس العمل الحقوقي، وهو تسييس يأخذ أشكالا وأبعادا كثيرة.. بالدفاع عن معتقلين دون معتقلين، وبالتجند التام للدفاع عن « سوبر معتقلين »، والاكتفاء برفع الملام والعتب في إثارة موضوع معتقلين آخرين..

وكذا التمييز بالنسبة لمن يتعرضون للاعتداء والضرب والحرمان من جوازات السفر، بل قل من سائر الحقوق.. وهو الأمر الذي سلف للقاضي مختار اليحياوي أن أشار إليه، وفضحه، ووضع إصبعه عليه، حين أشار إلى تعمد الرابطة إبراز أشخاص دون أشخاص.. فهناك مواطنون يصبحون فجأة « نجوما »، تقام التحركات تلو التحركات لإثارة ملفاتهم، بألف حيلة ووسيلة، حتى تضطر السلطة لإطلاق سراحهم وإعطائهم جوازاتهم، وكف يد الظلم عنهم.. وهذا ما نباركه..

وهناك مواطنون من درجة عاشرة، يهملون حتى يموتوا في السجون، أو تحت التعذيب، ولا يسأل عنهم أحد.. وآخرون يتم التحرك في ملفهم، ولكن من أجل رفع الملام، لا أكثر ولا أقل، فيقضون السنين الطويلة خلف المعتقلات، لا يرون الشمس، وإن خرجوا للنور، يكونون قد فقدوا القدرة على رؤيته بعد أن أنهكتهم الأمراض وجعلت منهم بقايا بشر.. وهذا ما نعترض عليه، ونلوم عليه الرابطة.

وأود أن يعرف الجميع أنني لست هنا في وارد توجيه اتهام إلى الرابطة وإلى الرابطيين جملة وتفصيلا، ولكنني بصدد توجيه الاتهام إلى البعض دون البعض.. بل بصدد الدعوة للإصلاح والتصحيح..

إنني هنا بصدد المطالبة بقدر معقول من النزاهة في الدفاع عن حقوق الإنسان، وبصدد التشنيع على تحويل الرابطة عن مهامها.. بجعلها تغض الطرف عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.. بل الأسوأ من ذلك دفعها دفعا لتصبح شريكا في التحريض على انتهاك بعض تلك الحقوق، مثل حق النساء في لبس الحجاب، إن اخترنه عن روية وقناعة.. أو الزج بها في اصطناع مشكلات غير المشكلات، التي يعاني منها التونسيون، وفي فرض أجندات ليست هي الأجندات التي يطلبها كل تونسي.. وهذا ما لا نريد لرابطتنا، التي نقدر تاريخها العريق، وسبقها عربيا وإفريقيا، في الدفاع عن حقوق الإنسان.. كل إنسان.. فهل من سامع!

قبل الطبع

ونحن نستعد لإصدار العدد التاسع من مجلة « أقلام »، فوجئت بالغياب المريع للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن « الحملة الدولية من أجل الحرية بتونس »، التي تنطلق يوم الرابع والعشرين من شهر أكتوبر 2003، وتشارك في إقامتها الهيئة الوطنية للمحامين، والمجلس الوطني للحريات، ومركز تونس لاستقلال القضاء والمحاماة، والجمعية التونسية للمحامين الشبان، والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، والتجمع من أجل بديل عالمي للتنمية.

وخامرتني العديد من الأسئلة بشأن تفسير هذا الغياب، وهل يعني استقالة للرابطة من قضايا الحرية والديمقراطية في تونس؟ أم إن الحريات والديمقراطية في بلادنا بخير وعافية، وأن الرابطة لم تجد مبررا مقنعا تقنع به نفسها للانخراط في هذه الحملة؟ أم إن الرابطة لم تعد ترى في موضوع الحريات وحقوق الإنسان أولوية تستحق الاهتمام، والانخراط مع باقي منظمات المجتمع المدني في الدفاع عنها، وأن لها أولويات أخرى أهم، مثل التخويف من الحجاب وعودة التدين؟

الأسئلة كثيرة ومزعجة.. ولم نجد من تفسير مقنع لهذا الغياب الغريب لرابطتنا عن مناسبة مثل هذه، كنا نتمنى أن نرى الرابطة أول من يشارك في حمل همها، فذهب بنا التفكير إلى أن الرابطة ربما لم تر في المنظمات والجمعيات المشاركة في « الحملة الدولية من أجل الحرية بتونس »، أندادا أكفاء تقرن اسمها باسمهم..

لكننا نود أن ننبه بلطف وتواضع إلى أن ذلك ربما كان صحيحا قبل سنين.. أما اليوم، وربما في الغد، إذا استمر الأمر على هذه الشاكلة، فإن الرابطة واسمها وسمعتها ستصبح جزء من الماضي، وأن منظمات حديثة الولادة قد تستنكف ساعتها عن أن تقرن اسمها باسم منظمة انحرفت عن أهدافها، واتخذت لنفسها أهدافا فئوية ضيقة، غير أهداف الغالبية الساحقة من التونسيين، ومن منظمات المجتمع المدني التونسي. فهلا أدركت مدى الخطر الذي تقود الرابطة إليه، سيدي العزيز مختار الطريفي؟.. نرجو أن يتم ذلك قبل فوات الأوان.

(المصدر: العدد التاسع (السنة الثانية/ أكتوبر 2003) من مجلة أقلام أون لاين الألكترونية)


 

FTCR

La FTCR a activement participé avec ses partenaires tunisiens (LTDH – RAID « ATTAC Tunisie » -syndicalistes – mouvement femmes …) à l’élaboration d’un appel pour la constitution d’un forum social tunisien à la suite d’un Colloque : Le coût social de la mondialisation (organisé à Monastir 11-12 octobre 2003)
 
 

Appel en vue de la création d’un Forum Social Tunisien

 
  L’offensive de mondialisation néolibérale se poursuit de plus en plus violemment depuis de nombreuses années. Ses effets dévastateurs touchent les travailleurs et peuples du monde entier. En effet, malgré l’enracinement de leurs démocraties, les pays capitalistes connaissent un inquiétant recul des droits économiques et sociaux, notamment, ceux relatifs au travail, à la santé, à l’enseignement et à l’environnement.   Mais ce sont surtout les pays du sud qui subissent de plein fouet les conséquences désastreuses de la globalisation : aggravation de leur dépendance, pauvreté et sous-développement socio-économique et politique.   La tendance monopolistique et hégémonique du Capital mondialisé, orientée vers une recherche effrénée du profit au détriment des droits des peuples au développement, à la démocratie et aux droits de l’homme aussi bien civils que sociaux, rencontre, cependant -dans le monde entier- une résistance tant associative que juridique et syndicale qui rejette la pensée unique libérale. Ce mouvement milite pour un monde meilleur qui demeure possible.   Ayant foi en l’utilité de ce combat et des perspectives qu’il offre pour les forces humanistes et progressistes, comme en témoigne « Porto Allègre ».   Considérant, d’autre part, les funestes conséquences de « l’adaptation structurelle » de notre économie aux exigences dictées par le Capital mondialisé telles qu’elles ressortent à travers les privatisations, l’aggravation du chômage et de l’endettement extérieur, l’alourdissement des impôts, le désengagement de l’Etat en ce qui concerne le couverture médicale, l’enseignement et la Culture.   Etant par ailleurs conscients des indices graves annonciateurs de la crise vers laquelle se dirige inexorablement notre pays, en raison notamment du pouvoir sans cesse grandissant des spéculateurs arbitrairement exonérés d’impôts et bénéficiant d’une totale impunité. Pouvoir qui ne cesse de s’amplifier à cause du silence et de la complicité des appareils de l’Etat   Pour toutes ces raisons nous, membres participants au Colloque : « Le Coût social de la mondialisation » organisé à l’initiative de la L.T.D.H., sommes convaincus de la nécessité de faire avancer le débat et la concertation entre les forces progressistes et démocratiques (syndicats, associations, personnalités indépendantes et intellectuels) en vue d’œuvrer pour la Création d’un Forum Social Tunisien.     Parmi les principaux objectifs du Forum     Prendre part à la lutte contre l’hégémonie du Capital mondialisé tout en participant avec les autres forums sociaux dans le monde à combattre les conséquences néfastes de la globalisation et à la recherche d’une alternative mondiale de développement.   s’inspirer de l’expérience des Forums marocain et palestinien tout en tenant compte des spécificités de la réalité tunisienne. En associant la lutte pour la reconnaissance des droits individuels et publics ainsi que l’instauration de la démocratie avec le combat pour nos droits économiques et sociaux, pour une juste distribution de la richesse nationale ainsi que le droit des générations futures à une vie décente.   Œuvrer en vue d’approfondir la concertation et le débat avec les forces progressistes maghrébines et arabes pour la création de forums unis à ces deux échelons afin de donner plus de poids à notre lutte contre les effets rampant de la mondialisation.   Sollicitons toutes les composantes de la société ainsi que les forces démocratiques à prendre part activement au processus de Création du Forum Social Tunisien.     LTDH : 21 rue Baudelaire, El Omrane 1005 Tunis. Tel : 00 216 71 894 145. Fax : 00 216 71 892 866 E-mail : ltdh.tunisie@laposte.net

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

بقلم : وليد البناني(*)

 

قال تعالى << يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيامُ كماكُتب على الذين من قبلكم  لعلّكم تتقون >> وقال سبحانه وتعالى <<شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للنّاس وبيّنات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه>> و قال الرسول صلى الله عليه وسلم  « عُرى الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهنّ ابتُني الإسلامُ من ترك واحدة منهنّ فهو بها كافر حلال الدّم؛ شهادة أن لا إله إلاّ الله والصلاة المكتوبة وصوم رمضان »

بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أتقدم لكل المسلمين في أنحاء العالم بخالص التهنئة راجيا من الله العلي القدير أن يعيده على أمة محمد  صلى الله عليه وسلم باليمن والبركة وبالتمكين للإسلام والنصر على الأعداء وأخص إخواني في حركة النهضةالقابعيين في سجون الظالم بن علي وشعب بلدي المسلم الذي يعيش في السجن الكبير أخصهم بخالص التحية خاصة في هذا الشهر العظيم شهر رمضان شهر القرآن وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب في الناس في آخر يوم من شعبان فيقول : أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، جعل الله صيامه فريضة ، و قيام ليله تطوعاً ، من تقرب فيه بخصلة من الخير ، كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، و من أدى فيه فريضة ، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ، وهو شهر الصبر ، و الصبر ثوابه الجنة ، و شهر المواساة ، و شهر يزداد فيه رزق المؤمن ، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه ، و عتق رقبته من النار ، و كان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء . قالوا . ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم . فقال : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن ، و هو شهر أوله رحمة ، و أوسطه مغفرة ، و آخره عتق من النار ، من خفف عن مملوكه غفر الله له و أعتقه من النار و استكثروا فيه من أربع خصال : خصلتين ترضون بهما ربكم ، و خصلتين لا غنى بكم عنهما ، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم ، فشهادة أن لا إله إلا الله ، و تستغفرونه ، و أما اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الله الجنة ، و تعوذون به من النار ، و من أشبع فيه صائماً ، سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة.

ستعيش الأمة الإسلامية شهرا عظيما من شهور الله شهر رمضان المعظم شهرا حققت فيه الأمة الإسلامية أعظم الفتوحات والانتصارات وهي في أسوأ حال من الفرقة والاختلاف وفي أدنى درجات الضعف والمهانة وقد تداعت عليها الأمم تستبيح حرمتها وتدنس مقدساتها وتنهب ثرواتها وشعوبها مغلوبة على أمرها ترزح تحت قهر واستبداد حكامها الذين آثروا السلطة والبقاء فيها على التصدى للأعداء ومطامعهم وقد أخبرنا رسول الله الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم بهذا فقال: » يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت (رواه اية داوود) تستقبل الأمة الإسلامية شهر رمضان الكريم وآلة الحرب الصهيونية تعيث في أرض فلسطين الحبيبة المحتلة التقتيل والتنكيل والتدمير على مرأى ومسمع من المجتمع الدولى الحريص على تطبيق الشرعية الدولية والقرارات الأممية والذي يجيش الجيوش لتنفيذها إذا اقتضى الأمركما فعل في وأفغانستان والبوسنة وكوسفو , ولا  يفعل ذلك مع إسرائيل. تستقبل الأمة الإسلامية شهر رمضان المعظم  والولايات المتحدة الأمريكية تحتل العراق وتهدد سوريا وتخطط لإعادة صياغة العلم العربي وفق نظرتها التسلطية .

كما يستقبل شعب تونس الحبيبة هذا الشهر المبارك وبلادنا تعيش أزمة خانقة مست كل جوانب الحياة تفاقمت آثارها السلبية الاجتماعية والاقتصادية والاخلاقية لتزيد في طحن فئات شعبنا الضعيفة المعدمة ولتستفيد منها العائلات الحاكمة الموالية للسلطة المستبدة فقد استباج هذا النظام خيرات هذا الوطن العزيز وفوث في مصالحه دون رادع ولا مقاوم .فنسأل الله في هذا الشهر العظيم أن يقيض للأمة من يجدد لها أمر دينها ويجمع كلمتها على جهاد أعدائها ونصرة الإسلام ونسأل الله أن ييسر لشعب تونس من أسباب القوة واجتماع الكلمة ما يمكنه من مقاومة استبداد السلطة الظالمة << إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم>>

 

 

(*) رئيس مجلس شورى حركة النهضة

 

23/أكتوبر 2003

 


 

تونس تستعد لاستقبال « سيدي رمضان »

تونس – محمد فوراتي – إسلام أون لاين.نت/ 25-10-2003

 

تختلط الاستعدادات المادية لرمضان في تونس بالاستعدادات النفسية والروحية، وتلاحظ في خطاب التونسيين اليومي لغة التقديس للشهر الكريم؛ فهم يسمونه في العادة « سيدي رمضان ».

 

وتشهد الساحات التجارية الكبرى والأسواق حركة، خاصة مع اقتراب موعد اليوم الأول من رمضان. ولا تسمع في هذا اليوم إلا أصوات التهاني بلهجة تونسية « إن شاء الله رمضانك مبروك »، كما تنتشر الكتب والشرائط الدينية على واجهات المكتبات وحتى على قارعة الطريق.

 

ويقول عبد الرحمن الجيلاني -صاحب محل تجاري- لـ »إسلام أون لاين.نت »: « شهر رمضان ولا شك هو شهر العبادة والتقوى والتقرب إلى الله … تسمو فيه النفوس، وترأف القلوب، ولا بد فيه من استعدادات مادية وروحية مهمة، تبدأ بصيام أيام من شعبان ومحاولة إدخال جو خاص من التقوى والفرح على بيوت المسلمين، ولا تخلو هذه الاستعدادات من مظاهر مادية يتطلبها الشهر الكريم ».

 

ويقبل الناس على اقتناء الأشرطة السمعية التي تحتوي على المصحف المرتل لبعض القراء المشهورين، أمثال: أحمد العجمي وعبد الرحمن السديس وعبد الباسط عبد الصمد والطبلاوي وغيرهم.

 

وتحرص ربات المنازل على التسابق من أجل إعداد « العُولة » التونسية التي تحتوي على مواد غذائية ذات صناعة منزلية كزيت الزيتون والعسل والتمور وغيرها، وتنشط محاولات تزيين المنازل لإدخال البهجة على أفراد العائلة في الشهر الفضيل.

 

عناية بالمساجد

 

وتشهد المساجد في العاصمة وضواحيها حركة خاصة؛ حيث يحرص المشرفون على المساجد على تجديد تجهيزاتها وتعهدها بالنظافة، وإمدادها بعدد من المصاحف الجديدة والكتب الفقهية الضرورية التي يحتاجها المصلون. ويقول مهدي بن صالح عضو هيئة جامع الفتح بالعاصمة: « قبل أول أيام رمضان يقع تجديد مفروشات المسجد وتعهده بالنظافة، كما نحاول إيجاد فضاء ذي رائحة طيبة باستعمال العنبر وبعض العطور الأخرى ».

 

وتتفق هيئة المسجد على برنامج الدروس التي تلقى طيلة الشهر بعد صلاة العصر، كما يتم إعداد جوائز لحفظ القرآن الكريم توزع في ليلة القدر.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 25 أكتوبر 2003)


 

أزمة اللحوم البيضاء والحمراء : هل تستعيد السوق توازنها؟

بقلم: بن سالم

 

ما يزال النقص المسجل في كميات اللحوم البيضاء والحمراء الموردة للسوق الداخلية يلقي بظلاله خاصة مع اقتراب شهر رمضان حيث يكثر الاستهلاك ويطلق فيه المواطن العنان لشهواته. وما تزال أسعار هذه السلعة دون المستوى العادي رغم المجهودات المبذولة حاليا لتلافي هذه الازمة وتعديل الاسعار حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن لا سيما مع ارتفاع أسعار السمك ولحم الضأن على امتداد السنة.

الاضطراب في تزويد السوق بحاجياته اليومية من اللحوم البيضاء أساسا جعل الكثيرين يتحدثون عن هشاشة هذا القطاع وضعف الاليات التي تحكمه بشكل أصبح معه لحم الدجاج مستعصيا على جيب المواطن بعد ان كان لفترة متنفس الفئات المتوسطة والضعيفة. والتفسيرات المقدمة من المتدخلين المباشرين راوحت في تحميل المسؤولية الى مربي الدواجن حينا والى أصحاب المذابح أحيانا أخرى والى ارتفاع أثمان الاعلاف والمصاريف اليومية. لكن أغلب التفسيرات تؤكد ان القطاع معرض في أي وقت لمثل هذه الازمة باعتباره قطاعا هشا لا يحتكم الى وسائل عمل وآليات تحكم واضحة.

 

فعلى امتداد فترات طويلة ظلت اللحوم البيضاء مصدر انعاش للسوق لوفرة الانتاج مما أدى الى انخفاض الاسعار لكن هذه الوفرة تحولت فجأة الى نقص كبير في هذه المادة واكتشفنا فجأة ان المخزون الوطني غير كاف لتلبية الحاجات اليومية.

لا شك ان منطق السوق الجديد يخضع قسريا لقانون العرض والطلب، غير ان هذا القانون لا يلغي بأي حال من الاحوال مبدأ تدخل الدولة وقت الازمات حفاظا على توازن السوق وحماية المقدرة الشرائية للمواطن وهوما يقتضي توفر مخزون وطني يكفي لتعديل الخلل في العرض. فمن يتحمل مسؤولية هذا النقص في المخزون الوطني ولماذا يظل المواطن يتحمل جشع القشارة؟

الوجه الثاني للمشكل يتمثل في تدخل الدولة عبر آلية التوريد وهوما يعني تحويل العملة الصعبة الى الخارج لتوفير بضاعة اعتقدنا في فترة من الفترات ان انتاجنا الوطني حقق اكتفاءه الذاتي منها، لكننا اكتشفنا ان المضاربات أسقطت هذا الاعتقاد وجعلت الدولة تخسر جزءا من احتياطي العملة الصعبة في وقت تعمل فيه البلاد من أجل الحد من التوريد والتشجيع على استهلاك المنتوج التونسي.

الامر نفسه ينطبق على أزمة اللحوم الحمراء التي أدت الى اغلاق أكثر من مائتي محل في تونس الكبرى وحدها. هذه الازمة اتفقت مختلف الاطراف على اعتبار سنوات الجفاف الماضية سببا مباشرا لها حيث تخلص كثير من الفلاحين من قطيع الابقار الذي يملكه لارتفاع كلفة العلف والتربية. ولا نختلف ان الجفاف يمثل سببا مباشرا في هذه الازمة لكن نختلف في ان الهياكل المعنية قامت بدورها في تلك الظروف ونعتقد ان تدخل الدولة المباشر في القطاع الفلاحي مسألة ذات بعد استراتيجي وحماية الفلاحين من الكوارث الطبيعية أحد واجبات الدولة الاساسية.

 

من هذا المنطلق فان مراجعة الاليات الحالية التي تحكم قطاع اللحوم البيضاء والحمراء أصبح أكثر من ضروري، وذلك بايجاد آليات جديدة صارمة حتى لا تتكرر مثل هذه الازمات والمراقبة المحكمة لقنوات التوزيع، وتكثيف حملات المراقبة والتخلص من العمل الموسمي والمناسباتي وأيضا عبر توفير مخزون وطني كاف حتى في أوقات الطفرة.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)


 

بعد احتجاب البطاطا من الاسواق..من نصدق الأسواق ام المسؤولين؟؟

بقلم: عبد الحميد بن مصباح

 

ايام فقط تفصلنا عن بداية شهر رمضان الذي تعرف فيه العائلات التونسية جملة من التقاليد الغذائية والعادات السلوكية الجديدة والمختلفة والتي تستدعي من ارباب الاسر استعدادا ماديا ونفسيا غير عادي.

لكن رمضان هذا العام سيكون مختلفا بالنظر الى ان العائلة التونسية ستكون مضطرة الى التخلي عن بعض الوجبات او الاطباق مع افتقاد السوق لبعض الخضروات والارتفاع المشط أحيانا لثمن بعض أنواع الغلال.

أيام فقط تفصلنا عن شهر رمضان ومازالت البطاطا تواصل احجابها كما يتواصل تغيب البصل وقد تتوسع قائمة المتغيبين لتشمل المعدنوس وربما البيض واللحوم والدواجن. ويأتي هذا الاحتجاب رغم تأكيد المسؤولين على توفر هذه الانواع بالاسوق وبأسعار مناسبة أيضا. غير ان واقع « الميدان » وللاسف لا يدعم وجهة نظر الجهات المسؤولة.

ولمزيد التأكد قمنا بزيارة الى أحد أسواق تونس الكبرى لنرصد حقيقة الأمر ولنكتشف مجموعة من المشاهد الطريفة والمواقف التي تسرق من رواد السوق الضحكة رغم ما قد يصيبهم من خيبة أمل نتيجة لافتقاد قفتهم لركن رئيسي فيها وهو البطاطا.

في البداية نشير الى ان « تمنّع » البطاطا والبصل عن الاسواق قد جعلت لهما مكانة متميزة عند الجمهور فقد أصبحا بين عشية وضحاها موضوع الشارع بجميع فئاته وطبقاته حتى ان البعض يتحدث عن « سي البصل » و »الآنسة بطاطا » والبعض الآخر يتحدث عن أن البطاطا ستصبح مما يباع في الصيدليات شأنها شأن الدواء.وهذه النكت تكشف في الحقيقة ردة فعل معتدلة عن هذا الافتقاد كما تكشف احتجاجا غيررسمي على مواقف المسؤولين التي بدت غير متوافقة مع واقع السوق.

البطاطا كانت ممنوعة في الاسواق المركزية حتى ان بعضهم كان يصيح « البطاطا الحمراء ب400 مليم » وبانصراف الناس اليه وجدوا انه كان يقصد الطماطم وبعضهم أخرج الى السوق كمية من الارشيف لا يتعدى وزن الحبة الواحدة 20 غراما تقريبا اضافة الى تعفنها واشترط ان يبيعها ب600 مليم على خلفية التسعير.

لكن المهزلة حصلت حقيقة عندما اكتشف الجمهور المتعطش الى البطاطا ان أحد الباعة يخفي كمية من البطاطا فأعلموا السادة المسؤولين في البلدية الذين أرسلوا اليه مسؤولا دعاه بكل لطف ان يفرغ ما في الصناديق ففعل بعد مماطلة غير أنه ماطل في البيع الى حين انصراف العون البلدي بحجة ان رأسه تؤلمه ثم بدأ في البيع بشرطين الاول ان كيلو البطاطا بـ 800 مليم والثاني ان بيع البطاطا لا يتم الا مع الطماطم وكانت حالة سيئة بما يعني مجموعة من المخالفات الاقتصادية مجتمعة. العون البلدي سرعان ما عاد فدعاه مرة أخرى الى اعلان السعر والكف عن البيع المشروط قائلا « وليناش نلعبو » وانصرف ثانية.

ولما اكتشف السيد البائع ان لهجة المسؤول في تصاعد ابتكر طريقة جديدة في التحايل بأن عاد الى الارض ليلتقط مجموعة من حبات البطاطا المتعفنة التي كان قد القاها في الشوط الاول من البيع ليعيد دمجها في كوم البطاطا ويشترط منع الفرز.

هذه الممارسة هي في الحقيقة عينة من مهازل أخرى مماثلة في أسواق أخرى كثيرة غير ان ما يهم فيها ليس طابعها الكاريكاتوري انما في طرحها لمجموعة من الاسئلة:

الاول: ما تفسير هذا النقص رغم ان الجميع وعلى العكس ينتظر تزودا استثنائيا بحكم امطار السنة الفارطة؟ الثاني: هل يعقل ان تنقضي كميات البطاطا من السوق بهذا الشكل المفاجئ؟ وأين هي الكميات الموردة في المدة الاخيرة؟ واين هي الكميات التي ضبطت في مخازن المحتكرين والتي قيل انها ستخرج لتعديل السوق؟ الثالث: هل يكشف تعامل هذا المسؤول الصغير مع هذا المحتكر الصغير في سوق منوبة عن العقلية السائدة في التعامل مع الاحتكار والمحتكرين؟ الرابع: اذا كان هذا حالنا ونحن مفطرون فكيف سيكون الامر في شهر الصيام خاصة مع ازدياد الحاجة الى هذه المنتجات ودخول « حشيشة رمضان » على الخط بما يعني الجمع بين فقدان البطاطا وفقدان الاعصاب؟

التلفزة التونسية وعملا بشعارها الذي ميزها منذ سنوات « بعد ما تسرق شرا مقرونة » خصصت فقرة شواغل الشارع في النشرة الرئيسية الاولى للانباء ليوم الاحد الفارط لزيارة بعض الاسواق واستجواب المعنيين بشأن السوق من باعة وحرفاء ومسؤولين. فقرة شواغل الشارع شغلتنا حقيقة واستفزت فينا الاسئلة التالية:

– لماذا لم تتذكر تلفزتنا الموقرة هذه الظاهرة الا في هذا الوقت بالذات؟ هل لان مسؤوليها لا يأكلون البطاطا والبصل أم لأنهم لا يعرفون السوق ام لأنهم انتظروا تغيير المسؤول الاول عنها ليأذن لهم ام لأنهم كانوا ينتظرون انعقاد جلسة مجلس الامن؟ – لقد تحدثت الفقرة عن كل شيء يهم الظاهرة (البيع المشروط، رفع الاسعار، عدم اعلان التسعيرة…) واصفة مسألة في حكم البديهيات وهي التوفر والحال ان هذه المسألة بدورها محل نقاش. فالصور التي نقلتها كاميرا التلفزة ركزت على أكوام البطاطا الجيدة ولا ندري اين وجدوها، كان بودنا لو قامت التلفزة – هذه المرة بالذات – باشهار مجاني لذلك السوق الذي بدا مكتظا بالبطاطا والبصل. – همسة في أذن السادة المسؤولين عن التلفزة: للشارع مشاغل أخرى غير البطاطا والبصل فلا تنسوا ذلك.

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 

هيئة

شكل الحزب الديمقراطي التقدمي هيئة لمساعدة الامين العام السيد أحمد نجيب الشابي تتألف من السادة منجي اللوز وعصام الشابي ومولدي الفاهم. علما ان أخبارا راجت في وقت سابق أكدت ان هذه اللجنة ستتألف من السادة محمد القوماني ومنجي اللوز والسيدة مية الجريبي.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 

هل انتهى التكتل؟

 

أثير في نهاية الاسبوع الفارط جدل في ساحة المحاماة اثر اعلان الاستاذ فيصل الجدلاوي عن انسحابه من مبادرة التكتل من أجل محاماة حرة وموحدة وتأكيده ان ذلك يعني حل هذا التكتل الذي تشكل في نهاية ربيع 2003 في اطار البحث عن أرضية تجمع المحامين على أساس التمسك بالمسائل المهنية. ويبدو ان لموقف الاستاذ فيصل الجدلاوي ارتباطا بتباين في المقاربة وفي مسألة مهنية مع الاستاذ الازهر العكرمي الذي يعتبر من المؤسسين للتكتل.

ومن جهة أخرى أكد الاستاذ حسان التوكابري وهو من مؤسسي التكتل ان انسحاب أحد العناصر المؤسسة لا يعني نهاية التكتل الذي سيواصل بلورة تصوراته وتقديم مشاريعه. « الوحدة » ستعود لاحقا لهذا الموضوع بأكثر تفصيلا.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 

مجلس التأديب

قامت إدارة كلية الآداب 9 افريل باستدعاء خمسة من الطلبة للمثول أمام لجنة التأديب لاحداث العنف النتبادل في يوم 10 اكتوبر. المجموعة المدعوة وجهت رسالة الى أساتذة الكلية والى الرأي العام أمضاها ثلاثة من المدعوين وهم الصادق العمراني وطه ساسي وعلي فلاح اتهموا فيها الطالب عبد القادر العلاقي ومجموعة من « الوجوه الغريبة عن الكلية » بتعنيفهم مما تسبب في كسر في الساق اليسرى لطه ساسي كما ذكرت الرسالة. وأشارت المجموعة الى تنديدها بالعنف ومرتكبيه. وحول هذه الحادثة بالذات أصدر المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس بيانا أمضاه الأمين العام عز الدين زعتور اتهم فيه المجموعة بتعنيف الطالب عبد القادر العلاقي وشجب العنف. هذه القضية مؤهلة لتطورات جديدة خاصة في ظل دخول عنصر الادارة على الخط عبر مجلس التأديب في الخلاف الطلابي داخل الاتحاد العام لطلبة تونس.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 

تأخير

كان من المنتظر ان تعقد الجمعية التونسية للمحامين الشبان جلسة عامة خارقة للعادة تخصصها لتنقيح القانون الاساسي يوم 30 اكتوبر الجاري. لكن من المتوقع ان يتم تأجيل هذه الجلسة الى أواخر النصف الثاني من شهر نوفمبر وذلك لان النقاش حول التنقيحات المزمع ادخالها قد أخذ حيزا كبيرا من النقاش ولم يتم بالتالي الدعوة لعقد الجلسة العامة الخارقة للعادة في الاجال القانونية لان القانون الاساسي للجمعية ينص على ان توجه الدعوات أسبوعين على الاقل قبل عقد الجلسة العامة. وعلمت « الوحدة » ان من أهم ما سينص عليه التنقيح التنصيص على ان رئيس الجمعية يقع انتخابه مباشرة من الجلسة العامة الانتخابية وذلك بالاغلبية النسبية وقد ينص التنقيح ايضا على انه لا يحق لرئيس الجمعية التجديد لاكثرمن مرة واحدة وان يكون على الاقل محاميا لدى الاستئناف وقضى أربع سنوات في مباشرة المهنة.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 

فهم الذات

 

لا يختلف المهتمون بالحياة الاكاديمية في تونس حول القيمة العلمية للدكتور عبد الوهاب بوحديبة وحول الدور الذي اضطلع به في تثبيت اسس الجامعة التونسية وفي تطوير البحث العلمي في مجال العلوم الانسانية تحديدا وعلم الاجتماع بشكل خاص. ذلك ان للاستاذ عبد الوهاب بوحديبة عددا كبيرا من المؤلفات التي تعتبر مراجعا تجاوزت في تأثيرها حدود المجتمعات العربية ويكفي ان نذكر على سبيل الذكر لا الحصر كتاب « الجنسانية في الاسلام » الذي تمت ترجمته لعدد من اللغات. وزارة التعليم العالي نظمت يوم الاربعاء 22 أكتوبر الجاري ندوة علمية خصصت لتكريم الدكتور عبد الوهاب بوحديبة واحتضنتها كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس. الندوة اتخذت من شعار « فهم الذات » منطلقا لها وذلك استنادا الى اشتغال الدكتور عبد الوهاب بوحديبة على القيم والرموز والى ان مقولة الفهم تحيلنا الى المدارس التنظيرية الجديدة في علم الاجتماع.

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)

 


 

المصالحة مع النظام وهْـم لأن الحكم يعتبر نفسه نموذجا للنجاح

الشابي: الجبهة الوطنية باتت ملحة.. ولا يمكن تحقيق أي شيء دون جرأة وشجاعة

أجرى الحوار نور الدين العويديدي (*)

 

دعا معارض تونسي بارز إلى توحيد الطبقة السياسية التونسية، حتى تتمكن من تغيير ميزان القوى المختل بينها وبين السلطة، مشددا على أن مطالب القوى السياسية التونسية المختلفة مطالب واحدة، وهمومها مشتركة، وأن ما يمنعها من تحقيقها، هو ضعفها وتشرذمها، وابتعادها عن المعارضة الجريئة والجادة لسياسات الحكم، التي اعتبرها خاطئة وكارثية، منوها إلى أن طرح موضوع المصالحة الوطنية بين السلطة والمعارضة قائم على الوهم، في هذه المرحلة، وأن المصالحة لا يمكن أن تتحقق قبل توحد المعارضة وتكتلها، ونجاحها في تغيير موازين القوى مع السلطة.

وقال الأستاذ أحمد نجيب الشابي، الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي، إن المطلوب « أن تتوحد الطبقة السياسية، لأنها موحدة حقيقة.. لها قضية واحدة، ولها برنامج مشترك، وكل الخلافات الأخرى مؤجلة إلى حين أن تعود الشرعية الدستورية إلى البلاد ». وأضاف « الطبقة السياسية مطالبة بالتوحد أخلاقيا.. سياسيا.. تاريخيا.. هي مطالبة بأن توحد صفها، وأن تجمع كلمتها من أجل إعادة الشرعية الدستورية للبلاد »، داعيا الأحزاب إلى وضع الخلافات الإيديولوجية خلف ظهرها، حتى إعادة الشرعية الدستورية للبلاد.

واعتبر الأستاذ الشابي، في حوار ساخن مع مجلة « أقلام أون لاين » أن المشكل التونسي سببه « أن المعارضة، بجميع أجنحتها، قد كفّت عن المعارضة، منذ عام 1990 ». وأضاف « القول بأن المعارضة عارضت.. الأصح منه أن نقول إن المعارضة لم تعارض، وأن الأزمة تكمن في أن المعارضة لم تقم بوظيفتها الطبيعية في المعارضة، وأن مستقبلها ومستقبل المجتمع ومستقبل كل ديمقراطية في العالم هو أن تقوم المعارضة بوظيفتها في المعارضة ».

وشدد الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي على أن الكلام عن مصالحة مع الحكم، « ينبني على وهم » في هذا الظرف.. وقال « الوهم هو أنه نفترض بأن الحكم يشعر بالحاجة إلى التصالح مع أي كان ». وأضاف « إذا ما قرأنا قراءة موضوعية كل تصرفات الحكم، منذ بداية التسعينيات، نستنج بأن هذا الافتراض ليس له أساس. الحكم يعتقد أنه ناجح، وبأنه حقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل يشهد له العالم.. أنه نجح في القضاء على الخطر الإرهابي الإسلامي في تونس، وأنه مثال يحتذى به، والمفروض أن يدرس في كل الكليات والجامعات في العالم ».

وقال بشكل يتسم بالقطع « أنا أعتقد أن مسألة المصالحة تطرح طرحا مغلوطا، يفترض شروطا غير موجودة في الواقع.. يفترض استعدادات من الحكومة غير موجودة في هذا العالم.. يفترض أننا سنعطي للحكومة، ما لا يحق لنا أن نعطيه، وهو التزكية، ويفترض أننا نتوهم بأننا سننال مطلبا عزيزا علينا، لكنه بعيد المنال ».

وأضاف « عندما يشتد الضغط السياسي على الحكومة ستشعر عندئذ أنه قد يكون من مصلحتها أن تتنازل، للوصول إلى توافق سياسي ما، في ظرف ما ». وقال « لن نكسب أي معركة في ظل اختلال موازين القوى ». وقال « مع اختلال موازين القوى نخسر كل معركة ندخلها، لكن تراكم المعارك، رغم الخسائر، سيخلق حالة من توازن القوى السياسية »، مؤكدا أن « التخلي عن الضغط، والتخلي عن الفعل السياسي، والاستعاضة بتصور ما لا يسمح به الواقع هو تعويل على الوهم ».

وفي ما يلي نص الحوار، الذي أجراه رئيس التحرير مع الأستاذ أحمد نجيب الشابي، الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي:

 

* كيف تقومون الوضع السياسي التونسي؟ وإلى أين تسير الحالة السياسية التونسية؟

 

– أهم شيء يسيطر على المشهد السياسي التونسي الآن هو استحقاق 2004. فكما لا يخفى عليكم أنه في هذه السنة كان المفروض أن تنتهي الدورة الرئاسية الثالثة للرئيس ابن علي، وكان من المفروض أن يعيش الشعب التونسي حالة انتقال سلمي في الحكم.. فموعد 2004 كان من المفروض أن يكون موعد تداول سلمي على الحكم، وما يفترضه من إقرار بحرية الترشح، وإقرار لحق الانتخاب، وتوسيع مجالات حرية الإعلام والصحافة، وحرية الاجتماع، وحرية العمل الحزبي..

هذا هو ما كان مفروضا تحققه. فمنذ سنة 1987 كان العقد السياسي والأخلاقي، الذي قام بين الحكم والشعب، هو أنه لا رئاسة مدى الحياة، وأن الشعب التونسي له الحق في التدرج نحو الديمقراطية. فكان من المشروع تماما، بعد 17 عاما، أن يأمل الشعب التونسي في أن يعيش حالة من الانتقال السلمي، والتداول السلمي على الحكم.

لكن كما تعلم فإنه مع اقتراب هذا الموعد، اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات الدستورية والقانونية، التي كان من شأنها ومن طبيعتها أن تزيح كل العقبات، التي تواجه إعادة الترشح لدورات انتخابية أخرى، مما يجعل الوعد بإنهاء الرئاسة مدى الحياة، وعدا نظريا، لا أثر له في الحياة السياسية التونسية. وفي نفس الوقت اتخذت إجراءات لإقصاء المعارضين والمنافسين، ومن بينها تنظيم الديكور الديمقراطي، بمناسبة الاستعداد لانتخابات 2004.

إذن هذا هو الحدث الأساسي، الذي تعيشه تونس، في مستوى الحياة السياسية، ومستوى تطور النظام السياسي، لأنه كما لا يخفى عنكم، أن بلادنا تونس، مثلها مثل كل أو جل البلاد العربية والإسلامية، أن ما يعيقها على اللحاق بالشعوب الأخرى، هو ما تعيشه من حالة استبداد متأصل فيها منذ قرون.

إذن الموعد يقترب، ولم يبق يفصلنا عنه سوى عام واحد، وكل الإجراءات اتخذت لإجهاض هذا الموعد، والحيلولة دون أن يحقق الأهداف المرجوة منه.

 

* عفوا ولكن يبدو أنكم تركزون على مناسبة انتخابية، وعلى الصعيد الانتخابي، وهناك أزمة عامة تعيشها البلاد..؟

 

– (مقاطعا).. لا ليس هذا تركيز على صعيد انتخابي.. هذا يتعلق بالتنمية السياسية.. هذا على صعيد طبيعة النظام السياسي، وهل هو نظام يسمح بالمشاركة الشعبية، أم يقصى الشعب عن الحياة السياسية؟..

 

* (مقاطعا).. ربما هذا وجه من وجوه المشكلة السياسية.. وأن هناك حالة احتقان سياسي شديدة تعيشها البلاد..؟

 

– (مقاطعا).. اسمح لي بمواصلة حديثي.. تصور، وأنت تعيش في بريطانيا، لو أن حزب العمال البريطاني يقصي الملايين من البريطانيين، الذين يشاركون في الحياة السياسية بطريقتهم الخاصة، ويقصي البرلمانيين البريطانيين المعارضين للسيد بلير.. تصور ماذا يمكن أن تصير عليه بريطانيا؟

المسألة ليست مسألة انتخابات ودستور وطبقة سياسية أو طموحات سياسية.. المسألة مسألة أن نكون شعبا متحكما في مصيره، وسيدا لقراراته، أو أن نكون شعبا مقصيا عن الحياة، لا وزن لنا، لا في حياتنا الداخلية، ولا في العلاقات الدولية.. المسألة إذن ليست مسألة بسيطة.. هي مسألة جوهرية.. مسألة طبيعة النظام السياسي، وهل يلبي حاجيات المجتمع، أم إنه يعارض تلك الحاجيات؟. هذا هو رهان استحقاق 2004.

ومع كل أسف فإنه في مقابل هذه الاستعدادات الحكومية، نرى شعورا عاما بالإحباط يسيطر على المعارضة.. لا أريد أن أفصل هنا، لأني أخشى أن يزيد ذلك في حالة الإحباط.. فحركات سياسية هامة لا تطرح هذه المسألة، على الأقل بالطريقة وبالحجم، الذي من المفروض أن تطرح به. وتراها تختزل الأمر في مسألة جزئية، على أهميتها، مثلا كأن نحصر الحياة السياسية التونسية في قضية المساجين السياسيين.. قضية المساجين السياسيين قضية أساسية في تطوير النظام السياسي، لكن مسألة تطوير النظام السياسي لا تختزل في هذا الملف؟، على أهميته الكبرى، وعلى قدسيته، إن شئت.

 

* لكن ما لم يخرج المساجين السياسيون، وما لم يتم تنفيس الحياة السياسية، فلا يمكن لأحد أن يطمع في ما هو أكبر من ذلك.. فالحديث في موضوع المساجين يتعلق بالحديث عن الحد الأدنى، الذي يمكن أن يكون مقدمة للبناء عليه، فلا يمكن الحديث عن دستور ديمقراطي، وتداول على السلطة، وانتخابات حرة، وقسم من المجتمع يرزح في السجون منذ سنين طويلة.. أليس الأمر كذلك؟

 

– إذا أردت أن تطرح علي هذا السؤال، فليكن بعد أن أستكمل الجواب عن سؤالك السابق.. ربما أطلت، فعليك أن تختزل دون إضرار بالمعنى، ولكن لم أستكمل حديثي بعد..

 

* تفضل.. تفضل أستاذ نجيب؟

 

– بقية الأحزاب، وخاصة الأحزاب، التي تعيش في الداخل، منذ استفتاء 26 أيار (مايو) 2002، سيطر عليها التشتت، بحيث إن قيادات الأحزاب لا تلتقي، ولا تناقش الوضع السياسي في تونس، ولا تقدم مبادرات لرفع التحديات، التي تواجه المجتمع التونسي.. النخبة السياسية بكل مكوناتها، وبكل تلويناتها، منذ 26 أيار (مايو) سيطر عليها الشعور بالإحباط، وفقدت المبادرة، وأصبح المجتمع يعيش فراغا سياسيا هائلا..

في حين نرى إجراءات على غاية من الخطورة، ترتهن مستقبل المجتمع التونسي، والبلاد التونسية، لعقود قادمة من الزمن، ولا يرتفع أي صوت حر، ولا يقف أي تكتل سياسي في وجه تلك الإجراءات، ويعمل على أن يكون موعد 2004 موعدا يتمكن فيه الشعب التونسي من المشاركة في الحياة السياسية، والمشاركة في الاختيار وفي القرار السياسي..

هذا بشكل عام جوابي عن سؤالك الأول، بماذا يتسم، وبماذا يتصف الوضع السياسي في تونس؟. وأما جوابي عن سؤالك السالف، فإنه بالفعل ما لم يطلق سراح المساجين السياسيين، فلن يعود شعور الطمأنينة إلى المواطنين، ولن تقوم مشاركة سياسية في البلاد. ولكن عزل هذا الملف عن ملف حرية الإعلام والصحافة.. عن ملف الإصلاحات التشريعية في المجال الانتخابي وكل المجالات الأخرى.. عزل هذا الملف عن مطالب بإصلاحات سياسية أخرى، مثل حياد الإدارة أو استقلال القضاء، هو في الحقيقة ينتهي إلى تجزئة القضية، والتركيز على قضية واحدة، لأنه أيضا لا إمكانية لأن نتصور مشاركة في الحياة السياسة دون إعلام وصحافة حرة..

لا يمكن أن نتصور تطورا للحياة السياسية دون إقرار بحرية التنظيم، وحرية الاجتماع، بالنسبة للجميع. وبالتالي فكل هذه القضايا هي أبعاد من قضية جوهرية، هي ليس فقط حق التونسي في المشاركة السياسية، بل أقول وأسميها واجب إعادة الشرعية الدستورية إلى البلاد، لأن ما جرى في 26 أيار (مايو) 2002، أحدث فراغا دستوريا هائلا.. لم يعد هناك دستور يضمن الحريات الفردية للمواطنين، ويضمن استقلال السلطات. الدستور الحالي، بما أدخل عليه من تعديلات، بات يحقق نظام الحكم الفردي الواحد المطلق غير المسؤول، الذي لا يسأل عما يفعل من قبل أي هيئة بشرية.. هذا هو جوابي على سؤالك الفرعي.

 

* وكيف يمكن الخروج إذن من هذه الوضعية؟

 

– الجواب بسيط جدا، فأي طرف أجنبي، وأي مراقب خارجي عن المجتمع التونسي، إذا ما وجه إليه هذا السؤال يكون جوابه ببساطة: في وجه مثل هذا الاعتداء، الذي يقع على الشرعية الدستورية، فالحل الأوحد هو الدفاع عن الشرعية الدستورية، والمطالبة بالشرعية الدستورية.. هذه معركة تفترض الشجاعة والجرأة والتضحية والتكتل.

الطبقة السياسية التونسية لها قضية جامعة واحدة هي الديمقراطية، ولها برنامج مشترك. ولو أخذت كل رمز من رموز الحركة السياسية التونسية، ووضعته في مكان، ووزعت عليهم جميعا أوراقا بيضاء، وطلبت منهم أن يكتبوا مطالبهم للمرحلة، لوجدت أن لهم برنامجا مشتركا واحدا يتلخص في المطالب الديمقراطية العاجلة، المتفق عليها من الجميع.

إذن ما هو متوقع من أجل إعادة الشرعية الدستورية للبلاد، هو شيئين: أولا أن تتوحد الطبقة السياسية، لأنها موحدة حقيقة.. لها قضية واحدة، ولها برنامج مشترك، وكل الخلافات الأخرى مؤجلة إلى حين أن تعود الشرعية الدستورية إلى البلاد، وبالتالي الطبقة السياسية مطالبة بالتوحد أخلاقيا.. سياسيا.. تاريخيا.. هي مطالبة بأن توحد صفها، وأن تجمع كلمتها من أجل إعادة الشرعية الدستورية للبلاد.. هذا الشرط الأول، والذي تتحكم فيه الطبقة السياسية، لأنه قرار ذاتي يتوقف عليها.

أما الشيء الثاني فهو أن ينخرط الشعب التونسي شيئا فشيئا في الصراع السياسي، لأنه لن يكون الصراع سياسيا إلا إذا انخرط فيه الشعب التونسي، وهو صراع سلمي بالطبع، ولا أتكلم عن أي نوع آخر من الصراع.. هو صراع لابد أن ينخرط فيه الشعب التونسي، ودرجة انخراط الشعب التونسي في هذا الصراع متوقفة على بروز قيادة شجاعة موحدة وجريئة.

فإذن أولا وأخيرا مطلوب من الطبقة السياسية أن تتسم بالجرأة، وأن تتسم بالشجاعة، وأن تترفع على الحسابات الحزبية والشخصية الضيقة، وأن ترتقي إلى مستوى التحديات، التي يواجهها المجتمع التونسي.

 

* لكن أحزاب المعارضة إذا أخذناها حزبا حزبا، بما فيها حزبكم، نجدها تفتقد إلى الكثير من الشجاعة، التي تتحدثون عنها، في مواجهة الأوضاع القائمة، ونراها تحسب لموقف السلطة ألف حساب، فهي لا تتحالف مع أطراف السلطة غاضبة عليهم.. لكن دعنا نمر إلى قضية أخرى مهمة، فنحن نعلم أنه في المرحلة السابقة، كان الهدف توحيد ما يسمى بـ »المعارضة الديمقراطية »، فإلى أين وصلتم في هذا الاتجاه؟ ولماذا ترفضون الانفتاح على التيار الإسلامي وتمتنعون عن التنسيق معه؟

 

– أولا القول بأن حزبنا يتسم بعدم الشجاعة مردود عليك، من خلال كل ما قام به الحزب، منذ إعادة تأسيسه في عام 2000 على الأقل، وقبل ذلك بكثير. وما أصرح به لك الآن هو دليل على  الجرأة وعلى الشجاعة.

 

* نعم أنا أقدر هذا جيدا الآن؟

 

– أنا أرد عليك مباشرة، مستعملا ما أقوله لك كحجة ضد ما تفضلت به. وبالنسبة للتحالفات، فقد كنت تقدمت شخصيا للمكتب السياسي بتقرير السنة الماضية، أو منذ سنتين، أو منذ سنة ونصف، طرحت فيه قضية التحالفات، ورأيت بأن التحالف بين الحركة الديمقراطية والحركة الإسلامية، سابق لأوانه. وقلت بأن المسألة ليست إيديولوجية، ولا تقوم على أساس الإقصاء الإيديولوجي، وإنما نحن نعترف بحقوق الإسلاميين في الوجود وفي العمل السياسي، ونطالب بالعفو التشريعي العام، الذي هم أكبر المستفيدين منه، باعتباره إصلاحا جوهريا تقتضيه الحياة السياسية.

إذن التقدير الذي كنت أقدره في الماضي من أن التحالف مع الإسلاميين لم يكن مطلوبا، كان أساسه أننا في فترة الإعداد للتغير، ولسنا في فترة التغيير. ثم كان على أساس أنه في هذه الفترة، فترة الإعداد للتغيير، بالإمكان أن نسير في نفس الاتجاه، ولكن بصفوف متفرقة.. أعني أنه لا فائدة في تشكيل جبهة موحدة، خاصة أن هناك أزمة ثقة بين الجناح الإسلامي والجناح الديمقراطي. وحينما أقول جناح ديمقراطي وجناح إسلامي، فلا أعني أن الجناح الإسلامي يحتكر الإسلام، ولا الجناح الديمقراطي يحتكر الديمقراطية، وإنما هي مصطلحات علينا أن نستعملها، لأن لها مدلولات سياسية وثقافية واضحة..

إذن هناك أزمة ثقة بين الجناح الإسلامي والجناح الديمقراطي، حول مستقبل الديمقراطية في ظل نظام إسلامي.. الديمقراطيون غير مطمئنين على الحريات في هذا التصور، أو في هذا الاحتمال، وبسبب أزمة الثقة هذه، سواء كانت عن حق أو عن باطل، ما كان بالإمكان أن تقوم جبهة، لأن الديمقراطيين يتشتتون في حد ذاتهم لو قامت هذه الجبهة. ثم كان هناك عنصر تقدير آخر، وهو أن هذا الموقف جاء في ظل ما كان يخيم من إرهاب أمريكي على مستوى العالم، في أعقاب 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أي إنه كانت هناك عملية « شيطنة » للظاهرة الإسلامية، ومحاولة تقديمها على أنها كلها بكل تشكيلاتها، وبكل تلويناتها، هي تعبير من تعبيرات الإرهاب السياسي العالمي..

 

* (مقاطعا).. عفوا أما كان أولى أن تواجهوا هذه الشيطنة وتعارضوها، إذا كنتم غير مقتنعين بها، بدلا من أن تستسلموا لها، وتحددوا موقفكم السياسي من التحالف مع التيار الإسلامي على ضوئها؟

 

– السياسة هي تقدير مصالح، وهي مصالح مشروعة.. إذا أردت أن أقيم جبهة فليست الجبهة هي المبدأ، وإنما هي لتحقيق نتائج.. فإذا كانت الجبهة في ظرف ما تحقق نتائج عكسية، فيكون الإنسان غير ناجح سياسيا، إذا كان سيطرح مهمة ستتأخر به إلى الوراء.. إذا فالمسألة كانت تقديرية حسابية، آخذة بعين الاعتبار الظروف الذاتية للحركة الديمقراطية، وأزمة الثقة التي يعيشونها في علاقتهم بالإسلاميين، وآخذة بعين الاعتبار الظرف الداخلي والمهمات المطروحة، وآخذة بعين الاعتبار الظرف الدولي ومضاعفاته على الوضع الداخلي.

هذه التقديرات كانت تنتهي إلى القول بأن علاقات حوار بناءة بين الجناحين مطلوبة، ولكن ليس المطلوب أكثر في ذلك الظرف. وبالنسبة لي شخصيا، وهذا ليس موقف الحزب، لأن الحزب لم يناقش بعد هذه المسألة، أعتقد أن هناك تطورات هامة حدثت في الساحة الداخلية والخارجية، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار من حيث تقدير هذه المسألة:

– أولها على المستوى الدولي جبّت حرب العراق ما قبلها.. انكشفت وانفضحت الولايات المتحدة الأمريكية، وعزلت في المنظومة الدولية، وعلى المستوى الشعبي العالمي، وبالتالي خف ضغطها كثيرا على الفاعلين السياسيين في مختلف الساحات.

– ثانيا قامت العديد من المبادرات في الحوار بين الجناحين الإسلامي والديمقراطي أولها ندوة باريس في 18 مايو (أيار) 2002، ثم أعقبتها ندوة « آكس » على جزئيتها، وبالرغم مما أثارته من اختلافات، ثم الحوار الذي نظمه السيد طاهر بلحسين، باستضافته للشيخ راشد الغنوشي، شكلت محطة أخرى للحوار، جعلت الجناحين، بعد عام ونصف تقريبا، أقرب الآن إلى التفاعل الإيجابي مما كانوا عليه سابقا.

– ثم العنصر الثالث هو حجم التحدي، الذي مثلته التعديلات الدستورية لسنة 2002، وما تفرضه من استنهاض للقوى..

هذه العناصر الجديدة تفرض إعادة التفكير في العلاقة بين جناحي الحركة، وهذه لها شروط متعددة، سواء بالنسبة للحركة الإسلامية، أو بالنسبة للحركة الديمقراطية، ولكل حادث حديث.

 

* هل معنى هذا أننا بصدد بوادر للتصالح بين التيار الإسلامي والتيار الديمقراطي، كمقدمة للتحالف بينهما؟

 

– أنا أتمنى ذلك.. شخصيا أتمنى ذلك.. أنا أعتبر بأن التحدي كبير، وهو يفترض تكتيل أكبر قوة ممكنة، والمعركة طويلة ومريرة، وتفترض أن كل الخلافات الجزئية تخضع لضرورات حل هذه المسألة. وأعتقد بأن الحوار الذي بدأ بإمكانه أن يتعمق، وأن ينتهي إلى تطمينات متبادلة.

في الحقيقة أعتقد بأن الديمقراطيين بإجماعهم على العفو العام، وبإجماعهم على حق الإسلاميين في العمل السياسي، مثلهم مثل بقية مكونات الحركة السياسية التونسية، قدموا ما يكفي من التطمينات، وأرى أن إعلانا رسميا من ناحية الإسلاميين، يقر بأن مفهومهم للديمقراطية ليس بمعنى أنها سلطة الشعب، لأن هذا مفهوما شعبويا يفتح الباب على كثير من الانزلاقات الشعبوية الخطيرة، التي كثيرا ما عشناها، وإنما هي سلطة الشعب المقيدة بالحريات والحقوق الفردية غير القابلة للتصرف من أي كان، جماعة أو دولة أو حتى مجتمعا..

الحريات والحقوق الفردية حقوق أساسية غير قابلة للتصرف.. وأنها تشكل قيدا لسلطة الشعب، أي إن الجميع يتقيد باحترام هذه الحقوق وهذه الحريات، مثلما وقع التوافق عليها في الحياة العصرية.. أعني حرية المعتقد، وحرية التفكير، وحرية الرأي، والسلامة البدنية.. الخ.. عدد من القواعد الأساسية، التي يضمنها الإسلاميون للمجتمع التونسي بكل مكوناته، باعتبارها أساسا من أسس الشرعية الحديثة، وهذا يفترض حصول حوار وجدال داخل الحركة الإسلامية، وبينها وبين مكونات المجتمع..

أنا أتكلم عن المبادئ الكبرى، ولا أتكلم عن التفصيلات، لأني أومن شخصيا بأن الموروث الثقافي والموروث الروحي، والخصوصية والهوية القومية تؤثر في صياغة التفاصيل، والمهم هو الاتفاق على الجوهر.

أرى أن مثل هذه الأشياء مطلوبة لمزيد توفير المناخ، ولخلق أجواء لتعاون مبدئي واضح وشفاف، لا يكون مبنيا على مصلحة غير مشروعة، بل يكون مبنيا على مصلحة شرعية ومشروعة، يتحملها الجميع، ويضحي من أجلها الجميع.. هذا هو توجهي أنا شخصيا، وأؤكد مرة أخرى أنني أتكلم هنا كشخص، ولا أتحدث بوصفي أمينا عاما للحزب، وخاصة في هذه الفترة.

 

* ساد في عامي 2000 و2001 فكرة الدعوة إلى توحيد القطب الديمقراطي، حتى يصبح قطبا واقعيا ومؤسسا، بعدها يمكن الحديث عن الالتقاء مع التيار الإسلامي.. هل يمكن القول الآن إنه بعدما تبين أن هذا القطب لا يسير نحو التوحد، بل بالعكس نحو مزيد من الشرذمة والتجزئ، إن المطلوب الآن هو التوحد، مع المستعدين للتوحد، من جميع الأطراف، لتحقيق مصالح سياسية، بغض النظر عن الألوان الإيديولوجية؟

 

– أنا أعتقد، مثلما قلت لك، في الظرف الذي كان موجودا قبل سنتين وأكثر، هذا الطرح كان من قبيل المستحيل، لأن الشروط الموضوعية، والحاجة الموضوعية لمثل الجبهة، التي تتفضل بالحديث عنها، في تقديري لم تكن الشروط الموضوعية، والحاجة الموضوعية، لذلك متوفرة في تلك الظروف.

وبالتالي طرح توحيد القطب الديمقراطي، لا على أساس أنه الحل الثالث، وكأن السياسة تدور بين فرق متعددة.. السياسة تدور دائما بين فريقين، والانقسام يكون دائما حول رهان كبير، وأعتقد أن الرهان الآن هو الديمقراطية والحرية والمشاركة, أو الاستبداد، وبالتالي السياسة دائما وأبدا، مثل الرياضة بين فريقين اثنين، والثالث دائما في الهامش.

إذن لم يكن القصد أن اللعبة السياسية تكون ملعوبة بثلاثة فرق.. ليس هذا تصوري شخصيا، وإنما باعتبار أن الحاجة، أو مهام المرحلة، وطبيعة المرحلة، لم تكن تقتضي تشكل جبهة واحدة.. الآن قلت لك بأن هناك عناصر تطورت، وأخرى استجدت، وهذا التطور نسبي طبعا، وليس مطلقا، فعناصر الوضع القديم لازالت موجودة في الوضع الجديد، وعناصر المستقبل ليست متوفرة، بعد، كلها في الوضع الحديد، لكن هناك تطورا، ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، وأعتقد أن ديناميكية الجبهة المطلوبة يجب أن تكون توحيدية، أي أن لا تشتت البعض من أجل توحيد البعض الآخر، وإنما من أجل أن تحقق مهمتها في تكتيل وتشكيل قوة ضاغطة، تؤدي إلى إيقاف مسلسل تدهور الحريات العامة في البلاد، وتؤدي إلى عودة الشرعية الدستورية، وإلى إقرار الإصلاحات التشريعية والسياسية العديدة.

وبالتالي فإن سؤالك كأني استشف منه أنه فوق الانقسام الثقافي الكبير بين جناحي الحركة السياسية من الممكن أن تقوم تحالفات سياسية.. أنا أعتقد بأن ذلك مضرا ولا يستجيب للحاجة الموضوعية.. الحاجة للجبهة ليست حاجة حزبية، أو حاجة ثقافية.. هي حاجة سياسية.. المصلحة السياسية الشرعية تقتضيها. وبالتالي يجب أن يكون التصرف توحيديا لا تشتيتيا.. فبالتالي إذا ما فرضت علينا مراحل يجب تخطيها حتى نصل إلى المنشود، فعلينا أن نحترم تلك المراحل.

 

* عفوا أستاذ نجيب لكن أنتم تعلمون أن حزب العمال الشيوعي مثلا، قد كانت مؤاخذاته على ندوة « أكس »، أنها تطبع وضع حركة النهضة بين المعارضة التونسية، وهذا يعني أن جهات سوف تظل رافضة للجبهة، على أساس إيديولوجي.. وقولكم هذا ربما يعني أن القوى الأساسية في المعارضة سوف تظل خاضعة لفيتو من قبل أحد القوى السياسية الهامشية، التي قد لا تجد مصلحتها في الجبهة.. فإلى متى سيستمر هذا الأمر؟ وبلغة أخرى هل يمكن أن نتوقع سقفا زمنيا محددا، يمكن أن نصل فيه إلى جبهة سياسية، تجمع القوى الأساسية على الأقل، أم إن الأمر سيظل مفتوحا على المجهول، بحجة أن يكون المسعى توحيديا لا تشتيتيا؟

 

– لست مخولا للحديث باسم حزب العمال الشيوعي، ولكن ما لاحظته من تطور في الصراعات الصحفية، وخاصة على الصحافة الافتراضية « الإنترنيت »، باعتبار أن تونس لا توجد فيها صحافة ورقية، قد يمثل مشكلة.. كان لي حوار مع الناطق الرسمي باسم حزب العمال، وقد أكد لي بأن الصراعات الثقافية والإيديولوجية والسياسية بينهم وبين الحركة الإسلامية خاضعة للصراع بشأن إقرار الديمقراطية والحرية في تونس، ولا يعلوها.

ولذلك مناشدتي للجميع هي أن نسيطر على الصراعات، وأن ندوة « إكس » إذا فشلنا في جعلها ندوة جامعة لكل مكونات الحركة السياسية، فعلى الأقل أن لا تكون منطلق تشتيت إضافي.. هي محطة شارك فيها البعض وقاطعها البعض.. صادق البعض على بيانها، ولم يصادق البعض الآخر.. هذه نعتبرها محطة بإيجابياتها ونواقصها، ولا نرهن أنفسنا إلى حدث حدث.. « يا سيدي خلينا رهينة المستقبل.. خلينا ننظر إلى حاجيات المستقبل »، ولذلك فالصراعات غير المتحكم فيها، حول القضايا الجزئية، التي تأخذ أحيانا أبعادا تدميرية، سواء من هذا الطرف أو من ذاك، هي غير محبذة في الوضع السياسي الراهن.

 

* جربت المعارضة طريق المناكفة السياسية وإدانة السلطة ومعارضتها عامة، ولم تنجح في تحقيق أي شيء حتى الآن.. هل يمكن أن يكون خيار المصالحة السياسية الشاملة، بين مختلف مكونات المشهد السياسي، بما فيه السلطة، هو الخيار المتاح الآن؟ وكيف يمكن الوصول إلى ذلك؟

 

– أنا لا أوافق على المقدمة أولا.. أنا في تقديري أن المعارضة، بجميع أجنحتها، قد كفّت عن المعارضة، منذ عام 1990. ولم تسترجع شيئا من المبادرة السياسية، إلا في نهاية التسعينيات، وبشكل متعثر  ومشتت.

القول بأن المعارضة عارضت.. الأصح منه أن نقول إن المعارضة لم تعارض، وأن الأزمة تكمن في أن المعارضة لم تقم بوظيفتها الطبيعية في المعارضة، وأن مستقبلها ومستقبل المجتمع ومستقبل كل ديمقراطية في العالم هو أن تقوم المعارضة بوظيفتها في المعارضة.

أما الكلام عن مصالحة مع الحكم، فاعتقادي أنه ينبني على الوهم.. هذا الوهم هو أنه يفترض بأن الحكم يشعر بالحاجة إلى التصالح مع أي كان.. هذا إذا ما قرأنا قراءة موضوعية كل تصرفات الحكم، منذ بداية التسعينيات، نستنج بأن هذا الافتراض ليس له أساس. الحكم يعتقد أنه ناجح، وبأنه حقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل يشهد له العالم.. أنه نجح في القضاء على الخطر الإرهابي الإسلامي في تونس، وأنه مثال يحتذى به، والمفروض أن يدرس في كل الكليات والجامعات في العالم.. النظام يعتقد أنه عن طريق الديكور الديمقراطي نجح بالوفاء في تعهداته، ولا يشعر النظام بأن هناك أدنى ضغط داخلي يحمله على التنازل عن أي شيء. والنظام تعود على الانفراد المطلق بالحكم، ويقيم لنا الدليل على أنه لا ينوي التنازل عن الحكم في أي ظرف من الظروف.

الافتراض بأن هذا الحكم مستعد لتقديم تنازلات، يطرح عليه سؤال، أي تنازلات؟ ولمن؟ الحقيقة أن المعارضة التي لم تعارض، وعفوا هنا عن بعض الشدة، تعتقد بأنه بإمكانها… في الحقيقة الحديث عن المصالحة يفترض أن هناك طرفين بينهما أخذ وعطاء.. ماذا يمكن أن نأخذ من الحكم؟ أخشى مرة أخرى، لأننا نختزل الصراع السياسي في تونس في قضية واحدة، هي قضية المساجين السياسيين، أن نقنع في خطأ كبير بخصوص قراءة المشهد التونسي.

إننا إذا ما أخذنا هذه المسألة (مسألة المساجين)، على أهميتها.. هذا هو اعتقادنا الذاتي، الذي لا تبرره الممارسة الحقيقية، وهي أن مئات المساجين منذ سنوات طويلة، وهم يقبعون في السجون، وأنه مازالت أمامهم أحكام طويلة، وأن من خرج منهم من السجون مهمش في المجتمع.. لا يملكون حتى بطاقات الهوية الشخصية، فضلا عن جواز السفر، فضلا عن العمل، فضلا عن الأمن.. وبالتالي نفترض في أنفسنا أنه بإمكاننا أن نأخذ حرية 500 أو 600 من القيادات والكوادر.. ولكن ماذا نعطي في المقابل؟ ماذا نملك سوى أن نزكي ما يقع؟

وبالتالي أنا أعتقد أن مسألة المصالحة تطرح طرحا مغلوطا، يفترض شروطا غير موجودة في الواقع.. يفترض استعدادات من الحكومة غير موجودة في العالم.. يفترض أننا سنعطي للحكومة، ما لا يحق لنا أن نعطيه، وهو التزكية، ويفترض أننا نتوهم بأننا سننال مطلبا عزيزا علينا، لكنه بعيد المنال.

أنا أقول إن الحكومة منذ 17 عاما بينت لنا ماذا تريد وكيف تفعل.. وعلينا أن نقوم بوظيفتنا في معارضة هذا التمشي بالجرأة والشجاعة الكافيتين، وبالضغط السياسي الكبير، من أجل تحقيق المطالب.. عندما يشتد الضغط السياسي على الحكومة ستشعر عندئذ أنه قد يكون من مصلحتها أن تتنازل للوصول إلى توافق سياسي ما، في ظرف ما.. نحن لسنا في هذا الظرف، وشروط هذا الظرف غير متوفرة، والوصول إلى مساهمة إيجابية لفائدة البلاد، مع الحكم، لا يمكن أن تتم، إلا إذا تشكلت معارضة ضاغطة سياسيا، تمثل مشكلا حقيقيا للحكومة، وتجعلها تأخذ بعين الاعتبار ما يحدث، وتجعلها تبحث عن سبل الحوار مع المعارضة، وسبل التنازل لها، للوصول إلى تعايش يشمل الجميع..

نحن خارج هذا الوضع تماما، والتوهم أن هذا الأمر ممكن، ربما ناتج عن تغذية من الحكم لمثل هذه الأوهام.. أنا لا أتهم الناس بالباطل، وربما.. ربما أن حالة من الإعياء بدأت تدب في أوساط المعارضين، وهو أمر مشروع، لأن الإعياء شعور بشري.. ولكن أن يصبح أساسا للتصور السياسي والتفكير السياسي.. فأنا شخصيا أعتبر أن هذا مضرا بالبلاد.. البلاد تحتاج إلى التضحية.. إلى شيء من الشجاعة.. يجب أن نقبل السجون مرة أخرى، ويجب أن نقبل المنافي مرة أخرى، وليس لنا من طريق للدفاع عن حقوقنا وصيانتها غير هذا الطريق.. أن نقبل التضحية.. أن نقبل التضحية، وبتراكم التضحيات سننال حقنا..

لن نكسب أي معركة في ظل اختلال موازين القوى.. مع اختلال موازين القوى نخسر كل معركة ندخلها، لكن تراكم المعارك، رغم الخسائر، سيخلق حالة من توازن القوى السياسية، أي المعنوية، لأن القوة المعنوية تغلب القوة المادية.. تخلق حالة من التوازن في العلاقات السياسية، يفرض تمش آخر.. أما التخلي عن الضغط، والتخلي عن الفعل السياسي، والاستعاضة بتصور ما لا يسمح به الواقع، فأنا استسمحك في ذلك لأقول إنه تعويل على الوهم.

لا أعتقد بأن تونس مطروح على أجندتها مصالحة.. مصالحة حول ماذا؟ قل لي مصالحة حول ماذا؟ ماذا سنعطيهم؟ وماذا سيعطوننا؟.. هل معقول بعد كل ما وقع أن نزكي هذا الوضع السيء.. الحمد لله أن كل الناس الذين ساروا معهم وصلوا إلى الخسران.. إلى الخسران المبين.. فهل مطلوب أن نذهب بأرجلنا إلى الخسران؟ هل هذا معقول؟

 

(المصدر: العدد التاسع (السنة الثانية/ أكتوبر 2003) من مجلة أقلام أون لاين الألكترونية)


بصمات الوطن.. الظلم.. الحب في كتاب  » حفريات في ذاكرة الزمن «     

د. شيماء الصرّاف

كاتبة عراقية /  باحثة في الفكر الإسلامي

 

قرأت كتاب الطاهر العبيدي  » حفريات في ذاكرة الزمن  » وشيئا فشيئا تملكتني الرغبة بل وحتى إحساس بالواجب أن أكتب عنه ، أعرّف به أكثر،  فقليل من الكتب من له هذا التأثير.

الكتاب يتضمن فصولا عديدة هي : تجارب، معايشات، وأحاسيس، تهيمن عليها أفكار رئيسية: الوطن، الظلم، الحب، أمور ثلاث مرتبطة ببعضها أشدّ الارتباط، الواحدة تكمّل الأخرى، يبنى عليها ويتفرّع عنها الكثير والكثير…

يعبّر الكاتب عن أفكاره بطرق عديدة : حوارات ساخرة، سريالية، كاريكاتورية بين البشر مجانين وعقلاء، بين الشخص وذاته، بين الحيوانات، وبين البشر والحيوان،   إيحاءات وتورية ذكية، وعبرها وبلغة قوامها الألم والفرح، الحنين والأمل يوصل إلى الآخر ما يريد قوله: معانات الناس عبر معاناته، ومعاناته ضمن معانات الناس..

الوطن ختم يحتلّ كل مساحات جلد الطاهر إنّه الخبز، الحرية، رفرفة أجنحة الطيور فوق جداول تعبق برائحة السهول والنبات، تحفها نظرات بشر آمنين.

ولكن هذه الصورة محطّمة مشوهة، إنها الحلم والأمل لا غير، فهناك الظلم والقمع، الهتاف بشعارات ليس لها تنفيذ، الهوّة بين ما يقال وبين ما يفعل، إنسان الوطن حركاته محددة ومرسومة، ينظر ويسمع ثمّ يوافق ويبتسم  » حرية «   القبول فقط.

للعشق أصناف عديدة، فقد يعشق المرء شخصا، مهنة، هواية… ولكن عشق الوطن يظل متفرّدا بنكهته وخصوصيته، هكذا يخبرنا الطاهر، العاشق الأبدي لوطنه في ثنايا كتابه.

وحين يستحيل العيش في وطن ( …صودر فيه حتى النسيم والصحراء  ص: 10) حيث ( ..الأعراس بلا زغاريد والعطور بلا رائحة والابتسامات جريحة ص:27 )

والأطفال هاجس الطاهر الدائم يعيشون ( …طفولة سوداء ص: 67…) محرومين من أبسط حقوقهم: (… الدفيء العائلي ص: 66… ) ، الذي يفترض رعاية آباءهم لهم، أطفال يحلمون ( …بالحلوى واللعب…بالأعياد وبالمدرسة، بالعطل والعصافير المحلقة في السماء…ص: 66 )…

تفرض الهجرة نفسها فرضا، غربة أخرى تضاف إلى الإحساس بالغربة في الوطن ولكنها تظل أقل قسوة منها. يهاجر الطاهر حاملا بلده ومدينته في ثنايا نفسه، في أحيان كثيرة يكون الابتعاد والنظر إلى بؤرة ومصدر الآلام عبر المسافات فرصة لإعادة التأمّل والتفكير واتخاذ قرارات، الهجرة ليست هروب بل العكس، يقول الطاهر: (… أنا المهاجر وكلّ قواربي مرصّعة بالحرف الواعي وصدق الكلمات…أنا المفارق لأرضي وعلى دفاتري محفورة كلّ الأرقام والتواريخ…ص: 33 )

ومن هناك ، من مستقرّه الجديد ينفث الطاهر هموم المهاجر على الورق، مصدورا يشكو عشق وطنه، وليس هناك أمرا كالهجرة لتعميق وشم الوطن في الذاكرة، وهكذا فأينما يرحل ويحلّ تزداد لوعة الكاتب من حرمانه لتربته (…. وفي ذاكرتي تعوي محطات رحيلي وترحالي وصراعي مع الزمن، وتمرّ الصور بطيئة، متثائبة، مترنّحة، وأتذكّر مغادرتي لبلدي… ص: 123).

والكاتب لا يعبّر عن مشاعره فقط بل عن لوعة وحرقة كلّ من رحل عن وطنه باختيار قسري، فكلّ أوطان المعاناة، هناك حيث يشقى المواطن، هي أوطانه.

الهجرة والغربة والشوق إلى الوطن الذي يشبّهه الكاتب (…باشتياق الأرض للمطر…ص:140) لم تكن على الإطلاق عوامل إحباط له بل العكس من

ذلك عوامل قوّة ودفع وشحذ للهمّة، إنه يحمل إنسانيته ليعيشها في كلّ البقاع، إنسانية نباتها التفاؤل في كلّ زمان ومكان ( ….الحياة تستمر وتستمر… يستيقظ الإبداع من تحت الركام وتشتعل الشموع من خلف الجماجم، وينتصب الحرف من خلف الحريق ليزرع في الحقول الجرداء وفي البساتين المحروقة ورودا من الكلمات….ص: 164).

هناك أمران أختم بهما حديثي:

أولهما مع الكاتب: حبّذا لو كرّست. وقتا أكثر لكتابة القصة القصيرة، إنها من أصعب الفنون، ولكن من يقرأ (….قولوا لامي متبكيش ص: 82 / 83 ) و(…الطائر والحرية ص: 138 / 139 ) يرى بوضوح تمكنك من هذا الفن.

الأمر الثاني: في جميع صفحات الكتاب نستشف : لماذا؟ كيف ؟ متى…أتساءل: هل يا ترى أن يكون باستطاعتنا الإجابة يوما ما؟

 


 

 

 

في ندوة الالكسو حول دور الكتاب في تركيز مجتمع المعرفة : بين هيمنة الخطاب الماضوي وخدمة المستقبل؟؟

بقلم: رفيق عبد الصمد

 

في اطار السنة الوطنية للكتاب نظمت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو) يوم الاثنين الماضي ندوة فكرية حول « دور الكتاب في تركيز مجتمع المعرفة » حاضرت خلالها الدكتورة سلوى الشرفي والدكاترة عبد الله تركماني ومبروك المناعي ومحمد حمدان ومنذر عافي والاديب مصطفى الفارسي.

وافتتحت أشغال الندوة بكلمة الدكتور المنجي بوسنينة المدير العام لمنظمة الألكسو أكد فيها ان حميمية دفتي الكتاب لا يمكن تعويضها بأي وسيلة تثقيفية أخرى وان النظرة الى الكتاب ودوره الحيوي في صقل المواهب وتنمية المدارك الذهنية والحسية تبقى متجددة على الدوام وان التنظيرات المتمسحة بقشور الدور الوظيفي للكتاب في عالمنا اليوم وان الادعاء باختزال المسافات والتقريب بين الغرافياات المتباعدة غالبة نفي الذاكرة الجماعية للمجموعات الحضارية المختلفة التي يمكن ان يساهم الكتاب في تشكيل معالمهما ».

وقال الدكتور المنجي بوسنينة « ان مجتمع المعرفة هو الذي يقر بالدور الحاسم للمعرفة في تشكيل ثروة المجتمع وتجسيد رفاهيته الدائمة وان ثروة الامم هي من جنس أدائها عبر التاريخ وان ما نلحظه في تونس اليوم من دعوة دائمة الى احلال التجانس بين الشعارات والوقائع يدل دلالة قطعية على ان مجتمع المعرفة في المفهوم التونسي ليس واقعه ايديولوجية تلفها الاوهام وانما هو من صميم الاختيارات التنموية الشاملة التي يتبوأ الكتاب داخلها مكانة هامة باعتباره ركيزة من ركائز بناء مجتمع المعرفة على صعيد الاكتساب والترويج والمحتوى والإنتاج ».

المعرفة الساكنة والمعرفة الديناميكية

وتوسعت الاستاذة سلوى الشرفي في نوعية المعرفة التي يقدمها الكاتب العربي لمجتمعه وبالتحديد ماهية إنتاج المعرفة الذي يستند اليه الكاتب العربي عندما يسوق معلومات وأفكار للقارئ مبينة « أننا لا نحبذ منهجية هكذا يجب ان يكون ونفضل التساؤل حول كيف هي الاحوال الان وهنا فان رصدنا للواقع ينطلق من الأسئلة التالية: من أين يستقي الكاتب العربي معرفته؟ هل من الواقع والتجربة والعقل؟ ام من الإيديولوجيات وعلوم الأولين؟ ام من الاثنين معا؟ وفي هذه الحالة لأي مصير يعطي الاولوية؟ وما هو المحك عنده اذا تضاربت الايدولوجيا مع الواقع؟ هل هو العقل ام النقل؟..

وأشارت المحاضرة الى أنها اشتغلت على عينة من أجناس أدبية مختلفة وقد اتضح لها ان محتوى كتابنا يعكس ظاهرة الاستقطاب الفكري في الجدل السياسي القائم في مجتمعنا بين نموذجين فكريين مختلفين حد التناقض لذلك تدور مفردات محتوى هذه العينة في اطار ازدواج المفاهيم المتقابلة التالية: الانعزال / الانفتاح، الوثوقية / التشكيك، المطلق / النسبي، الماضي / الحاضر، الخفظ/ السؤال، التكرار / التجديد، العنف / التسامح، المعنى الظاهر / المعنى الباطن، التفسير / التأويل..

 

ولخصت سلوى الشرفي هذه الازواج في زوج واحد يتمثل في مفهومي السكون مقابل الديناميكية. مبينة ان المعرفة الساكنة تنتج ما يكن ان نسميه بأدب تحديد مساحة فعل العقل وذلك من خلال تحديد معناه لغويا وتحنيط العلم ايديولوجيا. أما أصحاب المعرفة الديناميكية فهم يوحدون لغة بين العقل والسبب ويحملون بالتالي العقل مهمة اكتشاف الاسباب ويرفضون الحلول الجاهزة الى توفرها منظومة القيم السائدة فيثيرون بذلك الكثير من المشاكل اذ يسعى البعض منهم الى البحث في اللامفكر فيه والمستحيل التفكير فيه وهذا فكر متعب لانه يسعى الى دفع سقف الحقيقة الى الاعلى.

 

في حين ان المعرفة الساكنة مريحة لانها لا تطالب العقل بالفاعلية بل انها تطالب العقل بالفاعلية بل انها تطالب صراحة بعدم الفاعلية فاحد ممثلي هذا التيار وهو عصمت سيف الدولة يرفض مضمون المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الانسان ويتساءل باستنكار « من أين جاءت هذه الحقوق للإنسان فور ولادته » ويضيف « انه لا يمكن قبول فكرة القانون الطبيعي والبقاء مسلما لان مصدر حقوق الإنسان هي الشريعة الإسلامية » وتكمن في هذا التنظير مفارقة تتمثل في عدم التزام صاحبنا بالمرجع الأساسي الذي يدعي الدفاع عنه اذ انه غفل عن قولة عمر بن الخطاب « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا » وهي مقولة تندرج دون عناء ضمن المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي يعتبر كاتبنا أنها تخرج معتنقيها من دائرة الإيمان.

 

وأشارت المحاضرة الى ان هذا النوع من التفكير المغلق والمكتفي بذاته في إطار إيديولوجية التفكير المغلق والمكتفي بذاته في إطار إيديولوجيته التي تدعي ككل الإيديولوجيات، معرفتها اليقينية للحقيقة الحقيقية يمكن ان يقود الى رفض الأخر والتحريض على تعنيفه وإقصائه وهذا انموذج آخر لخطاب الإقصاء. إقصاء الآخر المختلف. الذي يتجلى في ما جاء في كتاب الإسلام لسعيد حوى ومفاده « لا حق لأهل الذمة في وظيفة من وظائف الدولة ولا حق لهم في الشورى ولا حق لهم في السيادة ولا حق لهم في الانتخاب.. لأن من شروط عقد أهل الذمة أن يكونوا أذلاء للمؤمنين ومن الذلة الا يتصدروا مجلسا فيه مسلم ».

وعلقت الدكتورة سلوى الشرفي قائلة انه لولا معرفتنا بصاحب هذا الكلام الذي قيل في القرن العشرين لجاز لنا التصرف فيه زمنيا واعتباره معاصرا لابن تيمية او الماوردي. وهنا بالذات تستطيع ان يناقش المحاضرة لان ما كتبه ابن قتيبة مثلا في كتابه « الإمامة والسياسة » لا يستطيع أي كاتب معاصر ان يتجرأ على تدوينه في أي أثر فبعض أمهات الكتب التي تعد مرجعا في الحضارة الإسلامية تنطوي على حد تعبيره، وهامش اجتهاد نحسد أصحابها عليها.

صدمة المستقبل

وفي مداخلة بعنوان « مجتمع المعرفة ودور الكتاب في التنمية الثقافية العربية » استعرض الدكتور عبد الله تركماني الابعاد المختلفة لمجتمع المعرفة والتي يجب فينظره استغلالها كما ينبغي حتى لا نبقى على هامش المجتمع الدولي. ومن أهم هذه الأبعاد: البعد الاقتصادي اذ تعتبر المعلومة فيمجتمع المعرفة هي السلعة او الخدمة الرئيسية والمصدر الاساسي للقيمة المضافة وخلق فرص العمل وترشيد الاقتصاد.

البعد التكنولوجي: اذ ان مجتمع المعرفة يعني سيادة درجة معينة من الثقافة المعلوماتية في المجتمع وزيادة مستوى الوعي بتكنولوجيا المعلومات وأهمية المعلومة ودورها في الحياة اليومية للانسان.

البعد الثقافي: اذ يعني مجتمع المعرفة نشر الوعي والثقافة في الحياة اليومية للفرد والمؤسسة والمجتمع ككل.

البعد السياسي: اذ يعني مجتمع المعرفة اشراك الجماهير في اتخاذ القرارات بطريقة رشيدة وعقلانية. وهذا لا يتوفر الا بوجود مناخ سياسي مبني على الديمقراطية والعدالة.

وأوضح الدكتور عبد الله تركماني ان الثورات المعرفية والتكنولوجية والمعلوماتية قد عرضت الوطن العربي لما يسمى بصدمة المستقبل بكل ما تنطوي عليه من تحديات وأخطار تمس الكيان العميق للامة العربية وتزداد الاخطار تأثيرا بسبب ما يعانيه الكيان العربي نفسه من عوامل الضعف المتمثلة في انتشار الامية وفقر بعض الاقطار العربية وافتقادها للمال والخيرات والخطط وتخلف برامج التربية والتعليم عم حاجات المجتمعات العربية ومتطلبات العصر ونقص الحريات وانعدم المشاركة الشعبية الحقيقية والفاعلة وعدم شمولية السياسات الثقافية وضعف الصناعات الثقافية بما فيها صناعة ونشر الكتاب العربي وسيادة الاعلام السطحي.

واجابة عن سؤال ما هو موقع العرب في المعادلة المعرفية الجديدة؟ قال الدكتور تركماني « ان الموازنات التي تخصص للبحث العلمي في الوطن العربي لا تكاد تذكر وان وسائل الاعلام في معظم الأقطار العربية مازالت تعاني من الرقابة والولاء الأعمى للحكومات » مؤكدا « ان المفارقة التي يعاني منها الوطن العربي تتمثل في أنه لم يحقق النموذج الكلاسيكي للتنمية، نموذج الثورة الصناعية الثانية في الوقت الذي هو مضطر فيه الى تحقيق نموذج الثورة الصناعية الثالثة، أي الثورة المعرفية والتكنولوجية وثقافة مجتمع المعرفة.

ونص المحاضر على ضرورة إعادة صياغة الخصوصية الثقافية العربية. فنحن في أمس الحاجة الى عملية احياء ثقافي، فالثقافة العربية الراهنة تمر بمرحلة انحطاط وردة واضحين. وهناك استفحال ظاهرة الخطاب الماضوي التي يجهد في محاولة إرجاع الوطن العربي الى العصور المظلمة ويحفزه على التشبث بماضيه وكأن الماضي ينبغي ان يحكم الحاضر والمستقبل.

 

وانه اذا كنا قد تخلفنا وتأخرنا كثيرا فالامر لم يعد يحتمل المزيد على الإطلاق وخاصة في دراسة ومناقشة مستقبل الثقافة العربية وذلك لاسباب عديدة أولها أننا غادرنا قرنا مليئا بالإنجازات والاحباطات ودخلنا قرنا جديدا حاسما في تاريخ البشرية كما لم يحدث من قبل وثانيها ان القرن الراحل قد سلم القرن الجديد آخر تحدياته ليحسمه الا وهو العولمة ومجتمع المعرفة. وثالثها ان تحدي مجتمع المعرفة هو استمرار لتحد أسبق يتمثل في تلك الفوارق الريعية في مجالات التقدم العلمي والتكنولوجي ورابعها اذا كان العرب قد تأخروا عن غيرهم فالواجب عليهم ان يبحوا لهم عن مكان معقول في القرن الحادي والعشرين.

الكتاب انسان منسوخ

وقدم الدكتور مبروك المناعي في مداخلته حول « القراءة حدثا معرفيا ونشاطا إبداعيا » جملة من الملاحظات بين فيها وجاهة الصلة بين الكتاب ومجتمع المعرفة كنمط جديد من المجتمعات قوامه أهمية حجم المعرفة وسرعة تنقلها في المجتمع بمختلف مكوناته ومركزا على ان الكتاب هو محمل جديد قديم من محامل المعارف وقد شكل وسيشكل أبرز أوعية المعرفة ووسائل نقلها.

وفي ملاحظته الثانية قال المحاضر ان الصلة بين القراءة والكتاب هي وجه من أوجه الصلة بين القراءة والكتابة. وهي صلة حقيقتها ان القراءة هينطق بكتابة وفك لنظام كلام مركب عل تقنية نسقية دالة وان القراءة والكتابة ظاهرتان متلازمتان في الممارسة البشرية.

وأشارت ملاحظته الثالثة الى ان القراءة هي فك للمكتوب وتتجاوزه الى مطلق اسناد الدلالات الى العلامات. فالقراءة هي الحدث المعرفي المطلق الهادف الى اكتناه الحق وان معرفة القراءة انما هي مؤشر للخروج من وضع الامية الى المعرفة. واستعرضت الملاحظة الرابعة وظائف القراءة بوصفها ظاهرة مرنة في تحققها وحصولها وهي: وظيفة تحسين المتعة ووظيفة تحسين المعرفة ووظيفة استنباط المعرفة واعادة انتاجها.

ولاحظ الدكتور مبروك المناعي ان القراءة نشاط سار، لأنها تولد وضعا نفسيا اجتماعيا سمته الانس وهو نقيض الوحشة. فالكتاب انسان منسوخ يقيم مع القارئ ويسكن معه ويرحا معه.

وبدد المحاضر المخاوف على الثقافة العربية قائلا « انه لا خوف على الهويات الثقافية الصغرى والمحلية من العولمة ولا خوف على الكتاب من تعاظم شأن كل وسائل المعرفة الرقمية ».

 

(المصدر: العدد383 من صحيفة الوحدة الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية الصادرة يوم 24 أكتوبر 2003)


مدخل منهجي لعلم مقاصد الشريعة

للشيخ: طارق الشامخي

تمهيد:

الحمد لله الذي هدانا إلى شرعته السنية، وألهمنا كُنْهَ مقاصده منها، واستكناه حِكَمِهِ الخفيّة، ثم الحمد لله كثيراً على ما أمر ونهى عنه وازدجر، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد خير البشر الذي أقام به سبحانه أود العدل وصلاح البشر، وجعل من القرآن قربة وشرعة ونعمة ونوراً مبيناً، لأيمّة الدين وخيار المسلمين إلى انتهاء الدنيا وفناء العمر..أما بعد؛

فقد فضّلت أن أنشر هذه المقدّمات المنهجية التي خططتها تمهيداً لكتابي- قيد الطبع- « المقاصد العامة للشريعة » وذلك قبل صدور الكتاب؛ تعميماً للفائدة ودفعا للتراكم المعرفي في حقل الدراسات المقاصدية. وهذه المقدمات المنهجية أضمّنها ما استقرّ عليه نظري وبحثي في مسائل علم المقاصد وفقه علمه (المباحث المتعلّقة بتدوين العلم وضبط أصوله وفروعه) لا سيّما بعدما صدرت عن دور النشر رسائل جامعية وكتبٌ قيمة عديدة في السنوات القليلة الماضية اختصت بعلم المقاصد و« موافقات » الإمام الشاطبي ومقاربات الإمام ابن عاشور التجديدية، منها ثلاث أو أربع رسائل جامعية نشرها «المعهد العالمي للفكر الإسلامي»([1]). وهذه الإصدارات الجديدة التي حقّقت ما يشبه «ثورة مقاصدية» على حد تعبير الدكتور أحمد الريوني، هي لئن حققت منشطاً إجرائياً مهمّاً للحقل المعرفي المقاصدي، فإنها أيضاً تُقيم الدليل على أنّ مباحث العلم وهيكليته العامة لم تتبلور بعد عند علماء المقاصد وعلماء الأصول عامة، ممّا يتطلب معه المزيد من الاشتغال المعرفي بفقه علم المقاصد من حيث هو علم، قبل الاشتغال التقليدي بمباحث المصالح، ومراتب المصالح، والكليات الخمس ونحوها.

لقد كان هدفي قبل أربع سنوات هو: توطئة «علم مقاصد الشريعة» عبر نخب من القواعد الرفيعة، والمعاني السهلة غير المنيعة، وتعويد طلبة العلم على فقه أسرار الشريعة عبر أفهام فذّة وقلوب متيقّظة وعقول متوثّبة، تَقَّاطَرُ فطانةً وهدياً ورشداً ووعياً، وتُلاحق النوازل والمستجّدات لتُتحفُنا في منتهاها بأحكام صافيات نيّرات. وكان يدور في خلدي مُذَّاك أن مباحث المقاصد قد استقلّت عن علم الأصول المولِع عادة بطرق استنباط الأحكام من نصوص الشارع بواسطة آليات -أو إدراكات- معلومة، تمكّن الضليع بها من انتزاع الفروع الفقهية -أو المسائل الاجتهادية- منها انتزاعاً، أو قل انتزاع أوصاف وعلل تشعر بها ألفاظ النصوص وتؤذن، على حد تعبير الإمام ابن عاشور؛ يمكن أن تُجعل بعد السبر والتقسيم باعثاً على التشريع، فتقاس عليه نوازل أخرى لجامع اشتراكها في الباعث ذاته، مع ما يرى فيها الأصوليُّ من تحققٍ لمراد الله من خلال لفظه.

أما علم المقاصد المستهدف منّا بالضبط، فقد كنّا نعتبره -أنا وجملة من الباحثين الشبّان لسنوات خلت- بمثابة الضوابط المعرفية العامة للتصوّر الفقهي، أو قل للملكة الفقهية في اتجاه الدربة على الاجتهاد، وهو ما أميل إلى تسميته الآن بفقه علم الفقه([2])، أو اختصاراً بفقه الفقه، والفقه المراد هنا هو جملة التشريع بشقّيه النصّي منه (المُوحى به) والاستنباطي (الاجتهادي والتفريعي) ويشتغل في كليهما بعلم الأصول، ولازلت أميل إلى هذا التدقيق إلى الآن على الرغم من تخمّر المعرفة المقاصدية ونضجها طيلة السنوات العشر الماضية.

ومراراً، كنت أحاججُ أخاً لي في الله وفي الغربة وطلب العلم، على أن علم المقاصد هو بمثابة فلسفة للقانون الإسلامي بمعناه الأعم في بحثه عن أسرار التكليف([3]) وحِكَم التشريع، ومقاصده الجزئية والكلية بعيداً عن الهمّ التقنيني المباشر الذي هو موضوع عمل الفقه والمتفقّة والفقيه على السواء.

وعليه، فإن علم المقاصد يهتمّ برزنامة أساسية تدور حول أهداف الشريعة المتعلّقة بعموم الأمة وجماعاتها وآحادها (على الترتيب)، أكثر مما تهتم بالعقائد أو الماهيات أو تقنيات وآليات الاستنباط ومن ثمّة تقنيات تنزيل الأحكام.

أما الرأي الآخر المقابل لهذه النظرة الذي يتبنّاه صديقي المذكور آنفاً، فيعتبر أن المقاصد تتجاوز الهم الفلسفي (النظري الصرف) إلى الهمّ الاشتغالي المباشر، أي أنه من الممكن أن تحلّ مكان آليات الاجتهاد التقليدية -أي القياس ونحوه.. وما يليه من استصحاب واستحسان ونحو ذلك-، وكانت عبارته أن المقاصد تهدم مؤسّسة القياس. وقد استند هذا الرأي على إشارات الإمام ابن عاشور شبه الجذرية (أو قل الصارمة الحازمة) تجاه علم المقاصد آملاً في تثويره وتفعيله لإصلاح ملكة التفقّه عند الفقهاء واستدرار الاجتهاد وفق ما جاءت الشريعة لتحصيله من غايات ومآلات. ولقد جاء في السنين الأخيرة من يتكلّم في محاولة للتأصيل عما بدأ يشتهر باسم القواعد المقاصدية مثل الدكتور الريسوني في كتابه: «نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي»، والدكتور عبد الرحمن الكيلاني في كتابه: «قواعد المقاصد عند الإمام الشاطبي»([4])، والدكتور عبد العزيز الخادمي في كتابه: «الاجتهاد المقاصدي»([5]).  

على أية حال، فإن الموضوع في حاجة إلى توسّع وضبط أكثر ممّا في هذه العجالة. ولكني أذكّر هنا أن معظم ما بات يسمّى بالقواعد المقاصدية هي قواعد فقهية أو ما قد يسمى بالكليات الفقهية([6]) وهي مبثوثة هنا وهناك في الكتب التي اعتنت بهذا الصنف من الأصول، الذي هو بمثابة حلقة وسيطة ما بين الفقه وأصول الفقه كما هي متوسّطة ما بين الفقه ومقاصد الشريعة؛ أو ما بين أصُول الفقه ومقاصد الشريعة. وأعتقد أن الشذرات الأولى التي خطت أو دوّنت في علم الأصول هي بمثابة كلّيات وقواعد قيلت وكُرّرت بعد استقرائها من عشرات أو مئات النصوص القرآنية والحديثة، بغية صياغة القواعد العامة التي تضم تحتها التطبيقات الفقهية المتماثلة والمشتركة في عللها أو حكمها أو مآلاتها.

 كما أن الشذرات الأولى لعلم المقاصد إنما كانت كذلك بالتأمّل في القواعد الفقهية ذاتها، خصوصاً تلك التي تركزّ على الكليات العامة -أو باصطلاحي- الكليات العظمى في الشريعة، مثل قاعدة: الأمور بمقاصدها التي تأسّس بموجبها المقصد العام للشريعة: نوط الأحكام بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، أو قاعدة: لا ضرر ولا ضرار([7]) التي تأسّس بموجبها مقاصد: التيسير ورفع الحرج. أو قاعدة دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، وقاعدة إذا تعارضت مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما، التي استُنتج منها القول بالكليات الخمس ومراتب المصالح من ضرورات وحاجيات وتحسينيات([8]). ثم تأسّس من كل ذلك مقصد عام من التشريع الذي هو: نوط الأحكام بجلب المصلحة ودفع المفسدة أو ما يختصر في « المصلحية« .

وإني إذ أقدّم المقاصد العامة للشريعة مستقبلاً –بإذن الله- ملخّصة مما كُتب قديماً وحديثاً في هذا الباب، فذلك على أمل أن أستكمل -لاحقاً- الحديث عن علم المقاصد من حيث:

1 ـ منطقة الأصولي الخاص به مثل السبر والتقسيم والاستقراء والمناسبة والعلل والحِكم.. ونحو ذلك.

2 ـ المقاصد الكلّية والمقاصد الجزئية وارتباطاتها بعموم الأمة أو بجماعاتها أو بآحادها، بلحاظ المصالح والمفاسد.

3 ـ الاجتهاد المقاصدي وعلاقاته بالآليات الأصولية الأخرى.

4 ـ القواعد المقاصدية والبحث في حجّتها الأصولية ومصادرها ومدى استقلالها عن الكليات الفقهية وأصول الفقه.

5 ـ المقاصد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبقيّة تقسيمات المقاصد بحسب الشؤون الحياتية المختلفة بلحاظ الجمع بين القراءتين: قراءة الوحي وقراءة الكون.

كما يمكن للباحثين البحث في:

6 ـ مقاصد الآخرة وما فيها من أسرار وحكم وموازنات وأولويات ونحو ذلك.

7 ـ مقاصد المكلّفين، أي نيّاتهم المختلفة في تحمّلهم للتكليف وعلاقة ذلك بالحِيَل ونحو ذلك مما أفاض فيه الشاطبي وغيرُه.

8 ـ مقاصد العلوم الإسلامية، وعلم الفقه خاصة، في حياة المسلمين من حيث التفعيل والتنظيم والتشغيل، والتنوير..

9 ـ مقاصد الأمّة تجاه العالم وتجاه غيرها من الأمم غير المسلمة.

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مقدّمات منهجية لعلم المقاصد

المقدمة الأولى:

ينبني علم مقاصد الشريعة في الأساس على أصل ثابت بإطلاق هو الوحي، قرآناً كان أم سنة، شأنه في ذلك شأن علم أصول الفقه المختص عادة بضبط أدوات الاجتهاد وآليات استنباط الأحكام الشرعية العملية.

كما ينبني هذا العلم بالتبع على العقل الذي هو المنطق الاشتغالي الخاص بعلمي الأصول والمقاصد على حد سواء، وهو ما نصطلح عليه باسم « المنطق الأصولي« ، أي جملة الآليات الادراكية والمعرفية التي يستخدمها عالم الأصول أو عالم (فيلسوف) المقاصد الشرعية عند تأسيسه ل:

1ـ قاعدة فقهية.

2ـ آلية استنباط فقهي.

3ـ قاعدة مقاصدية.

4ـ مقصد عام من التشريع.

5ـ مقصد خاص (جزئي) من التشريع.

وجميع هذه الآليات والقواعد المستنبطة عبر المنطق الأصولي المذكور إنما يرجع مآل أمرها إلى الوحي في حد ذاته سواء عبر استقراء عشرات أو مئات نصوصه (القرآنية والحديثية)؛.. ويتمخّص عن ذلك استخدامنا لآلية منطقية أصولية هي آلية الاستقراء؛ أو عبر النظر في علل الأحكام الجزئية والكلّية المتناثرة في اتّجاه سبكها في بوتقة التقعيد، ويتم ذلك عبر استخدامنا لآلية التعليل المنطقية الأصولية المعروفة.

أو عبر النظر في مآلات الأحكام والحِكَم المنزوعة منها انتزاعاً وذلك لعشرات النصوص ومئاتها المنتظمة تحت موضوعات متّحدة أو متقاربة، ولا يمكن أن يتمّ إلا عبر استخدامنا لآلية منطقية معتبرة وسائدة بين أهل العلم منذ فجر العلم الإسلامي، ونعني بها آلية التقصيد، أو آلية المناسبة. وعليه، نكون قد تحصّلنا على ثلاث آليات منطقية أصولية من ضمن المنطق الأصولي هي: آلية الاستقراء، وآلية التعليل وآلية التقصيد.

ولا يمكن لمجادل أن يجادلنا في شرعية هذا المنطق وتلك الآليات، وذلك معلّل باستنادها على عشرات النصوص الشرعية التي لها من القوة في اجتماعها ما ليس في افتراقها، وهو ما يشكل نوعاً من التواتر المعنوي لها ويرفعها إلى مصاف الأدلة القريبة من القطعية، فليُتَنبَّه لها.

 

المقدمة الثانية:

في أن المقاصد العامة للشريعة([9]) المذكورة في كتاباتي هي من قطعيات الشريعة ومن الممكن أن تشكّل دليلاً للاستنباط في فروع الشريعة وآحاد الأحكام -لا سيّما- في نوازل العصر ومستجّداته، بشرط أن لا يرد في خصوص تلك الأحكام نص مخصّص في تحليله أو تحريمه يتعاكس مع ذلك المقصد العام من التشريع. وهذا الأمر إن ورد فإنّما هو راجع بالنظر إلى آلية أخرى مزاحمة لذلك المقصد لمصلحة جزئية أو كلّية – استثنائية- اقتضتها في آخر المطاف مقاصد أخرى عامة للشريعة مثل رفع الحرج والتيسير إذا كان الموضوع دائراً حول الحقوق الشرعية –مثلاً- أو الحرية أو الجمالية أو الأمن الجماعي.

وعادة  ما يتعارف الفقهاء على تلك الآليات المزاحمة باسم الاستحسان أو سد الذرائع أو قواعد مراعاة الخلاف أو قواعد مراعاة مآلات الأفعال.. ونحوها.

وعليه، فإن تلك المقاصد العامة تستحيل في آخر مطافها إلى قواعد استنباط أصولية فقهية (قواعد مقاصدية) بعدما ابتدأت في أول أمرها منارات تهدي الحيارى والتائهين في خبايا المسائل وشواردها ومشكلات النوازل ومعقَّدها… أي أنـها تؤّدي وظيفتين رئيستين:

– الوظيفة الأولى: الضابطة المعرفية العامة للاجتهاد وأصول التعاطي مع النصوص واستنباط الأحكام.

– الوظيفة الثانية: تقنينية مباشرة للأحكام شأنها في ذلك شأن آليات الاستنباط الأصولية (الأدلة الأصولية: مثل الاستصلاح والاستحسان والاستصحاب وسدّ الذرائع والموازنة ونحوها).

والحق أقول: أن نسبة هذه الوظيفة إليها على هذا النحو المبسّط إنما هو من باب التساهل المنهجي ومسايرة القائلين بالاجتهاد استناداً على قواعد المقاصد أو مقاصد الشريعة بوجه عام، وإلا فإن حقيقة الأمر أن الاجتهاد إنما يتمّ باستخدام مباشر للآليات الأصولية من مصلحة مرسلة واستحسان وسد ذرائع… ونحوها، التي تأخذ مشروعيتها الاستدلالية – عند التحقيق والتدقيق- باستنادها المباشر على المقصد أو المقاصد العامة من التشريع، فتكون بذلك قطعية أو قريبة من القطعي تفريعاً على قطعية  المقاصد العامة ذاتها.

ومن المعلوم لدى الأصوليين أن ما استند على قطعي يأخذ حكم ذلك القطعي.

 

المقدمة الثالثة:

يعتبر الاستقراء الأصولي من أشهر وأدول (أي أكثر تداولاً)  الآليات المنطقية الأصولية المستخدمة في تأسيس علم مقاصد الشريعة، لهذا السبب أعارها الإمام الشاطبي في مقّدماته المنهجية الأولى لكتاب «الموافقات» اهتماماً خاصاً وجعلها مدار العملية التقصيدية في الشرع الإسلامي. ويغلب على ظني أن الاستقراء الذي هو مبدأ تضافر الأدلة واجتماعها على معنى واحد، عبر التمعّن في الكثرة من النصوص التي تفيد ذلك المعنى، إنما هي تفيد القطع المضموني، أو قل تُفضي إلى تعميم المبادئ القاطعة، مثل مبدأ نوط الأحكام بدفع المفسدة وجلب المصلحة (وهو قاعدة فقهية أصولية ومقصد شرعي كلّي ومقصد عام للشريعة (أسمّيه مقصد المصلحية) في آن معاً.

ويقول الشاطبي في هذا المجال أن لهذه الأدلة الظنية المتضافرة على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع، من القوة في اجتماعها ما ليس في افتراقها([10])، وهو أمر شبيه بالتواتر المعنوي في مجال الآليات الضابطة للنصوص الحديثية الشريفة.

 

المقدمة الرابعة:

يعتبر المنطق الأصولي العام المستخدم في علم الأصول ومقاصد الشريعة من المنطق الإسلامي المأصول غير المنقول خلافاً لكثير من المنطق المستخدم لدى بعض الأصوليين -مثل الغزالي والجويني والآمدي وغيرهم كثير- من غير مبرّر سوى اعتيادهم عليه في علم الكلام وسجالاته بفعل الغزو الثقافي الهلّليني الطاغي آنذاك، وهو منطق هللّيني أرسطي منقول من خارج الحضارة والبيئة الإسلاميتين.

وإذا اعتبرنا المنطق -بوجه عام- هو الآليات الإدراكية الأساسية لأيّة عملية معرفية، فلسفية كانت أم علمية صحيحة، فإنّنا لا نتصوّر فلسفة ناجحة أو علماً ناجعاً، من دون اعتمادها على آليات منطقية محدّدة تعصم الذهن [أو العقل] من الزّلل، وهو ما دفع البعض إلى تعريف الفلسفة على أنها نسق تام من القضايا المنطقية([11]). وهو تعريف غير دقيق ناتج عن الدمج ما بين مضمون البحث الفلسفي أو المعرفي العام وبين الآليات المنطقية الضابطة له من التيهان والضلال في إطار منهجي منتخب وملائم([12]).

وعليه، استشرى هذه الخلط ما بين ما أريد له أن يكون منطقاً أصولياً لعلم أصول الفقه وما أدمج بهذا العلم على غير هدى وعلى غير علم بمنافرته للمنطق الأصولي منافرة فطرية. ووقع معظم مفكّري الإسلام في هذا الخلط، لا سيما الأصوليين منهم -حيث تباينت مواقفهم من المنطق تبايناً وصل لدرجة التناقض، ما بين معتبر لهذا المنطق « الأرسطي في أصله وفصله » فرضَ كفاية في وجوب تعلّمه على أمّة الإسلام، حتى قال الإمام الغزالي: «من لم يحط به فلا ثقة له بعلومه أصلاً»([13]). وقال في كتابه «القسطاس المستقيم» عن قوانين المنطق: «لا أدعي أني أزِن بها المعارف الدينية فقط، بل أزن بها العلوم الحسابية والهندسية والطبيعية والفقهية والكلامية.. وكل علم حقيقي غير وضعي، فإني أميّز حقّه عن باطله بهذه الموازين، وكيف لا؟ وهو القسطاس المستقيم!!». كما قال في كتاب «محك النظر»: «المطلوب من المعرفة لا يقتنص إلا بالحدّ والمطلوب من العلم الذي يتطرق إليه التصديق أو التكذيب لا يُقتنص إلا بالحجّة والبرهان وهو القياس، وكأن طالب القياس والحدّ، طالب الآلة التي بها تُقتنص العلومُ والمعارفُ كلّها»([14]). ولم يفت حجّة الإسلام الغزالي أن يصرّح بأن «أشرف العلوم ما أزدوج فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع»([15]). ومنهم من قال بأن القول بوجوب المنطق اليوناني المنقول غير المأصول، « هو قول غُلاتهِ [أي المنطق] وجهّال أصحابه » وهو رأي ابن تيمية، وبهذا يكون قول الغزالي آنف الذكر «في غاية الفساد من وجوه كثيرة التعداد، مشتمل على أمور فاسدة ودعاوٍ باطلة كثيرة»([16]). ذلك أن الحذّاق من المناطقة أنفسهم -بحسب ما يرى شيخ الإسلام- «لا يلتزمون قوانينه في كل علومهم، بل يعرضون عنها، إمّا لطولها، وإما لعدم فائدتها، وإما لفسادها، وإما لعدم تميّزها وما فيها من الإجمال والاشتباه، فإن فيه [أي المنطق المستورد من الغرب الهلّليني القديم .. غير المأصول داخل بيئة العلم الإسلامي] مواضع كثيرة هي لحمَ جمل غثٍّ على رأس جبل وعْرٍ، لا سهلَ فيُرتقَى ولا سمين فينتقل»([17])، ونقل ابن تيميمة فتيا لبعض الأئمة فيها تشديد في تحريمه وعقوبة أهله([18]).

* * *

إن هذا السجال داخل الدائرة العلمية الإسلامية لا يطال مطلق المنطق أو حجّته في مجال العلوم الشرعية، بل يقتصر على المنقول المنطقي الهلليني (بمدرستيه المشّائية والرواقية)، الذي حاول الإمام الغزالي زرعه داخل الحقل المعرفي الإسلامي فروعاً وأصولاً، غبر ما سمّاه طه عبد الرحمن بآليات التقريب العقدي، وتشغيله بدل تعطيله([19])، وهذا الأمر طال التأصيل القرآني للاصطلاح المنطقي وللقياس المنطقي والتأصيل الفقهي، عبر استبدال المصطلحات الفقهية بالمصطلحات المنطقية، وإيراد الأمثلة الفقهية على مباحث المنطق، وردّ الموازين العقلية إلى الاستدلالات الفقهية([20]).

والذي نرومه ههنا التركيز على المنطق الأصولي المأصول داخل حقل العلم الإسلامي، غير المنفعل بمؤثرات المنطق الصوري اليوناني، بل تأسّس –لحسن الحظ- كاستجابة طبيعية لحاجيات العلوم الإسلامية المختلفة ونحص بالذكر منها هنا: الفقه وأصوله اللذين انبثق منهما علم المقاصد.

وتتبدّى الحاجة إلى إتقان المنطق الأصولي آنف الذكر (في المقدّمة الأولى) وسبر غوره من أجل فعالية وسلامة التأصيل المقاصدي -كما حرصنا من قبل على سلامة الاستدلال الفقهي-. وعليه، فمن لا يحيط علماً بهذا المنطق فلا ثقة له ولا للقوم في سلامة فقهه وتنظيره المقاصدي([21]) إن كان ممن يزعمون الدراية بعلم المقاصد -ولله درّهم- ما أكثرهم في هذه الأيام.

 

المقدمة الخامسة:

علم أصول الفقه من العلوم الإسلامية الخالصة المأصولة غير المنقولة؛ وذلك على الرغم من تشويش الآمدي والجويني والغزالي والياقلاني وإمام الحرمين وإدخالهم للدخيل إلى الأصيل.. وهو تشويش أربك الفقه وأصوله وأضعف حركة الاجتهاد لقرون عديدة([22]). وهو مزيج ما بين أبواب نظرية ومنهجية وأخرى عملية ومضمونية تطبيقية، فمن علوم الوسائل المتداخلة مع أصول الفقه المتكاملة معه: النحو والصرف والمنطق، ومن علوم المقاصد: الفقه.

ومن أمثلة الأبواب النظرية والمنهجية التي تدخل في هذا العلم -كما تدخل في علم المقاصد الذي هو شقيق الأصول- «علم المناهج» (الميتادولوجيا) الذي ينظر في الأدلة الشرعية تعريفاً وترتيباً كما يدرس قواعد الاستنباط وقوانين الأحكام، وباب الاستدلال الحجاجي الذي يتضمن قوانين الجدل والمناظرة، وباب «فقه العلم» (الأبستيمولوجيا) الذي يبحث في فلسفة التشريع ومقاصد الشريعة، وباب اللغويات، الذي يختص بدراسة أصناف دلالات الألفاظ([23]).

وهذا التقسيم إلى وسائل ومقاصد -الذي أكّد عليه الشاطبي في «موافقاته» لا يظنّ طانٌ أنه يتناقض مع تقسيم العلامة أبي الوليد ابن رشد الحفيد في «مختصره على المستصفى»([24]) لجملة المعارف والعلوم إلى أنواع ثلاثة:

1 ـ معرفة غايتها الاعتقاد الحاصل عنها في النفس فقط (كالعلم بحدوث العالم)…

2 ـ معرفة غايتها العمل، ومنها «كلية» بعيدة في كونها مفيدة للعمل، كالعلم بالأصول التي تبني عليها الفروع الفقهية من الكتاب والسنة والإجماع، والعلم بالأحكام الحاصلة عن هذه الأصول على الإطلاق وأقسامها، وما يلحقها من حيث هي أحكام، ومنها «جزئية» كالعلم بأحكام الصلاة والزكاة ونحوها من جزئيات الفرائض والسنن.

3 ـ معرفة تعطي القوانين والأحوال التي بها يتسدّد الذهن نحو الصواب في هاتين المعرفتين (أي معرفة الاعتقاد ومعرفة العمل).

وعليه، لا يتردّد أبو الوليد (الحفيد) في إدخال علم الأصول في التقسيم الثالث باعتباره الآلة المنطقية التي يضبط بها الفقيه صناعته الفقهية وفتاويه، فليس هو بالعلم العملي ولا بالنظري خلافاً لما كان سائداً عند الفقهاء. ذلك أنه كلما كانت العلوم [مثل أصول الفقه] أكثر تشعباً، والناظرون فيها مضطرون في الوقوف عليها إلى أمور لم يضطر إليها من تقدّمهم، كانت الحاجة فيها إلى قوانين تحوط أذهانهم عند النظر فيها أكثر»([25]).

وأرى أنه لو تجرّد علم الأصول من باب فقه العلم (فلسفة التشريع) أي لُبابُ علم المقاصد وشذراته التأسيسية، في اتجاه مأسَسة مستقلة، وكذلك من الموثرات المنطقية الهللينية، ومن سجالات علم الكلام وخلافيات المتسلمين (الاستدلال الحجاجي)، وتالياً، يُصار إلى «ترك كل شيء إلى موضعه»([26]). لوصلنا إلى مبتغى ابن رشد بالكمال والتمام، أي علم أصول الفقه الآلي والمقنِّن (بكسر النون الأولى المشدّدة)، الذي يهبُ الفقيه الآليات التسديدية اللازمة.

* * *

أقول من زاوية فقه علم أصول الفقه بأن استقلال علم  المقاصد عن علم الأصول مبرّر بما قلتُه أعلاه، كما نرى تأكيد ذلك عند ابن عاشور في كتابه «المقاصد العامة الشريعة([27])»، الذي اشترطه للاجتهاد في مرحلتي التعليل والتنزيل وفاقاً للإمام الشاطبي.

وأسوق –بالمناسبة- تقسيماً خُماسياً لفقه النصوص الشرعية، أو بالأحرى إمكانية مقاربتها من زوايا خمس كلها اجتهادية:

1 ـ فقه الاستنباط المباشر من النصوص (فقه الفهم).

2 ـ فقه التدليل الأصولي من النصوص غير انتقاء الأدلة الشرعية المناسبة للحكم الشرعي (فقه التدليل).

3 ـ فقه التعليل الأصولي، حيث يتم استخراج علل الأحكام التي يمكن نقلها إلى غيرها بالقياس أو الاستصلاح (فقه التعليل).

4 ـ فقه التقصيد حيث يتم استخراج مقاصد جزئية أو كلية أو عامة أو خاصة من النصوص الشرعية.

5 ـ فقه التنزيل: حيث يتم الاجتهاد في تطبيق الأحكام الشرعية، وفق مقتضيات التنزيل الحالية والزمانية، والمكانية ونحوها، أي النظر في تطبيق الحكم الشرعي بعدما ثبت لنا بمدركه الشرعي([28]).

إن التفقّه في مقاصد الشريعة ضروري لكل مرحلة من المراحل الخمس آنفة الذكر، على عكس المعرفة بعلم الأصول الذي لا يلزم إلا في ثلاث مراحل (فقه الفهم وفقه التعليل وفقه التدليل…)، وذلك وفاقاً لأبي إسحاق الشاطبي الذي حصر «درجة الاجتهاد فيمن اتّصف بوصفين، أحدهما: فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني التمكّن من الاستنباط بناءً على فهمه فيها»([29]).

* * *

وأختارُ تعريفاً لعلم المقاصد على أساس أنه: فقه مآلات الأحكام ومعانيها الكلية والجزئية الهادفة لجلب المصالح ودفع المفاسد في المعاش والمعاد» أو قل هي «الأهداف العامة الملحوظة على الشارع في أحكامه الجزئية والكلية في اتجاه دفع المفسدة وجلب المصلحة في الدارين».

وهذا التعريف الثاني قريب من تعريف الأستاذ علال الفاسي في كتابه «مقاصد الشريعة ومكارمها»([30]): مقاصد الشريعة هي المعاني والأهداف الملحوظة للشرع في جميع أحكامه أو معظمها، أو هي الغاية من الشريعة والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها».

أما ابن عاشور فقد عرّفها بقوله: «المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها، بحيث لا يختص ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة، فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغايتها العامة والمعاني التي لا يخلو التشريع عن ملاحظتها، ويدخل في هذا أيضاً معان من الحِكَم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام، ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها»([31]).

والحق أن هذا التعريف، علاوة على كون طوله النسبي غير ملائم في العادة للتعريفات؛ هو خاص بالمقاصد العامة للشريعة دون سائر أنواع المقاصد مثل الخاصة أو الجزئية ومقاصد باب من الأبواب أو مقاصد المكلفين ونحو ذلك، وكأن ابن عاشور يرى أن جوهر علم القاصد ولبابه هو «المقاصد العامة» التي نحن بصدد بحثها.

ويعرفها الدكتور يوسف العالم بقوله: هي المصالح التي تعود إلى العباد في دنياهم وأخراهم، سواء أكان تحصيلها عن طريق جلب المنافع، أو عن طريق دفع المضار»([32]).

* * *

وأختم باختياري لتعريف المقاصد العامة للشريعة على أساس أنها: «فقه مآلات الأحكام ومعانيها الكليّة المُستهدَفَة بالتحصيل لما ينفع الأمة المسلمة ويرشّد كسبَها في المعاش والمعاد». والله أعلم وأحكم.

* * *



([1])  منها كتاب: أحمد الريسوني، نظرية المقاصد عند الامام الشاطبي، وأحمد يوسف العالم، المقاصد العامة للشريعة ، وعبد الرحمن الكيلاني، قواعد المقاصد عند الشاطبي، وإسماعيل الحسني، نظرية المقاصد عند الإمام ابن عاشور، وشيخنا جمال الدين عطية، نحو تفعيل مقاصد الشريعة، وجميع هذه الكتب من طبع المعهد العالمي للفكر الإسلامي.

([2])    إني مدين في استعمال اللفظ المضاف إليه « الفقه » إلى مضافات عدّة من العلوم الإسلامية المختلفة إلى فيلسوف العصر ومتكلّمه طه عبد الرحمان -حفظه الله- تدقيقاً وتفريقاً لفقه العلوم وفلسفتها (أبستيمولوجيتها) عن مضامين تلك العلوم في حدً ذاتها من حيث هي مضامين معرفية مُرادة في العادة لا بالتبع ولكن بالقصد الأول.

([3])  لاحظ أن الامام الشاطبي نفسه المشهور على أنه رائد علم المقاصد وأول من دون فيه كتاباً متكاملاً ونظرية متناسقة (كتاب المقاصد وهو القسم الثالث من الموافقات) كان قد سمّى كتابه -كما يروي في الرؤيا الصالحة التي رآها شيخه الصالح بأنه يسمّي كتابه عنوان التعريف بأسرار التكليف ، ومن الجدير بالذكر أن لأبي ابراهيم كتاب آخر يبدأ هو الآخر بلفظ عنوان وهو عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق (موضوعه لغة عربية). 

([4])  طبع المعهد العالمي للفكر الاسلامي.

([5])  طبع ضمن سلسلة كتاب الأمة في جزئين.

([6])  مثل القواعد الفقهية لابن تيمية وابن القيم و الاشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي والسيوطي والفروق للقرافي وغيرها كثير.

([7])  أصل هذه القاعدة حديث شريف مختلف في صحته وقد حسنه غير واحد غير أن مضمونه صحيح شرعاً بالاتفاق ويشهد له الاستقراء العام  المفيد للقطع والله أعلم.

([8]) هذه الشذرات هي الانطلاقة الاولى لعلم المقاصد ضمن ما تداخل به الجويني وتلميذه الغزالي ومن سار على دربهم في حديثهم الموجز عن المصالح وانقسامها إلى ضروريات وحاجيات وتحسينيات ومكمّلات للمراتب الثلاث. 

([9])   والمقاصد العامة هي غير إطلاق لفظ مقاصد الشريعة او علم المقاصد بشكل عام الذي فيه الظني والقطعي والقريب من القطعي وسياتي تبيان ذلك لاحقا باذن الله.

([10])  الشاطبي، الموافقات (بيروت: دار الكتب العلمية، 1991). ج 4، ص 24، وانظر، طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث (بيروت: المركز الثقافي العربي، 1994) ص 119.

 

([11])  فضل الله، هادي، مقدمات في علم المنطق (بيروت: دار الهادي، 1996) ص 9. والمدرسي، محمد تقي الدين، المنطق الإسلامي، أصوله ومناهجه ([ب م]، [ب ن]، 1981)، ص 33.

([12])  هذا الدمج والاختلاف ناشئ بالأساس منذ عهد أرسطو الذي يعتبر المنطق ليس جزءاً من أجزاء الفلسفة، وإنما هو علم إضافي ضروري لكل أجزاء الفلسفة، و الرواقيين الذين اعتبروا المنطق جزءاً أساسياً من أجزاء الفلسفة.

([13])  الغزالي، المستصفى (بيروت: دار احياء التراث العربي، ب ت) ص 10.

([14])الغزالي، محك النظر (بيروت: دار الفكر اللبناني، 1994) ص 68.

([15])  الغزالي، المستصفى، م س، ص 3.

([16])ابن تيمية، تقي الدين الحراني، نقض المنطق (بيروت: دار الكتب العلمية، [ب ت]) ص 100.

([17])  ابن تيمية، م ن، ص ن.

([18])  انظر لمزيد التوسع: ابن تيمية، الردّ على المنطقيين (بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1993)، وله موافقه صحيح المنقول لصريح المعقول (بيروت: دار الكتب العلمية، [ب ت])، وجلال الدين السيوطي، صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام ومعه مختصر السيوطي لكتاب: نصيحة أهل الإيمان في الردّ على منطق اليونان (مكة المكرمة: [ب ن]، [ب ت])، (علق عليه الدكتور علي سامي النشار)، ومحمد بن مرتضى بن الوزير، ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان (بيروت: دار الكتب العلمية، [ب ت]).

      وعلي سامي النشار: مناهج البحث عند مفكري الإسلام، واكتشاف المنهج العلمي في العالم الإسلامي (بيروت: دار النهضة العربية، 1984)، الذي فسّر وفصّل في أسباب اتجاه العلماء خلال القرون الخمسة الأولى لنقد المنطق الارسططاليسي، وتالياً، رفضه من معظمهم، ولا سيّما في مجال علم الأصول، وذلك ممّا مثّل اتجاهاً غالباً ساد الدراسات الإسلامية إلى نهاية القرن الخامس الهجري، أي إلى نهاية العصر الذهبي للعقل الإسلامي الخالص (ر: ص 353) وهي الفترة التي أنتجت فيها أغلب آليات البحث الخالصة مثل «القياس الإسلامي»، والاستقراء، وذلك غير تقنيات أو آليات منطقية أصغر منها تدور حول العلة وشروطها ومسالكها [من سبر وتقسيم وطرد ودوران وتنقيح مناط وتحقيق مناط، وتخريج مناط] ثم بعض الآليات الأخرى مثل قياس الغائب على الشاهد والاستدلال بالمتّفق عليه على المختلف فيه. وتشابه هذه الآليات مع القياس أو الاستقراء الأرسطي هو تشابه عرضي ليس أكثر، ويختلف اختلافاً بيناً في مضمونه وأصول نشأته الإسلامية الخالصة..

     

([19])  طه عبد الرحمن، تجديد المنهج، م.س، ص 339 ـ 350.

([20])  بينما يرجع سبب ردّ ابن تيمية على المنطقيين كونه انتهج آليات التقريب المعرفي في تهوين المنطق بدل تشغيله، وذلك تمّ عبر استبدال المنقول المنطقي بآخر مأصول، يدل تأصيل المنقول كما فعل الغزالي أو ابن حزم، وسعى نحو توسيع الاستدلال المنطقي الذي أوجبته قاعدة «الاتّساع»، ونحو التأسيس العملي للمنطق الذي اقتضته قاعدة «الانتفاع»، ونحو التأسيس الشرعي للمنطق الذي أوجبته قاعدة «الاتّباع»، وهو المبحث الذي أجاد الدكتور طه عبد الرحمن – متكلّم العصر وفيلسوفه – في الخوض فيه وتفكيك مشكلاته ومعضلاته، (راجع لمزيد التوسع: عبد الرحمن، تجديد المنهج، م.س، ص 311 «في الفصل الثالث: آليات تقريب المنطق اليوناني») و[راجع عبد الرحمن، تجديد المنهج،م س، ص 350 ـ 380. وانظر ابن تيمية، نقض المنطق، م.س، ص 155 وما بعدها، والرد على المنطقيين، م.س، ج 1، وج 2].

([21])  بيد أني أرى أن المنطق الأصولي يندمج في صلب علم المقاصد ومسائلة المتشاكلة، بل الأصوب اعتباره مجرّد آليات منطقية هي بمثابة الوسيلة والمعين لعلم المقاصد، كما أعانت وساندت علم الأصول من قبل، وحركة الاجتهاد بوجه عام. ونذكّر هنا بكلام الشاطبي في هذا السياق بأن: «كل مسألة مرسومة في أصول الفقه لا تنبني عليها فروع فقهية أو آداب شرعية، أو لا تكون عوناً في ذلك، فوضعها في أصول الفقه عارية […] وليس كل ما يفتقر إليه الفقه يعدّ من أصوله، وإنما اللازم أن كل أصل يضاف إلى الفقه لا ينبني عليه فقه فليس بأصل له»، (ر: الموافقات، م س،ج1، ص 29.

([22])   أرى أن ما اجترحه الغزالي ومدرسته بالفقه الإسلامي في القرن الخامس وما بعده شكّل أخطر تخريب وغزو ثقافي مدمّر تعرض له الفكر الإسلامي عبر التاريخ لأنه جاء من أرباب العلم أنفسهم ومن كبار أئمتهم الذين أرادوا «إحياء علوم الدين».

      وأقول وفاقاً للترابي بأن الغزو الفكري الغربي آنذاك كان أخطر من الغزو الثقافي والفكري الغربي المعاصر، لاسيّما إذا راعينا مآلات العزو ونتائجه وفصلناها عن الكيد السياسي الذي تعرضنا له في العقود القليلة الماضية، الذي اخترق كل ممانعة فكرية لدينا بوجه العلمانية وتيارات التغريب والليبرالية والشيوعية والدهرية… ونحوها..

([23])  عبد الرحمن، تجديد المنهج، م س، ص 93.

([24])  كان الأصوليون القدامى يحشرون علم الأصول ضمن العلوم التي غايتها العمل وبخاصة ضمن الكلي منها.

([25]) ابن رشد، الضروري في أصول الفقه (أو مختصر المستصفى)، (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1994)، ص 34، 35 .

([26])  قالها ابن رشد في «مختصره»، كردّه فعل منهجية صارمة على لزومية أبي حامد الغزالي المنطقية [من لا يحيط بها فلا ثقة في علومه أصلاً..]. واستطرد ابن رشد قائلاً: «فإن من رام أن يتعلم أشياء أكثر من واحد في وقت واحد لم يمكنه أن يتعلم ولا واحداً منها». ذلك أن الغزالي خصّص مقدّمة منطقية أرسطية (مهذّبة إسلامياً…) طويلة نسبياً لكتاب المستصفى واشترطها لولوج مستصفاه الأصولي الأكثر نضجاً بعد كتبه الأصولية الأخرى: «شفاء الغليل» و«المتخول» و«أساس القياس». ر: الغزالي، المستصفى، م س، ص 10، والضروري، م س، ص 37، 38.

      أقول: ذلك على الرغم من أن الفيلسوق ابن رشد هو أحد الفلاسفة والمنطقيين الأرسطيين الكبار وأحد أهم شراح أرسطو في العصور الوسيطة، ثم إنه الذي ردّ رداً فلسفياً صارماً على الغزالي الذي تنزّه من الفلاسفة في كتاب «تهافت الفلاسفة»، بكتاب «تهافت التهافت». فتأمّل تلك المفارقة، ويا لها من مفارقة تاريخ العلم الإسلامي.

([27]) ابن عاشور محمد الطاهر، المقاصد العامة للشريعة الإسلامة (تونس: الدار التونسية النشر والتوزيع،1978)

([28])  ويُقارب الفقيه في مرحلة فقه الاستنباط النصوص المُوحى بها في مراتبها المعلومة قرآنية كانت أم قرآنية، وضمنها المراتب الأقل ظهوراً مثل عمل الصحابي، وعمل أهل المدينة، وإجماع الصحابة (باعتباره مورداً من موارد النصّ على الأرجح..)، .. وتُضبط هذه المقاربات داخل علم الأصول عبر أبواب دلالات الألفاظ ومبحثَيْ القرآن والسنة. بينما في فقه التدليل (أو الاستدلال) الذي هو مُطلق الاجتهاد -كما عند الشافعي في «رسالته»- ، فتتم مقاربة النوازل المتطلبة لأحكام شرعية «على غرار المنصوص عليها، وعند فقه النصّ المباشر والصحيح والواضح الدلالة، وذلك على نصوص شرعية أخرى لعلة جامعة، أو في اتجاه إيجاد خلفيات شرعية كليّة مستقراة من آلاف الأدلة المنضاف بعضها إلى بعض في اتجاه مقاصدي ما. وهو ما يعرف باسم المبادئ أو القواعد الفقهية مثل قاعدة «لا ضرر ولا ضرار» أو «نوط الأحكام بالمقاصد والمعاني لا بالأَشكال والمباني»، أو «دين الله يسر» أو «نوط الأحكام بجلب المصلحة ودفع المفسدة» أو «دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة»، وعلى أساس هذه القاعدة تم تأسيس آليات أصولية شهيرة مثل آلية الاستصلاح [أو المصالح المرسلة]، وآلية سدّ الذرائع، وآلية الاستحسان ولاسيّما استحسان الضرورة أو المصلحة.

      وغالب الاجتهاد في الاستدلال على الأحكام مبني على آليات القياس والاستصلاح والاستحسان وسدّ الذرائع، وكلّها آليات ظنيّة في دلالاتها من حيث هي آليات استدلالية، اُختلف فيها من لدّن فقهاء الأمصار، فنازع دود الظاهري وصاحبه ابن حزم أبو محمّد القرطبي في القياس، كما نازع محمّد بن إدريس الشافعي في الاستحسان وتابعه أصحابه في منازعة المالكية في الاستصلاح، وهكذا ولا مندومة ههنا من ذكر أن أعظم شرر الخلاف في هذه الآليات إنما هو لفظي اصطلاحي محض، بينما يكاد يتفق أرباب المذاهب على العمل بمضامينها، عند النظر والتحقيق على حدّ تعبير الشهاب القرافي.

      أما فقه التنزيل أي تحقيق مناطات الأشياء والأنواع والنظر في المآلات ونحوها فهو مضمون القسم الثاني من هذا الكتاب وهو الجانب التطبيقي من الشريعة الإسلامية والذي هو اجتهاد عام شامل للخاصة (أي العلماء) والعامة، ويحتاجه حتى العامي في خاصة نفسه مثل تحديد جهة القبلة، وهو من نوع الاجتهاد الذي لا يمكن أن ينقطع إلا بانطاع أصل التكليف عند انتهاء الدنيا، ولا خلاف بين الأمة في قبوله. وتعريفه هو النظر في تطبيق الحكم الشرعي، بعدما ثبت لنا بمدركه.

([29]) الشاطبي، الموافقات، م س، ج 4، ص 76.

([30])  الفاسي، علال، مقاصد الشريعة ومكارمها (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1994) ص 5 وما بعدها. وانظر بلقاسم الغالي، شيخ الجامع الأعظم: محمد الطاهر بن عاشور حياته وآثاره (بيروت: دار ابن حزم، 1996) ص 120.

([31])  ابن عاشور، مقاصد الشريعة الإسلامية (عمان: دار النفائس، ط 2، 2001)، تحقيق محمد الطاهر الميساوي) ص 251، وسنرمز لهذه الطبعة بـ [ت م] لاحقاً.

      وانظر نفس التعريف في: الدكتور قطب مصطفى سانو، معجم مصطلحات أصول الفقه (دمشق، دار الفكر، 2000)، ص 433، حيث اختار المؤلف تعريف ابن عاشور بحرفيته، كما أنه اختار معظم التعريفات الأخرى (مقاصد، المقاصد الأصلية ـ المقاصد التبعية ـ المقاصد الجزئية ـ المقاصد الخاصة ـ المقاصد الظنية ـ المقاصد الظنية القريبة من القطع ـ المقاصد القطعية ـ المقاصد الكلية…)، من كتاب ابن عاشور حول المقاصد.

([32])   يوسف العالم، المقاصد العامة للشريعة (فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1991) ص 79. .

البداية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.