10 octobre 2005

البداية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 1968 du 10.10.2005

 archives : www.tunisnews.net


نداء تضامني مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقــوق الإنسان: إعــلام

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بيان مساندة للأستاذ محمد عبو

الإتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم: بيان مساندة لجلال الزغلامي و الهادي المثلوثي 
الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة: بيــان
شبكة الصحافة العربية: حرية الصحافة  الشرق الأوسط: 3 يمنيين

تحتجزهم الجزائر بشبهة إرهاب يدخلون في إضراب عن الطعام

الشرق الأوسط : {اتصالات } الإماراتية تتأهل لعطاء خصخصة شركة الاتصالات التونسية

إسلام أون لاين: إخوان ليبيا قلقون لإعادة محاكمة سجنائهم

غسان عمراوي: المنتدى الاجتماعي التونسي, الضرورة والفعل

خليل الرقيق :الأحكام الاطلاقية سبب انتكاساتنا المتكررة

  نصر الدين بن حديد: اليسار بين تفتيت التاريخ والسير إلى الاندثار الشيخ راشد الغنوشي: رمضان والمقاومة

سليم بوخذير: « البريك » و »شوربة الفريك » عادل لطيفي: بين ثقافة الإبداع وثقافة الإجماع في تونس 

عمر نجيب: التوازن العسكري المختل في شمال غرب افريقيا
الطيب لبيب: كذبة باول التاريخية!


Comité International Pour la Libération de Mohamed Abbou: Mohamed Abbou : Opération bouche cousue

L’ACAT- France demande la libération immédiate et inconditionnelle de Me Mohamed Abbou

Wahida Jebali: Urgent Appeal

Appel Urgent pour Ramzi Keskes

LTDH: Communiqué

AFP: Emigrés africains dans le désert: « vive préoccupation » de l’Algérie

AP: Des centaines de migrants africains « meurent en ce moment » dans le désert marocain, dénonce Kouchner Libération:  «On les a dévêtus, déchaussés et envoyés mourir, sans eau» Reuters: Italy probes report of police abuse of immigrants

Citoyen comme un autre: Proposition adressée au Dr Marzouki Kamel Chaabouni: les criminels et les tortionnaires du monde entier et leurs maîtres pourront être traduits devant la justice espagnole

 

نداء تضامني مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان

 

  نحن الموقعين على هذا النداء، وباسم منظماتنا غير الحكومية أو بصفتنا الشخصية، نعبر عن مساندتنا ووقوفنا إلى جانب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، ونطالب الحكومة التونسية بتمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس بكامل الاستقلالية ودون المساس بحق مناضلاتها ومناضليها في التعبير عن إرادتهم الحرة. كما ندعو السلطات التونسية إلى ضرورة احترام حريات التعبير والتنظيم.

   

                                                            الرباط 3 أكتوبر  2005

 

      التــواقيــــع

 

معتز الفجيري             مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان          مصر

عز الدين الأصبحي      مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان      اليمن

حسين العمري            مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان بعمان    الأردن

عبد الهادي الخواجة    مركز البحرين لحقوق الإنسان                    البحرين

القاضي إحسان            صحفي جزائري مستقل

رياض المالكي         المركز الفلسطيني لتقييم الديمقراطية وتنمية المجتمع – بانوراما

زياد ماجد                   حركة اليسار الديمقراطي                         لبنان

هدى الخطيب             الهيئات الأهلية للعمل المدني                     لبنان

دينا ملحم                      IREMAM    CNRS   

Selma Acurer           KADER – Turkey                  تركيا 

صلاح خليل                  مركز ابن خلدون                                   مصر

علي رمضان أبو زعكوك   منتدى ليبيا للتنمية البشرية والسياسية

 Rhizlaine Ben Achir         Joussour  FFM 

IBRAHIMI Fatiha               VERITE                     أمريكا

 أنطوان  بصبوص                Observatoire des pays arabes    باريس

د فوزي السمهدي    رئيس الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان المواطنة سابقا

 


الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـــوق الإنســان تونس في 01 أكتوبر2005   إعــــــلام  
نظرت الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم السبت 01/10/2005 في القضية الأصلية المرفوعة ضد الرابطة من طرف بعض المنخرطين التابعين للسلطة و بإيعاز منها و الرامية إلى طلب إبطال الدعوة للمؤتمر السادس للرابطة الذي كان مقررا انعقاده بنزل أميلكار أيام 11.10.09 سبتمبر الماضي.

و كما هو معلوم فان هؤلاء الأشخاص قاموا استنادا على هذه القضية الأصلية بتقديم قضية استعجاليه لدى نفس المحكمة طالبين تعطيل الدعوة للمؤتمر في انتظار صدور حكم بات في القضية الأصلية المتعلقة بإبطالها وقد استجابت لهم الدائرة الأستعجالية يوم 05 سبتمبر الماضي في خرق تام لمجلة الإجراءات المدنية والقانون الأساسي و النظام الداخلي للرابطة و قد قررت الهيئة الهيئة المديرة استئناف ذلك الحكم الأستعجالي.
كما انه معلوم أيضا أن السلطة تعللت بذلك الحكم الأستعجالي لمنع انعقاد مؤتمر الرابطة بمحاصرة مقرها بأعداد هائلة من اعوان الأمن و بالضغط على النزل لأبطال حجز قاعة انعقاد المؤتمر بنزل أميلكار و مكان إقامة النواب و الضيوف بنزل أخرى.
و قد قدم إعلام نيابتهم عن الرابطة بجلسة 01 أكتوبر 2005 أربعين محاميا على رأسهم العميد عبد الستار بن موسى و طلب الدفاع تأخير القضية لتقديم جوابه عن الدعوى فأخرت القضية إلى 26 نوفمبر 2005 أي بعد انعقاد القمة العالمية للمعلومات
و قد لوحظ منذ الصباح حالة حصار للمحكمة الابتدائية بتونس لمنع أعضاء الهيئة المديرة المشتكي بهم من الدخول و الحال أن الجلسة علنية كما منع بقية مسؤولي الرابطة و مناضليها من الفروع من الدخول أيضا في حين غصت قاعة المحكمة بأعوان أمن بالزى المدني.
وقد لاحظ الأستاذ المختار الطريفي لهيئة المحكمة هذا الوضع الأستثنائي و اللاقانوني و طلب منه الأذن برفعه و لكن المحكمة تجاهلت هذا الطلب.
إن هذه المحاصرة الأمنية وعدم حياد المحكمة يبين مرة أخرى زيف الدعاية الأحادية التي تنتهجها السلطة لتضليل الرأي العام في الوسائل السمعية البصرية و الصحافة المكتوبة التي تسيطر عليها بصفة شبه كلية و ذلك بالادعاء أنه لا دخل لها في الموضوع و إن الأمر يتعلق « بنزاع داخلي بين الرابطيين ».   عن الهيئـــــة المديــــرة  الرئيـــس     المختــار الطريفـــي

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح المساجين السياسيين

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف : 71.340.860 الفاكس : 71.351.831

                                                                     تونس في 08/10/2005
أبلغتنا زوجة السجين السياسي الأستاذ محمد عبو عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أن زوجها يواصل التعبير عن احتجاجاته داخل السجن من جراء المظلمة المسلطة عليه وسوء المعاملة التي يتعرض لها , و أنه و إن سبق له الدخول مرات عديدة في إضراب عن الطعام فإنه لم يكتف هذه المرة بذلك إذ نفذ إضرابا عن الطعام لمدة أربعة أيام بداية من غرة أكتوبرالى موفى يوم 4 أكتوبر2005  مضيفا الى ذلك عملية رتق (خياطة )شفتيه قصد غلق فمه و هي طريقة احتجاجية شائعة في السجون التونسية يلفت من ورائها بعض المساجين انتباه الادارة الى أنهم مصممون على تنفيذ الاضراب دون تمكينها من إخضاعهم بصورة قسرية الى فك الاضراب بإدخال مواد غذائية عن طريق الفم بعد فتحه بقوة , و هي وسيلة تمكنه كذلك من الاضراب عن الكلام لصد أي نقاش معه محاولة لاقناعه من طرف الادارة بالعدول عن الاضراب و لاثبات أن إضرابه عن الطعام هو إضراب حقيقي ليس فيه أي مجال للتمويه بتناول بعض الأطعمة سرا .
و قد بين لزوجته الغرض من هذا الاضراب الأخير بطريقة ملفتة للنظر تهدف الى  لفت نظر العالم للمآسي التي تعيشها تونس من جراء القمع و الاضطهاد  ومصادرة الحريات .
علما بأن الأستاذ محمد عبو يقضي عقوبة بسجن الكاف -إثر محاكمة لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة بإجماع كل المراقبين الحقوقيين الذين تابعوا سير القضية – من أجل نشر مقال عبر الأنترنات يقارن فيه بين سجون تونس و سجن أبو غريب العراقي .
و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين تذكر بمواقفها الثابتة و المبدئية بخصوص مساجين الرأي و تطالب بإطلاق سراحهم و هي ما فتئت تلفت نظر الرأي العام الى الممارسات القاسية التي يتعرض اليها الأستاذ محمد عبو بهدف التنكيل به .
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري

 

 
الإتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم القانونية
بــــيــان

تواصل آلة القمع التضييق على الحريات والتنكيل بكل من يتجرؤ على تجاوز الحدود التي رسمتها السلطة للكشف عن الإستبداد السياسي وفشل الخيارات الاقتصادية والمضي في سبيل التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ففي هذا الصدد ستتم محاكمة الأستاذ الهادي المثلوثي يوم الثلاثاء 11/10/2005 بتهمة كتابة مقال بالأنترنات بعنوان  » لا للتطبيع ولا للمطبعين »، أين يرفض فيه بوصفه عضوا بالهيئة المديرة لجمعية الجغرافيين التونسيين حضور وفد صهيوني للمؤتمر الجغرافيين العالمي المزمع عقده بتونس 2008 . والمعلوم وأن قرار منع دعوة هذا الوفد كان بإيعاز من الهيئة المديرة في 15/07/2004، قبل أن يتراجع رئيس الجمعية بعد ذلك.
ولن تتوقف المحاكمات عند هذا الحد، بل قامت السلطات باستدعاء الناشط اليساري جلال الزغلامي إلى حاكم التحقيق بمحكمة بن عروس وذلك بتهمة  » الاعتداء بالعنف على عون أمن ». والغريب هنا بأن ج. الزغلامي ، كان أثناء تقديم شكاية العون، في السجن، جزاء  تهم كيدية وملفقة. كما أن ج. الزغلامي لا يقطن بمنطقة بن عروس. وتمسكا منه بحرية التعبير والرفض القاطع للتطبيع وفضحا للمحاكمات المبنية على تهم واهية، يرفض طلبة الإتحاد العام لطلبة تونس بكلية العلوم القانونية، هذه المحاكمات، ويشهر بها ويدعو كافة الطلبة للوقوف ضدها.                               عن المكتب الفيدرالي للإتحاد العام لطلبة تونس (مؤتمر التصحيح)                                                                                                 الكاتب العام                                                                                             فيصل محيمدي

 
الإتحــاد العام التونسي للشغل الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة جندوبة في03 أكتوبر 2005  بيــان
إن المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة المجتمع اليوم الأثنين 03أكتوبر 2005 وبعد إطلاعه على ما أقدمت عليه قوات الامن من منع لإجتماع فرع جندوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بمنخرطيها صباح الأحد 02 أكتوبر 2005 حيث سدت كل الطرق المؤدية الى وسط المدينة ومنعت اعضاء الفرع من مغادرة مقرات إقامتهم بغار الدماء وعين دراهم وبوسالم وغلقت الأنهج المؤدية الى مقر الفرع حيث عاشت المدينة حالة فزع في صفوف مناضلي حقوق الإنسان وحتى عموم المواطنين وحيث ان ما أقدمت عليه قوات الأمن يندرج ضمن سياسة عامة تجاه مكونات المجتمع المدني المناضل تتميز بالإنتهاكات والتجاوزات لجميع الحقوق الأساسية والحريات العامة والفردية على كل المستويات فقد واصلت السلطة منعها للحق في الإجتماع والتجمع والتعبير عن الرأي والتظاهر . كما عمدت الى افتكاك مقر جمعية القضاة وتنصيب قيادة بديلة للقيادة الشرعية وضرب استقلالية قطاع المحاماة والصحافيين … وامام هذا الوضع المتسم بالتدهور الفضيع لواقع الحريات وحقوق الإنسان وانطلاقا من ثوابت الإتحاد العام التونسي للشغل في الدفاع عن الحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان فإن المكتب التنفيذي للإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة يعبر عن :
ـ عميق انشغاله للضغوطات المسلطة على الرابطة لعرقلة نشاطها ويستنكر بشدة منع الفرع الجهوي بجندوبة من عقد اجتماعه .
ـ تمسكه بشرعية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مستقلة حرة ومناضلة وديمقراطية.
ـ ادانته لكل الإنتهاكات المسجلة في مجال الحريات وحقوق الإنسان ومحاولة استهداف استقلالية المنظمات والجمعيات المستقلة وعرقلة انشطتها والتدخل في شؤونها الداخلية ( الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ جمعية القضاة ـ جمعية الصحافيين …)
دعوة السلط الى تمكين الرابطة من عقد مؤتمرها الوطني حتى تواصل رسالتها النبيلة في كنف الإستقلالية التامة .
ـ دعوة كل مكونات المجتمع المدني المناضل وفي مقدمتها الإتحاد العام التونسي للشغل للإسراع بتأسيس منتدى اجتماعي تونسي .                                                                   عن المكتب التنفيذي                                                                       الكاتب العام                                                                   مـولدي الجندوبي   
 

حرية الصحافة

 

.. وفي تونس وردت التقارير عن تدهور الحالة الصحية للصحافي السجين حمادي جبالي بعد أن قرر الإضراب عن الطعام في الخامس عشر من سبتمبر.

 

وطبقاً للتقارير فقد أخبر أحد زملاء جبالي في السجن زوجته السيدة وحيدة أن الصحافي ضعيف للغاية وأن حالته في تدهور مستمر.

 

وقد أرسلت وحيدة جبالي العديد من الالتماسات إلى الرئيس زين العابدين بن علي، ووزير العدل وحقوق الإنسان بشير التكراي، لكن التماساتها ظلت بلا مجيب. وكان جبالي رئيس تحرير جريدة الفجر سابقاً، وهي الجريدة المغلقة الآن والتي كانت تابعة لحزب النهضة الإسلامي المحظور، قد دخل السجن لأول مرة في عام 1991 بسبب مقالة كتبها تدعو إلى إلغاء المحاكم العسكرية في تونس.

 

وفي العام التالي مثل أمام محكمة عسكرية وبرفقته 279 آخرين من المتهمين بالانتماء إلى حزب النهضة، وصدر الحكم عليه بالسجن لمدة ستة عشر عاماً. ولقد خَـلُـصَت جماعات حقوق الإنسان الدولية التي راقبت المحاكمة الجماعية إلى أن إجراءات المحاكمة كانت أبعد ما تكون عن المعايير الدولية للعدالة.

 

وأيضاً فيما يتصل بتونس، فقد أصدرت « مجموعة مراقبة حرية التعبير في تونس التابعة لإيفكس » (IFEX Tunisia Monitoring Group ) تقريراً جديداً ذكرت فيه أن تونس لا تتمتع بدرجة من الاستقرار تسمح لها باستضافة القمة العالمية لمجتمع المعلومات (WSIS)، والتي من المقرر أن تنعقد في الفترة من 16 إلى 18 نوفمبر 2005.

 

ولقد كشف تقرير صدر في السادس والعشرين من سبتمبر عن تدهور خطير فيما يتصل بحرية التعبير في تونس، واستشهد التقرير بالهجمات على المنظمات المستقلة، والتحرش بالصحافيين والمنشقين، والتدخل في العملية القضائية من قِـبَـل السلطات التونسية.

 

وتؤكد النتائج التي توصلت إليها مجموعة مراقبة حرية التعبير في تونس (TMG) أن الهجمات على حرية التعبير وحرية تأسيس الجمعيات قد تصاعدت منذ شهر يناير 2005.

 

وتتألف مجموعة مراقبة حرية التعبير تونس من 14 منظمة تم تأسيسها في عام 2004 بهدف إعداد التقارير بشأن حرية التعبير في تونس.

 

ومن بين أعضاء هذه االاتحاد العالمي للصحافة (WAN)، والاتحاد الدولي للصحافيين (IFJ)، ومؤشر على الرقابة، والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان (EOHR).

 

(المصدر: الرسالة الإخبارية رقم 2/2005 لشبكة الصحافة العربية بتاريخ 10 أكتوبر 2005)


 

Mohamed Abbou : opération bouche cousue

 

 

L’avocat de la liberté Mohamed Abbou, kidnappé puis emprisonné illégalement depuis le premier mars dernier pour avoir écrit un article sur Internet, a observé une grève de la faim de quatre jours (de samedi premier octobre à mardi quatre octobre) pour protester contre son incarcération et surtout contre les agissements d’une dictature qui est en train ni plus ni moins de mettre le pays à feu et à sang. 

 

Derrière les barreaux, Maître Abbou continue à défier l’arsenal policier et judiciaire mis en place par le régime tunisien pour le faire taire et lui faire payer son audace et son amour de la liberté.

 

En effet, tout le long de ses quatre jours de grève de la faim, l’avocat de la liberté s’est cousu la bouche avec quatre « points de suture », ce qui a provoqué son évanouissement pendant l’accomplissement de ce geste hautement symbolique mais ô combien dangereux.

 

Dans une lettre adressée à ses amis et ses avocats, Mohamed Abbou expliquait son recours à ce type d’action périlleuse par sa volonté d’attirer l’attention des opinions publiques nationales et internationales au triste sort d’un peuple obligé de « la fermer » pour pouvoir manger et pour éviter les représailles d’une dictature des plus dangereuses.

 

A la vue de son mari aux lèvres tuméfiées et au visage défiguré, Samia Abbou s’est effondrée fondue en pleurs.

 

Atterré par la situation de cet « avocat de la liberté », le Comité International pour la Libération de Mohamed Abbou tient le régime tunisien pour responsable de toute atteinte à l’intégrité physique et morale du plus médiatique des prisonniers d’opinion qui se comptent par centaines.

 

Le CILMA exige la libération immédiate et inconditionnelle de Me Mohamed Abbou et appelle tous les amoureux de la liberté à se mobiliser pour vider les prisons tunisiennes de ceux qui ont réclamé la fin de la dictature et l’avènement d’une démocratie digne de la Tunisie.

 

Paris, le 07 octobre 2005

Imad Daïmi, Vincent Geisser, Chokri Hamrouni

Comité International Pour la Libération de Mohamed Abbou

 


 
A Monsieur  Bechir Takkari Ministre de la Justice Ministère de  la Justice 31 Boulevard Bab Benat 1006 Tunis – La Kasbah Tunisie Fax : 00 216 71 568 106   Le 20 octobre 2005                           Monsieur le Ministre,                 Monsieur le Ministre,                                                                                                                        Madame Samia Abbou a rendu visite jeudi dernier, 6 octobre 2005, à son mari Me Mohamed Abbou, dans sa prison. Elle a déclaré que son mari avait observé une grève de la faim du 1er au 4 octobre 2005 après avoir cousu sa bouche avec quatre points de suture, ce qui a provoqué son évanouissement pendant l’accomplissement de ce geste. Dans une lettre adressée à ses amis et ses avocats, il expliquait ce geste par sa volonté d’attirer l’attention des opinions publiques nationales et internationales au triste sort d’un peuple obligé de « la fermer » pour pouvoir manger et pour éviter les représailles.            Me Mohamed Abbou a été kidnappé puis emprisonné illégalement depuis le premier mars dernier pour avoir écrit un article sur internet. Nous dénonçons le caractère inique de son procès ainsi que ses conditions d’incarcération inhumaines.            L’ACAT-France s’incline devant le courage et la détermination de Me Mohamed Abbou pour sa défense des valeurs de liberté et de dignité.            L’ACAT- France vous demande la libération immédiate et inconditionnelle de Me Mohamed Abbou. Nous vous remercions de nous lire et nous vous prions d’agréer, Monsieur le Ministre, l‘_expression de notre plus haute considération.

Dear Sir, Madam or Miss,

 

When the wind whistles and the storm becomes precarious kids fright and cry. It is possible to observe the smile into their faces during the storm if they feel secure. It is possible to see these children knocking windows and run inside the house while the heavy rains beat their home. Security and people support are important factors that may transform fear and trepidation into power and confidence.

Yes, we do not deny that we suffered a lot during the last weeks. But we feel strong now because we find “YOU” next to us. We thank our god who gave us the chance to contact you.

 

Dear Sir, Madam or Miss, we heard that “Red Cross” visited Hamadi three times during the last week and they are looking forward to help him. This is good news that we want to share all together. Our goal is making the others feel what we are living every day. We suffered for a long time. We and many others in this land are living in very bad situation. Law enforcement and police disturb us usually. They prohibited passport for our families.

My husband tasted all kind of pains and tortures in his prison. He lived in a 2m x 3m room in jail of Bisert and Sfax for 14 years. He made 3 hunger strikes to let the people outside hearing his voice.

Because of an article my husband is paying the facture from his age. It is 15 years now, and who knows how much left.

 

Please Sir, Madam or Sir, keep supporting us and stay next to my family. We really figured out what you are doing. We need to stand up in front of the government face and ask them to liberate my husband and let us live like any human in the world. We didn’t ask these people for any things we are just asking for tranquillity.

 

Hamadi still disappeared and no one of us knows where he is now. One of his colleagues in jail told us that “Red Cross” visited him last week but who knows what happened before. For the “N” times I am asking you to stay with us and to keep helping us.

 

I will visit him next week and I will inform you as every time about the last news.

 

Sir, Madam or Miss, would you please accept my deepest respect and appreciation.

 

Best Regards

Wahida Jebali

wahida_hamadi@yahoo.fr


Appel Urgent pour Ramzi Keskes

   

Ramzi Keskes, un jeune Tunisien, est depuis le 30 septembre au centre de rétention du Mesnil-Amelot, près de l’aéroport de Roissy-Charles de Gaulle. Il pourrait bien être renvoyé incessamment en Tunisie. En effet, en France depuis 1996, Ramzi Keskes a déposé en 2004 une demande d’asile qui a été rejetée par l’Office Français pour La Protection des Réfugiés et Apatrides (OFPRA), rejet confirmé par la Commission des Recours des Réfugiés (CRR) en 2005, mais la décision de la CRR n’est jamais parvenue à l’intéressé. Arrêté sans titre de séjour dans l’Essonne le 28 septembre dernier, Ramzi Keskes a reçu un Arrêté Préfectoral de Reconduite à la Frontière le 30 du même mois. Du centre de rétention, il a sollicité le réexamen de sa demande d’asile, demande que l’OFPRA est libre d’accepter et de refuser. Et quand bien même l’OFPRA consentirait à réexaminer le dossier, cette décision n’aurait pas de caractère suspensif. La décision finale revient donc à la Préfecture de l’Essonne. Ramzi Keskes n’a pas de passeport : dimanche 9 octobre, le consul de Tunisie s’est déplacé au centre du Mesnil Amelot à des fins d’identification pour délivrer un laisser passer sans lequel la police française ne peut l’embarquer à bord d’un avion. Lors de sa visite, le Consul de Tunisie s’est laissé aller à des propos qui ne laissent planer aucune ambiguïté sur ce qui attend Ramzi Keskes en cas de renvoi. Le laisser passer peut être délivré d’une minute à l’autre. Il y a urgence à intervenir pour que Ramzi Keskes ne soit jamais renvoyé en Tunisie. Luiza Toscane   Suggestions  d’action :   Téléphoner à Ramzi Keskes : numéro des cabines du centre : 01 49 47 02 40, 01 49 47 02 44, 01 49 47 02 45   Ecrire au Préfet de l’Essonne Proposition de lettre :   « Monsieur le Préfet   J’ai appris que Monsieur Ramzi Keskes, un débouté du droit d’asile de nationalité tunisienne, avait été arrêté sans titre de séjour le 28  septembre dernier dans votre département et qu’un arrêté de reconduite à la frontière avait été pris à son encontre. Du centre de rétention du Mesnil Amelot, il a sollicité le réexamen de sa demande d’asile. Je n’ignore pas que cette procédure n’a pas de caractère suspensif de la mesure de renvoi. Toutefois, il me paraît important que l’intéressé puisse être entendu sur les menaces qui pèsent sur lui en cas de retour en Tunisie. Considérant que la France a ratifié la Convention sur la Torture dont l’article 3 proscrit aux Etats parties de renvoyer une personne vers un Etat qui pratique la torture, je vous demande de surseoir à toute mesure de renvoi de monsieur Keskes vers la Tunisie, où la pratique de la torture est systématique. Il ne s’agit pas d’ une hypothèse : plusieurs Tunisiens qui avaient demandé l’asile dans des pays européens et ont été renvoyés suite au rejet de leur demande,  ont été dès leur arrivée en Tunisie arrêtés, torturés et emprisonnés pour de longues années. Je vous prie de recevoir, monsieur le Préfet, l’assurance de ma haute considération. »   Fax de la préfecture : 01 64 97 00 23 (adresser au chef du service de l’éloignement des étrangers)


Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme   Tunis le 3 octobre 2005   COMMUNIQUE (traduit de l’arabe)  
               Plusieurs villes tunisiennes ont vécu, hier, dimanche, une autre journée de répression, journées qui se succèdent d’une manière terrifiante depuis que les autorités ont déclenché leur dernière offensive contre la Ligue Tunisienne des Droits de l’Homme. Effectivement, les services de sécurité ont intensifié leurs agressions contre les défenseurs (es) des droits humains et les militants (es) de la LTDH, agressions perpétrées à Bizerte, Mateur, Jendouba, Monastir, Kairouan, Sfax, Gafsa, Nafta et Kélibia à l’occasion des réunions d’information que les Comités des Sections ont convoquées dans leurs locaux. Rappelons que les forces de l’ordre empêchent, depuis trois semaines, la tenue des réunions ou même l’accès aux locaux, elles ont, par ailleurs, sauvagement agressé Mr Mohamed Attia, Président de la Section de Mahdia qui a été hospitalisé la nuit du 19 septembre 2005 dans un état critique. Elles ont, en plus , empêché les Comités de Sections à tenir leurs réunions obstruant toutes les issues des locaux, posant de véritables barrages à l’entrée des villes comme à Monastir et Jendouba. Des défenseurs ont même été assiégés à leurs domiciles et interdits de les quitter.                  A Kairouan, les forces de l’ordre menés par le chef de la brigade des renseignements (Irchad) ont agressé avec une extrême sauvagerie Mr Massaoud Romdhani, Président de la Section mettant ses vêtements en lambeaux et proférant à son encontre insultes et menaces.. Elles ont également agressé Mr Tawfik Guaddah, Secrétaire général de la Section, Mme Zakia Dhifaoui et Mrs Makki Ayadi et Mouldi Romdhani ainsi que des syndicalistes dont Mrs Naceur Ajili, Abdellaziz Sebri et Fathi Letaief, secrétaires généraux adjoints de l’Union Régionale du Travail à Kairouan. Mr Massaoud Romdhani et Mme Zakia Dhifaoui ont été  amené au poste de police et ont été menacés de fabriquer une affaire contre eux.                  A Mateur, Mr Mohamed Salah Nehdi, Président de la Section et les membres du Comité, Mrs Chadhli Maghraoui, Abderrahmane Marsani et Fethi Maghraoui ont été l’objet d’agressions multiples. La police a refusé d’enregistrer leur plainte.                  A Nafta, le Président de la section, Mr Chokri Dhouibi a été violemment bousculé et jeté par terre ; les agents de l’ordre ont empêché tout le monde de s’attabler aux cafés.                  A Jendouba, le local de la section a été mis sous état de siège. Les membres du comité de la section et les militants venant d’autres régions ont été interceptés à l’entrée de la ville, mais ces mesures n’ont pas empêché certains défenseurs et militants de s’attrouper en grand nombre devant le local de la Section et de tenir une assemblée générale en pleine rue. Mr Mouldi Jendoubi, Secrétaire Général de la Section (et Secrétaire Général de l’Union Régionale du Travail) a pris la parole pour mettre en garde les autorités contre les risques de tels actes appelant les militants (es) à protéger leur organisation.                  Toutes les villes où des réunions devaient se tenir ont été assiégés par d’impressionnants dispositifs de sécurité alors que se poursuit le blocus de tous les locaux des Sections de la Ligue et l’interdiction aux membres des Comités d’y accéder. Le Comité Directeur exprime sa solidarité avec tous (tes) les militants(es) agressés(es), dénonce avec la plus grande fermeté la répression des militants(es) et se lève avec force contre la violation de leur droit de réunion pacifique et leur droit de circulation, condition minimale de l’exercice de la citoyenneté.                               Le Comité appelle toutes les organisations, les partis, les associations et les personnalités nationales à dénoncer les agressions qui ont visé les défenseurs dans différentes régions et à clamer leur refus de cette voie suivie par les autorités avec l’objectif de mettre à genou la Ligue, la paralyser et l’empêcher de tenir son 6ème Congrès National sous couvert d’allégations dont les agressions, le harcèlement et les filatures ont dévoilés l’aspect fallacieux. Le Comité les appelle à soutenir davantage l’action associative indépendante. Le Comité affirme l’abnégation des militants(es) de la Ligue à défendre leur droit de réunion et du libre exercice pour la défense des droits humains et l’indépendance de leur association.                                                                                            Pour le Comité Directeur                                                                                         Le Président de la Ligue                                                                                                   Mokhtar Trifi
 

Emigrés africains dans le désert: « vive préoccupation » de l’Algérie

 

AFP, le 09.10.2005 à 18h24

                      ALGER, 9 oct (AFP) – L’Algérie suit « avec une vive  préoccupation » la situation dramatique de centaines d’émigrés  africains livrés à leur sort dans la région, notamment près des  enclaves espagnoles de Ceuta et Melilla (nord du Maroc), a déclaré  dimanche une source du ministère des Affaires Etrangères.

                      « Les développements dramatiques que vivent depuis des semaines  des centaines de ressortissants de pays frères d’Afrique  sub-saharienne en situation irrégulière, notamment autour des  enclaves de Ceuta et Melilla, sont suivis avec une vive  préoccupation par les autorités algériennes », a indiqué cette  source, citée par l’agence de presse algérienne APS.

                      Des centaines d’immigrants clandestins ont été abandonnés à leur  sort dans le désert marocain, dans la région de El Aouina-Souatar  (600 km au sud de Oujdah), près de la frontière algérienne, après  avoir été expulsés des abords des enclaves espagnoles de Ceuta et  Melilla (nord du Maroc), où ils souhaitaient pénétrer pour y trouver  asile.

                      « Ce phénomène chronique qui a pris des proportions tragiques par  la mort de plusieurs personnes interpelle l’ensemble des Etats et  organisations internationales concernés par les drames humains posés  par l’immigration clandestine », a ajouté cette source, soulignant la  nécessité d' »une coopération internationale efficace » en la  matière.

                       « Cette situation grave souligne la nécessité d’une action  collective et résolue pour faire face à ce problème tant dans ses  manifestations immédiates que dans ses causes », ajoute-t-elle,  soulignant que « la lutte contre l’immigration illégale ne saurait  être limitée à des opérations ponctuelles de police ».

                        L’Algérie « tient à réitérer sa disponibilité à continuer à  apporter sa contribution à la résolution de ce dramatique problème  humain » et appelle à « harmoniser et à conjuguer les efforts face à  ce grand défi », conclut cette source, rappelant qu’Alger avait déjà  présenté une initiative en ce sens dans le cadre du Groupe des  « 5+5.

                      Le dialogue dit des « 5+5 » regroupe les cinq pays maghrébins  (Algérie, Libye, Maroc, Mauritanie et Tunisie) et cinq pays de la  rive sud de la Méditerranée (Espagne, France, Italie, Malte et  Portugal).

                      Les « 5+5 » avaient convenu, lors d’une conférence ministérielle à  Alger en septembre 2004, que la coopération et le partenariat  constituaient les moyens efficaces pour lutter contre l’immigration  illégale.

 

AFP              

 


Des centaines de migrants africains « meurent en ce moment » dans le désert marocain, dénonce Kouchner

                     

Associated Press, le 10.10.2005 à 10h26

                      PARIS (AP) — Des « centaines » de migrants africains ont été chassés par les autorités marocaines et « meurent en ce moment pour trouver de l’eau dans le désert », s’est indigné lundi Bernard Kouchner, l’un des fondateurs de l’organisation Médecins sans frontières.

 

                      « Ca fait mal au coeur de penser que (…) les gens meurent pour en ce moment trouver de l’eau dans le désert », a affirmé Bernard Kouchner, sur Europe-1. « Médecins sans frontières les a vus. Il y a des centaines de gens qui ont été chassés et qui n’ont rien à manger. »

 

                      L’ancien ministre socialiste a expliqué que les migrants africains qui tentaient de rejoindre les enclaves espagnoles de Ceuta et Melilla au Maroc avaient « sacrifié tout leur avoir pour les passeurs et voulaient arriver chez nous pour travailler ».

 

                      Il a ajouté qu’il y avait « des boat-people en Méditerranée tous les jours » et que beaucoup perdaient la vie dans leur tentative de rejoindre l’Europe. Il y aura « sans doute 4.000 morts au fond de la mer pour cette année », a-t-il déploré. « On ne va pas se contenter de les laisser mourir quand même! »

 

                      Face à cette situation, Bernard Kouchner juge que « l’Union européenne se défend d’une manière dépassée » face à l’arrivée de migrants clandestins. « Fermer la porte ne sert à rien: on passe par la fenêtre, on casse la porte », a-t-il dit; « nous ne parviendrons pas à arrêter des gens qui viennent chez nous pour survivre ».

 

                      Selon lui, l’Europe devrait plutôt « consacrer beaucoup plus d’argent, d’intelligence politique, de soutien moral et sentimental au déséquilibre du monde » et travailler à des projets de développement. « Il faut véritablement (…) travailler avec eux à équilibrer le monde », a-t-il souhaité.

 

                      Vendredi, Médecins sans frontières (MSF) a accusé Rabat d’avoir abandonné dans le désert au moins 400 Africains capturés près de Melilla, sur la côte nord du Maroc.

 


Chassés de Ceuta et Melilla, des émigrants ont été lâchés en plein désert au Maroc.

«On les a dévêtus, déchaussés et envoyés mourir, sans eau»

Par José GARCON lundi 10 octobre 2005 Personne n’y croyait vraiment avant qu’une équipe de MSF (Médecins sans frontières) ne repère au moins 500 clandestins en plein désert, non loin de la frontière maroco-algérienne. Comment se sont-ils retrouvés là, livrés à eux-mêmes ? Il y a d’abord eu les Espagnols qui les ont expulsés ­ illégalement ­ de Ceuta et Melilla, il y a un peu plus d’une semaine, en leur criant : «Puto negro, puto negro !» (putain de nègre). Les forces de sécurité marocaines les ont ensuite raflés aux abords de ces deux enclaves, mais aussi dans d’autres villes du royaume, et, transportés de nuit dans treize autobus, elles les ont abandonnés dans le désert. Sans eau ni nourriture, souvent blessés, écorchés en tentant de passer les doubles barrières métalliques hérissées de barbelés séparant le nord du Maroc des enclaves de Melilla et Ceuta. «Il y avait parmi nous des femmes et des enfants. Quand on a vu qu’ils nous débarquaient, on a résisté et on leur a dit : « Vous ne pouvez pas nous abandonner ici à une mort certaine. » On a essayé de bloquer leurs bus. Ils nous ont frappés et ils sont repartis. Ensuite, on a marché vers la frontière, mais les Algériens nous attendaient, les armes braquées sur nous», a raconté l’un d’eux. A bout de résistance, certains disent désormais : «On veut juste rentrer chez nous !»
Localisés. Au total, et selon une ONG espagnole, SOS-Racismo, ce sont quelque 2 400 émigrés africains qui ont ainsi été convoyés aux confins sud du désert marocain par les forces de l’ordre du royaume depuis la fin de la semaine dernière. Hier, un millier d’entre eux seulement avaient été localisés. Et deux diplomates guinéens recherchaient 70 compatriotes qui n’avaient laissé, dans la ville de Bouarfa, au Maroc, que des chaussures, des vêtements et des bouteilles d’eau éparpillés. «On les a dévêtus, déchaussés, et on les a envoyés mourir, sans eau», enrage l’un des diplomates.
Des camions militaires seraient toutefois allés rechercher, samedi soir, ces clandestins dont certains avaient trouvé refuge dans des villages, pour les ramener à Bouarfa. Toutes les nationalités ne sont cependant pas logées à la même enseigne. Le Mali et le Sénégal ont ainsi négocié avec Rabat le rapatriement par avion de leurs ressortissants. Selon MSF, les clandestins ont été séparés en trois groupes : les Sénégalais, les Maliens et les autres. Du coup, les diplomates guinéens ont assisté, hier, impuissants, au départ de Bouarfa de quatre bus remplis d’émigrants, menottés les uns aux autres.
Scandale. Les Africains présents à Melilla ne craignent donc plus qu’une chose : être refoulés vers le Maroc, puis convoyés dans le désert frontalier avec l’Algérie. Face au scandale, l’Espagne va-t-elle mettre fin aux expulsions de ceux qui ont réussi, après des années de tribulations à travers le continent, à s’infiltrer dans Ceuta et Melilla ? Un groupe de 140 émigrants devait en tout cas être évacué, hier, de Melilla vers des centres d’hébergement de la Péninsule.
De son côté, Rabat, qui a renforcé son dispositif de surveillance depuis l’offensive des 800 Africains, le 6 octobre, répète que «l’Europe ne peut pas se décharger sur le Maroc, lui-même victime de ces flux migratoires». Et son ministre de l’Intérieur, Mustafa Sahel, réclame une «aide substantielle, un vrai plan Marshall pour l’Afrique subsaharienne, afin de lutter contre l’immigration illégale à la source». Le chef de la diplomatie espagnole, Miguel Angel Moratinos, est en tout cas attendu aujourd’hui à Rabat, où devrait être conclu un accord demandant la «mobilisation urgente» des humanitaires internationaux pour aider les clandestins. En attendant, des sources militaires marocaines affirment que l’armée va ériger un mur et creuser un fossé autour d’une partie de Melilla pour dissuader les émigrants africains de s’y infiltrer. Quant aux expulsions, les Marocains affirment qu’elles se feront «dorénavant plus au sud, dans le désert, à 300 km au moins d’Oujda, vers Bouarfa». Et de préciser : «Il faut bien les renvoyer par cette voie puisque les Algériens ne font pas leur boulot de contrôle et aussi pour que les Subsahariens sachent que c’est désormais ardu d’entrer au Maroc.»
Contrôles. L’Algérie ­ qui peut fermer les yeux sur le passage par son territoire afin de mettre en difficulté le rival marocain et surtout compliquer ses relations avec l’Espagne ­ a déclaré, hier, suivre la situation «avec une vive préoccupation». Assurant qu’elle renforçait ses contrôles, elle précisait avoir pour cela besoin de l’appui de l’UE. Mais elle ne soufflait mot du sort des centaines d’Africains qui se trouvaient toujours, ce week-end, dans le désert à sa frontière avec le Maroc. Dans le plus grand dénuement.


Italy probes report of police abuse of immigrants

By Crispian Balmer

 

Reuters, le 09.10.2005 à 18h37

                      ROME, Oct 9 (Reuters) – Italian magistrates have opened an investigation into allegations by an undercover reporter that police abused and humiliated illegal immigrants at a detention centre on a Mediterranean island.

                      Journalist Fabrizio Gatti published his shocking account of the Lampedusa holding centre in the left-leaning magazine L’espresso, which came out on Friday.

                      Magistrates decided at the weekend to look into the claims and the Interior Ministry announced its chief immigration official, Alessandro Pansa, would review the Lampedusa centre.

                      Gatti disguised himself as a Kurdish refugee in late September and pretended that he had washed up on Lampedusa, a tiny island some 115 miles (185 km) from Tunisia that draws thousands of illegal immigrants every year.

                      He was soon picked up and taken to the detention centre, which is off bounds for journalists and has been described as « squalid » by the U.N. refugee agency, UNHCR. Photographs in L’espresso show him peering out of the barbed-wire compound.

                      Gatti said he spent the next seven days in the centre and described how some new arrivals were forced to strip naked by military police (carabinieri) who then slapped them.

                      « Four carabinieri each land four slaps to the head. Finally the sergeant arrives at midday imitating Mussolini. But he doesn’t reprove anyone. ‘Does this bother you?’ he asks a colleague dressed in civilian clothes. He fires a punch into the sternum of (a) thin immigrant, » the report says.

                      The Italian government has always maintained that immigrants at the centre were treated humanely and Justice Minister Roberto Castelli accused Gatti of inventing his story.

                      « I think the news has been exaggerated by the left-wing press which habitually lies, » Castelli was quoted as saying by Ansa news agency.

                      The prosecutor in the Sicilian city of Agrigento, which oversees affairs in Lampedusa, ordered the police and carabinieri to investigate both the way the detention centre is run and the specific accusations of violence.

                      Gatti said one guard showed detainees pornography downloaded onto his mobile phone. When one Muslim man tried to avert his gaze, the guard pulled his hands from his eyes, saying: « Look, that’s the way to learn. »

                      The reporter goes on to describe appalling sanitary conditions, with broken showers, blocked sinks, sewage on the floor, no doors on the lavatories and no lavatory paper. « You have to use your hands, » Gatti says.

                      After seven days, he says he was suddenly transferred to Agrigento where he was handed some documents, two bread rolls and a bottle of water. He was then taken to a railway station and told: « You have five days to leave Italy. You are free. » 

 

REUTERS


 

Proposition adressée au Dr Marzouki

Cher Dr Marzouki,

Le bilan que vous avez dressé de la situation politique en Tunisie est des plus judicieux et votre plan d’action me semble tout à fait approprié. Néanmoins, il me semble que l’opposition doit mériter la confiance du peuple en faisant tout d’abord la preuve de son sens démocratique et le sens de la responsabilité, aussi je vous propose comme étape ultime de la démarche que vous proposez de procéder à:

L’ELECTION d’un interlocuteur issu d’élection libre et démocratique au sein CND avec un programme bien défini, des obligations et des prérogatives en somme un cahier de charge à respecter. Lequel responsable formera un Gouvernement Alternatif à l’image du Shadow Cabinet en Angleterre.

Le responsable (ou Président) élu parmi les militants de l’opposition démocratique n’aura qu’un seul mandat d’une année non renouvelable.

         Il est l’interlocuteur auprès des instances nationales et internationales

         Il est chargé de mettre en application les décisions prises à la majorité du conseil des ministres.

         Il est le coordinateur entre les formations politiques

         Il rendra compte auprès du même Conseil de toutes les missions qui lui sont confiées

         Il nommera un gouvernement réduit aux organes fondamentaux de l’Etat (Justice, Intérieur, Affaires étrangères, économie et finance, affaires sociales et Droits de l’homme)

         Il jouit d’une seule voix au même titre que les membres du gouvernement.

Le Gouvernement :

Les membres du gouvernement sont nommés à l’issue d’élections internes dans les différentes formations politiques de l’opposition démocratique. Chaque formation présentera les deux élus ayant totalisé le plus grand nombre de voix dans leur formation respective. Le président nommera le premier élu dans la fonction qu’il compte lui attribuer et le deuxième sera le suppléant qui siège au conseil mais ne prend pas part au vote des décisions au sein du conseil des ministres. Le suppléant succédera au premier élu en cas de vacation pour des raisons multiples (démission, maladie, décès,…) dans la limite du même mandat.

Le membre élu siège pendant 1 année au sein du gouvernement suite à la nomination du président. Le membre élu au conseil peut se représenter une deuxième et dernière fois aux élections au sein de sa formation politique et peut donc siéger une deuxième et dernière année au sein du gouvernement s’il est élu à nouveau au sein de sa formation.

Le Conseil des ministres : le Conseil prend les décisions à la majorité des membres élus et siège deux fois par mois et toutes les fois que le Président le jugera nécessaire.

Chaque membre chargé d’un ministère rendra compte de ses activités auprès du Conseil une fois par mois selon calendrier, et appliquera les décisions prises au sein du conseil à la majorité.

Les détails juridiques de ce gouvernement peuvent être élaborés ultérieurement à condition que l’idée puisse recueillir l’aval des formations politiques démocratiques.

Bien à vous.

Citoyen comme un autre.


UNE BONNE NOUVELLE : 

LES CRIMINELS ET LES TORTIONNAIRES DU MONDE ENTIER ET LEURS MAÎTRES POURRONT ÊTRE TRADUITS DEVANT LA JUSTICE ESPAGNOLE

Kamel ben Tahar CHAABOUNI

La justice espagnole a affirmé, mercredi 5 octobre 2005, sa compétence pour juger les génocides et crimes contre l’humanité commis hors d’Espagne, quelle que soit la nationalité des victimes et celle des auteurs de ces crimes.

 

Faisant droit à une série de plaintes déposées devant les tribunaux espagnols par le prix Nobel de la paix 1992, Rigoberta Menchu, pour des crimes commis au Guatemala,  le Tribunal Constitutionnel espagnol a établi que le principe de « compétence universelle » qui fait obligation aux Etats de poursuivre les auteurs de crimes contre l’humanité quelle que soit leur nationalité ou celle de leurs victimes, prime sur « l’existence ou non d’intérêts nationaux ». (Voir Le Monde du 7 octobre 2005, p. 2).

 

Une bonne nouvelle pour toutes les victimes d’assassinats, de torture, des sévices de tout genre, des violations des droits humains commis par les chiens tortionnaires et/ou par leurs maîtres, qui sont personnellement responsables de tels crimes ignobles, vue leurs fonctions et dont  ils ne peuvent, au moins en ignorer l’existence, s’ils n’en ont pas donné en personne l’ordre express.

 

Un grand merci à l’Espagne, à sa justice et à son Altesse Royale Juan Carlos, dont l’intelligence a pu et su transformer le peuple espagnol d’un peuple farouchement républicain en un peuple très attachée à sa monarchie démocratique. Comme quoi monarchie ne rime pas avec dictature et république avec démocratie. Que vive la monarchie et la démocratie !!!

 

A BON ENTENDEUR SALUT !!!!


AU NOM D’ALLAH

 LE TOUT MISERICORDIEUX, LE TRÈS MISERICORDIEUX

 

PARTI ISLAMI TUNISIEN

 

TAIEB SMATI

tunisian_islamic_party@yahoo.fr

partislami@yahoo.fr

www.partislami.org

Mobile : 21 840 725

 

BEN ALI YEZZI … BEN ALI FOC

 

LA SOCIETE « SETCAR »

ABUSE DES DROITS DE SES OUVRIERS

 

La classe laborieuse tunisienne vit depuis l’avènement du 7 novembre 1987 dans l’oppression, l’iniquité, la souffrance, la suffocation et certains de nos ouvriers vivent dans un état d’esclavage réel.

La politique de l’emploi et les textes juridiques régissant les rapports entre employeurs et employés ne servent que les intérêts des capitalistes arrivistes.

les ouvriers ne disposent que d’un seul recours celui de le grève ou du sit in , alors que le régime politique aux ramifications tyranniques continue sa fuite en avant, occupé à voler nos richesse et ceux de la classe laborieuse, occupé à construire ses châteaux, ceux de ses enfants et ceux de ses maîtresses, se soucie très peu ou pas du tout des pauvres employés soutiens de famille faisant recours à la grève pour pouvoir soutirer leurs salaires ou primes légales à des patrons sans foi ni loi.

 

Des centaines d’ouvriers de la société SETCAR à Ezzahra avaient organisé à plusieurs reprises et depuis plus d’un an des grèves afin de ramener leur patron à la raison et leur accorder leurs droits. Devant un refus catégorique et une fin de non recevoir, les ouvriers entament depuis environ une semaine un sit in pacifique au siége de leur société exigeant entre autre :

 

-la prime de rendement des années précédentes.

-des salaires conformes au smig

-mettre fin aux renvois abusifs

-mettre fin aux vexations dont ils font l’objet lors de l’accomplissement de

   leur devoir

-des conditions de travail humaines

 

Le PARTI ISLAMI TUNISIEN affirme que le régime politique tunisien, par sa politique hasardeuse et irresponsable, favorise depuis l’avènement du changement catastrophique du 7/11 l’émergence d’une génération d’hommes d’affaires, industriel et commerçants « affairistes », arrivistes, profiteurs et repressionnistes offrants des sommes d’argent faramineuses lors des élections présidentielles, législatives et autres afin de disposer de faveurs et couvertures des représentant du régime politique, ainsi que de textes juridiques profitant aux employeurs  aux dépend des employés.

 

Le PARTI ISLAMI TUNISIEN maintien encore et maintiendra toujours sa demande de démission du régime politique tunisien en bloc, le président, le gouvernement, les députés et le parti au pouvoir

 

49 ans d’obscurantisme, de dictature, d’opportunisme,

 YEZZI, FOC !

 

Pour ce faire, notre   PARTI ISLAMI TUNISIEN mobilisera tous nos honorables citoyens imbus de valeures patriotiques et convaincus de l’impossibilité de cœxistence avec un régime politique archaïque, militaire et des plus corrompu.

 

Dieu merci, nous assistons maintenant à un réel éveil de la société civile qui commence, enfin, à réclamer, ce dont nous réclamions depuis 5 ans, la chute du régime politique tout entier et délaisse ses demandes de réformes politiques.

 

TAIEB SMATI

SECRETAIRE GENERAL

FONDATEUR

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

الحزب الإسلامي التونسي

TAIEB SMATI

tunisian_islamic_party@yahoo.fr

partislami@yahoo.fr

www.partislami.org

Mobile : 21 840 725

 

بــن علـي يــزي… بــن علــي فـك

 

شركة ستكار

تعبث بحقوق العمال

 

في ضل الظلم و القهر و حالة الاختناق الذي يعيشه الشعب التونسي وخاصة الطبقة الشغيلة جراء سياسة رسمية ارتجالية فاشلة تتمثل خاصة في سن قوانين شغل لا تخدم إلا مصالح أزلام النظام السياسي الوصوليين، تتضاعف معانات العمال في كل إرجاء الوطن الجريح و تتضاعف معها الإضرابات و الاحتلال الاضرابي السلمي في كامل تراب الجمهورية، و يتمادى النظام السياسي الدكتاتوري في الهروب إلى الأمام متجاهلا حقوق العمال و منشغلا بسرقة ثرواته و نهبها من اجل بناء قصوره و قصور أبنائه و خليلاته.

 

مآت العمال من  شركة  صنع الحافلات( ستكار) يقومون منذ أكثر من سنة بإضرابات متتالية من اجل المطالبة بحقوقهم المغتصبة، اضطروا منذ أسبوع  للقيام باحتلال إضرابي سلمي غير محدد بمؤسستهم المتواجدة على الطريق الرئيسية بالزهراء من اجل الحصول على مطالبهم المشروعة المتمثلة خاصة في :

-منحة الإنتاج للسنين الماضية

-رواتب متطابقة للأجر الأدنى

-الكف عن ممارسة الطرد التعسفي

-الكف عن المضايقات أثناء قيام العمال بواجباتهم

-ظروف عمل إنسانية

 

يتعاطف الحزب الإسلامي التونسي مع كل العمال و يؤكد أن النظام السياسي التونسي الدكتاتوري هو الذي أنتج رجال أعمال و صناعيين و تجار وصوليين انتهازيين يقدمون المال الوفير عند الانتخابات الرئاسية و البرلمانية و غيرها ليحضوا بمحاباة و مراعاة و امتيازات و تغطية عند عبثهم بحقوق العمال و حرمانهم من ابسطها إضافة إلى سن قوانين شغل تخدم مصالح الأعراف و لا تؤمن ابسط حقوق عمال أرباب عائلات.

 

يطالب الحزب الإسلامي التونسي المنظمة الشغيلة و رموز النظام السياسي بالكف عن سرقة أموال العمال و تمكين المضربين منهم من رواتبهم كاملة و الحال أن مصاريف  العودة المدرسية و شهر رمضان و العيد ضخمة جدا.

 

49 سنة من الظلم و الدكتاتورية و الانتهازية

يزي…فك

 

يستمر الحزب الإسلامي التونسي بالمطالبة بإسقاط النظام السياسي برمته، رئيسا و حكومة و نوابا و حزبا حاكما و يعمل حزبنا على تجنيد رجال و نساء أفاضل يؤمنون بان لا أمل في التعايش مع النظام السياسي التونسي الدكتاتوري  و لا حل غير العمل على التخلص منه.

نحمد الله و نشكره أن نية المجتمع المدني تتجه اليوم للعمل على التخلص من هذا النظام السياسي برمته و لم يعد أحدا يطالب بإصلاحات.

 

و السلام

الطيب السماتي

الأمين العام المؤسس


احتجاجاً على طول فترة حبسهم احتياطياً

3 يمنيين تحتجزهم الجزائر بشبهة إرهاب يدخلون في إضراب عن الطعام

 

الجزائر: بوعلام غمراسة

 

أفادت مصادر أمنية بأن ثلاثة يمنيين تحتجزهم السلطات الجزائرية للاشتباه في انتمائهم إلى تنظيم «القاعدة»، قرروا الدخول في اضراب عن الطعام منذ السبت الماضي، احتجاجاً على «مماطلة القضاء» في معالجة قضيتهم.

 

ويقبع المعتقلون الثلاثة في سجن عنابة (600 كلم شرق العاصمة) منذ يونيو (حزيران) الماضي، عندما اعتقلتهم قوات الأمن رفقة ثلاثة آخرين يتحدرون من نفس البلد، كلهم قدموا إلى الجزائر بغرض الدراسة في الجامعة. وقد أفرجت سلطات الأمن عن ثلاثة منهم لعدم ثبوت تهمة «السعي لإقامة خلية تابعة للقاعدة» ضدهم، وقررت الإبقاء على الثلاثة الآخرين.

 

ونقلت عائلات المعتقلين عنهم قولهم إن الإضراب المفتوح الذي بدأوه هو «آخر طريق اهتدينا إليه لإشعار وسائل الإعلام والرأي العام بطول مدة انتظار فصل القضاء في القضية». وأشار المضربون أيضا إلى «تخلي سفارتنا عنا». وينفي هؤلاء أي علاقة لهم بـ«القاعدة».

 

ويحدد قانون العقوبات الجزائري، فترة الحبس الاحتياطي، أو «الحجز تحت النظر» بحسب التسمية القانونية، بـ 45 يوما، قابلة للتمديد إذا قدّر قاضي التحقيق أن عناصر التحقيق لم تكتمل. وتقول مصادر قضائية إن احتجاج المعتقلين غير قانوني، على أساس أن الآجال القانونية للتحقيق معهم لم تستنفد.

 

وذكرت مصادر مطلعة على الملف لـ«الشرق الأوسط»، أن طول فترة التحقيق تعود إلى تحريات تجريها سلطات الأمن بشأن صلات يحتمل أن يكون الطلبة اليمنيون الموقوفون قد اقاموها مع 10 تونسيين اعتقلتهم مصالح الأمن في ابريل (نيسان) الماضي في عنابة والجزائر العاصمة. وقد اعترف التونسيون بأنهم دخلوا الجزائر عبر الحدود التونسية «لدعم الجهاد»، وأقروا بأنهم كانوا يستعدون للالتحاق بصفوف «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» المرتبطة بتنظيم أسامة بن لادن.

 

وتستند أجهزة الأمن في توجيه تهمة «الانتماء للقاعدة» إلى الرعايا اليمنيين، على اتصالات هاتفية كانوا يجرونها مع نشطاء أصوليين في اليمن والسعودية ومصر وباكستان وسورية، لكنها لم تكشف عن مضمون هذه الاتصالات التي استمرت سنوات. وعثرت قوات الامن عندما اعتقلتهم في بيوتهم على شهادات جامعية مزورة وأختاما يعتقد أنهم درجوا على استعمالها لتزوير وثائق تسمح بدخول أجانب إلى الجزائر.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 8 أكتوبر 2005)

 

 

{اتصالات } الإماراتية تتأهل لعطاء خصخصة شركة الاتصالات التونسية

أبوظبي: «الشرق الأوسط»

 

أعلنت مؤسسة الإمارات للاتصالات، أمس، عن نجاحها في التأهل المبدئي للمشاركة في عطاء بيع 35% من أسهم شركة الاتصالات التونسية المملوكة بالكامل للحكومة، وقد تم اختيار «اتصالات» إلى جانب 12 من أكبر مزودي خدمات الاتصالات في العالم.

 

وينتظر أن تصدر الحكومة التونسية مذكرة معلوماتية ووثيقة عطاء في غضون أسبوع من إعلان أسماء الشركات المؤهلة للمزاد.

 

وقال محمد حسن عمران، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للاتصالات، ان المؤسسة تعتزم تكوين تحالف للمشاركة في هذا العطاء، وكذلك الاستعانة باستشاريين متخصصين للمشاركة في عملية التقييم المطلوبة والمزمع الانتهاء منها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

 

ويتوقع أن تجري عملية العطاء النهائية في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2005، على أن يتم الإعلان عن التواريخ والإجراءات النهائية في وقت لاحق.

 

(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 9 أكتوبر 2005)


إخوان ليبيا قلقون لإعادة محاكمة سجنائهم

أحمد فتحي- إسلام أون لاين.نت/ 10-10-2005
أعرب قيادي بجماعة الإخوان المسلمون في ليبيا عن قلقه من إعادة محاكمة العشرات الذين سجنوا بتهمة الانتماء للجماعة، وأبدى تخوفه من أن تهيئ إعادة المحاكمة لاستمرار اعتقالهم على ذمة المحاكمة بدلا من الإفراج عنهم.
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مصادر قضائية ليبية -رفضت الكشف عن اسمها- أن المحكمة العليا في ليبيا قبلت يوم السبت 8-10-2005 طعنا في الأحكام الصادرة عام 2002 بحق 85 من أصل 88 شخصا عن محكمة الشعب التي تم حلها في ديسمبر عام 2004. وقررت المحكمة إعادة محاكمة هؤلاء المتهمين دون أن تحدد موعدا لذلك.
وفي تصريحات خاصة لإسلام أون لاين.نت الإثنين 10-10-2005 قال سليمان عبد القادر المسئول العام عن جماعة الإخوان المسلمون في ليبيا: الخبر في سياقه يشير إلى أن المقصود هم سجناء الإخوان المسلمون ».
واعتبر عبد القادر أن ذلك « يعد مفاجئة غير متوقعة في ظل الإعلان المتكرر من سيف الإسلام نجل (العقيد معمر) القذافي عن عفو شامل عن سجناء الإخوان باعتبارهم جماعة سلمية لا تمارس العنف ».
وأضاف عبد القادر: « نخشى من تمديد اعتقال سجناء الإخوان على ذمة المحاكمة خصوصا مع عدم تحديد توقيت لإعادة محاكمتهم ».
جدية الإصلاحات
في الوقت نفسه اعتبر القيادي بجماعة الإخوان المسلمون أن قرار المحكمة العليا بإعادة المحاكمة « يثير تساؤلات عديدة بخصوص مدى جدية الإصلاحات في البلاد ».
وأوضح عبد القادر قائلا: « أولا، ما المبرر لإعادة المحاكمة. وثانيا، إلى أي القوانين ستستند هذه المحكمة في محاكمتهم من جديد ». واعتبر أن « العبرة ليست في تغيير هيكلة محكمة الشعب لكن في طبيعة القوانين ».
وأضاف: « ثم بعد ذلك، كم ستطول المحاكمة؟.. فما نخشاه هو أن تهيئ إعادة المحاكمة استمرار اعتقالهم على ذمة المحاكمة »، ونوه في هذا الصدد إلى أن « هؤلاء السجناء انتظروا قيد الاعتقال أكثر من 6 سنوات حتى أصدرت محكمة الشعب حكمها عليهم، فقد اعتقلوا عام 1998 وصدر الحكم ضدهم في 2004 ».
وحول التضارب في أرقام سجناء الإخوان بين إعلان المحكمة أنهم 85 سجينا في حين تؤكد قيادات إخوانية أخرى بأنهم 86، قال عبد القادر: مسألة التضارب غالبا ما تحدث لخطأ ما، لكننا متأكدون من الرقم الذي أعلناه سابقا وهو 86.
وفيما يتعلق برد فعل جماعة الإخوان المسلمون في ليبيا إزاء إعادة محاكمة سجنائها قال القيادي بالجماعة: التحرك العملي من قبل الجماعة لم يبت بشكل نهائي حتى الآن حتى تتضح الصورة.. نحن بشكل عام نتحرك إعلاميا وحقوقيا وسياسيا لتحقيق حزمة من مفردات المشروع الإصلاحي ومن بين هذه المفردات إطلاق سراح سجناء الرأي ومن بينهم الإخوان.
وتعود قضية معتقلي الإخوان المسلمون في ليبيا إلى يونيو عام 1998 عندما قامت السلطات الليبية باعتقال 152 شخصًا بتهمة الانتماء للجماعة، وبعد عدد من المداولات التي جرت داخل المحكمة أصدرت محكمة الشعب (الملغاة) في 16 فبراير2002 أحكاما على المتهمين بالقضية، تضمنت الحكم بإعدام اثنين، والسجن مدى الحياة على 73 متهما، و10 سنوات على 11 آخرين، وإخلاء سبيل 66 متهما.
وفي يوم 1-12-2004 عقدت المحكمة جلسة الاستئناف لمحكمة الشعب في القضية المعروفة باسم الإخوان المسلمون وتم خلالها تثبيت الأحكام السابقة. واعترضت منظمة العفو الدولية في بيان لها في ذلك الوقت على تقديم هؤلاء المتهمين للمحاكمة أصلا.
وعادت القضية للظهور من جديد عندما أعلن سيف الإسلام القذافي في مايو 2005 عن قرب الإفراج عن باقي سجناء الإخوان بموجب عفو شامل باعتبارهم « جماعة سياسية لم تمارس العنف ».
وجدد نجل العقيد القذافي مرة أخرى في أغسطس 2005 الدعوة إلى « ضرورة إطلاق السجناء من الإخوان المسلمون في ليبيا بعدما تغيرت الظروف وأصبح من الضروري الإفراج عنهم سريعا » لكن ذلك لم يحدث.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 10 أكتوبر 2005)


 

المنتدى الاجتماعي التونسي, الضرورة والفعل

لئن كانت المنتديات المدنية منبر المنظمات والجمعيات الحكومية فإن نظيرتها الاجتماعية هي أصوات كافة مكونات المجتمع باستثناء الأحزاب السياسية وهو ما أكدت عليه قوانين المنتدى الاجتماعي العالمي في بورتوأليغر بالبرازيل في جوان 2001 وقد خامرت فكرة إنجاز منتدى اجتماعي تونسي عديد الجمعيات والمنظمات والنشطاء السياسيون – بصفاتهم الشخصية – ولذلك انعقد أول لقاء تحضيري لإنجاز المنتدى في المنستير سنة 2003 وبهذا يصبح لزاما علينا التطرق إلى أسباب إنجاز منتدى اجتماعي تونسي؟ وما المطلوب من الطالب لتفعيل إنجاز هذا المنتدى؟
إن إنجاز منتدى اجتماعي تونسي يبدو لنا ضرورة أفرزها الواقع السياسي والاقتصادي للبلاد فمن الناحية السياسية فإن التوصل السياسي لضعف المشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية وكثرة الإسقاطات للبرامج السياسية تبدو البصمة المميزة للبلاد التونسية ومع ذلك فإن بين التشريعات اللازمة تكاد تكون خادمة لرؤية واحدة ميزتها التأكسد ونبذ الإختلاف وكذلك الواقع الاقتصادي والثقافي فتهميش الشعب التونسي في كافة فئاته العمرية مشهد لا غبار عليه وارتفاع نسب البطالة وخاصة خريجي التعليم العالي يؤكد فساد الخيارات السياسية إضافة إلى تقهقر قدرة التونسي للاستجابة لحاجيات اليومية؛ ونتيجة لهذه العوامل وغيرها بدأت تتبلور رؤى وبرز نشطاء في الجمعيات والمنظمات والنقابات من أجل إنجاز منتدى اجتماعي تونسي على اعتبار أن نشطاء النقابات باعتبارهم الأكثر وعيا بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لالتحامهم المباشر بطبقة العمال وفئة الطلبة لذلك فإن تفعيل إنجاز المنتدى يمكن أن يكون من برامج العمل النقابي الطلابي لوعيهم بحقيقة الوضع لصد مشاكله ومن هذا المنطلق فإن الدعوة تصبح ملحة لنشطاء النقابات والمنظمات والجمعيات غير الحكومية لتفعيل إنجاز هذا المنتدى. رغم أن ما ساد النشطاء من ضعف الإهتمام وعدم الحرص على تفعيل انجاز بدا واضحا حيث أنه منذ 2003 بالمنستير الذي كان فيه الحضور قليل لضعف الإعلام فإن فكرة تفعيل انجاز هذا المنتدى باتت تأتي عرضا في مطلق الحديث المتعدد المشارب رغم أن شيئا لم يتغير بل تأزم الوضع أكثر: إن انجاز منتدى اجتماعي  تونسي ليس رغبة نريدها بل ضرورة تستوجب الفعل والتأثير والتوعية والحشد وإن انصراف مناضلو المنظمات والجمعيات في تونس عن إصرارهم لإنجاز المنتدى ليس الانصراف الأول عن النضال من أجل تحقيق المطالب بل هو عادة يتجاوزونها بإصدار بيان إدانة أو إفراغ الطاقات في حضور ضعيف بين الجدران الأربع.   غسان عمراوي ناشط براد اتاك


إلى القراء الكرام:
 صدر هذا المقال من القبل السيّد خليل الرقيق على صفحات أسبوعيّة الوحدة عدد 472 الصادرة بتاريخ 01 أكتوبر 2005، تعقيبًا على مقالي الصادر بتاريخ 21 سبتمبر 2005 على صفحات هذا الموقع، وقد وددت أن أورد للقراء ما كتبه السيّد خليل الرقيق من باب الأمانة ومن حيث يتمكّن القراء من مقارنة التعقيب بالردّ

نصر الدين بن حديد
الأحكام الاطلاقية سبب انتكاساتنا المتكررة
خليل الرقيق  تعقيبا على مقال الزميل نصر الدين بن حديد على موقع تونس نيوز بتاريخ 21/09/2005 بعنوان فتوى اليسار في تحريم الاستشهاد والتبشير بالانهيار.
أود في البداية أن اشكر الزميل نصر الدين بن حديد الذي حرك دواعي الجدل في قضية هامة وشائكة ذات اتصال بالخلافات السياسية والعقائدية التي تتفاعل داخل النخب العربية في فترة موسومة بارتباك الخيارات الفكرية والثقافية، لأنها تتميز بتداخل اشكاليتين ذلك أننا نتوزع بين خيار الاصلاح الذاتي ومواجهة الغزو، ومن الطبيعي أن يحيل كل منا أسباب الانهيار ويستكشف مسالك الانتصار من داخل هذا التضارب.
الحقيقة أن مقال السيد نصر الدين أثار في رغبة شديدة في النقاش والجدل لا باعتباره ردا على مقال السيد سهيل البحري عن 11 سبتمبر بل لأنه تضمن ردودا اعتقد أنها تتجاوز راهنية المقال المذكور، وتمس مسائل جوهرية كانت وستظل محور خلاف وتناقض بين مكونات المشهد الفكري والسياسي في الوطن العربي ويحسن أن استهل النقاش ببعض الملاحظات المنهجية التي تتصل في نظري بأصول المقال السياسي وأخلاقياته دون ان أشكك طبعا في النوايا الصادقة للأخ نصر الدين.
1-من حيث المبدأ
هل يعقل ان نناقش أو نحاكم نصا انطلاقا من جملة يتيمة معزولة عن السياق العام للخطاب فقد تبنى كاتب الرد استنتاجاته وتحاليله على شاهد مقتطع لا أظنه الا متعلقا بمنفذي 11 سبتمبر وخلفيتهم العقائدية والسياسية، فاذا بالسيد نصر الدين يبتدع اتصالا يبدو غريبا بين القاعدة فكرا وممارسة وبين المقاومة العراقية التي نفت في أكثر من تصريح رسمي صلتها بهذا التنظيم وقادته وأدعيائه، وبالتالي يصبح من باب التجني على النص الذي لم يجرم المقاومة العراقية، ولم يمجد الولايات المتحدة ولا نظّر سرا أو جهرا للديمقراطية الشرق أوسطية كمشروع أمريكي يعزز آليات الهيمنة الاستعمارية، ان نحمله دلالات هي في الاصل من خارجه.
ان المعني بثقافة الموت هو في الاصل تلك التبريرات المدنسة التي تحاول عبثا أن تتخفى وراء خلفية دينية هي براء منها.
ففكر القاعدة الذي يعتبره البعض منهاجا واسلوب فكر وطريقة للمقاومة يؤمن بأن القتل العشوائي وسيلة لجني المكاسب السياسية، وتبعا لذلك يؤسس لطريقة عمل وأخلاقيات دخيلة لا تتضارب فقط مع روح الاسلام بل مع كل الشرائع والديانات فيضع نفسه آليا خارج سياق التطور الانساني.
أما المقاومة والتضحية فشيء آخر، انها ممارسة عملية ذات أهداف وغائيات تتمحور حول الدفاع عن الوطن ازاء خطر محدق أو غزو أو احتلال، وبالتالي أتفق معك في كون المقاومة العراقية ظاهرة انسانية نبيلة من الخطأ الجسيم ان نقارنها بتنظيم القاعدة الحليف السابق للولايات المتحدة والاداة التي استعملت لمحاربة المد الشيوعي في أفغانستان، والتي تفننت في الدفاع عن المصالح الامريكية والبريطانية ايام الحرب الباردة، وأظن وقتها أن النظام العراقي كان يتموقع أو هكذا يقول ضمن قوى اليسار التقدمي العلماني المتأثر بأفكار روسيا الثورية والمستفيد من سلاحها وخبراتها.
واذا كانت البراغماتية قد حتمت على بعضهم تحوير خارطة التحالفات، فان التاريخ لن ينسى وقوف التيارات السلفية وما شاكلها لفترة طويلة خارج شعارات حركة التحرر الوطني العربية.
2-أسئلة وأجوبة
لا يعقل يا أخي نصر الدين أن توجه أسئلة لغيرك وتجيب عنها بنفسك، فقد طرحت على كاتب المقال ثلاثة اسئلة ثم قررت بمفردك أنه لن يجيب عنها ثم قدمت اجابات جاهزة كنت سأقول لولا معرفتي بأنك رجل حوار أنها صورة من صور الاحادية الفكرية فالاجابات الجاهزة والاحكام الاطلاقية تتنافى قطعا مع ما في الحوار من قابلية للمجادلة والاستفادة والتطور، وكان عليك منطقيا أن تنتظر حتى يوافيك من سألته باجابات بقطع النظر عن مضمونها وتبريراتها. وأرجو أن لا يكون وراء ذلك واقع مسلط من خارج النص والمقال خاصة وانك ذكرت أن البحري يمثل تيارا داخل حزب.
3-اليسار العربي والاسلام السياسي
ليعذرني الاخ نصر الدين، فقد لاحظت بعد قراءة رده، أنني قرأت مقالين واحد للرد على السيد سهيل البحري، والثاني لمحاربة اليسار العربي الذي حوله السيد بن حديد ببساطة شديدة وفي ضرب من التحقير والتبخيس الى ذات معطلة معزولة عن العمق الشعبي تعيش على هامش الاحداث الدامية التي تحرك خيوطها قيادات منصهرة داخل المنظومة الدينية بتشكلاتها المختلفة.
وبعد عنونة اسهامات اليسار العربي بالفشل والاخفاق حدد كاتب الرد موقعا جديدا لرموزه ومؤيديه بعد ان استثنى الواقفين منهم في ذيل المشروع السلفي قائلا أنهم قادمون على ظهر الدبابات الامريكية. بقطع النظر عن ما يمكن ان نقوله حول أزمة اليسار واليمين على حد سواء، لا بد أن نذكر للسيد نصر الدين من باب الموضوعية والامانة التاريخية ببعض الحقائق التي لا أظنها خافية عنه، بل أظنه اجتهد في اخفائها.
ان فكرة الاستشهاد والتضحية مؤصلة داخل النصوص التأسيسية للفكر اليساري، بل هي مبنية على مقاصد كونية نبيلة تجعل من الذات البشرية في صيغة المفرد مندمجة داخل نسيج أوسع هو الذات الجمعية بما تعبر عنه من دلالات كالوطن والشعب والأمة والعالم.
قد لا تكون غافلا عن حقبة السبعينات والثمانينات وعن الإسهامات التي قدمها اليسار العربي في معارك فلسطين وفي حصار بيروت 82 وقتها كانت الحركات الإسلامية منشغلة بالدعوة وما تطلبته من مهادنة تكتيكية مع الأمريكان. وللتذكير فان صيغة اليسار العربي لا تحيل فقط على الماركسيين بل تشمل معهم التيارات القومية الوحدوية التي تقوم على أسس علمانية أين يمكن أن نصنف نديم البيطار، ساطع الحصري وناجي علوش وميشيل عفلق، هل تصنفهم ضمن اليمين العربي؟.
وإذا سلمنا بأن مقولة اليسار كانت إطارا سياسيا تنصهر ضمنه القوى التي وقفت فكرا وممارسة خارج المؤسسة التقليدية وبناها العقائدية والثقافية، فإننا نتوصل إلى أن صيغة اليسار العربي جمعت قوى التحرر ولنقل القوى التي كانت في تحالف موضوعي ضمني أو معلن مع الثورة الروسية لا بمعناها الإيديولوجي الضيق بل بدلالاتها التقدمية والتحررية المناهضة لأمريكا باعتبارها رأس الإمبريالية الرأسمالية المستغلة للشعوب.
بهذا يمكن أن نصنف الناصرية في مصر ضمن اليسار العربي ونفس التصنيف يمكن أن يطال باقي الوحدويين أنظمة وتيارات ومنهم النظام العراقي الذي رفع شعارات الاشتراكية وفصل الدين عن الدولة..
وإذا كان هناك من القوميين اليوم من ينكر هذه الحقيقة، فهو يتعمد ذلك نظرا لاعتبارات ميدانية تكتيكية قادته إلى الاعتراف الصريح بكثافة تأثير التيارات الدينية ولاعتقاد أنه بامكانه استغلال الشحنة الانفعالية لهذه التيارات التي عرفت كيف تستثمر المعتقد الديني في المعارك السياسية.
ان ما قلته يا أخ نصر الدين عن فقهاء اليسار وحوارييه يجافي الحقيقة لأن المقولة اليسارية موجودة أصلا لمحاربة الكهانة والتبشير وعنف الفقهاء الذي يحول النص الديني من مقاصده العامة الى ضروب من الفعل البشري التأويلي الذي يفتح المجال أمام استغلال بغيض للمعتقد وحشره عنوة في تفاصيل الحياة العامة.
قلت يا سيد نصر الدين ان اليسارات تكاثرت وتناسلت، بل فرخ البعض منها بأسرع ما يكون للنمل أو النحل ورغم ان الكلام مردود عليك لأنه خال من المعنى السياسي، فانني أعترف بما جاء فيه، نعم اليسار يسارات وهذا مؤلم لمنه ممكن وطبيعي لأن هذا الفكر منتوج محض بشري قد يفهمه الناس بوجوه مختلفة، ولكن ما رأيك في ان التيارات الاسلامية التي اعتبرها البعض متغلغلة في ثنايا العقل والوجدان قد تناسلت وفرخت من خلال نص ديني مقدس وهنا تكمن الخطورة، الخطورة يا صديقي أنهم جعلوا من الاسلام اسلامات شتى فانقسموا الى مذاهب، وانقسمت المذاهب الى فرق والفرق الى مجموعات. هل كان الاسلام سنيا أو شيعيا أو معتزليا أو خارجيا أو مرجئيا حتى تنبثق كل تلك المذابح المذهبية والفتن السياسية والحروب الكلامية..
أظن كغيري ان رسالة الاسلام كانت أسمى وأرقى من مخلفات هذا الفعل المدنس في النص المقدس، وأظن أن هذا الخلط الخطير بين تعاليم الدين وضروب التوظيف السياسي هو الذي دفع الكاتب المصلح على عبد الرازق في كتابه الاسلام وأصول الحكم للحديث عن جناية الملوك واستبدادهم بالمسلمين، أضلوهم عن الهدى وعموا عليهم وجوه الحق وحجبوا عنهم مسالك النور باسم الدين، وباسم الدين استبدوا بهم، وأذلوهم..وباسم الدين خدعوهم.
لقد عانى المصلحون كثيرا من الصورة القاتمة التي قدمها المتشددون الدينيون للعالم سواء كانوا مؤسسة سلطوية أو فرقا سياسية الشيء الذي جعل مسلما صالحا كجمال الدين الافغاني يقول وهو يحاور غيره عن مستقبل المسلمين: كنا في دار الامام نتحدث في أشيع عن رغبة الامة اليابانية في التدين بدين الاسلام، قال الشيخ حسين الجسر، اذن يرجى ان يعود الى الاسلام مجده، قال الافغاني: دعهم فاني أخشى اذا ما صاروا منا أن نفسدهم قبل ان يصلحونا.
هذه صورة واضحة عن حالة الاحباط واليأس التي جعلت المصلحين حتى المتدينين منهم يقرون بكارثية المشهد المتخلف الذي جعل من الانحدار مسارا مميزا لحركة النهضة العربية.
سأعود الان الى الحديث عن وقائع حية تثبت بصفة جلية خطأ المرتكزات التي يقف عليها الاسلام السياسي. ما رأيك يا أخ نصر الدين في ممارستين سياسيتين تنبثقان من خلال مرجعية فقهية واحدة. كيف توصلت المراجع الشيعية العليا الى هذه الثنائية الغريبة: مواجهة الولايات المتحدة في لبنان، وموالاتها في العراق؟ أظن انني فهمت بسهولة: الوضع في العراق تطلب من الشيعة ان يسايروا الامريكان للحصول على السلطة، والوضع في لبنان تطلب منهم مواجهة أمريكا للمحافظة على السلاح. ألا يعتبر هذا التلاعب نتيجة حتمية لمحاولات السطو على العقيدة وتطويعها لتعزيز وتبرير اغراض دنيوية.
4-الازمة
سآتي الان الى تشخيص فعلي لأزمة اليسار التي اعتبرتها ناتجة عن عجزه عن بلورة رؤية شاملة ومتكاملة. هناك أزمة يسار هذا صحيح، لكنها يا أخي العزيز ليست في كونه أقليا أو يتيما كما رأيت، أزمة اليسار تكمن في أنه استبطن العقلية السلفية في المستوى السياسي والتنظيمي وكان بالفعل عاجزا عن مواجهة موروثاته العقلية الاستبدادية، ففي حيين انبهر السلفيون بالماضي ودافعوا عن احيائه بصورة دغمائية استبدادية، فان اليسار انبهر بالمستقبل ونظر اليه كحلم رومانسي لم تخالطه التجربة ولم تسايره المتغيرات لذلك كان لبعض رموزه نفس خصائص الخطاب التبشيري لليمين الديني وان بمضمون مغاير وطرق مختلفة. وهذا يعني بأي حال من الاحوال النظر الى وجود اليسار العربي بمثل ذلك المنظار الضيق، فاذا كان الوجود الاقلي لأي قوة سياسية مبررا لتقزيم دورها، فان هذا المنطق يقود الى تمجيد الاغلبية حتى وان كانت مخطئة، ماذا فعل بوش بشعبيته؟ وماذا فعل هتلر بشعبيته؟ الشعبية وكثرة الاتباع لا تعني أبدا وضوح المقاصد ونبل أهدافه.
واليسار العربي على علاته السياسية ومشاكله التنظيمية استطاع على الاقل ان يؤصل داخل الوطن العربي تصورات مختلفة ترجمتها كتابات حسين مروة ومهدي عامل وعبد الله العروي وغيرهم كثير، واستطاع ان يقدم للساحة الثقافية العربية روائع في الادب والشعر والفن كحنا ميننة ومحمود درويش ومارسيل خليفة… اضافة الى اسهامه الريادي في حركة التحرر العربي وشهدائه الذين سقطوا في معارك الحرية من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى الحزب الشيوعي اللبناني..
قد تكون عناصر الواقع المتشظي ببناه التقليدية المغلقة حائلا آنيا أمام تحول هذه التعبيرة الى ذات أغلبية، لكنها أبدا لن تكون حائلا في آن تشكل إحدى النواتات المؤسسة للتراث العربي الإسلامي في صبغته المضيئة المنشودة هذا اذا سلمت معنا أن الهوية العربية الإسلامية تتسع لكل الاسهامات لأن الهوية ليست في نظرنا كتلة معطلة بل هي كيان انساني قابل للتغيير والتطوير.
ألا ترى أن هوية الغرب قد تغيرت كليا بعد قرون من استبداد الكنيسة فأصبح التسامح والاختلاف من العناصر الاساسية المحددة لها ذلك أن الأرضية الفكرية والفلسفية لعصر النهضة قد خربت الاسس الاستبدادية لهيمنة الكنيسة وحولت المعتقد الروحي الى ذات مقدسة سامية تحرس السنن الكونية بينما جعلت للانسان السيد بالمعنى الديكارتي حق التصرف في انسانيته بقطع النظر عن الجنس والدين.
5-اليسار والإمبريالية
ولنأت الان لنقطة أخرى في مقال السيد نصر الدين، لقد قال بالحرف الواحد: يأتي خطاب اليسار العربي حاليا متدثرا برداء الإمبريالية مشرّعا ضمن صراعه مع الانظمة الى وجوب توريد الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ولا يرون غضاضة أن تأتي هذه البضاعة على صهوة دبابة امبريالية.
ألا ترى أولا أنك فكرت بطريقة لا عقلانية اذ جعلت من منطق الاستقطاب الثنائي منهجا في التحليل فهناك من يرى ان كل من ينقد منطق السلفيين يقف وجوبا مع أمريكا، بهذا المعنى سيكون كل مواطن عربي مجبرا على الاصطفاف في أحد الخندقين، وهذا يتنافى مع كل أبجديات الفكر السياسي العقلاني، ان هذه الحدية هي التي أضرمت الفرقة وسوء الفهم في جسم الحراك السياسي العربي هناك فعلا قوى ترفض مشاريع أمريكا، ولا تنبهر بمشتقات الفكر الاسلاموي، أليس لها حق الوجود والتعبير عن الذات؟
اذا كان موقف صدر عن عفيف الاخضر سمح لك بتصنيف اليسار على رأس دبابات العدو مع ما تعرفه من تناقض مبدئي بين اليسار وأمريكا من حيث الخيارات الاقتصادية والاجتماعية فما رايك في آلاف الاسلاميين الذين استجابوا للاجندا الامريكية الشرق أوسطية وقد ذكرت هذا بنفسك في معرض ذكرك للطبخة بين الانظمة وأمريكا والاسلاميين.
هكذا وببساطة ارتكزت على تصريح شخص في قناة تلفزية لتموقع فكرا بأكمله في ذيل التوازنات العالمية. اذكّرك فقط لمجرد التذكير ان الحركات المناهضة للعولمة والتي لعبت دورا كبيرا في مظاهرات أوروبا من أجل انهاء احتلال العراق كانت في اغلبها ذات منزع يساري، وأظنها قد أفادتنا أكثر من تفجيرات نيويورك ومدريد. ان موقف اليسار من المقاومة العراقية والفلسطينية هو موقف مبدئي غير قابل للتشكيك ولا للمزايدة، لكن من حق كل انسان وكل حركة سياسية ان تطرح أسئلة الحداثة والاصلاح، وليست مجبرة على ان تطرحها من داخل المنطق الامريكي لأنه في الحقيقة أحد التمظهرات الاكثر صلفا للتطرف الديني المسيحي.
أن نكون في مواجهة غزو، لا يعني أننا مدعوون الى التحصن ببنانا التقليدية والارتياح لإجاباتها الاطلاقية، لأن تلك الاطلاقية هي التي دمرت فينا القدرة على ملاحقة العصر، يقول ياسين الحافظ: ان أمة تريد أن تتعصرن، لا بد أن تكون وعيها لأن التناقض في ظل حالة التبعية التي تعيشها لم يعد محصورا داخل الاطار القومي، بل بين وعيها وممارسة أمم أخرى عصرية.
بمعنى اننا نستطيع ونحن نتباين مع النزعة الاستعمارية لدول الغرب أن نتعاطى ايجابا مع المنتوج العقلي الكوني دون ان نكون مضطرين لمسايرة الاكراهات التقليدية بكل أصنافها ومرجعياتها.
لا يمكن ان يمنعنا وجودنا القسري داخل مناخات الغزو والحرب والاضطهاد من التطلع الى بناء الدولة الحديثة العصرية كغيرنا من أمم الارض وهذا موضع نقاش وصراع قد تكون فلولو المتطرفين نجحت في التعتيم عليه نسبيا، لكنه لن يختفي أبدا من على مسرح الاحداث السياسية والجدل الفكري.
وهذا الجدل هو الذي يجعلني ممتنا للأخ نصر الدين بن حديد لأنه طرح بشجاعة وجرأة جملة من الرؤى لا ينفي تعارضي معها احترامي لأسلوبه وقناعاته بل أكاد أجزم أنه سيتقبل ملاحظاتي بصدر رحب، لأنها تجاوزت كل النوازع الذاتية وركزت على ما هو جوهري.
 

ردّا على مقال السيّد خليل الرقيق

اليسار بين تفتيت التاريخ والسير إلى الاندثار

نصر الدين بن حديد

يعلن السيّد خليل الرقيق ضمن ديباجة ردّه أنّ كاتب هذه الأسطر:«حرك دواعي الجدل في قضية هامة وشائكة ذات اتصال بالخلافات السياسية والعقائدية التي تتفاعل داخل النخب العربية في فترة موسومة بارتباك الخيارات الفكرية والثقافية»، وحسبت أنّ التعقيب سيأتي بالتحليل والتمحيص على جميع الأفكار التي جاءت ضمن المقالين الاثنين، سواء الصادر عن السيّد سهيل البحري أو كاتب هذه الأسطر، ليخيب الظنّ وتتبخّر الآمال، حين اكتفى السيّد خليل الرقيق بالردّ على كتاباتي ومحاولة التصدّي لها، في حين أهمل إبداء الرأي أو النظر أو الإشارة إلى كتابات السيّد سهيل البحري سوى من باب الدفاع عنها والذود عن صحّتها، وليس لي في الأمر ما أعيب على مستوى حقّ الفرد في تحديد خياراته وتحديد صداقاته أو تبيان تحالفاته، فهذه أمور تكفلها المواثيق الدوليّة والقوانين الوضعيّة وتؤكد عليها الأخلاق النبيلة، لكنّ المأخذ يأتي في مستوى المنهجيّة المعتمدة سواء ما جاءت به الألفاظ أو قدّمته الأفكار، ليكون المقال في جزء منه على الأقلّ محاولة للدفاع عن مقال السيّد سهيل البحري، لا غير.

كنت أودّ، بل حلمت وساح بي الخيال أن أقرأ ضمن ردّ السيّد خليل الرقيق قراءة موضوعيّة وتحليلا متوازنًا على مستوى ما جاء في المقالين، إلاّ إذا رأى مخاطبي أنّه والسيّد سهيل البحري سيّان، بل كمثل التوأمين، حين لا نعلم هل نطق الأوّل بالجملة بدل الثاني وهل حبّر الثاني المقال بدل الأوّل. أقول قولي هذا دون أراء مسبّقة أو مواقف جاهزة، بل منطلقًا من أمرين لا أرى غضاضة في التذكير بهما:

ـ لم يتطرّق السيّد خليل الرقيق بالتحليل والتمحيص وبالتالي النقد إلى أيّ جملة أو قول ممّا جاء به مقال السيّد سهيل البحري!!!

ـ جاء مقال السيّد خليل في جزء منه محاولا الدفاع عن كتابات وأراء السيّد سهيل البحري…

قد يرى السيّد خليل الرقيق ومعه جمهرة من القراء أنّ الأمر لا يعدو أن يكون سوى باب اجتهاد، حيث أنّ المقال، سواء في بعد الكمّ أو التصوّر العام لا يحتمل كثرة الأفكار والخلط بينها وأنّ التخصيص والدقّة هما صورة من صور العقلانيّة التي نبغيها جميعًا… لا يعدو الأمر من قبلي سوى أن يكون من أبواب الحلم وما تأتي به الأفكار السائحة، حين حدّثتني عن ردّ للسيّد خليل الرقيق يجعل من مقال السيّد سهيل البحري وما جاء ضمن ردّ كاتب هذه الأسطر، موضوعًا!!! نطلب المغفرة والعذر من القراء الكرام ومن السيّد خليل الرقيق، فهم يعلمون قطعًا أنّ الحلم أوسع من قدرة الفرد والخيال أرحب من أن نحكم القبضة عليه!!!

رجوعًا إلى الواقع وعودًا إلى الحقيقة، أقول أنّ السيّد خليل الرقيق قوّلني ما لم أقل وفسّر كتاباتي وفق هواه، بل استخلص منها ما شاء وقدّم نفسه عنّي، حين كتب:«هل يعقل ان نناقش أو نحاكم نصا انطلاقا من جملة يتيمة معزولة عن السياق العام للخطاب فقد تبنى كاتب الرد استنتاجاته وتحاليله على شاهد مقتطع لا أظنه الا متعلقا بمنفذي 11 سبتمبر وخلفيتهم العقائدية والسياسية»… أقول أنّ قراءة السيّد خليل الرقيق ليست في محلّها وأن الظنّ عنده قد يورثه إثمًا، والدليل البيّن والقرينة الثابتة تأتي من كتابات السيّد سهيل البحري نفسه حين رأى :«فالشعوب الحية لا تصنع غدها بالموت، فحبّ الحياة شرط لانبعاث الأمل وتشييد الأفق. إن حب الموت لدينا (خارج العمليات الاستشهادية في الأراضي الفلسطينية) والذي تحوّل إلى روتين كقهوتنا الصباحية بقطع النظر عن خلفياته ومبرراته، لا يمكن أن يكون إلا عنوانا لتقهقرنا وانحطاطنا. إنه السير نحو الهاوية والجحور المظلمة. إنه دلالة مكثفة عن امتهاننا وتبخيسنا للذات البشرية التي ينبغي أن تلقى كل الصون والقداسة. إن مرتكبي جريمة 11 سبتمبر وكذلك جريمة قطار أسبانيا وكل الجرائم التي تلتها يرتكبون جرائم أبشع من حيث رمزيتها، إنهم يؤسسون لنموذج ثقافي يغزو عقول أبنائنا. إنهم يزرعون ثقافة الموت، وربما سيحولونها إلى تجارة عالمية مربحة وبالتالي نقتحم عالم تصنيع الموت وطبعا سيكون لنا شرف احتكاره.»، وكما يبدو لا يتعلّق الأمر بالمقاومة سواء كانت فكرًا أو ممارسة، بل بالعمليات الاستشهاديّة، حين يراها السيّد سهيل البحري ما يراها، مستثنيًا العمليات الاستشهاديّة في الأراضي الفلسطينيّة دون غيرها، وأعلمُ ومعارفي الجغرافيّة متواضعة أنّ فلسطين ليست العراق، وأنّ المنطق يمكّنني بل يجبرني على قراءة النصّ كما جاء بيّنا وليس لي من باب الأمانة أن أذهب فيه تأويلا خارج الألفاظ الجليّة والمعاني البيّنة، إلاّ إذا كان السيّد سهيل البحري أو خليل الرقيق على مذهب بعض الفرق الإسلامية التي ترى أنّ في النصّ [القرآني] معان لا يفقهها سوى أهل العلم!!! قد وجب لصاحب هذه الأسطر ـ حينئذ ـ أن يعترف في صراحة ويعلن في صدق أنّه عاجز كلّ العجز عن فهم نصّ السيّد سهيل البحري أو ما جاء في ردّ السيّد خليل الرقيق خارج ما هو ماثل أمامه من ألفاظ وما بدا منها من معاني، ولذا وجب الاعتذار ولزم طلب المغفرة.

يعلن السيّد خليل الرقيق:«ان المعني بثقافة الموت هو في الاصل تلك التبريرات المدنسة التي تحاول عبثا أن تتخفى وراء خلفية دينية هي براء منها»، وأرى من واجبي أن أستفسر من باب الجهل وطلب المعرفة عن المرجعيّة التي يعتمدها السيّد خليل الرقيق حين يقدّم تفسيرًا لقول «ثقافة الموت» الذي جاء ضمن نصّ السيّد سهيل البحري ؟؟؟ فهل يفعل ذلك من باب الاشتغال على النصّ، كمثل حاله مع نصّ كاتب هذه الأسطر ممّا يفتح فعله على جميع درجات التقييم ومستويات الفهم، أم يضع نفسه في مقام الجزم، مع يعني ذلك جزمًا من حتميّة التوافق بينه وبين السيّد سهيل البحري حتّى التطابق إن لم نقل التماثل؟؟؟ قد يرى البعض من القراء أنّ الأمر سواسية، حين يراه كاتب هذه الأسطر على قدر كبير من الأهمية، ففي الحال الأوّل نرى وجوب أن نسأل عن المرجعيّة التي يعتمدها مخاطبنا ليتحدّث في لهجة اليقين والواثق من أمره عن نصّ ليس نصّه، وإن كان من الباب الثاني، لا يعدو تعقيب السيّد خليل الرقيق أن يكون سوى ردّا مقنّعا من قبل السيّد سهيل البحري أو نيابة عنه، حين نعود إلى منطق « التوأمين »، ولا نعلم « هل نطق الأوّل بالجملة بدل الثاني وهل حبّر الثاني المقال بدل الأوّل »!!!

يكتب السيّد خليل الرقيق:«لا يعقل يا أخي نصر الدين أن توجه أسئلة لغيرك وتجيب عنها بنفسك، فقد طرحت على كاتب المقال ثلاثة اسئلة ثم قررت بمفردك أنه لن يجيب عنها»، أودّ القول بدءا أنّني لم أقرّر شيئا بمفردي، فليس من أخلاقي الرجم بالغيب أو مساءلة النوايا، وعودًا إلى مقالي ومراجعة لكتابتي يجد السيّد خليل الرقيق وجميع القراء الأفاضل أنّني كتبت :«ولنا عظيم اليقين أنّنا سنلقى من لدنه جوابًا وردّا ونبغي درءا للتعميم ورفض للسفسطائيّة أن نطرح بعض الأسئلة، نرجوه أن يورد رأيه بخصوصها»، والأمر ثابت وليس لي أن أتنصّل منه أو أن أغيّر في أمره شيئا، حين نعتبر أنّ المشرفين على هذا الموقع يوثّقون للأعمال التي ينشرونها وكذلك عديد القراء وهم المرجع وأيضًا الحكم، بل أطلب من السيّد خليل الرقيق وألحّ إصرارًا وأصرّ إلحاحًا أن يستشهد بالفقرة أو الجملة التي يرى فيها لي قولاّ :«أنه [أيّ السيّد سهيل البحري] لن يجيب عنها»!!! أمّا عن طرح الأسئلة من أصلها، فالأمر في غاية المعقول إن لم يكن ضمن مجال المطلوب، حيث أنّنا نتّفق في أمر السيّد سهيل البحري، الذي هو بحكم ماضيه وأفكاره اليساريّة التي لا ينكرها بل أراه مفاخر بها، وبفعل حاضره وما يشغل من منصب داخل حزب الوحدة الشعبيّة بوصفه عضوا في المكتب السياسي الموسّع، وأيضًا وأساسًا دوره أو منصبه داخل مجلس النوّاب التونسي، رجل سياسة وعنصرًا مؤسّسا للقرار السياسي، ويكون من حقّ الفرد أو المواطن أن يرفع الأسئلة إلى سيادة النائب، الذي ينوب الشعب بأسره، ويكون من حقّي بحكم مهنتي الصحفيّة أن أطرح هذه الأسئلة… أستدرك قولي وأتراجع عن طلبي، لو صرّح لي السيّد خليل الرقيق أنّ السيّد سهيل البحري فوق السؤال وأرفع من أن تطاله الأسئلة!!!

أمّا عن تصدّري للإجابة، فالأمر لا يعدو أن يكون مجرّد رغبة في تحريك النقاش، حين تملكني يقين بأنّ السيّد سهيل البحري رجل حوار وإن كان في الأمر تجنّ أو تعدّ على حقوق سيادة النائب، فوجبت المعذرة!!!

أودّ الحديث في هذه النقطة عن أمر في غاية الأهميّة، حيث تتعطّل السياسة وتنعدم الثقافة، ليتّخذ الأمر بعدًا أخلاقيّا بحتًا، حين صرّح السيّد خليل الرقيق مخاطبًا كاتب هذه الأسطر:«فقد طرحت على كاتب المقال ثلاثة اسئلة ثم قررت بمفردك أنه لن يجيب عنها ثم قدمت اجابات جاهزة كنت سأقول لولا معرفتي بأنك رجل حوار أنها صورة من صور الاحادية الفكرية فالاجابات الجاهزة والاحكام الاطلاقية تتنافى قطعا مع ما في الحوار من قابلية للمجادلة والاستفادة والتطور»… أعترف أنّي أعدت قراءة ما صدر عنّي، بل أعياني الأمر بحثًا وتمحيصًا وتدقيقًا، ولم أجد سوى ثوابت تتّفق بخصوصها قطاعات واسعة جدّا من الجماهير سواء في البلاد العربيّة أو الإسلاميّة، وأستسمح القراء الأفاضل والمشرفين على الموقع بغية الاستشهاد بنصّ الأسئلة وما تبعها أجوبة، فقد لا يكون للبعض علم بها، نوردها كما جاءت في نصّها دون زيادة أو نقصان، ومن طالع نشرة « تونس نيوز » ليوم 21/09/2005 يشهد على ذلك:

ملاحظة أخيرة: نورد للتاريخ والشهادة أنّ السيّد سهيل البحري هو ممّن يؤمنون بالحوار ويثمنون النقاش ويولون أهميّة قصوى للحوار، ولنا عظيم اليقين أنّنا سنلقى من لدنه جوابًا وردّا ونبغي درءا للتعميم ورفض للسفسطائيّة أن نطرح بعض الأسئلة، نرجوه أن يورد رأيه بخصوصها:

ـ كيف ينظر السيّد سهيل البحري إلى الوضع القانوني للحكومة العميلة في العراق؟

ـ كيف يرى السيّد سهيل البحري العمليات الاستشهاديّة التي ينفّذها المجاهدون في العراق تجاه القوّات الأمريكيّة وأذنابهم من جيش وشرطة الجعفري؟

ـ ما هو « الحكم الشرعي » الذي يبديه السيّد سهيل البحري تجاه العرب والمسلمين الذين يقصدون العراق لمقاومة قوّات الاحتلال وتنفيذ عمليات استشهاديّة ضدّها؟

قد يرى البعض من القراء أنّ طرح هذه الأسئلة لا يتعدّى التعجيز، حين يختلف القول في المجالس الخاصّة والغرف المغلقة كمّا يدلي به المرء أمام العموم، وأنّ ضروريات المناصب ولزوميات المسؤوليات قد تدفع أو هي تدفع قطعًا إلى قول يمسك المرء من خلاله العصيّ جميعًا من وسطها… درءا لهذه الشبهات يقوم كاتب هذه الأسطر بتقديم الأجوبة التي يراها وهو مقتنع بها ويتحمّل مسؤوليّة الإصداح بها، أمام التاريخ وقوانين مكافحة الإرهاب وغيرها:

ـ تنطلق في الردّ على السؤال الأوّل من ثوابت القانون الدولي الذي لا يبيح حلّ الخلافات بين الدول اعتمادا على العنف، وحين لا تملك الولايات المتّحدة أدنى شرعيّة قانونيّة أو أخلاقيّة أو إنسانيّة، فيكون عدوانها باطل ووجودها باطل وما انجرّ عنه باطل، ولا يمكن لفعل الزمن أو التقادم مهما تكن المسوّغات ومهما كانت النوايا أن يشكّل أدنى شرعيّة مهما كانت، وبالتالي يكون حسب القانون الدولي، صدّام حسين ـ فكّ الله أسره ـ الرئيس الشرعي لدولة العراق، وأيّ تعامل مع الوضع القائم يتراوح وجوبًا بين خيانة موصوفة وغباء قاتل ومهين…

ـ إنّ عدم شرعيّة الوجود الأمريكي في العراق، تمكّن حسب القانون الدولي، وجميع المواثيق العراقيين من مقاومة هذا العدوان عبر جميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك المقاومة المسلّحة، ولا يحقّ لغير المقاومة الوطنيّة في العراق طرح الوسائل الماديّة التي تمكّنها من تحقيق أهدافها، وبالتالي تصير العمليات الاستشهاديّة أسلوبًا ضمن أساليب أخرى، تهدف إلى دفع قوّات الاحتلال إلى الاندحار.

ـ استنادا إلى أنّ صدّام حسين هو الرئيس الشرعي لدولة العراق، ونظرًا لوجوده في الأسر، تصبح المقاومة الوطنيّة العراقيّة السلطة الشرعيّة القائمة في هذه البلاد، وبالتالي يصير من حقّها دعوة من تشاء ليساندها. رجوعًا إلى التاريخ وإمعانًا للنظر فيه، نجد أنّ جميع حركات التحرّر في العالم لقيت الدعم والسند من محيطها، ولا يسعنا سوى أن نذكر الثورة الجزائريّة التي ارتكزت إلى عمقها في تونس لتحقيق نصرها، وقد وجب أن نذكر للتاريخ والأمانة أنّ الآلاف من التونسيين حملوا السلاح طلبًا لاستقلال الجزائر، فهل وجب أن ننظر إلى من استشهد منهم ضمن قوانين مكافحة الإرهاب الذي سنّته الولايات المتّحدة؟؟؟

أعترف أنّ البحث أعياني، حتّى كدت أرفع الكلمة من موضعها وأقلّب الأرض تحتها بحثً في المعاني، علّني أجد في دلالاتها غموضًا، وقد هالني حكم السيّد خليل الرقيق، الذي وصم كتابتي ـ والقول له ـ  بالأحاديّة، التي تقابلها ـ ضرورة ـ الثنائيّة أو التعدديّة، وقد وجب دون تلاعب بالكلمات أو قفز بينها أن أعترف بجهلي وقصور فهمي وتدّني قدرتي على إدراك كنه وماهيّة ومعنى ومبنى وأصل وجذور هذه الثنائيّة أو التعدديّة التي ينادي بها السيّد خليل الرقيق، وحين أنّه عمد كمثل ما يفعل منذ أن رسم الحرف الأوّل من الكلمة في مقاله إلى إصدار الأحكام دون أن يشير ـ ضمن أدنى ضوابط ـ إلى مواطن النقص، فقد فهم كاتب هذه الأسطر أنّ هذه الثنائيّة أو التعدديّة التي يراها السيّد خليل الرقيق في مقام المحمود تأتي ـ منطقيّا ـ مناقضة ونافية لحالة الأحاديّة على حدّ قوله، وبالتالي يكون من باب المنطق أن أنقض جميع ما كتبت وأحيل الأمر إلى ضدّه علّني ـ والسيّد خليل الرقيق أعلم ـ أصل إلى معنى هذه الثنائيّة المطلوبة وهذه التعدديّة المنشودة، التي ترتكز على نقاط ثلاث، نقيض الأجوبة التي قدّمتها، وهي التالية، ضمن منطق قلب الحقائق:

ـ تملك الولايات المتّحدة شرعيّة ويصير لوضعها في العراق أصل قانوني ومبرّرات أخلاقيّة أو حتّى إنسانيّة وتصير الدمى التي صنعتها أو تحرّكها ذات شرعيّة، بل ربّما أصل الشرعيّة، ويكون صدّام حسين مجرم حرب، في حين ينال كلّ من الجلبي والجعفري والبرزاني وغيرهم كثير جوائز نوبل للسلام!!!

ـ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال وضمن أيّ صورة مقاومة الوجود الأمريكي أو رفضه وقد يصير بوش ورامسفيلد ورايس من أولي الأمر فينا!!!

ـ المقاومة باطلة والعمليات الاستشهاديّة حرام وهي كما أفتى من أفتى باب من أبواب قتل النفس عمدًا والعياذ بالله!!!

قد يجد البعض من القراء أنّ في الأمر مبالغة من قبل كاتب هذه الأسطر، وأنّ السيّد خليل الرقيق لا يعني ما يقول، بل أجيبهم أنّه ـ أيّ السيّد خليل الرقيق ـ يملك تحصيلا جامعيّا وقد كان زمن الدراسة ولا يزال راهنًا منظّرًا وصاحب موقف سياسيّ، تستنير بهديه قطاعات من الطلبة أساسًا ومن السياسيين أيضًا، وبالتالي لا يكتب عن هوى، بل يعني الكلمات حين يرصّفها وأيضًا حين يعاودها قراءة ومراجعة، وليس لنا سوى أن نحمّل الألفاظ ما تعني وأعيد وأترجّى السيّد خليل الرقيق، ليشير إلى مواطن الأحاديّة ويبيّن ضمن الأجوبة التي تقدّم بها كاتب هذه الأسطر مجالات التراوح ضمن ما يرى :«في الحوار من قابلية للمجادلة والاستفادة والتطور»… أعيد وأعلن رأيي في صراحة وإن لزم الأمر صعدتُ قمم الجبال وصرختُ أنّ القناعات التي قدّمتها عبر أجوبتي هي في مقام الشرف ومنزلة العرض ـ ضمن جميع المعاني ـ وأعتبر أنّ من يقبل بمناقشتها أو الطعن في جزء منها مهما كان يسيرًا أو في كلّها هو بمثابة من يراوح السؤال ضمن البحث عن أفضليّة من يطرح زوجته للتقبيل على من يعرض زوجته للنكاح، وأعلن أنّ الأحادية ـ ضمن المعنى الذي يبغيه السيّد خليل الرقيق ومن يقف وراءه أو معه ـ عندي شرف وإن حطّت على رأسي محاكم التفتيش جميعها!!!

يكتب السيّد خليل الرقيق:«وأرجو أن لا يكون وراء ذلك واقع مسلط من خارج النص والمقال خاصة وانك ذكرت أن البحري يمثل تيارا داخل حزب.»، ولا أدري أيّ معني لكلام مثل « واقع مسلط من خارج النصّ »، خاصّة وأنّني أتعامل مع السيّد سهيل البحري من موقعه ككاتب للنصّ، ضمن ما أراه من توافق أو معارضة مع « خارج النصّ » وأذكّر السيّد خليل الرقيق ومن أراد أن يتبلّغ بالأمر أنّنا نذيّل هذه المقالات بأسمائنا، ولسنا نكرات قذف بها التاريخ من مجرّات أخرى، ويكون من أبسط القواعد في بعدها الأخلاقي أو حتّى الأدبي أن نكون من نكون، ضمن التزام كامل بالقناعات نحملها ونتحمّل وقع الإصداح بها… « خارج النصّ » يا سيّد خليل، يتعدّاني حين لا نملك القدرة على أن نعامل بعضنا ضمن ذلك البعد المجرّد، وهنا أطرح السؤال عن قيمة ومعنى وأثر هذا السجال أو الحوار أو النقاش لو أنّه تمّ على صفحات هذا الموقع وقد تخفّى كلّ منّا خلف اسم مستعار…

أمّا بخصوص قولك :«وانك ذكرت أن البحري يمثل تيارا داخل حزب.»، فهذا أمر مقبول ومعقول بل دليله في وجودك ضمن الحزب [أيّ حزب الوحدة الشعبيّة]، حين ردّ السيّد محمّد بوشيحة [الأمين العام لحزب الوحدة الشعبيّة] على السيّد أحمد الإينوبلي [الأمين العام للإتّحاد الديمقراطي الوحدوي] في معرض حديثه عن انتقالك من الحزب الثاني إلى الأوّل، بأنّ حزب الوحدة الشعبيّة مشرّعة أبوابه أمام المناضلين من جميع الحساسيات الوطنيّة وكاتب هذه الأسطر يعتبر هذا الحزب أقرب إلى جبهة تجمع عائلات سياسيّة متعدّدة ضمن مرجعيّة واحدة وقاعدة جامعة، من أن يكون حزبًا دوغمائيا.

لاحظ كاتب هذه الأسطر والقراء شهود، أنّ السيّد خليل الرقيق يردّ مدافعًا عن اليسار ضمن هجوم على التيّارات الإسلاميّة، ممّا يعني ضمن التقابل الذي أراد أن يرسّخه أنّه واليسار في ضفّة يقابلها كاتب هذه الأسطر ممثّلا أو متدثّرا أو بمعيّة التيارات الإسلاميّة، بل ينسبني إليها جهرًا حين يرى يقول :«بقطع النظر عن ما يمكن ان نقوله حول أزمة اليسار واليمين على حد سواء، لا بد أن نذكر للسيد نصر الدين من باب الموضوعية والامانة التاريخية ببعض الحقائق التي لا أظنها خافية عنه، بل أظنه اجتهد في اخفائها.»، والإخفاء يختلف عن النسيان، حيث يشكّل الأوّل فعل متعمّد في حين يكتسي الثاني طابع العفويّة، حيث يقوم الإخفاء مقام الجريمة والاجتهاد فيه يكون مؤامرةً، بل إنّ « الاجتهاد في الإخفاء » لا يمكن أن يكون مجرّد ردّ على مجرّد مقال، لتكون الصورة [الدراميّة] الظاهرة أو البادية للقراء مجرّد حلقة أو جولة من حروب التخوين وجولات الإبادة، ومحاولات المحق وقطع الدابر، ممّا يجعل مقال « فتوى اليسار في تحريم الاستشهاد والتبشير بالانهيار » مجرّد فصل من مؤامرة تتقاطع خيوطها أو خطوطها بين رغبة أشخاص وتنظيمات أو جزء منها وأجهزة أو جزء منها في إلحاق الضرر أو تحطيم السيّد سهيل البحري!!!!

الردّ عندي ـ كما عهدت نفسي ـ يتمثّل في رفضي السقوط في متاهات التخوين أو المؤامرات والدسائس أو حوارات الخمّارات العتمة حين يختلف الكلام وقوفًا عن حالات الجلوس، وتأتي التقييمات بحسب لون الشراب الذي يتراوح بين الأخضر والأحمر وما بينهما!!!

يلاحظ القراء في يسر شديد أنّ السيّد خليل الرقيق حاول أو عمد طوال مقاله إلى محاولة جرّ الحوار ونقله من مقام الفكر إلى مستوى الأيديولوجية، مرتكزًا في فعله على أبعاد ثلاث:

ـ الدفاع عن اليسار ضمن مهاجمة الإسلام السياسي.

ـ نعت كاتب هذه الأسطر أو بالأحرى محاولة حبسه ضمن تقييدات أيديولوجيّة واضحة، أيّ ضمن الإسلام السياسي.

ـ المنحى التراثي [اليساري] الذي اعتمده السيّد خليل الرقيق، حيث لم يترك فرصة إلاّ وذكّرنا بـ »التراث اليساري » وخاصّة من « السلف الصالح » وقد سرد كمّا من الأسماء أو بالأحرى من الأعلام.

سعي السيّد خليل الرقيق إلي أدلجة الحوار ينبع من تكوينه ومرجعيته وماضيه، فالرجل نزّل نفسه منذ البدء ضمن تيّار أيديولوجي بعينه وقد دخل عددا لا يحصى من الصراعات السياسيّة ومن النزاعات الأيديولوجيّة سواء ضمن عائلة اليسار أو في مواجهة الإسلاميين ما يجعل منه مرجعًا تاريخيّا وشاهدًا على عصره، بل يشهد المرء من باب الأمانة، وليس لكاتب هذه الأسطر عطاء يبغيه أو شرّ يخشاه، أنّ الرجل يملك لغة جيّدة ومعرفة دقيقة، سواء بالتراث اليساري ضمن جميع عائلاته أو بالتراث الإسلامي، لكنّه اعتاد وبقي حبيس الصراعات الأيديولوجيّة، حين فقد القدرة ـ إن كان كسبها أصلا ـ على أن يرتفع إلى مقام الفكر المجرّد أو الواقع الماثل أمام أعيننا، ممّا جعل في صورة المصارع الذي يبغي مسك الخصم من تلابيبه [الأيديولوجيّة] وحين لم يجدها [في مثل حالتي] راح يستعيض عنها أو بالأحرى يصطنع منها ما ألف في خصومه السابقين!!!

يلاحظ القارئ الكريم أنّ السيّد خليل الرقيق « أغلق باب الاجتهاد اليساري » وجعل مرجعه ضمن ماضيه، حين كتب مخاطبًا كاتب هذه الأسطر :«قد لا تكون غافلا عن حقبة السبعينات والثمانينات وعن الإسهامات التي قدمها اليسار العربي في معارك فلسطين وفي حصار بيروت 82»، ومن ثمّة يأتي فشله في إيجاد مرجعيّة حاضرة وسندًا قائمًا سببا مباشرًا في تماهيه المتواصل مع الماضي حين يحيل إلى «حسين مروة ومهدي عامل وعبد الله العروي وغيرهم كثير»، أو إلى «حنا مينة ومحمود درويش ومارسيل خليفة»، وليس لكاتب هذه الأسطر أن ينصّب نفسه ترجمانًا عن غيره أو وصيّا، بل أن يسأل عن الروابط الموضوعيّة التي قد يراها أصحاب الشأن أو قد ينكرونها، ممّن ذكرهم السيّد خليل الرقيق، عن رأيهم بخصوص العمليات الاستشهادية أصلا، سواء في العراق أو غيره من الأمصار!!!

يخاطب السيّد خليل الرقيق كاتب هذه الأسطر بشأن عفيف الأخضر :«هكذا وببساطة ارتكزت على تصريح شخص في قناة تلفزية»، ليضع هذا المفكّر، الذي مثّل « زمن العزّ » أحد أباطرة اليسار وهو نبيّ ما يسمّى بـ »الليبراليين » راهنًا في هذه الصورة القميئة، ليبخس الرجل ماضيه الذي لا أحسب أنّ رجلا من اليسار ينكره أو يقلّل من شأنه، وقد وجب القول أنّ حقّ الاختلاف أو شرعيّة المخالفة لا تسمح البتّة وبأيّ صورة أن ننسخ التاريخ أو أن نستعيض عن الماضي على اعتباره حقيقة بما نحمل من رؤى وما نملك من مواقف تجاه هذا الشخص أو ذلك التنظيم. إنّ عقليّة النفي ومنهجيّة الإقصاء وما أسّس لها أو صاحبها من انتقائيّة لم تمس فقط مواطن الخلاف بل وهنا تكمن الخطورة شملت الحقائق التاريخيّة، ومثّلت إسقاطًا لمواقف أيديولوجيّة زوّرت التاريخ وشوّهت الحقائق.

قد يرى السيّد خليل الرقيق ومعه قسم من القراء أنّ كاتب هذه لا يرى في اليسار سوى باب خيانة ومصدر بلاء، فالقول أنّ اليسار لم يتمثّل البتّة لدى كاتب هذه الأسطر في بعض الديكة والنافخين أوداجهم بحثًا عن زعامات لا تملك القدرة على إخفاء بقايا الإقطاع الراسب في أعماقهم, بل في عديد المفكرين الذين وجب أن نحترم نزاهتهم وإن خالفنا رأيهم أو بعضًا منه، أن نحترم منهجيتهم العلميّة التي لا يمكن بأيّ حال أن نراجعها أو نعارضها سوى بمرجعيّة أخرى خارج منطق التخوين وفكر الإقصاء. كاتب هذه الأسطر يحترم بل يجلّ رجلا بقيمة جورج عدّة ثبت عند مواقفه ثبوت القناعة وليس المكابرة، رفض منطق القطيع ووقف ضدّ التيّار. وجب كذلك أن أذكر المفكر والمرجع العربي عزمي بشارة الذي يرفض كما يرفض جورج عدّة التموقع ضمن قوالب جاهزة أو الفرار إلى المحميات الفكريّة التي أسّس لها الليبراليون الجدد في بحث عن منطق يزوّج الذئب بالمعزاة، دون أن ينسى المرء المفكر والمرجع العربي أنطوان شلحت التي يتشرّف كاتب هذه الأسطر بصداقته بل بالنهل من معينه الذي لا ينضب. القائمة تطول من داخل تونس أو من خارجها وربّما عرّجنا على بلاد الفرنجة وأدرجنا بعضًا من مفكريها الذين رفضوا التنميط وقاوموا ولا يزالون الشطحات الفكريّة التي لا تعدو أن تكون سوى حالات عهر بيّنة.

مصيبة اليسار الماثل أمامنا أنّه لم يعد يملك القدرة على تفعيل حاضره دون المتاجرة أو الاستنجاد بماضيه، بل إنّ السلفيّة اليساريّة أو هي أصوليّة، لا تبغي من مرمى ولا تملك من غاية سوى استنطاق التراث أو بالأحرى اغتصابه ضمن مسعى طقوسي إن لم نقل خرافيّ أساسه خلق روابط بين الحاضر القاتم والماضي المزهر، علّ أضواء الثاني تشعّ على ظلمة الأوّل.

مصيبة اليسار الماثل أمامنا في صورة السيّدين سهيل البحري أو خليل الرقيق، تكمن في تفتيت التاريخ وفصل بعضه عن بعضه، في تعارض صريح واختلاف واضح مع المرجعيات التراثية اليساريّة، ونذكر من ضمنها أحد أهمّ الكتب إن لم نقل أهمّها إطلاقا وهو « النزعات الماديّة في الفلسفة العربيّة الإسلاميّة » للمفكر الراحل حسين مروّة، الذي أعلم يقينًا أن السيّد خليل الرقيق ينزّله منزلة رفيعة ضمن المرجعيات التي يستند إليها، سواء عند القراءة والتحليل والتمحيص أو البتّ وإبداء الرأي، ونسأل أنفسنا سؤالا يراه كاتب هذه الأسطر على درجة كبيرة من الخطورة، بل باب إجابة عن العديد من الأسئلة الراهنة، لنسأل عن القراءة التي كان الراحل حسين مروّة سيقدّمها بخصوص العمليات الاستشهاديّة أينما كانت ومهما يكن أصحابها.

قد يرى البعض أنّه لا يجوز البتّة أن نقوّل الأموات ما لم يعد يملكون القدرة على قوله، وأنّ الكتابة تنبع من واقع ولا يمكن أن تأتي إسقاطًا، لكنّه وجب القول أنّ الراحل حسين مروّة يمثّل أحد أهمّ المراجع الفكريّة لليسار العربي وأنّ كتاباته لا تأتي فقط مفعمة بالتحاليل مليئة بالخلاصات، بل ـ وهنا تأتي أهميتها الحاضرة ـ تمكننا من أدوات بحث ووسائل تقصّ، يمكن أن نُعملها حيثما شئنا، شريطة أن نحترم الشروط الموضوعيّة التي أقرّها صاحبها ونمتثل لقواعده.

الثابت والأكيد ـ ولا أرى السيّد خليل الرقيق سوى مؤكّدا لقولي ـ تكمن في ما أرسى قواعده الراحل حسين مروة من محاولة قراءة التاريخ خارج ضغوط العاطفة وضمن استحضار لكلّ الأبعاد المؤثّرة في موضوع الدراسة، أيّ أنّ التاريخ يصبح حقلا معرفيّا منفصل في جلاء عن الحقل الإيماني وبالتالي لا يجوز تفتيته أو أن نجعله أجزاء، وهنا يبدو التعارض صريحًا، بل القطيعة واضحة ـ على المستوى البنيوي ـ بين فكر الراحل حسين مرّوة وما قدّم السيّد سهيل البحري من قراءة أثنى عليها السيّد خليل الرقيق وحاول تبريرها بل نزّلها منزلة القانون الذي لا يقبل نقضًا ولا يحتمل طعنًا. ليس للمرء أن يستنطق الراحل حسين مروة أو أن نقوّله رأيا، بل الجزم أنّ مسألة الاستشهاد كانت ستأخذ من لدنه على مستوى التحليل والمقاربة أكثر من قول السيّد سهيل البحري حين رأى أنّ :«الشعوب الحية لا تصنع غدها بالموت، فحبّ الحياة شرط لانبعاث الأمل وتشييد الأفق»… لا تأتي هذه الجملة منزوعة عن سياقها بقدر ما تمثّل تأسيسًا لمنطق جديد لدى اليسار حين تخلّى عن ثوابت المؤسّسين وراح يقدّم تفسيرات تفنّنت في محاولة تزويج « التراث الشرعي » بالواقع الجديد، واقع التماهي مع مفهوم الإنسان الذي تروّج له الليبراليّة الجديدة. ليس لنا أن نبدي أحكامًا أخلاقيّة، بل القول بأنّ هذا التفتيت الذي مسّ التاريخ ـ بالمعنى الكامل للكلمة ـ يتعمّد منحيين أثنين، أوّلهما يخصّ عامل المعلومة، والثاني يعني الزمن.

إنّ المنطق الصهيوني الأمريكي بدءا من تبلور المشروع الاستيطاني فوق أرض فلسطين وبداية الترسيخ المادي له، عمل على إعادة صياغة المعلومة والسيطرة على عامل الزمن، ومن ثمّة عمل على أن يستبطن أعداءه هذا الفكر ويتمثّلوا به، وإن أظهروا تجاهه رفضًا وأبدوا معارضة، فنحن ـ العرب ومعنا المسلمين ـ صرنا على مستوى الخطاب أسرى هذه الرؤية، وأصبحنا نتعامل مع هذا التفتيت في صورة الأمر الواقع، ومن ثمّة ننظر إلى الأرض المحتلّة عام 1948 في صورة « دولة إسرائيل » وأنّ المسألة أو بالأحرى الصراع يخصّ ما يسمّى الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

التفتيت مكّن من عمليات نقل متتالية ومتواصلة أيضًا لعديد من المسلمات من أبعادها الأصليّة لتصير بحسب المنطق الجديد موضوع سؤال أوّل الأمر ومن بعدها موضع شبهة لتنتهي علامة ريبة وباب مساءلة.

قد يدّعي البعض أنّ عامل الزمن والتخلّف وعدم الوعي قد فعل فعله بخصوص الوضع في فلسطين، لنسأل عن الأسباب التي جعلت النخب العربيّة ـ أو ما يسمّى كذلك ـ تنزلق بخصوص العراق لتتقبّل أو بالأحرى تتمثّل بالمنطق الأمريكي وإن أبدت معارضة شكليّة له، ومثال ذلك أنّ عدد المقالات الصادرة عبر الصحافة العربيّة التي يتباكى أصحابها ويذرفون الدمع غزيرًا بخصوص ضحايا الإرهاب في العراق، تضع هذا الشعب وتعتبره أسيرًا ورهينة بين الإرهاب الأمريكي والإرهاب المنسوب لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. هذا التحليل ورغم ما يبدي من نوايا صادقة، إلاّ أنّه لا يعدو أن يكون مجرّد تشويه للتاريخ، بل ـ وهنا تكمن الخطورة ـ هو في خدمة المشروع الأمريكي، سواء فعلوا أصحابه ذلك عن قصد أو كانوا في صورة من يحملون أسفارًا.

إنّ وضع الطرفين، الأمريكي والقاعدة، موضع التساوي يعني في بعده الأوّل تمييعًا للعدوان الأمريكي وجعله طرفًا في معادلة هو في الحقيقة أصلها وسبب بلائها، فتنظيم القاعدة لم يوجد في العراق سوى في صورة ردّ فعل إن لم يكن صنيعة من صنائع الاحتلال، وقد اعترفت الإدارة الأمريكيّة أنّ العراق زمن صدّام حسين لم يكن على أدنى علاقة بتنظيم القاعدة، وبالتالي يتحمّل الطرف الأمريكي الجريمة مضاعفة، بدءا بجريمة العدوان ونهاية بكلّ التعقيدات التي أنتجها هذا الوضع أو أسفر عنها. هذا لا ينفي بأيّ صورة من الصور وجوب التنديد بجرائم من يهاجمون المدنيين ومن يقترفون المذابح ضدّ الشعب العراقي، سواء انطلق الفاعلون من نواياهم الشريرة أو كانوا أعوانًا ومرتزقة لدى أصحاب العدوان.

هذه الحملة لا نملك سوى توصيفًا لها دون أن نبدي قرارًا بخصوص أصحابها، فليس للمرء أن يحاسب النوايا أو يساءل الضمائر, حين بلغ بنا الأمر أن صار العدوان الأمريكي أقلّ مرتبة بل أكثر قبولا وأهون أمرًا من أن يمارس بعضنا العنف تجاه هذه الدولة.

إنّ الحبر الذي أساله العرب إثر أحداث 11 سبتمبر يفوق بكثير ما سال من دماء الضحايا أنفسهم، وليست هذه الصورة من باب التقليل من هذه الجريمة التي تمثّل اعتداء صارخًا على أبرياء، بل لنطرح السؤال الهام والأكيد عن الأسباب التي تجعل العرب والمسلمين يولون الاعتداءات الإرهابية التي تتمّ في الدول الغربية اهتمامًا يفوق بكثير الجرائم التي يقترفها الصهاينة في فلسطين أو الأمريكيون في العراق وأفغانستان؟؟؟

في الغربي عمومًا والولايات المتّحدة خصوصًا يرفضون العمليات الاستشهاديّة ويرونها ضمن صور الإرهاب بل هي من أبرز تجلياته، وهذه الرؤية تأتي طبيعيّة ضمن منطق التفتيت الذي يأبى على العرب والمسلمين الخروج ضمن منطق الصراع عن الحدود التي حدّدها الغرب، في حين تأتي هذه العمليات لتشكّل ليس فقط طعنة بالمفهوم العسكري، بل ـ وهنا تكمن الخطورة ـ إحدى صور رفض عقليّة التفتيت أو القبول بها.

جاءت الحروب ضمن الفكر الغربي مشرّعة لكلّ الأسلحة، وقد شهد التاريخ، سواء زمن روما أو عند السيطرة على القارة الجديدة أو إلقاء القنبلتين الذريتين اهتماما أكثر بالنتيجة من عدد القتلى وكمّ الضحايا، وقد كانت ولا تزال شرعيّة كلّ سلاح تكمن في فاعليته دون أدنى اعتبارات أخلاقيّة أو غيرها… بل تأتي تعابير كمثل « أسلحة الدمار الشامل » لتكون خير شاهد على النفاق الغربي، حين يبيح لنفسه ما يحرّم على غيره!!! العمليات الاستشهاديّة تمثّل السلاح الوحيد الذي عجز الغرب عن امتلاكه ومن ثمّة بحث عن إجتذاذه عبر تجريم من يمارسونه ومن ينادون به.

إنّ المصيبة تكمن في أنّ الغالبيّة العظمى من النخب العربيّة استبطنت عقليّة الذنب التي ولدها موقف الدونيّة وصار الاعتداء عليها يزعجها أقلّ من أن يرتكب أحد اعتداء ينسب إليها، فهي قد ألفت دور الضحيّة وليس من عاداتها أن تلعب دور الجلاّد بعد. إنّ الغالبيّة العظمى من النخب في البلاد العربيّة والإسلامية راحت تكيل التهم إلى القاعدة متناسية أنّ هذه الأخيرة لم تفعل سوى أنّها تماهت من موقع الضعف مع غالبها، فهي نقلت الحرب إلى الأرض الأمريكيّة، حين حمل الأمريكيون الحرب إلى أرضنا، وهي اعتدت على المدنيين، حين اعتدى الأمريكيون على الأبرياء.

كاتب هذه الأسطر يعتبر أن جريمة تنظيم القاعدة لا تكمن في بادي الأمر في عدد الضحايا ومن سقطوا من الأبرياء، بل حين نزّلت جدليّة الصراع ضمن منطق فيزيائي كما هو الحال لدى الأمم الغربيّة وأوّلها الولايات المتّحدة، التي إنبنت منذ أن وطأ كريستوف كولومبس الأرض الجديدة على أساس أنّ كلّ توسّع ممكن هو توسّع شرعي، في حين أنّ المنطق البشري، سواء بالرجوع إلى الموروث العربي الإسلامي أو إلى الأخلاق البشريّة يبني الحرب على جملة من الشروط التي لا تشرّعها سلطة القوّي وقدرته على إيذاء غيره. إنّ تنظيم القاعدة لم يأت فعلا مباشرًا بقدر ما كان ردّ فعل يتماهى من موطن الضعف مع غالبه، وإن أثّث لفعله عبر ديباجة من الخطب والمرجعيات الإسلاميّة…

إنّ اعتداءات 11 سبتمبر جاءت لتهزّ الكيان العربي الذي استبطن دور الضحيّة ولم يعد له مجال سوى مقارعة الآخر ضمن منطق التفتيت الذي جاء مبيّنا لحدود اللعبة أو جلد الذات والنبش في خباياها علّه يستعيض بذلك عن استحقاقات المرحلة حين حانت المواجهة سواء في العراق أو في فلسطين.

ختامًا: أعلم أنّ هذه الأسطر المتواضعة ستهزّ السيّدين سهيل البحري وخليل الرقيق، ولذا أطلب منهما ومن كلّ من يتصدّر للكتابة عوضًا عنهما أن ينطلق من الأسئلة التي سبق لكاتب هذه الأسطر أن طرحها، وأن يكون الردّ مسنودًا ضمن ما يقتضيه المنطق وما يمليه العقل، فقد تجاوزنا زمن التصريحات التي تحمل الحقيقة في ذاتها، علّنا في ذلك ننال ثوابًا في الدنيا…


رمضان والمقاومة

راشد الغنوشي (*)

 

بدءا أهنئ أمة المومنين والمؤمنات أن مد الله لهم في العمر حتى بلغوا هذا الموسم العظيم للخير، وأبتهل إليه سبحانه أن يوفقنا جميعا إلى صيام أيامه وقيام لياليه، فنكون في خواتمه من الفائزين بالمغفرة والرحمة والعتق من النيران وشهادة التقوى المقصد الأعظم لهذه العبادة « يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون« .

 

وذلك لأن قوة هذه الأمة وعزتها ونهضتها ووحدة صفها في دينها، فعلى قدر حظها من العلم والعمل به يكون حظها في الدنيا والآخرة. ولقد أبدع الخليفة الراشد عمر بن الخطاب التعبير عن هذه الحقيقة التي لم تزدها وقائع التاريخ إلا تأكيدا « نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله« .

 

وإن أساس هذا الدين العظيم ومنهاجه لصلاح حياة الناس فرادى وجماعات معرفة الله جل جلاله على الوجه الصحيح، والمجاهدة الفردية والجماعية لتحري اتباع شرائعه، وفق ما جاء به الرسل ولخصته رسالة خاتمهم عليهم السلام.

 

إن تحقّق الحضور الإلهي في حياة الإنسان اليومية الفردية والجماعية على أتم المستطاع هو المقصد الأسنى لهذه الرسالة وهذا المنهج، وعلى قدرتحققه يكون حظ الإنسان فردا وجماعة من الرقي والسعادة في الدارين، والعكس بالعكس، مهما بدا الأمر بخلاف ذلك لذي النظر الحسير فيالزمن القصير.

 

ومن أجل التحقق الفعلي والدائم والفاعل لهذا الحضور الإلهي في حياة الناس فرادى وجماعات لم يكتف الرحمن الرحيم بعباده وهو الغني عنهم أن يبلغهم عبر مبعوثي رحمته للعالمين جملة من التصورات تعرفهم بربهم وأصلهم ومصيرهم وبالكون المسخر لهم، وإلا ما افترقت رسالات السماء عن الفلسفة وبالخصوص المؤمنة، ومعظم الفلاسفة مؤمنون، غير أنهم لم يتجاوزوا هذا المستوى بسبب عجز العقل البشري عن رسم خريطة واضحة متماسكة لعالم الغيب، ومحددات واضحة يقاس عليها ما هو خير وما هو شر، بله أن يضعوا منهاجا تربويا واجتماعيا يحقق توازنا معقولا بين مختلف أبعاد الإنسان الروحية والمادية والاجتماعية عبر حضور دائم وفعال لعالم الغيب في عالم الشهادة « اعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك« .

 

وبذلك كان الأنبياء -عليهم السلام- هم القادة الأعظمين لمسيرة البشرية ليس بما حملت رسالاتهم من تصورات وقيم وحسب، وإنما أيضا وأساسا بما حملته من شعائر وشرائع عملية رفعت بصر الإنسان إلى السماء إلى المثل الأعلى، ودرّبته كيف يمتلك إرادته ويقاوم كل الإغراءات ولا يستسلم، بل يمشي على الأرض ويسعى في مناكبها لتسخير خيراتها وقلبه معلق بالسماء ممتلئ شعورا ويقينا بحضور الله ومعيته الدائمة وعظيم نعمائه عليه وأنسه بذكره وتهيئه الدائم للقائه في حياة أبدية ملؤها السعادة. ذلك الحضور هو « المدماك » الأساسي للمنهاج الإسلامي التربوي المعبر عنه بالتقوى، أن تعرف عدوك وتتمرس على مقاومته سالكا طريقا إلى مولاك.

 

ومن رحمة الله بعباده أن دلهم على نهج في الحياة جمع المطالب الروحية إلى المطالب المادية والاجتماعية من شرائع وشعائر تكفل تحقيق ذلك الحضور، مقصد الدين الأسنى والسبيل الأقوم بل الأوحد لصلاح الإنسان وسعادته.

 

وتمثل شعائر الإسلام التعبدية سواء أكانت واجبات أم كانت مندوبات مثل الصلاة والصيام والحج والتلاوة والذكر مقومات أساسية في المنهج الإسلامي الفكري والتربوي للإصلاح النفسي والاجتماعي، فجاء الشارع مرغبا فيها حاثا عليها واعدا على أدائها بالأجر العظيم « من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه »، محذرا من التهاون فيه أو الاكتفاء بالأداء الشكلي حسبانا منه أن ذلك هو المطلوب.

 

وفي الحديث « من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه ». و »رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظه من قيامه السهر« .

 

فليس الأمر مقتصرا على حركات معزولة وأعمال شكلية منفصلة عن مقصدها الديني، وهو تحقيق الحضور الإلهي الدائم في حياة الإنسان ومقصدها النفسي في اكتساب إرادة قوية قادرة على الرفض والمقاومة وقول « لا » في وجه صولة الشهوات والأهواء والاندفاعات الغضبية والإغراءات والتهديد كما هي قادرة على إنجاز ما تقرر، فضلا عن مقصدها الاجتماعي في فعل الخيرات واجتناب الشرور، « إن الصوم جنة » أي درع في مواجهة الإغراء والتهديد. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء« .

 

وتأسيسا على ما سلف فإن عبادات الاسلام لئن كاد الانحطاط يفرغها من مقاصدها الاجتماعية حتى كادت تتحول لدى الجم الغفير أشكالا وهياكل خاوية شأن قوانين الديمقراطية وحقوق الإنسان لدى الدول المتخلفة، وبلغ الأمر في زمن صعود العلمانيات أن استهان بها كثير من المنتسبين إلى الإسلام، بل اجترأ بعضهم عليها كما فعل الرئيس التونسي السابق بحسبانه الصيام كالحجاب معيقا للتقدم والتحديث.

 

غير أنه أمكن لحركات الإصلاح الإسلامي أن تعيد لهذه الشعائر المفرغة قدرا غير قليل من الاعتبار تعريفا بالمعاني والمقاصد التي جعلت لها وما أنجزته زمن ازدهار الإسلام، إذ كانت الوقود المحرك لأعظم الفتوحات وتأسيس أعظم الدول والحضارات وإرساء مجتمعات أهلية مزدهرة.

 

وعودا على بدء تم استعادة الارتباط المفقود أو الواهن بين عالم الغيب والشهادة بين شعائر الدين ومقصدها التعبدي في العيش مع الله من جهة ومقصدها التعبدي وأثرها الاجتماعي التربوي من جهة أخرى، هدهدة لسعار الكسب والتكاثر وشح النفس والإخلاد إلى الأرض، وإطلاقا للفطرة الإنسانية الخيرة من الأغلال والآصار ترتاد ساح الاجتهاد والجهاد.

 

وإن من عظمة هذا الدين وواقعيته ما يتوفر عليه من قابليات غير محدودة ليواكب مسيرة البشرية في كل أحوالها تحضرا أو تخلفا وفي كل مستوى من النظام السياسي والاجتماعي في حضور دولة أو غيابها، فقد ثبّت قدرته في كل ذلك على قيادة مسيرتها ومداواة عللها، بينما رأينا فلسفات كبرى تنهار مثل الشيوعية بمجرد انهيار دولتها ورأينا أمما كبرى تستسلم استسلاما كاملا لغزاتها بمجرد خسارتها حربا كما حصل للأمة اليابانية والألمانية إثر الهزيمة التي حاقت بهما، فاستسلما لإرادة المنتصر يجري عليها ما شاء من الجراحات، يلغي ويعدّل ويستحدث ما شاء من القوانين والنظم والقيم والعلاقات، ليعيد تركيبهما على الصورة التي أراد ويضع قطار كل منهما على سكة ترضيه، بينما سقطت للإسلام خلافته فلم يفقد فعاليته في توجيه أهله وتعبئتهم لمقاومة أعدائهم.

 

ولك أن تتأمل -مقارنا- ما حصل في العراق حيث انهارت الدولة في أقل من 20 يوما ليعلن الأميركان النصر وانتهاء الحرب، غير أن حقائق الواقع لم تتأخر شاهدة على أن الحرب الحقيقية قد بدأت يوم سقوط الدولة وانهيار مؤسسات « الحداثة » لمّا واجهت حداثة أعلى منها تطورا، يومها عمت الفوضى، لكن سرعان ما نهض العملاق الإسلامي من قلاعه التقليدية في المساجد يعيد الانتظام والتماسك ويغيث الملهوف ويطعم الجائع ويحمي الأعراض والدماء.

 

ثم لم يلبث أن نفخ في أهله روح المقاومة صانعا ميزان قوة جديدا مع أعظم دولة وأعظم جيش وأفتك سلاح، على غرار ما فعل ويفعل أبطال فلسطين والشيشان على خطا أسلافهم في القرنين المنصرمين، بما يشهد على عظمة هذه الأمة وهي من عظمة دينها وواقعيته، وما يوفره لمعتنقيه من طاقات للمقاومة لا تنضب، وأن مصيره ليس مرتهنا لحضور نمط معين من الاجتماع مثل الدولة أو لمستوى معين من التسليح.

 

إنه بوجود دولة عادلة تعمل وفق شرائعه وفي إطار وحدة أمته يعطي عطاءه الكبير المذهل كما فعل في عصره الأول، لكنه وحتى في غياب دولته وشريعته يظل قادرا على تعبئة الأمة للإصلاح أو للجهاد، وذلك من خلال آلياته التي تظل فعالة مثل الصلاة والصيام والحج وتلاوة القرآن.

 

إنه مثل الطائر العملاق ذي الأجنحة الكثيرة أو الطائرة متعددة المحركات التي إذا عملت كلها تكون السرعة هائلة، غير أنه إذا تعطل بعضها لا تقع، وإنما يواصلان التحليق عاملين على إصلاح الأعطاب، ناهضين بوظيفة الاستمرار والدفاع عن البيضة، عن كيان الأمة وتعبئة قواها وضمان مستوى من مستويات الدفاع عنها، ومشاعر الوحدة والتضامن بين أبنائها.

 

إنه دين الله الذي اختاره نهجا لحياة وسعادة عباده فلا يزيغ عنه إلا شقي هالك، ولقد ضمن له البقاء عبر نظام محكم غاية في البساطة، على نحو يسهم فيه كل مسلم باعتباره مسؤولا مسؤولية عينية أمام خالقه، صلاة وصياما وحجا وزكاة، كما أنه غاية في التركيب على نحو يستوعب كل نشاط جماعي للمسلمين وحتى لغير المسلمين باعتباره رحمة للعالمين « وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان« .

 

إن الإسلام عائد بعدله ورحمته وعزته مستفيدا من منجزات الحداثة مثل ثورة الاتصال، تفعيلا لمقاصده وشعائره وشرائعه.

 

لقد بدأنا نرى يعود لرمضان بعض ما كان له من مجد يوم ارتبط في عصور الإسلام الزاهرة بالفتوحات وبازدهار سوق البر وأعمال الخير وليس السرف والتبذير ومواكب الفراغ والضياع.

 

الثابت أن الأمة تسكنها اليوم روح جديدة من الصحو، ويأتي رمضان في ظرف بلغت فيها استطالة الأعداء عليها وعلى ملتها مبلغا غير مسبوق احتلالا وتأليبا وتشويها، كما بلغت فيه المفارقة أوجا غير مسبوق بين الأمة وحكامها، أمة تزداد وعيا وتمسكا بدينها وحرصا على تطبيق شرائعه والتفافا حوله ونبذا لكل ما سواه، ويبلغ استعدادها للتضحية من أجله مستويات أسطورية أربكت كل المخططات والتوازنات العسكرية.

 

بينما حكامها قد بلغوا من الضعف والمذلة والتفرق وشدة البأس عليها درجة فاقت معها ميزانيات وزارات الداخلية كل ميزانية أخرى بما في ذلك وزارة الدفاع والتربية، حتى غدت بلاد العرب بالخصوص عنوانا بارزا لانتهاك حقوق الإنسان ولتزييف الانتخابات، وذلك مقابل شدة الحرص على استرضاء حتى جيوش الاحتلال من قبل حكومات تزعم انتسابا للإسلام وتمثيلا للأمة.

 

إنه أمام ما يشهده الإسلام من حالة صحو وتمدد ونمو كمي وكيفي تشير إليها ظاهرة تكثف التوبة صلاة وصياما وحجابا وانتشارا في العالم وإقبالا على المساجد والمصاحف والتجمعات الإسلامية خاصة في فئة الشباب وكذا تصاعد الطلب على شرائعه والتضحية في سبيله ورد العدوان على أمته.

 

ليس يشوش على هذه الحركة التاريخية وينتقص منها بعض الشيء غير ظواهر من التطرف ليس الدولي ولا الرسمي ولا النخبوي العلماني، فذلك مفهوم باعتباره سلاح الضعيف الفاقد لحجة الحق فما يبقى له غير سلاح القوة وإنما المقصود التشدد باسم الإسلام تكفيرا للمخالف واستباحة لدماء بريئة عصمها الإسلام تحت ذرائع غير شرعية وطائفية جاهلة، لا تستحق غير الإدانة الكاملة ولا تخدم في المحصلة غير أهداف الأعداء.

 

أمام هذا الصحو الواسع العميق للإسلام الذي تتجاهله القوى الدولية وتابعوها في المنطقة لن يكون من فعل رمضان في مثل هذه الظروف غير تأجيج المشاعر الدينية مشاعر الكرامة والعزة ورفض المهانة والذلة المفروضة على الأمة من قبل القوى الدولية وممثليها المحليين الفاسدينالذين تكاد شرعيتهم تقتصر على قمع شعوبهم ونهب خيراتها وحراسة حدود الاحتلال.

 

لن يكون من شأن رمضان في مثل هذه الظروف غير توسيع الهوة بين الشعوب الإسلامية وحكامها ومن يقف وراءهم ما سيغذي دوافع الانتفاض وهز الاستقرار المميت ويفرض التغيير انفجارا أو انقلابا حتى تلتحق هذه المنطقة بحركة التاريخ، قال تعالى « وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا » بعد أن رفضت الاصلاح والحوار وداست على صناديق الاقتراع.

 

(*) كاتب تونسي

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 9 أكتوبر 2005)


 

« البريك » و »شوربة الفريك » أطباق « خاصة جدا ».. لا يعرفها التونسيون إلا في شهر رمضان

تونس – سليم بوخذير تكتسب مآدب الإفطار في رمضان في البيوت العربية نكهة خاصة نظرا للأجواء العائلية المميزة في ليالي الشهر الكريم. وكباقي الدول العربية، في تونس هناك خصوصيات عديدة لمآدب الإفطار، فلا يخلو بيت في البلاد في رمضان من طبقين رئيسيين على المائدة وبغيرهما لا يحلو لأي تونسي موعد الإفطار وهما « البريك » و »شوربة الفريك ».  وكلاهما طعام تونسي مائة بالمائة لا يمكن أن تعثر عليها في أي بيت عربي باستثناء بعض البيوت الفلسطينية التي سبق أن عاش أصحابها في تونس في الثمانينيات وبداية التسعينات من القرن الماضي حيث نقلوا هذه العادة فأما « البريك » فهو عبارة عن عجينة جافة على شكل ورقة مستخرجة من دقيق القمح يوضع عليها خليط من البيض النيئ والبقدونس المقطع و »التونة » والكبًار وقطع من البطاطا المسلوقة، ثم يقع طي الورقة وتقلى في الزيت مدة لا تزيد عن الدقيقتين لتكون بعد ذلك جاهزة للاستهلاك. وأما « شوربة الفريك »، فهي حساء يحتوي فضلا عن الماء ومعجون الطماطم والبهارات على حبيبات مرحية (مطحونة) من الشعير وقطع صغيرة من اللحم أو السمك أو الدجاج. وتعتمد الأكلتان كمفتحات للصائم عند الإفطار قبل مروره للأكلات الرئيسية والتي عادة ما تكون: « الكسكسي التونسي » أو »مرقة البطاطا » أو »الملثوث » وغيرها. ولكن ليس « البريك » و »شوربة الفريك » هما فقط كل خصوصيات البيت التونسي بعد مدفع الإفطار، فتقريبا لا يخلو أي بيت أيضا من حلويات تونسية شهيرة لا تظهر إلا في شهر برمضان ونعني بها « المخارق » و »الزلابية » « حيث تلغي محلات الفطائر كل نشاطها المعتاد في رمضان لتتحول إلى صنع هذين النوعين من الحلويات. و »المخارق » و »الزلابية » عبارة عن عجينة من دقيق القمح تضاف إليها مواد ملونة فضلا عن السكريات ويتم قليها في الزيت قبل استهلاكها، ولا فرق بين كليهما سوى في الشكل فـ »المخارق » تكون بنية اللون ومستطيلة الشكل، أما « الزلابية » « فتكون في شكل دوائر محيطة ببعضها وذات لون أصفر أو برتقالي. وتشتهر مدينة باجة –(100 كلم شمال غرب العاصمة ) بشكل خاص بصنع هذين النوعين من الحلويات منذ قديم الزمن، بينما يحضر في عديد البيوت التونسية في رمضان نوع تونسي آخر من الحلويات هو »المقروض » الذي اشتهرت بصنعه منذ مئات السنين مدينة القيروان ( 230 كلم جنوب العاصمة ) حتى اقترن اسمه بها، وهو عبارة عن « سميد » مقلي محشو بالتمر. وذكرت مصادر تاريخية لـ »العربية.نت » أن أكلة « الزلابية » فقط هي التي نقلها البيت التونسي من البيت التركي زمن الخلافة العثمانية، لكنه أضاف إليها إبتكار « المخارق »، أما « مقروض » القيروان فهو إبتكار أغلبي الأصل حافظت عليه المدينة منذ العهد الأغلبي من دون باقي المدن الأغلبية في المغرب العربي، بينما أكدت هذه المصادر أن أكلتي « شوربة الفريك » و »البريك » هما بالذات ابتكار تونسي مائة بالمائة . وتدافع إحدى النساء التونسيات على الأصول التونسية لهذين الأكلتين، فتقول لـ »العربية. نت » إنهما « عادتان تونسيتان ورثناهما أبا عن جد، مثلما ابتكرت المرأة العربية في أقطار أخرى أكلات خاصة بها في شهر الصيام »، وأضافت نورة الجريتلي ( 37 عاما ): « إننا لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا نحن ربات البيوت التونسية أن نعد أي طبق آخر لأزواجنا وأبنائنا في رمضان قبل أن نعد طبقي البريك وشوربة الفريك ». وقالت نادية الحسني ( 41 سنة):  « إن رمضان لا يحلو في تونس بغير البريك وشوربة الفريك، لذلك فقد بدأت شخصيا أعد العدة لهما مبكرا، حيث اقتنيت كيلوغرامات عدة من شوربة الفريك قبل رمضان بأسبوع، أما « البريك » فإني اشتري في رمضان كل يوم 12 قطعة منه حتى أضمن أن يبقى طازجا ».
 

(المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 10 أكتوبر 2005)


بين ثقافة الإبداع وثقافة الإجماع في تونس

عادل لطيفي (*)

 

هل بالإمكان الحديث عن أزمة ثقافة في تونس خلال العشرين سنة الأخيرة؟ يطرح هذا السؤال هنا في مستوييه السياسي والسوسيولوجي، أي هل من الممكن سياسيا ومعرفيا الحديث عن أزمة ثقافة في تونس.

 

سياسيا أعتقد أن فضاء الثقافة أضحى في تونس فضاء « حراميا »، أي فضاء تنظمه مبادئ المنع والرهبة، على غرار الأماكن ذات القداسة الدينية، والدليل على ذلك الغياب الكلي لأي خطاب سلبي (مقارنة مع الخطاب الرسمي التبجيلي) حول هذا الموضوع. إذ لا أثر تقريبا لأي كتابة تثير سلبيات أو نقائص أو روتينية المشهد الثقافي التونسي الحالي.

 

وهو وضع غريب بالطبع إذا استحضرنا نسبية المسألة الثقافية في أي وضع جغرافي أو تاريخي، وخاصة إذا ربطنا ما ينتج في هذا المجال بحاجة المستهلك التونسي اليوم وبما وصلت إليه بلدان أخرى قد لا تنافس الثقافة التونسية من حيث العمق التاريخي.

 

 أما معرفيا، فلا يمكن لأي فكر نقدي أن يقف عند حد الجوانب المشرقة والإيجابية لأية ظاهرة، بل إن تقييمه يتجاوز هذا المستوى من خلال ربطها بمسارها التاريخي وبواقع الفاعلين فيها ثم بمحيطها. فمن البديهي أن يتناول الباحث مسألة الثقافة في تونس اليوم من خلال نظرة نقدية لما هو قائم.

 

عينة من واقع المجتمع

 

قد لا نحتاج أحيانا إلى مؤشرات شاملة ومباشرة حول ظاهرة ما لبناء معرفة حولها، فبعض المعطيات المنفردة والجزئية بإمكانها أن تمثل مدخلا لفهم ظواهر أكثر تعقيدا وشمولا.

 

في حالة وضع الثقافة في تونس يمكننا أن نلتمس حقيقة الأزمة من خلال معاينة بعض المؤشرات من واقع الفاعلين الاجتماعيين اليومي. أقول هذا وأنا أستحضر ما أوردته إحدى الصحف التونسية (مجلة حقائق) عن حادثة حصلت لأحد التونسيين في مدينة تونس عندما تعرف على ثلة من السياح الأفارقة الذين ادعوا قدرتهم على تحويل أي معدن إلى ذهب.

 

 أقنعوه بقدرتهم هذه من خلال تجربة قال إنهم قاموا بها أمامه في الفندق، فاستدعاهم إلى منزله لتحويل كمية هامة من المعدن لديه إلى ذهب. هناك، لم يتحول المعدن إلى ذهب بل تحولت امرأته إلى مغتصبة وهو إلى ضحية عنف وسرقة من طرف ضيوفه السحرة.

 

 قد تبدو الحادثة منفردة أو معزولة وتصنف بالتالي على أنها عرض من أعراض الحياة الاجتماعية، أي أن أبعادها لا تتجاوز الشخصيات التي تورطت فيها. فهي مثال غير جاد إذا حاولنا انطلاقا منه التوسع في دراسة اجتماعية أكثر جدية.

 

 لكن الحقيقة أن أبعاد هذا الحادث تتجاوز القصة وأبطالها لتحيلنا إلى مسألة أشمل وأكثر تعقيدا، إذ أن الحادث يحيل إلى طبيعة البنية الذهنية التي أصبحت أكثر فاعلية داخل المجتمع التونسي اليوم.

 

 فالسؤال الوجيه هنا هو كيف صدق هذا المواطن التونسي فكرة تحويل المعدن إلى ذهب. ربما قلنا إن مثل هذه الفكرة ليست غريبة على الثقافة الشعبية في تونس، لكن نفس هذه الثقافة تصنف هذا العمل عادة ضمن كرامات بعض الأولياء وليس ضمن تقاليد السحر الأفريقية. عادات السحر موجودة لكنها غير مرتبطة بهذه القدرات الكيميائية الهائلة.

 

 وهنا تكمن الأبعاد السوسيولوجية والأنثروبولوجية لهذه الحادثة بالرغم من محدوديتها. فكأن السحر الأفريقي فرض نفسه من خلال فاعليته الاجتماعية المباشرة أمام فكرة البركة المغاربية التقليدية التي تبدو غير قادرة على مسايرة حاجات اجتماعية جديدة.

 

 لم يكن هذا المواطن التونسي ضحية السحر الأفريقي بل كان في الحقيقة ضحية ثقافة الثراء السريع المتجاوز للقيم وللقانون وحتى للقدرات البشرية. فكرة الثراء السريع، وتحقيق النجاح الاجتماعي، بالمعنى المباشر للكلمة، كأهداف نهائية، تمثل اليوم في تونس الإطار العام لإنتاج الثقافة ولتأطير الفعل الثقافي.

 

هذا ما يجعل من هذه الحادثة البسيطة مؤشرا على تراجع فعل الثقافة النوعية في الواقع الاجتماعي للتونسيين. بل أهم من ذلك أنها مؤشر على تحولات اجتماعية مهمة جعلت النجاعة المادية المباشرة للسحر الأفريقي تجد موقعا لها في بلاد انفردت بقدم تجربتها في مجال الدستور والعمل النقابي وحقوق الإنسان.

 

ثقافة الإجماع والرضا عن النفس

 

لقد أفرزت حمى الثراء الموهوم، التي ترسخت منذ نهاية سنوات الثمانينات، تعبيرات ثقافية موازية تساير متطلبات هذه النقلة على مستوى الحركية الاجتماعية كما تساير النموذج الاجتماعي المثالي الذي تولد عنها. ومن ضمنها تلك التعبيرات التي تكوّن صورة مثالية عن الواقع التونسي بمختلف أبعاده، مثل مبدأ الإجماع أو مبدأ المثالية السائد.

 

 فحسب وسائل الإعلام، الرسمية أو التي تدور في فلكها، لا يوجد مجتمع يسود فيه الإجماع مثلما عليه الحال في تونس. وقد بلغ تضخيم هذا الإجماع حد إخراج المجتمع من دائرة التاريخ البشري المعقول. فهو مجتمع فوق التاريخ من حيث مستوى تجانسه.

 

في ظل هذا التجانس المثالي، تصبح مفردات الحوار والنقاش عديمة الفائدة، فأية جدوى للحوار وللسجال ولطرح الإشكاليات الفكرية؟ نلمس هذا بوضوح من خلال وسائل الإعلام، فهي تتطرق إلى كل المواضيع لكن دون أي نقاش ودون أي تعارضات في الرأي، هذا ما يفسر روتينية العمليات الانتخابية التي تبقى إجراءا تقنيا أكثر منها فرصة لاكتشاف تنوع الطروحات الفكرية والسياسية.

 

 خلاصة القول، حسب هذا النمط الإعلامي، أن كل شيء على مايرام ونحن متفقون على ذلك وبالتالي لا مبرر لأي نقاش. نجد هنا مؤشرا آخر على عقم الثقافة في البلاد المتمثل في غياب النقاش كوسيلة للتعبير عن تنوع المجتمع.

 

 لقد نسي القائمون على العمل الثقافي والإعلامي أن قوة الثقافة تكمن في تنوعها وفي نشاطها وليس في إجماعها وفي تجانسها، فالإجماع المطلق والتجانس الكلي لا يمثلان حالة تاريخية. إن ما هو غريب بالفعل في هذا المشهد الثقافي هو الغياب الكلي للنقد وللفكر النقدي.

 

هذه بعض ملامح الثقافة الظرفية الانتهازية السائدة اليوم في تونس، ثقافة « تدبير الرأس » والإجماع حول مثالية الموجود. وبالطبع فلهذا النمط الثقافي الهجين رموزه، وهم الذين تخصص لهم وسائل الإعلام المتنوعة حيزا كبيرا من فضائها على حساب رموز أخرى تعاني التهميش بالرغم من الاعتراف الداخلي والخارجي بمكانتها وبدورها على الساحة الثقافية.

 

أذكر كمثال على ذلك تهميش فرقة المسرح الجديد وإنتاجها النوعي، مثل كلام الليل، مقابل الدعاية المفرطة لمسرحيات ساذجة ولمسرحيين مهرجين. أذكر كذلك مثال العديد من الكتاب والمفكرين ذوي المكانة على الساحة العربية وربما العالمية، والذين يظلون نكرات في تونس ما عدا في الساحة الجامعية الضيقة، ومن بينهم المؤرخ هشام جعيط والمفكر عبد المجيد الشرفي أو كذلك عالم الاجتماع الطاهر لبيب. ومن بين الجمعيات المهمشة وذات الصبغة الاجتماعية والتوعوية يمكننا أن نذكر جمعية النساء الديمقراطيات التي تعد تجربة فريدة في العالم العربي.

 

 هذه بعض الرموز الحقيقية للثقافة النوعية التي يحتاجها التونسي، لكنها للأسف أجبرت على ترك الساحة لرموز الفن « الشعبي » والثقافة السطحية التي استحدثت لتتجاوب وعقلية الرضا عن النفس ولتروج لوهم العيش الرغيد من خلال طابعها الاحتفالي.

 

 لست أدري هنا ما مضمون « مجتمع المعرفة » الذي يروج له الإعلام في تونس في ظل استبدال ثقافة الذكاء والمعرفة العقلانية بالثقافة الشعبية –Populisme – والرداءة.

 

 عودة إلى الثقافة التاريخية الإبداعية

 

يتعارض هذا المشهد الثقافي، السطحي، الركيك والروتيني، تماما مع التقاليد الثقافية التي عرفتها البلاد خلال العصر الحديث والتي أفرزت ما يمكن تسميته بـ »الثقافة التاريخية » للبلاد، أي تلك الثقافة النوعية والخلاقة التي تبلورت نتيجة تراكم التجربة التاريخية.

 

فلو عدنا إلى فترة قريبة لوجدنا أن بداية الثمانينات من القرن العشرين كانت أكثر حيوية على مستوى الساحة الثقافية، ربما ليس من حيث كم الإنتاج ولكن بالنظر أساسا إلى نوعيته. ففي هذه الفترة بدأت تبرز تجارب تأسيسية على مستوى المسرح والسينما، جلبت الانتباه في العديد من البلدان العربية.

 

 كما وجدت خلال تلك الفترة فضاءات للنقاش الثقافي سواء على مستوى الصحف أو على مستوى المؤسسات، وكل مطّلع على هذه الحقبة يتذكر الدور الذي قامت به مجلة « المغرب » مثلا كفضاء للحوار والصراع الفكري بين مختلف التوجهات الفكرية. يتذكر العديد كذلك التجارب المتميزة لنوادي السينما والعديد من الفضاءات الأخرى التي احتجبت اليوم لتخلف وراءها فضاء شبه قاحل.

 

 لم تكن هذه الحيوية الفكرية والثقافية معزولة، إذ تعد هذه الفترة تأسيسية كذلك على مستوى التعددية السياسية، التي بقيت مشروعا غير مكتمل منذ 1981. بطبيعة الحال لم تكن هذه الفترة مثالية على مستوى الإنتاج الثقافي، لأن هذه التجارب كانت تتم في ظل التضييق الرسمي، لكن الملاحظ أنها وجدت بالرغم من ذلك.

 

 إن حيوية أواسط الثمانينيات على المستوى الثقافي العام تذكرنا إلى حد ما بفترة تأسيسية سابقة، وهي فترة الثلاثينيات من القرن الماضي. فبالرغم من الظرف الاستعماري فإن البلاد شهدت نشاطا ملموسا تجسد في انبثاق الجمعيات الثقافية والشبابية وكذلك في ظهور عدد من الفنانين.

 

أما على المستوى الفكري فقد شهدت الساحة دفعا مهما طرحت على أثره نقاشات حادة بين مختلف تكوينات المجتمع التونسي. من بين ذلك النقاش الذي دار حول تحرير المرأة بين الطاهر الحداد وشيوخ جامع الزيتونة أو كذلك النقاش حول الحجاب الذي شارك فيه الرئيس الراحل بورقيبة.

 

يمكننا هنا أن نذهب أبعد من ذلك لتتبع جذور هذه الثقافة التاريخية، وبالتحديد إلى موجة الإصلاح خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر التي رسخت التنظيم المؤسساتي للدولة كما حافظت على تقاليد التعليم من خلال تأسيس المدارس كالمدرسة الخلدونية والمدرسة الصادقية بالإضافة إلى جامع الزيتونة.

 

هذه هي المحطات الرئيسية للثقافة التاريخية في تونس المتميزة بقدرتها الإبداعية، رغم محدوديتها، وكذلك بانفتاحها وبنوع من الروح النقدية التي تحكمها. إنه مسار للتأسيس المتواصل المؤسس على محاولة النقد والتجاوز وهو يتعارض كليا مع الركود والعقم الحاليين المحكومين بعقلية الإجماع والرضا عن النفس.

 

وليس من باب المبالغة أن نقول إن المجتمع التونسي لم يكن طوال العصر الحديث أكثر عقما مما هو عليه طوال العشرين سنة الأخيرة. فمن المؤسف أن يحرم من إمكانيات ثقافته الإبداعية في عالم تحتاج فيه الشعوب إلى مرجعيات للوقوف في وجه التدويل الثقافي وفي وجه التطرف الديني.

 

ظروف التراجع الثقافي

 

ما هي أسباب هذا التحول من الثقافة التاريخية الإبداعية إلى الثقافة الظرفية الانتهازية؟ ما هي أسباب غياب وتغييب النقد؟ الأسباب عديدة ومتشابكة وربما تحتاج إلى دراسة أكثر استفاضة، وسأكتفي فقط باستعراض بعض النقاط المختصرة حول هذا الجانب.

 

 إن النموذج الثقافي السائد اليوم هو إلى حد ما وليد واقع اقتصادي واجتماعي محدد. فمنذ نهاية الثمانينيات تم اتباع سياسة اقتصادية ليبرالية، بالمعنى الضيق للكلمة، ساعدت في ظرف وجيز على تحقيق حركية اقتصادية، ضمن أيديولوجيا رسمية تثمن العمل والمثابرة والاستهلاك.

 

 وقد انعكست هذه الخيارات الاقتصادية، التي تعتمد على روح المغامرة الاقتصادية الفردية، على المستوى الاجتماعي من خلال توسع ظاهرة الثراء السريع، في أعلى الهرم الاجتماعي، في حين سقط ما يسمى بالطبقة الوسطى في تقاليد الاستهلاك، كما غرقت في أوهام الثراء والاستفادة من الفرص الموجودة دون أن تحسّن فعليا من أوضاعها.

 

 هنا نفهم توجه ذلك التونسي إلى السحر الأفريقي كما يمكننا أن نفهم عودة الغيبيات إلى المجتمع مجسدة في رواج أفكار الداعية المصري عمرو خالد مثلا. إنها أعراض مرضية لمجتمع يحاول إيجاد معنى لوجوده في ظل غياب نموذج ثقافي نوعي قادر على إعطاء إجابات عن تحديات الواقع.

 

 فما يلاحظ على هذا المستوى هو أن ثقافة الانتهازية المبشرة بحياة أفضل أصبحت غير منسجمة مع واقع الفاعلين الاجتماعيين الأكثر قساوة، وفي ظل غياب ثقافة نوعية قادرة على الإقناع، يلتفت هؤلاء إلى كل مظاهر الغيبيات القادرة بحكم جاذبيتها على تجاوز مرارة الواقع.

 

 في هذا الإطار بالذات يمكن فهم توجه شريحة هامة من التونسيين نحو مقامات الأولياء ونحو الروحانيين، وفهم عودة مظاهر التدين مثل لبس الحجاب والمثابرة على الصلاة، وهي عودة لا علاقة لها بمسألة الهوية ولا بالطروحات السياسية للإسلاميين.

 

يفسر هذا التراجع كذلك بانحسار هامش المبادرة السياسية خارج فضاء السلطة. فالتجانس السياسي شبه المطلق والمفروض، يحول دون إمكانية إفراز المجتمع لقوى أخرى قادرة على بعث حيوية فكرية وسياسية.

 

ولتلبية حاجة هذا التجانس السياسي تم منذ بداية التسعينيات اعتماد سياسة إعلامية تحاصر المعلومة وتراقبها ولا تترك المجال إلا للإنتاج المنخرط في ترويج ثقافة الإجماع والرضا عن النفس وعن السائد، أي ثقافة الاكتفاء. ولم يبق لهذا النموذج إلا أن يعلن نهاية التاريخ في تونس طالما أصبح المجتمع التونسي اليوم مجتمعا لاتاريخيا.

 

 نضيف هنا أن هذه السياسة الإعلامية والثقافية تحاول استيعاب تلك الثقافة التاريخية الإبداعية من خلال إدراجها ضمن رؤية فلكلورية للتاريخ الوطني. فالحديث عنها يكون عادة ضمن تلك الرؤية التبجيلية وتلك النزعة الاحتفالية دون الاستفادة من محتواها الإبداعي والنقدي. أي أن هذه الثقافة التاريخية أضحت اليوم عنصرا لإنتاج شرعية السائد من خلال إنتاج التواصل الوهمي مع عمقها التاريخي.

 

(*) كاتب تونسي

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 8 جوان 2005)

 

 

المغرب يجدد سلاحه الجوي والبحري وواشنطن تناور منذ سنوات حول تزويد الرباط بطائرات أف 16:

التوازن العسكري المختل في شمال غرب افريقيا

عمر نجيب (*)

 

في ختام زيارته للمغرب يوم الثلاثاء 27 سبتمبر 2005 أعلن الوزير الأول الفرنسي دومينيك دوفيلبان في وجدة أن وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل أليوت ماري ستزور المغرب خلال الأسابيع المقبلة للتوقيع علي عقد لتجديد طائرات ميراج اف 1 المغربية.

وأوضح دوفيلبان في ندوة صحافية عقدها بوجدة، بعد أن غادر الرباط وبعد أن استقبله الملك محمد السادس، أنه توصل مع نظيره المغربي ادريس جطو خلال اللقاء الذي جمعهما بمناسبة زيارته، لإتفاق من أجل التوقيع قريبا خلال زيارة الوزيرة الفرنسية علي عقد لتجديد الطائرات المذكورة من طرف مؤسسات فرنسية.

عدد من المراقبين رأوا أن أختيار دومينيك دوفيلبان وجدة التي تقع علي مرمي حجر من الحدود الجزائرية له مغزاه الرمزي، حيث يعتقد أن المسؤول الفرنسي أراد أيصال رسالة الي الجزائر مفادها أن باريس لن تسمح بإستمرار أختلال موازين القوي بين الرباط والجزائر.

تحدثت وسائل رصد فرنسية علي علاقة وثيقة مع الصناعة الحربية الفرنسية وكذلك أوساط في معهد الدراسات الأستراتيجية في لندن، عن أن الوزيرة الفرنسية ستزور الربـــــاط بعد أيام قليلة من عيد الفطر، غير أن صحيفة عربية خليجية تصدر في لندن ذكرت ان ميشيل أليوت ماري، وزيرة الدفاع الفرنسية، ستزور المغرب خلال شهر أكتوبر. نفس مصادر الرصد الأوروبية أضافت أن وفدا عسكريا مغربيا واحدا علي الأقل سيزور باريس وعدة مدن فرنسية حيث توجد صناعات عسكرية خلال الاسابيع القادمــــة وقبل زيارة ماري، وأضافت أن الصفقة المعلن عنها تتعــــلق بـ 28 طائرة ميراج أف ـ 1 مضي علي استخدامها في المغرب أكثر من 22 سنة.

وذكرت نفس الأوساط أن العقد لا يتعلق بتحديث الطائرات المذكـــــورة أجماليا، ولكن بحوالي نصف هذا العدد بينما سيتم استــــبدال باقي الطائرات أي حوالي النصف 16 طائرة بنوع أحدث يوجد في مخازن الجيــش الفرنسي في تولوز.

بل وقد ذهبت مصادر اخري خاصة في اوساط رصد الصفقات العسكرية بالبنتاغون الامريكي الي أن فرنسا وبالأتفاق مع دولة الأمارات العربية المتحدة ستمكن المغرب من طائرات ميراج أحدث من طراز 2000 توجد منذ سنوات في ورشات شركة داسو التي تصنع الميراج بعد أن وقع خلاف بين الامارات وباريس حول الصفقة.

أوساط في بورصة باريس ذكرت أن ما تحدث عنه الوزير الأول الفرنسي في وجدة ليس سوي جزء من عقد أوسع لتحديث وتطوير قدرات المغرب العسكرية، وأن هناك عقودا سيتم توقيعها فيما يخص البحرية المغربية وأجهزة الدفاع الجوي وكذلك سلاحي المدفعية والمدرعات المغربيين.

يقول عسكريون غربيون أن تحديث طائرات ميراج أف 1 التي هي في ملك المغرب يستهدف اساسا الحد من قدرة الطيران الحربي الجزائري وفي حالة حدوث صراع مسلح بين البلدين الجارين علي التحكم في المجال الجوي المغربي وخاصة فوق ساحة العمليات القتالية. ويضيف هؤلاء أنه كان من الأفضل للمغرب التخلي عن هذه الطائرات التي يتجاوز عمرها عقدين من الزمن وشراء طائرات أحدث، ولكن المشكلة أن الرباط لا تتوفر علي السيولة المالية اللازمة لعقد صفقات من هذا النوع، كما أن واشنطن تشوش علي خطط المغرب التسليحية فهي تناور بشأن امكانيات مد المغرب بطائرات أف 16 وتمارس هذا التكتيك منذ أكثر من ست سنوات أي منذ أن التقي الراحل الملك الحسن الثاني بمدير الشركة التي تصنع هذه الطائرات في الصخيرات.

عملية تحديث وإعادة عمرة طائرات ميراج أف 1 التي يبلغ مدي عملياتها 560 ميلا أي حوالي 890 كيلومترا وسرعتها 2112 كيلومترا في الساعة ستتكفل بها اساسا شركة (SNECMA) الفرنسية المتخصصة في محركات الدفع والمعدات وكذلك عبر شركات ستعمل من الباطن لحساب شركة سنيكما، والمعروف أن هذه المؤسسة الفرنسية العملاقة تشغل ما يزيد علي 41200 عامل وموظف منهم 9800 فوق الأراضي الفرنسية الأوروبية.

عقد تحديث جزء من سلاح الجو المغربي هو كذلك عملية موازنة متواضعة من طرف باريس لما تجري الاستعدادات له حول تعزيز قدرات الجزائر الجوية الحربية، والذي تضغط من أجل تنفيذه عدة أوساط في صناعة البترول والطيران الفرنسية في نطاق الصراع الدائر بين أمريكا وأوروبا حول توسيع النفوذ في مناطق أنتاج النفط. ففي شهر ابريل 2005 ذكرت أوساط مطلعة في باريس أنه في الوقت الذي كانت تتفاوض فيه السعودية مع السلطات الفرنسية لشراء حوالي 48 طائرة مقاتلة من نوع رافال التي تصنعها شركة داسو، ذهبت وسائل الإعلام الفرنسية إلي ذكر الجزائر كزبون وشيك لاقتناء الطائرات المقاتلة الفرنسية. وكانت الزيارة الأخيرة للأمير عبد الله بن عبد العزيز إلي باريس (وكان وليا للعهد حينها) والذي استقبل خلالها بحفاوة من طرف الرئيس الفرنسي جاك شيراك، قد فتحت النقاش من جديد علي إمكانية إقدام كل من المغرب والجزائر علي إمضاء صفقة مع شركة داسو لشراء طائرات رافال.

وحسب صحيفة ليزيكو المتخصصة، فإن العربية السعودية بصدد دراسة مشروع اتفاقية مع السلطات الفرنسية لشراء 48 طائرة من نوع رافال في مرحلة أولي تتبعها 48 طائرة أخري في مرحلة قادمة، بقيمة إجمالية قدرت بـ6 مليارات يورو. ورغم أن قصر الإليزيه نفي في حينه وجود الصفقة، إلا أن مصادر جزائرية أكدت أنه إلي جانب السعودية يوجد بلدان أبديا اهتمامهما بالطائرات المقاتلة الفرنسية الصنع وهما سويسرا والجزائر. ورأي بعض الملاحظين في حينها أن تسريب مثل هذه الأخبار التي عادة ما تحاط بالسرية التامة إلي غاية إبرام الصفقة قد تمت في إطار ما يسمي عند الشركات الصناعية الكبري والمتخصصة في الأسلحة علي وجه التحديد بـ وضع الزبون في المصيدة، وفي الحالة الجزائرية بدا لداسو أن بعض اطر المؤسسة العسكرية الجزائرية عبروا بشكل غير مباشر وعبر قنوات وسيطة عن اهتمامهم بطائرات رافال الفرنسية وهو اذا ما تم سيعتبر ضربة قاسية للصانع الروسي الذي كانت الجزائر إلي هو الأن أكبر زبون له في الوطن العربي وفي افريقيا. من زاوية أخري أكدت مصادر جزائرية لـصحف عربية، أن القوات الجوية الجزائرية تتفاوض كذلك مع روسيا وقد وصلت المفاوضات مرحلة متقدمة لشراء مقاتلات ميغ 29، وإن صحت هذه المعلومات وهو ما تم لاحقا في منتصف سنة 2005 فإن ذلك سيكون ضربة موجعة لشركة داسو الفرنسية التي راهنت علي السوق الجزائرية بعد ما تحسنت العلاقات الفرنسية الجزائرية بشكل محسوس علما أن ذات الشركة ما فتئت تحاول إقناع الإليزيه بإعطائها الموافقة علي التفاوض مع عدة بلدان من بينها الجزائر لبيع منتوجها من الأسلحة والطائرات التي عرفت كسادا أقلق مسؤولي الشركة، ولكنها دائما قوبلت بالرفض لأن قضية بيع الأسلحة من هذا النوع وعلي هذا المستوي قضية سيادية تخضع مباشرة لسلطة الرئيس شيراك وبشكل أوسع إلي مقاييس أوروبية تأخذ في الحسبان الأجواء الدولية والاتفاقات الأممية.

وتجدر الإشارة إلي أن طائرات رافال تمثل منتوجا استراتيجيا لفرنسا كونه لا يقتصر فقط علي الطائرة في حد ذاتها، وإنما تتبعه اتفاقات علي المدي المتوسط والطويل لتمويل البلدان المستوردة للمنتوج من عتاد وقطع غيار ومساعدة تقنية وتكنولوجية، مما يدر علي الخزينة الفرنسية أموالا طائلة تساعد الشركات المتخصصة في مجال الأسلحة التكنولوجية علي تطوير منتوجها خاصة أن نصف أرباحها تذهب إلي خلايا البحث والتطوير. وقالت دوائر قريبة من الملف أن المباحثات بين الطرف الجزائري والفرنسي لم تنقطع أبدا، حتي وإن نفي كل من وزيرة الدفاع الفرنسي ميشيل آليو ماري ووزير الداخلية الجزائري يزيد نور الدين زرهوني في آخر لقاء لهما في باريس وجود أي صفقة تجارية لبيع مقاتلات رافال إلي الجزائر لعدم تطابق معايير ومقاييس العمل بين الجيشين الفرنسي والجزائري خاصة فيما يتعلق بالجانب التقني والتكنولوجي.

يسعي المغرب خاصة منذ تحرك الجزائر المكثف لمساندة البوليزاريو في اواخر عقد السبعينات الي تحقيق توازن في موازين القوي مع جارته الشرقية. هذه المحاولات لم تنجح بشكل جدي أساسا بسبب قدرة الجزائر علي توفير أموال أكثر لجهود تسليحها مقارنة مع المغرب بفضل تدفقات عائدات النفط، وكذلك نتيجة لظروف سياسية دولية، حيث غازلت أمريكا الجزائر رغم كثير من الوعود حول مساندة المغرب فيما يخص وحدته الترابية، وكذلك بسبب ما يمكن تسميته بتكاسل الاطراف العربية التي ساندت في وقت ما جهود التسلح المغربية والتي استفادت في وقت ما من المساندة العسكرية المغربية المباشرة داخل اراضيها للحفاظ علي الاستقرار. خلال صيف سنة 2003 أفادت وكالة الأنباء الفرنسية ومصادر مختلفة أن المغرب يدرس مع روسيا منذ صيف سنة 2002 شراء اسلحة روسية وخاصة الدبابات وذلك منذ ان زادت الصعوبات التي تواجه الرباط لتجديد ترسانتها العسكرية المتقادمة من مختلف المصادر الغربية سواء لاسباب مالية او سياسية.

وكان المغرب قد حصل خلال سنتي 2000 و 2001 علي عشرات الدبابات الامريكية الصنع من طراز م 60 المعاد صيانتــــها وعمرتـــــها من دول حلف شمال الاطلسي الاوروبية في نطــــاق اتفاق مع الحلف والولايات المتحدة، وقـــــد تم الحصول علي هذه الدبابات بثمن رمزي ووصل عدد ما حصل المغرب عليه منها 82 دبــــابة حتي نهاية سنة 2002.

وقد عبرت روسيا عن استعدادها لبحث طلبات المغرب من السلاح خلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف للرباط ابتداء من يوم الاربعاء 3 ابريل 2002 والتي استغرقت 24 ساعة بدعوة من نظيره المغربي محمد بن عيسي.

قضايا تحديث المغرب لترسانته العسكرية حظيت بإهتمام أوروبي مكثف خاصة منذ أن ذكرت اوساط مالية أن دولا خليجية من ضمنها الأمارات العربية المتحدة خصصت أموالا كبيرة لتمويل جزء من مشتريات الرباط من الأسلحة. ومنذ 9 اغسطس 2002 مثلا روجت وسائل الاعلام الاسبانية بشكل متكرر اخبارا عن عقد المغرب صفقة مع جمهورية بيلوروسيا العضو السابق في الاتحاد السوفييتي للحصول علي 50 دبابة من طراز ت ـ 72 بموافقة من موسكو. غير انه خلال جلسة سرية للجنة الدفاع في البرلمان الاسباني في شهر سبتمبر من نفس السنة أكد وزير الدفاع الاسباني ان الدبابات المذكورة لم تسلم بعد الي المغرب وأن المصادر الاسبانية افادت ان دولة الامارات العربية هي التي ستدفع تكلفة صفقة قد تصل الي 240 من هذه الدبابات التي ستشارك في بيعها الي الرباط كل من جمهورية بيلوروسيا وجمهورية اوكرانيا. كما ذكر الوزير الاسباني للجنة ان هناك مداولات ومناقشات في الامارات والمغرب حول تحويل الصفقة الي دبابات روسية احدث من طراز تي 90 الروسية الصنع، وأشار الي ان هناك عقبات تحول دون اتمام صفقة دبابات تي 90 ومنها ارتفاع الثمن بالمقارنة مع دبابات تي 72 ورغبة روسيا في عدم اثارة غضب الجزائر.

وذكر الوزير الاسباني أن صفقة الدبابات من طراز ت ـ 72 تسمح للرباط بتحسين قدراتها العسكرية خاصة في مجال المدرعات لان دبابات ت ـ 72 تعتبر من الافضل في العالم وهي أكثر قدرة في عدة مجالات من منافستها الامريكية ام ـ 1 (ابرهامز ـ 1) وقادرة علي العمل في مناطق يسودها مناخ حار او شبه صحراوي كما أن مدفعها من عيار 122 ملم ذا دقة عالية ويمكن ان يصيب هدفه اثناء تحرك الدبابة بوتيرة افضل من مدفع 105 ملم الذي تتسلح به دبابات الجيش الاسباني التي لا تزال في غالبيتها من طراز م 60 المعدلة.

كما تحدث الوزير الاسباني للدفاع خلال جلسات الاستماع هذه عن الاخبار التي راجت عن حصول الرباط علي 22 طائرة مقاتلة مقنبلة من طراز أف 16 الامريكية الصنع من السعودية، وأفاد ان ما جمعته المصادر الاسبانية من معلومات والاتصالات التي اجرتها مع الادارة الامريكية لم تثبت صحة هذه الاخبار المتداولة صحافيا.

ورغم ان هذه الاخبار لم تؤكد من طرف الرباط أو الرياض فان مصادر اسبانية صحافية وعسكرية اشارت الي أن الصفقة لا يمكن ان تتم دون موافقة الولايات المتحدة الامريكية المزود الاول للسعودية بهذا النوع من الطائرات، وأن واشنطن المهتمة بإقامة علاقات جيدة مع الجزائر لن توافق بسهولة علي هذه الصفقة بين الرياض والرباط. والمعروف انه لتأكيد قرب حصول المغرب علي هذه الطائرات الحديثة افادت صحيفة لاراثون الاسبانية في شهر اغسطس 2002 ان طيارين مغاربة شرعوا في تدريبات في السعودية ودول اخري علي هذا النوع من الطائرات.

وأشار وزير الدفاع الاسباني الي أن اخبار قرب حصول المغرب علي طائرات إف 16 روجت اعلاميا بعد حصول الجزائر في سنة 2001 علي عشرات من طائرات سوخوي الروسية عبر أوكرانيا وروسيا وكذلك علي طائرات ميغ 29 من موسكو، وأكد ان مدريد وفي نطاق جهودها للحفاظ علي تفوقها ستحصل خلال السنوات المقبلة علي قرابة 80 طائرة من طراز المقاتلة الأوروبية اورو فايتر وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين 2003 و2009.

وكان موضوع طائرات أف 16 قد سيطر علي النقاشات في الكواليس التي دارت في الاسبوع الاول من شهر يناير 2002 في مدريد بمركز دراسات الدفاع حول الاستراتيجية الدفاعية لاسبانيا خلال الـ 15 سنة المقبلة.

وخلال زيارة ملك المغرب محمد السادس لموسكو ابتداء من يـــــوم الاثنين 14 اكتوبر 2002 والتي استغرقت اربعة ايام درس مع المســــؤولين الروس مسألة شراء المغرب لأسلحة روسية وفي مقدمتها دبابات وصواريخ مضادة للدبابات والطائرات وزوارق طوربــــيد. وقد وجد ملك المغرب استعدادا لدي محدثيه الروس لبحث هذه القضايا.

وقد تناولت محادثات محمد السادس والرئيس الروسي بوتين خلال هذه الزيارة قضايا تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين ومسألة الصحراء. كذلك تطرقت المحادثات الي الوضع في العراق والشرق الاوسط.

وكانت هذه اول زيارة رسمية يقوم بها العاهل المغــــربي الي روسيا منذ تنصيبه في يوليو 1999. وقد زار روسيا في المرة الاخـــيرة عام 1982 للمشاركة في تشييع الزعيم السوفييتي ليونيد بريجنيف.

وشهدت الزيارة توقيع عدد من اتفاقات التعاون بين البلدين، منها اتفاق حول صيد السمك.

وقد ارتفعت قيمة المبادلات التجارية بين روسيا والمغرب خلال 2001 الي 467 مليون دولار معظمها في صالح روسيا حيث ان المغرب صدر الحمضيات والطماطم والاسماك الي روسيا بقيمة نحو ستين مليون دولار واستورد منها اساسا نفطا ومنتوجات صناعية بما قيتمه (409 مليون دولار).

وخلال اتصالات لاحقة بعد زيارة الملك محمد الخامس لروسيا عبر مسؤولون امريكيون لمحدثيهم المغاربة عن عدم ارتياح واشنطن لفكرة حصول المغرب علي اسلحة روسية او من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة.

ويسجل انه منذ شهر اكتوبر 2002 جرت زيارات لوفدين عسكريين روسيين ولوفد عسكري من اوكرانيا الي المغرب في حين زارت ثلاثة وفود عسكرية مغربية روسيا واوكرانيا وبيلوروسيا، وزار احد هذه الوفود المغربية مصنعا للدبابات في روسيا.

وقد رصدت عدة مصادر غربية منذ الثلث الاخير من سنة 2002 جهودا بذلها الملحقون العسكريون الامريكان في المغرب وخاصة ضابط في سلاح البر الامريكي للحصول علي معلومات حول صفقات الاسلحة المغربية وخاصة الدبابات مع روسيا او دول الاتحاد السوفييتي السابق.

 

(*) كاتب من مصر يقيم بالمغرب

 

(المصدر: بريد القراء بصحيفة القدس العربي لصادرة يوم 10 أكتوبر 2005)


كذبة باول التاريخية!

الطيب لبيب – تونس

 

لا احد ينكر ان بين الحق والباطل او لنقل تجاوزا بين الصدق والكذب السياسيين تتحدد مصائر شعوب كثيرة فتندرج نحو النماء والاستقرار والمناعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية او تنحدر الي متاهات التخلف بكل شعابه.. بين المكاشفة والتستر علي الواقع والحقائق يمكن لدولة مستقلة ذات شأن مثل العراق ان تكون مرتعا للغزاة بعد ان خططوا ثم نفذوا فشردوا وابادوا ثم احتلوا دون منازع.. الم يكن المتحاملون من الغرب بزعامة امريكا وبريطانيا قد رتبوا اعوانهم لتدمير بلاد الرافدين، لاستباحة ارضه وعرضه، لاستنزاف ثرواته وطمس هويته وصولا الي تفتيته تغذيهم مخططاتهم كراهية عنصرية دفينة؟

 

هل يمكن القول الان ان كذبة باول التاريخية حول اسلحة الدمار الشامل التي اعلنها عمدا في الساعة الصفر لتكلف شعبنا الشقيق حربا مدمرة اتت علي الاخضر واليابس حتي تحول العراق الذي نعرفه اواخر الثمانينات (قبل الحرب والحصار) من مانح استفاد من هباته وسخائه كثيرون.. عربا واجانب! الي ممنوح يستجدي نفطه وماء شرابه وكهرباءه في بلد النفط، بلد الفرات ودجلة، بعد ان عصف ارهاب الدولة باكثر من مئة الف من ابنائه وبناته، وشوه معالمه الحضارية والفكرية ودنس مقدساته وبعد ان افتوا حول الاسباب والمبررات الوجيهة والواهية عند الضرورة الي ان حصل ما حصل.. ثم اقروا بأكاذيبهم وقد فات الاوان.

 

هذا هو الحال في بلاد تمارس الديمقراطية او تدعي ذلك، وتنظر لحقوق الشعوب فكيف تنظر شعوب عربية الي حكام جاءوا اليها بين وارث وموروث، بين منقلب ومنقلب عليه وبين ما يشبه زواج الاكراه، تغلفهم مسحة ملائكية ظاهرها نكران الذات والتفاني في خدمة المجموعة اعتمادا علي الدساتير والمؤسسات القائمة، هي مسحة مدعومة في الغالب بوعود وتعهدات لا تنجز الا نادرا بحيث لا تتعدي حملات ومهازل الانتخاب او الظروف الانقلابية فاستبداد بالسلطة بعد الانقضاض عليها.

 

هل للشعوب العربية امام ما حدث ويحدث ان تصدق بعد اليوم حكامها؟ اذا قلت بعيدا عن المغالاة: ان الاستثناء وارد وان عددا قليلا منهم اجتهد ولم يصب.

 

واوجه السؤال الوحيد التالي: هل يقبل حكامنا دام الله عزهم ان تجري بالكاشف استطلاعات للرأي محايدة تنظمها وتديرها وتصرح بنتائجها مؤسسات خاصة لمعرفة القيمة الحقيقية او الدرجة التي تمنحها اياهم شعوبهم سواء اكانوا فرادي او مجتمعين؟ لا شيء غير المكاشفة ومصارحة الشعوب قبل ان يكشف الاخرون اخطاءهم ولان حبال التضليل والتعتيم قصيرة، ولان وسائل الاعلام المتطور لا يغيب عنها غائب فقد بات حفظا لماء الوجه ان يستجيب النظام العربي لمطلب شعبي خلاصته المصارحة والمكاشفة لطرح الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي في اطار الاستشارات الشعبية والتعددية الفكرية حتي يتحدد المسار.. ونستغربه يوم يجري الحديث عن فساد في سلطة لا تحكم بعد او تهمة بالاختلاس في حكومة مؤقتة..

 

اليوم لم نعد نستغرب مما يحدث وانما الخوف ان يكذب اطفالنا في المدارس والمعاهد نصوصنا المدرجة في مناهجهم وهي تدافع عن الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان، عن العدالة الاجتماعية وتداول السلطة، قد يكذبونها لانها لاتطابق الواقع. ارأيت كم تكون الكذبة السياسية مصدر نكبة، مصدر هدر للطاقات البشرية والمادية؟ ولكن اذا كان التضليل السياسي يهدد بتبعاته المدمرة دولة عظمي كالولايات المتحدة الامريكية فما بالك بآثاره في شعوب نامية كالشعوب العربية؟

 

(المصدر: بريد القراء بصحيفة القدس العربي لصادرة يوم 10 أكتوبر 2005)


البداية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.