TUNISNEWS
8 ème année, N° 2601 du 07.07.2007
ندوة المعارضة التونسية تُتوج بإعلان تونس وتُطالب بجمهورية ثانية لجنة عائلات ضحايا قانون الإرهاب:اعتقال ثلاثة شبان بمدينة منزل بورقيبة الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة:بـــــيــــــان الحوار.نت: رسالة من كريم الهاروني الصباح: على هامش تسليم المهام للعميد الجديد للمحامين:البشير الصيد يؤكد على الحوار لاصلاح القطاع الصباح: ممثلة مفوضية الاتحاد الأوروبي لـ«الصباح»:خطة جديدة لمعالجة ملف الهجرة الصباح: جديد قضية اقتحام مسلحين لمحكمة الناحية بمنزل بوزلفة:القاضي يوجه للمتهمين الرئيسيين تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام عبدالله الـزواري: »في ظل دولة القانون و الموسسات »:للقضاء في بلادنا شؤون توفيق العياشي :صباح الاحتفال بخمسينية اعلان الجمهورية:المعارضة ترثي … الأمن مستنفر.. و » الحالة عادية »…؟ د. محمد الهاشمي الحامدي:مواقف عمرية (2):إهداء خاص إلى أستاذي الدكتور عبد المجيد الشرفي وأخي الدكتور مصطفى بن جعفر محمد العروسي الهاني :التقسيم الترابي الجهوي و المحلي لهما أبعاد إنسانية و اجتماعية و أهداف اقتصادية و سياسية. حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ: نشرة إلكترونيّة عدد: 21 كراس « الشيـــوعـي »:ملاحظات حول وثيقة « مشروع أرضية لليسار » كراس « الشيـــوعـي » :في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل موقع « الأوان »:في الكتابة: القرآن نصّ أم نصّان؟ مرسل الكسيبي: تحرير ألان جونسون من الأسر أم محاولة لفرض الاعتراف الدولي بحركة حماس ؟ توفيق المديني: النفاق الدولي من الشرعية الفلسطينية أحمد الخميسي:الطريق الشاق نحو الكتابة :الحلقة الثالثة موقع بي بي سي العربية :رفسنجاني » السياسي الإنسان »
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
بلاغ صحفي
ندوة المعارضة التونسية تُتوج بإعلان تونس وتُطالب بجمهورية ثانية
أقامت المعارضة التونسية اليوم السبت 7 جويلية (يوليو) ندوة وطنية في ذكرى مرور نصف قرن على إقامة النظام الجمهوري في 25 جويلية (يوليو) 1957 دعا لها كل من الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.
وتناول الكلمة في الندوة التي ترأسها الأمين العام المساعد للديمقراطي التقدمي منجي اللوز كل من الأمين العام للتكتل الديمقراطي مصطفى بن جعفر والأمين العام المساعد للديمقراطي التقدمي رشيد خشانة والناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي حمة الهمامي والقيادي في حركة النهضة زياد الدولاتلي والمنسق العام لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين أحمد خصخوصي والإعلامي لطفي حجي عضو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.
وحضر الندوة عدد كبير من القيادات السياسية والشخصيات الوطنية وممثلي الجمعيات من بينهم الأمينة العامة للديمقراطي التقدمي مية الجريبي والأمين العام السابق للحزب أحمد نجيب الشابي والناطق الرسمي السابق باسم « النهضة » علي العريض ورئيسة جمعية النساء الديمقراطيات خديجة الشريف ورئيس فرع أمنستي التونسي الحبيب مرسيط والسفير السابق أحمد ونيس ورئيس رابطة الكتاب الأحرار جلول عزونة ونائبي رئيس رابطة حقوق الإنسان مصطفى التليلي وأنور القوصري وأمين مالها مالك كفيف ورئيس جمعية المقاومين علي بن سالم ورئيسة جمعية النساء التونسيات الجامعيات من أجل البحث التنموي راضية بلحاج زكري وعضو قيادة حزب تونس الخضراء مصطفى الزيتوني.
وصدر عن الندوة إعلان سياسي هام تلته مية الجريبي وأطلق عليه اسم « إعلان تونس » تضمن الإصلاحات الدستورية والسياسية التي تطالب بها المعارضة لإرساء جمهورية تقوم على التداول والفصل بين السلطات والحد من سلطات رئيس الدولة. كما تضمن الإعلان المطالبة بسن عفو تشريعي عام ورفع الحظر عن تأسيس الأحزاب والجمعيات وتكريس الحريات الإعلامية.
وهذا نص الإعلان:
من أجل نظام جمهوري ديمقراطي
إعلان ندوة تونس
تمر اليوم خمسون سنة كاملة على إعلان الجمهورية التونسية الذي جاء نظريا ليعيد السيادة للشعب ويجسم الحرية، إلا أن النظام الذي قام منذ إعلان الاستقلال وكرّسه دستور 1959 حرم الشعب التونسي من مقوّمات النّظام الجمهوري المتمثّلة في التداول خصوصا في التداول الديمقراطي على الحكم والفصل بين السلطات وصون الحريات واحترام إرادة الشعب.
ومع أوّل اختبار لمدى التزام النّظام بالضوابط الدستورية المحدّدة لعدد الولايات الرئاسية، تمّ نسف تلك الضوابط بتحوير الدستور مرّة أولى سنة 1974 وثانية سنة 2002 لإلغاء تحديد عدد الولايات رغم كلّ العهود المقطوعة، وبذلك وُضعت تونس في العهدين تحت نظام الرئاسة مدى الحياة وعُلّق مبدأ التداول على الحكم مع ما ينجر عن ذلك من تجميد للنّظام السياسي ومن مخاطر على البلاد.
لقد فرض دستور 1959على الشعب التونسي منذ البداية نظاما رئاسويا أدى إلى تضخّم سلطات رئيس الدّولة وتقلص دور وصلاحيات السلطتين التشريعيّة والقضائيّة، وإخضاعهما إلى سيطرة السلطة التنفيذية. فالرئيس لا يتمتّع بجميع السلطات المخوّلة لرئيس السلطة التنفيذية فحسب بل يجمع إليها الحقّ في حلّ البرلمان وعرض القوانين عليه ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء وتعيين سامي الموظفين في الدولة ، وهو إلى ذلك غير مسؤول عن أفعاله أمام أيّ من الهيئات الدستورية مما جسم على مستوى الممارسة الحكم الفردي المطلق . كما خلا النظام الدستوري التونسي من كلّ هيئة يتظلّم إليها المواطن بسبب عدم دستورية القوانين التي يسنّها المجلس التشريعي.
وفي هذا السياق سن النّظام قوانين واتبع اختيارات حرمت المواطنين من حريات التعبير والصحافة والإعلام، ومن حق التجمّع وتأسيس الأحزاب والجمعيات وأخضعت سائر هذه الحريات لوصاية وزير الداخلية، كما أخضع له العملية الانتخابية في كل مراحلها فعم التزييف وتكرس احتكار الحياة السياسية والعامّة، رغم كلّ الأصوات التي ارتفعت للاحتجاج والمطالبة بالتعددية والديمقراطية.
وعلى مدى نصف قرن وبناء على هذه الاختيارات والقوانين المنافية لقيم الجمهورية أحيل عشرات الآلاف من التونسيات والتونسيين على محاكم الحقّ العام أو المحاكم الاستثنائية، التي أصدرت في حقّهم أحكاما جائرة وألقت بهم في السجن لعقود بعد أن أُخضع الكثير منهم إلى التعذيب الوحشي، ليكون مصيرهم إثر الخروج من السّجن الإقصاء والتهميش والملاحقة والحرمان من حقوقهم المدنيّة والسياسية.
ولم يغيّر التحوّل الذي طرأ على رأس السلطة السياسية في 7 نوفمبر 1987 أيّا من الأسس الدستورية والقانونية و الممارسات السياسية للنّظام، بل زادها شدة وانغلاقا فعادت الرئاسة مدى الحياة رغم الوعد بإلغائها واتّسعت دائرة الملاحقات والمحاكمات واشتد التضييق على الأحزاب والتنظيمات المستقلة، وتصحرت الحياة الثقافية واستشرى الفساد وباتت تونس استثناء في محيطها القريب والبعيد بعد أن كانت في تاريخها مثالا للحيوية ومصدرا للإشعاع.
وطوال هذه العقود استمر نضال المعارضة التونسية بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية، لكنها اصطدمت بضراوة النهج الأمني والفردي للحكم، وقد زاد تشتتها قصورا عن تحقيق أهدافها.
إنّ كوادر الحركة السياسية والمدنية من كافّة الاتجاهات المجتمعين اليوم 07 جويلية 2007 بتونس العاصمة في ندوة وطنية بمناسبة الذكرى الخمسين لإعلان الجمهورية:
1- وعيا منهم بضرورة تجاوز التشتت وتكتيل الجهد من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي، يؤكدون تمسكهم بالنظام الجمهوري بإعادة الاعتبار لمنطلقاته ورهانا ته، ورفضهم القاطع لمنظومة الاستبداد المفروضة على الشعب التونسي في أسسها الدستورية والتشريعية وممارستها السياسية، ويجددون تصميمهم على العمل المشترك من أجل الانتقال بتونس إلى نظام جمهوري ديمقراطي يكفل الحرية وسيادة القانون والفصل والتوازن بين السلطات، والتداول الديمقراطي على الحكم.
2- يعاهدون الشعب التونسي على العمل معا لاعادة الاعتبار للدستور بإقرار إصلاحات دستورية شاملة تحقق الأسس والمبادئ التالية:
ـ تحديد ولاية رئيس الجمهورية بدورتين فقط والحدّ من سلطاته بما يُحقّق توازن الصلاحيات بينه وبين الحكومة، و إقرار مبدا مساءلته أمام هيئة يضبطها القانون.
ـ إعادة الاعتبار للدور التشريعي لمجلس النواب بما يكفل التوازن بين السلطات، و إقرار مسؤولية الحكومة أمام ذلك المجلس.
ـ استقلال السّلطة القضائية استقلالا تاما عن السلطة التنفيذية تحت إشراف مجلس أعلى للقضاء منتخب.
ـ إرساء محكمة دستورية تراقب ملاءمة القوانين لأحكام الدّستور ويحقّ للمواطنين التظلّم لديها.
3ـ يجدّدون التزامهم بمواصلة النّضال المشترك من أجل إقرار الإصلاحات العاجلة وإحداث انفراج سياسي حقيقي وذلك ب:
ـ إطلاق سراح كافّة المساجين السياسيين وسنّ قانون العفو التشريعي العام.
– وضع حدّ للمحاصرة المسلّطة على الأحزاب والتنظيمات المستقلّة والتّرخيص واقرار حق التنظم لكل الراغبين في العمل المدني القانوني .
ـ رفع القيود والوصاية على الإعلام قانونا وممارسة.
4- يعتبرون أن لا مصداقية لانتخابات 2009 دون تحقيق المطالب المذكورة ودون وضع حد للرئاسة مدى الحياة وإلغاء كل الشروط الاقصائية أمام حق التّرشح لهذا المنصب وكل المناصب النيابية، و إقرار نظام انتخابي يضمن التعدد في المجالس التمثيلية، ويجرم التزييف ويعاقب مرتكبيه ، ويوكل الاشراف على العملية الانتخابية إلى لجنة وطنية مستقلة تتمتع بالنفوذ والصلاحيات اللازمة.
إنّ كوادر الحركة السياسية والمدنية التونسية من مختلف جهات البلاد ومن مختلف التيارات والاتجاهات ،المجتمعين في هذه النّدوة الوطنية إذ يؤكّدون أنّ مصلحة البلاد تقتضي النّضال من أجل هذه الإصلاحات العاجلة، يعاهدون الشعب بالعمل والكفاح المشترك لفتح آفاق جديدة لتونس على درب إرساء أسس الجمهورية الديمقراطية.
لجنة عائلات ضحايا قانون الإرهاب
اعتقال ثلاثة شبان بمدينة منزل بورقيبة
تونس في 07/07/2007 ·اعتقل البوليس السياسي بمدينة منزل بورقيبة يوم الخميس 5/7/2007 على الساعة الواحدة بعد الظهر ثلاثة شبان هم شكري بن عيسى بن محمد الجويني و عاطف الهمامي و حسني بمقتضى قانون الإرهاب علما بأن المئات من خيرة شباب تونس هم الآن رهن الاعتقال منهم من حكم عليه بالسجن و منهم من ينتظر و منهم من اختفى. ·دخل اليوم السبت 07/07/2007 السجين السياسي السيد عبد الكريم الهاروني في إضراب مفتوح عن الطعام للاحتجاج على الوضعية المأساوية التي يعيشها في السجن و التضييقات التعسفية التي تمارسها ضده إدارة سجن المرناقية . ·دخل السجين السياسي السيد رضا البوكادي في إضراب مفتوح عن الطعام للتنديد بممارسات إدارة السجن بالمرناقية التي تمنعه من كل الضروريات خصوصا و أنه في حاجة إلى الأكلة المتوازنة التي نصحه الطبيب بالمواظبة عليها علما بأنه مصاب بمرض نادر أصاب كليته. ·يعاني السجين السياسي السيد هشام السعدي المعتقل حاليا بسجن المرناقية من آلام حادة في يده التي كسرت عندما رمى بنفسه من شرفة مكتب قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس و ذلك نتيجة الإهمال و انعدام العلاج و الرعاية الصحية و إذا تواصل هذا الوضع فإن السجين السياسي السيد هشام السعدي يصبح مهددا بالشلل. ·يشكو السجين السياسي السيد علي الحرزي المعتقل حاليا بسجن المرناقية من دمل كبير في ساقه منعه من المشي و زاد في ارتفاع حرارة جسمه دون أن تقدم له إدارة السجن المذكور العلاج الناجع. لجنة عائلات ضحايا قانون الإرهاب
الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان فرع توزر ـ نفطة نفطة في : 07 جويلية 2007 بـــــيــــــان
يعبّر فرع توزرـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عن شديد استغرابه لتوظيف التفقد البيداغوجي ـ كآلية للتقييم والمساعدة البيداغوجية ـ للنيل من المناضلين النقابيين والحقوقيين وهو ما مورس على الأخ علي الحبيب عضو الفرع وعضو النقابة الجهوية للتعليم الثانوي إذ وبعد 32 سنة عمل وعطاء يوظّف متفقد الفرنسية عبد اللطيف معطر ـ الذي سبق وأن حُرّرتْ ضدّهُ عريضة نقابية بتاريخ 18 فيفري 2003 لما كان الأخ علي الحبيب يتحمل مسؤولية الكتابة العامة للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالجهة ـ لتخفيض عدده بخمسة نقاط مما استوجب استجوابه إداريا وذلك من خلال تقرير تفقد طغت عليه الصبغة الانتقامية وغير الموضوعية. إن فرع توزرـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يعتبر ما جرى محاولة بائسة للتأثير على الدور النقابي والحقوقي للأخ علي الحبيب واستهدافا لكل مناضلي الجهة ويدعو إلى إلغاء كل ما ترتب عن زيارة متفقد الفرنسية باعتبار عدم حياديته وخلفياته غير البيداغوجية كما يدعو كل مناضلي الجهة إلى التأهب لرفع المظلمة وحماية الأخ علي الحبيب من أي تعسف يمكن أن ينجم عن هذا الإجراء التعسفي. عن فرع توزرـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس شكري الذويبي
خاص بالحوار.نت : المهندس كريم الهاروني ( الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة والسجين السياسي بتونس منذ 1991 ) يبرق من سجنه بالرسالة التالية : 1 ــ أهنئ الصحفي البريطاني آلان جونستون بمناسبة إطلاق سراحه من يد خاطفيه بغزة كما أهنئ من خلفه كل الأحرار في العالم والمكافحين من أجل كرامة الإنسان والديمقراطية وحرية الإعلام والتعبير وهي مناسبة لإبلاغ موقفي وموقف كل إخواني من المساجين السياسيين في تونس ( أغلبهم من قيادة حركة النهضة التونسية ) القاضي برفضنا لخطف الصحفيين ورجال الإعلام إذ لا تزر وازرة وزر أخرى. 2 ــ أشكر فضائية الحوار اللندنية على برنامجها » حقوق الناس » بمناسبة إذاعته قبل أيام قليلة بما سلطته من أضواء مهمة على جانب من جوانب قضية المساجين السياسيين في تونس مغتنما هذه الفرصة الطيبة لحث الأحرار في العالم على إبراز الوجه الأسود للسلطة التونسية التي تحتجز مئات من سجناء الرأي ومن المعارضين السياسيين منذ ستة عشر عاما كاملة قضى نحبه فيها عشرات من المساجين بسبب سياسة الموت البطيء التي تنتهجها الحكومة تنكيلا وتشفيا. كما علمنا أن السجين السياسي كريم الهاروني مازال يعاني من جوع شديد بسبب رداءة الأكلة وإضرابه عن القفة العائلية بسبب تعرضها إلى النهب من لدن مدير السجن وأعوانه كما يعاني رفقة السجناء الذين معه سيما بسبب إرتفاع معدلات الحرارة في تونس وبسبب الظروف المعيشية المهينة وضيق السجون وقذارتها من تصاعد وتيرة الأمراض التي يشكو منها. إذ لا زالت الحالة الصحية للسجين السياسي رضا البوكادي مثلا تتدهور يوما بعد يوم بعد أن تعذرت إمكانية معالجته بالسجن ورفع طبيب السجن لتقرير مفاده أن الطب البديل هو الكفيل ربما بتخفيف الآلام عن السجين رضا البوكادي بما يدعو إلى نقله خارج السجن دون أدنى تردد. كما علمنا أن السجين السياسي لطفي السنوسي يتعرض لأمراض مزمنة قد تؤدي بحياته لا قدر الله وكذلك السجين السياسي فرج الجامي.
قناة الحوار التونسي
الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر
برامج الحلقة 61 من برامج قناة الحوار التونسي التي ستبث يوم الأحد 8 جويلية 2007 (من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء بتوقيت تونس وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت)
للمشاهدة اضغط على الرابط التالي:
http://www.nawaat.org/forums/index.php?showtopic=14507
على هامش تسليم المهام للعميد الجديد للمحامين:
البشير الصيد يؤكد على الحوار لاصلاح القطاع
تونس ـ الصباح: جرت يوم امس بدار المحامي مراسم تسليم المهام بين العميد الجديد للمحامين السيد البشير الصيد الذي تم انتخابه يوم الاحد الماضي والعميد السابق السيد عبد الستار بن موسى وكان السيد عبد الستار بن موسى قد ذكّر في كلمته الحاضرين بنتائج انتخابات العميد واعضاء الهيئة الوطنية للمحامين. فيما اكد السيد بشير الصيد في كلمته على ان «الانتخابات جرت في اطار الشفافية الكاملة وهو ما يشرف المحاماة» وشكر كل المحامين وعلى رأسهم السيد عبد الستار بن موسى الذي «حافظ طيلة مدة انتخابه على استقلالية المهنة» حسب تعبيره. كما شكر العميد الجديد الاعضاء السبعة الجدد للهيئة واكد على اهمية العمل جنبا الى جنب مشيرا الى انه سيكون عميدا لكل المحامين. وقال انه «خلافا لما يقال فان جل المحامين مستقلين ومهنيين، واذا كانت هناك حساسيات مختلفة فيما بينهم فهو عامل اثراء». وعبر العميد الجديد عن يقينه التام بالحوار لتحقيق الاصلاحات الضرورية والمستعجلة للمهنة واعدا بعدم اقدامه على الترشح لولاية انتخابية أخرى على رأس عمادة المحامين. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)
ممثلة مفوضية الاتحاد الأوروبي لـ«الصباح»:
خطة جديدة لمعالجة ملف الهجرة
تونس – الصباح اسفرت الندوة الدولية عن الهجرة واللاجئين التي نظمتها الامم المتحدة بتونس طوال 3 ايام بالاشتراك مع عدة اطراف عربية وافريقية ومفوضية الاتحاد الأوروبي عن خطة من 10 نقاط للتحكم في تيارات الهجرة واللجوء.. الى جانب توصيات للاتحاد الأوروبي بترفيع دعمه الاقتصادي لدول الجنوب حتى تنجح في تخفيف حدة مشكلتي البطالة والفقر.. وقد مثل مفوضية الاتحاد الأوروبي في هذا الحديث السيدة اكسيل نيكاز Axelle NICAISE التي قدمت مداخلتين عن وجهة النظر الأوروبية من ملفات الهجرة القانونية وغير القانونية واللاجئين لاسباب انسانية وسياسية.. « 3 بالمائة من اموال الاتحاد الأوروبي المرصودة لدعم البلدان المعنية بسياسة الجوارـ ومنها البلدان العربية المطلة على البحر الابيض المتوسط ـ ستخصص لدعم مشاريع تساعد الدول المصدرة للمهاجرين على تحسين اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة البطالة للقضاء على الاسباب العميقة للهجرة ». هذا ما اعلنت عنه اكسيل نيكاز ممثلة مفوضية الاتحاد الأوروبي في ندوة تونس في حديث للصباح.. في هذه الندوة اقرت خطة عمل من 10 نقاط قدمتها مفوضية الامم المتحدة للاجئين.. ودعمتها الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب وخبراء اكاديمية نايف للعلوم الامنية السعودية.. 4 محاور لكن ما جديد نظرة المفوضية الأوروبية بالنسبة لملفات الهجرة القانونية وغير القانونية واللاجئين.. خاصة ونحن في مطلع الصائفة التي تعني تضاعف عدد محاولات التسلل سرا الى أوروبا عبرالبحر المتوسط.. رغم سقوط مزيد من الغرقى..؟ السيدة اكسيل نيكاز علقت قائلة: « نميز في مفوضية الاتحاد الأوروبي بين الشراكة الثنائية وبرامج التعاون في سياق اتفاقية برشلونة في سياق الاتفاقيات الخاصة بين كل دولة والمفوضية الأوروبية.. وهناك حاليا لجان فرعية للقضاء والشؤون الداخلية للتعامل المشترك مع ملفات الهجرة واللجوء.. بالنسبة للدول المعنية بمسار « سياسة الجوار ».. وقد اعتمدت أوروبا منذ ديسمبر 2005 نظرة شاملة لملف الهجرة من حيث محاورها ومن حيث كونها تشمل جغرافيا العالم العربي افريقيا..على اساس 4 محاورهي: + أولا الهجرة والتنمية إذ لا بد من تنمية دول الجوار اقتصاديا للحد من البطالة داخلها وتقليص ظاهرة الهجرة.. + ثانيا مكافحة الهجرة غيرالقانونية بكل الطرق بما في ذلك الوسائل الامنية..لانه لا بد من منع قوارب الموت والتغريربالشباب العاطل عن العمل في افريقيا واسيا رغم تاكد فرضية غرق نسبة عالية منهم بحرا.. كما ينبغي محاربة ظاهرة الاتجار بالبشر وعصابات التهريب.. + ثالثا: تسوية ملفات المعنيين بالهجرة القانونية أي ادماجهم اجتماعيا ومهنيا.. وضمان حقهم في عقود شغل قارة وتسوية المشاكل الاجتماعية.. + رابعا: الحماية الدولية لطالبي اللجوء لاسباب انسانية لان الاحصائيات والدراسات اكدت ان الهجرة ليست فقط لاسباب اقتصادية بل لها كذلك اسباب انسانية وسياسية وامنية والفارين من الموت والحروب.. كامل العالم العربي وهل لا تكون أوروبا بصدد اختزال معالجة ملف الهجرة في التعامل مع بعض ظواهره الامنية فقط؟ الجواب الذي قدمته ممثلة المفوضية الأوروبية ذكر بكون « ندوتي الرباط وطرابلس 2006 – ساهمتا في اصدار توصيات مشتركة مهمة تمهيدا لاحداث ديناميكية جهوية عربية وافريقية وأوروبية في تسوية ملف الهجرة.. ثم منذ جوان 2007 وقع توسيع منطقة اهتمام الاستراتيجية الأوروبية الشاملة للهجرة لتشمل بقية العالم العربي والشرق الاوسط.. « وفي هذا السياق تتعامل الصناديق الأوروبية للتنمية والاستثمار في افريقيا والعالم العربي مع عروض الاستثمار والتشغيل والتنمية ومحاربة الهجرة السرية.. وهناك برنامج محاورالشراكة مع الدول المغاربية والحدود « القلعة « الأوروبية؟ وردا على اتهام أوروبا بمحاولة معالجة ملف الهجرة بنظرة انانية همها الاول والاخير هو « حماية القلعة الأوروبية » باجراءات بوليسية ردعية وتضييقات على التاشيرات قالت مسؤولة الاتحاد الأوروبي: « هذا الكلام له ما يبرره لان وزارات الداخلية هي المهتم الاول به.. هناك فعلا أولويات امنية وبوليسية.. وتشدد في اسناد التأشيرات ومراقبة الحدود.. لكن المفوضية الأوروبية تسعى كذلك الى تطوير التعاون مع المؤسسات الحكومية المعنية بالمهاجرين والتعاون الدولي في مجال التوظيف وارسال البعثات المنظمة.. وفي هذا السياق ابرمنا مع المغرب اتفاقا رصدنا له 5 ملايين أورو للتعاون مع مؤسسة المهاجرين المغربية.. ونسعى لتعميم الاتفاقية التي ابرمناها مع المغرب مع تونس وبقية الدول المتوسطية.. والافريقية جنوبي الصحراء لا سيما مع مالي والسينغال. وإني أعتقد شخصيا ان الشراكة ينبغي ان تراعي مصالح كل الاطراف وانه ليس من المطلوب من الدول المغاربية ان تلعب دور شرطي أوروبا جنوبا.. وفي هذا السياق انوه بتجربة الهجرة المنظمة وفق نظام الحصص بين تونس وايطاليا.. فهي تجربة ايجابية وينبغي دعمها والعمل على تعميمها ». كمال بن يونس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)
جديد قضية اقتحام مسلحين لمحكمة الناحية بمنزل بوزلفة:
القاضي يوجه للمتهمين الرئيسيين تهما تصل عقوبتها إلى الإعدام
علمت «الصباح» ان احد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية وجه للمتهمين الرئيسيين في قضية اقتحام محكمة الناحية بمنزل بوزلفة تهما تندرج تحت طائلة الفصل 126 من القانون الجزائي وهي تهم تصل العقوبة فيها الى الاعدام وهي تتعلق بهضم جانب موظف عمومي تابع للنظام العدلي الواقع بالجلسة والاعتداء على الاخلاق الحميدة وحمل ومسك سلاح ابيض بدون رخصة والتهديد به كما وجه تهم المشاركة في ذلك والعمل على اخفاء شخص فار من العدالة لبقية المتهمين وهم ثلاثة. وكانت وقائع هذه القضية التي لم تشهد بلادنا مثلها منذ عشرات السنين تشير الى انه بتاريخ 25 ماي الماضي اقتحم مسلحان قاعة الجلسة بمحكمة الناحية بمنزل بوزلفة وكانا بحالة سكر مطبق وقاما بشتم قاضي الجلسة والمستشارين وهددا الحاضرين بقارورة غاز مشل للحركة واسلحة بيضاء وكان هدفهما اخراج شقيق احدهما والذي كان سيحاكم في نفس اليوم امام هيئة المحكمة المذكورة، وبعد اتمام عملهما خرجا وكان سائق سيارة اجرة ساعدهما على الهرب من قبضة اعوان الامن فيما تولى موظف وامرأة مساعدتهما على الاختباء لديهما. ولكن السلطات الامنية بالجهة نجحت في ايقاف كل من وقف وراء هذه العملية. وتمت احالتهم على قاضي التحقيق بمحكمة قرمبالية فوجه لهم التهم المشار اليها في بداية المقال. في انتظار احالتهم على دائرة الاتهام. مفيدة القيزاني (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)
أخبار الصباح
نـدوة علمنا أن الندوة السنوية للبعثات الديبلوماسية والقنصلية ستنعقد أيام 23 و24 و26 و27 جويلية الجاري. في القصبة بالقرب من مقر الوزارة الأولى بالقصبة يوجد نهج يعرف بسوق الباي حيث كان في السابق سوقا للأقمشة ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة أن عدة دكاكين اصبحت تعرض بضائع شبيهة بتلك المعروضة في الاسواق الموازية وبالتالي فإن المشهد لا يتماشى مع تاريخ السوق ولا مع جمالية المكان. يبدو أنه من الأفضل التصدي لهذه الظاهرة قبل استفحالها حتى لا يتحول النهج الى سوق موازية. تعيينات جديدة تعلم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا أنه تقرر تعيين السيد رؤوف فتح الله مديرا للمعهد العالي للنقل وخدمات الاتصال بسوسة وتعيين السيد الحبيب يوسف مديرا للمعهد العالي للاعلامية وتقنيات الاتصال بحمام سوسة. كما تقرر تعيين السيد يونس بوجلبان، مديرا للمعهد العالي لادارة الاعمال بصفاقس، وتعيين السيد محمد الناصر الكريفي مديرا للمعهد العالي للتكنولوجيات الطبية بتونس. رئيس مدير عام جديد للصيدلية المركزية جاء في بلاغ صادر عن وزارة الصحة العمومية أنه تم تعيين السيد المولدي المعروفي رئيسا مديرا عاما للصيدلية المركزية للبلاد التونسية. أول رحلة لـ«طيران السابع» بعد وصول الطائرة الجديدة من نوع «اتي.آر 72» مساء أمس من مصانع «أتي.آر» بتولوز.. سيتم مساء اليوم تنظيم رحلة تدشينية ستحمل الاسم الجديد «طيران السابع» (Sevenair) الذي يأتي ليعوض «توننتار» ويؤسس لمرحلة جديدة من نشاط الشركة بأسطول جديد حلت أولى طائراته امس وستليها ثانية يوم 25 جويلية الجاري. مؤتمر شراكة تستضيف تونس من 19 الى 23 أوت القادم مؤتمر الشراكة العربية الأوروبية وآثارها على الصناعة والتجارة العربية. ويهدف هذا المؤتمر الدولي الى التعرف على مفهوم واهداف الشراكة العربية الأوروبية والدوافع الاقليمية والدولية التي هيأت المناخ لطرح هذه الفكرة وإلقاء الضوء على أهم التحديات التي تواجه الشراكة العربية الأوروبية وكيفية مواجهتها. مراقبة السيارات الادارية لوحظ في شوارع وأحياء العاصمة وضواحيها هذه الايام قيام دوريات ادارية وأمنية بمراقبة جولان السيارات الادارية والتثبت من تراخيص جولانها خاصة في الاوقات غير الادارية وفتح محاضر ضد الاعوان والاطارات والموظفين المخالفين للتراتيب الادارية في هذا الموضوع. تقدير سويسري عبر وفد سويسري عن الجامعات ومراكز البحث السويسرية عن اعجابه لما تحقق في تونس من نجاحات في مجال التعليم العالي والبحث العلمي والتجديد التكنولوجي وذلك لدى لقائه امس بوزير التعليم العالي والبحث العلمي، مثمنا استثمار تونس في مواردها البشرية على غرار سويسرا. وأكد الوفد على المضي قدما لتعزيز التعاون والشراكة مع الجامعات ومراكز البحث التونسية وتنفيل تونس من الموارد المالية المتاحة بفضل برامج البحث الاوروبي حتى تكون قاعدة ربط بين أوروبا وافريقيا في مجال البحث العلمي والتجديد التكنولوجي. دراسات بيئية قامت وزارة البيئة والتنمية المستديمة بدراسات تشخيصية واحصائيات لمختلف انواع النفايات بكامل البلاد، وبينت هذه الدراسات أن النفايات المنزلية تقدر بنحو 2 مليون طن/ السنة (0.5كلغ/ فرد/ يوم).. والنفايات الصناعية والخطرة تقدر بنحو 150 ألف طن في السنة ونفايات الفسفوجيبس تقدر بنحو 5 ملايين طن في السنة ونفايات اللف والتعليب تقدر بنحو 52 ألف طن سنويا ونفايات المستشفيات تقدر بنحو 18 ألف طن سنويا. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 جويلية 2007)
« في ظل دولة القانون و الموسسات »
للقضاء في بلادنا شؤون
مثل اليوم الخميس 5 جويلية 2007 السيد الأسعد الجوهري العضو المؤسس للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين أمام محكمة الناحية بمنوبة من أجل ما يزعمون » عدم التوقف عند إشارة عون المرور »… و قد جاء في المحضر ما معناه: ان في يوم …. و عند الساعة …. أشار عون مرور إلى سائق سيارة بالتوقف فرفض السائق الامتثال و واصل طريقه فاضطر العون إلى تسجيل الرقم المنجمي للسيارة و قد تبين بعد ذلك أن السيارة على ملك المدعو الأسعد الجوهري….. و قد أكد المتهم و محاموه أن الوقائع المذكورة مختلقة و لا أساس لها في الواقع… و أبرز ما يؤكد هذا أن الأسعد لا يملك سيارة مسجلة باسمه فكيف تبين لهم بعد التثبت من الرقم المنجمي للسيارة انها على ملكه و الحال انها على ملك زوجته و مسجلة باسمها؟؟ و قد قدمت » الحق العام » جملة من الوثائق لا علاقة لها بموضوع الشكوى من مثل ما تقدم به الأسعد إلى وكالة الجمهورية إثر تعنيفه من قبل إعوان الأمن، و الاستدعاءات غير المطابقة للقانون التي رفض الأسعد الاستجابة لها… فما دخل هذه في تلك؟؟ على كل تأجلت القضية إلى يوم 12 من الشهر الجاري… جرجيس في 5 جويلية 2007 عبدالله الــــــــــزواري abzouari@hotmail.com
صباح الاحتفال بخمسينية اعلان الجمهورية:
المعارضة ترثي … الأمن مستنفر.. و » الحالة عادية »…؟
توفيق العياشي- سجل الملاحظون في تونس باندهاش شديد سماح السلطات الامنية لحزبي التكتل من اجل العمل و الحريات و الحزب الديمقراطي التقدمي بتنظيم ندوة حول خمسينية اعلان الجمهورية بعد ان عمدت السلطة في الاسابيع الاخيرة الى شل جميع نشاطات احزاب المعارضة غير الاليفة و قامت بمنع ندوتين قرر تنظيمهما الحزبين افي مقر التكتل خلال الاسابيع الماضية بعد ان عمدت في مناسبات عديدة الى فرض طوق امني حول مقرات الاحزاب واعتدى اعوان شرطة الرأي على كل من سولت له نفسه الاقتراب من مكان تنظيم الانشطة . أما في صبيحة يوم السبت 7 جويلية فقد كان الامر مختلفا حيث اكتفت المجوعات الامنية بالمرابطة و التعشيش في الانهج المؤدية الى مقر الحزب الديمقراطي التقدمي لمراقبة جميع الحضور عند دخولهم وخروجهم من المقر. هذا وقد غص مقر الحزب في شارع » ايفنوال »وسط العاصمة بعدد هام من النشطاء الحقوقيين و السياسيين من الاحزاب والمنظمات المغضوب عليها اضافة إلى بعض الطلبة والمعطلين عن العمل وقد شهدت الندوة عديد المداخلات المألوفة من طرف قادة الأحزاب و المنظمات الذين اجمعوا على تعدي السلطة على قيم الجمهورية واحتكارها للفضاء العام و »استمرارها في سياسة القمع وتكميم الافواه وتجاهل حقوق المواطنيس ». ولعل أهم مايسجل في هذه الندوة هو حضور مراسل قناة الجزيرة السيد لطفي حجي بعد استهدفه المنع والاعتداء من طرف الاجهزة الامنية في النشاطات السابقة عندما استثني من الحضور خلافا لبقية المدعويين ، وقد طرح هذا التغيير المفاجئ في موقف السلطة من النشطات عديد الاسئلة : فوفق أي مقومات واسباب تسمح السلطة بنشاط وتلغي أخر ؟ وعلى أي اساس تمنع الشرطة السياسية ضيفا و تسمح للاخر بالحضور؟ ولماذا تخلت الفرق الامنية صباح السبت عن تقاليدها العريقة في منع جميع التحركات و الاعتداء على النشطاء اضافة الى سلب تجهيزات الصحفيين غير النضاميين ومنعهم عناداء مهامهم…؟
بسم الله الرحمن الرحيم مواقف عمرية (2) إهداء خاص إلى أستاذي الدكتور عبد المجيد الشرفي وأخي الدكتور مصطفى بن جعفر
د. محمد الهاشمي الحامدي في الكثير من المواقف العمرية ردود قوية مقنعة على بعض الأفكار التي طرحت في ندوة الحزب الديمقراطي التقدمي والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، التي عقدت في تونس يوم 29 جوان/يونيو الماضي، تحت عنوان: حرية الإعتقاد والضمير. قول أستاذي المبجل الدكتور عبد المجيد الشرفي حفظه الله ورعاه أن الحضارة العاربية الإسلامية ماض انتهى، وأن « الحضارة الإسلامية لم تعد تلبي ما تطمح إليه الشعوب في هذا المجال الحضاري كما أنّها لم تعد هي من تصنع قيم السلوك وتؤطّر الممارسة » الكثير من المواقف العمرية »، قول غير موفق وغير صحيح. وقول الدكتور مصطفى بن جعفر حفظه الله ورعاه أنه يوافق على أغلب ما جاء في محاضرة الدكتور عبد المجيد الشرفي قول مثير للإستغراب من زعيم حزب سياسي يريد التعبير عن هوية الشعب التونسي وتطلعاته، ولا تفسير له إلا غذا اعتبرنا أن الدكتور بن جعفر غير معني باكتساب أصوات التونسيين، أو غير محتاج إليها البتة. الحضارة قيم ومبادئ وتقاليد وإنجازات باقية وهوية مشتركة وإحساس بالإنتماء إلى مصير مشترك. وبهذا الفهم، تمسك التونسيون بالمرجعية الحضارية العربية الإسلامية أيام الإستعمار. وخاضت الحركة الوطنية باسم هذه الحضارة معركة الإستقلال، ورسمت تحت خيمتها سياسة تونس المستقلة وعلاقاتها بالعالم. أما على الصعيد العالمي فإن مآسي القرون الماضية ظلت تقدم الدليل تلو الدليل على حاجة العالم الماسة للحضارة الإسلامية. مأساة النازية وجريمة الهولوكوست تذكير صريح بحاجة العالم بأسره للحضارة الإسلامية، ولقيمها ومبادئها وتقاليدها في القبول بالتعددية الدينية وتجريم اكراه الناس على تغيير دينهم أو قتلهم بسبب الخلاف في الدين. تلك القيم التي أمّنت التعايش السلمي الأخوي المثمر بين المسلمين واليهود والمسيحيين على مدار التاريخ ومازالت تؤمّنه. مأساة الماركسية الستالينية تذكير صريح بحاجة العالم للحضارة الإسلامية وقيمها في الموازنة بين حاجة الفرد ومصلحة الجماعة، وبين ضمان الملكية الفردية وتأمين التكافل الإجتماعي بين كل الطبقات. مأساة الإمبريالية والحركة الإستعمارية تذكير صريح بحاجة العالم للحضارة الإسلامية وقيمها التي جعلت الإسلام يفتح القلوب لا الجدران، ويتحول إلى ايديولوجية التحرير والكرامة في كل الدول الإسلامية التي تعرضت للإستعمار. مأساة الحكم العنصري في جنوب أفريقيا، تذكير صريح بحاجة العالم للحضارة الإسلامية وقيمها التي جعلت من بلال الحبشي زعيما تاريخيا من زعماء الإسلام، وقدمت لأشهر رياضي في القرن العشرين، نجم النجوم محمد علي كلاي، وللكثير من رموز حركة الحقوق المدنية في الغرب، ايديولوجية صادقة في رفضها للعنصرية وتأكيدها للمساواة المطلقة بين الناس. باستطاعة أستاذي المبجل الدكتور عبد المجيد الشرفي حفظه الله أن يستخلص بسرعة البرق أن كل هذه المآسي الكبرى التي عرفها العالم في القرنين الماضيين لا صلة لها بالحضارة الإسلامية من قريب أو من بعيد. وباستطاعته أيضا إذا تأمل في حركة الأفكار والأحزاب في مناطق كثيرة من العالم، أن يرى أخطار العنصرية والفاشية تطل برأسها من جديد. وباستطاعته أن يستخلص من هذه الملاحظات الأساسية المختصرة أن الحاجة الموضوعية للمرجعية العربية والإسلامية، أو لقيم الحضارة الإسلامية ومبادئها، هي اليوم أقوى وأشد من أي وقت مضى. أما أخي الدكتور مصطفى بن جعفر فإنني أدعوه إلى تأمل النجاحات الإنتخابية التي حققها بوش وساركوزي وميركل في السنوات القليلة الماضية. هؤلاء الزعماء الثلاثة بذلوا كل ما في وسعهم للتعبير عن هوية ناخبيهم، وتحملوا أخطار الإتهامات القوية التي وجهها لهم خصومهم بسبب هذا التوجه، وكلهم فازوا في الإنتخابات. وبكل صراحة، وأخوة، واحترام: لا أفهم أبدا كيف تنوي الفوز بالإنتخابات في المجتمع التونسي العربي المسلم وأنت تعلن موافقتك على فكرة انتهاء الحضارة العربية الإسلامية؟ العودة إلى الحق فضيلة. وهذا دليل آخر، من المواقف العمرية، يلخص أسباب تمسك المسلمين بحضارتهم وبمبادئها النبيلة، وشوقهم إلى تمثل تلك المبادئ من جديد في مجتمعات ديمقراطية تؤمن بالعدل والحرية، وتمد يد الصداقة والتعاون والأخوة الإنسانية إلى شعوب الولايات المتحدة، وأوروبا، وآسيا وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية. إلى كل بني الإنسان، من أجل خير ورقي وتقدم كل بني الإنسان. * * * متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار؟ * * * هذا الموقف العمري يعد من أشهر مواقف العدل في التاريخ الإنساني، ويظهر بالدليل العملي الملموس لماذا نجح المسلمون في اكتساب قلوب المصريين وعقولهم بينما فشل الرومان وفشل نابوليون بونابارت واللورك كرومر وغيرهم. جاء رجل من أهل مصر، من أقباطها الذين رأوا في المسلمين حليفا قويا من أجل الحرية والتخلص من قيود الإستعمار، جاء إلى المدينة والتقى بخليفة المسلمين من دون حواجز وقيود. ـ قال المصري المسيحي لثاني الخلفاء الراشدين: يا أمير المؤمنين هذا مقام العائذ بك ـ قال الخليفة الراشد: وما لك؟ تحدث القبطي عن مظلمة نالته من ابن فاتح مصر وواليها الصحابي المشهور عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: ـ أجرى عمرو بن العاص بمصر الخيل فأقبلت فرسي، فلما رآها الناس قام محمد بن عمرو بن العاص فقال: فرسي ورب الكعبة. فلما دنا مني عرفته فقلت: فرسي ورب الكعبة، فقام إلي يضربني بالسوط ويقول: خذها وأنا ابن الأكرمين. طلب الخليفة من القبطي المصري أن يقيم أياما في المدينة المنورة ويعطي الخليفة مهلة للإطلاع على تفاصيل القضية، والسماع من الطرف الآخر، واستقدامه من مصر للتحقيق والمحاسبة. ثم كتب إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه قائلا: ـ إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل معك بابنك محمد. وقال للمصري : أقم حتى يأتيك مقدم عمرو. فدعا عمرو ابنه ، فقال: أأحدثت حدثا؟ أجنيت جناية؟ قال: لا. قال: فما بال عمر يكتب فيك؟ ثم قدما على عمر. ثم حان موعد الجلسة الفاصلة التي دون التاريخ تفاصيلها شهادة على الأركان القوية التي تأسست عليها الحضارة الإسلامية، هذه الأركان التي ضمنت بقاءها وستضمن دوامها إن شاء الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. جاء والي مصر المحروسة، عمرو بن العاص في إزار ورداء، وجاء معه ابنه، وقد استوثق الخليفة من صحة شكوى المواطن القبطي المصري. ـ قال الخليفة: أين المصري؟ ـ قال : ها أنا ذا. ـ قال الخليفة: دونك الدرة فاضرب بها ابن الأكرمين. فضربه حتى أثخنه، وانتقم لنفسه من ظالمه، ابن القائد التاريخي الفذ الذي استمال قلوب المصريين للإسلام، وأعز أمة الإسلام بشعب عظيم مبدع، الشعب المصري العزيز، صاحب القدم العريقة في تاريخ الحضارة الإنسانية. أثناء أخذه لحقه، كان الخليفة يقول للمواطن المصري القبطي: اضرب ابن الأكرمين. ليعلم الناس في عصره ومن بعده في كل عصر أن الناس كافة سواسية كأسنان المشط. تلك تعاليم الإسلام الصحيحة النبيلة. ـ ثم قال زعيم الدولة الإسلامية الكبرى لمواطنه القبطي: أجلها على صلعة عمرو (أي انقل سوطك واضرب به صلعة عمرو بن العاص والد الإبن الجاني محمد بن عمرو بن العاص)، فوالله ما ضربك إلا بفضل سلطانه. ـ فقال المصري: يا أمير المؤمنين، قد استوفيت واشتفيت، يا أمير المؤمنين قد ضربت من ضربني. ـ قال عمر رضي الله عنه: أما والله لو ضربته ما حلنا بينك وبينه، حتى تكون أنت الذي تدعه. ثم التفت إلى واليه على مصر، الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهتف فيه بنداء عظيم من أجل العدل والحرية هز أركان الدنيا واخترق الأزمان والأجيال والتاريخ بشموخ عظيم ولا يزال: ـ يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ فجعل عمرو يعتذر ويقول إني لم أشعر بهذا. ـ ثم التفت عمر إلى المواطن المصري القبطي فقال: انصرف راشدا، فإذا رابك ريب فاكتب لي. تلك إضاءة استثنائية من حضارتنا التي صنعت أمجادنا، وتلك قيمنا التي نكافح جميعا من أجل تمثلها وتطبيقها من جديد في مجتمعاتنا المعاصرة. حضارة العدل والحرية والتسامح.
بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين تونس في 7/7/2007 الرسالة رقم 259 على موقع تونس نيوز الحلقة الثالثة
التقسيم الترابي الجهوي و المحلي لهما أبعاد إنسانية و اجتماعية و أهداف اقتصادية و سياسية.
بقلم محمد العروسي الهاني أواصل على بركة الله – الكتابة حول موضوع التقسيم الترابي الجهوي و المحلي على مستوى الولايات و المعتمديات و قد نشرت مقالين سابقين بتاريخ 3 و 5 جويلية 2007 على موقع تونس نيوز – و اليوم أواصل الحديث حول أهمية التقسيم الترابي على الصعيد الجهوي اعني إحداث ولايات جديدة – بالجهات التالية الصخيرة المعروفة بسيدي مهذب، جبنيانة ( ولاية صفا قس حاليا ) المعروفة باسم الولي الصالح سيدي ابي سحاق و السواسي أو الجم ( ولاية المهدية ) و قرمبالية ( ولاية نابل ) و ماطر في الشمال تابعة لولاية بنزرت حاليا و من باب العدل السياسي و البعد الاجتماعي و العمق الاقتصادي و النبل السياسي و الإرادة و العزم و الحماس الديمقراطي و الحكمة و بعد النظر للقرار الرئاسي القرار الذي سوف ينزل بردا وسلاما على قلوب المواطنين بهذه الجهات و الربوع التي تنتظر بلهفة و شوق و شغف إلى قرار حكيم رئاسي يعطي دفعا اقتصاديا للجهات المشار إليها و يدعم و يكرس العناية الموصولة للامركزية و تقريب الإدارة للمواطنين أينما كان. الوالي يجب أن يكون قريبا من المواطن مصغيا إليه و محاطا لمشاغله و لهمومه : و لا يكون ذلك إلا بتقريب الإدارة للمواطن و بإحداث الولايات المقترحة. وان الولايات الكبرى من حيث عدد السكان و المساحة الترابية الواسعة و الشاسعة مثل ولاية صفاقس طولها 155 كلم من حدود قابس إلى حدود الجم ولاية المهدية. و السيد الوالي لا يستطيع الاحاطة بقرابة 900 آلف نسمة و 17 معتمدية ترابية. و البعض من الولاة الذين وقع تعيينهم على راس ولاية صفاقس لم يتمكنوا من زيارة بعض المناطق الريفية مثل منطقة الظل الحجارة معتمدية الحنشة و المناطق المجاورة لها و المتاخمة لمعتمديتي الجم و السواسي و منذ عام 2000 لم يزرها والي و قد مر على راس الولاية 3 ولاة من 2001 إلى اليوم هذا بالنسية لولاية صفاقس. إذا هذه عيشة حية عشتها شخصيا أسوقها بأمانة و صدق و وضوح. الإصغاء و الاتصال المباشر بعديد الجهات تقلص رغم حرص رئيس الدولة و توصياته: وفي كل الندوات التي تنظم على امتداد السنة الدورية للسادة الولاة ما انفك سيادة الرئيس يدعو و يوصي إلى مزيد الاتصال بالشعب و الإصغاء إلى المواطن. و هذه حقيقة واضحة لكن الحرص الرئاسي واقع ملموس و بارز للعيان و اما الممارسة فهي شيء اخر… و قد ذكرت في مقالات سابقة بدور المسؤول الجهوي ووجهت رسائل مباشرة للمسؤوليين على الصعيدين الوطني و الجهوي و لكن لا من مجيب و المثل يقول ناديته حيا و لكن لا حياة لمن تنادي… أين التجاوب و التجاوز و سيادة الرئيس يهتم برسائل المناضلين عندما تبلغ إليه رغم مشاغله الكبرى المتنوعة فهل الوالي ممثلا لرئيس الدولة و شاعرا بالمسؤولية الملقاة على عاتقه و منفذا لتعليكات الرئيس في ما يخص الاصغاء الى المواطن و الاهتمام برسائله و الرد عليها ام ان الصمت هو الأفضل و الأسلم. و بدون تعليق. و في هذا الاطار تذكرت واقعة حصلت سنة 1963 حيث تعلقت رغبتي بمقابلة السيد والي صفاقس المناضل محمد بالامين رحمه الله ، فحدد لي موعدا قريب في اخر الاسبوع بعد زوال يوم السبت فتحرشت كثيرا لان الوقت على حساب راحة السيد الوالي و لكن السيد الوالي اصر على اتمام المقابلة قي حدود الساعة الثالثة ظهرا و كان منشرحا و مسرورا فقلت له سوف اقتصر على تحيتكم و اؤجل طرح المواضيع الى مناسبة اخرى تقديرا و احتراما لراحة السيد الوالي لكن اصر سيادته على الاصغاء الي بكل اهتمام و قال لي انا مجعول في هذا المركز لخدمة المواطنين و اشعر بالراحة التامة و بدون تعليق. هذا حصل في صفاقس في الولاية المشار إلى تقسيمها و قد جهت رسائل للمسؤول فيها مقترحات هامة تهم منطقة ريفية و لكن كان الصمت أفضل طريقة و حتى اقتراح زيارته للمنطقة لم يقع الرد عليه و أن الواجب الوطني يفرض الإجابة و الإصغاء و الاتصال المباشر حسبما يؤكد سيادة الرئيس. و عسى حركة الولاة تعيد الأمل و تفتح أبواب الإصغاء و الاتصال و الحوار و تحد ث المفاجأة السارة للتقسيم الترابي المنشود و المطلوب. و هذه بعض المعطيات معطيات تاريخية ونضالية إن الصخيرة تحتضن الولي الصالح سيدي مهذب وما أدراك . نفعنا الله ببركاته وأنجبت المناضل البشير المهذبي الرجل الوطني الغيور والوزير الناجح الصادق وأنجبت المقاوم الشهير محمد النيفر ومحمد حمدان المعتمد الأول رحمهم الله، ومن المناضلين على قيد الحياة الذين واكبوا الحركة الوطنية طيلة ستة عقود الهادي رواق من بئر علي بن خليفة . وجبنيانة تحتضن مقام الولي الصالح سيدي أبي سحاق الجبنياني رجل العلم والورع والصلاح . وأنجبت المناضل مفتاح السهيري ومحمد عاشور الزناتي والحسين الحاج خالد رجال في مستوى رفيع من الوطنية والنضال والمرحوم محمد الوحيشي الذي كان دوما يتمنى أن يشاهد جبنيانة ولاية قبل وفاته ومن الأحياء صاحب المقال الذي عاش 52 سنة في النضال الوطني وأمنيته الوحيدة أن يشاهد ويرى مطلب إحداث الولايات قد تم هذا العام على يد الرئيس بن علي في الذكرى الخمسين لعيد الجمهورية إن شاء الله . والسواسي والجم تحتضن الولي الصالح سيدي الناصر نفعنا الله ببركاته وأنجبت المناضلين عبدالعزيز طرشون وعلي بلحارث والحاج البشير بن مصباح رجال عاهدوا الله والوطن على خدمة البلاد والعباد و كذلك انجبت محمد الناصر و مصطفى بدرالدين اللذان تحملا مسئولية خطة والي . وماطر وجومين : بهما الولي الصالح سيدي البشير نفعنا الله ببركاته وأعماله الصالحة ، وأنجبت الحبيب محمد الحبيب ومحسن بلعلجية ومحمد بن شعبان رجال صناديد تحملوا المسؤولية في الداخلية و مجلس النواب وكانوا ولاة أوفياء للوطن . وقرمبالية ومنزل بوزلفة : بهما الولي الصالح زاوية سيدي عبد القادر الولي الصالح رجل العلم والتقوى وأنجبت المناضلين عزالدين الإيمام والهادي المرابط وعمر شاشية والطيب بن منصور رجال عاهدوا الله والوطن – ببركة الأولياء – وأرواح المناضلين ووفاء لهم ولخدماتهم ستصبح المقترحات لها الشرعية التاريخية والأخلاقية والدينية – و لنا الثقة التامة في شخص سيادة الرئيس الذي ما انقك يعمل على تحقيق طموحات المواطن و تطوير الحياة الجهوية و المحلية و قد اذن مؤخرا باعادة التقسيم الترابي في المجلس الوزاري المنعقد يوم الجمعة 29 جوان 2007 الذي يصادف ذكرى وفاة الزعيم الطيب المهيري زوير الداخلية في عهد الاستقلاب رحمه الله و جزى الله الرئيس بن علي الجزاء الاوفر على و فائه للزعماء والله ولي التوفيق .
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
نشرة إلكترونيّة عدد: 21 – 5 جويلية (تموز) 2007
يصادف يوم الثامن من جويلية (تموز) الذكرى 35 لاغتيال غسان كنفاني وكان عمره 36 سنة فقط، واغتياله كان مخططا له في ما عرف بقائمة « غولدا مائير » رئيسة وزراء الكيان الصهيوني التي خططت لاغتيال المثقفين الثوريين الفلسطينيين. كان غسان كنفاني مناضلا ساهم في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وصحافيا أسس صحيفة الهدف سنة 1969 وترأس هيئة تحريرها إلى حين اغتياله، وكتب الرواية والمسرحية والدراسات النقدية وعرفنا عن طريقه أدب المقاومة في فلسطين، ودرس الأدب والفكر الصهيوني ونقد كتابات « اليسارالصهيوني » (منظمة ماتسبن) وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية (ثورة 1936) وكتب قصصا للأطفال وقام برسم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية… ترك مؤلفات لا يحصى عددها (منها ما لم ينشر بعد) أهمها: عائد إلى حيفا، رجال في الشمس، أم سعد، ما تبقى لكم… ولد في يافا عام 1936 واغتيل بتفجير سيارته في بيروت عام 1972.
تونس- أخبار نقابية: أضرب أعوان ديوان الحبوب يوم 26-06-07 بنسبة 80 بالمائة من أجل إرجاع 25 عامل مطرود وترقيات الأجراء ومستقبل الديوان وقرروا إضرابا آخر ليومي 11 و12 جويلية – تموز. وأضرب أعوان « اتصالات تونس » للمرة الثالثة يوم 28 حزيران-جوان ضد ما أسفرت عنه عملية الخصخصة من ارتفاع وتيرة العمل وعدم احترام للحق النقابي وعدم تنفيذ للإتفاقيات السابقة، وأعلنت « الجامعة العامة للبريد والمواصلات » (النقابة الوطنية القطاعية) أن نسبة المضربين تجاوزت 83 بالمائة. موقع صحيفة « الشعب » أصداء نقابية 04-07-07-.
-الصحة: انعقدت الهيئة الإدارية لأعوان الصحة لتقييم إضراب 31 ماي وحددت موعد الإضراب المقبل ليومي 5 و6 سبتمبر للمطالبة بتأهيل القطاع الصحي وببعض المنح الخصوصية ومجانية العلاج للأعوان وعائلاتهم وموضوع الإنتدابات والترقيات. كما هدد الأطباء الجامعيون من ناحيتهم بالإضراب عن الدروس والتأطير في مطلع السنة الجامعية ما لم تستجب الوزارة لمطالبهم التي أضربوا من أجلها يوم 20 حزيران – جوان الماضي.
-المالية: على إثر إضراب أعوان المالية والجباية، انعقدت جلسة تفاوضية بين وزارة المالية والإتحاد العام التونسي للشغل وقع فيها اتفاق على بعض الجوانب المالية التي كانت سببا للإضراب: منحة مراقبة واستخلاص و منحة تحفيز. الشعب 30 06-07 انعقد بتونس يومي 28 و29 حزيران- جوان اجتماع لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات العرب للنظر في « ارتباط المتاجرة في المخدرات بتبييض الأموال وتمويل عمليات إرهابية وكيفية مراقبة شبكة الأنترنت بفاعلية أكبر، ومحاربة الهجرة غير القانونية والتنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنية العربية » رويترز 29-06-07 انتخابات المحامين: فاز الأستاذ البشير الصيد بمنصب العمادة إثر الإنتخابات التي جرت في دورتين يوم الأحد الأول من تموز- جويلية، بفارق 108 أصوات على منافسه الذي وصفته الصحف « مرشح التجمع » أي مرشح الحزب الحاكم. الأستاذ البشير الصيد عميد (نقيب) سابق للمحامين من 2001 إلى 2004. تهانينا له بهذا الفوز. الصباح 03-07-07
تونس-اقتصاد: بلغ الناتج الإجمالي المحلي للربع الأول من السنة 5،85 مليار دينار (حوالي 4,6 مليار دولار). يمثل قطاع الخدمات 42,4 بالمائة والصناعات المعملية 16,8 بالمائة وتراجع انتاج الصناعات الغذائية والصناعات الكمياوية بينما بقي انتاج القطاع الفلاحي مستقرا. عن المعهد الوطني للإحصاء- الصباح 03-07-07.
– بلغ احتياطي العملة الأجنبية أواخر شهر ماي 6,566 مليار دولار بفضل نمو عائدات السياحة وتحويلات العمال المهاجرين (رويترز 28-06-07) وتراجعت قيمة الدينار التونسي بالنسبة للأورو ب 1,9 بالمائة منذ بداية العام بينما ازدادت ب0,2 بالمائة بالنسبة للدولار في نفس الفترة نظرا لانخفاض قيمة الدولار بالنسبة للعملات الرئيسية في الأسواق العالمية، كما بلغت نسبة التضخم في تونس 2,2 بالمائة في شهر أيار – ماي مقارنة مع نفس الفترة للسنة الماضية (4,6 بالمائة لكامل سنة 2006) رويترز 29-06-07
فلسطين: انعقد بمدينة عكا (فلسطين 48) يومي 29 و30 حزيران-جوان « المؤتمر الثالث لحق العودة والسلام العادل » بدعوة من 4 جمعيات محلية، وأكد البيان الختامي على « التمسك بحق العودة وعدم التفريط به أو الإلتفاف عليه، باعتباره حقا فرديا وجماعيا وغير قابل للتقادم… ويؤكد (المؤتمر) أن حق العودة للاجئين والمهجرين إلى ديارهم هو الشرط الأساسي لأي سلام عادل ودائم في المنطقة… » انعقد المؤتمران الأولان في مدينتي الناصرة وحيفا. يناقش « الكنيست » مشروع قانون يهدد بسحب رخص المؤسسات والشركات والمحلات التي لا تكون لافتاتها مكتوبة بالعبرية الواضحة، مما يشدد الخناق على اصحاب البلاد الأصليين ولغتهم العربية. « معاريف » 28-06-07 بعد العدوان على لبنان في الصائفة الماضية تبين أن دبابة « مركافاه » قابلة للإختراق والتدمير، فأدخلت عليها تحصينات وطلع منها جيل جديد « مركافاه 4 » ولكن مواجهات يوم 27-06-07 في غزة أثبتت أن حسن استعمال قذائف « آر. بي. جي » يمكن من تدميرها وإصابة طاقمها. معاريف 28-06-07.
-قررت أمريكا زيادة المنحة السنوية للكيان الصهيوني ب600 مليون دولار إضافة إلى 3,5 ملياردولار سنوية ثابتة منذ عقود كهبة و3 مليارات « تبرعات » تقوم بجمعها الجمعيات الصهيونية بأمريكا.هأرتس 29-06-07 الأراضي المحتلة سنة 1967 : قتلت قوات الإحتلال عام 2006 في الضفة وغزة 647 فلسطيني وهدمت 926 منزل و65 منشأة زراعية أو صناعية أو تجارية. أما « الفلتان الأمني » فقد تسبب في قتل 291 ، منهم 34 طفل و26 امرأة إضافة إلى 1538 جريح. ومنذ عام 2000 إلى غاية حزيران 2007 قتلت قوات الإحتلال 4829 فلسطيني وجرحت 39097 منهم 7600 أصيبوا بعاهات دائمة، ومعظمهم من الأطفال، وخربت أو دمرت بشكل كلي 65775 منزل واقتلعت مليونا و300 ألف شجرة. ومات في السجون 189 شهيد منذ 1967. المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان + دائرة العلاقات الدولية لمنظمة التحرير الفلسطينية. لبنان: نظم اللاجؤون الفلسطينيون الفارون من مخيم نهر البارد تظاهرات واعتصامات للمطالبة بعودتهم إلى مخيمهم، وفي مخيم البداوي تظاهر المئات منهم فأطلق عليهم الجيش اللبناني الرصاص وقتل 3 منهم، إضافة إلى ما لا يقل عن 40 جريح. يعيش بمخيم البداوي 15 ألف لاجئ على مساحة كيلومتر مربع واحد، وبعد أحداث نهر البارد أصبحوا أكثر من 30 ألف داخله. وقد استغل الجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي الوضع الحالي للتنكيل بالفلسطينيين وحبسهم وتعذيبهم وإهانتهم في ظل صمت إعلامي لبناني وعربي مطبق. عن أ.ف.ب. 30-06-07
العراق المحتل: فازت شركة « ك.ب.ر. » (فرع من شركة هاليبرتون) بعقد مع الجيش الأمريكي المحتل بمبلغ 5 مليار دولار سنويا لتقديم « خدمات للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط » لمدة 10 سنوات، وقد تقاضت « ك.ب.ر. » 22 مليار دولار مقابل مثل هذه الخدمات منذ احتلال العراق. بفضل تدخلات رئيسها السابق « ديك تشيني » نائب الرئيس بوش. رويترز 28-06-07 . وتطبيقا لبرنامج اقتصادي مع صندوق النقد الدولي بقيمة 715 مليون دولار، قررت الحكومة العراقية المنصبة من قبل الإحتلال رفع سعر البنزين للمرة الثانية منذ بداية السنة بنسبة 15 بالمائة لأن صندوق النقد أمرها برفع الدعم تدريجيا. رويترز 29-06-07 السعودية: نفذ يوم 27-06-07 حكم الإعدام الصادر ضد عاملين هنديين قتلا مؤجرهما بعد مشادات حول ظروف العمل والأجور، وبلغت أحكام الإعدلم المنفدة في السعودية منذ بداية العام 101 وبذلك تصبح الدولة الأولى في تنفيذ أحكام الإعدام (مقارنة بعدد السكان) متقدمة بذلك عن إيران والصين وأمريكا. عن منظمة العفو الدولية – أ.ف.ب. 27-06-07
الأردن: قرر الكيان الصهيوني نقل 4 أسرى أردنيين إلى سجون الأردن ليقضوا فيها بقية محكوميتهم من أجل مقاومة الإحتلال، بعد أن أدانتهم محاكم صهيونية بذلك، وتطالب الجمعيات الحقوقية الأردنية بإطلاق سراحهم والإفراج عن كافة الأسرى الأردنيين في سجون الكيان الصهيوني وعددهم 30 إضافة إلى 25 مفقود. اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية 01-07-07
سوريا: حصل لقاء معلن بين « جبهة الخلاص الوطني » المكونة من عبد الحليم خدام وتنظيم الإخوان المسلمين مع وفد من وزارة الخارجية ومكتب الأمن القومي الأمريكي يومي 21 و22 حزيران 2007 ، الأمر الذي أدى ببعض قوى المعارضة السورية لإدانة العملية باعتبارها « خطوة خطيرة تخطوها جبهة الخلاص الوطني تجاه إدارة جورج بوش » والتاكيد على أن « مستقبل سوريا لن يرسم إلا بتظافر كل القوى الوطنية الديموقراطية المستقلة لصياغة بديل ديموقراطي… وبعيدا عن مشاريع الهيمنة والإحتراب الأهلي والتفتيت » بيان « لجنة التنسيق من أجل التغيير الديموقراطي في سوريا » 02-07-07
مصر- منافسة يابانية لأرروبا وأمريكا: فازت الشركة اليابانية « ميتسوبيتشي » بعرض قدمته الحكومة المصرية في شكل مناقصة، لمشروع توليد الكهرباء في الإسكندرية ومنطقة البحيرة ب 110 مليون دولار ونافستها شركة سيمنس الألمانية وجنرال الكتريك الأمريكية. « الشرق الأوسط » 29-06-07
المغرب: أعلنت السفارة الأمريكية في الرباط أن « روبرت مولر » رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي « أف.بي.آي » زار المغرب يوم 29-06-07 و »التقى مسؤولي وزارتي العدل والداخلية… وتركزت محادثاتهم على التعاون الثنائي الحالي والمقبل » في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية. سبق لرئيس « أف.بي.آي » أن زار المغرب في فبراير 2006 ومؤخرا زار المغرب « ميكائيل هيدن » مدير المخابرات « سي.آي.أي » رويترز 30-06-07
المغرب – تطبيع و »اعتدال »مفرط: التقى وزير الخارجية المغربي « محمد بن عيسى » مع وزيرة خارجية الكيان الصهيوني يوم الاربعاء 04-07-07 بفرنسا وتناول اللقاء « المستجدات في الشرق الأوسط والمبادرة السعودية والتهديد الإيراني والفرص الجديدة للتقدم في المسار السياسي » وقالت الوزيرة الصهيونية « تتشارك اسرائيل والدول العربية المعتدلة بنفس الهم وتتعرض لنفس التهديد » موقع « هآرتس » 04-07-07
أفريقيا الجنوبية: انتهى يوم 28-06-07 أطول إضراب عاشته البلاد منذ نهاية النظام العنصري في 1994 ودام الإضراب العام للوظيفة العمومية 4 أسابيع واستعانت الحكومة بأطباء الجيش لتسيير الأقسام الإستعجالية بالمستشفيات العمومية بينما أغلقت المدارس أبوابها. حصل الموظفون على زيادة قدرها 7,5 بالمائة عوض 12 بالمائة التي كانوا يطالبون بها. أ.ف.ب. 28-06-07
الكامرون: بعد ترتيبها ضمن الأوائل في ميدان الفساد والرشوة حاولت الكامرون تلميع صورتها لاستعادة ثقة المستثمرين فقدمت للمحاكمة « امانويل ندونغ » مدير صندوق تجهيز الجماعات العمومية المحلية، مع بعض من أعوان الصندوق، وحكم ضده بالسجن لمدة 50 عام واحتجاز كافة ممتلكاته. أ.ف.ب. 29-06-07
السنغال: شهدت العاصمة « داكار » مسيرة ضد غلاء المعيشة (خاصة المواد الأساسية ) يوم الجمعة 29-06-07 وعقدت الحكومة جلسة في نفس اليوم ترأسها عبد الله واد تقرر على إثرها التخفيض 10 بالمائة في سعر الأرز (الغذاء الرئيسي) وتجميد أسعار الخبز والغاز. أ.ف.ب. 29-06-07
البنين: شهد القضاء عدة إضرابات منذ بداية السنة، ومنذ الأسبوع الأخير من ماي-آذار تعطل سير المحاكم بشكل كامل بسبب إضراب موطفي القضاء (باستثناء القضاة) من أجل تحسين الأجور وظروف العمل وانتدابات جديدة للحد من تراكم الملفات واختناق الجهاز القضائي. أ.ف.ب. 04-07-07
إيران: شهدت المدن الإيرانية وخاصة العاصمة طهران، تجمعات احتجاجية ضد ترشيد وتقسيط توزيع البنزين الذي تفتقر إيران القدرة على تكرير ما يكفي لاستهلاكها الداخلي فتستورد 40 بالمائة من احتياجاتها. وتعرضت 12 محطة بنزين على الأقل للحرق من قبل من أسمتهم الإذاعة والصحف الرسمية بالمشاغبين، واعتقلت السلط ما لا يقل عن 80 شاب من المتظاهرين. اسوشيتد براس 27-06-07 بلغ احتياطي العملة الأجنبية في آخر مارس الماضي 61,4 مليار دولار (+ 30 بالمائة مقارنة بمارس 2006) بينما بلغت الديون الخارجية 20 مليار دولار. إيران هي رابع منتج للنفط في العالم ب 4,11 مليون برميل يومي وحولت اختياطي عملتها الأجنبية إلى الأورو وعملات أخرى تحسبا لعقوبات تفرضها أمريكا عليها. نشرة البنك المركزي الإيراني 30-06-07
افغانستان تحت الإختلال: ذكرت السيدة « توريكو إيزودي » مسؤولة شؤون أفغانستان في المنظمة الأممية « يونيسيف » أن ربع أطفال أفغانستان المتراوحة أعمارهم بين 7 و14 سنة يشتغلون في الزراعة وصنع السجاد وتصليح السيارات والبناء (25,1 بالمائة من البنات و23,5 بالمائة من الأولاد) وأن نصف الأطفال الأفغان (حوالي 7 ملايين طفل) لم يدخلوا المدارس ولم يتلقوا تعليما. من تقرير « يونيسيف » حزيران 2007 كوريا الجنوبية: أضرب أكثر من 100 ألف عامل (منهم 75 ألف في مصانع السيارات) يوم 28-06-07 احتجاجا على اتفاق « التجارة الحرة » مع أمريكا الذي ستتضرر منه الصناعة الكورية والزراعة والصيد البحري عند فتح السوق كليا أمام البضائع الأمريكية (المدعومة) وأعلنت حكومة كوريا الجنوبية انها ستنفق 140,3 مليار دولار في السنوات الخمس القادمة تعويضا للخسائر التي ستلحق اقتصادها من جراء هذا الإتفاق. رويترز 29-06-07
اليابان: استقال وزير الدفاع الياباني « فوميو كيوما » بعد الزوبعة التي أثارتها تصريحاته التي يبرر من خلالها ضرب مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية من قبل أمريكا في أب –أغسطس 1945 والتي أدت إلى مقتل 210 آلاف شخص ومئات الآلاف من أجيال المعوقين، حيث مازال الأطفال يولدون مشوهين من جراء تلك القنابل. بالنسبة للوزير لو لم يفعل الأمريكيون ذلك لأصبحت اليابان تحت الهيمنة السوفيانية، وبالتالي فإن القنابل النووية هي أخف الضررين. عوضته في منصبه السيدة « يوريكو كويك » مستشارة الأمن القومي القريبة إيديولوجيا من تيار المحافظين الجدد الأمريكان وهي تتكلم الأنجليزية والعربية بطلاقة واختصت في كتابة التقارير عن المنطقة العربية. أ.ف.ب. 03-07-07
الشيلي: شارك ما يقارب 30 ألف عامل من الشركات المتعاقدة مع شركة « كوديلكو » الحكومية للنحاس، في إضراب بسبب التمييز في الأجور إذ يتقاضون ربع أجر عمال الشركة الحكومية مقابل نفس العمل. تنتج تشيلي ثلث الإنتاج العالمي من النحاس الذي ارتفعت أسعاره 3 أضعاف في المدة الأخيرة في السوق العالمية، وتتوقع الدولة أن تبلغ قيمة مبيعاتها منه 10 مليار دولارهذه السنة. رويترز 26-06-07 بريطانيا: نفذ اتحاد عمال الإتصالات إضرابا دام 24 ساعة (أول إضراب لهم منذ 11 سنة) احتجاجا على الأجور المنخفضة وسياسة الحكومة لخصخصة بعض المصالح وإلغاء آلاف الوظائف، وشارك في الإضراب 130 ألف من العاملين رويترز 29-06-07
فرنسا: قرر قاضي التحقيق في مدينة ليل بشمال فرنسا توجيه تهمة « اعتداء عنصري » إلى شرطيين من الدرك الفرنسي لاشتراكهما مع 4 أفراد آخرين في الإعتداء المجاني بالعنف الشديد على 7 مغاربة من نفس العائلة كانوا خارجين من حفل عائلي، فتسببوا لهم في أضرار بالغة وأتلفوا سياراتهم بالكامل (لم تعد صالحة للإستعمال) لا لسبب إلا لأنهم عرب، وتعود الحادثة إلى كانون الأول – ديسمبر 2005 ولم يقع الإهتمام بالقضية لولا تمسك المتضررين بتتبع الجناة رغم العوائق. ووجد المحققون ملصقات وأدبيات يمينية متطرفة وشعارات وكتابات نازية في بيوت المتهمين. رويترز 03-07-07
أمريكا وحرية التبادل التجاري: قدم نائبان ، أحدهما جمهوري والآخر ديموقراطي، مشروع قانون أمريكي لمقاضاة منظمة البلدان المصدرة للنفط « أوبك » أمام المحاكم الأمريكية، وإلغاء سيادتها على حصص تصدير النفط الخام، بسبب رفض أوبك الترفيع في كمية النفط المنتجة والمصدرة. أمريكا أكبر مستهلك للنفط في العالم وتعتمد على الواردات بنسبة 60 بالمائة، لكن أغلب وارداتها من خارج دول أوبك (من كندا والمكسيك) والبقية تستوردها من بلدان أوبك كالسعودية وفنزويلا ونيجيريا. أمريكا غير قادرة حاليا على تكرير كل نفطها وهذه مشكلتها وليست في نقص العرض، أما سياسيا فإنها تريد الهيمنة على العالم وموارده. فاينانشيال تايمز 27-06-07 .
– أجرى معهد الأبحاث الأمريكي « بيو ريسيرتش » دراسة في 47 دولة عن صورة الولايات المتحدة وقامت باستطلاع في هذه الدول تبين منه أن هناك إجماع على الأضرار التي ألحقتها أمريكا بالبيئة في السنوات الخمس الأخيرة. وعن صورة أمريكا بشكل عام لدى الشعوب فإنها إيجابية بنسبة 88 بالمائة في ساحل العاج و9 بالمائة فقط في تركيا يؤيدون السياسة الأمريكية و47 بالمائة في لبنان و10 بالمائة في الكويت و13 بالمائة في مصر والأراضي المحتلة في 1967 و56 بالمائة في الأراضي المحتلة 1948 و51 بالمائة في بريطانيا و39 بالمائة في فرنسا و 30 بالمائة في ألمانيا. السفير – رويترز 28-06-07
(المصدر: قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ 5 جويلية 2007)
يصدر هذا العدد من الشيوعي بعد فترة طويلة نسبيا من صدور العدد الأخير. ومن حسن الحظ أن كراريس عديدة تناولت مواضيع شتى ملأت الفراغ الذي تركته « الشيوعي ». ونحن نــَعِدُ قرّاءنا بأن يكون صدور مجلتنا النظرية في المستقبل أكثر انتظاما. ويضم هذا العدد الجديد جملة من المقالات، بعضها يتناول مسائل ملحة مثل وحدة اليسار وآفاق العمل النقابي بعد مؤتمر المركزية النقابية الذي انعقد في أواخر السنة الماضية، وردود الفعل على إعلان 8 مارس حول حقوق المرأة في تونس الذي أصدرته هيئة 18 أكتوبر. أما بقية المقالات فهي تتناول الوضع الراهن في الوطن العربي ومكانة المسألة الوطنية في الصراع الدولي الراهن بين القوى الامبريالية من جهة وشعوب العالم من جهة ثانية ودور اليسار الماركسي اللينيني في مقاومة الامبريالية. نتمنى أن يثير هذا العدد اهتمام القراء ويكون مناسبة لنقاشات ثرية حول المسائل المطروحة. هيئة التحرير فهرس العدد: ** ملاحظات حول وثيقة » مشروع أرضية لليسار » ** في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل ** عودة إلى النقاش حول حقوق المرأة ** اليسار الماركسي اللينيني ومقاومة الامبريالية في الظرف الراهن ** « العولمة » أو الامبريالية في ثوب جديد ** المشاريع الإمبريالية في الشرق الأوسط: مشاريع للنهب والتدمير والإذلال
ملاحظات حول وثيقة « مشروع أرضية لليسار »
ديسمبر 2006 أصدرت مؤخرا إحدى المجموعات السياسية اليسارية في تونس (حزب اليسار الاشتراكي) وثيقة بعنوان « مشروع أرضية لليسار » بتاريخ 8 أوت 2006 تقع في 22 صفحة وتشتمل على 8 فقرات رصدت من خلالها « الملامح العامة للتحولات الدولية الراهنة » وأهم أبعاد » مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا » لتتخلص إلى رسم « سمات الوضع في تونس والمسألة الديمقراطية » ثم استعرضت أبعاد « اختيارات النظام التونسي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية » قبل أن تعرض « الملامح العامة للبرنامج اليساري البديل » مكتفية في ذلك بالملامح السياسية مغفلة – ولا ندري إن كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد – الملامح الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واقترحت أخيرا « البرنامج البديل » و »المحاور البرنامجية لليسار الموحد التونسي ». وإذا كان لا بد من التنويه شكلا بهذه المبادرة لإثارتها مسألة من ألحّ المسائل في الظرف الراهن وهي توحيد فصائل اليسار التقدمي في بلادنا حول أرضية عمل مشتركة، فإن ذلك لا يمنع من حيث الأصل من إبداء جملة من الملاحظات الجوهرية تعميقا للنقاش ودفعا للصراع الفكري والسياسي حول المشروع المقترح وحول بعض نقاط الخلاف داخل فصائل اليسار التونسي، بخصوص « المسألة الديمقراطية » أساسا. ولعل أوّل ما يشدّ الانتباه ويستحق التوقف عنده بالتدقيق والتعميق والنقد هو المنطق العام الذي بنى عليه أصحاب الوثيقة تحليلهم وكان الخيط الرابط بين جميع فقراته التقييمية منها والبرنامجية والذي على أساسه حددوا طبيعة « التناقض الرئيسي الذي يشق مجتمعنا في المرحلة التكتيكية الراهنة » كما جاء في الفقرة التالية: « وإذا كان نظام الحكم الدستوري يمثل العائق الرئيسي الأول أمام تحقيق الديمقراطية في بلادنا وإرساء نظام جمهوري ديمقراطي، فإن الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين وبما يدفع إليه من ردّة عامة في المجتمع، تمثل العائق الأساسي الثاني. وكلاهما يشكل الطرف الرئيسي في التناقض الذي يميز المرحلة التكتيكية الراهنة والذي يقابل بين الديمقراطية من ناحية والدكتاتورية القائمة ومشروع الاستبداد المتستر بالدين من ناحية أخرى. وإن حلّ هذا التناقض لا يحدث إلا بإقامة الجمهورية الديمقراطية ذات البعد الشعبي والتقدمي » (ص 9). فكما هو واضح من الفقرة أعلاه، فإن « نظام الحكم الدستوري » و »الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين » « يشكلان » ومن دون أدنى تمييز « الطرف الرئيسي في التناقض » وأي تناقض؟ « التناقض الذي يميز المرحلة التكتيكية الراهنة » « التناقض الذي يقابل بين الديمقراطية من ناحية والديكتاتورية القائمة ومشروع الاستبداد المتستر بالدين من ناحية أخرى ». فلنر إلى أيّ مدى هذا التحديد لطبيعة التناقض القائم اليوم في بلادنا هو تحديد واقعي وصحيح، أي إلى أيّ مدى « نظام الحكم الدستوري » و »الحركة الإسلامية بمشروعها المتستر بالدين » « يشكلان » بالفعل « الطرف الرئيسي في التناقض » القائم دون أدنى تمييز ودون مراعاة لموقع كل منهما من الحكم ومن الاختيارات المفروضة على الشعب. ولنر أيضا ما إذا كان « التناقض » القائم « يميّز » فعلا « المرحلة التكتيكية الراهنة » أم هو يميّز مرحلة أخرى، مرحلة بعيدة المدى أي استراتيجية. وسيجرّنا ذلك حتما إلى تدقيق مميزات كل مرحلة من المرحلتين، « التكتيكية الراهنة » والاستراتيجية والتعمق فيهما للتثبت في طبيعة المرحلة التي نحن بصددها، تكتيكية هي أم استراتيجية وما يطرح على الشعب التونسي في كل منهما من مهمات وأهداف. ولنر أخيرا ما المقصود بـ »الديمقراطية » التي يقابلها « التناقض الرئيسي » المذكور بـ »الدكتاتورية القائمة » ومن هي القوى التي تمثلها الآن في الساحة السياسية التونسية؟ 1 – في التناقض الرئيسي في المرحلة التكتيكية الراهنة: غنيّ عن القول، منهجيا، أن صواب أيّ برنامج، استراتيجيا كان أم تكتيكيا، مرهون بصواب وصحة ودقة تحليل الوضع العام، وبتحديد طبيعة التناقض الرئيسي الذي يشق المجتمع (والتناقضات الثانوية المتفرعة عنه)، أي بتحديد مكونات كل معسكر طبقي من المعسكرين الأساسيين المتعارضين – مهما كانت درجة حدّة الصراع بينهما في ظرف زمني محدد سواء أخذ هذا الصراع طابعا تناحريا أو « سلميا »– وبتحديد مصالح كل منهما الآنية ومتوسطة وبعيدة المدى، المصالح التي يعمل كل منهما على تحقيقها أو الحفاظ عليها بكل الطرق السلمية وغير السلمية. إن كل خلط يحصل عند تحديد هذين المعسكرين المتضادين ومكوناتهما، وكل خلط في رصد مصالح كل منهما الآنية أو بعيدة المدى من شأنه أن يشوّش أهداف البرنامج الاستراتيجي والتكتيكي المراد وضعه حيال كل منهما أو حيالهما معا. معلوم أنه في ميدان السياسة يدور التناقض الرئيسي حول الحكم بين من يملك وسائل الإنتاج ويستأثر بثمرة وفوائد عملية الإنتاج الاجتماعي، من يملك أجهزة الحكم القسرية والسياسية والإيديولوجية والروحية والدعائية (شرطة وجيش وحكومة وبرلمان ووسائل الإعلام ومؤسسات الدين…)، من يضع الاختيارات العامة ويفرضها على المجتمع من جهة، وبين من لا يملك وسائل الإنتاج ولا ينال إلا الفتات من ثمرة الإنتاج العام ويرضخ لسلطة الدولة بجميع مؤسساتها لاختياراتها وبالتالي هو ضحية النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي القائم. إن إهمال هذا العنصر الحاسم في تحديد طبيعة التناقض الرئيسي يقود حتما إلى اعتبار عوامل أخرى أيديولوجية وعقائدية ذاتية لا تعكس الواقع في شيء. ومن نافل القول أن تحديد التناقضات بطريقة ذاتية لا يمكن أن يؤدي إلا إلى استنتاجات ذاتية لا تنطبق على الواقع ولا تستجيب له. ونعتقد أن تحديد مكونات المعسكرين المتضادين اللذين يقابل بينهما التناقض الرئيسي في بلادنا في الظرف الراهن بالتحديد، كما جاء في الفقرة المقتبسة أعلاه من وثيقة « مشروع أرضية لليسار » يتضمن خلطا كبيرا – نتمنى أن لا يكون متعمدا – لا يعطي صورة دقيقة وواضحة وواقعية لمكونات معسكر القوى التي لها مصلحة في الإبقاء على الواقع الحالي لمجتمعنا بخصائصه ومميزاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما لا يعطي صورة دقيقة وواضحة وواقعية لمكونات معسكر القوى التي لها مصلحة في تغيير ذات الواقع وخاصة على المستوى المنظور. لقد انطلق أصحاب الوثيقة في تحليلهم من رؤية ذاتية لا تحتكم لمعطيات الواقع كما هي بقدر ما احتكموا إلى منطلقاتهم الأيديولوجية التي أرادوا صبغ الواقع بها وتطويعه لها. ونحاول فيما يلي تبيان ذلك. إن القول بأن « نظام الحكم الدستوري » و »الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين » « يشكل كلاهما الطرف الرئيسي في التناقض.. » لا يعكس بدقة الواقع بل ويتجنى عليه لأنه لا يأخذ في الحسبان إلا طبيعة المشاريع المجتمعية التي يحاول أحدهما (نظام الحكم الدستوري) استدامتها ويعمل الثاني (الحركة الإسلامية) على تحقيقها، ولأنه لا ينظر إلى طبيعة التناقض من زاوية موقع كل من هذين الطرفين من الحكم أي من هو في الحكم، ويسيطر على جهاز الدولة ويكرس مصالح التحالف الرجعي الإمبريالي (البرجوازية الكمبرادورية أو العميلة والشركات والدول الامبريالية الغربية) أي « نظام الحكم الدستوري » ويستعمله لصالحه وعلى حساب مصالح الطرف المقابل، من جهة، ومن هو محكوم وخاضع لسلطة الدولة ولا يستأثر بفائض قيمة عملية الإنتاج الاجتماعي أي « الحركة الإسلامية، الخ. » حتى وإن كانت لا تختلف عن « نظام الحكم الدستوري » في طبيعة المشروع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام الذي تدافع عنه وتروم إرساءه إذا تمكنت من الصعود إلى السلطة مستقبلا أو حتى ولو كانت تمثل تعبيرة من تعبيرات تلك البرجوازية. ما من شك أنه على المستوى الاستراتيجي لا يختلف هذان الطرفان في إقامة مجتمع رأسمالي استغلالي وتابع لدوائر رأس المال العالمي ونظام حكم قمعي متعارض مع « الجمهورية الديمقراطية ». وليس الصراع الدائر بينهما اليوم إلا صراعا داخل نفس المنظومة العامة البرجوازية حتى وإن كان أحدهما ذا قشرة عصرانية وحداثوية بينما يأخذ الآخر من الدين غطاء له. ولكن وما دمنا نحن بصدد « المرحلة التكتيكية الراهنة » هل يستقيم النظر لهما من زاوية مشاريعهم المجتمعية؟ وهل يمكن على هذا الأساس اعتبار أن كلاهما « يشكل الطرف الرئيسي في التناقض » لا لشيء إلا لأنهما لا يختلفان في طبيعة المشروع المجتمعي الذي يدافعان عنه كلّ بصيغته؟ وبلغة أخرى هل يمكن اعتبارهما طرفا واحدا في التناقض في « المرحلة التكتيكية الراهنة » والحال أنهما على طرفي نقيض من الحكم، واحد يحكم ويستفيد من موقع الحكم على جميع الأصعدة ويريد تأبيد نظام حكمه ويرفض أي تغيير مستعملا أفظع أشكال القمع لهذا الغرض والثاني – حتى وهو لا يختلف عنه من حيث المشروع المجتمعي الذي يبشر به – في المعارضة، محكوم وضحية للقمع والإقصاء ويريد تغيير الوضع. وإذا كان للأول مصلحة في الحفاظ على الوضع الحالي ونراه يتبع في سبيل ذلك شكلا دكتاتوريا في الحكم فهل للثاني (الحركة الإسلامية) نفس المصلحة في دوام هذا الوضع؟ بلا شك لا، لأن « الحركة الإسلامية… » (نقصد فصيلها الأساسي « النهضة ») بمقولاتها المعروفة لن تتوانى عن إقامة مشروعها المجتمعي « الاستبدادي والمتستر بالدين » إذا استحوذت على الحكم ولكن هي الآن في واقعها الراهن كحركة مقموعة، ممنوعة من الوجود والتعبير، كوادرها ومناضلوها مقموعون ومشردون إمّا إنهم يقبعون في سجون « نظام الحكم الدستوري » أو هم منفيون في ديار الهجرة القسرية في حاجة ماسّة إلى أن تتغير الأوضاع باتجاه أن تتمتع على الأقل بحق الوجود والتعبير وإلى إطلاق سراح مساجينها وعودة مغتربيها وفي كلمة هي الآن في حاجة ماسّة إلى تغيير الأوضاع على نقيض ما يعمل من أجله « نظام الحكم الدستوري » القائم. ولا يفوتنا أن نؤكد ذلك حتى وإن بدت هذه « الحركة… » اليوم متردّدة وغير متحمّسة للنضال الجاد من أجل تغيير الأوضاع إمّا بسبب عجزها التنظيمي أو لأنها تعلق أوهاما على المصالحة مع « نظام الحكم ». إن التناقض الرئيسي اليوم هو بين « نظام الحكم الدستوري » الذي يمسك بجهاز الدولة ويفرض بواسطته اختياراته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الاستبدادية والثقافية للبرجوازية الكبيرة العميلة مدعوما بالإمبرياليات الغربية الأمريكية والأوروبية من جهة، وبين الشعب التونسي بجميع فئاته وشرائحه من جهة ثانية. وبعبارة أخرى فإن الطرف المهيمن في « التناقض الرئيسي » هو الدكتاتورية الدستورية النوفمبرية ولا يمكن أن تشرك معها « الحركة الإسلامية » أو أي حزب برجوازي آخر في المرحلة الراهنة، ذلك، أن الطبيعة الدكتاتورية لهذا النظام تجعله يحتكر السلطة بكاملها ولا يسلط قمعه على القوى الثورية والتقدمية التي تمثل مصالح العمال والكادحين وعموم الشعب فقط بل كذلك حتى على أحزاب وتنظيمات برجوازية ممّا يفسّر معارضتها له مرحليا وبالتالي مصلحتها في تحرير الحياة السياسية وهو أمر ينبغي مراعاته في أي تكتيك سياسي. إن العنصر الحاسم في تحديد الطرف الرئيسي في « التناقض » في تونس اليوم أي في « المرحلة التكتيكية الراهنة » التي نحن بصددها ليس طبيعة المشروع المجتمعي لهذا الطرف أو ذاك وإنما هو الموقع من الحكم أي التناقض بين من هو مع نظام بن علي ومن هو ضده، علما وأن هذا التناقض الراهن – باعتباره ظاهرة موضوعية – ليس بحالة دائمة ومستقرّة في التاريخ بل هو قابل للتحول على قدر ما سيشهده الوضع من تطور ومن تحولات في المستقبل. ويعني ذلك أن « الحركة الإسلامية » الممنوعة والمقموعة اليوم والتي لها مصلحة في تحرير الحياة السياسية في بلادنا ومن هذه الزاوية بالذات من الوارد أن ترتد في ظروف أخرى إلى مقولاتها التقليدية والعودة للمناداة بإرساء نظامها الاستبدادي ودولة الشريعة مع ما يصحبها من إجراءات اقتصادية واجتماعية لا تختلف في شيء عن نظام بن علي الحالي وربما في نسخة أكثر قمعا وأشد وطأة على الشعب بل ربما تذهب كلها أو شقّ منها إلى المشاركة في الحكم وبالتالي المشاركة مباشرة في قمع الشعب التونسي واستغلاله. عندئذ فقط سيصبح التناقض معها، التناقض المطروح للحل، هو فعلا تناقضا رئيسيا لأنها أصبحت طرفا في التناقض الرئيسي. ولكن هل يبرّر مثل هذا الاحتمال تصنيف « الحركة الإسلامية…’’ التي لا تزال بعيدة كل البعد عن الحالة التي تؤكد هذا الاحتمال (لأنها مقموعة وممنوعة ولا تراهن اليوم على افتكاك الحكم بقدر ما تراهن على الحد الأدنى من أدنى الحريات) ضمن العدوّ الرئيسي في « المرحلة التكتيكية الراهنة »؟ إن الإصرار على هذا التحديد متعسّف على الواقع وينطوي على تعنّت عقائدي ليس في الواقع ما يبرره سوى النزعة الذاتية في تحليل الواقع المادي لحالة الصراع الطبقي في بلادنا. 2 – في التحالف مع « الحركة الإسلامية… » ولسائل أن يسأل، بما أن « الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين.. » مقموعة وممنوعة من قبل « نظام الحكم الدستوري » كغيرها من القوى السياسية الليبرالية والديمقراطية والثورية وتحتاج مثلها تماما لتحرير الحياة السياسية، فهل يعني أنها بالضرورة طرف في التحالف الذي ينبغي أن يتشكل من أجل القضاء على نظام الحكم الدكتاتوري القائم وإرساء « الجمهورية الديمقراطية »؟ بلا شك لا. فالتحالف له مبادئه وشروطه الموضوعية والذاتية، وإذا كانت الحاجة لحل التناقض الرئيسي تحدد بصورة إجمالية طائفة القوى الاجتماعية والسياسية المرشحة للمساهمة في هذا الحل فإن التحالف من أجل إنجاز الحل يستوجب توافقا واعيا وواضحا حول مضمون الحل ومحتواه – المباشر أي التكتيكي على الأقل – الذي تترجمه أهداف البرنامج التكتيكي. إن مواجهة نظام ديكتاتوري كالنظام الدستوري في تونس بجبروته البوليسي الشامل تستوجب منطقيا بل قل نظريا تكتيل كل القوى المعارضة والمتضررة من سياساته بصرف النظر عن طبيعتها الطبقية وعن طبيعة المشروع الذي تهدف كل قوة منها إلى إرسائه. إذ لا يمكن لهذه القوى أن تأمل في دحر النظام أو على الأقل إجباره على التخلي عن شكله الدكتاتوري أو حتى التخلي عن بعض اختياراته وممارساته إلا متى كانت موحّدة ولها من القوة ما يسمح لها بتحسين ميزان القوى لصالحها. والمعروف أن النظام لا يستمد قوته من طبيعة الاختيارات التي يتبعها أو الإجراءات التي يتخذها لبسط نفوذه وإنما أيضا يستمدها من ضعف معارضيه ومن تشتتهم وتناحرهم الداخلي. لذلك تكتسي مسألة وحدة المعارضة السياسية وتضامنها أهمية قصوى بل ومحددة في تغيير موازين القوى لفائدتها. ولقد استطاعت شعوب كثيرة لها تجربة وخبرة تفوق بكثير خبرة وتجربة شعبنا هزم الدكتاتوريات التي ابتليت بها في فترات من تاريخها لأن أحزابها وتياراتها السياسية الديمقراطية عرفت كيف تكتل قواها وتتجاوز خلافاتها المذهبية والسياسية في جبهات ديمقراطية موحدة. غير أنه ولئن كان منهج الجبهة الديمقراطية الموحدة قد أثبت نجاعته وجدواه سياسيا لمواجهة الأنظمة الاستبدادية في أكثر من بلد ومن فترة تاريخية، فإن هذا المنهج يخضع مثله مثل كل الظواهر السياسية لمبادئ وشروط موضوعية بما يعني أن التحالف (في جبهة أو أي شكل آخر) لا بدّ أن يستجيب لهذه الشروط والمبادئ. ولعلّ أول شروط التحالف هي أن يتشكل استجابة لحاجة يمليها الواقع الموضوعي أي تمليها الحاجة إلى تعديل موازين القوى بين المعسكرين المتضادين. فهو بهذا المعنى ظاهرة موضوعية تفرزها مرحلة محددة من تاريخ الصراع الطبقي وليس اختيارا إراديا للنوايا الحسنة لهذه القوة السياسية أو تلك. ومعلوم أن سياسة الاستبداد والانغلاق السياسي تخلق منطقيا وخارج إرادة كل القوى المعارضة الظروف والشروط المادية التي تدفعها لتوحيد نضالها وتفعيله. أما الشرط الثاني للتحالف السياسي فهو وعي هذه القوى السياسية المعارضة بقصور إمكانياتها منفردة عن إحراز النصر على العدو وبالتالي بضرورة ضمّ جهودها وإمكانياتها لجهود وإمكانيات القوى الأخرى في عمل مشترك لتحقيق الأهداف المنشودة. وينبغي أن يتجسم الوعي بهذه الحقيقة وهذه الضرورة في إرادة فعلية نشيطة وملموسة بما يفترض من القوى الراغبة في التحالف قدرتها على صهر طاقاتها ضمن الطاقة المشتركة للحلف المراد إقامته والارتقاء عن تفاصيل الرؤى والأطروحات الخاصة والخطية لفائدة ما هو مشترك. ويجرّنا ذلك إلى شرط آخر ولعله الأهم وهو شرط التوافق على قواسم مشتركة في البرنامج الاستراتيجي إذا كان التحالف المراد تشكيله يهدف إلى تحقيق هدف استراتيجي أو على قواسم مشتركة في البرنامج التكتيكي إذا كان التحالف يعنى بتحقيق أهداف تكتيكية مرحلية. وجدير بالتأكيد القول أنه من دون توفر هذا الشرط من غير الممكن مطلقا إقامة أي تحالف مبدئي هادف وقابل للدوام أو قادر على إنجاز مهامه. لنأتي الآن للحالة الخصوصية الملموسة في بلادنا لنرى ما إذا كانت هذه الشروط المذكورة متوفرة أم لا وهل توفر فرصة حقيقية لإقامة تحالف (جبهة أو أي شكل آخر) معارض لنظام الحكم الدستوري. في البداية لا بدّ من التأكيد مجددا أن لا « الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين » ولا الأحزاب الكرطونية التي انخرطت في مشاريع بن على وزكت سياساته معنية بتغيير طبيعة نظام الحكم في تونس تغييرا جوهريا ولا يمكن بالتالي أن تكون طرفا في التحالف الاستراتيجي الذي يمكن عقده لهذا الغرض لأن الشعب التونسي ليس في حاجة إلى استبدال نظام عميل ورجعي ودكتاتوري ومعاد لمصالح الشعب بآخر لا يقل عنه رجعية وعمالة ودكتاتورية وعداء للشعب أو ربّما يمتاز عنه في كل هذه السمات والخصائص. وإذا كان الأمر محسوما – داخل فصائل اليسار على الأقل – ولا يستدعي جدلا أكبر فإن البحث في ما إذا كانت الحركة الإسلامية والأحزاب الكرطونية معنية بأي تحالف تكتيكي محتمل يستدعي حقا مزيدا من التدقيق والتوضيح. لا جدال في أن أوضاع الشعب والحركة الديمقراطية في تونس تقتضي اليوم وبصورة عاجلة بعث قطب ديمقراطي واسع مناهض للدكتاتورية النوفمبرية الحاكمة هدفه على المدى المباشر والمتوسط القضاء على الاستبداد والانتقال ببلادنا إلى مرحلة ديمقراطية تحرر الشعب وتعبيراته السياسية المختلفة من القيود المفروضة عليه. وهو ما يعني بالضرورة، علاوة على الوعي بإلحاحية هذه المهمة، تبني برنامج ديمقراطي بديل يقطع فعلا مع الديكتاتورية ويضع أسس المرحلة الديمقراطية الجديدة التي تفتح الباب واسعا لتغيير أرقى تتحقق فيه « الجمهورية الديمقراطية » الحقيقية. وهنا لا بدّ من استعراض مضمون برنامج البديل الديمقراطي لنرى فيما بعد مدى تلاؤم برامج كل الأطراف التي تدّعي الديمقراطية أو تقول عن نفسها كذلك، مع هذا البرنامج وللحكم على أي طرف من هذه الأطراف إذا كان فعلا مرشحا وأهلا للانضمام إلى أي تحالف (جبهة أو أي شكل آخر) سينبنى على أساس البرنامج الديمقراطي البديل. إن برنامج البديل الديمقراطي برنامج متعدد المحاور ويشتمل على جوانب متعددة ومتشابكة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وإذا كان كل جانب من هذه الجوانب مهما في حدّ ذاته، فإن الجانب السياسي منه يبقى هو المدخل والمفتاح الحقيقي لأي تغيير منشود. لذلك تكتسي المطالب السياسية في برنامج البديل الديمقراطي أهمية قصوى تكاد تكون محددة. فلنتفق ولنوضح أولا مضمون الحرية السياسية، عنوان البرنامج السياسي في البديل الديمقراطي لرفع كل التباس خصوصا وأن كل الأطراف السياسية، عدا نظام الحكم وأذنابه، يدعي المطالبة والدفاع عن الحرية السياسية والديمقراطية ومعارضة الحكم الفردي الدكتاتوري. ويمكن تلخيص معنى الحرية والديمقراطية في: – احترام الحريات العامة: حرية التنظيم والتعبير والنشر والصحافة والاجتماع والتظاهر ومبدأ سيادة الشعب أي حريته في اختيار من يحكمه عبر الانتخابات الحرّة والنزيهة ومراقبة من يحكمه ومحاسبته وعزله ومقاضاته ووضع التشريعات. – عدم المساس بالحريات والحقوق الفردية وعلى رأسها حرية التفكير والمعتقد والإبداع والتنقل والسفر وحق احترام الحرمة في كل أبعادها. – المساواة في كل معانيها وخاصة المساواة بين النساء والرجال. وليس من باب الادعاء في شيء القول أن « الحركة الإسلامية » كانت قد عبّرت في فترات سابقة من تاريخها عن تعارضها مع هذه المبادئ والأهداف إذ وعدت الشعب التونسي في برنامجها السياسي بإقامة دولة دينية (دولة الشريعة) تتنافى ومفاهيم الجمهورية ودولة القانون والمؤسسات والفصل بين السلطات والسيادة الشعبية والتداول الديمقراطي على الحكم والتعددية السياسية وحقوق الإنسان. وعلى حدّ علمنا فإن « الحركة الإسلامية » (ونقصد فصيل « النهضة » بالتحديد) لم تعبّر عمّا يفيد أنها تخلت نهائيا عن تنظيراتها المعروفة وما تزال بالتالي متمسكة بمشروعها المعادي لأبسط مبادئ الديمقراطية وهي تبعا لذلك غير مرشحة ولا مؤهلة لأن تكون طرفا في أي تحالف من أجل البديل الديمقراطي. ولقد صرّح زعيم الحركة، راشد الغنوشي يوم 9 أكتوبر 2006 لموقع حركة الإخوان المسلمين المصرية « إخوان أون لاين » بقوله: « برنامجنا اليوم هو نفس البرنامج الذي أعلناه يوم دخولنا الحياة السياسية سنة 1981، يتلخص في كلمة واحدة الحرية باعتبارها المفتاح الرئيسي لحل كل مشاكل بلادنا ثم هي مقصد عظيم من مقاصد النبوات « يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم » (الأعراف). نحن نرى في مبادئ الديمقراطية المعاصرة وآلياتها ومبادئ حقوق الإنسان الترجمة الوفية لمطلب العدل والشورى في الإسلام، الترجمة الكفيلة بتحرير أمتنا من أعظم إعاقة حلت بها منذ الانقلاب المشؤوم على نظام الشورى وتحويله إلى ملك عضوض يستمد شرعيته من الشوكة، من العنف ». أما بعض التعديلات التي أجرتها على برنامجها في مؤتمرها الأخير (لندن 2001) وظلت تقدّمها على أنها مراجعة عميقة لخطها باتجاه تبني الديمقراطية كخيار جوهري فهي لا تعدو أن تكون محاولة لإلباس خطابها لبوسا ديمقراطيا يدمج جملة المفاهيم والمصطلحات الليبرالية الغربية الخاضعة في مفهومها العميق للمنهج الإخواني السلفي التقليدي (العدل والشورى). وبعيدا عن الحكم عن النوايا أو الرجم بالغيب فإن « الحركة الإسلامية » (« النهضة ») لم تتقدم إلى اليوم وبصورة علنية وجازمة بما يفيد أنها راجعت خطها القديم وبالخصوص في مسائل تعتبر أساسية وفاصلة بين الديمقراطية والاستبداد. هذه القضايا التي ما تزال موضوع جدال وصراع مع الحركة الإسلامية تتعلق أساسا بـ: – الحريات الفردية وخاصة حرية التفكير والمعتقد وعلاقتها بالحريات العامة (حرية التعبير والتنظيم والاجتماع والتظاهر والانتخاب والترشح…)، إذ لا حريات عامة من دون حرية فردية ولا حرية سياسية من دون حرية فكرية وعقائدية ولا حرية من دون وضع حدّ منطق التكفير. – احترام حقوق الإنسان وفي إطار ذلك احترام الحرمة الجسدية للبشر وحرمة المسكن والمراسلة والمكالمات الهاتفية والمعطيات الشخصية ويحيلنا هذا على الموقف المبدئي من العقوبات الجسدية وإطارها التشريعي وخاصة مسألة الحدود. – مفهوم الديمقراطية كنظام سياسي بقواعده الثابتة غير القابلة للتصرف لا كمجرد حريات تقتضيها الظروف السياسية التي يمرّ بها هذا الطرف أو ذاك أو كمجرد آلية انتخابية ظرفية للوصول للحكم ثم الانقلاب عليها باسم » الشرعية الشعبية » أو غيرها من المسوغات. – علاقة الفضاء السياسي بالفضاء الديني أو المقدس وحدود كل منهما وعدم تعدي أيّ منهما على الآخر بدعوى السلطة الربانية أو الشرعية السياسية الدنيوية. – مسألة المساواة بشكل عام والمساواة بين الجنسين بصورة خاصة، إذ لا سبيل للحديث عن ديمقراطية لا يكون للنساء فيها الحق في التمتع بكل ما توفره من مكاسب للرجال في العائلة وفي المجتمع. لذلك نعتقد أنه من حق الكثير من الأطراف السياسية أن تظل رافضة للعمل مع « الحركة الإسلامية » أو التحالف معها. لكن وإذا كان التحالف مع هذه الحركة غير وارد ما لم تغيّر برنامجها في القضايا المشار إليها سلفا، فهل يعني ذلك أنه أيضا لا يمكن الالتقاء معها ولو بصفة ظرفية حول بعض المطالب الجزئية من برنامج البديل الديمقراطي، أي حول المطالب الجزئية الأكثر إلحاحا؟ قبل الإجابة على هذا السؤال الهام لا بدّ من توضيح الفرق بين التحالف والالتقاء. فالتحالف هو الاتفاق الواعي والإرادي والصريح والعلني بين عدد من الأطراف السياسية حول برنامج متكامل الجوانب الهدف منه إجراء تغيير مرحلي (أو استراتيجي) على الوضع أي حل تناقض رئيسي حلا نوعيا يستوجب كما قلنا اتفاقا شاملا حول برنامج يتضمن مطالب وأهداف متكاملة. أمّا الالتقاء فهو مجرد اتفاق جزئي تفرضه ظروف النضال وتقاطع المصالح، حول بعض المطالب والأهداف الجزئية من البرنامج البديل لا كل مطالب البرنامج وأهدافه. وكما سبق وقلنا أن عقد تحالف مرحلي تكتيكي لا يشترط الاتفاق المسبق على طبيعة المشروع المجتمعي، فإن الالتقاء حول بعض المطالب الجزئية من البرنامج التكتيكي المباشر لا يشترط هو الآخر الاتفاق على مجمل البرنامج التكتيكي، فهو التقاء تفرضه ظروف النضال والتقاء المصالح بصرف النظر عن الأغراض التكتيكية لكل طرف من الأطراف. ومن هذه الزاوية، نعتقد أن الخلافات الجوهرية حول المشروع المجتمعي الذي يحتاجه شعبنا ويخدم مصلحته وحول برنامج البديل الديمقراطي لا يمنعنا كما لا يمنع أي طرف سياسي آخر ليبراليا كان أم يساريا من أن يقبل بوحدة العمل التي يفرضها الواقع وتتقاطع فيها المصالح دون أن يكون ذلك رديفا لتفريط أي كان في ذاتيته أو في أهدافه العميقة أو المرحلية. ومن هذه الزاوية أيضا نعتبر أن القبول بوحدة العمل هذه بما في ذلك مع « الحركة الإسلامية » لا يمكن أن تمنع الأطراف التي تتفق على برنامج ديمقراطي بديل أو مشروع مجتمعي مشترك من إقامة التحالفات التي يمكن أن تتفق عليها. 3 – ملاحظات أخرى لا بدّ منها إن الخلط في تحديد طبيعة التناقض الرئيسي في « المرحلة التكتيكية الراهنة » – سواء عن حسن نيّة أو عن قصد – يؤدي بنا كما هو مبيّن أعلاه إلى استنتاجات سياسية خاطئة وخاصة إلى اختلاق الذرائع لرفض العمل المشترك في قضايا دنيا وبسيطة ولكنها أساسية ومحورية بل ومحددة اليوم في مواجهة الديكتاتورية الحاكمة. والحقيقة أن المزايدة والتظاهر بالمعاداة المطلقة « للحركة الإسلامية » بصفتها صاحبة مشروع « استبدادي متستر بالدين » نابعة عن إرادة في التهادن – وبطرق ملتوية – مع السلطة وتخفيف حدّة الموقف منها لحسابات براغماتية مغلوطة تكرّس نظرة إصلاحية في التعاطي مع النضال من أجل مطالب الحرية ومقارعة السلطة بصددها. إن اعتبار كل من الديكتاتورية الدستورية الحاكمة و »الحركة الإسلامية بمشروعها الاستبدادي المتستر بالدين » على نفس قدم المساواة الآن وبالتحديد في المرحلة التكتيكية الراهنة يشكلان طرفا في التناقض الرئيسي مع الشعب من شأنه أن يميع التناقض القائم مع نظام الحكم ويخفت من حدّة الموقف منه ويشوّش على الحركة الديمقراطية الهدف إلى حيث ينبغي أن تصوّب رمايتها وتركز جهودها. والاستمرار في مثل هذا التحليل والسلوك السياسي بقدر ما يحرم الحركة الديمقراطية من فرصة لتقوية صفوفها – عبر جرّ أطراف أخرى بما في ذلك تلك المتسترة بالدين – على أرضيتها المباشرة لتشديد الخناق على الدكتاتورية الدستورية المتغطرسة، يعطي الفرصة لهذه الأخيرة للعب على تناقضات وخلافات معارضيها والمضي قدما في تصعيد هجومها على الحريات في أبسط مظاهرها. ولا نعتقد أننا نأتي بجديد حين نذكر أن مطالبة الحركة الإسلامية اليوم بالعفو التشريعي العام وإطلاق سراح المساجين السياسيين وبحرية التنظيم الحزبي والجمعياتي وبحرية الصحافة والتعبير إنما هو دليل على أنها جاءت على أرضية لطالما نادى بها الديمقراطيون في تونس وحاولوا جرّ كل القوى على قاعدتها وليس العكس. لكن ورغم ذلك فهل يعتقد أحد أن « انجرار » الإسلاميين وراء الديمقراطيين على هذه الأرضية المباشرة – من منطلق مصلحتهم طبعا – سيمنع الديمقراطيين من مواصلة الصراع معهم حول مفاهيمهم بخصوص الديمقراطية والحرية؟ أم هل سيمنعهم من بناء جبهات النضال التي يرونها صالحة (جبهة يسار أو غيرها…)؟ وعلاوة على هذا فإن النضال من أجل المطالب الديمقراطية في ظل الانغلاق السياسي التام يستوجب اليوم أكثر من أي وقت مضى تكتيل أكثر القوى بل كل القوى حول المطالب الدنيا والبسيطة – مثل النقاط الثلاث المذكورة سلفا – عسى أن تستطيع الحركة الديمقراطية ثني نظام بن علي عن تشدده القمعي المطلق تجاه المطالب الديمقراطية الدنيا. ولا يجب أن يذهب في ظن أيّ كان أن النظام يميّز في تشدده بين هذه القوة وتلك وبين هذا الفريق وذاك، فبن علي لا يسمح بأبسط مظهر من مظاهر الحرية لا ’’للحركة الإسلامية » لأنها « تحمل مشروعا استبدادا يتستر بالدين » ولا لليساريين ولا لليبراليين ولا لغيرهم وإنما من منطلق خوفه من الديمقراطية وحرصه على أن يظل مسيطرا على الوضع ومتربعا على عرش الحكم. إن الدافع الرئيسي لنظام بن علي في مثل هذا النهج هو سياسي بالأساس، أي الحفاظ على الحكم لا أكثر ولا أقل ولا يضيره في شيء أن تنتشر الأوهام الدينية أو أيّة أيديولوجيا أخرى ما لم تتحول إلى حركة سياسية تقلق راحة حكمه وتهدد عرشه. وما الضجة التي يثيرها والحملة الإعلامية التي يشنها على حركة 18 أكتوبر مثلا إلا دليل على خوفه من أن تتحول هذه الحركة إلى تهديد جدي لنمط حكمه لذلك أطلق عنان أعضاء الديوان السياسي لحزبه التجمع « الدستوري الديمقراطي » لتشويه مقاصد إضراب الجوع وحركة 18 أكتوبر متباكيا على « استقلالية القرار الوطني » منددا بـ »الاستقواء بالخارج » وبتحالف « أقصى اليسار وأقصى اليمين ». فمن يصدق مثل هذه الدعاية والحال أنه نظام عميل يأتمر بأوامر البيت الأبيض الأمريكي وأسياده في باريس وأوروبا ويستقوي على الشعب بالخارج ويفتح الأبواب على مصراعيها لرساميل وبضائع وأساطيل « الخارج » لتمتص دماء الشعب وتدنّس أرض الوطن؟ ومن يصدّق أنه لا يكرس أشدّ السياسات يمينية ورجعية؟ أمّا أن يتظاهر البعض بالتباين معه باعتباره نظاما دكتاتوريا ومعاديا لمصالح الشعب والوطن وأداة لتكريس الهيمنة الإمبريالية على بلادنا وفاعلا أساسيا في تمرير « مشروع الشرق الأوسط الكبير » (نذكر هنا الدور الذي لعبه في القمة العربية التي احتضنتها بلادنا سنة 2004) ثم لا يتورّعون عن ترديد نفس الشعارات والدعاية التي يروجها ذات النظام العميل والرجعي لمحاصرة مطالب الحركة الديمقراطية ونضالاتها متعللين بعدائهم « المبدئي » « للحركة الإسلامية ومشروعها الاستبدادي المتستر بالدين » فإنهم في الواقع يسقطون شاءوا أم أبوا في خندق النظام ويساعدونه بصورة واعية أو غير واعية على تعطيل نضال الحركة الديمقراطية وتسويغ حالة القمع العامة والانغلاق السياسي. لا جدال في أن الحركة الديمقراطية ضعيفة ومشتتة ومنقطعة عن عامة الشعب ولا تمتلك لمواجهة استبداد نظام الحكم غير إصرارها وتعلقها بالحرية والديمقراطية اللذين لا يكفيان لكسر شوكة الدكتاتورية لذلك فهي مطالبة اليوم بتكتيل كل القوى بصرف النظر عن المنطلقات الأيديولوجية والأهداف الاستراتيجية حول المطالب الدنيا. وعليها أن تعي بأن جوّ الحرية حتى وإن تمتع به غيرها بما في ذلك أصحاب المشاريع الاستبدادية المتسترة بالدين أفضل لها بكثير من حالة الانغلاق المظلمة الذي تدمر مجتمعنا وتعوق نهضته، فالحرية هي « الهواء الصحي » كما قال بعضهم الذي ينتعش ويزدهر فيه النضال السياسي وأن مناخ القهر والتعفن والأزمة لا تفرّخ إلا روح الإحباط واليأس وتلقي بالآلاف المؤلفة من الناس للارتماء في أحضان الجريمة والفساد ورديفها التزمت والخرافة والغيبيات. والذين يستنكفون اليوم عن معاضدة الحركة حول المطالب الديمقراطية الدنيا وعن الانخراط والإسهام فيها فكأنما يريدون للحركة الديمقراطية أن تظل مشتتة وضعيفة ومقطوعة عن الشارع ليواصل النظام استبداده وعنجهيته وليزيد في تعفين الجوّ وتعميق الأزمة وبالتالي في إعداد الأرضية وتحضير التربة الخصبة لمزيد انتشار اليأس والإحباط واستشراء ظواهر الشعوذة والخرافة والتزمت وفي المحصلة تقديم أفضل الخدمات للتيارات « المتسترة بالدين » والتي تتربص بالبلاد لتنتصب في الحكم حالما تسمح الظروف بذلك وتفرض على الشعب مجددا مشروعا ظلاميا معاديا. إن الديمقراطي المتماسك لا يخشى إطلاق الحريات لصالحه ولصالح خصومه إلا إذا كان لا يثق بالفكر الذي يحمله والبرامج التي يتقدم بها للشعب ويخاف من الصراع الفكري الديمقراطي. فهل يمكن أن يكون ديمقراطيا من يبتغي الحرية لنفسه وينتقص منها لغيره؟ ثم هل يمكن أن يعتبر نفسه انتصر على الاستبداد واقتلع جذوره وهو لا يبتغي من الحرية إلا ما يناسبه هو دون غيره؟ والديمقراطي الحقيقي ليس هو كذلك لمجرد أنه يطلق على نفسه تلك الصفة أو لأنه يدبّج خطابه بمبادئ الحرية، بل الديمقراطي هو من يسخّر حياته للنضال من أجلها ولا يتخلف عن أية مبادرة تدفع الحركة إلى الأمام لدحر الدكتاتورية وتوسيع نطاق الحرية. ونودّ هنا الإشارة إلى أن الحديث عن « الحركة الديمقراطية » بتلك الصيغة المبهمة في الفقرة الأولى من الصفحة 9 (وظل اليسار، هو الآخر، مشتتا توظفه المعارضة الديمقراطية في خدمة أغراضها السياسية…) وفي الفقرة الأولى من الصفحة 18 (إن اليسار، الذي يضم جهوده إلى الحركة الديمقراطية من أجل تغيير ديمقراطي فعلي في بلادنا…) يضفي كثيرا من الغموض والضبابية على ما يسمى بـ »الحركة الديمقراطية » في واقعنا الراهن. وإذا كان ثمّة مسألة تتطلب اليوم أقصى درجات الدقة والتمحيص في واقعنا السياسي الراهن فهي « الحركة الديمقراطية »، ماهيتها ومكوناتها وحدودها… ولا نرى من حدّ فاصل وحاسم في اعتبار هذا الفصيل أو ذاك من الحركة « ديمقراطيا » إلا ما يعبّر عنه من مواقف وما يكرسه على أرض الواقع من سلوكات وممارسات سياسية تجاه السلطة، حيال الحكم الفردي المطلق، ضد القهر والقمع والقبضة الأمنية التي أحكمها النظام على جميع مظاهر الحياة العامة والسياسية خصوصا، بذلك فقط يمكن أن نحدّد إن كان هذا الطرف أو ذاك ديمقراطيا وينتصر بحق للشعب وللمطالب الديمقراطية بصورة مبدئية وثابتة أو إن كان يصبّ في طاحونة نظام الحكم رغم كل ما يمكن أن يتشدّق به من شعارات حول الديمقراطية واللائكية، لأن المسألة تتلخص في النهاية في الجواب عن سؤال بات اليوم واضحا وهو هل يمكن أن تتحقق الديمقراطية في تونس بواسطة النظام الحالي أو عن طريق التحالف معه ومهادنته أم بالقطيعة معه والنضال ضدّه وعلى أنقاضه؟ فالديمقراطي في ظروف النضال السياسي الراهن في بلادنا هو من يرفض الحكم الفردي المطلق في شكل رئاسة مدى الحياة مقنعة وغير مقنعة، من يرفض المؤسسات التمثيلية الصورية القائمة على التزوير المنهجي والتلاعب بالعملية الانتخابية، من يعارض بجدية والتزام كل أشكال القمع الفكري والسياسي والمادي ويكرس حياته من أجل أن يتمتع الشعب التونسي بحقوقه كحقوق لا كهبة من نظام الحكم ينبغي أن يسعى لها عبر التنازل والانبطاح إن لزم الأمر. فالديمقراطي ليس صفة يطلقها المرء على نفسه من منطلقات أيديولوجية فضفاضة أو ذاتية ضيقة، وإنما هو من يعبّر ويمارس ويجسّد بتماسك ومبدئية في الظرف الزماني المحدّد وفي الواقع السياسي المحدّد، أي الآن وهنا، رفضه للديكتاتورية الدستورية، لنظام الحكم الفردي، للحكم البوليسي الذي أرساه ويرعاه بن علي اليوم في بلادنا. ومن هذا المنطلق فإن الحديث عن « الحركة الديمقراطية » وعن ضم اليسار لجهوده معها في نضاله « من أجل تغيير ديمقراطي فعلي في تونس.. » كلام يكتنفه كثير من الغموض المتعمّد للتستر على حقيقة الأطراف التي يعتبرها أصحاب الوثيقة جزءا من الحركة الديمقراطية أو هي « الحركة الديمقراطية » بعينها والواقع أنها لم تكن في الماضي القريب ديمقراطية ولا هي اليوم كذلك. إذ هل يمكن أن يكون ديمقراطيا من تهادن مع النظام طيلة عشرية التسعينات الماضية وزكى وصوّت لسياساته وانخرط في مؤسساته الصورية وفي حملاته الدعائية في الداخل والخارج (كمن يشترك في الوفود الرسمية لدى البرلمان الأوروبي لتلميع صورة نظام بن علي) لتشويه مطالب الحركة الديمقراطية، من سكت على حملات القمع والمحاكمات وجرائم التعذيب والتجويع والتشريد مقابل فتات الفتات متنكرا « للحركة الديمقراطية » ومطالبها، هل يمكن أن يصنّف هكذا وبجرّة قلم ضمن « الحركة الديمقراطية »؟ وهل المقصود بـ »الحركة الديمقراطية » أولئك الذين ولّوا ظهرهم للحركة الديمقراطية سنوات القمع الفاشي الأسود وتظللوا بالبيرقراطية النقابية وتحوّلوا إلى سندها الفعال غاضين الطرف عمّا اقترفته من تخريب للحركة الاجتماعية وما قامت به – بالوكالة عن أجهزة القمع الرسمية – من تعديات على الحريات النقابية ومن تصفيات للمناضلين والديمقراطيين بل وراحوا يمجّدونها ويكيلون لها المديح علانية حفاظا على بعض المواقع في الجهاز البيرقراطي للاتحاد العام التونسي للشغل؟ نعتقد أن لا أولئك ولا هؤلاء يمتون بصلة « للحركة الديمقراطية » ولا لليسار بصلة، لأن صفة الديمقراطية واليسارية لا تمنح ولا تهدى ولا يمكن لأيّ كان ادعاءها بل هي تكتسب وتفتك بجدارة وفي ميدان النضال الفعلي والمبدئي زمن الشدة كما في زمن الفجوات التي تتيحها ظروف الصراع ضد النظام. هذه بعض الملاحظات العامة نبديها حول « مشروع أرضية » اليسار دفعا للحوار وتعميقا للنقاش في بعض أوجه المسألة الديمقراطية والمقدمات الأساسية التي ينبغي أن نتعاطى معها بأكثر جدية وموضوعية مثل تحليل وتحديد طبيعة التناقض الرئيسي الذي يشق مجتمعنا في « المرحلة التكتيكية الراهنة » وسبل معالجته والمسائل المتصلة بالتحالفات المطروحة والأطراف المعنية بها. أمّا الجوانب التفصيلية الأخرى (الملامح والنقاط البرنامجية…) فإن حسمها بالاتفاق أو بالاختلاف سيظل أمرا أيسر كلما تقدّمنا أكثر على هذه الواجهة من الصراع والنقاش. (المصدر: كراس « الشيـــوعـي » الصادرة عن حزب العمال الشيوعي لشهر جوان 2007)
في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل
مقدمة انعقد أيام 14 – 16 ديسمبر 2006 المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل وهو المؤتمر 21 في سلسلة المؤتمرات العادية والاستثنائية التي سجلها تاريخ هذه المنظمة الطويل وهو كذلك المؤتمر العادي الأول بعد مؤتمر جربة الاستثنائي الذي اختتم مسار الصراع للتخلص من الأمين العام السابق إسماعيل السحباني الذي فقد مساندة السلطة وأسدل الستار على ما سمي بحركة » التصحيح النقابي ». وكان من المفروض أن يتفرغ هذا المؤتمر لدرس القضايا الجوهرية المتصلة بظروف عمل وحياة المنخرطين وعموم العمال والبلاد ككل وللصعوبات التي تعترض النشاط النقابي في ظل الاختيارات الرأسمالية الليبرالية المتبعة في تونس واندماجها في السوق الرأسمالية العالمية. تلك كانت نظريا وظيفة هذا المؤتمر منظورا إليها من زاوية انتظارات الشغالين والقواعد النقابية والقوى الديمقراطية والتقدمية بالبلاد. غير أن أطوار الإعداد له ومجرياته أثبتت كلها عكس ذلك تماما حيث اتخذ المؤتمر طابعا انتخابيا واضحا وانصبت فيه الاهتمامات على إعادة توزيع الأوراق باتجاه التحكم في مواقع النفوذ داخله أولا لضمان تواصل هيمنة الخط المتواطئ مع الديكتاتورية النوفمبرية على حساب مصالح العمال والشغالين وثانيا لتأمين استمرار هيمنة بعض كتل البيروقراطية على الأمانة العامة على أسس جهوية ضيقة في إطار ما أصبح يسمى في الأوساط النقابية بمسألة « التوريث ». وللتذكير فإن الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد المنعقدة في مستهل سبتمبر الماضي كانت قررت تقديم أجل المؤتمر عن موعده الأصلي (فيفري 2007) لأيام 14 – 16 ديسمبر المنقضي. وقد ابرز مقترح التقديم آنذاك خلافا داخل الفريق القيادي للمنظمة (المكتب التنفيذي والهيئة الإدارية على حدّ السواء) حسم في النهاية لصالح الأمين العام بالموافقة على التقديم بما أثبت أنه ما يزال يتمتع بتأثير واسع داخل المنظمة وهياكلها القيادية وأن الشق الذي كان يقوده علي رمضان والرافض لهذا المقترح ما يزال محدود الوزن والتأثير. أقرت إذن مسألة تقديم المؤتمر رغم كل التحفظات المثارة بصددها. وقد كان الكثير من النقابيين يرون في الاستجابة لهذا المقترح رضوخا لإملاءات السلطة التي كانت تريد الالتفاف على الحركية الاجتماعية المرتقبة بعلاقة بالاضرابات المقررة في قطاعات التعليم (الثانوي والأساسي) وفي قطاع الصحة وأعوان التأطير والإرشاد التربوي. كما تقرر أن تحتضن مدينة المنستير المؤتمر ورأى الكثير من النقابيين في ذلك أيضا استجابة لرغبة السلطة في ضمان صعود الكاتب العام لتلك الجهة للقيادة التي ستنبثق عن المؤتمر. هذه هي الملابسات الداخلية التي حفت بانعقاد مؤتمر المنستير. الظروف العامة للمؤتمر أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام فإن مؤتمر المنستير يتنزل في إطار ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة بالنسبة للشغالين وعموم الشعب. فالسلطة ماضية في تنفيذ مشروعها الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الذي دشنته منذ قبولها بتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي صائفة 86 والذي اتخذ أبعادا أشرس منذ دخول تونس منظمة التجارة العالمية وعقد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 96 لتدخل بذلك في نظام العولمة الرأسمالية الليبرالية. ففي ظل هذه الخيارات تم تحرير الاقتصاد وخصخصة المؤسسات وتوجيه الاقتصاد أساسا نحو التصدير وفتح السوق المحلية على مصراعيها للاستثمارات والبضائع الأجنبية وتخلت الدولة عن دورها « الإنتاجي والتعديلي » و »كراعي للخدمات والصالح العام »، وفقا لما كانت تعلنه، وهو ما انعكس في فسح المجال لخوصصة تلك الخدمات وتقليص نفقات الدولة عليها. وقد انعكست هذه السياسة على الشعب التونسي وعلى الكادحين خصوصا بمزيد دهورة ظروف المعيشة والعمل وتراجع فرص التشغيل فارتفعت نسب البطالة والفقر وتردت المقدرة الشرائية رغم الزيادات الصورية في الأجور جراء ارتفاع الأسعار ونسب التضخم وتلاشت الكثير من المكاسب الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم والتغطية والسكن والنقل والثقافة والترفيه واشتدت صعوبات الحياة بصورة عامة. وقد صاحب هذه التطورات الاقتصادية والاجتماعية انغلاق سياسي لم تعرف البلاد له مثيلا إذ شدد النظام قبضته الأمنية على جميع مظاهر الحياة العامة وفقدت المواطنة معناها ورضخ الشعب لنظام حكم فردي مستبد وفاسد رغم المناوشات القليلة والمتفرقة التي أبدتها بعض فصائل الحركة الديمقراطية والاجتماعية والشبابية لمواجهة هذا الواقع المرير. ولقد اتخذ النظام من البوليس السياسي ومن حزبه « التجمع الدستوري الديمقراطي » ومن الإدارة الأدوات الفعالة لتمرير هذه الاعتداءات الاقتصادية والسياسية ووجد في تخلف الوعي الجماهيري وفي ضعف المعارضة السياسية وفي تواطؤ « المعارضة » الديكورية المشجع على المضي قدما فيها. واضطلع الاتحاد العام التونسي للشغل طوال فترة التسعينات في عهد السحباني بدور السند الاجتماعي لهذه الخيارات فمرّر سياسة « السلم الاجتماعية » وأصبح من أكثر المتواطئين مع النظام في انتهاك الحريات العامة والنقابية وأداة من أدوات التهجم على مكونات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة والدفاع في الساحة الدولية على سياسة بن علي الفاشستية. ورغم إزاحة السحباني وانعقاد مؤتمر جربة الاستثنائي فإن الاتحاد استمرّ على نفس النهج الذي سار عليه من قبل رغم بعض المواقف الإيجابية التي فرضتها قلة من الإطارات النقابية داخل الهيئة الإدارية الوطنية لمنع الزجّ بالمنظمة في تزكية الرئاسة مدى الحياة أو في مجلس المستشارين الصوري أو لاستقبال مجرم الحرب شارون وغيرها من المواقف الإيجابية التي لا مناص من التنويه بها وبالذين أصدعوا بها من النقابيين. انعقد مؤتمر المنستير إذن في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المشار إليها وبالنظر إلى حجم الأضرار التي تكبدها الشغالون جراء ذلك اتجهت الأنظار إلى هذا المؤتمر عساه يشكل محطة يضع من خلالها النقابيون خطة التجاوز من أجل ردّ الهجوم رغم أن دلائل كثيرة كانت تؤكد أن البيروقراطية التي ما تزال تنوء بكلكلها على المنظمة ستحاول هي الأخرى أن تتحكم كما يلزم في فعاليات المؤتمر كي لا يحدث التغيير المنشود وتواصل التمعش من المنظمة وإسداء الخدمات لصاحب النعمة متنكرة لمطامح القواعد والنواب. طموحات مشروعة كان واضحا من تركيبة المؤتمر (نوعية النواب الذين سيحضرونه) أن كثير من النواب يرغبون في أن يكون هذا المؤتمر محطة للتعمّق في تقييم توجهات المنظمة ووضع خطط النضال الملائمة لتجاوز السلبيات التي لازمتها منذ مدة غير قصيرة والتركيز بشكل خاص على ملفات حيوية مثل سياسة التشغيل وحماية حق الشغل والخوصصة والمناولة والتغطية الاجتماعية والدفاع عن الحق النقابي والملفات الوطنية الكبرى مثل الجباية والتقاعد والحريات العامة والفردية وغيرها على أن تكون التوصيات في شأنها دقيقة وملموسة وقابلة للتنفيذ لا من قبيل التدبيج والثرثرة الذي سرعان ما تلتف عليها القيادة الجديدة كما كان الأمر في عهد السحباني. وإلى جانب ذلك فإن المؤتمر بالنسبة إليهم فرصة هامة لمراجعة صيغة المفاوضات الثلاثية التي أضرت أيما ضرر بالعمال وشكلت إطارا لمزيد التعدي على المقدرة الشرائية وفرض سلم اجتماعية لفائدة الأعراف والدولة على حساب الشغالين وعامة الشعب. فالمؤتمر هو السلطة العليا المخولة باتخاذ قرار بالتخلي عن هذه الطريقة وإرساء صيغة جديدة تربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الأسعار في إطار مراجعة شاملة لأسس التفاوض الاجتماعي عموما بما في ذلك ما يتصل بالجوانب الأخرى المتعلقة بتراتيب العمل والحق النقابي وفسح المجال للعمال وللقطاعات بوضع خطط النضال الحقيقية للدفـاع عن حقوقهم حتى لا تتكرر مهازل كمهزلة التعليم الثانوي في بداية هذه السنة. والمؤتمر فرصة أيضا لكي يرفع الشغالون صوتهم عاليا بخصوص ما يحصل اليوم في مجال الحياة السياسية من تعديات على الحريات العامة والفردية وما تتعرض له مكونات المجتمع المدني والمجتمع السياسي من قهر وتعسف وما يجري إعداده لتكريس الرئاسة مدى الحياة وهو كذلك فرصة لإصلاح حال المنظمة من الداخل بوضع خطة لإعادة تنظيمها وهيكلتها بصورة تتلاءم مع متطلبات النضال النقابي في ظل التحولات الحاصلة في المجتمع وفي مؤسسة الإنتاج وبما يقضي نهائيا على المركزة البيروقراطية التي تمثل القاعدة المادية لاستحكام حفنة من الوصوليين بالمنظمة وتسخيرها لخدمة مصالحهم الأنانية ولجني الامتيازات على حساب العمال والمنخرطين. وإذا كان رهان المحتوى يكتسي كل هذه الأهمية فإن رهان التصويت لانتخاب قيادة قادرة على تبنيه والالتزام به وتفعيله خلال الخمس سنوات القادمة لم يكن ليقل عنه أهمية وخطورة. ومعلوم أن الصراع على المواقع النقابية والقيادية منها بالخصوص كان عادة ما يطغى على أشغال مؤتمرات المنظمة وهياكلها لذلك كان عدد هام من المؤتمرين يأمل أن لا تطغى الحسابات الانتخابية على باقي الجوانب وأن تتركز اهتمامات النواب على المضامين قبل القوائم والتحالفات والتكتيكات الانتخابية وكل ما يتصل بها. كيف جرى الاستعداد للمؤتمر؟ فاجأ تقديم أجل المؤتمر كل الأطراف تقريبا بما في ذلك عناصر من البيروقراطية النقابية. وبطبيعة الحال كان تأثير هذا التقديم متفاوتا من طرف لآخر لكن الأمين العام ومجموعته هما المستفيدان الأكبر من ذلك. فجراد بنجاحه في جر المنظمة إلى القبول بالتقديم أثبت للسلطة أنه مازال يتحكم في الأوضاع الداخلية بنسبة هامة وكسب بذلك ثقتها بعد أن كانت بحثت مطولا عن بديل محتمل له ثم تخلت عن مسعاها مقابل الخدمات التي قدمها لها وآخرها تفكيك الحركة الإضرابية التي كانت ستندلع مع مستهل الموسم الاجتماعي والسياسي الجديد. وكان الخلاف الذي ظهر بين شقي البيروقراطية حول مسألة تقديم موعد المؤتمر على جدية بعض مظاهره مقدمة لنسج مسرحية عنوانها انقسام صفوف البيروقراطية أو ما أسماه بعض النقابيين « انقسام العشيرة » في إشارة إلى التكتل الجهوي الضيق للعناصر البيروقراطية أصيلة قرقنة ولعب عبد السلام جراد وعلي رمضان أدوار البطولة في هذه المسرحية التي لم تنكشف خفاياها – ما كما أراداه لها – إلا في الساعات الأخيرة من المؤتمر. فقد أثبت الواقع أنهما بعد اندلاع الخلاف حول التقديم تفطنا إلى أنه ينطوي على فرصة ذهبية لافتعال مسرحية والتمادي فيها من أجل إقناع الآخرين أن الخلاف بينهما بلغ نقطة اللاعودة وأن لا فرصة لأي طامع في التسلل إلى موقع بالقيادة إلا بركوب قطار أحدهما وبذلك أجبرا معظم الأطراف بما فيها أطراف « يسارية » على الاقتناع بأن الصراع سينحصر بين الأمين العام وعلي رمضان. وبذلك سقط اليسار – أو على الأقل طرف من أطرافه – في فخ التعويل وبصورة حصرية على أحد شقوق البيروقراطية ليفوت على نفسه أسنح فرصة للتقدم للمؤتمر كطرف مستقل وكبديل جدي عنهما. وخلف ستار الخلاف الوهمي كان جراد وعلي رمضان اتفقا على سيناريو اللعبة القاضي باستمرار جراد في موقعه كأمين عام على أن يتحكم علي رمضان في ملامح قائمة القيادة الجديدة التي تضمن له أغلبية مريحة تقبل به أمينا عاما ساعة انسحاب جراد سواء أثناء الفترة النيابية القادمة أو خلال المؤتمر القادم. وقد كانا يرميان استراتيجيا إلى ضمان توريث الأمانة العامة في الشق « القرقني » وفي شخص علي رمضان باعتباره الوجه الجديد المرشح أكثر من غيره لهذا المنصب وهو ما يكشف عن أحد وجوه الإرث السيء للاتحاد الذي أصبحت فيه المواقع تخضع لاعتبارات جهوية ضيقة علاوة على الاعتبارات السياسية التي تقضي بالولاء للنظام القائم والتي يتم في إطارها التوزيع الجهوي للمقاعد. كان كل شيء يسير وفق هذا المخطط ولم تكن الحملات الدعائية التي أحكم كل منهما إخراجها غير وسيلة لتضليل المنافسين. وكانت الأدوار تقتضي أن يتظاهرا بحدة ذاك الخلاف الذي شاهدناه طوال فترة ما قبل المؤتمر وأن يظهر جراد بمظهر المحايد وفوق الصراعات والضامن للوحدة المغشوشة. وفي الجانب الآخر واصل علي رمضان حملاته التصعيدية رافعا دوما الفيتو في وجه عناصر من القيادة المتخلية ناهيك عن عناصر أخرى يسارية ومستقلة فيما كان جراد يتولى طمأنة الجميع ويربح الوقت مخفيا حقيقة ما كان خطط له مع حليفه. على هذا النحو أمكن لجراد وعلي رمضان التلاعب بذوي الحسابات الضيقة واللامبدئية والطامعين في موقع في القيادة بأي ثمن. وقد كان المتهافتون على المواقع من مدعي اليسارية (جماعة « العود » خصوصا) أول فريسة لهذه الألعوبة بعد أن تولوا مهمة فرقعة أي محاولة لتشكيل جبهة يسار موحدة زيادة على النفاذ إلى ما سمي بمجموعة « الأرضية » وجرها إلى مستنقع التذيل لعلي رمضان وربط مصيرها به. لقد فقد اليسار مبكرا – نتيجة هذا التخريب – الأمل في تشكيل بديل موحد وفقد الطاقة على تجاوز حالة الإحباط وبذلك حكم على نفسه بالخروج من السباق وتقدم للمؤتمر مشتتا وبالأحرى كتلة ضعيفة محدودة التأثير في مجريات الأمور. أما الكتاب العامون للاتحادات الجهوية ولبعض الجامعات ومن ورائهم عدد هام من الإطارات في ما سمي بـ »كتلة الشمال » التي هي في صراع مفتوح مع علي رمضان منذ ما يزيد عن السنة فإنهم لم يتمكنوا من بلورة رؤيتهم بخصوص التعامل مع صراع الكتل الانتخابية رغم رغبة الكثير منهم في التمايز وخوض المعركة. كما أنهم لم يتوفقوا إلى تحديد موقف نهائي من التحالفات المطروحة أمامهم وبالخصوص مع اليسار. ويعود هذا التردد في الواقع إلى عدم تجانس هذه الكتلة وإلى هشاشة وحدتها المبنية أساسا على معارضة علي رمضان وسعيه إلى تصفية مكسب جربة بخصوص الدورتين (الترشح لدورتين في المكتب التنفيذي). لذلك لم تتوصل هذه الكتلة أو بالأحرى بعضها إلى بلورة قائمة انتخابية مع ممثلي اليسار إلا قبيل انطلاق عملية الانتخاب بساعات فقط. ولعل التردد الذي ميز موقف وسلوك عناصر من الرباعي المراد إزاحته من القيادة (اليعقوبي وبوزريبة والغضباني والماجدي) هو الذي زاد في تذبذب هذه الكتلة ومنعها من تحديد اختيارها وضبط قائمتها وخوض حملتها الانتخابية بصورة مبكرة. على هذه الصورة استعدت كل القوى ودخلت السباق الانتخابي وكان واضحا أن البيروقراطية التي تستند إلى الجهاز الرسمي للمنظمة وإلى دعم السلطة تتمتع بحظوظ أوفر. لقد كانت البيروقراطية النقابية أكثر وعيا من كل القوى الأخرى بطبيعة المخاطر التي تتهددها خلال هذا المؤتمر، إذ كانت على وعي تام بأنها في هذا المؤتمر لا تتحكم كما في السابق في النيابات نتيجة تطور النفس الديمقراطي في الاتحاد وما أحرزه من نتائج إيجابية في مؤتمرات التشكيلات القاعدية وحتى الجهوية والقطاعية طوال الفترة الماضية. غير أنها كانت تعلم أيضا أن هناك هامش مناورة هام ينبغي استغلاله بإحكام وفطنة لأن معسكر الديمقراطيين ما يزال ضعيفا وما تزال وحدته هشة وقابلة للاختراق بسهولة. وهو ما بينته مجريات المؤتمر بكل جلاء ووضوح. وهو العنصر الذي حسم المعركة لصالحها في النهاية رغم المتاعب التي وجدتها. مؤتمر تحت الحصار الأمني: لماذا؟ وكيف كانت ردود الأفعال؟ انعقد مؤتمر المنستير تحت حصار أمني غير مسبوق، فلأول مرة منذ عشرات السنين تنطلق أشغال مؤتمر اتحاد الشغل تحت الرقابة المشددة لفرق البوليس السياسي مصحوبة بموظفي الاتحاد وميليشيا احتياطية خصّص لها نزل عدن المحاذي للنزل الذي احتضن أشغال المؤتمر. والحقيقة أن حصار المؤتمر كان تقرر منذ الهيئة الإدارية التي سبقته والتي خصّصت لإعداد الجوانب التنظيمية والعملية. فالهيئة الإدارية هي التي قررت أن يكون المؤتمر « للنواب فقط » وهي التي قررت أن يكون الدخول بـ »البادج » وأن تسحب الهواتف من أعضاء لجنة مراقبة التصويت والفرز. كان ذلك مؤشرا للجو المراد إحاطة المؤتمر به منذ البداية. وقد اتضح المغزى من قرارات الهيئة الإدارية بداية من عشية المؤتمر أي مساء الأربعاء 13 ديسمبر إذ فوجئ المتوجهون إلى مدينة المنستير بكثافة حضور البوليس وكثرة حواجز التثبت من الهويات ومنع قاصدي المدينة من النقابيين من العبور إليها مما اضطر الذين ردوا على أعقابهم إلى قضاء ليلتهم بسوسة. ويذكر بعض النقابيين الذين اتصلوا هاتفيا بأعضاء القيادة طالبين التدخل لرفع الحصار أن الأمين العام شخصيا (أجاب « ابقوا في دياركم وتابعوا المؤتمر من هناك… ». وتأكدت حالة الحصار المضروبة على المؤتمر صبيحة يوم افتتاحه أي الخميس 14 ديسمبر 2006 قيم حاجز أمني كبير على بعد كيلومترين من مكان انعقاده (في مستوى الطريق الرابطة بين سوسة والمنستير) لمنع النقابيين من وصول المكان. ورغم الاحتجاجات والمحاولات أصرّت قوات البوليس على موقفها ومنع فعلا ما يزيد عن الـ 100 نقابي بما في ذلك أعضاء جامعات واتحادات جهوية وأعضاء قدامى من المكتب التنفيذي وعدد كبير من المترشحين من المرور وحوالي الساعة الواحدة بعد الزوال صدرت الأوامر بتشتيت المتجمهرين بالقوة، فتم الاعتداء على النقابيين الأمر الذي استوجب نقل بعضهم للاستعجالي (خميس صقر ومحمد بن عمار …) وعلى سياراتهم (سيارة حمادي بن ميم…). وكان مفهوما أن عملية عسكرة المؤتمر إنما الهدف منها منع العديد من النقابيين وخاصة المترشحين من الاحتكاك بالنواب والتأثير فيهم وبالتالي في نتائج التصويت. وبالمقابل كان سمح لعدد كبير من نقابيي جهة صفاقس يعتقد في موالاتهم للأمين العام وعلي رمضان بالإقامة في النزل المحاذي لنزل المؤتمر وبالسماح لهم بالحركة بكل حرية. واجه النقابيون هذا القرار بعزيمة وإصرار ولم يخضعوا للأمر الواقع بل اشتبكوا مع قوات البوليس رافعين شعارات التنديد معبرين عن استيائهم من هذا الصنيع وتحملوا في ذلك أتعاب الانتظار والتعنيف في ظروف مناخية قاسية. وعلى غرارهم بادر النواب منذ الوهلة الأولى لافتتاح أشغال المؤتمر بالمطالبة بضرورة رفع الحصار قبل انطلاق الأشغال وظلوا يرفعون الشعارات مانعين الأمين العام ولفترة تزيد عن ثلث الساعة من التدخل بل وانسحب عدد هام منهم من القاعة في محاولة لجر بقية النواب إلى الخروج وكان من الممكن أن يحصل ذلك لو لا الدور السيئ الذي لعبه دعاة « التهدئة » و »التريث » من عناصر « اليسار » الداعمة لعلي رمضان. وكان لهذا الموقف الشجاع والمناضل تأثير هام في إعطاء المؤتمر طابعا نضاليا وفي إرغام عبد السلام جراد على التراجع في آخر المطاف عن محاصرة المؤتمر. إن النجاح في رفع الحصار هو ما ساعد النواب على التفطن مبكرا إلى أهداف جراد/رمضان من وراء عسكرة المؤتمر ومن بينها جرّ المؤتمرين أو أغلبهم إلى القبول في النهاية إلى مراجعة قرار جربة الخاص بـ »الدورتين » باتجاه تمرير وتثبيت مخطط التوريث. وعلى هذا الأساس اهتدى النواب إلى صياغة شعار « لا توريث ولا تمديد والعزيمة من حديد » وبذلك انقلب السحر على الساحر فسقطت المناورة وخاب مسعى البيروقراطية النقابية. كان المؤتمرون متحفزين لكل المسائل ذات الصلة بالحياة الداخلية ومن هنا طغى على المؤتمر اهتمام خاص بقضايا الديمقراطية الداخلية واستعداد تلقائي لرفض التوريث إلى درجة إهمال البعد البرامجي في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام. القضايا المثارة في مداولات المؤتمر سيطرت إذن المسألة الديمقراطية الداخلية على مداولات المؤتمر وأصبح تمرير التراجع في قرار جربة هو الرهان المركزي بالنسبة للأمين العام وحليفه علي رمضان والقطب الواسع الذي يدعمهما ممثلا أساسا في جهة صفاقس وبن عروس وجزء من سوسة وسنده السياسي المتمثل في حزب « العود ». وبالمقابل أصبح إفشال هذا التوجه هو رهان قطب نقابي واسع ضم هو الآخر أهم فصائل اليسار والمستقلين إلى جانب النقابيين المساندين لكتلة الاتحادات الجهوية والجامعات المعروفة كما قلنا بكتلة « الشمال ». كانت هذه هي إذن نقطة الخلاف الأساسية والأبرز التي استقطبت اهتمام المؤتمر والتي بلغ الصراع حولها ذروته عند طرح القضية في الليلة الأخيرة من أيام المؤتمر. وقد كشف التصويت عليها تفوق القطب الثاني على القطب الموالي لحلف جراد/علي رمضان حتى اضطر هذا الأخير أمام تشبث الأغلبية الساحقة من النواب بقرار جربة إلى التهرب من التصويت في مرحلة أولى ثم اقتراح إرجاء المسألة إلى المجلس الوطني ثم إلى مؤتمر استثنائي يعقد خصيصا لها بنفس النواب على حد اقتراح محمد الطرابلسي. وبعد كل المحاولات والمناورات أجبر رئيس المؤتمر على حوصلة النقاش بإقرار التمسك بقرار جربة القاضي بحصر حق ترشح أعضاء المكتب التنفيذي في مرتين فقط واضعا بذلك حدا لتلك الحلقة من الصراع والمواجهة التي كادت في وقت من الأوقات أن تعصف بالمؤتمر. وفيما عدا هذه القضايا فإن بقية الجلسات جرى أغلبها في غياب ولا مبالاة عدد كبير من النواب رغم أن مداخلات عديدة تميزت بطرح القضايا المركزية في الحياة السياسية للبلاد وفي حياة الاتحاد مثل قضايا المناولة والعمل بالعقود وملف التشغيل والتأمين على المرض والمفاوضات الاجتماعية وعلاقة الاتحاد بمكونات المجتمع المدني وخاصة ملف الرابطة وضرورة تفعيل التضامن معها إلى جانب طائفة أخرى من المسائل المتعلقة بمناهضة العولمة ومساندة المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق. كما تميزت مداخلات أخرى بدعواتها إلى تبني مواقف مناصرة لإيران وحركة طالبان والمحاكم الإسلامية في الصومال وبتشويه قضايا أخرى كالمنتدى الاجتماعي مدعية أنه » مشروع إمبريالي غربي معادي للعرب والمسلمين ». غير أنها جوبهت بردة فعل منظمة ومكثفة وضعت مسألة مناصرة حركات المقاومة في نصابها والتفريق بين مناهضة الاستعمار وخطر السقوط في الدعم اللامشروط للحركات الرجعية التي لا تعبر بالضرورة عن مطامح شعوبها الراغبة في التحرر والانعتاق. ويمكن القول أن المداولات حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كانت إجمالا متميزة من حيث عمق التحاليل والدعاية ولكنها افتقرت إلى المقترحات والتوصيات البرنامجية الملموسة التي من شأنها أن تشكل بديلا نضاليا مستقبليا ملزما للقيادة التي ستنبثق عن المؤتمر. وبصورة عامة فإن سيطرة قضايا الديمقراطية الداخلية ومواجهة مشروع » التوريث » والضغوط التي مارسها تحالف جراد/علي رمضان من أجل تمريره في المؤتمر أثرا سلبا في نوعية التوصيات التي تمخض عنها المؤتمر. لذلك ستجد القيادة الجديدة نفسها غير ملزمة بكثير من التوصيات والقرارات بل ستجد الباب مفتوحا أمامها لتتعاطى مع الملفات التي سيطرحها الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفق اجتهاداتها الخاصة أو في أحسن الحالات وفق ما ستتخذه الهياكل والهيئات الإدارية من قرارات بصدد هذا الملف او ذاك عند طرحه للنقاش. لقد تميز مؤتمر المنستير كما كان متوقعا بالطابع الانتخابي عدا ما أقره بخصوص الترشح للقيادة مستقبلا وهو قرار سيظل لا محالة موضوع صراع طوال الفترة القادمة حتى حلول موعد مؤتمر سنة 2011. دروس المؤتمر ومهمات المرحلة تأكد من خلال ما تميز به مؤتمر المنستير أن البيروقراطية النقابية متشبثة بصورة مفضوحة وصريحة برغبتها في استمرار هيمنتها على مراكز النفوذ في المنظمة. لكنها وبالنظر إلى تراجع قدرتها التقليدية على التحكم في تركيبة المؤتمر ومجرياته لجأت هذه المرة لافتعال خلاف وهمي كما بيناه منذ البداية لشق صفوف معارضيها ومنع ظهور قطب معارض وجدي وفاعل ضدها. وبواسطة هذا التكتيك أمكنها فعلا استمالة الشق المتهافت على المواقع صلب تيارات اليسار. ولم يكن هذا الأخير وللأسف على درجة من الوعي والنضج لإفشال المخطط البيروقراطي وتجاوز آثاره التخريبية. لكن ولئن نجحت البيروقراطية في سد الطريق أمام اليسار وفي الحفاظ على موقعها المتميز ماسكة بناصية المنظمة فإن هيمنتها على الاتحادات الجهوية والقطاعات تراجعت كثيرا وبات من الممكن نسف هذه الهيمنة التقليدية ووضع المنظمة على سكة نضال جديدة أفضل لفائدة الطبقة العاملة والشغالين عموما. إن ذلك ممكن شرط أن ينبني هذا الإنجاز على أساس بديل واضح وملموس لا يحمل أوهاما على من يدعي اليسارية وهو في الواقع لا يقل خطرا عن البيروقراطية التقليدية. إن مسار بلورة مقومات البديل المنشود عن النهج البرقراطي المهيمن على الاتحاد منذ عشرات السنين قد يأخذ وقتا طويلا لأن الحركة النقابية ما تزال بحاجة لمزيد من الوعي والوضوح لتنقية خطها من مفاهيم انتهازية خاطئة ومن تقاليد بالية أرستها ورسختها البيروقراطية غذتها وتغذيها اليوم تيارات تدعي اليسارية والتقدمية. وقد يستوجب ذلك جهدا ضخما ومرونة قصوى لتشكيل قطب تقدمي بحق متحرر من نزعة عبادة المواقع ومنتصر بنزاهة لقضايا العمال والديمقراطية الداخلية والاستقلالية عن السلطة بعيدا عن اللهث وراء الامتيازات والمصالح والمكاسب الشخصية. ويمكن أن تشكل المعركة التي من المنتظر أن تتواصل حول مسألة » التوريث » وبالتالي حول الديمقراطية داخل الاتحاد الإطار المناسب لبعث هذا القطب الديمقراطي كما أنه من الممكن أن تساعد المعارك التي قد تندلع حول هذه المسألة او تلك أو هذا الملف المطلبي أو ذاك على مزيد توضيح ملامح هذا القطب وأهدافه وتصوراته البديلة. فعلى قاعدة هذه المراجعات سيجري الفرز الطبيعي بين من سيصطف وراء البيروقراطية طمعا في موقع أو صونا لامتيازات خاصة ومن سيدافع عن مطالب العمال وعن الديمقراطية داخل المنظمة وعن استقلاليتها وخاصة الحيلولة دون التراجع في قرار جربة الخاص بتحديد عدد دورات المسؤولية داخل القيادة. والواضح أن المعركة قد بدأت بعد وسيكون كسبها لا محالة مرهونا بدور كل طرف من أطراف الصراع فيها ومرتبطا بمدى وعي كل طرف بأهميتها وبخطورتها على مستقبل العمل النقابي وعلى ثقة كل طرف بحظوظه في النجاح. س. م. د. نقـابي (المصدر: كراس « الشيـــوعـي » الصادرة عن حزب العمال الشيوعي لشهر جوان 2007)
في الكتابة: القرآن نصّ أم نصّان؟
منصف الوهايبي (*) يرجع المعاصرون نشأة الكتابة واختراع أنظمتها إلى أسباب ودوافع سياسيّة. والسّياسة في أشمل معانيها هي علاقة الفرد بالمجتمع من ناحية وعلاقته بالسّلطة من أخرى. وقد يتساءل المرء: إذن ما علاقة الكتابة بالسّلطة؟ وما شأنها بقيام الدّول أو بسقوطها، أو بتماسك المجتمعات أو بانحلالها؟ أليس للكتابة من نظامها الخاصّ ما يجعلها سلطة قائمة بذاتها، وينأى بها عن تقلّبات الدّول والمجتمعات؟ فهل أسرف هؤلاء المعاصرون في التّقدير حينما قصروا نشأة الكتابة وذيوعها على السّلطة حينا، بل على العنف حينا، بل عليهما معا؟ يرى كلود ليفي شتراوس أنّ الوظيفة الأوّليّة التي قام عليها التّخاطب الكتابيّ كانت تسهيل استعباد النّاس وتسخيرهم والتّحكّم فيهم. ويضيف أنّ استعمال الكتابة لغايات ومقاصد نزيهة أو موضوعيّة مثل إشباع حاجات ثقافيّة أو جماليّة، لم يكن إلاّ نتيجة لاحقة على تلكم الوظيفة. بل ربّما كان هذا الاستعمال مقصورا في الأغلب الأعمّ على وسيلة لتقوية الآخر أو التّستّر عليه. وهو بهذا إنّما يسترعي انتباهنا إلى مسألة في تاريخ الكتابة ونشأتها وذيوعها خليق بنا أن نلتفت إليها ونعنى بها، خاصّة أنّها على صلة، في جانب منها بالإسلام الذي نشأ أساسا في المدينة. وإنشاء المدن وقيام الممالك والدّول كان من أهمّ الظّواهر التي لازمت الكتابة ورافقتها. وهذه الكتابة إنّما كانت أداة من أدوات إخضاع النّاس لقوانين الحضارة وقواعد الاجتماع، وإرغامهم على الامتثال لأصول الحكم أي إدماجهم في الحياة الاجتماعيّة المدنيّة أو في نظام سياسيّ أو تقسيمهم إلى فئات وطبقات. ومن هذا الجانب يبدو أنّ الحاجة الماسّة إلى شدّ أواصر الملك وتوطيد دعائمه، كانت من أهمّ مقتضيات الكتابة. فربّما كانت الكتابة هي التي ذلّلت تسخير النّاس، ويسّرت استغلالهم قبل محوهم وتجريدهم من قيمتهم الفرديّة، وربّما على هذه الخطّة سارت وذاعت. وليس بمستغرب من عالم مثل شتراوس كثيرا ما يعيد في بحوثه خلق الماضي وتصويره تصويرا يلائم فروضه ويساوق رؤاه الفكريّة، أن يستدلّ من التّاريخ بحوادثه وانقلاباته الحافلة، على « صحّة » نظريّته و »أصالتها » ليوضّح أثر الكتابة في صنع تاريخ المدن والممالك القديمة وفي تسلسل أدواره. غير أنّ هناك من الباحثين والمفكّرين، من لا تروقه هذه النّزعة التي تغفل تنوّع أنظمة الكتابة وتاريخها، ولا هذا النّفاذ من غواشي الماضي إلى فروض ينسجها السّراب الأبجديّ وأوهامه الخادعة. فلم تكن الكتابة في كلّ أطوارها صورة منعكسة من ماض أو من تاريخ قلق مجهود، ولا هي ذوت أو فترت في فترات من التّاريخ ضربت فيها الفوضى واستحكم الاضطراب. وعليه، فمن التّمحّل أن نحصر الدّافع إلى اختراع الكتابة وذيوعها في مجرّد الحاجة إلى التّحكّم في النّاس ومغالاة السّلطة في استخدام قوّتها. فربّما صحّ ذلك في فترات من التّاريخ، ولم يصحّ في أخرى؛ وربّما كان استثناء لا قاعدة. وقد يشتدّ التّهافت على الكتابة، ويذيع التّعلّق بها، سواء جرت الحياة رضيّة مذلّلة أو لم تجر. فللكتابة نظامها الخاصّ الذي يمكن أن يحميها من الانغماس في فوضى العالم وينأى بها عن اضطراباته. ونشوؤها وإن تأثّر بالتّغيّرات العامّة التي تطرأ على المجتمع وانفعل بها، محكوم بمنطقها الدّاخلي الخاصّ. ولكن ربّما ساد في عصور الاستقرار وقيام المدن، نوع أو نظام خاصّ من الكتابة، وربّما انبعث في عهود المشادّة وسقوط المدن نوع أو نظام آخر مغاير. فإذا سوّغنا رأي آخرين في أنّ الأبجديّة أحدثت قطيعة في نقل اللّغة نقلا كتابيّا ـ استئناسا بالمفهوم التّأليفيّ المملى عليهاـ فكيف نزعم أنّ هذه الأبجديّة ماثلة ضمنا في الأنظمة الكتابيّة السّابقة عليها، دون أن نأخذ بوجهة نظر غائيّة؟ « نحن ننزع على سبيل الاستدلال ـ ولأنّ الشّرق الأدنى والغرب كانا أيضا مراكز حضارات الأبجديّة ـ إلى أن نعزو تواطؤا إلى الكتابات ما قبلها، غائيّة كان ينبغي أن تجعلها منذورة للأبجديّة. » ويبدو أنّ هذه » الغائيّة » ماثلة عند المعاصرين من أمثال جاك دريدا الذي يرفض أن تكون الكتابة تابعة للّفظ أو مشتقّة منه أو هي في خدمة الصّوت ليس إلاّ؛ وكأنّها لا تعدو أكثر من تصوير للأصل. والمسألة الرّئيسة في هذه النّظريّة ليست الكتابة في ذاتها وإنّما تعريف الذّات تعريفا جديدا من شأنه أن يشرخ « الفردانيّة المركزيّة » بإدماج الآخر في « الأنا ». وهو لا يستند إلى الكتابيّ إلاّ بمقدار ما يلغيه، ولا يضع موضع التّساؤل حقّا الفروض النّظريّة التي تسوّغ حسب لوروا غوران تخيّر النّظام الخطّيّ من حيث هو دليل قاطع على الكتابة؛ وإنّما يثبّت « الغائيّة » من خلال إقراره بنبرة حاسمة أنّ معنى السّلطة التي تنعت بـ »الرّمزيّة » من حيث هو معنى وامتلاك في آن، كان موصولا أبدا بأحكام الكتابة وتراتيبها وتدابيرها.على حين أنّ غوران يستند إلى تفكير قياسيّ، ويعدّ الخطّ مكوّنا للكتابيّ، لأنّه تمثّل السّلطة تمثّلا بديهيّا أو طبيعيّا. فما دامت الآثار الخطّيّة تظهر « الدّيناميّة » الحركيّة، فإنّ الخطّ كان يوعز « ديناميّة » الكلام. وهذا منحى في تفسير نشأة الكتابة أو تعليلها، لا يناسب نظريّة دريدا في الخطّ والكتابة. فما يعنيه من الخطّ ومن نشوئه كونه علامة أو سمة غياب ملحوظة (غياب المتكلّم والمخاطب والمعنى المستقرّ في وعي المتكلّم الغائب) مقابل حضور هذه العناصر الثّلاثة في حال اللّفظ، عند القائلين بأسبقيّته. والكتابة عند دريدا فعل إبعاد، والإبعاد « هو دائما غير المدرك وغير الحاضر وغير الواعي… »، وهي بهذا « لا تهب نفسها كما هي في تجربة ظواهريّة لحضور ما. إنّها تسم الزّمن الميّت في حضور الحاضر الحيّ وفي هيئة كلّ حضور عامّة ». على أنّ ما يعنينا في السّياق الذي نحن به، أنّ الكلمة (المكتوبة) كانت شيئا جديدا في عالم الأشياء. ولعلّ هذا ما يفسّر إلى حد ما اقتران الكتابة أوّل نشأتها أو في المجتمعات التي لم تكن ذائعة فيها، بالسّحر والأسطورة،وهي التي كانت مثار دهشة وفتنة وإعجاب. ويبدو أنّ مختلف التقاليد الثقافيّة الأقدم عرفت بنسبة أو بأخرى، نوعا من «الإحيائيّة » كانت تثيرها الأبجدية سواء الصوتية منها أو الرسمية أي تلك التي قامت على رسم الصوت أو تلك التي قامت على رسم الشيء. وربّما تعذّر الفصل بينهما عند العرب المسلمين، وهم الذين سمّوا الكتابة رسما، ومن معاني « رسم » كتب وخطّ؛ وشبّهوا النّطق بالخطّ والتّصوير. وربّما كان من السّائغ أن نقول ـ بناء على ما تقدّم ـ إنّ الكلمة صورة تنطوي على صورة، سواء انبنت العلامة بين الكلمة والصّوت على قانون المشابهة والمطابقة والرّمزية أو على ترابط المجاورة والاستبدال الكنائي. فالكلمة في هذه الحال أو في تلك طقس سحريّ أو « سحر تعاطفيّ » سواء اتّخذ هيئة « التّعاطف المثلي » القائم على المشابهة أو هيئة » السّحر التّجاوري » القائم على المجاورة. وعلى هذا الأساس تحضر الكلمة، وبخاصّة في نصّ مثل القرآن تفنّن المسلمون في كتابته، من حيث هي صورة خطّية وعلامة بيانيّة، حضورا مضاعفا أي في ذاتها وفي تمثّلها، وتجمع بذلك بين وظيفتين: جماليّة وتوصيليّة. بل لعلّها تصهرهما في وظيفة إبداعيّة واحدة، إذ هي تنزع الأشياء من أقنومها وتفتح أغلاقها، لتعيد إنتاجها أو لتخلقها خلقا ثانيا. ومن ثمّ كان امتزاج الكتابة بالأسطورة، والصّورة بالإحيائية. ونقدّر أنّ هذا جزء من جوهر الكتابة لا ينفصل عنها ولا يفارقها. إذا استتب لنا القول بأن الكتابة سلطة وأنّ هذه السّلطة منوطة بقيمة الكتابة الاجتماعيّة، أدركنا أن البحث في واقع الكتابة ومدى ذيوعها وانتشارها في المجتمع العربيّ ما قبل الإسلاميّ أو بعده هو من الكمّ الذي لا يعتدّ به كثيرا. فقد يكون المرء، جاهلا بالخطّ ولكنّه ليس جاهلا بالكتابة. ولعّل كتابة القرآن أن تكون خير نموذج لما نحن فيه، فقد كانت تتأدّى بواسطة الإملاء على كتبة الوحي. ولا شكّ أنّ إملاء نّص كالقرآن « محكم » في صيغه وتراكيبه، لا يمكن إلا أن يستدعى أداء « مبنيّا »؛ لأنّ الأمر ـ على ما أوضحنا في مقال سابق ـ لا يتعلّق بنصّ يرتجل وإنّما بنصّ « يمليه » صاحبه على نفسه قبل أن يمليه على غيره.ومثل هذا النّصّ « الوحي » كتابيّ حتّى وإن أعدّ شفهيّا أو ذهنيّا في صمت أي قبل أن يمليه صاحبه على الآخرين، وقبل أن تتدبّره الكتابة وتثبّته في صورة خطّية وتقيّده في هيئة بصريّة. والكتابة بهذا المفهوم تنوب « التّفاعل » الشّفهيّ. فهي لا تحدّ في شيء العلاقة المباشرة بين متكلّم ومستمع، وهي أساس الكلام أو الأداء الشّفهيّ. ذلك أنّ نصّ الوحي مثل الشّعر قول لا يُسمع سمعا، بل يستغرق السّمع استغراقا. نشير في هذا السّياق إلى قول القاضي عبد الجبّار،من أنّ النّبي « كغيره في بون ما بين كلامه وبين القرآن »، فهو قول في غاية الدّقّة. قال: « فلا يصحّ أن يقال: إنّه[النّبي] أتى به لمزيّته في الفصاحة، وحال كلامه كحال كلام غيره، في أنّ القرآن يفوقه، ويفضل عليه؛ وبيّنوا [شيوخنا] أنّه لا يمكن أن يقال: تعمّل له زمنا، وسائر كلامه ارتجله؛ وذلك لأنّ المتقدّم في الفصاحة يقارب المرتجل من كلامه المسموع عنه، بل ربّما فاقه البعض منه، على ما جرت به العادة، إذا كان ممّن يمكنه الارتجال كما يمكنه التّعمّل… » (المغني ص.275). ولعلّ في هذا ما يدلّ على أنّ نصّ « الوحي » كلام « متعمّل » أي مصنوع، وإن لم يقصد القاضي عبد الجبّار إلى ذلك، ولكنّ كلامه يسوق دون تمحّل إلى هذا الاستنتاج. و »نزول » النصّ [القرآن] منجّما أو في مواقيت متباعدة، يعزّز طابع الصّنعة فيه، والمقصود بها هاهنا الكتابة. وكذلك ما يحفل به من تكرير المعاني والموضوعات والصّيغ، فهذا راجع إلى ما يسمّيه المعاصرون « الاستعمال المتواطئ »الذي هو سمة الكلام المكتوب أكثر ممّا هو سمة الشّفوي كما يقع في الظنّ عادة. و »الوحي » من ثمّة، يمكن أن يحدّ من حيث هو أداء كتابيّ حتّى وإن جاء بصيغة صوتيّة غير مخطوطة. فهو نصّ « يُملى »، وكلّما كان إملاء كانت كتابة. ووضعيّة الإملاء تتيح لصاحب النصّ أن يتعهّد نصّه المثبّت في الذّاكرة، حذفا أو زيادة أو تغييرا وأن يمليه دونما استئناس بنصّ مخطوط. وربّما وقع في الظّن أن وضعيّة الإملاء تنطوي على عناصر الاتّصال « الجاكوبسونية » جميعها من سياق ومرسل ومتلقّ، وأنّ النّصّ ينضوي، من ثمّة، إلى الأداء الشّفهيّ وليس إلى الأداء الكتابيّ حيث لا يظهر المرسل ولا يملك المتلقّي سوى الرّسالة وحدها. وهذا في تقديرنا من مدخول الظّنّ وخادع الانطباع، فالوحي محكوم بازدواجية مثيرة: ازدواجيّة السّياق وازدواجية المرسل وازدواجية المتقبّل. أمّا سياقه فسياقان: سياق غائب يرجع إلى « الخطاب الصامت » السّابق على لحظة الإملاء حيث يكون المرسل قد تعهّد نصّه وثبّت الكلمات ومبناها في ذاكرته. وسياق حاضر يرجع إلى مواقيت إملائه ومواقعها. وأمّا المرسل فمرسلان : فالوحي في معتقدات المسلمين وفي متخيّلهم الدّيني، رسالة أوحت بها ذات متعالية مفارقة (الذّات الإلهيّة) إلى متقبّل أوّل (النبيّ). وهذا المتقبّل مرسل ثان ينقل الرّسالة إلى متقبّل ثان لا يحدّ ولا يصنّف أو هو متحرّر من رقّ الزّمان والمكان، لأن ه(الإنسان) في كل زمان وفي كلّ مكان. على أنّ هذا المتقبّل في سياق الإملاء، إملاء الوحي « كاتب » يسّجل الوحي ويقيّده بالخطّ. إنّ تقصّي مظاهر الكتابة في نصّ كالقرآن ( القرآن / الوحي والقرآن / المصحف ) يؤكّد أنّ الجهل بالخط لا يعني ضرورة الجهل بالكتابة. فالوحي « كتاب » أو هو نصّ » كتابيّ مكتوب « ما أخذنا بالاعتبار مفهوم الكتابة عند العرب، من حيث هي بنية أو تجميع وتأليف أي جمع أشياء بعضها إلى بعض ووضع جمل بعضها مع بعض وربط أحداث بعضها إلى بعض، لأداء معنى مفيد. وربّما تعزّز المظهر الكتابيّ في القرآن /الوحي بهذه الإشارات المرئيّة التي نقف عليها في ازدواجيّة عناصر الاتّصال غير الصّوتيّة. وهي ازدواجية قائمة في جذر أيّ تجربة جماليّة يمكن أن تقدّمها الكتابة. على أنّها في « القرآن الوحي »،وربّما في غيره من أجناس القول، ليست كتابة خالصة. فنصّ الوحي يقارب القصيدة طالما كان المرسل هو المتكلّم، وينحو باتجاه المكتوب طالما كان المتكلّم ممايزا من المنشئ (الذّات الإلهيّة). وهو، من ثمّ، نصّ محكوم بهيئة من التّأليف شبه شفويّة وهيئة من التّأليف كتابيّة أو شبه كتابيّة. ومن هذا الجانب فإنّ » التّأليف الشّفهيّ » في ثقافة كتابيّة أو هي عرفت الكتابة بنسبة أو بأخرى، لا يمكن إلاّ أن يختلف عن » قرينة » في ثقافة شفهيّة خالصة. ومهما يكن فإنّ سلطة الكتابة الاجتماعيّة منوطة بنوع الكتابة أو بمفهومها، أكثر منها بكمّها أو بمدى ذيوعها وانتشارها. والقرآن إنّما شدّ العرب بنوع كتابته وهم الذين حاروا فيه، والوحي قريب العهد إليهم، وتحيّروا، فمن قائل إنّه شعر أو سحر وقائل إنّه أساطير الأوّلين أو سجع الكهّان،وقائل ينزّهه عن هذا كلّه فما هو بالشّعر ولا بالسّحر ولا بالكهانة. بل إنّ ابن الرّوندي (أو الرّيوندي) الذي عاش في القرن التّاسع ميلادي، يطعن على القرآن في غير موضع ممّا تبقّى من نقول كتبه، وهي شذرات قليلة جدّا. ويرى فيه تناقضا وكلاما مستحيلا، وأنّه ليس بمنزّل. ونقرأ في « الأغاني » أنّ بشّار بن برد فضّل بعض شعره على سورة « الحشر »، وأنّ أبا العتاهية قال لبعض أصحابه : »قرأت البارحة »عمّ يتساءلون » ثمّ قلت قصيدة أحسن منها ». و مع ذلك ففي هذا الزّعم أو ذاك تسليم بأثر أساليب القرآن وبيانه في نفوسهم أي بما هو منضو إلى النوّع و »الحسن » و »الممتع » أو راجع إلى الوظيفة الشّعريّة أو الجماليّة أو إلى »الغريب » أو »غير المتوقّع ». وما كلامهم في مباحث الإعجاز، والوحي بعيد العهد عنهم، على »مفارقة القرآن لكلام العرب » و « خروج نظمه عن سائر نظومهم » سوى تسليم بنوع من « بيان القلم » لم يكن للعرب به سابق عهد. وبهذا النوّع من الكتابة استطاع النبي على-« أمّيته بالخطّ »-( اختلف المسلمون في هذه الأمّية. والأرجح أنّه لم يكن كذلك. وحتّى لو كان فالأمّية بالخطّ لا تعني ضرورة الأمّية بالكتابة. فضلا عن أنّ للأمية معنى آخر دينيّا لا يعنينا في السّياق الذي نحن به) أن يجمع سلطان النّصّ إلى سلطان النبوّة الاجتماعيّ والسّياسيّ وأن يجعل العرب يعتقدون في اختلافه عنهم، وتميّزه عليهم فيحشدهم في طاعته وفي مراتب قيمه ونسيج نصّه، برغم أنّ المتخيّل الذي ينهض به « النصّ » [القرآن] متخيّل تخاطب كتابيّ يخصّ طائفة من النّاس مأخوذة بالكتابة؛ والحال أنّ الكتابة لم تكن ذائعة شائعة في بيئة هؤلاء العرب القدامى،كما هي الحال اليوم في أكثر بلدان العالم الإسلامي. فلعلّ سلطان الكتابة كان راجعا، في جانب منه، إلى تطابق صريح بين سلطة النّبيّ السّياسيّة وسلطة المتخيّل وطرائق أدائه. والكتابة ـ في ما تبيّنه الدّراسات الحديثة ـ إنّما تكون حامل تصعيد أو حامل تسام أو إعلاء، كلّما استشعرت الجماعة المرتبطة بها، الحاجة إليها من حيث هي صورة من صور التبعيّة للآخر والولاء له. وهذا رأي تثبته شتّى الكتابات الدّينيّة وتنهض به، ونلتقي في « القرآن على القرآن » أو « الخطاب على الخطاب » أدّلة وقرائن كثيرة تتضافر كلّها في صياغة « لغة واصفة » تشير إلى تفكير الذّات المتكلّمة في خطابها من حيث هو الكلام المعجز المبين ووحي السّماء وأساس التّشريع والقانون المنظّم للسّلوك والمرشد إلى معالي الأمور؛ أي التلفّظ » أو »القول » القائم على متكلّم ومستمع، حيث المتكلّم مدفوع برغبة التّأثير في المستمع أو المتقبّل بطرائق وأساليب شتّى. ولا نعدم في مباحث الإعجاز لفتات طريفة إلى الأثر الّنفسيّ في أسلوب القرآن، حيث تطّرد عند علماء الإعجاز مثل الرّماني والخطابي والباقلاّني وعبد القاهر الجرجاني، مفردات مثل » اللذة » و » الحلاوة » و » المهابة » و »الروعة » وما إليها من عبارات تتضافر في صياغة سلطة ذات « كاتبة » غير منظورة، تنفصل ـ وهي تتكلّم ـ عن العالم المتخيّل الذي تنشئه على قدر ما تتّصل به. وعليه فإنّ الأثر النّفسيّ في أسلوب القرآن وكتابته أو « رسوم نظمه » بعبارة الخطابي ـ ولعلّها ليست إلاّ رسوم الكتابة حيث « الحاجة إلى الثّقافة والخدمة فيها أكثر لأنّها لحام الألفاظ وزمام المعاني، وبه ينتظم أخذ الكلام، ويلتئم بعضه ببعض فتقوم له صورة في النّفس يتشكّل بها البيان »، وما يلازم هذا الأثر النّفسيّ من نظرة دهشة وإعجاب ويخلص منه إلى القلب من « اللّذة » و »المهابة » و »الرّوعة »، وما يتلوه من يقظة الإدراك وصحوة العقل، سواء أكان المتقّبل، من النصّ في سهولة مأخذ وحسن تأتّ، أم كان منه بين ارتفاع وصبب ـ مظهر لافت من سلطة الكتابة القرآنيّة، لا ينسرح العقل منها ولا ينفكّ عنها. غير أنّ الكتابة، بقدر ما تثّبت الكلام وتقيّده، فإنّها تسمح أيضا، لسبب ما أو ذريعة ما، بإعادة ترتيبه أو بتصحيفه وتغيير معناه. من ذلك أنّ القرآن / الوحي هو في المعتقد الدّينيّ الكلام الإلهيّ المنزّل الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل، ولكنّه، وقد كتب، فإنّ المسلمين، منذ أن نهضوا بجمع القرآن ـ وكان بعضه مسطورا في العسب واللّخاف والأكتاف…وبعضه محفوظا في الذّاكرةـ لم يجدوا غضاضة في إعادة ترتيبه.بل إنّ من الشّيعة من يذهب إلى أنّ عثمان محا الآيات التي تؤيّد علي بن أبي طالب وأتباعه. وعليه يكون من السّائغ أن نتحدّث عن نصّين اثنين: « نصّ » الوحي المحكوم بأسباب التّنزيل، ونصّ المصحف المحكوم بأسباب الكتابة ودوافعها ومواقيتها، أو إكراهات الكتابة، بعبارتنا اليوم. وسواء علينا أحملنا هذين « النصّين » على أنّهما مظهر من مظاهر التّقليد الشّفهيّ في أداء القرآن أم مظهر من »كتابيّته »، فلا مناص من الإقرار بأن سلطة الكتابة نسبيّة وليست مطلقة كما قد يتبادر إلى الذّهن. بل ربّما سوّغنا الرّأي القائل بهشاشة الكتابة وبعدم الإفراط في تقدير « الحقيقة »، حقيقة الكلمة المكتوبة. ويتعزّز هذا الرأي، إذا ما أخذنا بالاعتبار أنّ العربيّة التي كتب بها القرآن، إنّما هي عربيّة « ما قبل الإسلام »، أي عربيّة الشّعر والمثل والخطابة وسجع الكهّان وفنّ التّوقيع.ولا نظنّ أنّ هناك من يجادل في أنّ هذه العربيّة ليست قانونا نافذا على الدّهر،وإنّما هي لغة نسبيّة مقصورة على حقبة بعينها،محدّدة ،أي عالم الذّات التي تعقد أكثر من علاقة بين ملفوظها وفعل تلفّظها، فيما La deixisب « أنا/الآن/هنا »، تتكلّمها في القرآن « ذات » تدور على مطلق، أو هكذا هي تقول. (*) كاتب تونسي (المصدر: موقع « الأوان »، تصفح يوم 6 جويلية 2007)
تحرير ألان جونسون من الأسر أم محاولة لفرض الاعتراف الدولي بحركة حماس ؟
مرسل الكسيبي*-ميدل ايست أون لاين + وطن الأمريكية +صحف أخرى:
يسر المرء كل السرور لرؤية زملاء المهنة خارج دائرة الاختطاف والاعتقال والاستهداف , وهو شعور غامر يطفو على السطح كلما لاحت في الأفق بارقة تثبيت واقع حرية الاعلام بالمنطقة العربية والعالم الثالث بوجه عام …, شعور بالارتياح لايضاهيه شعور لاسيما اذا ماتعلق الأمر بتثبيت واقع السلامة الجسدية والنفسية لفرسان الحرية أو السلطة الرابعة التي تستهدف في منطقتنا بحجم استهداف السياسيين والحقوقيين الأحرار من ذوي الاتجاهات الوطنية. تحرير ألان جونسون مراسل البي بي سي في غزة من الأسر خبر لانملك تجاهه كاعلاميين الا الترحيب والابتهاج وتهنئة زملاء الأسرة الاعلامية في مؤسسة البي بي سي العريقة بكل عبارات الصدق والمسرة . تعجيل حركة حماس بتحرير ألان جونسون من بين أيادي المختطفين , حدث لانملك قبله الا الترحيب والمسرة, حتى وان اختلفنا في تفاصيل تعاطي حماس مع الوضع الداخلي الفلسطيني منذ أن اختارت النزول بقوة الى العملية الانتخابية التشريعية سنة 2006 ميلادية , وهو ماكان سببا في تحميلها وتحميل شعبها وقضيتها أعباء كان يمكن التعاطي معها بطريقة أخرى أكثر جدوى ومردودية سياسية … وبالنظر الى الطريقة التي تعاطت بها حركة حماس مع موضوع تحرير الصحفي البريطاني ألان جونسون من الأسر, فان المراقب الحصيف لايغفل عن الطريقة الاستعراضية والمحملة بالدلالات التي تعاطت بها هذه الحركة مع توقيت وأهداف التحرير , حيث بدى من الواضح جدا أنها أرادت كسب كثير من الاعتراف والتعاطف الدولي ,بعيد ماشاب استيلاءها على السلطة في غزة من خروقات أو تجاوزات ميدانية صعب على القيادة السياسية في الداخل والخارج السيطرة عليها . الواضح جدا من خلال رصد مسارات الأحداث ايام عملية احكام السيطرة الحماسوية على غزة , أن كتائب القسام بقيادة محمد الجعبري صارت سيدة الموقف الميداني اكثر من كل القيادات السياسية في الداخل والخارج , وهو ماجعل القيادة السياسية في الحركة لاتملك الا أن تجاري النسق السريع الذي تحكم به الجعبري في مقاليد الأمور بعد سحقه للقوة القتالية لجهاز الأمن الوقائي واجهزة فتح العسكرية الموازية . أدركت القيادة السياسية لحركة حماس أنه لابد من التسليم بهذا الوضع الميداني الضاغط والمستحكم عبر تعديل الخطاب والممارسة وتوجيه رسائل ديبلوماسية الى القاهرة والرياض مفادها أن السيطرة العسكرية على غزة لم تكن بقرار سياسي صادر من دمشق أو طهران , وأن مزيدا من الحصار والوعيد في حق الحركة لن يسهم الا في تقوية موقع الجعبري وربما ارتمائه في أحضان الامتداد الفكري والسياسي لجماعات القاعدة المطلوب رأسها أمريكيا . فهمت القاهرة والرياض الرسالة وهو ماخفف لاحقا من حدة انتقاداتهما الرسمية للوضع الجديد الذي بات مطبقا كأمر واقع على قطاع غزة , وهو مادعاهما أيضا الى اعادة نبرة التنادي الى الحوار بين حركة فتح وحركة حماس. أرادت حماس السياسية أن تستعيد حرارة أدوارها السابقة في علاقاتها بمصر والمملكة العربية السعودية وهو مايضمن لها شيئا من الاعتراف الدولي الجزئي , كما يمهد لخروجها من ورطتها الميدانية في وقت لاحق بالضفة الغربية … كانت قضية ألان جونسون ورقة رابحة لعبتها حماس باقتدار من خلال ممارسة ضغط أمني غير مسبوق على عائلة دغمش التي قامت بعملية الاختطاف عبر لافتة تنظيم أمني لم تعرفه الساحة الفلسطينية كواجهة سياسية بارزة … سبق لعائلة دغمش النافذة في غزة أن تعاونت مع حركة فتح ولكنها أدركت بحصافة وذكاء العشائر العربية أن مصالحها أقرب الى حماس حين تراجع النفوذ الفتحوي بعد الانتخابات التشريعية التي انهزمت فيها كبرى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية . دخول خالد مشعل واسماعيل هنية على الخط بقوة ,وبشكل لم يخل من الاستعراض السياسي والاعلامي حين الافراج عن ألان جونسون, كان مفاده في رسالة واضحة لاتحتمل التأويل ,أن حماس حركة معتدلة تريد تطبيع علاقاتها مع المجتمع الدولي وترفض أساليب الخطف والتعدي على حريات وكرامة ضيوف الشعب الفلسطيني , وهي بعبارات أخرى موجهة للعالم عامة ولحركة فتح خاصة : قادرة على ضبط الأمن والاستقرار , بل هي نجحت في حل ملف سياسي وديبلوماسي ثقيل مع بريطانيا والغرب في ظرف أسبوعين في حين عجزت أجهزة العقيد دحلان والرئيس محمود عباس- برغم تفوقها العددي والتقني والمادي -عن حلحلة هذا الملف بعد مرور أشهر عدة على عملية الاختطاف . فتح التي يقودها طاقم بشري تشرب الدهاء السياسي من الأنظمة العربية مجتمعة ,فهمت الرسالة وحاولت افساد الحفل من خلال التشويش الاعلامي والديبلوماسي على حماس عبر الادلاء بتصريحات مفادها أن عملية التحرير تمت بترتيب مسبق ومدروس بين حماس وجيش الاسلام , وهو مايعني قرابة فكرية وتنظيمية وسياسية بينهما … تصريحات هدفت بوضوح الى مزيد من توريط حماس في علاقاتها الخارجية تجاه أبرز الفاعلين الدوليين في القضية الفلسطينية … لاشك بأن الانتشاء السياسي لدى حماس بالتحرير سيذهب تدريجيا أدراج الرياح حين تعلم بأن السر في عدم تعاطي الغرب معها لايكمن في سيطرتها بقوة السلاح على قطاع غزة , أو في فوزها الساحق بانتخابات المجلس التشريعي , بقدر ماأنه يكمن في اختلال موازين القوى الدولية لفائدة الولايات المتحدة واسرائيل وهو مايجعل العالم الغربي والعربي يصطفان رسميا وراء رؤية واشنطن وتل أبيب , في ظل مايمتلكانه من قدرات اقتصادية وعسكرية باتت حديث المهابة لدى كل دول العالم . قد تحاول حماس مجددا استثمار قضية الجندي الأسير شاليط جلعاط على شاكلة أزمة الصحفي ألان جونسون , وقد تحقق بذلك مكسبا جزئيا في موضوع تبادله مع أسرى فلسطينيين من حركتي فتح وحماس وهو مايظهرها تيارا وطنيا في عيون الشعب الفلسطيني بعيدا عن تهم تحزيب القضية الفلسطينية وأدلجتها القاتلة …, غير أن الحل الشامل والعادل للقضية سوف لن تدركه القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية الا في ظل موازين دولية جديدة قد يكون المعبر اليها عالم متعدد الأقطاب ,يخرج قوى اقليمية وعالمية قديمة من ساحاتها القطرية الى ساحات انسانية أكثر رحابة, ويرتقي بها الى مستوى القوى الدولية الأكثر ايمانا بنظرية المجال الحيوي لكن مع رد الاعتبار لحق الشعوب في التحرير وتقرير المصير . – حرر ونشر بتاريخ 5 جويلية 2007 على الوسط التونسية -نشر على الميدل ايست أون لاين + صحيفة وطن الأمريكية بتاريخ 6 جويلية 2007 *كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@ yahoo.de
النفاق الدولي من الشرعية الفلسطينية
توفيق المديني
إذا كانت المحرضات الخارجية للإقتتال متوقعة ومفهومة من أطراف الصراع الفلسطيني ،فإن الإقتتال الفلسطيني – الفلسطيني الذي جرى مؤخرا بين حركتي فتح و حماس، وانتهى بحسم هذا الصراع لمصلحة سيطرة هذه الأخيرة على قطاع غزة، يعتبر أحد إفرازات اتفاقيات أوسلو ، بوصفها أحد الأسباب الرئيسة التي خلقت شرخا عميقا في الساحة الفلسطينية، وأسست لاقتتال فلسطيني- فلسطيني. فالمدقق في هذه الاتفاقيات التي تم توقيعها بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية و « إسرائيل »،يعي بوضوح أن من شروط نجاحها وتطبيقها على الأرض هي أن يواجه الفلسطيني أخيه الفلسطيني. المشكلة الجوهرية في الساحة الفلسطينية،أن « المقدس الوطني » الذي دافعت عنه منظمة التحرير الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ارتبط في جانب كبير من مساحته بمصالح اتفاقيات أوسلو، فحمل بذور فنائه و الانقضاض عليه من دائرة المصالح هذه.فبعد أن جعلت « المصلحة الوطنية » في زمن الثورة الكفاح المسلح مقدسا وطنيا ، ذبحته السلطة الفلسطينية حين وقعت اتفاقيات أوسلو، باسم » المصلحة الوطنية » ذاتها، فبددت كل الإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية و أهدتها للعدو، الذي لم يمنحها سوى حكم ذاتي هزيل. و الحال هذه ، وبعد أن سقط » المقدس الوطني » في براثن اتفاقيات أوسلو، ظهر « المقدس الإسلامي » ، الذي شرعن قضية الجهاد المسلح ضد العدو الصهيوني ، ليعطي قيمة للمقدس الوطني و القومي ، و لكن من وجهة نظر إسلامية ، التي تتناقض مع اتفاقيات أوسلو، ونهج التطبيع.ومن هنا برز الصراع الذي تحكمه أسسا موضوعية، على الشرعية الوطنية، وعلى من هو أحق بتمثيل » المصلحة الوطنية » في الساحة الفلسطينية. فاستمرتشبث هذه الأطراف بعصبياتها وأجنداتها التنظيمية حدّ المخاطرة بالحرب الأهلية ، الذي لا يزال هو العامل الذاتي الأخطر الذي يفتح الثغرة الأوسع للتدخل الخارجي في الشأن الداخلي لمنع الوفاق الوطني. الدول الغربية، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية تتحمل مسؤولية كبرى فيما جرى ويجري في فلسطين ، وذلك لأسباب عدة.فقد طالبت بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد أن تم شطب الرئيس الراحل عرفات من معادلات اللعبة.فالرئيس الراحل ياسر عرفات الذي تقاذفت به الأحداث السياسية ، أظهر حدودا مقلقة في الأشهر الأولى من الانتفاضة الثانية ، في عام 2000.فقد تبين عجزه عن فهم التنصل الأميركي –الصهيوني من اتفاقيات أوسلو، بعد بضعة أشهر قليلة من أحداث 11 سبتمبر 2001. فقرر رئيس الوزراء الصهيوني السابق ارييل شارون، الحد من حرية عرفات وحركته السياسية، تمهيدا لعزله ومن ثم الانقضاض عليه، وتصفيته سياسيا وجسديا. وتمكن شارون خلال فترة وجيزة جر الرئيس الأمريكي على أرضية موقفه، الذي قال للفلسطينيين بطريقة مواربة: إذا كنتم تريدون دولة اخلعوا عرفات. وبعد أن اشترط الرئيس بوش قيام « ادارة فلسطينية جديدة ومختلفة » ، تم انتخاب الرئيس محمود عباس ديمقراطيا في سنة 2005. وعاشت القيادة الفلسطينية خيبة أمل كبيرة من الإدارة الأمريكية التي لم تف بأي من الوعود التي قطعتها للرئيس الفلسطيني ، لا سيما ممارسة الضغط على » إسرائيل » من أجل الإفراج عن أموال الضرائب المحتجزة والإفراج عن الأسرى. ثم جاءت الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 كانون الثاني /يناير 2006 ،و التي كانت جزءا من مطالب المجتمع الدولي ، لتترجم رفضا فلسطينيا قويا لحركة فتح بسبب الفساد والإدارة السيئة للسلطة الفلسطينية.وكان الحقد و الضغينة تجاه ما يسمى السلطة الفلسطينية بصورة غير صحيحة- السلطة ليست سوى وهم سلطة ، وعمليا فإنها برمتها إعادة تنظيم للاحتلال الإسرائيلي . بمعنى احتلال تحت ستار السيطرة الفلسطينية- وهو الذي مكن منطقيا حركة حماس من تحقيق فوز كاسح على حركة فتح في انتخابات يناير 2006، التي ظلت عاجزة عن تجديد نفسها بعد رحيل مؤسسهاعرفات في عام 2004، على الرغم من المساندة القوية التي كانت تحظى بها من قبل قسم كبير من المجتمع الدولي. من جانبهم ، وقع الإسلاميون من حركة « حماس » في فخ الانتصارالانتخابي. في البداية ، كانت خيار المشاركة لأول مرة في انتخابات « وطنية » تستهدف إظهارقوة شعبية « حماس » خلال الانتفاضة الثانية.لكن الانتخابات فاجئت الجميع بما فيها حركة « حماس » ، إذ فازت فيها، وهذا ماجعلها تواجه لأول مرة استحقاقا دوليا ، ألاوهو الاعتراف الرسمي ب »إسرائيل » لكي تستمر في السلطة، واستئناف المساعدات الدولية إلى حكومة »حماس ».. لكن فوز حركة حماس رغم كل التعقيدات المتعلقة بالمشهد السياسي الفلسطيني، جعلت الدول الغربية لا تعترف بنتائجها بحجة أن الحركة الإسلامية الفلسطينية مصنفة في إطار « منظمة إرهابية » .فلم يتم احترام إرادة الشعب الفلسطيني ، وفرض الحصار الدولي على حركة حماس منذ نيسان 2006، الأمر الذي قاد إلى خنق الشعب الفلسطيني ، وتجذره ، وارتمائه في أحضان إيران و الإسلاميين المتشددين من حركة حماس. وازداد الضغط الدولي ، ولاسيما من قبل اللجنة الرباعية الدولية، المدفوعة من قبل أميركا لمطالبة الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس أن تعترف ب »إسرائيل » ، وترفض العنف، وتعترف بكل الاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية ، من دون أن تشترط أي شيء على إسرائيل. ولم يبرهن المجتمع الدّولي عن جديّته في التعامل مع القرارات التي يصدرها هو نفسه، هذا، بعد أربعين سنة من التواطؤ مع إسرائيل. اليوم ، الوقت لم يعد مناسبا للتشدق بعبارات الدعم ل »شرعية فلسطينية » على حساب « شرعية فلسطينية » أخرى، إذ إن الوضع في أراضي الضفة الغربية و قطاع غزة أشبه ببرميل بارود. و في ظل استمرار الاحتلال الصهيوني المدعوم أميركيا، من الخداع و الوهم أن نتحدث عن إقامة دولة فلسطينية ، لأنه ما من سيادة لدولة في ظل احتلال كهذا.أما المجتمع الدولي، فقد مارس سياسية الصمت عل ممارسة الاحتلال الصهيوني ، و لم يساعد الشعب الفلسطيني على إقامة دولته المستقلة ،بل انقلب على قيم الديمقراطية.إنه النفاق بعينه (المصدر: صحيفة » الخليج » الصادرة يوم 6 جويلية 2007)
أحمد الخميسي أحيانا يرسل لي بعض الكتاب من الشباب محاولاتهم الروائية والقصصية الأولى ، وفي كل مرة أتناول فيها نصا من تلك النصوص أقرأه ممتلئا بالشعور بأن أحلام وعقل وروح شخص ما أمانة بين يدي ولو للحظة قصيرة. ومن هذا المنطلق أتحدث إلي الكاتب الذي غالبا ما يفاجئني بأنه لا يتوقع سوى النجاح ، وسماع قصيدة طويلة في امتداح العمل تخلو من أية ملاحظات جدية بشأن الموضوع أو الطريقة أو اللغة. ولا شك أن كل كاتب بحاجة ماسة إلي الإطراء والمديح، أو كما قال لنا يوسف إدريس ذات مرة : الكاتب مثل المقرئ إذا لم يسمع في الصوان من يقول له : الله يا مولانا الله ، فتر صوته وباخ وصار قبيحا ! لكن الكاتب في الوقت ذاته بحاجة ماسة أيضا إلي كل كلمة صادقة. وعادة فإن الذين يتوقعون نجاحا سريعا لا يثيرون في نفسي سوى الشك في أصالة مواهبهم . تكفي نظرة على حياة كبار الكتاب لنعرف مدى الفشل الذي تدربوا عليه عبورا إلي الكتابة . إن ما نذكره الآن عن سرفانتس أنه كاتب عظيم فحسب ، ترك عملا خالدا هو » دون كيشوت » ، لكننا لا نتذكر طريقه الشاق إلي الكتابة ، وأنه قبل دون كيشوت كتب ونشر مجموعة من القصائد تعد من أردأ ما عرف الأدب الأسباني من شعر مكسور، حتى أن لوب دي فيجا وكان من كبار كتاب المسرح أشار في خطاب له إلي أنه » ليس في أسبانيا شاعر أسوأ من سرفانتس » ! وبعد فشله في الشعر اتجه سرفانتس إلي المسرح ، فكتب أكثر من عشرين مسرحية لم يكتب لواحدة منها النجاح ، وأخيرا حاول أن يكتب قصة من قصص الرعاة ، فلاقت الفشل أيضا . وحين بلغ سرفانتس عامه الثامن والخمسين كان رجلا محطما خائب الأمل ، وبدأ يكتب دون كيشوت َ! لم يحظى سرفانتس بذلك النجاح السريع الذي يتوقعه بإلحاح كتابنا من الشباب ، لكنه تدرب على فشل طويل نحو الكتابة . أما أونوري دي بلزاك صاحب الملهاة الإنسانية وغيرها من الروائع ، فلم يسمع حين قدم أول مسرحية له إلي أحد أساتذة الأكاديمية الفرنسية سوى العبارة التالية : » قم بأي شيء في المستقبل ما عدا الكتابة الأدبية » ، وفي غضون ثلاث سنوات ألف واحدا وثلاثين كتابا من قصص المغامرات وظل مجهول الاسم ومحاطا بالديون وهو يناهز الأربعين ! اسكندر ديماس الأب كتب عشرات المسرحيات والقصص التي لم تر واحدة منها النور . وكان كلما رفض ناشر أن يقابله يكتفي بالابتسام للسكرتيرة قائلا : » شكرا يا آنستي لست ممن تخور عزائمهم بسهولة ، سأمر ثانية « . وعندما كتب الأديب الفرنسي العظيم جوستاف فلوبير روايته الرائعة » مدام بوفاري » لم يلق أي إعجاب ، وعلى العكس من ذلك وصفه النقاد في حينه بأنه خطر على المجتمع والأخلاق ، وألقت الحكومة الفرنسية القبض عليه بتهمة ترويج الأدب الخليع ، وحاكمته ، ثم حكمت ببرائته . لكن النجاح السريع لم يكن من بين أهدافه . وقد تبقت من الروائي ناثانيال هوثورن رواية واحدة هي » الحرف الأحمر » التي صور فيها خطيئة الحب ضد العرف الإجتماعي ، وخطيئة العرف الإجتماعي ضد الحب ، لكنه لم يكتب تلك الرواية إلا بعد أن قطع طريقا طويلا من الفشل ، واجتياز الفشل ، نحو الكتابة ، حتى أنه عندما بلغ الثامنة والثلاثين لم يكن سوى : » شخص عديم الجدوى إلي درجة تبعث على الرثاء » . هذه القصص وغيرها عن معاناة الكتاب العظام ستجدها في كتاب » أعلام الفن القصصي » الصادر عن سلسلة ذاكرة الكتابة بالهيئة العامة ، ترجمه وراجعه أستاذان كبيران هما عثمان نوية ، ومحمد بدران ، وهو كتاب من الستينات يعاد طبعه . وليس القصد من كل تلك الحكايات أن النجاح السريع مستحيل ، فقد سطع نجم يوسف إدريس ماأن نشر مجموعته القصصية الأولى » أرخص ليالي » ، وهناك حالات كثيرة مماثلة ، لكن تلك تظل حالات استثنائية ، أما القاعدة العامة فهي أن الكتابة تحتاج إلي صبر وتواضع ورغبة حقيقية في التعرف إلي النواقص وإرهاف السمع إلي كل ملاحظة ، كما تحتاج إلي إنجاز أكبر قدر ممكن من الفشل ، لكي ينجح جزء ما من الكتابة ويظل مقروءا . أما تعجل الثناء وكلمات الإعجاب فإنه لا يثير سوى القلق بشأن أصالة الموهبة . *** أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com
رفسنجاني » السياسي الإنسان »
كمال بن يونس – بي بي سي العربية – تونس تتركز أنظار العالم على إيران في الوقت الحاضر لرصد توابع الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي شهدت منافسة حامية بين المحافظين والإصلاحيين داخل المؤسسة الإيرانية. الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني الذي حظي بتأييد الإصلاحيين في الانتخابات هو عنوان كتاب ألفه الصحفي والسياسي الايراني محمد الصادق الحسيني، مدير مركز حوار الثقافات والحضارات الذي أسسه الرئيس محمد خاتمي. مراسلنا في تونس كمال بن يونس التقى الحسيني أثناء وجوده في تونس وسأله أولا عن توقيت صدور الكتاب في أوج الحملة الانتخابية؟ # الشيخ الرئيس هاشمي رفسنجاني رمز لحركة الاصلاح السياسي والوطني في ايران منذ ماقبل الاطاحة بنظام الشاه .. والمرحلة الاولى لقيام الثورة بزعامة آيةالله الخميني. وقد ألفت هذا الكتاب للتعريف بمسيرة الزعيم رفسنجاني كزعيم وطني، لعب دورا كبيرا في بناء الدولة الحديثة في ايران وكان ولايزال رمزا للاصلاح السياسي لكن مع التمسك بمجموعة من الثوابت منها الوسطية واحترام هوية الشعب الايراني الثقافية والدينية، واعتماد منهج سياسي واقعي وعقلاني.. منهج وسطي .. يأخذ بعين الاعتبار المستجدات على الساحتين الاقليمية والدولية، ويراعي مصالح البلاد،حتى لا تهزها العواصف العاتية. ألا يعتبر اصدار هذا الكتاب وادلاؤك بمثل هذه المواقف تراجعا كبيرا عن مواقفك السابقة النقدية للتيار المحافظ بعد ان عرفت بمواقفك التي ساندت بقوة منهج الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي ؟ # صحيح هناك قدر من النقد الذاتي، من قبل كل الاصلاحيين ونحن نعتز بمدرسة الرئيس محمد خاتمي الاصلاحية واضافاتها ، لكن الرئيس خاتمي نفسه يعترف الان ببعض الاخطاء والنقائص خلال الاعوام الثمانية من حكمه، ويعلن أن التسرع في تبني المطالب الاصلاحية للنخب دون مراعاة واقع المجتمع وتمسكه بثوابته الدينية والثقافية وبمرجعياته القديمة كان خطأ. ونوعا من التطرف يسارا ردا على تطرف المحافظين واليمينييين. في المقابل فإن مدرسة الرئيس رفسنجاني واقعية في تمسكها بخيار الاصلاح ..ومضيها في التغيير مع واقعية وبراغماتية حماية للشعب ومكاسب الثورة ومواكبة لتطورات المرحلة الجديدة من جهة ثانية، لأن مواقف التيار المحافظ المتشدد لا تواكب المستجدات ولا تخدم مصلحة ايران حاضرا ومستقبلا. من المسؤول عن الفشل ؟ لكن هناك من يعتبر أن القوى المحافظة داخل السلطة الايرانية – ومنها تلك التي تتحرك باسم مؤسسة الفقيه – تتحمل مسؤولية تعطيل نسق الاصلاح السياسي في ايران .. الذي كان يتزعمه الثنائي محمد خاتمي ووزير ثقافته السابق مهاجراني ؟ # هناك من يقدم هذه القراءة للاحداث لكن الواقعية والنقد الذاتي الهادئ يجعلاننا نقر بكون التطرف والتطرف المضاد، اي التطرف في التمسك بالمواقف المحافظة والتطرف في الدعوة لاطروحات تيار الاصلاح والتغيير كانا من بين السلوكيات الخاطئة، مهما كان حماس المثقفين وحرصهم على القفز على الواقع والعمل على تغييره من فوق ،لأن سنن التاريخ وقوانين المجتمع تقر بحاجة كل المجتمعات ومن بينها المجتمع الايراني للاصلاح الثقافي والسياسي والاجتماعي والسياسي، ولمواكبة مستجدات المرحلة، دون انفعال ولا هزات، ودون خطوات فوقية مسقطة لا يساندها الاغلبية من ابناء المجتمع خاصة في مرحلة تواجه فيها ايران ودول المنطقة مخاطر توشك أن تعصف بكل شئ. وفي هذا السياق تبرز أهمية المنهج الوسطي الذي يرمز اليه الرئيس الهاشمي رفسنجاني، منهج التفاعل بين افكار المثقفين الاصلاحيين الواقعيين وتطلعات المجتمع دون تعسف او اسقاط في هذا الاتجاه أو ذاك . (المصدر: موقع بي بي سي العربية بتاريخ 24 جوان 2007) الرابط: http://news.bbc.co.uk/go/pr/fr/-/hi/arabic/middle_east_news/newsid_4618000/4618891.stm