السبت، 26 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2559 du 26.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطـة التونسية للدفاع عن حقـوق الإنسـان:بـيــان تحديث للجنة المُطالبة بالإفراج عن السجين السياسي وليد العيوني مجلة « كلمة »:دهاليز الوسط التونسية: تونس : تلفيق تهمة باطلة الى أحد أقارب العالم والبروفسور بن سالم شبكة الصحافة العربية: آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة الحياة :ساركوزي وبن علي تعهدا تفعيل «الشراكة الأورو – متوسطية»  رويترز: متحف باردو بتونس يعرض قطعا اثرية نادرة من تونس وصقلية
ارنا: اقامه الاسبوع الثقافي والسياحي الايراني في تونس د. محمد الهاشمي الحامدي :من مصلحة الجميع ألا تطمس الحقائق د.أحمد المناعي :فرحات « المتطرّف » يستقبل الغنّوشي « المعتدل » مرسل الكسيبي :ضاعت مجموعة المستقلة وراء عربة قطار بخاري مشبوه ! ه.بن صالح: رسالة الى السيد محرز الهمامي القاضي النظيف بمحكمة تونس الابتدائية حبيب الرباعي: خطابنا السياسي بحاجة إلى مراجعات (الجزء الثاني) عبد المجيد الحواشي :الحجاب وما خلف الحجاب في تونس- « الإسلاموية الجديدة » والأدوات البالية في مواجهتها… محمد العروسي الهاني:ذكرى معركة رمادة 1958 مواطنون: « كومار » و جوائزها: الأجوبة المحرجة! مواطنون: التقرير الأمريكي حول حقوق الإنسان في العالم: نحن أولى بتقييم حالنا… القدس العربي: في عرس الذيب لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية فيما تسقط الواهنة منها في الفخاخ المنصوبة لها تباعاً صحيفة « القدس العربي » :كوشنير في بيروت اليوم لتأكيد تضامن فرنسا مع لبنان القدس العربي :مستقبل حركات التغيير الديمقراطي في العالم العربي في ورشة عمل بمركز القاهرة صحيفة « القدس العربي » :تحليل: فتح الاسلام ثمرة انشقاقات حركة فتح إسلام أونلاين:الليل.. الوجه الآخر للجزائر إسلام أونلاين: في روايته لقصة صعوده للجبل ونزوله منه: أمير جيش الإنقاذ: العمل المسلح يحتاج إلى مجانين!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

تصفحوا العدد 407 من صحيفة الموقف الأسبوعية على العنوان التالي

اضغط هنا

 


الرابطـــة التونسيـــة للدفـــاع عن حقــــوق الإنســـان تونس في 26  ماي 2007 بــــيــــــان
 
حاصرت قوات هامة من أعوان الأمن المقر المركزي للرابطة بتونس العاصمة صباح اليوم 26 ماي 2007 لتمنع بالقوة عقد الندوة التي دعت إليها الهيئة المديرة حول المنتدى الإجتماعي التونسي و التي كان من المقرر أن يشارك فيها ممثلو فروع الرابطة، و الجمعيات المستقلة و الإتحاد العام التونسي للشغل و عدد من الخبراء الذين إشتركوا في فعاليات المنتديين الإجتماعيين المغاربي و العالمي. و قد منعت قوات الأمن رؤساء و أعضاء هيئات الفروع الذين حاولوا الدخول إلى المقر(بإستثناء رئيس و عضوي هيئة فرع بنزرت) و هكذا نفذت وزارة الداخلية ما أعلنته من أنها ستمنع عقد الندوة (بيان الرابطة بتاريخ 18 ماي 2007). والهيئة المديرة المجتمعة بالمقر المركزي صباح اليوم بعد أن سمح لأعضائها بالدخول تدين بشدة هذا الإعتداء السافرعلى الرابطة و على مناضليها و خاصة أن وزارة الداخلية تخالف القانون بصورة صريحة، فهي ترفض مدّ الرابطة بقرار منع النشاط حارمة الهيئة المديرة من حق التظلم لدى القضاء الإداري، كما أن وزارة الداخلية بهذا الصنيع المتكرر تؤكد مرّة أخرى و بوضوح تام أنها الطرف المقابل للرابطة و لا أحد غيرها. والهيئة المديرة ما إنفكت تؤكد و بكل الوسائل رغبتها في الحوار مع السلطة لحل المشاكل العالقة و إستعدادها لإيجاد الحلول المناسبة بما يضمن إستقلالية الرابطة و قيامها بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان و نشر ثقافتها، غير أن كل هذه المساعي تقابل بالحصار المفروض على المقر المركزي و على مقرات الفروع منذ سبتمبر 2005 لمنع أي نشاط داخلي. والهيئة المديرة تحي صمود مناضليها و إصرارهم على الدفاع عن حقهم في النشاط القانوني و تدعو مكونات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية و الشخصيات الوطنية إلى مساندة الرابطة والوقوف إلى جانبها في هذه الظروف الصعبة، كما تدعو المنظمات الوطنية و الدولية و أصدقاء الرابطة إلى الوقوف إلى جانبها و التصدّي لمحاولات إنهائها و الإجهاز عليها. عـن الهيئــة المديــرة الرئيـــس المختــار الطريفــي


تحديث للجنة المُطالبة بالإفراج عن السجين السياسي وليد العيوني :

 

بيان  إلى الرأي العام

 

                                      

                                       26  ماي 2007

 

  فقد السجين السياسي التونسي وليد العيوني مداركه العقلية تماما منذ أسابيع ، بعد تعرّضه لصنوف لا تُطاق من التعذيب الوحشي زمن التحقيق و زمن الإعتقال بسجن المرناقية بالعاصمة ، رغم توقيع الحكومة التونسية على مُعاهدات و إلتزامات دولية تحرّم جريمة التعذيب و تعرّض مرتكبها للتتبّع .

 و لم تثبت على هذا السجين أيّة تهمة ، و قد وصل الأمر بالسلطات التونسية إلى حدّ أن منعت عنه منذ نصف شهرحقّ الزيارة من طرف ذويه ، كما تواصل الإمتناع عن إخراجه من السجن لمحاولة علاجه .

 

  إنّنا  في لجنة مساندة السجين السياسي المتضرّر وليد العيوني :

 

 

  – نطالب بالإفراج الفوري عنه .

– نعلن تجريمنا للتعذيب الذي تعرّض له .

– نُطالب بمحاسبة الجناة الذي مارسوا عليه جريمة التعذيب ، و كذلك الحكومة التونسية المسؤولة الأولى عن إنتشار ظاهرة التعذيب في مقرات البوليس السياسي و السجون .

–  نجدّد المُطالبة بالإفراج الفوري عنه و عن كلّ السجناء السياسيين بتونس .


 

 

 

– علي بن سالم (رئيس جمعية قدماء المقاومين).

– فيولات داغر (العضو باللجنة العربية لحقوق الإنسان) .

– عبد الرؤوف العيادي (ناشط حقوقي و نائب رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) .

– لطفي الحيدوري (عضو المجلس الوطني للحريات) .

– محمد النوري (رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين) .

– هيثم مناع (الناطق الرسمي للجنة العربية لحقوق الإنسان) .

 – سهام بن سدرين (الناطق الرسمي للمجلس الوطني للحريات) .

 – د.المنصف المرزوقي (رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) .

 – راضية النصراوي (رئيس جمعية مناهضة التعذيب) .

– نزيهة رجيبة (رئيس تحرير مجلّة « كلمة » ) .

– لطفي العمدوني (ناشط حقوقي) .

 – سامي نصر ( عضو المجلس الوطني للحريات) .

 – محمد الحمروني (صحفي) .

– سليم بوخذير (صحفي) .

 – لطفي حجّي (صحفي) .

 – فتحي الجربي (القيادي بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية) .

– عماد الدايمي (المسؤول عن موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) .

– جلال الماطري (إتحاد التونسييين بسويسرا و عضو حزب الخضر السويسري) .

– عمر القرايدي ( ناشط حقوقي) .

– حسين بن عمر (ناشط حقوقي) .

– طارق العبيدي (محامي و ناشط حقوقي) .

– محمد شمام (السويد ) .

– نورالدين الخميري (إعلامي و ناشط حقوقي – ألمانيا) .

– راشد الغنوشي (رئيس حركة النهضة) .

  سليم بن حميدان (كاتب و حقوقي تونسي ) .

 – الطاهر العبيدي (صحفي) .

–  محمد بن عبد الله (أستاذ جامعي ) .

 كمال الجندوبي (رئيس الشبكة الأورومتوسّطيّة لحقوق الإنسان) .

– فاطمة قسيلة (الأمينة العامة لهيئة من أجل إحترام الحريات و حقوق الإنسان في تونس) .

–  عبد الله الزواري (صحفي) .

جمال الدين أحمد الفرحاوي ( شاعر تونسي مقيم في هولندا) .

–  عبد الباقي خليفة (صحافي) .

 – علي بن عرفة  (منسّق الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس) .

–  محسن الجندوبي (بون – ألمانيا) .

– معاذ عبد الكريم (طالب بفرنسا) .

–  محمد النوري (باريس) .

 – محمد علي البدوي (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ) .

– قيس الدغري (دكتور تونسي بباريس) .

–  طارق السوسي (ناشط حقوقي) .

–  وليد البناني ( ناشط بحركة النهضة –بلجيكا) .

  

 

ملاحظة (1) :

 

لمن يرغب في الإنضمام إلى لجنة المطالبة بالإفراج عن السجين السياسي وليد العيوني ومحاسبة الجناة ، الرجاء إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني إلى العنوان التالي :  

 

Abdessalam145@yahoo.fr

 

ملاحظة (2) :

للإتصال بالسيدة فطيمة بوراوي والدة السجين السياسي وليد العيوني :

 الهاتف :

 0021621506850


دهاليز
  سامي نصر اختطاف الناشط الحقوقي لسعد الجوهري
تم صباح الخميس 24 ماي على الساعة السابعة و 45 دق اختطاف الناشط الحقوقي لسعد الجوهري عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين من أمام منزله بالدندان وتم اقتياده إلى منطقة منوبة أين احتفظ به إلى حد الساعة الثامنة مساء. وقد حوصر منزل لسعد الجوهري منذ الصباح الباكر من قبل 40 عنصرا من البوليس السياسي هاجموه عندما همّ بامتطاء سيّارته وحشروه بالقوّة في سيارة مدنيّة. وقد افتكّوا منه عكّازه الذي يستعين به للمشي وخلّفوا له أضرارا بدنيّة منها كدمات على الوجه والذراع و كسر في إصبعين ورضوض في معصمه. وتم اقتياده حافيا إلى منطقة الشرطة. وقد استجوب عن تحركاته وخاصة عن نيّته مرافقة الوفد الحقوقي المتجه إلى السجن المدني بالكاف في ذلك اليوم. وطلب منه التوقيع على التزام يتعهّد فيه بالتوقف عن أنشطته. البوليس السياسي يقمع اعتصام سلمي للمعطّلين عن العمل
تجمّع صبيحة يوم الثلاثاء 23 ماي 2007 عشرات المعطّلين عن العمل أمام مقر ولاية تونس بشارع الحبيب ثامر بالعاصمة، للتعبير عن جملة من المطالب المشروعة من خلال الاعتصام السلمي ورفع الشعارات. ومن بين تلك الشعارات: « من أجل حقّنا في التشغيل »، و »من أجل حقّنا في التغطية الصحية والاجتماعيّة »، من أجل حقّنا في التنقل المجاني »، و »من أجل حقّنا في التنظيم والتعبير ». ولكنّ عددا غفيرا من البوليس السياسي حاصروا مقر الولاية واعتدوا بالعنف الشديد على العديد منهم، ومن بين المتضررين نذكر الآنسة فلة الرياحي التي أغمي عنها اثر تعرّضها للضرب وخاصة بعد سقوطها على مؤخرة رأسها… ممّا استوجب نقلها إلى قسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول. والغريب في الأمر هو أنّ طبيب المستشفى المذكور رفض مدّها بشهادة طبيّة أو تشخيص الأضرار التي لحقتها واكتفى بإعطائها مسكن أوجاع « أنالقون Analgan ». قام البوليس السياسي باعتقال كل من السيد سالم العياري (أستاذية عربية) وحسن الرحيمي (هندسة مدنيّة). منع انعقاد دورة تدريبيّة والاعتداء بالعنف الشديد على السيد حسين بن عمر

كان من المفترض أن تنعقد يوم الجمعة 18 ماي 2007 دورة تدريبيّة حول « كيفيّة المحافظة على سلامة جهاز الكمبيوتر وحماية الاتصالات عبر الانترنت » بمقر المجلس الوطني للحريات بتونس، وبإشراف منظمة الخط الأمامي (Front Line) ومنظمة حقوق الإنسان أوّلا (Human Rights First)، بعد أن عجز المشرفين على الدورة عقدها في أيّ فندق من فنادق العاصمة… ولكن منذ صبيحة يوم الجمعة قام عدد غفير من البوليس السياسي بمحاصرة مقر المجلس مانعين كل ممثلي المنظمات التونسيّة من الدخول والمشاركة في هذه الدورة، حيث اتصل رئيس منطقة باب بحر بالسيد لطفي حيدوري عضو هيئة الاتصال لإعلامه بهذا المنع وبالمشاركة الاستثنائيّة للأجانب. وفعلا تمكّن ممثلي المنظمات المغاربية والجزائريّة والمشرفين على الدورة من دخول مقر المجلس، واعترض سبيل ممثلي المنظمات التونسيّة. كما تعرّض السيد حسين بن عمر إلى اعتداء عنيف من قبل أعوان الأمن إثر إصراره على الدخول والمشاركة. حضر الجلوس في المقاهي على أعضاء المجلس الوطني للحريات بتونس
منذ يوم السبت 19 ماي أصبح أعضاء المجلس الوطني للحريات بتونس ممنوعين من دخول مقرّهم أو الجلوس في المقاهي. فبعد غلق المقر ومحاصرته ليلا ونهارا ومنع الدخول إليه، والمراقبة اللصيقة لكل من يحاول تجاوز هذا الحضر، حرم أعضاء المجلس حتى من الجلوس في المقاهي، فقد تم طرد علي بن سالم ولطفي حيدوري وسامي نصر من المقاهي التي حاولوا الاحتماء بها… فإذا كان مبرّر منعهم من دخول مقرّهم هو كون منظمتهم غير معترف بها فهل الجلوس في المقاهي هو الآخر يتطلّب رخصة لصاحب المقهى ورخصة للمواطن الذي يجلس فيها!!! التحقيق مع المتّهمين انتهى.. ولكن التحقيق مع عائلاتهم لم ينته
على ما يبدو أن الأبحاث الأوّلية والتحقيق مع مجموعة الكاف المحالة ضمن قانون مكافحة الإرهاب قد انتهى، وها أنّهم ينتظرون وقوفهم أمام المحكمة.. ولكن التحقيق مع عائلاتهم لازال متواصل، فقد علمنا أن فرقة الأبحاث بالكاف لازالت تقوم بزيارت متكرّرة للعائلات قصد استجوابهم. ومن بين الأسئلة التي على العائلات الإجابة عنها: « كيف كان يعيش داخل العائلة؟ هل كان منعزلا عنهم؟ من هم أصدقاؤهم؟ ما هي القنوات التلفزيّة التي يشاهدونها؟ ومن بين العائلات نذكر عائلة يوسف النعيمي وعائلة المنجي الرحالي. الشرطة العدلية ببنزرت تستجوب إيمان المدّاحي لتتهم الزميل لطفي حيدوري

حضرت صبيحة يوم الاربعاء 16 ماي 2007 الآنسة إيمان المداحي بمقر الشرطة العدليّة ببنزرت لتستجوبها في قضيتين. تتعلّق القضية الأولى بتهمة أخلاقيّة برّر بها السيد العربي نصرة سبب طردها من قناة حنبعل واعتبرتها الآنسة المداحي تهمة كيديّة لتبرير طردها التعسفي من القناة المذكورة. أمّا التهمة الثانيّة والتي تبدو هي التهمة الأصليّة التي بسببها وقع استدعاءها واستجوابها فتتعلّق بحوار سبق وأن قام به الزميل لطفي حيدوري معها اثر طرها وصدرت بعدد شهر جانفي 2006 من صحيفة « كلمة تونس »، حيث وجّهت لها تهمة الثلب وتشويه صورة البلاد والتي نفتها في تحقيقها بعد أن أنكرت إجراء الحوار المذكور. فهل تندرج هذه القضية ضمن مسلسل التوظيف القضائي ضد هيئة تحرير « كلمة تونس » على غرار قضيّة الزميل عمر المستيري؟ (المصدر: مجلة « كلمة » (اليكترونية شهرية – تونس)، العدد 53 لشهر ماي 2007) الرابط:http://www.kalimatunisie.com/article.php?id=550


كتاب…و معدَ..و شيشة…

يستعد التلاميذ في هذه الفترة. لإجراء امتحانات آخر السنة و يكثفون المراجعة و قد اختار بعض التلاميذ  و منهم الأحداث و بعض الطلبة المراجعة داخل المقاهي حيث يجتمعون و يفتحون الكراسات ثم لا يلبث « المعدَ » أن يأخذ مكان الكراس فتعوض الأوراق(شكبَة رامي…) الكتب و الكراسات و يشرع التلاميذ أو الطلبة في نوع جديد من التعليم : لعب الورق…

خطر على صحة المواطن…

 

و أنت تتجوَل في مختلف الأسواق تطالعك مواد كثيرة: شحوم ملوَنة للحذاء و الجلد و الشعر البشري زيوت للدَلك و اﻹستهلاك. مواد أخرى مدرسية للكتابة و التلوين تنبعث منها روائح غريبة توضع بين أيدي أطفالنا و لا شكَ أنها تمثل خطرا كبيرا على صحَة المواطن الذي مازال يثق في أجهزة المراقبة فيشتري و لسان حاله يقول مادامت تباع أمام اﻠﻤﻺ فلا حرج في ذلك…

محطات تتحوَل إلى مراسي

الكثير من أصحاب السيارات الخاصة يتركون سياراتهم في محطات النقل العمومي… و قد يتسبَب ذلك في تعطيل حركة المرور  حيث تضطر الحافلات إلى  الوقوف وسط الطريق إضافة إلى الأخطار التي يتعرض لها المواطن جراء هذا السلوك عند الصعود أو النزول… (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 20 بتاريخ 23 ماي 2007)

 

تونس : تلفيق تهمة باطلة الى أحد أقارب العالم والبروفسور بن سالم

تونس-صفاقس-:
بعد مرور ثلاثة أسابيع على اعتقال الشاب خليل الصغير أصيل جهة بئر صالح وأحد أقارب العالم والمعارض التونسي البارز الدكتور منصف بن سالم ,قامت السلطات التونسية بتلفيق تهمة كيدية الى ذاك الشاب المعتقل ,حيث أوردت في محاضر البحث على مابلغنا من أوساط حقوقية مطلعة بأن السيد الصغير قام بمشاهدة شريط وثائقي لقناة الجزيرة بمنزل البروفسور بن سالم وبرفقة ابنه اللاجئ السياسي بفرنسا سيف بن سالم . وبسؤال العالم والمعارض التونسي د.بن سالم عن مضمون هذا الشريط ذكر البروفسور بأن ماتدعيه جهات البحث هو أن مضمون الشريط يحض على العنف والارهاب ,غير أنه أقسم يمينا بالله تعالى أن السيد الصغير لم يدخل بيته قط سنة 2005 وهو التاريخ الذي أشير اليه في محضر البحث عند مشاهدة شريط قناة الجزيرة- ,كما أكد على أن ابنه كان متواجدا في تلك السنة بالتراب الفرنسي حيث أسند له حق اللجوء السياسي مباشرة بعد مغادرته لتراب الجمهورية التونسية وقبل سنوات عدة . يذكر أن السلطات التونسية قامت بسحب سفيرها قبل أشهر من العاصمة القطرية الدوحة على خلفية مااتهمت به السلطات القطرية بتشجيع قناة الجزيرة على استهداف أمن واستقرار البلاد التونسية . هذا وتجدر الاشارة الى أن البروفسور بن سالم يعد واحدا من أبرز العلماء العرب الذين تولوا تدريس علوم الرياضيات والفيزياء والهندسة بأشهر الجامعات الغربية ,كما سبق له تمثيل تونس على عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة في مؤتمرات عالمية ودولية في هذه التخصصات ,كما أنه كان من مؤسسي كلية العلوم بمدينة صفاقس التي تعد واحدة من أبرز الصروح العلمية الشامخة بالجمهورية التونسية. 26أيار/مايو2007 (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 26 ماي 2007)


حرية الصحافة: آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة

 

 
في الصومال، قُـتِل أبشير علي جبره وأحمد حسن مراسلا راديو جوهر في الخامس عشر من مايو/أيار 2007. وكان المراسلان القتيلان يرافقان موكباً للحاكم الإقليمي حين تعرض الموكب لإطلاق النار من جانب مجموعة الرجال المسلحين المجهولين. في سوريا، في الثالث عشر من مايو/أيار 2007، صدر الحم على الكاتب والصحافي مايكل كايلو، الذي يكتب لصالح صحيفة النهار اللبنانية الرائدة، وصحيفة القدس العربي التي تتخذ من لندن مقراً لها، بالسجن لمدة ثلاث سنوات. وكان الكاتب قد اعتقل بعد يومين من توقيع « إعلان بيروت دمشق » في ! الثاني عشر من مايو/أيار 2006، والذي دعا إلى إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسوريا تستند إلى الاحترام المتبادل لسيادة كل من البلدين. في لأراضي الفلسطينية، في الخامس عشر من مايو/أيار 2007، قتل أشخاص مسلحون الصحافي عصام محمد عواد الجوجو، وذلك أثناء قتال عنيف بين الفصائل الفلسطينية دار في مدينة غزة حول بنايتين تحتويان على مقار عدد كبير من المنظمات الصحافية. وكان عواد الجوجو يعمل لدى موقع تابع لحماس على شبكة الإنترنت تحت اسم « فلسطين لايف ». في لأراضي الفلسطينية أيضاً، أصيب أسامة أبو مسامح، الصحافي لدى جريدة الرسالة الأسبوعية الإسلامية، بجراح بعد مدة قصيرة من توقيفه عند حاجز أمني في طريق عودته إلى بيته من العمل، وذلك في الخامس عشر من مايو/أيار 2007. في الأراضي الفلسطينية أيضاً، في الثالث عشر من مايو/أيار 2007، أصيب سليمان العاشي ومحمد مطر عبدو، الصحافيان لدى جريدة « فلسطينا » اليومية المؤيدة لحماس، بعيارات نارية قاتلة، وذلك في مدينة غزة. في تونس، وقع اعتداء على الصحافي سليم بوخضير في الثالث ثم الخامس عشر من مايو/أيار 2007. وكان بوخضير قد كتب عن حادث أسفر عن مقتل سبعة أشخاص أثناء حفل موسيقي أقيم في الثلاثين من إبريل/نيسان 2007، حيث ألمح إلى مسئولية أحد أقارب الرئيس بن علي عن الحادث. في العراق، أعلنت وزارة الداخلية في الرابع عشر من مايو/أيار عن قرارها بمنع الصحافيين من الوصول إلى مواقع الهجمات التفجيرية. في مصر ، تقدم القاضي عبد الفتاح مراد بطلب إلى المحكمة القضائية الإدارية بمنع 29 موقعاً على شبكة الإنترنت، علاوة على 21 موقعاً كان قد طلب منعهما في وقت سابق. فضلاً عن ذلك فقد أقام القاضي عبد الفتاح مراد دعوى قضائية جديدة ضد جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وأحمد سيف الإسلام، المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون، وعمر غربيه مدير مدونة « حوليات صاحب الأشجار ». ويتهم القاضي الرجال الثلاثة بالابتزاز ويطالب بتعويضات قدرها خمسين ألف جنيه مصري (حوالي 8800 دولار أميركي). في الأردن، اعتقل عضو البرلمان السابق أحمد عويضي عبادي في الثالث من مايو/أيار 2007، بعد أن اتهم حكومة الملك عبد الله بالفساد في خطاب مفتوح نشره على شبكة الإنترنت. مصادر التحذير: لجنة كتاب في السجن التابعة لشبكة التعليم العام الدولية، لن! دن مراسلون بلا حدود، باريس لجنة حماية الصحافيين، نيويورك (المصدر:  موقع شبكة الصحافة العربية بتاريخ 22 ماي 2007 )   الرابط : http://www.arabpressnetwork.org/articles.php?id=1113&lang=ar

 

ساركوزي وبن علي تعهدا تفعيل «الشراكة الأورو – متوسطية»

 
 
تونس     الحياة     – 26/05/07// تعهد الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي في مكالمة هاتفية مع نظيره التونسي زين العابدين بن علي «إعطاء دفعة للعلاقات المتميزة بين البلدين». وذكرت وكالة الأنباء الرسمية التونسية التي نقلت فحوى المكالمة التي قالت إن الرئيسين أجرياها أول من أمس، أنهما عرضا آفاق توسيع مجالات التعاون بين البلدين و «استكشاف مجالات جديدة لتطوير الشراكة الاستراتيجية بينهما». وأضافت أنهما تطرقا إلى إمكانات تعزيز الجوار والشراكة بين الضفتين الجنوبية والشمالية للمتوسط، في إشارة غير مباشرة إلى «مسار 5 + 5» الذي ساهمت تونس وفرنسا في إرسائه عام 2003 خلال قمة البلدان المطلة على الحوض الغربي للمتوسط. كذلك ناقشا السبل الكفيلة بتنشيط الحوار الأورو – متوسطي وجعل المنطقة مجالاً للتنمية المتضامنة والأمن والسلم. وأكدت الوكالة أن الرئيسين جددا خلال المحادثة الهاتفية تمسكهما بمسار برشلونة «من اجل كسب معارك التنمية والأمن والاستقرار». وكان ساركوزي تعهد في مناسبات عدة بعد وصوله إلى سدة الرئاسة بالعمل على إقامة اتحاد متوسطي بين البلدان على الضفتين الجنوبية والشمالية (المصدر: صحيفة  » الحياة  » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 ماي 2007)

متحف باردو بتونس يعرض قطعا اثرية نادرة من تونس وصقلية

 
Thu May 24, 2007 2:28 PM GMT تونس (رويترز) – اقام فنانون من تونس وصقلية معرضا بمتحف في ضاحية باردو التونسية ضم قطعا اثرية وفسيفسائية نادرة ورسوما فنية تحكي الأرث الثنائي المشترك في اطار احتفال تونس بشهر التراث. ويستمر المعرض الذي بدأ يوم الجمعة الماضي بمشاركة فنانين ومثقفين من تونس وصقلية شهرين بمتحف باردو الشهير وبقصر دار باش حامبة بالمدينة العتيقة بتونس. وفي متحف باردو عرضت العديد من التحف النادرة واللوحات الفسيفسائية والرسومات التي تمثل قاسما مشتركا بين المتاحف في تونس وصقلية. وضم المعرض في جناحه الاول مجموعة نادرة من الاثار الحجرية والخزفية والبللورية والرسومات التي يعود تاريخها الى عصور ما قبل الميلاد وما بعده تم جلبها من متاحف صقلية وبالارمو. كما احتوى المعرض على نماذج من الآثار الموجودة في متاحف صقلية والمصنوعة قديما في تونس مثل لوحتي « سمان » و »يمامة » اللتين صنعت بمدينة الجم التونسية الشهيرة بصناعة الفسيسفاء وتعودان للقرن السادس بعد الميلاد. اما الجناح الثاني للمعرض فتضمن بعض الآثار الاخرى الموجودة بتونس والتي تشير الى اشتراك البلدين في المنحى الفني والاثري مثل القطع الاثرية الثمينة التي جلبت من مدينة قليبة وعرضت لاول مرة مرة بمتحف باردو. وتحتضن دار باش حامبة بالمدينة العتيقة الجزء الثاني من المعرض الذي يشتمل على صور ووثائق تبرز الموروث الاثري المشترك مثل صور معروضات متحفية واثرية تعود الى الحقب الرومانية والمسيحية والاسلامية تبرز عمق الروابط التاريخية في مجالات التجارة والادب والفن والفكر. ومن بين هذه العروض معلقة « العهود القديمة..ارث قديم بين تونس وصقلية » قام بتصميمها الرسام الايطالي ميمو بلادينو. ويقول المنظمون ان هذا العرض المشترك بادرة لاحياء العلاقات بين شمال افريقيا وروما عبر الحضارات وكذلك تدعيم للتواصل الحضاري والتاريخي والاطلاع على مختلف الانجازات الانسانية عبر العصور. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 ماي 2007)


 

اقامه الاسبوع الثقافي والسياحي الايراني في تونس

الجزائر / ‪ ۲۶‬ايار / مايو / ارنا اقيم اليوم السبت في فندق  » ابونواس » في العاصمه التونسيه حفل افتتاح الاسبوع السياحي والثقافي الايراني بحضور مساعد موسسه التراث الثقافي الايراني ومسوولين تونسيين . وقال السفير الايراني في تونس محمد تقي مويد في تصريح لمراسل ارنا في الجزائر ،ان اقامه الاسبوع الثقافي والسياحي الذي يستمر حتي ‪ ۳۱‬ايار / مايو الجاري تمثل ترجمه لاراده وعزم قاده البلدين في توطيد العلاقات الطيبه بين طهران وتونس. واضاف، ان تنظيم الاسبوع السياحي والثقافي الايراني في تونس هو بمثابه رساله محبه وموده وصداقه من الشعب الايراني الي الشعب التونسي وكذلك لتعريف شعبي البلدين بالامكانيات والقدرات المتاحه في البلد الاخر. من جانبه وصف مساعد رئيس موسسه التراث الثقافي الايراني حسين جعفري ،العلاقات الثقافيه بين ايران وتونس بالمتينه . اما وزير السياحه التونسي التيجاني الحداد فقد اعتبر تنظيم الاسبوع السياحي والثقافي الايراني في تونس بانه يشكل فرصه للتعرف علي الطاقات الايرانيه واتاحه الفرصه للتعاون الافضل بين البلدين. واكد الجعفري والحداد في لقاء بينهما امس علي ضروره تعزيز التعاون الثقافي بين البلدين نظرا للمجالات المتاحه بين البلدين.  

وستقام خلال الاسبوع الثقافي والسياحي الايراني في تونس العديد من البرامج الثقافيه لتعريف الشعب التونسي بالثقافه والمعالم السياحيه الايرانيه .
 ارنا
(المصدر: وكالة  ارنا  الايرانيه للأنباء بتاريخ 24 ماي 2007)
 


بسم الله الرحمن الرحيم

من مصلحة الجميع ألا تطمس الحقائق

 

مازالت هناك فرصة ليجيب الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ورعاه على عدد من الأسئلة الحساسة والمهمة التي يستحق كل التونسيين أن يعرفوا ملابساتها كاملة.
د. محمد الهاشمي الحامدي * * * مسؤولية الشيخ راشد * * * من حق عموم التونسيين، ومن حق الإسلاميين التونسيين بوجه خاص أن يسمعوا إجابات الشيخ راشد الواضحة بشأن هذه الأسئلة. بعد ذلك، وبناء على تلك الإجابات، يقرر كل واحد منهم، ويقرر كتّاب هذا الفصل من تاريخ تونس وحركتها الإسلامية المعاصرة إن كان الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ورعاه قد قام بواجبه في قيادة التيار الإسلامي نحو الصلح والوفاق والإندماج في الحياة السياسية والإجتماعية، أم أنه كان مسؤولا رئيسيا، أو أحد المسؤولين الرئيسيين، عن إدخال الحركة في خيار المواجهة المستمرة مع الدولة، وإعاقة عدد من المبادرات المهمة والتارخية لإصلاح ذات البين بين السلطة والحركة الإسلامية، أهمها العرض النادر لرئيس الدولة عام 1998، والذي سمعته عنه مباشرة، ونقلته لقياديي النهضة، وأعلنت عنه في قناة الجزيرة، وبين جديته قرار الرئيس بن علي إطلاق سراح ما يقرب من 700 سجين إسلامي، ثم رد الشيخ عليه الشيخ راشد علنا في قناة الجزيرة بالرفض والتسفيه، بما أدى لضياع الفرصة واستمرار الأزمة والقطيعة. * * * أسئلة من أجل الحقيقة * * * أذكر كل المعنيين بهذا الملف بالاسئلة التي طلبت من الشيخ راشد حفظه الله ورعاه الإجابة عليها في حديثه الصحفي الذي ينشر هذا اليوم على حلقات: 1 ـ في مساء 28 أكتوبر 1999، بعد مرور يوم واحد على المناظرة التي جرت بيني وبينكم في برنامج الإتجاه المعاكس، اتصلت بكم هاتفيا، ورد علي أحد مساعديكم، فأخبرته أنني أرغب في الحديث معكم على وجه السرعة، في ضوء اتصال هاتفي تيسر لي مع الرئيس بن علي. طلب مني مساعدكم أن أخبره بالتفاصيل، فاعتذرت ورجوته أن يبلغكم أهمية الموضوع، وضرورة الإتصال السريع. هل بلغكم الخبر أم لا؟ 2 ـ في ذات المساء، دعوت إلى بيتي الأخوين مختار بدري وجمال الطاهر، وهما من أصدقائي وزملائي أيام الجامعة، وحدثتهما بالأمر، وطلبت منهما إبلاغه لك ولقيادة حركة النهضة. فهل وصلت الرسالة لكم ولقيادة حركة النهضة أم لا؟ 3 ـ أعرض عليكم ما قلته في حواري مع الأخ الطاهر العبيدي قبل أسبوع: « تم إطلاق سراح قرابة سبعمائة سجين يوم 5 نوفمبر 1999، وأعلنت عن ذلك شخصيا من الدوحة في برنامج « حصاد اليوم » على شاشة قناة الجزيرة. وكان يحاورني آنذاك الأستاذ جمال ريان. كما أعدت تقديم العرض الذي وعد به الرئيس بن علي وطالبت الإسلاميين بالتجاوب واغتنام الفرصة. في اليوم الموالي ظهر الشيخ راشد في برنامج « حصاد اليوم » مع الأستاذ محمد كريشان، وهنا أحيّي الرجلين وأدعو لهما بالتوفيق. الشيخ راشد أكد خبر الإفراج عن المعتقلين، لكنه قال إنهم خرجوا من السجن الأصغر إلى السجن الأكبر، وتحدث في الحوار كله على هذا النحو السلبي. كنت أرجو أن يقول الشيخ راشد ما خلاصته إنه يرى في هذا الإفراج خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، وأنه يرحّب بها، وأنه مستعد للتباحث مع الحكومة التونسية مباشرة في كل ما من شأنه تسوية هذا الملف وتعزيز الوفاق الوطني. جملة واحدة تفتح الباب لمشاورات مباشرة، من دون وسيط، بين السلطة وحركة النهضة. لكن اللهجة كانت لهجة معارض غاضب يريد اغتنام الدقائق القليلة المتاحة في حصاد اليوم لتسجيل نقاط ضد السلطة. وتلك أيضا كانت اللهجة التي سادت في برنامج « الاتجاه المعاكس » بيني وبين الشيخ راشد يوم 26 أكتوبر 1999. كنت أدعو الله أن يلهمه قول ما يزيل الحواجز بينه وبين الرئيس بن علي، وما يزيل الحواجز بين حركته والسلطة. كنت آمل أن يقول: ما دام هناك حديث عن العفو والمصالحة، فأنا أرحب بهذا التوجه، وأدعمه، وأعرب عن استعدادي لبحث تفاصيله مع السلطات التونسية مباشرة ». (انتهى النقل) وسؤالي لكم حفظكم الله ورعاكم: هل توافقون على أن منهج التعامل الذي اعتمدتموه مع تلك الجهود والمؤشرات القوية نحو إعادة النظر في وضعية الحركة الإسلامية، لم يكن المنهج الأوفق والأفضل لخدمة مصالح الحركة الإسلامية في تلك المرحلة؟ هل تقبلون أن تصريحا من نوع  » إنني أرى في هذا الإفراج خطوة طيبة في الاتجاه الصحيح، وأرحّب بها، وإنني أعرب عن استعدادي للتباحث مع الحكومة التونسية مباشرة في كل ما من شأنه تسوية هذا الملف وتعزيز الوفاق الوطني ».. أفضل من الأسلوب الذي اعتمدتموه في تسفيه الأمر وتسخيفه والرد عليه بتصعيد الخطاب الإنتقادي للسلطة؟ 4 ـ قال الأخ الدكتور أحمد المناعي أنه رتب لكم لقاء مع وزير الدفاع السابق المرحوم عبد الله فرحات، في عهد المرحوم الرئيس بورقيبة، وأن الوزير عرض عليكم الدعم والتعاون والعلاقة الطيبة. هل حدث هذا أم لم يحدث؟ 5 ـ أشرتم رعاكم الله إلى ابن خلدون، فهل ترون أن الفقرة التي نقلتها عنه قبل شهر تنطبق على حركة النهضة ومسيرتها أم لا؟ والفقرة هي: « إن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله، فيكثر أتباعهم والمتلثلثون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك. وأكثرهم يهلكون في هذا السبيل مأزورين غير مأجورين، لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم، وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه. قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه. وأحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهدم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه. وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء. لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة والله حكيم عليم. فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب، وكان فيه محقا، قصر به الإنفراد عن العصبية فطاح في هوة الهلاك. وأما إن كان من المتلبسين بذلك في طلب الرئاسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك، لأنه أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين. ولا يشك في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة ». (ابن خلدون، المقدمة، الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم. بيروت: دار القلم، الطبعة الخامسة، 1984. ص (159-160). 6 ـ هل ترون أن تشخيص الصراع بشكل واضح مع الرئيس بن علي وعائلته، كما بدا في بيانكم بعد أحداث صفاقس الأخيرة وفي الجزء المنشور من حواركم صباح اليوم، هل ترى أن هذا النهج هو الأفضل للإسلام ولحركة النهضة وللبلاد بشكل عام، وهل هو معبر فعلا عن التوجه العام لأنصار حركة النهضة في الداخل والخارج؟ 7 ـ قلتم في حديثكم رعاكم الله ما نصه: « بل حتى في داخل السجون ، بعض إخواننا مثل الشيخ الزرن ، قاد مشروعا للمصالحة ولكن بعد ذلك تبين أنه مجرد ضرب من ضروب الخداع من أجل تمزيق صف المساجين والنهضويين والشيخ نفسه نبه إخوانه لعدم الانجرار لهذا المنحدر ». هل يعني هذا أنكم تضعون جهودا يبذلها بعض الإخوة في السجن، قد تتجاوز السجن وقد لا تتجاوزه، وقد تقف عند مسؤول أمني استئصالي في هذا الموقع أو ذاك، هل تعتبرونها مثل فرصة تتاح للحديث والأخذ والرد مع رئيس الدولة مباشرة من دون وسيط؟ 8 ـ قلتم رعاكم الله في معرض الرد على دعوتي لتبني نهج الكلمة الطيبة ما نصه « .. لو فرضنا احسان الظن باصحابها إلا أنها سذاجة ، فالسياسة عالم لا يعترف بالابتسامات والخطاب هو أدنى أداة من أدوات الفعل السياسي . السياسة هي تفاعل بين موازين القوى . لا بد أن تغير موازين القوى ، فلا أحد يعطف على أحد . مجال السياسة ليس مجال العواطف ولا حتى الحق والعدل و الخير وأن تثبت للآخر أنك برئ وأنك لا تريد به شرا ، وإنما هي موزاين  » ألا ترى حفظكم الله أن ذلك يتناقض مع قوله تعالى: « ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم »؟ * * * لماذا الصمت؟ * * * إلى حد كتابة هذه السطور، نشرت ثلاثة أجزاء من تصريحات الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ورعاه. ولاحظت أنه لم يتطرق من قريب أو من بعيد للإجابة على هذه الاسئلة، باستثناء السؤال الخاص باللقاء مع المرحوم عبد الله فرحات. أسأل كل المهتمين بهذا الملف، من الإسلاميين ومن غير الإسلاميين: كيف تفسرون تجاهل الشيخ راشد حفظه الله لهذه الأسئلة؟ وأؤجل تقديم إجابتي الخاصة لوقت لاحق. * * *
اللقاء مع عبد الله فرحات * * * أما بالنسبة لإجابة الشيخ راشد حفظه الله على السؤال الخاص بلقائه بالمرحوم عبد الله فرحات وزير الدفاع الأسبق، فإنني أرى من الضروري تذكير القراء الكرام برواية الأخ الدكتور أحمد المناعي حول هذا الموضوع، لأنه هو من كشف ملابسات هذا اللقاء أول مرة، وهو من تولى مسؤولية ترتيبه. وآمل أن ينتبه القراء الكرام لبعض الإستخلاصات الرئيسية التي كتبها الدكتور المناعي عن توجه قيادة الإتجاه الإسلامي آنذاك نحو الصدام مع السلطة بدل الوفاق معها. قال الدكتور المناعي: « في نهاية صيف سنة 1978، اتّصل بي الحبيب المكني و ذكر لي أنّه بلغهم أنّ محمد الصيّاح و الحزب الدستوري يخطّطان لحملة قمع ضدّ « الجماعة »، و طلب منّي أن أرتّب للّقاء بين الغنّوشي و عبد الله فرحات، وزير الدّفاع. و أذكر أنّي استغربت الأمر لقناعتي من أنّ مخطّطا كهذا، إن وجد، إنّما يتمّ أوّلاً على مستوى الحكومة وهي التي تنفّذه بوسائلها، و قد تستعين في ذلك بالحزب للشّرح و الدّعاية و التّعبئة. فبالرّغم من التداخل الكبير بين الحزب و الدّولة، فلم نكن في بلد شيوعي حيث يملي الحزب سياسة الحكومة ! وقد استجبت للطلب، و رتّبت للغنّوشي موعدًا مع عبد الله فرحات و تمّ ذلك خلال أيام قليلة. و أذكر أنّي قدّمت الرّجل بصفته، كمسؤول عن مجلّة المعرفة، و منشّط لجماعة إسلامية. و أستبعد ألاّ يكون الوزير قد طلب معلومات عن ضيفه. وقد دخل الغنّوشي وزارة الدّفاع من بابها الكبير (وهو ما لم يذكره أبدًا) قبل سنوات من دخوله وزارة الدّاخلية من أبوبها الجانبية(وهوما ذكره كثيرًا) و تحادث مطوّلا مع وزير كان وقتها أقوى الوزراء. و قد تبع ذلك اللّقاء مع وزير الدّفاع، لقاء آخر بين الغنوشي و مصطفى الفلالي، رئيس اللّجنة الاستشارية المغاربية (و كان قد تخلّى عن إدارة الحزب قبل ذلك بأشهر) و قد حضرت اللّقاء الأخير و أعرف ما قيل فيه، و أذكر أنّ الرّجل قد أُستقبل بحفاوة واحترام و تفهّم. و تمّت لقاءات أخرى سأذكرها يوما، و كلّها لغاية تسهيل الإدماج الهادئ و المتدرّج للتيّار الإسلامي النّاشئ، في الساحة السياسية التّونسية. و إن لم يحدث ذلك على مدى أكثر من ربع قرن، بل حدث عكسه تمامًا، فليس دائمًا لتصلّب النّظام فقط، فهذا من تحصيل الحاصل و من أهمّ الثّوابت في تاريخنا السياسي.  إن لم يحدث ذلك و حدث العكس تمامًا، فلأنّ الطرف المقابل و بشهادة كلّ الملاحظين النزهاء لمعطيات المرحلة، كان أيام قوّته و لا يزال إلى اليوم في ضعفه، مسكونا بعقليّة عدائية للدولة و محكومًا بروح تصادمية مع النّظام، تمامًا ككثير من الشّخصيات أو التنظيمات الماركسية العائلية التي تعوّض تواضع حضورها الاجتماعي و السياسي بعنف خطابها. و غفل الطرف المقابل ـ الاتجاه ثمّ النهضة ـ أنّه يتحرّك على خلفية الإسلام، دين الجميع و المكوّن الأهمّ في الشخصية الجمعية، و غاب عن قيادته أنّ كلّ إفراط في توظيف الدّين و تطويعه لخدمة أغراض حزبية لا يهدّد فقط الموازين السياسية بالاختلال و لكن يهدّد أسس المجتمع بالاهتزاز. وهو الوضع الذي نعيشه منذ 15 سنة… و لا نرى مخرجًا منه إلاّ بمراجعات عميقة للمفاهيم و المواقف و التصرّفات و تخلّ عن الأوهام من قبل كل الفرقاء و بالخصوص النهضة ». (انتهى النقل من كلام الدكتور أحمد المناعي الصادر في نشرة تونس نيوز الغراء بتاريخ 13 فيفري 2005) * * * معرفة الحقيقة واجب الجميع * * * هذا الملف شأن تونسي يهم كل التونسيين. ومن واجبنا جميعا التعاون من أجل معرفة الحقيقة، من دون ضرورة حتى للمحاسبة وتحمل المسؤولية إذا أصر البعض على ذلك. المهم أولا أن نعرف الحقيقة، ثم نرى ما يمكن أن نتعلمه منها.

 
 

 

إلى فريق تونس نيوز: تحية و بعد حول الجدل الذي أُثير حول موضوع اللقاء « فرحات ـ الغنوشي » ، أرجو  من إخوتكم إعادة نشر النص التالي لتوضيح خلفياته و تاريخه و شكرا سلفا.

أحمد المناعي  ـ  باريس  

فرحات « المتطرّف » يستقبل الغنّوشي « المعتدل »

  في خريف سنة 1978 في قراءة سريعة للفقرات الأولى من مقال السيّد لطفي زيتون ـ تونس نيوز ـ بتاريخ 17.01.2005 وقفت على نقطتين: أولاهما، ترحّمه على رجل الدّولة المرحوم الهادي نويرة، وهو الأمر الذي لم نتعوّد عليه من أعضاء حركة النّهضة عمومًا، في تعاملهم مع قدماء المسؤولين في العهد البورقيبي. و أحسب أنّ هذه أللفتة الرمزية التي لا تكلّف شيئًا، تستحقّ التنويه (وأترحّم مسبّقًا على أرواح كلّ الموتى الذين سيأتي ذكرهم). أمّا النقطة الثانية فتتمثّل في حكم صاحب المقال  » إنفراد الجناح المتطرّف الصيّاح: عبد الله فرحات بالنفوذ داخل الحزب الحاكم… »، وهو الأمر الذي لم يٌشجعني على المضيّ في قراءة بقية المقال، و يدفعني لإبداء الملاحظات التّالية: 1. في توصيف الأحداث:
 
في التّاريخ (و أحداث جانفي 1978 هي الآن من مشمولات التاريخ و مسؤولية المؤرّخين، مهما حاول البعض توظيفها السياسي المتأخّر) كما في كلّ العلوم الإنسانية و الاجتماعية، تتوقّف جدّية البحث و صرامة التحليل و مصداقية الباحث على دقّة تعريف المصطلحات المستعملة. و أخشى أن يكون صاحب المقال قد جانب الدّقة في تعريف الأحداث و الوقائع و الظواهر التي عاشتها تونس في الماضي القريب و المتوسّط.  فالانتفاضة مثلا، التي عرّف بها الكاتب كلّ أحداث الشّغب و أعمال العنف الجماعي و التمرّد المسلّح و القلاقل و الإنفجارات الاجتماعية التي وقعت في تونس، قد دخلت الآن قواميس السّياسة في كلّ لغات العالم، بالمعنى الذي حدّدته الانتفاضة الفلسطينية، أي حركة شعبية طويلة الأمد، خاضعة لقيادة و تهدف إلى تحقيق غايات سياسية محدّدة في التحرّر الوطني و بناء الدّولة المستقلّة. وهي العوامل التي غابت تماما في الأحداث التونسية. و لن أنازع أحدا في التّموقع حيث يريد من أحداث الماضي، لكنّ ذلك يُفرز عمومًا مذاهبا إيديولوجية دغمائية و لا يؤسّس لرؤية سياسيّة قادرة على التعامل مع الأحداث و حلّ مشاكل المجتمع. 2.إنفراد الجناح المتطرّف الصيّاح/ فرحات بالنفوذ داخل الحزب الحاكم؟ لا أعتقد أنّه بإمكان فرد أو جماعة  » الإنفراد بالنفوذ » في حزب أو هيكل سياسي أو اجتماعي، لأنّ النفوذ هو عبارة عن رصيد اعتباري يترجمه تأثير أدبي لا أكثر، وهو موزّع بالتساوي على كلّ أعضاء الهيكل الحزبي أو الهيئة الاجتماعية. و أحسب أنّ الكاتب قد قصد السّلطة، وهي شيء مختلف. فالسلطة تتحدّد اعتبارا لصلاحيات المنصب و تضبطها نصوص قانونية و تنظيمية. و يمكن فعلا أن ينفرد بالسلطة جناح متصلّب أو متشدّد (و لا نقول متطرّف لأنّ العبارة خاصة بالتنظيمات و العناصر المناوئة للدولة ) في الحزب الحاكم. على أنّ شيئًا من ذلك لم يحدث مطلقًا. فقد كان عبد الله فرحات أمين مال الحزب و وزير الدّفاع، و كان محمّد الصيّاح مدير الحزب. و للحزب أمين عامّ هو الهادي نويرة، الوزير الأوّل، و له أيضا رئيس هو الحبيب بورقيبة، رئيس الجمهورية و لا يذكر أحد أنّ هذا الأخير و بالرّغم من تدهور حالته الصّحيّة، قد تنازل عن شيء من صلاحياته. فقد ظلّ على الدّوام حريصا على تولّي كامل مسؤولياته و أداء دوره الرّيادي في الحزب الذي أسّسه. وهو نفس الوضع الذي نلمسه في بقية الأحزاب السياسية في تونس، مهما كان وضعها القانوني. فالحزب، أيّ كان، هو رئيسه أوّلاً و آخرًا، من بورقيبة إلى الغنّوشي إلى حرمل. كان الهادي نويرة الرّجل الثاني في الحزب و أيضا الوزير الأوّل. و قد مكّنته مسؤولياته من صلاحيات كثيرة و من سلطات دستورية كبيرة – زالت مع إصلاح الدستور لسنة 1988- ساهمت إلى جانب قوّة شخصيته و قناعته بسلامة و نجاح سياسته، في جعله رجل الدّولة بلا منازع. و لم يكن ليقبل بأنّ تتشكّل من حوله و خارج سلطته، أية تحالفات أو تيّارات أو أجنحة، فما بالك بانفراد أحدها  » بالنّفوذ » في الحزب. و إذا ما كان هناك ثنائي قوي و متناغم في تلك الفترة، فليس الصيّاح/فرحات كم تخيّل صاحب المقال، و إنّما نويرة/فرحات. فقد كان الرّجلان من نفس الجيل، تعارفا منذ نهاية الأربعينات و جمعهما الكفاح الوطني من أجل الاستقلال ثم زمالة طويلة في خدمة الدّولة. و يذكر كلّ الذين عرفوا الرّجلين و عاشوا تلك الفترة عن قرب، أنّ التجانس في الرؤى و المواقف كان كاملا بينهما. و على عكس ذلك، لم يوجد أيّ تناغم أو تجانس أو حتى تفاهم ظرفيّ بين فرحات و الصيّاح. كان فارق العمر بينهما كبير و مواطن الخلاف و الاختلاف كثيرة منذ مؤتمر الحزب في سنة 1971. و أعتقد أنّ هذه الصّورة كانت حاضرة لدى قيادة الجماعة الإسلامية آنذاك وهو ما تدلّ عليه الحادثة التالية: 3. فرحات « المتطرّف » يستقبل الغنوشي « المعتدل ». في نهاية صيف سنة 1978، اتّصل بي الحبيب المكني و ذكر لي أنّه بلغهم أنّ محمد الصيّاح و الحزب الدستوري يخطّطان لحملة قمع ضدّ « الجماعة »، و طلب منّي أن أرتّب للّقاء بين الغنّوشي و عبد الله فرحات، وزير الدّفاع. و أذكر أنّي استغربت الأمر لقناعتي من أنّ مخطّطا كهذا، إن وجد، إنّما يتمّ أوّلاً على مستوى الحكومة وهي التي تنفّذه بوسائلها، و قد تستعين في ذلك بالحزب للشّرح و الدّعاية و التّعبئة. فبالرّغم من التداخل الكبير بين الحزب و الدّولة، فلم نكن في بلد شيوعي حيث يملي الحزب سياسة الحكومة ! و قد استجبت للطلب، و رتّبت للغنّوشي موعدًا مع عبد الله فرحات و تمّ ذلك خلال أيام قليلة. و أذكر أنّي قدّمت الرّجل بصفته، كمسؤول عن مجلّة المعرفة، و منشّط لجماعة إسلامية. و أستبعد ألاّ يكون الوزير قد طلب معلومات عن ضيفه. وقد دخل الغنّوشي وزارة الدّفاع من بابها الكبير (وهو ما لم يذكره أبدًا) قبل سنوات من دخوله وزارة الدّاخلية من أبوبها الجانبية(وهوما  ذكره كثيرًا) و تحادث مطوّلا مع وزير كان وقتها أقوى الوزراء. و قد تبع ذلك اللّقاء مع وزير الدّفاع، لقاء آخر بين الغنوشي و مصطفى الفلالي، رئيس اللّجنة الاستشارية المغاربية (و كان قد تخلّى عن إدارة الحزب قبل ذلك بأشهر) و قد حضرت اللّقاء الأخير و أعرف ما قيل فيه، و أذكر أنّ الرّجل قد أُستقبل بحفاوة واحترام و تفهّم. و تمّت لقاءات أخرى سأذكرها يوما، و كلّها لغاية تسهيل الإدماج الهادئ و المتدرّج للتيّار الإسلامي النّاشئ، في الساحة السياسية التّونسية. و إن لم يحدث ذلك على مدى أكثر من ربع قرن، بل حدث عكسه تمامًا، فليس دائمًا لتصلّب النّظام فقط، فهذا من تحصيل الحاصل و من أهمّ الثّوابت في تاريخنا السياسي. إن لم يحدث ذلك و حدث العكس تمامًا، فلأنّ الطرف المقابل و بشهادة كلّ الملاحظين النزهاء لمعطيات المرحلة، كان أيام قوّته و لا يزال إلى اليوم في ضعفه، مسكونا بعقليّة عدائية للدولة و محكومًا بروح تصادمية مع النّظام، تمامًا ككثير من الشّخصيات أو التنظيمات الماركسية العائلية التي تعوّض تواضع حضورها الاجتماعي و السياسي بعنف خطابها. و غفل الطرف المقابل ـ الاتجاه ثمّ النهضة ـ أنّه يتحرّك على خلفية الإسلام، دين الجميع و المكوّن الأهمّ في الشخصية الجمعية، و غاب عن قيادته أنّ كلّ إفراط في توظيف الدّين و تطويعه لخدمة أغراض حزبية لا يهدّد فقط الموازين السياسية بالاختلال و لكن يهدّد أسس المجتمع بالاهتزاز. وهو الوضع الذي نعيشه منذ 15 سنة… و لا نرى مخرجًا منه إلاّ بمراجعات عميقة للمفاهيم و المواقف و التصرّفات و تخلّ عن الأوهام من قبل كل  الفرقاء و بالخصوص النهضة. وأخيرًا و للتّذكير لم يحدث شيء ممّا كانت تتخوّف منه الجماعة، إمّا لكون تلك المخاوف لم تكن في محلّها، أو كان مبالغ فيها، وهو رأيي، و إمّا لأنّ هذه اللّقاءات قد ساهمت في تهدئة الأجواء.. و لم تحدث الإيقافات إلاّ في صيف سنة 1981، بأمر مباشر من الرئيس بورقيبة في غياب وزيره الأوّل محمد مزالي.أي بعد سنتين من إقالة عبد الله فرحات  » المتطرّف » من الحكومة و الدّيوان السياسي. .. و شكرًا للسيّد لطفي زيتون أن وفّر لي الفرصة لإطلاع القرّاء على هذه الصفحة المنسية. و أن زادنا خيرًا زدناه منه، فإمساكي عن نشر شهادتي عن أحداث الخمسة عشر سنة الأخيرة في تونس لا ينبع من الجبن، و إنّما فقط من الخوف من دعم الاستبداد و أنصاره من كل حدب. و أخيّر أن يبقى ما كتبته لحدّ الآن مادّة تاريخية ميّتة، على أن يكون وثائق اتّهام، على أنّه لا يضيرني إن اقتضى الأمر وأستمرّ البعض في استبلاه الناس، أن أجذف ضدّ التيار.      https://www.tunisnews.net/13fevrier05.htm/


ضاعت مجموعة المستقلة وراء عربة قطار بخاري مشبوه !

 
مرسل الكسيبي-صحف عربية وشبكات اخبارية:
أعود اليوم وبطلب من بعض القراء الى موضوع الحوار مع الأخ الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مدير مجموعة المستقلة التلفزية, لأتوقف في هذه المناسبة على توقيت غير بريء اختاره زميلنا مدير القناة اللندنية لطرح موضوع المصالحة الوطنية على معشر التونسيين والتونسيات ولاسيما المنفيين منهم والمنفيات … وفي مقدمة ماسأطرحه من اراء وأفكار في هذه الحلقة أود التذكير في تواضع جم بمسائل هامة  : 1- أود تذكير كل المعنيين بالشأن السياسي التونسي وكل أصدقائنا العرب الذين يتابعون ماأكتبه من اراء وأفكار  بأننا لم نرفض فيما سبق اطلاقا انخراط المعارضة التونسية وكل مكونات الفضاء السياسي التونسي في مشروع مصالحة وطنية عادلة وصادقة تعيد الحقوق الى أصحابها وترفع هذه البأساء والضراء عن طيف واسع من التونسيين والتونسيات ,بل اننا دعونا سابقا ومازلنا ندعو الى رأب الصدع تونسيا وعربيا بين الشعوب والحكومات على أرضية أن التصدي للتحديات الخارجية بات أولوية وطنية مقدمة على تعميق الشقة بين المعارضات والحكومات بالمنطقة العربية. 2- اننا نعتبر المصالحة العادلة والاخذة بالشروط الموضوعية للاصلاح من قبيل الهدف الجمعي الذي ينبغي لنا كمعارضين ووطنيين العمل من أجله مهما اشتدت القطيعة بين النخبة الحاكمة والوسط السياسي المعارض ,ومن ثمة فاننا لسنا من أنصار القطيعة مع قوى الاصلاح من داخل السلطة أو من خارج هياكلها ,بل اننا نعتبر أن الحل الواقعي للأزمة السياسية في تونس لايخرج عن اطار استعمال أدوات الضغط السلمي والمدني من أجل اجبار النخبة الحاكمة على التسليم للمجتمع بحقوق المواطنة الأساسية وبحقوق المشاركة السياسية . 3-ان اعتراضنا على المصالحات المغشوشة أو ماأسميته في مقالي السابق باللبن المغشوش هو اعتراض مبدئي لايمكن التراجع فيه على ضوء مجموعة من الاغراءات التي تلوح بها السلطة هنا وهناك لبعض حاملي لواء التسويق والترويج لشروط غير عادلة لمصالحات هشة تهدف الى كسب الوقت واطالة أمد الأزمة . 4-يبقى خيار المراهنة على الحلول الثورية والجذرية في استبدال الأنظمة « المستبدة » بأخرى جديدة « عادلة » ومن صلب المعارضة ,من قبيل الأحلام الوردية ,ولاسيما في مثل هذا التوقيت الذي تعرف فيه المنطقة رسميا تحالفا استراتيجيا بين طيف عريض من الأنظمة العربية وبين عواصم صناعة القرار الدولي ,ومن ثمة فان تنسيب الحلول والرضا بسقف معقول من التغييرات السياسية ذات المنزع الاصلاحي هو من قبيل « رحم الله امرئا عرف قدره « … 5- هناك سقف أدنى للمعارضات العربية لايمكن التنازل عنه-ومن بينها التونسية قطعا- ,وهو في كيفية طلب الاصلاح أو عرض مااصطلح عليه بالمصالحات الوطنية , اذ لابد أن يراعى في سياق نضالات كل معارضة عربية كيفية طرح مطالب الاصلاحيين ,التي لاينبغي تقديمها في أشكال من التذلل أو التسول أو تجريم نضالات الشرفاء والوطنيين أو تلميع صورة الجلادين وتقديمهم للعالم بصورة المصلحين والبنائين والرواد والتقدميين , وبالمقابل فان هذا لايعني بأن مسيرة المعارضات لم تخل عربيا من أخطاء سياسية وزلات وعثرات ينبغي الوقوف عليها بالتقويم والمراجعات والمصابرات والمكابدات ,وهو مايعني أن عملية الاصلاح الداخلي للأحزاب والهيئات ينبغي أن تسير بالتوازي مع مطالبة الأنظمة السياسية الحاكمة باعتماد أجندات اصلاحية ترفع حالة الاحتقان وتوسع من دائرة المشاركة وتضع حدا للمظالم الحقوقية والاعلامية والسياسية في مجتمعاتنا … وبالعودة الى منطلق حديثنا وهو مافعلته مجموعة المستقلة على مدار الخمس سنوات الأخيرة في علاقتها بالشأن التونسي ,فاننا نلحظ وبشكل قاطع اختلال الشأن المهني والحرفي في تعاطي « المستقلة » وشقيقتها « الديمقراطية » مع الشأن التونسي , اذ بات بالمكشوف أن الأخ د.محمد الحامدي يقوم بعملية تبييض وتلميع لصورة حقوقية وسياسية مشوهة لايمكن الدفاع عنها أو الترويج لها مهما سيق لنا من مبررات … ولعلني أضطر في هذا السياق الى التذكير بأن مما يحذر منه أكاديميا لدى المختصين في الشأن الاعلامي هو الوقوع في الأخطاء الموضوعية الفادحة ,ويقصد بذلك على سبيل المثال الترويج للأنظمة القمعية على أنها أنظمة سوية أو على أنها صنوان في قيمتها للنظم الديمقراطية , وهو الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه أخونا د.الهاشمي الحامدي الذي أراد الخلط بين أهدافه السياسية غير المعلنة وبين مهمات اعلامية تشترط مهنيا وعالميا الخضوع لمواصفات دقيقة في العمل الاعلامي . هناك بلا شك عربة سياسية تونسية بمحرك بخاري لم تواكب الحداثة القانونية والسياسية ومعايير  السلامة والوضوح في الوجهة والمسار ,بل ان هذه العربة تمارس أدوارا مشبوهة منذ أن انحرفت عن مساراتها الطبيعية بداية التسعينات من القرن الماضي ,حيث دخلت في نفق مظلم لم تشارف على الخروج منه بعد ,أمام دخول قادتها وسائقيها في دائرة مفتوحة من المحاكمات السياسية وغمط الحقوق وغبن المواطنين , وهو  ماعنى أن النبيه والعاقل كان عليه أن يقفز من على ظهر هذه العربة البخارية المشبوهة حتى لاتلوثه بسوادها ولاتضيعه وراء انحراف مسارها بين سلسلة من الأنفاق والمنعرجات والانكسارات… الغريب في الأمر هو أن أخانا الدكتور محمد الهاشمي قد اختار التعلق بأهداب هذه العربة البخارية المشبوهة عبر تصويرها على أنها عربة سوية وذات محرك صناعي حديث وذات معدن فضي أو ذهبي خالص ونفيس , وذات توجه حضاري ومدني معاصر زاخر بالمنجزات …, بل انه لم يكتف بنظم قصائد المدح في هذه العربة البخارية القديمة والمشبوهة ,وانما اختار الركوب فيها ظانا بنفسه قد ركب عربة حديثة وذات محرك نفاث ستقوده والمائة الممضين على عريضة مقدمة الى رئيس الجمهورية الى ديمقراطية  « كوالالامبور »  و »سان باولو » أو « سان فرانسيسكو » أو ديمقراطية عاصمة الضباب …! الطريف في الأمر أن المعارضين التونسيين والنهضويين هذه المرة كانوا على غاية من الدهاء ,اذ ترك الأخ الدكتور محمد الحامدي لوحده على ظهر العربة البخارية المشبوهة ليمتنع العشرات من شباب تونس المكويين بضجيج وسواد بخار هذه العربة عن الركوب … غير أن الأغرب في قصة العربة البخارية المشبوهة أن مدير مجموعة المستقلة وأخونا الدكتور محمد الهاشمي مازال مصرا ولحد هذه الساعة على ضياع بريق قناة المستقلة ولهيب قناة الديمقراطية وراء وهم وسراب تونسي رسمي يعدنا ويمنينا في كل مرة بالاصلاح ,ومايعدنا الا غرورا … بل ان اية الغرابة أن الأخ محمد الهاشمي مازال متوهما بأن العربة البخارية المشبوهة مازالت تحتاج الى تجربة ثلاث سنوات أخرى من الركوب الجماعي حتى توصلنا جماعيا الى ديمقراطية « كوالالمبور »  أو حداثة « سان باولو » أو أمان « سان فرانسيسكو » …! لم يبق أمام مجموعة المستقلة كي تنقذ نفسها ومديرها من تلوث وضجيج وتيه العربة البخارية المشبوهة ,الا القفز العاجل من على ظهر عربة التيه والضياع والالتحاق بأنظف وأقرب محطة قطار ثم الالتفات في غير غفلة أو دهشة الى « فقه القطارات المقارن » ,حيث تأتي مجموعة من العربات الفولاذية ذات المحركات الهادئة والحديثة وذات الطلاء الرائع والجميل من العاصمة لندن لتقول للأخ العزيز دكتور محمد الهاشمي :   » ارفع رأسك انك بعاصمة الملكة « اليزبيث » عاصمة الحداثة السياسية والاعلامية الأوروبية ,وقد نجاك الله تعالى من عربة القرون الوسطى التي تحتاج الى صيانة وتحديث وقد حان الوقت كي تتطهر من لوثات العربة البخارية المشبوهة القادمة من بلد كان يفترض فيه اطلاق عربات فولاذية , حداثية , براقة , ناصعة وبيضاء  !  » … دمتم في رعاية الله وحفظه والى حلقة قادمة نركب فيها جميعا قطار الحداثة والاصلاح من العاصمة السياسية تونس بمشيئة الله… حرر بتاريخ 26 ماي 2007- 10 جمادى الأولى 1428 ه *كاتب واعلامي تونسي/رئيس تحرير صحيفة http://www.tunisalw asat.com الوسط التونسية reporteur2005@ yahoo.de (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 26 ماي 2007)


رسالة الى السيد محرز الهمامي القاضي النظيف بمحكمة تونس الابتدائية

تحية وبعد، نرسل لكم هذه الرسالة المفتوحة لنعلم جنابكم انه احيل امامكم طالب نقابي بالمرحلة الثانية علوم بكلية العلوم ببنزرت وعضو بالاتحاد العام لطلبة تونس بتهمة سرقة كتاب وقد اصدرتم في شانه حكما بالحبس لمدة 6 اشهر نافذة. ولم تراعي سيادة الرئيس ما ورد في اقوال الطالب عند سماعكم له من كون التهمة كيدية لفقها له اعوان من ارشاد الاقليم بسبب رفضه التحدث اليهم في مسائل داخلية تهم المنظمة النقابية التي ينتمي اليها.

كذلك لم تراعوا سيادة الرئيس ما ورد في مرافعة الاستاذ محامي الطالب وهو المحامي شكري بلعيد الامين العام المساعد سابقا في اتحاد الطلبة الذي تم انتخابه اثر المؤتمر 18 خارق للعادة وليس المؤتمر العام الذي سبق ان طرحتموه ليكون ارضية لظهور فكرة التعددية النقابية ومشروعا للاسلاميين. كما نذكر الجناب ان احالة الطالب كانت في ظروف امتحانات حرم منها بسبب رفضكم لمطلب السراح وكانكم لم تدرسوا يوما في الجامعة والحال انكم سيادة الرئيس قضيتم نصف عمرك في مقاعد الدراسة يالمركب الجامعي قبل ان تهاجر للجزائر اين « تحصلت » على شهادة نجاح في السنة الرابعة. لن نتعرض لتقلباتك في موقفك طيلة تجربتك الجامعية فتلك مرحلة انت حريص على الغائها من ذاكرتك ولن نتعرض لعدائك الدفين للحركة الطلابية ولليسار الطلابي وللاتحاد العام لطلبة تونس فتلك مسائل تعنيك وتعني جيلا خبرك واعطاك حقك.

ولن نتعرض لدورك ولا لموقفك في جهاز القضاء ولا لعلاقاتك مع زملائك القضاة ولا لما قمت به من ادوار داخل جمعية القضاة فتلك مسالة تعني قطاعكم برغم تاثيره على ما هو سواه. ولن نتعرض لكم باللوم على قساوة حكمكم على هذا الطالب ولا صرامتكم في التعامل مع سرقة كتاب لاننا نحترم القضاء وندافع على استقلاليته لكن قبل ان نشكركم جزيل الشكر انكم اصبحتم مهتمين بفتح ملف السرقات والتجاوزات والاختلاسات نطلب من الجناب ان يسال نفسه هل هو قادر على اصدار نفس الاحكام على من نهبوا اموال الشعب وامتصوا دماءه في واضحة النهار وسخروا البنوك والجمارك والادارة لحسابهم ولفائدتهم وحصدوا العمولات واستولوا على المال العام ولا فائدة لتحديد اسمائهم فانت خبير بمن يكونوا وقريبا لدوائرهم.

نرفع لجنابكم نصف تحية على حكمكم الاول وسنوفيك بنصفها الثاني ان انتم اقدمتم على الاستقالة لانه من العار الذي ستورثه لابنائك جيلا بعد جيل ان تكون صارما مع « جون فلجون »الكتاب وان تكون متزلفا لحرامية القرن21. نعد الجناب بفتح ملفكم والبحث في خباياه لنفهم سر الصرامة هل هي بدافع حب النظافة ام هي نتاج ازمة ضمير. مع السلام

ه.بن صالح

 

خطابنا السياسي بحاجة إلى مراجعات (الجزء الثاني)

كتبه: حبيب الرباعي النظام التونسي نشأ خارج السياق العام المتعارف عليه. صحيح أن عيادات الطب العام تفتح أبوابها لاستقبال عامة المرضى. ويقوم الأطباء فيها بتشخيص حالاتهم، لتحديد درجة الخلل التي أصابت الأجهزة التي يشكون منها. وبعد عملية التشخيص التي قد تأخذ أطوارا كثيرا من الفحوصات المتنوعة، يستحضر الطبيب المباشر للحالة في ذهنه ـ بحكم تخصصه في مجال الطب ـ، الأدواء التي « تعيد » وظائف أعضاء المريض إلى حالتها الطبيعية بما يتناسب مع عمره.. ولكن إذا زار عيادة الطب العام، إنسان يعاني من تشوهات خَـلقية متعددة، فلا يسع الطبيب ساعتها إلا أمر واحد، وهو إحالة هذا المريض على متخصصين في معالجة الحالات الخاصة والمعقدة. وشأن السياسة ليس بعيدا عن هذا المثال. ففي بعض البلدان تسمع عن معارضة تخرج للشوارع مطالبة بإطلاق سراح بعض المساجين السياسيين، أو معترضة على انتخاب هذا أو ذاك، أو محتجة على تعديل قانون أو دستور، أو منادية بمزيد من الحريات العامة …. كل هذه الصرخات الجماهيرية التي نعيش على صداها يوميا، تمثل تعبيرا من داخل المجتمعات عن آلام في مواضع معينة من كيانها، وإعلانا واضحا عن رفضها لانحراف ساسة تلك البلدان عن النموذج الطبيعي الذي تأمل أن يسود. وإذا كان انحراف الحكام عن مسارهم الطبيعي، باعثا لكثير من القوى الوطنية للتحرك في الشارع، تعبيرا عن مطالبتها بتصحيح المسار، فإن تقدير هذا الانحراف يكون: إما بمقارنة المتغيرات الجديد ـ محل الخلاف ـ بما كانت عليه الأوضاع قبل ظهور الأزمة التي دفعت المعارضة لتحريك في الشارع، أو بالمقارنة العامة، بين ما يعيشونه واقعا في حياتهم الاجتماعية، والمستوى الذي يأملون بلوغه. بهذا المعنى نستنتج أن الوضع السياسي التونسي لم يشهد بحال انحرافا سياسيا، لأن الانحراف السياسي يعني خروجا طارئا عن الحالة الطبيعية السوية التي كان يسير عليها، مع بقاء مجالات واسعة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه ولو بعد مدة، ولو اقتضى ذلك جهدا كبيرا وتضحيات جسام. وهذا يفترض أن يكون عهد التغيير قد مر بمرحلة سوية خلال العشرين سنة الماضية على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية…(من وجهة نظر جهات خبيرة ومحايدة)، ثم أحدث تغييرا على هذا المسار الطبيعي وظهرت نتيجة لهذا التغيير علامات الانحراف جلية، مما استوجب تحرك المهتمين بالإستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد إلى البحث ضمن بدائل كثيرة ، على وسيلة ناجعة لإعادة الأوضاع إلى الحالة السوية التي كانت عليها ، كحد أدنى يتواضع عليه الجميع. إن الوضع السياسي التونسي إذا اخترنا له وصفا يستمد دقته من التعبير القرآني، فيمكن أن نقول عنه بأنه طغيان سياسي، لأن الطغيان يعني تجاوز الحد الذي تختل مع حدوثه كل الموازين. وأصول هذا الطغيان لا تعود إلى أسباب خارجية طارئة، ولا إلى أحداث استثنائية مؤقتة، وإنما كان مصاحبا لهذا النظام منذ النشأة الأولى، كشأن الغلام الذي كان أبواه مؤمنين (انظر سورة الكهف آية 80) ولم تلعب العوامل الخارجية سوى دور المؤثر في درجة قوته هذا الطغيان. وإلا فكيف نفسر حيازته لخطة متكاملة في تجفيف ينابيع التدين مع تنزله لها منذ سنة 89 في مجال التعليم.. وفي المجالات الثقافية والإعلامية مبكرا.. فهل عاداه التدين الذي غرس بذوره الصحابة رضوان الله عليهم في البلاد، حتى أصبح طرفا يجب شن الحرب عليه. ولعل المشكلة تكمن فينا، نحن الذين اقتحمنا المجال السياسي في إطار معالجة لما طرء عليه من انحرافات، ـ فيما نظن ـ والحال أنها وضعية شاذة منذ النشأة الأولى. فخطابنا السياسي تحول من مطالبة ـ للسلطة ـ بتغيير حقيقي وفعلي في مجال الحريات، إلى خطاب موجه إلى أبناء الشعب والإستنصار به، بعد أن اكتشفنا أننا لا نواجه حالة انحراف عادية، ثم تحولنا إلى ما يشبه الإعلان على حالة ميؤوس منها وانسداد لآفاق الإنفراج السياسي في تونس، وقد كان منا من يقول منذ البداية، إنكم تعالجون حالة ميؤوس منها، فابحثوا عن خطاب يحقق لكم مكاسب ولا يضيع لكم وقتا. ابتعد قليلا لترى الصورة بشكل أعم إن الاستعانة بأهل الاختصاص في العلوم والنظريات السياسية لفهم النموذج السياسي التونسي، لا يحقق إلا مزيدا من إضاعة الوقت، لأن النظام التونسي عمد منذ البداية إلى الخروج عن قواعد العمل السياسي المتعارف عليها، بحيث يصعب على أي محلل أن يصنّفه في أي دائرة من دوائر النظم المعاصرة، حتى تلك التي تبنت سياسة التضييق على الحريات العامة وانتهكت إلى حد ما حقوق الإنسان. لذلك يتحتم على كل من أراد تشخيص الوضع السياسي التونسي أن يعدد من أدوات بحثه. فيخرج قليلا من الوضع القطري ويتأمل الوضع العالمي في صورته العامة، بنظرة تجمع بين أمرين: أولهما فهم الواقع العالمي الذي نعيش على صدى أحداثه يوميا. ثانيهما: أن يخرج باستخلاصات ـ بعد دراسة عميقة ومتأنية ـ لمرحلة الثلاثينات من القرن الماضي، التي ظهرت أوضاعا سياسية وإقليمية ودولية شذت عن السياق العام الذي كان سائدا في الغرب لعشرات السنين قبل تلك الحقبة، إلى درجة أن أجيالا كثيرة في أوروبا تصورت أن الديمقراطية قد استقرت وتجذرت في بلدانهم، ولا رجعة مطلقا عن مكاسبها من حرية للتعبير وانخراط في أحزاب المعارضة وحق اختيار المسؤولين… إلى غير ذلك من الحقوق التي ناضلت من أجلها أجيال قبل تلك الفترة التاريخية. ولكن ما راع العالم إلا وقد ظهرت فيه دكتاتوريات في أنحاء متفرقة من أوروبا (ألمانيا ـ إيطاليا ـ أسبانيا ـ) بالإضافة إلى اليابان، عاثت كلها في الأرض فسادا في آن واحد، من منطلقات قومية أو عرقية أو مصلحية. ولم يعد لقضايا الضمير والقيم والمبادئ والأخلاق وحقوق الإنسان والحريات العامة أي مناد لها جراء هول الجحيم الذي عاشه المواطن حينها في ظل أنظمة قهرية. هذه الفترة من التاريخ البشري لم تمثل استئنافا طبيعيا، لمسيرة الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلدان التي عاشت تلك الدكتاتوريات، ولم تمثل ـ بحال ـ قفزة نوعية ومتطورة مقارنة بما كانت عليه الأوضاع قبل ظهورها، إلا ما كان من الجانبين الصناعي والعسكري. بل مثلت هذه المرحلة من التاريخ الأوروبي، خروجا بالكامل عن قوانين التطور الاجتماعي التي تعلمها الإنسان من دراسة تطور المجتمعات والحضارات عبر العصور.إلى درجة أن البلدان التي نالها نصيب من نيران تلك الدول الطاغية، لم تتهيأ لهذه الحالة الشاذة مطلقا، وبعضها كان ولا يزال يمثل امراطورية تستعمر لثلث العالم. تلك الدول العدوانية التي هزت العالم في الثلاثينات استندت في طغيانها على قوتها الذاتية الداخلية لقلب موازين القوى الخارجية. أما النظام التونسي الذي أصر على أن يطلق على نفسه لقب التغيير، فقد استند إلى قوة خارجية تحميه وتدفع عنه أي ضرر داخلي محتمل، أثناء قيامه بانقلاب كامل في الموازين الداخلية، يقوم بالأساس على تفكيك العوامل الاجتماعية والتحالفات السياسية التي إذا تكاملت وتوحدت شكلت انفجارا لن ينطفئ إلا بإخراج الجيش لإطفاء نيرانه بالقوة. وليس مشهد ثورة الخبز وحالة الطوارئ التي فرضت في الشارع التونسي من التونسيين ببعيد. فخطابنا الذي نادى بالإستعصاء في وقت من الأوقات، سبقته خطة كاملة من النظام ـ الذي يملك أدوات قوية للتنفيذ مشاريعه ـ، مضادة لأي محاولة للإستعصاء. وقناعتي أن عمليات التفكيك الممنهج لمقومات الرفض الشعبي والإستعصاء المدني، (من إبعاد عن الهوية، وتغيير العادات والأعراف الإجتماعية التي كانت سائدة، بأخلاق لا شرقية ولا غربية، ومتابعات أمنية فردية لكل من يظن أن له فكر معارض….) لم تبلغ الحد الذي يصرف عن النظام مشاعر الخوف على مستقبله. ولعله يحرص على ضمان ظروف داخلية (قد تكون مبادرة المصالحة المزعوة جزء منها) وخارجية لمواصلة سياسته خلال عقدين آخرين من الزمن، ليتيه المجتمع التونسي أربعين سنة كاملة، تتغير فيها أجياله وتتبدل فيها دماءه، ليس في اتجاه التصويب كما كان المقصد من تيبه بني إسرائيل، ولكن في اتجاه التضليل الكامل كما يريد صناع التغيير في بلادنا. فالله المستعان على ما يدبر القوم. تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 25 ماي 2007)  

الحجاب وما خلف الحجاب في تونس     

« الإسلاموية الجديدة » والأدوات البالية في مواجهتها…

عبد المجيد الحواشي (*)      حملة جديدة قديمة أطلقها مؤخرا النظام القائم في تونس ضد مرتديات الخمار. وقد عودنا هذا النظام في مثل هذه المناسبات على تكثيف دعايته لحجب الحقائق حتى وان غدت ستائره شفافة. لذلك فان إدراك أبعاد مسألة الحجاب في تونس يظل متوقفا على النظر فيما وراء الحجاب… كثيرة هي العلامات الدالة على أن هذه الحملة، خريف 2006، لم تخرج عن نسق وأسلوب مثيلاتها التي عرفتها البلاد التونسية في مطلع التسعينات من القرن الماضي والتي استهدفت الإسلاميين وغير الإسلاميين من معارضي نظام الحكم. وحمل هذا التماثل إلى خشية بعض الملاحظين من أن تكون هذه الحملة تمهيدا لموجة جديدة من الإيقافات والملاحقات والمحاكمات كما كان الحال في السابق و كأن التاريخ يأبى إلا أن يعيد نفسه. فقد تحرك الحزب- الدولة بسائر آلياته ومن أعلى هرم السلطة أولا لتعم بعد ذلك حركة الحشد الاستعراضي للمواطنين و »مناضلي » التجمع الديموقراطي الدستوري (الحزب الحاكم في تونس) وملأ الخطاب الأحادي الأوحد ذو اللغة الخشبية فضاءات الاجتماعات و أعادت هذه الأجواء إلى الأذهان مناخ بداية التسعينات سيما وأن الخطاب التعبوي حافظ على كل مفرداته و نبراته وبدا دعاته في تماهيهم وكأن الواحد منهم يستنسخ الآخر. ولم تفوت بعض الأحزاب المعترف بها فرصة الانخراط في هذه الحملة واستنفرت كالعادة وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة لتعزف سيمفونيتها المعهودة لترقص على نغماتها أشباح الماضي… منذ ما يزيد عن الخمسة عشر عاما خلت كانت الدعاية الرسمية « المعادية » للمد الاسلا موي قد ركزت تحريضها على أن الخمار « لباس مستورد » لا يمت بصلة إلى » اللباس التقليدي التونسي الأصيل ». ولم يفت هذه الأصوات أن تؤكد على أن هذا اللباس له صبغة « طائفية » تدل على انتماء إلى « أقلية ضالة من المتطرفين ». وقد تسنى آنذاك للنظام القائم كبح جماح الحركة الاسلاموية بواسطة السياسة القمعية التي سرعان ما انسحبت على جميع المعارضين لخياراته بمن فيهم الأطراف الليبرالية. وبعد أن تباهى رموز النظام التونسي و في أكثر من مناسبة في المحافل الدولية باستئصال » التطرف » و »الإرهاب » من البلاد ها أنهم يعودون إلى نفس الاسطوانة. عودة بدا من خلالها من الوهلة الأولى هزال و اهتزاز الخطاب الدعائي الرسمي الذي اكتفى في البداية بالتركيز على الطابع « المستورد » للحجاب وكأن اللباس العصري من صنع أجدادنا. ويبدو أن الهيئات القائمة على الشأن العام في تونس توجست برهة من الزمن من « تسييس » هذه الجولة الجديدة من معركتها مع الإسلاميين وآثرت إدانة أنصار الخمار باعتماد قرائن  فلكلورية. ولما اتضح هزال هذه الأساليب لم تجد السلطة بدا من العودة الى عبارات « الزى الطائفي » وترسانة العبارات الأخرى المتقادمة… ولا يفوتنا في هذا السياق التشديد على الخلفية الاديولوجية و السياسية الواعية أو غير الواعية لارتداء الخمار في شتى الأقطار العربية والإسلامية. لذلك فالمسألة لا تدخل في رأينا في الحيز الحقوقي لـ »حرية اللباس » كما يدعو إلى ذلك البعض عن حسن نية أو عن تملق للتنظيمات الاسلاموية. على أننا نكتفي بهذا الاستطراد لنعود في مناسبة أخرى قد تحتم فيها المجادلة حول هذا الموضوع.
والذي يهمنا هنا في المقام الأول هو تبين الرفض الرسمي للتعاطي السياسي مع الظاهرة الاسلاموية وتفضيل المعالجة الأمنية لهذا الملف من طرف نظام يدعي المحافظة و الدفاع على المقومات التحديثية للمجتمع. ولا يقتصر هذا الرفض فقط على التفقير المدقع للخطاب السياسي المناهض للإسلاميين وحبسه في دائرة ماضوية عقيمة بل و خاصة على عدم الاعتراف بالحجم المفزع لاتساع دائرة التأثير الاسلاموي و النظر في أسباب هذه الاتساع.يكون من المفيد جدا ضبط النمو الكمي للوافدين الجدد على الشعائر الدينية لو توفرت الدراسات ولو سمح للبحث العلمي أن يتخطى هذه العتبات الممنوعة حتى يفيد البلاد والعباد. وعلى الرغم من هذه الهنات فان المتأمل في الواقع التونسي يمكنه أن يتبين بالعين المجردة الطفرة المذهلة للـ »متدينين » و »المتدينات » حسب التعبير التونسي والتي طالت جميع الطبقات والفئات والمناطق بدون استثناء. و مما يشد الانتباه أن هذا التضخم المشهود في عدد المتعبدين جد في فترة تعرضت خلالها حركة « النهضة » الاسلاموية إلى موجة قمع أضرت أيما ضرر ببنائها التنظيمي. لذلك فان اتساع الظاهرة المذكورة تم ظاهريا بصفة معزولة عن التعبيرية الاديولوجية و السياسية الأم للحركة الاسلاموية في تونس و التي تمثلها حركة  » النهضة » وريثة « الاتجاه الإسلامي ».
غير أن فك الارتباط التنظيمي هذا لا يعني أن هذه الظاهرة بريئة ومحايدة اديولوجيا وسياسيا أو ستظل كذلك على الدوام. ومما يسترعي الانتباه أيضا الطقسية الجماعية لهذه الظاهرة من خلال تنظيم اللقاءات و استغلال المناسبات في الأفراح و المآتم للدعوة إلى « التدين ». هذا فضلا عن البدع التي تروج خلال هذه اللقاءات حول « عذاب القبر » و « صلاة الاستخارة » وتبادل النصوص والكاسيتات المروجة لهذه المحتويات…. وبطبيعة الحال فان مزيد الإقبال على الخمار رغم وجود المنشور 108 الذي يحجر هذا اللباس يتنزل ضمن هذه الظاهرة العامة التي يمكن المجازفة  بنعتها  بـ » الاسلاموية الجديدة ». وتبقى هذه الظاهرة الاجتماعية في حاجة إلى أكثر من دراسة أنثروبولوجية قد تنير السبيل إلى رصد تداعياتها السياسية ولو بطريقة استباقية ما لم تتأكد علاقتها العضوية أو المباشرة بالمجال السياسي. والواقع أن وجوب الحذر في توصيف هذه الظاهرة لا يمنع من معاينة منشئها و سماتها العامة في علاقة بنوعية المناخ و التربة التي ترعرعت فيهما وهو ما تتجنب السلطة القائمة في تونس على لدوام الخوض فيه.ولا نضيف جديدا عندما نذكر بوطأة الأزمة الهيكلية العامة والتي ما انفكت تغذي لدى الشباب الشعور بالإحباط مع استفحال البطالة و انسداد الأفق، هذا فضلا عن التصحر الفكري والسياسي والثقافي الذي يتعهده النظام القائم. و يكفي أن نذكر في هذا السياق أن الحملة الأخيرة على الخمار تزامنت مع منع الفرقة المسرحية العتيدة « فاميليا » من عرض مسرحيتها « خمسون » التي تتناول موضوع مرور خمسين سنة على استقلال تونس. وعلاوة على ذلك فان السنين العجاف هذه قد شهدت تخريبا دائما لأطر الحوار الاجتماعي والفكري والسياسي التي تميزت بها تونس منذ القدم. وقد عششت في هذه الأطر شتى أرهاط البيروقراطية والوصولية والوشاية وكاد المجتمع يفقد مناعته وحسه النقدي بل والاحتجاجي ضمن الإطار الواعي و الحضاري و البناء. كما أصبحت أخبار و نوادر الفساد على كل لسان و استعصى التفريق بين الغث و السمين منها. فكيف يمكن لنتوء ظاهرة ما وسط هذه الأوضاع أن لا تحمل دلالة سياسية لا سيما بعد أن أرادت لنفسها أن تكون إسلامية والإسلام سياسي أو لا يكون. كما أن الإسلام السياسي يمثل أيضا المحيط الطبيعي لانتعاش الاسلاموية الجديدة بفضل الثورة التكنولوجية من ناحية و استفحال المظالم و الحروب العدوانية على الشعوب العربية من ناحية أخرى هذا فضلا عن اتساع مجال التطرف والجهادية السلفية والإرهاب المعولم. وقد جعل هذا الاكتساح الإعلامي من الصعب جدا بل ومن المستحيل على التونسيين أن يظلوا بمنأى عن الدعاية الإديولوجية والسياسية لعمرو خالد وبن لادن و الزرقاوي و حسن نصر الله وأحمدي نجاد… وأكثر من ذلك فان الدعاية لهذه الرموز الاسلاموية تأتي حتى من رحم النظام القائم نفسه وأجهزته الإعلامية، والا كيف نفسر صلف و مغالاة صحف الإثارة في الدفاع عن النظام القائم كلما تعلق الأمر بتصفية حساب تنظيم أو جمعية أو شخصية معارضة والتغني في ذات الحين ببطولات هذه الرموز الاسلاموية بدعوى « دعم المقاومة »؟ ولم يعد يخفى على أحد الابتزاز والتوظيف السياسي للمشاعر الدينية للتونسيين لصالح أطراف اسلاموية أجنبية من اجل ترفيع مبيعات الجرائد و تكديس الأرباح على مرأى ومسمع من أجهزة الرقابة والمصالح السياسية التي لا يمكن أن يخفى عليها في طاحونة من تصب هذه الازدواجية؟ فهل رأيتم فصيلا اسلامويا واحدا ممن تسبح بأسماء قادتهم صحفنا في تونس يقوم بالدعاية في الأوساط النسائية دون أن تكون عضواته ترتدين الخمار أو على الأقل تقبلن بحرية اللباس للمرأة المسلمة؟ يحدث كل ذلك و الأصوات الحرة للنخبة النيرة في تونس ممنوعة من التعبير عن آرائها ومحرومة من حريتها ومن تبوء مكانتها الطبيعية في هذا السجال الذي يتعلق بتقرير المصير. ولا نخال صيحة الفزع هذه على الرغم من الجهود المبذولة في الأوساط الرسمية لتقليصها إلا اعترافا ضمنيا بالفشل الذريع لأسلوب المعالجة الأمنية. وعبثا تسعى السلطة السياسية إلى حصر المسألة في قضية الخمار فان ذلك لن يحد من خطورة المأزق الذي آل إليه الوضع في علاقته بالملف الاسلاموي. وبما أن التاريخ لا يعيد نفسه فان جوهر التناقض حول هذا الموضوع قد تغير بصفة خطيرة بين الأمس و اليوم. بالأمس، طرحت مسالة الخمار في علاقة بنصيرات وعضوات « الاتجاه الإسلامي » ثم « النهضة ». أما اليوم فالظاهرة توسعت بصفة غير مسبوقة واتخذت صبغة مجتمعية بل و لم يعد بوسع النظام القائم أن يدين طرفا سياسيا معينا بوصفه مسئولا عنها. لذلك فان التناقض أصبح بين الدولة و فصائل عريضة من المجتمع تشمل على ما يبدو حتى أفواجا من منخرطي الحزب الحاكم نفسه الذين جرفهم سيل الاسلاموية الجديدة. وفي ظل شمولية النظام القائم و انعدام الحوار الحر و طغيان الأحادية فان الأوضاع قد تؤول إلى معضلة حقيقية. ذلك أن بقية القطاعات المجتمعية التي ترفض المعالجة الأمنية للقضايا العامة والتي تنتصب على طرفي نقيض من السلطة والحركات الاسلاموية وتتطلع إلى مشروع مجتمع يناهض الاستبداد بشتى أشكاله ستظل مواقفها مصادرة وآراؤها غير مسموعة لا لشيء إلا لأنها ترفض الانخراط في لعبة المضاربات السياسية الممتطية للدين. وبم أن هذه المضاربات قد تؤدي إلى متاهات خطيرة على مستقبل البلاد و العباد فانه يتحتم على كل القوى النيرة أن لا تنسحب من الصراع القائم حاليا حول مسالة الخمار ولا من غيرها من المسائل المصيرية. لان هذه القوى هي الوحيدة القادرة على تحويل المعركة من معركة أمنية أو تكفيرية إلى معركة فكرية ترتقي من خلاها إلى اقتراح العقلانية كمنهجية للتقدم بالوعي الجمعي ومعالجة معضلات المجتمع. ومهما يكن من أمر فان المرجعية في حل الخلاف القائم حاليا حول مسالة الخمار وفي علاقته بالمسألة الاسلاموية لا يمكن أن تكون غير دولة القانون الملتزمة بالحياد، وهي ولا يمكنها أن تضمن هذا الحياد ما لم يتم فصل الدين عن الشأن السياسي. (*) كاتب من تونس (المصدر: موقع « الأوان »، شهر ماي 2007) الرابط: http://www.alawan.com/index.php?option=com_content&task=view&id=32&Itemid=4  


بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين الرسالة 238  تونس في 25/05/2007

ذكرى معركة رمادة 1958

رسالة مفتوحة للتاريخ إلى السيد وزير الدولة الناطق الرسمي بإسم رئيس الجمهورية  موضوعها العناية برسائل المواطنين و إبلاغها إلى رئيس الدولة.

 
بقلم محمد العروسي الهاني أواصل على بركة الله و عونه الكتابة حول مشاغل الناس و تحقيق طموحاتهم و العناية برسائلهم و العمل على إبلاغها إلى سيادة الرئيس الجمهورية بصفته الساهر و الضامن للقانون و المسؤول الاول على تحقيق العدالة الاجتماعية و إنصاف المواطنين و الإصغاء إليهم عندما يضعف دور الهياكل و الاجهزة أو يقع تقاعس و عدم العناية بمشاغل المواطنين والإصغاء إليهم . سيادة وزير الدولة كما اشرت في رسالتي الأخيرة المفتوحة المؤرخة في 24/05/2007 إلى سيادة الرئيس بصراحة ووضوح وشفافية و ذكرت فيها بكل صدق و أمانة و صراحة بعض المواقف الجريئة و الشجاعة التي إتخذها لفائدة وصالح المواطنين وقد عالج سيادته عديد القضايا من خلال إطلاعه على رسائل المواطنين و مشاغلهم التي لا يستطيع مسؤول حلّها أو ألإصغاء إلى خلجات المواطن وقد اعطيت 10 عينات التي عشتها شخصيا و منها خمسة عينات حيّة للتاريخ وقد كاتبت فيها سيادته ووجدت الدعم و العناية و الرعاية و الاهتمام من لدن سامي سيادته و في ظرف وجيز للغاية تحققت الأهداف و المطامح . هذا حصل بين عام 1992 إلى عام 2000 كل الرسائل التي ترد على رئاسة الجمهورية تجد الآذان الصاغية و ما اشرت إليه في الرسالة المفتوحة رقم 14 إلى سيادة الرئيس كان واقعيا و تحقق على أرض الواقع و من طبيعتي لا أجامل و لا أرمي الورود و الكلمات المعسولة و لكن تعلمت في كلية حزب بورقيبة الصراحة و الوضوح و قول الحق و نقول للمحسن أحسنت… سيادة وزير الدولة إنّ إبلاغ الرسائل و مشاغل الناس و همومهم و مقالاتهم في الصحف و تدخلاتهم أحيانا في برامج إذاعية ولو كانت المساحة صغيرة و الكلمات محسوبة و تراقب ويلعب المقص دوره كما ينبغي و لا فائدة في ذكر اشياء حول الإعلام وقد كتبت في هذا الموضوع أكثر من 15 مقال و نأمل أن يتطور الإعلام في بلادنا… نعود إلى إبلاغ الرسائل إلى مكتب سيادة الرئيس كما حصل من 1992 إلى 2000 كل الرسائل يطلّع عليها أو جلّها و يكفي ما ذكرته في الرسالة المفتوحة يوم 24/05/2007 لسيادته و اليوم من 2000 إلى حدّ كتابة هذه الرسالة إلى أخوّتكم كتبت شخصيا 14 رسالة مفتوحة نشرت عبر الأنترنات في ظرف عامين من 2005 إلى 2007 و 7 رسائل عادية على جناح السرعة البريدية و الفاكس من 2000 إلى 2007 لم اظفر لحد اليوم بإجابة واحدة و كل المواضيع تهم المصلحة العامة سوى مقترحات حول تطوير الحياة السياسية ، و دعم و تطوير هياكل التجمع و قضية الحوار و الديمقراطية داخل هياكل التجمع، و الوضع الإجتماعي، و حالات تهم بعض الجهات و موضوع التنمية، و الإصغاء إلى مشاغل المواطنين و قضاياتهم وحاجيات مناطق الظل و قضية التشغيل و ما أدراك ما التشغيل و مواضيع شتى منذ عام 2000 لم اسمع برسالة من 21 رسالة وقع الاهتمام بها و الإجابة بالإنجاز و تحقيق ما تضمنته الرسالة كما اشرت في العينات السابقة 5 رسائل بعثتها كان لها الصدى و الإهتمام البالغ من لدن سيادة الرئيس و لماذا اليوم تغيرت الأوضاع في الأمر سرّ و في الأمر لغز لم لأفهمه رغم أني متخرج من كلية حزب بورقيبة… و تحملت مسؤوليات عديدة و رضعت حليب الوطنية منذ الطفولة. سيادة وزير الدولة و الله لا شىء أجمل من إبلاغ الامانة و لاشىء في الحياة اسمى من راحة الضمير و لا شىء أنبل من الثقة و الأمانة و لاشىء أعظم من الصدق و النية الطيبة و لاشىء أعمق من مساعدة رمز الدولة و إعانته على الخير و اعتقد لو إطلّع الرئيس على رسائلنا و الله لن يبخل أبدا على أخذ القرار كما فعل من عام 1992 إلى 2000 لذا نرجوكم بوصفكم الرجل الثاني في القصر الرئاسي أن تولوا كل العناية لرسائلنا . قال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله و قولوا قولا سديدا . صدق الله العظيم. سيادة وزير الدولة، إنّ إخفاء الرسائل على سيادة الرئيس يترتب عليه أشياء عديدة منها حرمان 87 أسرة من تزويدها بالماء الصالح للشراب في منطقة الحجارة التي أذن سيادة الرئيس بإيصال الماء الصالح للشراب للمنطقة عام 2000 و تخلفت 87 عائلة و يترتب عليه تعطيب الطريق و إفساده دون إصلاح منذ 3 أعوام بالحجارة، و يترتب عليه إنتشار البطالة في صفوف حاملي الشهائد العليا… و يترتب عليه عدم تلبية تحويل مدرسة إبتدائية إلى مدرسة الإعدادية محل مطالب لسيادة الرئيس لدعم منطقة الظل وفعلا إخفاء الرسائل و عدم إبلاغها إلى سيادة رئيس الجمهورية إنجرّ عنه ضرر في مصالح المواطنين ولو بلغت الملاحظات و الرسائل في حينها ما تردد رئيسنا في أخذ القرار كماعودنا من عام 1992 إلى 2000 ولو يسمع سيادته بأن هناك وعود لتشغيل حاملي الشهائد العليا من منطقة الحجارة منطقة الظل تم وعدهم ولم ينجز الوعد و الله برقية الرئيس تصل في مساء اليوم الذي يعلم فيه سيادته لأنّه صاحب حسّ  مرهف وقلب كبير : سيادة وزير الدولة، بالله أفتحوا الابواب و بلغوا الرسائل في الإبان و إتركوا الأمر لرمز البلاد. قال الله تعالي : و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون على المنكر و أولائك هم المفلحون. صدق الله العظيم. ملاحظة هامة : هل موضوع الأخ المناضل فتح الدين البودالي تمّ علاجه و تحصل على حقوقه. وهل تمّ معالجة ملف السيد عبد العزيز السهيلي المعتمد السابق و هل تمت الإستجابة لطلب التأشيرة القانونية لبعث جمعية الوفاء للمحافظة على التراث البورقيبي أم كل الملفات نائمة و لم تصل إلى قلب رئيسنا، وهل بعد مقابلة الاخ جعفر الأكحل من ولاية المنستير هل ستتم مقابلات أخرى لبعض الوجوه المناضلة التي لها دورها. و الله الهادي إلى سواء السبيل  

 

« كومار » و جوائزها: الأجوبة المحرجة!

تضمنت صحيفة  » الصريح » اليومية بعددها الصادر السبت 5 ماي الجاري مقالا بعنوان  » كومار وجوائزها: الأسئلة المحرجة! » لمدير مجلة » الملاحظ  » الأسبوعية الأستاذ أبو بكر الصغير. وقد بدا صاحب المقال متحاملا على لجنة التحكيم التي تم اختيارها لإسناد جائزة « كومار » نهاية أفريل المنقضي.
السيد أبو بكر الصغير ممتعض من شيء « مهم للغاية » وهو عدم إصغاء المسؤولين لرأيه « الهام » فيما يخص » لجان تحكيم الجائزة » إذ يقول :  » فعلى الرغم مما سبق أن كتبته في هذه المساحة تحديدا حول لجان تحكيم الجائزة,وعدم صواب الاختيارات, وكذلك الملاحظات النقدية البناءة الكثيرة المتكررة التي أبديت في شأن هذه الجوائز… » تكمن  خطورة مقال الأستاذ أبو بكر الصغير فيما ادعاه من تهم وجهها للروائي الشاب كمال الرياحي الحاصل على الجائزة الأولى في الرواية وطالت تهمه أعضاء لجنة التحكيم وهو ما دفعني إلى الرد عليها الواحدة تلوا الأخرى:
يقول صاحب المقال حول أسباب إسناد جائزة كومار للروائي كمال الرياحي « إن السيد كمال الرياحي  مسجل في الدكتوراه الموحدة بإشراف رئيس اللجنة وهو الأستاذ محمد القاضي ». وأنا أتحدى صاحبنا في أن يثبت بأي دليل لديه صحة ما يقول فكمال الرياحي غير مسجل بالمرة في شهادة الدكتوراه. أما الادعاء الثاني فهو » أن الرواية التي شارك بها السيد كمال الرياحي قدمها له السيد صلاح الدين بوجاه رئيس اتحاد الكتاب التونسيين. وهذا الأخير كان قد عين منذ بضعة أشهر السيد محمد القاضي رئيس تحرير لمجلة « المسار » وفي هذه النقطة ضرب لمصداقية كل من رئيس اتحاد الكتاب وممثلهم المنتخب وللأمانة العلمية للأستاذ محمد القاضي الذي يمثل أحد رموز الأدب والنقد الأدبي في تونس وخارجها ولو كنت مكان أحدهما لكان موقفي قائما على الحق في استرداد الحق تجاه هذا الادعاء.
الادعاء الثالث لصاحب المقال وهو » إن السيد كمال الرياحي مراسل لمجلة عمان الأردنية وقد سبق له أن أجرى محاورات مع السيدين محمد القاضي وصلاح الدين بوجاه كما نشر عنهما مقالات مدحية ». وفي الرد على هذا الادعاء أقول لصاحب المقال أني من قراء مجلة عمان بانتظام وأنه لم يحصل ما ذكره بالمرة إذ لم يجر كمال الرياحي أي حوار لامع بوجاه ولا مع القاضي.
أما الادعاء الرابع فهو » إن السيد كمال الرياحي مشرف على نادي السرد باتحاد الكتاب التونسيين. وقد كلف بتلك المهمة غير المجانية مكافئة له على ما كتبه بالمجلة المذكورة » وفي هذا الصدد أرد على صاحب المقال لأعلمه أن كمال الرياحي ليس من الذين يكتبون المديح بغرض التكسب لا من الغرب ولا من الخليج العربي كما أنه غادر نادي السرد منذ عام أو ما يزيد أي قبل صدور روايته » المشرط  » الحاصلة على الجائزة الأولى لمؤسسة كومار.
هذا بالإضافة إلى أن هذا الروائي الشاب والذي « لم ترسخ قدماه بعد في دنيا الإبداع الروائي » قد شرّف الرواية التونسية في كل المحافل العربية و الدولية وكان عنوانا كبيرا يدافع عن اسم بلاده بما كتبت أنامله النظيفة من الأجور المدفوعة عن مقالات ومواقف مشبوهة. كمال الرياحي راسخ بذهنه الوقاد وذكائه في العمل الإبداعي الروائي. أقول هذا وأنا على علم بأن الطبعة الأولى من الرواية  » المشرط » قد نفذت من المكتبات وفي انتظار الطبعة الثانية آلاف من القرّاء. وأقول هذا لا دفاعا عن شخص بقدر ما هو انتصار لهذا الجيل الذي تزايد عليه أطراف مختلفة وعديدة تريده أن ينحرف عن مهمته إزاء التاريخ ليلتحق بركب فوكوياما وصموائيل هنتنغتون. « المشرط » طبعت في دار الجنوب وفي سلسلة  « عيون المعاصرة » التي يديرها أحد أعمدة النقد الأدبي العربي الأستاذ  توفيق بكّار والذي أعجب بالرواية أيمّا إعجاب. فهل يفهم الصغيّر في الأدب أكثر من توفيق بكّار …! كلمة الختام: » لا تقذف بالحجارة إلا الأشجار المثمرة ». الصحبي صمارة (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 20 بتاريخ 23 ماي 2007)  


التقرير الأمريكي حول حقوق الإنسان في العالم

نحن أولى بتقييم حالنا…

أبو فيروز صدر التقرير الأمريكي، الذي أعدته منظمة « فريدم هاوس »، حول حقوق الإنسان في العالم لسنة 2006 و الذي تضمن بابا خاصا ببلادنا تم من خلاله تسجيل ما أعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان في عديد المستويات. ولا يهمنا هنا عرض التقرير و  ما جاء فيه لأن مادته تناثرت على طول السنة من خلال بيانات الهيئات التونسية و الأجنبية المعنية بحقوق الإنسان و المتابعة لشأننا الداخلي. فليس في التقرير أمر جديد أو غائب عنا، لم يبلغنا عنه خبر، أو لم نسجل فيه مواقف جملة الأطراف المعنية. إن التقرير في حد ذاته مهم  بقطع النظر عن درجة مصداقيته أو الجهة التي أصدرته، ذلك أن تقريرا من هذا القبيل يمكن أن يكون وثيقة لمناقشة وضعية حقوق الإنسان و تشخيص حال الحريات الفردية و العامة. و يمكن أن يكون منطلقا لمراجعة جدية، و للمطالبة بجملة من استحقاقات مواطنينا. غياب أي تقرير تونسي صادر عن هيئة وطنية:
لم تُصدر أي هيئة وطنية تقريرا حول وضعية حقوق الإنسان ببلادنا رغم أننا لو جمعنا مدونة البيانات التي صدرت عن الجمعيات التونسية لأمكن إعداد ملف هام، لعله لن يتجاوز في مجمل عناصره التقرير الأمريكي الذي اطلعنا عليه و لكنه سيكون تقريرا تونسيا، و بقطع النظر عن دقة المعطيات التي تصدر كل يوم فإنها جديرة بالنقاش. و نعتقد أن غياب تقرير تونسي من هذا القبيل يعود إلى تعطل نشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان التي تعتبر المنظمة الأقدر على صياغة تقرير سنوي شامل لما لها من كفاءات و تقاليد في مجال رصد انتهاكات حقوق الإنسان. و لعل المجلس الوطني للحريات من أكثر المنظمات التي أصدرت بيانات على أكثر من صعيد و لكن وضع هذا الهيكل غير القانوني لا يسمح له بتوفير إمكانيات تنفيذ هذا المشروع و جملة النصوص التي أصدرها يمكن أن تشكل مدونة مهمة بقطع النظر عن صدقية كل المعطيات فهذه مسألة يتطلب الاشتغال عليها مختصين و عملا ميدانيا مهما و تشريكا لعدد مهم من نشطاء حقوق الانسان. التقرير الأمريكي لم يهمل الجانب التشريعي:
تحيل ديباجات أغلب نصوص الجزء الخاص بتونس من التقرير الأمريكي إلى التشريعات القانونية التي تكفل هذا الحق أو ذاك، و للأمر دلالة مهمة، ذلك أنه يؤكد أن التشريعات التونسية تكفل أغلب الحقوق السياسية و المدنية و الاجتماعية و غيرها، و لكن المشكل قائم في تجاوز المؤسسات الرسمية قبل غيرها لجملة التشريعات، و كأن في الأمر نداء لتطبيق القوانين التونسية لضمان حقوق الجميع و حرياتهم. و هذا أمر معلوم لدينا ذلك أننا لا نعدم ضمانات قانونية للدفاع عن الحقوق المدنية و السياسية و كذلك الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و لكننا نفتقر إلى المؤسسات التي من شأنها ضمان تطبيق تلك التشريعات، و كأن بعض المؤسسات وجدت لخرق التشريعات و تجاوز القانون لا لتطبيقه. تنوع مصادر المعلومة في التقرير و الوجهة واحدة:
رغم أن المتثبت في التقرير يلاحظ أن هناك تنوعا في مصادر المعلومة لأجل صياغة هذا التقرير ذلك أن المتتبع يجد في كل مرة ما يحيله لما سبق و أن اطلع عليه طيلة السنة الفارطة من نصوص تتعلق بهذا المجال، و لكن الوجهة العامة تتجه نحو إدانة الإدارة التونسية في أغلب المستويات، ربما لأن أغلب ما جاء في التقرير جمع لما تناثر من مصادر مختلفة، و تأليفه بشكل مترابط و متماسك و علمي، و هذا ليس غريبا على مؤسسة ذات اختصاص في الميدان. و في كل الأحوال ليس هناك ما ينبهنا لاعتماد على مصادر رسمية، أو وجهة نظرها بخصوص جملة النقاط التي تم التعرض إليها. الرد الرسمي ضروري و لكنه غير متوقع:
يبدو ضروريا أن تصدر الجهات الرسمية ردا و لو مجملا و غير تفصيلي على مضمون هذا التقرير حتى تتسنى المقارنة و يمكن قراءة الوضع العام للحريات و حقوق الإنسان بشكل واضح تتوفر فيه أكثر من وجهة نظر. و نعلم أن ردا مماثلا سيكون بمثابة رسالة دفاع على خيارات السلطة و تفنيدا لما سيعتبر إدعاءات. و هناك العديد من النقاط التي نعرف سلفا رأي السلطة فيها كلما ردت بالتزامن مع مواقف أطراف تونسية إرتباطا ببعض الأحداث و عند بروز أحد الملفات، و لكن هذا غير كاف، لأن الرد على نص جامع يكون بنص جامع لتبين تفصيلات المواقف في كل نقطة من النقاط المعروضة. و  نستبعد أن تصدر الإدارة التونسية ردا على مضمون هذا التقرير لأنها ستحاول تفادى جدل قد يورطها في تثبيت جملة من التهم التي وجهت إليها، كما أنها لن تستطيع التبرير بمنطق أن المصلحة العامة اقتضت جملة من الإجراءات الاستثنائية بخصوص أفراد أو هيئات، أو أن المسائل قانونية و قضائية، أو داخلية لا علاقة للسلطة بها (رابطة حقوق الإنسان، جمعية القضاة…).   التقرير الأمريكي ليس تدخلا أجنبيا:
لا نعتقد أن هذا التقرير يمكن اعتباره تدخلا في الشأن الداخلي لما نؤمن به جميعا، و ما تؤكد السلطة نفسها تبينها له، من كونية حقوق الإنسان. فللأمريكيين أو غيرهم حق التصريح بما يعتقدون في هذا المجال و للتونسيين على المستوي الرسمي أو الشعبي الرد على ذلك بتبنيه أو تفنيده. كما أن لنا الحق في الملاحظة و التشهير بكل انتهاكات لحقوق الإنسان التي تصدر عن الادارة الامريكية، وهي كثيرة خاصة خارج أراضيها. و أمريكا لم يعد لها أن تعطى الدروس بعد أن تجاوزت إدارتها الحالية كل الحدود و سجلت خروقات هي الأكثر سوءا في التاريخ الحديث خاصة على أرض العراق الشقيق. و نعتقد أنه من الضروري القيام بفصل منهجي بين مصدر التقرير و نص التقرير و عدم الادعاء بأن الجهة التي أصدرته ليس مخولا لها الحديث عن حقوق الانسان، يجب أن نتعامل مع النص و نتثبت فيما جاء فيه من معطيات. ليس هناك هيئة تونسية قادرة على صياغة تقرير مماثل:
إن شكل التقرير و خطاب صياغته يدل على حرفية عالية فمهما كانت خطورة المعطيات لا يحيل المحرر على موقف مباشر أو معلن. و رغم أننا لاحظنا خلال السنوات الأخيرة تطورا في خطاب الهيئات التونسية المعنية بمسألة حقوق  الإنسان حيث أصبحت تحرص على عرض الأحداث و الوقائع و تقديم القرائن القانونية التي تؤكد وقوع انتهاك لحقوق الإنسان، فإن انفلاتات دائمة تذهب إلى الخطاب المتشنج الذي يفسد أصل اشتغال هذه الهيئة الحقوقية أو تلك. و الأخطر من ذلك أن التوظيف السياسي المباشر لم يخل من طريقة اشتغال أغلب الهيئات التونسية المعنية بمسألة حقوق الإنسان. و من ناحية أخرى، و رغم تأكيدنا على أهمية التقييم الوطني لهذا الملف فإننا نجزم أن تقريرا مماثلا، خاصا بتونس، يصدر عن جهة تونسية، ستكثر بخصوصه الاحتجاجات و سيقع التشكيك في مصداقيته مهما كانت درجة موضوعيته.  (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 20 بتاريخ 23 ماي 2007)

في عرس الذيب لجيلاني السعدني: تنجو الذئاب القوية فيما تسقط الواهنة منها في الفخاخ المنصوبة لها تباعاً

 
عدنان حسين أحمد ضمن برنامج كرافان السينما العربية ـ الأوروبية الذي يسبق فاعليات مهرجان الفيلم العربي في روتردام في دورته السابعة قررت اللجنة التنظيمة التي يشرف عليها كل من د. خالد شوكات والاستاذ انتشال التميمي عرض (12) فيلماً روائياً ووثائقياً طويلاً وقصيراً علي مدي ثلاثة أيام في العاصمة الهولندية أمستردام. وفي الدراسة الآتية قراءة نقدية لفيلم عرس الذيب للمخرج التونسي المعروف جيلاني السعدي الذي يحاول مع نخبة من أقرانه التأسيس لسينما تونسية جادة ومتفردة وذات بصمة فنية خاصة بها. ومن بين الأفلام المنتخبة لهذا الكرافان نذكر ظلال الليل للمخرج الجزائري ناصر بختي، و ليالي هبوط الغجر للعراقي هادي ماهود، و في. أج. اس كجلوشة للتونسي نجيب بالقاضي.

يسعي المخرج التونسي جيلاني سعدي لترسيخ تجربة سينمائية مغايرة، وجريئة. فقد سبق له أن أنجز فيلمين قصيرين وهما المساومة الليلية 1994، و مقهي نزل المستقبل 1997، إضافة الي فيلمه الروائي الطويل الأول خورما الذي أنجزه عام 2003 ونال إثره شهرة طيبة وضعته في مصاف المخرجين التونسيين الشباب المندفعين نحو تأسيس سينما تونسية جادة ومتفردة ببصمتها الخاصة، ونكهتها المحلية حتي وإن أفادت من الواقعيّة الإيطالية ومدرسة دوغما ـ 95 كما يذهب الناقد بيار أبي صعب في إشارته الذكية لرفض المنمقات الأسلوبية، واعتماد البساطة في الديكور . يأتي فيلم عرس الذيب تتويجاً لمسيرته الفنية القصيرة. وقد تعرّض هذا الفيلم الي الكثير من الدراسات النقدية التي تمجّده تارة، وتنال منه تارة أخري. وللوقوف علي طبيعة هذا الفيلم من الناحيتين الفنية والفكرية لا بد من تشريح ثيمة الفيلم أولاً، وتفكيك منظومة البنية الفكرية له أسلوبياً وجمالياً. قاع المدينة القديمة اختار المخرج جيلاني السعدي المدينة القديمة مسرحاً لأحداث فيلمه المعنون بـ عرس الذيب وقد منح الفيلم عنواناً آخر بالإنكليزية وهو Tender is the wolf ويعني رقيق هو الذئب غير أن المعني الدقيق هنا هو ضعيف أو واهن أو هش أو قابل للكسر، أو محب أو حنون أو ناعم هو الذئب الذي ظهر أمامنا في هذا الفيلم طالما أنه ينتمي الي مجموعة من الذئاب البشرية التي تفترس كل يوم ضحية جديدة من أبناء وبنات الحي القديم في العاصمة التونسية التي تمثل القاع الساخن لهذا البلد الذي لم ينصف مواطنيه، ولم يفتح لهم أبواب الأمل والعمل والحياة الحقيقية التي تليق بالشباب في أي مكان من هذا العالم المليء بالتناقضات. احتج البعض نقاداً ومشاهدين تونسيين علي أن الفيلم لا ينتمي حقيقة الي الواقع التونسي رغم إقرارهم بأن حادثة الاغتصاب يمكن أن تقع في أي بلد في هذا العالم غير أن لا وعيهم الجمعي العميق لا يحبِّذ أن تكون تونس مسرحاً لهذه الواقعة التي تجرح أحاسيسهم الداخلية العميقة. ومع أن القاع في أي مدينة في العالم يشهد كل يوم مئات وربما آلاف الحوادث التي تنتهك أعراض أناس شرفاء أو من الضحايا الذين نصفهم ظلماً وجوراً بصفات منحطة ولا أخلاقية، إلا أن هؤلاء المعترضين فضلّوا الاعتراض علي ثيمة الفيلم ومناوأة فكرته الأساسية التي وجدوا فيها تجنياً علي أخلاقية المجتمع التونسي الذي لا يستحق هذا التلويث المتعمَد لردائه الأخلاقي الأبيض. تعدد الثيمات والمحاور لا بد من الإشارة الي أن نسبة غير قليلة من المخرجين العرب هم الذين يكتبون سيناريوهات أفلامهم الروائية أو الوثائقية، وربما لا يجد بعضهم حرجاً في التصوير والمونتاج وما الي ذلك من أمور فنية وتقنية تحت حجج وذرائع شتي، في حين أن واقع الحال يتطلب التخصص. فحينما يكون المُنتِج شخصاً آخر فإنه سيرمي ما لا حاجة به فنياً الي سلّة المهملات، بينما يجد المخرج الذي صور الفيلم بنفسه صعوبة في اقتطاع العديد من المشاهد التي بذل فيها جهداً كبيراً ومضنياً بحسب اعتقاده، لذلك فإن مقصه لا يكون قاسياً في هذه الحالة، بينما يفعل العكس لو كان المونتير شخصاً ثانياً. كتب قصة هذا الفيلم المخرج جيلاني السعدي نفسه، ولذلك فقد ظل أميناً علي أطروحاته الفكرية، ووفياً لقناعاته الخاصة التي لا يري فيها عيباً أو زللاً، أو تجنياً علي الحقائق.

لا يقتصر هذا الحرص علي القناعات وحدها، وإنما يمتد ليشمل الجوانب الفنية والتقنية برمتها. فالفيلم من وجهة نظره يعالج ثيمات عدة لعل أبرزها بحسب المساحة التي شغلتها في الفيلم هي ثيمة الاغتصاب و البطالة و العنف الأسري والاجتماعي و التشرد و التمرد وما الي ذلك. لنبدأ بالعنوان الذي انضوي تحت دلالة إشكالية مركبّة وهي عرس الذيب فأي من الذئاب البشرية نستطيع أن نحيل إليه العرس، هل نحيله الي الذئب الجريح الذي لم يعتدِ علي المومس الراقصة، ولم يلمسها إلا لاحقاً بعد أن أحبها، ومارس معها حباً لم ترفضه؟ أم أن الذئاب الأخري هي التي أقامت عرساً جماعياً علي ضحية واحدة وجدت نفسها في لحظة غامضة بين مخالب شهواتهم الآنية التي لا ترحم؟ ومع امكانية قبول الاحتمالين، إلا أن الإحالة الأولي هي أقرب الي الحقيقة لأنه في عالم الذئاب يدفع، الذئب الأضعف أو الأرق أو الأكثر هشاشة، ثمناً فادحاً وغالياً، لأن الذئاب القوية المتجبرة تنجو بجلدها غالباً، فيما تقع الذئاب الضعيفة الواهنة في كل الفخاخ المنصوبة لها تباعاً. وهذا هو التفسير الأكثر عقلانية في سياق النص الفكري والبصري الذي شاهدناه ولمسناه لمس اليد. فصطوفة محمد قريع هو شاب تونسي عاطل عن العمل، ولا يزال يعتمد علي والده في تحصيل مصروفه اليومي.

وقد اشتبك مع والده في مشادة كلامية ترك إثرها المنزل ليلتحق بأصدقائه المشردين الذين ينتمون الي القاع الاجتماعي ذاته حيث كانوا يشربون البيرة علي قارعة طريق في حي شعبي يتوسط المدينة القديمة. وحينما تأخذهم نشوة الخمر يمسكون بـ سلوي التي تقمصت شخصية المومس الراقصة بإتقان عالٍ الفنانة أنيسة داوود ويغتصبونها تباعاً من دون أن يتدخل أي من أفراد الحي القديم وكأن ما يحدث مسألة عابرة وعادية لا تستحق العناء والاهتمام. وعلي الرغم من أن صطوفة حاول منعهم غير مرة، إلا أنه تعرّض للضرب والإهانة والتقريع. وحينما تقرر سلوي الانتقام من هذه الشلة لا تستثني صطوفة الذي دافع عنها، وتعاطف معها، غير أن نظرية الذئب الأضعف التي يؤمن بها جيلاني السعدي هي التي تحققت وسادت في سياق النص البصري. فلقد دفع صطوفة الثمن غالياً حيث هجم عليه عصبة من الشباب يقودهم شقيق سلوي المجرم، وأشبعوه ضرباً ولكماً، ثم خلعوا ملابسه، وقذفوا به فوق أكداس النفايات ليلتقطه بعض المارة ويحملونه علي عربة خضار الي المستشفي عارياً إلا من لباسه الداخلي. وفي المستشفي يرفض صطوفة الكلام، وحينما تسنح له أول فرصة يهرب من المستشفي عارياً في شوارع الحي القديم حتي يصل الي منزله، ويرتدي ملابسه مقرراً الانتقام من سلوي. وفي الليلة ذاتها يذهب الي الملهي الليلي الذي تغني وترقص فيه. وبالفعل يتمكن من خطفها وحبسها في شقة عارية من الأثاث تقريباً، غير أن اللافت للنظر هو تفجر علاقة حانية غير متوقعة بينه وبين سلوي تفضي الي ممارسة الحب عن قناعة. وفي خضم التواصل الجنسي يطلب صطوفة الزواج منها، وهو ما لا تريده سلوي التي اعتادت علي حياة الرقص والغناء والمتاجرة بالجسد. وفي الصباح تنسي سلوي عرضه السخي للزواج منها والهروب الي جزيرة (Cap Vrede) كي يحتسي الروم ويشوي السمك ويستمع إلي سيزاريا ايفورا. أما بقية أفراد العصابة فكل ينال حصته من الضرب المبرح والإهانة اللهم إلا الكائن الأمهق أو الأشهب حيث يؤنبه ضميره ويقرر إلقاء نفسه تحت عجلات القطار غير مرة، لكن صديقه صطوفة ينقذه في اللحظة المناسبة، ويعلن توبته من الإثم الكبير الذي ارتكبه هذا الألبينو الذي يشبه خروفاً أسود في قطيع أبيض.

جرأة الفنانة أنيسة داوود سبق لأنيسة داوود أن اشتركت في فيلم هي وهو للمخرج الشاب ألياس بكار، ولم تجد حرجاً في أن تؤدي بعض الأدوار الساخنة فيه، وهي أدوار إيروسية تتطلبها ثيمة الفيلم ضمن سياقه البنائي العام، أي أنها ببساطة لم تقع في فخ الإغراء أو العري أو الجنس المبتذل. وقد تكررت هذه التجربة في عرس الذيب أيضاً. فمشهد الاغتصاب لم يكن تفاديه إلا بالطريقة التي تكشف وتدين عملية التناوب في اغتصابها وانتهاكها في منتصف الليل، كما لم يستطع المخرج أن يتفادي مشهد التواصل الجنسي الذي حدث برضاها مع صطوفة الذي وقع في حبها من دون مبررات مشجعة أو مقنعة لهذا الحب الذي انفجر من دون سابق إنذار. ومما يؤاخذ عليه المخرج في هذا الفيلم هو المبالغة في العديد من المواقف أبرزها نقل صطوفة علي عربة خضار لمدة طويلة من الزمن كان يمكن تفاديه بلقطة موحية واحدة. كما أن مشاهد الرقص والغناء كانت طويلة ومملة ولا تحتاج الي هذا الإسهاب لكي يدرك المشاهد أنه في ملهي أو علبة ليل. وربما يكون رأي الناقد أمير العمري دقيقاً جداً حينما وصف الكثير من لقطات ومشاهد الفيلم بـ الثرثرة البصرية اللامبررة والفائضة عن الحاجة. كاتب من العراق يقيم في امستردام
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 ماي 2007)

 


كوشنير في بيروت اليوم لتأكيد تضامن فرنسا مع لبنان

 
2007/05/26 بيروت ـ القدس العربي ـ من سعد الياس: استمرت المشاورات حول الوضع في مخيم نهر البارد والتقي رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة لليوم الثالث علي التوالي ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي، في حضور رئيس لجنة الحوار اللبنانية ـ الفلسطينية السفير خليل مكاوي.واكتفي زكي بعد اللقاء بالقول: نحن مستمرون في العمل بآلية المعالجة التي توافقنا عليها مع الحكومة وقيادة الجيش، وسنتابع لقاءاتنا بعيداً عن الإعلام . واعتبر المكتب الاعلامي للرئيس السنيورة ان هناك من حاول ويحاول بث الفرقة بين الشعب اللبناني والدولة اللبنانية من جهة والشعب الفلسطيني من جهة أخري، لكن هذه المحاولات فاشلة ولن تتمكن من النجاح .

وقال: ان الفصل بين الشعب الفلسطيني المقيم في لبنان والمنظمة الإرهابية التي ارتكبت جريمة الاعتداء علي الجيش اللبناني هو فصل قائم، ولا يحاول احد تعميم صورة مشوهة هدفها القول ان الدولة اللبنانية تستهدف الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين في المخيمات .اضاف ان الدولة اللبنانية وقواها الأمنية لن تتسامح او تتهاون مع أي عمل إرهابي او منظمة إرهابية لكن الدولة اللبنانية ستقوم وعبر مؤسساتها وبنفس القوة باحتضان إخواننا وضيوفنا من الشعب الفلسطيني المقيم في لبنان، لان الهدف في النهاية إنهاء ظاهرة فتح الإسلام التي يشكل ظهورها وعملها وجرائمها الاعتداء الأكبر علي الشعبين اللبناني والفلسطيني. واطلع الرئيس السنيورة ممثل منظمة التحرير في اجتماعه علي الإجراءات التي تتخذها الحكومة لحماية اللاجئين الفلسطينيين والنازحين من مخيم نهر البارد كما وضعه في صورة إجراءات وخطوات سيتم اتخاذها أيضاً وكانت الأجواء في منتهي الايجابية. الي ذلك، يصل الي بيروت اليوم وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير لاجراء محادثات مع ارئيس السنيورة وتأكيد الدعم للدولة اللبنانية ، في وقت تلقي السنيورة اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية ايطاليا ماسيمو داليما، الذي ابلغه دعم حكومة بلاده بشكل كامل وحازم للحكومة اللبنانية في إجراءاتها ضد المنظمة ، وابلغه استعداد ايطاليا لدعم لبنان بكل ما يطلب.

وشدد علي ضرورة قيام المحكمة الدولية قبل أي شيء آخر . كما أجري السنيورة اتصالاً برئيس الوزراء المغربي إدريس جطو، ورئيس وزراء تونس محمد الغنوشي، ووضعهما في الأجواء الراهنة في لبنان وخلفية جـــريمة الاعتداء علي الجيش اللبناني. وبعد الظهر، اتصل بكل من: رئيس دولة الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وعرض لهم خلفيات الاحداث التي تجري في شمال لبنان نتيجة الجريمة التي ارتكبتها منظمة فتح الاسلام في حق الجيش اللبناني والمدنيين اللبنانيين. وتلقي الرئيس السنيورة من الرؤساء الثلاثة كامل الدعم والمؤازرة والتأييد للحكومة اللبنانية ومواقفها وخطواتها . من جهتها، جال وفد من قيادات 14 آذار ضمّ رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط علي وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان والمدير العام لقوي الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي وأكدوا تضامنهم مع القوي الامنية في مواجهة الاعتداءات. ورأي وزير الدفاع الياس المر أن خيارين امام فتح الاسلام إما الاستسلام أو الحسم العسكري . وكان رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع قال إن الحل هو ان يتعقب الجيش مجموعة فتح الاسلام حتي اعتقال اخر فرد منها، فالحكومة اعطت الجيش الضوء الاخضر حتي انهائهم ومشكلتنا مع مجموعة مجرمين في نهر البارد، وليس مع المخيم ككل، وبالتالي الحكومة هي الوحيدة التي تجسد الدولة والحسابات الداخلية نعالجها لاحقاً .

ووجّه التحية الي الرئيس السنيورة والنائب الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. اما كتلة الوفاء للمقاومة فرأت أن الجيش اللبناني إذ يمثل ضمانة أساسية للاستقرار الداخلي والسلم الأهلي ووحدة الوطن، فإن أي اعتداء أو تعرض له هو أمر مريب ومدان ومستنكر ولا يجوز للفريق الحاكم التخفف من المسؤولية السياسية وإلقاء عبء ذلك علي المؤسسة العسكرية . وأشارت الي أن ما حدث في الشمال وما أعقبه من تفجيرات في بيروت علي مدي يومين يؤشر بوضوح الي خطورة الاستهداف ويؤكد وجوب التصرف بدقة وحكمة ومسؤولية وطنية عالية من أجل قطع الطريق علي المؤامرة بكل أبعادها . (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 ماي 2007)


تحليل: فتح الاسلام ثمرة انشقاقات حركة فتح

 
تونس ـ من الجمعي قاسمي: أعادت الأحداث الدامية بين الجيش اللبناني وتنظيم فتح الإسلام ، الذي يقوده أحد كوادر حركة فتح الانتفاضة السابقين شاكر العبسي في مخيم نهر البارد الفلسطيني بشمال لبنان، شعار البندقية المُستأجرة الي الاذهان والذي برز خلال فترة محاربة التنظيم الذي خرج منه العبسي. ويصعب ملامسة الوضع التنظيمي والفكري والسياسي لتنظيم فتح الاسلام التكفيري السلفي، الذي يقول إنه يتبني الجهاد لتحرير فلسطين ، غير أن ذلك لا يمنع من القول إنه سلط الضوء من جديد علي الإنشقاقات التي عرفتها حركة فتح الفلسطينية، والويلات التي خلفتها منذ العام 1973 لغاية اليوم.

ولا يحتاج المتصفح لسجلات تاريخ حركة فتح وأوضاعها الداخلية، لعناء كبير ليدرك أن هذا الفصيل الفلسطيني الذي تأسس عام 1965، لم يعرف في تاريخه إستقرارا تنظيميا ووحدة فكرية، حيث تتالت الإنشقاقات والتّصدعات، والتشرذمات الداخلية التي لم تنته فصولها بعد.

وتعددت الأسباب والمبررات التي ساهمت في تعميق هذه الإنشقاقات التي عصفت بمقومات التماسك الداخلي لحركة فتح، وإنضباطها العسكري، فكان إنشقاق عام 1973 بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر)، الذي قاده صبري البنا (أبو نضال) علي خلفية رفض مشاريع التسوية والإستسلام . وقد سارع قائد فتح أنذاك الراحل ياسر عرفات الي محاصرة هذا الإنشقاق، غير أن الظروف السياسية في تلك الفترة التي ساهمت في إنقسام فصائل منظمة التحرير الي فريقين، حالت دون ذلك، حيث إمتد وتوسع أبو نضال ليظهر الي العلن تنظيم فتح ـ المجلس الثوري .وإستطاع هذا التنظيم في ظرف زمني وجيز الإمتداد داخل جسم حركة فتح، لجهة إستقطاب كوادر تنظيمية وسياسية بارزة، جعلت ياسر عرفات يصدر حكما بإعدام أبو نضال، فيما كُلف أبو إياد بمحاربة هذا التنظيم علي مختلف الأصعدة، ليبرز شعار البندقية المستأجرة الذي أطلقه الخصوم علي هذا التنظيم الي أن مات أبو نضال عام 2002 في بغداد.

ورغم الشرخ الكبير الذي خلفه هذا الإنشقاق، فإن التجاذبات داخل حركة فتح لم تتوقف عند هذا الحد، بل تواصلت الي أن كان الإنشقاق الأكبر عام 1983 الذي قاده العقيد سعيد مراغة (أبو موسي)، والرائد أبو خالد العملة، بالتنسيق مع عضوي اللجنة المركزية أنذاك أبو صالح، وسميح أبو كويك. واتخذ هذا الإنشقاق الذي أسفر عن بروز تنظيم فتح الإنتفاضة ، طابعا دمويا في مدينة طرابلس بشمال لبنان، كان من نتائجه الخروج النهائي لياسر عرفات من لبنان، ليتواصل مسلسل الإنشقاقات، حيث أعلن أبو الزعيم تمرده عام 1986 في الأردن، الي جانب إنفصال عدد من قادة فتح مثل ناجي علوش الذي عاد لأصوله القومية الثورية، ومنير شفيق الذي فضل العمل ضمن التيار الديني الإسلامي.وكان واضحا أن حلقات مسلسل الإنشقاقات في حركة فتح دائما ما تكون وليدة إنعطافة سياسية في المنطقة، ومرتبطة بطرف أو أطراف إقليمية، حيث تواصلت فصولها، لتبرز إنشقاقات داخل التنظيمات المنشقة أصلا مثل تنظيم فتح الإسلام وفق عملية إستنساخ تجاوزت الإطار التنظيمي والسياسي، الي ما هو شعار، وعمل ميداني.وإذا كان هناك من تفسير موضوعي وشفاف لهذا الإستنساخ الذي استعاد أعمال وممارسات تنظيم فتح المجلس الثوري وما خلفته من دمار وتخريب علي مستوي الأمن اللبناني ومكانة القضية الفلسطينية، فهو بدون شك تشظي حركة فتح الي أجنحة وتيارات مختلفة ذات مرجعيات متعدّدة ومتباينة الولاءات. (يو بي آي)

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 ماي 2007)


مستقبل حركات التغيير الديمقراطي في العالم العربي في ورشة عمل بمركز القاهرة

 
القاهرة ـ القدس العربي : عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ورشة عمل بعنوان أي مستقبل لحركات التغيير الديمقراطي في العالم العربي؟ حضرها ستون مشاركا من الحقوقيين والفاعلين السياسيين والقضاة والأكاديميين والكتاب والمفكرين والصحافيين والمدونين، من 8 دول عربية (مصر ـ سورية ـ تونس ـ المغرب ـ السودان ـ البحرين ـ السعودية ـ العراق ، و4 دول أوروبية (فرنسا ـ أوكرانيا ـ صربيا ـ سلوفاكيا). استهدفت الورشة استخلاص دروس من تجارب الحركات الاحتجاجية العربية مثل (كفاية) في مصر، و(18 أكتوبر) في تونس، وإعلان دمشق في سورية، عبر تحليل قدراتها علي بناء التحالفات، وعلي التواصل مع القاعدة المجتمعية، وعلاقتها بالأحزاب الرسمية والحركات الإسلامية والمجتمع المدني، وكذلك مجال علاقتها بالنخب الحاكمة، واستخدامها لتكنـــــولوجيا المعـــــلومات في عــــملها الحــــركي، وحــــدود تــــواصلها مـــــع الفئات الشابة، وتبادل الخبرات فيما بينها وبين تجارب التحول الديمقراطي في شرق أوروبا.

ومن خلال استعراض خبرة دول أوروبا الشرقية التي أنجزت تحولا ديمقراطيا نجد أن هناك نموذجا يجسد التحول الديمقراطي ، من أبرز ملامحه وجود بنية أساسية ديمقراطية في هذه المجتمعات، مثل استقلال القضاء والخبرة بالعمل المدني اللاعنفي، والاحتجاج السلمي، الخ، وشهدت هذه الدول تحالفات بين الشعوب والأحزاب المؤمنة بالتحول الديمقراطي السلمي، التفت حول قيادات كاريزمية مشهود لها بالنزاهة فـــــي ظـــــل أنظمة تعاني من الفساد، فضلا عن نشــــوء العــــديد من الحـــركات الشبابية التي ضخت دمـــاء الحياة في شرايين المجتمع بمختلف فصائله وقطاعاته. وكشفت تجربة التحولات الديمقراطية في أوروبا الشرقية أهمية التحالفات بين القوي السياسية والاجتماعية، والتركيز علي التربية المدنية للمواطن العادي، وتطوير أساليب إبداعية للتــــواصل مــــع قطاعات شعبية عريضـة، وعـــدم وجـــــود مشكلات كـــبري تــؤرقها حول حسم العــــلاقة بين الدين والدولة، والموقف من الغرب الديمقراطي.

استقراء هذه التجارب أتاح فرصة لتقييم حركات التغيير السياسي في العالم العربي، ومن خلال النظر فيها جري استخلاص عدد من السمات المشتركة أبرزها نشأة هذه الحركات في ظل ظرف استثنائي دولي ومحلي عامي 2004، 2005، وشهدت تساؤلات إشكالية حول هويتها، وما طرحته من خطابات سياسية وفكرية عريضة وواسعة تجاوزت قدراتها، وحال الطابع التجميعي السياسي لقوي سياسية وحزبية متنوعة إلي الحد من قدرتها علي التصدي للقضايا الإشكالية وفي مقدمتها علاقة الدين بالدولة، والموقف من الإسلام السياسي، فضلا عن مقاطعتها الانتخابات، وعدم قدرتها علي التلاقي مع شرائح عريضة من الشباب.

وقد ناقشت ورشة العمل أوراقاً حول مشاركة الشباب في حركات التغيير ودور المدونين المصريين، وحركة القضاة في مصر ودلالاتها في عملية التفكير الديمقراطي، انتهت الورشة إلي مطالبة حركات التغيير السياسي بمواجهة نفسها وتنبيه مواطن النقص فيها، والنظر إلي الظرف السياسي الموضوعي في العالم العربي، ودور المؤسسات الدينية في دعم الاستبداد، ومدي ارتباط التغيير الديمقراطي بالفكر الاجتماعي وكذلك ارتباطه بالقضايا الوطنية والقومية، وتوفر عوامل مهيأة له، الا أن حركات التغيير السياسي بحاجة إلي مراجعة دورها ووضع نفسها في صفوف الجماهير وتعبئتها وتربيتها سياسيا، وتقديم الأطر الفكرية لها، وممارسة نقد الذات وهي ضرورة بالنسبة لهذه الحركات، ولا سيما في ضوء ما اعتراها في عامي 2004 و2005 من شعور شديد بالتفاؤل بإمكانية حدوث تحول ديمقراطي سريع في حين أن التحول الديمقراطي يرتبط بالسلوك، والممارسة اليومية وبناء الأفراد وتوازن في العلاقة بين القوي المختلفة. وانتهت الورشة إلي الدعوة إلي العمل الجماعي للقوي والأحزاب السياسية لكسر الاحتكار السياسي من جانب النخب الحاكمة في العالم العربي كمقدمة للعمل علي تحقيق تحول ديمقراطي. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 25 ماي 2007)


الليل.. الوجه الآخر للجزائر

عبد الرحمن أبو رومي – هادي يحمد الجزائر- بعيدا عن الصورة اليومية لما تتناقله وسائل الإعلام من تفجيرات ودماء أفلام « البروباجندا » لما يسمى « بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي »، هناك وجه آخر للجزائر حيث تعيش فيه العاصمة وتفرح وتسهر مثلها مثل المدن الكبرى التي لا تنام ليلا. كانت الساعة تشير إلى السابعة مساءً عندما بدأت المقاهي والمحلات العمومية بساحة الأمير عبد القادر بقلب العاصمة تفتح أبوابها، وبعد ساعة أغلقت كل المحال تقريبا بساحة « أودان » المحاذية لساحة البريد المركزي، وفي شارع « ديدوش مراد » أو « شونزيليزي الجزائر » كان يخيل أن الجزائر العاصمة تستعد للنوم باكرا، غير أن أمرا آخر كان يجري بعيدا عن وسط المدينة، ففي أطرافها بدأ « الاحتفال ». « التحدي الكبير الذي تواجهه ولاية الجزائر هو: كيف يمكنها إعادة الحياة والسهر إلى قلب العاصمة التي عاشت عشر سنوات من الرعب والتفجيرات والقتل اليومي؟ » هكذا يقول « حميد » (34 عاما) بائع في محل ساندويتشات شورما بساحة « أودان ». ويضيف حميد: « هذه الساحة عاشت تفجيرات سنة 1995 كما غيرها من ساحات قلب العاصمة، ومنذ بداية الاضطرابات بدأت المحلات والمقاهي تغلق أبوابها باكرا، وبعد سنوات قليلة من الأزمة نجد أنه من الصعب إعادة الجزائر إلى السهر، ما عدا أيام رمضان المبارك، والتي يحاول فيها الناس الخروج والتجول، وأضيف للخوف من الإرهاب في تلك السنوات انتشار الجريمة والسرقة في السنوات الأخيرة ببعض الأحياء نتيجة الفقر والبطالة ». عندما تسأل الجزائريين اليوم: أين تقضون لياليكم؟ يجيبك العديد منهم بلا تردد: « في المنزل حول قناة الجزيرة واقرأ، أو القنوات الفرنسية ». لكن العديد منهم -خاصة الشباب- يجيبونك بلا تردد: « في الملاهي الليلية الموجودة على أطراف سيدي فرج وزرالدا وعين البنيان غربي العاصمة ». الأخلاق العامة كان علينا الاتجاه إلى « سيدي فرج » و »برج الكيفان » ومحيط العلب الليلية المحاذية لـ »مقام الشهيد » وشواطئ « زيرالدا » أو « بالمبيتش »؛ لنكتشف الوجه الآخر للجزائر، فغير بعيد عن المقام تصطف المحلات والنوادي الليلية والمراقص والمقاهي التي تسهر لآخر الليل، وهي المرافق التي تنشط بصفة غير قانونية غالبا؛ وهو ما أثار سخط وزيرة الثقافة « خليدة مسعودي » التي وعدت بإغلاق كل المحال التي تنشط بصفة غير قانونية، أو التي تمس الأخلاق العامة. وفي صورة معاكسة لصورة « أبو مصعب عبد الودود » -زعيم ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي- بلحيته الغزيرة، ونظرته الحادة المهددة بالويل والثبور، يمر من حين لآخر في أروقة الشوارع المحاذية لمقام الشهيد « شباب وشابات يرتدون أحدث صرخات الموضة الغربية »، ومن حين لآخر ترى مشاهد لا يمكن أن تراها إلا في باريس أو لندن والعواصم الأوروبية عموما، متمثلة في « متشبهين بالنساء، ومتشبهات بالرجال »، يرتدون أكثر الأزياء جلبا للأنظار، وبكل مساحيق النساء الباريسية المعروفة، ويتوجهون إلى إحدى العلب الليلية المعروفة في المكان. إنه « ليل الجزائر الآخر »، يقول أحد باعة المكسرات بينما ينشر بضاعته على الرصيف مشددا: « طبعا ليست هذه صورة الجزائر، وهؤلاء لا يمثلونها ». ويضيف: « إنها الصورة المضادة للإرهاب الأعمى الذي كفّر الناس، وأخرجهم من إسلامهم، فهناك من الشباب من يقابلون تكفير أصحاب اللحى بتطرف الميوعة والتفسخ ». « لنعد الحياة للجزائر » ظاهرة السهر والخروج ليلا بضواحي العاصمة ظاهرة جديدة في الجزائر، بدأت مع سنوات المصالحة ونهاية حقبة العنف التي شهدتها الجزائر طيلة عشر سنوات. ومنذ مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للحكم رفع شعار: « لنعد الحياة للجزائر ». وتزامنا مع انطلاق فعاليات تظاهرة « الجزائر عاصمة الثقافة العربية » هذه السنة كثر الحديث عن اعتزام ولاية الجزائر إقرار قانون يلزم التجار بعدم إغلاق محالهم قبل الساعة العاشرة ليلا. وعلى الرغم من عودة الروح لبعض ضواحي الجزائر نسبيا فإن « تطبيع » السهر في صفوف الجزائريين لم يمر هادئا، فكل الجزائريين يتذكرون أحداث العلبة الليلية « إستوديو 7 » في نوفمبر 2002، والتي أدت إلى مواجهات واعتقالات بين صفوف سكان « سيدي فرج » الذين رفضوا حينها وبقوة أن يتحول السهر إلى عربدة ومخدرات ودعارة. ليل محتشم هناك من الجزائريين من اختار ليلا أكثر هدوءا وحشمة، ففي شاطئ سيدي فرج تجلس عائلات بأكملها على شكل جماعات، ينتشرون ويتجولون بين أرصفة الميناء (ميناء سيدي فرج التاريخي الذي شهد دخول أول أفواج الاستعمار الفرنسي)، وعلى شواطئه الرملية، حتى ساعات متأخرة من الليل. بعض هذه العائلات جاء من المناطق الجبلية قرب العاصمة؛ حيث لا أماكن ترفيه هناك، والبعض الآخر جاء من أحياء العاصمة الأكثر فقرا للتمتع بلحظات راحة بعيدا عن زحام وضغوطات المدينة. وعلى طول الساحل يمكنك ملاحظة عشق سكان العاصمة للبحر، فكورنيش حي « باب الوادي » لا يخلو من رواده الجدد مع بداية ساعات الليل الأولى. وفي سبعينيات القرن الماضي كان هذا الكورنيش يستقبل فتيانا وفتيات يتحدثون الفرنسية بطلاقة، وقبلة أفكارهم آنذاك أفكار التحرر التي ارتبطت بثورة سنة 1968 الفرنسية، أما الآن فصار يستقبل « متحجبات وأصحاب لحى » لا يرون تناقضا بين تدينهم ولقائهم طالما أنهم يلتقون « أمام الناس، وليسوا في حالة خلوة »، حسب قول أحدهم لـ »إسلام أون لاين.نت ». (المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 20 ماي 2007)

 

في روايته لقصة صعوده للجبل ونزوله منه

أمير جيش الإنقاذ: العمل المسلح يحتاج إلى مجانين!

حوار – هادي يحمد وعبد الرحمن أبو رومي – الجزائر      في بيت ريفي، كثيرة هي منعرجاته، في أطراف شرق العاصمة الجزائرية، استقبلنا « مدني مزراق »، الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ، والذي كان يشكل الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، والذي خاض صراعا مسلحا طوال خمس سنوات تقريبا مع الجيش الجزائري، ومع مختلف الأجهزة الأمنية، انتهى منه إلى القول بأن العمل المسلح يحتاج إلى مجانين، وإلى نوعية من البشر ذات طبيعة خاصة!.
كان من ملامح « مدني مزراق » أنه لا يزال يتبع الحذر في تنقلاته، ربما مخافة التصفية من قبل الجماعات الإسلامية الأخرى التي رفضت مشروع المصالحة الوطنية الذي عقده مزراق مع الجيش الجزائري. فعندما تواعدنا على اللقاء كان مكان اللقاء غير واضح المعالم، أمام أحد المبيتات الجامعية في ساحة كبيرة، وبقينا ننتظر على قارعة الطريق إلى أن جاءت سيارته لتحملنا إليه.
ومن الواضح أن الرجل مازال لاعبا أساسيا في المشهد الجزائري، فعلاقاته بأطراف السلطة من سياسيين وجنرالات غير خافية، حيث لم يتوقف طوال المقابلة التي جمعتنا به والتي دامت قرابة ثلاثة ساعات عن الرد على هاتفين نقالين منفصلين، فتارة يرد على صحفيين، وأخرى على أشخاص يبدو أنهم من ذوي النفوذ، ومرات على أتباعه الذين نزلوا من الجبال مثله، حيث من الواضح أنه يمثل سلطة معنوية كبيرة بالنسبة لهم.
جئنا إلى مدني مزراق محملين بالعديد من التساؤلات حول أسباب لجوئه إلى العمل المسلح، وعن أسباب نزوله، وعقده صفقة مع النظام الجزائري، وعن تفاصيل ما حدث في الجبال، وعن المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين إبان العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر، وعن الصراع المسلح الذي خاضه الجيش الإسلامي للإنقاذ مع الجماعة الإسلامية المسلحة « الجيا »، وعن مستقبله، ومستقبل أتباعه ممن وافقوا على تسليم أسلحتهم والانخراط في مشروع الوئام المدني، وبرنامج المصالحة الوطنية الذي أقره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وعن تقييمه لتجربته برمتها، ونظرته لمراجعات جماعات العنف في بلاد أخرى كمصر، والتي وصفها بأنها لا معنى لها، لصدورها من السجون، وعما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب، والذي أعلن مزراق أنه لا يؤمن بوجوده!!.
لا يخفي مدني مزراق – عندما يتحدث عن هذا الماضي – أن حركته والجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتي كان عضوا فيها، كانت امتدادا طبيعيا للعديد من الحركات والشخصيات الإسلامية التي تعاقبت على الجزائر من التيار الإسلامي والعروبي داخل جبهة التحرير الوطني، إلى جمعية العلماء المسلمين بقيادة الشيخ عبد الحميد بن باديس، إلى علماء آخرين أطروا الفكر الإسلامي في الجزائر، مثل الشيخ العرباوي، والشيخ عبد اللطيف سلطاني، والشيخ أحمد سحنون، ومرورا بجمعية القيم التي أسست على أنقاض جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وإلى المفكر مالك بن نبي، ووصولاً إلى الحركة الإسلامية في الشرق الجزائري، والتي نشط فيها مدني مزراق، والتي انضمت إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ حين تأسيسها في سنة 1989، بعد ما يعرف بإقرار التعددية في الجزائر، وهو المسار الذي فرضته ما يعرف بانتفاضة 5 أكتوبر 1988 التي عمت الجزائر.
من هو مدني مزراق؟
* من هو مدني مزراق؟ وكيف انخرطت في الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟
– لما تأسست الجبهة، كنت في مدينة جيجيل شرق العاصمة الجزائرية، أمثل أحد قياداتها المحلية، بعد أن كنت أنشط في هذه المدينة فيما سمي آنذاك بحركة الشرق، حتى انضمامي رسميا إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ في أواخر سنة 1989.
ونشطت ضمن حركة الإخوان المسلمين الإقليميين، وهم الإخوان الذين رفضوا الانضمام إلى التنظيم الدولي للإخوان، أي تيار الجزأرة داخل الحركة الإسلامية، والتي كان أبرز قادتها عبد الله جاب الله، وعبد القادر بوخمخم، وعبد القادر حشاني، الحبيب آدمي فيما بعد.
وتربيت في الكشافة الجزائرية الإسلامية طويلاً، وكنت أحفظ الكثير من المبادئ والمنطلقات الإسلامية، ثم بعد ذلك تحركت بقوة داخل التيار العروبي، والذي كان له الفضل في تعريب الكثير داخل الجزائر، وكنت زعيم حركة الإضراب الشهيرة في جيجيل، وكنت حين ذاك أحد القيادات في الثانوية في ذلك الوقت، واستطعنا أن نفرض على الدولة تعريب بطاقة الهوية سنة 1978، وتحولت البطاقة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، وكذا جواز السفر فيما بعد.
دخلت الحركة الإسلامية مبكرا، وكان لي نشاط مسجدي وتصوفي، وبدأت العمل الحركي القوي في بداية الثمانينيات، واشتغلت في مساجد جيجيل حتى سنة 1989، وفي انتفاضة أكتوبر لم نستطع مع بعض الإخوة أن نقبل موقف حركة الشرق التي لم تتخذ أي موقف واضح تجاه الأحداث وقتها، والتقيت بالشيخ عبد الله جاب الله، و قلت له إنه من غير المعقول أن تبقى الحركة مكتوفة الأيدي، غير أن لقائي به لم يأت بأية نتيجة، فقررت أن أغادر حركة الشرق، وانضممت إلى الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
وبعد انضمامي إلى الجبهة، شاركت في الإضراب المشهور الذي قامت به الجبهة بسبب التقسيم الإداري للدوائر في 25 مايو 1991، وشاركت في هذا الإضراب الذي دام حوالي عشرين يوما، ووقعت احتكاكات مع قوات الأمن، وتوقيف للشيوخ، وحينها لما كثرت الاعتقالات هربت مع بعض الإخوة إلى جبال جيجيل، وبعد مساعٍ جنح النظام وقبل بنتائج ما سمي بمؤتمر الوفاء، الذي عقد  بمدينة باتنة، صائفة 1991، وهو المؤتمر الذي أحبط محاولة تقسيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
صدمة الانتخابات وما تلاها
فوجئ النظام بعد مواصلة المسار الانتخابي بالنتائج التي كانت صدمة  للجميع في الداخل والخارج،  ولكنهم اعترفوا بالنتائج، ولما بدأنا الاستعدادات للدور الثاني من الانتخابات، فوجئنا بتوقيف المسار الانتخابي يوم 11 يناير 1991، بإعلان الرئيس الجزائري وقتها الشاذلي بن جديد عن استقالته، ومن ذلك الوقت بدأت المسيرات، وبدأ القتل، ففي يوم واحد مثلا في مدينة بانتة قتل 60 شخصا، وفي العاصمة كان الموتى كل يوم في الشوارع، إلى جانب توقيف أزيد من عشرة آلاف مناضل من أنصار الجبهة، علاوة عن باقي قياداتها، كالشيخ رابح كبير (الذي لجأ فيما بعد إلى ألمانيا)، والشيخ عبد القادر حشاني (الذي اغتيل نهاية 1999)، وبدأ العمل السري، وبعد ذلك وضعت البلاد تحت حالة  الطوارئ بقرار من الجيش، وتلا ذلك حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مارس سنة 1992.
اعتقال ثم هروب إلى الجبل
* في خضم المسيرات والمواجهات، أين كنت؟
– كنت في المقر المركزي حينما اعتقلت، ووقع  ذلك يوم 9  فيفري (فبراير) 1992، حيث تم اقتيادي  من العاصمة حتى مدينة جيجل، حيث حوكمت بعام سجن نافذ، بتهمة التحريض، وفي السجن مرضت بالجهاز الهضمي، ونقلت من السجن إلى المستشفى، وجاءتني الفرصة، وقمت بالهروب من المستشفى.
* كيف هربت؟
– كنت مربوطا إلى الفراش والحراسة مشددة، ولكني استغللت طيبة أحد حراسي، ووضعت خطة ونجحت.
* وأين ذهبت عقب الفرار من المستشفى؟
– مباشرة إلى الجبل الذي أعرفه كجيبي، ومن غرائب الصدف أن هروبي من المستشفى هو الموافق لهذا اليوم الذي نلتقي فيه بكم  (19 مايو 1992).
* وعندما صعدت إلى الجبل هل كان الجيش الإسلامي للإنقاذ موجودا؟
– عندما صعدنا كانت بعض القيادات موجودة في جبال الشرق، وكانت لهم سلطة على أغلبية الفارين، فكل أفراد خلية الأزمة التي كونتها الجبهة أثناء مرورها إلى العمل السري انتهى بهم الأمر بعد حلها إلى الالتحاق بالجبال، كالشيخ محمد السعيد الذي تمت تصفيته من قبل الجماعة الإسلامية المسلحة بعد أن التحق بصفوفها، ويخلف الشراطي الذي قتل بسجن سركاجي في تمرد داخله سنة 1995، ومحمد شلي الذي كان في المجلس الشورى ونجح في انتخابات البلديات، وخلخال سعادة الذي كان  رئيس المجلس الولائي بقسنطينة، وكان عضو مؤتمر باتنة.
وكان هناك أيضا الشيخ أحمد بنعائشة والذي كان منتخبا في تشريعيات برلمان 1992 وأصبح فيما بعد أمير الغرب، وكان معنا أيضا مصطفى قرطالي، الذي انتخب رئيس بلدية مدينة الأربعاء، وأصبح فيما بعد أمير منطقة الوسط، والشيخ فوضيل بوبيدر، عضو المجلس الشورى لجيجيل، ورئيس بلدية برج طهر، وأحمد بن يوسف الخطيب المشهور بقسنطينة، والعديد من القيادات الأخرى داخل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والتي وجدتها في الجبل، والذين مات الكثير منهم في المواجهات فيما بعد.
تأسيس الجيش الإسلامي للإنقاذ
* كيف أسستم الجيش الإسلامي للإنقاذ؟
– سنة 1993 بدأنا توحيد خلايا المناطق والولايات، والتقيت العديد من العناصر، وسعينا إلى إطار موحد لكل المجموعات، فجاءت فكرة تأسيس الجيش الإسلامي للإنقاذ الذي قبلته الخلية الوطنية للجبهة، وحاولنا إقناع قيادات الجماعة الإسلامية المسلحة التي انطلقت في العمل المسلح بالإعلان عن نفسها مبكرا.
* ولكن إذا كانت الجماعة الإسلامية المسلحة « الجيا » موجودة أصلاً، وتقوم بالعمل المسلح ضد النظام، فلماذا أسستم الجيش الإسلامي للإنقاذ؟
– لاحظنا أن « الجيا » أو الجماعة الإسلامية المسلحة، ذهبت بعيدا، وبدأت تكفر المشايخ، ولذلك أردنا أن نكون تنظيما مسلحا يكون امتدادا للجبهة الإسلامية للإنقاذ. وفي آخر 1993عقدنا لقاء في منطقة  الميلية (التي تبعد حوالي 450 كم عن العاصمة)، وحضره قادة الشرق، وكونا ما يسمى بـ « اللجنة  العسكرية »، وأرسلنا لإخواننا في الغرب الذين قاموا بدورهم بتأسيس « اللجنة العسكرية في الغرب »، ثم عقدنا بعد ذلك لقاء موسعا جمع القيادة الوطنية، وكان ذلك في أواخر سنة 1994، ووقعنا أول بيان  باسم الجيش الإسلامي للإنقاذ الذي توليت شؤونه منذ البداية.
* كم كان يضم الجيش الإسلامي عند تأسيسه؟
– لا يوجد إحصاء دقيق، فالفرق بيننا وبين الجماعة الإسلامية المسلحة أننا قمنا بانتداب العناصر الملتزمة، والتي لها علاقة وثيقة بالدين، وبسيطرة خلايانا على السرية كانت عملية الانتداب سهلة بالنسبة لنا. وقد كان العدد الكلي بيننا وبين الجماعة الإسلامية المسلحة في هذه الفترة 30 ألف مقاتل تقريبا، لنا منهم ما يقرب من سبعة آلاف.
* هذا يعني أن « الجيا » كانت أكثر عددا منكم؟
– يجب أن تعلم أن « الجيا » استغلت في الفترة الأولى غياب قيادات « الفيس »، أي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذين لم يقوموا بدورهم في البداية كقيادات عسكرية في الجبال، وفي سنة 1994 صعد محمد السعيد (وهو أحد قيادي الإنقاذ) وأعلن انضمامه إلى « الجيا » أثناء ما يسمى بلقاء الوحدة الذي عقد بأحد المناطق الجبلية بالوسط سنة 1994، و لكن محمد السعيد كان ضعيفا، وسيطرت عليه عناصر « الجيا ».
كما يجب أن تعلم أن الشباب الذي التحق في الأيام الأولى بالجبال أغلبه كان شباب « الفيس »، والأموال كانت أموال « الفيس »، غير أن قيادة الجماعة الإسلامية المسلحة من أمثال عبد القادر الشابوطي، والشاقندي، وسعيد زرياط، وروجي، الذين كانوا يديرون جماعات « الجيا » سيطروا على أولى الدفعات من الشباب الناقم الذي صعد إلى الجبال. وترأس التنظيم في البداية عبد الحق العيايدة، وتغولت « الجيا » وقتها، وتحولت إلى تنظيم لا يقهر.
علاقة الجيش الإسلامي بـ « الجيا »
* كيف كانت علاقاتكم بالجيا (الجماعة الإسلامية المسلحة)؟
– علاقتنا في الأول كانت محترمة وحذرة، وكنا نتعاون ولكن بمنطلقات وأفكار مختلفة، وفي أواخر سنة 1994 وصلنا في الجيش الإسلامي للإنقاذ إلى نتائج مهمة حول الخطورة التي تمثلها أفكار الجماعة الإسلامية المسلحة، وإلى أين ستصل بنا، وقمنا بتجمع في الجبل، وتحدثنا فيه عن قضية الفتاوى، وتحدثنا في قضية الغنائم، وفي قضية السبي، ورفضنا أي توحيد بيننا وبين « الجيا »، ومن ثم وقع الاصطدام المسلح بيننا وبينهم، وسقط قتلى من الجانبين.
* كيف كان توازن القوى بينكما؟
– ما أستطيع قوله إنه لو حارب الجيش الجزائري مائة عام فلن يستطيع القضاء على « الجيا » (الجماعة الإسلامية المسلحة)، وأعتقد أننا ساهمنا بدور كبير في القضاء عليها وتشتيتها، ولو تشهد قيادات الجيش الجزائري لشهدت بذلك. وللعلم فإننا رفضا الاصطدام بالجيا في البداية، وكنا نحفظ لهم قضية الإسلام والاشتراك في الأرضية الكبرى التي خرجنا من أجلها للجبل، ولكن ما دفعنا للاصطدام بهم أنهم بادروا بالغدر في بداية سنة 1995، حيث بوغتنا في مناطق عديدة بهجمات منظمة من قبلهم.
* ألا يمكن أن يكون الجيش الجزائري هو الذي حرك الأحداث؟
– لا أبدا، الجيش الجزائري كأي جيش في العالم، والمخابرات الجزائرية كأية مخابرات في العالم، قاموا بعمليات اختراق ومحاولة شق صفوفنا عندما سنحت لهم الفرصة، ونحن قمنا بنفس الفعل تجاه الجيش، فكم من جندي انضم إلينا. وعلى كل فما حدث وما وقع كان من الجماعة الإسلامية المسلحة، ومن حاربنا هي أيديهم، ومن حرض ضدنا هي أفكارهم. وأعتقد أن حربنا ضد « الجيا » كانت إيذانا بنهاية هذا التنظيم، ومن المفارقات أنه لما بدأت الجيا حربها ضدنا بدأت حملات كبيرة من الجيش ضدنا أيضا، وتمشيط وغارات جوية ضد مواقعنا، و ليس ضدهم!!.
* وماذا عن المجازر التي حصلت في صفوف المدنيين، من ارتكبها؟
– هذه يلزمها حديث طويل ليس مجاله الآن؛ لأني لا أريد أن أظلم الجيش الجزائري، ولا أريد أن أظلم « الجيا ».
النـزول من الجبال
* متى بدأت اتصالاتكم بالجيش الجزائري؟ وكيف كانت؟
– بدأت منذ سنة 1994، وصعد العديد من المسئولين إلى الجبال وقتها، ولم نصل إلى نتيجة إلا سنة 1997 عندما تنازل الطرفان. أما عن الكيفية، فقد كان مبعوث من هيئة الأركان ومفوض من الرئاسة يصعد إلى الجبل لملاقاتنا، وكل اللقاءات كانت تتم  في معاقلنا الجبلية، والمفوض دون سلاح، ونحن نقدر للسلطة هذا الأمر,  فهذه شجاعة، حيث تدفع بأحد وتغامر به وهو غير مسلح، وهي من الأشياء التي جعلتنا نذهب بالمصالحة إلى أقصى مدى.
* عندما قررتم النزول من الجبل، هل حدث انشقاق أو رفض من قبل البعض؟
– يوم أن اتفقنا على المصالحة في الجيش الإسلامي للإنقاذ، كان قراري واضحا، وهو أنه لو أصر واحد فقط على البقاء في الجبل فإني سأبقى معه، وكنت آخر عنصر نزل من الجيش الإسلامي للإنقاذ من بين كل الكتائب، وفي الساعة الواحدة ليلا كنت في بيتي في مدينة جيجيل. واستقبل الإخوان في أحياءهم بالزغاريد والأحضان كأبطال، ومنعنا الصحافة من الحضور. ومن قوة حفاوة الاستقبال قام الإخوة بتهريبي من باب جانبي لأحد مساجد جيجيل، للابتعاد عن الاحتفال والناس الذين كانوا ينتظرونني خارج المسجد.
* كم نزل من الجبال وقتها من أنصاركم؟
– حوالي أربعة ألاف شخص، كلهم مجندون هاربون، ومبحوث عنهم من قبل قوات الأمن.
مستقبل الجبهة الإسلامية للإنقاذ
* هل تعتقدون أن قيادتكم الميدانية المسلحة قد أصبحت اليوم أكثر شرعية من القيادة السياسية للجبهة الإسلامية للإنقاذ؟
– كل واحد له شرعيته، وأظن أن شرعيتنا لدى النظام والناس هي أقوى من شرعية القيادة السياسية، لسبب واحد، وهو أن العديد من القيادات لم تتحمل مسؤولياتها، ونحن تحملنا مسؤوليتنا في الوقت المطلوب، واتخذنا القرارات التي نفعت البلاد، ولكن على المستوى الشعبي كل له احترامه ومحبته، فالشيخ عباس مدني المستقر في قطر، وبالرغم من كل ما يقال عنه، له مكانته عندما يعود، والشيخ علي بلحاج الذي له أخطاؤه أيضا، وإذا قمنا بالعودة إلى العمل السياسي، فإن له مكانته، ومكانته كبيرة.
* هل يعني هذا أنكم تنوون إعادة إحياء مشروع الجبهة الإسلامية؟.
– مشروع الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم يمت أصلاً حتى نعمل على إحيائه!!.
* ولكن هل ستواصلون استعمال نفس التسمية التاريخية إن سمح لكم بإعادة النشاط؟
– المهم هو المشروع وليس التسمية، فإذا حافظنا على نفس المشروع، فإن المهم هو البرنامج والتصورات والخيارات، ونحن عازمون على المضي قدما في إعادة الجبهة، قبل نهاية هذه السنة.
* هل تتصور أن جماهيرية الجبهة الإسلامية للإنقاذ مازالت قائمة؟
– نعم بإذن الله، فالجبهة كانت لها الفرصة أن تكون صريحة ونزيهة ومحتكة بالطبقات الشعبية والمحرومة، ونجحت، ونحن ماضون في نفس الطريق.
تقييم ومراجعة
* ما تقييمكم لتجربتكم، بعد عشرية دامية للجزائر؟
مهما كان من عيوب، ومهما كان من أخطاء، إلا أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ كانت لها تجربة ثرية وغنية تشرف الجزائر، وكانت مثالا لكل البلدان العربية والإسلامية. فالذي وقع في الجزائر كان من الممكن أن يقع في أي بلد عربية وإسلامية، والحمد لله أن هذا وقع في الجزائر، والشعب الجزائري متدرب على المحن، وعلى البلدان العربية والإسلامية أن تشكر الجزائر؛ لأن الذي حدث في الجزائر من مواجهات ومصالحة وما تلاها جعل الكثير من الجهات الإسلامية تقوم بمراجعات، والأنظمة كذلك قامت بمراجعات، ولكن بأي ثمن؟  ثمن باهظ جدا بالنسبة للشعب الجزائري.
* بخصوص العمل المسلح بالذات، كيف تنظرون إلى المراجعات التي قامت بها  العديد من الحركات الإسلامية الجهادية؟
– إن العمل المسلح كقناعة أعتقد أن لا أحد يتبناه، فأي بلاد يقع فيها ظلم وطغيان، ويقع فيها حيف، وتصل الأمور إلى عدم الاحتمال، فإن فكرة العمل المسلح تأتي إلى أي فرد في العالم، يهوديا كان أم مسيحيا أم  شيوعيا أم غيره، فهذا أمر لا نقاش فيه.
لكن العمل المسلح يحتاج إلى مجانين، وجماعة تحتاج إلى طبيعة خاصة في بنية الناس، وأكبر دليل على ذلك الحروب، حيث إننا نجد أن شعوبا قليلة من قاومت وحاربت, والتجربة بينت أن حروبا خاضتها بعض الشعوب كانت مفيدة لتحرير شعوب أخرى، فحرب التحرير الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي ألهمت فكرة الاستقلال في كل إفريقيا، وكذلك الحرب التي خاضها الشعب الفيتنامي ضد الأمريكان التي ألهمت شعوب أخرى. ونحن نعتقد أن التجربة الجزائرية أفادت الشعوب العربية والإسلامية وأنظمتها.
* كيف تنظر إلى المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية في مصر؟
– هذه قضية أعطيت حجما أكبر من حجمها، فأي عمل مسلح قامت به الجماعات المسلحة المصرية؟!  « ولو »!! (يعني لا شيء باللهجة الجزائرية)، وإذا استثنينا بعض المراحل العابرة مع جماعة  التكفير والهجرة وحركة الجهاد والجماعة الإسلامية، فما قامت به كل هذه الحركات كان أعمالا معزولة، والعمليات عدت على الأصابع، وفي هذا الإطار نعلم أن كل المراجعات التي قامت بها  قيادة هذه الحركة هي مراجعات في السجن، وهذا لا معنى له؛ لأن المراجعة تكون من إنسان حر خارج السجن.
* ولكن في المطلق، كيف ترى خيار العمل المسلح بالنسبة للحركات الإسلامية؟ هل تعتقد بضرورته أم أنه في رأيك خيار فاشل؟
– إذا كان الإسلام يقول: إن ذروة الإسلام هو الجهاد، فكيف لا نعتبره ضرورة؟! فالجهاد هو قمة إيمان المسلم.
* و لو كان ذلك في مواجهة الحكومات؟
– لا يجب أن نخلط بين الأمور، فالجهاد فريضة إسلامية، والله أقر بذلك في كتابه، والصحابة عملوا بذلك إلى يوم الدين، ومن تنكر له مات ميتة جاهلية، وفي الحديث: « من مات ولم يحدث نفسه بالجهاد مات ميتة جاهلية »، ولكن هذا الجهاد كما عرفه العلماء له شروط يرتبط بالمقاصد الأربعة، وشرع الجهاد لإزالة شر أعظم، ولإزالة حيف، وفقهاء المالكية لهم قاعدة ذهبية تقول: « يجوز قتل الثلث من أجل إنقاذ الثلثين »، ومثل الأمراض، فإذا كان يجب أن نقتل العضو لينجو بقية الجسد فيجب أن نفعل ذلك، ولكن كل هذا لا يقره أي أحد، فهو عمل يحتاج إلى علماء وآليات واجتهادات وإسقاط صحيح وفهم الواقع، مع ثوابت أن قتل المسلم حرام، والتمرد على السلطان المسلم لا يجوز، والرسول كلامه واضح عندما نظر إلى الكعبة وقال: « أيتها الكعبة، إن حرمتك عند الله عظيمة، ولكن حرمة المسلم أعظم منك ».
ونحن لم نرفع السلاح في الجزائر هكذا، ولم نعلن الجهاد هكذا، ولكن فرض علينا الدفاع عن النفس، وإذا لم يفرضوا علينا خياراتهم بالموت أو الاعتقال في الصحراء لما التجأنا إلى الجبال، ولذلك كنا نقول دائما أثناء المواجهات: نحن نقتل من كان حريصا على قتلنا، ولم نسفك دم أي شخص لم يقاتلنا.
* كيف تنظرون لما يقوم به ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؟
– أنا لا أؤمن بوجود ما يسمى بالقاعدة في الجزائر؛ لأن الكثير ممن أشرفوا على العديد من الكتائب في الجماعة الإسلامية المسلحة منذ التسعينيات كان الكثير منهم من العائدين من أفغانستان، وتدربوا في معسكرات الشيخ أسامة بن لادن، بمعنى أنهم كانوا جنودا في الحركة التي سميت فيما بعد بالقاعدة، وجاء هؤلاء وكانوا يقودون كتائب قوية، ولم يدعي أحد منهم تمثيل القاعدة، ولا تبنى اسمها، ولم يحصل هذا الأمر نهائيا، فكيف بعد أن انتهت الأمور وبعد كل ما حدث من ارتكاب « الجيا » للمجازر وحلول الجماعة السلفية للدعوة والقتال محلها وهو الفريق الصغير أن يدعي أنه يحمل تسمية القاعدة؟! وخاصة أن القاعدة أصبحت « ماركة »  لجلب الناس واستدرار عطفهم؛ لأن الجماعة اقتنعوا بأن المبررات القديمة انتهت، والشيخ علي بلحاج أصبح يتنقل بكل حرية، والوضع تحسن كثيرا، فلم يجد هؤلاء أية مظلة يستظلون بها إلا قضية الالتحاق بالقاعدة، وأعتقد أن هذا التنظيم « الجماعة السلفية للدعوة والقتال » لا يمثل  خطرا على المنطقة.
إن الخطر الحقيقي الآن هو النظام الذي يصر على الممارسات البائدة، وعلى تهميش معظم الشعب الجزائري، وعلى الظلم والتعدي، وهو الذي يبقي الحال على ما هو عليه.
 
(المصدر: موقع « إسلام أونلاين.نت » (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 23 ماي 2007)


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.