السبت، 2 أبريل 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3966 du 02.04.2011  

archives : www.tunisnews.net


الناشط الحقوقي السيد المبروك:الاعتداء على  الناشط الحقوقي وسام عثمان

حزب العمال الشيوعي التونسي:لا للقمع… نعم لحق التظاهر والاحتجاج والاعتصام عماد الدايمي:وقـفـة اتحاد الشباب الشيوعي التونسي:لن نقبل بالعودة إلى الوراء كلمة:

ناشط سياسي يتعرض للتهديد بالقتل

سويس انفوا:مهاجرون تونسيون في لامبيدوزا يضربون عن الطعام للمطالبة بنقلهم من الجزيرة

الصباح:ايطاليا تصعد اللهجة مع تونس!؟ وزير داخلية برلسكوني: «اجبار» تونس على الالتزام بتعهداتها

الصباح:بريسكوني يزور تونس الغثنين المقبل

محمد بوعود:حكومة قائد السبسي وتجاذبات المرحلة المؤقتة:تخبّط في الآداء…تشابك في المصالح… وتداخلات بالجُملة

الوطن:أمين عام الاتحاد الطلبة :مواقف الحكومة متذبذبة … والمنظمة الطلابية من اجل بديل مجتمع حداثي

عبدالفتاح نحولي: المال السياسي أحد المعوقات الرئيسية لانتخابات ديمقراطية و شفافة

الصباح:بين القانون والسياسة هيبة الدولة ترسخ سيادة الشعب.. وتعارضها مع التنمية إلغاء لها…

حياة بالشيخ:ثورة الياسمين …إنها الغد

سامية زواغة:عهد ما بعد الثورة في تونس

د مختار صادق:الثورة وعودة الأدمغة المهاجرة

نوفل بو زياني:ما الذي علينا فعله؟

وحيد ابراهمي:من ضحايا النظام السابق  (1) نموذج لاضطهاد صارخ

د.أحمد القديدي:الشعوب العربية ليست قبائل ماو ماو

الوطن:الشخصية العربية اليوم  في ميزان القوى

سمير حمودة:سوريا: الديكتاتورية إلى حين…

دي بي أي:بعد تصاعد الانتقادات بشأن بطء تحركها اليونسكو تشرع بمساعدة مصر وتونس

عبد الباري عطوان:شكرا للتوريث على نعمة الثورات

القدس العربي:مقربون من القذافي يقولون انه لا يستبعد التوصل إلى حل سياسي مع الثوار


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141



اتصل بنا الناشط الحقوقي عضو لجنة الدفاع عن المحجبات وسام عثمان وأعلمنا بأنه وحوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر وبينما كان صحبة صديقين له واقفين حذو القصبة قدم اليهم مجموعة من اعوان البوليس بلباس مدني وامروهم بالانصراف فما كان منهم الا ان رفضوا هذه الاوامر التي تحد من حريتهم عند ذلك هاجمه الاعوان وعنفوه وكالوا له وابلا من الشتم والكلام البذيء ثم وقع اقتياده بالقوة الى مركز شرطة القصبة اين اعتدى عليه عون بلباس مدني وبحضور رئيس المركز بالضرب والشتم والكلام البذيء ثم اطلق سراحه حوالي الساعة الثامنة مساءا
الناشط الحقوقي السيد المبروك



قامت قوات البوليس عشية اليوم الجمعة غرة أفريل 2011 بالاعتداء بالضرب وبالقنابل المسيلة للدموع وبالرصاص المطاطي، حسب تصريحات شهود عيان، على المسيرة الجماهيرية التي نظمها المئات من الشبان من تونس العاصمة ومن بعض الجهات الأخرى وتوجهوا بها من أمام مبنى المسرح بشارع الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة إلى ساحة القصبة حيث كانوا ينوون الدخول في اعتصام « القصبة 3 » احتجاجا على ما اعتبروه التفافا على الثورة.
وقد ألحق هذا الاعتداء الوحشي أضرارا جسيمة بالعديد من الشبان خصوصا وأن المواجهات بينهم وبين تعزيزات البوليس الضخمة قد تواصلت بمناطق باب الجديد وباب الجزيرة وامتدت إلى شارع الحبيب بورقيبة ومنطقة الباساج من العاصمة تونس.
وإلى جانب ذلك عمدت قوات البوليس إلى ملاحقة الكثير ممّن كانوا يحملون آلات تصوير وحواسيب وأتلفتها كما قامت بالاعتداء على الكثير من المارة الذين لم يشاركوا في هذه المواجهات واعتقلت عددا من الشبان لم يقع حصره بعد. ولوحظ ضمن القوات البوليسية العديد من الملثمين ووجوها كثيرة من البوليس السياسي الذين كانوا يحاصرون مقرات الاحزاب السياسية والذين كانوا يعتدون على مناضلي المعارضة ونشطاء حقوق الانسان في عهد بن علي. وهو ما يؤكد فعلا أن أجهزة البوليس السياسي التي أعلن عن حلها قبل أسابيع ما تزال منظمة وتعمل وتعول عليها الحكومة في قمع حركات الاح تجاج ومجمل الأنشطة السياسية المعارضة. وحيال هذه التطورات، يؤكد حزب العمال الشيوعي التونسي مجددا أن حكومة قائد السبسي التي بدأت منذ مدة في الالتفاف على مكتسبات الثورة قد عادت، وعلى المكشوف إلى تفعيل القوانين القمعية المانعة لحرية التعبير والتظاهر وإلى التضييق على الاعلام وإلى ممارسة العنف والتعذيب وإلى الاعتقالات الجماعية تماما كما كان الوضع في عهد بن علي.
وهو إذ يعبّر عن شديد سخطه من توجه هذه الحكومة ومن سلوك البوليس الوحشي فإنه يؤكد للشباب المحتج مطلق مساندته ولضحايا القمع منهم كامل تضامنه معهم ويدعو الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الانسان وكافة الديمقراطيين وعموم الشعب التونسي للاحتجاج على هذا الوضع حماية لمكاسب الثورة وتعميقا لمسارها، وفاء لدماء الشهداء ولتضحيات الشعب التونسي. يسقط جلاد الشعب عاش الشباب، عاش الشعب التونسي عاشت الثورة
حزب العمال الشيوعي التونسي تونس في 1 أفريل 2011

(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 21 مارس2011)



عاد جزء من شباب الثورة اليوم إلى ميدان القصبة .. عُزّلا مسالمين لا سلاح لهم سوى إرادتهم وإيمانهم بعدالة مطالبهم التي يتفق مع أغلبها جلّ التونسيين.
ارتفعت أصواتهم الهادرة بنشيد إرادة الحياة وبشعارات العزة والكرامة والعدالة .. وفي المقابل ارتفعت في وجوههم هراوات البوليس السياسي وعصيّ قوات « مكافحة الشغب » أو بالأحرى « مكافحة الشعب »  . وهي قوات أرسلتها حكومة وقتية مؤقتة .. نسيت بسرعة أو تناست أنها جاءت للوجود نتيجة اعتصام سابق للشباب ذاتهم في القصبة ذاتها .. لتفرض عليهم .. وعبرهم على كل التونسيين « هيبة » زائفة ..
اختنق المعتصمون بغاز « الهيبة » وسالت دموعهم، كما سالت دماء قلّة منهم أصابتهم »الهيبة » إصابات بالغة .. وجاء ذلك العنف غير المبرّر ليبرّر الاعتصام الجديد، ويعطي المشروعية للمطلب الرئيس بالإلغاء الفعلي والنهائي لجهاز البوليس السياسي .. والقطع التام مع ممارسات العهد البائد .. ومع تصوّر بائد « للهيبة » يصوّرها في تضادّ وتنازع مع سيادة الشعب.
يا أيّها الذين آمنوا بالمواطنة والعدل والحرّية: لا هيبة لدولة تقمع شعبها .. ولا كرامة لشعب يقبل أن يُقمع قطاع منه ولو لم يوافقه المنهج .. ولا شرعية لحكومة تحاول فرض « هيبة »موهومة بأيادي غير نظيفة. عماد الدايمي


اتحاد الشباب الشيوعي التونسي لن نقبل بالعودة إلى الوراء


كما كان مقرراً انتظم آلاف المواطنون اليوم في مسيرة انطلقت من شارع الحبيب بورقيبة سابقاً متجهةً نحو ساحة الحكومة للقيام باعتصام القصبة 3 الذي أملته عودة حكومة السبسي إلى اجترار نفس سياسات الحكومات السابقة القائمة على منطق التعامل الفوقي والتفرد بالرأي وتجاهل المطالب الشعبية وتسويف الرأي العام بخطب و إجراءات دون تطلعات الشعب التونسي وتحت سقف مطالب الثورة التي جاءت لتقوض أركان الدكتاتورية ومقوماتها كشرط أساسي للمضي بخطى ثابتة نحو تأسيس وإرساء الديمقراطية الحقيقية .
وكما كان متوقعاً ، خاصةً بعد التهديدات الصريحة التي طغت على الخطاب الأخير للباجي قائد السبسي، ووجهت هذه الحركة المدنية السلمية بأعتى أشكال العنف البوليسي (غازات مسيلة للدموع ،غازات خانقة والرصاص المطاطي) وتم تفريق المتظاهرين وملاحقتهم باستعمال الدرجات النارية والهراوات (في باب جديد ، باب جزيرة وبرشلونة) ولم تقف هذه الحملة عند منع المتظاهرين من ولوج القصبة بل عمدت قوة البوليس وبشكل استعراضي على خطى نظام بن علي إلى افتعال اشتباكات مع المجتمعين في شارع الحبيب بورقيبة لتعاود انقضاضها على كل المتواجدين في شوارع العاصمة لتفرض حالة مÙ † العسكرة التامة. وأمام هذا الوضع الخطير يهم إتحاد الشباب الشيوعي التونسي أن يعبّر عن :
 إدانته وتجريمه لهذا التعامل الهمجي مع « حركة اعتصام القصبة 3 » وما يعكسه من تعد صارخ على حرية التعبير والتظاهر ومن تجاهل تام لمطالب الشعب التونسي في القطع الحقيقي مع منظومة الاستبداد كشرط أساسي لبناء الديمقراطية .
 إن هذا القمع جاء ليكمل سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة (إعطاء تأشيرات لرموز التجمع ،تعيين المتورطين مع النظام السابق في أجهزة الإدارة، عدم محاسبة المسؤولين على سفك دماء الشهداء من أبناء وبنات الشعب التونسي…)، وليثبت منطقها في التفرد بالرأي على المعارضة وعموم الشعب وبهدف الاستئثار بالحكم والقرار السياسي بما يخدم بقايا النظام والمتقنفذين وقطع الطريق أمام الإرادة الشعبية في كنس الاستبداد وبناء النظام الشعبي الحقيقي.
 إن اللجوء إلى العنف البوليسي هو ترجمة هذه الحكومة لما تعنيه من « هيبة الدولة » فهيبة الدولة في نظرهم لا تكمن في احترام مواطنيها والتعبير عن شواغلهم و مصالحهم وصون حقوقهم بل في قمع المواطنين ودوس إرادتهم بهدف صون عادات و تقاليد النظام البائد .
 إن ما يعيق التغيير الديمقراطي ليست مطالب المواطنين المشروعة ولا مطالب المعارضة السياسية بل هذه الحكومة التي تنتهج الاستبداد والتفرد بالرأي والقمع البوليسي الهمجي للحركة المدنية والسلمية.  دعوته كل القوى السياسية والتشكيلات الشبابية (جمعيات ، حركات ،مبدعين مثقفين) الداعمة لأهداف الثورة والعاملة على استكمال مهامها إلى رصّ الصفوف والعمل على توحيد الحركة الشبابية التونسية المناضلة وتنظيمها كي تكون قادرة على مواجهة قوى الردة والثورة المضادة والمساهمة من موقع متقدم في رسم ملامح تونس الديمقراطية (تقديم بدائل سياسية اجتماعية اقتصادية…) ولن يتم ذلك إلا بمواصلة النضال وتنويع أشكاله وفرض الحق في التظاهر والتعبير والاجتماع والذود عن مطالب الشعب التونسي في الحرية والديمقراطية وØ �لتخلص من الدكتاتورية، ومن أجل فرض المجلس الوطني لحماية الثورة بصفته التقريرية كسلطة ضامنة لتحقيق أهداف الثورة وحمايتها من الإجهاض والانتكاس .
تسقط بقايا الدكتاتورية تحيا الثورة واجب حق التظاهر واجب حق التعبير عاشت نضالات الشباب التونسي
إتحاد الشباب الشيوعي التونسي 1 أفريل 2011
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 21 مارس2011)



أعلن السيد حسين بالطيب أن مواليين للقذافي في مدينة بن قردان هددوه بالقتل و إحراق منزله و استهداف أسرته بعد أن منع يوم الأربعاء الماضي شاحنات ليبية من التزود بالوقود من تونس. وقال بالطيب و هو عضو  » بالمبادرة الأهلية لحماية الثورة « أن مئات الموالين للقذافي طاردوه أوّل أمس بأسلحة بيضاء. وذكر أنّه تلقى تهديدات عبر هاتفه الجوال بالقتل و إحراق منزله و استهداف أسرته . كما أضاف أنه تقدم بشكاية ضد المعتدين الذي قال انهم من البلطجية المرتبطين اقتصاديا بنظام القذافي ويعملون في الاتجار بالمخدرات و تهريب الممنوعات بين تونس وليبيا.  
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 01 أفريل 2011)



رفض مهاجرون تونسيون يزدحم بهم رصيف مرفأ جزيرة لامبيدوزا الايطالية ظهر السبت لفترة وجيزة تناول الغذاء الذي وزع عليهم في المكان طالما لن يضمنوا مغادرة الجزيرة، كما اعلنت السلطات المحلية.

ويطالب هؤلاء المهاجرون بمغادرة الجزيرة الصغيرة حيث يصل عددهم الى ما يقارب اربعة الاف وهم ينتظرون في ظروف غير انسانية منذ ان ادى بحر هائج الى تعليق رحلتهم موقتا الى مراكز استقبال اخرى موزعة في مناطق ايطالية مختلفة.
وقام مفوض في الشرطة هو المسؤول المحلي عن احلال النظام، باقناع المهاجرين بعد بضع ساعات بقبول الغذاء الذي قدمته لهم جمعية انسانية، على الرغم من ان تونسيين شكوا من انهم لم يأكلوا سوى الارز منذ عدة ايام.
وقد تم اجلاء حوالى 2500 منهم الخميس غداة زيارة الى الجزيرة قام بها رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني الذي اعلن انه سيتم افراغ الجزيرة من المهاجرين في غضون يومين او ثلاثة ايام، قبل ان تتوقف عمليات الاجلاء بسبب سوء الاحوال الجوية.
وصباح السبت تراجعت حدة الرياح قبل ان تعود فتشتد ظهرا ما حال دون تمكن السفن الكبرى الموجودة قبالة سواحل لامبيدوزا من الرسو والابحار مع المهاجرين.
وبعد الظهر لم تسمح الاحوال الجوية ايضا بابحار التونسيين الذين وقفوا في طوابير على الرصيف على امل الذهاب في اسرع وقت.
وجدد برلوسكوني القول السبت في مداخلة هاتفية اثناء لقاء سياسي في كاتاني في صقلية، انه سيتم اجلاء المهاجرين من الان وحتى الاحد، مضيفا ان ايطاليا « ينبغي ان تكون متفهمة ومضيافة لانها بلد كاثوليكي ومتحضر »، ومذكرا بانها كانت هي ايضا وفي ماض غير بعيد جدا دولة مهاجرين.
واكد رئيس الوزراء الايطالي مرة اخرى ان التونسيين الذين يستوفون الشروط يمكنهم الحصول على اقامة موقتة تسمح لهم بالتنقل بحرية في اوروبا.
وهذا الحل لم يلق رضى فرنسا لان غالبية التونسيين يسعون للدخول الى اراضيها.
ومنذ اسابيع تتهم ايطاليا الاتحاد الاوروبي ولا سيما فرنسا بغياب التضامن في ادارة ازمة المهاجرين الذين وصل اكثر من 22 الفا منهم الى اراضيها منذ بداية السنة، وهم قادمون بصورة اساسية من تونس.
وفي مقابلة نشرتها السبت صحيفة ايطالية، اكد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ان « فرنسا متضامنة كليا مع ايطاليا في ما يتعلق بموجات الهجرة التي تسببها الثورات في جنوب المتوسط ».
وبهدف تحفيز تونس على استعادة رعاياها، تعتزم فرنسا عرض اتفاق شراكة على هذا البلد مع الاتحاد الاوروبي، كما اضاف فيون.  

(المصدر: موقع « سويس انفو » (سويسرا) بتاريخ 02 أفريل 2011)


ايطاليا تصعد اللهجة مع تونس!؟ وزير داخلية برلسكوني: «اجبار» تونس على الالتزام بتعهداتها  


روما (وكالات) اعتبر رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أمس أن الحل الرئيسي أمام إيطاليا لحل مشكلة المهاجرين غير الشرعيين القادمين من تونس هو إعادتهم إلى بلادهم، مضيفا أن حكومته ستطلب من تونس قبول هذه الفكرة.
 
وأوضح برلسكوني « ستطلب ايطاليا من تونس قبول اعادة آلاف المهاجرين الذين وصلوا منذ بداية العام الجاري » الى جنوب شبه الجزيرة.
واعلن رئيس الحكومة الايطالية ايضا فتح مراكز محددة لاستقبال اللاجئين قرب الحدود للذين « عبروا عن رغبتهم في الانضمام الى اهلهم واصدقائهم في فرنسا او المانيا مثلا ». وقال إن بعض هؤلاء المهاجرين يمكنهم الحصول مثلا على « تصاريح اقامة تسمح لهم بالتنقل بحرية في اوروبا ».
من جهته، قال وزير الداخلية روبرتو ماروني في مؤتمر صحفي انها « تصاريح موقتة للذين يرغبون في لم شمل العائلة وهذا سيسمح بتجاوز العقبة التي تضعها دول مثل فرنسا امام حرية التنقل في مجال شينغن ». واكد وزير الداخلية العضو في حزب رابطة الشمال المعادي للمهاجرين ان ذلك « سيكون ايضا اداة ضغط في مواجهة رفض تام للتعاون » من قبل الدول الاوروبية الاخرى.
وبعدما اكد ان عمليات اعادة اللاجئين هي « الحل الرئيسي »، رأى برلسكوني الذي أدلى بتصريحاته قبيل زيارته إلى تونس أمس ولقائه رئيس الوزراء الباجي قائد السبسي ان « حلا حاسما قد يعتمد بعد » اللقاء. واوضح ماروني الذي يرافق برلسكوني في زيارته ان روما تنتظر أمرين من تونس هما « اعادة اللاجئين ووقف انطلاقهم » من السواحل التونسية.
واضاف « سنذهب الى تونس لاقناع تونس ان لم يكن اجبارها على الالتزام بالتعهدات التي قطعت » وخصوصا منع الراغبين في الهجرة من الانطلاق من اراضيها. وكان ماروني ووزير الخارجية الايطالي زارا الجمعة الماضي تونس البلد الذي منحته روما مساعدة تبلغ 80 مليون يورو لشراء معدات تستخدم في وقف تدفق المهاجرين و150 مليونا اخرى لانعاش الاقتصاد التونسي.
وقال برلكسوني انه ينوي ايضا « مواصلة الضغوط على المفوضية الاوروبية وينوي لقاء الرئيس جوزيه باروزو » ليطلب مساعدة ايطاليا على ادارة هذه الموجة من المهاجرين غير الشرعيين. ومنذ بداية العام وسقوط الرئيس زين العابدين بن علي، وصل نحو عشرين الف تونسي الى ايطاليا وخصوصا الى جزيرة لامبيدوزا (جنوب) مقابل اربعة آلاف العام الذي سبقه (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 أفريل 2011)



  تونس (وات) يؤدي رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني الاثنين المقبل زيارة الى تونس يتوقع أن يبحث خلالها بالأساس مع المسؤولين في الحكومة المؤقتة ملف الهجرة غير الشرعية.

ونقلت وكالة أنسا الايطالية للانباء عن سيلفيو برلسكوني قوله امس الجمعة انه سيكون من الممكن بعد لقاء الحكومة التونسية اتخاذ قرار نهائي في مسالة الهجرة غير الشرعية مضيفا الترحيل هو الحل الرئيسي بالنسبة الينا. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 02 أفريل 2011)



أمام تلكأ الحكومة السابقة و الحالية و مماطلتها في القيام بواجباتها تجاه الشهداء الذين وهبوا حياتهم من أجل أن ننعم نحن بالحرية و إعترافا منا بالجميل لكل من قدم نفسه فداء لوطنه و حريته أتقدم بهذا الإقتراح عسى أن يجد آذانا صاغية (خاصة من قبل الحقوقيين و المحامين) و المتعلق بتأسيس رابطة عوائل الشهداء.
تضم هذه الرابطة كل شهداء تونس الأبرار الذي « ارتفعوا » (و ليس سقطوا) دفاعا عن حرية تونس و عزتها و كرامتها و تهدف أساس إلى :
– تحديد قائمة إسمية بالشهداء الأبرار.
– تقديم الدعم المادي و المعنوي لعوائل الشهداء (من أبناء و زوجات و آباء و أمهات) و هذه ليست هبة و لا منة و هي أيضا لا تعوّض أبدا الأشخاص الذين فقدناهم.
– التعريف بكل شهيد و السعي لإطلاق أسم كل شهيد على الحي أو المنطق التي يقيم فيها.
– القيام ببحث حول ظروف إستشهاد كل مواطن أو مواطنة خلال ثورة تونس تمهيدا لإطلاق حملة قانونية لملاحقة القتلة ومحاسبتهم و هذه الناحية  تبقى هامة جدا خاصة و أن أغلب عوائل الشهداء يفتقدون لثقافة قانونية و تعقّد الإجراءات إضافة إلى حالتهم النفسية تحول دون متابعتهم لملفات القضية التي يجب أن يسهر عليها نخبة من ألمع رجال القانون حتى تسطع أنوار الحقيقة لعل ذلك يخفف شيئا من مصاب عائلات الشهداء.
– إختيار يوم وطني للشهيد نكرم فيه هؤلاء الذين دفعوا دماءهم ثمنا لحريتنا.
– دعم العلاقات بين عوائل الشهداء و ربط الصلات بينهم فمصابهم واحد.
– إقامة نصب تذكاري للشهداء يخلّد ذكراهم و يبرز مآثرهم و يعوّض صور الرئيس المخلوع التي ملأت المكان قذارة.  
و ختاما تبقى كلمات القائد الشهيد فرحات نبراسا إلى طريق الحرية التي هي أثمن من الحياة حين قال : « لأن أموت و دمي يروي دمي تراب هذا الوطن خير من أموت و دمي متجمّد في عروقي ».
يسري الساحلي



تونس ـ (الشروق):
علمت «الشروق» أن وزارة الداخلية سلمت صباح أمس الجمعة قرارا بالترخيص في تكوين حزب سياسي جديد يحمل تسمية «حزب المبادرة»
وبذلك يرتفع عدد الأحزاب القانونية في تونس الى 51 حزبا بعد أن أقرت وزارة الداخلية الأسبوع الماضي قانونية حزب المجد الذي يتزعمه الوجه السياسي المعروف عبد الوهاب الهاني.
وتأكد لـ«الشروق» أن السيد كمال مرجان وزير الخارجية الأسبق وهو من أبرز قيادات حزب المبادرة، ومن المنتظر أن تتضح تركيبة الهيئة التأسيسية لهذا الحزب في الفترة القريبة القادمة.
وكان تشكيل حزب المبادرة محل مخاض واسع، تميز بشح المعلومة وتخفيها اضافة الى ما اعتبره البعض من المطلعين على مراحل نقاش وتكوين الحزب عملية تحرّ دقيقة في طبيعة الأسماء التي سيتم التعويل عليها في مكاشفة الرأي العام بهوية هذا الحزب وأهدافه وبرامج عمله وبحسب ما حصلت عليه «الشروق» من معطيات فان «حزب المبادرة» سعى الى عدم اتاحة الفرصة لمتورطين مع الحزب الحاكم سابقا للدخول الى تركيبته وذلك بالرغم من الصعوبة التي ما تزال تواجه الحزب بخصوص مؤسسه كمال مرجان وما يروج من أخبار على صلاته الوطيدة بالنظام السابق على أن المقربين من حزب «المبادرة» يرون أن ما يروج لا يعد أن يكون في اطار المناورات السياسية والحزبية التي تعمد اليها بعض الأطراف لكسب تعاطف الرأي العام وتوجيه الانظار عن هذا الحزب أو ذاك ونفس المقربين من «المبادرة» يعولون على «نظافة مرجان» وعدم تورطه في ممارسات رديئة زمن النظام السابق وهو الأمر الذي لا يمكن نفيه أو تأكيده خارج دائرة الاثباتات أو الأحكام القضائية.
وذكرت مصادر «الشروق» أن حزب المبادرة سيتبنّى رؤية ليبرالية تحترم خصائص الهوية العربية الاسلامية وتسعى الى استثمار الرصيد التاريخي للحركة الوطنية والفكر الدستوري (حزب الدستور) بعيدا عن المنزلقات التي سقطت فيها البلاد بنشأة حزب التجمع الدستوري «الديمقراطي».   خالد الحداد   (المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 أفريل2011) 

 كنز آخر في قصر قرطاج العثور على 23 قطعة أثرية وتماثيل.. 1472 مسكوكة تاريخية.. 8 أوسمة مرصعة بالأحجار الكريمة ومسدس بالمكتب الشخصي للرئيس المخلوع  


علمت »الصباح » من مصادر مطلعة أن عملية تفتيش وقعت في الآونة الأخيرة بحضور أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس ومسؤول عن المعهد الوطني للتراث داخل المكتب الشخصي للرئيس المخلوع بقصر الرئاسة بقرطاج أسفرت عن حجز كمية كبيرة من القطع الأثرية بعضها نادرة وتعود إلى الفترة الإغريقية.
وحسب ذات المصدر فإن عملية التفتيش طالت ثلاث واجهات بلورية بالمكتب ضبط داخلها 23 قطعة أثرية بينها 19 قطعة فخارية وبلورية تمثل أثاثا جنائزيا من جرار وأكواب وتماثيل ومذبح تعود كلها إلى الفترتين البونية والرومانية إضافة إلى أربع قطع تعود للحقبة الإغريقية تتمثل في جرار وأكواب. كما تم العثور خلال هذه العملية على مسدس قديم بالبارود من نوع سان إتيان فرنسي الصنع يعود إلى القرن التاسع عشر.. هذا المسدس الذي له قيمة تاريخية يستعمل بالكابسول بواسطة الطارق ولا يحمل أي رقم.
وذكرت مصادرنا الخاصة أن عملية التفتيش توصلت إلى ضبط 1472 قطعة نقدية تزن حوالي 6،5 كيلوغرامات بينها قطع من المعدن الأصفر، وتتمثل في مسكوكات إيطالية وفرنسية وبلجيكية تعود إلى سنوات 1832 و1860 و1872 و1879 ما يجعلها تكتسي قيمة تاريخية هامة إضافة إلى خاتم مختوم من الفضة يعود إلى القرن التاسع عشر ويحمل كتابة بالعربية تبين إثر الاختبارات أن له قيمة تاريخية وأثرية. كما تم العثور على تسعة أوسمة أحدها من المعدن الأصفر يحمل صورة الزعيم الحبيب بورقيبة والبقية من المعدن الأصفر مرصعة بالأحجار الكريمة وتعود إلى عهد البايات وتحمل أسماء محمد الصادق باي وعلي باي ولها قيمة تاريخية ومادية هامة.
هذا الكنز التاريخي الذي عثر عليه هذه المرة بالمكتب الشخصي للرئيس المخلوع بقصر الرئاسة بقرطاج تم تأمينه لدى مصالح المعهد الوطني للتراث فيما تعهد عميد قضاة التحقيق بالبحث في الموضوع.  
صابر المكشر (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 أفريل 2011)



مهندس مسعود جبارة. الدوحة- قطر
بعد انتصار الثورة في تونس تحركت الجالية التونسية بقطر دعما لها ومساندة. ثم حددت كجالية مقيمة في دولة خليجية مضيفة سقف مطالبها. عملت على المطالبة بحقها في التنظم بتأسيس مجلس للجالية متأسية ببقية الجاليات المقيمة في دولة قطر وركزت اهتمامها لأولوية انتخاب مجلس لإدارة المدرسة التونسية بالدوحة التي افتكت منها في العهد البائد بالتنصيب وعدم الشفافية في الادارة والتسيير.
نجحت الجالية يوم 13 مارس 2011 في استصدار مراسيم من السفارة تثبت هذا الاستحقاق برسائل رسمية إلى كل من يعنيه الأمر في تونس وفي قطر وحدد موعد لانتخابات مجلس إدارة المدرسة يوم السبت 2 افريل 2011 وآخر لانتخاب مجلس للجالية يوم 16 افريل 2011-
وبإصدار هذه الوثائق عبرت السفارة عن التزامها مع الجهات المعنية بالانجاز والتنفيذ. كان ذلك أيضا في اجتماع عام بكل أفراد الجالية أشرف عليه سعادة السفير أحمد القديدي وبحضور نائبه وبقية طاقم السفارة.
استبشر التونسيون المقيمون بالدوحة لأنهم إضافة إلى ذلك سوف يسبقوا مواطنيهم في ممارسة حق وواجب الاختيار الحر لمن يمثلهم.
لكن الأمور أخذت منحى مغايرا إثر انهاء مهام السفير السيد أحمد القديدي، الذي كان داعما وسندا لمطالب الجالية المشروعة، يوم 15 مارس 2011 من طرف الحكومة التونسية المؤقتة. فظهرت في الدوحة بوادر للالتفاف على تلك المكاسب ومؤشرات بعدم التعاون من طرف القائم بالأعمال في السفارة تمثلت أولا بالتردد وعدم المضي قدما في الاستعدادات اللوجستية لهذا الحدث الانتخابي ثم بدأ يظهر انحيازا واضحا للمنسق العام للمدرسة الرافض لإجراء العملية الإنتخابية برمتها باعتباره مستفيدا من الوضع القديم القائم رغم ما يشيع أنه سيترك المؤسسة آخر هذه السنة الدراسية.
أمام هذا الصد التام أو التسويف، تكونت لجان ووفود للتفاوض مع القائم بالاعمال. لكنها لم تفض إلى شيء يذكر. لقد كان يحاجج بتعليمات استلمها من الوزارة في تونس بالوقوف على الحياد الأمر الذي فسره بعدم الفعل والإستقالة من الإيفاء بمطالب الجالية بينما فهمه الآخرون على أنه لا يعدو أن يكون سوى المطلب الديمقراطي المعروف لحياد الإدارة وعدم الإصطفاف إلى جهة دون أخرى أو التأثير في النتائج.
تم الاتفاق على المضي قدما في الترتيب للانتخابات، فبعثت لجنة لتنظيم عملية الاقتراع واصدرت لوائح لمشاريع قوانين مؤقتة لإدارة المرحلة التأسيسية واستلمت من السفارة قائمة المترشحين والمترشحات واستعدت لوجستيا لإتمام هذا العرس الإنتخابي في أحسن الظروف ومنها انطلاق الحملة الانتخابية.
وفي صبيحة يوم السبت 2 أفريل 2011 الساعة الثامنة صباحا تفاجأ الوافدون للقيام بواجبهم الانتخابي باغلاق أبواب المدرسة في وجوههم. ومع تجمعهم، استدعى لهم أحد موظفي المدرسة فرق التدخل الأمني القطري « فزعة ». تطلب الأمر الادلاء بالوثائق التي تثبت أحقية التواجد وتبريره وبذل الكثير من الجهود لاقناع الجهات الأمنية بقانونية التواجد. فأمرت قواة الأمن بفتح أبواب المدرسة إلا أن المحاسب حضر على جناح السرعة ليقول أنه يقوم نائبا عن المدير الغائب وأنه استلم للتو بالفاكس الساعة الثامنة والنصف صباحا كتابا من القائم بأعمال السفارة يلغي به كل الخطابات السابقة ويدعو لتأجيل الإنتخابات إلى أجل غير مسمى.
اعتبر الحاضرون ذلك إهانة لهم لا مبرر لها. فاصدار مراسيم في آخر لحظة لتلغي ما سبق وأن اصدرته السفارة نفسها وتسفيه السفير السابق واخطار الجهات الأمنية لترويع الناس وعدم مراعاة السمعة الطيبة التي يتمتع بها أفراد الجالية في المجتمع القطري والمحافظة عليها، يذكر بتعامل قوى الردة والجذب إلى الوراء التي تستعمل الطرق البلطجية والهجوم على المعتصمين في ساحة القصبة التونسية وساحة التحرير بالقاهرة.
هكذا انفض، وفي النفوس مرارة، هذا الاجتماع الانتخابي الاحتفالي دون أن ينجز مجلس ادارة ممثل وجديد للمدرسة ودون أن يحقق كل مقيم رغبته التي كبحها لسنين طويلة في الاختيار الحر والديمقراطي غير أن عزيمة أفراد الجالية التونسية بقطر كجزء من مواطنيهم في تونس لن تنفض ولن تلين.


بقلم:نورالدين المباركي

كان يمكن أن يكون خروج السيد فرحات الراجحي من وزارة الداخلية حدثا عاديا شأنه إقالة أو استقالة أي وزير ، خاصة أن البلاد عرفت منذ يوم 14 جانفي ثلاث حكومات ، لكن ربّما ثلاثة عناصر جعلت من هذا الخروج حدثا غير عادي على الأقل في الشارع السياسي.

 العامل الأول تكتّم الرئاسة المؤقتة وحكومة الباجي قائد السبسي على أسباب ودوافع هذه الإقالة واكتفائها بإصدار بلاغ قصير لا تختلف صياغته عن البلاغات التي كانت تصدر قبل 14 جانفي.
 أما العامل الثاني فإنّه حجم الوزارة التي كان يشرف عليها فرحات الراجحي وخاصة الملفات المطروحة عليها والمهام المنوطة لها خلال هذه الفترة الدقيقة التي تمر بها البلاد ، أما العامل الثالث فإنه ما يحاول « شباب الفيس بوك » اقحامه وهو شخصية فرحات الراجحي المرحة والمقبولة التي قطعت حسب رايهم مع « البرودة  » و « الصرامة » التي كانت تميز دائما وزراء الداخلية .
 ونعتقد أن البحث في هذه العوامل الثلاثة على أهميته لا يجب أن يبعدنا عن طرح السؤال الجوهري وهو هل أن إقالة السيد فرحات الراجحي ستساهم في تحقيق المطلب الأول للتونسيين وهو الأمن الذي مازال يعرف انفلاتا وهل أنها ستساهم في مزيد التقدم بمسار الإنتقال الديمقراطي ؟ وبعبارة أخرى هل أن هذه الإقالة هي خطوة إلى الأمام أم خطوتان إلى الوراء؟  يدرك كافة المراقبين للشأن السياسي أن السيد فرحات الراجحي تقلد المسؤولية الأولى في وزارة الداخلية في مرحلة دقيقة وحساسة تمرّ بها البلاد يمكن توصيفها كمن رميت بيديه جمرة وطلب منه أن يقبض عليها حتى تطفأ وهي الوقت ذاته هناك من ينفخ في هذه الجمرة حتى لا تطفأ وهناك من ينصحه بالصبر وهناك من يرفع معنوياته بالتأكيد أن الوقت كفيل بهذه الجمرة. ويبدو أن السيد فرحات اراجحي كان  » ضائعا »  بين هؤلاء ولا يعرف لمن يدير وجهه حتى قيل له : لقد فشلت في التجربة ويجب أن ترحل.
 ومن خلال تتبع الوضع الأمني  في البلاد وما عرفته وزارة الداخلية منذ يوم 14 جانفي يمكن القول بأن اقالة السيد فرحات الراجحي مصدرها وزارة الداخلية ذاتها أي أن وزارة الداخلية هي من أقالت وزير الداخلية !!
 عندما استلم السيد فرحات الراجحي الداخلية خاض معركة » مه من سماهم فلول النظام البائد في الوزارة تجلّى ذلك اقالة عديد الإطارات والكوادر ويبدو أنه قطع شوطا في هذه الصدد مستعينا في ذلك بدعم الجيش الوطني وهذه الحقيقة أكدها هو بذاته.  
غير أن « الصراع » داخل الوزارة تحوّل بعد ذلك من « معركة » مع فلول النظام البائد إلى « معركة » التقليل من تأثير الجيش الوطني داخل وزارة الداخلية وثمة في هذا الصدد عديد المعطيات التي تؤكد ذلك ، بدأت هذه المعركة بإقالة مدير الأمن الوطني السيد أحمد شابير وانتهت برأس الوزير ذاته السيد فرحات الراجحي.
 وربما هذا ما يفسّر حكومة السيد الباجي قائد السبسي على تقديم أي تفسير أو تبرير لهذه الإقالة ( على الأقل إلى حدّ اللحظة – الأربعاء 30 مارس).
إن اقالة السيد فرحات الراجحي لا تقلل من شيء من الإنجازات التي تحققت خلال تحمله المسؤولية وخاصة حلّ جهاز البوليس السياسي ورفع الدعوى لحل التجمع الدستوري الديمقراطي لكنها أيضا لا تخف أنه عجز عن تقديم ملف القناصة الذين سقطت الأرواح على أيديهم ولم يتمكن من وضع حد للإنفلات الأمني الذي تعرفه البلاد لذلك نقول إن هذه الإقالة قد تكون خطوة إلى الأمام إن كانت ستضع البلاد على سكة الإستقرار الأمني لكنها تبقى خطوة إلى الوراء إن كانت ثمار « صراعات » داخل وزارة الداخلية.  (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)
 


حكومة قائد السبسي وتجاذبات المرحلة المؤقتة: تخبّط في الآداء…تشابك في المصالح… وتداخلات بالجُملة  


بقلم :محمد بوعود لا يختلف اثنان أن حكمة السيد الباجي قائد السبسي المؤقتة، لاقت استحسانا لا بأس به، وردّات فعل ايجابية في مجملها، وان غلب عليها طابع التحفّظ لدى عديد القوى السياسية ولدى قطاع واسع من الجماهير الشعبية التي رأت فيها مزيدا من الارتداد إلى الوراء، كما رأت فيها أيضا محاولة للالتفاف على الثورة من خلال إقصاء رموزها والعودة الى رموز العهد الاسبق رغم فشل أسماء العهد السابق. لكن تغيير الحكومة في ذلك الوقت بالذات كان مطلبا ملحّا إلى درجة القبول بأي حكومة، مهما كان الاسم الذي سيرأسها، رغم أن اسم السيد باجي قائد السبسي كان متوقّعا، فقد وقع تسريبه قبل أسبوع من استقالة السيّد الغنّوشي، في محاولة جسّ نبض من صانع القرار، حتى يختبر ردود فعل الشارع والقوى الفاعلة فيه، طبعا بالإضافة إلى تزويده بعديد التفاهمات مع القوى الاجتماعية والنقابية التي تضمن له سلاسة في انتقال السلطة المؤقتة وتعفيه قليلا من الضّغط الذي تعرّض له سلفه وأجبره على الاستقالة.
لم تفاجئ الحكومة المؤقتة كثيرا من المراقبين، عندما واصلت في انتهاج سياسات سلفها، أثناء تعاملها مع الملفات الكبرى، ولا من طريقة تعاطيها مع المطالب الشعبية والقطاعية الكبيرة والتي تتراكم يوما بعد يوم، ولا أيضا في توجّهاتها العامة التي ترفض القطع مع الماضي، وتصرّ على أن تتعامل مع الوضعية الوطنية، لا كبلد في حالة ثورة، بل كبلد يلزمه قيادة، مهما كان شكلها أو نوعها، المهمّ أن تملأ الفراغ الذي خلّفته استقالة السيد الغنّوشي.
هذا الدوّر الذي عهدت أن تلعبه، أي مواصلة سياسة الحكومة المؤقتة السابقة، مع تغيير في الخطاب ليس الاّ، أوجد لها محيط رفض لا ينفكّ يكبر يوما بعد آخر، خصوصا لجهة اعتمادها على ذلك الغموض الإعلامي، الذي يشعر من خلالها المواطن، أن هذه الحكومة لا تصارحه، بل لا تتعامل معه باحترام، ولا تولي رأيه وضرورة اطّلاعه على ما يجري في البلاد، أي تقدير. بل إن الظهور النادر للسيد قائد السبسي، رغم الانطباع الايجابي الذي تركته أول طلّة متلفزة له، ساهم في تقوية الاعتقاد لدى الرأي العام بأن طريقة التسيير قاد عادت الى النموذج المتعارف عليه في التكتّم وعدم الظهور وممارسة السلطة بعيدا عن الرقابة الشعبية، والاقتصار على المشاورات مع القوى الصاعدة الجديدة، التي يعرف الشعب التونسي أن أغلبها قد ركب على الثورة ويسعى جاهدا لافتكاك موقع في دائرة صنع القرار، حتى يكون له النصيب الاكبر في اقتسام مغانم السلطة.
*آداء سياسي متخبّط بماكينة مهترئة
عادة ما تكون المراهنة في الحكومات التي تتحمّل مسؤولية ثورة شعبية، أو تتصدّى لمهام الإنقاذ، على مجموعة من العوامل، ترتكز عليها في أدائها، وتعتمدها كوسيلة إقناع قادرة على تحشيد الجماهير وكسب ودّ الشارع الذي يكون عادة في حالة احتقان، وتكثر مطالبه، ويتعاظم تأثيره، فتحاول الحكومة التجاوب معه قدر الإمكان، وتلبية أكثر ما يمكن من انتظاراته، وإيجاد جوّ من التلاحم معه، حتى تتمكن بدورها من الصمود أمام الاستحقاقات الكبرى وتجاوز المراحل الصعبة من المهام المطروحة عليها.
على عكس ذلك، لم تُعر حكومة السيد قائد السبسي أي اهتمام يُذكر إلى هذا الشارع، وواصلت في انتهاج نفس سياسة سلفها، خصوصا في المجالات الأكثر حساسية للشعب، كالتعاطي السياسي اليومي معه، سواء من خلال الخطاب الإعلامي الموجّه له، أو من خلال التعيينات السياسية، كمناصب الولاّة والمعتمدين وسائر المسؤولين الجهويين، والتي واصلت فيها الاعتماد على العناصر التجمعيّة رغم معرفتها الأكيدة أن هذه العناصر لم تعد مرغوبة ولا هي قادرة على تسيير الأمور، بل وحاولت تجاهل شعار ديقاج، الذي رفعته الجماهير الشعبية في وجه جميع هؤلاء المسؤولين، سواء في حكومة الغنوشي الأولى أو الثانية. وهذا الإصرار على تعيين نفس الوجوه من نفس الخطّ السياسي هو في نهاية الأمر محاولة تحدّي حاولت من خلالها الحكومة الجديدة اختبار مدى قدرتها على فرض نمط معيّن من السلوك السياسي يعتمد تكريس الموجود والتشبّث بالادارة القديمة، وترقيع ما يمكن ترقيعه، دون أية محاولة جادة لتثوير الادارة أو القطع مع العهد البائد، ودون أي اشارة الى مقتضيات الحالة الثورية التي ترفض كلّ قديم وتسعى نحو الانعتاق من ربق حقبة سابقة سادت طويلا وتحكمت كثيرا بمقدّرات الشعب والبلاد.
*تشابك المصالح بين قوى الضغط أربك الآداء
لم تكن الفترة التي تحمّل خلالها السيد الباجي قائد السبسي فترة وردية ولا هي فترة استقرار بالمعنى السياسي للكلمة، ولا هي أيضا فترة ارتخاء بالمعنى الاجتماعي أو رخاء بالمفهوم الاقتصادي، بل كانت فترة انتقالية، غلب عليها التخبّط والأداء العشوائي لقطاعات واسعة من شرائح الفعل الإداري والسياسي، وأيضا فترة فوران للمطالب الشعبية وارتفاع مهول في سقف الطلبات والانتظارات.
 لكن الأهمّ يبقى بلا شكّ أنها فترة صعود مراكز قوى جديدة، ومجموعات ضغط، تحاول باستماتة استغلال الظرفية التاريخية والضعف الحكومي والانفلات الشارعي، لتحقيق أكبر ما يمكن من مكاسب، متسلّحة بخطاب ثوري، يجعل منها طليعة ثورية لا يُردّ لها طلب، وقوة شعبية عارمة قادرة على اكتساح كل المجالات وفرض رأيها في جميع المسائل سواء التي تعنيها أو التي لا تقرب أصلا من مجال اختصاصها، منتهزة أكبر ما يمكن من قدرات وفّرتها الثورة ودعّمها ضعف الحكم وساندها تغييب الشارع.
وقد رأى كثير من المراقبين، أن الطلائع الثورية الجديدة، التي تتصدّى الان للنطق باسم الشعب، وتحتكر التعبير باسم الشارع، وتذهب بعيدا في املاءاتها على الحكومة، كالمحامين والقضاة والنقابيين وبعض الاسماء المستقلة التي تستمدّ حصانة غير معلومة المصدر وقوة تأثير خفية على الاحداث والتسميات والمهام، وغيرها من عوامل الضغط الخفية والمعلنة، والتي راجت سوقها وحضر تأثيرها في القرار السياسي، في ظلّ غياب شبه تام للتشكيلات الحزبية والسياسية عن المشهد السياسي، بعد خروج كل من السادة نجيب الشابي وأحمد إبراهيم، وقبلهما السيد مصطفى بن جعفر، من الصفّ الحكومي وانكفائهم إلى مواقعهم الحزبية، والعودة الى صفّ المعارضة، وهو ما أوجد بالضرورة – رغم تحفّظ قطاعات واسعة من الشعب على أدائهم إبّان تواجدهم في الحكم – هذا الانكفاء الحزبي والسياسي، أوجد أرضية جاهزة للجمعيات والمنظمات والقطاعات كي تمارس نفوذها على حكومة ضعيفة تحاول تلمّس طريقها وسط حقل من الألغام، وأجبرتها بالتالي  هذه القوى « الثوريةّ » الصاعدة، على الخضوع لمطالبها والرضوخ لمشاورتها واملاءاتها في كل خطوة تعتزم القيام بها. والجمعيات أو المنظمات، عادة ما تفتقد للصوابية في الفعل السياسي، والمنهجية في القيادة، نظرا لأن تركيبتها غير مؤهّلة لتسيير حكومي أو إداري وذلك بالنظر إلى تداخل طبيعي يحصل آليا بين مصالحها القطاعية وبين الاستحقاقات الشعبية، ونظرا أيضا لافتقارها للبرنامج السياسي والثقل الحزبي الذي يؤهّلها لأن تكون في طليعة قوى الحكم دون أخطاء من نوع الموالاة والمحاباة.
ويظهر هذا التأثير جليّا خاصة في اختيار أعضاء الهيئات، حيث أن الإقصاء المتعمّد للكفاءات السياسية التي تربّت داخل منظومات حزبية، واكتسبت قدرة على التحليل والاستشراف، وتهميش دور  القوى الشعبية الأساسية، والاستعاضة عنه بما يسمّى الشخصيات الوطنية، أو من خلال الاقتصار في التشاور على هذه القوى التي هي في النهاية لا تمثّل الا قطاعات محدودة من الشعب التونسي ولا تحظى بالحضور إلا في مجالاتها. ولم يعد يخفى على الشارع التونسي اليوم أن هذه التشكيلات القطاعية قد استغلّت أكثر ما يمكن ضعف حكومة قائد السبسي ومرّرت أكثر ما يمكن من مطالبها وبرامجها القطاعية الخاصة وتناست في خضمّ تكالبها على حماية نفسها من المساءلة وتحصين تشكيلاتها من التثوير والمحاسبة، تناست المطالب الشعبية التي تزعم إعلاميا على الأقل أنها تسعى لتحقيقها وتناست الثورة التي تدّعي أنها تناضل لتكريس شعاراتها.
*تداخلات بالجملة تضيّق مجال المبادرة
لا أحد يستطيع ان يزعم أن حكومة قائد السبسي قد وجدت أرضية مهيّأة لبداية ممارسة الحكم بسهولة ولا ظروفا دولية وإقليمية مساعدة على النهوض بالدور الوطني الذي ينتظره الشعب، ذلك أن الغموض الذي يحيط بصنّاع القرار، والذي يكاد يحوّل الحُكم في تونس إلى هُلام غير مرئي للقوى الأساسية التي تسيّره من وراء ستار الحديدي من الغموض، أشبه ما يكون بما شهدته الجزائر في سنوات الجمر، حيث أن المواطن يعرف الرئيس والحكومة والبرلمان ولكنّه لا يعرف الحاكم الفعلي الحقيقي، وحيث تُدار الأمور بتدخّلات لا يعلمها إلا الراسخون في العلم أو الراسخون في الحلقة الضيّقة لدائرة الحكم والنفوذ.
هذا الغموض في سلطة القرار الحقيقية، أوجد عديد المصاعب أمام حكومة قائد السبسي، وجعل آداءها الخارجي يزداد ضعفا يوما بعد يوم، وأعتقد أن استعراض بعض التصريحات والتصرّفات في هذا المجال كفيلة وحدها بتفسير الآداء الهزيل لحكومتنا في مجال العلاقات الدولية.
-زيارة السيدة هيلاري كلينتون –غير المرغوب فيها جماهيريا – والترحيب الحكومي المبالغ فيه -تصرّفات حرسها الخاص واستهانتها بكرامة الصحفيين التونسيين ومن ورائهم الشعب التونسي -اعتذار وزير الخارجية للسيدة هيلاري وكأن الشعب التونسي هو الذي أساء استقبالها -تصريح الحكومة في وسائل الإعلام بان الإدارة الأمريكية أعطت هبة بقدر 169 مليون دولار لتونس منها 20 مليون دولار لإنشاء الأحزاب والصّحف – نعم هكذا – وهو بكل بساطة شرعنة للمال السياسي وتأجير للراي العام للمشهد السياسي لمن يدفع أكثر.
-تصريحات الرئيس الفرنسي ساركوزي بأن فرنسا ملتزمة بالدفاع عن تونس في كل المحافل الدولية، وسكوت حكومتنا على ذلك في اقرار بالعجز والتبعية. -السلبية التي تتعاطى بها الحكومة مع الملفّ الليبي بكل مخاطره الجاثمة على حدودنا الجنوبية والشرقية، وعدم التعاطي معه سياسيا بما يقتضيه وضع الجيرة، الاكتفاء بالصمت وتطبيق القرارات الامريكية المملاة من السيدة هيلاري كلينتون.
-الاتفاق الغامض مع الجانب الايطالي حول الهجرة السرية، والذي يمكن له أن يبيح سواحلنا ومياهنا الاقليمية وسيادتنا الوطنية للايطاليين.
اضافة الى الحضور الباهت في المحافل الدولية والانكفاء عربيّا، في الوقت الذي من المفروض أن يكون دورنا الاشعاع، باعتبارنا نظريا أو على الاقل من وجهة نظر الشعوب العربية الاخرى نحن صنّاع أول ثورة شعبية وروّاد التحرّر في الوطن العربي، وهو دور لم تستطع الحكومة المؤقتة ان تلعبه، بل تدلّ بعض تصرّفاتها أنها تحاول ان تتجاهله ان لم نقل تتبرأ منه.
وكلّ هذه الارباكات، وكل هذا الغموض الذي يطبع المسار السياسي في الداخل والخارج لحكومة السيد باجي قائد السبسي، اضافة الى عدم وضوح الرؤية في ما يخصّ المحطات الانتخابية المصيرية القادمة ولا نوعية التعاطي معها ولا آليات انجازها، تجعل المواطن يتساءل ان كانت فعلا حكومة مؤقتة، أو هي مجرّد حكومة وقتية، حتى يجد صنّاع القرار حكومة مؤقّتة أخرى.
 (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)

أمين عام الاتحاد الطلبة : مواقف الحكومة متذبذبة … والمنظمة الطلابية من اجل بديل مجتمع حداثي  


حاوره :  اسكندر العلواني   عانت المنظمة الطلابية الاتحاد العام لطلبة تونس سنوات من التهميش والابتزاز ساهم في تقليص دوره الفعال في تأطير الطلبة , الأمين العام  » عز الدين زعتور  » في حوار صريح وجريء مع جريدة  » الوطن  » يجيب على بعض التساؤلات : حاوره اسكندر العلواني .   مرّ الاتحاد العام لطلبة تونس بصعوبات منذ أكثر من 5 سنوات حال دون انجاز مؤتمره لو تحدثنا  على تلك الفترة ؟
– في الحقيقة الاتحاد العام لطلبة تونس منذ عودته للعمل القانوني عانى الكثير من الإقصاء والمنع الممنهج من النشاط وقدّم تضحيات كبيرة من أجل الحفاظ على استقلالية قرارات هيأته هذا بصورة عامة لكن بشكل خاص خلال 5 سنوات الأخيرة فان الاتحاد العام لطلبة تونس تعرض لهجمة استهدفت وجوده حيث تمّ طرد العشرات من مناضليه وإطاراته عبر مجالس تأديب كيدية ومحاكمة أكثر من 20 مناضل وإطار وفي صلبه يتّهم مفتعله وسجن ما يقارب عن 30 مناضل . واغلب هذه الممارسات القمعية اقتربت بمنع النشاط النقابي داخل الجامعة هذا إلى جانب هرسلة عديد العائلات بسبب نشاط أبنائها في صلب الاتحاد العام لطلبة تونس . كما أن الاتحاد تم حرمانه من التمويل العمومي ومنعه من عدة انتخابات داخل الفضاءات الجامعية كما تعرض مناضليه إلى عمليات عنيفة من قبل طلبة الحزب البائد كل هذه الظروف لم تمنع مناضلي الاتحاد من مواصلة دوره داخل الجامعة في فضح هذه الممارسات التعسفية وكشف واقع التعليم في تونس والدفاع على عموم الطلبة ومواصلة الإعداد للمؤتمر الوطني الموحد الذي منع بقوة البوليس حيث تمّ منع المؤتمرين من التحوّل من الجهات الداخلية لبنزرت وتونس وتم تطويق المقر المركزي ومتابعة الأمين العام وحرمانه من التواجد في الأماكن العامة وتواصل هذا السلوك القمعي إلى حدود 14 جانفي 2011 .
 
خاضت المنظمة صراعات في داخلها باختلاف ألوانها السياسية لو تبيّنتم أهمّ الاختلافات وانعكاساتها على المنظّمة الطلاّبية ؟

– الاتحاد العام لطلبة تونس يعاني منذ دعوته للعمل القانوني من الصراعات والاختلافات وان كانت هذه الاحتجاجات والاختلافات في ظاهرها ظاهرة صحيّة  تميّز النّضال الشبابي المتعلّم الحالم والمطّلع على تجارب متنوعة لكن في الحقيقة الأمر إنّ هذه الصراعات كانت خارج الجامعة التي سرعان ما تنعكس مباشرة على هياكل الاتحاد كما أنّ هذه الصراعات في اغلبها لم تكن حول برامج نقابية أو حتّى سياسية وإنما كانت صراعات حول مواقع داخل هياكل الحزب وخاصة داخل المكتب التنفيذي وخصوصا من يتحكم في الاتحاد العام لطلبة تونس وبالتالي تتعلق باستقلالية المنظمة على الأحزاب السياسية وخلاصة القول وان نجحت مختلف الأجيال في تحقيق استقلالية الاتحاد عن السلطة فإنّها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق هذه الاستقلالية عن الأحزاب السياسية .
تروج أنباء عن محاولات لمّ شمل مناضلي الاتحاد من اجل مؤتمر موحّد ؟

– إنّ محاولات لمّ شمل مناضلي الاتحاد من اجل مؤتمر موحّد هي قناعة جازمة ومنهج متمسّكون به منذ دخولنا في مشروع المؤتمر الموحّد ولحدود هذه اللحظة أيادينا مفتوحة لكلّ من يروم النضال داخل هياكل الاتحاد  ويجب إنارة الرأي العام حول مسالة رئيسيّة أن اغلب الأطراف الطلابية داخل الجامعة يناضلون منذ سنوات بشكل مشترك ومتمسكون بخيار المؤتمر الموحّد وانّ الذين اختاروا البقاء خارج هياكل الاتحاد هي نتاج  قرارات انفعالية ذاتية لا تمتّ بصلة لواقع الجامعة والتحدّيات المطروحة على المنظمة الطلابية في المستقبل من ناحية ثانية فانه اليوم على الاتحاد التوجه لعموم الطلبة وتمكينهم من أداة نقابية تؤطر تحركاتهم وتدعّم وحدتهم وتكرّس السلوك المدني وتحافظ على مكاسب الجامعة وتساهم في بناء البلاد .
كيف تقيّم دور الاتحاد العام لطلبة تونس في هذه المرحلة ؟
– دور الاتحاد العام لطلبة تونس في هذه المرحلة دور دقيق ومتنوع . يتمثل في دقة تاريخية المرحلة حيث أن كلّ المبرّرات السابقة التي تفسّر عدم انتشار المنظمة في مختلف المؤسسات الجامعية قد زالت وعليه الالتصاق بالطلبة ودعم التمثيل الطلابي ضرورة ملحّة.  وإرساء التعايش الديمقراطي داخل الفضاء الجامعي موكول إلى المنظمة.  من ناحية أخرى فانّ للاتحاد دور متقدم في المساهمة في التحول الديمقراطي الذي تعيشه البلاد حيث أن فئة من الطلبة تمثل قاعدة انتخابية هامة عليها الإسهام الايجابي في هذه المرحلة التاريخية إلى جانب ذلك فانّ الاتحاد العام لطلبة تونس يجب عليه تطوير آلياته في العمل النقابي وعليه إرساء بدائل بخصوص منظومة التعليم العالي والخدمات الجامعية كما يجب عليه الابتعاد على الشعارات الفوقية التي تنفّر الطلبة وتلهيهم عن مشاغلهم الحقيقية .
الاتحاد العام لطلبة تونس في مجلس حماية الثورة وسط تباين الآراء داخل هياكله كيف ذلك ؟   – الاتحاد العام لطلبة تونس في مجلس حماية الثورة هو أمر طبيعي وواجب نضالي وتكريس لما جاء في قوانينه وتوجهاته فهذا المجلس مجمّع لأغلب منظمات المجتمع المدني والسياسي وهو فضاء يمكننا من خلاله للتعبير عن آرانا وتصوّراتنا في المخارج الضرورية لبلادنا اثر ثورة 14 جانفي وقد أثبتت الأيام والأشهر فاعليّة هذا المجلس في الواقع ولعلّ هذه المكاسب تؤكد صحّة التمشّي وخيار قيادة الاتحاد أما الذين يقفون على الربوة ويمرّرون عداءهم لمجلس حماية الثورة تحت عناوين انتهت . وان المجتمع المدني ليس من حقه الانتماء لمجالس وهيئات تعنى بالشأن السياسي وهذا توظيف للاتحاد هي مسائل مغلوطة فالمرحلة التي تمرّ بها البلاد هي مرحلة انتقالية استثنائية تستدعي من كل المنظّمات والأحزاب الإسهام في إيصال هذا الوطن العزيز إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي الفعلي والى رسم بدائل اجتماعية تدعم مكتسباتها وتطورها .
ما هو موقفكم من الحكومة الحالية ؟   – الحكومة الحالية لا زالت في ممارسة مهامها متذبذبة وغير فاعلة كما إنها لم تقدم إجابات واضحة وصارمة في عديد المسائل كما أنها ظلت متردّدة في مسالة المشاورات مع المجتمع المدني والسياسي على غرار الاتحاد العام لطلبة تونس. أما في المسائل الاقتصادية والاجتماعية لم تحرك ساكنا تجاه الجهات المنكوبة والمتضررة خاصة تجاه عائلات الشهداء حيث أنّ العديد من الجهات في تونس أضحت تتمنّى زيارة مسؤول من هذه الحكومة …؟
هل سيكون الاتحاد طرفا فاعلا في انتخابات المجلس التأسيسي ؟   – انطلاقا من وعينا بدور الاتحاد في تأطير ما يقارب عن 380 ألف طالب بالجامعة التونسية ووعيا منا أننا قوة من قوى المجتمع المدني وسلطة مضادّة فانه سيكون دورنا يرتكز على تشجيع الطلبة على الانخراط في العملية الانتخابية كما أننا ندرس تقديم مبادرة لتكوين الطلبة في مراقبة الانتخابات هذا من ناحية تقنية . وعلى مستوى التوجهات العامة فان الاتحاد العام لطلبة تونس بمناضليه وهياكله وأنصاره سيكون إلى جانب الديمقراطيين والتقدميين الذين يناضلون من اجل بديل مجتمع حداثي يدعم مكتسبات تونس من اجل بناء تعددية ديمقراطية تتسع لكل التونسيين .    (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)


بقلم: عبد الفتاح كحولي   عرفت البلاد في الأيام الأخيرة جدلا واسعا حول قضايا عديدة تتصل بالانتقال إلى الديمقراطية وموعد 24 جويلية الذي سيكون حاسما في تحديد مستقبل البلاد سياسيا. لقد تنوعت المسائل المعروضة على الجدل وتعددت زوايا النظر بتعدّد مقاربات وزوايا نطر مختلف الشرائح ولكن ما يلاحظ هو الإغراق في التعاطي التقني الإجرائي مع بعض المسائل التي لا يمكن التعامل معها إلا على أنها مسائل سياسية بالدرجة الأولى.
وإذا كانت الكثير من القوى قد أعطت الأولوية للمقاربة السياسية بصدد الحديث عن القانون الانتخابي فإن مخاطر عديدة تتهدد المجال السياسي مستقبلا لم تأخذ حظها من الاهتمام في هذا النقاش العام وأهمّ هذه المخاطر المال السياسي الذي قد يكون عاملا حاسما في رسم الخارطة المستقبلية إذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بدرء مخاطره .
ولاشك أنّ النظام الديمقراطي قد قام تاريخيا بوصفه النقيض الموضوعي للاستبداد السياسي غير أن هذه النشأة للديمقراطية في مواجهة الاستبداد قد ألقت بظلالها على المقاربة السياسية وتمّ التغافل عن المسار التطوّري الذي عرفه النظام الديمقراطي  وما صاحب هذا المسار من إشكاليات وقضايا متجدّدة إذ وجدت القوى الديمقراطية نفسها في لحظة من لحظات التاريخ  في مواجهة معضلات جديدة غير معضلة الاستبداد وأهمّها المال والإعلام وهو ما يستوجب تغييرا في زوايا النظر حتى تدرك القوى الديمقراطية حقيقة العوائق التي ترتسم أمامها وتسدّ الطريق أمام بلوغ أهدافها فالكفاح من أجل الديمقراطية لا ينحصر فقط في الكفاح ضد الاستبداد السياسي بل قد يتجاوزه إلى كفاح ضدّ سطوة المال وضد نمط من الإعلام المضلّل الذي يسعى إلى تشكيل رأي عام في خدمة مصالح محدّدة وقوى محدّدة.
ولا يمكن تبيّن خطورة المال إلا إذا رجعنا إلى أصول المسائل وأوّلها المسألة الحزبيّة وحقيقة الدّور الذي يجب أن يلعبه الحزب السياسي في الحياة العامة فالحزب هو عبارة عن هيأة تقوم على التوافق حول إيديولوجية أو برنامج ما تقوم بتأطير المواطنين وتسعى إلى الحكم أو التأثير في قرارات السلطة الحاكمة وتعبّر عن وجهات نظر هي ترجمة لمصالح معيّنة على صعيد الصراع الاجتماعي لأن البرامج السياسية تعبّر في المجمل عن مصالح  طبقة أو تحالف طبقي لذلك نجد تعبيرات اليمين واليسار والوسط كما تعبّر هذه الأحزاب عن وجهات نظر إزاء قضايا شائكة مثل الهويّة والانتماء فالأحزاب تخاطب عموم المواطنين بوصفها وجهات نظر إزاء صراع المصالح أو إزاء قضايا حارقة تمسّ عموم البنية الاجتماعية.
وإذا كان الحزب في المقام الأوّل تعبيرا عن تمثيلية اجتماعية وعن وجهة نظر ما فما هو الدّور السلبي الذي يمكن أن يلعبه المال السياسي .
إنّ العلاقة بين الحزب السياسي والمواطن أو الناخب تتأسّس في صورتها الأصلية على نوع من التواصل يقوم على النقاش والإقناع بكل ما يقتضيه ذلك من وضوح في البرامج وخلفيّات هذه البرامج حتى يدرك المواطن أيّا كان انتماؤه الاجتماعي الحزب الذي سيعبر عن وجهة نظره ويدافع عن مصالحه وهذه العلاقة هي وحدها الكفيلة بتأهل المجال السياسي وبنائه على قواعد راسخة وسليمة وعلى تواصل واضح بين مختلف مكوناته, فصراع البرامج والأفكار هو الذي يعطي للتنافس مضمونه السياسي ويبني أغلبيات واضحة وأقليات واضحة وإذا دخل المال السياسي حلبة الصراع والتنافس فإنه سيلغي الشروط  الكفيلة بإنتاج مجال سياسي  واضح المعالم لأن الفائدة المباشرة ستتغلّب على الأمل في تحقيق مكاسب مشتركة ولأن المصالح ذات الطابع الجماعي ستتذرّر  لتنتج كمّا هائلا من المصالح الفردية الآنية الضيّقة ثم إنّ هذا المال السياسي سيكون حاسما في إخماد خبوة التنافس بين البرامج والرؤى لأن النتيجة ستكون معقودة على القدرة على توزيع الهبات وليس على قوة البرنامج وسلامة النظر وهكذا قد تنسحب من الساحة أفكار عظيمة لأنها لم تجد السند المالي في حين قد يثبّت المال نفوذ شخصيات دون أي مضمون سياسي واضح وتغدو لعبة البقاء مرتبطة بالثروة وليست مرتبطة بقوة الأطروحة وسلامة الرأي.
إن هذه المخاطر غير مرتبطة بمجرد تأمل نظري بل إن تجارب كثيرة تؤكد صحة المخاوف والأمثلة كثيرة حتى في الدول القريبة منا إذ عرفت بلاد مثل المغرب ميلاد أحزاب جديدة استطاعت في ظرف قياسي بلوغ المراتب الأولى رغم ضبابية الفكرة وضعف الرصيد وكان العامل الوحيد في ذلك هو المال السياسي كما أن العديد من التجارب الغربية تؤكّد صحة ذلك ولا يتعلق الأمر هنا بحجم الهبات التي قد يقدّمها هذا الحزب أو ذاك للناخبين بل إن الأمر أكثر تعقيدا من هذا فالجهات المالكة للثروة تكون لها القدرة الفائقة على التحرّك وتوفير مستلزمات ذلك بل تكون لها القدرة على صناعة  » مشهديات » تعطي الانطباع بأنها الأقوى والأكثر حضورا وهو أمر حاسم في هذا العصر تتبوأ فيه الصورة المكانة العالية فإنتاج الصورة والمشهد سيكون حاسما في رسم الخارطة السياسية.
إن المال السياسي من المعوقات الرئيسية التي يمكن أن تساهم في إنتاج مجال سياسي مشوّه لا يقوم على وضوح الأفكار والبرامج بقدر ما يقوم على جاذبية المشهد وعلى تحصيل المنفعة المباشرة وكل ذلك مرتبط بالقدرة على ضخ المال من أجل إنتاج مشهد أكثر جاذبية وقد ينخرط الناخب في مسار لا يخدم مصالحه الحقيقية باعتبار انتمائه الاجتماعي الطبقي وكل ذلك يفقد المشهد مضمونه السياسي ليحوّله إلى مجرّد تنافس بين الأقوياء ماليا بقطع النظر عن الخلفيات والأفكار التي يصدرون عنها .
 
إنّ هذه المخاطر التي قد تصل درجة تخريب المجال السياسي عامة هي التي تجعل قانونا من قبيل قانون تمويل الأحزاب يتعدّى جانبه الشكلي والإجرائي ليكون موضوعا سياسيا بالدرجة الأولى لأن هذا القانون سيعكس علاقات القوة وحجم جميع الأطراف لا على مستوى الانتشار وصدى الفكرة التي يعبّر عنها كل طرف بل على مستوى الاقتدار المالي من هنا يصبح السؤال عن نوع التمويل الذي سينص ّ عليه القانون الجديد سؤالا له كل المسوّغات السياسية . هل يجب أن يكون التمويل عموميا أم خاصا أم خاصيّا مرتبط بسقف أقصى.  ما هي الإجراءات الكفيلة بالحدّ من تدخل المال في السياسة هل يصل الأمر حدّ التحريم أو إلغاء الترشح أمام أي تجاوز هذه كلها أسئلة متولدة عن ثقل السؤال الأصلي أيّ نمط من التمويل هو الأصلح بالنسبة إلى ديمقراطيتنا الناشئة وبالنسبة إلى أي بناء ديمقراطي غير مشوّه.
ولا شك أن تمويلا عموميا يوفّر الحدود الدنيا للنشاط السياسي مع إجراءات فعالة لمراقبة كل أشكال التمويل الأخرى هو الكفيل ببناء قاعدة صلبة للفرز السياسي لأن توفير هذا الحدّ الأدنى هو الذي سيمتن قاعدة تكافؤ الفرص بين الجميع بعيدا عن كل امتياز عدا ما يعرضه كل طرف من أفكار وبرامج ونوع الخطاب الذي ينتجه من أجل إقناع الكتلة الناخبة ببرنامجه وتصوره في كل المجالات وحول مختلف القضايا التي هي مدار نقاش وجدل.
إن قانونا للتمويل العمومي يعتمد على الحدّ الأدنى المشترك وعلى محفّزات إضافية ترتبط بمعايير دقيقة قابلة للقيس هو الكفيل بإنتاج مجال سياسي يعطي لكل طرف حجمه الحقيقي ويمنحه حقوقه الكاملة في التنافس على قواعد سياسية كما أن هذا القانون هو الذي سيمكّن من فرز العمل حسب المقتضيات السياسية المتصلة بمدى انتشار الأفكار في المجتمع وبمدى قابلية البرنامج لأن يكون محلّ قبول من كتلة انتخابية قادرة على الوصول بهذا البرنامج أو ذاك إلى المؤسسة التشريعية أو غيرها . هذا الفرز السياسي سيمكّن من هو قادر على الاستمرار و من البقاء ويمحو من هو غير قادر على ذلك دون قهر أو غبن كما أن هذا القانون الذي يمنح للجميع قدرا متساويا من الحضور سيمكّن السياسي من أولوياته الضرورية ومن ثم ّ يمكن – في ضوء فرز سياسي حقيقي – المرور من الأحزاب  الصغيرة إلى الأقطاب السياسية الكبرى.
إن أولوية السياسي ستفرز نقاشا عامّا يعطي الأهمية اللازمة للمقاربة والأطروحة ولعلاقة السياسي بالاجتماعي ولكل المواضيع ذات العلاقة بالشأن العام وبتطوير المجال السياسي وهذا النقاش هو الكفيل وحده بوضع جميع الأطراف أمام مسؤولياتها التاريخية وأمام رهان البقاء والاستمرار ومن ثم التفكير العقلاني في مزيد ترشيد العمل السياسي وإنضاجه حتى يمرّ إلى الأقطاب الكبرى القادرة وحدها على صنع مجال سياسي عصري بعيد عن كل تشوهات الشخصنة والشللية والارتجال والعشوائية .
إن بناء مجال سياسي عصري يتطلب إعطاء الأولوية لكل ما هو سياسي أي للأفكار والمقاربات والبرامج والتمثيليات الاجتماعية وبعيدا عن ذلك سنسقط في عناء مجال سياسي خاضع لاعتبارات أخرى ومنها المال السياسي الذي سيؤكّد مرة أخرى سلطة النافذين ويغدو المجال السياسي مخترقا من سلطة المال .
إن هذه الاعتبارات السياسية دون غيرها تجعلنا نصرّ أمام رهان حقيقي للدمقرطة   على ضرورة أن يكون التمويل عموميا بغض النظر عن تفاصيله حتى لا تسقط الساحة السياسية في أسر المال ويتحوّل المشهد السياسي إلى مشهد للصراع بين محتكري سلطة المال بعيدا عن الأفكار والمقاربات وتمثيل مصالح الشعب وفئاته المختلفة على ركح الصراع الاجتماعي .
 (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)


بين القانون والسياسة هيبة الدولة ترسخ سيادة الشعب.. وتعارضها مع التنمية إلغاء لها…

 


أي تعريف لهيبة الدولة؟ وما هو الخط الأحمر الفاصل… الذي بتجاوزه تفقد الدولة هيبتها؟ وهل تمس الكتابات والتعليقات على صفحات المواقع الاجتماعية من هذه الهيبة؟ وهل يعتبر تنظيم الاعتصامات والاحتجاجات اعتراضا عن تسميات الولاة أوالعمد أو التغيير الأخير في وزارة الداخلية تداخلا مع هيبة الدولة؟…
لتوضيح هذا اللبس في المفاهيم أو الممارسات أو التصريحات ارتأت « الصباح » إلى البحث في مفهوم هيبة الدولة والتجاوزات التي يمكن أن تسجل في حقها….  
يعتبر أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أنه لا يوجد مفهوم قانوني لمصطلح هيبة الدولة، فهي ليست مفهوما قصديا، وعموما يمكن أن تؤدي في معناها إلى مفهوم احترام مؤسسات الدولة…كما لا تعني هيبة الدولة اعتماد سلطة القوة وتوظيف البوليس لقمع  الاحتجاجات التي تمثل تعبيرا شعبيا  وتجسيدا لسيادة الشعب هذا المفهوم الذي يضمنه القانون والدستور.
وبتقييم الوضع الخاص الذي تعيشه البلاد…يرى محدثنا أن المشكل المطروح ليس مع الدولة بما هي مؤسسات وإنما مع النظام الجائر الذي كان موجودا. ويضيف قيس سعيد أن ردود الفعل المسجل والاحتجاجات  إزاء احتلال  بعض الأسماء لمواقع في مؤسسات الدولة هي في الأصل اعتراض على امتداد تواجد عناصر تمثل نظاما مرفوضا من قبل الشعب.
ويضيف أستاذ القانون الدستوري أن أي تحول أو تغيير في الدور الأساسي لمؤسسات الدولة وهو ترسيخ مفهوم سيادة الشعب تنعدم معه  فرصتها في اكتساب الهيبة.
ولا يختلف السياسي التونسي أحمد بن صالح في تقديمه لمفهوم هيبة الدولة عن  التقييم الأكاديمي القانوني لها، ويقول ان وضعت هيبة الدولة على حساب الشعب أو دون اعتبار ما يصبو له المواطنون وما يترقبونه من انجازات وطنية…فهي خاطئة بعيدة عن مفهوم الدولة ولا تعتبر سوى غيبوبة الهيبة.
ويرى بن صالح الحكومة التونسية بجميع مؤسساتها مطالبة اليوم بتقديم انجازاتها والانطلاق في التنمية الجهوية، وهو ما يمثل تجسيدا لهيبتها، كما أن عليها تجديد طرق التعامل مع مواطني المناطق الداخلية والأحياء الشعبية المحرومة…ويوضح في نفس السياق : » إن الانتظار والمماطلة وتأخير الانطلاق في الإصلاحات والتنمية في حد ذاته إلغاء من هيبة الدولة »، ويشير أن أهم قرار تم اتخاذه الى حد الآن هو المشروع التنموي الذي أعلن عليه الوزير الأول في لقائه التلفزي.
كما يؤكد أن الاحتجاجات الشعبية أو الاعتصامات هي تشكل لسيادة الشعب ولا تتعارض مع أية هيبة…  ريم سوودي
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 2 أفريل 2011)


بقلم : حياة بالشيخ   هل بدأت لعبة احتواء الثورة ( ثورة الياسمين ) أم هي على الأبواب ؟ غرس شباب 14 جانفي شجرة الحرية لكن من سيجني الثمار ؟
قانونيا وشعبيا حل حزب التجمع رغم أنف القناصين لكن أين الأحزاب الموالية التي ستحل محلّه في الحكومة القادمة بعد الانتخابات ويا ويلنا من هذه الانتخابات الآتية.
ما زالت العشوائية السياسية سيّدة الموقف وما زال التهميش في أوج تألقه كل يلقي بدلوه وكل دلو ليس به قطرة ماء تشفي الغليل كما يبدو فالظمأ باق بعيدا عن الارتواء والشارع التونسي على حاله يبحث عن اتجاه لن يجده في ظل التهميش والإقصاء والمهاترات الكلامية وهي لن تقدم الدواء لعليل طال به الداء منذ 55 سنة مرت بين الهدر وسفسطة سياسية  تعود عليها الشعب وقابلها بالصمت والصمود .نخر سوس التهميش الجسم والعظم فانطلقت كلمة لا … ليشعر الطغاة إن الشعب وان كان في غيبوبة طال أمدها إلا انه استيقظ أخيرا للمطالبة بمكانته وحقه الضائع.
تغيرت الأحزاب وتعدّدت الأسماء لكن الوضع القائم لم يتغير وعلى رأس القائمة المخضرم السياسي الذي  التصق بكرسيه بعد أن مات من مات وهرب من هرب وهو كالجبل الراسخ لا يتزحزح فهل ننتظر خيرا من هذا الرجل الميت الحي في أذهان الجماهير ؟
 التطاحن الخفي بين الأحزاب المتبعثرة على الساحة إقصاء هذا والتقرب من الآخر كل ذلك يجعلنا نتساءل:  ماذا تريد هذه الأحزاب المتناثرة على الطريق دون جدوى وأي دور فعال أو أهداف تنبع من طموحات الشعب فيتقبلها الشعب دون خوف من المجهول فالشعب الذي كان ضحية هذا المجهول لمدة 55 سنة لا يمكن بل لا يجوز له قبول أي مجهول دون تساؤل لماذا وكيف ؟ ماذا تريد هذه الأحزاب احتواء الثورة أو السمسرة بها أم السمسرة والمزايدة باسم الثورة؟
قبل الثورة كانت جل الأحزاب مهمشة لا مكان ولا دور لها فقدت هذه الأحزاب المعارضة أهم ما تطلبه المعارضة : المكانة والجماهيرية . حقا كان التجمع عائقا أمام وثبة جل الأحزاب فقدمت بذلك الفرصة المثالية لاستكانة هذه الأحزاب دون اللجوء إلى المقاومة أو طلب المكانة السياسية مع تحقيق الذات جاء الاستسلام في وقت كان يتطلب فيه غير المقاومة ومجاوزة الحصار المفروض .
كان عهد خوف للجميع لكن اليوم وكما قيل تونس حرة لا طغاة ولا دكتاتورية بعد اليوم وان كنت بصراحة لا اصدق كل ما يقال ربما نظرتي الواقعية للأشياء وصمتني بالتشاؤم واحسب أن هذا ما سيأتي به الغد شعارات حرية وديمقراطية تتطاير في الهواء وإرضاء لمعتصمي 14 جانفي وممارسات حزبية قمعية في الخفاء.
وحتما هذا التشرذم سيدفع بنا إلى الخلف رغما إن لم نقع في القاع ثانية. ويعود التونسي إلى المستنقع ونقنقة الضفادع .
الوجه الحالي للحكومة المؤقتة وجه ملون يحمل شتى أنواع الزواق لكن الخوف الحقيقي كما قلت يكمن في ما هو آت وكم أخشى أن تكون المغامرة غير ممتعة فنكون كمن ألقى بنفسه في البئر اتقاء من رذاذ المطر. ادعى رئيس حركة النهضة انه لا ينوي  الترشح للرئاسة لكن ماذا إن ترشح … ماذا إن أرغمنا على ارتداء الجلباب البالي ؟ ماذا إن استطاع بحنكته السياسية استمالة الشارع التونسي لا الشباب ؟ ماذا لو … في لفظ لو ألف خنجر على استعداد كي يغرس في صدورنا لذا لن استعملها ثانية إنها تقتلني .
ليت الخبر يكون طرفة سمجة تخدش الحياء أكثر مما تثير الضحك
التوجهات الدينية المتعصبة أقوى أنواع الإرهاب وأفظع من الرجعية العربية نفسها.
مفهوم كلمة النهضة الحقيقية يعني التقدم والانفتاح والحرية للجميع والسير في دروب الديمقراطية دون مظلمة دينية تقيه من المطر. كل ما أخشاه الآن وما اسأل عنه هو هل تنتهي ثورة الياسمين وأشواك الصبار تحاصرها ؟ هل يضيع دم الشهداء وأوهام الشباب الحالمين بالغد والنصر ؟
على الأحزاب الجادة الوطنية لملمة شتاتها والتصدي للعواصف القادمة عواصف علنية أو خفية فهي آتية لا محالة لذا حذاري من الركون والاستسلام والتهميش والتركيع .. لقد كانت ثورة الغد لا ثورة الأمس حذاري من الردة والنكسات ولنفكر في ثورة الياسمين فحسب .. إنها الغد.     (المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)


بقلم : سامية زواغة   بعد أن هدأ حماس أيام الثورة، عادت إلى السطح ملامح اقتصاد أنهكته سنوات من الحكم التسلطي الذي قصر الثروات على طبقة معينة من الناس ارتبطت مصالحها ببقاء ومصالح الحزب الحاكم.  وبعد انتصار الثورة دخلت البلاد مشوار عهد جديد بكل المعايير والمقاييس؛ لكن هل هو حقا جديد؟ المتظاهرون يبحثون عن العدالة الاجتماعية وعن وظائف وعن حياة كريمة، شريفة. يبحثون عن توزيع عادل لثروات البلاد، وعن حكم ديمقراطي  إنهم يبحثون عن مجتمع مدني قوي وفعال، وعن أحزاب سياسية قوية وفاعلة، وعن صحافة ومنظومة إعلامية تكون بمثابة منبر حر للرأي والرأي الآخر ، بشكل يمكّن مختلف فئات وشرائح المجتمع من التمتع بسوق حرة للأفكار.
وبعد سقوط النظام انكشفت النسب الحقيقية للبطالة التي اشتكت منها كل مدن تونس، وأخذت تلقي بظلالها على الاقتصاد، في حين تحاول الحكومة المؤقتة من خلال إجراءات سريعة أن تضع حلولا سريعة لهذه المشكلة. فاكتظت  وكالات التشغيل بالشباب العاطل عن العمل الحالم بالوظائف والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.إلا أن ضيق الوقت جعل من هذه المطالب على معقوليتها  وموضوعيتها عسيرة التحقيق بين عشية وضحاها،.لأن الأمر يتطلب وقتا أطول، لإصلاح سنوات الفساد والرشوة والمحسوبية والواسطة، وسلبيات كثيرة جدا انتشرت وأصبحت نمطا حياتيا في المجتمع. صحيح أن الثورة وضعت حدا للفساد وسوء الإدارة والتسيير، لكن عملية الهدم ليست كعملية البناء لأن هذه الأخيرة لا تتأتى في غضون شهور؛ الأمر في غالب الأحيان يتطلب وقتا وانضباطا وصرامة وعملا ومثابرة وأخلاقا والتزاما… الخ.  ويخطئ من يظن أنه بمجرد سقوط النظام ستتحسن الأمور وتسود الديمقراطية والرفاهية والازدهار والاستقرار والأمن والطمأنينة. العمل الجاد والحقيقي والشاق بدأ فعلا بسقوط النظام لقد حان الوقت للعمل الجاد للتخلص من رواسب النظام البائد الراسخ عبر عقود من الزمن.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            فالمهمة تتمثل في الإصلاح والتطهير من جهة، والبناء والتشييد من جهة أخرى. والإصلاح يشمل الفرد والعائلة والمؤسسة والمجتمع ككل، كما يشمل النظام السياسي بمكوناته الهيكلية والتنظيمية والتشريعية والمؤسساتية. فالفرد يجب أن يكون ديمقراطيا في سلوكه وتصرفاته، كما يجب أن يكون مسؤولا وملتزما ومواطنا صالحا يعرف حقوقه وواجباته، ويجب أن يسأل نفسه أولا : « ماذا يستطيع أن يقدم لتونس، قبل أن يسأل عن ماذا تستطيع تونس أن تقدمه له « . فالفرد في عهد ما بعد الثورة، يجب أن يكون مسؤولا ومنظما ومؤ طرا ومهيكلا، ويشتغل وفق أطر معينة وإستراتيجية محددة حتى يوفر مستلزمات وشروط النهضة والتطور والديمقراطية الحقيقية التي يرنو إليها  المجتمع في المرحلة الراهنة .
إلا أن ما نشاهده اليوم  من تجاوزات في الشارع وفي محطات النقل وفي عديد الأوساط يثير الكثير من الخوف والقلق وينذر بانتشار ظاهرة الانفلات الأخلاقي   يظهر ذلك خاصة في عمليات القتل والانتقام الفردي التي انتشرت هذه الأيام في صفوف العديد من المواطنين مما يضاعف فقدان الثقة بين الناس وبين المستقبل الذي يريدون بناءه فان كل بناء لا يحقق النجاح المطلوب إلا بالعمل والتضامن واحترام الآخر والمسؤولية والالتزام. والمجتمع المدني لا تقوم له قائمة ولا يسود إلا بالفرد الواعي والمواطن الصالح، الذي يعمل ويكد ويجتهد من أجل المصلحة العامة التي تعلو وتفوق أي اعتبار. ويحرص على معالجة الأخطاء والتجاوزات، وهو الذي يسهر على محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية، وغير ذلك من الأمراض الاجتماعية التي انتشرت في عهد ما قبل الثورة .وأصبحت جزءا من الحياة اليومية للمواطن الذي أصبح يتعايش معها وكأنها شيء عادي طبيعي. من هنا تطرح مصداقية مكونات الحكومة الانتقالية، ومدى تجاوبها مع ما يطلبه الشعب وما ينتظره من الثورة. فلا بد من الاستجابة لنبض الشارع، والعمل على تهدئة الأطراف المختلفة، والإسراع بإخراج الكثير من المبادرات، على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والعمل على الشروع في تنفيذها.
فما ينتظر المجتمع التونسي حقيقة هو ثورة جذرية شاملة تعم كل الميادين وتنتزع كل السلوكيات الفردية و الأنانية البائدة التي  رسخها النظام السابق . فلا ديمقراطية ولا اقتصاد قوي ولا حكم عادل ، دون تكاتف جهود وأعمال هذه الجهات الثلاث. فلا ديمقراطية دون مجتمع مدني فعال وقوي، ولا ديمقراطية دون حرية سياسية وأحزاب قوية ونشطة وفعالة، ولا ديمقراطية دون إعلام استقصائي.  أمر التغيير والتطهير والبناء والتشييد، يتطلب الوقت والعمل، ويتطلب الصبر وعدم التسرع , تحديات كبيرة في انتظار عهد ما بعد الثورة في تونس . انتهت معركة التخلص من النظام والإطاحة به، وبدأت مرحلة أهم بكثير من المرحلة الأولى، وهي مرحلة التطهير والبناء وإعادة صياغة مستلزمات وشروط الديمقراطية.
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)
 


د. مختار صادق   ها قد دقت أجراس الثورة فهل بدأ التفكيرفي عودة ا لأدمغة المهاجرة؟  قد يكون طرح هذا السؤال و الآن بالذات في خضم هذا الحراك الثوري الذي تشهده منطقتنا العربية وقبل أن تتبلور رؤية واضحة لما بعد هذه التحولات المزلزِلة من باب القفز على المراحل او من قبيل وضع العربة قبل الحصان.  فالثورة التى انطلقت شرارتها من تونس لتمتد إلى مصر و المضرجةُ الآن بدماء مخاضها العسير في ليبيا و اليمن و سوريا و اقطار أخرى لم تهدأ بعد و هي في طريقها لجعل المنطقة بأسرها على أعتاب عهد تاريخي جديد.  والحال تلك، قد يكون من أوكد أولويات الثورة العمل على التمدّد أفقيا لتطال مختلف بؤر الفساد والتسلّط في شتّى أنحاء الأمّة العربية و عموديّا ليرتفع سقف المطالبة بالحرّيات إلى القطع الجذري مع نظم الفساد و التخلف بجميع أشكاله و الشروع في بناء حياة متطورة على جميع الأصعدة سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو قل حضارية بمعنى أرحب.  فهذه التحدّيات هي مفصلية بكل تأكيد  ووجب إدارتها بحنكة و صبر حتى لا يخبو فتيل الثورة وحتى لا يضطر الشباب المُنتفض إلى القبول بأنصاف الحلول المنبعثة من هنا وهناك من المُثبِّطِين أو المتمعشين على أنقاض الدكتاتوريات المُوَرَّثة. فمسلسل هذه الثورات العربية مُرَشَّحٌ لِأن يمتدَّ إلى اكثر من إثنين و عشرين حلقة لِيُزِيلَ الحدود المصطنعة بين أقطار الأمة الواحدة و لا أحد بإمكانه التنبؤ بمكان و أبطال الحلقة الأخيرة فيه.  يمضي إذن قطار الثورات العربيّة بسرعة مذهلة طاِرحًا في الآن ذاته السؤال الملح: و ماذا بعد؟ إنّ التحديات التي تقتضيها المرحلة بعد اكثر من نصف قرن من الحكم الفردي الكالح لهي متعددة الاوجه و الوجهات و تستوجب تكاتف كل أفراد المجتمع و فئاته بعيدا عن كل توظيف سياسي او نحوه.  و تجب الإشادة في هذا الإطار بالدور الطلائعي الذي لعبه الشباب في قيادة الثورة و تثبيتها و لأجل ذلك فإنّه لزاما ان يكون الشباب و مشاغله على راس قائمة أولويات العهد التاريخي الجديد. ومما لايرقى إليه شك ان التشغيل يُعد من أدق واخطر التحديات في مجتمعاتنا الشابة.  فتحصيل شغل لائق و قار حق مشروع للراغبين في الحصول عليه و خاصة الشباب منهم. و مما يزيد المهمة صعوبة هو هذا المناخ الاقتصادي العالمي المتسم بالركود و انتشار البطالة حتى في البلدان الأكثر تطورا في العالم. لكل ذلك فان الامة تحتاج الى كل طاقاتها و خبراتها خاصة تلك المتاتية من أبنائها المهاجرين الذين دفعتهم ظروف القهر وشظف العيش للهجرة في بلاد الله الواسعة بحثا عن الرغيف و الكرامة بعيدا عن مفارخ الإستبداد و أعشاش الفساد. و إذا كان للوطن عذرفي ما مضى و في لحظة غيبوبة تاريخية ان يغفل عن أبنائه المهجَّرين في أصقاع المعمورة فها قد ضخّت ثورةُ الشبابِ الدَّمَ في عروقه وأحيته من جديد مُعلِنةً بدء العد التنازلي لموسم الهجرة العكسية الى الجنوب.
و مع الإقرار بصعوبة  المهمة في هذه اللحظة التاريخية الحا سمة و بعيدا عن لهب الثورة و آلام مخاضها فإنه يجب التفكير و من الآن في وضع الأ سس الصلبة للإلتحام الطبيعي بين الوطن الأم و أبنائه المهجَّرين و خاصَّة ذوي الكفاآت منهم وضع لجان خاصة ومن الآن في صلب الأقطار المُحَرَّرة للتفكير في عودة الأدمغة العربية المهاجرة.1
فالتخطيط المحكم لهذه العودة يتطلب وقتا و جهدا خاصة في ظل التحديات الأَمْنية والسياسية التي تطرح نفسها مباشرة بعد أن تضع الثورة أوزارها.  و في هذا السياق يجب العمل على الإستفادة من الثورات السابقة و تفادى أخطائها كما حدث في الثورة الإيرانية مثلا.  فاستجلاب الأدمغة المهاجرة يجب ان يتعدّى الخطاب العاطفي ليركِّز على وضع برنامج عمليٍّ يأخذ بعين الإعتبار حاجيات الوطن الأم و خصوصيات أبنائه الراغبين في العودة للإلتحاق ببني وطنهم والمشاركة سويا في رفع تحدي التشغيل لإدماج أكبرعدد من الشباب العاطل في سوق الشغل و المساعدة على إخراجهم من متاهات الموت البطئ على كراسي المقاهى أو عواصف الموت السريع على قوارب الهجرة غير المشروعة .و من سمات هذا البرنامج بث روح العمل و تشجيع المجتهدين و تكريمهم والقطع مع ثقافة التواكل واستعمال الواسطة للإرتقاء في سُلَّم الوظيفة. و هذه مهمة صعبة بلا شك ذلك أن تغيير عقليات تربّت لعشرات السنين في مناخ من انعدام الحرية و تفشي الظلم و الفساد يتطلب جهدا و وقتا. و لكن و في مقابل ذلك فإن الرجّة النفسية التي أحدثتها الثورة توفر فرصة تاريخية لبعث روح المواطنة و الثقة بالنفس و الإعتزاز بالأمة بعد أن كاد يعصف اليأس بالنفوس. من المعلوم أن المهاجرين من ذوي الكفاآت يتمتعون بوضع مريح ومستقر في بلدانهم المهاجر إليها و لذلك وجب تشجيعهم و إعانتهم على أخذ قرار العودة من ذلك مراعاة ظروفهم الإجتماعية. فمثلا كثير من هؤلاء المهاجرين قد صار لهم أبناء وُلدوا ودرسوا بالبلدان التي هاجر إليها آباؤهم و أمهاتهم لذلك وجب وضع برنامج سلس لترسيخ اللغة و الثقافة العربية لأبناء المهاجرين الراغبين في العودة تحييد موضوع عودة الأدمغة عن التجاذبات السياسية .2
قد لانذيع سرا إذا قلنا أن هذا العنصر بالذات هو من أهم عوامل نجاح النهضة الإقتصادية في الغرب و من عوامل ديمومتها. فنحن نري أن الطبقة الحاكمة في هذه البلدان تتغيَّر بين الحِقْبة و الأخرى بناء على رغبة الناخبين في تحول سلمي للسلطة بينما يواصل الأكفاء من العلماء و رجال الأعمال و غيرهم البقاء في مناصبهم أو الإرتقاء إلى ما هو أعلى بغض النظرعن التوجّه السِّياسي للجهة الحاكمة أو لهؤلاء الأكفاء أنفسهم. و هذا التحييد ضرورى حتّى يتوفر لأهل الكفاءة مناخ من الأمان و الإستقرار يمكِّنهم من الإبداع بحرِّية و دون الخوف من سلطان الحاكم و حاشيته أو التلويح باستعمال القانون على المزاج كما كان الحال عليه قبل الثورة.  و في مجتمع ما بعد الثورة و عند التداول السلمي علي السلطة وجب مراعاة هذه النقطة جيدا و إدراجها ضمن قائمة النقاط التي تطرح في إطار ميثاق وطني تصادق عليه مجمل الحساسيات السياسية ومكونات المجتمع المدني حتى يُفسحَ المجال واسعا لمن يريد أن يعمل و ينهض بالوطن بعيدا عن الضغط السياسي الإبتعاد على ثقافة البحث العلمي الوصولي.3
المقصود بالبحث العلمي الوصولي هي تلك الأبحاث التي يجريها بعض الباحثين في بعض المؤسسات العلمية من أجل الإرتقاء في سلم الوظيفة ليس إلاّ. و هي عادة ما تكون بحوث نظرية بلا روح و بلا هدف.  فالكثير من المؤسسات العلمية في مجتمعات ما قبل الثورة و مع الحرص على عدم التعميم هي عادة ما تكبِّلها البيروقراطية ويعمل على تسييرها أناس غير أكفّاء مرتبطين بالسلطة مِمّا يجعل البحث العلمي الجاد و الهادف فيها من قبيل الحرث في البحر. و حتي الباحثون الشبان الذين يبدؤون مشوارهم العلمي بالمؤسسات التعليمية يشعرون بالإحباط لإدراكهم بأن سوق الشغل قد لا تستوعبهم في الغالب عند تخرّجهم فتقتل فيهم روح التنافس و مضاعفة الجهد. و هناك الكثير من الشعارات التي يرددها الطلبة والتي تختزل هذا الشعور بامتياز من قبيل “تَقْرَا وَلاَّ ماَ تَقْرَاشْ المُسْتَقْبِلْ مَا ثَمَّاشْ” أي أن لامستقبل لك سواءً دَرَسْتَ أو لم تدْرُس. و هذا السلوك الخمولي و المتسم بالعطالة الفكرية هوعلى نقيض ما نراه في البلدان المتطورة فمثلا شركتا  “جوجل” و “فيسبوك” العملاقتان تأسستا على أيدي طلاب لا يزالون بالجامعات حينها إلا أنه كان لديهم تصوُّرٌ سابق لعصرهم عن مستقبل الإتصالات وقتئذ فبعثوا هذه الشركات و هم مازالوا على كراسي الدراسة.  ثم احتضنتهم الماكينة الإقتصادية الأمريكية بقوانينها الخلاّقة و وسائل تمويلها المهولة لتغير بذلك تاريخ الإتصالات الحديثة في العالم. فشبابنا الذي فجَّر الثورة بعد أن عجز آباؤهم عن فعل ذلك لَهم قادرون على رفع التحدّي القادم إذا وثقنا بهم ووفرنا  لهم حدًّا أدنى يمكِّنهم من التنافس الشَريف على السَاحة العالمية. فالمطلوب أولا هو النزاهة و الشفافية في تسيير المؤسسات العلمية و إيجاد طرقا متنوعة لفرز و تشجيع الباحثين الجادين و المجتهدين العمل على تجذير ثقافة الإختراعات و تطبيقاتها .4
و قد يندرج في هذا الإطار ما اصطلح عليه بربط الجامعة بالمحيط أي توجيه الأبحاث و الإختراعات و تطبيقاتها لتباشر حلّ مشاكل الناس مع مراعاة العادات الإستهلاكيّة المحلّية و محدودية القدرة الشرائية و هشاشة البنية التحتية التي يجب أن توضع في الحسبان عند التفكير في بعث مشروعٍ مَا أو تطبيق إختراع معيّن. أمَّا في مرحلة لاحقة  فقد يكون العمل على تشجيع الإختراعات ذات الإشعاع العالمي ضرورة لخلق مواطن شغل لذوي المهارات العالية و جلب الرساميل الأجنبية للأستثمار بالوطن الأم خاصّة و أن ماكينة العولمة الجارفة قد صيّرت العالم قرية صغيرة لا مجال فيه للإنعزال أو التقوقع على الذات. إن العودة المدروسة للأدمغة المهاجرة سوف تساعد في هذا الإتجاه على الإنفتاح العالمي بحكم إتقانها لغة التواصل مع الخارج و معرفتها بقواعد اللعبة الإستثمارية و من هذه القواعد وجوب معرفة القوانين و الاليات الضابطة لإحداث و تسجيل براءات الإختراع لحماية الملكية الفكرية للمخترعين العرب و المؤسسات التي ينتمون إليها. فهناك مثلا عدّة أنواع من براءات الإختراع فبعضها مجعول لفتح سوق جديدة و بعضها مجعول لصدِّ المنافسة و بعضها مجعول لرفع سقف المفاوضة و أنواع كثيرة أخرى قد لا يتَّسع المجال لذكرها. و براءات الإختراع من أهمِّ الدعائم للتنمية الإقتصادية و المنافسة العالمية لحماية المخترعين من سرقة مجهوداتهم من طرف شركات عالمية لا يهمها غير الربح السريع.  و إلي جانب حماية حقوق المخترعين تلعب براءات الإختراع دورا مهما في تشجيع المبادرات الفردية و ازدهار القطاع الخاص لما له من دور حيوي في خلق مواطن الشغل حتى لا يقع الإتكاء على الدولة وحدها لاستيعاب خريجي الجامعات و العاطلين عن العمل حيث أثبت هذا الخيار فشله في مجتمعاتنا العربية الشابة حينما كانت الدولة مصدر التشغيل الأساسي وجوب وضع برنامج عملي للتواصل بين مختلف كوادر الأقطار المُحَرَّرَة.5
ليس خافيا على العيان الغياب شبه الكامل للتنسيق بين أقطار ما قبل الثورة و انعدام الإرادة السياسية لخلق آليات للتواصل و تبادل الخبرات بين أبناء الوطن الواحد اللهم في مجالات التنسيق الأمني لمزيد خنق المواطن و التضييق عليه. و ذهب الأمر ببعضهم إلى حدِّ إنتهاج سياسة مقصودة لخلق التفرقة بين أبناء الوطن الواحد بغرض نهب ثرواتهم و إلهائهم عن معركتهم الحقيقية في المطالبة بحياة حرة وكريمة.  و لم تسلم في هذا الإطار حتى الرياضة التي اُستُغِلَّت لبثّ الفرقة بين أبناء الوطن الواحد بينما هي جُعِلت في الأساس للتقريب بين الشعوب. أما الآن و بعد مجئ الثورة و مع الرجة النفسية البنّاءة التي أحدثتها فهناك ما يبعث على التفاؤل إذ أن هذا الشّباب الذى فجَّر الثورة و استطاع توظيف وسائل الإتصال الحديثة للإطاحة بالدكتاتورية لهو مؤهل لاستعمال هذه الوسائل من جديد و تطويرها لمد جسور التواصل و التعاون مع بقية أفراد الوطن الواحد في جو إيجابي من الحرية و الإعتزاز بالوطن بهدف النهوض بالأمة بعد سبات قَرْنِيٍّ عميق. و في هذا المجال تلعب عودة المهاجرين دورا ايجابيا بحكم ما اكتسبه هؤلاء المهاجرون من تجربة في التعامل مع مختلف أفراد و شرائح المجتمع الغربي في ظل قوانين منظِّمة تتيح قدرا هائلا من الحرية وتقطع مع التمييز بكل أشكاله سواء كان ذلك  على أساس الجنس أو اللون أو العرق أو الدين أو غير ذلك. و بحكم كونهم أقلية في بلاد المهجر التقى المهاجرون من مختلف الأقطار العربية طبيعيا و تكتلوا حتى يتمكنوا من بعث مؤسسات مجتمع مدني و دور عبادة مُوَفِّرًا لهم فرصة تاريخية للتواصل في ما بينهم و التعرف على عادات و لهجات بعضهم البعض مما يؤهلهم للعب دور مهم في التقريب بين كوادر الوطن العربي من أجل الشروع في بناء قوة إقليمية بإمكانها مزاحمة التكتلات الإقتصادية العملاقة في العالم تفعيل نقاط قوة الامّة.6
تعتبر الموارد البشرية من أهم نقاط القوة في مجتمعاتنا العربية فمعظم مجتمعات العالم و خاصّة الغربية منها هي مجتمعات هرمة على عكس مجتمعاتنا الشّابة مما يؤهل هذه الأخيرة للعب دور مهم في قادم السنين سواء على مستوى الإنتاج أو الإستهلاك مما يضمن تنشيط الدورة الإقتصادية باستمرار. و يعد الإنفتاح على الخارج وخاصة على البلدان ذات الإقتصاديات المتطورة من أهم عوامل إنجاح هذا التنشيط بما يوفِّره ذلك من سوق لتبادل السلع و المنتوجات و فُرصٍ لإحداث مواطن شُغل خاصّة لأصحاب الشهادات العليا. و في هذا الإطار يكون وجود الأدمغة المهاجرة عامل تفعيل مُهمٍّ بحكم إتقانهم للغة و ثقافة الوطن الأم والبلدان المُهاجَرِ إليها على حدِّ السواء مما يساعد على تأطير الشباب تأطيرا ناجعا و نقل خبرات البلدان المتطورة إليهم بما يسهم في تفجير طاقات الشباب  الخلاقة للقدرة على المنافسة في سوق عالمية تتّسم بالمزاحمة الشرسة و من نقاط قوّة هذه الأمة إلى جانب مواردها البشرية هي المقدرات الطبيعية الاستراتيجية التي حباها الله بها. و يعتبر ميدان الطاقة كالنفط و الغاز و الطاقة الشمسية من أهم المجالات الحيوية التي يمكن الإستثمار فيها و بها في ظل اقتصاد عالمي متعطش باستمرار لمصادر الطاقة. و قد يكون التركيز على هذا القطاع في مرحلة أولى طبيعيا بحكم اختيارات الحقبة السابقة بيد أن جلب المتخصصين في هذا الميدان سيسهم دون شك في النهوض بهذا القطاع و تطويره من أجل ضمان إستقلالية القرار السياسي و رفع تحدِّى التنمية. تُعتبَرُ عودة الأدمغة المهاجرة رافدا مهما من روافد الثورة و سندا لها, غير أنه يبقى طرح هذا الموضوع في اللحظة الراهنة أقل إلحاحا من التحديات المباشرة كفرض الأمن و تعديل الدستور و حماية الثورة, بل أبعد من ذلك قد لا يعدو الحديث الآن عن عودة الأدمغة المهاجرة و استشرافاتها المستقبلية أن يكون مجرّد حلمٍ من باب الأحلام الجميلة. و لكن و في مقابل ذلك ألم تكن الثورة التى نعيش أيام عرسها اليوم و إلى ماض قريب مجرد حلم في أذهان الكثيرين؟ د. مختار صادق باحث مقيم بالولايات المتحدة الأمريكية حاصل على أكثر من عشرة براءات اختراع في ميدان تصنيع الطائرات (المصدر:موقع المشهد التونسي الإلكتروني بتاريخ 1 أفريل 2011)



نوفل بو زياني
 
السلام عليكم، ها نحن بعد شهرين من تاريخ الاستقلال الثاني والشعب التونسي يتنفس حرية لم تشهد تونس لها مثيل. وعلينا أن نقيم و نحلل الوضع. لقد قمنا باعتصامين و ها نحن بدأنا إعتصام ثالث. و لكن علينا أن نسأل أنفسنا اسئلةً كثيرة لنكون مخلصين أمام الله على كل ما نفعله.
1- ما الذي حققناه منذ 17 ديسمبر أو لنكون واقعيين بعد 14 جانفي؟ 2- لقد كان الناس يقولون أننا مرغمين ومغلوب على أمرنا لذلك لا نأمر بالمعروف ولا ننهى على منكرين نراه، فما الذي يمنع الناس من ذلك بعد الثورة؟ 3- على كل تونسي أن يسأل نفسه ما الذي حققه لتونس وماذا فعل لتونس بعد الثورة؟ 4-من المسؤول عن تأخر محاسبة المذنبين بأحداث الثورة و قبلها و ما الذي علينا فعله لنسير للامام؟
الاجابة عن هذه الاسئلة يحتاج إلى متابعة الأخبار التي تدور على الساحة و حتى الرجوع إلى الأحداث التاريخية ما قبل الثورة. و لكن يبقى هذا مجرد رأي. وكما قال الامام الشافعي : (( كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب )).
أما عن السؤال الأول، فلقد حققنا الكثير والكثير و بالنسبة لي أهم ما حققناه بعد الثورة هو رد الاعتبار لشخصية المواطن التونسي و العربي بصفةٍ عامة وخاصةً في الدول التي ثارت. فالمواطن التونسي أصبح فخوراً بنفسه وهويته وانتمائه القطري بعدما ما كان يخجل أمام المسلمين عندما يتكلمون عن الاسلام  و يستنقص نفسه أما الغرب لما يدعونه من الحرية و الديمقراطية و التحظر و لكن هيهات هيهات فالتونسي لن تموت فيه الكرامة والشهامة والفخر ما دمنا أحياء. صحيح أنه لم نتمكن من محاكمة المذنبين ولم نستطع أن نجلب المجرمين الفارين ونقودهم التي هربوها إلى الخارج. ومن هنا أمر إلى الاجابة عن السؤالين الثاني و الثالث.  صحيح اننا رأينا مبادرات عدة من بعض المنظمات و الأفراد من ولايات مختلفة في تونس لجمع مساعدات للمناطق المتضررة من سياسة بن علي مثل سيدي بوزيد و القصرين… و هذا و إن دل على شيء فانما يدل على كرم و وحدة التونسيين التي لا طالما لعب عليها بورقيبة وبن علي طيلة فترة حكميهما. و لكن هل هذا كافٍ؟ فحسب رأيي، هذا ليس إلا مبادرة عفوية يذبون عليها مشكورين غير مذمومين. فإذا كان هذا غير كافٍ مالذي علينا فعله؟ فكما تعرفون أن المشكل في تونس مختلف كثيراً على الحال في بعض البلدان الاخرى. إذ أن المشكلة في تونس أنه لدينا كثيراً من العاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات و هذا يشمل المجالات العلمية و المجالات الأدبية بنسب متفاوتة. فإذا سألنا أنفسنا ماذا فعلنا لتونس منذ الثورة فسوف نخجل ونبكي كثيراً. إذ أننا نتحدث كثيراً ونثرثر ,وننقد هذا ,و نثلب هذا ونسب هذاك و نشتم هذا… ولكننا إذا جئنا للفعل فاننا سنجد اننا لم نقدم شيئاً نافع سوى الكلمة الطيبة هذا إن كنا فعلنا شيء. ولكن فالحقيقة تونس تحتاج مجهوداً كبيراً لنتقدم ونسيربالقافلة إلى الأمام.
كل ما نسمعه هذه الأيام أن الوزير الاول، الباجي قايد سبسي، وضع لنا أسماء المعتمدين وأسماء الولاة والوزراء… أنا لست مدافعا عن البجي قايد السبسي أو حتى وزارته ويشهد أصحابي و المقربين مني اني قلت لهم أقالوا محمد الغنوشي وأتوا بمن هو أكثر حنكة منه يجيد الخطابة وسياسياً بارعا. ولكنني أرى أنه ليس المسؤول الوحيد عن ما يحصل وإن كل تونسي مسؤول عن ذلك وربما نكون مسؤلين أكثر منه. وهنا أريد أن اضرب مثالا لتبيان النقطة التي أريد أن أوضحها: بما انني أعيش في كندا، أرى كل يوم والحظ تحركات الناسوأسأل في كل لحظة لأرى مالذي جعل هذا البلد آمنا ومتقدما. و الاجابة أتت من خلال متابعتي لطريقة تعاملاتهم في ما بينهم، وفي طريقة نظرتهم للأشياء واتقانهم للعمل. و للحصر فإن كثيراً من ميادين الشغل لا يسمح فيها لصاحب العمل أن يمارس مهنته إلا إذا نجح في إمتحان أخلاقيات المهنة (اتيكس). فبالرغم من اننا كمسلمين ديننا هو الذي يفرض علينا هذه الأخلاقيات لكن لا حياة لمن تنادي. فقد أصبح الغش و كثيراً من الصفات الاخرى حاجات أساسية في حياتنا اليومية.  و أملي كبير بأن ذلك سيتغير انشاء الله.
بامكننا أن نفكر في مشاريع صناعية وخدمات تستقطب اليد العاملة و لكننا في نفس الوقت يجب أن لا ننسى المشاركة في بناء المؤسسات المدنية خاصةً في الفترة الانتقالية. إذ كان علينا أن نبني لجاناً مدنية بامكنها أن تكون مثل لجان حماية الثورة حيث يكون إنتخابها محلي في كل مدينة وفي كل ولاية وتكون في علاقة تواصل وليست علاقة تصادم مع الحكومة الموجودة. سيقول البعض أنه قد تم تعيين مجلس لحماية الثورة ولكنه لم يكون منتخب ولم يمثل كل طوائف الشعب. فإن جئنا للحكومة ببرنامج متكامل لدولة مؤقتة وليس المشكلة في الحكومة وانما المؤسسات المدنية حسب رأيي. فإن كانت المؤسسات المدنية تمثل الشعب حقاً لن يكون للحكومة إلا أن تنفذ ما يملى عليها من الشعب. كنت قد تحدثت عن طريقة الإنتخاب لهؤولاء الاعظاء وسوف أعيد نشرها انشاء الله.
 بذلك أرى أنه على كل تونسي أن يعمل ولو قليلا للمساهمة في البناء وليس مثل كثيراً من لا يجيدون إلا النقد و التهريج. لا أتهم أحد بالخيانة أو اللاوطنية ولكن علينا أن نعمل ولا نكتفي بالكلام فقط. كم سهلٌ على الإنسان أن يتكلم و لكن ما أصعب أن يعمل و ينجح.
و كمثال على تقصير المواطنين في كثير من القضايا في تونس أروي ما يلي: فكما تعرفون فإن بلحسن الطرابلسي هنا في كندا و إن السفير التونسي حاول جاهداً أن يسرع في تجميد كل ممتلكات أقارب بن علي ولكن للاسف فإن الحكومة الكندا ليس لديها قانون يجيز ذلك وطلبت من السلطات التونسية المتمثلة في السفير أنا يمدها بوثائق تثبت أن بلحسن مجرم وقد تحصل على هذه الأموال بطريقة غير شرعية. و قد اجتمعنا في كندا و طلب المسؤل عن الملف أن نتصل بتونس وكل من جهته يحاول أن يجمع شكاوي ويمدها بالمحامين في تونس أو مباشرة في كندا ولكن كما قلت فإن الكلام كثير والفعل قليل (و لا أبرئ نفسي من ذلك). ألم يكن الأحرى بنا نساعد بأنفسنا على جلب المعلومات المطلوبة و إسترجاع النقود قبل أن يفوت الأوان؟ فقد خرجت مؤخراً أخبار تقول أن بلحسن قد إستغل ممتلكاته وحولها بإسم زوجته وابنائه. فدعنا يا ابطال الحرية و يا شباب المستقبل و المجد دعنا نربي أنفسنا على النظر للمصلحة العامة وتقديمها حتى على المصلحة الخاصة في بعض الأوقات. فالأنانية لا تؤدي إلا إلى الانغلاق ولكن المصلحة العامة تؤدي إلى المصلحة الخاصة نوعاً ما.
وختاماً، اللهم ارنا ألحق حقا و ارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطل وارزقنا إجتنابه و السلام عليكم.

من ضحايا النظام السابق  (1) نموذج لاضطهاد صارخ  


شهادة السجين السياسي السابق – وحيد براهمي-   أنا المواطن والسجين السياسي السابق « وحيد براهمي » إرتأيت نشر شهادة حول ما لحقني من أذى وظلم وتعذيب في عهد الطاغية المخلوع  » بن علي  » طالبا الإنصاف من كل من يهمه الأمر ..حيث و على خلفية نشاطي النقابي بجامعات قفصة والسياسي ومقالاتي النقدية بجرائد المعارضة كنت عرضة لهجمة شرسة سواء من إدارة المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بقفصة حيث في مرحلة أولى ضربوا حقي في النجاح سنة 2002/2003 . وفي عام 2003/2004 وانطلاقا من سياسة الإستئصال التي تبنتها وزارة التعليم العالي لكل نفس نضالي حر من أجل تدجين الجامعة وجعلها فضاء للطاعة والخضوع ، تعرضت إلى مجلس تأديب تصفوي وصوري بتعلة اسباب واهية حيث تم اتهامي بالقيام بتجاوزات وهفوات من شأنها زعزعة الإستقرار داخل المعهد وخارجه ، والتحريض على العصيان واصطحاب غرباء إلى داخل حرمة المؤسسة وحثهم على التشويش وبث الشغب داخل الطلبة ( المقصود بهم مناضلي الإتحاد) والإعتداء اللفظي على رئيس قسم الفرنسية بالمعهد (حيث أصبح التمسك بالحق في تثبت الأعداد وإعادة الإصلاح اعتداء لفظيا في عرف الإدارة) … انتهى برفتي نهائيا من المعهد يوم 20/04/2004 وصادقت عليه جامعة قفصة للجنوب يوم 21/04/2004 ، وامتنعت إدارة المعهد عن ابلاغي بالقرار إلا يوم 05/05/2004 بعد ضغوط من مناضلي الإتحاد وقبيل امتحانات السداسي الثاني بأيام قليلة لتجنب أي تحركات طلابية ..وفي مفتتح سنة 2004/2005 رفضت عدة جامعات ( صفاقس – قابس) قبولي .
وفي أواخر سنة 2005 تلقيت وعودا شفوية من مدير المعهد السيد  » ابراهيم جدلة » ورئيس جامعة قفصة السيد  » عبد الرزاق الجدي » مفادها أنهم سيعدلون قرار الرفت من نهائي إلى عامين وبناءا عليه بإمكاني التسجيل بنفس المؤسسة في بداية سنة 2006 …لكن رئيس الجامعة تنكر  لوعوده بدعوى أن قرار الرفت اتخذته جامعة أخرى ولا يحق له تحويره ؟ ولم يتزحزح عن موقفه إلا بعد أن ترددت عديد المرات على الوزارة ولوحت بالدخول في اعتصام واضراب مفتوح عن الطعام ..ومكنني من التسجيل بالمعهد في فيفري 2006 تحت عنوان تسجيل رابع والحال أنه الثالث ولكن وفي عام 2006/2007 أمعن البوليس السياسي بقفصة في استهدافي بعد ما لاحظه من عزمي الراسخ على مواصلة النضال الطلابي والإعلامي حيث ظل يقوم بعدة زيارات تفتيشية فجئية واستفزازية في أوقات مختلفة من الليل والنهار لمقر اقامتي بقفصة وأوعز لاحقا لزملائي في السكن بضرورة تغيير المقر .
وتواصل مسلسل المضايقات والتحرشات لينتهي باختطافي في 24 / 02 / 2007 على الساعة الثالثة فجرا وايقافي بتهمة ترويج اخبار زائفة بوجود عمل اجرامي ضد اشخاص وترويج مناشير . حيث عمد نفس البوليس على افتعال مناشير وامضائها باسمي كما اوعز لعميل له بانتحال هويتي ويهدد صحفا باسمي من مغبة الكتابة عن الاسلاميين وتزامن ذلك مع احداث سليمان . وللتاكيد على الطابع الكيدي للتهم انه لم يتم ضبط هذه المناشير في منزلي ولا متلبسا بمسكها او ترويجها . في حين لم يتوفر أي تسجيل صوتي للتهديدات ولا الرقم الذي استعمله الجاني في فعله … وباعتراضي على لائحة الاتهامات وتمسكي بحقي في اعلام اسرتي وتم اخضاعي زهاء الخمسة ايام لضروب من التعذيب السادي وصور قاربت في البشاعة ما لحق احرار فلسطين والعراق بمعتقلات الخزي والعار التابعة للاحتلال الامريكي الصهيوني كشفت عن مستوى الانحطاط الاخلاقي الذي بلغه نظام الرئيس المخلوع . اذ يحتاج المرء الى ان يكون خسيسا ونذلا كي يجد نفسه قادرا على التمثيل ببريء وتشويهه ومسخه الى الدرجة الحيوانية الدنيا . فمن الصور المرعبة لهذه الجريمة النكراء التي قامت بها مصالح الشرطة المختصة بقفصة مصرحين بما يفيد انه ينفذ تعليمات وزير الداخلية السابق « رفيق بلحاج قاسم  » وفي بربرية وتوحش انساني هتكوا عرضي وشرفي واذلوني جنسيا بدماء ثلجية متحجرة تفضح نزعة الإنتقام والتشفي من خلال ايلاج انبوب ثم مسطرة في دبري … وفي فطارة ما بعدها فطارة صعقوني بالكهرباء وجردوني من ملابسي لساعات طويلة وعلقوني عاريا . فضلا عن تكميم فمي وتعصيب العينين والضرب المبرح في اماكن حساسة وبأدوات مختلفة ( سوط ،عصا، انبوب ) الى ذلك حرموني من النوم وسكبوا الماء البارد على جسدي العاري عديد المرات . والايهام بالغرق من خلال وضع رأسي في اناء من المياه الآسنة الملوّثة واحيانا في كيس شفاف ابيض اللون واحكام غلقه حتى فقدان الوعي وملامسة الموت . وفي صورة اخرى اكتملت فيها تفاصيل الكفر كان يتم الدوس على المصحف الشريف عند بداية التحقيق والصراخ بـأن الرب الوحيد هو الدكتاتور الفار … وفي مشهد جسّد منتهى الوحشية والحيوانية تم ارغامي على شرب سائلي بالتوازي مع هذا حرموني من الاكل حيث اكتفوا بكسكروت واحد يوميا مع اكراهي على تناوله مكبل اليدين وعاري الجسد . ومن كل وسائل النظافة بما فيه ماء الاغتسال ناهيك عن تكبيل اليدين بصفة مستمرة إلى الخلف وإجباري على الركوع لمدد طويلة عاري الجسد . كما أنهم يقومون بسبّ الجلالة والاعتداء بفاحش القول بما يبعث على التقزز أما تمزيق بطاقة هويتي الحزبية فكشفت على حصاد مرّ من الغضب والكراهية … ولئن تفاجأ الجلاد بصمودي فانه وفي سفاهة ما بعدها سفاهة عمد إلى تهديدي بإحضار والدتي واغتصابها أمامي.
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)



        بقلم:    د.أحمد القديدي   تحتل الشعوب العربية منذ إنتصار ثورة تونس في 14 جانفي يناير 2011 مركز الإهتمام لدى الرأي العام الدولي لسبب بسيط هو أن هذا الرأي العام فوجأ بإندلاع الشرارة من تونس و تفجر نهر الحريات من ينبوعه التونسي إلى كافة أرجاء المشرق و المغرب و نأمل أن يسير في مجراه إلى مصب العودة للتاريخ . وهو ما أنصفنا فيه المنصفون حين قال أحدهم بأن لبلادنا الحق في براءة الإختراع والسبب الثاني لوقع المفاجأة لدى المراقبين هو أن العديد من المستشرقين الغربيين الجدد أبناء فكر برنارد لويس طالما وضعوا للعالم العربي نظريات تفيد بأن الإستبداد يحمل جينات عربية إسلامية و أن العرب أهل تبعية و أعداء للحرية. بل إن كثيرا من العرب يؤيدون بهتانهم و يحبرون البحوث و الدراسات للمراكز و الجامعات يؤكدون فيها قواعد القنوط من العرب.  و أنت تراهم اليوم أيها القارئ الكريم بعد خيبة أملهم و إنكسار حجتهم أمام نهر الحريات العربية الجارف يواصلون المؤامرات بأساليب أخرى غايتهم أن يظل العرب ذيولا و أذنابا لأسيادهم الغربيين بل ربما تسللوا إلى مراكز السلطة تدعمهم جيوش نراها أو لا نراها من أعوان المخابرات الغربية تبوأهم المناصب و تغدق عليهم المصداقية و النعمة.   و أذكر أنني منذ مدة شاهدت في برنامج تلفزيوني شهير بقناة الجزيرة، مقابلة بين « مفكرين إثنين » من المغرب العربي للجدل حول صدقية الانتخابات في بعض الدول العربية و مدى تعبيرها عن الرأي الحقيقي للشعوب، وهو موضوع فيه اختلاف،و فيه بالطبع اختلاف المتناقشين الاثنين، والاختلاف مطلوب من قبل صاحب هذا البرنامج، و يتحول أحيانا إلى خلاف مما لا يفسد للود قضية على كل حال حسب الحكمة العربية. و أنا لا أريد في هذا التعليق القصير أن أدلي برأيي، بعد أن أدليت به مرات عديدة في نفس ذلك البرنامج و على نفس القناة، لكني أريد فقط التعبير عن أشد العجب من اعتقاد راسخ لدى أحد المتجادلين، بأن الغربيين عموما و الفرنسيين تحديدا يستحقون الديمقراطية و حقوق الإنسان لأنهم – كما قال هذا الرجل حرفيا – لديهم فطاحلة الفكر أمثال \فولتير و \منتسكيو و \جون جاك روسو ، مهدوا للفكر الديمقراطي و أسسوا مدرسة التنوير و نظروا للدساتير الليبرالية، و أضاف المتحدث المتحمس لبرهانه: أين نحن العرب من هذا ؟    للحقيقة قررت حينما سمعت هذا السؤال أن أساهم بقسطي المتواضع للجواب عليه، توسما للخير في هذه الحوارات التي يجب أن تستمر عبر وسائل الإعلام ومنابر الثقافة. و لا أخفي مدى صدمتي و أنا أسمع من فم مثقف عربي نكرانا لكل التراث العربي الإسلامي في مجال الحريات و احترام العقد الرابط بين الحاكم والمحكوم، و قد أضيع في خضم الرصيد العربي الممتد من المحيط الى الخليج في هذا الباب فقط أي الفكر السياسي العربي الإسلامي الزاخر كالبحر بعمالقة كبار تركوا للإنسانية كلها أهرامات من المعاجم و أمهات الكتب خلال خمسة عشر قرنا من الحضارة.  و خشية أن أضيع بين الكنوز الفكرية رأيت أن يقتصر كلامي على بلاد المتحدث نفسه، تونس، و على جزء يسير من إسهامها في إثراء الثقافة العربية و الإسلامية و العالمية، قبل قرون طويلة من العظماء الفرنسيين الذين ذكرهم الرجل واستشهد بفكرهم الثاقب لاستحقاق الديمقراطية دون العرب….الذين نعتهم  بكونهم أيتام مجد و ناقصي حضارة. و تونس العربية هي التي أنجبت العلامة عبد الرحمن ابن خلدون، صاحب كتاب المقدمة و في هذا الكتاب كان العلامة هو أول من طالب الملوك بسن دستور واضح يحدد الحقوق و الواجبات ويكون بين ولي الأمر وشعبه عقدا سياسيا و نظاما للملك مقترحا الميثاق المختوم بين الحاكم و المحكوم.    و تونس أيضا هي من أنجبت الإمم سحنون بن سعيد التنوخي الذي كان أول من  قنن مبدأ إستقلال القضاء حين رفض منصب القضاء الذي عرضه عليه الأمير محمد بن الأغلب فسأله الأمير عن سر رفضه فأجابه بقول خلده المؤرخون وهو : » أشترط أن أقاضي أهل بيتك و قرابتك و أعوانك فإن عليهم ظلامات للناس وأموالا لهم منذ زمن طويل حيث لم يجترأ عليهم من ولي القضاء قبلي » ، فقال الأمير : » نعم لا تبدأ إلا بهم و أجر الحق على مفترق رأسي ». و هذا المبدإ الذي ظهر اليوم خلال الثورات العربية مبدأ أساسيا وهو مبدأ إستقلال القضاء هو الذي يؤسس لدولة الحق و سيادة القانون و التفريق بين السلطات و كانت تونس سباقة إليه بثمانمائة سنة قبل منتسكيو و فولتير.   إن أفضل تحية نوجهها للثورات العربية هي أن نؤسسها على هويتها الحضارية ونعتز بأمجادنا و نرفع رؤوسنا بها عالية فبل أن نطالب غيرنا بالإعتراف بأفضالنا عليهم … وهي أفضال حقيقية و موثقة.  
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)



بقلم : سامية زواغة
نعلم جميعا أن الحرية السياسية هي الشرط الأول لبناء الشخصية السوية القادرة على النهوض من الكبوة الحضارية التي تحياها الشعوب العربية في الوقت الراهن، هي الضمان الجوهري للخروج من محنتي التخلف والتبعية و أساس العودة إلى الذات القوية الفاعلة  . و أن ما يجري في بلدان العالم العربي هذه الأيام سوف يزيد الشعوب العربية حصانة لرفض كل أنواع حكم الفرد ويضاعف من حصانتها للتمسك بأن حكما ديمقراطيا تكون السيادة فيه للشعب وتكون حرية الإرادة والفكر والتعبير حقا مقدسا لكل مواطن لا يتعدى عليه أحد ولا يصادره أحد، وفي ظني كمواطن عربي أن أي شعب مهما كان حظه من التقدم والنضج، يمكن أن يتعرّض في مرحلة من مراحل تاريخه لتجربة أو تجارب تسلب فيها الحرية باسم الحرية وتغيب فيها الديمقراطية باسم الديمقراطية، وتكتب فيها إرادة الشعوب باسم إرادة الشعوب، حدث هذا في كثير من البلدان منها فرنسا وألمانيا ثم أفاق الشعب الفرنسي والشعب  الألماني بعد الكارثة، وخرج يبني بلده من جديد في ظل ديمقراطية حقيقية جعلت منه خلال عدة سنوات إحدى القوى الاقتصادية والصناعية الكبرى في العالم، ومثل فرنسا وألمانيا بلدان كثيرة أوروبية وعربية إلا أن الشعوب الأوروبية قد أفاقت بعد الكوارث التي أصابتها، أما البلدان العربية فلا زالت تئن تحت وطأة هذه الكوارث. و في ظني أن الشعوب العربية اليوم، وربما على ثقة بأنها ستكون السباقة إلى هذه الاستفاقة، وستكون مثالا لبقية شعوب العالم الأخرى كما كانت السباقة إلى إعطاء القدوة في التحرر والاستقلال، والأيام القادمة ستكشف عن هذا. لذا، أقول إن تجربة الشعوب العربية تصلح أن تقود كل الشعوب إلى أملها في غد مشرق بدلا من أن تجره إلى هاوية اليأس ·
لكنني مازلت على ثقة بأن الأمر أيضا لا يحتاج فقط  إلى بعث تجارب الماضي، بل إن الأمر في رأيي يحتاج لشيء من المنطق يقود أبناء العالم العربي  إلى مناقشة حرة وواعية وتحليل عقلاني يصل بهم في النهاية إلى وضع أساس متين وواقعي يقوم عليه بناء ثابت ومستقر بعد أن غاب المنطق أكثر من خمسة عقود من الزمن وغابت معه الحقيقة، شريطة أن نتحرر من خطإ الدعاوي الزائفة التي تروّج من طرف الكثير من أنصاف المثقفين بأن المستوى الثقافي والحضاري للشعوب العربية لا يسمح لها بتطبيق النظام الديمقراطي الكامل، بأن تطبقه دفعة واحدة و على أن تعرف الشعوب العربية بأنها صاحبة الشأن كله سواء في مسؤولية التشريع أو التنفيذ ، وتعرف أيضا أن لها  أن تراقب وأن تتقاضى الحساب أيضا ، هذا مع التأكيد على أن عملية التطور والتقدم لا يمكن تحقيقها في غياب احترام حقوق الإنسان العربي باعتباره قطب الرحى الذي تدور حوله كل الأهداف وتحقق من أجله كل المنجزات، وتعد في سبيل تكوينه وتنشئته مختلف الخطط والبرامج والمناهج، تلك هي الحقيقة التي يجب أن يعلمها كل مسؤول في العالم العربي، وأن يؤديها كل عربي ويعمل في ضوئها، هذا من جهة· ومن جهة ثانية، لا ننسى بأن الإنسان هو أداة التنمية وصانعها، وهو إلى جانب ذلك هدفها وغايتها، وبقدر ما تتمكن التنمية بمختلف أساليبها ووسائلها من توفير الحياة الكريمة للفرد والمجتمع، بقدر ما تكون تنمية ناجحة جديرة بأن يسعد القائمون عليها ويفخروا بنتائجها الجيدة ويعتزوا بآثارها الطيبة، ذلك ما يجب أن يؤمن به كل عربي ويسعى إلى تحقيقه دائما على أن تكون بداية الانطلاق في السير بخطى واثقة قادرة على طي المسافات وقطع المراحل والانتقال من نصر إلى آخر، ومن إنجاز إلى آخر تحقيقا لآمال أبناء العالم العربي وضرب الأمثلة في كل مناطق العالم العربي بالمواقف الشجاعة والسياسة الناجعة والممارسة الواعية على كافة المستويات، وبفضل توفير الإرادة الصلبة والفكر المستنير من أجل نهضة عربية حديثة عبر تضافر الجهود بين أبناء العالم العربي المخلص  تتخللها في الواقع تضحيات كبيرة ومعاناة شاقة لتجاوز مرحلة البداية بكل تحدياتها ومشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية …وهكذا، فخلال سنوات معدودة يستطيع العالم العربي -إن شاء الله- أن يتخطى أسوار العزلة وفجوات التخلف وعقبات الصراع والتنافس الدولي في واحدة من أكثر مناطق العالم أهمية، منطقة الشرق الأوسط، ويتمكن هذا العالم أن يشكل عناصر قوة عصرية فاعلة تنهض على سواعد أبنائه، ويشعر فيها المواطن العربي بدوره وإسهامه في البناء الوطني وفي عالمه العربي من ناحية، وبثقة في يومه وغده ومستقبل أبنائه من ناحية ثانية، فضلا عن استعادة مكانة العالم العربي في المحافل الدولية وبين الأمم والشعوب، بمعنى انه على أبناء العالم العربي الارتكاز على رؤية إستراتيجية متكاملة تنصهر فيها عناصر القوة الكامنة في الشخصية العربية مع عوامل القوة بالغة الأهمية في التاريخ والحضارة والتراث العربي·
وفي هذا الإطار، تتفاعل الجهود وتلتقي الأيدي العربية في وحدة عربية قوية وصلبة يشد عودها ويشيّد بنيانها رجال مخلصون عرفوا بالعبقرية  في المساهمة والمشاركة والعطاء والإبداع، وبتحمّل المسؤولية في  البناء، حيث تصبح الدول العربية وشعوبها كالجسد الواحد، إذا اختل منه عضو اختل الجسد كله، لذا يجب أن يهدف أبناء العرب إلى أن تكون خطتهم في الداخل بناء بلدانهم العربية وتوفير الحياة المرفهة والعيش الكريم  لجميع شعوبهم ، وذلك عن طريق مشاركة أبناء العالم العربي في تحمّل أعباء المسؤولية ومهمة البناء مع فتح الأبواب للمواطنين في العالم العربي للوصول إلى هذه الغاية عن طريق  تثبيت حكم ديمقراطي عادل في كل البلدان العربية وحسب التعاليم والثوابت العربية التي تنير السبيل دائما .
وتحقيقا لمزيد من فعالية هذه المشاركة وزيادة آثارها، يجب أن يحظى المواطن العربي برعاية واسعة النطاق تعليميا وثقافيا واجتماعيا، وفي مختلف المجالات كذلك، ليكون قادرا على القيام بدوره كشريك في عملية البناء  
 
(المصدر: صحيفة  » الوطن » لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد 179 بتاريخ 1 أفريل2011)



الجماهير العربية تواصل كتابة التاريخ. الأحداث الجارية اليوم في سوريا تضع على سطح الصراع الإيديولوجي والسياسي حقيقة أخرى. على أعتى الديكتاتوريات بمن فيها تلك التي تتستر بطلاء « الوطنية » و »مقاومة الصهيونية » أن تواجه هي أيضا الاهتزازات الجماهيرية المنادية بسقوطها.
لقد بدأت الانتفاضة الشعبية في سوريا وحصيلتها إلى حد الآن وفي بضعة أيام قليلة أكثر من 150 شهيدا ومئات الجرحى. وهذه الحصيلة من الشهداء والجرحى ليست نتيجة قصف أو إرهاب صهيوني. إنما بسبب القمع الدموي للنظام السوري « الوطني ».
في هذا البلد، كما في تونس ومصر واليمن والبحرين والجزائر والمغرب وليبيا، تتكرر الأحداث في الجوهر على نحو متماثل، رغم اختلاف خصوصيات هذا البلد أو ذاك، لتأكد مأساوية الواقع العربي والحقيقة الاستبدادية لكل الأنظمة العربية.
انتفاضة الجماهير في سوريا هي وليدة نفس الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي هزت أركان الديكتاتورية في باقي ربوع الوطن العربي. فسوريا أيضا هي بلد الفقر والبطالة والتفاوت الجهوي وتغلغل الرأسمالية اللبرالية. وفي سوريا أيضا غياب كامل للحريات وقمع للمعارضة وتغليب طائفة على أخرى وضرب لأبسط حقوق الشعب السياسية والاقتصادية والثقافية. في سوريا أيضا الفساد المستشري واستئثار أقلية من البرجوازية المحلية بخيرات واقتصاد البلاد وتحكم البوليس السياسي والجهاز القضائي في رقاب المواطنين.
سياسة وخطاب النظام السوري في مواجهة الاحتجاجات الشعبية وقمعها وتشويهها هو نسخة أخرى مما عرفته الشعوب العربية تحت نظم الاستبداد في تونس ومصر واليمن وغيرها من الدول العربية. وإذا ما اتّهم بشّار الأسد معارضيه بالعمالة للخارج والجماهير المنتفضة بالانسياق وراء المخططات الأجنبية المعادية لمصلحة الوطن فإن خطابه السياسي ليس أحسن من خطاب بن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح. كل الأنظمة الديكتاتورية مهما كان غطاؤها الإيديولوجي، « قومي » أو « اشتراكي » أو « إسلامي »، تلتجئ إلى نفس الحجج البالية والزائفة لتبرير الاستبداد وحرمان شعوبها من الحريات ال ضرورية لانعتاقها السياسي والاجتماعي. وبينما يتبجح النظام السوري بالآلاف من المتظاهرين المساندين لكيانه تقوم في نفس الوقت أجهزته الأمنية والعسكرية بتقتيل معارضيه والتنكيل بهم. ولكن التاريخ لا ينضب من الدروس. تشاوشسكو كان يتبجح بآلاف الحشود سنة قبل انهياره وبن علي تبجح بمليوني منخرط في حزبه أيام قليلة قبل فراره.
ولكن الانتفاضة الشعبية في سوريا زيادة على طعم الدمّ لها طعم أخر وأبعاد سياسية أخرى على المستوى المحلي كما على مستوى الوطن العربي. فالنظام السوري هو آخر حلقة في سلسلة الأنظمة التي احتضنت مشروع النهضة العربية على قاعدة الطموحات القومية في الوحدة والاشتراكية والتحرر من الاستعمار والصهيونية. وفي العقود الأخيرة حضي النظام السوري بدعم جزء هام من القوى العربية، لا فقط ذات المنهج القومي بل أيضا صاحبة المناهج اليسارية والإسلامية. تمّ ذلك تحت يافطة « الوطنية » وبدعوى أن النظام السوري جزء من القوى القومية التي تقف في خط المواجهة مع الكيان الØ �هيوني.
لقد وقفنا في عديد المناسبات ضد المنحى السياسي للقوى الداعية إلى التغاضي عن النهج الديكتاتوري لهذا النظام أو ذاك بدعوى وقوفه ضد الكيان الصهيوني واعتبرنا مثل هذا المنحى انتهازية مضرّة بتطور الحركة الثورية العربية ومخلّة بنضالها الوطني والتحرري. فالوطنية ومقاومة الاستعمار والصهيونية ومواجهة مخططات الإمبريالية لا يمكن أن تكون في تناقض مع ديمقراطية الشعوب وتمتعها بالحريات السياسية الكاملة بل هي شرطها ومقدمتها. صحيح أن الحريات السياسية ليست كافية لوحدها لتحقيق الأهداف القومية ولكن سيادة الشعوب العربية ونهضة الوطن العربي ووحدته ف ي مواجهة الإمبريالية والصهيونية لن تتحقق بدونها. لماذا يعادي الكيان الصهيوني ديمقراطية الشعوب العربية إذا لم تكن خطرا يهدد كيانه ويهدد وجوده؟!. ولماذا ساندت أمريكا ولازالت تساند أنظمة الاستبداد العربية إذا لم يكن ذلك يخدم مصالحها وأهدافها؟!. وكيف لشعوبنا أن تحقق وحدتها وتتخلص نهائيا من سموم الصراعات الدينية والطائفية والقبلية والمحلية واقتتال أحزابها دون تمتعها بالحريات واحتكامها للديمقراطية ودون تحقيق المواطنة والمساواة بلا تمييز وبلا قهر طبقي أو طائفي أو ديني أو جنسي أو عقائدي؟!.
إن فشل النظام السوري يؤكد مرة أخرى فشل النظم الاستبدادية في تحقيق الأهداف القومية: الوحدة والاشتراكية والتحرر من الاستعمار والصهيونية. وإذا كانت الديمقراطية البرجوازية مدخلا لتفكيك الديكتاتوريات وأنظمة الاستبداد فإن شعوبنا العربية ليست محكوما عليها الاكتفاء بنسخها بل في مقدورها تجاوز نواقصها وسلبياتها نحو ديمقراطية أشمل وأكبر، ديمقراطية تستجيب لطموحات الفئات الشعبية، طموحاتها القومية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
لا أحد يمكنه اليوم التكهن بتطور الأحداث في سوريا ولا بمدى عمق الأزمة ولا بمدى استعدادات الشعب السوري للإطاحة بنظام بشار الأسد ولكن المؤكد أن نظام السوري لن يستجيب لدعوات الإصلاح السياسي فليس ذلك في طبعه ولا من مصلحته ولم نرى ديكتاتورية عربية واحدة تستجيب لمطالب الشعب في الحرية. أما نظام يقمع معارضيه وينكل بشعبه فلا مستقبل له ولا مخرج من الأزمة وسينهار بفعل قوانين التعفن الداخلي وبفعل نهوض الجماهير وتصميمها، إن عاجلا أو آجلا.
سمير حمّودة 01 أفريل 2011
 
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 21 مارس2011)


بعد تصاعد الانتقادات بشأن بطء تحركها اليونسكو تشرع بمساعدة مصر وتونس


في حلقة جديدة من سلسلة تداعيات الثورة في كل من مصر وتونس، استبقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) اعتراضات النقاد حول تأخر ردود أفعالها، وسارعت إلى إرسال خبرائها للتحقق من إمكانية تقديم مساعدات لكلا البلدين، وكان من بينهم الخبير الألماني كريستيان مانهارت المختص في اليونسكو بشؤون المتاحف.
وبعد عودته إلى مقر المنظمة في باريس قادما من القاهرة، أعلن مانهارت أن « هناك حاليا 37 قطعة أثرية مفقودة في مصر، سرقت من المتحف المصري بالقاهرة »، مبينا أن من بين أهم القطع المسروقة تمثالا طوله نحو 50 سنتيمترا للملك توت عنخ آمون مصنوع من الخشب المطلي بالذهب.
رغم ذلك أكد مانهارت على عدم وقوع أعمال تخريب أو سرقات آثار على نطاق واسع منذ قيام الثورة المصرية، وأضاف أن « الحفائر غير المشروعة كانت كثيرا ما تقع في مصر وغالبا كان يقوم بها سكان القرى المجاورة لأماكن الآثار ».
وكانت اليونسكو قد أعلنت عن رغبتها في تقديم مساعداتها بهدف تطوير أنظمة الأمن في المتاحف والمقابر المصرية، كما أبدت المنظمة ارتياحها لعودة خبير الآثار زاهي حواس إلى منصب وزير الآثار في مصر بعد تنحيته منذ فترة قصيرة من هذا المنصب، حيث قال مانهارت في هذا السياق « من الأمور الطيبة أن نجد مرة أخرى شخصا قادرا على اتخاذ القرارات ».
خدمات ثقافية بتونس
من جهة أخرى، تسعى اليونسكو إلى تسليط الضوء على الآثار التونسية التي لم تلق اهتماما كافيا من السياح حتى الآن، إذ تحظى المناطق الساحلية بالحصة الكبرى من الوجهات السياحية في بلد يزوره كل عام حوالي سبعة ملايين سائح.
كما أعلنت المنظمة المعنية بكل شؤون الثقافة عن رغبتها في دعم حرية الصحافة في تونس بعد نجاح الثورة، إذ بينت سيلفي كودري العاملة في اليونسكو بعد عودتها من تونس أن حماية حرية التعبير هي من بين مهام اليونسكو، وهو ما لا يعلمه الرأي العام العالمي حتى الآن.
في سبيل ذلك تخطط اليونسكو حاليا للمشاركة في تدريب ما بين 50 و100 صحفي وإقامة حلقات نقاشية اختيارية للصحفيين التونسيين.
وتضيف كودري « كانت وسائل الإعلام حتى الآن تحت سطوة الدولة التونسية، لذا يجب تدريب أصحاب الشأن أولا على التعامل مع حرية الصحافة بصورة صحيحة ».  
المصدر:دي بي آي (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 02 أفريل 2011)



عبد الباري عطوان 2011-04-01 التقيت في شقة الشاعر الكبير محمود درويش المتواضعة في العاصمة الاردنية عمان (عام 2003) بمجموعة من السياسيين والمثقفين الفلسطينيين القادمين من الاراضي المحتلة، من بينهم السيد نبيل عمرو وزير الاعلام السابق، واحد اقرب المقربين من الرئيس الراحل ياسر عرفات.
احد الحضور انتقد السيد عمرو لانه تخلى عن الرئيس عرفات حسب رأيه، وانضم الى معسكر منافسه في ذلك الوقت، السيد محمود عباس (ابو مازن) الذي ‘نحت’ له الامريكان والاوروبيون منصب رئيس الوزراء، في خطوة هدفت لتقليص صلاحيات الزعيم الفلسطيني، وتجريده من سلاحي الامن والمال خاصة، بحيث يتحول الى ‘مختار’ او ‘واجهة’ سياسية فقط دون اي صلاحيات فعلية.
السيد عمرو رد على هذا الانتقاد بابتسامة خبيثة، وقال: ان سفينة عرفات تغرق، ومن الغباء السياسي الغرق معها، ولذلك قررت القفز الى السفينة الاخرى، وما الضير في ذلك، انها قمة الواقعية والذكاء السياسي في الوقت نفسه. السيد عمرو تعرض لمحاولة اغتــــيال بعدها عيـــنه الرئيس عباس وزيرا للاعلام ‘عرفانا وتقديرا’ الى ان اختلف معه اخيرا لاسباب يطول شرحها. تذكرت هذه الواقعة، وانا ارى المسؤولين الليبيين الاكثر ولاء وقربا للزعيم الليبي معمر القذافي يهربون من سفينته، الواحد تلو الآخر، بحثا عن ملاذ آمن، حتى لو ادى ذلك، مثلما هو حال السيد موسى كوسا وزير الخارجية ورئيس اللجان الشعبية، وجهاز المخابرات سابقا، الى تعرضهم لملاحقة قانونية في بريطانيا بتهم قتل وتعذيب، وبعض المسؤولية عن تنفيذ جريمة تفجير الطائرة المدنية الامريكية فوق مقاطعة لوكربي الاسكتلندية، وكأنه يهرب من الرمضاء الى النار.
اللافت ان ثلاثة وزراء خارجية سابقين هم عبد الرحمن شلقم، وعلي عبد السلام التريكي، وثالثهما موسى كوسا استقالوا من مناصبهم في اقل من شهر، والثلاثة يعتبرون من اعمدة النظام وابرز ركائزه، بل واشد المتحمسين لخدمته، وتبني سياساته وشرحها الى العالم بدأب يحسدون عليه، ترى ما هو السر في ذلك؟ ‘ ‘ ‘ الاسباب كثيرة، ولكن هناك عاملا لا يمكن تجاهله او القفز فوقه، وهو تغول ابناء الزعيم، وممارستهم كل انواع الاذلال، والاحتقار، لجميع رجالات ابيهم، والعمل بكل الطرق على ابعادهم من دائرة اتخاذ القرار، ومن يجلس مع هؤلاء المستقيلين قبل انشقاقهم او بعده، يجد ان المرارة من تدخلات سيف الاسلام القذافي على وجه الخصوص في عملهم، ولدرجة إفشال جهودهم هي القاسم المشترك لمعاناتهم.
بينما كنت اتناول طعام الغداء في عاصمة اوروبية مع احد السفراء الليبيين جاءه اي السفير اتصال من قبل احد ابناء الزعيم الليبي، ابلغه فيه انه قادم الى العاصمة بعد اربع ساعات، وعليه تأمين عدة اجنحة في احد الفنادق الفخمة، ورهط من السيارات الفارهة لاستقباله في المطار وجوقته، فما كان منه اي السفير الا مغادرة المطعم مهرولا بسرعة والقلق والتذمر باديان على وجهه لتنفيذ الاوامر، والا فالويل والثبور وعظائم الامور، وقال لي من اين لي ان اتدبر كل ذلك في بضع ساعات وفنادق العاصمة مزدحمة بالنزلاء.
السيد شلقم الذي استقال من منصبه كممثل لبلاده في الامم المتحدة وانضم الى الثوار، قال ان سيف الاسلام تدخل اكثر من مرة لافشال جهود ونجاحات دبلوماسية حققها اثناء مفاوضات تعويضات لوكربي، او نزع اسلحة ليبيا النووية والكيماوية، ليعيد التفاوض بنفسه للحصول على سبق النجاح، وليظهر للعالم الغربي انه صاحب القرار النهائي باعتباره ولي العهد والرئيس القادم لليبيا.
اولياء العهود في الجمهوريات الملكية العربية لعبوا دورا كبيرا في تفجير الثورات العربية الحالية المطالبة بالديمقراطية والحريات، مثلما ساهموا بدور كبير في اطاحة حكم آبائهم بالطريقة المهينة، نتيجة استهتارهم، وغرورهم، وانغماسهم في ‘البيزنس’ وما يتفرع عنه من فساد وصفقات مشبوهة، والتعاطي مع رهط من السماسرة والانتهازيين وقناصي الفرص.
لم نفاجأ بالاخبار التي تحدثت عن ‘شجار’ السيد علاء مبارك مع شقيقه جمال، واتهامه له بان ممارساته وطموحاته في الحكم هي التي ادت الى هذه النهاية البائسة لوالده واسرته، فقد تصرف السيد جمال مبارك وكأنه الآمر الناهي، يعين الوزراء ويختار السفراء، ويوزع غنائم الفساد على اصدقائه من رجال الاعمال، وبعض الاعلاميين، الامر الذي سبب حالة من الاحتقان في الشارع المصري، انفجرت ثورة مباركة، عنوانها ميدان التحرير، اطاحت بامبراطورية الفساد هذه، واعادت للشعب المصري، بل والامة العربية، الكرامة والريادة. ‘ ‘ ‘ الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ظل محبوبا لاكثر من عشرين عاما في اوساط اليمنيين، فقد حقق الوحدة والاستقرار، وسمح بتعددية سياسية محدودة، (هناك من يؤكد ان فضل الوحدة يعود ايضا للسيد علي سالم البيض وزملائه في اليمن الجنوبي وهذا صحيح ايضا) ومجلس نواب منتخب، ولكن مصائبه بدأت تتضخم عندما بدأ يخطط لتوريث الحكم لنجله احمد، وتوزيع المناصب الامنية والعسكرية الكبرى على ابناء اشقائه واصهاره ومعها صفقات ‘البيزنس’ والتوكيلات التجارية، الامر الذي جعل الكثيرين ينفضون من حوله، واولهم اخوه غير الشقيق علي محسن الاحمر، وابناء الشيخ عبدالله الاحمر شيخ مشايخ قبيلة حاشد. فالسادة صادق وحميّر وحميد وحسين عبدالله الاحمر الذين ورثوا أباهم في الزعامة، يمكن ان يقبلوا بالرئيس صالح في قمة الحكم ‘الى حين’، ولكنهم من المستحيل ان يقبلوا بنجله، ويعتبرون انفسهم احق منه بالرئاسة، وهذا ما يفسر انضمامهم الى الثوار في ميدان التغيير وسط العاصمة صنعاء وشق عصا الطاعة على الرئيس ابن قبيلتهم.
ولا تفوتنا الاشارة الى ان الرئيس الراحل صدام حسين، وقع في الخطأ نفسه، عندما اطلق العنان لنجليه قصي وعدي لارتكاب خطايا عديدة ربما بسبب رعونتهما، او حداثة سنهما، اساءت اليه، وشوهت صورته في اذهان البعض من ابناء شعبه، وذكر لي احد المقربين جدا من المرحوم قصي، وهو يقيم حاليا لاجئا في لندن، ان من اسباب سقوط بغداد في زمن اقصر من المتوقع وبالحد الادنى من المقاومة، تعيين قصي قائدا للقوات المكلفة بالدفاع عنها، الامر الذي جعل العديد من الضباط العسكريين الكبار والمحترفين يفقدون الرغبة في القتال. اذ كيف يخضعون لقيادة شاب صغير غير متمرس عسكريا، وهم الذين خاضوا حربا استمرت ثماني سنوات ضد ايران حفاظا على هوية العراق العربية، وولاءً للرئيس، وانتصروا فيها.
ولا ننسى في هذه العجالة التعريج على الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، فقد ‘تقلصت اخطاؤه في بداية حكمه، وظل لسنوات يعيش في الظل تقريبا مع الحد الادنى من الفساد والكثير من القمع طبعا، ولم يعرف عنه بذخه، او ترفه، حتى تزوج من السيدة ليلى بن علي، حيث عاث اشقاؤها، او بعضهم، في الارض فسادا، واكلوا الاخضر واليابس مثل الجراد ونهبوا ثروات البلاد، وباتوا يتطلعون لوراثة الحكم، الامر الذي سرع بثورة الشعب التونسي، واعتقد ان الرئيس بن علي كان صادقا عندما قال في خطابه الاخير ان الرسالة وصلت (رسالة الثوار)، واعترف بانه تعرض للخديعة والتضليل من قبل بطانته الفاسدة، ولكنه اعتراف جاء متأخرا، وفي الوقت والتوقيت الخطأ، ولم يمنع سقوطه وحكمه والنهاية المهينة التي انتهى إليها.
ولعل من ابرز المشاكل التي يواجهها الرئيس الشاب بشار الاسد حاليا، الذي يعتبر الوحيد من بين اولياء العهود، الذي نجح في تولي مقاليد الحكم عبر منظومة التوريث، فساد بطانته، او معظم المقربين منه، وتغول الاجهزة الامنية، تحت ذريعة مواجهة المؤامرات الخارجية التي تستهدف سورية، وهي موجودة فعلا، ولكن المبالغة في القمع، واذلال المواطنين، عوامل ساهمت بشكل كبير في تأجيج الشارع السوري، ودفعه لمحاكاة الثورات الاخرى طلبا للاصلاح السياسي والعدالة الاجتماعية.
انها ‘لعنة التوريث’ التي اصابت الانظمة العربية الديكتاتورية التي اعتقدت لاكثر من ثلاثة عقود انها محصنة امام التغيير الديمقراطي بسبب ضخامة اجهزتها الامنية، ونفاق الاعلام الحكومي الذي ضلل الحاكم، دون ان يخدع المحكومين، بنفاقه، ورموزه المحترفة في هذا المجال بامتياز شديد. وحسنا فعل المجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية بابعاد جميع رؤساء مجالس ادارة وتحرير الصحف القومية المصرية في خطوة تطهيرية مستحقة.
ومن حسن الحظ ان هذه اللعنة كانت ‘المفجر’ لاندلاع الثورات التي نراها حاليا، ونأمل ان لا تتوقف بسبب عمليات المقاومة اليائسة والشرسة لبعض الحكام الديكتاتوريين للبقاء في السلطة بأي ثمن حتى لو ادى ذلك الى مقتل الآلاف من ابناء شعبهم وتمزيق الوحدة الترابية والديموغرافية لبلادهم.
سألني احد النواب الاوروبيين على هامش محاضرة القيتها حول الثورات العربية بدعوة من البرلمان الاوروبي، عن الفرق بين الاوروبيين والعرب، قلت له ان الفرق بسيط، ولكنه كبير ايضا، يلخص المشهد العربي الراهن ابلغ تلخيص، فالاوروبي يقدم المصلحة على الكرامة، بينما يقدم المواطن العربي الكرامة على المصلحة، انتم تعتبرون انفسكم ‘واقعيين’ وتعتبروننا عاطفيين، وتتعاملون معنا على اننا ‘اغبياء’ او ‘حالمون’ في افضل الاحوال. وختمت المناقشة بالقول ان ثورة الشعوب العربية هذه ليست بسبب البطالة والجوع للقمة الخبز، وانما بسبب الجوع للكرامة وعزة النفس، وهي من المكونات الاساسية للجينات العربية والاسلامية، ولهذا تظل الامة عصية على كل محاولات التطويع والتدجين… النائب الاوروبي هز رأسه ومشى بعيدا، وكذلك فعلت انا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 02 أفريل 2011)


2011-04-02 واشنطن- قال مقربون من العقيد الليبي معمر القذافي انه لا يستبعد بشكل كامل بعد التوصل إلى حل سياسي مع الثوار لإنهاء الأزمة الدائرة حالياً.
ونقلت شبكة (سي أن أن) عن مقربين من الزعيم الليبي قولهم انه لم يستبعد حتى الآن الحل السياسي مع الثوار، وأضافوا إن الحل قد يتضمن نقل العقيد الليبي سلطاته إلى أشخاص من الدائرة المقربة منه، مشيرين إلى أن نجله، سيف الإسلام « سيلعب دوراً مهماً في هذا الأمر ».
وذكر المقربون أن القذافي يعتقد أن الوقت ما زال متاحاً للحوار مع المعارضة، ولكنه يرغب في إنهاء الصراع المسلح قبل أن ينتقل الحديث إلى الحل السلمي.
وأشاروا إلى وجود ما وصفوه بـ »إدراك متزايد لدى النظام » بوجوب تسليم « الحرس القديم » مناصبهم لجيل جديد من القادة. وشدد المقربون من القذافي على أن الزعيم الليبي متأكد من قدرته على مواجهة أي محاولة لإزاحته عن السلطة بالقوة.
وكانت صحيفة (الغارديان) البريطانية ذكرت الجمعة أن نظام القذافي أرسل مبعوثاً مقرباً منه إلى لندن لإجراء محادثات سرية مع المسؤولين البريطانيين.
ويذكر أن تقارير أشارت إلى تقديم أولاد القذافي عدة اقتراحات تتعلق بتحييد والدهم، ومن بينها أن يتولى المعتصم، وهو مستشار الأمن القومي في البلاد رئاسة حكومة مؤقتة تشمل المعارضة، ولكن ذلك الاقتراح لن يرضي على الأغلب الثوار.
ومن جهة أخرى، رفضت الحكومة الليبية في وقت متأخر من مساء الجمعة عرض الثوار لوقف إطلاق النار ووصفته بأنه تعجيزي.
وقال المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا الجمعة إن الثوار سيقبلون وقفا لإطلاق النار شريطة سحب الزعيم الليبي معمر القذافي قواته من جميع مدن ليبيا واحترام حق الليبيين في الاختيار.
وقال عبد الجليل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى ليبيا عبد الإله الخطيب الذي زار الجبهة الشرقية في ليبيا زيارة قصيرة إن « العالم سيرى أنهم سيختارون الحرية ».
ورفض المتحدث باسم الحكومة موسا إبراهيم مطالب الثوار وأصر على بقاء قوات القذافي. ووصف مطالب الثوار بأنها تعجيزية مشددا على أن قوات القذافي لن تترك المدن التي تسيطر عليها.
وقد تحركت المعارضة الليبية الجمعة باتجاه تحصين مدينة إجدابيا الرئيسية شمالي شرق ليبيا.
ويذكر أن إجدابيا محطة مهمة بين العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي معقل الثوار الليبيين. وتستعد المدينة لمواجهة هجوم محتمل من جانب قوات القذافي حيث يصارع الثوار من أجل استعادة السيطرة على مدن شرقية مهمة بعدما فقدوها الأسبوع الماضي. ويقاتل المتمردون لاستعادة ميناء البريقة النفطي الرئيسي، وذلك وفقا لما ذكرته قناة (الجزيرة).
ويذكر أن الطلب الرئيسي للمجلس هو رحيل القذافي الذي يتولى السلطة منذ 42 عاما وأن تتولى حكومة جديدة مكونة من مسئولين من داخل المجلس المسئولية خلال فترة انتقالية لإجراء انتخابات حرة.
وفي الوقت نفسه وردت تقارير بأن قصفا جويا لقوات التحالف أسفر عن مقتل سبعة مدنيين على الأقل معظمهم من الأطفال وإصابة 25 آخرين بالقرب من بلدة البريقة يوم الأربعاء الماضي طبقا لما أفاد به طبيب ليبي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي).
وكانت المعارضة قد أعلنت أول امس الخميس عن ثقتها في أن الهجمات الجوية التي يشنها التحالف والتي يقودها الآن حلف شمال الأطلسي (ناتو) كجزء من منطقة حظر طيران فرضتها الأمم المتحدة، سوف تساعدهم على استعادة الأرض المفقودة.
وقال حلف الأطلسي أمس الجمعة إنه تم تنفيذ 74 غارة جوية ضد ليبيا يوم الخميس وهو أول يوم يتولى فيه الحلف قيادة العمليات العسكرية في ليبيا.
وتسلم الناتو قيادة العمليات العسكرية من تحالف تم تشكيله بشكل ارتجالي وسريع بتنسيق من جانب الولايات المتحدة ولعبتا فرنسا وبريطانيا أدوارا ريادية فيه.
ودعت ألمانيا والصين الجمعة إلى تجدد الجهود نحو تسوية سياسية سلمية للصراع في ليبيا. وكانت الدولتان قد امتنعتا عن التصويت في مجلس الأمن الدولي قبل أسبوعين علي قرار أقر فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 02 أفريل 2011)

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.