السبت، 16 ديسمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2399 du 16.12.2006

 archives : www.tunisnews.net


 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بـيــــان

حزب الوحدة الشعبية – حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي – الحزب الاجتماعي التحرري –حزب الخضر للتقدم: بيان مشترك

الإتحاد العام لطلبة تونس:  بيـــان

الجريدة: في مؤتمر المنظمة الشغيلة – رئيس منظمة الأعراف غير مرحب به الصباح: اليوم الثاني من مؤتمر اتحاد الشّغل – نقاشات… تكتّم وغموض بشأن «التحالفات» الصباح: مفاوضات.. وتحركات في الكواليس محورها «القائمات» الصباح: متابعة تفصيلية لأحداث ما قبل انتخابات اتحاد الشغل بتونس الشروق: مالية الاتحاد: 8 مليارات ونصف المعدل السنوي للمداخيل وللإنفاق الشروق: اتحاد الشغل وغياب النساء في الهياكل القيادية – هـــل تتغير الحســــابات والتوازنات قبل العقليات؟

الشروق: طعون في النيابات… أداء القيادة النقابية تحت مجهر النقد… وتكرار للملفات التقليدية…

مغاربية: مبادرة شراكة الشرق الأوسط توافق على مقترحات منح لمشاريع في تونس الصباح: زعتور: اتحاد الطلبة فاز بقرابة 100 مقعد في المجالس العلمية الوحدة: جمعية الصحفيين التونسيين تحتفي بكتاب خميس الخياطي

عبد الرزاق كيلاني: رسالة  إلى السيد عميد المحامين والسادة أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين 

عبد الرحمان الحامدي:  استراتيجية إستعمال السلطة في تونس لمنحرفي الحق العام في التصدي للأحرار)2/2(

بسام خلف: ملاحظات حول مقالة الأستاذ الحبيب أبو وليد المكني  » الليبراليون العرب و عقدة الخوف من الإسلاميين: د. رجاء بن سلامة نموذجا » د. أبو خولة:  تغيير تونسي من داخل الحكم ! مرسل الكسيبي: من أجل مأسسة مدنية وحداثية ترشد الحركة الاسلامية جمال الدين أحمد الفرحاوي: أعذريني توفيق المديني: أزمة دارفور وشراراتها الاقليمية د.أحمد القديدي: تقرير بيكر- هاملتن رسالة للعرب أيضا ! الحياة: كتاب للطاهر مكي عن التأثيرات الاسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط القدس العربي: الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر – الاضطهاد في المناطق المحتلة أشد كثيرا من التمييز العنصري في جنوب افريقيا

 


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


قناة الحوار التونسي

(الكلمة الحرة ,قوام الوطن الحر)

 

برامج حصة يوم الأحد 17 ديسمبر 2006

تبث الحصة من الساعة السابعة إلى التاسعة مساء وتعاد يوم الأربعاء على نفس التوقيت.

** الأخبار: متابعة لآخر الأحداث الاجتماعية والسياسية وللتحركات النضالية الميدانية.

** أخبار واقع الحريات

** حكاية مواطن: شهادة لسامية عبو زوجة سجين الرأي محمد عبو .

** تقرير حول ندوة 10 ديسمبر لحقوق الإنسان – حقوق الشعوب التي نظمتها اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمنتدى الثقافي العربي – الأوروبي.

** برنامج آخر ساعة : ضيف الحصة المناضل فتحي التليلي رئيس اتحاد العمال المهاجرين بباريس.

 فرحات حشاد

 مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل

 

** لقاء مع النوري بوزيد بمعهد الصحافة

** نبذة تعريفية بصحيفة الوسط التونسية الالكترونية

** حكاية مواطن: حفناوي بن عثمان عن الطلبة المسقطين عمدا في مناظرة الكاباس

** محاكاة لبرنامج إذاعي من إنتاج طلبة معهد الصحافة بتونس

** مشهد السيد عبد الرحمان التليلي بعد تعرضه للاعتداء من قبل البوليس

للمشاهدة  يمكن الحصول على البث وفقا للترددات التالية:

 

Hotbird 7a – 13° est

TRASPONDEUR : 18

FREQUENCE : 11.541,03

FEQ : 5/6 POLARIS. : V

SYMBOL RATE : 22.000 Mb

CANAL : Arcoiris Tv

 

يمكن مشاهدة الحلقة على الانترنات على المواقع التالية www.elhiwar.org

للاتصال عبر البريد الالكتروني:  elhiwar@elhiwar.org

 

قناة الحوار التونسي

باريس، في 16 ديسمبر 2006


 

أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو

أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين

 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين

33 شارع المختار عطية تونس 1001

الهاتف /الفاكس:71354984

aispptunisie@yahoo.fr 

15 / 12/2006

 

بــيــــــــان

 

تم صبيحة هذا اليوم إحضار كل من غيث بن بلقاسم بن عباس المكي وزياد بن جمعة بن محمد الفقراوي وعزالدين بن القناوي بن محمد عبد اللاوي وبلال بن عبد الله بن محمد المرزوقي والطاهر بن صالح بن بلقاسم البوزيدي ومروان بن منصور بن المرواني حسني وشعيب بن محمد بن بن صالح الجمني وذلك للمثول أمام الدائرة الجنائية الرابعة للمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي طارق ابراهم لمقاضاتهم من أجل عدة تهم طبق مقتضيات القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب :

وقد أمر رئيس الدائرة الجنائية الرابعة بإخراج ستة من المتهمين ثم قام بالمناداة على القضية و طلب من لسان الدفاع بأن ما إذا كان مستعدا للمرافعة فأجابه أحد المحامين بأنه لا يمكنه الترافع أو إبداء أي رأي في غياب منوبه الذي استفسر من المحكمة عن السبب الذي دعا لإخراجه رفقة زملائه من قاعة الجلسة فأجابه بأنه تم إخراجهم لإخلالهم بواجب الاحترام لهيئة المحكمة و ذلك بعدم الوقوف إجلالا وإكبارا لها بمجرد دخولها إلى قاعة الجلسة و طلب عدد من المحامين تأخير القضية لإحضار منوبيهم ولتمكينهم من زيارتهم لاستفسارهم عن موقفهم الذي دعاهم للإصرار على عدم الوقوف.

وقد أبدى بعض المحامين رأيه ذاكرا أن هناك قناعة دينية لدى بعض المتهمين بأنه لا يجب الوقوف إجلالا وإكبارا لأي مخلوق طبقا لحديث نبوي رواه البخاري في صحيحه مفاده أنه لا يجوز للمؤمن الوقوف لأي أحد أو أن يبدي الإجلال و الإكبار لغير الله و أنه كان على المحكمة مراعاة هذه القناعة الدينية.

و أضاف محام آخر أن السبب في عدم الوقوف قد يكون أعمق من ذلك إذ ربما يريد المتهمون التعبير عن عدم شرعية المحكمة أو عدم شرعية القانون الذي وقعت إحالتهم بمقتضاه أو عدم ثقتهم في استقلالية المحكمة علما بأنه سبق لأحد المتهمين المحالين بموجب نفس القانون أن رمى بنفسه من نافذة مكتب حاكم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس نتيجة للحالة النفسية المتأزمة التي كان يعيشها.

و يبدو من النقاش الذي ساد صفوف المحامين أن لهذا الموضوع أبعاد قانونية تتمثل في معرفة هل للمظنون فيه الحق في الامتناع عن الوقوف أمام المحكمة علما بأن قانون الإجراءات الجزائية التونسي لا يخول إبعاد المظنون فيه عن الجلسة إلا عندما يثير بها ما يشوش المرافعة.

 

وقد سبق لبعض المتهمين المحالين من أجل تهم لها علاقة بقانون الإرهاب يوم 25 نوفمبر 2006 أن امتنعوا عن الوقوف دون أن تجبرهم المحكمة على ذلك أو أن ترى حرجا من عدم وقوفهم.

وبعد المداولة قررت المحكمة تأجيل القضية التي وقعت المناداة عليها لجلسة اليوم للنظر فيها في جلسة يوم 20 جانفي 2007.

 

رئيس الجمعية

الأستاذ محمد النوري

 


 

بيان مشترك

حزب الوحدة الشعبية –

حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي –

الحزب الاجتماعي التحرري –

حزب الخضر للتقدم

بيـــــان

 

انعقد اجتماع بين السادة : محمد بوشيحة أمين عام حزب الوحدة الشعبية وأحمد الاينوبلي أمين عام حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ومنذر ثابت أمين عام الحزب الاجتماعي التحرري والمنجي الخماسي أمين عام حزب الخضر للتقدم ، وتناولوا بالدرس مسألة التنسيق بين الأحزاب المذكورة حول الشأن السياسي الوطني واتفق الأطراف الملتقية حول جملة المحاور التالية :

 

أولا : العمل على تدعيم دور المعارضة على الساحة الوطنية والخارجية والتصدي لكل أشكال تهميش وتعطيل فعلها والتشكيك في شرعيتها ومصداقيتها.

 

ثانيا : العمل على حماية مكاسب المنجز السياسي في سياق حركة الإصلاح الراهن.

 

ثالثا : العمل على مواصلة تجذير الإصلاح السياسي لتحقيق شراكة فعلية بين أطراف المنتظم السياسي الوطني.

 

رابعا : العمل على دفع التفكير نحو وضع آليات ضامنة للتنمية السياسية الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان.

 

خامسا : العمل على صيانة استقلال القرار الوطني ورفض كل أشكال الاملاءات الخارجية المناهضة لمناعة الوطن.

 

سادسا : العمل على صيانة استقلالية الأحزاب السياسية.

 

سابعا : العمل على مأسسة الحوار الوطني بما يضمن التواصل بين مختلف مكونات المجتمع السياسي الوطني تجسيدا لروح الديمقراطية والوفاق الوطني.

 

إن الإعلان عن ميلاد  » اللقاء الديمقراطي  » يأتي لغرض إيجاد آلية لتفعيل العمل المشترك بين الأطراف السياسية المكونة له للإسهام في دفع حركة الإصلاح لانجاز المهام التاريخية المطروحة على الحركة الديمقراطية.

 

وتعلن الأحزاب المؤسسة  » للقاء الديمقراطي  » أن هذا العمل ينطلق من أرضية وطنية وهو مفتوح ومتفتح على انخراط الأحزاب السياسية فيه وإسهامات النخب السياسية والثقافية.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 528 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=10&id_article=1451


الإتحاد العام لطلبة تونس

بيــان

 

تونس في 16/12/2006

 

يهم المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس أن يتوجه إلى الرأي العام الوطني و الطلابي بالبيان التالي:

 

تعرض الرفيق حسين بن عون عضو اللجنة المفوضة للإتحاد بكلية الحقوق صفاقس إلى المحاكمة بتاريخ 29/11/2006 على إثر عقده لاجتماع عام بمبيت سيدي منصور و حيث قضت المحكمة بإدانته بشهر سجن مع النفاذ فقد تحلى الإتحاد بالنضج في التعامل مع المسألة و لم يقم بأي رد فعي متشنج رغم استنكاره للعودة لأسلوب المحاكمات و التضييق على حرية العمل النقابي و السياسي إلا أننا فوجئنا بمزيد مواصلة السلطة في نفس نهج التعامل مع مناضلي الإتحاد حيث و بمجرد انقضاء مدة السجن علمنا أن النيابة العمومية قد استأنفت الحكم الصادر ليتواصل سجن الرفيق إلى حدود اللحظة وعليه فإننا نعلن عن:

1/ نطالب بإطلاق سراح الرفيق دون قيد أو شرط و إيقاف كل التتبعات ضده.

2/ استنكارنا للحكم الصادر في حق الرفيق و الذي لا يبشر إلا بمزيد التضييق على حرية النشاط النقابي و السياسي.

3/ نعبر عن استعدادنا للدفاع عن مناضلينا بشتى الوسائل و الطرق.

 ختاما نهيب بكل القوى التقدمية الوقوف إلى جانبه من أجل إطلاق سراح الرفيق.

 

 عن المكتب التنفيذي

الأمين العام  

عز الدين زعتور

 

تونــــس استخفاف الحكومة البوليسية بالرأي العام

 
في ظل سياسة القمع والحصار والتهديد والسجن وتلفيق التهم وتشويه السمعة وعدم الاهتمام بالرأي العام قامت أجهزة الأمن التونسية بالاعتداء على الدكتور منصف المرزوقي وسامية عبو وسليم بوخضير وسمير بن عمر عبر أعوان للشرطة التونسية ، ومنعهم من زيارة سجين الرأي محمد عبو ، وذلك في مدينة الكاف التونسية كما قامت بإجراءات انتقامية بحق السجناء السياسيين المضربين عن الطعام وعائلاتهم حيث استجوبت شرطة مدينة سوسة ولمدة ساعةٍ  » منية إبراهيم  » زوجة السجين المضرب عن الطعام عبد الحميد الجلاصي بشأن صلاتها بمنظمات حقوق الإنسان وناشطيها في خارج البلاد وطلبوا منها أسماءهم و للمرة الثانية يتم إخضاع السيد خميس الشماري النائب السابق لرئيس الرابطة والناشط الحقوقي المعروف إلى التفتيش الدقيق والمهين في مطار قرطاج الدولي، اثناء عودته يوم 2 ديسمبر و ما زال منزل السيد عمر قويدر عضو هيئة فرع الرابطة بتوزر، يخضع لمراقبة بوليسية مستمرة كما تم محاصرة الحي الذي يقع فيه مقر الرابطةالتونسية ومنع جميع المدعوين والمناضلين من الوصول إليه باستثناء أعضاء الهيئة المديرة لتمنع ندوة نظمتها الرابطة حول  » مجلـس حقـوق الإنسـان التابـع للأمـم المتحـدة  » بمناسبة ذكـرى الإعـلان العالمـي لحقـوق الإنسـان المصادر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان منظمة هيومان رايتس ووتش الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مراسلون بلا حدود مزيد من المعلومات والموضوعات على صفحة تونس : http://www.hrinfo.net/tunisia

في مؤتمر المنظمة الشغيلة

رئيس منظمة الأعراف غير مرحب به

 

 

 

بقلم سامية الجبالي

 

 

أكثر من معطى يجعلنا نصنف المؤتمر الحادي والعشرين للاتحاد العام التونسي للشغل ضمن المؤتمرات الساخنة. فالكم الهائل من القضايا والمشاكل التي عرضها النواب ضمن أشغال المؤتمر لا يمكن أن يحيل إلا على وعي متجذر بتحديات المرحلة وضغوطاتها.

المؤتمر ضم أكثر من 400 مؤتمرا علاوة على ضيوف من تونس وخارجها، وفي الحصيلة كان لقاءا نخبويا بالفعل ضم شخصيات ممثلة لعدد هام من القطاعات والآلاف من العمال.

لكن ما صدر عن هؤلاء في افتتاح أشغال المؤتمر لم يكن ليعكس كل ما أسلفنا ذكره من أخلاق إنسانية أولا ونقابية ثانيا، وما يجرنا إلى هذا القول هو ما شهدناه صبيحة يوم الخميس من تصرفات استهدفت شخص رئيس منظمة الأعراف لدى اعتلائه المنصة لإلقاء كلمة بالمناسبة باعتباره ضيف المؤتمر ولكنه للأسف لم يكن ضيفا مبجلا ذلك أن بعض النواب الحاضرين عمدوا إلى الاستهزاء منه من خلال إطلاق هتافات وأصوات تحيل على الحط من قيمة ما يقوله والسخرية منه ولم تنفع تدخلات الأمين العام للاتحاد في إيقاف هؤلاء عن حدهم ولم يؤد حزمه إلى الامتثال لتعليماته باحترام الضيف رغم تأكيده في كل مرة على المبادئ الديمقراطية التي يعمل الاتحاد على ترسيخها.

ما تعرض إليه رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية كان بالفعل مفاجأة غير منتظرة لكل المراقبين والضيوف الحاضرين في المؤتمر، وتطرح أكثر من نقطة استفهام حول مدى ترسخ قيم الديمقراطية عند النخبة داخل المنظمة الشغيلة ؟ وعن أسلوب الاعتراض الذي يبدو أنه لم يتطور على الرغم من أنه ومنذ إعلان افتتاح المؤتمر ما انفك كل متدخل يؤكد على أن العولمة واقع ومواجهتها ضرورة حتمية ولا تكون المواجهة إلا بالتسلح بالقيم والعلم والمعرفة ؟ ومن المفترض أنه وإن كنا في مجتمع بلغت نسبة الأمية فيه أدنى مستوياتها فإن العمال وممثليهم على درجة من العلم والمعرفة تمكنهم من تطوير سلوكاتهم على اعتبار أن الديمقراطية سلوك وممارسة وأن ما حدث إبان افتتاح مؤتمر المنظمة الشغيلة خطير جدا ولا يمكن أن يكون إلا محاولة من البعض لإحداث شرخ بين منظمتين مرتبطتي المصالح ولا يمكنهما مهما اختلفت وجهات النظر إلا العمل جنبا إلى جنب ولا يمكنه إلا أن يفتح الباب أمام صراعات لا بد أن كلا المنظمتين في غنى عنها.

في عهود ماضية كان العامل ينظر إلى رب العمل على أنه إقطاعي ولكن اليوم أكيد أن هذه النظرة غير مقبولة تماما بفعل التنظيمات القانونية وبفعل المنظمات والعمل النقابي والمفاوضات التي تقام بصفة منتظمة من الند إلى الند وهو ما يجعل تصرفات كتلك الصادرة عن نخب ممثلة للعمال يعولون عليها في استرجاع حقوقهم ويفوضونها للدفاع عن مصالحهم غير مستساغة وتفتح الباب أمام إشكاليات وتأويلات الجميع في غنى عنها.

أكيد أن من حق كل شخص أن يعبر عن اعتراضه، عن رفضه، عن استنكاره لكن هل السخرية والاستهزاء طريقة تعبير، هل تدعو الأخلاقيات النقابية إلى التهجم على الأشخاص ؟ ولكن السؤال الأهم في كل هذا يبقى لمصلحة من هذه التصرفات ؟ ومن يقف وراءها ؟ فالاختلاف في الدفاع عن المصالح لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يحد من مستوى الحوار الذي طالب الجميع بالتمسك به. ولكن هل مثل هذه التصرفات مقوم بناء في إرساء علاقات حوارية بين المنظمات ؟

 

(المصدر: صحيفة « الجريدة » الألكترونية، العدد 53 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.gplcom.com/journal/arabe/article.php?article=1196&gpl=53

 


 

اليوم الثاني من مؤتمر اتحاد الشّغل:

نقاشات… تكتّم وغموض بشأن «التحالفات»

 

المنستير – الصباح: علي الزّايدي

 

بعد عرض وقراءة لوائح المؤتمر الأربع المتعلقة بالشؤون الداخلية، والعامّة والمهنية والوضع العربي والدولي إلى غاية الساعات الأولى من ليلة أول أمس تركز نشاط المؤتمر كامل يوم أمس على الاستماع لتدخلات المؤتمرين وتوصياتهم العامة أو تلك التي تتّصل بما جاء في اللّوائح، أمّا بخصوص مسار المؤتمر والتحالفات فقد زادت الأمور غموضا بعد أن أصبح التوصّل إلى قائمة وفاقية صعب المنال، وقد أضفى هذا الوضع الغامض في جانب الوفاق بين الأطراف النقابيّة على المؤتمر كثيرا من التكتّم ممّا جعل الحوار والمداخلات مشحونة وموجهة، تقاطعها بين الحين والآخر صيحات الشعارات لحمل بعض المتدخّلين على السكوت والتعبير عن الاختلاف معهم في ما يذهبون إليه من مقترحات أو توصيات…

 

غير أنّه وعلى الرّغم من هذا الجوّ الساخن بقي الحوار قائما بين الكتل النقابيّة على فرضية ما ستؤول إليه الأمور بالنسبة لما تبقى من المؤتمر باعتبار عنصر التّشاور مازال قائما وفرضيات الحلول الوسطى من أجل الوفاق – ولئن ضعفت – فإنها تبقى واردة.

 

مشاريع اللوائح تحمل عمقا وتوجها نحو الإصلاح

تميّزت اللائحة الداخلية بعمق في تطوير مسار العمل النقابي وتركيز البعد الديموقراطي والنضالي بعيدا عن الإسفاف والتهرّب من مشاغل العمال اليومية وقد دعت هذه اللائحة إلى تكريس جملة من المبادئ في العمل النقابي لعل من أهمها استقطاب مختلف أصناف الأجراء ومزيد إحكام التصرّف في أموال المنظمة وجاء في اللائحة العامة التأكيد على أهمية الإعلان الوطني حول التشغيل، وتجاوز مظاهر العقود الهشّة في الشغل والعمل الوقتي والعقود والمناولة وغيرها من المسائل التي تؤدّي إلى هشاشة الشغل. وجاء في اللائحة المهنية العمل على إرساء قاعدة الانتداب كأساس في مجال التشغيل وتشريك الاتحاد في صياغة سياسات إعادة إدماج العمال المسرحين والعمل على بعث صندوق لمعاضدة المسرحين من العمال وإعادة إدماجهم والحدّ من بطالة أصحاب الشهائد ومراجعة السياسة الجبائية والإسراع ببعث الصندوق الوطني للتأمين على المرض والارتقاء بالقدرة الشرائية للعمال والأجراء ومراجعة المنح العائلية والترفيع فيها تماشيا مع أهدافها.

 

تطوّر مستوى النّقاش داخل المؤتمر

النّقاش داخل المؤتمر أخذ وجهات تجمع بين التوصيات والملاحظات والنّقد ولم يتقيّد الا في القليل منه بما جاء في اللوائح، ولعلّ المتتبع لهذه النقاشات يلاحظ أنّها تركّزت بالأساس على المشاغل الوطنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وقلّ أن جاءت تدخلات ذات بعد عربي أو دولي بخصوص قضايا في هذا المستوى، لكن هذا لا يعني غياب تدخّلات تعلّقت بالشأن العربي والدولي حيث كان صدّام حسين ونصرالله، وأولمرت وغيرهم من الوجوه ذات العلاقة بالوضع العربي حاضرة في المؤتمر، لكن الذي يشدّ الانتباه أنّ هذه القضايا كانت فردية ولم يطرح حولها إجماع، بل كثيرا ما كانت تقع مقاطعة تدخلات أصحابها بالصياح والتصفير باعتبارها من القضايا التي لا تهم الشأن النقابي مباشرة وليست حديث الساعة على حدّ يعتبر العديد من النقابيين الذين اعتبرها خارجة عن المؤتمر ويمكنها  أن تطرح في مناسبات أخرى، وذلك على الرّغم من مواقف الاتحاد المبدئية من الصراع العربي الإسرائيلي ومن خلال العراق وممّا يجري في لبنان.

 

في الشأن النقابي والسياسي

عديد المتدخّلين من مؤتمري الاتحاد كانت تدخلاتهم سياسية نقابية، حيث أشاروا إلى ضرورة دعم المسار الديموقراطي وتعميقه وتطوير آداء منظمات المجتمع المدني وأكدوا أنه لا بدّ على الاتحاد أن يساهم بشكل فاعل في مزيد تكريس الديموقراطية في البلاد وأن يكون في طليعة المدافعين عن هذا المسار.

ودعا العديد من هؤلاء المتدخلين إلى ضرورة مزيد دمقرطة الحياة النقابية داخل الاتحاد باعتبار أنه لا يمكن لمنظمة أن تكون فاعلة في البلاد ما لم تكن حصنا للتعامل الديموقراطي ومنبعا له.

الضمان الاجتماعي

واحتل قطاع الضمان الاجتماعي حيّزا هامّا من نقاشات المؤتمرين حيث تحدّث البعض من النوّاب في المؤتمر على وضعية الصناديق الاجتماعية وعلى برنامج التأمين على المرض وعلى الخدمات الاجتماعية بكل أنواعها داعين الاتحاد إلى ضرورة فتح هذا الملف والحوار مع السلطة. وأكدوا أنّ الحوار الاجتماعي لا يجب أن يكون مربوطا بمواعيد الزيادة في الأجور إنّما يأخذ طابعا أشمل وأوسع ويجب أن تتطور منظومة الحوار بما يجعلها أكثر عمقا وأشمل علاوة على تواصل نشاط لجان خاصة بها على مدار أيام السنة وأشاروا في هذا الجانب إلى «منح الأطفال» المجمّدة منذ سنوات وإلى الوضع الصحي والمؤسسات الصحية وغيرها من الجوانب ذات البعد الاجتماعي والصحّي

 

(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

مفاوضات.. وتحركات في الكواليس محورها «القائمات»

 

تونس : الصباح

حتى ساعة متأخرة من مساء أمس، لم تنجح المفاوضات بين الأمين العام والسيد علي رمضان في حصول تقدم بشأن بعض الأسماء التي تردد دخولها فيما يعرف بـ «قائمة الأمين العام»..

فبعد أن تحدثت بعض المصادر عن قبول علي رمضان بصيغة الوفاق التي طرحها الأمين العام والتي تقضي بالتخلي عن عبد النور مداحي، ودخول السيد المنصف الزاهي بدلا عنه، عادت لتشير إلى أن المفاوضات تعطلت من جديد، خصوصا بعد إصرار الأمين العام على إلحاق السيد يوسف سعيد ضمن قائمته، الأمر الذي ضيّق مجال التفاوض على السيد علي رمضان الذي يبدو أنه تراجع في اللحظات الأخيرة..

وتتحدث بعض الأوساط في هذا السياق، عما يسمونه «استفاقة» علي رمضان، الذي أيقن أن التخلي عن بعض الأسماء على غرار عبد النور مداحي أو كمال سعد، بل ربما حتى عبد المجيد الصحراوي، قد يجعله ضعيفا داخل المكتب التنفيذي القادم الذي ربما تكررت نسخته من جديد مع بعض التغييرات الطفيفة، بذريعة الاستمرارية في العمل والتواصل في الوفاق الذي يواجه انتقادات شديدة من النقابيين..

  وفيما يتردد بقوة صلب كواليس المؤتمر، بأن هذا التمطيط في عملية الوفاق ليست سوى «مسرحية » يتحكم السيدان جراد ورمضان في فصولها، ضمن «كتلة القراقنة» المعروفة تاريخيا صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، فإن معلومات مؤكدة تفيد بأن علي رمضان، بات على قناعة بأن الوفاق على النحو الذي يطرحه الأمين العام لم يعد ممكنا، حتى وإن كانت هذه الكتلة مهيمنة فيه، على اعتبار أن الرهان يتجه صوب موضوع «الخلافة»، الذي أسال لعاب عدد من الأسماء المعروفة من بينها السادة علي رمضان والهادي الغضباني ومحمد شندول، على الرغم من التكتم الشديد حول هذا الموضوع من قبل ثلاثتهم ..

وبصرف النظر عن هذه التأويلات والقراءات والمعلومات المتداولة بقوة في كواليس المؤتمر ومحيطه ودائرته الواسعة، فإن علي رمضان، الذي راهن عليه كثيرون، اتجه منذ يوم أمس نحو خيار قائمة من خارج قائمة الأمين العام، تتضمن بالخصوص السادة علي رمضان وعبد النور مداحي وعبد المجيد الصحراوي وكمال سعد والمنصف بن رمضان، فيما يوجد خلاف حول شخص السيد سمير الشفي عضو الاتحاد الجهوي بصفاقس، الذي لا تبدو بعض القواعد على قناعة بصعوده، على الأقل في هذه المرحلة من الحياة النقابية..

 في المقابل، وعلى الرغم من وجود تطمينات مؤكدة لصعود السيد الهادي الغضباني إلى المكتب التنفيذي الجديد، فإن المعلومات المتوفرة إلى حدود ساعة متأخرة من مساء أمس، تفيد بأن الرجل قرر الدخول في قائمة منفردة تتألف من سبعة أشخاص، هم السادة:  الهادي الغضباني ورضا بوزريبة وسليمان الماجدي والمنصف اليعقوبي ومحمد الشابي والمنجي عبد الرحيم وتوفيق التواتي، وهو ما يعني أن ثمة مفاجآت قد تكون تسربت لبعض المرشحين بشأن إمكانية التخلي عنهم ضمن «قائمة الأمين العام»، خصوصا في ضوء وجود بعض الغموض في اختيارات القيادة النقابية التي تحرص على أن تكون قائمة متوازنة تراعي التكتلات الجهوية والحساسيات السياسية والتوجهات النقابية، وهو أمر يعده المراقبون من قبيل «السهل الممتنع»، سيما وأن تغييرات كبيرة طرأت على مورفولوجيا التمثيل الجهوي والسياسي صلب الاتحاد خلال العقد الماضي على الأقل ..

 تبقى الإشارة إلى قائمة الأمين العام التي يتردد أن نسبة التجديد فيها قياسا بالقيادة المتخلية، لن تتجاوز الاثنين بالمائة، حيث من المتوقع القيام بعملية استبدال ربما طالت عنصرين فقط هما السيدين ناجي مسعود ، الذي قرر الابتعاد بمحض إرادته عن دفة التسيير في الاتحاد، وعبد النور مداحي الذي أعرب في تصريحات سابقة عن ترشحه خارج دائرة الأمين العام، الأمر الذي قد يكون أحرج السيد عبد السلام جراد، وقلص حظوظه في التواجد ضمن قائمة الأمين العام ..

 وعلى أية حال، فإن إمكانيات التوافق باتت أضيق مما كانت عليه من قبل، ولا يعرف ما إذا كان الأمين العام المتخلي سيمضي في حرصه على قائمة وفاقية مثلما وعد بذلك أم أن مراكب الوفاق، أحرقت جميعها ولم يبق سوى خيار القائمات المتعددة التي قد تكون شتتت الأصوات، وأربكت بعض الحسابات، فيما أسقطت أخرى في مياه نقابية أبرد من ثلج الشتاء ـ كما يقال ـ ..

صالح عطية

(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

متابعة تفصيلية لأحداث ما قبل انتخابات اتحاد الشغل بتونس

 

*سفيان الأسود

المنستير ـ الشروق ـ الحوار نت : ساعات قبل التصويت وانطلاق العملية الانتخابية المنتظرة مساء اليوم السبت تبدو أمور التحالفات والقائمات الانتخابية بحاجة الى وضوح أكثر والى دقة أكبر في تحديدها وفي قراءتها.

جلسة مساء أمس الاول التي جمعت الامين العام عبد السلام جراد بأعضاء المركزية النقابية المتخلين في الغرفة 391 بالنزل الذي احتضن المؤتمر لم تشف «غليل» المنتظرين والنواب المتتبعين.

«جراد» كان واضحا امام اعضاء مكتبه التنفيذي المتخلي حيث أعلن تمسكه بـ11 عضوا هم علي رمضان والهادي الغضباني ومحمد شندول ومحمد سعد ورضا بوزريبة ومحمد الطرابلسي ومنصف اليعقوبي وسليمان الماجدي وعبيد البركي.

كما أعلن «جراد» عن العضو رقم 12 وهو سعيد يوسف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير ولم يعلن الى حد يوم امس عن العضو رقم 13 .

لكن مصادرنا أكدت ان العضو رقم 13 من المحتمل جدا أن يكون السيد منصف الزاهي الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الأساسي والذي يُعد واحدا من أبرز المترشحين للمركزية النقابية والمدعوم بشكل واضح من قطاع التعليم الأساسي وهو أكبر القطاعات حيث يمتلك 57 نيابة في المؤتمر.

وتقول المصادر التي حضرت اجتماع الغرفة رقم 391 ان علي رمضان اكتفى بالصمت ولم يعلن عن اي موقف واضح.

صمت علي رمضان فسره البعض على أنه دليل قاطع على ترشح علي رمضان في قائمة انتخابية موازية.

ولا تخفي مصادر المؤتمر امكانية ان تضم قائمة علي رمضان المنتظرة وجوها مثل قاسم عفية وحسين العباسي وبلقاسم العياري ووجوه أخرى من المترشحين.

وفي انتظار جلسة أخرى من المنتظر ان تكون قد جمعت أمس أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي ـ باستثناء العضو المتخلي عبد النور المداني ـ فإن الكثير من التأويلات ترافق النواب والمؤتمرين من بينها امكانية بروز قائمة انخابية ثالثة تضم عددا من اعضاء المكتب التنفيذي الوطني المتخلي والذين قالوا انهم يلتزمون فقط بوفاق حقيقي وجدّي مع الأطراف.

 

(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 

 

هل يأتي خبر الوصول الى الوفاق من الغرفة 391 أم ان الساعات القليلة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات ستحمل مفاجآت عديدة.

رئيس المؤتمر لـ «الشروق»: الشفافية الكاملة تحكم العملية الانتخابية

 

* المنستير ـ الشروق :

أعلن السيد ناجي مسعود رئيس المؤتمر في تصريح خصّّ به «الشروق» ان انتخابات المؤتمر ستتم وفق القانون وفي كنف الشفافية المطلقة.

وقال السيد «ناجي مسعود» إن كل مراحل العملية الانتخابية ستكون تحت مراقبة كل الملاحظين ومراقبة وسائل الاعلام.

السيد ناجي مسعود عضو المركزية النقابية الذي أعلن تخليه عن الترشح وتوج مسريته النقابية كرئيس للمؤتمر الـ21 نجح في ادارة جلسات المؤتمر خاصة أمام اجماع النواب الذي حظي به.

السيد ناجي مسعود الذي تحمل سنوات طويلة مسؤولية قسم الوظيفة العمومية من المنتظر ان يكون على رأس احدى المنظمات النقابية الاقليمية خاصة امام علاقاته الدولية الواسعة.

* س ـ ل

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

يتواجدون أمام النزل:

مترشحون يطالبون بالدخول الى المؤتمر

 

* المنستير ـ الشروق ـ من مبعوثنا سفيان الأسود

تمكنت مجموعة النقابيين من غير نواب المؤتمر من الوصول مساء أمس الاول الى الباب الخارجي للنزل الذي يحتضن المؤتمر دون ان يتم السماح لهم بالدخول الى النزل.

كما تمكنت هذه المجموعة مساء أمس الاول من حجز غرف في النزل القريبة من الفندق الذي يحتضن المؤتمر.

وتمسكت هذه المجموعة التي تجمعت أمام الباب الخارجي للنزل بحقها في الدخول الى المؤتمر والاتصال بالنواب الا ان مصادر المؤتمر أكدت ان القانون لا يسمح الا بدخول النواب والمؤتمرين.

وتضم المجموعة التي هي الآن خارج المؤتمر عددا من المترشحين وأنصارهم من أبرزهم الحبيب بسباس ومنصف بن رمضان وعبد المجيد الصحراوي وكمال سعد وعبد الستار النصري ونعيمة مسلم وليلى حازم ونعيمة الهمامي.

وتولى عدد من النواب الاتصال بهذه المجموعة أثناء تواجدها أمام النزل.

مصادرنا لا تستبعد امكانية ترشح عناصر من هذه المجموعة في قائمة انتخابية موحدة اضافة الى امكانية تحالفها مع أعضاء ومترشحين في الداخل وذلك حسب ما قد يفرزه واقع المشهد الانتخابي.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

* مالية الاتحاد: 8 مليارات ونصف المعدل السنوي للمداخيل وللإنفاق

 

* المنستير ـ الشروق ـ من مبعوثنا للمؤتمر عبد السلام الزبيدي

 

خلافا للمؤتمرات العشرين السابقة للإتحاد العام التونسي للشغل تحصل نواب المؤتمر الواحد والعشرين على وثائق مالية من بينها التقرير المالي اذ كانت القيادات النقابية في وقت سابق تكتفي بمد النواب بأرقام عامة دون الخوض في التفاصيل مع الاشارة إلى أن هذا الاستحقاق الدستوري (المؤتمر) كان مناسبة كذلك للكشف عن العدد الحقيقي للمنخرطين في الاتحاد عموما وعن عددهم في كل قطاع عن حدة

مداخيل الاتحاد منذ مؤتمر جربة المنعقد سنة 2002 الى 30 جوان 2006 بلغت 37 مليارا و353مليونا و781 دينارا في حين كانت المصاريف في حدود 37 مليارا و565 مليونا و359 دينار أي أن المعدل السنوي سواء للمداخيل أو للمصاريف يتجاوز الـ8 مليارات و500 مليونا.

 

* تعميم التقارير المالية

واعتبر محمد سعد الأمين العام المساعد المتخلي والمسؤول عن المالية أن حجم الديمقراطية في المنظمة الشغيلة يمكن قياسه بحجم الشفافية في الملف المالي «فليس للمنظمة ما تخفيه عن أبنائها» مؤكدا أن تقديم التقارير المالية سيعمم على المؤتمرات الوطنية والجهوية والقطاعية.

وتتوزع مداخيل الاتحاد على 4 أبواب تستأثر فيها الانخراطات بنصيب الأسد (65 بالمائة) ثم الاعتماد السنوي للعمال (24) فالأكرية بـ2 في المائة اضافة الى المداخيل المختلفة بـ 9 في المائة.

الاعتماد السنوي للعمال هو منحة شهرية يدفعها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمنظمة وقد كانت هذه المنحة في حدود 120 مليونا سنويا ثم ارتفعت الى 160 مليونا فـ200 مليونا خلال الفترة الفاصلة بين المؤتمرين وكشف محمد سعد عن وجود وعد بأن الاتحاد سيحصل على منحة الشهر الثالث عشر ضمن هذا الاعتماد.

عدد المنخرطين ارتفع من 318 ألفا و395 منخرطا في مؤتمر جربة الاستثنائي الى 375 ألف و83 منخرطا حاليا أي بزيادة 56688 منخرطا علما وأن الوظيفة العمومية تستأثر بـ267 ألف منخرط وهو ما دعا محمد سعد الى مزيد الاهتمام بالقطاع الخاص حيث اقترح بأن تكون السنة القادمة (2007) سنة تنمية الانخراطات في القطاع الخاص.

ويأتي قطاع التعليم الأساسي في مقدمة القطاعات من حيث عدد المنخرطين بـ45363 يليه التعليم الثانوي بـ43188 فالصحة العمومية بـ26226 ونجد قطاع المعاش والسياحة بـ25601 ثم النسيج والجلود والأحذية بـ 22794 فالفلاحة بـ21484 والنقل بـ19189 والنفط والمواد الكيميائية بـ 16447 .

وفي معرض حديثه عن مداخيل الاتحاد أشار محمد سعد الى أنه قد تمت في الفترة الماضية عملية بيع الضيعة المعروفة باسم «السانية» بـ800 ألف دينار ومعلوم أن هذه «السانية» كانت على ملك اسماعيل السحباني الأمين العام السابق لاتحاد الشغل وتم انتراعها منه بحكم قضائي.

 

* مصاريف

هيكلة مصاريف الاتحاد العام التونسي للشغل تتوزع على 13 بالمائة للأصول الثابتة والمنقولة و30 بالمائة تكلفة الموظفين و52 بالمائة النشاط النقابي العام و5 بالمائة للمستلزمات المكتبية والخدمات.

فقد تم في الفترة الماضية شراء وبناء وخلاص ديون مقرات الاتحادات الجهوية على غرار المهدية (35 مليونا) وتطاوين (6 ملايين) والقيروان (636 مليونا) وأريانة (295 مليونا) ومنوبة (225 مليونا) وقبلي (170 مليونا)….

وبخصوص وسائل النقل ذكر محمد سعد بأن أسطول السيارات (89 سيارة) قد تآكل علما وأن بعضها يعود الى سنة 1974 وقد تم انفاق 212 مليونا سنة 2003 على تجديد هذا الأسطول و131 مليونا سنة 2004 على تجديد هذا الأسطول و131 مليونا سنة 2004 و60 مليونا سنة 2005 و82 مليونا في السداسي الأول من هذه السنة.

وانتقد محمد سعد بعض الممارسات أو السلوكيات التي تثقل كاهل المنظمة حاليا على غرار التنقل بطريقة وصفها بـ «العشوائية» أو عقد «ندوات ما أنزل الله بها من سلطان» وطالب في هذا الصدد بايقاف كل الندوات اللادستورية خلال السنة المقبلة.

أما في ما يتعلق بالنشاط الخارجي فركز الأمين العام المساعد المسؤول عن المالية خلال عرضه للتقرير المالي على ما قدمه الاتحاد من مساعدات دولية على غرار بناء مدرسة حشاد بجنين (300 مليون) أو مد المساعدة للأشقاء في العراق في بداية الغزو الأمريكي (68 مليونا) أو للإخوة في لبنان أو العراق أو فلسطين وقد بلغ مجمل هذه المساعدات بين مؤتمري جربة والمنستير 498 مليونا و534 دينارا و347 مليما.

 

وبلغت القيمة المالية للانخراطات الدولية سنة 2005 أكثر من 145 مليونا وخلال السداسي الأول من السنة الحالية 90 مليونا أما المهمات بالخارج فكانت في حدود 564 مليونا من مجمل تكلفة النشاط النقابي الخارجي للاتحاد المحددة بـ731 مليونا سنة 2005 أما تكلفة المهمات بالخارج في السداسي الأول من هذه السنة فهي 375 مليونا من اجمالي الانفاق في هذا الباب بـ 468 مليونا.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 

* هوامش المؤتمر

 

* اعداد : سفيان الأسود

 

* استقبال

لم يلتحق السيد محمد الطرابلسي بالنزل يوم أمس الاول الا في حدود الساعة الثالثة فجرا ولم يتسن له حضور اجتماع الغرفة 391 وذلك لانهماكه في استقبال وتوديع ضيوف المؤتمر.

 

* نجاح

مصادر المؤتمر أكدت ان الحضور البارز للضيوف الاجانب في المؤتمر دليل على نجاح قسم العلاقات الخارجية في اتصالاته وكسب لمواقع في المنظمات النقابية العالمية.

 

* إدارة

مجهودات كبيرة يقوم بها الطاقم الاداري للاتحاد في تأمين سير أشغال المؤتمر واقامة وراحة النواب ولوحظ نشاط كبير للمدير العام بإدارة الاتحاد الحبيب شرة الذي يتواجد بشكل دائم ويتدخل بصفة مباشرة لحل كل الاشكاليات.

 

* الطرابلسي

لاحظ نواب المؤتمر ان السيد محمد الطرابلسي يحتفظ بعلاقات جيدة جدا مع كل المترشحين وكل أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي وهو أمر يحسب له.

 

* افريقي

السيد عبد السلام جراد ارتدى زيا افريقيا تقليديا في جلسة صباح أمس قُدّم له هدية من الضيف السينغالي.

 

* فريدريك ابارت

بعض نواب المؤتمر قاموا بتوزيع كتيب صغير يتحدث عن أهداف منظمة فريدريك ابارت «الالمانية» وحقيقة نشاطها في 100 بلد في العالم.

 

* حوار

جريدة الشعب التي وزعت في المؤتمر تولت نشر الحديث الذي كان قد أجراه الزميل سفيان الاسود وخصّّ به «جراد» «الشروق» قبل المؤتمر.

 

* تشديد

شدد السيد ناجي مسعود رئيس المؤتمر على ضرورة إلتزام النواب بالتوقيت المحدد للتدخلات.

 

* مجاور

المنصف بن رمضان وكمال سعد وعبد المجيد الصحراوي أقاموا في نزل مجاور للنزل الذي يحتضن المؤتمر.

 

* العراق

في القاعة التي تحتضن أشغال المؤتمر تم رفع علم العراق كتأكيد على دعم ومساندة المقاومة في العراق.

 

* منع

طالب نواب المؤتمر بتمكين سامي العوادي الكاتب العام لجامعة التعليم العالي من اكمال تدخله بصرف النظر عن التوقيت المحدد.

 

* إشادة

أشاد الضيوف الاجانب الذين حضروا المؤتمر بشفافية التقرير المالي وقد بلغوا أمين المال السيد محمد سعد بذلك.

شفافية التقرير الذي قدّم أشاد بها ايضا كل نواب المؤتمر.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 

اتحاد الشغل وغياب النساء في الهياكل القيادية:

هـــل تتغير الحســــابات والتوازنات قبل العقليات؟

 

* تونس ـ الشروق

 

هل يفعلها نواب المؤتمر الواحد والعشرين لاتحاد الشغل الذي تختم أعماله مساء اليوم بالمنسير بجعل وجه نسائي يصعد الى المكتب التنفيذي للمنظمة الشغيلة. المنظمة الوحيدة ضمن كافة مكونات المجمتع المدني في تونس التي لم ترتق الى هياكلها القيادية امرأة واحدة في وقت تعزز وصول المرأة الى مواقع القرار في المنظمات والجمعيات والأحزاب وبلغ أحيانا عتبة 25 وتجاوزها بقليل؟

اتحاد الشغل الذي تغيب فيه تمثيلية المرأة في المكتب التنفيذي الوطني وعلى رأس الهياكل القطاعية الجهوية كان من بين المنظمات الأولى التي صعدت وجها نسائيا الى قيادتها وظل قبل نحو نصف قرن ممثلة في المرحومة شريفة المسعدي.

مسألة صعود المرأة الى مراكز القرار النقابي طرحت منذ سنوات ولم تتحقق بتاتا رغم سيطرة تمثيلية المرأة وتزايد نسبة انخراطها في عدة قطاعات مثل التعليم والصحة والنسيج وتم الاكتفاء بحل للترضية تمثل في احداث اللجنة الوطنية للمرأة وتصعيد منسقتها بصفتها تلك الى الهيئة الادارية.

ويبدو أن وجود المرأة ضمن التشكيلات النقابية يمثل وفق تحليلات العارفين بتركيبة الهيئات وتوازناتها عنصر ارباك للحسابات والمعادلات وخاصة بالنسبة للمكتب التنفيذي الذي توزع مقاعده حسب التوازنات الجهوية والقطاعية والسياسية التي ترضي كل الحسابات التي يضمها الاتحاد والتي يعسر التوفيق بينها.

وبالنسبة لانتخابات مساء اليوم فإن التوقعات تشير إلى بقاء النساء خارج الحساب ولو أن البعض يرجح وبنسبة ضئيلة امكانية اختراق السيدة نعيمة الهمامي للحصار الرجالي مدعومة بفصيل سياسي ومجموعات ضغط نقابي تحركها نقابات التعليم.

الذين يرجحون فوز الرجال بنتيجة (13 ـ 0) يقولون إن الأمين العام صرح بأنه سيحافظ على مجموعته التي تضم 11 عنصرا وهو ما يعني أن التجديد لن يفوق عنصرين رغم أن الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي والذي يقول بأنه يحتفظ بأسرار النقابة توقع أن يشمل التجديد ثلاثة أو أربعة عناصر.

يرى المعتمدون على كلام الأمين العام ان الترميم أو التجديد يعني دخول وجه من صفاقس (لتعويض ناجي مسعود المنسحب) وقد يكون هذا الوجه الجديد سمير الشفي في حين قد يكون الوجه الثاني ممثلا للجهات وفي هذه الحالة تبدو أسهم كاتب عام جهة المنستير المضيفة أكثر صعودا.

وفي المقابل يرى المعتمدون على توقعات دخول ثلاثة وجوه جديدة امكانية ضم وجه من القطاعات وتبدو حظوظ السيد منصف الزاهي أوفر ممثلي القطاعات لأنه سيكون مدفوعا من نقابات التعليم ومن جهته (قفصة التي تمثل أحد طرفي الثنائية القطبية الجهوية في الاتحاد) خاصة وان هناك احتمالات تتوقع امكانية سقوط أحد أبناء الجهة من أعضاء المكتب التنفيذي المتخلي.

ومهما يكن فإن الذين يتوقعون تواصل الأمر على ما ظل عليه لعقود يمثلون الأغلبية لكن كم من أقلية غلبت وكسبت توقعاتها ورهاناتها.

 

* نجم الدين العكاري

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

طعون في النيابات… أداء القيادة النقابية تحت مجهر النقد… وتكرار للملفات التقليدية…

* المنستير ـ الشروق : من عبدالسلام الزبيدي :

تواصلت أمس جلسات النقاش الماراطونية للمؤتمر في ظل حرص الرئيس المسير للأشغال على احترام الدقائق الخمس المخصصة لكل واحد منهم وتمسك النواب بالتعبير عما يجيش في صدورهم حول وضع المنظمة والقطاعات المهنية والشأن العام.

وعلى غرار تدخلات الحصة المسائية لليوم الافتتاحي توزعت التدخلات بين عرض بعض القضايا الجزئية التي تهم قطاعا بعينه في جهة بذاتها وبين الاهتمام بالقضايا الوطنية والدولية الهامة بطريقة نقدية ترتفع فيها النبرة حينا وتنخفض حينا آخر علاوة على التراوح بين التلميح والتصريح في نقد أداء القيادة المتخلية، علما وأن السيد عبدالسلام جراد لازم المنصّة التي يتوسطها رئيس المؤتمر إلى جانب نائبيه والمقرّرين.

 

* طعون

وتخلّل الجلسة الصباحية نقاش تدخل فيه عديد الأطراف بحكم المسؤولية أو الانتماء إلى الجهة أو القطاع وذلك بعد أن قدّمت لجنة فحص النيابات والفرز تقريرها الأوّلي الذي تضمن رأيها في 4 طعون حول نيابتين في المنستير ومثلهما في صفاقس.

وكشفت اللجنة عن أنّه تم توزيع النيابات على أساس نائب عن كل 800 منخرط يضاف إليهم الأعضاء الـ13 للمكتب التنفيذي وبذلك يكون العدد الجملي 482 تحذف منها 4 نيابات بسبب عدم الهيكلة (نيابة التعليم الثانوي بالمنستير المدينة ونيابتا المعاش والسياحة بمدنين ونيابة عملة التربية بنابل).

وعلى هذا الأساس تتوزع النيابات رسميا على النحو التالي : تونس 95 ـ أريانة 15 ـ منوبة 14 ـ بن عروس 33 ـ بنزرت 22 ـ سوسة 31 ـ المنستير 23 ـ المهدية 6 ـ صفاقس 53 ـ قابس 18 ـ مدنين 18 ـ تطاوين 4 ـ قبلي 3 ـ توزر 3 ـ قفصة 22 ـ سيدي بوزيد 11 ـ القصرين 15 ـ القيروان 13 ـ سليانة 7 ـ الكاف 10 ـ جندوبة 9 ـ باجة 11 ـ زغوان 11 ليكون المجموع 478 نيابة.

وتتالى على المنصة عديد النقابيين للتداول في مسألة الطعون (الهادي الغضباني ـ محمد شعبان ـ الحبيب الحزامي ـ محمد المسلمي…) وسط غليان في القاعة ومطالبة بأن تكون الكلمة الفصل لاحترام القانون وليس للأصوات والتوازنات.

وإثر هذا الجدل اجتمعت لجنة فحص النيابات من جديد للبت في الأمر وعرضه على المؤتمر، مع الإشارة إلى أنه تم رفع الجلسة الصباحية قبل الموعد المحدد سلفا استجابة لاقتراح بعض المؤتمرين بتمكينهم من أداء صلاة الجمعة على أن يقع تقديم موعد الجلسة المسائية بنصف ساعة.

 

* تدخلات

ومثلما أشرنا تميزت تدخلات النواب بتنوعها في وسط قاعة مؤتمر «تسرّب» منها عدد لا بأس به من المؤتمرين لتجاذب أطراف الحديث حول القائمات والتحالفات التي لم تحسم بعد نهائيا إلى حدود الساعات الأولى من مساء أمس.

بعض التدخلات ركزت على الوضع الداخلي للمنظمة الشغيلة حيث لم يذكر عدد منها وجود نفس ديمقراطي مختلف تماما عما كانت عليه المنظمة قبل مؤتمر جربة، في حين لم يتردد البعض الآخر في الحديث عن تيارات في اتحاد الشغل تتقاطع عندها الخيارات وتتمايز بين من يتمسك بالثوابت والمبادئ وبين من يريد تكريس الوضع السائد ومسايرته إضافة إلى تيار آخر لا يزعجه بعد الاستقواء بالأجنبي والحصول على تمويلاته.

كما انتقد عدد من النواب القيادة المتخلية بعدم نجاحها في تحقيق لوائح مؤتمر جربة السابق وعجزها عن مواجهة ملفات كبرى على غرار الخوصصة والتفويت في مؤسسات القطاع العام والمناولة ومرونة التشغيل.

وطالب نواب المؤتمر من القيادة التي ستنتخب بالتمسك بالصناديق الاجتماعية ودورها الاجتماعي والخدماتي الهام، وبضرورة تطبيق اتفاق النظام الجديد للتأمين على المرض كما وقع الامضاء عليه، وعدم التفريط في القطاع الصحي العمومي حفاظا على صحة المواطن وظروف عيشه.

التعليم بمستوياته الثلاثة كان محورا لعدد من التخدلات التي أجمعت على التمسك بمجانية التعليم وتعميمه وبالهوية العربية الإسلامية مع ضرورة التحلّي باليقظة في هذا الباب، علما وأن المؤتمر تبنّى بيانا خاصا بالتمثيل النقابي الجامعي دعما لجامعة التعليم العالي النقابية التي حددت يوم 15 جانفي المقبل كحد أقصى قبل الدخول في مرحلة جديدة من التحرك.

مسائل عديدة تم التطرق إليها على غرار المفاوضات الإجتماعية والتقاعد والتفرّغات والتصرّف المالي والسفر إلى الخارج وعقد الندوات.

وتحت شعار التمسك بمبدأ التداول على المسؤولية النقابية عبّر عديد النواب عن رفضهم القطعي لأي تعديل للفصل العاشر من القانوني الأساسي الذي يحدّد التواجد في المكتب التنفيذي بدورتين فقط.

 

(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)


 

البنك الأوروبي للاستثمار يقرض تونس 200 مليون دولار

 

قدم البنك الأوروبي للاستثمار لتونس قرضين بقيمة 154 مليون يورو (200 مليون دولار) لتمويل مشاريع الصرف الصحي والطاقة، حسب ما قالت مصادر رسمية.

وأفادت المصادر بأن القرض الأول الذي يبلغ 40 مليون يورو مخصص لتمويل مشاريع الصرف الصحي بمناطق سيدي حسن السيجومي وأريانة والشرقية والمهدية وقفصة.

وخصص القرض الثاني البالغ 114 مليون يورو للمساهمة في إنجاز مشروع محطة لتوليد الكهرباء في غنوش جنوب البلاد.

وحصلت تونس على قروض ومنح من البنك الأوروبي للاستثمار قيمتها 2.5 مليار يورو منذ العام 1976.

وذكر فيليب دي فونتان نائب رئيس البنك أن المشاريع التي تمول في تونس تتميز بجديتها وجدواها الاقتصادية والاجتماعية.

 

(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 16 ديسمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 


 

مبادرة شراكة الشرق الأوسط توافق على مقترحات منح لمشاريع في تونس

 

وافقت مبادرة شراكة الشرق الأوسط (مبي) على طلبات مقترحات لبرامجها للمنح الصغرى في تونس. ومنذ بدايتها في 2002، مولت منح المبادرة مشاريع في مجال التعليم والإصلاح الديمقراطي وتنمية المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

تقبل مبادرة شراكة الشرق الأوسط (مبي) ترشيحات لبرنامج منحها الصغرى في تونس. وتخصص مبي 100 ألف دولار لكل من بعثاتها الأمريكية 15 وتقدم منحا تتراوح بين 10 آلاف و 25 ألف دولار لتمويل المجتمع المدني بما في ذلك المنظمات المحلية والجامعات والهيئات المهنية والجمعيات النسائية.

هذا البرنامج التابع لوزارة الدولة الأمريكية يهدف إلى مساندة منظمات المجتمع المدني والأفراد الذين يسعون لتحقيق أهداف وقيم مبي بما في ذلك التعليم وتنمية المرأة حسب ما صرح به مساعد مدير مبي كورك ويلكوت لمغاربية.

وبخلاف برامج المساعدات الثنائية الأمريكية، فإن مبي لا تقدم الدعم الاقتصادي المباشر للحكومات بحسب موقع وزارة الدولة. « وعوض ذلك، فإن برامج مبي موجهة لدعم المنظمات النشطة أصلا في المنطقة من أجل القيام بالإصلاحات الهيكلية والمؤسساتية في بلدانها ».

وتواصل برنامج السنة الماضية من نوفمبر 2005 إلى سبتمبر 2006. وتقدم المرشحون بطلبات للسفارات الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الدول الخمسة التابعة للمكتب الإقليمي للمبادرة وهي لبنان ومصر وتونس والجزائر والمغرب. وتمت المصادقة على تمويل ثمانية عشر برنامجا بقروض إجمالية تبلغ 617.936 دولار بزيادة حوالي 224.000 دولار بالمقارنة مع القروض الممنوحة خلال الفترة المنصرمة.

ومن بين المنظمات التي استفادت من البرنامج في تونس معهد الصحافة وعلوم الإعلام. وبفضل دعم مبادرة مبي، تمكن المعهد من إطلاق جريدة جامعية. وحصل هذا المعهد على التمويل للسنة الثانية على التوالي بغية تحسين جودة الجريدة وزيادة نشرها. وتعلم الطلبة التفكير النقدي وحل المشاكل وحرية الصحافة.

وصرح حميدة البور الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإعلام لمغاربية « المساعدة التي نحصل عليها من مبي… تعني أن الجريدة تنشر بانتظام وبطريقة منتظمة ». وأضاف « لقد نشرنا سبعة أعداد متتالية هذه السنة وبدون توقف كما كان يحدث في السابق ».

ويشير موقع وزارة الدولة الأمريكية إلى أمثلة أخرى لبرنامج المنح الصغرى في البلدان المغاربية. ففي عمالة زاكورة المغربية، توفر جمعية أزوكاس التدريب المهني للفتيات بهدف إدماج النساء القرويات في تنمية مجتمعهن. وفي الجزائر قاد خبيرا إعلام أمريكيان ورش عمل لفائدة متحدثين حكوميين وصحفيين محليين وأساتذة جامعيين من أجل بدء الحوار حول حرية الصحافة والمساءلة الحكومية. وفي تونس استعملت المدرسة المتوسطية الخاصة للأعمال برنامج المنح الصغرى لتقديم برنامج عمل لتأسيس مركز أعمال إقليمي.

ومن بين المشاريع التي مولتها مبادرة مبي مؤخرا هناك فيلم وثائقي حول أربع نساء إصلاحيات من الجزائر وحملة توعية عامة حول الحقوق السياسية في مصر ونظام جديد لدعم تمكين الشباب من خلال المشاركة السياسية والتعليم في لبنان.

وقال بيتر مارلين مدير مبي « برنامج المنح الصغرى دليل واضح على التزام مبادرة شراكة الشرق الأوسط بدعم البرامج الإصلاحية النابعة من داخل البلد ».

وقام وزير الدولة الأمريكي الأسبق كولين باول بتأسيس مبادرة مبي في ديسمبر 2002. وتم تخصيص أزيد من 293 مليون دولار خلال الأربع سنوات الأخيرة لدعم التعليم والديمقراطية والنمو الاقتصادي والنساء في المجتمع.

 

جمال عرفاوي من تونس ساهم في هذا التقرير.

 

(المصدر: موقع « مغاربية » التابع لوزارة الدفاع الأمريكية بتاريخ 15 ديسمبر 2006)

الرابط: http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2006/12/15/feature-02

 


جمعية الصحفيين التونسيين تحتفي بكتاب خميس الخياطي

أبو عزيز

 

احتضنت جمعية الصحفيين التونسيين خلال الأسبوع الماضي لقاء فكريا بمناسبة صدور كتاب ـ ترسيب الرمل ـ للزميل الصحفي خميس الخياطي. وتولى الزميل منجي الخضراوي تقديم الكتاب والكاتب مركزا على تكوين خميس الخياطي المتنوع والثري، وعلى سيرته العملية المتراوحة بين التدريس والإدارة والعمل الصحفي الميداني في عديد القنوات الأوروبية قبل أن يستقر في التلفزة الوطنية وعن مسيرته في الكتابة الصحفية خاصة بمجلة اليوم السابع وصولا إلى القدر العربي، وتوقف المنجي الخضراوي عند جملة من القضايا تتصل بالشأنين الثقافي والسياسي منوّها بقدرة الكاتب على نحت مفاهيم جديدة مثل ـ الشاشة الضريرة ـ في معرض حديثه عن إحدى القنوات التي تبث صوتا دون صورة عن فضائية يفترض أن تكون الصورة أداتها الأولى…

وارتأى المقدم أن كتاب الخياطي يقف عند ثنائية السلطة/الخطاب السلفي مشددا على أن هذا الخطاب يختزل مشاكلنا في ثنائية الحجاب/العراء…. وأشار إلى ما تضمنه الكتاب فيما يخص دور الرأسمال السعودي في تمويل الفضائيات الأصولية كما في تمويل الفضائيات التي تعّم المشاهد الفاضحة والثقافة الضحلة ثم تناول الكلمة الزميل عادل الحاج سالم فألقى مداخلة مكتوبة استهلها بالقول إنه اختار أن يكتب نصا لئلا يكون ارتجاله مصطبغا بالذاتية خاصة وأنه تولى قراءة الكتاب قراءة ضمّنها الخياطي كتابه المنشور، وأنه يخشى انعدام الموضوعية نظرا إلى أن جيله ـ كما قال ـ مدين بالكثير إلى خميس الخياطي وجيله، لأنهم من ذلك الجيل تعلموا التعامل مع الصورة وثقافة الصورة في مجتمع قامت ثقافته طيلة قرون على المروي والمكتوب دون المصور…

وأشار المتدخل إلى أهمية الكتاب من حيث تناوله لسلطة الخطاب السلفي على الفضائيات وفعله في المشاهد العربي والتونسي خاصة، مؤكدا أن غياب تصور لبرمجة تعددية في القناة الفضائية الوطنية وسقوطها في النمطية والتكرار وخطاب الرضى عن الذات صرف عنها المشاهدين ليكونوا لقمة سائغة لتلك القنوات…

وفسح مجال النقاش فأكد الزميل الحبيب الميساوي انه لا ينبغي تقليص الكتاب إلى موضوع المرأة وأن ما يعالجه حقا هو الخطاب السلفي ككل وأن المستهدف من هذا الخطاب هو الإنسان العربي لا المرأة العربية… وأن الفضائية الوطنية مقصّرة تقصيرا كبيرا في حق المواطن، وأكد في الختام أن كتاب خميس الخياطي يحيلنا إلى التفكير جديا في قضايانا كما أن التقديم الذي قام به الفاضل الجزيري للكتاب تقديم هام لا ينبغي نسيانه…

وتدخل الزميل والروائي حسن بن عثمان فأكد أن ـ تسريب الرمل ـ كتاب رائد في مجاله إذ قام برصد الظاهرة التلفزية في تونس وفي الوطن العربي، وإذا كان هناك تقصير فهو الحجم الضئيل لصورة الشيخ القرضاوي في الغلاف بين صور غيره من الدعاة ونجوم الفضائيات بحكم دوره الكبير في ـ تسريب الرمل ـ فلكنهم تلامذته في هذا المجال وأشار إلى ثنائية الصورة والسورة في ثقافتنا منبها إلى ضعف تغطية المجال المغاربي معتبرا أن الثقافة الخليجية المتأمركة هي الغالبة على الفضائيات العربية وأن تجربتنا الحدائية مظلومة لأنها مكبله وتسحق…

وتدخل الزميل هشام السنوسي فأشار إلى أن فشل الدولة الوطنية خاصة في استراتيجيات التعليم هو ما ولّد الظاهرة الأصولية… وتدخل عديد الزملاء للثناء على الكتاب وفيهم من اعتبر أن قصة الكتاب في انتظار التأشير له يدل على حراك اجتماعي سياسي ينبغي رصده، وأشار آخرون إلى استمرار الرقابة على الإبداع متخذين كتاب الخياطي ومسرحية خمسون للفاضل الجزيري مثالا على ذلك مؤكدين أن تواصل الرقابة لا يمكن أن يحجب الإبداع وأن الإبداع قادر دوما على الخلود والوصول على المتعطشين إليه، وأكد آخرون ضرورة رفع كل القيود المفروضة على الإبداع في مختلف أشكاله…

وحضر الجلسة عديد المهتمين بالشأن الثقافي إضافة إلى الزملاء الصحفيين مثل بعض المخرجين من التلفزة الوطنية وبعض الكتاب والمحامين….

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 528 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)

 


 

فضائيات تبيع الخديعة….

 

على زماننا الذي أصبح فيه الاستثمار الفضائي أو الفضائياتي مربحا جدا وسهل الربح تنوع هذا المشهد إلى ما يشبه الفوضى هي فوضى الصور المتنوعة و المختلفة التي أصبحت تصبّ في إطار واحد هو إطار الإثارة الذي أصبح يصبغ المشهد الإعلامي المرئي العربي فمن هز الوسط والكليبات ومعارض اللحم الرخيص واللعب على وتر الكبت وهو ميدان أصبح واسع مجال الاستثمار ويدرّ على أصحابه ملايين الملايين إلى تجارة الدين والتمعش من شرع الله وبيع الفتاوى عبر الموزعات الصوتية والرسائل القصيرة بطريقة أشبه بصكوك الغفران مع الترويج للفهم الخرافي والأسطوري للدين دون اجتهاد أو اعمال للعقل مما يعمل لتكريس الجهل والتخلف

وإلى جانب كل هذا فإن مجالا آخر أصبح رائجا خلال هذه الأيام في بعض الفضائيات وهو مجال السحر والشعوذة واستحضار الجن والتطبب والمداواة بطرق خلنا أنها قد خبت مع عصور الانحطاط لكن الظاهر أننا قد عدنا لهذا الانحطاط بالترويج لمثل كل هذا ولكن بطريقة مختلفة لم تعد تعمل بالرعواني ولكن بالأجهزة والمعدات الرقمية وما أكثر الكرامات على فضائياتنا…

ولعل كل هذا هو افراز من افرازات زمن الأزمة والفراغ الفكري والثقافي الذي نشهد تبعاته في شتى مناحي الحياة الاجتماعية في الوطن العربي والأكيد أن نتائجه ستكون جد وخيمة إن لم نجد الحلول السليمة المناسبة في أسرع وقت لأن الخطر محدق والسيل سيجرف الجميع في النهاية.

فردوس

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 528 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)


 

 

التلفزة جاية…؟؟

 

محزن جدا حال المخرج المنصف ذويب هذه الأيام… فبعد أن تكبّد مشاق انجاز شريطه التلفزه جايه.. كمن تحلم بمولود وتحمله في أحشائها وفي حسها وفكرها وبعد أن تجوّل به في بعض مهرجانات الصيف كان لا بد للشريط من أن يعرض في القاعات فأصبح المسكين يتجول به بين دور العرض كمن يحمل طفل خطيئة ولا يجد له أبا أو متبنيا وبعد أن رضي عنه أحد أصحاب القاعات وبشروط مجحفة… الشريط يعرض الآن أمام قاعة شبه فارغة باستثناء بعض الذين أخذوا لهم مكانا قصيا ومظلما في القاعة لأشياء أخرى غير الفرجة..

لسائل أن يسأل لماذا هذا النفور… برغم أن الشريط يحمل الكثير من التجديد والخصوصية ويحمل الكثير من الواقعية بأسلوب سهل وكوميدي ويحتوي الكثير من المواقف الكوميدية المضحكة فهل أن الاشكال اشكال دعاية واشهار أم أن المشكل أعمق من ذلك بكثير… لتتحول المسألة إلى حالة أشبه بالعبث… شريط أخذ من فكر وجهد صاحبه الكثير لم يكن يرى النور لولا دعم الدولة وعندما يخرج للقاعات لا يشاهده سوى بعض العشرات… والمسألة هنا لا تقتصر على المنصف ذويب والتلفزة جاية وإنما تشمل غيره من الفاعلين في هذا القطاع الذي يحتضر منذ سنوات ولا يجد له دواء…

 

مــيــم

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية، العدد 528 بتاريخ 16 ديسمبر 2006)


 

بعد خوضه مجددا انتخابات المجالس العلمية بقائمات موحدة:

هل تنجح مساعي عقد المؤتمر القادم لاتحاد الطلبة في صيغة توحيدية؟

زعتور: اتحاد الطلبة فاز بقرابة 100 مقعد في المجالس العلمية

 

تونس ـ الصباح:

أفاد السيد عزالدين زعتور أمين عام اتحاد الطلبة في تصريح لـ«الصباح» أن نتائج انتخابات المجالس العلمية التي جرت أول أمس في كافة المؤسسات الجامعية أفرزت حصول مرشحي الاتحاد لأول مرة منذ سنوات على قرابة 100 مقعد موزعة على عدد من المؤسسات والكليات.

وكان اتحاد الطلبة قد تقدم لخوض انتخابات المجالس العلمية بقائمات موحدة ضمت مرشحين من مختلف التيارات الطلابية من مناضلي الاتحاد للسنة الثانية على التوالي في خطوة مجددة للتمهيد لعقد المؤتمر القادم للاتحاد في صيغة توحيدية. وذلك بعد أن أعيد تشكيل لجنة وطنية من أجل المؤتمر الموحد قبل انتخابات المجالس العلمية ساهمت في تقريب وجهات النظر المتباينة بين مناضلي الاتحاد حسب مصادر من داخل المنظمة الطلابية.

وقال زعتور أن اتحاد الطلبة شارك في 50 مؤسسة جامعية وفازت قائماته الموحدة بأغلب مقاعد المجالس العلمية بالمؤسسات التي شاركت فيها والتي تضم مجتمعة حوالي 200 ألف طالب مضيفا أن «الانتخابات جرت في جو ديمقراطي وسادتها أجواء هادئة وكانت درسا للممارسة الديموقراطية لمناضلي الاتحاد وشهدت إقبالا كبيرا من الطلبة على عملية الاقتراع». وقد حافظ عموما الاتحاد  على مقاعده بما يمكن اعتباره «المعاقل الكبرى التقليدية» على غرار المركب الجامعي بمنوبة، المركب الجامعي بتونس، كلية الآداب 9 أفريل، كلية الآداب بصفاقس، كلية الآداب سوسة، كلية الطب بتونس، كلية الحقوق بصفاقس…

ومن المقرر ـ حسب زعتور ـ أن تجتمع اللجنة الوطنية من أجل المؤتمر الموحد قريبا للنظر في كل المسائل التقنية والتنظيمية للإعداد للمؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد الذي كان مقررا عقده خلال الصائفة الماضية. لكنه تأجل بعد أن حصول خلافات بين أبرز الأطراف الطلابية التي تتنازع على شرعية المكتب التنفيذي قبل أن تعود ثانية هذه المرة لتعلن المصالحة من جديد.

وعن سؤال حول موعد عقد المؤتمر القادم، قال زعتور إن تحديد التفاصيل التنظيمية للمؤتمر بما في ذلك توزيع الانخراطات وتنظيم الانتخابات الجزئية التي ستفرز المؤتمرين يعود بالأساس إلى اللجنة الوطنية التي تم تشكيلها للغرض، لكنه عبر عن أمله في الإسراع بعقد المؤتمر قبل الصائفة المقبلة.

 

رفيق بن عبد الله

 

(المصدر: جريدة « الصباح » التونسية الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


الحمد لله وحده، تونس في : 15/12/2006

من عبد الرزاق كيلاني عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين إلى السيد عميد المحامين والسادة أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين

 

يؤسفني إعلامكم أنه بتاريخ يوم الخميس الموافق للرابع عشر من شهر ديسمبر 2006 وحوالي الساعة العاشرة والنصف صباحا وبينما كنت متوجها إلى مدينة باجة للإشراف على محاضرتي تمرين الأستاذين سامي الصغيرة وعبد الواحد الشتيوي والمبرمجة في نفس اليوم على الساعة الثانية عشرة صباحا وقبل وصولي إلى مدخل الطريق السريعة الجديدة الرابطة بين تونس ومجاز الباب بحوالي كيلومتر إلتحق بي عون أمن تابع لشرطة المرور على متن دراجة نارية وهو مضيئا لضوء الخطر والتصق بسيارتي  وطلب مني التوقف فامتثلت لأمره والتحقت بنا سيارة أخرى مكتوب عليها شرطة المرور ونزل منها ضابط بثلاثة نجوم وتوجه إلي وأنا داخل سيارتي وطلب مني مده بالأوراق فامتثلت لأمره وإثر ذلك طلب مني التوجه بسيارتي في الإتجاه المعاكس أي في إتجاه تونس فأفدته بأني متوجه لمدينة باجة في إطار مهمة رسمية بصفتي عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وبأن الأوراق التي أدليت بها هي الواجبة قانونا ولا تشوبها أية إخلالات وإن كانت لديه بطاقة قضائية في جلبي أو إيقافي فعليه الإستظهار بها وعلى هذا الأساس فأنا أرفض الأمر الغير قانوني الصادر عنك. فحاول إقناعي بلطف مع أحد زملائه للإمتثال للأمر المذكور إلا أنني تمسكت بموقفي وأشعرني فيما بعد أن هنالك أعوان أمن بالزي المدني وهم حسبما فهمت من أمن الدولة واقفين على بعد كيلومتر يرومون رؤيتي وسماعي فذكرت السيد الضابط بأن الأوامر الصادرة  عن الأعوان المذكورين أعتبرها إهانة لشخصك كضابط سامي يحمل الزي الرسمي ومن المفروض أن تكون يا سيدي الضابط حاميا للمواطن لا مساعدا على الإعتداء على حقه البسيط في التنقل بحرية في بلاده دون قيود أو مضايقات. فترجاني السيد الضابط أن أسلك طريقا آخر للوصول إلى باجة غير الطريق العادية فاستغربت وقلت له إذا أعامل أنا المحامي وعضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المتوجه في مهمة رسمية إلى مدينة باجة بصفتي طبقا لقانون مهنة المحاماة أعد شبه موظف عمومي فما هو حال المواطن العادي، وبعد حوالي 45 دقيقة  »أطلق سراحي ». وأمام هذا الوضع وهذه الممارسات التي تتجاوز كل الأعراف والقوانين رغم الخطب والشعارات اليومية المشيدة بما ننعم به في بلادنا من حرية وديمقراطية واحترام لحقوق الإنسان فإني ألتمس من سيادتكم تقديم شكاية إلى السلط القضائية ضد وزير الداخلية وكل من سيكشف عنه البحث من اجل عرقلة عضو هيئة رسمية من ممارسة مهامه والإعتداء على حريته وإهانته في الطريق العام والتعدي على حرمة القانون والمؤسسات الدستورية. تقبلوا سيدي العميد، وزملائي السادة أعضاء مجلس الهيئة الوطنية، فائق إحترامي وتقديري.   زميلكم عبد الرزاق كيلاني             عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين
 


استراتيجية إستعمال السلطة في تونس لمنحرفي الحق العام في التصدي للأحرار

(2/2)

عبد الرحمان الحامدي

 

أواصل على بركة الله في هذه المقالة الثانية مقاربتي في فهم إستراتيجية السلطة عندما تعمد إلى الإلتجاء إلى منحرفي الحق العام في مقاومة الأحرار من المعارضة في بلدي؛ و سأتناول الموضوع هذه المرة من الوجهة النفسية لما للحالة النفسية من دور في صياغة الكثير من سلوكاتنا و ردود أفعالنا في علاقتنا بالآخر. و في المقال الأول كنت تعرضت للموضوع من وجهة أداة التحليل السياسي عبر مفهوم الإستبداد في العلاقة بالآخر.

في هذه المقاربة النفسية عمدت إلى مفهوم ما إصطلح على تسميته علماء النفس بالفوبيا:

                                                                                                       La phobie

 و هو مفهوم يأتي ضمن كم هائل من المفاهيم و نظريات تحليل السلوك البشري ؛ و كلها تتنافس فيما بينها لبلوغ الحد الأدنى من الموضوعية في تناول مشاكل النفس البشرية و تعقيداتها من أجل معالجة  فاعلة؛ خاصة إذا أثبت التشخيص الإكلينيكي  للمعني بالأمر أنه بحاجة إلى علاج هدفه يبقى بالنسبة إلى مختلف النظريات؛ على تنوعها و تنوع طرق علاجها؛   تحقيق:

                                                                                                    Le bien être

    وهي حالة قائمة على التوازن و الإستقرار النفسيين   و هذا يمكن من تحقيق أهداف كبرى منها إستعادة عنصر الثقة بالذات و استرجاع القوة على التصدي للمحبطات والقدرة على الفعل و المبادرة  وعليه يمكن للإنسان  استرجاع دوره في المجتمع و الإندماج فيه بفاعلية و إيجابية.

 

بهذا قد يتضح للقارئ الكريم  دورالمشاكل النفسية و عقدها في إعاقة نمو الإنسان نحو الكمال البشري و نمو مجتمعه؛ لهذا و لغيره من الأسباب أولت الدول المتقدمة أهمية قصوى للموضوع فكانت علوم التربية أول المستفيد من إنجازات علوم النفس في إطار عملية إستباقية قصوى لتنشئة أجيال خالية من من أكبر عدد ممكن من العقد التي تعيق نمو الأفراد و المجتمعات فراهنت بذلك رهانا (أحسب أنه ناجح بمعايير المدنية) على الإنسان كرأس مال مركزي في التغيير والإبداع فهو المحور و المنطلق و الهدف و لست بحاجة إلى تذكيركم بالشعوب التي لا تتوفر على ثروات باطنية واستطاعت رغم ذلك تحقيق قدر من الرفاه الإقتصادي و إفتكاك مواقع متقدمة بين الأمم . كاليابان و الدول المسمات بالنمور الآسياوية.

 

وإني أعتبر أن التربية المسنودة بعلوم النفس ركن لا ينفصل  عن الأركان الأخرى في نهضة هذه الأمم حيث يختلط التاريخي بالسياسي  و الثقافي بالإقتصادي وإني لآ أفهم   تربية الأجيال تربية مستندة إلى علوم النفس هذه بعيدا عن قول أحكم الحاكمين لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم   صدق رب العالمين.

إذا عدت إلى صلب موضوعنا فإن الفوبيا ثلاثة أنواع:

فوبيا خصوصية لها علاقة بمكونات المحيط كالذعر من بعض الحيوانات مثل العنكبوت و الكلاب أو من بعض من مظاهر الطبيعة كالرعد و البرق و هي فوبيا غير ذات خطورة باعتبار إرتباطها بظرف خاص

و هناك الفوبيا الإجتماعية و هي التي ترتبط بعلاقة الفرد بالمجموعة حيث أن المرء بسبب هشاشة تركيبته النفسية(خجل شديدوإرتباك في التجمعات العامة؛ صعوبة التواصل مع الغيروالخوف من الإقدام على هذه الخطوة أو إقامة صداقات إلى آخره فيفضل الإنغلاق على نفسه و العزلة أو الإكتفاء بدائرة الأقارب الضيقة.

أما النوع الثالث فهو ما أسميه تجاوزا بالفوبيا السياسية والتي تعبر عنها المعالجات الأمنية للمطالب السياسية و الإجتماعية والمدنية كأسلوب فعال للإحتماء من وهم أن الآخر يشكل بفكرته المخالفة و بمطالبه العادلة أو بسلوكه المعارض خطرا مستمرا  على أمن و سلامة من إختار هذا الأسلوب.

فمفهوم الفوبيا كحالة أو تركيبة نفسية تفسر كما سبق و أن ذكرت إلى حد كبير جوانب من سلوك الإنسان و الجماعات؛  ولها علاقة بحالة الذعر الشديد الذي يتجاوز شعورا كالخوف  إذ أن الخوف   حالة طبيعية يكون موضوعها و سببها بينا و معروفا في العادة أما الفوبيا فإ رتباطها بحالة القلق  يجعل السبب إما غير معروف في حالة القلق أو هو مضخم في حالة الفوبيا بحيث أن الشخص يصبح أسير  وهم قاتل مفاده أن أي شيء من حوله يمكن أن يتحول إلى مصدر خطر على حياته  قد يعرضها  للعذاب أوللموت و الفناء وهذا في في حالة  ما أسميته تجوزا ؛؛الفوبيا السياسية؛؛

 و عليه؛  وبقطع النظر عن أسباب هذه الحالة التي خاض فيها علماء النفس فإن من نتائجهافي الحالات الثلاثة:

 

1) عدم القدرة على التركيزالذهني بما يكرس حالة الإرتباك  و يقلل من القدرة على التفكير بعمق و فهم الأمور فتصبح قراءة الواقع و الأحداث المحيطة بالشخص على سبيل المثال قراءة  مشوشة و ملوثة بهذه   الحالة المرضية فتغيب تبعا لذلك النظرة المعتدلة و المنطقية لواقع الحال.

2) التحسب و التحوط لكل كبيرة و صغيرة و إتخاذ التدابير اللآزمة لمنع و قوع ما يتوهم الشخص أنه واقع به لا محالة في كثير من أحواله.

3) و ينتج عن هذه الحالة العجز عن مواجهة التحديات   و الصعوبات( و التي  تعطي أحيانا لحياتنا لذة ومعنى) فإنها تزيد بالنسبة للمريض من تأزيم و ضعه و تمعن في إرباكه و لخبطة مواقفه و سلوكاته.

 

فيكون الألم و العذاب  فيبرز  حينئذ ميكانيزما من ميكانزمات الدفاع  و الحماية و التعويض وإسمه.

                                          Mécanisme de protection et de compensation

 

وبموجبه:

 

أ) يصعد من تدابير الوقاية و التحوط و يمعن في مزيد تفادي معالجة الصعوبات و المشاكل.

ب) يغرق في الإقبال على تناول المسكرات بمختلف أنواعها ليصبح أسيرا لها فيما بعد لأنه يرجو من ذلك غيبوبة تبعده و لو لساعات عن أحاسيس الألم من فرط ما تخلفه هذه الحالة من عذابات لذلك يقرن علماء النفس في سويسرا و فرنسا عبر التجارب العلمية بين حالة الفوبيا و واقع السقوط في الكحول و المخدرات مع عدم إهمال الملابسات الأخرى التي يختلط فيها التربوي بالإجتماعي و الثقافي بالإقتصادي و الديني بالسياسي في تكوين الشخصية المريضة؟

و السؤال المطروح ماذا لو حاولنا تحليل سلوك  نظام مثل النظام التونسي من منظورهذا المفهوم السيكولوجي المسمى بالفوبيا؟

أظنني لن أجد صعوبة تذكر في الوصول إلى تفسير ما يصدر عن السلطة في بلدي انطلاقا من هذا المفهوم  الذييمكن أن يفسر أنماط سلوكها في حق مختلف شرائح المجتمع و قبل أن أخوض في تقديم بعض النماذج و ما أكثرها أريد أن أذكر نفسي و إخوتي و أحرار بلدي و العالم بقوله تعالىفي سورة النساء الآية 104( و لا تهنوا في إبتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله ما لا يرجون و كان الله عليما حكيما) صدق الله العظيم.

 

 ذالك أن الألم ليس من نصيب المضطهدين في بلدي فقط فللسلطة في بلدي نصيب كبير منه بفعل هذه الحالة المرضية التي إستبدت برجال الحكم في بلدي.

 فالمعالجات الأمنية  للملفات السياسية و الإقثصادية و الإجتماعية في بلدي والإيغال فيها بقوة و الإصرار المتعمد عليها أكبر ترجمان لهذه الحالة التفسية!

 فبماذا أفسر على سبيل المثال تجميع السلطة لأكثر من مائة و خمسين بوليس و أكثر من سبعين منحرف و منحرفة (تقرير بوخذير صنع: في تونس:تونس نيوز13ديسمبر2006 ) للتصدي في الكاف لأربعة أشخاص من المعارضة فقط؛ عزل إلا من إصرارهم على مطالب عادلة في ليشرعوا في تعنيفهم مواجهتهم بهكذا صنيع؟   فمالذي يجعل السلطة تستنفر كل هذه القوة لمواجهة أربعة أنفار؟ أم هي الفوبيا السياسية التي يعد للخصم فيها مهما كان ضعفه كل هذه القوة؛ أم إنها هيبة الدولة التي لا ترى السلطة في بلدي إلا هذا الشكل لفرضها وإقناع المواطنين في تونس بها؟!!

و بماذا أفهم  لجوء السلطة إلى  أساطيل بأكملها من السيارات المدنية في هذا الطريق السيارة أوذاك معبأة برجال البوليس تقتفي على سبيل المثال لا الحصر سيارة الأستاذ بن عمر وهي متوجهة إلى سجن الكاف في موكب يخاله الناظر من بعيد موكب مرافقة رئيس دولة شقيقة أو صديقة جاء ليزور البلد؟

أما الإكثار من الحواجزالأمنية فغرضه تعطيل  تنقل المعارضين و تفويت المواعيد عليهم  لإجبارهم على العودة و حسب التقارير فقد تطلب قطع مسافة بين تونس العاصمة و سوسة (140كلم) على سبيل المثال  أكثر من عشر ساعات!

ثم كيف تراني أحلل الآساليب الجديدة  المعتمدة في قطع الطريق على سيارة معارض أو حقوقي في هذا الطريق أو ذاك لمنعه من التنقل  في حركة مفاجئة و ممسرحة و مربكة تسمع أثناءها صوت الفرامل وهي تشد بقوة على طريقة الأفلام البوليسية الأمريكية و هي تتعقب تاجر مخدرات دوخ البوليس لأشهر؛

 

 فتتعطل حركة المرور وتنتشر الفوضى لينزل منها أرهاط يسمون أنفسهم بالبوليس السياسي حليقي الرؤوس على شاكلة إخوانهم المارينز؛ ملط الذقون و الشنبات؛ و قد تدثر البعض منهم بمعاطف سوداء  ووضعوا على أعينهم نظارات  كذلك سوداء تحيلنا على رفاقهم من شرطة القيستابو في العهد الهتليري البائد سنوات الأربعين  ليبدأ مسلسل التعطيل و سين و جيم و إسطوانات سب الجلالة و الكلام البذيء التي يبدو أن خريجي مدرسة بن علي للغات الحية لا يجيدون غيرها!

أما عن حالة الطوارئ غير المعلنة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان في كامل تراب القطر التونسي  فحدث و لا حرج فهدفهاإجبار الحقوقيين في كل ولاية من ولايات تونس على العودة إلى منازلهم و عدم ممارسة حقهم في الإجتماع في المكاتب الفرعية لمنظمتهم الحقوقية.

 فحالة الفوبيا قد طغت على عتاولة مهندسي الشر ليصدروا أوامر الطوارئ و كأن الأمر يتعلق بمحاولة إنقلاب إتخذت كل هذه الإجراءات لإحباطها فورا و تجند لها كل الأجهزة الأمنية بمختلف فرقها.

 

يا للهول!!

 

أما عن قطع خدمات بريد الموزع ياهو و هوت مايل في سابقة أقل ما يقال فيها أنها  فضيحة فهو الوجه الآخر لحالة الفوبيا و الرسالة وا ضحة نفعل بكم ما نشاء و لا نسمح لكم  بالأنين و الشكوى و نرفض أن تشركوا فيها الغير لتخففوا من معاناتكم أو لتفكو و لو حصارا و احدا ذلك. أن إتصالاتكم عبر الإنترنات بالداخل و بالخارج تزلزلنا؛ تروعنا؛ تحرقنا حرقا تقتلنا و  إصراركم على كشف ما يحدث في تونس يوشك أن يفتك بنا فتكا و يرسلنا إلى الجحيم !!

هكذا تعالج تحركات المعارضة و مطالبها و قس على ذلك مطالب مختلف الشرائح الإجتماعية الأخرى بمختلف إنتماءاتها القطاعية و السياسية إلى آخره….

 

إنها الفوبيا التي تجعل مهندسي الشر يلجأون إلى منحرفي الحق العام و عاهراته و لا يكتفون بالعدد الذي تعرفونه من رجال الأمن في بلدي بل و يعمدون إلى تصويرالوليمة حتى يطمئن كبار كهندسي الشرعند رؤيته إلى أن الإعتداء تم على أحسن ما يرام بما يخفف حالة الفوبيا ويشفي الصدور المتعطشة للتشفي السادي.

إنها الفوبيا التي تفقدهم القدرة على التفكير السليم و رؤية الواقع كما هو و معالجة تحدياته بالعقل و المنطق و بما يخدم مصالح الجميع.

إنها الفوبيا التي تجعلهم يتحسبون لكل ما من شأنه أن يضطرهم إلى تقديم تنازلات لحل بعض من المشاكل القائمة و المتراكمة لأنها في قاموس المرضى من نوع المحضور الذي لا يريدون الوقوع فيه لأنه كما سبق و أن ذكرت إن هم إنفتحوا عليه يزيد من إرباكهم ولخبطة مواقفهم و ممارساتهم بما سيجلبه  من متاعب  يتوهمون أن لا قابلية لهم بحلها خدمة للبلد؛ فالأريح بالنسبة لهم هو الإمعان في عدم مواجهتها عبر هذه المعالجات الأمنية التي لا يبدو في الأفق ما يشير إلى عزمهم علي التخفيف منها فالحالة المرضية متقدمة و علاجها أصعب مما نتصور.

إنها باختصار الفوبيا التي بموجبها تتأله السلطة فتتغول لتبدأ رحلة الإنحدار و السقوط و تلك من سنن الله في خلقه إذا إنتحلوا صفة التأله!

 

 وفي الختام أريد أن أضيف فقرة من مقال نشرته سابقا* علها تذهب العجب من مثل هكذا حالة استبدت بأصحاب القرار في بلدي وعلى رأسهم الرجل الأول في البلاد.

فكيف لا يكون حال المتنفذين في بلدي بهذا الشكل و كبيرهم قد بلغت به حالة الفوبيا السياسية؛ بما هي حالة الرعب الشديد من المواطنين و مكونات مجتمعنا المدني؛ حالة جعلته ينفق المليارات من أموال الدولة على وسائل حمايته الشخصية في القصر؛ ففرق الإنقاذ الأجنبية؛ التي سمعنا عنها كثيرا؛ في حالة تأهب دائمة؛ جاهزة في أي لحظة من الزمن لتهريبه خارج البلاد إذا جد الجديد.  أما عن وسائل الحماية الاستباقية التي جهز بها قصره فإنها تفوق في كثافتها و تطورها وسائل حماية رئيس دولة عادي؛ بحيث تحول القصر إلى قلعة لا يقدر حتى الجن الأزرق على دخولها دون أن تتفطن إليه وسائل التنصت و الرصد  بما جعل من الرجل سجين قلعته و حالته المرضية بامتياز!!!! رهين المحبسين حقا على حد قول ابي العلاء المعري!

لقد  فرض كبار المتنفذين في بلدي منظومة رهيبة استباقية ووقائية في دواليب تسيير الدولة؛ بحيث يصبح   كل مسؤول في نظام بن علي يعيش حالة طوارئ قصوى (كسيده الكبيرتماما) أحب أم كره؛ حالة طوارئ في العلاقة بالمواطنين تترجم في النهاية حالة الرعب الشديد من كل شيء؛ وهي حالة من الهستيريا المنبثقة  من حالة انعدام الثقة بالجميع في علاقة جدلية مع حالة الرعب هذه لكنها متصاعدة  نحو حالة من الفوبيا السياسية؛ فالويل كل الويل لمن يتجرؤ ويخرج عن هذه   المنظومة العلائقية بالآخر داخل السلطة أو خارجها  وفي أدق تفاصيلها مهما كانت بسيطة. 

منظومة تجعلهم يرتعبون من الناس أحياء وأمواتا(راجع حادثة منع النقابيين و الحقوقيين في ولاية جندوبة من تأبين زميلهم المرحوم عادل العرفاوي بمقر الإتحاد الجهوي بجندوبة السنة الفارطة أو تعطيل دخول جثامين بعض الذين توفوا في الغربة إلى تراب تونس من بعض زوجات المعارضين  من أبناء النهضة ؛ أو بعض الجنازات في تونس  والتي تمت جورا و بهتانا بحضور عدد معين من الأقارب و منع البقية الباقية من الأصدقاء  و الجيران  ).

 إنها المنظومة التي ما تنفك تخنق و تخنق إلى حد الإغماء؛ بل و تسمم حياة الجميع: القائمين عليها والمكتوين بنارها من أبناء بلدي على حد سواء! و لاحول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.و السلام عليكم.

 

سجين سياسي سابق و لاجئ حاليا بسويسرا.

ملا حظة: لمن فاته لسبب من الأسباب الإطلاع على الشريط الذي أرفقته بالجزء الأول من المقال يمكن الضغط ببساطة على الرابط التالي:

http://www.youtube.com/watch?v=QUYEQ37-iME&mode=related&search=

 

* الفقرة مأخوذة من مقال نشرته لي مشكورة بتاريخ 25ماي2006 تونس نيوز  و الوسط التونسية


 


 

ملاحظات حول مقالة الأستاذ الحبيب أبو وليد المكني

 » الليبراليون العرب و عقدة الخوف من الإسلاميين: د. رجاء بن سلامة نموذجا »

بسام خلف

khlafbassem@yahoo.fr

صنف الأستاذ الحبيب أبو وليد المكني, رجاء بن سلامة في خانة الليبراليين العرب، مستنتجا ذلك ممّا عبر عنه  بشدة عدائها للظاهرة الإسلامية عموما و الإسلام الحركي خصوصا و من مواظبتها على الكتابة في موقع « إيلاف ».

يفتقد هذا التصنيف إلى أبسط قواعد الموضوعية. فهل ينفرد من يسمون بالليبراليين الجدد أو العرب بمناهضة الأصولية الدينية ؟  فيم يختلف نقد د. رجاء بن سلامة للأصولية عن كتابات محمد الطالبي أو عبد المجيد الشرفي أو محمد عابد الجابري ؟ أم أن هؤلاء جميعا انخرطوا في الحلف الليبرالي الجديد؟

كل القوى التقدمية العربية على تعدد خلفياتها الايديولوجية ترى في المد الرجعي الأصولي خطرا كبيرا على المجتمعات، حتى وان التجأ بعضها إلى تحالفات تكتيكية مع التيارات الدينية التي توصف بالوسطية و الاعتدال ولكنها في جوهرها لا تختلف كثيرا عن الحركات الأخرى.

أما عن مواظبتها على الكتابة في موقع « إيلاف »، و حتى وإن سلمنا بأنه موقع ليبرالي، فهو لا يسمح باستنتاج ما ذهب إليه الأستاذ المكني، إلاّ إذا اعتبرنا أن د. القديدي الذي تتصدر كتاباته صحيفتكم أصبح إسلاميا، و كذلك برهان بسيس و خالد شوكات.

المتتبع لكتابات د. رجاء بن سلامة، يلاحظ أسلوبها الهجومي و الثوري ضد المعتقدات البائدة وإصرارها على نقد الثوابت. مع تمسكها بالمنهج العلمي الأكاديمي. فهي بعيدة كل البعد عن « المرأة العربية الضعيفة في المجتمع الأبوي الظالم ». مثلها مثل رجاء بن عمار و جليلة بكار في المجال الفني، و إقبال الغربي و أمال قرامى و سلوى الشرفي في المجال الإعلامي و الفكري، و غيرهن كثير من نساء تونس اللاتي تسلحن بمعرفة تلقينها في الجامعات التونسية.

محاولة إسكات الأصوات التقدمية و الحرة بشتى الطرق من طرف الإسلاميين، ليس ادعاءا باطلا ألقته د. رجاء بن سلامة. بل هو حقيقة يثبتها التاريخ. و أذكّر من ذاكرته ضعيفة بالشيخ الجليل محمود طه الذي أعدم في السودان لاقترافه جريمة « الردة »، و كان الشيخ الوسطي المعتدل حسن الترابي وزيرا للعدل في ذلك العهد. وأذكر أيضا بالمحاكمة المهزلة لقاتل فرج فودة، حيث جاء الشيخ الغزالي و أدلى بشهادته التي أباح فيها قتل المرتد. وأذكر بالحكم على نصر حامد أبو زيد بتطليق زوجته بدعوى الرّدّة أيضا، فاضطرّ إلى الهجرة مع عائلته.

ينادي الأستاذ الحبيب أبو وليد المكني بالحوار، و يطالب بحقه المشروع في الاختلاف.

لنوضح مع من يكون هذا الحوار ؟  وماذا يقصد بحق الاختلاف ؟

هل هناك حوار ممكن مع حركة النهضة التي نشرت مقالة على صفحات موقعها الرسمي تدعي فيه أن « الدكتور المقريزي »، صاحب كتاب « المجهول في حياة الرسول » هو اسم مستعار للعفيف الأخضر » مع العلم أن هذا الأخير نفى علاقته بالكتاب المذكور، و بلغة حاقدة أعرب كاتب الخبر عن تشفيه و غبطته قائلا : « عفيف الأخضر أصبح عاجزا عن الحركة تماما و لا يستطيع حتى قضاء الحاجة »؟

هل الحق في الاختلاف يسمح للسيد الهادي بريك وهو عضو بارز في حركة النهضة أن يكتب: « السيدة رجاء بن سلامة جامعية ألفت كتابا بعنوان « نقد الثوابت » تتهجم فيه على القران الكريم بوقاحة غير معهودة ».

يقر الأستاذ الحبيب أبو وليد المكني بأن « ما تكتبه هذه السيدة الكريمة (د. رجاء بن سلامة)… فيه ثقافة واسعة و تمكنا أكاديميا في اختصاصها و وجهة نظر متكاملة و متناغمة ». ألا يجب تبعا لذلك الوقوف إلى جانبها ضد أقلام الإرهاب من أمثال السيد هادي بريك، لا من منطلق أنها امرأة ضعيفة بل بوصفها مثقفة جديرة بالاحترام؟

وكما قلت سابقا، ليس الليبراليون وحدهم الذين يعتبرون الحركات الأصولية الإسلامية خطرا على المجتمعات العربية بل كل القوى التقدمية تجمع على ذلك. و هذا راجع للتناقض الكبير بين مشروعيهما.

 يذهب البعض إلى أن هذا الموقف فيه تعسف و تطرف ضد الإسلاميين لم يبق ما يبرره بعد أن قام هؤلاء بمراجعات جذرية، و أصبحوا يدافعون على الديمقراطية و الحرية و التداول السلمي على الحكم، بل ويتبنّون منظومة حقوق الإنسان.

هذا الحكم فيه الكثير من السذاجة حسب رأيي. فلا يمكن أن نكون ديمقراطيين و إسلاميين في نفس الوقت، كما لا يمكن أن نكون أحرارا و عبيدا في نفس الوقت. ذلك أنّ جوهر الفكر الأصولي الحركي هو أن الإسلام دين فوق الدولة ( و ليس دين و دولة فحسب كما يقال). بمعنى أن كل القيم و الوسائل و التشريعات التي تعتمدها الدولة مرفوضة إذا كانت في تناقض مع « نص قطعي الورود و الدلالة. »

يقول السّيد مرسل الكسيبي الذي يعد من أكثر الإسلاميين « وسطية و اعتدالا » : « لا شك أن للقران الكريم والسنة النبوية الثابتة والمطهرة وقعا عظيما على مهج الناس وعقول الجماهير , وهو ما يعني أنه يتحتم على الجميع أنظمة سياسية ومعارضات علمانية و إسلامية ونخب وجماهير احترام خصوصية النص الديني وأحكامه المطلقة والثابتة والشرعية وذلك عبر الاحتكام النزيه والصادق والعادل إلى ما هو قطعي الورود والدلالة، أي ما اعتبره الفقهاء نصا محكما غير قابل لوجوه عدة من التأويل سواء تغير الزمان أو تلون المكان , » فكيف يمكن إخضاع المعارضة العلمانية نفسها إلى سلطة « النصوص القطعية الدلالة » والحال أن العلمانية تقتضي المطالبة بتطبيق القوانين الوضعية؟ ألا يعني هذا انتفاء أي معارضة غير إسلامية وانتفاء كل تعددية ديمقراطية؟

ولست في حاجة إلى استعراض النصوص الدينية التي تتعارض مع التداول على الحكم و مع حقوق الإنسان و مع غيرها من قيم الحداثة. و لذلك يبقى مشروع الإسلاميين محفوفا بالغموض.

أما اعتبار الكتابة عن الحجاب في هذا الوقت  قضية من باب الدعم للبوليس رغم أن د. رجاء بن سلامة عبرت عن رفضها للتعامل الأمني مع المحجبات، فإنّه يذكرني بمقولة اشتهر بها الرئيس الأمريكي المتطرف بوش ولكنّها ضمنيّة في الكثير من السّلوكيات السياسية غير الدّيمقراطيّة : « من ليس معنا فهو ضدنا ».

كنت أود أن يكون خطاب الأستاذ الحبيب أبو الوليد المكني أكثر موضوعية، خاصة وأنه ينادي، وأظنه صادقا في ذلك إلى حوار بناء. و لكن من الواضح أن الطريق لا زالت طويلة.

و في الأخير أود أن أشكر الأستاذ الحبيب على التزامه آداب الحوار و تجنبه الشتائم و التجريح على عكس ما تتميز به للأسف الشديد كتابات الأساتذة « النهضويين » بصفة عامة.


تغيير تونسي من داخل الحكم !

د. أبو خولة (*)   نشرت صحيفة الوسط التونسية بتاريخ 5 ديسمبر الماضي مقالاً للدكتور خالد شوكات بعنوان « تونس … لا تغيير إلا من رحم النظام » (www.tunisalwasat.com). يرى الكاتب أن التغيير القادم على رأس السلطة في تونس سيكون من داخل الحزب الحاكم نفسه، نتيجة ضعف المعارضة، فالإسلاميون « أنهكتهم حملات الاستئصال التي شنت ضدهم … كما أنهكهم تمسك حركتهم الرئيسي بنظام الزعامة مدى الحياة، وبشكل حزب شمولي أقرب إلى شكل الأحزاب الشيوعية اللينينية والتسالينية أو الطوائف الدينية والطرق الصوفية » ، بالإضافة لضعف قوى المعارضة الأخرى نتيجة  « عدم نضجها الأخلاقي وانغماس العديد من زعمائها ونشطائها في خصومات ومؤامرات صغيرة ».   هكذا تغيير حسب د. خالد شوكات ليس فقط هو الأرجح ، بل هو المأمول أيضاً ، على اعتباره   » شرط عدم جر البلاد إلى حالة فوضى وفتنة  … لأن حزب الحركة الوطنية سيظل قوة الوسط السياسي الرئيسية والحائل دون تطرفها يميناً أو يساراً « ، وهو في تقديري الحائل أيضا دون وقوع البلاد في الفوضى على الطريقة الإيرانية، أو السودانية -التي تسبب فيها الشيخ حسن الترابي اثر وصوله للسلطة عن طريق الانقلاب في 1989- ، أو الجزائرية، أو الطالبانية في أفغانستان.   والحقيقة أن أول من تطرق لهذه المسالة  المصيرية لمستقبل تونس هو العفيف الأخضر في مقاله القيم  » الحداثة التونسية في عيدها الخمسين  » ( موقع إيلاف ، 20 مارس 2006) ، حيث نبه إلى تسارع التاريخ مما يجعل  » مقترح رئيس الدولة التونسية منذ 15سنة لانقسام الحزب الحاكم إلى حزبين ، واحد ليبرالي وآخر اشتراكي ديمقراطي ، بعد 30 سنة ، ضرورة في الوقت الراهن  » . ودلل العفيف الخضر على ذلك بالخطر الضعيف لكنه قائم لاستحواذ حركة النهضة الأصولية على الحكم، وهي   »  الطالبانية حقيقة لا مجازاً  » كما شهد بذلك المؤرخ الإسلامي الأستاذ محمد الطالبي في حوار له مع مجلة  » جونافريك  » ، اذ نبه إلى حقيقة أن مشروع راشد الغنوشي للحكم هو مشروع « طالباني لا غبار عليه ». وفي تقديري الشخصي على الأقل،  إن للحزب الحر الدستوري الجديد الكثير مما يفخر به. فمنذ تأسيسه على يد الزعيم الحبيب بورقيبة عام 1934، تمكن من تهميش القوى التقليدية المتخلفة، مما سمح له بالتفاوض بحرية مع فرنسا وانتزاع الاستقلال بأقل التكاليف. كما حقق بعد ذلك إصلاحات لا مثيل لها في الدول العربية، خصوصا في مجالات حقوق المرأة والتعليم ، مما انعكس على نسبة نمو اقتصادي سنوي خلال العقود الخمسة الماضية في حدود  5% ، وهي أعلى نسبة في الدول النامية باستثناء النمور الآسيوية. وحتى عندما أخطأت القيادة – كما حصل في تجربة التعاونيات الزراعية عام 1965 -،  تم إصلاح الخطأ بسرعة . وعندما حدث تغيير على رأس الدولة عام 1987 ، تواصلت الإصلاحات الاقتصادية بوتائر أسرع، بل كانت تونس سباقة إلى المصادقة على اتفاقية التجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي عام 1995 ، والتي حصدت من خلالها البلاد دعماً أوروبياً لا يقدر بثمن ، وتمكنت من تحديث أكثر من 2300 مؤسسة تصديرية -منذ بداية البرنامج حتى الان.   كما لا بد من التنويه إلى أنه لم يحصل أي تراجع في مجال حقوق المرأة، التي تدعمت مكاسبها مما أصاب  أعداء المرأة – أساسا حركة النهضة لشيخها مدى الحياة راشد الغنوشي – بخيبة كبرى ، بعد فشل ما روجت له من ضرورة مراجعة قوانين الحالة الشخصية ، بهدف العودة إلى تعدد الزوجات ، إذ حصل عكس ذلك تماماً ،  عام 1993 ، بصدور  » قانون فريد في العالم العربي ألغى ركيزة المجتمع البطريقي : سيطرة الرجل المطلقة على المرأة . لم يعد الرجل هو رئيس العائلة وليس للمرأة والأبناء إلا السمع والطاعة ، بل بات الزوجان كلاهما يديران العائلة بشراكة متساوية  » ( العفيف الأخضر: المصدر السابق ).   لعل أهم سابقة في تغيير سياسي من رحم الحزب الحاكم  تخص تحول الحزب الشيوعي المجرى عام 1989 إلى حزب اشتراكي ديمقراطي ، مما جنب البلاد ويلات  الفوضى والهزات الاجتماعية ، وهي تجربة هامة من المهم تدارسها للتطور السياسي السلس في تونـس المستقبـل.   من اجل تحقيق تداول سلمي على الحكم، ينبغي أن يكون الهدف المركزي، منذ الان، للـقوى السياسية الحية، سواء في الحزب الدستوري الحاكم أم في المعارضة، قطع الطريق على المشروع  » الطالباني  » ، الحاكم حكما هاذيا بإلغاء مكاسب المرأة التونسية و الإطاحة بقيم الجمهورية، و من ثم جر البلاد إلى أتون حرب أهلية لن تقل دموية و بشاعة عن الحرب الأهلية التي جرت « جبهة الإنقاذ  » الأصولية الجزائر إليها بسبب « جين و غباء القيادة  » كما صرح بذلك علانية القائد السابق لــ « جيش الإنقاذ » ، وهي القيادة التي ارتبط معها راشد الغنوشي بعلاقة قوية، بل عول على دعمها لإسقاط نظام الحكم في تونس و تنفيذ مشروعه التخريبي.    ___________________ (*) منسق اللجنة الدولية للدفاع عن العفيف الأخضر: Abuk1010@hotmail.com
 

من أجل مأسسة مدنية وحداثية ترشد الحركة الاسلامية

كتبه مرسل الكسيبي (*)

 

كانت مسيرة الحركة الاسلامية المعاصرة وعلى مدار عقود منذ تأسيسها ,مسيرة خطاب روحاني وأخلاقي صبغه قادتها بنبرة تربوية خاصة جعلت منهم طلائع تجمع بين القيادة الروحية والسياسية .

اقترنت أسماء حسن البنا وحسن الهضيبي وسيد قطب ومصطفى مشهور وسعيد حوا وعصام العطار وعبد السلام ياسين وأحمد ياسين وفتحي يكن وفيصل مولوي وحسن فضل الله وعباسي مدني وعلي بلحاج وحبيب اللوز وعبد الفتاح مورو وحسن ولد الددو وغيرهم من القادة بصفة المربين والموجهين الروحيين كما صفة الزعامة السياسية المباشرة أو غير المباشرة.

مرت الحركة الاسلامية في مصر وفلسطين وسوريا ولبنان والمغرب والجزائر وتونس وليبيا والعراق … بمحن أمنية وسياسية عصيبة حتمت عليها الانخراط المباشر في المعارك السياسية ,وهو ماغير جدول الأولويات لديها من تربية الجماهير الى قيادتهم فكريا وسياسيا.

أفرزت محنة الاعتقال والتصفية الأمنية والاضطهاد السياسي في أكثر البلاد العربية بروز تيارين اسلاميين متنافسين على تأطير الجماهير الشبابية وقيادتها وفق رؤية حركية, حيث انقسم التيار الاسلامي ذي المنزع الاخواني الى تيار اسلامي معتدل يؤمن بالتغيير السلمي والمتدرج والهادئ والاجتماعي الواسع ,وتيار ذي رؤية سلفية توزع بين تيار وهابي لايؤمن بمنازعة السلاطين ملكهم وجاههم ويتقيد بطاعة أولي الأمر حتى وان ولي على المسلمين من كان رأسه كالزبيبة ,وتيار اعتمد رؤية جهادية تشكلت لاحقا في اطار حركات منفصلة ومستقلة عن جماعة الاخوان المسلمين ,وهو شأن الجماعة الاسلامية في مصر وحركة الجهاد الاسلامي والشوقيين الذين ذهبوا مذهبا بعيدا في الدعوة الى الهجرة من مصر بناء على مقولات جاهلية المجتمع التي نسبت ظلما على حسب تقدير الكثير من الباحثين المتخصصين لسيد قطب رحمه الله.

استطاعت الأنظمة العربية في اطار حملاتها الأمنية المكثفة على التنظيمات الاسلامية في اكثر من قطر عربي ومن خلال سياسات التنسيق المشترك بين وزارات الداخلية أن تستوعب ولو بعد حين خارطة المدارس الفكرية والسياسية التي تشق الاسلاميين ,غير أن هذا الاستيعاب ظل لدى بعض الحكومات العربية أدراج مقرات الأمن المركزي وغرف قيادة العمليات ,حيث لم تستطع انظمة مايسمى بالحل الأمني استيعاب هذه التمايزات وتوظيفها في اطار التدافع السلمي والفكري والسياسي بينها وبين هذه الجماعات .

وعلى الضفة الرسمية تمكنت أنظمة أخرى من التقاط حدود هذا التمايز بين مختلف هذه الأحزاب والحركات لتقرب أنصار التغيير السلمي الهادئ من الاخوانيين عموما والوسطيين والسلفيين الذين لايشقون عصا الطاعة, لتنعقد بذلك بيعة سياسية صامتة في أغلب الأحيان بين انظمة ملكية وجماعات استطاعت أن تشكل عنصر توازن في حفظ سلطان بلدان ذات نظام يقوم على التوريث والاستخلاف من داخل العائلات المالكة ,ومن ثمة كان تعايش أنظمة الأردن والخليج العربي والمملكة المغربية منذ عقود نتيجة طبيعية لهذا التزاوج بين أنظمة تبحث عن شرعية جماهيرية تعضد شرعيتها التوريثية وحركات تبحث عن حكومات تتفهم دعوتها الاصلاحية كما سبق وأن أفلح في ذلك المصلح الحجازي البارز محمد بن عبد الوهاب.

شكلت الأنظمة الجمهورية و »الجماهيرية » على العكس من ذلك استثناء لحالة التعايش السلمي بين طرفي المعادلة ,حيث كانت تجربة جمال عبد الناصر القمعية مع الاخوان المسلمين ,مدرسة تتلمذ عليها الكثير من الحكام العرب لتشكل بذلك قلاع السجن الحربي والأمن المركزي في مصر جامعة أمنية تخرج عليها أشهر القوميين والبعثيين واليساريين العرب ,الذين تولوا لاحقا في حالة مد قومي اجتاح بلدان العراق وسوريا وليبيا واليمن والجزائر -على عهد بومدين- السيطرة على مقاليد الحكم ومن ثمة ممارسة نفس أشكال السحل التي مارسها ضباط قوميون من تلاميذ القائد القومي الكبير جمال عبد الناصر.

وعلى ضفة أخرى من خارطة جزيرة المشهد السياسي العربي لعبت الحرب الباردة دورا بارزا في تأطير قادة دول عربية تحت ابط المعسكر الشيوعي ,حيث كانت محجة الكرملين ومدارسه الستالينية في الحكم نموذجا اخر يحتذي به في تصفية المعارضين وقادة الشأن الديني ,ولم تسلم من حمى ستالينية حكام تلك الحقبة في المنطقة العربية الا بلدان احتمت بشعارات الحرية والليبيرالية والاستقلال وتقرير المصير, والتي ساندها المعسكر الغربي وعلى رأسه قيادة الولايات المتحدة الأمريكية .

ظلت الحركة الاسلامية طيلة مسيرتها المعاصرة والى حدود سقوط المعسكر الشيوعي تلعب على تناقضات التنافس بين الدب الروسي والعملاق الأمريكي ,غير أن هذه الحركات أصبحت مكشوفة الظهر بعد تخلص البيت الأبيض من عظمة دولة الاتحاد السوفياتي ,ثم جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر الارهابية المشؤومة لتضع خط التمايز في الخطاب والممارسة مركزيا في تحديد مصير هذه الحركات داخل وخارج أوطانها. 

أثبتت التجربة في أثناء كل هذه التحولات والتطورات التي عاشتها أنظمة المنطقة, أن الحركات التي تحوم حول حمى المشائخ هي حركات عاطلة لاتستحق البقاء والاستمرار, حيث كانت تجربة الجزائر معبرا عن خطورة غياب المأسسة والتحديث صلب جبهة الانقاذ,اذ أن جمهور عباسي مدني وعلي بلحاج اندثر بعد الانقلاب ليتفرق بين مسلحين وسياسيين وسطيين ضمن تيار الجزأرة وحتى منحرفين سرعان ماعادوا الى أيام التيه والضياع حيث تعاطي الخمور والاتجار في المخدرات…

أما تجربة زعيم الجبهة القومية الاسلامية حسن الترابي ,فبرغم احكامها التنظيمي الا انها كانت تجربة مشيخية من الطراز الأول ,حيث لم يحتمل الترابي تفوق تلميذه عمر حسن البشير ليسارع الى محاولة تقليم سلطاته برلمانيا بحكم خبرته الدستورية وهو ماجعل البشير يستبقه بحكم قدراته الأمنية والعسكرية الى مقام السجن والاقامة الجبرية , ومن ثمة بدأت التجربة تعرف خطورة المشيخة على سلطان حركات وأحزاب اسلامية لابد أن ترى النور الى عالم التحديث والمدنية…

لم يكن ماحدث في السودان الا نتيجة طبيعية لشعور كاريزمائي جارف يعتري بعض المشائخ ويجعلهم حكاما أبديين دون مراقبة من سلطة دنيوية ,ومن ثمة فان الترابي شهد تقلبا في الفتاوى والمواقف السياسية الى الدرجة التي شن فيها حربا شعواء على الجنوبيين باسم التصدي للمارقين والخوارج ,ليسارع لاحقا عندما قويت شوكة البشير وتقلصت سلطته الدنيوية الى الجلوس مع قارنغ تحت مسمى بسط الشورى وتوسيع دائرة الحكم ومن ثمة الامضاء على اتفاقيات مشتركة بينهما !

اننا صراحة لسنا أمام مشائخ علم بالمفهوم التقليدي للكلمة,وانما أمام قادة سياسيين يريدون توظيف هيبة المشيخية وسلطانها الديني من أجل تعزيز حضورهم السياسي وتقوية شوكتهم الحزبية والتنظيمية ,وهو مايدعو الحركة الاسلامية اليوم الى ممارسة رؤية نقدية صارمة من شأنها أن تنسب-بضم التاء- عالم المقدس داخل ماترسمه من سياسات وبالتالي تحجم من سلطان من لايؤمن بسنن التداول ومن يضع نفسه فوق سلطان الجماعة البشرية الواسعة ولاسيما في ظروف تكرر محن السجن والتعذيب والاعتقال والنفي وما الى ذلك.

ان الحركة الاسلامية مدعوة أكثر من أي وقت مضى الى ابراز صبغتها المدنية وتفريغ المشائخ الحقيقيين الى مهمات العلم والترقي في مدارس البحث والتربية والتوجيه والارشاد خارج الأطر الحزبية المباشرة وذلك بحكم الفراغ الحاصل في مجتمعاتنا ضمن هذه الأطر ,وبالتالي ايجاد أشكال من الفصل البيداغوجي بين الطرح الاسلامي الوعظي المباشر والطرح السياسي المرن والمتغير الذي يهدف الى الاصلاح من منطلقات احترام الثوابت العقدية والدينية للمجتمع ,غير أن هذه المهمة السياسية ينبغي أن تبتعد عن منطق التوظيف للخطاب الديني في اطار تعزيز المصالح الدنيوية الشخصية أو الحزبية الضيقة,حيث أن قضايا الاسلام والهوية والدفاع عنها ينبغي ان تكون محل اجماع سياسي وووطني يبعدها عن المزايدات في البورصة السياسية أو عن ادخالها في معارك من شأنها أن تأتي على الأخضر واليابس عبر تحالف الدولة مع خصوم الفكرة الاسلامية أو عبر توظيف بعض الجماعات لانحراف الدولة عن هذه الثوابت من أجل بث قيم الغلو والعنف والتطرف.

ان للبعد المؤسساتي حضورا ضعيفا وضامرا في تركيبة هذه الحركات ,الى الدرجة التي يمكن ان يشكل فيها مشاهدة شريط أحد المشائخ البارزين لهذه الحركات أو الجلوس معهم ضمن جلسة ذات صبغة تربوية ,انعراجا مركزيا بالقرار السياسي والانتخابي ,حيث أن سلطان المشائخ الروحي يذهب في أحيان كثيرة بالمهج والعقول وهو مايدفع بالطاقات المقتدرة والكفأة والمتخصصة الى الدرج ويجعل أصحاب المشيخية والخطاب المستند الى القداسة الدينية والروحية في مقامات طلائعية تقود تجارب أحزابهم وحركاتهم الى مزيد من الفشل والفشل والفشل والاخفاق.

 

(*) كاتب واعلامي تونسي ومدير صحيفة الوسط التونسية: reporteur2005@yahoo.de

 

(المصدر: صحيفة الوسط التونسية الالكترونية بتاريخ 15 ديسمبر 2006)


أعذريني      ليت شعري كيف عنك أبعدوني كيف يا خضراء عمري يا بلادي شرّدوني كيف يا زهرة قلبي حجبوك عن عيوني  كيف يا ارض المحبّه يا يمامه حاصروا فيك الكرامه كيف باعوك برخص وجنو منك النّدامه كيف يا أنت الحبيبه حاصروا فيك الرجوله سجنوا فيك الشّهامه ليت شعري متى تنزاح الغمامه متى نأتي  يا بلادي ننشد فيك السلامه أعذري ثورة شوقي  يا بلادي حطّم الضيم  فؤادي هدّني نايي عنك وتنادتني الأعادي ليت شعري كيف يا أرض الزّيتونه يأتي  صهيون إليك ويجرّح مقلتيك كيف يأتيك وعقبه لم يزل بالقيروان قابع في ناظريك كيف يا أرض المساجد فيك يسجن كلّ ساجد كيف يا أرضي يشرّد عنك من فيك تمرّد كيف يا أرضي الحبيبه كيف تمسين سليبه كيف هجرتك  البلابل وغدا نوح الحمائم فيك يرتد ّنحيبه أين وردك يا بلادي ؟ اين منك الياسمين ؟ أين تغريد البلابل ؟ أين عطرك ؟  أين شدوك ؟ من محيّاك الحزين ؟ أعذريني زاد هجري في بعادي وتنادتني الأعادي وغدا نأيي عنك يعزف لحني الحزين
جمال الدين أحمد الفرحاوي لاهاي 15 / 12 /2006

 تقرير بيكر- هاملتن رسالة للعرب أيضا !

د.أحمد القديدي

 

يا لها من وثيقة تاريخية أطلق عليها الصحفي الأمريكي بيتر بينار في افتتاحية على صفحات ( ذي نيو ريببليك ) نعت : اليقظة من الكابوس، بينما وصفت امرأة عراقية اسمها فاطمة وضع الناس في العراق على صفحات  واشنطن بوست بأن الثلث مات و الثلث هاجر و الثلث في كف عفريت، أما نيويورك تايمز فتقول : حين يأتي أهل القتلى للتعرف عليهم في ثلاجات المستشفى يتعرفون على الشيعي لأن رأسه مقطوعة و على السني لأنه راح ضحية تفجير! و للعلم فقد ثنى هنري كيسنجر على التقرير التاريخي قائلا: أصدق ما فيه أن النصر مستحيل و الهزيمة مرة ! و يأتي التقرير اليوم ليقلب المعادلة الرديئة التي أعلنها صقور المحافظين الجدد منذ أربع سنوات وهي أنهم هم يشكلون حزب المنتصرين و أن حزب ترومان ( أي الجمهوري) يشكل حزب المهزومين! و يتفق عقلاء الولايات المتحدة من الضفتين الديمقراطية و الجمهورية بأن بيكر و هاملتن رجلا حماية مدنية بعثهما الدستور الأمريكي لانقاذ الولايات المتحدة من حريق فيتنام ثان، و من أن تتحول بغداد الى   هانوي أخرى …….

العالم لم ينس! وحدهم العرب الليبراليون لا ذاكرة لهم ! لقد سقطت حجج الحرب الجائرة واحدة تلو أخرى، فبعد أن كانت الغاية المعلنة هي تدمير أسلحة الدمار الشامل التي خزنها صدام حسين لغزو العالم! ولم يجد لها لا مفتشو الأمم المتحدة و لا قوات التحالف أثرا، تحول الهدف الى جر بلاد الشرق الأوسط الكبير الى جنات الديمقراطية بالسلاسل، انطلاقا من الجنة العراقية، فصنعوا من العراق جحيما حطبه العراقيون الأبرياء العزل، و زبانيته المارينز في سعير أبو غريب، و لهبه الاف مليارات الدولارات التي تلقيها الولايات المتحدة في حمم البركان، و ثمنه من الضفة الأخرى الاف التوابيت العائدة الى مطارات أمريكا بالقتلى، و الاف الفارين من الخدمة العسكرية اللاجئين في كندا و السويد و سويسرة من مستنقع الجنون والرعب. هذا بالاضافة الى قوافل الارهاب المجهول الهوية و الخارجة من رحم الفوضى لتنتشر على العالم الامن تزرع الخراب و تحصد اليباب.                                  

ان الدستور الأمريكي تحرك هذه المرة لينقذ أمريكا من العراق و ربما لينقذ العراق من أمريكا. فالدستور هو المنظم للسياسة وهو الراعي للمؤسسات و السلطات، وهو الذي قرر في النهاية وضع حد للتخبط الأمريكي الرسمي في العراق. و عبارة التخبط طالما ذكرناها في تحليلاتنا على الصحف العربية و جاء تقرير بيكر- هاملتن ليستعملها عديد المرات في معنى انعدام الرؤية و غياب التخطيط وضباب المصير. و فرض الدستور فرضا على بوش و بطانة المحافظين تغيير الخطط و مواجهة الحقائق و تبديل السياسات و الاستعداد للخروج من المأساة. و تراجع بوش عما كان أعلنه في المؤتمر الصحفي الذي انعقد في عمان مع نوري المالكي حين قال بلهجة       الواثق:  » ان الجيش الأمريكي باق في العراق حتى ينتهي الجوب THE JOB 

فأي جوب هذا الذي ينوي بوش انهاءه بالعراق؟ بعد أن ثبت في تقرير بيكر-هاملتن بأن الذي بصدد النهاية هو أمن العراق و خير العراق و مستقبل السلام في الشرق العربي و كذلك سمعة أمريكا في العالم و مصالحها القريبة و البعيدة في المنطقة!    

و أعتقد بأن روبرت فيسك لم يبالغ في صحيفة الغارديان منذ يومين حين عقد مقارنة بين الكذابين الكبار في تاريخ الانسانية الحديث أمثال هتلر الذي أعلن انتصار ألمانيا النازية عام 1945 و بريجنيف الذي صفق لفوز السوفييت في أفغانستان عام 1988 و بين الرئيس بوش الذي يريد مواصلة الجوب ! أمام رئيس حكومة عراقية يتخبط في اصدار اذن بالقاء القبض على حارث الضاري و في اعلان حالة منع الجولان التي لم تمنع السيارات المفخخة من الجولان في أي مكان !                               

الذي لم يقله العرب الى حد الساعة، رغم فداحة الساعة، هو ماذا سيعملون و كيف سيوحدون المواقف و ينسقون التحرك استعدادا لمستقبل مجهول؟ و بالتحديد ماهو رد الفعل العربي على رسالة بيكر-هاملتون الموجهة اليهم أيضا بالبريد المضمون؟ فالعراق أمانة بين أيدي العرب أجمعين بعد أن ثبت بأن الأيدي الأمريكية لم تحسن المحافظة على الأمانة و لم تردها الى أهلها الا أطلالا منهارة و أثرا بعد عين!        

ان الرأي الأكثر حكمة و الأبعد عن الارتجال هو أن يدعو القادة العرب قبل فوات الأوان الى مؤتمر دولي حول مصير العراق الذي هو في الحقيقة مصير المنطقة، بمشاركة جميع القوى الدولية و الاقليمية باشراف منظمة الأمم المتحدة التي ظلت الى اليوم تندد بالانفراد الأمريكي العاجز، فتعود القضية العراقية الى سالف الاهتمام الأممي الأقرب الى العدل و المترجم عن ضمير الانسانية بعيدا عن المؤامرات التي يحيكها بعض المحافظين الجدد المتحالفين جهارا مع المخططات الصهيونية العنصرية.                                                                                          

العراق بين أيديكم و أمانة في أعناقكم فلا تفرطوا فيه فتفرطوا في مستقبل أوطانكم.

 

alqadidi@hotmail.com

 

 


 

أزمة دارفور وشراراتها الاقليمية

 
توفيق المديني على هامش أول قمة بين أفريقيا وأميركا الجنوبية عقدت في ابوجا عاصمة نيجيريا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عقد القادة الافارقة قمة ناقشت مستقبل قوات الاتحاد الافريقي المنتشرة في إقليم دارفور، وقرروا تمديد التفويض الممنوح لها في هذا الاقليم المضطرب لستة أشهر تنتهي في 30 حزيران (يونيو) قابلة للتمديد، وأقر مجلس السلم والأمن الافريقي عملية «مختلطة» في دارفور، لا قوات «مختلطة». ويعتقد محللون في العاصمة السودانية أن ما اقرته قمة أبوجا يمثل الى حد كبير الاقتراحات السودانية لحل أزمة القوات الدولية في دارفور، في ضوء خطة طرحها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في العاصمة الأثيوبية تضمنت نشر قوات مختلطة بين الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة في الاقليم المضطرب. وكان مجلس الأمن اقر نهاية آب (اغسطس) الماضي، بغالبية كبيرة نشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة قوامها 17300 جندي في اقليم دارفور، لتحل محل قوة الاتحاد الافريقي، على رغم معارضة شديدة من حكومة الخرطوم التي اعتبرت قرار المجلس بمنزلة عمل عدائي غير مبرر، وأن فرض ارسال قوات دولية ربما يصبح إعلان حرب من الطرف الآخر. وأطلق مجلس السلم والأمن في الاتحاد الافريقي نداء الى كل الاطراف بضرورة احترام اتفاق أبوجا للسلام والذي وقع تحت ضغط أميركي، ولم يقد الى حل الأزمة بل الى تعقيد النزاع، لأنه لم يوقع إلا من قسم من المتمردين. ودعا الى تفعيل المباحثات بين الأمم المتحدة والسودان لتسهيل نقل المهمات من قوة الاتحاد الافريقي الى قوات الأمم المتحدة التي ترفض الخرطوم بشدة نشرها. وجدد الرئيس السوداني عمر البشير رفض حكومته القاطع ارسال قوات دولية الى دارفور، اذ أكدت استعدادها لمواجهة «التدخل الأجنبي» هناك مستلهمة تجربة «حزب الله» اللبناني. ويواجه السودان خيارين عقب القرار 1706 الخاص بنشر قوات دولية في دارفور: الأول، عودة حكومة البشير الى مربعها الأول «الانقلابي الثوري» واعتماد لغة الزناد في مواجهة المجتمع الدولي ومعارضيها في الداخل، والثاني، انحناؤها للعاصفة واللجوء الى وسائل ضغط ديبلوماسية تحفظ بها ماء الوجه. ويواجه الخيار الأول بفقرة في القرار تتيح للقوات الدولية استخدام كل السبل اللازمة لحماية أفراد الأمم المتحدة ومنشآتها، ومنع الهجمات والتهديدات للمدنيين، ما يعني مواجهة صريحة للحكومة السودانية في خيارها الأول. ويتناغم الخيار الثاني مع فقرة أخرى تربط تنفيذ القرار بموافقة الحكومة، ما يعني اعتماد الحوار والديبلوماسية سبيلاً لتفريغ القرار من ضوابط الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية. منحى التقسيم بدأ مستقبل السودان يأخذ منحى التقسيم أكثر من أي وقت مضى، لا سيما بعد توقيع اتفاق السلام بين الحكومة و «الحركة الشعبية لتحرير السودان». فالفريقان يدافعان بقوة عن الاتفاق بوصفه الانجاز الذي كان صعباً على جميع سياسيي السودان منذ الاستقلال قبل قرابة خمسين سنة ويعتبرانه الانجاز الذي وضع حداً لاراقة الدماء والاقتتال، من أجل سودان ديموقراطي يتسع للجميع وتحترم فيه خصوصيات تنوعه العرقي والثقافي. أما «المعارضون» فيرون أن الاتفاق جاء استجابة لضغوط دولية قد تفتح الباب لإثارة مشكلات جغرافية وعرقية بدلاً من وضع حد لحرب شمالية – جنوبية، على رغم اصرارهم على الترحيب بالاتفاق. وواضح أن للنزاع في دارفور تداعيات تتفاعل سريعاً على المستوى الاقليمي، وتهدد الدولتين المجاورتين، تشاد وافريقيا الوسطى. ويسود قلق كبير لدى الأوساط الديبلوماسية الغربية من الاخطار التي ستترتب على ذلك، والنابعة في صورة اساسية من التدفق الكبير للاجئين من دارفور في الاتجاهين. وجرى الربط بين المعارك الأخيرة في تشاد مع المتمردين، وبين أزمة دارفور. وتعتقد الدول الغربية بأن المتمردين التشاديين ينطلقون من معسكرات تدريب وفرتها لهم الحكومة السودانية في دارفور، كما زودتهم اسلحة ومعدات للنقل وتمويناً. وازدادت اخطار التدويل التي تقبع في خلفية الصراع في دارفور بدخول الازمة التشادية على الخط. فكل ما يحدث هناك تكون له انعكاساته في الاقليم بسبب التداخل القبلي والحدودي بين الدولتين، في وقت تضاعف الحكومة السودانية مساعيها لإبعاد شبح التدويل عن القضية «الدولية». فاقليم دارفور كان ولا يزال القاعـدة التي تنطلق منها حركات التغيير في تشاد، بما يؤسس لذرائع لاعتبار ما يدور في المثلث الافريقي، دارفور وتشاد وافريقيا الوسطى شأناً دولياً. ومعلوم أن للنزاع التشادي أبعاداً دولية بسبب الوجود العسكري الفرنسي في تشاد وافريقيا الوسطى. وأياً تكن نتائج الصراع المسلح، ستترك اسقاطات مدمرة على اقليم دارفور. فاذا انتصرت الحكومة التشادية ستدعم حملة السلاح في دارفور في وجه الحكومة السودانية، واذا انتصرت المعارضة التشادية المسلحة فإنها من موقعها كسلطة جديدة ستدعم الحكومة السودانية في وجه حركات الاقليم، بالتالي فإن المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد والمزايدات. وبعيداً من أزمة دارفور تعتبر قمة أبوجا تأكيداً لأهمية الروابط التاريخية والثقافية بين شعوب افريقيا وأميركا الجنوبية، إذ جاءت في سياق الضرورة التاريخية لتحقيق التعاون بين الجنوب والجنوب، في ظل ما اصبحت القارتان تعانيه من اسقاطات مدمرة للصراع بين الشمال والجنوب والذي يتجلى على كل الصعد الاقتصادية والاجتماعية والتاريخية، والاستراتيجية والثقافية، ويعمق هوة عدم التكافؤ في مستوى التطور، وازدياد الإفقار وتنامي الشعور بالظلم لدى الشعوب المضطهدة في عالم الجنوب. فالكوني الغربي يقدم نفسه على أنه النموذج الوحيد في مجال التنمية الاقتصادية، ونمط التفكير، وهو بطبيعته نموذج هيمنة، على رغم أن تجربة السنوات الخمسين الماضية أثبتت ان النموذج الغربي في التنمية ليس قابلاً للاستنساخ في كل مناطق العالم. ومن وجهة نظر هذا الكوني، أن تكون انسانياً حقاً، أي متطوراً يعني أن تكون مشابهاً للغربي، لكن الغرب وقع في فخ هيمنته الخاصة. فالشعوب والأمم الأخرى غير الغربية ليس لديها التاريخ ذاته ولا الوسائل ذاتها ولا الامكانات التي يمتلكها الغرب. وفي مجال التنمية الاقتصادية يطبق الغرب المعايير المزدوجة: فالقواعد التي تفرضها بلدان الشمال على بلدان الجنوب، ليست كالتي تفرضها بلدان الشمال في التعامل في ما بينها. من هنا تبرز أهمية قمة أبوجا، في أنها ضمت قارتين تتمتعان بامكانات واسعة، على صعيد الموارد البشرية أو الطبيعية، اذ يبلغ عدد السكان 1.2 بليون نسمة، ولدى بلدان القارتين أراض شاسعة قابلة للزراعة، و 80 في المئة من المواد الاولية في العالم مصدرها افريقيا وأميركا الجنوبية، ما يحتم على الدول تحويل هذه المواد بدلاً من بيعها بأسعار متدنية، بحيث لا تبقى قارتا افريقيا وأميركا الجنوبية مناجم فقط. كما أن قمة أبوجا تندرج في نطاق سعي القارتين الى اصلاح مجلس الأمن، بحيث لا تسيطر الدول الدائمة العضوية على قراراته، ولا تعيقها دولة باستخدام حق النقض (الفيتو) كما تفعل الآن الولايات المتحدة. كاتب تونسي
 
(المصدر: صحيفة الحياة بتاريخ 16 ديسمبر 2006)


الرئيس الامريكي السابق جيمي كارتر:

الاضطهاد في المناطق المحتلة أشد كثيرا من التمييز العنصري في جنوب افريقيا

اكد ان عرفات لم يكن عائقا في طريق السلام. وان اسرائيل هي العقبة الرئيسية

 

قبل ثلاثين سنة بالضبط، في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) 1976، نجح الديمقراطي جيمي كارتر، وهو مزارع فستق عبيد مجهول من جورجيا، بالفوز علي جيرالد فورد بصعوبة وأن يفوز بأهم منصب وأكثره تأثيرا في العالم، تلا وهو رئيس الولايات المتحدة.

تولي كارتر مرة واحدة فقط، من اثنتين يُمكّن منهما القانون، وفي سنة 1980 هزمه رونالد ريغان في 46 ولاية، في واحدة من أصعب الهزائم التي أصابت رئيسا يتولي عمله في التاريخ الامريكي.

كذلك انجازه الكبير، وهو اتفاقات كامب ديفيد التي أصبحت اتفاق السلام بين اسرائيل ومصر الذي وقع في سنة 1979، لم يُحسن مكانته في نظر الناخب الامريكي. لم يعلق به أي نجاح. لكنه مع غروب ايامه تحسن وضعه، في عمر الثانية والثمانين أصبح كارتر احدي الشخصيات التي تراودها وسائل الاعلام الامريكية جدا.

ان جميع برامج الاذاعات في الولايات المتحدة تقريبا والصحف المكتوبة ايضا، تلتمس ما يصدر عنه. لا بسبب طابعه الحاد ولغته الصريحة فقط. بل بسبب القتال المتواصل في العراق، وعدد القتلي الآخذ في الازدياد وعدم قدرة جورج بوش علي عرض هدف واضح للقتال وموعد انتهائه، كل ذلك يخلق احساسا شديدا بالعجز وخسارة الثقة بالقيادة.

في وضع كهذا، ونسبة تأييد الرئيس بوش تتهاوي الي حضيض لا مثيل له يقرب من 30 في المئة، يصبح كارتر، أحد أبرز المعارضين للحرب في العراق، الناطق عن اولئك الذين يرون المستنقع المُغرق في العراق النمط الثاني من مستنقع فيتنام، وهم يؤيدون نضاله العام لسياسة ادارة بوش.

مع انقضاء ولايته قرر كارتر ان يخصص وقته لاحراز سلام في الشرق الاوسط، ولتقديم الديمقراطية في أنحاء العالم العربي وفي الأساس لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للمناطق. من اجل ذلك أقام مركزا يحمل اسمه ويقع في أتلانتا. كجزء من ذلك النشاط لتشجيع الديمقراطية في أنحاء العالم أشرف مراقبون من قبل مركز كارتر علي ما يزيد علي 60 معركة انتخابية في أنحاء العالم، ثلاث منها في مناطق السلطة الفلسطينية. جلب له نشاطه الانساني مشايعة وتقديرا دوليا كبيرا، وقبل اربع سنين فاز بجائزة نوبل للسلام.

 

هكذا يبدو جدار مبني

في 1996 وصل كارتر وزوجته روزالين الي قطاع غزة مع عشرات المراقبين الآخرين، في قصد الي الاشراف علي عملية الانتخابات التي أُجريت آنذاك لاول مرة في مناطق السلطة الفلسطينية.

عندما وصلوا مكتب ياسر عرفات، انتظرتهم في المكان زوجته سهي وابنتهما الطفلة، ترتدي ثوبا ورديا جميلا علي نحو خاص.

جلس كارتر في أحد المقاعد، وجرت نحوه الصغيرة بحماسة وسارعت الي الجلوس علي ركبتي الجد الأشقر. ولما كان في المكان عشرات المصورين فقد سارعوا الي تخليد هذا المشهد، وطلب أحد المصورين الي عرفات نفسه ان يمسك ابنته الصغيرة علي نحو مشابه. قدم كارتر الطفلة الي عرفات. لكن الطفلة بكت بكاء يمزق القلب، وتخلصت من يدي أبو عمار وتمسكت بالرئيس الامريكي وكأنها ترفض الانفصال عنه.

هذه القصة المجازية واحدة من التفصيلات المثيرة في كتاب جيمي كارتر الجديد المثير للاختلاف. فلسطين. سلاما، وليس تمييزا عنصريا هو الاسم المشحون الذي اختير للكتاب الذي يصف رحلاته الكثيرة الي الشرق الاوسط ولقاءاته قادة المنطقة. تستعمل اسرائيل طريقة التمييز العنصري، وبحسبها يسيطر شعبان مختلفان علي الارض نفسها، لكن بمقابلة ذلك يُفصلان علي نحو تام بعضهما من بعض، في حين تسيطر اسرائيل علي الارض بقمع عنيف لحقوق الشعب الفلسطيني ، يكتب الرئيس. اسرائيل هي العقبة الرئيسية لاحراز سلام في الارض المقدسة .

لم يتأخر وصول الضجة: منذ نشر الكتاب قبل عدة اسابيع استطاع كارتر ان يجري مقابلات مع عشرات القنوات الاعلامية المكتوبة والالكترونية، ابتداء ببرنامج لاري كينغ الجليل حتي برنامج جي لينو الترفيهي الليلي. وصلت الأصداء الكثيرة التي أثارها الكتاب ايضا الي اعضاء مجلس النواب الامريكي، الذين يعبرون عن خوف ظاهر من مس شديد بالدعم اليهودي التقليدي للحزب الديمقراطي في أعقاب الاقوال الشديدة. زعمت ناطقة الكونغرس الجديدة، ممثلة الحزب الديمقراطي، نانسي بلوسي، انه سيكون من الخطأ اعتقاد أن الشعب اليهودي سيؤيد أي نوع من الحكم، سواء أكان ذلك في اسرائيل أم في كل مكان آخر، يقوم علي تمييز وعنصرية، وهو شيء يعارض تماما النظام الديمقراطي . تطرق عضو الكونغرس جون كونرز ايضا الي الكتاب عندما زعم ان علي كارتر ان يغير الاسم الذي وصفه أنه مؤذٍ وكاذب .

الكتاب ليس عن اسرائيل ، يُبين كارتر في مقابلة خاصة مع نهاية الاسبوع (ملحق معاريف). لا توجد لدي أية نية لتحليل اجراءات سياسية تتم داخل دولة اسرائيل، التي هي دولة ديمقراطية تمنح جميع مواطنيها تساوياً في الحقوق، ومواطنيها العرب ايضا .

ومع كل ذلك، سيدي الرئيس: تمييز عنصري ؟ لا تستطيع ان تستعمل كلمة تمييز عنصري لوصف العلاقة بالفلسطينيين وان تزعم بمقابلة ذلك أنك لا تنتقد دولة اسرائيل.

يتناول الكتاب الفلسطينيين، وهو يصف أحداثا تجري في المناطق المحتلة، تشتمل هذه الأحداث علي استغلال الاراضي الفلسطينية علي أيدي مستوطنين يهود، وعلي طرد الفلسطينيين من بيوتهم، والظلم الذي يعيشونه كل يوم، والشوارع الخاصة التي تُمهدها اسرائيل لاستعمال السكان اليهود وحدهم، وعلي السور الاسمنتي الذي يُبني الآن علي ارض فلسطينية، بالطبع.

ان التمييز العنصري كلمة مشحونة مع سياقات واضحة. هل تستطيع ان تُسوي بين الحالة في جنوب افريقيا وبين تلك في الشرق الاوسط؟

لا شك في ان الاضطهاد الذي يعيشه الفلسطينيون الآن أشد كثيرا من الوضع الذي كان في جنوب افريقيا في سنوات التمييز العنصري.

 

هل جدار الفصل، الذي اخترت ان تعرض صورته علي الصفحة الرئيسية، هو العنصر الأبرز لما تُسميه نظام التمييز العنصري ؟

الحديث ليس عن جدار. هذا سور، سور اسمنتي ارتفاعه 15 مترا تقريبا. لا يبدو الجدار علي هذا الوجه. هكذا يبدو جدار مبني.

 

لكن بناء جدار الفصل أفضي الي انخفاض كبير لعدد العمليات الانتحارية.

هل تعتقد حقا ان السور ناجع في منع اطلاق صاروخ نحو اسرائيل؟ الحديث ليس عن جدار لأهداف امنية، بل عن جدار يهدف الي حبس الفلسطينيين، ومنع الحركة، حركة الأبرياء ايضا، نحو مناطق اسرائيل. كان التخطيط الأصلي للسور لرئيس الحكومة السابق اسحق رابين، بيد أنه منذ ذلك الحين غيره شارون واولمرت وصيغ بحيث يستطيع أخذ قدر أكبر من المناطق من السكان الفلسطينيين. السور لا يحمي اسرائيل بل يمنع الفلسطينيين من ان يلتقوا ببعضهم بعضا ويسجنهم في سجون كبيرة.

 

يوجد شريك، وأنتم تتجاهلونه

تصف في الكتاب بيغن، والسادات في الأساس، كمن كانا ذوي التزام حقيقي لاحراز سلام بين دولتيهما. هل تستطيع ان تقول شيئا مشابها ايضا عن القادة الحاليين في اسرائيل وفي السلطة الفلسطينية؟

لا ريب في ان بيغن والسادات ايضا برهنا علي شجاعة وجرأة في التوقيع علي اتفاق السلام بين دولتيهما. يجب ان نتذكر أن بيغن وافق خطيا علي تحقيق القرار 242 الصادر عن الامم المتحدة واعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا تاما في المناطق المحتلة. لأسفي، لم ألقَ منذ ذلك الحين من الطرفين قادة كانوا ذوي شجاعة وحكمة سياسية يمكن موازنتها بما كان لكليهما.

في تطرقك الي بيغن تكتب في الكتاب ان قوته السياسية نبعت من ايمانه الديني العميق . لكن الدين اليوم يُري أحد العوائق الرئيسية في سبيل السلام.

أتفق معك علي ان الدين اليوم أصبح عاملا اشكاليا وبقدر كبير ايضا متشددا في معارضته المصالحات واتفاقات السلام. ومع ذلك أكدت هوية بيغن الدينية في الأساس من اجل تمييزه عن السلطة العلمانية التي ميزت فترة حكم غولدا مئير، التي مكثت في حضرتها ساعات كثيرة. في آخر الامر، لا يمكن تجاهل حقيقة ان مناحيم بيغن كان يهوديا ذا هوية دينية عميقة كما كنت أنا بالضبط ذا توجه مسيحي عميق وكان السادات ذا توجه اسلامي.

بعد ان يوافق كارتر ايضا علي ان الغُلو الديني لمنظمات مثل حماس يُفشل محاولات المصالحة، يمتنع عن توجيه نقد معلن الي قيادة المنظمة. يختار كارتر كمن أرسل ما يزيد علي 150 مراقبا يراقبون الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في السلطة الفلسطينية، رغم رفض حركة حماس الاعتراف باسرائيل، ان يعود ويؤكد حقيقة ان حماس تمتنع في خلال العامين الأخيرين من تنفيذ أي نوع من العمليات الانتحارية الموجهة الي اسرائيل. بمقابلة ذلك يعود ليعرض أبو مازن كمعروف من قبل الولايات المتحدة ودولة اسرائيل ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني. وعلي نحو مشابه يُبين كارتر ان الزعم الذي يقول ان ياسر عرفات كان عائقا في طريق السلام ليس صحيحا. ويزعم أن عرفات قد عيّن في السنين الثلاث الأخيرة من حياته أبو مازن لرئاسة الحكومة الفلسطينية، وكان هذا عنوانا أهلا وصادقا لاجراء تفاوض من قبل الشعب الفلسطيني. يقول كارتر إن أبو مازن رجل سلام يشتاق الي بدء تفاوض ويلقي رفضا من قبل اسرائيل والولايات المتحدة. ويزعم ان الولايات المتحدة بقيادة بوش لا تشعر بالتزام حقيقي للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين. بوش كما يري، طالب حرب، وهو الرئيس الامريكي الوحيد الذي اختار الخروج الي حرب لا يقتضيها الواقع علي العالم العربي.

منذ ست سنين والفلسطينيون لهم قيادة أهلٌ في صورة أبو مازن، الذي يعبر مرة بعد مرة عن رغبته القوية في فتح قناة تحادث مع اسرائيل، ويلقي الرفض ، يزعم كارتر ويوجه اصبع الاتهام الي القيادة الاسرائيلية برئاسة شارون واولمرت.

في الحقيقة ان أبو مازن رئيس للحكومة لست سنين، بيد أن عرفات في غضون ما يزيد علي اربع سنوات منها كان الرجل الأقوي في السلطة الفلسطينية.

في اللحظة التي انتُخب فيها بوش رئيسا للولايات المتحدة قبل ست سنين زعم من فوره ان عرفات ليس ممثلا أهلا للشعب الفلسطيني ولهذا رفض الحديث معه. بعد ذلك، بعد أن زعمت اسرائيل برئاسة ارييل شارون أن عرفات غير ذي صلة، اختار الزعيمان، بوش وشارون، ابو مازن رئيسا للحكومة الفلسطينية. بيد أنهما لم يريدا الحديث معه آنذاك ايضا. وبهذا فان محاولة اتهام عرفات بكل شيء غير حقيقية. النقطة هي أنه لمدة ست سنين كان يوجد عنوان يسمي ابو مازن، ورفضت اسرائيل الاعتراف به.

ألا تتجاهل رئيس الحكومة اسماعيل هنية وحركة حماس التي فازت في الانتخابات الأخيرة؟

حماس غير ذات صلة. المنظمة الوحيدة التي اعترفت بها اسرائيل والغرب ممثلا للشعب الفلسطيني هي م.ت.ف. المهم من يترأس م.ت.ف، وفي هذه الحالة فان الحديث عن أبو مازن. كذلك من المهم ان نتذكر أن هنية أعلن أكثر من مرة أنه لن يمنع اجراء محادثات سلمية بين اسرائيل وأبو مازن، بشرط أن يؤتي بكل اتفاق يتم احرازه ليصادق عليه الشعب الفلسطيني باستفتاء شعبي، وبهذا لا يوجد من ناحية عملية أي معني خاص لاجراء تفاوض مع حماس.

 

مبادرة جنيف فقط

 

بموازاة نقده الموجه الي السياسة الاسرائيلية يرفض كارتر أن يلقي علي كواهل الفلسطينيين أي نوع من الخطأ علي مدي سني نضالهم لدولة اسرائيل. انه يصف عرفات كمن فاز في الماضي بجائزة نوبل للسلام ووقع علي اتفاقات اوسلو مع الجانب الفلسطيني ، ويقول عن قيادة حماس انهم سيقبلون بمباركة أي نوع من اتفاق يتم احرازه مع دولة اسرائيل. عندما يثار ايضا سؤال خطبة اولمرت الأخيرة في سديه بوكير ودعوته الي تجديد التفاوض مع الاستعداد لتنازلات بعيدة المدي من قبل اسرائيل، يصعب علي كارتر أن ينضم الي اولئك الذين عبروا عن أمل تغير في الأفق.

 

لا يوجد في اقتراح اولمرت أي شيء جديد ، يقول، علي حسب ما أفهم، الحديث عن انسحاب جزئي فقط من الضفة الغربية. سيبقي السور في محله وسيلغي حق العودة. وبهذا لا يوجد في هذا الاقتراح أي تقدم، يتجاوز كونه يمكن أن يكون اقتراحا أوليا يكون قاعدة للتفاوض فقط، لكنه ليس بيقين نوعا من الحل. الحل الوحيد الذي طرحه الجانب الاسرائيلي وأقبله هو مبادرة جنيف .

 

يجري الحديث مع كارتر بعد زمن قصير من نشر لجنة الفحص للحزبين للتحقيق في الحرب في العراق، برئاسة جيمس بيكر ولي هاملتون، توصياتها. لا يخفي كارتر تأييده لتوصيات اللجنة، التي تدعو من جملة ما تدعو اليه الي تجديد التفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين والي انسحاب اسرائيل من المناطق. اؤيد تأييدا تاما دعوة اللجنة الي البدء بمحادثات سلام بين اسرائيل والفلسطينيين فورا، بل آمل أن يكون كتابي قاعدة لتلك المحادثات .

 

ان كارتر، كما يسارع الي البيان، يؤيد ايضا فتح قناة محادثات مباشرة مع سورية ومع ايران ايضا، ويؤكد لا مع سورية وايران فقط، بل مؤتمر سلام عام اقليمي يشتمل علي دول الخليج مثل السعودية، وعلي الاردن والفلسطينيين وسورية وايران بل علي فرنسا وروسيا . يرفض كارتر تفهم الخوف الذي أُثير لدي الجانب الاسرائيلي من طلب انسحاب ممكن من الجولان، كما من سائر المناطق ايضا، ويعود الي زعم أن الأساس في تلك المحادثات يجب أن يكون التطبيق التام للقرارين 242 و338 اللذين يتصلان باعادة جميع المناطق، وكذلك تطبيق حق العودة الي داخل اسرائيل. يأمل كارتر ايضا أن تعود الولايات المتحدة تحت قيادة بوش الي لعب دور رئيسي في تلك المحادثات. أريد بالتأكيد أن أري الولايات المتحدة وادارة بوش يلعبان دورا نشيطا ورئيسيا في تقديم المسيرة السلمية بين اسرائيل والعالم العربي، كما كان في فترة رئاسة بوش الأب .

 

هل تدفع الولايات المتحدة الآن ثمن تأييدها لدولة اسرائيل لسنين طويلة؟

علي نحو شخصي، لا توجد لي أية معارضة للتقارب الكبير بين اسرائيل والولايات المتحدة، بيد أنني اعتقد يقينا أن الولايات المتحدة تدفع الآن الثمن عن أنها تجاهلت لسنين طويلة معاناة الفلسطينيين الكبيرة علي ارضهم، والظلم المتواصل، والقمع الشديد والاستغلال الذي جري عليهم.

ترفض الادارة الامريكية تعريف الوضع في العراق أنه حرب أهلية . كيف تري الأمور؟

نعم بالتأكيد! ما يحدث الآن هو حرب أهلية مع كل ما يُفهم من ذلك. لكن بوش ومساعديه لهم الحق في اختيار اللغة التي يريدون استعمالها في شأن الوضع في العراق. ليست لي مشكلة مع ذلك، لكن اذا كنت تسألني، فانها حرب أهلية بالتأكيد.

 

منذ وقت غير بعيد عرّفت الحرب الاسرائيلية في لبنان أنها غير عادلة . اذا كان الامر كذلك، أي رد كان علي اسرائيل أن تأخذ به إزاء هجوم حزب الله في الحدود الشمالية؟

اعتقد بالتأكيد أن لاسرائيل الحق التام في الدفاع عن نفسها، وأن تعمل في ضمن ذلك ايضا في مقاومة حزب الله. ما لا أقبله هو تصريح رئيس الحكومة اولمرت عن أن هجوم حزب الله هجوم من قبل لبنان كله. اعتقد ايضا أن رد اسرائيل كان مبالغا فيه وغير تناسبي. كان قصف المنطقة حول الليطاني مسا بالأبرياء وهذا شيء لا أقبله.

 

أجري المقابلة: تساح يوكيد ـ نيويورك

ملحق (معاريف) 15/12/2006

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 


 

«مختار الحكم ومحاسن الكلم» للمبشر بن فاتك وأثره في اللقاء بين الحضارات…

كتاب للطاهر مكي عن التأثيرات الاسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط

القاهرة – صلاح حسن رشيد    

 

تتلاقح الحضارات وتتلاقى الثقافات، تأثراً وتأثيراً، أخذاً وعطاءً، ففي العصور الوسطى انتقلت الآداب العربية الإسلامية وحضارة الشرق الإسلامي الى أوروبا عبر وسائط كصقلية والأندلس والترجمات التي طاولت ما أبدعه المثقف العربي في الأدب واللغة والفلسفة والمنطق والجغرافيا والهندسة والفلك والكيمياء والطب والصيدلة والتاريخ والجيولوجيا والعمران والزراعة والرحلات، وهكذا انتقلت العلوم والمعرفة التي ارتادها العرب المسلمون الى الغرب الأوروبي الذي كان يعيش وقتها في ظلام العصور الوسطى وسيادة الجهل والخرافة.

وفي كتابه المهم الصادر أخيراً عن دار الهاني في القاهرة في حقل الأدب المقارن «أصداء عربية وإسلامية في الفكر الأوروبي الوسيط» يؤرخ الدكتور الطاهر أحمد مكي أستاذ الأدب العربي في كلية دار العلوم جامعة القاهرة والناقد الأدبي الكبير لدور حضارتنا الزاهية في انتشال أوروبا من بحار التخلف الى أنوار العلم والتجربة والمعرفة، بعد ان عاشت وعانت قروناً طويلة في أوحال الهمجية. ويسلط الأضواء بقوة على المراكز الإشعاعية الثقافية في الشرق الإسلامي التي كانت منارات هادية للآخر الغربي في عملية النقل والترجمة والاستيراد الثقافي. فمن الاسكندرية عاصمة الدنيا في أوائل القرون الميلادية الأولى تم اطلاع الرومان على الفكر اليوناني بل ان أقطاب الحضارة اليونانية جاؤوا الى مصر عبر الاسكندرية وعاشوا فيها، وقاموا بالتدريس والتأليف، وبفضل هؤلاء انتقل العلم والفلسفة الى المسلمين عند فتح مصر بعد ذلك، ومنها عادت من جديد الى أوروبا.

يقول الدكتور الطاهر مكي: «يجيء هذا الكتاب في الإطار نفسه الذي رسمته لأبحاثي، ودفعني إليه بقوة الجدل الصاخب الذي يدور حولنا، ويجيء تحت عناوين مختلفة: حوار الحضارات أو صراعها، أو تلاقيها، وفي كل الحالات يلمحون إلى أننا أصحاب الحضارة الأضعف والأدنى مرتبة والأقل تقدماً، والأمر ليس بذاك! نعم، ربما لا نساويهم نحن في لحظتنا هذه، ولكن هذا الواقع ليس قدرنا، ولا نحن عرايا من المواهب، فمنذ خمسة قرون، وهي ليست بالزمن الطويل في عمر الشعوب، كنا المنار الهادي في مجالات العلم والفلسفة والرياضيات والفلك والأدب، وكانت العربية اللغة التي تدرس فيها كل هذه العلوم ومن طريقها، وإبداعاتها تعلموا ونهضوا وتقدموا وسبقوا، لا أعود الى هذا التاريخ لأزهو به، أو أذكر ساهياً، فالزهو وحده لا يقيم حضارة، ولا يصنع تقدماً، وإنما لنتأمل، ولنعاود التأمل دائماً: ما الذي جعلنا الأقوى إذ ذاك وما الذي أخذوه منا فتقدموا به، وتركناه نحن، فكان هذا حالنا؟ هما أمران: احترام العقل، واحترام كرامة الإنسان، حافظنا عليهما فانتصرنا في معارك الحياة، ونسيناهما فتقهقرنا، وأخذوهما عنا فانتصروا وتقدموا».

ويشير الى ذلك المؤلف بقوله: في مصر تم أول لقاء بين المسلمين والفكر اليوناني، عندما فتح المسلمون مصر، لأن مدرسة الاسكندرية كانت قائمة، ولعلها المدرسة الوحيدة التي كان يجري فيها التعليم باللغة اليونانية في البلاد التي فتحها المسلمون في طلائعهم الأولى، وقامت بدور مهم في نقل العلوم اليونانية الى المسلمين، غير أننا نفتقد الدليل المباشر على طريقة الانتقال هذه، لأن معلوماتنا عن الحياة العقلية في مدينة الاسكندرية، عاصمة مصر في القرن الخامس الميلادي وما بعده ضئيلة للغاية، وظل دور الأكاديميات العلمية مجهولاً، خصوصاً في أيام الإسلام الأولى في مصر، ووقف المؤرخون العرب بحديثهم عند الأطباء للحاجة العلمية الى مؤلفاتهم، وذكروا منها 28 مؤلفاً لجالينوس و12 مؤلفاً لأبقراط، كتبت كلها في مدينة الاسكندرية، قام جماعة من الاسكندريين بجمعها وتفسيرها واختصارها، وعملوا جوامع لها، زعموا أنها تُغني عن متون المؤلفات، وبعضها جاء في شكل أسئلة، والرد عليها، ودل حُسن اختصارهم لها على تمكنهم منها، ومعرفتهم بجوامع الكلم واتقانهم صناعة الطب، ما يشي بأن درس الطب وتدريسه كان قوياً ونشيطاً في القرن السابع الميلادي، أي قبيل الفتح الإسلامي بقليل. يقول القفطي: «الاسكندريون هم الذين رتبوا بالاسكندرية دار العلم، ومجالس الطب، وكانوا يقرأون كتب جالينوس، ويرتبونها على الشكل الذي تقرأ فيه اليوم، وعملوا لها تفاسير وجوامع اختصار. ليسهل على القارئ حفظها وحملها في الأسفار»، ويذكر المسعودي في كتابه «التنبيه والاشراف»: أن الفلسفة الاغريقية ازدهرت في أثينا أول الأمر، ولكن الامبراطور اغسطس (63 ق.م – 14م) حوّلها من أثينا الى الاسكندرية وروما، وجعل الاسكندرية مركز العالم الإغريقي، وبدأت تحتل مكان الصدارة في ايام بطليموس، وأصبحت موضع الأهمية العظمى في مجال النشاط العلمي.

 

أبو الوفا المبشر بن فاتك

أصله من دمشق، كما يقول المؤلف، واستوطن مصر حتى صار يعد من أعيان أمرائها وأفاضل علمائها، ومن أدبائها العارفين بالأخبار والتواريخ، عاش أيام الخليفة الظاهر (1021 – 1035) والخليفة المستنصر (1035 – 1094)، ألّف المبشر كتباً كثيرة في المنطق والطب والوصايا والأمثال والتاريخ، وضاعت كلها، ولم يصلنا منها إلا كتابه «مختار الحكم ومحاسن الكلم» وكان المبشر كثير التأليف، ويذكر المؤرخون أنه ألّف في علوم الإغريق: البداية في المنطق، والوصايا والأمثال والموجز من محكم الأقوال، وكتاباً في الطب، وكتاب سيرة المستنصر في ثلاثة مجلدات، وكتاباً آخر لم يذكره أحد، ولكنه ورد في ثنايا حديثه في كتابه الأخير عن الاسكندر الأكبر، يقول: إن هذا كتب خطاباً الى أمه قبيل وفاته، وهو كتاب طويل، ويختم الفقرة: «وقد ذكرته وغيره من كتبه في تاريخي الكبير على التمام»، ثم يشير الى تعليق العلماء والمفكرين والعظماء على موت الاسكندر ورثائه ويقول: «وقد أوردته وبقية أخباره في تاريخي الكبير مستوفى على تمامه».

ويعد كتاب «مختار الحكم» أوفى كتاب في العربية، على حد قول الدكتور مكي، استقصى أقوال الفلاسفة والحكماء اليونانيين، ولم يُشر أحد من الذين ترجموا له، ولا نفهم من كلامه أنه كان يعرف اللاتينية، ومن ثم نرجح أنه رجع مباشرة الى ترجمات عربية لكتب يونانية، تحدثت عن الفلسفة اليونانية، وترجمت لمفكريها، ولم يرجع الى مؤلفين عرب نقلوا عنها، ويفترض الدكتور الجليل عبدالرحمن بدوي انه كان بين يدي المبشر مصادر يونانية مترجمة الى العربية، كتاباً أو اثنين أو ثلاثة، استقى منها مادته الغزيرة هذه، وأن أصولها ضاعت في اليونانية والعربية، كتب (المبشر) سيرة وافية لمن اشتهروا في مدرسة الاسكندرية او بين المصريين، مصلحين أو فلاسفة أو أطباء، ويذكر في ترجمته لهم عدد السنين التي عاشها كل واحد منهم، ترجم المبشر في كتابه لتسعة عشر مفكراً، بين نبي وطبيب وفيلسوف، وهم في جملتهم من اليونانيين الذين عرفوا الشرق أو عاشوا فيه، ويبدأهم بشيث الابن الثالث لآدم وحواء، طبقاً لسّفر التكوين، ويسميه اليونانيون أوراني الأول، وهو أول من اخذوا عنه الشريعة والحكمة ثم يتلوه الحديث عن إدريس النبي (عليه السلام) ويذكر أنه وُلد في مدينة (منف) وهو باليونانية ارميس، فقيل هرميس، ومعنى أرميس «عطارد»، وقد تجده في اليونانية طرميس، وأسماه العرب ادريس، وعند العبرانيين اخنوخ، ويقدم المبشر تفصيلات وافية عن حياته ورحلاته في الأرض داعياً الى التوحيد وعبادة الله، وكان إدريس وهو مصري يكتب ويقرأ في ذلك الزمن السحيق. ويلفت النظر ما قدم لنا المبشر من معلومات عن هومير، وهو ليس فيلسوفاً ولا مفكراً، وإنما شاعر، ويحسبه المؤلف واحداً من قلة نادرة عرّفت الشاعر في الأدب العربي، وقدم لنا «مختار الحكم» معلومات وافية ووفيرة عن أبقراط الحكيم الذي كانت البيئة المصرية تعرف الكثير عنه، إذ كانت مؤلفاته اشهر الكتب تدريساً في مكتبة الاسكندرية، يقول المبشر: وصنف كتباً كثيرة في الطب، انتهى الينا ذكره نحو الثلاثين، وأكثر هذه الثلاثين موجود اليوم. وعلى هذا النحو من وفرة الاخبار قدم المبشر لنا فيثاغورس، ونعرف منه انه تعلم الآداب واللغة والموسيقى والهندسة والمساحة والنجوم، ويقدمه لنا مفكراً يأمر بالتحاب والتأدب بشرح العلوم العلوية، ونعرف منه أن فيثاغورس رابط الكهنة بمصر، وتعلم منهم الحكمة، وحذق لغة المصريين بثلاثة أصناف من الخط: خط العامة وما عُرف بالديموتيقية، وخط الخاصة، وهو خط الكهنة والمختصر، وعُرف بالهيروغليفية، وخط الملوك، ولم يُشر الى اسم هذا الأخير، ويحسب الدكتور مكي أنه هو الذي كان يتخذ اللغة الإغريقية، وهذا النص بالغ الدلالة والأهمية، لأنه يحدثنا عن مستويات اللغات المتكلمة والمكتوبة في مصر من شاهد عيان كما سمعها وعرفها قبل ان يحل شامبليون رموز حجر رشيد بسبعة قرون، ولم يشر المبشر ولا فيثاغورس الى اللغة الهيراطيقية، وهي صورة مبسطة من الهيروغليفية. وتحدث المبشر بعد ذلك عن سقراط ويدعوه سقراطيس الزاهد، وأورد قصة محاكمته، وأشار الى أرسطو وأفلاطون عندما سار الى مصر ليأخذ القلم عن تلاميذ فيثاغورس. ولقد وصلنا كتاب «مختار الحكم» في مخطوطات أربعة حتى الآن، استقرت كلها في مكتبات أجنبية، ثلاثة منها في مكتبات أوروبية: ليدن في هولندا، والمتحف البريطاني في لندن، ومكتبة برلين في ألمانيا، أما الرابعة فتوجد في مكتبة احمد باشا في اسطنبول، وهي اقدم النسخ تاريخاً، فقد نُسخت عام 658 هـ، أي بعد وفاة المبشر بنحو قرن ونصف من الزمان. وكان تأثير الكتاب في أوروبا عصر النهضة قوياً وعميقاً، اتكأت عليه معظم كتب المختارات التي تضم الكثير من الحكم والأمثال والمواعظ، وتستهدف تربية الأمراء.

يقول الدكتور الطاهر مكي، مبكراً، في أواخر القرن الخامس الهجري، أواخر الحادي عشر الميلادي، والمبشر على قيد الحياة، نجد أصداء الكتاب في الأندلس المسيحي، في كتاب «تربية العلماء» الذي ألفه موسى سفردي، يهودي أندلسي اعتنق الكاثوليكية، وحمل اسم بطرس الفونسو، وهو كتاب معظمه حكايات عربية ملتقطة من «كليلة ودمنة»، وتتردد فيه أسماء أفلاطون وسقراط وأرسطو، ولم تكن ثمة كتب لاتينية أو إغريقية في ذلك الوقت، بين يدي الناس تعرض لهذه الأسماء اليونانية أو تتحدث عنها، فهل قرأ موسى سفردي «مختار الحكم في العربية» وأفاد منه؟ إن كتابه «تربية العلماء» وهو في اللاتينية يحمل خصائص عربية واضحة في الأسلوب وبناء الجملة، مما نشي بأنه كان يجيد العربية، وأنه كتب مؤلفه بالعربية أولاً، ثم ترجمه الى اللاتينية في ما بعد، أم تراه ترجم الكتاب كله الى اللاتينية أو ترجمه غيره قبله، كلا الاحتمالين وارد، ولكن الأول ارجح كذلك أن العالم الفرنسي جاستون باري، وهو متخصص في دراسات العصر الوسيط، يذكر أن هناك ترجمة بروفانسية لكتاب المبشر تعود الى القرن الثاني عشر الميلادي، جاءت منظومة في البحر السداسي قام بها من يُدعى بالدو بعنوان «ايسوب الجديد»، وهي ترجمة عن أصل لاتيني سبق، وكان هذا الأصل اللاتيني مأخوذاً من الأصل العربي مباشرة.

ويعلق المؤلف قائلاً: ولنا على هذه الإشارة تعليقان: الأول ان الترجمة البروفانسية لم تصلنا كاملة، وإنما أوراق متناثرة منها، والثاني: أن الترجمة اللاتينية التي تحدث عنها لم تصلنا كلية، ولا نعرف من قام بها، وعلى أية حال فإن واقع بروفانس الجغرافي، في جنوب فرنسا وشمال الأندلس يجعل منها نقطة تلاق بين الحضارتين الأوروبية والعربية، المسيحية والإسلامية، خصوصاً أن بين الجانبين حدوداً مشتركة، وعلائق ثقافية، وتجارية قوية، وان بدايات الأدب الأوروبي الحديث ازدهرت في مقاطعة بروفانس أولاً، بتأثير واضح من الأدب الاندلسي، مما يدعم الرأي بأن الترجمة الى اللاتينية تمت في الجانب المسيحي من الاندلس، والأقرب ان يكون الذي قام بها هو بطرس الفونسو، وسقط اسمه من الذاكرة، لأنه ترك الأندلس بجانبيه الإسلامي والمسيحي في تاريخ نجهله، وسنلتقي به طبيباً لهنري الأول ملك انكلترا (1100 – 1135م) والى جانب ذلك كان يتولى تدريس الفلك، وتوفي في لندن في تاريخ نجهله. وفي منتصف القرن الثالث عشر الميلادي امر ألفونسو العالم ملك قشتالة (1231 – 1282م) بترجمة الكتاب الى القشتالية (الاسبانية القديمة) وحمل عنوان اللقيمات الذهبية lois Boicadeos de oro أو بونيم Bonuim. وبونيم هو اسم الملك الفارسي الذي تخيله المترجم الاسباني، وافترض ان الكتاب ترجم لأجله، وهي تحمل ملامح المترجمين الذين كانوا يعملون في بلاط الملك، إذ كانوا أميل الى الجمع والتلفيق منهم الى التزام الأصل والترجمة الدقيقة، وثمة ترجمة اسبانية أخرى، اكثر دقة، يختلف الباحثون حول الأصل الذي ترجمت عنه: هل العربية مباشرة، أو الترجمة اللاتينية التي سنعرض لها فيما يلي، ولما ينته العلماء فيها الى رأي حاكم. وفي الوقت نفسه قام يوحناوي بروشيدا (1225 – 1302م) وكان طبيباً وحاكماً على جزيرة بروشيدا، ومترجماً في بلاط فردريك الثاني ملك صقلية بترجمة الكتاب الى اللغة اللاتينية، ولما كان هذا البلاط حافلاً بمن يعرفون العربية، وأقام صاحبه من مدرسة للترجمة منهم، تشبه المدارس التي كانت قائمة في اسبانيا، فمن المرجح انها تمت عن الأصل العربي مباشرة، عن هذه الترجمة اللاتينية نُقل الكتاب الى اللغة الفرنسية، وقام بالترجمة جيوم دي تنيونفيل، أحد أمناء قصر شارل السادس، وكان في الوقت نفسه محافظاً لمدينة باريس عام 1408م (ت 1414م) وجاءت ترجمته في لغة فرنسية عالية، على رغم انه عدّل الأصل في بعض المواضع، واغفل بعض العبارات أحياناً، لكي تتفق الترجمة مع نزعاته، وعن هذه الترجمة الفرنسية تُرجم الى اللغة الإنكليزية، وثمة ترجمتان الأولى تمت عام 1450م والثانية قام بها انتوان وايدفيل كونت ريفرز في اكسفورد عام 1477م، ويذكر في مقدمة الترجمة انه كان في شمال اسبانيا عام 1473م، في طريقه الى مدينة سفتياجو حاجا الى ضريح الحواري يعقوب، وانه التقى صديقاً معه نسخة من الترجمة الفرنسية لكتاب «مختار الحكم»، عرضها عليه، وقرأها فأُعجب بها، وقام في ذهنه ان يترجمها الى الانكليزية، ومضى في هذا العمل حتى اتمه. لم تقف جهود الأوروبيين عند ترجمة الكتاب كاملاً وانما أفادت منه في شكل واضح كُتب المختارات من الحكم والأمثال. ويضيف الدكتور مكي قائلاً: وراجت في أوروبا أجمالاً، وفي إسبانيا بخاصة، طوال القرون: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر الميلادي، ما كان منها في اللغات الفصحى أو العامية مثل كتاب زهور الفلسفة، وألف في عصر الملك سان فرناندو ملك قشتالة (1199 – 1252م) وكتاب آخر في القطلونية، لغة شمال شرقي إسبانيا يحمل عنوان: حكم وأمثال فلسفية، مستخرجة من الكتب العربية بأمر خايمه الأول ملك ارغون (1213 – 1279م) بداهة سلكت الطباعة طريقاً مختلفاً ومتبانياً، وحين حلت الآلة مكان اليد في النسخ، وتدريجاً تحولت المخطوطات الى مطبوعات، ففي عام 1854م قام سلفاتوري دي ريتشي وهو طبيب من نابولي بنشر الترجمة اللاتينية التي قام بها بروشيدا، وقام هرمن كنوست بطبع الترجمة الاسبانية في توبنجن عام 1879م بعد ان درس الكتاب، وفي العصر الحديث كان المستشرق الألماني برونواميستار أول من التفت الى الكتاب، فنشر منه الفصل الخاص بالاسكندر الأكبر في مجلة الجمعية المشرقية الألمانية عام 1895م، بعد أن قدم له ترجمة الى الألمانية.

 

(المصدر: ملحق « تراث » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 16 ديسمبر 2006)

 

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.