السبت، 14 يونيو 2008

TUNISNEWS
8 ème année, N°2944 du 14.06.2008
 archives : www.tunisnews.net   

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: توسع الإحتجاجات بسجني برج العامري و المرناقية .. ! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: مرة أخرى : من يحاسب المسؤولين على الإنتهاكات ..في سجن برج العامري ..؟ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: السجينان السياسيان السابقان عادل العوني و محمد عمار يضربان عن الطعام للمطالبة بالعلاج .. و الحق في العمل  ..! محمّد بن محمد بن عبد الرّحمان عمّار: إعلام بالدّخول في إضراب عن الطّعام الفاهم بوكدّوس: أوقفوا هذه الاعتداءات الهمجيّة! معلومات عن مكان وجود الشبان الأربعة المفقودين وبعض التفاصيل عن طريقة إيقافهم راديو سوا : رهينة نمساوي خطف في تونس يتصل بنجله معز الجماعي : الحكومة التونسية تلغي مشروع بناء مصنعين للإسمنت النهضةانفو : حوار مع الاخ عبد الحميد الجلاصي بمناسبة الذكرى 27 لتأسيس لحركة النهضة ايلاف :المدير العام للإذاعة التونسية منصور مهنى في حديث لإيلاف : لن أجدد ترشحي لإتحاد الكتاب التونسيين وهذا ما حققته من إضافات سليم الزواوي  : اضطرابات الحوض المنجمي: رؤية هادئة لوضع مضطرب صلاح الدين الجورشي: تونس: حركة الاحتجاج الاجتماعي تدور في حلقة مفرغة  الصباح : النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين: رفض سعي البعض إلى تأسيس نقابة موازية لصحفيي الإذاعة والتلفزة  الصباح : «الهيستيريا» الدينية؟؟  الصباح :ما هو إيجابي في فوز أوباما.. للأمريكيين والعالم السبيل أونلاين : شرح الحديث السابع عشر من كتاب الأربعين النووية إيلاف:تنظيم القاعدة يتبنى عمليات في الجزائر إيلاف : توقيف 24 مهاجرا جزائريا قبالة سواحل وهران  العرب:دبلوماسي إيراني بالقاهرة: قدمنا طلباً شفوياً ولاقى استحسان طنطاوي الأزهـر ينفي موافقته على افتتاح معاهد في طهران  د. ثائر دوري:النظر الي النفس من مرآة الغرب :  احتفالات جلال الدين الرومي  فائزة  عبد الله :دعوة الى الحوار…من مسجد ضرار!! راغدة درغام : الشراكة الأميركية – الإيرانية في النظام الإقليمي الجديد


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 

 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 14 جوان 2008

توسع الإحتجاجات بسجني برج العامري و المرناقية .. !

 

 
تسارعت وتيرة الإحتجاجات على تجاوزات إدارتي سجني برج العامري و المرناقية بإعلان مساجين جدد دخولهم في الإضراب عن الطعام للمطالبة بوقف الإنتهاكات في حقهم و تحسين ظروف إقامتهم ( التي أخبروا عائلاتهم أنها لا إنسانية )  ، فقد اتصلت بالجمعية عائلة سيف الله بن حسين للإبلاغ عن دخوله في إضراب عن الطعام اليوم السبت 14 جوان 2008 للإحتجاج على العزلة الإنفرادية المفروضة عليه و ظروف الإقامة اللاإنسانية التي يعيشها فى زنزانات تنبعث منها الروائح الكريهة في الجناح  » هـ » بسجن المرناقية و للمطالبة بتمكينه من تلقي رسائل أبنائه المقيمين ببريطانيا ، علما أن سيف الله بن حسين يقضي عقوبة بالسجن لمدة 68 سنة ( أمام المحكمة العسكرية : القضايا عدد 16129 : 10 سنوات سجنا، و عدد 26585 : 14 سنة سجنا  ، و عدد 28264 : 16 سنة سجنا ، و عدد 28265 : 16 سنة سجنا ، و أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس : القضيتان عدد 6007 : 12 سنة سجنا ، و عدد 6006 : عدم سماع الدعوى )  ، و قد سببت له ظروف الإحتجاز القاسية إصابة بالحساسية و ضيق التنفس و بدايات مرض الربو . كما تناشد عائلة الموقوف محمد الطرابلسي ( القضية عدد 5/15827 جلسة 26 جوان 2008 ) جميع المنظمات الحقوقية المستقلة مطالبة السلطات المعنية بإنقاذ حياة ابنها الذي تدهورت حالته الصحية بشكل متسارع حيث  يعاني من الدوار المتواصل و يتقيأ الدم من حين لآخر  مما دفعه للدخول في إضراب عن الطعام لمطالبة إدارة سجن برج العامري بمعالجته ، علما أن عائلته قد اتصلت بممثلية الصليب الأحمر ووجهت مكاتبات لوزارتي الداخلية و العدل – دون جدوى – ، و أن  » طبيب  » السجن  قدد اكتفى بمنحه  ..حبات  » فيتامين  س  » .. ! و الجمعية  إذ تطالب المشرفين على سجني  المرناقية  و برج العامري بوضع حد لسياسة القتل البطيء  ، فإنها تحملهم المسؤولية كاملة عن المضاعفات الصحية و الأخطار التي تتهدد حياة المضربين عن الطعام من أجل الحق في ظروف احتجاز ..إنسانية .. ! عن فرع بنزرت عثمان الجميلي الأستاذة سعيدة العكرمي


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 13 جوان 2008

مرة أخرى : من يحاسب المسؤولين على الإنتهاكات .. في سجن برج العامري ..؟

 

 
لا تزال إدارة سجن برج العامري مصرة على ممارسة الإضطهاد اليومي بحق مساجين ما يسمى  » مكافحة الإرهاب  »  و قد أعادت الممارسات التعسفية الأخيرة إلى الأذهان ما عاشه مساجين حركة النهضة طيلة عشرية التسعينات السوداء  في هذا السجن سيئ الصيت ، و قد شهدت أروقة الزيارة بهذا السجن صباح اليوم مشاهد مؤسفة بمناسبة زيارة عائلة المرابط لابنها أحمد ( المحكوم  بـ 15 سنة في القضية  10604  المعروفة بـ » قضية سليمان  » ) حيث بقيت العائلة تنتظر لمدة ساعة و نصف قبل جلب أحمد المرابط على كرسي متحرك و كان في حالة صحية متدهورة لم يكن يقدر معها على التكلم بصورة طبيعية ، و قد علمت شقيقته أنه مضرب عن الطعام منذ الأسبوع الفارط للإحتجاج على سوء المعاملة التي يتعرض لها حيث يحرم من العلاج و من تلقي الرسائل و الكتب و الجرائد و يجبر على الإقامة في زنزانة ضيقة تتصاعد داخلها الروائح الكريهة ولا يغادرها إلا لفترة وجيزة يوميا ، و قد اعتبر مدير السجن ، الذي لم يقبل بمقابلة العائلة إلا بعد أن أغمي على والدة السجين و تصاعدت احتجاجات مرافقيها ، أنه سينظر في طلبات أحمد المرابط إذا أوقف إضرابه عن الطعام ..! و الجمعية  إذ تطالب إدارة سجن المرناقية باحترام القانون و تمكين جميع السجناء ( مهما كانت التهم التي سجنوا بسببها )  من الحقوق التي يضمنها لهم قانون السجون و تفرض احترامها المواثيق الدولية ذات الصلة ، فإنها تنبه إلى تكاثر عدد المضربين عن الطعام داخل سجني المرناقية و برج العامري بما يعكس حجم الإنتهاكات المرتكبة داخلهما . عن الجمعيـــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 14 جوان 2008  

السجينان السياسيان السابقان عادل العوني و محمد عمار يضربان عن الطعام  للمطالبة بالعلاج .. و الحق في العمل  ..!

 
أعلن السجينان السياسيان السابقان عادل العوني و محمد عمار عن دخولهما ، منذ يوم الجمعة 13 جوان 2008 ، في إضراب عن الطعام للمطالبة بالحق في العلاج و جبر الضرر لعادل العوني و بحق محمد عمار في العمل ، علما أن السّجين السّياسي السّابق عادل العوني كان من ضمن الذين شملتهم محاكمات بداية عشرية التسعينات السوداء حيث حكم عليه بالسجن لمدة 14سنة و3 اشهر و أطلق سراحه بتاريخ 06/11/1998 ولم يتمكن منذ الإفراج عنه من القيام بأي عمل يضمن له استعادة نسق حياته العادية نتيجة الإعتداء الذي تعرض له من نائب مدير سجن الهوارب الجلاد عبد الرّحمان العيدودي سنة1996  حيث قام بضربه على رأسه مما خلف له إصابة بليغة تسببت له في عجز مستمر و أعراض خطيرة تمثلت في نوبات صرع  و عجز عن النوم .. أما السّجين السّياسي السّابق محمد عمار فقد صدر عليه حكم بالسجن مدة 35 سنة قضى منها 14 سنة   قبل أن يطلق سراحه في 2006 ليصطدم بواقع التجويع و غلق أبواب الرزق حيث حرم من مواصلة مزاولة عمله ، قبل السجن ، سائقا لسيارة أجرة  ( رغم أنه يملك رخصة قانونية بتاريخ 28/06/1991 ) . و أمام عجز عادل العوني عن ضمان العيش الكريم بسبب السقوط الذي خلفه الإعتداء الذي تعرض له ، و عجز محمد عمار عن توفير الحاجيات الأساسية لابنيه و زوجته الحامل نتيجة الحصار الذي يتعرض له  فقد قررا اللجوء إلى الإضراب عن الطعام للتحسيس بمعاناتهما و المطالبة بحقهما المشروع في العلاج و العمل و جبر الضرر .. و إذ تجدد  الجمعية استنكارها للمضايقات المسلطة على المساجين السياسيين المسرحين و تطالب بتمكينهم من الحقوق التي يكفلها لهم قانون البلاد ، فإنها تدعو السلطات المعنية إلى الحوار مع المضربين و  تلاحظ أن اللجوء إلى الخيارات القصوى ، كالإضراب عن الطعام ، يعكس واقع انسداد الآفاق في وجه السجناء السياسيين السابقين  و تكريس سياسة التمييز بين المواطنين على خلفية .. سياسية .. !     عن الجمعيــــــــــــــــــــــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي


محمّد بن محمد بن عبد الرّحمان عمّار
إ

علام بالدّخول في إضراب عن الطّعام

 

إنّني المسمّى محمّد بن محمد بن عبد الرّحمان عمّار من مواليد 27/02/1956 وصاحب بطاقة التعريف الوطنية عدد 00738358    سجين سّياسي سّابق حوكمت سنة1992  بـ 35 سنة سجنا قضيت منها 14سنة من أجل الانتماء إلى جمعيّة غير مرخّص واطلق سراحي منذ سنتين أب لتلميذين ( ولد 16 سنة و بنت 18 سنة) أعلن عن الدّخول في إضراب مفتوح عن الطّعام من أجل وضع حدّ للوضعيّة المأساويّة التي أعيشها و عائلتي من جرّاء سياسة التّجويع التي أتعرّض لها منذ خروجي من السّجن و ذلك بحرماني من الحقّ في العمل و توفير العيش الكريم لأسرتي ذلك أنّ السّلطة لم تكتف بالسّنوات  14 التي اقتطفتها من عمري و بما عشته من انتهاكات في أقبية السّجون ، بل أصرّت على حرماني من الحقّ في العيش الكريم و منعي من العمل و التّضييق عليّ في الرّزق حتّى أصبح السّجن بكلّ قساواته أرحم من عيون أبنائي التي تسألني الرّغيف … ليتبيّن لي بعد هذه المدة من السّراح أنّ الحياة خارج أسوار السّجن صدمة لا يعرف هولها إلاّ من خذلته الظّروف عن تعويض أهله سنوات السّجن و عذاباتها و بدل أن يتحمّل مسؤوليّتهم يجد نفسه يجوع معهم حتّى الموت.   لقد كنت أعمل سائق تاكسي و لي رخصة قانونيّة تسلمتها بتاريخ 28/06/1991ومن حقّي كأيّ مواطن يحمل هذه الرّخصة ممارسة هذه المهنة و لا مبرّر لإقصائي و تجويعي دون موجب قانوني ، علما و أنّني أسكن في منزل على وجه الكراء ليس لي اي دخل مادي وعاجز عن دفع اجرة المنزل وفواتير الكهرباء والماء ونفقات علاجي وعلاج زوجتي الحامل  وحتى ابسط احتياجاتنا اليومية. أطالب بحقّي في ممارسة مهنتي كسائق سيّارة أجرة و بحقّي في أن أكون تونسيّا يتمتّع بكلّ الحقوق التي يفترض أن يتمتّع بها أيّ مواطن عاديّ و لأجل هذه الحقوق قرّرت الدّخول في إضراب مفتوح عن الطّعام بداية من اليوم الجمعة 13 جوان 2008 و ألتمس من كلّ الجمعيّات الحقوقيّة و النّشطاء الحقوقيين و الإعلاميين و الأحزاب الوطنيّة مساندتي و دعم حقّي في ممارسة مهنتي السّابقة كسائق تاكسي    و السّلام   تونس في 13/06/2008


بيـــــــــــــــــــــــــــــــان:

أوقفوا هذه الاعتداءات الهمجيّة!

 

 

مرّة أخرى يثبت البوليس التونسي عداءه لحرّية الإعلام وحقّ المواطن في معرفة أخبار بلاده، فصبيحة الجمعة 13 جوان 2008، أقدم المدعو محمد اليوسفي رئيس فرقة الإرشاد بمنطقة الأمن بقفصة، صحبة مجموعة من أعوانه، على منع الفاهم بوكدّوس مراسل قناة الحوار التونسي ومجموعة أخرى من نشطاء المجتمع المدني بالجهة من الاقتراب من المحكمة الابتدائية بقفصة التي تجري فيها محاكمة مجموعة من شباب المتلوي المُحالين على خلفية الاحتجاجات الشعبية في الحوض المنجمي دفاعا عن حقّ الشغل والتنمية العادلة، ولقد تمّ هذا المنع بغلظة فاضحة وبلغة سوقيّة هابطة احتوت جملة من التهديدات. ولم يكتف هذا المسؤول الأمني بذلك بل عمد إلى تعنيف الفاهم بوكدوس وتوجيه جملة من الإهانات له على مرأى ومسمع مئات المواطنين في تصرّف جبان وفالت العقال يعكس انفلاتا صريحا ودوسا على كلّ النواميس والقوانين، ولقد جاء كلّ ذلك على خلفية نجاح المُستهدف وقناة الحوار التونسي في كسر الطوق الأمني المضروب على انتفاضة المنجميين وتقديم تغطية حصرية لوقائع الأمور من احتجاجات ونضالات وقمع وتنكيل. وكان اليوسفي قد عمد في اليوم السابق أي الخميس 12 جوان إلى سبّ وشتم زوجة المُستهدف السيدة عفاف بالناصر منسق اللّجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة والتهديد بالاعتداء عليها عندما كانت رفقة العشرات من المواطنين والنُشطاء تهمّ بحضور الجزء الأول من محاكمة جملة من شباب المتلوي. إنّ هذه السلوكات وإن كانت تُمثل أسلوبا قارّا في إدارة جميع مناحي الحياة في بلادنا فإنها تعكس أيضا جنوحا شخصيا لليوسفي في التنكيل بالنُشطاء في الجهة، خاصة وقد أثبتت إيقافات أفريل التي مسّت بعض قادة الحركة الاحتجاجية بالرديف، مدى إيغال هذا الشخص في الاعتداء والتنكيل والتعذيب، ممّا يجعل من محاسبته أمرا ضروريا وعاجلا خاصة أن حياة ضحاياه أصبحت فاقدة للسلامة والأمن ومُهدّدة بشتّى الأخطار والخروقات، وإنّ مواصلة إفلاته من العقاب سيُؤدي إلى تعاظم هذه الممارسات البدائية، ويُشرّع لشتّى أنواع التجاوزات التي تتطلّب من جميع القوى الحيّة إدانتها والوقوف ضدّها بكلّ صرامة. الفاهم بوكدّوس مراسل قناة الحوار التونسي (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 13 جوان2008)
 

بسم الله الرحمن الرحيم

معلومات وردت علينا الآن عن مكان وجود الشبان الأربعة وبعض التفاصيل عن طريقة إيقافهم

 
 
 
لقد نشر مقال حول فقدان الشباب – مصطفى الميهوب – هشام البليدي – رياض تليش – قيس الخياري و أنا أعرفهم شخصيا , إنهم من مدينة العالية , حوالي 60 كلم عن العاصمة و 20 كلم عن بنزرت تم اعتقلهم بطريقة أكثر من وحشية, هشام البليدي تم اعتقاله يوم السوق الأسبوعية للمدينة بواسطة لصوص أمن الدولة الذين نفذوا العملية بواسطة سيارة مأجورة , و داهموا هشام بينما كان  في عمله في التجارة , تم تكبيل يديه و جره إلى السيارة بالقوة تحت أنظار المتسوقين, و مصطفى الميهوب و هو يتيم الأب و الأم تم مداهمته في منزله مع جدته المسنة التى تعرضت لوعكة صحية جراء الهجوم الوحشي لقوات الشرطة, و قيس الخياري يعيش في قرية صغيرة قرب العالية تم  مداهمته هو الآخر في منزله مع زوجته ليلا , أما رياض تليش فقد تم اللعب بأعصابه حيث كانت الشرطة تستجوبه يوميا و يحتجزونه تارة و يطلقونه تارة أخرى إلى أن استقر رأيهم على سجنه نهائيا و تجنيبه متاعب الذهاب و الإياب … و قضّى الشباب فترة لا يعلمها إلا الله في التعذيب بين مغارة الداخلية و أماكن أخرى و عائلاتهم يعلم الله بحالهم  لكن أخبر الأخ الذي بعث النداء أنه منذ حوالي أربعة أشهر تقريبا تمكنت العائلات من زيارتهم في سجن غوانتانامو المرناغية و قد علمت أن الشباب ارتاحوا عند و ضعهم في السجن لما كانوا يلقونه من تعذيب و تنكيل في أقسام المباحث, و لكن السؤال الذي يطرح , متى سيتم محاكمتهم ؟؟ نسأل الله أن يفك أسرهم و جميع المساجين الذين سجنوا ظلما و طغيانا و السلام عليكم  و رحمة الله و بركات ملاحظة: وإذ تشكر تونس نيوز حسن التفاعل وسرعة الرد عما نشر عن الشباب المفقودين فإنها تدعو كل المنظمات الحقوقية التحقق و التحقيق في حالة هؤولاء الشباب الموقوفين وما تعرضوا له من تعذيب وحشي وكذلك زيارة أهليهم والوقوف على حقيقة معاناتهم.

 


 

النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين: رفض سعي البعض إلى تأسيس نقابة موازية لصحفيي الإذاعة والتلفزة

 

 
صدر بيان عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين جاء فيه ما يلي: «على اثر سعي بعض الاطراف الى تأسيس نقابة اساسية لصحفيي مؤسستي الاذاعة والتلفزة التونسيتين، فان المكتب التنفيذي يؤكد على: * ان النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هي الممثل الشرعي والوحيد لعموم الصحفيين التونسيين وهي المفاوض والمخول لابرام الاتفاقيات باسمهم وفق قانونها الاساسي. * رفض النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين سعي البعض الى تأسيس نقابة موازية لصحفيي الاذاعة والتلفزة، مع شروع النقابة في الاعداد لتأسيس فروعها بالمؤسسات الاعلامية. * التحذير من خطورة تأسيس نقابات موازية للنقابة الوطنية للصحفيين تمسكا باستقلالية القطاع ووحدته، باعتبار ان التعددية النقابية لا تعني الانخراط في هيكلين موازيين. * دعوة كافة الزميلات والزملاء الى الالتفاف حول نقابتهم الوطنية والتصدي لكل محاولات استهدافها. وينوه المكتب التنفيذي بالمواقف المشرفة التي عبر عنها الصحفيون من اجل وحدة صفهم واستقلالية نقابتهم. وان المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين يذكر بان قانونها الاساسي في الفصل 11، فقرة 2 ينص على: «يفقد صفة العضوية في النقابة كل من انخرط بهيكل مواز لهذه النقابة..» (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جوان 2008)


الحكومة التونسية تلغي مشروع بناء مصنعين للإسمنت

 

 
تراجعت الحكومة التونسية عن قرار منح رخصة إستثمار لمجموعة إسبانية لبناء مصنعين للإسمنت كان من المقرر إنشائهما الأول في منطقة « العكاريت » من ولاية قابس و الثاني في معتمدية « أم العرايس ». و جاء هذا القرار بعد تلقيها عرض من المستثمر الأجنبي (برتغالي) المالك لشركة إسمنت قابس إعتبرته مغري و يضمن لها تلبية حاجة السوق التونسية و كذلك الجزائرية من مادة الإسمنت من دون اللجوء إلى بعث مصانع جديدة و ذلك بتعهد الشركة المذكورة إضافة خط إنتاج ثالث بالمصنع يضاعف كمية الإنتاج من 2500 طن يوميا إلى حوالي 7000 طن . و تفيد المعلومات المتوفرة حول الموضوع أم مصالح وزارتي التجارة و الإقتصاد أوشكت على الإنتهاء من دراسة عرض شركة إسمنت قابس و تستعد للموافقة عليه و فتح باب التفاوض النهائي مع الإدارة الفنية للمصنع.   معز الجماعي


رهينة نمساوي خطف في تونس يتصل بنجله

       

 
أعلنت وزارة الخارجية النمساوية في فيينا السبت أن وولفغانغ ايبنر احد الرهينتين النمساويين المخطوفين لدى القاعدة في صحراء تونس في نهاية فبراير/شباط تمكن من الاتصال بنجله برنار. وقال الناطق باسم الخارجية بيتر لونسكي-تييفنتال إن هذا الاتصال الهاتفي الذي تم قبل بضعة أيام وبعد 110 أيام هو دليل على بقاء الرهينة على قيد الحياة مؤكدا بذلك معلومات نشرتها الصحافة النمساوية السبت. وبحسب برنار ايبنر كما نقلت عنه صحيفة « كورير » فإن والده قال له انه يعاني من الكوليرا والملاريا ملمحا إلى انه سيتم الإفراج عنه قريبا لكن العملية معقدة من جراء الوضع الميداني. وكان وولفغانغ ايبنر وعمره51 عاما واندريا كلويبر وعمره 44 عاما في 22 فبراير/شباط خطفا في جنوب تونس. ونقلا على ما يبدو إلى مالي بعد المرور بليبيا والجزائر. وأعلن فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن خطفهما في 10 مارس/آذار، مطالبا بالإفراج عن إسلاميين معتقلين في الجزائر وتونس. وقد يكو  الخاطفون طالبوا أيضا بفدية قيمتها خمسة ملايين يورو، بحسب معلومات صحافية غير مؤكدة المصدرراديو سوا بتاريخ 14 جوان 2008  


حوار مع الاخ عبد الحميد الجلاصي بمناسبة الذكرى 27 لتأسيس لحركة النهضة

 
هناك أوضاع أكثر تعقيدا من الحالة التونسية لم تمنع مختلف الفرقاء من التخلص من الشحنات والاعتبارات الشخصية ليس من اليسير في عجالة كهذه رسم هذه الملامح الكبرى في مسيرة تمتد على قرابة أربعة عقود من الزمن، تمرّ الذكرى السابعة والعشرون لتأسيس حركة النهضة – الاتجاه الإسلامي سابقا، والحركة لم تسترجع حريتها التامة في التحرك والنشاط السياسي والدعوي. هل يمكن رسم الملامح الكبرى لتطور وضع الحركة منذ تأسيسها إلى اليوم؟ ليس من اليسير في عجالة كهذه رسم هذه الملامح الكبرى في مسيرة تمتد على قرابة أربعة عقود من الزمن، وحفلت بالمكاسب والإنجازات، وما يصاحبها بالطبع من ثغرات وأخطاء وتعثرات… لكن يمكن القول إجمالا إن حركتنا انتقلت، ما بين البدايات وهذه اللحظة الراهنة، من جماعة صغيرة، تقتصر في تصورها وعملها على جوانب من المشروع الإسلامي، فتركز على الإصلاح التربوي والأخلاقي والتصوري/العقدي، إلى حركة نهضة، تسعى إلى بلورة مشروع إصلاح شامل، منغرس في تربته الثقافية، ومرجعيته الإسلامية، وفي بيئته الخاصة، دون إغفال لامتدادات وارتباطات هذه البيئة التونسية: وخاصة دائرتها العربية/ الإسلامية… هي نقلة من جماعة تربوية صغيرة، إلى حركة تساهم في صياغة مشروع للنهوض الوطني، وللنهوض بالأمة… ولكن ما بين بدايات المسيرة، وما فيها من تحسس وتلمس، وما وصلنا إليه في نقطتنا الراهنة، محطات وسيطة، ومنعرجات، ومنعطفات، وتراكم… إذ تم إدماج البعد الاجتماعي، ثم البعد السياسي، في مجالات اهتمام الحركة، وعملها، لتصبح مكونات أساسية في مشروعها، وهذا الإدماج حصل نتيجة تفاعل مع محيط الحركة، القريب والبعيد، انخراط في الممارسة، ونتيجة جهد تنظيري يصاحب الممارسة في مختلف مراحلها، فيجذّرها في تربتها الثقافية ومرجعيتها العقدية، فيعطيها بعض خصوصياتها كما يوجه العمل ويرشده… وهذا الجهد الفكري التأصيلي، وفق منهج ينظر للنصوص في تكاملها، وللشريعة في تفاصيلها وفي مقاصدها العامة والكلية، هو أحد أهم خصائص الحركة، وأحد أهم إسهامات وإضافات الحركة المعتبرة لاجتهاد الحركة الإسلامية المعاصرة، نجد أسبابه العميقة في خصوصيات النشأة، وبعض مميزات المؤسسين: سنا، وعلما، وثقافة، وعلاقات، إذ كانت الدائرة المؤسسة متقاربة في السن، وفي حظوظها من العلم الشرعي، متميزة بنظر نقدي. وهكذا اصطبغت الحركة بميزات الانفتاح، والحيوية، والقدرة على التفاعل مع مختلف مدارس الفكر الإسلامي، ومع مختلف التجارب، وإن كان لا بد من الإشارة إلى محطات كبرى في هذه المسيرة، فلعلنا نركز على المحطات التالية: * مؤتمر ١٩٧٩ باعتباره نقلة في عمل الجماعة من أقدار من العفوية، والاجتماع التوافقي، إلى مرحلة التقنين، والمؤسسة، وضبط العلاقات، والهياكل، والأطر… * مؤتمر ١٩٨١، وما تم إثره من إعلان الحركة في السادس من جوان، أي هذه المناسبة التي نحيي اليوم ذكراها السابعة والعشرين… إذ لم يكن ذلك اليوم إعلانا عن الحركة كظاهرة اجتماعية، ولا كان إعلانا عن ميلادها ككيان منظم، إذ سبقت الولادة التنظيمية ذلك الموعد بحوالي عقد من الزمن، ولا كان حتى إعلانا عن ميلادها ككيان سياسي، إذ سبق أن عبرت الحركة عن مواقف سياسية، وشاركت بأقدار في الحياة العامة… ما حصل في ذلك اليوم إنما كان إعلانا عن منهج في التعامل مع المجتمع، ومع النخبة المخالفة، ومع المنتظم السياسي، ومع المنتظم القانوني، ومع السلطة… وهذا هو في تقديري المغزى الرئيسي لهذه المناسبة.. * مؤتمر ١٩٨٦، إذ كان تتويجا لمسار من الحوار الداخلي، امتد لسنوات، وشمل البحث في جملة من القضايا والخيارات الإستراتيجية، والنظرية، والقانونية، والتنظيمية. هذه المرحلة كانت ربيع الحركة، لما تميزت به من حيوية، ومن تفاعل، ومن نتائج ساهمت في مزيد بلورة هوية الحركة وطبيعتها… ولا يمكن أن ندرك الأهمية القصوى لهذا المسار إلا إذا استحضرنا المناخات والظروف والسياقات التي تم فيها: إذ كان بالأساس من إنجاز طاقم من الكوادر الشابة، في حركة هي شابة بطبيعتها في مرحلتها تلك.. كان كذلك تصورا، وإدارة، في ظروف من عدم الاستقرار، ومن المتابعة الأمنية في غالب الأحوال… * مواجهة ١٩٨٧ مثلت نقلة في الوعي، وفي الممارسة السياسية بالنسبة للساحة التونسية، وبالنسبة للتجربة الإسلامية في المنطقة عموما… مقابل هجمة السلطة تمت بلورة استراتيجية تقوم على المبادرة، استراتيجية إيجابية، يديرها الجسم التنظيمي، ولكن بدل أن تكون المواجهة بين طرفين: الحركة بتنظيمها، والسلطة بأجهزتها، سعت هذه الإستراتيجية إلى تشريك طرف ثالث عادة ما تشيد به الخطب، وتتجاهله الخطط: الشارع، أو الجماهير، أو الشعب… وهذه الوجهة دفعت لإبداع أشكال متعددة من التوعية والتحسيس والاحتجاج السلمي، بما شكل محطة مهمة من التربية السياسية للجماهير، لم يكتب لها للأسف أن تتواصل بشكل واسع، لتحدث بالتراكم ثقافة سياسية، ووعيا سياسيا جديدين، إلا ما كان من تعبئة مهمة خلال انتخابات أفريل ١٩٨٩. * خلال سنة ١٩٨٨، وجزء من ١٩٨٩، بدأ يتبلور خطاب ومسلك للحركة في التعامل مع السلطة يغلّب منطق الطمأنة، والتوافق، ويتغاضى عن أحقاد الماضي، وتاريخ الأشخاص، وتكون له الجرأة لصدم الكثير من القناعات المستقرة داخل جسم الحركة… لم يقابل هذا المسلك إلا بالتشكيك والريبة من عديد الأطراف الإستئصالية، وإلا بالابتزاز ومزيد من الاستدراج من طرف السلطة، فساهم كل ذلك في تغليب مناخات التوجس والريبة داخل قواعد الحركة، والجزء الأعظم من كوادرها وقياداتها. * توجه فرض الحريات، كان هذا التوجه- وبقطع النظر عما قيل من أنه وسائل لتنفيذه، مما يحتاج إلى بحث طويل، في مناخات هادئة، لتجلية الحقيقة مما شابها من أغاليط وأوهام وادعاءات-  محطة نوعية في الفكر، والتحليل والعمل، وذلك من خلال: – التأكيد بأن الحريات هي المدخل الأساسي لكل إصلاح حقيقي في البلاد. – والتأكيد بأن توفيرها، يحتاج إلى شروط، من ضمنها إحداث تغيير حقيقي في ميزان القوى، نظرا لعدم استعداد السلطة لتوسيع مجال الحريات، بما يسمح بمشاركة مختلف الأطراف في إدارة الشأن العام، وبما يحرر الإرادة الشعبية، خاصة بعد التزييف الواسع لانتخابات ١٩٨٩. وكان من نتائج الإصرار على هذا الخيار أن استهدفت الحركة بمخطط استئصال، تبلورت ملامحه الأولى بعد انتخابات ١٩٨٩ مباشرة، وانضافت له الحرب الأمنية الشرسة بعد سنة ١٩٩٠، فدخلت الحركة، بل البلاد عموما، مرحلة استثنائية لا زالت مستمرة في كثير من سماتها لحد اليوم.. * مما يحسب للحركة إصرارها على منهجها السلمي، وتكريسها لهذا الخيار في مؤتمراتها المختلفة، وخاصة مؤتمر ١٩٩٥، حيث كانت كل الظروف تزين الانجرار وراء خيارات أخرى(سياسة السلطة تجاه الحركة، ومحيطها القريب، وطريقة إدارتها لشؤون البلاد، وتزايد اللجوء إلى خيار القوة في الساحة الإسلامية… ) * ومما سجل أنه خلال هذه المسيرة الطويلة لم تنعم الحركة بمناخات هادئة ومستقرة تعينها على بلورة خياراتها ورؤاها وبرامجها، وتقدم من خلالها تصوراتها لما تعانيه الأوضاع في البلاد من معضلات.. إذ أن السمة الغالبة في هذه المسيرة، ولعلها أن تكون الأكثر بروزا، هي استهداف الحركة بحملات أمنية متكررة، تختلف من حيث الاتساع والعمق، ما قبل ١٩٨٧ وما بعده… ولئن لا يمكن إنكار أن يكون للحركة –بما لها من سمت شبابي غالب، وما يرافقه من اندفاع- دور في حصول مثل هذه المواجهات، فإن المسؤولية الأساسية تتحملها السلطة بما لها من عقلية استفرادية، ومن ضيق بكل طرف جماهيري، خاصة اذا استند بصفة صريحة الى المرجعية الإسلامية… هذه المسيرة الطويلة، بمحطاتها النوعية، وبالدروس المستفادة من الممارسة، بلورت منهجا مميزا للحركة: – في التعامل مع المجتمع بمقتضى الرفق والتدرج.  منهج يؤكد على التميز قدر تأكيده على التفاعل والمخالطة.  ويؤكد على التيسير قدر تأكيده على عدم التساهل في الثوابت والكليات والأصول. – وفي التعامل مع المخالفين بمقتضى التفهم والبحث عن الحوار والقواسم المشتركة دون إغفال أو قفز على محاور الخلاف التي قد تكون جوهرية أحيانا. – وفي التعامل مع السلطة وفق منهج رشيد ينفر من التنطع نفوره من موقع شاهد الزور.  يغلب الوفاق والحوار دون السقوط في منطق الاستجداء والتذلل. ومما يجب أن يحسب للحركة إجمالا: – 1أنها أعادت طرح سؤال الهوية والوجهة والولاء في البلاد بعمق،  بعد أن حسب الحكم والأطراف المعارضة لطريقة إدارته للشأن السياسي، أن هذه المسائل قد حسمت. وهي بالفعل قد حسمت ، ولكنه كان حسما فوقيا، نخبويا، سلطويا. الحركة قلبت المشهد السياسي رأسا على عقب. أعيد النظر في أسس المشروع البورقيبي وفرض المعطى الثقافي ،  كمحور للتجاذب وربما كأحد مقاييس الفرز داخل النخبة، إلى جانب المعطى السياسي… وطيلة هذه السنوات أفرزت الحركة نخبتها الخاصة الفاعلة والمتفاعلة داخل الفضاءات الجامعية والإعلامية والسياسية والجمعياتية مما يعد كسبا إضافيا للبلاد. -2  وأنها ساهمت، بانتشارها،  وفعلها الميداني، في التثقيف والتربية السياسية للجماهير، لا من حيث الوعي فقط، بل وأيضا من حيث العقلية،  ومن حيث الممارسة.  فوسعت دائرة الاهتمام والمشاركة في الشأن العام في القطاعات الشبابية،  وحرصت أن تغرس ثقافة النضال والمطالبة بالحقوق والصمود والثبات على المبادئ … هذا البعد التربوي للجماهير من خلال العمل الميداني في مختلف المناشط بما فيه من التعويد على التجرؤ ونزع لهالة القداسة عن الأجهزة القمعية،  ومن كسر لكابوس الرعب، ومن ترسيخ لمعاني العزة والكرامة، خاصية مصاحبة للحركة الإسلامية، لكنها تتجلى أكثر في بعض المحطات الكبرى: مواجهة ١٩٨٧، انتخابات 1989  ثم الصمود والثبات على المبادئ ما يقارب العقدين أي منذ ١٩٩٠. – 3وأنها ساهمت في صياغة شخصية مستقيمة،  متشبعة بمعاني وقيم الدين وتصوراته للكون والإنسان والحياة، حريصة على بثها،  مناضلة في سبيلها،  ولكنها أيضا شخصية متفتحة ومتفاعلة مع مختلف دوائر محيطها جماهير ونخبا… – 4وأنها حرصت على خوض معركة التجديد من داخل المرجعية الإسلامية. فكانت لها مساهمتها المهمة في: – التأصيل لدور فاعل للمرأة داخل اطر العمل الإسلامي وداخل المجتمع. – والدفع باتجاه الانتباه لأهمية البعد الاجتماعي لا باعتباره وسيلة للتجاذب السياسي بل باعتباره مقوما أساسيا في المشروع الإسلامي. – توسيع ثقافة الشورى مع تنويع دوائرها ومجالاتها وأطرها، عند بلورة الخيارات واتخاذ القرارات وعند اختيار المسؤولين في مختلف المواقع.  قد تحد ضغوطات الواقع من مدى اتساع هذه الشورى ولكن التصور يؤصل لبسط العمل بهذه القيمة، والتقنين يضمن هذه الممارسة ويحدد آلياتها وأشكالها،  والرقابة تنبه وتحاسب عند الغفلة أو الانشغال. – ولعل إسهامها الأبرز كان من خلال التأصيل لقيمة الحرية كضرورة لتوسيع أفاق المشروع الإسلامي،  وكضرورة لانتعاش قوى المجتمع وإطلاق طاقاتها الإبداعية، وكضرورة لتحقيق معاني استخلاف الإنسان في الأرض وإعماره إياها. ولاشك أن مسيرة بهذا الحجم والثراء لا يمكن أن تخلو من تعثرات ومن أخطاء تختلف من حيث درجة الخطورة وعمق التأثير. ونخال أن التعثر الذي أصاب مشروع الحركة كان نتيجة أوضاع وخيارات في البلاد معلومة لدى الجميع ولكنه كان أيضا – وفي جانب منه – نتيجة شيء من كسبنا بسبب من نقص التجربة السياسية، وغلبة السمت الشبابي – بما يعنيه من حماس،  وضعف تقدير للمسائل، وتغليب للاندفاع على حسن تقدير العواقب ، وضعف الزاد في فقه سنن التغيير الاجتماعي وما تستوجبه من شروط وأسباب وخاصة في ظروف معقدة مثل ظروف المراحل الانتقالية.  وهذا ما يفسر ما قد يبدو من استعجال ومن عدم بذل ما يكفي من الجهد لتشكيل كتلة واسعة تقوم على تحقيق مهمة المرحلة: توفير الحريات للجميع. اقتصرنا على ذكر العناوين الأبرز لما حفلت به هذه المسيرة المباركة من مكاسب وانجازات أو ما شابها من أخطاء وثغرات،  واكتفينا به على ما قد لا يتسع المجال لذكره. نحن أمام نهج عام، قوامه الاستفراد، ويتلون حسب الفضاءات طالبت حركة النهضة وأطراف معارضة أخرى منذ سنوات عدّة بالعفو التشريعي العام من أجل إنهاء أزمة الحريات في تونس وإطلاق سجناء الرأي  وعودة المهجّرين واحترام حرية الصحافة والتعبير والتنظم. ولكن السلطة لم تستجب إلى حدّ اليوم إلى هذه المطالب. هل تفسرون هذا الرفض بموقف رسمي سلبي خاص بالحركة؟ أم هو موقف مرتبط بأجندة النظام وبعقليته السياسية في التعامل مع المعارضة الجادة عموما وبحساباته ومصالحه وارتباطاته الخارجية؟  وما هي الحلول التي ترون اعتمادها للضغط على السلطة من أجل تحقيق مطالب الحركة المشروعة ؟     لعله مما غدا محل إجماع اليوم بين الفاعلين السياسيين، أيا كانت مواقعهم، وبين المتابعين للشأن التونسي، هو الإقرار بحقيقتين أساسيتين في تشخيص الواقع السياسي التونسي، تتعلق الأولى بطبيعة الدولة، وثانيتهما بنهج تعامل السلطة طيلة أكثر من نصف قرن من الزمان مع المجتمع عموما، ومع النخبة خصوصا. دولة مركزية، وسلطة مستبدة وفردانية، ومن ثم عنيفة، تعاملت بعنف مع من خالفها في التوجهات والأصول، أو من خالفها في التفاصيل رغم التقائه معها على أسس الخيارات الكبرى للمشروع الحضاري والمجتمعي، بل وتعاملت بنفس الروح حتى مع من كان طرفا في حزبها الحاكم… يمكننا قراءة التاريخ السياسي لدولة الاستقلال من خلال مقياس درجة الانغلاق . فالانغلاق هو الحقيقة الثابتة، والسمة المميزة، أما المتغير فهو درجة هذا الانغلاق… ولا نلاحظ عند تتبع هذا التاريخ أننا أمام مسار خطي متصاعد، بمعنى الانتقال من حالة أشد انغلاقا إلى حالات تتزايد فيها أقدار الحريات… بل المسار متعرج، فيه التقدم، وفيه التراجع.  ولندرك حجم الكارثة في بلادنا يمكننا أن نلاحظ أن أعناق النخبة السياسية والإعلامية والحقوقية لازالت سنة ٢٠٠٨ ملتفتة إلى عصر ذهبي في أواسط ثمانينات القرن الماضي، رغم ما كان لها من مواقف نقدية –صائبة- في تقييم الأوضاع وما فيها من نقائص آنذاك… لقد شهد المشهد السياسي بعض الحيوية في السنوات القليلة التي تلت الاستقلال، كما شهد الحزب الحاكم نفس القدر من الحراك والحيوية، كما شهدت الأوضاع داخل الحزب الحاكم وفي البلاد عموما حراكا في السبعينات والثمانينات، تجسد في سجالات داخل الحزب الحاكم، تبلورت في وجود تيارات وصراع خيارات، وشخصيات، وتجسد في حيوية سياسية وإعلامية وجمعياتية خارج هذا الحزب… أما منذ عشرين سنة –وعدا السنتين اللتين تلتا سنة ١٩٨٧- فالوضع يتميز بانغلاق تام، انكسرت حدته في السنوات الأخيرة نتيجة الانفجار الإعلامي الهائل، ونتيجة ضغط الأوضاع الإقليمية والدولية.. ولئن كان نهج تعامل السلطة مع المجتمع، ومع مختلف مكونات المجتمع المدني معلوما من حيث الخصائص والمميزات، فإننا نود لفت الانتباه، أن التعامل داخل حزب السلطة لا يختلف كثيرا… إذ لا نجد حيوية، وحراكا مثمرا، لا من حيث عقد الاجتماعات الحزبية، وإلقاء الخطب، بل من حيث السجال الذي مؤداه تحديد الخيارات… فلا نجد شخصيات في وزن ودور وقيمة التليلي، أو عاشور، أو حسيب بن عمار، أو بلخوجة، أو مزالي، أو معلى، أو لصرم، أو حتى الصياح… شخصيات تدفعها اختلافاتها، وطموحاتها، أو إحساسها بالمسؤولية إلى الانشقاق والتنظم خارج الحزب الحاكم، أو التكتل داخله على أساس خيارات سياسية، أو طموح معلن… بعض الشخصيات كان يمكن أن يكون لها دور في التأثير، وإحداث قدر من التوازن داخل جهاز الحكم، أزيحت، وقبلت أن تقوم بعد ذلك بأدوار تزيينية ليتم الاستفراد بالمجد كما يقول مؤرخنا… يتساءل المراقب إن كان يمكن الحديث داخل الحزب الحاكم عن شخصيات سياسية، بمعنى شخصيات لها وجهات نظر خاصة، وبصمات مميزة، وتشارك فعليا في صياغة القرار من خلال وزنها وتأثيرها،  باستقلال عن موقعها من المسؤول الأول… ضوضاء الاجتماعات تخفي ركودا، ربما يعني التجانس المطلق، وهو وضع عجيب في حياة الأحزاب، وربما يعني الغليان والتربص بما يأتي من فرص، وربما يعني الانضباط العسكري، المميز للأحزاب الشمولية، والأكيد أنه لا يمكن الحديث عن حزب، بالمعنى الذي تحدده العلوم السياسية، من حيث عمل المؤسسات، والتفاعل داخلها، ومن حيث دورها في تحديد الخيارات والمحاسبة… وحصيلة الأمر أن هناك نهجا في التعامل داخل جهاز الحزب الحاكم، لا يختلف كثيرا عن نهج التعامل مع الفضاء السياسي والجمعياتي عموما… وإذا كانت قوة أي نظام سياسي إنما تكمن في نجاحه في إدماج أكثر ما يمكن من الأطراف في ساحة المنافسة السياسية، لتكون هذه الساحة معبرة عما يعتمل في المجتمع من تيارات ونزعات وتوتر أو وفاق، فإنه يمكننا التأكيد أن السلطة في بلادنا أفلحت في توسيع دائرة الغاضبين، إذ كانت هي التي نسفت أرضية ما سمي بالوفاق الوطني بتهميش وإقصاء مختلف الأطراف، بما فيها تلك التي كانت شريكا لها –بصمتها وتواطئها أو مواقفها المعلنة- في حربها على الحركة انطلاقا من بداية التسعينات. إذن نحن أمام نهج عام، قوامه الاستفراد، ويتلون حسب الفضاءات، بما فيها الفضاء الحزبي الحاكم، ويصل حد الإقصاء مع سائر قوى المجتمع الحية، ويأخذ أبعادا أكثر حدة وتشنجا في التعامل مع الحركة، لصفتها الإسلامية، ولطبيعتها الجماهيرية، الحقيقية أو المفترضة… وبالتالي، وبالرجوع إلى نص السؤال، فنحن نرجح أن يكون هذا التعامل نتيجة خصائص مميزة لنهج الحكم في البلاد، الذي انتقلت عصبيته من كونها حزبا سياسيا قبل سنة ١٩٥٦ وما بعدها بقليل لتصبح تكتل مصالح، أكثر مما هو مرتبط باعتبارات ظرفية، مثل الانتخابات القادمة أو غيرها… هذا التشخيص يكاد أن يكون محل إجماع بين المراقبين والفاعلين السياسيين، ولكن تختلف بعد ذلك المقاربة في نهج التعامل: بين مشاركة –ومن موقع الدونية- خوفا وطمعا، أو تغليبا للاتفاق على الأصول على الاختلاف في الفروع، وبين معارضة جادة تبحث سبل تغيير حقيقي وجوهري رغم إقرارها باختلال موازين القوى بين آلة الدولة وقوى المجتمع، وبين السلطة والمعارضات. كيف يتغير ميزان القوى؟ ومن أجل أي هدف؟ لعل الهدف الأساسي للمرحلة، أي المدخل لكل إصلاح حقيقي، هو هدف الحريات، أي أن النضال من أجل التحول الديمقراطي هو مهمة المرحلة.. ولا شك في عدم وجود قابلية داخل السلطة للدفع باتجاه هذا التغيير، ولا شك أن العوامل الخارجية تتغلب في المرحلة الحالية –في بلادنا وفي منطقتنا  لاعتبارات عديدة- عوامل الاستقرار والاستمرار على عوامل التغيير والانتقال لأوضاع ديمقراطية حقيقية. إن هذا يعني أن العامل الداخلي هو الأساس والمحرك في عملية هذا الانتقال وأن غيره من العوامل إنما تكون تبعا له. كيف يمكن أن يكون هذا العامل –أي الداخلي- فعالا، ومثمرا؟ * بالالتقاء الجدي بين مختلف الأطراف التي تطرح بالفعل مهمة التحول الديمقراطي سواء كانت أحزابا، أو جمعيات، أو أفرادا… * وبمحاولة تشريك الجماهير في هذه المعركة، إذ نتائجها ستحدد مقدار الشفافية في إدارة الشأن العام، وطريقة التعامل مع القضايا الحيوية والحياتية، بما فيها القضايا الاجتماعية، كمعضلة التشغيل، وتوزيع الثروة، وطريقة إدارة ثروات البلاد وأرصدتها، كما أنها هي المدخل لسجال واسع وعلني حول مضامين أسئلة الهوية والانتماء. الرهان يجب أن لا يكون انتخابيا، بل سياسيا 2009 سنة انتخابية في تونس، والجدل قائم بخصوص العوائق القانونية  أمام  ترشّح رموز سياسية معارضة مثل محمد نجيب الشابي. ما هو موقفكم من هذا المسار الانتخابي؟ وما هي توقعاتكم لنتائج هذه المحطة الانتخابية؟ من الواضح أنه لا توجد اليوم إرادة حقيقية لتغيير يستجيب للحدود الدنيا من مطالب النخبة، وآمال الجماهير، وتحديات المرحلة. والواضح أيضا أنه لا توجد شروط دنيا لممارسة ديمقراطية حقيقية، والعوائق متعددة، في القوانين، وفي العقلية وطرق التعامل –اي المناخات- وفي حرمان الآلاف من حقوقهم السياسية والمدنية… بناء على هذين المعطيين يمكن القول أنه بمقياس الرهان الانتخابي، لن تتحقق سوى تعديلات جزئية في الصورة الحالية، ولن تتجاوز سقف « الديمقراطية الحسابية »، وفقا لمنهج معلوم: الترضية والعقاب، والواضح أن عديد الأطراف والشخصيات تصوغ الآن مواقفها لتنعم –أو على الأقل لا تحرم- من مزايا هذه الديمقراطية الحسابية… إذن الرهان لا يجب أن يكون انتخابيا، بل سياسيا… ويمكن تصور مواقف شتى، مستندة إلى هذه الخلفية: *  ترك الملعب برمته لحزب السلطة، وما يدور في فلكه من حزيبات، لتكون المحطة القادمة باهتة كسابقاتها، وهذا موقف احتجاجي، ولكنه سلبي… * ويمكن تصور مواقف أخرى إيجابية، ترفض استمرار اغتصاب الإرادة الشعبية، فتشارك بإيجابية، دون أوهام انتخابية، أو تقاطع بإيجابية أيضا… والمطلوب في تقديري صياغة موقف إيجابي، وفاعل، وقد يكون من السابق لأوانه تحديد مضمونه بدقة. لم تنضج الظروف بعد، بمعنى موازين القوى، وبمعنى تأثيرات مختلف العوامل بما فيها الخارجي لكي ينتقل الحراك الحقيقي والتدافع الجاد إلى داخل المؤسسات المنتخبة، فلا أقل من أن يرتقي هذا الحراك درجة أخرى خارج المؤسسات، من خلال تبلور توافق أكبر بين أطراف المعارضة حول تشخيص طبيعة المرحلة، وأولوياتها، وما تتطلبه من مستلزمات، بمعنى ليكتسب هذا المنتظم السياسي المعارض أقدارا أكبر من الشرعية الجماهيرية، وأقدارا أكبر من الصلابة والاستقرار… محاولة استئصال الحركة في سياق خطة تجفيف المنابع  * ما هي قراءتكم للآثار الاجتماعية والثقافية والسياسية المترتبة عن محاولة استئصال حركة النهضة داخل  تونس وفي محيطها الإقليمي؟ محاولة استئصال حركة النهضة لم تنطلق مع المواجهة الأمنية الشاملة سنة ١٩٩٠، بل انطلقت قبل ذلك مع خطة تجفيف المنابع التي تبلورت وتم الكشف عنها بعد انتخابات ١٩٨٩. الرجوع لهذه الخطة مهم، لأنها الأصل النظري لكل السياسات المتناسقة التي أنتجت هذه الآثار الاجتماعية والثقافية لمحاولة استئصال الحركة… فهذه الخطة هي إحدى المكونات الأساسية لما يطلق عليه الخطاب الرسمي « المقاربة التونسية في مواجهة التطرف والإرهاب »… لعله مما تجدر الإشارة إليه أنه ما بين دولة بورقيبة، والدولة التي تلتها أكثر من رابط، وأكثر من صلة، إذ أن التغيير السياسي الذي حصل إنما هو « تغيير في إطار التواصل » كما قيل، ولكن ما حصل في « الدولة الجديدة » أن تعززت خاصيتان للدولة البورقيبية: * البعد الأمني الذي أصبح أكثر حضورا، بل هو الطاغي والمحدد في إدارة الشؤون العامة… * البعد الثقافي، الذي اتخذ بعدا منهجيا شاملا في استهداف البنى الاجتماعية، والعقليات، والمظاهر، ومنظومة القيم.. في المرحلة البورقيبية كانت هناك بالفعل خلفية تغريبية، ولكن كان هناك تدافع حقيقي ومؤثر بين المكونات الفرنكفونية والعروبية داخل جهاز الحكم… أما في السنوات العشرين الأخيرة، فإن السياسة العامة في مجالات التوجيه، وصياغة الشخصية، وسن التشريعات، كانت كلها –وبقصد- تستند إلى مشكاة تغريبية، استئصالية، متطرفة، لم تكن المواجهة مواجهة خصم سياسي، بل مواجهة ما يفترض أنه منظومته القيمية، ومرجعيته، ومظاهره، وكثير من مكونات هذه الدوائر ليست حكرا عليه، فرغم أن له قراءته الخاصة، وآراءه حول كثير من المسائل، إلا أنه ينطلق من قاسم مشترك مع عامة المسلمين، مما لا خلاف حوله، ولا داعي لتوظيفه سياسيا… خطة الاستئصال في غلوائها وتطرفها استهدفت حتى هذا المشترك، فكانت عملية استئصال ثقافي واجتماعي غير مسبوقة، أردفت بضخ وتشجيع عديد المظاهر والسلوكات والعقليات الغريبة، بما يذكر بالسياسة الكمالية في عنفوانها… والحمد لله أن قيض من الأسباب ما حد من غلواء هذه السياسة. وفي نفس الوقت، فإن استغراق السلطة في خطة الاستئصال جعلها تغرق في المقاربة الأمنية، عقلية ومؤسسات ومناخا، فكانت عشرية التسعينات عقد الانغلاق المطلق، وفرضت السلطة على شركائها منزلة الدون، وكيفت سياسة الوفاق بما يخدم مصالحها العاجلة، ويهمش حتى معسكر الأصدقاء، فانفضوا حولها تباعا، إلا قليلا ممن أغرتهم المغانم ومظاهر الوجاهة… التحولات السياسية التي حصلت منذ حوالي عقد من الزمان إقليميا ودوليا، وتحولات المشهد الإعلامي والتكنولوجي، وبداية عودة الحراك داخل البلاد فرضت قدرا من التعديل في نهج التعامل مع المسائل الثقافية والدينية والحضارية.. وكأنما هو ارتباك بين الاستمرار في خيار الاستئصال الذي لم يعد ممكنا، وبين خيار سحب البساط الذي قد يكون الأنسب مع إكراهات المرحلة… ونرجو أن يكون هناك سعي حقيقي لمصالحة حقيقية مع هوية البلاد وتاريخها وتراثها وقيمها… أي أن يتم تجاوز عقلية التكيف والالتفاف.. إقليميا، سعت السلطة التونسية إلى الإشعاع بمقاربتها في مواجهة الحركة الإسلامية داخل الأطر العربية الرسمية، ولكن هذا التأثير كان ضعيفا، إذ ليست تونس طرفا مؤثرا في النظام الإقليمي العربي، كما أن نهج التعامل مع الحركة الإسلامية، بل إن نهج معالجة المشكلات السياسية والأمنية عموما، كان في الغالب نهجا خاصا بكل دولة على حدة.. وبالمقابل هناك بعض التأثير في النخب الفرنكفونية في المنطقة المغاربية خاصة، وفي لبنان، ولدى بعض النخب المصرية. أما جماهيريا، على مستوى المنطقة، فإن الصورة عن التعامل الرسمي مع كل ما له علاقة بمسائل العروبة والإسلام وقضايا الأمة المصيرية، أنه فاتر إن لم يكن معاديا، وهذا مما يحد من إشعاع هذا النموذج في المنطقة.. لا مؤشرات لوصول  « عدوى  »  المصالحات المغاربية إلى تونس *إقليميا، شهدت منطقة المغرب العربي الإسلامي تطورات سياسة إيجابية، آخرها مشاركة الحركة الإسلامية الموريتانية في السلطة. أين موقع تونس في خضم هذه التطورات؟ وما تأثير تفعيل مشروع اتحاد المغرب العربي وإرساء مشروع الاتحاد المتوسطي على ملف التعددية السياسية في المنطقة، خاصة ما يتعلق بمشاركة الطرف الإسلامي؟ خيار إدماج الحركة الإسلامية في المنتظم السياسي، والقبول بها كطرف مؤثر له إسهامه، ليس وليد اليوم. هو مسار انطلق في منطقتنا منذ عقدين أو أكثر، وأخذ أشكالا وصيغا متنوعة، ثم هو مسار ذو تعرجات كثيرة، فيه الإقدام والإحجام، والمبادرة والتراجع، والانتقال من حالة الى حالة.. ولكن هناك حقيقتان ثابتتان:  *   انخراط تيار واسع داخل الحركة الإسلامية في مسار المشاركة السياسية، بدءا من المشاركة بقصد تحسس الساحة، وانتهاء بالمشاركة في الحكومات… وهذا المسار كان نتيجة تبلور قناعات جديدة داخل الحركة الإسلامية، كما أنه أفضى إلى صياغة نمط جديد من الخطاب، بل يمكن أن يفضي إلى صورة جديدة للحركة الإسلامية…  *   توسيع دائرة الدول القابلة بإدماج هذه الحركة في الساحة السياسية عموما، بل وفي داخل المؤسسات الممثلة والساهرة على التنفيذ… تعامل السلطات التونسية مع الحركة الإسلامية القائم على أساس عقلية وفلسفة الاستئصال أو على الأقل الإقصاء نشاز في المنطقة… ولا يمكن التعلل بمواجهة حصلت، إذ أن مواجهات كثيرة حصلت في منطقتنا وفي غيرها، وبعضها كان دمويا أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، ولم يمنع ذلك من توقف كل أطراف الصراع لقراءة هادئة للأسباب التي أدت إليها، ومن تحديد مسؤولية كل طرف فيها، ومن توضيح الملابسات والسياقات، والتمييز بين الحقيقة وما خالطها من تشويه وتضخيم واختلاق، إفراطا من بعض الأجهزة في التعبير عن ولائها أو التغطية على عجزها وفشلها، أو من بعض الأشخاص في الدفع باتجاه أوضاع يصعب إصلاحها خدمة لأغراض فئوية أو شخصية، هذا من جهة، أو ما قد يكون طمس من الحقيقة بالنفي والإنكار في سياق الدفاع عن الذات في الجهة المقابلة. إن أوضاعا أكثر تعقيدا من الحالة التونسية لم تمنع مختلف الفرقاء من التخلص من الشحنات والاعتبارات الشخصية. مثل هذه القراءة الهادئة التي توفقت إليها عديد التجارب، عادة ما تكون ممكنة بعد مرور ما يكفي من الزمن ليسترد العقل سيطرته على ما قد تكون افتكته منه العواطف والانفعالات من مساحات، وهذا مسار يتطلب جهدا خارقا، نفسيا وفكريا وسياسيا، تغليبا للمصلحة العليا، وتوحيدا للجهود من أجل مواجهة كل أصناف التحديات.. الدواعي للانتقال من حالة مواجهة وتنافر إلى حالة توافق عديدة ومتنوعة، وكذلك الدواعي للانتقال من استفراد طرف بإدارة الشأن العام إلى حالة من التشارك، والاستعداد للانخراط في هذا المسار متوفر لدى أطراف كثيرة، ومن ضمنها حركة النهضة، ولم تعبّر عن هذا الاستعداد اليوم أو البارحة، بل كثيرا ما نادت مؤسسات قرارها العليا بمثل هذه الوجهة… ولكني للأسف لا أرى من المؤشرات ما يسمح بالتفاؤل للوصول إلى مثل هذا الوضع المرجو، ولا أرى مؤشرات لوصول  « العدوى   » الجزائرية والموريتانية أو المغربية إلى الساحة التونسية، ولا أعلق كثير أمل على ما يقال أنه تفعيل لمشروع المغرب العربي، وحتى إن فُعِّل فإن المسألة السياسية –بما فيها من نسق انفتاح سياسي ومن نهج تعامل مع الحركة الإسلامية- هي مسألة  « سيادية »، وليست شرطا ولا أولوية في هذا البناء، فأولوياته –إن وجدت- معلومة، لا تتجاوز حدود التعاون الأمني، وتكثيف المبادلات التجارية، وتدعيم البنية الأساسية المشتركة… أما الإتحاد من أجل المتوسط، فكيان غير واضح المعالم، ثم هو نابع -ابتداء- من سعي فرنسي للزعامة الأوروبية، وينطلق من رؤية استراتيجية تغلّب اعتبارات أمن أوروبا وتأمين مصالحها الاقتصادية في الخارج، وتسعى إلى إدماج الكيان الصهيوني في منظومة المنطقة وقطع الطريق أمام انضمام تركيا للإتحاد الأوروبي… قد يكون لهذا التكتل –إن وجد- دور ما في توسيع هوامش الحريات في أحسن الحالات والقبول بخصوصيات المعالجات القطرية لملفات الحركات الإسلامية، ولكن الأرجح، وخاصة مع تزايد النجاحات الانتخابية لليمين المغازل للأطروحات العنصرية في أكثر من بلد أوروبي مؤثر (فرنسا – ألمانيا – إيطاليا)، أن لا يكون لهذا الإتحاد دور في الضغط أو حتى في تشجيع السلطات التونسية على إدماج حركة النهضة في الفضاء السياسي القانوني
(المصدر: موقع « نهضةانفو » بتاريخ 14 جوان 2008)
 


المدير العام للإذاعة التونسية منصور مهنى في حديث لإيلاف

 

لن يتراجع فعل الإذاعة في الجمهور ولن يتراجع حضورها وهذا هو الدليل   لن أجدد ترشحي لإتحاد الكتاب التونسيين وهذا ما حققته من إضافات   لا نرى في الإذاعات الخاصة خصما لنا   علي إبراهيم من تونس :   تعيش الإذاعة التونسية هذه الأيام على وقع الاحتفال بمرور سبعين سنة على إنشاء أول إذاعة عمومية تونسية، من خلال مهرجان الإذاعة التونسية الأول الذي تضمنت فعالياته ندوة دولية بحثت في موضوع : إعادة ابتكار الإذاعة، بمشاركة خبراء من أوروبا والعالم العربي وتونس. إلى جانب معرض للتجهيزات والوثائق والصور التي تختزل كلّ هذا العمر للإذاعة التونسية الذي تم توثيقه في كتاب خاص بالمناسبة. إلى جانب تنظيم مسابقات بين البرامج والمذيعين من مختلف الإذاعات العمومية والخاصة وهي بادرة شدّت اهتمام الملاحظين خاصة وأن المنافسة على أشدّها بين القطاعين العام والخاص في المجال السمعي البصري في تونس. في هذا الحوار نلتقي الدكتور منصور مهنى المدير العام للإذاعة التونسية التي تضمّ تسع إذاعات منها أربع إذاعات مركزية وخمس إذاعات جهوية (داخل المحافظات). وهو أيضا جامعي وأديب ينشط في الساحة الأدبية منذ سنوات، وعضو إتحاد الكتّاب التونسيين. هنا يتحدث الدكتور مهنّى عن مستقبل الإذاعة وآفاق التعاون التونسي المتوسطي ويناقش واقع إتحاد الكتّاب التونسيين.   أولا هنيئا لكم بمناسبة مرور سبعين سنة على إحداث الإذاعة في تونس؟ شكرا، فهي مناسبة للاحتفال والنظر الواعي في مستقبل الإذاعة في عصر التحولات التقنية الكبيرة في مجال الإعلام ووسائل الاتصال، والاستعداد لدخول مجال الإذاعة الرقمية. ما هي أبرز المحطات التي مرّت بها الإذاعة في تونس خلال سبعين سنة؟ من بين هذه المحطات البارزة أذكر سنة 1938 وهي سنة التأسيس التي تمّ الاحتفاء بها في ذلك الوقت على الرغم من الإطار التاريخي الذي مرّت به وهو محمول على بعض الخلافات والتشنج المرتبط آليا بالوضع الاستعماري. أمّا المرحلة الثانية فهي تتمثل في تونسة الإذاعة. حيث ولدت يوم 31 مارس 1957 الإذاعة الوطنية التونسية، وفي سنة 1960 الإذاعة الدولية (الناطقة باللغات الأجنبية). إلى جانب إحداث إذاعتين جهويتين بصفاقس والمنستير، وبعد تحوّل السابع من نوفمبر تم إحداث ثلاث إذاعات جهوية بكل من الكاف وقفصة وتطاوين، إلى جانب إذاعتين متخصصتين : إذاعة الشباب وإذاعة تونس الثقافية. فكلّما أحدثت إذاعة جديدة تدعم صوت الإذاعة التونسية وتدعم أدائها. ويبقى الحدث الأهم هو الميلاد الجديد للإذاعة التونسية في شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة غير إدارية، أي ذات صبغة صناعية وتجارية. حيث تم الإعلان عن هذا في نوفمبر2006 ، وتكرّس ذلك بالقانون الذي أعطى الميلاد الحقيقي والقانوني للإذاعة في شكلها الجديد. وهو يمثل فرصة كبيرة لما يسمح به لهذه الإذاعة من استقلالية ومن مرونة في التصرّف ومن فتح لآفاق العمل القادر على المنافسة في الفضاء الاتصالي المعولم. وكان على الإذاعة مسؤولية إدراك قيمة هذا الحدث والانخراط فيه بسرعة لتقيم الدليل على أنه قرار استشرافي يدرك ما تحتاجه الإذاعة لتكون كما نحتاجها.   هل معنى هذا أنّ التلفزة كانت مهيمنة على الإذاعة قبل قرار الفصل؟ أنا كنت مسئولاً عن قناة تونس 21 قبل قرار الفصل وأدرك إلى أي مدى كانت هنالك هيمنة من التلفزة على الإذاعة ممّا لا يمكن للإذاعة التمتع بإمكانيات مادية كافية لصياغة وتنفيذ إستراتيجياتها الإعلامية، ولا تتمكن أن تبرز العمل والاجتهاد الذي تقوم به وأن تجني ثمار الاجتهاد الذي قامت به.   لذلك أحدثتم مهرجان الإذاعة التونسية الذي انعقد الأسبوع الماضي؟ أنت تستبق الاستنتاج، ففي هذا الانخراط لا بدّ للإذاعة أن تقوم بنشاط تبرز به هذا الانخراط في أهداف قرار الميلاد الجديد فكان التفكير في هذا المهرجان لإحياء الذكرى الأولى لهذا الميلاد والذي اقترن بالذكرى السبعين لإحداث أول إذاعة عمومية في تونس. فهو مهرجان يحدث لأول مرّة في تاريخ الإذاعة. وعندما قمنا بجولة في مختلف الإذاعات الجهوية شعرنا بانتظار وتعطش لدى العاملين فيها  لفرصة تمكنهم من البروز وطنيا في مجال يقع فيه تقويم أعمالهم وجمع العائلة الموسعة. لذلك كانت الندوة الدولية « إعادة ابتكار الإذاعة »، والحفل الساهر الذي أحياه الفنان الكبير لطفي بوشناق بامتياز نال استحسان الجميع، وشاركه الحفل جمع من المطربين الشبان احتفاء برموز الأغنية التونسية الذين واكبوا نشأة الإذاعة التونسية في بداياتها. كما أنّ مسابقة البرامج الإذاعية تنافس فيها القطاع العام والقطاع الخاص في جو من الشفافية والموضوعية أقام الدليل على أنّ القطاع العام والقطاع الخاص وكلّ وسائل الإعلام تشتغل معا كلّ حسب مهامه وخطه التحريري للإسهام في رفع مستوى الإعلام التونسي مواكبة لمنظومة التنمية الشاملة.     وضمن أي هدف يتنزل المعرض الذي يتواصل إلى غاية الرابع عشر من هذا الشهر بقاعة الأخبار بتونس العاصمة؟ الوعي بضرورة إحياء الذاكرة وتكريم من أعطى ويعطي الإذاعة من جهده أقمنا معرض الإذاعة الذي نطمح أن يتحول إلى متحف قارّ وأصدرنا كتاب الإذاعة التونسية وأضفنا له عبارة الأوّل حتى يكون الأمر إلزاما لنا بمواصلة الجهد في سبيل أنها توثق لنفسها وتعيد ابتكار ذاتها وتفتح مسالك الاستشراف. لماذا أشركتم الإذاعات الخاصة في مهرجانكم على الرغم من كونها أضحت منافسا قويا لكم ميدانيا؟ تشريك القطاع الخاص يندرج ضمن فلسفة مدروسة تنبني على التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص وهو الرهان الذي طرحه رئيس الدولة بفتح القطاع السمعي البصري على الاستثمارات الخاصة لتكون تلك المنافسة الشريفة. فالكلّ مطالب بتحسين أدائه ومراجعة طرق العمل وفلسفة البرمجة وطبيعة العلاقة مع الجمهور. في هذا السباق الشريف نحو الأداء الأفضل والنجاعة الأكبر. نحن في الإذاعة التونسية لا نرى في الإذاعات الخاصة خصما لنا بل هم رفقاء درب على خط النضال الوطني في سبيل إعلام وطني متطور، لذلك لم نرى أي حرج في تشريك القطاع الخاص بل كنّا ممنونين للاستجابة السريعة لدعوتنا لهم ونشكرهم على ذلك. ما هي آفاق التعاون بينكم وبين مختلف الهيئات الدولية والأروبية المختصة في مجال الإعلام خاصة وأن حضورها كان لافتا في الندوة الدولية؟ من المحطات البارزة في المهرجان تشريفه بأربع هيئات دولية ممثلة في إتحاد إذاعات الدول العربية، وهي طرف مساهم بفعالية في المهرجان، وكذلك الإتحاد الأوروبي للإذاعات والتلفزات ونحن نعلم حجم هذا الهيكل، إلى جانب المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية، وكان معنا المدير التنفيذي لجامعة الإذاعات والتلفزات الدولية. دون اعتبار المشاركين في الندوة من إسبانيا وفرنسا وايطاليا والجزائر ومصر وتونس الذين قبلوا دعوة المهرجان تعبيرا منهم على صداقتهم لتونس وإذاعتها واستعداد هيئاتهم للتعاون مع هذه الإذاعة التي أحسوا فيها جهدا واضحا منذ استقلاليتها وأتوا ليحمّلوها مسؤولية العمل على التقريب بين ضفتي المتوسط وهي التي انتخبت في خطة نائب رئيس المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية. وسبل التعاون متعددة خاصة في مجال الإنتاج المشترك والتكوين ونطمح أن يكون التعاون أكثر في مستوى الرقمنة والتوثيق خاصة وأنّ الرئيس الجديد للمؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية وهو مدير المعهد الوطني للسمعي البصري بفرنسا وهو المرجع الأهم في عملية الأرشفة. وما هي آفاق تعاونكم مع الهيئات العربية والدولية في مجال الإذاعة؟ دخلنا عملية تنظيم وهيكلة داخل وحدة العلاقات الخارجية في مؤسستنا حيث سيكون لنا إطار مختص في العلاقات مع إتحاد إذاعات الدول العربية وهيئاته الأعضاء وإطار مكلف بالمنظمات الدولية الأخرى. ونحن انطلقنا في مؤتمر بوخارست الأخير في أعمال مشتركة في الإنتاج والمساهمة في لقاءات فكرية ومهنية أو استضافة لقاءات دولية ففي أكتوبر القادم سنستضيف العلاقات الخارجية بالإتحاد الأوروبي للإذاعات والتلفزات. كل هذا للإسهام في إشعاع تونس وإبراز قدراتها وقدرات أبنائها وخاصة التشديد على دورها الوسيط بين ضفتي المتوسط وفكرها وسياستها الوسطيين بناء على قيم التسامح والحوار.   هذا الحرص على التعاون المتوسطي هل هو تفاعلا مع دعوة الرئيس الفرنسي لإقامة الإتحاد المتوسطي؟ مبادرة الرئيس الفرنسي ساركوزي شجاعة ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ تونس كانت من أوّل الدول إن لم تكن الأولى التي نادت بفكرة المتوسطية كهوية ممكنة تنبني على إرث حضاري عميق وعلى جملة من القيم الإنسانية الثابتة وعلى المصالح المستقبلية المشتركة وكان هذا منذ بدايات التغيير حتى أن الرئيس بن علي في يوم ما كان ينادي بإدراج فكرة المتوسطية في البرامج الدراسية حتى يتشبع بها التلاميذ منذ الصغر. فنشأة بيداغوجيا المتوسطية يعود أصلها إلى الرئيس بن علي، لكن المبادرة السياسية في تكوين هيكل أو تجمع متوسطي تقدم بها الرئيس الفرنسي وتم تعديلها شيئا ما لتأخذ شكلا وسطيا بين ما كان عليه مسار برشلونة وما وعد به مقترح الرئيس ساركوزي. لاشك أن الخطوة يمكن الاستفادة منها ولكن لا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا توفر ما أشار إليه الرئيس بن علي عند زيارة الرئيس ساركوزي الأخيرة إلى تونس وهي الشراكة الحقيقية والتشاور الفاعل والتضامن الحضاري بين الدول في الضفتين. وهل تعامل الإذاعة التونسية كافة الأحزاب الناشطة في الساحة السياسية في تونس على قدم المساواة باعتبارها مرفقا عموميا؟ الإذاعة التونسية تمثل القطاع الإذاعي العام في تونس، لها خط تحريري ينبني على الإسهام في توعية المواطن بما يتحتم على وطنه من تحديات ورهانات ليكون في السباق التنموي الذي يحتّمه الوضع الدولي. وهي مطالبة في نفس الوقت بمساعدته على الشعور بمسؤوليته حتى لا يتصور أن التنمية مسؤولية الدولة فقط بل شأن جماعي، وفي هذا الجمع هناك مكونات المجتمع المدني من جمعيات ومنظمات مهنية و أحزاب قانونية لأن المجتمع المدني لا ينبني إلا على الشرعية القانونية  وفي هذا الاعتبار واحتراما لأخلاقيات المهنة فإن الإذاعة التونسية بمختلف محطاتها تشرك في حواراتها واستجواباتها مختلف مكونات المجتمع المدني التونسي الذي يعتبر شريكا فاعلا مع الدولة ومع القطاع الاقتصادي الخاص في إنجاح منظومة التنمية الشاملة. دكتور، تدافع بقوة على حضور الإذاعة في الناس ونحن نعيش عصر الصورة بامتياز، ما هو دليلك على نجاح الإذاعة في حيازة الريادة في اهتمام المتقبل كمصدر أساسي للخبر؟ لن يتراجع فعل الإذاعة في الجمهور ولن يتراجع حضور الإذاعة وكل الدراسات والتحاليل تبرز ذلك، خلافا لما قد تنبئ أو توهم به بعض وكالات سبر الآراء وقياس نسب الاستماع، لأن الإذاعة هي الوحيدة التي يمكن الاستماع إليها دون حاجة ضرورية لتجهيزات خاصة أو لوضع خاص وظروف خاصة. فأنت تستمع إلى الإذاعة في السيارة وأثناء عملك في البرّ والبحر، والطلبة يراجعون دروسهم ليلا ونهارا برفقة الإذاعة … فالإذاعة تفعل فيك فعلها وأنت نائما على فراشك وهو ما أسميه شخصيا الاستماع الغير منتبه. والتحاليل العصرية تبيّن أن لوسائل التقنية الجديدة هي فرصة إضافية للإذاعة وأن الوسائل الأخرى عندما تنتفع بهذه التقنيات الجديدة تبقى في حاجة إلى الإذاعة مهما كانت مصادر المعلومة الأخرى المتوفرة لديها. بعيدا عن مسؤوليتك على رأس الإذاعة التونسية، أنت رئيس جمعية الثقافة والفنون المتوسطية التي تصدر مجلة تيتيس، وتحمل عضوية إتحاد الكتاب التونسيين، كيف يتعايش لديك الأديب والإداري؟ •الأدب عندي سبق العمل الإداري، كنت أتعاطى الكتابة بطريقة بدائية منذ سن 12 سنة ولكن في نفس الوقت كنت ولوعا بالسينما وكذلك المسرح كتابة وتمثيلا وإخراجا وبعد ذلك قادتنا الحياة إلى ردهات النضال اليومي إلا أنني لم أفقد الصلة بالكتابة ولم أتجرأ على نشر أي نص كتبته بالعربية لأن اختصاصي الجامعي قادني إلى الكتابة بالفرنسية وتعددت الكتب إبداعا ونقدا. لكنني حرصت دائما السير في كل هذه الكتابات ضمن نفس النظرة للحياة التي أبني عليها مصيري وهي قضية الانخراط في منطق التفاؤل والعمل والبذل والعطاء في انتماء صارخ للأصل ولكن في انخراط متحمس لكل ما يفتح هذا التأصل إلى تعامل إنساني أوسع سواء في المستوى الجهوي (متوسطي – عربي) أو في مستوى كونية الإنسان. ومن هنا يمكن أن نفسر الإلتقاء في نفس الشخص بين الالتزام السياسي والالتزام الثقافي. فأنا من الذين لا يؤمنون بتخلي المثقف عن الالتزام السياسي وأن يكون بالضرورة مناهضا للسلطة، فالالتزام السياسي يمكنه من العمل في منظومة مبنية على أهداف واضحة في خدمة الناس وأنه بحجمه الثقافي يمكن أن يسهم في تعديل وإثراء ما يحدث في المجتمع، ولو نظرنا إلى تاريخ الأدب لوجدنا من أبرز رموزه من نجح في التزامه بالمسألتين معا : لا مارتين، فيكتور هيجو، سان جون بيريس، جون جي رودو، أندري مالرو، محمود المسعدي، صلاح استيتية، نزار قباني ومحمود درويش في مرحلة أولى من حياته …   هل أنت راض على أداء الهيئة الحالية لإتحاد الكتاب التونسيين التي تتحمل فيها مسؤولية العلاقات الخارجية أمام الانتقادات الكبيرة لها في صفوف الكتاب والمثقفين في تونس؟ في الواقع إن كان لي أن أبدي رأي في هذا الموضوع، دعني أؤكد على أنّ كل ما يمكن أن يعاب على هذه الهيئة فأنا معني به مادمت فيها لأنني أعتبر دخولي للهيئة المديرة للإتحاد لم يكن مبرمجا. لكنك أصبحت عضوا بالهيئة المديرة بعد عملية انتخاب؟ نعم، لكن ما أردت الإشارة إليه أن انضمامي لهيئة الإتحاد كان مبنيا على هدف محدود بالنسبة إلي وهو محاولة دفع الإتحاد في اتجاه ضفتي البحر الأبيض المتوسط طبقا لالتزامي في جمعية الثقافة والفنون المتوسطية، ولذلك تحملت مسؤولية العلاقات الخارجية، لكن بقية ملفات الإتحاد تتجاوزني واهتماماتي، كما أردت أن لا أكون حاجزا لعلاقات سابقة بين زملائي في الهيئة المديرة أو الكتّاب واتحادات أخرى فتركنا العمل جماعيا في هذا السبيل، إلا أنه في نفس الوقت كانت لي قناعة أن الإتحاد يجب أن ينفتح على أعضائه الذين يكتبون بغير العربية وهم من الكتاب التونسيين يحملون انخراطهم في صلب الإتحاد، فسعيت إلى أن يكون في مجلة المسار (مجلة الإتحاد) قسم فرنسي وأشكر الزملاء الذين ساندوا المقترح، وأظن أن هذا كسب للمجلة والإتحاد أتمنى أن يتواصل بعد المؤتمر القادم.   لكن كيف تقيم الأداء العام للهيئة؟ نحن نعلم أن كل تقويم نسبي، وما يمكن الإشارة إليه هو على الأقل التخفيض من درجة التشنج التي كانت تميّز العلاقات صلب الإتحاد وطبيعي أن تعود صلب المؤتمر. فدرجة التعامل بين الكتّاب ارتقت إلى شيء من العقلانية والهدوء الذي نتمنّى أن يتواصل في احترام مختلف الحساسيات والاختلافات والأشخاص خدمة لهذا الإتحاد الذي يشكل مكسبا ضمن المجتمع المدني التونسي وفي الحركة الثقافية التونسية والذي يجب أن يلقى الدعم من المنخرطين فيه على الأقل بنفس السند والدعم الذي يلقاه من الدولة. هل سترشح لعضوية الإتحاد في المؤتمر القادم؟ هذه الفترة كانت عبارة على قوسين في مسيرتي مع الإتحاد منذ 1993، أعتقد أنني حققت من هدفي القليل حيث أرى أنني أسهمت في وضع خط أول في هذا المسار مع بقية الزملاء، كما أنني سعيد برئاسة الوفد التونسي إلى مؤتمر إتحاد الكتاب العرب بالقاهرة والعودة بخطة مساعد ثان للأمين العام للإتحاد، وقدمنا مقترحا لانعقاد المكتب الدائم للإتحاد بتونس في ندوة حول الترجمة بما أن تونس جعلت سنة 2008 سنة وطنية للترجمة وهو ما تمّ فعلا.    المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 14 جوان 2008


 
 

تونس: حركة الاحتجاج الاجتماعي تدور في حلقة مفرغة

 

صلاح الدين الجورشي
شرح الصورة: تعددت مظاهر الإحتجاج الإجتماعي في بلدان المغرب العربي في الفترة الأخيرة. في الصورة: مواجهات عنيفة وسط مدينة وهران بين شبان وقوات الأمن يوم 28 مايو 2008 (Keystone) أكدت التطورات الأخيرة التوقعات التي أشارت إلى أن سنة 2008 ستكون سنة اجتماعية بامتياز، ليس فقط بالنسبة لتونس التي تحاول دون جدوى السيطرة على تصاعد الحركة الاحتجاجية في منطقة « الحوض المنجمي »، وإنما أيضا في معظم الدول العربية التي تجد نفسها اليوم أمام ساعة الحقيقة. فمن مصر إلى المغرب، وصولا إلى تونس عبر الجزائر، وصعودا نحو اليمن والسودان، بعد انعطافة على موريتانيا، والنظر من بعيد إلى لبنان وسوريا والأردن يظل المشهد غير مطمئن بالمرة، والروائح هذه المرة غير زكية، كما يصدق على الجميع ما قاله الأمير حسن عندما سألوه عن الأردن فأجاب بما معناه « أرى انفجارا قريبا ». تونس مثال للاستقرار الاجتماعي. لقد ترسخت هذه الصورة طيلة العشرين سنة التي مرت من حكم الرئيس بن علي، وذلك بشهادة المؤسسات المانحة وفي مقدمتها البنك الدولي. لكن ما حدث في المناطق المحاذية لمدينة قفصة (جنوب غرب) بدا وكأنه إيذان بأن هذا الاستقرار قد يصبح مهددا بشكل جدي. وإذا كانت مسألة البطالة قد أصبحت مرضا مزمنا اعترفت به السلطة، وجعلته في مقدمة أولوياتها، إلا أن ما يجري في الحوض المنجمي منذ الأسبوع الثاني من شهر يناير 2008، يعتبره بعض المحللين الاقتصاديين مثالا للتدليل على أن المشكلة لا تتعلق فقط بالتشغيل، وإنما تتجاوز ذلك لتكشف عما يعتبرونه أزمة النمط التنموي الذي لم تختره تونس لوحدها، وإنما هو حزمة إجراءات قامت المؤسسات المالية الدولية والجهات المانحة بفرضها على حكومات دول العالم الثالث، ومن بينها دول العالم العربي. وقد استنفدت تلك السياسة أغراضها فيما يبدو، وأعطت إيجابياتها في مرحلة سابقة، وحان الوقت لحصد التداعيات السلبية والخطيرة لتلك الاختيارات. اتحاد النقابات يخرج عن صمته يمكن القول بأن الخيار الأمني قد فشل نهائيا في وضع حد لحالة التمرد الجماعي التي تشهدها بعض معتمديات الجنوب التونسي، وبالأخص معتمدية الرديف التي عاشت حالة وصفها الكثيرون بنوع من الانتفاضة، شارك فيها كل سكان المدينة تقريبا، مما استوجب تدخل الجيش الذي لا يزال يُرابط حول المدينة إلى حد إعداد هذا التقرير (13 يونيو 2008)، وذلك بعد أن تم اللجوء إلى استعمال الرصاص من طرف قوات الأمن ضد المتظاهرين يوم 6 يونيو مما أدى إلى مقتل أحدهم، ويعتبر ذلك من الحالات النادرة التي تمت الإستعانة فيها بالمؤسسة العسكرية خلال العشرين السنة الماضية. ومع ذلك يشير النقابي عدنان الحاجي أحد الذين يقودون عملية التفاوض مع الجهات الرسمية منذ اندلاع الأزمة، وذلك في اتصال هاتفي مع سويس إنفو أن الشرطة والحرس لا يزالون يلاحقون شباب المدينة ويسعون لاعتقالهم، وهو ما يؤشر على أن المشكلة مرشحة لمزيد من التعقيد. ويذكر الحاجي في شهادته أن العشرات من شباب الرديف لجئوا إلى الجبل المحيط بالمدينة أو إلى الصحراء، هربا من الاعتقال. ويبدو بذلك أن أجهزة الأمن لا تريد أن تتخلى نهائيا عن الملف، خوفا من ردود فعل مجموعات صغيرة من الشبان أصبحت تتحرك بعيدا عن كل رقيب. ولعله من الحالات النادرة التي تخرج فيها قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل (النقابة الوحيدة في البلاد) عن صمتها، حرصا منها على التحالف الاستراتيجي الذي يربطها بنظام الحكم. ولهذا كان لافتا البيان الأخير الصادر عنها والخاص بأحداث الرديف، حيث طالبت السلطة بـ « ضمان حرية الرأي والتعبير وأشكال الاحتجاج السلمي »، مع التأكيد على أن « سبل تجاوز التوترات الاجتماعية ليست في الحلول الأمنية بل في توسيع دائرة الحوار وتشريك الجميع في الشأن المجتمعي ». وهو بيان لم يُرض السلطة فيما يبدو، ولعل ذلك يفسر عدم نشره بعد صدوره يوم 7 جوان الجاري من قبل عديد الصحف خلافا لما جرت العادة. قطيعة.. وحوار متوقف من جهة أخرى، بدا واضحا أن القطيعة ترسخت بين الأهالي وممثلي السلطة المحلية سواء أكانوا سياسيين من التجمع الدستوري الحاكم، أو إداريين أو أمنيين. الأهالي يطالبون بأطراف محاورة ذات مصداقية، وتملك صلاحيات اتخاذ القرار. ويقول السكان إنهم يريدون حلولا جذرية وملموسة وليس وعودا أو حلولا يعتبرونها ترقيعية. لقد أدت أزمة الثقة إلى إحداث فراغ وتقطع في التواصل بين الغاضبين والحكومة المركزية، وبالتالي عدم النجاح في تأسيس عملية تفاوضية مستمرة يمكنها أن تؤدي إلى ابتكار حلول، وهو ما يعني أن الأزمة أصبح لها بعد سياسي، رغم أنها كانت في الأصل مجرد مشكلة اقتصادية اجتماعية. وبما أنه لابد من حوار مع الناس، فمن الضروري التذكير بأن الحوار يستوجب شروطا، ومن بينها إعادة بناء الثقة، وتوفر الإرادة السياسية، والاعتراف بمن يمثل الأهالي. ومع ذلك يقول السيد عدنان الحاجي بأنه ورفاقه لم يقدموا مطالب تعجيزية، وتوصلوا مع الطرف المقابل إلى الفصل بين ما هو حلول بعيدة المدى تتعلق بتنمية الجهة حتى تلتحق ببقية الجهات النامية في تونس، وبين الحلول العاجلة. وهي حلول ذات طابع مهني، مثل تنظيم التشغيل في حظائر البلديات، أو في شركات المناولة المتعاونة مع شركة فسفاط قفصة (المشغل الرئيسي والوحيد تقريبا بالمنطقة)، التي يتهمون إدارتها السابقة بالإهمال والمحسوبية رغم أنها تمر بأفضل مراحلها المالية بسبب مداخيلها التي زادت بشكل ملحوظ. ملاحظات وتساؤلات هناك خمس ملاحظات تفرض نفسها على الأقل بالنسبة للحالة التونسية، وبالأخص فيما يتعلق بالحركة الاحتجاجية بمدينة الرديف وما جاورها، وقد يتقاطع بعضها مع ما يجري في دول عربية أخرى: أولا: فشل هذه الحركة في تحقيق امتداد جغرافي لها خارج حدود الحوض المنجمي، وخلافا لبعض التحاليل أو التوقعات، بقيت هذه الحركة محصورة داخل إطارها المحلي، وغارقة في الخصوصيات الدقيقة لمنطقتها. ومن هذه الزاوية لا يمكن اعتبارها مؤشرا على انفجار اجتماعي أكثر اتساعا. ثانيا: رغم صدور بيانات عن أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية، إلا أن هذه الحركة الاحتجاجية بقيت تفتقر لسند قوي وفاعل من قبل المجتمع المدني التونسي، الذي لا يزال غير قادر على تحقيق تفاعل إيجابي ومتواصل مع هذه الأحداث ومع فاعليها الرئيسيين. وهو ما جعل الحركة الاحتجاجية رغم استمرارها لمدة تتجاوز الخمسة أشهر لا تزال بدون حاضنة مدنية تساعدها على تحقيق مطالب متواضعة. ولعل أخطر ما تواجهه هذه الحركة حسب شهادات أشخاص قريبين من الأحداث، هو وجود بعض الشبان الذين لا يزالون خارج السيطرة، يقومون من حين لآخر بأعمال غير محسوبة ذات منحى مغامراتي، مما ينجر عنه ردود فعل أمنية غير موزونة وتعطي باستمرار نتائج عكسية. وقد أثر ذلك بشكل سلبي على العملية التفاوضية التي بقيت معرضة للتقطع باستمرار. أما الملاحظة الثالثة فتخص الجهات الرسمية التي تبدي ترددا في الاستجابة لمطالب يتفق جميع المراقبين حول كونها مطالب محلية تتعلق بتشغيل عدد من العاطلين، وهي مطالب ممكنة سقفها منخفض، ويمكن بقرار رئاسي تنفيذها في أقرب الآجال، مثل إنشاء شركة مناولة، وذلك بهدف امتصاص أكثر ما يمكن من عدد العاطلين، وذلك في انتظار وضع خطة فعلية تخرج المنطقة من حالة البؤس التي هي عليها. رابعا: سؤال يثير الحيرة ويتعلق بأسباب تهرب القطاع الخاص من القيام بدور فعال في فترات الاحتقان الاجتماعي. البعض يتهمون القطاع الخاص بأنه يريد الحصول على أقصى الامتيازات، دون أن يساهم في المقابل في سد الثغرات التي يخلفها انسحاب الدولة من مجالات حيوية مثل الخدمات الاجتماعية والتشغيل. وهذه الملاحظة لا تتعلق بالحالة التونسية، بل قد تبدو أكثر تراجيدية في دول عربية عديدة مثل اليمن أو مصر. فالقطاع الخاص يستفيد من الدولة ثم يتركها بمفردها تواجه الأعاصير الاجتماعية بوسائلها غير الناجعة، وفي مقدمتها إنزال الأمن والجيش في وجه الجماهير الجائعة. وقد كانت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل واضحة في بيانها عندما أشارت إلى المناطق الداخلية التي « ظلت محرومة من الاستثمارات المشغلة سواء الأجنبية منها أو المحلية رغم الحوافز والتشجيعات المتعددة، وهو ما يجعل النهوض بالمشاريع في تلك الجهات المعنية مسؤولية الدولة ». خامسا: ملاحظة هامة أشار إليها السيد عدنان في حديثه مع سويس إنفو عندما طالب وبإلحاح « وضع حد للملاحقات الأمنية لشبان الجهة ». وذكّـر بأن مدينة الرديف لا تبعد كثيرا عن الحدود التونسية الجزائرية، مشيرا إلى أن الجميع يعلمون ما يجري وراء هذه الحدود من نشاط متزايد لتنظيم القاعدة. وكأنه بذلك يشير إلى عدم حشر هذا الشباب العاطل، والفاقد لأفق واضح، والباحث عن شغل في منطقة ثرية، في الزاوية وتركه أم أحد خيارين أحلاهما مُـرّ: إما الاختناق أو أن يتحول لقمة سائغة لجماعات تبحث عن ضحايا. امتحان صعب كثير من الحكومات العربية مرشحة لكي تواجه امتحانا صعبا خلال الأشهر القادمة. فالمناخ الاقتصادي العالمي يسير نحو الأسوإ، وستجد هذه الحكومات نفسها يوما بعد يوم تواجه مصيرها بمفردها رغم أنها التزمت من جهتها بتنفيذ كل الشروط التي وضعتها الجهات المانحة. وهو ما يجعل هامش الحركة عندها محدودا، وسيزداد ضيقا أمام التهاب أسعار النفط والمواد الأولية بما في ذلك المواد الغذائية. فما عسى هذه الحكومات أن تفعله تجاه مجتمعاتها المهددة بمزيد من الفقر وتدهور قدراتها الشرائية؟ خاصة وأن هذه الحكومات لم تتعود على تشريك مجتمعاتنا المادية في طبخ القرارات واختيار السياسات، لأنها لو فعلت ذلك من قبل لوجدتها إلى جانبها خلال الفترات الصعبة، لأن الغرب (والشمال عموما) لن يعترف في نهاية الأمر إلا بشيء واحد.. وهو مصالحه ولا شيء غير مصالحه!. صلاح الدين الجورشي – تونس (المصدر: موقع « سويس إنفو »(سويسرا)  بتاريخ 14 جوان 2008)

اضطرابات الحوض المنجمي: رؤية هادئة لوضع مضطرب

 

 
سليم الزواوي    ستة أشهر مرت و الاضطرابات في منطقة الحوض المنجمي لا تهدأ، بل إن التطورات الأخيرة أخذت منحى بالغ التوتر وصل إلى حد الصدام الدموي بين بعض أهالي المنطقة و بين رجال الأمن، و لسائل أن يستفهم لماذا انحدرت الأوضاع إلى هذا المستوى من العنف المتبادل؟ هذا إذا صدقنا الرواية الرسمية عن وقوع جرحى في أوساط رجال الشرطة عندما واجههم بعض الشباب بوابل من الزجاجات الحارقة، مهما يكن من أمر، فان منطق العنف الذي استقر في الآونة الأخيرة لغة تعامل بين الأهالي في الشريط الغربي و بين أجهزة السلطة و ممثليها الجهويين إنما يجسد مظهرا فاقعا لانسداد قنوات الحوار و انقطاعا محيرا لجسور الثقة، و إهدارا لإمكانات التفاهم، كما يكشف من جهة أخرى عن ضعف في الثقافة السياسية و الحس المدني فمن خلالهما كان بالوسع احتضان الحركة الاحتجاجية و تأطيرها سلميا و توجيهها في مجرى الحوار المتمدن بعيدا عن دوامة العنف و الاستفزاز و في كنف المؤسسات و تحت سلطة القانون. لسنا في حاجة إلى مزيد تأكيد تعاطفنا الكامل مع المطالب العادلة للحركة الاحتجاجية التي عبرت عنها الفئات الشعبية من مختلف الجهات المحرومة، كما لا يمكن أن نخفي استياءنا من حوادث العنف المتبادل بين الشرطة و بعض الشباب الغاضب في منطقة الرديف، غير أن دقة الموقف و حساسية الوضع المكهرب هنالك لا يكفي معه إطلاق الاتهامات و الإدانات ذات اليمين و ذات الشمال، فالقضية لا تقبل الاختزال في حدود ترداد الروايات المتضاربة حول الأحداث من اجل التموقع في مواجهة السلطة أو معها أو إلى جانب أهلنا في الشريط الغربي أو على مسافة منهم. في الحقيقة بوسعنا أن نفكر ضد الجميع و معهم و من اجلهم في نفس الوقت، بمعنى أوضح أن نكون ضد التجاوزات من حيثما كان مصدرها و نكون مع الوسائل الناجعة التي تضع حدا للاضطرابات المحتدمة منذ شهور كما تفتح أفقا لوضع الحلول الجدية لمجموع القضايا العالقة. في الحقيقة ثمة اليوم مؤشرات على إمكانية تجاوز المخلفات النفسية للأحداث المؤسفة التي وقعت في الأسبوع الفارط، و هذا ما نلمسه في جملة الإجراءات المتوالية و السريعة التي بادرت بها السلطة لتهدئة الخواطر و جبر الأضرار النفسية تمهيدا لاستعادة أجواء الثقة وعوامل الاستقرار. فالإجراء الأول و هو من عناوين الحرص على العدالة المقترنة بتطبيق القانون و يتمثل في التعجيل بتكليف القضاء للتحقيق في ملابسات الحادث الذي انجر عنه مقتل مواطن في زحمة المواجهات التي وقعت في الرديف. أما الإجراء الثاني و الذي يهدف إلى تلطيف الأجواء و منع العوامل المغذية لعودة الاشتباكات فيتجسد في استدعاء الجيش كقوة فصل و حماية للمنطقة من أي احتكاك بين الأهالي و رجال الشرطة بعد أن ساءت العلاقة بين الجانبين بسبب ما خلفته حوادث العنف المتبادل من احتقان و توتر.  يبقى الإجراء الثالث و المتعلق بإعفاء المدير العام لشركة فسفاط قفصة من  مهامه،  من أكثر الإجراءات دلالة على جدية تعامل السلطة مع مطالب أهالي منطقة الحوض المنجمي و عزمها الحقيقي على تفعيل دورها في معالجة الأوضاع و محاسبة المسؤولين عن حالة التردي المتفاقم.  إن تحركات السلطة في هذا الاتجاه أمر مفيد لاحتواء الأزمة ومنع تمددها و السيطرة على تداعياتها، غير أن هذا التحرك المحمود لا ينبغي أن يقف عند هذا المستوى، فالإجراءات المذكورة قد تشعر الأهالي بقدر من الاطمئنان و الثقة. فالدولة التي اصطدموا بالأمس القريب بأجهزتها الأمنية هي ملاذهم اليوم لاستعادة الاستقرار و ضمان الحقوق و إقرار العدالة و توفير مقومات المعالجة الناجعة لمعضلات التنمية.    لا شك أن المطلوب أكثر من إجراءات عاجلة فالمشاكل المتراكمة في هذه الجهات تتطلب تفكيرا جماعيا مفتوحا على مختلف المبادرات في الدولة و القطاع الخاص و المجتمع المدني و الأحزاب السياسية، كما أن المشاكل الحاصلة اليوم على كامل الشريط الغربي و إن كانت في جوهرها ذات صبغة اجتماعية مطلبية فان مواجهتها الناجحة لا تستبعد الشق السياسي و ما يمكن أن يقدمه من وسائل و أدوات ترفد بها المعالجة الاقتصادية و الاجتماعية، ما كان العنف ليكتسح صدارة المشهد في تلك المناطق النائية لو أن السياسة فرضت منطقها و ترسخت مبادئها و تعددت أطرها القادرة على استيعاب التناقضات و صهر التعارضات في بوتقة الحوار الاختلافي الذي لا يفسد للود قضية مهما تعالت نبرته و تضاربت طروحاته.

 


 
«الهيستيريا» الدينية؟؟  
 
يكتبه: كمال بن يونس وصف الكردينال جان لويس توران المسؤول في الفاتيكان عن ملف العلاقات مع الاديان الاخرى بأن العالم « مهووس » بالاسلام..أي أن نوعا من « الهيستيريا » انتشر في كثير من كتب « الخبراء » الامريكيين والاوروبيين.. عن الاسلام والمسلمين..  بسبب انتشار بعض اعمال العنف والارهاب التي اقترنت باسم الاديان ومن بينها الاسلام.. خلال العقدين الماضيين.. سيما بعد 11 سبتمبر وحروب بوش  » الصليبية ».. ذكر انه في مارس الماضي اتفق زعماء من الفاتيكان ومن رموز الفقه والفكر في العالم الاسلامي على اقامة حوار رسمي دائم بين الجانبين.. يعرف باسم « المنتدى الاسلامي الكاثوليكي » بغرض تحسين العلاقات التي توترت بعد خطبة ألقاها البابا الحالي  في عام 2006 وأثارت جدلا.. بسبب تصريحات عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام..  تزامنت مع « نبوات بوش الابن ».. وتصريحاته عن « الامر الالاهي » الذي جاءه ليلا بمهاجمة بغداد عاصمة السلام.. واحتلال العراق بلد الـ7 الاف سنة.. لكن رغم التحفظ على كل تصريحات بوش والبابا الحالي وحلفائهما.. فلا بد من الاقرار أن البعض من مجتمعاتنا العربية والاسلامية تشهد فعلا منذ سنوات نوعا من الـ »هيستيريا الدينية »..  والسلوكيات « الايمانية » الغريبة عن تراثنا وثقافتنا المعتدلة.. هيستيريا يمكن تفسيرها بعوامل عديدة.. من بينها نقص فضاءات الحوار العقلاني والعلمي الهادئ.. وانتشار الدعاية السلفية والوهابية وقنوات نشر التطرف في صفوف الشباب.. على حساب منابر الترويج للاسلام المعتدل.. ووسائل الاعلام المعتدلة مثل اذاعة الزيتونة في تونس مثلا..التي تقوم بعض برامجها بمجهودتوعوي هادئ  يذكر فيشكر.. لكن قد يكون من المفيد تطويرها ودعمها.. على اكثر من واجهة.. حماية لشبابنا واطفالنا من كل سيناريوهات التطرف والدمغجة.. يمينا وشمالا.. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جوان 2008)  


ما هو إيجابي في فوز أوباما.. للأمريكيين والعالم

 
بقلم: حياة السايب  
تخمينات كثيرة رافقت حدث فوز باراك أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي له في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ليواجه مرشح الحزب الجمهوري جون ماكاين. تخمينات بشأن امكانية حدوث  تغيير ولو كان ذلك بشكل نسبي في السياسة الخارجية الأمريكية،   تغيير لا نصل إلى حد القول بأنه يجعل الولايات المتحدة تلتزم مثلا العدل في قضية الصراع العربي الإسرائيلي لأن انتظار شيء من هذا القبيل في الظروف الحالية على الأقل يكاد يكون مستحيلا وإنما يجعل الإدارة الأمريكية تراجع سياسة الإنحياز الكامل لإسرائيل ليس فقط ضد العرب وإنما ضد العالم بأسره وذلك طبعا  في صورة ما إذا وصل أوباما إلى البيت الأبيض.  وسواء بقينا في إطار التخمينات أو صدقت التكهنات فإن ذلك لا ينقص من أهمية حدث فوز أوباما بالإنتخابات التمهيدية لحزبه  في شيء.  ولا ينبغي لنا أن لا نرى في هذا الحدث، حدث اختيار رجل أسود (ولو كان يحمل في عروقه دماء «بيضاء» من خلال والدته) لأول مرة ليكون مرشح أحد الأحزاب القوية التي تتداول على حكم الولايات المتحدة في انتخابات نوفمبر القادم   ليس هذا فحسب بل للرجل  حظوظ وافرة للفوز بهذه الإنتخابات، لا يمكن أن ننظر للحدث على أنه مجرد أمر عادي. لا يمكن أن نتعامل مع الأمر وكأن الحدث لا يحمل في طياته أية ايجابيات بالنسبة لنا. إن كان باراك أوباما ما هو إلا  أحد افرازات الحياة السياسية الأمريكية التي تقوم على مؤسسات وتلتزم بعدة قوانين ولها خصوصيات وبالتالي لا ننتظر منه أن يحدث قطيعة كاملة مع التقاليد التي تحكم الحياة السياسية الداخلية والخارجية لبلاده. فإنه في مقابل ذلك يبقى وليس من منظور المتحمسين للرجل فقط مرشحا استثنائيا. لذلك قد ترافق وصوله المحتمل للحكم تغييرات جذرية في السياسة الأمريكية نظرا لعدة عوامل أبرزها تحمله لمسؤولية تاريخية كبيرة. ذلك أن أوباما  قد يكون الرئيس الأول للولايات المتحدة الذي ينحدر من الأقليات  ومن السود تحديدا. وهي من بين الأسباب التي تجعلنا نرتقب عهدا أفضل نسبيا  إذا ما فاز أوباما بالإنتخابات. فإن  كان برنامجه الإنتخابي لا يختلف عن خصمه الجمهوري في عدة نقاط فإن  هناك اختلافا في بعض التفاصيل  ولا ننسى أن تلك التفاصيل هي التي تحدث الفارق في نهاية الأمر وتحدد نتيجة الانتخابات الأمريكية. مصالح اللوبيات القوية  والمزايدات البرنامج الإنتخابي الذي تقدم به باراك أوباما لا نجده بالفعل يختلف اختلافا جوهريا مع مرشح الحزب الجمهوري جون ماكاين في عدة نقاط وخاصة منها التعهد بضمان مصالح اللوبيات الأمريكية ومن بينها بالطبع اللوبي اليهودي أو اللوبيات المسيحية اليهودية الراديكالية. بل قد نصل إلى القول أن المرشح الديمقراطي  قد لعب ورقة المزايدة على المرشح الجمهوري. فمعروف أن الإدارة الأمريكية الحالية  لم تعمل على إخفاء انحيازها  الكامل للدولة العبرية بل عملت على إشهار هذا الأمر بشكل مثير للإمتعاض. وفي صورة فوز المرشح الجمهوري بهذه الإنتخابات فإن ذلك سيكون إيذانا بمواصلة نفس السياسة. يكفي هذا الأمر ليجعل اللوبيات اليهودية والمسيحية المتشددة تدخل بثقلها للتأثير في نتيجة الإنتخابات وليس هنالك ما يحول دون ذلك خاصة بعد انسحاب هيلاري كلينتون من السباق. فمختلف نتائج سبر الآراء كانت تؤكد أن تلك اللوبيات كانت أميل إلى اختيار زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون كمرشحة للحزب الديمقراطي. ليس إذن أمام باراك أوباما إلا لعب ورقة المزايدة في هذا السياق على الجمهوريين والتعهد ليس فقط بضمان مصالح تلك اللوبيات بل وعدها بما هو أكثر من ذلك.  لا نستطيع أن نقول أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد وعد انتخابي قد يتحقق وقد لا يحدث ذلك. لأن المرشحين عادة في الديمقراطيات التقليدية يسعون بكل قوة إلى تنفيذ وعودهم الإنتخابية. لعدة أسباب من أبرزها الخوف من محاسبة الأطراف التي دعمت المترشح وأنفقت عليه واستفاد من قدرتها على التأثير في الناخبين .  ليس لنا في حقيقة الأمر حجج قوية لتنزيه المرشح الأسمر عن سياسة منحازة من عدمه فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي.   في مقابل ذلك نقول في هذا الشأن أن التغيير في هذه النقطة بالذات لا يأتي بين يوم وليلة. النظام الإنتخابي بالولايات المتحدة مازال يقوم على اللوبيات وعلى مجموعة من التقاليد تتوارثها العائلات.  والأمل قائم في أن تظطلع اللوبيات المضادة إن صح التعبير بدورها في هذه العملية ذلك أن العرب والمسلمين مثلا مازالوا نظرا لافتقارهم إلى تنظيمات فاعلة بعيدين عن التأثير في سير العملية الإنتخابية بالولايات المتحدة رغم أموالهم الطائلة. الأمل قائم أيضا في دور الأجيال الجديدة خاصة من القوميات الإسبانية وفق ما نقلته عديد التقارير الصحفية التي أعربت عن شيء من الرغبة في الاستقلال عن العائلة ولعب دور سياسي بكامل الحرية. ويعتبر المحللون السياسيون أن هذه الأجيال الجديدة تبدو أميل إلى اليسار منه إلى حزب المحافظين  (الجمهوريين). هناك أيضا عامل القوميات الأمريكية من السود. فقد اشتد وعي هؤلاء بأنه قد حان الوقت للثأر من الماضي الذي كانوا فيه مسخرين لخدمة أجناس أخرى ولاقتسام الأدوار مع البيض في مجال تسيير أمور البلاد. وكل هذه العوامل إذا ما اجتمعت فإنها تعتبر مؤشرا على هبوب رياح التغيير بأمريكا. وأول الأدلة على ذلك  اختيار باراك أوباما ليكون مرشح الحزب الديمقراطي. لم يكن الأمر هينا بالنظر إلى خصوصيات المجتمع الأمريكي الذي خلناه إلى ما قبل بروز أوباما مجتمعا  محافظا ومنغلقا ومتشددا. صحيح أن أوباما برهن عن عدة خصال و تفوق في عدة مجالات على منافسته هيلاري كلينتون من ذلك أنه يتمتع بكاريزما أفضل وبقدرة على إثارة حماسة الجماهير تفوق ما أظهرته منافسته في نفس السياق وأنه أكثر حماسا  بدماء الشباب التي تجري في عروقه وصحيح أنه حظي بمساندة كبيرة من عدد من أقطاب الحزب الديمقراطي الذين أعلنوا مبكرا مساندتهم له وأنه خاض الانتخابات التمهيدية وقد أعد حملة انتخابية موفقة على ما يبدو لكن لم يكن الأمر بديهيا لأن الرجل ببساطة ينحدر من السود  فباراك أوباما هو ابن لمهاجر كيني. له أيضا جذور اسلامية ذلك أنه يدعى باراك حسين أوباما.  وهذه عوامل جعلته يخوض معركة حقيقية في الانتخابات التمهيدية كما جعلت  فوزه في هذه المرحلة الأولى من الانتخابات يبدو مستحقا وأكثر. وهم أم حلم أم حقيقة ؟ على مستوى السياسة الداخلية وإن كانت المسألة لا تعنينا كثيرا كمراقبين من الخارج إلا أنها تعطي فكرة عن نفسية الرجل واستعداده للتغيير. ومن أبرز ما في برنامجه في هذا الشأن التقليل من امتيازات المحظوظين الذين انتفعوا في  عهد الرئيس بوش بشكل ربما يكون غير مسبوق من جهة و القيام بسياسة اجتماعية  «إنسانية» و تطوير النظام الصحي من جهة أخرى إلخ… ما يهمنا بالتأكيد هو موقفه من الحرب في العراق فهو تقريبا المرشح الوحيد الذي عارض هذه  الحرب وهو يعد بالإنطلاق في سحب القوات الأمريكية من العراق منذ جانفي 2009 كي لا يبقى مع 2011  بهذا البلد إلا ما يطلقون عليه بعض الوحدات للقيام بعمليات ضد القاعدة وفق ما ورد في البرنامج الإنتخابي للرجل. وهذا أمر يختلف كثيرا عما يعد به منافسه الجمهوري الذي هو وكما يعرف الجميع من مشجعي الحرب على العراق ومن المتحمسين لبقاء القوات الأمريكية في العراق إلى ما لا نهاية له. قد يكون وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض من جهة أخرى هدية من السماء ذلك أنه قد يجنب العالم حربا جديدة. فلا شيء يمنع من توقع حرب أمريكية ضد إيران في صورة ما إذا  انتصر جون ماكاين في انتخابات نوفمبر القادم بالولايات المتحدة.  في حين لا نجد شيئا في البرنامج الإنتخابي لمرشح الحزب الديمقراطي يشير إلى امكانية خوض الولايات المتحدة حربا جديدة.  إن المدتين الرئاسيتين للرئيس جورج ولكر بوش قد أرهقت الأمريكيين والعالم من حولهم. ولا ننكر تطلعنا إلى أن  نرى باراك أوباما و قد وصل إلى البيت الأبيض. لأن وصول خصمه يعني بدون تردد تواصل سياسة بوش وربما بشكل أتعس لنا وللعالم. باراك أوباما يبقى رغم إدراكنا لنسبية الأمور فالسياسة تبقى في نهاية الأمر فنا لخدمة مصلحة بضعة أنفار على حساب الآخرين. إذن  رغم نسبية الأمور فإن انتصار أوباما  يعني انتصار عدة قيم في العالم خلناها اندثرت ومن أبرزها التساوي في الحظوظ بقطع النظر عن الجنس أو اللون أو العقيدة. وانطلاقا من انتصارنا لمسألة تساوي الحظوظ بين البشر في المطلق  فإننا ننتصر حتما لباراك أوباما.  تحترز جل الكتابات والتحاليل السياسية التي صدرت في الصحافة العالمية إثر  فوز أوباما بالإنتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في توقعاتها بشأن الإنتخابات النهائية ورغم حماسها لهذا النجم السياسي الأمريكي الصاعد فإننا  نجد فرضية الوهم لا تستبعد بل وتتكرر في عدة نصوص. ونحبذ في هذا السياق أن نقول أن هذا الوهم إن لم ينته إلى حقيقة في نوفمبر القادم فهو على الأقل أثار كثيرا من الأمل ومكن من  تجاوز عتبة الممنوعات. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 14 جوان 2008)

 

السبيل أونلاين شرح الحديث السابع عشر من كتاب الأربعين النووية

 
 
تقديم : د.البشير عبد العالي أولا: نص الحديث : عَنْ أَبي يَعْلَى شَدَّاد بنِ أوسٍ ، عَنْ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( إنَّ الله كَتَبَ الإحسانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قَتَلْتُم فَأَحْسِنُوا القِتْلَة ، وإذا ذَبَحْتُم فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ (1)، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَهُ ، ولْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ )) . رواهُ مُسلم . ثانيا: سند الحديث : هذا الحديث خرَّجه مسلم(2) دونَ البخاري من رواية أبي قلابة ، عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن شدَّادِ بنِ أوس، وتركه البخاري ؛ لأنَّه لم يخرِّج في  » صحيحه  » لأبي الأشعث شيئاً وهو شاميٌّ ثقة . وقد روي نَحوهُ من حديث سَمُرُةَ ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – قال : (( إنَّ الله – عز وجل – محسِنٌ فأحسنوا ، فإذا قَتَلَ أحدكُم ، فليُكْرِم مقتولَه ، وإذا ذبح ، فليحدَّ شفرته ، وليُرِحْ ذبيحته)) خرَّجه ابن عدي(3) .وخرَّج الطبراني(4) من حديث أنس ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – قال : (( إذا حكمتُمْ فاعْدِلُوا، وإذا قَتَلتُم فأَحْسِنُوا ، فإنَّ الله مُحْسِنٌ يُحِبُّ المحسنين )) . ثالثا متن الحديث : هذا الحديث يعد أصلا في باب الإحسان الذي هو قسيم الإسلام والإيمان كما تقد في حديث جبريل عليه السلام. رابعا فهم الحديث : قولُه – صلى الله عليه وسلم – : (( إنَّ الله كتب الإحسانَ على كُلِّ شيء )) ، وفي رواية(5): (( إنَّ الله كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيءٍ )) ، أو قال : (( على كلِّ خلقٍ )) (6)، وظاهرُهُ يقتضي أنَّه كتب على كلِّ مخلوق الإحسان ، فيكون كُلُّ شيءٍ ، أو كُلُّ مخلوق هو المكتوبَ عليه ، والمكتوب هو الإحسانُ. وقيل : إنَّ المعنى : أنَّ الله كتب الإحسانَ إلى كلِّ شيء ، أو في كلِّ شيء ، أو كتب الإحسانَ في الولاية على كُلِّ شيءٍ ، فيكون المكتوبُ عليه غيرَ مذكور ، وإنَّما المذكورُ المحسن إليه(7). ولفظ : (( الكتابة )) يقتضي الوجوب عندَ أكثرِ الأصوليين ، واستعملَ لفظة الكتابة في القرآن فيما هو واجب شرعاً، كقوله تعالى : { إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } (النساء : 103) وقوله : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } (البقرة : 183) { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } (البقرة : 216) ، أو فيما هو واقع قدراً ، كقوله : { كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي } (المجادلة : 21)، وقوله : { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } (الأنبياء : 105) ، وقوله : { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَان } المجادلة : 22 وإذا حملنا الكتابة على الوجوب فحينئذٍ يكون هذا الحديث نصٌّ في وجوب الإحسان ، وقد أمر الله تعالى به ، فقال: { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ } (النحل : 90 ) ، وقال : { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } البقرة : 195. إلا أن الأمرُ بالإحسّان تارةً يكونُ للوجوب كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البرُّ والصِّلَةُ والإحسانُ إلى الضيف بقدر ما يحصل به قِراه. وتارةً يكونُ للندب كصدقةِ التطوعِ ونحوها. ووجوب الإحسانِ في الأعمال ، يكون في كُلِّ شيء بحسبه ، فالإحسانُ في الواجبات الظاهرة والباطنةِ يكون بالإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، أمَّا الإحسانُ فيها بإكمالِ مستحباتها فليس بواجب. والإحسانُ في ترك المحرَّمات يكون بالانتهاءُ عنها ، وتركُ ظاهرها وباطنها ، كما قال تعالى : { وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ } الأنعام : 120. فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجب (8). وأما الإحسانُ في الصبر على المقدورات ، بأن يكون الصبر عليها من غير تَسَخُّطٍ ولا جَزَع، والإحسانُ الواجبُ في معاملة الخلق ومعاشرتهم : يكون بالقيامُ بما أوجب الله من حقوق ذلك كلِّه، والإحسانُ الواجب في ولاية الخلق وسياستهم ، يكون بالقيامِ بواجبات الولاية كُلِّها، والقدرُ الزائد على الواجب في ذلك كلِّه إحسانٌ ليس بواجب، والإحسانُ الواجب في قتل ما يجوزُ قتله من الدواب : إزهاقُ نفسه على أسرعِ الوجوه وأسهلِها من غير قصد إلى التعذيب ، وهذا النوعُ هو الذي ذكره النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – في هذا الحديث ، ولعله ذكره على سبيلِ المثال ، والتنبيه على ما هو أولى بالإحسان منه مثل قتل من يجب قتله من الناس . قوله: (( إذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلة ، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة )) والقِتلة والذِّبحة بالكسر ، أي: الهيئة ، والمعنى : أحسنوا هيئة الذبح ، وهيئة القتل . وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباحُ إزهاقُها على أسهلِ الوجوه(9) . وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة(10)، قال الله تعالى في حقِّ الكفار: { فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ } (محمد : 4 ) إذ كان أسهلُ وجوه قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق ، وقال تعالى : { سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ } (الأنفال : 12) . وقد قيل : إنَّه عيَّن الموضع الذي يكونُ الضربُ فيه أسهلَ على المقتول وهو فوقَ العظام دونَ الدماغ . وكان النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – إذا بعث سريةً تغزو في سبيل الله قال لهم : (( لا تُمَثِّلُوا ولا تقتلوا وليداً )) (11).وقال : (( أَعَفُّ الناسِ قِتلةً أهلُ الإيمانِ )) (12). وكان النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم ينهى عن المُثْلةِ(13) . وخرَّجه البخاري(14) من حديث عبد الله بن يزيد ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – أنَّه : نَهى عن المُثلَةِ. وخرَّج الإمامُ أحمدُ من حديث يعلى بنِ مُرة ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : (( قال الله تعالى: لا تُمَثِّلوا بِعِبادي(15)، واعلم أنَّ القتلَ المباحَ يقع على وجهين : أحدُهما أنْ يكون قصاصاً ، فلا يجوزُ التمثيلُ فيه بالمقتص منه ، بل يُقتَلُ كما قَتَلَ ، فإنْ كان قد مَثَّلَ بالمقتولِ ، فهل يُمثَّلُ به كما فعل أمْ لا يُقتل إلا بالسيف ؟ فيهِ قولان مشهوران للعلماء : أحدُهما : أنَّه يُفعَلُ به كما فَعَلَ ، وهو قولُ مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه(16) ، وفي  » الصحيحين  » عن أنسٍ قالَ : خَرَجَتْ جاريةٌ عليها أوضاحٌ بالمدينة ، فرماها يهودي بحجر فجيء بها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبها رَمَقٌ ، فقالَ لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (( فلانٌ قتلك ؟ )) فرفعت رأسها، فقال لها في الثالثة : (( فلان قتلك ؟ )) فخفضت رأسها ، فدعا به رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – ، فرضخ رأسه بَيْنَ الحَجَرَين . وفي روايةٍ لهما : فَأُخِذَ فاعترفَ ، وفي روايةٍ لمسلم : أنَّ رجلاً من اليهود قتلَ جاريةً من الأنصار على حليٍّ لها ، ثم ألقاها في القَلِيب ، ورضَخَ رأسَها بالحجارة ، فأُخِذَ ، فأُتي به النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – ، فأمر به أنْ يُرجَمَ حتّى يموت ، فرُجِمَ حتى ماتَ(17) والقول الثاني : لا قَوَدَ إلاَّ بالسيف ، وهو قولُ الثوري ، وأبي حنيفة ، ورواية عن أحمد(18). وعن أحمد رواية ثالثة : يُفعل به كما فعل إلا أنْ يكونَ حرَّقه بالنار أو مَثَّلَ به ، فيُقْتَلُ بالسيف للنهي عن المُثلة وعن التحريق بالنار(19) . ولو مَثَّلَ به ، ثم قتله مثلَ أنْ قطّع أطرافَه ، ثم قتله ، فهل يُكتفى بقتله أم يُصنع به كما صنع ، فَتُقطع أطرافُه ثم يُقتل ؟ على قولين :أحدهما : يُفعل به كما فعل سواء ، وهو قولُ أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وإسحاق وغيرهم(20) . والثاني : يُكتفى بقتله ، وهو قولُ الثوري وأحمد في رواية وأبي يوسف ومحمد(21) ، وقال مالك : إنْ فعل به ذلك على سبيل التمثيلِ والتعذيبِ ، فُعِلَ به كما فَعَلَ ، وإنْ لم يكن على هذا الوجه اكتفي بقتله(22) . الوجه الثاني : أنْ يكون القتلُ للكفر ، إما لكفر أصلي ، أو لردَّة عن الإسلام ، فأكثرُ العلماء على كراهة المُثلة فيه أيضاً ، وأنَّه يُقتل فيه بالسيف ، وقد رُوي عن طائفةٍ من السَّلف جوازُ التمثيل فيه بالتحريق بالنار وغير ذلك ، كما فعله خالدُ بن الوليد وغيره(23) . ورُوي عن أبي بكر : أنَّه حرَّق الفجاءة بالنَّار(24) وصحَّ عن عليٍّ أنَّه حرَّق المرتدين ، وأنكر ذلك ابنُ عباس عليه(25) ، وقيل : إنَّه لم يُحرّقهم ، وإنَّما دَخَّنَ عليهم حتى ماتوا(26) . وروي عنه أنَّه جيء بمرتدٍّ ، فأمر به فوطئ بالأرجل حتَّى مات. والمختار جوازَ القتل بالتمثيل للكفر لاسيما إذا تغلَّظ ، وحمل النهي عن المُثلةِ على القتل بالقصاص، والدلبل على ذلك حديثِ العُرنيين ، الذي في  » الصحيحين  » من حديث أنس : أنَّ أناساً من عُرينة قَدِمُوا على رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – المدينة فاجْتَوَوْهَا ، فقال لهم رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : (( إنْ شئتم أنْ تَخْرُجُوا إلى إبل الصدقة، فتشربوا من ألبانها وأبوالها ، فافعلوا )) ففعلوا فصحُّوا، ثم مالوا على الرعاء ، فقتلوهم ، وارتدُّوا عن الإسلام ، وساقوا ذَودَ رسولِ الله – صلى الله عليه وسلم – ، فبلغ ذلك النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – ، فبعث في أثرهم ، فأُتي بهم ، فقطع أيديهم وأرجُلَهم ، وسَمَلَ أعينَهم ، وتركهم في الحرة حتى ماتوا(27) ، وفي روايةٍ : ثم نُبِذُوا في الشمس حتى ماتوا(28) ، وفي روايةٍ : وسمرت أعينُهم ، وألقوا في الحرَّةِ يَستسقونَ فلا يُسقون(29) ، وفي رواية للترمذي : قطع أيديَهم وأرجلهم من خلافٍ(30). (..تتمة الحديث في العدد القادم ان شاء الله). —————————————————– الهوامش : 1.بكسر الذال والهاء كالقتلةِ ، وهي الهيئة ، ويروى : (( الذَّبح )) بفتح الذال بغير هاء . انظر : شرح النووي على صحيح مسلم 7/95 ( 1955 ) ( 57 ) . 2.مسلم في  » صحيحه  » 6/72 ( 1955 ) ( 57 ) من حديث شداد بن أوس ، به . وأخرجه : الطيالسي ( 1119 ) ، وعبد الرزاق ( 8603 ) و( 8604 ) ، وعلي بن الجعد ( 1262 ) ، وأحمد 4/123 و124 و125، والدارمي ( 1976 ) ، وأبو داود ( 2815 )، وابن ماجه ( 3170 ) ، والترمذي ( 1409 ) ، والنسائي 7/227 و229 و230 ، وابن الجارود ( 839 ) و( 899 ) ، والطبراني في  » الصغير  » ( 1035 ) ، والبيهقي 8/60-61 و9/68 و280 ، والخطيب في  » تاريخه  » 5/278 ، والبغوي ( 2783 ) من حديث شداد بن أوس . 3.في  » الكامل  » 8/175 من حديث الحسن ، عن سمرة بن جندب ، به ، وإسناده ضعيف لضعف مجاعة بن الزبير فقد ضعفه الدارقطني كما في  » الميزان  » 3/437 ، والحسن لم يسمع جميع ما رواه عن سمرة . 4.في  » الأوسط  » ( 5735 ) . وأخرجه : ابن أبي عاصم في « الديات » : 94 ، وإسناده ضعيف من أجل عمران بن داور القطان 5.لأبي إسحاق الفزاري في كتاب  » السير  » عن خالدٍ ، عن أبي قِلابة ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – 6.هكذا خرَّجها مرسلةً ، وبالشكِّ في : (( كُلِّ شيءٍ )) ، أو : (( كلِّ خلق )) 7.انظر : شرح النووي لصحيح مسلم 7/94-95 . 8.انظر : تفسير البغوي 2/155 ، وزاد المسير 3/114 . 9.انظر : عون المعبود 8/10 . 10.نظر : المحلى 12/31-32 . 11.أخرجه : مسلم 5/139-140 ( 1731 ) ( 3 ) من حديث بريدة ، به . 12.أخرجه : أبو داود في  » سننه  » ( 2666 ) ، وابن ماجه ( 2681 ) و( 2682 ). وأخرجه : أحمد 1/393 ، وابن الجارود ( 840 ) ، وابن حبان ( 5994 ) ، والبيهقي 8/61 و9/71 من حديث عبد الله بن مسعود ، به . وإسناده معلول بالوقف ، وقد حصل فيه اختلاف كبير وأخرجه : عبد الرزاق ( 18232 ) ، والطبراني في  » الكبير  » ( 9737 ) من حديث عبد الله بن مسعود ، موقوفاً . 13.أخرجه : أحمد 4/439 و440 و445 ، والطبراني في  » الكبير  » 18/( 325 ) من حديث عمران بن حصين ، به . وأخرجه : أحمد 5/12 ، وأبو داود ( 2667 ) ، والطبراني في  » الكبير  » ( 6945 ) من حديث سمرة بن جندب ، به . 14.في  » صحيحه  » 3/177 ( 2474 ) و7/122 ( 5516 ) . وأخرجه : أحمد 4/307 من حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري ، به . 15.في  » مسنده  » 4/172 و173 .وأخرجه : الطبراني 22/( 697 ) و( 698 ) و( 699 ) ، وإسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن حفص ، وقد سقط من بعض الروايات . 16.انظر : الواضح في شرح مختصر الخرقي 4/259 . 17.صحيح مسلم 5/104 ( 1672 ) ( 16 ) من حديث أنس به . 18.انظر : الهداية للكلوذاني 2/235 ، والمغني 9/387 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 4/259 . 19.انظر : المغني 9/392 . 20.انظر : المغني 9/387 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 4/259-260، وبداية المجتهد 2/716. 21.انظر : بداية المجتهد 2/716. 22.انظر : المصادر السابقة . 23.انظر : الطبقات الكبرى 7/278 ، والمغني 10/76 ، والشرح الكبير 10/80 ، والواضح في شرح مختصر الخرقي 4/384 ، وفتح الباري 6/182 24.أخرجه : عبد الرزاق ( 18706 ) ، والحميدي ( 533 ) ، وأحمد 1/217 و220 و282 ، والبخاري 4/75 ( 3017 ) و9/18 ( 6922 )، وأبو داود ( 4351 )، والترمذي ( 1458 )، والنسائي 7/104 ، وأبو يعلى ( 2532 ) ، والطحاوي في  » شرح المشكل  » ( 2865 ) و( 2866 ) و( 2867 ) و( 2868 ) ، وابن حبان ( 4476 ) ، والطبراني في  » الكبير  » ( 11850 ) ، والدارقطني 3/85 ( 3157 ) ، والحاكم 3/538-539 ، والبيهقي 8/195 و202 و9/71 ، والبغوي ( 2561 ) من حديث عبد الله بن عباس ، به . 25.انظر : تاريخ الطبري 3/264 . 26.ذكره : البيهقي 9/71 . 27. أخرجه : عبد الرزاق ( 17132 ) و( 18538 ) ، وأحمد 3/170 و177 و233 و290 ، والبخاري 5/164 ( 4192 ) و7/159 ( 5685 ) و7/160 ( 5686 ) و7/ 167 ( 5727 ) ، ومسلم 5/102 ( 1671 ) ( 9 ) ، وأبو داود ( 4364 ) ، والترمذي ( 72 ) ، والنسائي 1/158 و7/96-97 وفي  » التفسير  » ، له ( 163 ) ، وابن حبان ( 1388 )و( 4472 ) ، والبيهقي 9/69 و10/4 من حديث أنس بن مالك ، به . 28.أخرجه : أحمد 3/177 ، ومسلم 5/102 ( 1671 ) ( 10 ) من حديث أنس بن مالك ، به . 29.أخرجه : عبد الرزاق ( 18538 ) ، وأحمد 3/170 ، والبخاري 7/167 ( 5727 ) ، ومسلم 5/102 ( 1671 ) ( 11 ) ، والترمذي ( 72 ) ، والنسائي 7/97 ، وابن حبان ( 1388 ) و( 4472 ) من حديث أنس بن مالك ، به . 30. الجامع الكبير ( 72 ) من حديث أنس بن مالك ، به .

تتمة شرح الحديث السابع عشر من كتاب الأربعين النووية

وقد اختلف العلماء في وجه عقوبة هؤلاء : فمنهم من قال : من فعل مِثلَ فعلهم فارتدَّ ، وحارب ، وأخذ المالَ ، صنع به كما صنع بهؤلاء، روي هذا عن طائفة، منهم: أبو قِلابة(1)، وروايةٌ عن أحمد. ومنهم مَنْ قال : بل هذا يدلُّ على جواز التمثيل بمن تغلَّظَتْ جرائمُهُ في الجملة ، وإنَّما نهي عن التمثيل في القصاص ، وهو قول ابنِ عقيل من الحنابلة. ومنهم من قال : بل نسخ ما فعل بالعرانيين بالنهي عن المُثلةِ(2). ومنهم من قال : كان قبلَ نزولِ الحدود وآيةِ المحاربة(3) ، ثم نُسخ بذلك(4)، وهذا قولُ جماعة منهم : الأوزاعي وأبو عُبيد . ومنهم من قال : بل ما فعله النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بهم إنَّما كان بآية المحاربة ، ولم ينسخ شيء من ذلك ، وقالوا : إنَّما قتلهم النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – ، وقَطَعَ أيديهم ؛ لأنَّهم أخذوا المالَ ، ومن أخذ المالَ وقَتَلَ، قُطِعَ وقُتِلَ وصُلِبَ حتماً ، فيُقتَلُ لقتله ويُقطع لأخذه المال يَدُه ورجلُه من خِلاف ، ويُصلَبُ لجمعه بين الجنايتين وهما : القتلُ وأخذُ المال ، وهذا قول الحسن، ورواية عن أحمد(5) . وإنَّما سَمَلَ أعينهم؛ لأنَّهم سملوا أعينَ الرعاة (6) وذكر ابنُ شهابٍ أنَّهم قتلوا الراعي(7) ، ومَثَّلوا به(8). وحينئذ يكونُ قطعُهم ، وسملُ أعينهم ، وتعطيشُهم قصاصاً(9) ، وهذا يتخرَّجُ على قول مَنْ يقولُ : إنَّ المحاربَ إذا جنى جنايةً توجبُ القصاصَ استُوفِيت منه قبل قتله، ولكن رواية الترمذي أنَّ قطعَهُم من خلاف يدلُّ على أنَّ قطعهم للمحاربة إلا أنْ يكونوا قد قطعوا يدَ الراعي ورجلَه من خلاف ، والله أعلم(10) . وقد رُوي عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : أنَّه كان أَذِنَ في التحريق بالنار، ثم نهى عنه كما في  » صحيح البخاري  » (11) عن أبي هريرة قال : بعثنا رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – في بعث فقال : (( إنْ وَجَدتُم فلاناً وفلاناً – لرجلين من قريشٍ – فاحرقوهما بالنار )) ، ثمَّ قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – حين أردنا الخروجَ : (( إني كنتُ أمرتُكم أنْ تحرِقوا فُلاناً وفُلاناً بالنار ، وإنَّ النارَ لا يُعذِّبُ بها إلا الله ، فإنْ وجدتموهما فاقتلوهما )) . وفيه أيضاً عن ابن عبَّاسٍ : أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تُعذِّبُوا بعذاب الله – عز وجل – )) (12) . وخرَّج الإمام أحمد ، وأبو داود ، والنَّسائي من حديث ابن مسعودٍ قال : كُنَّا مع النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – ، فمَرَرنا بقريةِ نملٍ قد أُحرقَت ، فغَضِب النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – وقال : (( إنَّه لا ينبغي لِبشرٍ أنْ يعذِّبَ بعذاب الله – عز وجل – )) (13) . وقد حرَّقَ خالدٌ جماعة في الرِّدة(14) ، وروي عن طائفة من الصحابة تحريقُ من عَمِل عمل قومِ لوطٍ(15) ، ورُوي عن عليٍّ أنَّه أشار على أبي بكر أنْ يقتلَه ثم يحرقه بالنار(16) ، واستحسن ذلك إسحاق بن راهويه (17) لئلا يكون تعذيباً بالنار. وأكثرُ العلماء على كراهةِ التحريق بالنار حتى للهوام ، وقال إبراهيم النَّخعيُّ : تحريقُ العقرب بالنار مُثلةٌ . ونهت أمُ الدرداء عن تحريق البرغوث بالنار . وقال أحمد : لا يُشوى السمكُ في النار وهو حيٌّ ، وقال : الجرادُ أهونُ ؛ لأنَّه لا دم لهُ(18) .وقد ثبت عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : أنَّه نهى عن صَبرِ البهائم ، وهو : أنْ تحبس البهيمة ، ثُمَّ تُضرب بالنبل ونحوه حتَّى تموتَ(19). ففي  » الصحيحين  » (20) عن أنسٍ : أنَّ النَّبيَّ – صلى الله عليه وسلم – نهى أنْ تُصبر البهائم . وفيهما أيضاً عن ابن عمر : أنَّه مرَّ بقوم نصبوا دجاجةً يرمونها ، فقال ابنُ عمر : من فعل هذا ؟ إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعن من فعل هذا (21) . وخرَّج مسلم من حديث ابنِ عباس ، عن النَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : أنَّه نهى أنْ يُتخذ شيء فيه الروح غرضاً(22) ، وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة . فلهذا أمر النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – بإحسانِ القتلِ والذبح ، وأمر أنْ تُحَدَّ الشفرةُ، وأنْ تُراح الذبيحة، يشير إلى أنَّ الذبح بالآلة الحادة يُرِيحُ الذبيحة بتعجيل زهوق نفسها(23) . وخرَّج الإمام أحمد ، وابنُ ماجه من حديث ابنِ عمر ، قال : أمر رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – بحَدِّ الشفارِ ، وأنْ تُوارى عن البهائم ، وقال : (( إذا ذَبَحَ أَحَدُكُم ، فليُجْهِزْ )) (24)يعني : فليسرع الذبح(25) .وقد ورد الأمر بالرفق بالذبيحة عندَ ذبحها ، فخرَّج ابنُ ماجه(26) من حديث أبي سعيد الخدري قال : مرَّ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – برجل وهو يجرُّ شاة بأُذنها ، فقال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – : (( دع أُذنَها وخُذْ بِسالِفَتِها )) والسالفة : مقدَّمُ العنق(27) وخرَّج الخلالُ والطبرانيُّ من حديث عكرمة ، عن ابن عباس قال : مرَّ رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – برجلٍ واضع رجلَه على صفحة شاةٍ وهو يحدُّ شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها ، فقال : (( أفلا قبْلَ هذا ؟ تريدُ أنْ تُميتها موتتان؟ (28) . وقد روي عن عكرمة مرسلاً خرَّجه عبدُ الرزاق وغيره ، وفيه زيادة : (( هلاَّ حددت شفرتك قبل أنْ تُضْجِعها )) . وقال الإمام أحمد : تُقاد إلى الذبح قوداً رفيقاً ، وتُوارى السكينُ عنها ، ولا تُظهر السكين إلا عندَ الذبح ، أمر رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – بذلك : أنْ تُوارى الشفار(29). وقال : ما أبهمت عليه البهائم فلم تبهم أنَّها تعرف ربها ، وتعرف أنَّها تموت . وقد وردَ الأمرُ بقطع الأوداج عندَ الذبح ، فعنه – صلى الله عليه وسلم – : أنَّه نهى عن شريطة الشيطان ، وهي التي تذبح فتقطع الجلد ، ولا تفري الأوداج ، قال عكرمة : كانوا يقطعون منها الشيء اليسيرَ ، ثم يدعونها حتى تموتَ ، ولا يقطعون الودجَ ، فنهى عن ذلك(30) وبإسناده عن ابن سيرين : أنَّ عُمَرَ رأى رجلاً يسحب شاةً برجلها ليذبحها ، فقال له : وَيْلَكَ قُدْها إلى الموت قوداً جميلاً(31) .وروى محمدُ بنُ زيادٍ : أنَّ ابن عمر رأى قصَّاباً يجُرُّ شاةً ، فقال : سُقها إلى الموت سوقاً جميلاً ، فأخرج القصابُ شفرة ، فقال : ما أسوقها سوقا جميلاً وأنا أريد أنْ أذبحها الساعة ، فقال : سقها سوقاً جميلاً وفي  » مسند الإمام أحمد  » (32). وعن معاوية بنِ قُرة ، عن أبيه : أنَّ رجلاً قال للنَّبيِّ – صلى الله عليه وسلم – : يا رسولَ اللهِ إني لأذبحُ الشاةَ وأنا أرحمها ، فقال النَّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – : (( والشاة إنْ رحمتها رَحِمَكَ الله )) .وقال مطرف بنُ عبد الله: إنَّ الله ليرحم برحمة العصفور(33). وقال نوفٌ البكالي: إنَّ رجلاً ذبح عِجلا (34) له بين يدي أمه ، فخُبِّلَ ، فبينما هو تحتَ شجرة فيها وكْرٌ فيه فَرْخٌ ، فوقع الفرخُ إل المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 14 جوان 2008

 

تنظيم القاعدة يتبنى عمليات في الجزائر

 

دبي: تبنى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في بيان نشر على الانترنت السبت عدة عمليات قال انه نفذها في الجزائر بين الرابع والثامن من حزيران/يونيو واسفرت خصوصا عن مقتل مهندس فرنسي وعسكريين. وقال التنظيم انه نفذ ثلاث عمليات بينها عملية انتحارية قام بها رجلان ارفقت صورتهما بالبيان، موضحا ان هذه الهجمات التي اطلق عليها التنظيم « غزوة الشهيد عبد الرحمن الثلاثي » اسفرت عن « مقتل ما لا يقل عن 37 عسكريا وفرنسيين اثنين ». وذكر التنظيم ان « المجاهدين فجروا الاحد 8 حزيران/يونيو القنبلة الأولى على عربة الفرنسيين. وعند تدخل المرتدين كان لهم المجاهدون بالمرصاد ففجروا عليهم القنبلة الثانية ». واوضح ان « الحصيلة الاجمالية كانت مقتل فرنسيين اثنين وهلاك ثمانية مرتدين وجرح عدد مجهول منهم ». (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 14 جوان 2008)  


توقيف 24 مهاجرا جزائريا قبالة سواحل وهران

 

الجزائر:أ. ف. ب.  اعلنت قيادة القوات البحرية الجزائرية في بيان انها اعترضت السبت 24 مهاجرا سريا جزائريا كانوا في طريقهم الى اوروبا قبالة السواحل الغربية للجزائر. واوضح المصدر ان دورية بحرية اعترضت المهاجرين على متن زورقين قبالة وهران (430 كلم غرب الجزائر). ومنذ مطلع كانون الثاني/يناير تم اعتراض اكثر من 220 مهاجرا غير شرعي كانوا في طريقهم الى اوروبا قبالة السواحل الغربية للجزائر بحسب ارقام رسمية. المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 14 جوان 2008)


 
 

دبلوماسي إيراني بالقاهرة: قدمنا طلباً شفوياً ولاقى استحسان طنطاوي

الأزهـر ينفي موافقته على افتتاح معاهد في طهران

   

 
القاهرة – محمد عبدالرؤوف  نفى الأزهر الشريف أن يكون قد وافق رسميا على إنشاء معاهد أزهرية في إيران تكون مهمتها تدريس المذهب السني، وقال مصدر مسؤول بمكتب شيخ الأزهر «إن الفكرة لاقت استحسان شيخ الأزهر (محمد سيد طنطاوي)، إلا أن هذا لا يعني موافقة رسمية ونهائية على الطلب». وأضاف المصدر الذي طلب عدم تعريفه، «أن وفدا إيرانيا زار مشيخة الأزهر منذ ثلاثة أيام، وضم السفير سيد حسين رجبي رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية لدى مصر، والدكتور محمد حسن زماني المستشار الثقافي بمكتب بعثة رعاية المصالح الإيرانية». وأضاف المصدر لـ (العرب) «الوفد الإيراني طلب من شيخ الأزهر الموافقة على نقل التجربة الأزهرية في التعليم إلى إيران من خلال تعزيز التعاون العلمي والثقافي والديني بين الأزهر وإيران، تنفيذا لبرامج تبادل الأساتذة والعلماء بين الأزهر والجامعات الإيرانية خاصة في العلوم الدينية، كما طلب السفير الإيراني موافقة الأزهر على تأسيس فرع للتعليم الأزهري في إيران». وأكد أن شيخ الأزهر أبدى استحسانا للفكرة، نافيا أن يكون قد أعطى الوفد الإيراني ردا بالموافقة النهائية على طلبه، مبررا ذلك بقوله «إن مثل هذه الأمور يتم دراستها وتعرض على المجلس الأعلى للأزهر ومجمع البحوث الإسلامية وبعد عرضها يتم اتخاذ القرار بشأنها». وقال «إن الدكتور طنطاوي أكد للوفد الإيراني خلال المقابلة ترحيب الأزهر بالتعاون مع أتباع المذاهب الإسلامية المختلفة سنة وشيعة في كافة المجالات العلمية والثقافية، وشدد على عدم وجود خلافات عقائدية بين السنة والشيعة فالجميع يشهد أن لا اله إلا الله والخلاف فقط ينحصر في الفروع وليس في أصول الدين». وأكد المصدر أن الأزهر يعتمد ضمن برامجه الدراسية تدريس كل المذاهب الإسلامية بدون تعصب، ونقل عن شيخ الأزهر تأكيده أن التعصب المذهبي والطائفي الذي يثور في بعض البلدان الإسلامية يعد نكبة من النكبات التي ابتليت بها أمتنا في عصر العولمة لأن الإسلام لا يعرف التعصب. من جانبه، قال الدكتور محمد حسن زماني المستشار الثقافي في مكتب بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة إن السفير سيد حسين رجبي رئيس البعثة تقدم بطلب شفوي لشيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي لتأسيس معاهد للتعليم الأزهري في إيران. وقال الدكتور زماني الذي كان مرافقا لرئيس مكتب بعثة رعاية المصالح الإيرانية عند لقائه شيخ الأزهر، «الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر رحب بالفكرة»، مضيفا لـ (العرب) «قلت لشيخ الأزهر إنني سأبلغ الشيخ محمد علي التسخيري رئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية ومستشار المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران لكي يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء هذه المعاهد الأزهرية، التي سيلتحق طلابها بعد تخرجهم بجامعة الأزهر بمصر المصدر جريدة العرب القطرية بتاريخ 13 جوان 2008


النظر الي النفس من مرآة الغرب

 

 
 
د. ثائر دوري احتفالات جلال الدين الرومي أن تري نفسك بمرآة الغرب…. هذه السلوكية مسيطرة علي مجتمعاتنا، إذ لا نري أنفسنا إلا بدلالة الغرب، فمفكرونا، وكتابنا، وشعراؤنا، ماضياً وحاضراً، لا أهمية لهم إن لم يعترف الغرب بهم. وآثارنا وجبالنا وأنهارنا لا تكون جميلة إلا إن قال الغرب انها كذلك. هذا العام شهدت سورية محاضرات ونشاطات وصلت حد عقد مؤتمر علي أعلي مستوي عن الصوفي جلال الدين الرومي. فتش عن السبب تجد أنه لا لإدراك من المحاضرين، أو من الجهات المسؤولة عن تنظيم المؤتمر، لأهمية رسالة الحب التي تحملها أشعار جلال الدين الرومي في عالم اليوم الذي تجتاحه الكراهية، بل ان سبب الاهتمام المفاجئ بهذا المتصوف وبأشعاره ان الغرب مهتم به وتحديداً الأمريكان فهو يرمي ظمأ الأمريكان روحياً حسب أقوال بعضهم. ولهذا سبب سنذكره فيما بعد. بعض حديثي الاهتمام بأشعار جلال الدين لم يقرأ منها شيئاً من قبل، وربما لم يسمع، وربما لا يريد أن يسمع، لا عنه ولا عن أي شيء يخص التراث. لكن لأن اليونسكو أعلنت العام الماضي 2007 عاماً احتفالياً بمناسبة مرور ثمانمائة عام علي وفاته، ولأن المذكور يروي ظمأ الأمريكان فيجب أن نهتم به ويجب أن نحاضر عنه. وبالتالي فإن لسان حال هؤلاء الجهابذة يقول، إن جلال الدين ليس مهماً لشخصه أو لشعره، وإلا لكانوا عرّفوا الناس بفكره وبشعره باكراً. بل هو مهم لأن اليونسكو اهتمت به ولأن الأمريكان يهتمون به. وهنا أتوقف قليلاً عند حكاية اهتمام الأمريكان بجلال. من المعلوم أن أمريكا مجتمع مسيطر عليه من قبل وسائل الإعلام، فأي كاتب أو شاعر حتي يكتب له الانتشار يجب أن يمر عبر مصفاة احتكارات الإعلام والصحافة، التي تتبع معايير إيديولوجية صارمة فتنتقي ما يُلائم النظام الأمريكي من شعر وروايات ومسرح وسينما وتحوله إلي حالة جماهيرية تجني منها الربح، أما ما عدا ذلك فلن يمر أبداً وإن كانت قيمته الفنية عالية، فأقصي ما يطمح إليه في هذه الحالة أن يفرض نفسه في زوايا ضيقة وبين أوساط النخبة الليبرالية الموجودة في الجامعات أساساً. لا شك أن شعر وفكر جلال الدين الرومي مقبولان في المؤسسة الأمريكية السائدة وإلا لما انتشر شعره هناك أبداً. ويوجد سببان لهذا الانتشار، أولهما تقليدي: فاهتمام المستشرقين بتراث التصوف الإسلامي قديم لأنه يعزز ثنائية الشرق والغرب، الغرب العقلاني العلمي والشرق العرفاني الغنوصي، وأما السبب الثاني فأدعوكم لاكتشافه بأبيات جلال الدين الرومي نفسه، حيث يقول: لست نصرانيا ولا يهوديا لا فارسيا ولا مسلما ولست شرقيا، ولا غربيا وما من أرض أو ماء أنا وبالطبع فإن متصوفنا الكبير يسعي نحو روح إنسانية عامة توحد البشر، وليس ذنبه أن يُستخدم فكره من قبل منظري العولمة من أجل إزالة خصائص البشر الدينية والعرقية، من أجل جعلهم بلا ملامح ليسهل صهرهم في بوتقة العولمة الأمريكية، ثم ليصبوا تالياً في قالب الأمركة. لقد استخدم المحافظون الجدد، قبل ذلك، فكرة تروتسكي عن الثورة الدائمة بعكس أهدافها، فبينما قالها تروتسكي من أجل تحرير البشرية من الاستغلال إذا برامسفيلد ورفاقه يحولونها إلي نظرية لغزو الشعوب واضطهادها. وها هم يستخدمون أفكار جلال الدين الرومي بعكس أهدافها، فبدل أن توحد البشرية في روح إنسانية عامة تنسي الفروق الدينية والعرقية، يستخدمونها لطمس ملامح البشر كي يمكن صهرهم في فرن عولمة الشركات متعددة الجنسيات، التي بات أقصي طموحها أن تحول البشر إلي عجينة طيعة تشكلها كما تريد. ليعذرني جلال الرومي إن قلت له إنني أكون مسلماً عندما يتعرض المسلمون للاضطهاد، وأكون نصرانياً وهندوسياً وفارسياً إن تعرض واحد من هؤلاء للظلم الأمريكي. فأنا من أرض ومن ماء. أبو صبحي التيناوي وحرب تموز وجان جينيه أما الرسام الفطري أبو صبحي التيناوي فقد قضي حياته يرسم رسومه الطفولية عن عنترة وعبلة والزير سالم ويبيعها بأسعار زهيدة دون أن يكترث لرسومه أحد سوي البسطاء الذين يشترونها ليزينوا جدران غرف بيوتهم الفقيرة. لكن ما إن اكتشفه الغرب حتي تحول إلي مدرسة في الرسم، فاستفاض التشكيليون والنقاد ووسائل الإعلام في الكلام عن الطبيعة الفطرية لهذا الفن، كما صارت رسومه تجارة رابحة، بل وبرز مقلدون للاستفادة من رواج أعماله. فلا أهمية لشيء إن لم يهتم به الغرب، ولا يمكن تعريفه إلا بدلالة فناني الغرب، يصفه أحدهم علي أحد مواقع النت بالقول هذا الفنان الساذج المغمور استطاع أن يقارب من خلال العديد من الصور أعمال بيكاسو في طريقة الرسم، وأعمال ماتيس في نقاوة اللون واستخدامه علي مساحات متساوية . كما أن موقعاً آخر وصف سيرة عنترة التي تخصص التيناوي برسمها بأنها إلياذة العرب . هذه هي الدونية الحضارية التي انتبه لها جان جينيه فقال للراحل، سعد الله ونوس: للأسف لقد لاحظت أنكم موشومون بالثقافة الغربية وأنكم تشكلون أنفسكم وفقا للنموذج الأوروبي وهذا يعني أن الغرب اصطادكم في فخه الماكر. لقد نجح في أن يصبح مرآتكم.. ولكن المفارقة أنكم تبحثون عن صورة مرضية في مرآة لا يمكن أن تعكس لكم إلا سيماء الضعف والنقص والانسحاق! هذا هو الفخ الذي تتخبطون في حبائله. حيث يصبح العدو هو بالذات مرآتكم ومرجعكم في الثقافة والسلوك والطموح فإني أتساءل أين وكيف تأملون في هزيمته؟! ويضيف جان جينيه مشرحا ومعريا الحالة العربية: إنكم تتخبطون في لعبة مرايا شبيهة بشباك العنكبوت.. اسمع.. هل تعرف أن أهم معوقات المقاومة الفلسطينية هو أنها لم تستطع أن تفلت من الفخ الغربي؟ لقد استدرجها الفخ بكثير من المكر. انظر إلي اهتمام بعض زعماء المقاومة ومثقفيها بما تكتبه الصحف الأوروبية عنهم. أحيانا أحس أنهم يتصرفون وفقا لما يمكن أن يرضي هذه الصحف وقراءها حتي التصريحات والبرامج السياسية تصاغ أحيانا علي هذا الأساس . بعد حرب 2006 التي انتصرت بها الأمة ممثلة بحزب الله في لبنان علي الكيان الصهيوني، بقي كثير من السياسيين والمفكرين يجادلون بأن ما حدث ليس انتصارا، حتي جاء تقرير فينوغراد وأقر بهزيمة الكيان الصهيوني فأقروا علي الفور بانتصار حزب الله. فحسب منطقهم هذا إن حزب الله انتصر لا لأنه فعلها علي أرض لبنان بل لأن الغرب قال إنه قد انتصر! الإنتاج الفني من أجل التصدير وكذلك الروايات والأفلام والمسلسلات التي يكتبها وينتجها البعض حول الإرهاب الإسلامي، وآخرها مسلسل تدور أحداثه في لندن واسمه عرب لندن ، وسبق أن قرأت قبل عام جزءاً كبيراً من سيناريو هذا المسلسل. وقد بشرنا مخرجه ومنتجه أنه سيكون علي الشاشات في رمضان المقبل. يقارب هذا المسلسل ظاهرة الإرهاب بشكل سطحي، كما يريد الغرب، فالإرهابي هو كذلك لعطب في تكوينه وثقافته لا لأسباب لها صلة بما يحدث في أرض الواقع من قبيل تدمير شروط حياة الناس في المنطقة بيد الغربيين، والاعتداء علي حضارة وثقافة ووطن هؤلاء الإرهابيين ، والنقاش يطول حول هذا الموضوع لكني أسأل سؤالاً واحدا: ـ هل كان ممكناً تصور هذا النوع من المسلسلات والروايات أثناء فترة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، حين كان الغرب يمجد المقاتلين الإسلاميين ويسميهم مقاتلي الحرية؟ وأجيب بأن ذلك مستحيل. لكن بعد 11 أيلول/سبتمبر صار الحديث عن الإرهاب الإسلامي بالطريقة الغربية مطلوباً من طرف الغرب فاستجاب الكتاب والمفكرون والسيناريست بسرعة. وكذلك الأعمال الأدبية التي تتناول الشذوذ الجنسي الموجود في كل المجتمعات وعبر كل العصور، والذي تعتبره كل المجتمعات البشرية وعبر التاريخ سلوكاً مداناً منافياً للطبيعة، لكن بما أن الغرب قد غيّر نظرته لهذا الأمر وبات يعتبر مجرد استخدام لفظ الشذوذ و الشاذ اضطهاداً وربما يعتبر ذلك في المستقبل القريب إرهابا، فاخترع كلمة خاصة لا تحمل حكم قيمة Homosexual أي مثيلي الجنس. لكل ذلك علينا أن نغيّر نظرتنا وأن ننتج روايات نصور فيها الشواذ بشكل ايجابي لنحصل لهم علي تعاطف القراء، وبالطبع فإن عيوننا علي الجوائز التي يمنحها الغرب بعد أن يترجم أعمالنا. ظاهرة التبعية الفكرية ظاهرة معقدة، لكنها تميل لأن تصبح بسيطة في العقود الأخيرة، فقد أصبحت مثل الظاهرة الاقتصادية المعروفة بالإنتاج من أجل التصدير، حيث تنتج دولة ما محصولاً ما لا لتستهلكه في أسواقها الداخلية بل لتصدره لأسواق الغرب، وها هم بعض كتابنا ومفكرينا ينتجون ليستهلك الغرب! هيئة رقابة لتحديد الاستهلاك يجب أن تكون هناك هيئة للمواصفات تضع علامتها علي كل فيلم أو رواية أو مسلسل، كما يحدث علي المعلبات والبضائع، وذلك من أجل مصلحة المستهلك، مثلاً عندما يكون المسلسل أو الرواية عن الإرهاب تضع الهيئة ختماً يقول للتصدير كما تفعل مع الجوارب القطنية الفاخرة التي يتسرب بعض منها للأسواق الداخلية. أو تضع عبارة علي رواية تقول خاص للمستهلك الغربي ، أو تحذيراً يقول يمنع استهلاكها من العرب والمسلمين لأنها قد تصيبهم بالتسمم . كما يوضع في الغرب تحذير علي أطعمة الكلاب والقطط يمنع تناولها من قبل البشر . وأهم من كل هذا يجب أن نحدد تاريخ الصلاحية علي كل رواية أو قصيدة أو كتاب فكري، وربما في مرحلة لاحقة علي الكاتب والمفكر نفسه كما هو الأمر علي المعلبات، لأن استهلاك الأفكار والفنون المنتهية الصلاحية ليس أقل خطرا علي صحة البشر من استهلاك المعلبات منتهية الصلاحية. ألم تلاحظوا أعراض التسمم الفكري التي يعاني منها الأفراد والمجتمعات بسبب استهلاكهم إما لأفكار مخصصة للغربيين، أو بسبب تناولهم وجبات من أفكار منتهية الصلاحية؟ علينا أن نهتم بصحتنا أكثر. ہ كاتب من سورية (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 14 جوان 2008)  


دعوة الى الحوار…من مسجد ضرار!!

 

 
لعلي تأخرت كثيرا في الرد على تلك الدعوة التي اختير لها عنوان نبيل (الحوار القومي).. أو لعله كان من الأفضل عدم الرد لأسباب كثيرة. و لكن رفعا للالتباس و الاشتباه، و منعا للمزيد من التشويش و التشويه، و احتراما للرجال الذين صمدوا و صدقوا و ما بدلوا تبديلا.. و تعميدا لأجيالنا الحاضرة و القادمة من شباب أمتنا على هذه الرقعة الحبيبة من وطننا الكبير، و تفاعلا أيضا مع ما لمسته من صدقية في بعض تلك الردود رغبة من أصحابها  في حلحلة واقع القوميين في تونس، وجب علي الرد و توضيح بعض النقاط.   أولا: إن تلك الدعوة التي يزعم صاحبها أو أصحابها أنها تأتي كمبادرة منهم لرأب الصدع و جمع شمل العائلة القومية، ما كان يجب أن تمرر عبر تلك الوسائط و بتلك الصورة من الفجاجة الدعائية و الإعلامية التي لا أرى مستفيدا من نتائجها غير المتنفذين في الدوائر الأمنية داخل القطر و خارجه، و ليس ثمة ما يبرر ذلك حتى و إن قيل « تلك وسائط الأحزاب القانونية و شروط اللعبة الديمقراطية ».   ثانيا: أن الإطار الذي انبثقت عنه تلك الدعوة « مسمَى » لا نبل فيه، و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الحاضنة الشريفة التي يمكن أن ترفع لواء المشروع القومي في تونس و في هذه المرحلة بالذات التي تتسم بقدر كبير من الدقة و الأهمية سواء فيما يتعلق بواقع أمتنا عموما أو واقعنا القطري على وجه الخصوص، و هو المشروع الذي يعلم القاصي و الداني أنه لم يكن و لن يكون في يوم من الأيام رهين حسابات خاسرة يحكمها ضيق الأفق و الارتهان لعامل الارتزاق السياسي – المناصبي و المادي و هو حال وصل بالبعض إلى حد إسقاط كل المحاذير و تجاوز كل الخطوط الحمر.   ثالثا: لقد حاولت من خلال البحث و التمعن في تلك الدعوة أن أصل إلى رؤية منهجية واضحة يمكن أن تـفضي إلى حوار مؤسس فعال و غير محكوم باستحقاقات آنية ولا هو رهين محطات سياسية بعينها، و هو ما كلفني متابعة كل تلك الردود سواء تلك التي نشرت على أعمدة الصحيفة الناطقة باسم الحزب صاحب « المقاولة ».. أو ما رفدها من بعض المقالات الأخرى (الشروق بتاريخ 9/3/2008 ص 17) فلم أجد في الحقيقة ما يطمئن له القلب أو يستريح له العقل بالرغم من كل تلك العبارات المدبجة، و الجمل البالغة، و التوظيف المتعمد للموروث النضالي و الفكري للتيار القومي التقدمي تحديدا الذي يحاول بعضهم اليوم و بعد (خراب البصرة) أن يمارسوا باسمه دور « السدنة » انطلاقا من ذلك الإطار الذي هو أشبه بمسجد ضرار الذي بناه المنافقون في القرن السادس بدعوى إقامة الصلاة في حين كان وكرا للتآمر على الأمة و قضاياها. و إنني أعتقد جازمة أنه لا يختلف اليوم قوميان اثنان عاقلان على عدم أهليته ليكون مأتمنا على أي مشروع جاد من شأنه أن يجمع و يوحد الجهد النضالي و السياسي القومي في القطر، و يدفع به قدما و لو في حده الأدنى. بل لعله من الواجب أن أذكّر هنا (لعل الذكرى تنفع المؤمنين) أن ذلك الإطارو منذ نشأته في أواخر الثمانينات قد لعب دورا تخريبيا بامتياز لضرب أي عمل سياسي قومي منظم جاد بعد أن التقت « جهود » الإقليميين داخله و رغبة الإقليميين خارجه لقمع كل جهد عروبي وحدوي مخلص من شأنه أن يعيد للبعد القومي عمقه و وهجه و امتداده في القطر. و لعل المجال هنا لا يتسع لسرد و كشف تلك الوقائع.. لكنني سأعود إليها بالتفصيل إذا اقتضت الضرورة ذلك، خاصة في ظل ما تلمسه خلال هذه المرحلة من اشتباه و تشابه في الأدوار و الشخوص. إن القوميين هم فعلا بحاجة ماسة اليوم و أكثر من أي وقت مضى للحوار.. وقراءة واقعهم و واقع أمتهم قراءة صحيحة، و هم مطالبون أيضا بدراسة تجربتهم و التعلم من أخطائها و البناء على ايجابياتها دون أن تلتبس عليهم السبيل. نعم هم مطالبون باستحقاقات كثيرة أقل ما فيها الحوار. لكن على قاعدة هل يستوي الأعمى و البصير، و إن كنت أحفظ للقول الكريم « خيركم من بدأ صاحبه بالسلام » الذي جاء مذيلا لتلك الدعوة دوره و قدره و عزته، و أنزه معانيه السمحاء عن أي توظيف سلبي. و من هذا المنطلق أقول.. إن الذين ما زالت لديهم بقية رهانات خاسرة على خيارات النظام الإقليمي الرسمي العربي الفاشل بكل المقاييس و منذ أكثر من ثلاث عقود خلت، آن الأوان لهم أن يعوا و يتبصّروا و يبصروا أن الإقليمية فشلت و انتهت إلى مأزقها الطبيعي، و أن جماهير الأمة بالرغم من ألامها المريرة فان هناك من مؤشرات و دلائل وعيها ما يبشر بقرب نهوضها و انتفاضها و انتظامها في المواقع و الساحات التي لم تمارس فيها بعد دورها، و هذه الإرهاصات تفرض على طليعتها أن تكون في مستوى تلك التحديات و أن يكون لها وجود مؤثر و جهد غير محكوم بسقف زمني لمحطات عابرة. إننا إذا أردنا أن نهيئ لأي ممارسة سياسية ديمقراطية بناءة من شأنها أن تجمع النسيج القومي في تونس و توحد أهدافه و تحافظ على قدراته الذاتية و الموضوعية، و تخلق له دورا فاعلا أو بمعنى أصح تعيد له دوره المفقود و المسطو عليه فلا بد أن نبدأ بمقدمات صحيحة للعمل.. لا مجال فيها للضبابية و المواربة، و لا مجال فيها للخوف و التردد، ولا مجال فيها للنفاق و المحابّات و دون أن نحسب كثيرا ثمن التضحيات إن وجدت أو وجبت. و أول تلك المقدمات هي أن ننحاز بالكامل إلى  قضايا أمتنا العادلة، ونقاوم العدو و الاستبداد و الظلم، و نسعى إلى تحقيق أهدافنا في التحرير و الوحدة و التنمية بعيدا عن أي تعاطي مع الأعداء بما فيهم الإقليمية المجرمة التي لازالت تحاصرنا بالقوة الباطشة، بالسجون و المشاريع الواهية، بالوعود الكاذبة و البدائل الفاشلة، و لا زالت تحول دون خلاص الأمة من محنتها، و دون حق الجماهير العربية في صياغة حياتها الحرة و صنع  تقدمها. متشبثة في المقابل بثنائية فك الارتباط مع الشعب و فك الاشتباك مع العدو.. وللحوار بقية..   فائزة  عبد الله

الشراكة الأميركية – الإيرانية في النظام الإقليمي الجديد

 
نيويورك – راغدة درغام ما يمكن استنتاجه من مواقف الجمهورية الإسلامية في إيران حيال الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق أن طهران باشرت في استخدام العراق كورقة مقايضة في المناورات الاستراتيجية لصوغ نظام أمني اقليمي يضعها في مقعد القيادة الاقليمية، بإقرار من وبشراكة مع الولايات المتحدة. الأمر عائد الآن إلى كل من الرئيس الحالي جورج دبليو بوش والمرشح الجمهوري للرئاسة جون ماكين والمرشح الديموقراطي باراك أوباما، ليقرروا ما إذا كانت مصلحة الولايات المتحدة البعيدة المدى في منطقة الشرق الأوسط تتطلب تلبية الدعوة الإيرانية إلى النظام الأمني الذي تريده طهران، أو إذا كانت هذه المصلحة تتطلب نظاماً اقليمياً، أمنياً وسياسياً واقتصادياً، مبنياً على شراكات متداخلة ومتوازية، تضم إيران إنما لا تضعها وحدها في مقعد القيادة. وهذا يتطلب ابلاغ طهران بحزم تام وبالأفعال، أن النظام الاقليمي الذي تريده وتخطط له لن يكون معقولاً. فقد حان الوقت للمرشحيْن للرئاسة الأميركية أن يصوغا أكثر من بيانات استهلاكية حول من أخطأ ومن أصاب في مواقفه من حرب العراق عند بدايتها أو في منتصفها. باراك أوباما بدأ يتملص من القفص الذي نصبه حول نفسه بتصريحاته عن كيفية اخراج القوات الأميركية من العراق والتي اتسمت بكثير من الغوغائية والتبسيط. وجون ماكين بدأ يستدرك آثار هفواته وأقواله حول البقاء في العراق لمئة سنة والتي أخافت الناس، لا سيما عند ربطها بنزعة فقدان الأعصاب التي يعاني منها بالذات عند المّس بمواضيع الأمن القومي. ولكن، إذا كان باراك أوباما متمسكاً بالخروج من العراق ضمن برنامج زمني ضيق، لأنه استنتج أن البقاء سيكلف أكثر وأكثر، وأن الهروب أرخص في هذا المنعطف، عليه أن يتقدم بـ «استراتيجية للخروج» متكاملة تتضمن شرح الدور الأميركي الاقليمي والعالمي بعد الانسحاب، وتتضمن أيضاً تصوره لدور إيران في النظام الاقليمي في المنطقة بعد الانسحاب الأميركي. وإذا كان جون ماكين عازماً على البقاء في العراق حتى «النصر» مهما كلف ذلك على أساس أن التقهقر في وسط المعركة يضرب الصدقية الأميركية ويقدم النصر للتطرف كمنظمات وكدول، من واجبه أن يتقدم بـ «استراتيجية البقاء» بشرح فوائدها وادوار الأطراف الاقليمية الفاعلة، بما في ذلك دور إيران. إذا كان لدى إيران وسورية رغبة واندفاع وولع ومساهمات في ايصال باراك أوباما إلى منصب الرئاسة الأميركية، فإن في العراق الكثير من القلق والخوف من وصوله إلى السلطة. والسبب ليس عدم محبة الشاب ذي الشعبية العالمية الذي كسر المحرمات وأصبح ظاهرة فيها الكثير من الايحاء والقيادة. السبب أن أوباما يبدو غير واعٍ لتعقيدات الوضع العراقي بما في ذلك حيرة الحكومة العراقية وورطتها وهي تقع بين ولائها الضروري للقوات الأميركية التي أتت بها إلى السلطة ولا تزال تتكل عليها، وبين ولائها الضروري والطبيعي لطهران، علماً أن لإيران نفوذاً ضخماً في حاضر العراق وعلى كثير من حكام بغداد دين لها تتوقع طهران أن يسددوه مستقبلاً. مهمة باراك أوباما وجون ماكين، ومعهما أيضاً جورج دبليو بوش، هي التفكير ملياً في هذه الحيرة – الورطة ليس بمهاترات لغوية ومزايدات ملطخة بسبب السياسات المتقطعة باللاثقة، والانصباب الأميركي على المصالح الضيقة على حساب الآخرين. المطلوب من صنّاع الاستراتيجية الأميركية البعيدة المدى أن يدققوا في معنى الشراكة الأميركية – الإيرانية في نظام اقليمي أمني جديد تريده طهران ينقل العلاقة من العداء إلى الشراكة، كما سبق وحدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، إنما باختلاف جذري هو: بقاء النظام الإيراني وتمكينه من النفوذ الاقليمي بعكس ما حدث من انحسار ثم انهيار للاتحاد السوفياتي. فإذا كان مثل هذه الشراكة في النظام الأمني هو الخيار الأميركي، على صنّاع القرار أن يفكروا في كيفية صوغ العلاقة الأميركية – العربية في ضوء هذه الشراكة، وفي معنى تصدير ايديولوجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى بقية دول المنطقة وما بعد. وبعد كل ذلك، ربما من المفيد أن تتوضح هذه الآفاق عند القيادة العراقية كي تبتسم بارتياح وتمحو آثار الحيرة والارتباك عن ملامحها وهي توفّق و/أو تختار بين حليفين عدوين يختلفان عقائدياً وسياسياً واستراتيجياً كل الاختلاف. إنما قبل كل هذا، ربما يستطلع أحد ما معنى تنصيب القادة الايرانيين لزعامات في المنطقة بأدوات نفوذ ايرانية، على نسق «حزب الله» في لبنان أو مختلف الميليشيات في العراق، لا سيما عندما يأتي ذلك بصيغة الإقرار بالضعف في أعقاب عجرفة القوة. الحل ليس في المواجهة بين الغطرسة الأميركية الفاضحة والغطرسة الإيرانية الهادئة التي تكشفها أنماط التهكم والتعالي المحنكة، إنما الحل ليس – كذلك – في التهرب من التدقيق في الاستحقاقات والافرازات لمواقف كل من باراك أوباما وجون ماكين من العراق وإيران. الاتفاقية الأمنية التي استفاق عليها أعضاء في الكونغرس والإعلام هذا الأسبوع تشكل نقطة انطلاق مهمة للتدقيق، ليس فقط بسبب أهميتها بحد ذاتها، وإنما أيضاً بسبب المواقف الإيرانية الرافضة لها علناً، والساعية إلى التأثير فيها واستخدامها كورقة سراً. إدارة جورج دبليو بوش حاولت الحصول على اتفاقية تدجّن العراق أميركياً في أعقاب اخراجه من التدجين الدولي، وسعت وراء هيمنة فاضحة على العراق بقواعد دائمة ومتحركة، وبحصانات من ملاحقات قضائية، وبهيمنة على الموارد النفطية وبسيطرة تُفقد العراق حس ومعنى السيادة التي يريد استعادتها بعد خروجه من تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ثم استدركت بعد الضغوط، فقدمت مسودة أفضل. بالأساس، كان الهدف من الحديث العراقي – الأميركي التوصل إلى «شراكة أمنية» ثنائية تطمئن الداخل العراقي وتبعث رسالة إلى دول الجوار، بالذات سورية وإيران. هذه الشراكة الأمنية سعت وراء تنظيم العلاقة الأميركية – العراقية على اساس حاجات العلاقة الثنائية بدلاً من ترك تنظيم علاقة العراق مع الدول المشاركة في القوة المتعددة الجنسية في أيدي مجلس الأمن الدولي ليقرر صلاحية هذه القوة ومدة ولايتها. أي أن الهدف الاساسي كان رفع العراق من تحت البند السابع وصوغ اتفاقية أمنية طويلة الأمد ترفع ضغوط الجدول الزمني للانسحاب الأميركي حتى وإن كان بصورة تدريجية. فالفكرة الاساسية كانت تنطوي على شراكة أمنية تنظم العلاقة بإعادة انتشار الوجود العسكري الأميركي، سواء في معسكرات أو قواعد في كامل انحاء العراق، بانسحابات من المدن العراقية، يرافقها بناء المؤسسة العسكرية العراقية، الجوية والبرية، على السواء. الأخطاء الأميركية – مجدداً – حرّكت الشكوك والاعتراضات، وشكلت ذخيرة ضد المعاهدة، وأدت إلى احتمال تأجيل توقيعها في الشهر المقبل وإلى إمكان عودة الحكومة العراقية عن إعلانها أنها لن تكون في حاجة إلى تمديد ولاية القوة المتعددة الجنسية في مجلس الأمن عندما تنتهي ولايتها نهاية هذه السنة. إنما ليس في الأخطاء الأميركية ما يبرر ردود الفعل الإيرانية، وعلى أعلى المستويات، وكأن العراق سلعة في أيدي القيادة الإيرانية. من حق إيران أن تتعرف على نوعية علاقة جارها العراق مع الولايات المتحدة، إنما لا يحق لإيران أن تقزّم السيادة العراقية وتعطي نفسها صلاحية الاملاء، لكنها فعلت وتفعل. وهذا ما يجب على صنّاع القرارات والسياسات الأميركية أن يدرسوه ليفهموا حدود و «صلاحيات» النفوذ الإيراني في العراق وليتعرفوا إلى ما في ذهن حكام إيران لجهة صوغ العلاقة الثنائية الأميركية – العراقية. الحكومة العراقية تحاول أن تكون عرّاب الشراكة الأميركية – الإيرانية وترغب في أن تتوصل واشنطن وطهران إلى تفاهم على نظام أمني اقليمي يعفيها من مهمة الاختيار بينهما. نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح يرى أن استعادة العراق السيادة الكاملة واخراجه من البند السابع الذي يصنفه بأنه يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، يخولانه أن يصبح «جزءاً من نظام دولي واقليمي آمن للكل». إنما القيادة في طهران تغرد في غير سرب نظام اقليمي تكون مجرد طرف فيه. إنها تريد القيادة الاقليمية في النظام الأمني الجديد بصلاحية كاملة لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» ويقدم قائده التقارير المباشرة إلى مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي. وهو «فيلق القدس» نفسه الذي يحكم في العراق عبر الميليشيات هناك، ويحاول التحكم في لبنان عبر «حزب الله». عندما تمكن رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي من تحدي ميليشيا مقتدى الصدر في البصرة، فعل ذلك بتمكين طهران له. فلو لم توافق ضمناً لما استطاع – ولربما لما حاول – نوري المالكي المواجهة الحازمة مع أمثال «جيش المهدي» وقائده (الذي يقود حالياً حملة ضد الاتفاقية الأمنية). السؤال هو: لماذا قررت إيران ذلك وماذا تريد؟ يكاد يكون مؤكداً أن عهد الميليشيات الذي هو أساس في الاستراتيجية الإيرانية لم يولّ ولن، أقله في السنوات القليلة المقبلة. فكما استثمرت الولايات المتحدة بكلفة عالية في حرب العراق، استثمرت إيران بأموال ضخمة لتنظيم وتجهيز وتمويل وتقديم السلاح للميليشيات في العراق وفي لبنان. إذن، ماذا وراء تكتيك مساعدة المالكي على دحر «جيش المهدي» الحليف لطهران؟ يوجد بالتأكيد هدف غايته «الاستثمار» في الانتخابات الرئاسية الأميركية، رهاناً على باراك أوباما لاستدراجه إلى «اللطف» الذي في وسع الإيرانيين أن يمارسوه، أو انذاراً إلى ماكين لإفهامه أن وسائل النفوذ الإيراني داخل العراق ضخمة وقابلة للاستخدام ايجاباً أو سلباً. إنما هناك ايضاً بعد استراتيجي له علاقة بما في ذهن القيادة الايرانية نحو جنوب العراق على المدى البعيد صلحاً كان أو حرباً. القيادة الإيرانية لا تحتج فحسب على نواح تعتبرها استخداماً للعراق كقاعدة انطلاق لأعمال أميركية عسكرية ضدها في المعاهدة الأمنية. إنها تحتج على «ثنائية» المعاهدة الأمنية كمبدأ. فهي ترى أنه ليس من حق العراق أن يبرم معاهدة ثنائية مع الولايات المتحدة، لأن الحكم في العراق، من وجهة نظر طهران، تابع لها. إنها تريد تقاسم العراق بينها وبين الولايات المتحدة، بالحسنى أو بالتهديد، حسبما تقتضيه الحاجة. فالعراق ورقة في الجيب الايراني، حسب تفكير طهران، وهي لن تفرط به في مساوماتها مع الولايات المتحدة والتي تفضل أن تجريها مع باراك أوباما وليس مع جون ماكين. العبء الآن هو على المرشحين للرئاسة الاميركية ليصوغ كل منهما استراتيجية ورسالة إلى طهران. فإذا كان في ذهن أحدهما، أو كليهما، تلك الصفقة الكبرى، من المفيد أن يأخذا في الحساب أن الاستراتيجية الإيرانية مبنية على شراء الوقت ريثما يتم إعداد فرض أمر واقع، نووي أو ميليشياواتي، في العراق أو لبنان. المعركة الحقيقية بين معسكري ماكين وأوباما هي في اعتقاد ماكين أن الانتصار في حرب العراق مسألة رئيسية للمصلحة والعظمة والكبرياء والهيبة والصدقية الأميركية، وفي اعتقاد أوباما أن هذه الأمور تُكتسب عبر الاعتراف بخطأ حرب العراق والتراجع الآن. إنه لفارق ضخم بين استراتيجية البقاء واستراتيجية الجلاء. الضائع بين الاستراتيجيتين هو الدراسة المعمقة في معنى كليهما في النظام الأمني الاقليمي الجديد في أعقاب هدية حرب العراق لإسرائيل وإيران . (المصدر: صحيفة « الحياة » (يومية – لندن) الصادرة يوم 13 جوان 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.