الخميس، 7 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2815 du 07.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: بعد يومين من الإحتجاز التعسفي ..أيمن الدريدي يستعيد حريته..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:  محرز الهمامي ..من جديد ..! حرّية و إنصاف: علي الزواغي  يخضع لعملية جراحية لاستئصال ورم بالبروستات رويترز: تونس والجزائر تحييان الذكرى الخمسين لعدوان فرنسا على ساقية سيدي يوسف د ب أ : تونسي يقطع أصابع زوجته بالساطور لأنها « افرطت في الرقص » طلبة تونس: أخبار الجامعة حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ: النشرة الكترونيّة العدد 43 قيس الرياحي: ماذا عسانا نفعل أمام المتشبعين بـ « ثقافة الموت » والجنائز؟ د. عائض القرني: إذاعة القرآن في تونس شادية السلطاني: تجارة الرصيف في تونس هل هي شر لا بد منه؟ النفطي حولة: في الذكرى الثانية والستون لتأسيس الاتحاد محـمد معـالي: 26 جانفي…كما عشته سجينا سياسيا عادل القادري: في كتاب جديد لنورة بورصالي – أحمد بن صالح يشحذ الذاكرة الوطنية

عــلي شرطـاني: كفانا لعنا للظلام وسبا للحكام 4/4 سلمى بالحاج مبروك: الآت… الإرادة: دفاعا عن قوت الشعب الإرادة: السفير قوداك: نشاط حثيث الإرادة: بــكلّ وضــوح الباحث التونسي رفيق عبد السلام يغري القارئ بمفاهيم العلمانية ويؤكد لـ (الزمان): الحداثة مشروع غير مكتمل عبدالباقي خليفة: في النقد السياسي: – « حرية تبادل الأفكار والآراء من أغلى حقوق الإنسان » يو بي أي: أسقف الجزائر يشكو مضايقات يتعرض لها المسيحيون ويعلن ان الجماعات المسلحة اغتالت 10 من الرهبان أ ف ب: البرلمان التركي يجيز ارتداء الحجاب في الجامعات د. بشير موسي نافع: انقسام وجدل تركيان حول مسألة الحجاب د. علي محمد فخرو: عندما تتحرك العلمانية المستبدٌّة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1 الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في06 فيفري 2008  

بعد يومين من الإحتجاز التعسفي ..أيمن الدريدي يستعيد حريته..!

 
أخيرا ..و بعد مماطلة دامت يومين غادر أيمن الدريدي سجن باجة على الساعة السابعة من مساء اليوم الإربعاء 06 فيفري 2008 و كانت الإدارة رفضت الإنصياع لقرار قضائي بالإفراج عنه  بتعلة واهية هي مطالبته بخلاص خطية مالية حكم عليه بها بعد قضية ألصقت به في السجن ، و قد اتصلت والدته بالجمعية بعد أن أعلمتها إدارة السجن بأن الأمر يتعلق بخطايا ثلاث ( القضايا عدد 20866 و 20865 و 65195 ) ، و تم تكليف محام اتصل بوكالة الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية ببنزرت بعد خلاص الخطايا   لإتمام الإجراءات القانونية . و إذ تهنئ الجمعية عائلة أيمن الدريدي بإطلاق سراح ابنها فإنها تلفت الإنتباه إلى تزامن الأحكام بالخطايا الصادرة ضده مع الضجة التي ثارت حول الإعتداءات التي تعرض لها في سجن برج الرومي و  القضية التي أثارها ضد مدير السجن  المدعو عماد العجمي  ، كما تجدد الجمعية الدعوة للإفراج عن المعتقلين إثر محاكمات لم تتوفر فيها الشروط القانونية للمحاكمة العادلة . عن الجمعيــة        الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي  


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 06 فيفري 2008  

كشف الحساب..لقضاء .. »يكافح الإرهاب  » ..! :  محرز الهمامي ..من جديد ..!

* نظرت  الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الإبتدائية  بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي  اليوم الإربعاء 06 فيفري 2008 في : *  القضية عدد 13775 التي يحال فيها كل من : توفيق شندول و فرح المنصوري و خالد الرقاد و نور الدين ضيف الله و علي عمارة و طارق فتح الله و رمزي الرمضاني   بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة للإنضمام لتنظيم إرهابي  ، و قد  تولى الدفاع و الترافع عنهم الأساتذة جمال مارس و سمير بن عمر و عدنان بن رمضان ، نيابة عن الأستاذة سعيدة العكرمي ، و صبيحة بالحاج سالم ، نيابة عن العميد البشير الصيد ،  و قد قرر القاضي بعد إعذار المتهمين  حجز القضية للمفاوضة و ينتظر أن تصدر الأحكام في ساعة متأخرة من مساء اليوم  . عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حرّية و إنصاف 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberte_equite@yahoo.fr *** تونس في 07 فيفري 2008

علي الزواغي يخضع لعملية جراحية لاستئصال ورم بالبروستات

 
دخل السجين السياسي السابق السيد علي الزواغي يوم الجمعة 25/01/2008 إلى المستشفى لاستئصال ورم بالبروستات و قد أجريت عليه العملية يوم أمس الأربعاء 06/02/2008 و ما زال في قسم العناية المركزة. علما بأن السجين السياسي السابق السيد علي الزواغي غادر السجن في 24/07/2008 و لمن يريد عيادته الرجاء الاتصال بالرقم التالي : 23.639.191 نسأل الله له الشفاء و نرجو أن تضع هذه العملية حدا لهذا المرض الذي أصابه منذ أن كان بالسجن نتيجة الاهمال الصحي و أنه كان بالامكان تفادي خطورة هذه الأمراض لو قدمت السلطات السجنية للمرضى من المساجين السياسيين العلاج الناجع في الوقت المناسب. و حرية و إنصاف : تطالب السلطة بإطلاق سراح المساجين السياسيين و خاصة المرضى منهم و تمكينهم من العلاج حتى لا يكون مآلهم الموت البطيء الذي حصد أرواح العديد منهم بعد خروجهم من السجن مباشرة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
 

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ الفجر 27 ـ30 إنا لله و إنا إليه راجعون
 
ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ

وفاة والدة أخينا وردي الرابحي

المقيم بالنمسا، وإذ نتقدم بالمؤاساة وبأصدق التعازي إلى الاخ وردي الرابحي وإلى كل أفراد عائلة الفقيدة في تونس، ولا يسعنا إلا أن نقول: إنا لله و إنا إليه راجعون وعظم الله أجركم وأحسن عزاكم وغفر لميتكم. ونسأل الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته وجليل مغفرته ويسكنها فسيح جنانه، وأن يرزق أهلها وذويها جميل الصبر والسلوان آمين. ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ*  أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ البقرة155ـ 156 أسرة المهاجر التونسي فيينا في:  06.02.2008 للتعزية رقم الأخ وردي الرابحي: 0043.0.69911317639

 

تونس والجزائر تحييان الذكرى الخمسين لعدوان فرنسا على ساقية سيدي يوسف

 

تونس (رويترز) – وصل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يوم الخميس الى تونس في زيارة يحيي خلالها مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذكرى الخمسين للعدوان الجوي الفرنسي على قرية ساقية سيدي يوسف الواقعة على الحدود التونسية الجزائرية.

 

 وقامت طائرات حربية فرنسية في الثامن من فبراير شباط 1958 بغارات جوية على قرية سيدي يوسف الواقعة بولاية الكاف التونسية بهدف ضرب الدعم التونسي للثورة الجزائرية لتقتل العشرات وتجرح المئات من النساء والاطفال والشيوخ التونسيين والجزائريين بسوق اسبوعية بالقرية.

 

 وأصبحت هذه الذكرى ترمز لمتانة العلاقات التونسية الجزائرية منذ توحد الجهود في مقاومة فرنسا المستعمر السابق للبلدين.

 

 وأصدر البلدان في هذه الذكرى 50 طابعا بريديا مشتركا يتضمن نصبا تذكاريا لشهداء الساقية تعلوه حمامتان يكسوهما علما البلدين للدلالة على الحرية التي تنعم بها تونس والجزائر بعد استقلالهما عن فرنسا على التوالي عامي 1956 و1962.

 

 واستقبل الرئيس التونسي نظيره الجزائري بالمطار الرئاسي ثم تحولا الى ضريح الشهداء للترحم على القتلى على ان يجريا محادثاث قبل انتهاء الزيارة المقررة ليوم واحد.

 

 ويقول محللون ان جهود البلدين موحدة الان لمقاومة الارهاب الذي بات يهدد المنطقة المغاربية برمتها بعد تزايد عمليات القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي.

 

 واشارت اشتباكات نادرة بالاسلحة في تونس وسلسلة تفجيرات انتحارية في الجزائر والمغرب الى تهديد اوسع من جماعات مسلحة في شمال افريقيا وهي منطقة يقول خبراء امنيون انها قدمت مئات المجندين للجماعات المسلحة في العراق.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 7 فيفري 2008)

 


تم إدخالها إلى الإنعاش نتيجة الضرب على الرأس

تونسي يقطع أصابع زوجته بالساطور لأنها « افرطت في الرقص »

 

تونس- د ب أ – (وكالة الأنباء الألمانية)- أقدم رجل تونسي على قطع أصابع يد زوجته بالساطور، عقاباً لها على الإفراط بالرقص في حفل زفاف أخيه.

وذكرت صحيفة « الجمهورية » التونسية الخميس 7-2-2008، أن الزوج من محافظة جندوبة (150 كلم شمال غرب تونس)، اغتاظ من طريقة رقص زوجته وسط النساء، فهجم عليها وهي ترقص لتأديبها لكن تدخل الحاضرين وأنقذوها منه.

وأشارت الصحيفة إلى أن « الرجل خطط للانتقام من زوجته إثر عودتهما إلى المنزل، فاغتنم خلودها للنوم وأحضر ساطورا من المطبخ وانهال به على يدها فقطع لها إصبعين وسدد لها ضربة على رأسها أدخلتها الإنعاش ».

 

(المصدر: موقع « العربية.نت » (دبي) بتاريخ 7 فيفري 2008)

 

 


 

احتياطي تونس من العملة الأجنبية يرتفع إلى 7.70 مليار دولار

تونس (رويترز) – قال البنك المركزي يوم الخميس إن احتياطي تونس من العملة الأجنبية ارتفع بنسبة 9.4 بالمائة منذ بداية العام وحتى الرابع من فبراير شباط مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليبلغ 9.4 مليار دينار (7.70 مليار دولار).

وأرجع البنك زيادة احتياطيات البلاد من العملة الى ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 10 بالمائة إضافة إلى زيادة ارتفاع تحويلات المغتربين.

وأوضح أن هذا المبلغ يعادل 138 يوما من الواردات التونسية مقابل 151 يوما خلال نفس الفترة من العام الماضي بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية.

(الدولار يساوي 1.220 دينار تونسي)

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 7 فيفري 2008)


سُـؤال قــارئ

 

قارىء سأل وزير النقل: «لماذا أنفقتم على دراسة 7 ملايين من الدينارات… وأمضيتم في إنجازها ما يضاهي 5 سنوات؟».

ثم يضيف قائلا: «في حين أن الحل أقل كلفة مما أنفقتموه… والوقت كذلك أقل مدة مما خصصتموه».

فأجيب القارئ مكان المسؤول – بعد إذنه – على هذا السؤال… أتريد أن يكشف لك الوزير أسرار الدولة؟ «هاك اللي مازال!!».

 

محمد قلبي

 

(المصدر:  جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)

 

 

حقوق الانسان

أدى السيد منصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان في موفى الاسبوع الماضي زيارة إلى سجن المرناقية واطلع على ظروف اقامة عدد من المساجين به.. والتقى السيد عبد الرحمان التليلي الذي يقضي عقوبة في نفس السجن. ومن بين مهام الهيئة العليا لحقوق الانسان القيام بزيارات فجئية الى السجون ولقاء المساجين . كما تتلقى الهيئة العليا رسائل المواطنين وتشكياتهم حول الملفات التي لها علاقة بالحريات العامة والفردية وباوضاع حقوق الانسان.

 

زيارة

من المنتظر ان يحل مطلع الاسبوع القادم السفير دال دايلي منسق شؤون مكافحة الارهاب بالخارجية الامريكية الى جانب غوردون غراي مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الادنى الى تونس في زيارة عمل .

 

بروتوكول تفاهم

في اطار التعاون بين تونس وبريطانيا تم  هذا الاسبوع توقيع بروتوكول تفاهم بين المدرسة القومية للادارة المدرسة الوطنية للحكومة البريطانية بهدف التعاون في مجال تطوير الخدمات العمومية وتكوين الكفاءات الموجهة لكبار موظفي الخدمات العامة وقد وقع الاتفاق عن الجانب البريطاني السيد بيتر دافرن مستشار المدرسة الوطنية للحكومة البريطانية والسيد عفيف هنداوي مدير المدرسة الوطنية للادارة بحضور السفير البريطاني الان غولتي. ويشمل  هذا البروتوكول فتح  آفاق التعاون بين الجانبين في عديد ميادين المعرفة بما في ذلك تشجيع تبادل الخبراء وتبادل التجارب في مجال الادارة العامة والمشاركة في تنظيم  اللقاءات في البلدين وتنظيم الدورات التدريبية المطلوبة للطلبة المعنيين.

 

علاج الادمان

نظرا لانتشار ظاهرة التدخين في الأوساط التلمذية وأمام ظهور مشاكل محدودة الانتشار بسبب تعاطي المخدرات والزطلة والكلفرة فإن إدارة الطب المدرسي والجامعي منشغلة بهذه المسألة.. وهناك نية لبعث فضاء مخصص لعلاج التلاميذ والطلبة من الادمان.

 

خوصصة

علمنا من مصدر مطلع أن عملية خوصصة الشركة التونسية لصناعة السيارات (ستيا) مازالت جارية.

وتمس عملية الخوصصة فقط ورشات ستيا 2 الواقعة على طريق سوسة المنستير. أما محلات ستيا واحد فلا تشملها عملية الخوصصة. ويجدر التذكير بأن شركة ستيا التي شهدت عملية إعادة هيكلة تمر منذ فترة بصعوبات وشهدت عجزا هاما في ميزانيتها.

 

(المصدر:  جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)


طلبة تونس http://www.tunisie-talaba.net/ السنة الثانية:  العدد رقم 9 الأربعاء 6 فيفري 2008 أخبار الجامعة

التحركات الطلابية و التلمذية مساندة لأهلنا في غزة :

شهدت العديد من المعاهد الثانوية و المؤسسات الجامعية تظاهرات و تحركات مساندة لأهلنا بغزة و تنديدا بالحصار الظالم المفروض عليهم من قبل الصهاينة و سلطة عباس و الأنظمة العربية الخانعة و كانت أبرز هذه التحركات في كلية العلوم بصفاقس و المعهد الثانوي بجبنيانة حيث استطاع الطلبة و التلامذة – رغم التواجد البوليسي المكثف – الخروج إلى الشارع و القيام بمسيرات جماهيرية

أما في كلية العلوم بتونس فقد نظم الطلبة المستقلون يوم الثلاثاء 29 جانفي 2008 اجتماعا عاما جماهيريا تناول فيه الكلمة العديد من الطلبة من مختلف التوجهات و التيارات السياسية و أكدوا من خلال تدخلاتهم على الموقف المبدئي من الصراع العربي الصهيوني  و الدعم اللا مشروط للقضية الفلسطينية

الإعتقالات في صفوف الطلبة :

– قام البوليس السياسي يوم الإثنين 4 فيفري 2008 باعتقال الطالب أيمن الكافي أصيل منطقة بنزرت و تم نقله إلى    جهة مجهولة و تشعر عائلته بقلق كبير حول مصير ابنها الذي تخشى من تعرضه للتعذيب الشديد الذي كان و لا يزال يمارس بصفة منهجية ضد المعتقلين السياسيين هذا و قد تمت عملية الإعتقال على الساعة الخامسة مساءا

– عوضا عن الإعتقال يلجأ البوليس السياسي في كثير من الأحيان إلى المضايقة المستمرة بهدف إثناء الطالب عن ممارسة أي نشاط سياسي و يطمع في بعض الأحيان حتى في أن يصبح مخبرا لهم …..

و في الآونة الأخيرة عمد البوليس السياسي إلىممارسة ضغوط مكثفة على الطالب مهدي الساحلي أصيل دار شعبان بنابل و يدرس بالسنة الثانية في كلية العلوم بتونس حيث طالبوه بمدهم بمعلومات عن نشاطه في الجامعة و لما أصر على انه ليس له أي  نشاط سياسي أو نقابي طالبوه بمدهم بقائمة في الطلبة المستقلين في الكلية

 

محاكمة الطالب ربيع الورغي :

صدر أخيرا (في 22 جانفي 2008 ) حكم يقضي بسجن الطالب ربيع الورغي مدة ثلاثة أشهر و نصف بسبب نشاطه النقابي …. و احتجاجا على هذا الحكم أضرب طلبة المعهد التحضيري للدراسات الهندسية ببنزرت عن الدروس يوم الإثنين 21 جانفي كما دخل طلبة كلية العلوم ببنزرت في إضراب مفتوح عن الدروس انطلاقا من يوم 21 جانفي …

بن عروس : مدير المعهد يطرد تلميذات محجبات ….

في حادثة اعتداء جديدة على الحريات الشخصية قام مدير المعهد الثانوي ببن عروس المدعو صلاح الدين القيطوني بطرد 30 تلميذة محجبة من قاعات الدراسة و هن بصدد إجراء الإمتحانات و طالبهن – بكل صفاقة و وقاحة – بنزع الحجاب نهائيا إذا كن يرغبن في مواصلة الدراسة و قد جدت هذه الحادثة صبيحة يوم الخميس 31 جانفي 2008

و إثر هذا التصرف الأرعن و السلوك المشين من قبل المدير المذكور الذي لا تنطبق عليه أي صفة من صفات المربي تجمعت التلميذات أمام المعهد و بمجرد بلوغ الخبر إلى أوليائهن هب هؤلاء للدفاع عن حق بناتهن في الدراسة في هذاالمعهد الذي هو ملك الشعب و ليس ملك هذا المدير المتهور الذي فقد صوابه و لا يعرف معنى للفضيلة

و قد رفع المتجمعون أمام المعهد شعارات منددة بانتهاك حقوق المحجبات و داعين إلى إلغاء المنشور 108 الذي أصبح عنوان القمع و الإرهاب

و إزاء هذا الوضع وفي حركة تنم عن الجبن و يلجأ إليها الضعفاء من أمثاله قام المدير المذكور باستدعاء البوليس لحسم الموقف باعتبار عدم قدرته على مواجهة غضب الجمهور الذي تجمع أمامه …

 

تلامذة معهد الإمتياز بالجديدة يساندون زميلتهم :

رفض تلامذة السنة الثانية علوم بمعهد الإمتياز بالجديدة ( على بعد 17 كلم غرب تونس العاصمة ) تسلم شهائد التفوق المسندة إليهم من قبل إدارة المعهد احتجاجا على حرمان زميلتهم المتميزة زينب بو ملاسة من شهادتها لرفضها نزع   » الفولارة التونسية  » من فوق رأسها و كانت التلميذة زينب قد تحصلت على معدل مرتفع جدا ( 17 من 20 ) خلال الثلاثية الأولى من السنة الدراسية الحالية و يشهد لها كل أساتذتها بالتميز سلوكا و أخلاقا ومعرفة و لكن مدير المعهد المدعو عادل الفهري كان له رأي آخر ربما انسجاما مع قناعاته أو إرضاء لأسياده في المندوبية الجهوية للتعليم أو الوزارة …. قد ينجح في إرضاء هؤلاء و لكنه لن يرضي رب العباد الذي سيحاسبه عن أفعاله يوم القيامة يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم … و إن غدا لناظره قريب ….

 

قائمة سوداء مفتوحة في أعداء الحجاب …..

هذه قائمة أولية في أعداء الحجاب الذين لم ينفكوا عن مضايقة و قمع و اضطهاد التلميذات و الطالبات المحجبات في خرق كامل لدستور البلاد الذي يضمن الحريات الشخصية …..

1عادل الفهري :    مدير معهد الإمتياز بالجديدة

2فيصل عبد ربه :   مدير المعهد الثانوي بزهانة – معتمدية أوتيك – ولاية بنزرت

3صلاح الدين القيطوني :    مدير معهد بن عروس

 

الإحتفاء بثلاثة طالبات شاركن في مسابقة  » ملكة جمال الطالبات  » و محاكمة أربعة طالبات بتهمة مساعدة زوجة سجين سياسي :

نظم المعهد العالي للغات التطبيقية و الإعلامية بنابل خلال الأسبوع الأخير من شهر جانفي 2008 الدورة الأولى لمهرجان  » الطالب المبدع  » . و على هامش هذا المهرجان تم تنظيم مسابقة  » ملكة جمال الطالبات بالوطن القبلي  » تنافست فيها 21 طالبة خلال أربع جولات بحضور لجنة التحكيم و جمهور غفير و انتخبت ابتهال السلامي – سنة أولى انقليزية أعمال و أصيلة مدينة الحمامات –  » ملكة جمال الطالبات بالوطن القبلي لسنة 2008  » فيما جاءت في المرتبة الثانية ( الوصيفة الأولى ) لبنى العوني – أصيلة تونس العاصمة و مرسمة بالسنة الثالثة لغات أجنبية مطبقة – و في المرتبة الثالثة ( الوصيفة الثانية ) هاجر الكعبي – أصيلة زغوان –

في مقابل ذلك و تقريبا في نفس الفترة تمت محاكمة أربعة طالبات بسبب تقديم ثلاثة منهن مساعدة مادية للرابعة نظرا للظروف المادية الصعبة التي تعيشها زميلتهن على إثر اعتقال زوجها بتهمة سياسية

حيث أصدرت الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة برئاسة القاضي محمد علي شويخة يوم السبت 2 فيفري 2008 حكما يقضي بسجن الطالبات جيهان الدالي و إيمان بالحاج سليمان و نضالات الزيات و عبير الشاوش لمدة ثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ

و قد وجهت لهن دائرة الإتهام تهمة  » جمع تبرعات بدون رخصة  » وفق الفصل 6 من أمر 21 ديسمبر 1944         ( الصادر في عهد الإستعمار الفرنسي المباشر ) و تحمل القضية عدد 32246

 

هكذا في الوقت الذي تستمر فيه الإعتقالات و المحاكمات و المطاردات في صفوف شريحة كبيرة من الطلبة والتضييق عليهم في نشاطهم النقابي و السياسي تفتح الأبواب على مصراعيها لكل الأنشطة المشبوهة و الماجنة فالتنصير و عبادة الشيطان و الدعوة للبهائية و الحفلات الماجنة في المراقص و النزل و استجلاب الطلبة و خاصة الطالبات و هن يرقصن شبه عاريات إلى الحفلات التنشيطية التي تنظمها قناة تونس سبعة كل هذا مسموح به ما دام لا يقترب من المحرمات التي تمثلها السياسة و الدين الإسلامي الحنيف

 

تلاميذ يستهلكون المخدرات بالقرب من أحد معاهد ضاحية باردو بتونس العاصمة :

أحيل يوم الإثنين 4 فيفري 2008 شقيقان يدرسان بالسنة السابعة ثانوي على أنظار هيئة الدائرة الجنائية الأولى بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتهمة مسك و استهلاك مادة مخدرة مدرجة بالجدول  » ب  » و قد أوقف الشقيقان ضمن مجموعة مكونة من سبعة تلاميذ – أربعة منهم من الأحداث – بالقرب من أحد معاهد مدينة باردو وهم بصدد تناول المخدرات التي أكد التحليل البيولوجي استهلاكهم لها

و بعد أن رافع المحامون و أكدوا أن نسبة تركيز المخدرات ضعيفة لديهم طلبوا من هيئة المحكمة إخلاء سبيلهم خاصة و أن التلميذين المرسمين بالباكالوريا لم يعد يفصلهما عن موعد المناظرة سوى أربعة أشهر …

 

فريانة : انتحار تلميذ ….

تم العثور يوم الثلاثاء 29 جانفي 2008 على جثة التلميذ خالد الذي يدرس بالسنة الثانية ثانوي بمعهد فريانة ( 50 كلم جنوب غرب مدينة القصرين ) و كان والده قد توجه صبيحة اليوم المذكور ليباشر عمله الفلاحي بقطعة الأرض التي يمتلكها و كم كانت صدمته كبيرة عندما وجد ابنه مشنوقا … و يذكر زملاء خالد أن هذا الأخير تغيب في المدة الأخيرة عن الدراسة و عبر عن نيته في  بيع هاتفه الجوال قصد التمكن من الإنتقال إلى العاصمة … و قد عثر في جيب الفقيد على بعض الأموال هي ثمن الهاتف الجوال و ورقة كتب عليها اسم فتاة و عبارة  » ادفنوني قرب إخوتي  » حيث سبق لخالد أن فقد ثلاثة من أفراد عائلته في حادثة أليمة ….

 

و في الختام :

 

وحدة على ضفاف الجراح

 

سلام على طفل غزة وهو يودع وجه الحياة

تشيعه أعين الخائنين

سلام عليك سلام عليك

سلام عليك و أنت تنقب عن دفقة من ضياء

و قطرة ماء

تبل بها شفة الذكريات على صفحة الراحلين

تخفف من طعنات الفناء

تهدئ روع بقايا الأنين

سلام على جبل الصبر

أنشودة المجد

باقي البقية من عطر أبنائنا الطيبين

تواجه حمحمة الموت حرا

و تلتحف القارس الليل حرا

و تأكل خبز اليقين

سلام عليك و أنت بعزمك ترهب من يرهبون الحياة

و ترفع ( لا ) في عيون الطغاة

و نحن عبيد السلام

نحن الذين ركبنا جياد الأماني

لنشهر سيف الكلام

نحن الذين تركناك تشعل شمع الفخار

و حولك هوج الرياح

ومن حضن أحلامنا و الملذات رحنا و قد لفنا الصمت و الجبن و الخوف

نلعن …..

لا ، بل نهدهد قلب جيوش الظلام

سلام عليك ….

تربع عروش الثبات

و رش الطريق إلى الله مما تبقى بقلبك من قطرات الدم الزاكيات

و عمد بروحك درب الكفاح

فما كنت يا ولدي أول الراحلين

و لا آخر الأضحيات


النشرة الكترونيّة حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

العدد 43 بتاريخ 7 فيفري 2008

 

 

** كي لا ننسى  5 فيفري 1972 : انعقد المؤتمر الثامن عشر للإتّحاد العام لطلبة تونس في أوت (آب) 1971 بمدينة « قربة » وحاز الطلبة الديمقراطيّون والتقدّميّون على أغلبيّة مريحة أثناء التصويت على اللّوائح. قام النظام عن طريق زبانيته بإيقاف أشغال المؤتمر كي لا ينتخب نوّاب الطلبة قيادة معارضة لسياسة الحكومة. في الخامس من فيفري 1972 اجتمع آلاف الطلبة لإكمال أشغال المؤتمر فتدخّلت الشرطة بعنف وأوقفت المئات. جرت مظاهرات مساندة للطلبة الديمقراطيّين والتقدميّين في سائر أنحاء البلاد فجوبه المتظاهرون بالقمع والإيقاف والسّجن وأرسل المئات إلى ثكنات الجنوب الصّحراوي ولم يتمكّن الإتّحاد العام لطلبة تونس من العودة إلى النشاط (المؤقت) إلاٌ بعد مرور  أكثر من  15 سنة…

 

** تونس: قرّر مجلس إطارات « النقابة العامّة للأطبّاء والصّيادلة الجامعيّين » المنعقد يوم 24-01-08, الإضراب عن التدريس بكافّة كليّات الطبّ احتجاجا على قرار وزارة التربية توجيه انذارات وتوبيخ لـ4 عمداء لم يحضروا اجتماعا أمرت بعقده الوزارة ووفّرت له حافلات تنقل أساتذة الطبّ على السّاعة الرّابعة والنصف صباحا من تونس إلى مدينة « قفصة » (400كلم). « الشعب » (أسبوعية نقابية) 02-02-08

 

انعقد بتونس مجلس وزراء الداخليّة العرب الذي أنهى أشغاله يوم 31-01-08 بإصدار بيان مساندة لقوى الأمن اللّبنانية والعراقيّة, كما اعتبر البيان انّ الإرهاب هو الخطر الرّئيسي الذي تواجهه الدّول العربية, ولذلك وجب تشديد العقوبات على كلّ من يكتب أو يطبع أو ينشر أو يسجّل ما يمكن أن يأوّل كتشجيع للإرهاب… شارك في الإجتماع مسؤولون من « انتربول ». تقرٌر عقد الدّورة المقبلة (26) في لبنان بشكل استثنائي. أ.ف.ب. 31-01-08

 

** الجزائر-خصخصة: تتنافس 3 شركات (اسبانية وايطالية وأورسكوم المصرية) للإستحواذ على جزء من « الشّركة الوطنية لأشغال السكّة الحديديّة » التي قرّرت الحكومة التّفويت في جزء منها . يبلغ رأسمال الشركة 1,08 مليار دولار, وهي مختصّة في اشغال وصيانة البنية التحتيّة وبناء الطرقات البريّة والحديديّة وما يحيط بها… صحيفة « لاتريبون » (المنبر) 01-02-08 .

 

** الجزائر-صحّة المرأة الحامل: رغم تحسّن المراقبة الطبيّة فإنّ 700 امرأة جزائريّة توفّيت أثناء الولادة عام 2007 حسب دراسة قدّمت في « اليوم الوطني لطبّ الجراحة » المنعقد بمدينة عنّابة يوم 1 فبراير . « الخبر 03-02-08 

 

المغرب-إضراب: دعت النّقابات المغربيّة إلى إضراب شامل لمستخدمي الجماعات العموميّة المحليّة ليومي 31 جانفي و1 فيفري, احتجاجا على على رفض وزارة الداخليّة تلبية مطالبهم الماليّة. تشغل البلديات 150 ألف موظّف لا تتجاوز أجورهم 200 أورو. صحيفة « ليبراسيون »(الدّار البيضاء) 30-01-08 .

 

** المغرب-سياحة: زار المغرب 7,4 مليون سائح عام 2007 بمداخيل قدّرت بـ8,5 مليار دولار, أي 8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام, وقد جاء إلى المغرب 2,85 مليون فرنسي و1,6 مليون ألماني وحوالي نصف مليون بريطاني… أصبح الإقتصاد المغربي يعتمد على السياحة (بدل الفلاحة) في المركز الأوّل. قدس براس 01-02-08

 

** الصّحراء الغربية-تخريب أممي معولم: قام ضبّاط أمميّون مكلٌّفون بمراقبة وقف إطلاق النّار بين المغرب والبوليساريو, بأعمال تخريبيّة استهدفت آثارا ولوحات ورسوم تاريخيّة يفوق عمرها 6 آلاف سنة, في الجبال والكهوف الصّحراوية بالموقع الأثري المعروف تحت اسم « جبل الشيطان ». قام الضبّاط  الأمميّون بتصرّفات همجيّة مماثلة في ارتريا وبورندي والسّودان وليبيريا والكونغو وساحل العاج. عن « التايمز » – موقع « لوموند » 31-01-08 

 

** مصر: أوقفت الشّرطة المصريّة ما لا يقلّ عن 3000 فلسطيني بعد هدم الجدران بين غزّة ومصر, كما منعت السّلطات المصريّة على أصحاب الفنادق والشّقق المفروشة إيواء الفلسطينيّين, ومنعت شاحنات التّموين من دخول سيناء, وقامت الشرطة بحملات مداهمة وتفتيش في شمال سيناء « للبحث عن الفلسطينيّين الذين ابتعدوا عن رفح ». تظاهر المواطنون تضامنا مع الفلسطينيّين وآووهم في بيوتهم المتواضعة… موقع راديو فرنسا الدولي 29-01-08

 

** سوريا: سجنت السّلطات السّورية 11 معارضا من مجموعة 160 مواطن أمضوا على « إعلان دمشق » ودعوا إلى « تغيير ديمقراطيّ في سوريا ». أمّا التّهم فهي « ترويج أخبار زائفة والنّيل من هيبة الدّولة ». أ.ف.ب. 31-01-08

 

** فلسطين 1948 : تظاهر بمدينة « سخنين » يوم 1 فبراير أكثر من 20 ألف فلسطيني من الأراضي المحتلّة عام 1948 احتجاجا على إغلاق ملفّ شهداء « هبة أكتوبر 2000 » (13 شابا حصدهم رصاص القوّات الصهيونيّة) وحمل المتظاهرون 13 نعشا رمزيّا وصورا للشّهداء ولافتات تندّد بعنصريّة دولة الإحتلال وقوانينها… وشهدت البلاد إضرابا عامّا نادت له مختلف القوى الوطنيّة بالدّاخل. في سخنين أيضا أقامت حركة أبناء البلد « بيت عزاء » إثر وفاة جورج حبش, كما أقيم مهرجان تأبينيّ في مدينة اللد مسقط رأس « الحكيم » حضره المئات من المواطنين. أمّا في مدينة « الطّيبة » فقد تلقٌت 30 عائلة أوامر هدم لمنازلها, بدعوى البناء بدون رخصة. وتلقّت 4 عائلات أخرى أوامر مماثلة قبل أسبوع, ويبدو أنّ 1200 منزل بالمدينة معرّض للهدم , مع العلم أنّ السّلطات الصّهيونيّة لا تعطي رخص بناء للفلسطينيّين أصحاب الأرض الشّرعيّين بل تصادر أراضيهم لفائدة الجيش والمستعمرات…

 

** الكيان الصهيوني-ثقافة القتل: في تقرير قدّمه للحكومة الصّهيونيّة قال « يوفال ديسكن » رئيس « الشاباك » (الأمن الدّاخلي) أنّ هذا الجهاز مسؤول عن الإغتيال المباشر لـ810 فلسطيني في السّنتين الماضيتين. أمّا سلفه « آفي ديختر » فيفتخر باغتيال « الشاباك » لـ19 فلسطيني في يوم واحد في حيّ الزّيتون بغزّة بقيادة العقيد « رون أشروف ». هآرتس (النسخة الاتغليزية)21-01-08 . في الأراضي المحتلّة عام 1967 أيضا قتلت القوّات الصّهيونيّة 96 فلسطينيّا في شهر يناير 2008 منهم 10 نساء و10 أطفال. أمّا المرضى الذين ماتوا جرّاء حصار غزّة وعدم التمكّن من العلاج فبلغ عددهم 90 منذ جوان (حزيران) الماضي. « الشرق الأوسط » 03-02-08 

 

** الفيتنام-إضرابات: أضرب 10 آلاف عامل بمؤسّسة أجنبيّة لصنع لعب الأطفال بمدينة « دامانغ » (وسط فيتنام) مطالبين برفع قيمة الحوافز وبأيام عطلة إضافيّة بمناسبة بداية السّنة القمريّة. وأضرب عمّال ميناء « خانه هوا » (جنوب البلاد) الذي تستغلّه شركة « هيونداي » الكوريّة من أجل الزّيادة في الأجور… لا يتجاوز الحدّ الأدنى للأجور في الفيتنام 34 دولارا, أمّا نسبة التضخّم المعلن عنها رسميّا في جانفي (يناير) فإنّها فاقت 14 بالمائة. عن صحيفة « لاودونغ » 31-01-08

 

** فرنسا: أضرب عمّال المغازات الكبرى يوم 01-02-08 احتجاجا على الأجور المتدنيّة وظروف العمل السيّئة والعمل نصف الوقت المفروض على العاملات. كانت نسبة المضربين 80 بالمائة في المغازات الكبرى (أكثر من 3000 متر مربّع) و65 بالمائة في المغازات المتوسّطة و50 بالمائة في الصّغرى… 55 بالمائة من النّساء و11 بالمائة من الرّجال العاملين في قطاع التّجارة والتوزيع فرض عليهم العمل أقلّ من الوقت القانوني الكامل. من بلاغ صادر عن 4 نقابات 01-02-08

 

** سويسرا-انتفاضة الفئات الوسطى: أضرب وتظاهر ما لا يقلّ عن 15 ألف من مستخدمي الوظيفة العموميّة في مقاطعة « لوزان » يوم 31-01-08 (مدرٌسون, فنيٌون, مستكتبون, أطبّاء…) مطالبين بتحسين الأجور المجمّدة منذ سنوات, والتي لم تعد متماشية مع غلاء المعيشة. « تريبون دي جنيف » 01-02-08

 

** ألمانيا: عدّة إضرابات إنذارية يوم 1 فبراير (شبّاط) من أجل الزّيادة في الأجور بنسبة 8 بالمائة: إضراب في نقل برلين, المعادن… تطالب النقابات بوضع حدّ لسياسة « ربط الأحزمة » التي فرضتها الحكومات المتعاقبة منذ 10 سنوات. « لوموند » 03-02-08

 

** أمريكا: قال « باراك أوباما » أحد متنافسي الحزب الديمقراطي للرّئاسة أنّه « ملتزم بضمان أمن (اسرائيل) وببقائها كدولة يهوديّة » أمّا حقّ العودة للاجئين الفلسطينيّين فإنّه « ليس خيارا منطقيّا ولا واقعيّا » رويترز + السّفير 30-01-08

 

** بترول: كلّما ارتفع ثمن البترول ازدادت أرباح الشّركات الإحتكاريّة. فقد أعلنت الشّركة الأمريكيّة « موبيل » (اكسون) أنّ مبيعاتها بلغت 404,5 مليار دولار محقّقة أرباحا صافية قياسيّة بلغت 40,6 مليار دولار (لعام 2007). وحقّقت شركة « شال » (روايال دتش) أرباحا قياسيّة أيضا بلغت 27,96 مليار دولار. أ.ف.ب. 01-02-08

 

** « بزنس » المنظّمات الإنسانيّة (الخيريّة): تصل المبالغ الماليّة التي تصرّفت بها « المنظّمات الخيريّة » الغربيّة العاملة في البلدان الفقيرة ونقاط التوتّر عام 2005 إلى 25 مليار دولار, جزء منها (حوالي 20 بالمائة) متأتّ من المعونات التي تقدّمها الدّول الرّأسماليـّة إلى الدّول الفقيرة والتي تمرّ حتما عبر هذه المنظّمات الخيريّة (الغربيّة) التي تتصرّف بها بدعوى الشفافيّة. تشغّل هذه المنظّمات 40500 أجير ويساعدها 94 ألف متطوّع. تشترط الدّول « المانحة » على الدّول « النّامية » التي تشتغل بها هذه المنظّمات « الخيريّة » أن لا تتدخّل في شؤونها ولا تحدّ من تحرّكاتها ولا تحاسبها على مصدر أموالها, أو عن المستفيدين من هذه الأموال… من دراسة قام بها « سيمون سكوت », اقتصادي بلجنة المساعدات بـ »منظّمة التّعاون والنموّ الإقتصادي »-2007  

 


ماذا عسانا نفعل أمام المتشبعين بـ « ثقافة الموت » والجنائز؟

 

قيس الرياحي – باريس   ورد مقال للسيد نصر الدين بتاريخ 4 فيفري على صفحات تونس نيوز بعنوان  » النساء الديمقراطيات و عناد الموت ». و فيه يتهكم بل يسخر من رفيقات الراحلة  » الهام المرزوقي  » الحقوقية المناضلة المتشبعة بالأفكار التقدمية والتي ناضلت رفقة صديقاتها ورفيقاتها من اجل الحرية و العدالة والمساواة خاصة تلك التي يسعى إليها التقدميون بين المرأة و الرجل.   وبما أن فكرة المساواة التامة بين الجنسين لا تروق للإسلاميين. فهم يعتبرون أن الفكرة غربية وغريبة و لا تمت لثقافتنا الإسلامية بصلة. وان النداء إلى المساواة يُعد مروقا عن الدين و بالتالي يدخل صاحبه أو صاحبته إلى بوتقة الكفر. وعليه فان الرفيقة الراحلة تعتبر كافرة في رأي السيد « نصر الدين ». فهو لم يقل ذلك بصريح العبارة – فان موازين القوى و حالة الإسلاميين اليوم في تونس ووضعهم لا يسمح بذلك-. فالإسلاميون اليوم في حاجة إلى التقدميين والى اليسار الذي يناهض التعذيب و الذي يطالب بالحرية للجميع والعفو التشريعي العام.    لكن كما يقال فان الطبع يغلب التطبع. فبين الحين و الحين يظهر الإسلاميون عن حقيقتهم المعادية للأفكار التقدمية بل ليس للأفكار فقط. بل معادية لأصحاب هذه الأفكار. العداء الدفين للديمقراطيين ولليسار بصفة خاصة. وما أسلوب التهكم والسخرية الذي تعامل به صاحب المقال المذكور إلا دليل على ذلك. فهو لم يراع المشاعر ولا الظرف الذي تمر به صديقات افتقدن من بينهن صديقة و رفيقة لهن.   يا سيدي لا احد ينازعكم في ثقافة الموت و الجنائز و عذاب القبر. فلترفعوا أيديكم عن شؤون الدنيا واتركوها لغيركم فهم سيتدبرون أمرها. و انتم لكم السماء والقبور والأكفان. و لغيركم الأرض و ما عليها.   بل إني أجد في ما قاله السيد المذكور أعلاه نوعا من الوقاحة و الفجاجة عندما يقول ساخرا  » …اللهم اجعل أمَتَكَ الهام المرزوقي ممن ختم لها بالتوحيد…وتجاوز عن سيئاتها واجعل موتها سببا في هداية رفيقاتها…ولا تقبضهن إلاَّ وهن قانتات طاهرات مؤمنات.. ».   الأكيد أن السيد المذكور كان بوده أن يقول كلاما آخر في حق النساء الديمقراطيات وكافة التقدميات. لكن الظرف العام له و لإخوانه قد لا يسمح بذلك. فهن لسن بطاهرات ولسن بمؤمنات. لذلك أطمئن صاحب المقال أن النضال لن يتراجع ولن يعرف الوهن من اجل تحقيق المساواة التامة والفعلية بين الجنسين » بما في ذلك المساواة في الميراث و أن حجة معاناة الإسلاميين اليوم لا يجب أن تنسينا  أن مشروعهم تجاه المرأة هو مشروع الاضطهاد المزدوج الاجتماعي والجنسي. فما نعدكم به هو أننا لن نترككم  تعيدون إلينا ثقافة الجلد والبتر والرمي بالحجارة إلى حد الموت. فتأكدوا من ذلك.

 


 

إذاعة القرآن في تونس

د. عائض القرني   خطوة ذكية وحصيفة إقدام الحكومة التونسية لافتتاح إذاعة القرآن الكريم والتي تُبث على مدار الساعة وقد كسبت الحكومة التونسية بهذا العمل الجليل مكاسب منها: تلبية رغبة الشعب التونسي النبيل المسلم الذي لا يريد إلا الإسلام خياراً ومنهجاً للحياة، كيف وهو بلد ابن خلدون والظاهر بن عاشور والزيتونة والقيروان.   ثم إن القرآن سوف يحل مشاكل الغلو والتطرف والتحلل من الدين والأخلاق والقيم فيعيش الشعب التونسي الأمن والفضيلة والرحمة والتسامح، وسوف يشكر العالم الإسلامي لتونس هذه المبادرة الرشيدة، ولقد أثبتت إذاعة القرآن بتونس نجاحها من أول يوم، فقد ذكرت «جريدة «الشرق الأوسط») أن الإذاعة تلقت في وقت قصير ثمانية آلاف رسالة شكر وتقدير وسوف يستمر القرآن الكريم يرسل رسائله عبر إذاعة تونس للشعب التونسي والعالم.   ففي القرآن الرحمة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» وفي القرآن الحكمة «ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة» وفي القرآن العدل «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» وفي القرآن الوسطية «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً» وفي القرآن التسامح «وقولوا للناس حسنا» وفي القرآن العفو والصفح «فاعف عنهم واستغفر لهم» وفي القرآن الحوار الجميل مع الآخر «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن» وفي القرآن الرفق واللين «فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى».   وسوف يسمع التونسيّون والعالم الدعوة في القرآن للسلام ومنع الاعتداء «ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين» والأخوة والألفة «إنما المؤمنون إخوة» والتضامن «واعتصموا بحبل الله جميعاً» والنهي عن التدمير «ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها» وتحريم القتل «ولا تقتلوا أنفسكم» هذا هو الحل الصحيح لكل أفكار شاذة غريبة وكل أعمال شريرة وتصرفات هوجاء، وهذا الحل لا يكون إلا في كلام الله عز وجل ورسالته الخالدة لأهل الأرض.   وسوف يقتحم القرآن بسلطانه الباهر وبرهانه القاهر مستعمرات العقول الجامدة، والنفوس الجاحدة، والأرواح الخامدة، فينفض عنها غبار الشّر ويجتث منها شجرة الخبث ويغسلها من أدران البغضاء والشحناء والحقد، لأن من مهمات القرآن الكبرى ومن مقاصده العظمى إخراج الإنسان سويّاً كريماً خيّراً ليكون عضواً صالحاً في المجتمع، يحمل سنبلة لا قنبلة ويشارك في حركة التنوير والتعمير لا في عصابة التكفير والتفجير، إن الشعب التونسي قد رضي بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ولا يريد أفكاراً مستوردة معلّبة من الشرق أو الغرب بل يريد الوحي من السماء حيث العصمة من الزلل، والسلامة من الخلل، والنجاة من العلل.   وسوف يسعد التونسيّون ومعهم كل المسلمين بتلاوة حيّة خاشعة تعبر الفضاء ويحملها الأثير فتخترق حُجُب الضمير وتنفذ إلى سويداء القلب وتصل إلى قرارة النفس فحوى هذه التلاوة العطرة من إذاعة القرآن في تونس على مدار أربع وعشرين ساعة تقول للناس: تراحموا، تصالحوا، تسامحوا، تصافحوا، تحابوا، اعبدوا الله وحده، برّوا آباءكم، صِلوا أرحامكم، ألقوا سلاح العداوة، انشروا بينكم المحبة والسلام، ابتعدوا عن الفتنة، اجتنبوا القتل، عيشوا حياة الإيمان والأمن، والإسلام والسلام، وصدق الله حيث يقول «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أحسن».   أبارك للتونسييّن مشروعهم العظيم المبارك في إذاعة القرآن الرائدة الرشيدة، وإذا لم ينصت الشعب التونسي للقرآن الكريم فهل ينصت للقانون الفرنسي الذي قتل من الشعب الجزائري وحده أكثر من مليون مسلم ظلماً وعدوانا أو فتوحات البيت الأبيض صاحب سجن غوانتانامو «فماذا بعد الحق إلا الضلال».   (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)


تجارة الرصيف في تونس هل هي شر لا بد منه؟

 
تجارة الرصيف أو ما يعبر عنه بالانتصاب الفوضوي و التي هي جزء من ما يصطلح عليه بالتجارة الموازية، لا شك أنها ظاهرة عالمية موجودة حتى في أرقى الدول و الأكثر تقدما، لكن ما يميزها في بلادنا هو استفحالها رغم محاربة السلطات لها، و اتخاذ عدة إجراءات في شأنها منها العمل على إدماج المنتصبين الفوضويين في التجارة المنظمة مع خضوعهم للتعريف الجبائي و المراقبة، إلى جانب منع تسرب السلع المهربة إلى البلاد عبر تشديد الرقابة الديوانية بنقاط العبور البرية و البحرية و الجوية في إطار ما يسمى بخطة تجفيف المنابع.  هذه البضائع التي نراها يوميا على أرصفة شوارعنا سواء في العاصمة أو حتى في المدن الداخلية، طالت جميع أنواع المواد من أكل و لباس و مواد الكترونية ذات ماركات مغشوشة وغيرها كما أن البعض من هذه السلع يمثل خطرا على الصحة، و رغم ذلك فإن المواطن التونسي يقبل عليها بقوة فما السبب؟ هذه السلع تتميز بانخفاض أثمانها في ظل صعوبة المعيشة نتيجة للارتفاع المتواصل و المفاجئ للأسعار حسب ما تقول فاطمة وهي ربة بيت وتصف التجارة المتجولة بأنها رحمة للضعفاء كما يكاد لا يخلو كل بيت من بضائعها. هذه التجارة ملاحقة يوميا من قبل السلطات العمومية باعتبارها غير قانونية فزيادة على كونها تساهم بقسط كبير في خنق حركة السير ببعض الشوارع فهي في غالبها سلع مهربة من الخارج و غير خاضعة للتعريفات الجبائية و هو ما هو ما من شأنه التأثير على اقتصاد البلاد حسب ما أكده لنا احد المسؤولين، إلى جانب منافستها للبضائع من صنع محلي بشكل خاص و التجارة المنظمة بشكل عام، حيث أكد لنا عادل وهو احد التجار المختصين في بيع لعب الأطفال أن العديد من المحلات أغلقت أبوابها لشدة منافسة تجارة الأرصفة و التي للأسف حسب قوله استقطبت الاهتمام الأكبر للمواطن التونسي، و فعلا هذه البضائع خاصة الصينية و التي أصبحت المنافس الأكبر للسلع الأمريكية و الأروبية لاسيما فيما يخص المواد الالكترونية، ساهمت إغراءات أسعارها الزهيدة في جلب الحرفاء مما وسع من نشاطها رغم المضايقات اليومية التي يتعرض لها الباعة من قبل أعوان الشرطة البلدية وهو ما يكلفهم أحيانا حجز سلعهم مع قضاء ليلة أو اثنتين في السجن، ورغم ذلك هؤلاء الباعة متمسكون بهذه التجارة بل وبحقهم في تعاطيها أمام انسداد أبواب العمل في وجوههم سواء بعد مغادرتهم لمقاعد الدراسة بصفة مبكرة أو بعد التخرج، وعليه فإن هذه التجارة على مخالفتها للقانون وعدم تمتع متعاطيها بأدنى الضمانات، فإنها تساهم في تنشيط الدورة الاقتصادية في بلادنا، إلى جانب ما توفره من فرص لإعالة آلاف العائلات التونسية كما أنها تمتص ولو جزئيا ووقتيا نسبة هامة من البطالة المنتشرة خاصة في صفوف الشباب، فشكري هو شاب لم يتجاوز العشرين من العمر تحدثت إليه  و أنا بصدد الإعداد لهذا الموضوع، تكلم بكل حماس و رجاني أن أوصل صوته عبر صفحات جريدة الوحدة، فهو و زملاءه يتعرضون يوميا للملاحقة و المضايقة على حد تعبيره من قبل البلدية وهم مستعدون للعمل بصفة منظمة ضمن أسواق تشرف عليها البلدية وتخضع للرقابة الحكومية كي يبيعون ما تيسر لسد رمق عائلاتهم أو لإعالة أنفسهم بدل سلك طريق الانحراف، أو البقاء مكتوفي الأيدي بين براثن البطالة، في ظل ثبوت عجز الدولة وحدها على احتوائهم في سوق الشغل. في الحقيقة حالات كثيرة تشبه حالة هذا الشاب، و هناك حالات أخرى تستوجب النظر إليها بقدر من التعاطف بعيدا عن الحسابات الاقتصادية و المقتضيات العمرانية التي تبرر بها الدولة عادة حملاتها على الانتصاب الفوضوي.  نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن التجارة الموازية أو الانتصاب الفوضوي فربما  دافعت هي عن نفسها بتمسك المواطن التونسي بها رغم سلبياتها أولا، ثم  بانتشارها و صمودها رغم الملاحقات ثانيا، لكن فقط على السلط المعنية محاولة إيجاد حلول ناجعة لهؤلاء الباعة ترضي جميع الأطراف، منها تنظيمهم ضمن أسواق مع التخفيض في الأداءات التي من المفترض أن توظف عليهم و هو حل تبناه الكثير من الباعة، ثم الحد من ظاهرة تهريب البضائع الأجنبية  مع العمل في ذات الوقت على تشجيع الصناعة الوطنية و دفع المواطن التونسي باتجاه الإقبال على المنتوجات المحلية، و صياغة ثقافة استهلاكية تمنح المواطن حماية من السلع الضارة و المعروضة على الرصيف. شادية السلطاني
(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 580 بتاريخ 9 فيفري 2008)


ملاحظة: نشرنا هذا المقال في عدد سابق لكن خطأ مطبعيا أدى إلى عدم ذكر اسم كاتبه السيد محمد معالي. نعيد نشره في عدد اليوم مع الإعتذار للكاتب وللسادة القراء.

 

 

في ذكرى أحداث 26 جانفي 1978

26 جانفي…كما عشته سجينا سياسيا

بقلم: محـمد معـالي

 

تتوالى الأيام والأحداث السعيدة والحزينة تاركة آثارا متفاوتة في الذاكرة، ولكن البعض منها يحفر أثره حفرا بحيث تعجز الأيام اللاحقة عن محوه. وضمن هذا الصنف تندرج أحداث 26 جانفي 1978 المعروفة أيضا بتسمية أحداث « الخميس الأسود » التي نحيي هذه الأيام ذكراها الثلاثين… وطبيعي ألا ندع، في جريدة « الشعب » لسان الاتحاد العام التونسي للشغل وكافة الشغالين، هذه الذكرى الغنية بالعبر بقدر ما هي مثقلة بالحزن والألم تمر بصمت

 

كنت أشعر برغبة كبيرة في كتابة شيء، أخذت أرتب أفكاري ولكنني رغبت في أن أعيد قراءة نص سبق أن كتبته حول هذا الموضوع ونشرته في جريدة « المستقبل » بتاريخ 26 جانفي 1981 تحت عنوان: « 26 جانفي… كما عشته سجينا سياسيا »، ولدى قراءة هذا النص خيل لي وكأنني أفرغ للتّو من كتابته، فقررت أن أقدمه للقارئ، دون تغيير يذكر، وأن أكتفي بإضافة هذه التوطئة الموجزة قصد الإيضاح فحسب:

 

حتى أسوار برج الرومي العالية المكللة بالأسلاك الشائكة المكهربة لم تستطع أن تعزل المساجين السياسيين عما يجري بالبلاد

 

لقد عشت ذلك اليوم سجينا سياسيا واشتركت، إلى جانب الرفاق الذين كانوا معي، في الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل

 

لم نُضرب عن العمل، طبعا، إذ أننا لم نكن نشتغل، بل أضربنا عن الطعام، وكان ذلك الإضراب مشاركة رمزية منا في حركة أشمل هي حركة الشغالين في بلادنا التي أشهرت سلاح الإضراب للدفاع عن حرية العمل النقابي واستقلالية الاتحاد

 

ولأول مرة كنا نحس أننا نذوب في حشود كبيرة من أبناء شعبنا ونتحد معها في حركة واحدة ومن أجل مطلب واحد… وبهذه المشاركة في الإضراب العام شعرنا بجدار العزلة ينهار، إذ أننا لم نعد « كمشة » من الناس ألْقيَ بهم في غياهب السجن، لا يُـذكرون إلاّ في مناسبات قليلة وفي أُطُـر محدودة، كمـا يُـذكر الأمـواتُ أيـام الأعيـاد!..

 

قبل يوم 26 جـانفي رفع المجلس الوطني للاتحـاد العام التونسي للشغل شعار العفو التشريعي العـام

 

تلك كانت أكبر ثغرة تدك أسوار السجن من حولنـا

 

وهكذا لم تكن أحداث 26 جانفي، التي هزت بلادنا، أحداثا بعيدة تترامى إلينا، أنـا ورفـاقي، أصداؤهـا خافتة، بل إننا شعرنـا أننا في قلب الأحداث، نعيشها بكل جوارحنا

 

يوم 26 جانفي، كـان حراس السجن في حـالة استنفار، وكان السجن محلّ حـراسة مُشـدّدة ولكننـا تمكنـا من تنسم أخبـار مـا يجري في شوارع العاصمة

 

وقبل أن نستمع إلى شريط أنبـاء التلفزة التونسية شـاهدنا صورا عمـا يجري في شوارع العاصمة عن طريق التلفزة الإيطالية وسمعنـا أخبـار الإذاعـات الأجنبية، سـرّا، عن طريق أجهزة الراديو الصغيرة المهرّبة، فالإدارة كانت تمنع عنا اقتناء جهاز الراديو، رغم سماحها لنا بمتابعة برامج التلفزة ومطالعة بعض الجرائد اليومية التونسية، وهو مـا تحصلنا عليه بعد اعتقالنا بمدة طويلة وبثمن إضرابات جوع طويلة وقاسية!..

 

وفي المساء استمعنـا إلى مُذيع التلفزة يقرأ بيـانا رسميا يُعلن حـالة الطوارئ في البلاد ومنع التّجوّل

 

كـان يقرأ البيان « بحمـاس » كبير و »بتنغيمـات » تثير التقزّز… طريقة إلقـاء هذا المذيع كنت أعتبرهـا دائمـا اعتداء على الذوق السليم واللغة العربية معـا، إذ أنه كان يصطنع لهجة تصبح فيها الحركـات القصيرة مدّات والمدّات حركات قصيرة فتتحول « العـاصمة » إلى « عصيـمة » و »الكلام » إلى « كـالم » كما تتحول همزات الوصل إلى همزات قطع والعكس بالعكس

 

لقد ارتبطت صورة هذا المذيع، في ذاكرتي، إلى الأبد، بحـالة الطوارئ ومنع الجـولان، ونفس الشيء أيضا بالنسبة لزميل له كـان يُجري « تحقيقات » مع المواطنين في الشوارع وكانت « تحقيقاته » هذه من نوع خاص إذ كان يُبادر المواطن بمثل هذا السؤال: « أنت تندد بالقيادة المنحرفة ومثيري الشغب… أليس كذلك؟ » أو « أنت تُـؤيّـد الحكومة في التصدي للمخرّبين الذين… »!..

 

وأحداث 26 جانفي، لم تكن، إلى حدّ مـا، مُفـاجأة كبيرة، بالنسبة لي ولأغلب الرفـاق، فقد كنا نعتقد، انطلاقـا من متابعتنا لتطور الأحداث، بأن مواجهة بين الحزب الحـاكم، والنظام ككل من جهة، والإتحاد العام التونسي للشغل من جهة ثانية، يكاد يكون تجنبها أمـرا مستحيلا. وقد لمست أنا شخصيا ذلك من خلال خطاب السيد الهادي نويرة الوزير الأول آنذاك، يوم 11 ديسمبر أمام مجلس الأمة، الذي كان بمثابة إعلان حرب إذ يقول: « أمـا إذا أصبحت هذه الحركة (حركة حشـاد) قناعا لمن تخلفت بهم الأزمـان من دعاة تطاحن الطبقات ودكتاتورية البروليتاريا والثورة المستمرّة، يتسترون به ويستحوذون على مراكز المسؤولية والتقرير فإن الأمر يفرض التفكر مليا… وكان علينا في مثل هذه الظروف إما أن نتنازل… وعندها ينمو هذا النوع الجديد من الإرهاب، وإما أن نرد الصاع صاعين وعندها لا بد أن ترتفع أصوات لترمينا بالفاشية وتستصرخ ضمير الجمعية الدولية للدفـاع عن المساجين السياسيين »!.. وكان اجتماع اللجنة المركزية للحزب الدستوري يوم 20 جانفي 1978 مناسبة لتأكيد هذا الاتجاه على أعلى مستوى في الحزب الحاكم والدولة.

 

كنت إذن أنتظر الصدام ولكنني لم أتصوره بذاك الشكل… إطلاق الرصاص وسيلان الدمـاء بتلك الغزارة في شوارع العاصمة حتى بالاعتماد فقط على الإحصاءات الرسمية (ما يزيد عن الخمسين قتيلا معظمهم من الشبان والأطفال)!..

 

كنت أتصور تسليط قمع على الاتحاد وبعض القوى السياسية ولكن بغبـاء أقل… ولكن متى كانت عصا القمع لتعقل أو تعي؟ !..

 

(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 2 فيفري 2008)

 


 

في الذكرى الثانية والستون لتأسيس الاتحاد

 
تمر الذكرى الثانية والستين لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 20 جانفي 2008 والواقع الاجتماعي يزداد سوءا بفعل الغلاء المشط في الأسعار وأزمة البطالة التي  تفاقمت وخاصة في صفوف خريجي الجامعات والتي أصبحت تعد بالآلاف .فالشباب أصبح عرضة إما لقوارب الموت الرهيبة بحثا عن الرزق  وإما لتبني الفكر السلفي المنغلق والمتعصب فيجد نفسه وجها لوجه أمام  ما يسمى بقانون الإرهاب ويزج به في محاكمات تعسفية  تفتقد لأبسط شروط المحاكمة العادلة . وأما ينعم بثقافة التخدير فيعيش الاستلاب الحضاري وطمس الشخصية وضرب هويته القومية. فتراه يلهث وراء الموضة واحدث طراز لتقليعة الشعر أو  لأصخب موسيقى غربية أو عربية هابطة يجد فيها نفسه أو آخر صيحة في اللباس وان كانت لا تتماشى حتى مع الذوق السليم. فالمهم لديه أن يبحث عن ذاته وراء هذه النماذج المستحدثة من طرف مشاهير الفنانين والفنانات . فهو يقضي الساعات الطوال للحديث على هذا الفريق الكروي أو ذاك سواء كان هذا الفريق تونسيا أو أجنبيا  وربما يجند نفسه للدفاع عنه حد الموت وكأنه يؤمن بعقيدة . أما البعض من الشباب المؤمن بقضيته في الحياة  الكريمة والحرة فيعرض جسده للإنهاك  في إضرابات جوع لا ينتهي احدها حتى يبدأ الآخر دفاعا عن حقه في الشغل بعزة وشرف . فهؤلاء معز الزغلامي ومحمد المومني وعلي الجلولي انهوا إضرابهم عن الطعام يوم 29 ديسمبر  وما أن  هلت السنة الميلادية الجديدة إلا واستأنف العديد من الشباب في الحوض المنجمي بكل من أم العرائس و الرديف والمظيلة والمتلوي من ولاية قفصة تحركات مماثلة من اجل ذات المطلب الشرعي في الشغل . حيث دخل البعض منهم في إضراب جوع وكان في بادئ الأمر بالرديف .؟ وما أن استجابت السلطات لبعض النقاط  القاضية بشروط الانتداب العادلة لفك الإضراب  حتى بدا أهالي أم العرائس وشبابها في إضراب مماثل ولا يزالون  في الخيام وسط الشوارع  في حالة اعتصام غير عابئين ببرودة الطقس الشديدة في زمن الشتاء القاسي تحت رحمة  الفقر المدقع والبطالة المزمنة . هذا فيما يخص الواقع الاجتماعي أما الواقع السياسي  فلا تزال دار لقمان على حالها إذ الانغلاق هو السمة البارزة والحلول الأمنية هي الملاذ الأخير والمحاكمات السياسية ما تزال  تخيم على المشهد السياسي بكل قوة. والوضع الاقتصادي لا يزال يشهد التفويت في القطاع الخاص وبيع بعض المؤسسات سواء للأجانب كشركة الاسمنت أو شركة الاتصالات.  في هذا الواقع المتسم بحدة الأزمة الاجتماعية الخانقة و الانغلاق السياسي وتزايد خوصصة الاقتصاد وتدفق الرساميل الأجنبية لمزيد من الاحتكار والربح على حساب عموم الشعب من قوى الشعب العاملة والفلاحين  يمر الاتحاد العام التونسي للشغل هو الآخر بأزمة داخلية  نظرا لانعكاس الواقع عليه كجزء منه . فالخطاب داخل الاتحاد العام التونسي للشغل لم يتجدد  والأساليب بقيت قديمة بالرغم من اشتداد هجمة رأس المال العالمي على مكتسبا ت الشغالين . فالمفاوضات بقيت تراوح مكانها من اجل زيادات في الأجور لاتسمن ولا تغني من جوع فهي لا تغطي إلا جزئيا الارتفاع المشط في الأسعار والتي شهدت التهابا  لا مثيل له في هذه السنوات الأخيرة . وبقيت الحركة النقابية خارجة عن دائرة الفعل المؤثر والحاسم في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أضرت بالقدرة الشرائية للمواطن ولم تعد تلبي حتى الحد الأدنى للتغطية الصحية والاجتماعية . فهذه صحافة الاتحاد  الناطقة باسم الشغالين  لا تعير أي اهتمام بالقضايا الرئيسية التي يعاني منها العمال بل أصبحت تنعت بأنها مثل صحافة السلطة أو المقربة منها لا تهتم ولا تفتح صفحاتها للنقد البناء  والجوهري لاختيارات السلطة خاصة من الناحية   السياسية. فأصبحت الحركة النقابية عاجزة على التصدي للهجمة الشرسة في عصر النيوليبرالية المتوحشة . وتضخم جهازها الإداري والبيروقراطي على حساب التمسك بالادني الضروري  لصالح الطبقة الشغيلة حيث الطرد هو السمة المهيمنة في أيامنا هذه بموجب وبدونه خدمة للأعراف .وبات عمل الاتحاد يتمثل في الندوات والدراسات  وتحول إلى عمل إداري تقليدي أنتج طبقة همها الوحيد هو الحفاظ على مراكزها داخل الهياكل من اجل مصالحها باسم النضال النقابي وعناوين أخرى . وفي هذا الإطار فان كل متتبع للشأن النقابي يكاد يجزم بان المؤتمرات تعيد إنتاج نفس العناصر ونفس البدائل . الشيء الذي أدى إلى الجمود داخل هذه الهياكل وأصبحت تجتر نفس الخطاب .. هذا حال الاتحاد العام التونسي للشغل في السنوات الأخيرة . والمطلوب من كل غيور نقابي هو إعادة النظر كليا في الأسلوب ومضمون الحركة النقابية من داخل الاتحاد حتى لا تبقى رهينة لجدران المكاتب وحبيسة العمل الإداري . فالمرحلة الراهنة تتطلب الرد الحاسم على نظام الاستغلال الذي ازداد توحشا وعدوانية على مكاسب العمال وهذا لن يتأتى إلا بحركة نقابية موحدة قوية و مستقلة بالفعل لا بالكلام المعسول فتعطي أولوية للجانب النضالي والاجتماعي  فتنحاز حقيقة إلى قاعدتها الاجتماعية  وهي القوى المنتجة من عمال ومزارعين وفلاحين صغار.إن الالتزام بقضايا الشغالين عموما هو الذي يعيد الجماهيرية للحركة النقابية ويخرجها من التآكل الداخلي  والبقرطة ويضعها أمام مسؤولياتها التاريخية .
النفطي حولة
مقال بتاريخ 23 جانفي

 


 

في كتاب جديد لنورة بورصالي:

أحمد بن صالح يشحذ الذاكرة الوطنية

بقلم: عادل القادري 

 

أصدرت الأستاذة نورة بورصالي هذه الأيام كتابها الأول تحت عنوان « كتاب مقابلات مع أحمد بن صالح » الرجل القوي لتونس الستينات، وقد جاء هذا الكتاب الجديد، الصادر باللغة الفرنسية في 236 صفحة، ثمرة جهد كبير بذلته الكاتبة لمدة أربع سنوات، من خلال سلسلة من الحوارات امتدت من مارس 2004 إلى  جوان 2006 نشر جزء كبير منها بمجلة حقائق، قامت بعد ذلك المؤلفة بمراجعتها وتدقيقها وتصحيحها مع محاورها كما أثرتها بوثائق وصور من الأرشيف الخاص لأحمد بن صالح بعضها ينشر لأول مرة.

 

وكان لزاما عليها أن تتسلح بالمعرفة التاريخية الكافية لمواجهة التحدي الصعب الذي رفعته، وهذا بالفعل ما أنجزته باقتدار، إذ ينبغي الاعتراف أن محاورة الأستاذ أحمد بن صالح ليست بالشيء الهيّن أو السهل، لأنه ببساطة ليس بالشخص الهيّن أو السهل. وقد  نجحت نورة بورصالي في هذه المهمة الشاقة أيما نجاح، والأكيد أن المادة الثرية التي يجدها القارئ في هذا الكتاب تغطي مساحات أوسع وتلقي نقاط ضوء أكبر مما نجده  فيما نشر سابقا حول هذه الشخصية الوطنية والنقابية المثيرة للجدل، سواء في كتاب مارك نرفان الصادر سنة 1974 (مقابلات مع أحمد بن صالح حول الحراك الاجتماعي للستينات) أو في الكتاب الصادر عن مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات سنة 2002 ( شهادة أحمد بن صالح) أو في أعمال الأستاذ عبد الرحمان عبيد (وبعضها لم ينشر بعد). 

 

و سواء تعلق الأمر بانتقاء الأسئلة المناسبة والمستفزة للذاكرة القوية للأستاذ أحمد بن صالح أو في مراجعة المادة الحوارية أو في طريقة طرح الإشكاليات والتوجيه الذكي للانتقادات والمؤاخذات والاتهامات المتعلقة بمحاورها، تميز العمل الذي قامت به نورة بورصالي بالدقة والموضوعية والحياد، غير أن ذلك لم يمنع نزاهة الكاتبة ومصداقيتها من الإشارة منذ الإهداء إلى تعاطفها الخاص مع محاورها لاسيما وقد تربت في عائلة تقدّر كثيرا أحمد بن صالح الذي تصفه بأنه « الحالم الدائم الذي لم يفقد شيئا من عقلانيته » رغم كل ما عاناه طيلة أكثر من ثلاثة عقود من التعتيم و الإشاعات المبتذلة والحملات المغرضة المنظمة في أكثر من مستوى ومجال.

 

وهنا لا بدّ من التأكيد أن هذا الكتاب الذي لا يمكن إيجاز ما يحتويه في بضعة سطور، يتجاوز في أهميته ما يسلطه من أضواء على شخصية أحمد بن صالح ومسيرته ليلامس تاريخ تونس المعاصر في أدق الفترات التي عرفتها بلادنا إبان الاستقلال وما بعده ولاسيما في خمسينات وستينات القرن الماضي، وقد بقيت بصماتها وانعكاساتها السياسية والاجتماعية حاضرة إلى اليوم.

 

الكتاب تضمن ثمانية محاور (من الاتحاد العام التونسي للشغل إلى المجلس التأسيسي، السنوات الأولى من الاستقلال، الوزير القوي، حركة التعاضد، أزمة سبتمبر 1969 ، المحاكمة والسجن والفرار، المنفى)بالإضافة إلى مقدمة متميزة حول بن صالح  » القوة التي تمضي » وخاتمة بعنوان: هكذا يمضي التاريخ. ويسمح الكتاب بالوقوف عند المحطات الأساسية في مسيرة أحمد بن صالح وانخراطه في الشأن العام كمناضل شاب من الساحل في صفوف الحزب الحر الدستوري الجديد، إلى نقابي نشيط ممثل للاتحاد العام التونسي للشغل في الكنفيدرالة الدولية للنقابات الحرة (السيزل) ببروكسل التي كان من المعترضين على دخولها، فاضطلاعه في وقت حساس بالأمانة العامة للمنظمة الشغيلة من 1954 إلى 1956 وإزاحته منها بطريقة غير ديمقراطية لم تمنعه من مواصلة دوره الفاعل في المجلس القومي التأسيسي كرئيس للجنة صياغة الدستور حتى إعلان الجمهورية سنة 1957 الذي كتبه بخط يده، ليبدأ بعدها مباشرة دورا وزاريا فاعلا ومؤثرا أسهم به في وضع الأسس الأولى للدولة التونسية المستقلة وبناها التحتية الفلاحية والصناعية والتجارية والصحية والتربوية ومخططها التنموي الأول، كما أسهم في تحويل الحزب الحر الدستوري إلى حزب اشتراكي دستوري، لينتهي دوره الرسمي بمحاكمة شهيرة سنة 1970 لقي خلالها جزاء سنمار بدعوى فشل سياسة التعاضد، وصولا إلى تأسيسه لأول حزب معارض في تونس الاستقلال سنة 1973 (حركة الوحدة الشعبية) ومنفاه الاضطراري خارج تونس إلى سنة 1988 ثم عودته إليها نهائيا سنة 2000 .

 

ولم تقتصر نورة بورصالي في كتابها على الجانب السياسي أو النقابي في المستويات الوطنية والعربية والدولية من حياة الرجل الاشتراكي المولع بالنموذج الاسكندينافي، بل تطرقت في حوارها المطول معه (والذي استغرق عشرات بل مئات الساعات) إلى جوانب إنسانية وفكرية من شخصيته، مثل ميوله الأدبية والفلسفية التي تتميز في آن بالأصالة والتقدمية والانفتاح على الآخر (من عروة بن الورد وعلي بن أبي طالب إلى سان جوست، ومن محي الدين بن عربي  وجبران خليل جبران إلى نيتشه الألماني و هنريك ابسن النرويجي وطاغور الهندي…).

 

كما تضمن الكتاب ملاحق تاريخية هامة ومفيدة مثل بيان الاتحاد العام التونسي للشغل في 14 ماي 1951 ( لجنة الضمانات الدستورية والتمثيل الشعبي) و مراسلة السيد دانيال غيران إلى أحمد بن صالح في 9 فيفري 1955 (حول اغتيال فرحات حشاد كما تشير إلى النية المبكرة لبورقيبة لإزاحة أحمد بن صالح من الأمانة العامة للمنظمة الشغيلة)، ومقدمة البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للاتحاد العام التونسي للشغل في سبتمبر 1956 ، إلى جانب البيان الختامي للجنة المركزية للحزب الاشتراكي الدستوري في 27 جانفي 1968، ونسخ من مراسلة برنامج الأمم المتحدة للتنمية إلى الوزير أحمد بن صالح في أفريل 1968 والتي تنوّه بسياسة التنمية التونسية آنذاك، ومخطوطة رسالة من بورقيبة إلى الباهي لدغم في 4 جانفي 1970، ووقائع محاكمة بن صالح في ماي 1970، وعريضة المثقفين والشخصيات التونسية في ماي 1970 ضد محاكمة بن صالح والمنشورة بجريدة لوموند، والنص الكامل لمراسلة أحمد بن صالح إلى بورقيبة في جويلية 1973، وبيان جانفي 1977 لحركة الوحدة الشعبية والمعروف ببرنامج النقاط الخمس والذي تمت على أساسه محاكمة مناضلي الوحدة الشعبية التي أحيينا ذكراها الثلاثين في 13 جوان الفارط.

 

وفي كل ذلك استطاعت نورة بورصالي أن تنقل بأمانة لافتة قناعات الرجل ومزاجه وطريقة تفكيره وشكوكه وتعبيره الساخر والحاد أحيانا ودفاعه العنيد عن مواقفه وخياراته ونظافة يده النموذجية والمشرّفة لأي تونسي، فجاء هذا الكتاب ينضح بصدق الرجل وعفويته بالإضافة إلى خبراته وثقافته الواسعة ونظرته الاستشرافية الثاقبة. وهنا ينبغي القول إنه ليس كل شاهد على عصر بشاهد، ولا كل راو بصادق. وشتان بين من أنجز وأسّس وناضل وثابر وبين من هدم وخرّب وناور وتآمر. والأكيد أن المؤرخين التونسيين المختصين سيجدون في كتاب نورة بورصالي مع أحمد بن صالح مرجعا بل مصدرا هاما من مصادرهم، ويبقى عليهم أن يقارنوا بينه وبين ما يلقى في الأسواق والقنوات خلال السنوات الأخيرة من كتب وشهادات تزعم أنها تاريخية يتحدث بعض أصحابها لكيلا يقولوا شيئا أو ليعتموا على كل شيء، أولئك الذين لم يثنهم التقاعد الإجباري من العمل السياسي عن مواصلة الافتئات على التاريخ والمتاجرة به وتحريف الوقائع أوطمسها للتغطية على ما كانوا يقترفونه في حق الشعب والدولة. وهذا بالضبط ما لم يفعله في كتاب نورة بورصالي الأستاذ  أحمد بن صالح الذي ليس له ما يخفيه أو يخجل منه.

 

واعتبارا لأهميته وتعميما للفائدة، نأمل أن تفكر الزميلة نورة بورصالي في ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية في أقرب وقت ممكن.

 

(المصدر: صحيفة « الوحدة » (أسبوعية – تونس)، العدد 579 بتاريخ 2 فيفري 2008)

 


كفانا لعنا للظلام وسبا للحكام 4/4

 
– تجارب حديثة: إذا كان الإنقسام الثقافي والسياسي والإجتماعي الحاصل في تركيبة مجتمعات شعوب أمة العرب والمسلمين من أهم عوامل استمرار وضع التخلف الذي نحن عليه، فإن البحث عن الإنسجام المطلوب واللازم لنهوض الأمة هو الذي مازال محل خلاف بين مختلف مكونات النخبة في مجتمع كل شعب من شعوب الأمة. بين من يؤمن أن هذا الإنسجام لا مكان له عندنا إلا باتباع الغرب واستنساخ تجربته الحضارية والنهضوية والأخذ بكل ما أبدع فيه من علوم ومناهج وتصورات وأفكار وثقافة بحلوه ومره، وبين من يؤمن أنه لا سبيل لنهضة الأمة وتقدمها وتجاوز مشكلاتها والتغلب على ضعفها والخروج من التخلف والمشاركة في البناء الحضاري إلا بالأخذ من الغرب ببعض ما نقدر أنه يمكن أن يكون صالحا لنا، وأخذ من ثقافتنا وتراثنا العربي الإسلامي ببعض ما نقدر أنه يمكن أن يكون صالحا لنا لتجاوز حالة الإنقسام، والإنتهاء إلى الإنسجام. ونسلك بذلك طريقنا إلى الرقي والتقدم كشريك حضاري محترم في العالم. وبين من يؤمن في الفريق الثالث بأن طريق الأمة إلى الإنسجام المطلوب والخروج من التشتت والتمزق والإنقسام هو ثباتها على دينها وعلى ثقافتها العربية الإسلامية الجامعة وتطويرها وفق ثوابتها وأصولها وخصوصياتها والإبداع فيها، وأخذ من الغرب ما كان حكمة وما كان علما وما كان مفيدا ونافعا، ونترك ما كان مرا وما كان رذيلة ومن الخبائث والمفاسد، وما لا حاجة للأمة به مما يتناقض ويختلف مع مقدساتها وخصوصياتها، ومع ما أحل الله لها وحرم عليها… وهذا الطرف هو الحركة الإسلامية غير المسموح لها علمانيا لائكيا وتقليديا وشرقيا وغربيا بأن يكون لها دور في إدارة الشأن العام بتعلات وذرائع مختلفة كلما كان ذلك ممكنا. وهي التي نجحت في تفجير ثورة من كبريات ثورات العالم المعاصر أوصلتها إلى سدة الحكم وأعلنت قياداتها قيام دولة « إسلامية  » جعفرية المذهب صفوية العرق، بحسب ما تجيزه بعض الإجتهادات الجديدة لمراجع الشيعة في بلاد فارس القديمة.هذه الحركة هي التي فجرت كذلك حركة الجهاد المبارك قبل ذلك في أفغانستان في مواجهة النظام الشيوعي الملحد، وحليفه الإستراتيجي الإتحاد السوفياتي سابقا، والذي كانت حركة الجهاد الأفغاني من أكبر وأهم عوامل انهياره على رؤوس زعمائه وعلى مرأى ومسمع من كل أنصاره ووكلائه وحلفائه والتابعين له.وهي التي استطاعت أن تضرب المارد الأمريكي في عقر داره. وهي التي مازالت تقف في وجه الإستعمار الأمريكي الغربي وعملائه في أفغانستان وفي باكستان. هذه الحركة التي كان من بين مكوناتها حزب الله في جنوب لبنان، وهو الذي ألحق بالعدو الصهيوني هزائم كثيرة لم يسبق أن ألحقه بها أي طرف آخر في المنطقة العربية كلها من قبل. وهو الذي ألغى بذلك أسطورة الحركة الصهيونية القائلة بامتلاكها الجيش الذي لا يقهر. وهي التي من فصائلها مكونات حركة الجهاد والمقاومة في العراق المحتل، والتي تلحق بالعدو الأمريكي وحلفائه وعملائه خسائر لا قبل له بتحملها، وهي في طريقها إلى النصر والتحرير إن شاء الله. وهي التي من مكوناتها كذلك حركة الجهاد والمقاومة في فلسطين المحتلة، والتي على رأسها حركة المقاومة الإسلامية « حماس »، وهي التي رغم ظروفها الصعبة ورغم وجودها في المنطقة العربية الأكثر عداء ومناهضة للإسلام وللحركة الإسلامية المعاصرة، ورغم إمكانياتها المحدودة جدا، ووجودها في المكان الأضيق من العالم، ورغم المحيط السياسي المعادي بالداخل والخارج، والأقرب إلى العدو المحتل منه لها، ورغم طبيعة المحتل العنصري الإستيطاني الذي يعتبر نفسه صاحب الحق المشروع الثابت في الأرض، استطاعت مع باقي فصائل المقاومة الوطنية العلمانية االلائكية منها والإسلامية أن تحرر قطاع غزة من فلسطين المحتلة، وتفرض على العدو الصهيوني الإنسحاب غير المشروط من هناك، لولا ما منحها العميل محمود عباس وعصابته خليفة الشهيد ياسر عرفات في ما يسمى السلطة الوطنية الفلسطينية، والرئيس المصري حسني مبارك، من اشتراك في الإشراف على معبر رفح الذي من المفروض أنه معبر فلسطيني مصري ليس للصهاينة بعد الإنسحاب من قطاع غزة أي حق في الإشراف عليه. وكانت خطة من الطرفين العربيين لألا يكون للمقاومة ولحركة حماس كبرى حركات المقاومة في فلسطين المحتلة تحديدا أي علاقة بإدارة شؤون المعبر، بالنظر إلى طبيعتها الإسلامية وعلى خلفية عدم اعترافها بالعدو الصهيوني، في وقت لم تكن قد طرحت فيه على نفسها المشاركة في الحياة السياسية من خلال المؤسسات الرسمية للسلطة. هذه التجارب التي ليس لها سابقة في التاريخ العربي الإسلامي المعاصر، تمتاز بأمرين إثنين على غاية من الأهمية وهما الخطوتان الأوليتان في الطريق نحو الحرية والتحرر والإستقلال وهما: – الجماهيرية . – والإنسجام الثقافي. فبالجماهير وبالإنسجام الثقافي والفكري المختلف في إطار المرجعية الثقافية الواحدة استطاع الإمام الخميني أن يفجر ثورة من أكبر ثورات القرن العشرين التي أطاح فيها بالشاه وبالمخابرات الأمريكية. وبالإنسجام الشعبي الحاصل من خلال التأطير الثقافي والسياسي والفقهي الذي قلص من الإنقسام الإجتماعي الناتج عن تنوع المرجعيات الفكرية والثقافية في الشعب الإيراني ككل شعوب أمة العرب والمسلمين: – استطاع الشعب الإيراني أن ينجز مهمة التحرير والتحرر الوطني الحقيقي، وأن يحقق الإنسجام المطلوب في التركيبة الإجتماعية بتحقيق الإنسجام الثقافي، وبما يجب أن يكون عليه الأمر من انسجام بين القيادة والقاعدة على ذلك الأساس. وعلى أساس القدرة على الإستقطاب الجماهيري وتحقيق الإنسجام الثقافي والفكري في المجتمع الواحد وفي الشعب الواحد وعلى أساس تحقيق الإنسجام بين القيادة والقاعدة الشعبية. – استطاعت قيادة حركة الجهاد الأفغاني أن تطيح بالنظام الفاشي العميل في أفغانستان، وأن تلحق الهزيمة بأحد أكبر الجيوش في العالم. وإذا كان الشعب الأفغاني مازال يعاني من الإحتلال، فبفعل الجانب العلماني ومن التحق به من المغفلين والأغبياء من الجهات والأطراف المحسوبة على الإسلام في الحركة الإسلامية، وما تبقى من انقسام راهن عليه الغرب، المنحاز لثقافته ولمصالح شعوبه للإبقاء عليه في مواجهة الحركة الإسلامية الهادفة لإنهاء الإنقسام وتحقيق الإنسجام، حتى لا يكون للمحتل وللغرب مكان في بلاد العرب والمسلمين، ولا دور سياسي وثقافي يحقق به لنفسه المنافع، ويلحق به لشعوب الأمة ولكافة المستضعفين الأضرار. – وعلى ذلك الأساس أيضا، استطاع حزب الله اللبناني أن يلحق بالعدو الصهيوني الهزيمة تلو الهزيمة في كل الحروب التي خاضها ضده. – وعلى الأساس الجماهيري والإنسجام الفكري والعقائدي والثقافي، استطاعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهي من آخر مكونات المجتمع الفلسطيني تشكلا ووجودا، أن تبلغ ذلك المستوى من الجاهزية ومن القوة ومن الإنتشار ومن التأييد الشعبي والجماهيري، وأن تكون الأقدر على إنجاز المهمات الصعبة في ساحات الجهاد والإستشهاد وفي ساحات الإصلاح الإجتماعي. – وعلى ذلك الأساس استطاعت حركة المحاكم الإسلامية في الصومال أن تحسم الصراع لصالحها ولصالح الشعب الصومالي بإسقاط كل أمراء الحرب المدعومين من طرف قوى الهيمنة العالمية، وتكون لها السيطرة على الأوضاع في زمن قياسي. ولأنها كذلك، ولأنها على ذلك الأساس، كان استنجاد العملاء والخونة، الذين ظلوا يمثلون الإنقسام في إطار النخبة غير المؤمنة بالجماهير وبالشعوب، وغير المؤمنة بالثقافة العربية الإسلامية كأحد أهم عوامل التوحيد وتحقيق الإنسجام وإنهاء الإنقسام الإجتماعي، بالأجنبي المعادي، لمواجهة الجماهير والشعب، ولإنهاء الإنسجام الفكري والثقافي، وللمحافظة والإبقاء على الإنقسام والتشتت. – وعلى ذلك الأساس، واستنادا إلى ذينك الأمرين، استطاعت المقاومة في حركة التحرر العربي الإسلامي في العراق أن تفاجئ الإحتلال الأمريكي البريطاني الغربي وعملائه بتشكلها وتنظيم صفوفها في وقت جد قصير بعد سقوط عاصمة الرشيد بغداد، وتعلن الجهاد المبارك لتحرير عراق العروبة والإسلام. وهي التي وعلى ذلك الأساس، تلحق به هزائم كبيرة وخسائر فادحة، وهو الذي ليس له من خيار إلا مغادرة البلاد أحب أم كره إن عاجلا أو آجلا بدون قيد ولا شرط، ليكون النصر والخلود في النهاية للمقاومة ولحركة الجهاد والشهادة والإستشهاد بتحرير العراق العربي المسلم. إن الإكتفاء بلعن الظلام وسب الحكام يؤخر ولا يقدم. أما الذي يقدم ولا يؤخر فهو البناء والتربية والتوعية والتعبئة والإنحياز إلى الجماهير والشعوب، والتوجه لها بالخطاب وتحميلها المسؤولية على أوطانها وعلى مستقبل أجيالها وأمتها، وتحريضها واستنفارها ودعوتها إلى القيام بالأدوار المنوطة بعهدتها في التحرير والعزة والكرامة والنهضة والبناء الحضاري، على أساس من هويتها العربية الإسلامية، وعلى أساس من ثقافتها الأصيلة، وعلى أساس من التوحد والإنسجام ونبذ الفرقة والإنقسام. إن الذين يشغلون أنفسهم بتصدير ثقافة سب الحكام ولعن الظلام للشعوب، هم أولئك الذين ليس لهم ما يقدموه لهذه الشعوب من خطاب ومن بديل ثقافي وفكري وسياسي. هم أولئك الذين فشلوا وأخفقوا في تأطير الجماهير على غير أساس ثقافتها العربية الإسلامية الأصيلة في صورتها الكاملة. وهم الذين ليس لهم من ثقافة إلا ثقافة سب الحكام الظالمين ولعن الظلام الذي ليس لهم من نور فيه سوى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لو كانوا يعلمون. لقد كان الشعب الفلسطيني المحاصر منذ سنين طويلة بقيادة مكونات الحركة العلمانية الهجينة، وعلى رأسها حركة فتح، يكتفي بلعن الظلام في كل مرة يقطع عليه فيها الكيان الصهيوني في إطار معاقبته والتضييق عليه والتنكيل به إمدادات الوقود، والمرة الوحيدة التي لم يقف فيها مكتوف الأيدي يلعن الظلام في انتظار أن يمن عليه العدو بجذوة من النار بشروطه وهو صاغر، هي المرة التي كانت تقوده فيها « حماس » في قطاع غزة، وهي صابرة معه على الحصار والإغلاق والقصف والقتل والتجريف والهدم أكثر من سبعة أشهر على قاعدة قول الله سبحانه وتعالى : »واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا ». والتي على أساس من الإنسجام الثقافي ومن التأييد الجماهيري استطاعت أن لا تكتفي بلعن الظلام وسب الأنظمة والحكام، بل لم تشغل نفسها ولم تشغل الشعب الفلسطيني بذلك فقط، ولكنها أخرجته يوم قطع عليه العدو الصهيوني الوقود والكهرباء على بكرة أبيه كبارا وصغارا شيبا وشبانا نساء ورجالا في مسيرات الشموع ليقهر الظلام وليحتج على العالم « المتحضر » من حوله ويستميت في الدفاع عن نفسه وعن حقه في النور والحياة. إنّ ما تحتاجه أمتنا اليوم، ليس ثقافة سب الحكام الظالمين المستبدين ولعن الظلام، ولكنها في حاجة إلى تحميل شعوبها مسؤولياتها في التحرر من الإستبداد والإستقلال من الإحتلال. وهي التي ليس أمامها إلا الفرار إلى الله والإستعانة به والتوكل عليه، ومواجهة الظلم والقهر والفساد في إطار من الإنسجام على أساس من عقيدتها وثقافتها العربية الإسلامية. وعلى النخبة إذا كانت تريد أن يكون لها دور في المقاومة والجهاد والتحرير والتحرر، أن تقتفي أثر أعلام وأصحاب وقيادات هذه التجارب الناجحة، وأن تنتهي من ثقافة السب واللعن، وتنشغل بثقافة التربية والتوجيه والتوعية والتعبئة للشعوب في إطار تحميلها المسؤولية على واقع الأمة، وعلى إحداث التغييرات المناسبة فيه. وهي التي عليها أن لا تنتظر من الحكام الظالمين ومن الأجنبي شيئا إلا مزيدا من القهر والظلم والإذلال. وهي التي عليها أن تتحمل مسؤولياتها في الإصلاح وفي التحرر والتحرير والإستقلال والوحدة. بقلم :عـــــــــلي شرطـــــــــاني قفصة في : 05/ فيفري/ 2008 تــــــــــــــــــــــــــونس


الآت…  
 
نقل فؤادك وكفكف ميادين جراحك  وبعثر ظلمات الأيس وحدك  ماذا تنتظر؟  وما عادت لغة  تأوي أحلامك ماذا تنتظر؟ وما عادت لغة تحطم أصنامك ما ذا تنتظر؟ و اللغة لا تحكي أحزانك    وفي زمن الرقص مع الرقص يبيعون أرضا  يبيعون عرضا  يبيعون حبا أو ربا  ويغتسلون بدماء الشهداء من الشهداء  ماذا تنتظر تعالى وبعثر في البيداء     كل ما لديك وكل ما ملكت يديك  أشعارك و أوراقك و أحلامك   بعثر أصوات المئذنة   فالبأس آت والليس آت والموت آت والبعث آت من الشرق آت  من الغرب آت من صرخة المستحيل آت   فاحتسي نور السماء  وتلحف الشمس في عباءتك السوداء  تغطى الفيافي وتدثر نوم  الأطفال وكن كحلم البرية  كصمت فضاء  كقصة لا تنتهي جدتي من روايتها عند المساء وكن كالمهاجر أو كعابر للأسماء ماذا تنتظر؟ وهذي صحراءنا تعطشت لنخيلها لفيافيها ولرمالها الخضراء والكون كقصيدة حب ينتهي بالموت بين دفاتر شعراء   والغد آت  والغدر آت والمجهول آت فماذا أعددت حتى تسافر للهجرة وترحل وتنأى عن المستحيل كأحلام الليل المزعجة الحق آت  والله آت وصوتك آت كأسطورة الخلق و التكوين  من العدم آت من الزمن الهمجي آت من الفوضى الخلاقة آت لم تكن يوما منصورا في زمن القحط البائس ولا المتربع في أحضان باب عرش يائس  ولا مسموع ولا ممنوع ولا مرفوع ولا مجرور  وإن اجتمعوا أو امتنعوا فكغثاء السيل   يفتعلون الويل  ينتعلون نفاق الليل كنجم هارب من ثقب المجهول وصوتك كسياط   جهنم  تجلدهم  ولسان الزمن الضائع يرددهم أكذب .. أكذب حتى إشعار آخر اكذب..أكذب شعار الماضي والحاضر شعار المرحلة القادم   تملق على أعتاب البيت الأبيض والأحمر  نافق وجدانك   نافق أنفاسك   شعار المرحلة القادم ثمل وسادته المحشوة بأضغاث الأحلام   ينتظر من يصدقه الرؤيا   سكران جائع للكلمة فهل صدقت الرؤيا ؟ الحلم آت والنور آت والحق آت في يوم ما من زمن آت سيغادر الكون قحطه صامت ويحط في الأفق   المسبي   ليل يتلألأ بالنور ويمزق ظلمة ديجور ويطرد من مملكة الرب كل طغاة العالم  كل أعداء الحرية كل من جعل من دماء الله  قداسا للحرب القادمة سلمى بالحاج مبروك   من تونس

 


 

العدد السادس من « الإرادة »، لشهر فيفري 2008

نشريّة سياسيّة إخباريّة جامعة يُصدرها « حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

المدير المسؤول: محمد جمور

الموقع: www.hezbelamal.org/alirada

البريد الإلكتروني: alirada@hezbelamal.org

 

في هذا العدد

 الافتتاحيّة : دفاعا عن قوت الشعب

« الإرادة » الوطنيّة :

جريمة صهيونيّة تحت مظلّة الدّعم الأمريكي

بــكلّ وضــوح

الإنتخابات البلديّة الجزئيّة: دار لقمان…

ملاحظات حول ميزانيّة عام 2008

حـــريـّـــات

المدرسة التونسيّة و خطر تهميش المواد الإنسانيّة

أخـبـار طـلاّبيـّة

آخر المستجدّات الحاصلة في جمعيّة القضاة

السفير قوداك: نشاط حثيث

صدور الحكم في قضيّة مجموعة عناصر « جند أسد بن الفرات »

جلسة عامّة إخباريّة للمحامين

النّصوص القانونيّة التّطبيقيّة الخاصّة بمعهد المحاماة تؤكّد نيّة السّلطة الّتنفيذيّة على وضع اليد على قطاع المحاماة و تهميش الهيئة الوطنيّة للمحامين

مــنـحة

إلى إلــهام المرزوقي

« الإرادة » الإجتماعيّة :

ظاهرة استهلاك المخدّرات تتفاقم

 

مؤسّسة « هارتي »

القيروان: المـظلمـة الـمتـجدّدة

حادث شغل قاتل لعامل المناولة

تحرّكات احتجاجية بجهة قفصة

نسبة وفايات النساء عند الوضع مرتفعة في تونس

محاولة للهجرة سرّا تؤول إلى فاجعة

« الإرادة » الإقتصاديّة :

اهتمام كبير بتونس من قبل الرأسماليين الأوروبيين

أرقــام للـذاكـرة

مستشفى خاصّ بتمويل ياباني

« الإرادة » العربيّة :

زيارة بوش للشّرق العربيّ والملفّات المستعصية

جورج بوش وحكّام الخليج يرقصون على الدّماء الفلسطينيّة

يــحدث في ليبــيا

« الإرادة » الدوليّة :

اغتيال بينظير بوتو وبعد؟

الشّعب الكردي ضحيّة لتحالف رجعي صهيوني تركي عربي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكيّة

نصر ثمين لعمّال السكك الحديديّة في ألمانيا يؤشّر على نهوض الحركة المطلبية مجدّدا

درس من افريقيا السّمراء:إرادة الشعوب في النموّ والتقدّم لا تخضعها أو ترهبها غطرسة الاتحاد الأوروبي

 

** مختارات من العدد السادس من نشرية « الإرادة »:

 

الافتتاحيّة

 

دفاعا عن قوت الشعب

 

يشهد الوضع الاجتماعي توتّرا ملحوظا مردّه أمران أساسيان: الارتفاع المشط في الأسعار وتفاقم معضلة البطالة. فقد باتت موجبات الغلاء المتتالية تعصف بالمقدرة الشرائية لعموم الناس وازداد تضرّر الفئات الشعبيّة خاصّة من جراء زيادة أسعار المواد الغذائيّة الأساسيّة وزيادة تكاليف الخدمات من تنقّل وصحّة وغيرها. الأمر جعل أغلب الكادحين وأسرهم يتخبطون في أزمات اقتصاديّة مستديمة ويعجز أغلب الناس عن الايفاء بالمتطلبات الضروريّة للعيش الكريم حتى لا نقول المرفه.

 

الأمر الثاني هو تفاقم معضلة البطالة التي تشاهد انعكاساتها في جموع البطالين الذين يقفون في طوابير أمام مواقع العمل المتوقّعة (حضائر ومعامل) ويتوافدون أفواجا على مكاتب التشغيل محدودة الجدوى ويتحلقون بالعشرات في المقاهي لتتفشى بينهم الأمراض الاجتماعيّة على اختلاف أصنافها فظهر الادمان والانحراف والتفسّخ والتعصّب والتطرّف لملء فراغ الروح والجسد.

 

كما أنّ هذا الوضع هو الكامن وراء تعدّد التحركات العفويّة المطالبة بحقّ الشغل وآخرها ما شهدته منطقة المناجم من اعتصامات متعددة.

 

ويتفاقم وقع هذا الوضع إذا علمنا أن عددا هاما من العاطلين هم من حملة الشهائد الذين لم يظفروا بعمل بعد درس ومثابرة ونجاح تبخّرت الآمال التي كانت معقودة عليه.

 

في مواجهة هذا الوضع تتذرّع السلطة بالأوضاع الاقتصادية العالميّة: تتذرّع بالصعود المتزايد لسعر البترول، وبالارتفاع في سعر كلّ المواد الغذائيّة الأساسيّة في السوق العالمية من القمح إلى الزيوت والسكر والحليب واللحوم. (بسبب غلاء الأعلاف). ولا ترى حلاّ لمواجهة ذلك إلا في زيادة الأسعار وزيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة التي يدفع جزءها الأوفر الأجراءُ والفئات الشعبيّة. وزيادة حجم التداين والاستجابة لإملاءات صناديق النهب العالميّة التي دفعت نحو فتح أسواقنا دون حماية لمنتجاتنا الوطنيّة، وألغت الضرائب الديوانية وحرمت ميزانية الدولة من مورد مهم، وأوصت بالخصخصة حتى للقطاعات الاستراتيجية ونصحت بالتخلي عن زراعة القمح والبطاطا وانتاج اللحوم الحمراء والألبان، والتوجّه نحو زراعة الزهور لأن تلك المواد الغذائية الأساسيّة يكمن اقتناؤها بسعر أقلّ من سعرها المحليّ ولأن الزهور أوفر ربحية. وقد ورد ذلك صراحة في توصيات البنك الدولي في ماي 2007.

 

ونحن نقول إن هذه الاملاءات هي فقط لخدمة المصالح الاقتصادية للشركات الرأسمالية الأجنبية ودولها الساعية للهيمنة، والمستفيدين من وسطاء هذه الشركات محليا. وهي تجلب الخراب لاقتصادنا والتردي لأوضاعنا الاجتماعية والأجدر مواجهة مشاكلنا بالاعتماد على أنفسنا ومراعاة مصالحنا الوطنية وحماية منتوجاتنا ودعم القطاعات التي تؤمن أمننا الغذائي عبر الاستغلال المحكم لمواردنا الطبيعية وعدم التفريط في القطاعات الاستراتيجية، وتأهيل مؤسسات القطاع العام الفلاحيّة والصناعيّة، وسنّ سياسة ضريبة عادلة تحمل الأغنياء قسطا مناسبا من العبء الجبائي على ما يجنونه من أرباح يذهب كثير منها لمستثمرين أجانب.

 

كما أن معضلة البطالة لا يمكن مواجهتها إلا في إطار سياسة تنموية تهتم بالجهات المحرومة ومحورة  التعليم والتكوين المهني على المتطلبات الفعليّة لسوق الشغل ورصد اعتمادات مناسبة للتأمين على البطالة تكون مصادرها متأتية من الضرائب على المداخيل العالية وبشكل تصاعدي ومن الضرائب غير المباشرة على السلع الكمالية. ولا يتأتى ذلك إلا في ظل سياسة تشغيل شفافية أساسها المساواة في الفرص بين كل أبناء تونس والتساوي إزاء القانون، بعيدا عن أي محاباة ليكون العمل حقا يكتسب بالجدارة العلمية والمهنية لا امتيازا يشترى بالمال أو يجلب بالولاء السياسي.

 

(المصدر: « الإرادة »، تصدر عن « حزب العمل الديمقراطي »، العدد السادس، لشهر فيفري 2008)

الرابط: www.hezbelamal.org/alirada

 


السفير قوداك: نشاط حثيث

 

نشرت « الشّروق » بتاريخ 23/12/07 خبر الزّيارة التي أدّاها السيّد « روبار قوداك » سفير الولايات المتّحدة بتونس مرفوقا بالسيّدة « ترينا ساها » المكلّفة بالشّؤون السّياسيّة لحزب الخضر للتّقدّم. وجاء في البيان الذي أصدره هذا الحزب أنّه « تمّ خلال اللّقاء استعراض أوجه العلاقات التّونسيّة الأمريكيّة على أكثر من صعيد ».

 

ولقد راج قبل ذلك خلال شهر نوفمبر 2007 خبر مفاده أنّ السّفير قوداك استدعى عددا من الشّخصيات التّونسيّة للتّشاور معها في الأوضاع في أفغانستان والعراق.

 

كما راجت أخبار أخرى خلال شهر ديسمبر 2007 تفيد أنّ السّفير قوداك استقبل عددا من الشّخصيّات التّونسيّة للتّشاور معها في ملفّ حقوق الإنسان بتونس.

 

ولعلّ هذه اللّقاءات و »المشاورات » لا تمثّل إلاّ جزءا قليلا من تحرّكات سفير الولايات المتّحدة الذي يسعى جاهدا لاستدراج أحزاب المعارضة والنّخب التّونسيّة ولبعث شبكة من العلاقات تخدم مصالح السّياسة الأمريكيّة في تونس وكامل المنطقة.

 

(المصدر: « الإرادة »، تصدر عن « حزب العمل الديمقراطي »، العدد السادس، لشهر فيفري 2008)

الرابط: www.hezbelamal.org/alirada

 


 

بــكلّ وضــوح

 

كثرت تحرّكات أعضاء البعثة الدّيبلوماسيّة الأمريكيّة في تونس خلال السّنوات الأخيرة وخاصّة منذ قدوم السّفير الجديد قوداك الذي كان قبل قدومه إلى بلادنا العضد الأيمن للحاكم العسكريّ الأمريكيّ الأوّل في العراق بعد احتلاله. لا يمرّ أسبوع واحد تقريبا إلاّ ونسمع أنّ السّفير ذاته أو أحد كبار معاونيه أو « خبراء » قادمين من الولايات المتّحدة الأمريكيّة تقابلوا مع أمين عامّ لحزب معترف به أو قيادييّن من أحزاب غير معترف بها مثل حركة النّهضة أوشخصيّة تونسيّة مرموقة تنشط في الحقل السّياسيّ أو الحقوقيّ أو الجمعويّ (ملاحظة: يجد القارئ في هذا العدد تغطية عن نشاط السّفارة الحثيث في تونس الذي أمكن للجريدة رصده).

 

والملفت للنظر أنّ مواضيع المحادثات التي يجريها المسؤولون الأمريكيّون بتونس تنحصر أساسا في قضايا تونسيّة داخليّة، وفي القضايا السّياسيّة الشّرق أوسطيّة للولايات المتّحدة الأمريكيّة. ويبدو أنّ قضايا أوضاع حقوق الإنسان والإصلاح السّياسيّ في بلادنا هي المحور الرّئيسيّ الذي يؤكّد عليه الجانب الأمريكيّ إلى جانب التّسويق والدّفاع عن سياسة الولايات المتّحدة في العراق وفلسطين ولبنان وكامل المنطقة العربيّة.

 

ويواصل السّفير الأمريكيّ ومعاونوه تحرّكاتهم المشبوهة بكل صلف فارضين أمرا واقعا ببلادنا أو محاولين فرضه على الأقلّ مفاده أنّ السّفارة الأمريكيّة جزء في المعادلة السّياسيّة الوطنيّة، وطرف لا يمكن الحياد عنه أو تجاهله لأنّه طرف مؤثّر اعتبارا لثقلها العالميّ ولإصرارها على انجاز ما تسمّيه كذبا برنامج الإصلاح السّياسيّ في الأنظمة العربيّة القائمة ودمقرطة مجتمعاتها.

 

وللتّذكير مرّة أخرى يقوم هذا البرنامج أو ما تسمّيه الإدارة الأمريكيّة مشروع الشّرق الأوسط الكبير على الأهداف الأساسيّة التّالية:

 

·  جرّ بلدان المنطقة نحو انفتاح أكبر على الإقتصاد الإمبرياليّ العالميّ ومصالحه.

 

·  جرّ الأنظمة القائمة والموالية للمتّحدة الأمريكيّة إلى اتّخاذ اجراءات سياسيّة انفراجيّة محدودة ضمانا لاستمراريّة تلك الأنظمة نفسها ولمصالح الولايات المتّحدة التي باتت معزولة عن أوساط جماهير الشّعب والنّخب الواسعة.

 

·  جرّ الأنظمة القائمة في المنطقة إلى اقحام ما تسمّيه الإسلام السّياسيّ المعتدل والإعتراف به (بالنّسبة لمن لم يعترف به بعد) في الحياة السّياسيّة وذلك لعزل ما تعتبره الإدارة الأمريكيّة حركات أصوليّة اسلامويّة متطرّفة، لكن كذلك عزل القوى الوطنيّة والدّيمقراطيّة وعلى رأسها القوى المتشبّثة بالمشروع الإشتراكيّ والأفكار الإشتراكيّة والحاملة لمشروع مجتمعيّ قوامه استقلاليّة القرارالوطنيّ والدّيمقراطيّة الفعليّة والعدالة الإجتماعيّة والمساواة بين المواطنين وفصل الدّين عن السّياسة وإشاعة القيم والأفكار الحداثيّة والعقلانيّة.

 

·          القبول باحتلال أمريكا للعراق والصّمت على جرائم الصّهاينة في فلسطين والتّطبيع مع الكيان الصّهيوني.

 

ولا نعتقد أنّ سعادة « المقيم العامّ الجديد » لا يتحرّك وفق هذه الأجندة الأمريكيّة. السّفارة تستغلّ كلّ حدث يجري في بلادنا لتمرير سياسة نظامها وتحقيق أهدافها المعلنة والخفيّة وفرض نفسها على الجميع دولة وشعبا كطرف وجب التّعامل معه والأخذ بآرائه ومقترحاته ومواقفه وهذا ما نرفضه رفضا قاطعا ولن نسمح له ولن نصمت عنه حتى وإن بقينا وحدنا في هذا الموقف ولا نعتقد أنّنا الوحيدون المعارضون لسياسة الدّولة الأمريكيّة في هذه البلاد والرّافضون للهدف الذي تنشده سفارتها بتونس.

 

ربما يعد سعادة السّفير الأمريكيّ أو يتعهّد لمن شاء له أن يلاقيه بالضّغط أو التدخّل لدى السّلطة التّونسيّة وإقناعها باتّخاذ اجراء « انفراجيّ » ما. وربّما كلّلت مساعيه بالنّجاح كما يقال. لكن هل لا يؤدّي هذا عمليّا إلى دعم رغبة مسعاها في أن يكون طرفا فاعلا في الحياة السّياسيّة الدّاخليّة؟

 

السّفير الأمريكيّ لا يتدخّل لدى السّلطة ولا يضغط عليها إلاّ في القضايا التي تخدم الأهداف السّياسيّة والإقتصاديّة التي استعرضناها سابقا والتي تخدم مصالح الأطراف السّياسيّة المستعدّة للتّعامل إيجابيّا مع الأجندة الأمريكيّة بغضّ النّظر عن وضعها القانوني.

 

مع الملاحظة أنّ الإدارة الأمريكيّة عملت بالخصوص منذ مدّة على التّضخيم من حجم ما تسمّيه الإسلام السّياسيّ المعتدل والدّعاية له وتقديمه على أنّه القوّة الرّئيسيّة الشّعبيّة المعارضة الأولى في الأقطار العربيّة إلى حدّ أنّها بشّرت بانتصار كاسح له في الإنتخابات التّشريعيّة المغربيّة قبل موعد تنظيمها ونظرا لما أصبح يحظى به هذا التيّار من حظوة لدى وكيله أي أنّ النّظام الأمريكيّ أصبح لا يرى مانعا من مهادنة الحليف الأمريكيّ ومهادنة الأنظمة القائمة نفسها. لا يجب حسب رأينا إهمال هذا الجانب الهامّ والمركزيّ في تحرّكات سعادة السّفير الأمريكيّ، وهو ليس الجانب الوحيد بالطّبع في نشاطه الحثيث والمحموم. ما يشدّ الإنتباه في هذا الموضوع هو الموقف الرّسميّ للسّلطة. صحيح أنّها تردّ الفعل بصورة غير مباشرة عن طريق بعض الصّحف أو المنظّمات القريبة منها. هذه الصّحف تسمح لنفسها بشنّ حملات صحفيّة متشنّجة تتضمّن ثلبا وسبّا وتهجّما وهتك أعراض وتهما لا تبدو مؤسّسة ضدّ بعض الشّخصيّات التي لاقت هذا المسؤول الأمريكيّ أو ذاك. وهي حملة نشجبها ونرفضها شكلا وموضوعا ونؤكّد أنّها غير مجدية وغير مفيدة لأنّها لا تطرح القضايا الأساسيّة من بينها سلوك السّفارة الأمريكيّة الذي تعرّضنا له وانعدام الحوار بين السّلطة من جهة والأحزاب والجمعيّات من جهة أخرى.

 

لكن السّلطة لازمت الصّمت رسميّا تجاه تحرّكات السّفارة الأمريكيّة. فنحن نراها صامتة تجاه ممارسات هذه السّفارة وتحرّكاتها بل لم نسمع أبدا أنّها ذكّرتها بضرورة احترام سيادة البلاد والتّقيّد بالمعاهدات والمبادئ التي تنظّم العلاقات الدّيبلوماسيّة بين البلدان ووضع السّفارات.

 

لم نقرأ أو نسمع تصريحا من مسؤول في الدّولة يتّخذ موقفا واضحا تجاه التدخّل السّافر للسّفارة الأمريكيّة بتونس ولم يتجرّأ نائب أو مستشار منتم للحزب الحاكم انتقاد « سعادة المقيم العامّ الأمريكيّ » ولم نقرأ على أعمدة صحافة الحزب الحاكم أو الصّحافة الرّسميّة مقالا يتعلّق بالموضوع. فلماذا كلّ هذا الصّمت ولمصلحة من؟ لماذا لا تفتح السّلطة حوارا جديّا وبنّاءا مع مكوّنات المجتمع المدنيّ والأطراف السّياسيّة التي قبلت بالعمل في إطار القانونيّة وعلى أسس مدنيّة حول جميع الأوضاع والقضايا التي تعيشها البلاد؟ ألا تؤدّي سياسة الإنغلاق ورفض الحوار إلى تشجيع التدخّل الأجنبيّ والأمريكيّ بالخصوص في الشّأن الوطنيّ؟ ألا تدفع هذه السّياسة إلى إحباط البعض وانعدام الأمل لديه في أيّ تغيير بالإعتماد على الشّعب ونخبه المناضلة والمتمسّكة بالثّوابت؟ هذا النهج سيؤدّي حتما إلى نتائج كارثيّة على الجميع وفي النّهاية على البلاد وشعبها وسوف تخرج منه الدّوائر الإستعمارية هي المستفيدة الوحيدة

 

(المصدر: « الإرادة »، تصدر عن « حزب العمل الديمقراطي »، العدد السادس، لشهر فيفري 2008)

الرابط: www.hezbelamal.org/alirada

 


الباحث التونسي رفيق عبد السلام يغري القارئ بمفاهيم العلمانية ويؤكد لـ (الزمان):

الحداثة مشروع غير مكتمل

حوار: علي الربيعي

 

صدر عن مركز الجزيرة للدراسات بالاشتراك مع الدار العربية للعلوم كتاب جديد للباحث التونسي رفيق عبد السلام تحت عنوان « في العلمانية والدين والديمقراطية: المفاهيم والسياقات »، وهو كتاب يتناول، وعلي نحو ما يوحي بذلك العنوان، السياق الدلالي والتاريخي لنشأة العلمانية في الغرب الأوروبي والأطلسي ثم يتناولها في سياق الثقافة والاجتماع العربيين الإسلاميين،

 

وأخيرا يعالج الكتاب مسألة الديمقراطية من خلال تقديم مقاربة جديدة أسماها الباحث بالرؤية الإجرائية والبراجماتية . وصدور الكتاب مناسبة صحفية لحوار الباحث التونسي رفيق عبد السلام المتخصص في الفكر السياسي وهو حاصل علي درجة الدكتوراه في الفكر السياسي من بريطانيا، وقد سبق له أن اشتغل في جامعات بريطانية متعددة، وله العديد من البحوث المنشورة في الأنجليزية والفرنسية والعربية، وهو اليوم باحث في مركز الجزيرة للدراسات.

 

الديمقراطية والعلمانية

 

-اذا كانت العلمانية رافعة أساسية للديمقراطية الليبرالية في الفكر السياسي هل تعد كذلك في سياق الأجتماع السياسي الأسلامي . وهل هناك تلازم بين الديمقراطية والعلمانية والليبرالية ؟

 

نعم ثمة اتجاه طاغ علي دوائر الفكر لسياسي الغربي يميل إلي ربط الديمقراطية بالعلمانية والليبرالية، بيد أن هنالك اتجاهات أخري، وإن كانت أقل حضورا لا تقول بمثل هذا الترابط الحتمي. أما إذا تناولنا المسألة من زاوية التجربة العملية وابتعدنا بعض الشيء عن الادعاءات النظرية الكبري لهذا الاتجاه أو ذاك، فإننا نلاحظ أن التجارب الديمقراطية كانت بالغة التنوع والاختلاف. ففي الولايات المتحدة الأمريكية لعبت التصورات الانجيلية البروتستانتية والكنائس دورا حيويا في تشكيل الحياة السياسية والهوية العامة للبلاد، حتي يبدو لك كل ما يجري في أمريكا من الثقافة إلي الاجتماع، ومن السياسة إلي الاقتصاد منطبعا بالروح الدينية البروتستانتية. صحيح أن الدستور الأمريكي أقر بوجود فصل بين الكنيسة والدولة في إطار ما عرف بجدار جفرسون الفاصل بين الكنيسة والدولة،( نسبة إلي جفرسون أحد أهم الآباء المؤسسين لأمريكا وواضعي دستورها) إلا أن الدين ظل مع ذلك مؤثرا كبيرا في السياسة والثقافة، بل الكنيسة نفسها بقيت فاعلة وموجهة للحياة السياسية إلي يومنا هناك، فمن يتصور صعود المحافظين الجدد إلي سدة البيت الأبيض من دون حزام الكنائس الانجيلية خاصة في المدن الجنوبية الأمريكية. أما في بريطانيا فنحن إزاء ربط وثيق بين الكنيسة والدولة حيث تتولي الملكة تمثيل التاج البريطاني ورئاسة الكنيسة الأنجليكانية. يمكن القول هنا أن فرنسا التي قامت علي تجربة علمنة جذرية وصلبة تمثل استثناء حتي بالمقاييس الأوروبية والغربية عامة، لذا يبدو لي من الخطأ الفادح قراءة مسار العلمنة أو الحداثة السياسية من خلال الزاوية الفرنسية الضيقة. وأخلص من ذلك إلي القول أن الغرب الحديث هو مزيج مركب من المواريث المسيحية وثقافة العلمنة التي فرضت نفسها خلال القرنين الأخيرين.

أما إذا تحدثنا هنا في السياق العربي الإسلامي، فإن حركة العلمنة تبدو مقترنة إلي حد كبير بظهور أنماط تسلطية غير مسبوقة وليس بالديمقراطية وربما يعود ذلك إلي ما أتاحته تجربة التحديث من أدوات سيطرة وضبط هائلين، ولذلك ليس غريبا أن تكون الدول العربية الأكثر تحديثا هي الأكثر تعثرا علي صعيد الديمقراطية.

 

– ما الذي تقصده بالديمقراطية علي وجه الدقة هنا؟

 

ما أقصده بالديمقراطية ليس شيئا سوي مجموعة من الأدوات والآليات الإجرائية التي تسمح بإدارة حياة سياسية مستقرة وهادئة لما تتيحه من امتصاص الصراعات ونهج التسويات السياسية بدل اللجوء إلي العنف والحسم بقوة السلاح، من قبيل علوية القوانين والفصل بين السلطات وحرية التنظيم السياسي والاجتماعي وحرية الصحافة والقضاء وما شابه ذلك، مع العلم أن هذه الإجراءات الديمقراطية ليست شيئا مقدسا أو مكتملا بل هي بدورها قابلة للتعديل والتطوير والإضافة والحذف بحسب حاجيات وأولويات الاجتماع السياسي الذي تشتغل ضمنه.

بيد أنه يتوجب التنبيه هنا إلي أن الديمقراطية ليست بالأداة السحرية التي تحول المعادن الفاسدة إلي ذهب علي نحو ما تقول الأساطير الكيميائية القديمة، بل هي تظل مشروطة بنوعية الأوضاع العامة التي تشتغل ضمنها. فالآليات الديمقراطية قد تكون ناجعة فعلا في التغلب علي معضلة الاستبداد السياسي وتسلط الدولة إذا ما تأسست علي أرضية وفاقية بين مختلف القوي السياسية والاجتماعية المتنافسة واتفاق عام علي توجهات السياسة المشتركة وهوية النظام العام، ولكنها قد تكون عامل شرذمة وتقسيم إذا ما تأسست علي أرضية الانقسام والاستقطاب.

 

– ألا يمكن أن يؤدي اشتغال الآليات الديقراطية مفصولة عن اسسها اليبرالية في المجتمعات العربية – الأسلامية الي ان تتنزل علي انقسام عمودي طوائفي لهذه المجتمعات والعراق مثلا حيا علي هذا ؟

 

المشكلة ليست في انفصال الآليات الديمقراطية عن أسسها الليبرالية، هذا إن كانت هنالك أسس ثابتة ونهائية للديمقراطية أصلا، بل في طبيعة الأوضاع التي تنزل فيها هذه الديمقراطية. فالديمقراطية الهندية وإلي حد ما التركية، وحتي الروسية والفنزويلية مثلا لا يمكن وصفها بأنها ليبرالية بأتم معني الكلمة ولكنها سجلت نجاحات متفاوتة. المشكلة أن الآليات الديمقراطية أريد لها أن تستخدم في بعض البلاد العربية لتعميق الانقسامات الاجتماعية والطائفية والعرقية بدل أن تكون أداة لتخفيف الصراعات. « الديمقراطية العراقية « ، وأستخدم هنا كلمة ديمقراطية بين قوسين، تحولت إلي لعبة محاصصة طائفية وعرقية تحت مظلة احتلال عسكري ألغي كل مقومات الانتماء الوطني المشترك، حتي كأن هذه الديمقراطية المغشوشة أصبحت بمثابة زرع للألغام في كل مقومات النسيج العراقي، بدل رأب التصدعات ومداواة الجروح. وفعلا لو طبق هذا النظام السياسي علي بريطانيا التي تعتبر أم الديمقراطيات الأوروبية بحيث يتم تقسم البريطانيين علي أساس كاثوليك وبروتستانت ، وسكتلانديين وانجليز وإيرلنديين مثلا لتفجر هذا البلد إلي شظايا متناثرة. إن الاحتلال في حد ذاته يلغي الديمقراطية أصلا لأنه يصادر ركنا أساسيا من أركان النظام الديمقراطي وهو سيادة الشعب علي نفسه.

إن بلداننا العربية التي تنخرها الصراعات الداخلية وثقل التدخلات الخارجية هي في أمس الحاجة إلي ما يمكن تسميته بالديمقراطية الوفاقية التي تقوم علي أساس المساومات والتسويات بين مختلف القوي السياسية والاجتماعية لامتصاص التوترات والصراعات بدل اعتماد ديمقراطية عد الأصوات التي تؤدي في الغالب الأعم إلي قوي رابحة بالكامل لا تتردد في الاستئثار بكل شيء، وأخري خاسرة بالكامل لا تتورع عن تخريب المعادلة وإفساد قواعد اللعبة من الأساس، ولو بالاستنجاد بالقوي الخارجية.

 

علاقة الدين بالسياسة

 

– كيف تنظرون الي علاقة الديني بالسياسي خارج اطار العلمانية التي تفصل بين الطرفين؟

أنا أفهم هذه العلاقة باعتبارها ضربا من ضروب تخليق السياسة، أي إضفاء بعد أخلاقي وموجه روحي علي السياسة بدل اعتبارها شأنا ذرائعيا يقوم علي توازنات القوة العارية، فالسياسة حينما تفقد الموجهات الأخلاقية والروحية تصبح ضربا من الألاعيب والخداع التي ينهجها السياسيون الموصوفون بالمخاتلة والتقلب غالبا. ولعل الإضافة الكبري التي قدمها الإسلام قياسا بالديانات التوحيدية السابقة تتمثل في ربط الديني بالدنيوي والروحي بالزمني. بيد أن هذه العلاقة قد تكون مدمرة حينما يتحول الدين إلي كتل طائفية ومذهبية منغلقة علي نفسها، أو حينما يأخذ طابعا مأسسيا احتكاريا ينتهي إلي إضفاء طابع العصمة والقداسة علي أشخاص أو هيئات معينة. الإسلام دين مفتوح يتساوي فيه الناس في حق التعاطي مع مصادره النصية بل الحق في الاجتهاد فيها بحسب الطاقة ، وإن كانت هناك شروط معينة فهي ذات طبيعة علمية معرفية وليس أكثر من ذلك، وهذا هو معني رئيس من معاني ختم النبوة.

بيد أنه يتوجب التنبيه هنا إلي أن عالم السياسة هو بطبعه الذاتي حقل للصراع والاستقطاب، مادام البشر مدفوعين بغريزة التأله علي ما يذكرنا العلامة غبن خلدون، أي حب الاستئثار والسيطرة، ولذلك لا يكفي الركون هنا إلي عاملي الأخلاق والدين علي أهميتها في مجال السياسة بل لا بد من وجود الآليات الكابحة والضابطة التي تحول دون شرور التسلط والاستحواذ علي المصالح المادية والرمزية. من هنا أقول إن إضافة الآليات السياسة زائد التسديد الأخلاقي والروحي من شأنها أن تعطي نتائج أكثر نجاعة وفاعلية في عالم السياسة من الاقتصار علي الدين وحده أو الآلات السياسية وحدها.

– إلي أي مدي تفر بإمكانات قيام حداثة اسلامية غير علمانية أو ليبرالية برأيكم ؟

الحداثة وعلي نحو ما يعرفها الفيلسوف الألماني يورجن هابرماس هي مشروع غير مكتمل وناجز، وهي علي حد قوله انفتاح علي امكانيات متعددة، وأنا أضيف إلي ذلك أن الحداثة هي حداثات متعددة وليست حداثة واحدة، وعليه ليست الحداثة الليبرالية إلا ممكنا من الممكنات التاريخية وليس أكثر من ذلك. وعليه ليس هنالك ما يحول دون ظهور حداثة أو حداثات إسلامة.

الأمر لا يتعلق بإمكان نظري فحسب بل نحن إزاء مؤشرات عملية توحي بمثل هذا التفارق بين الحداثة والعلمانية. لعل أهم الظواهر التي تستحق الرصد والمتابعة في الرقعة الإسلامية هي غياب التساوق بين التحديث والعلمنة، حيث يبدو الحضور الإسلامي أكثر فاعلية وزخما في الفضاءات الحضرية المدينية أكثر مما هو في الأرياف والبوادي، وبين القطاعات المتعلمة الحديثة أكثر من القطاعات الأمية والتقليدية.فبينما تقول النظريات السياسية أن التحديث يقترن ضرورة بالعلمنة نجد أن الأمور تجري علي نحو مغاير تماما في العالم الإسلامي.

صحيح أن هنالك إدعاءات كونية غربية تريد أن تضفي علي الحداثة طابعا جوهريا وثابتا من قبيل العلمانية والليبرالية، إلا أن هذا التوجه لا يصمد أمام واقع التعدد الثقافي الذي يطبع العالم.

 

– هل هناك استمرارية أم قطيعة في الفكر السياسي الاسلامي بين الحركة الاصلاحية والحركة الاحيائية ؟

تمثل الحركة الإصلاحية في وجه من الوجوه تواصلا مع التراث الإحيائي الإسلامي من ناحية تأكيدها علي العودة إلي المصادر الأصلية للدين والحمل بشدة علي التقليد والمقلدة، مع الدعوة إلي الاجتهاد، إلا أنها من جهة أخري أدخلت عنصرا جديدا في خطابها وهو المعطي الغربي. فالحركة الإصلاحية لم تعد تقيس أوضاع التراجع الإسلامي علي ضوء مثاليات الإسلام وأمجاده التاريخية فقط، بل أكثر من ذلك علي ضوء ما تعتبره تقدم المدنية الحديثة، أي صعود الغرب الحديث . ولعل أهم الانجازات التي تسجل لصالح الإصلاحيين الإسلاميين تحريرهم الإسلام من التحيزات المذهبية والطائفية، ومن ثقل الميراث الكلاسيكي وجعله أكثر تفاعلا مع متغيرات العصر. صحيح أن رؤية الإصلاحيين لا تخلو من وجوه قصور كثيرة خاصة فيما يتعلق بقراءتهم لما أسموه بالمدنية، إلا أن أي عملية نقد للإصلاحيين لا بد وأن تعتمد علي ما أنجزوه باتجاه مزيد تطويره وإنضاجه أكثر. لقد كان الإصلاحيون مجتهدين فعلا في أمور الدين بيد أن نظرتهم للحداثة الغربية لا تخلو من تقليد، وفعلا قد أتيح لنا اليوم من إمكانيات النقد وأخذ مسافة عن الحداثة الغربية بما لم يتح لآبائنا الإصلاحيين.

 

مشاريع الاصلاح

 

– لماذا يلازم الاخفاق والفشل مشاريع الاصلاح في السياق الاسلامي منذ القرن التاسع عشر حتي اليوم أم ترون أن هذه المشاريع حققت أهدافها الكبري ؟.

مسألة الإخفاق والانتصار لا علاقة لها بعالم الفكر أو نوعية الخطاب علي أهمية ذلك، بل هي منتج توازنات القوة علي الأرض، وقد أخفقت أغلب تجارب الإصلاح في العالم الإسلامي منذ القرن التاسع عشر لأنها واجهت ظروفا وتوازنات أكبر منها، فقد فشلت مشاريع الإصلاح في اسطمبول وتجربة القاجار في بلاد فارس، ثم محمد علي في مصر وخير الدين باشا في تونس وغيرها من تجارب لاحقة، لأنه لم تتح لها فرصة التطور وامتلاك ناصية الاقتدار بصورة هادئة وتراكمية، وقد أصبح عامل الانقسام السياسي وضعف الكيانات السياسية في المنطقة إلي جانب ثقل التدخلات الخارجية والحروب بسبب ثقل المصالح الدولية في هذه المنطقة من العالم من بين أكثر عوامل الإخفاق والفشل.

 

(المصدر: صحيفة « الزمان » (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 فيفري 2008)

 

 


في النقد السياسي: « حرية تبادل الأفكار والآراء من أغلى حقوق الإنسان » (**)

 
عبدالباقي خليفة (*)   بقطع النظر عما إذا كانت التصريحات والإعلانات والدساتير والقوانين والمراسيم تعبير عن الواقع المعاش ، أو ذر للكلام في الأوراق والآذان ،كما هو الحال في تونس 1956 / 2008 م ، فإن الكلمات تظل حبيسة أسطح تذروها رياح التاريخ ، ما لم تتجسد في أعمال وممارسات تنبئ عن صدق قائلها، وإيمانه بها واستعداده للتضحية بحظوظه الخاصة في سبيلها .   كان سقراط قبل ما يقرب من 2500 عام يوجه انتقاداته لحكام منتخبين من قبل الشعب ، وهو ما يفعله الغربيون اليوم بشكل نحسدهم عليه ، بينما يريد منا البعض أن نكف عن انتقاد حكام مستبدون لا يعيرون الشعب أي أهمية ،سوى بالقدر الذي يجعلهم يحكمون أطول فترة ممكنة . تجرع سقراط السم من أجل ما كان يؤمن به ، ويجرع حكام شعبنا السم من أجل ما يؤمنون به هم . هذه هي المعادلة الصعبة ، ولست متضايقا البتة من الجدل الدائر حول طريقة التعامل مع النظام السياسي، فـ « حرية تبادل الأفكار والآراء من أغلى حقوق الإنسان » لكن المشكلة تكمن في أن الحوار أو جدلية سقراط لا تدور فوق أرض الوطن، لأن الوطن محتل من الداخل من قبل دمى خيوطها في الخارج.   قتل سقراط بعد اتهامه بإفساد الشباب والدين، وهي نفس التهمة التي توجه إلى الحركة الإسلامية اليوم في تونس وغير تونس. لا يهمني الدجالون، والوصوليون والمنافقون ممن وصفوا نتائج فريق كرة القدم التونسي في تصفيات كأس إفريقيا بأنها دليل على مدى تطور تونس ، فإذ بنا نكتشف أن الكاميرون (على طريقتهم ) أكثر تطورا من تونس! لا يهمني من لا أخلاق له ، ممن يتحدث عن الخطاب  » الاخلاقوي المتخلف « بعد أن حاول إعطاء هذا التنميط بعدا بريئا ،لكنه ما لبث أن تعثر في الكتب ،وهو يحاول يائسا أن يرمي بتجاهله أو جهله أو كلاهما على الأرجح محاوره ببعضها دون دراية .   الأخلاق ركن أساسي في حياة الأمم ،وهو ما عناه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عند حديثه عن « العودة للجذور » وهو ما أوضحه أحد أعظم فلاسفة أوربا ،وهو بالمناسبة فرنسي، غوستاف لوبون، الذي يؤكد بأن  » الأخلاق إما أن ترتقي بالأمم أو تسقطها « ، وهو القائل أيضا « أقوى عامل في سقوط جميع الأمم التي يذكرها التاريخ هو تغيير مزاجها العقلي وصفاتها النفسية بسبب انحطاط أخلاقها « ، وهو القائل أيضا  » أقوى العقول وأكبر الفطن ظهرت في روما وهي حبلى بموجبات سقوطها  » لأنها انحدرت أخلاقيا. وأخيرا هو القائل، أعظم شخصية في التاريخ، محمد « صلى الله عليه وسلم ، أو « العظماء مائة في مقدمتهم محمد » صلى الله عليه وسلم .   وعودة إلى الموضوع ، في النقد السياسي ، فإني لا أرى أي مبرر لدعوة البعض للتوقف عن توجيه الانتقادات السياسية للنظام الحاكم ، بدل توجيه الدعوة للنظام لتقبل هذا النقد ، والعمل على تصحيح أوضاعه بناءا عليه ، أو اكتشاف ذاته بذاته أمام المرآة ،وليس بناءا على ما يقوله هو عن نفسه ، أو يقال له من قبل أصحاب المصالح الخاصة ، والنفعيين، والايديولوجيين الفاشيين ، والوصوليين . لقد بدت لي الأقلام التي تحدثت عن ذلك مصلوبة، وماثلة بشكل معكوس ،وعلى أصحابها الوقوف على أقدامهم ليروا الواقع على حقيقته .   النظام التونسي ، والكثير من الأنظمة العربية استثناءا في الكون وليس في التاريخ فحسب ، كل القوى استمعت إلى خصومها ، حتى الله سبحانه استمع إلى خصومه وحاورهم ، ولبى بعض مطالبهم بما في ذلك ابليس. وفي ظل أنظمة الحق الإلهي في أوربا كان هناك ممثلون حقيقيون عن العامة ، كما كان يطلق عليهم قبل الثورة الفرنسية . والقرآن الكريم يزخر بحوارات الأنبياء مع خصومهم والجدل العلني والمباشر بينهم ، ووصل ذلك إلى حد القداسة بتوثيقه في أصح كتاب مقدس عرفه التاريخ البشري . وفي عصرنا الحديث أصبح ذلك سمة من سمات العصر ودليل على وجود ديمقراطية حقيقية.   وسأضرب بعض الأمثلة المتعددة ، فأثناء حكم المستشار الألماني هيلموت كول ، والذي دام 17 سنة متوالية قذفه الناس بالبيض والطماطم ، واقترب منه شخص وقال له  » أنت عميل لقد بعت ألمانيا  » وكان رد الرجل على ذلك الشخص كلمة  » اخجل من نفسك  » . لم يكتب أحد عن اللغة الخشبية ، ولا عن لعن الظلام ، لسبب بسيط أخي الحبيب ،هو أن لعن الظلام دليل على وجود شعور بالظلمة ، لكن ما بالك لو كان هناك من يعيش في ظلام دامس ، وهو يغط في نوم عميق ، أوأعمى ،ظلمات بعضها فوق بعض !.   وفي روسيا حديثة العهد بالستار الحديدي ، وبالطبقية المقنعة ، طبقة الحكم ، وطبقة التنوقراط ، ثم عمال المصانع والكولوكوز والكلوخوز، حيث لم يكن هناك من يجرأ على قول  » خاف أو اتق المادة الحية  » (لأن الله حسبوه على البرجوازية ،وعلى مرحلة من مراحل المادية التاريخية ، أما الأنا الأعلى فلم يكن سوى رأس الهرم السلطوي بدءا بلينين وانتهاءا بخرتشوف) . هناك من يوجه الانتقادات اللاذعة للقيصر الجديد ، فلاديمير بوتين ، دون أن يلقى ما يلقاه ضحايا القمع والاستبداد في بلادنا . نعم هناك حالات، لكنها تتعلق بما يطلق عليه أسرار الدولة ، أما عندنا فأسرار الدولة يبيعها من الدولة في أسره .   وفي بريطانيا نشرت عدة صحف كاريكاتيرا يصور رئيس الوزراء الأسبق ، توني بلير ، في صورة كلب صغير يجره الرئيس الأميركي جورج بوش ، لم تصادر تلك الصحف ، ولم تغلق ولم يقدم أصحابها للمحاكمات بتهم مباشرة ، أو غير مباشرة وحتى ملفقة كالسب والقذف والاعتداء اللفظي والجسدي وحتى الثلب في حق من يملك كل الحقوق ، حتى إنه لا يترك حقا لأحد .   ولسنا في حاجة لذكر المزيد من الأمثلة ، فلا بد أن القارئ تجول بذهنه الآن الكثير من الأحداث في أوربا ،ولا سيما في فرنسا ، وما يقال عن ساركوزي ، وعن علاقاته الغرامية وانخفاض شعبيته وغير ذلك ، فلماذا نتابع ذلك ولا يقول أحدنا ما لهؤلاء الانجليز والفرنسيين والألمان يتحدثون بلغة خشبية ويلعنون الظلام ، أم يحق لهؤلاء ولا يحق لنا. لماذا تنظرون لنا بدونية أيها الإخوة ؟!!!   هل الألمان والانجليز والفرنسيون أرقى وأصفى دما من التونسيين والجزائريين والمغاربة والليبيين والمصريين وبقية العرب ؟!!! لكن أن الأنكى من ذلك أن البعض يستشهد بهؤلاء ضد الآخرين ، ويدعونا نحن لوضع شريط لاصق على أفواهنا ، وأقلامنا ، إذا لم نتحدث بحديث المستجدي ،و(الحكيم ) بل المذنب الذي يرجو عفو ( … ) . أما نحن فنقرأ ونستمع لما يقولونه ونناقشه وندعو لمواصلة الحوار. رغم إنه حوار داخلي تنقصه مرافعات الخصوم.   ولا يفوتنا الحديث عن رئيس وزراء ايطاليا الأسبق سلفيو برلسكوني الذي قدم للمحاكمة ،وهو في الحكم ، وكانت الصحافة الايطالية ولا سيما المعارضة، قد نتفت ريشه ، ولم تترك شاردة ولا واردة تتعلق به إلا ونشرتها، لذلك تقدموا وتأخرنا. لم يكتب أحد يدعو لوقف اللغة الخشبية ، ولعن الظلام، (وقد فاتهم أن النقد السياسي شموع تضئ ، وليس مجرد لعن للظلام، وكل المصلحين في التاريخ بدؤوا بنقد واقعهم السياسي) في حين يلعن الفجر والنهار والزمن كله ، بل أكثر من ذلك واللبيب بالمتابعة يفهم ،ولا يحرك أحد ساكنا .   وعندما يلعن الظلام يهب البعض في وجه المصدر، وكلمتي هي، إلعنوا الظلام لتصنعوا الفجر والضياء والنور.لا تكتفوا بإيقاد الشموع ، فإيقاد الشموع بديل ظرفي، وليس المطمح الأسمى في حد ذاته . وهكذا تدرك بأننا في زمن النور الكهربائي والأرض والسماوات المضيئة، وليس الفوانيس والشموع ، فبين زمننا وزمن المثل الصيني بون شاسع، وجميع الدعوات سارت على نفس الطريق مخترقة حاجز الزمن. وكم هي بئيسة الحياة في القرن 21 عندما يكتفي فيها المرء بالشموع ، ولاسيما في الظروف العادية ، وليست الاستثنائية .    (*) صحافي تونسي   (**) من الفصل السابع لإعلان حقوق الإنسان في فرنسا في 14 سبتمبر 1791م   ( 1 ) كنت سأذكر أمثلة من جرأة الكثير في تاريخنا الإسلامي بدءا من عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مرورا بعهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، وبقية المنارات المضيئة في التاريخ الإسلامي ، حيث كثيرا ما كانت نعال الصعاليك أطول من سيف الاستبداد، (تاريخيا على الأقل ، فنحن ننتصر للضحايا في كل الأحوال، والضحايا هم المنتصرون بعد انتهاء الآجال). ولكن قد يكون ذلك في مناسبة قادمة، أو يقوم بذلك من هو أقدر مني من إخواننا المختصين.  (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 7 فيفري 2008)


أسقف الجزائر يشكو مضايقات يتعرض لها المسيحيون ويعلن ان الجماعات المسلحة اغتالت 10 من الرهبان

 
الجزائر ـ يو بي أي: كشف كبير أساقفة الجزائر، الأب هنري تيسيي، أن الجماعات المسلحة في الجزائر قتلت 10%من الرهبان منذ اندلاع العنف في العام 1992 وقال تيسيي في رسالة وجهها الي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ووزير العدل الطيب بلعيز وهيئات رسمية أخري، يشكو فيها ما وصفها بـمضايقات تمارسها جهات رسمية ضد الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر، وذكر فيها ان ما تتعرض له الكنيسة الكاثوليكية لم تشهده منذ الاستقلال في البلاد، وأن مكتب أساقفة الجزائر ظل مفتوحا ويعمل رغم الظروف الصعبة التي عاشها المسيحيون مطلع ومنتصف التسعينيات، مشيرا إلي أن مكتبه أحصي 10%من الرهبان اغتالتهم الجماعات المسلحة منذ اندلاع العنف بالجزائر، اشهرهم رهبان منطقة تبحيرين في ولاية المدية جنوب العاصمة البلاد الذين اغتيلوا عام 1994. ونقلت صحيفة الخبر امس الأربعاء عن مصدر قالت إنه علي علاقة مباشرة بملف التنصير في الجزائر، قوله ان تيسيي اشتكي الي بوتفليقة ووزير العدل وهيئات رسمية أخري لم تحددها، من تلك المضايقات ومن ادانة راهب بالسجن مع وقف التنفيذ، بتهمة التبشير في أوساط المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين. وذكر تيسيي في رسالته أن تلك المضايقات تشكل في نظر الكنيسة الكاثوليكية مصدر قلق بالنسبة لرجالها ومرتاديها من المسيحيين الجزائريين . وتشير الرسالة المكتوبة بالعربية الي أن الكنيسة ضاقت ذرعا بممارسات لم تشهدها من قبل في الجزائر، جاءت علي خلفية حملة محاربة التبشير الذي لا علاقة للكنيسة الكاثوليكية به . وذكرت الرسالة أن ما تعتبره تضييقا علي الكنيسة، عرف مداه بمحاكمة كاهن في منطقة مغنية علي الحدود مع المغرب بشبهة ممارسة التبشير في أوساط المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، وقد ادانت محكمة الجنح الكاهن قبل اسبوع، بالسجن سنة مع وقف التنفيذ، وتسببت الإدانة في شعور بالتعرض للمطاردة وسط أساقفة الجزائر. ونقلت الصحيفة عن احد الأساقفة قوله لقد أدين الأخ الكاهن بالسجن غير النافذ، فقط لأن ذنبه الوحيد أنه زار مهاجرين كانوا يبيتون تحت الأشجار بالقرب من الحدود الجزائرية المغربية، في حين يعلم الجميع أن هذا النوع من النشاطات يندرج في اطار واجباتنا التي نؤديها منذ 1999 . وذكرت الصحيفة نقلا عن تحريات أمنية أن بعض الرهبان يستغلون فرصة تجمع الأفارقة المهاجرين لتوزيع مطويات ومناشير تروج للمسيحية، وتعدهم بعيش في حياة أخري أفضل مما يبحثون عنه في أرض المهجر التي يقصدونها. الي ذلك، قال رئيس المجلس الإسلامي الأعلي التابع للرئاسة الجزائرية، الدكتور الشيخ بوعمران، ان ظاهرة التنصير في الجزائر أضحت في الآونة الأخيرة سافرة ومتبجحة . وأوضح بوعمران أن هذه الظاهرة في الجزائر أضحت في الآونة الأخيرة جلية في بلادنا أكثر مما كانت عليه ابان الإستعمار الفرنسي حيث عانينا من محاولات التنصير المستمرة ، مشيرا الي ان رواد حملات التنصير الجدد يستغلون الوضع الاجتماعي للناس لتنصيرهم. وقد أقرت الحكومة الجزائرية نهاية العام 2006 قانونا خاصا لمواجهة ظاهرة التنصير وأطلق عليه اسم قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين ، منعت من خلاله استعمال وسائل الإغراء وجمع التبرعات والهبات بغرض استمالة الأشخاص لاعتناق ديانة أخري والتشكيك في عقيدة الجزائريين الإسلامية. كما يمنح القانون القضاء حق طرد الأجانب المخالفين لهذا التشريع من الجزائر بصفة نهائية أو لمدة لا تقل عن عشر سنوات.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)

 


البرلمان التركي يجيز ارتداء الحجاب في الجامعات

 
انقرة (ا ف ب) – اقر البرلمان التركي ليل الاربعاء الخميس تعديلا دستوريا يجيز ارتداء الحجاب في الجامعات وهو موضوع يثير الجدل والانقسام في تركيا البلد الاسلامي الذي يعتمد النظام العلماني. فقد جرت سلسلة عمليات تصويت على تعديلات مقترحة حصلت بشكل واسع على غالبية ثلثي الاصوات المطلوبة لتعديل الدستور. والبند الاساسي في مشروع القانون ينص خصوصا على انه « لا يجوز ان يحرم احد من حقه في التعليم العالي » في تلميح الى الشابات المحجبات. ومن المقرر اجراء جلسة تصويت ثانية السبت لاقرار مجمل التعديل المقترح من حزب العدالة والتنمية الحاكم المنبثق عن التيار الاسلامي وحزب الشعب الجمهوري المعارض القومي. وهذا المشروع اثار موجة عارمة من الاستنكار في اوساط العلمانيين والمعارضة الاشتراكية الديمقراطية التي تعتبر انه ينال من المبادىء العلمانية لتركيا ومن شأنه ان يؤدي الى تشريع ارتداء الحجاب في اماكن عامة اخرى مثل الادارات العامة والمدارس وغيرها الامر الذي لم يكن جائزا حتى الان. وتؤكد حكومة حزب العدالة والتنمية من جهتها الدفاع عن الحرية الفردية للطالبات المسلمات وتعتبر ان هذا التعديل يندرج في اطار عملية انضمام تركيا الى الاتحاد الاوروبي. ويفترض ان يضع التعديل الدستوري حدا للاجتهاد الذي يفرض على الطالبات نزع الحجاب. ويرى المعسكر المتمسك بالعلمانية لا سيما الجيش والقضاء والادارة الجامعية في ارتداء الحجاب رمزا للاسلام السياسي في هذا البلد الذي يعتمد النظام العلماني لكن 99 في المئة من سكانه من المسلمين. وحرص رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على تبديد المخاوف بتأكيده ان المشروع لا يهدف سوى الى السماح « للفتيات بعدم الانتظار امام ابواب الجامعات ». وشدد المسؤولون في حزبه اثناء المحادثات على ان المشروع لا يخرج عن الطابع العلماني للنظام لانه يخفف من التمييز الذي تتعرض له بحسب قولهم الطالبات اللواتي يرتدين الحجاب. يشار الى ان زوجات وفتيات معظم قادة حزب العدالة والتنمية محجبات. ويفترض ان يحظى التعديل ايضا بموافقة رئيس الدولة عبدالله غول المعروف بانه كان من ابرز قادة حزب العدالة والتنمية وبذل مساعي كبيرة من اجل الغاء حظر الحجاب والذي لا تظهر زوجته مطلقا حاسرة الرأس. واعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي يعتبر ان « المشروع يتحدى الجمهورية العلمانية » انه سيلجأ الى المحكمة الدستورية لوقفه بعد ان يصادق غول عليه. وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري كمال اناضول امام النواب « ان الهدف هو النيل من العلمانية ». ويعتبر مناصرو العلمانية ان السماح بارتداء الحجاب في الجامعات قد يؤدي الى اشتداد ضغوط الدينيين على النساء كما يخشون ايضا من ان يدفع « ضغط الشارع » الطالبات غير المحجبات الى تغطية رؤوسهن. واتهمت النائبة نور سرتر التي تنتمي الى حزب الشعب الجمهوري حزب العدالة والتنمية « باستغلال » المشاعر الدينية لمطامح سياسية انتخابية لا سيما اثناء الانتخابات البلدية المرتقبة في العام 2009 بهدف جعل تركيا « دولة اسلامية ». وقالت « ان الحجاب يقسم البلاد (…) ويجعل النساء مواطنات من الدرجة الثانية ». وقد جرت السبت تظاهرة كبيرة في انقرة ضد التعديل الدستوري. كذلك علت اصوات الاحتجاج على المشروع في اوساط عمداء الجامعات. الى ذلك فان المشروع لا يرضي ايضا اوساط المتشددين دينيا لان المعايير التي يعتمدها بشأن نوع الحجاب المسموح به (وهو الحجاب التقليدي المعقود تحت الذقن لا الحجاب الكامل الذي يلف الراس باحكام ويغطي الرقبة) تستبعد النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب الذي حددت مواصفاته.   (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 7 فيفري 2008)    


انقسام وجدل تركيان حول مسألة الحجاب

د. بشير موسي نافع (*)

 

تصدرت الأخبار السارة صدر الصفحات الاقتصادية في صحف الأحد التركية، من ارتفاع حجم الصادرات في كانون الأول (ديسمبر) من هذا العام بنسبة تصل إلي الخمسين بالمائة عنها في الشهر نفسه من العام الماضي، إلي احتلال الشركات التركية 23 موقعاً بين أكبر 100 شركة في العام الإسلامي. ولكن أنباء الازدهار الاقتصادي المتواصل منذ خمسة أعوام ترافقها مظاهر انقسام حاد في الرأي العام التركي، لا تقل عن مظاهر الانقسام الذي شهدته تركيا حول رئاسة الجمهورية في الصيف الماضي، فجرتها هذه المرة مسألة حجاب الطالبات الجامعيات. جدل لا أول له ولا آخر، يصطف في خنادقه الكتاب والصحافيون والسياسيون والأكاديميون الأتراك منذ أعلن رئيس الوزراء الطيب رجب أردوغان عزمه اتخاذ خطوة تشريعية لوضع نهاية لقانون منع الطالبات التركيات اللواتي يرتدين غطاء الرأس (أو الحجاب كما هو شائع) من دخول الحرم الجامعي. ليس ثمة كاتب عمود في الصحف التركية لم يدل بدلوه في هذا الجدل، حزب الشعب الجمهوري يهدد باللجوء إلي المحكمة العليا في حال إقرار البرلمان مشروع القانون الذي تقدم به حزب العدالة والتنمية الحاكم، ورؤساء الجامعات التركية، الذين يتحكم في تعيينهم مجلس التعليم الأعلي ذو التوجه العلماني التقليدي، يهددون بمواجهة البرلمان والحكومة علي السواء، ومظاهرات حاشدة تنظمها الجمعيات والأحزاب العلمانية في كافة مدن الجمهورية.

 

يعود قرار منع الطالبات المحجبات من دخول الحرم الجامعي إلي 1980، عندما لجأت حكومة كنعان إيفرين العسكرية إلي سلطة القانون لمواجهة ما يعرف في تركيا بـ تآكل القيم العلمانية في الحياة العامة. وقد تسبب القرار خلال ربع القرن الأخير في حرمان عشرات ألوف الفتيات من التعليم الجامعي، وهجرة آلاف أخريات إلي الخارج، بينما تجبر أعداد لا تحصي يومياً أمام بوابات الجامعات علي نزع الحجاب، ليعدن إلي ارتدائه بمجرد انتهاء اليوم الدراسي ومغادرة الحرم الجامعي. وبالرغم من أن قرار منع الحجاب ينطبق أيضاً علي طالبات المدارس بكافة مراحلها، وعلي العاملات في القطاع الحكومي، فإن مشروع القانون المعروض علي البرلمان يتعلق بالطالبات الجامعيات فقط، ربما للأثر السلبي البالغ لقرار المنع علي التعليم الجامعي أو لأن حكومة العدالة والتنمية لا ترغب في تقديم المبررات للدوائر التي تتهمها بالعمل علي أسلمة التعليم التركي. المهم، أنه في حين وقف حزب العدالة والتنمية، وكتلته البرلمانية، منفرداً خلال شهور الصراع علي منصب رئاسة الجمهورية (الذي تناول أيضاً حجاب زوجة المرشح للمنصب آنذاك عبد الله غول)، فإن الحكومة تجد سنداً هذه المرة من الحزب القومي وكتلته البرلمانية، مما سيجعل إقرار مشروع القانون أمراً مؤكداً.

 

وكما في الجدل حول الرئاسة، لم تتوان قيادة الجيش عن الإعراب عن موقفها المعارض لمشروع القانون. ولكن معارضة الجيش لخطوة حكومة العدالة والتنمية هذه المرة كانت خافتة وطقوسية أكثر منها تعبيراً عن خلاف حاد مع أردوغان وحكومته، فقد مرت مياه كثيرة في نهر السياسة التركية منذ الصيف الماضي، من الانتصار الانتخابي الكبير لحزب العدالة والتنمية، إلي نجاح غول في احتلال موقع رئاسة الجمهورية وارتفاع معدلات شعبيته في أنحاء البلاد، وصولاً إلي المهارة الملموسة التي أدارت بها الحكومة قضية حزب العمال الكردستاني، التي تحتل رأس أولويات الجيش وقيادته. لم تغير قيادة المؤسسة العسكرية كثيراً من موقفها الداعي للحفاظ علي القيم العلمانية في تفسيرها التركي الفريد، ولكنها تبدو اليوم أقل قدرة علي التدخل في الشأن السياسي، وأكثر رضي عن الطريقة التي تدير بها حكومة العدالة والتنمية شؤون البلاد الكبري.

 

ينقسم جدل الحجاب التركي إلي محورين متعارضين تماماً: الأول، وهو الذي تعبر عنه الدوائر العلمانية التقليدية، ويقول بأن الجمهورية التركية ارتضت منذ ولادتها أن تكون دولة علمانية، وأن الحجاب في صورته الحديثة يعكس موقفاً سياسياً وأيديولوجياً مناهضاً للعلمانية لا مطلباً دينياً، وأن موقف حكومة العدالة والتنمية من المسألة هو في جوهره تجسيد لنزعة إسلامية ـ سياسية مستترة في جسم الحزب الحاكم، تستهدف تحويل تركيا تدريجياً إلي دولة إسلامية. أما الثاني، فهو ما تقول به دوائر ليبرالية ومحافظة علي السواء، ويقول بأن ليس للدولة التدخل في الشأن الشخصي للأفراد، أو أن الحجاب هو اختيار ديني بحت، وأن الخيارات الدينية للأفراد ليست من شأن الدولة، تماماً كما أن السياسات ليست من شأن الدين ومؤسساته. علي المستوي العقلاني المباشر، يعود هذا الانقسام في جذوره إلي التفسير التركي الخاص للعلمانية، والخلاف القديم ـ الجديد حول هذا التفسير. إن كانت العلمانية في نسختها الأوروبية الغربية، بما في ذلك النموذج الفرنسي الأكثر راديكالية، قد ارتبطت بالحريات الليبرالية والتوكيد علي الكينونة الفردية الإنسانية في مواجهة المؤسسة الدينية، فإن النسخة التركية قد تجاهلت الحرية الفردية تماماً، أو جعلت منها قضية ثانوية. وفي حين اتسمت العلمانية الأوروبية الغربية بنزعة براغماتية، لاسيما بعد انتهاء حقبة الثورات الاجتماعية الكبري، فإن العلمانية التركية حملت نزعة أيديولوجية صارمة. وإن دفعت العلمانية الأوروبية الغربية بتيارات اجتماعية كبري، تمثلت في صعود الطبقات الوسطي، فإن العلمانية التركية هي خيار نخبة صغيرة من المدنيين والعسكريين، يربط بين التقدم والحضارة والقيم الغربية الحديثة.

 

المشكلة التي تستبطنها قضية الحجاب أن الجمهورية التركية تخضع منذ ولادتها قبل أكثر من ثمانين عاماً، وحتي قبل سنوات قليلة، لحكم النخبة العلمانية المدنية والعسكرية، وأن عودة هذه القضية إلي صدر الجدل التركي الثقافي والسياسي هي في حقيقتها مؤشر علي إخفاق هذه النخبة في جعل تصورها للتقدم والحضارة تصوراً مقبولاً من عموم الشعب التركي. وتقف إلي جانب هذا الإخفاق الصورة البائسة التي رسبت في الوعي التركي الجمعي لنخبتها الحاكمة؛ فما إن انتهت المرحلة التأسيسية للجمهورية، التي هيمنت عليها شخصية مصطفي كمال وخطاب الوجود والبقاء القوميين، حتي أخذت النخبة الحاكمة في التحلل. أصبحت توجهات التقدم والحضارة مجرد تقليد أعمي لمظاهر الحياة وأنماط السلوك الأوروبية، بدون أن يصاحبها إنجازات ملموسة علي صعيد الرفاه والإنتاج والتنمية، بينما استشري الفساد في أوساط الدولة والحكم، وتصرفت النخبة الحاكمة وكأن تركيا ميراث خاص لها.

والمدهش كان الانكشاف السافر في خطاب هذه النخبة. فمنذ قيام الجمهورية والنخبة الحاكمة تدعي احتكار خطاب التقدم والتغيير، ولكن ما إن واجهت هذه النخبة تحدياً جاداً وملموساً حتي ظهرت في ثوب بالغ المحافظة. في تبرير موقفها من الحجاب والتوكيد علي أن خصومتها مع الإسلام السياسي لا المعتقدات الدينية، تقول الدوائر العلمانية أن المنع هو للحجاب الحديث الذي يرمز لأيديولوجيا سياسية وليس لغطاء الرأس التقليدي للمرأة التركية. وهو تبرير يستبطن في ثناياه رفضاً غير مبرر لحق المرأة التركية الحديثة في ابتكار أنماط حديثة لغطاء الرأس التقليدي.

 

بيد أن ثمة مستوي آخر للنظر في هذا الجدل، مستوي يتعلق بطبيعة الدولة والاجتماع السياسي في تركيا الجمهورية. مؤسسة الدولة الحديثة هي بطبيعتها مؤسسة متعالية، ولكن الدولة التركية الحديثة هي الأكثر تعالياً بين الدول التي نشأت في مطلع القرن العشرين. السبب خلف هذا التعالي ليس سراً؛ فقد ولدت الجمهورية علي يد مجموعة أصدرت حكماً قاطعاً علي الماضي العثماني وعلي المجتمع الذي ورثته من ذلك الماضي. ولكن بخلاف الثورتين الفرنسية والشيوعية، لم تكن الجمهورية نتاج ثورة شعبية؛ بمعني أنها افتقدت التيار والقاعدة الجماهيرية.

 

قوة مصطفي كمال وشرعيته ارتكزتا إلي الانتصارات التي حققها في حرب الاستقلال، ونجاحه الكبير في الحفاظ علي ما تبقي من الدولة العثمانية موحداً وحراً من السيطرة الأجنبية، في وقت كان معظم الجوار قد خضع للاحتلال الإمبريالي. ولكن الأتراك الذين وقفوا مع مصطفي كمال وخلف قيادته، بما في ذلك قطاع كبير من رفاق السلاح في سنوات حرب الاستقلال، لم يجمعهم اتفاق ما علي تصور سياسي ـ اجتماعي واحد للدولة الجديدة، بل ان أكثرهم لم يتصور حتي في لحظات الخيال الجامح أن حرب الاستقلال ستنتهي بتركيا العثمانية إلي ما انتهت إليه. ولذا، فعندما أطلق مصطفي كمال مشروع القطيعة الثوري مع الميراث العثماني، لم يجد تأييداً ملموساً من الشعب التركي، بينما اضطر إلي التخلي عن عدد من أبرز رفاق حرب الاستقلال ممن عارضوا الإجراءات التي اتخذها. مشروع التغيير الانقلابي، المشروع التأسيسي للجمهورية التركية، كان بطبيعته مشروعاً فوقياً، قادته ونفذته وفرضته مؤسسة الدولة بقوة أدوات السيطرة والتحكم والقهر المتاحة للدولة الحديثة.

 

ما نجم عن علاقة الدولة المتعالية بشعبها كان الطابع غير الإجماعي لأغلب القرارات والسياسات الكبري التي تعهدتها الجمهورية؛ بمعني أن هذه القرارات والسياسات مثلت وجهة نظر قطاع اجتماعي محدود، وواجهت مقاومة أو أثارت جدلاً وانقساماً حادين. والحقيقة أن مثل هذه القرارات وضعت في نصوص دستورية أو قانونية، وحملت بالتالي قوة التشريع الدستوري والقانوني وفرضت بسلطة الدولة.

 

في العدد الأكبر من العلمانيات الغربية ليس ثمة قوانين تفرض علي الشعب نمطاً معيناً من اللباس، ولكن مثل هذه القوانين كانت (ولم تزل) أمراً تقليدياً في سلوك الجمهورية التركية منذ ثلاثينات القرن العشرين. ما يترك في بلاد أخري للعرف والثقافة ومتغيرات الذوق والقيم الاجتماعية، هو في تركيا من صميم اختصاص الدستور أو القانون الجنائي. وهو ما جعل الدولة التركية واحدة من أكثر الدول الحديثة نزوعاً للتدخل في حياة الفرد والجماعات والمجتمع ككل. وفوق ذلك كله، ففي حين يفترض النظام العلماني انفصالاً لمجال الدين عن مجال السياسة، واستقلال كل منهما عن الآخر، فقد عملت الدولة التركية علي السيطرة المطلقة والشاملة علي مجال الدين، والدين الإسلامي علي وجه الخصوص. بل إن ميزانية دائرة الشؤون الدينية، التي تتبع رئاسة الوزراء مباشرة، هي ثاني أكبر ميزانيات مؤسسات الدولة بعد ميزانية الدفاع، ليس بهدف وضع الدائرة كلية تحت سيطرة الدولة وحسب، بل أيضاً لتحويل الدين إلي أداة إضافية في يد الدولة. قد يعود بعض من الجدل والانقسام التركيين حول مسألة الحجاب إلي التدافع الذي شاع مؤخراً في المجتمعات الإسلامية بين التيار العلماني والتيار الإسلامي السياسي. ولكنه في جوهره صراع المجتمع ضد دولة تدخلية، وتدخلية إلي حد غير مسبوق في التاريخ الحديث.

 

(*) كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

 

(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)


عندما تتحرك العلمانية المستبدٌّة

د. علي محمد فخرو أي فهم للعلمانية تتبنٌّاه الأقلية العسكرية والأقلية الأتاتوركية في تركيا عندما تطالب بحرمان فتيات من الإلتحاق بمؤسسات التعليم العالي بسبب اختيارهن ارتداء ما يؤمن بأن دينهنٌّ يأمر بارتدائه. وتعلم تلك الأقلية جيداً بأن مثل ذلك الحرمان التعليمي لهؤلاء الفتيات سيعني حرمانهنُّ من فرص حياتية من مثل العمل في وظائف عالية المكانة والقيمة الاقتصادية وبالتالي تقليل فرص الحراك الاجتماعي إلي الأعلي لهن. لسنا هنا معنيٌين بالجوانب الدينيٌة لموضوع مايعرف باللباس الشرعي للمرأة المسلمة، إذ لهذا الحقل المليء بالخلاف فرسانه المادحون وهجاؤوه. لكنٌنا معنُيون هنا بالنظر إلي الموضوع من المنطلقات والزوايا العلمانية نفسها لنري إن كان تبنًي العلمانية يقتضي التضحية بقيمتين أساسيتين هما حقُ الحرية الشخصية ومبدأ تكافؤ الفرص. ذلك أن تلك القيمتين هما اللتان سيسفح دمهما في هذه المعركة السياسية العبثية. بالرغم من معرفتنا بأن العلمانية موضوع بالغ التنوٌع، وأنه يمتٌد من محاولة إبعاد الكنيسة (أو أية مؤسسة منظٌمة للأمور الدينية) عن التحكم في السياسة، مع عدم الاستغناء عن الدين كدين، إلي تخوم المعاداة التامة لأي مظهر للدين في المجتمع بل محاولة إجتثاثه من المجتمع والفرد.. فان الممارسة للعلمانية في المجتمعات الديمقراطية المعتدلة لم تمنع الفرد من ممارسة ما يؤمن به من شعائر دينية. ذلك أن قسماً كبيراً من المنادين بالعلمانية آمنوا أيضاً بالتلازم الوثيق بين العلمانية والديمقراطية، أي بين العلمانية ومنظومة حقوق الإنسان الوضعية الكبري وقيم العدالة والحرية والمساواة والكرامة البشرية. من هنا السؤال الذي يفرض نفسه: هل يؤمن العلمانيون الكماليون الأتراك بعلمانية ديمقراطية أم بعلمانية مستبدة كما كان عليه حال العلمانية تحت الاستبداد النازي والفاشستي أو تحت الحكم الشمولي في الإتحاد السوفييتي السابق؟ وبتعبير آخر هل تريد تركيا أن تظل تدور في حلقات الاستبداد العسكري، المتعاون والمتحالف مع قوي سياسية انتهازية، من أجل فرض مفاهيم علمانية غير ليبرالية ولا عقلانية ولا ديمقراطية، أم أن هذا البلد المسلم يرغب في الانتقال إلي رحاب علمانية لا تسعي إلي إجتثاث الدين من المجتمع وتتعامل مع المواطن الفرد من خلال حقوقه الثابتة في حرية الإعتقاد والتعبير عنه بشتٌي أشكاله (بما فيه ارتداء اللباس الذي يرتئيه طالما أنه لا يخدش الحياء ولا يتعارض مع الأعراف والأذواق العامة) وحقٌه في المساواة بما فيها المساواة في تكافؤ الفرص، ومنها التعليمية، وحقًُه في ممارسة التعددية الدينية والثقافية والسياسية، وحقُه في ممارسة فرديته في الأكل والملبس والعادات التي لا تعادي حرية الآخرين وما استقٌر عليه المجتمع عبر تاريخه الطويل؟ إن خروج مئة ألف من عتاة العلمانية، الضيقة الأفق والمؤدلجة سياسياً حتي النخاع، ضدٌ حق مجموعة مستضعفة من الفتيات، اللواتي علي الأغلب من الأسر الفقيرة، في الالتحاق بالتعليم العالي بسبب ممارستهنٌ لشعائر دينية يؤمنٌ بها ولحرية شخصية تقرٌ بحمايتها كل المواثيق والدساتير والأديان السماوية والإيديولوجيات الديمقراطية. إن هذه المظاهرة هي ظالمة وقاهرة للحريات. وهي لا تنتمي للحراك الليبرالي الذي تدٌعيه ولا حتي للفهم المعتدل العقلاني للعلمانية الذي عادت مجتمعات أوروبا وأمريكا لممارسته بواقعية وتسامح. وبدلاً من رفع لافتات الخوف علي علمانيتهم، التي ترفض التعايش مع الآخرين، فان الإنصاف يستدعي رفع لافتات الندٌم والاعتذار للألوف المؤلفة من فتيات تركيا اللواتي حرمن عبر السنين الطويلة من حقُهن في تكافؤ الفرص التعليمية بسبب التحٌيز المفجع ضد غطاء رمزي أرادت فتيات بريئات أن يضعنه فوق رؤوسهنٌ. أن لا تلبس العلمانيات هذا اللباس فهذا من حقُهن، اما أن يمارسن هنٌّ والعلمانيون من الرجال الابتزاز القانوني وليُّ الأذرع البيروقراطية علي من يخالفوهنٌ الرأي فهذا ليس من الشيمة ولا الإنسانية، وهو رجوع إلي ممارسة ما رفضته العلمانية التنويرية الأوروبية منذ قرنين.
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 7 فيفري 2008)

 


Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.