Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2236 du 06.07.2006
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: بـــيان مساندة
الحسين بن عمر: بـلاغ العربية.نت: تونسي يعرض شهاداته العليا للبيع بمبالغ زهيدة أمام تمثال « ابن خلدون »
البديـل عاجل:اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين، نضال يومي من أجل خبز يومي رويترز: سُـوق الـعمل الـتّونـسي يُـــراوغ الـخـرّيـجـيـن الـمُـحـبـطـيـن رويترز:الاستثمارات الاجنبية في تونس تنمو الى 275 مليون دولار في خمسة اشهر « الموقف »: عمال فنطازيا يتضورون جوعا « الموقف »: التجارة الموازية: تهريب أم حركة تحت أعين الرقيب الشروق: سفير فرنسا بتونس:لا نرفض منح التأشيرات للمترشحين بالجامعات الفرنسية عبدالله الزواري: حوارات وراء القضبان عبدالله الزواري: حوار مع أحمد الذهيبي الهادي بريك:الاسم المستعار بين الحاجة والشغب صـابــر: لطالما كان الإسلام..فى مرمى سهام السلطة التونسية صــابر التونسي: المونديال والحصاد المرّ الصباح:المفكر حسن حنفي في منتدى الجاحظ العرب في حاجة ملحّة إلى نظرية في التحرّر الشروق::بمبادرة من تونس: جلسة طارئة لمجلس حقوق الانسان لبحث العدوان الاسرائيلي الشروق::عشرات السيارات تجوب قرى ومدن الجنوب تحت مسميات غريبة وشركات وهمية! الحياة :مؤتمر مغاربي عن انفلونزا الطيور يُظهر تقصيراً اقليمياً في الوقاية\ قدس برس إنترناشيونال :قانون انتخابات 2007 يثير جدلاً واسعاً في المغرب .. وكالة قدس برس:العدل والإحسان تنقل معركتها مع النظام الملكي إلى أوربا لمواجهة عزلتها الداخلية .. وكالة المغرب العربي للأنباء:حقوقيون مغاربيون: مكافحة ظاهرة الإرهاب يجب أن تسير بشكل ملائم ومنسجم مع احترام حقوق الإنسان القدس العربي:خبراء وحقوقيون مغاربيون يبحثون الحرب على الإرهاب في بلدانهم ومدي تطابقها مع احترام حقوق الانسان رويترز::المغرب: آلاف المهاجرين غير الشرعيين على أبواب أوروبا موقع إسلام أون لاين: »الأوربي للإفتاء » يناقش علاقة الشورى والديمقراطية خميس الخياطي: السعادة وفوهة التحجر في الفضاء الخانق عادل الحامدي:الجملوكيات العربية تخلف نفسها: اليمن نموذجا د. بشير موسي نافع:كيف تنظر القيادة الإسرائيلية للفلسطينيين في الضفة والقطاع؟ حلمي النمنم :غطاء الرأس للفتيات والماكياچ للفتيان!
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
بـــيان مساندة
تونس في 5 / 07/ 2006
لم يعد يخفى على أحد ما أصبحت تمثله مناظرة الكاباس لخريجي الجامعات التونسية فهي المناظرة التي تخضع لمعيار « الكفاءة » والتي على أساسها يتحدد مستقبل آلاف المتخرجين حاملي شهادات الأستاذية، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المناظرة والتي فرضتها السلطة بالقوة كعادتها والتي باشرت العمل بها منذ 1998 أثبتت فشلها على كل المستويات فهي من ناحية تشكيك في القدرة العلمية للشهادات المسندة للخريجين بما أن شعارها الكفاءة ومن ناحية ثانية عجزت أن تكون الحل لبطالة أصحاب الشهادات لما تخضع له هذه المناظرة من مقاييس:
ففي ظل الفساد(الرشوة والمحسوبية والو لاءات…..) أصبحت مناظرة الكاباس هاجس كبير يعاني منه أبناء الجماهير الكادحة والمفقرة والغير قادرة على إرضاء مطامع وشهوات المسئولين وأعضاء لجان الإصلاح بكل الإدارات حيث يخضع الانتداب للوظيفة العمومية لمنطق « شكون يزيد » وأصبحت على أساسه مناظرة الكاباس بتة أو « مزاد لا علني » يتمعش منه أصحاب النفوس الضعيفة والمريضة الذين آثروا الثراء بكل الطرق على حساب أحلام المعطلين عن العمل والحياة. أما المنطق الثاني والذي تخضع له هذه المناظرة فهو منطق الولاء والطاعة وتحت شعار من ليس معنا فهو ضدنا غدا الفرز الأمني في هذه المناظرات، الآلية المتبعة لإخضاع الأحرار والمناضلين من نقابيين وسياسيين عبر تجويعهم وإقصاءهم من الحياة النقابية والسياسية بالبلاد وهذه الآلية لم تكن غريبة عن نظام كان ولا يزال مقياس المواطنة لديه إعلان الولاء والطاعة لكل ما يتبناه.
وآخر مهزلة(مجزرة) ارتكبتها وزارة التربية والتكوين في حق أبناء الوطن إسقاطها عمدا لعدد من الأساتذة في شفاهي دورة الكاباس 2005 _2006 وقد شاءت « الصدف والأقدار » أن يكون كل الأساتذة المقصيين من هذه الدورة، كل من عرفوا بأنشطتهم النقابية والسياسية في الإتحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابية ويجدر التذكير أن هذا الأسلوب ليس إلا مواصلة السلطة انتهاج سياسة التصفية والتجويع لتركيع الجماهير وتفريغ الجامعة التونسية من كل نفس نضالي عبر توجيه رسالة واضحة وهي أن نهاية كل من يتطاول على هيبتها الموهومة مصيره الجوع والموت على عتبات المساجد والأرصفة.
وعليه يعلن إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل:
o مساندته اللامشروطة لكل الأساتذة المقصيين من هذه الدورة وغيرها ويدعوهم لتوحيد الصفوف لوحدة المطلب ومن أجل حق الجميع في العمل والحياة.
o رفضه لسياسة الفرز الذي تتبناها السلطة ومواصلته النضال بكل الطرق من أجل انتزاع الحقوق لا استجداءها.
o حق الأساتذة المقصيين وحق كل المعطلين الذين اجتازوا المناظرات من كشوفات الأعداد للتثبت من مصداقية النتائج المعلنة
o نضاله من أجل إلغاء مناظرة الكاباس بعد أن أثبتت فشلها وأصبحت سيفا مسلطا على رقاب أبناء الجماهير الكادحة المفقرة
o تجديد دعوته لكل المعطلين عن العمل واللجان الجهوية للالتحاق بالإتحاد لتوحيد الصفوف ذلك لوحدة المطلب »الحق في الحياة » وتحت شعار حق الشغل قبل كل الحقوق.
التنسيقية المؤقتة لإتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل
فلة الرياحي 21591905
الحسن رحيمي 21918197
سالم العياري 97433958
الشريف خرايفي 20850131
بسم الله الرحمان الرّحـــــــــــيم
بـلاغ
أقدمت عناصر من البوليس السياسي على اقتيادي عنوة إلى منطقة الأمن باب بحر أين تمّ الاحتفاظ بي طيلة 8 ساعات حتى إخلاء سبيلي في حدود الساعة التاسعة مساء. وذلك عندما التجأت في منتصف نهار اليوم الثلاثاء 5 جويلية 2006 إلى عرض مجموع شهائدي الجامعية للبيع بساحة الاستقلال أمام نصب العلاّمة ابن خلدون بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.
وكان ذلك منّي نتاجا لانسداد الأفق وحالة اللامبالاة التي قوبلت بها جميع مطالبي إلى الجهات المعنيّة بملفّ إقصائي عمدا من قائمة الناجحين النهائية في مناظرة الكاباس (دورة 2005/2006)، ورسائلي المفتوحة إلى رئيس الجمهورية.
وقد جرّوني من ساحة الاستقلال حتى منطقة الأمن أين طُلب منّي الإمضاء على محضر يتضمّن التزامي بعدم العودة إلى « التشويش والإخلال بالنظام العام » فامتنعت عن ذلك. ولذلك يهمني التأكيد مجددا:
– أنّ الشارع بات الفضاء الأنسب لقضيّتي بعد أن أوصدت في وجهي كلّ الأبواب الرسمية.
– أنّ تهديداتهم التي بلغت حدّ التلويح بالقتل في صورة العودة إلى الاحتجاج في شارع الحبيب بورقيبة لن تثنيني عن مواصلة نضالي المشروع من أجل إلغاء الاستثناء في حقّي.
– إنّي بعد كلّ ما تعرضت له أؤكّد تمسّكي بنيل مطالبي المشروعة المتمثلة في الإقرار بنجاحي في المناظرة المذكورة.
الحسين بن عمر
الهاتف: 216.95828156
بسبب البطالة.. وكونها لم تعد لها قيمة
تونسي يعرض شهاداته العليا للبيع بمبالغ زهيدة أمام تمثال « ابن خلدون »
تونس – سليم بوخذير لم يدر بخلد الحسين بن عمر حين واصل مشوار تعليمه إلى الجامعة ثم الدراسات فوق الجامعية أن ينتهي به المطاف عارضا شهاداته للبيع أمام تمثال إبن خلدون. وبدا الأمر بالنسبة للمارة في ساحة الاستقلال وسط العاصمة التونسية الأربعاء 6-7-2006 وكأنه « مسرحية » في الكوميديا السوداء، فقد وقف بن عمر (30 عاما) أمام تمثال إبن خلدون ليعرض شهادتي البكالريوس والماجستير للبيع مقابل 5 دنانير للواحدة. وأثار تصرف بن عمر، الناشط في إتحاد الطلاب التونسي انتباه المارة الذين تجمعوا حوله وهو يرفع لافتات مكتوب عليها « لا لبطالة أصحاب الشهادات »، و »ا للحرمان من حق العمل بسبب العمل النقابي ». وقال بن عمر للمارة « لم يعد لهذه الشهادات أي قيمة لدي بعد أن حرمت من حق العمل لسنوات ». وكان هذا الناشط قد حصل على البكالوريوس في الإعلام في 2001، ثم الماجستير في نظم الاتصالات والشبكات في 2003، لكنه لم يتمكن من الحصول على عمل. وبعد زهاء 15 دقيقة على التجمع الصغير الذي شكله في ساحة الاستقلال، اقتاده رجال الأمن بحسب شهود عيان إلى المخفر. وأبلغ لطفي الحيدوري عضو المجلس التونسي للدفاع عن الحريات « العربية.نت » أن هذا الناشط تم إعتقاله وهو « رهن الإيقاف الآن بمخافر وزارة الداخلية ». وتعرف تونس منذ 10 سنوات ارتفاعا في معدلات البطالة بين حاملي الشهادات العليا حسب آخر الإحصائيات. وكانت البلاد شهدت العام الماضي تأسيس إتحاد نقابي لأصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل، للدفاع عن حقوقهم. (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 6 جويلية 2006) وصلة الموضوع وتعليقات القراء عليه: http://www.alarabiya.net/Articles/2006/07/06/25428.htm
مراسلة عاجلة (وردت علينا مساء 5 جويلية 2006)
تم اليوم (الأربعاء 5 جويلية 2006) ايقاف السيد الحسين بن عمر متحصل على الأستاذية في الإعلامية وشهادة الدراسات العليا المتخصصة في نظم الإتصالات والشبكات.وذلك بعد ان قام اليوم ومع منتصف النهار بتوزيع الرسالة المفتوحة (المصاحبة) (*) الى رئيس الجمهورية كما قام في خطوة رمزية ومعبرة بعرض شهائده للبيع تحت عنوان: أبيع شهائدي من أجل أن أقتات. وقد قام السيد بن عمر بهذا التحرك وسط العاصمة بقرب تمثال ابن خلدون وذلك بحضور عدد من وسائل الاعلام ووكالة أ.ف.ب للاعلام.فما كان من اعوان البوليس السياسي الا ان قاموا بحجز عدد من آلات التصوير ثم انهالوا على السيد بن عمر ضربا ووقع جره الى مركز باب البحر للامن حيث ما يزال محتجزا الى حدود الساعة 21 من مساء اليوم الاربعاء 5/7/06 ويشتكي السيد بن عمر من عملية اقصاء واستثنائه من قائمة الناجحين نهائيا في مناظرة » الكفاءة في الأستاذية » دورة ديسمبر 2005
اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين، نضال يومي من أجل خبز يومي
أصدر »اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل » في بداية شهر جويلية العدد 1 من نشريته « أصحاب الحق »، نقتطف منها ملخصا لأهم النضالات التي نظموها منذ يوم 25 ماي 2006، والتي احتواها مقال بالصفحات 3/4 تحت عنوان. اتحاد اصحاب الشهادات المعطلين، نضال يومي من أجل خبز يومي، – 25 ماي 2006: اصدار البيان التأسيسي وتوزيعه على المعطلين والجهات وبعض مكونات الحركة الديمقراطية في تونس – 26 ماي 2006: تقديم مراسلة ملحقة بقوائم اسمية بأصحاب الشهادات المعطلين لوزارة التربية والتكوين رغم رفض الادارة الاعتراف بالاتحاد. – 27 ماي 2006: تمكن أعضاء الاتحاد من قديم مراسلة مراسلة باسم وزير التشغيل بعد اعتصام دام ساعة امام مدخل الوزارة رغم التواجد الامني المكثف امام وزارة التشغيل. – 30 ماي 2006: مقابلة احد مسؤولي وزارة التشغيل ولاادماج المهني لمراجعة ومناقشة المطالب والملفات التي قدمت سابقا. – 30 ماي 2006: تقديم مراسلة باسم وزير التعليم العالي تتناول وضعيات عدد من المعطلين عن العملالذين قدموا ملفاتهم للاتحاد. – 01 جوان 2006: اغلاق وزارة التربية والنكوين في وجه اعضاء الاتحاد والمواطنين واستدعاء قوات البوليس وعليه قررت الهيئة التأسيسية وأعضاء الاتحاد الحاضرين الاعتصام امام المدخل الرئيسي للوزارة بعد اعتداء موظفي الادارة والبوليس على الرفيق سالم العياري ومطالبتهم بمقابلة المسؤولين. وقد رضخت الوزارة لمطلبهم ووافقت على تحديد موعد لمقابلة أعضاء الهيئة.
– 05 جوان 2006: اعتقال 14 عضوا من امام وزارة التعليم العالي واقتيادهم الى منطقة البوليس حيث ساومتهم الوزارة بين الامضاء على التزام بترك النشاط داخل الاتحاد والعمل وبعد تمسكهم بالاتحاد ورفضهم التوقيع تم اطلاق سراحهم ومواصلة اعتقال الرفيق سالم العياري ومقايضته بين العمل وحل الاتحاد قامت المجموعة التي اطلق سراحها وبمساندة بعض الحساسيات النقابية والسياسية بالاعتصام داخل المنطقة من اجل اطلاق سراحه وبعد تأكدهم من استماتته في عدم التوقيع على وثيقتهم تم اطلاق سراحه بعد ثمان ساعات من الاعتقال مع تهديده بسجن الجميع لنشاطهم داخل منظمة غير معترف بها.
– 07 جوان 2006: تجمع أعضاء الاتحاد بساحة محمد علي لمساندة اضراب المعلمين وتوزيع بيان مساندة على الحضور كما قام بعض أعضاء الاتحاد برفع لافتة تحمل اسم الاتحاد وشعار « حق العمل قبل كل الحقوق ».
– 08 جوان 2006: تدخل البوليس بالقوة لفض الاعتصام الذي اعلنه أعضاء الاتحاد بعد تنصل مسؤولي وزارة التربية من الموعد المتفق عليه بتاريخ 01 جوان 2006.
– اعتصام بثلاث ساعات، تدخل البوليس لتعليقه بالقوة من امام مقر الادارة الجهوية للتعليم حيث اعتدى البوليس على أغلب اعضاء الاتحاد بعد تنظيمهم لمسيرة حاملين شهاداتهم الجامعية فوق رؤوسهم والتي افتكها البوليس ومزقها. 20 جوان 2006: تدخل البوليس واعتدائه بالقوة المفرطة على أعضاء الاتحاد لمنعهم من الدخول لوزارة التربية والتكوين واعتداءه بالعنف اللفظي والجسدي على الرفيقة فلة الرياحي. – 26 جوان 2006: المشاركة في الحركة الاحتجاجية التي دعت اليها نقابة التعليم الثانوي من اجل الدفاع عن حقوق المربين، مع المشاركة في المسيرة وتم توزيع بيان مساندة. – 27 جوان 2006: توجهت التنسيقية الوطنية المؤقتة بمراسلة الى كل من وزارة الفلاحة والتنمية المائية ووزارة التجهيز من اجل حل ملفات التشغيل الراجعة اليها بالنظر، وتم الحصول على وصل استلام من كلا الوزارتين. (المصدر: « البديـل عاجل »، قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي بتاريخ 6 جويلية 2006)
سُـوق الـعـمـل الـتّـونـسـي يُـــراوغ الـخـرّيـجـيـن الـمُـحـبـطـيـن
من سنية ونيسي تونس (رويترز) – لا يجد كريم بن منصور اثناء تصفحه لاعلانات الوظائف باحدى وكالات التوظيف اي وظيفة يمكنه من خلالها ان يستغل الدرجة التي حصل عليها في الاقتصاد. وتبدو علامات الكآبة على بن منصور وهو يتصفح اعلانات الاعمال البسيطة. وتنهد قائلا « حقيقى أنا أشعر بالخيبة. هذه الحالة تقلقني والمستقبل يخيفني. الوقت يمر بسرعة وأنا ما زلت عالقا. طرقت جميع الابواب الممكنة للحصول على عمل لكن دون جدوي. » وتتكرر هذه القصة في جميع انحاء شمال افريقيا والعالم الثالث. فالخريجون الذين يضحون بالكثير لاستكمال التعليم الباهظ التكاليف سرعان ما يكتشفون ان سوق العمل ليس به وظائف تناسب مهاراتهم التي اكتسبوها وفي بعض الاحيان لا يكون به اي وظائف على الاطلاق. ويلجأ الكثيرون الى الاعمال البسيطة كمورد رزق اما في بلدانهم او كمهاجرين الى الدول الغنية. وتقدر منظمة الهجرة الدولية ان نحو 20 الفا من اصحاب المهارات المهنية بينهم اطباء وممرضون ومهندسون ومحاسبون ومديرون ومعلمون يغادرون افريقيا كل عام مما يؤدي الى حرمان القارة من الخبرات والمواهب. ويقول البنك الدولي ان عدد التحويلات من الخارج المسجلة رسميا تضاعف على مدى العقد الماضي ليصل الى 232 مليار دولار عام 2005 منها 167 مليارا تذهب الى الدول النامية. وعادة ما يكتشف المهاجرون الافارقة ان مواهبهم لا تستغل في الدول التي يهاجرون اليها بسبب اختلاف انظمة التعليم وقواعد منح تصاريح للعمل. ففي لندن تعمل روضة فرجاني (27 عاما) وهي تونسية حاصلة على درجة في الادب الانجليزي كمساعدة مبيعات في احد المتاجر وقبل ذلك كانت تغسل الصحون في احد المطاعم. وتقول « هذا العمل ليس واعدا لكني أربح مالا لا يمكن أن يتوفر في بلدي حيث فرص العمل نادرة يوما بعد يوم. أنا متأكدة أنني سأحصل على شغل أحسن بمرور الوقت . » وعملت تونس جاهدة كي توفر الوظائف لمواطنيها. وتفوقت الدولة التي كانت تعتمد على الزراعة على جيرانها بتطوير صناعات مثل الاقمشة وتجميع قطع السيارات وتصنيع المواد الغذائية واجتذاب ملايين السياح الى شواطئها. كما انها تطور صناعات خارجية مثل مراكز الاتصالات التي تخدم المتحدثين بالفرنسية. ويفضل المستثمرون تونس بسبب استقرارها السياسي ورخص تكاليف التشغيل فيها وزيادة عدد الشبان الذين تلقوا تعليما جيدا ويتوقون للحصول على وظائف. وتتوقع تونس ان ينمو اقتصادها بنسبة 5.7 في المئة هذا العام مقارنة مع المتوسط الذي حققته على مدى الاعوام العشرة الماضية وهو خمسة في المئة. ويقول مراقبون ان الدولة المطلة على البحر المتوسط والتي يسكنها عشرة ملايين نسمة تبذل اقصى ما في وسعها لاجتذاب المستثمرين الاجانب الى قطاع الخدمات وتقنية المعلومات بسرعة حتى يتسنى لها تحقيق النمو الاقتصادي الذي تحتاجه لتلبية الطلب على الوظائف. ويشكل الخريجون شريحة كبيرة من 80 الف شاب يدخلون سوق العمل كل عام. ويقول كريم وهو واحد من 40700 خريج يبحث عن عمل مقارنة مع 6300 قبل نحو عقد « ندرس اليوم لنكون عاطلين عن العمل غدا. » وتقول السلطات ان الاقتصاد بحاجة لمزيد من الاشخاص من اصحاب الخبرة في مجال تقنية المعلومات التي يعتقد على نطاق واسع انها محرك النمو في المستقبل. ووفقا للبيانات الرسمية لعام 2005 فلا يتلقى سوى عشرة في المئة من الطلاب دورات تدريبية في تقنية المعلومات فيما يشكل الحاصلون على درجات في مجال تقنيات المعلومات نحو نصف الباحثين عن وظائف. ويقول محمد الفريوي وهو محلل اكاديمي « اذا الدولة لا تستطيع استيعاب كل طلبات الشغل فيجب عليها اصلاح النظام التعليمي لتخلق كفاءات قادرة على تلبية حاجيات الاسواق الجديدة. » وبلغ معدل البطالة الرسمي 13.9 في المئة وتقول السلطات ان تحقيق النمو الاقتصادي بشكل اسرع سيساعد على تراجع هذا المعدل الى 10.3 في المئة بحلول عام 2016. وقال رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي ان تونس تريد تحقيق نمو اقتصادي سنوي نسبته 6.3 في المئة على مدى العقد المقبل لانها هذا ضروري للغاية لخفض معدل البطالة. كما تريد خلق 100 الف فرصة عمل سنويا من عام 2007 حتى عام 2016 ومن بين الاساليب التي ستسعى بها لتحقيق ذلك توسيع دور القطاع الخاص لزيادة النمو. كما تعتزم الحكومة انفاق 70.5 مليون دينار (53 مليون دولار) هذا العام على تدريب الخريجين للحصول على وظائف. لكن منتقدين يخشون من ان يؤدي هذا المشروع الى التشجيع على اختيار وظائف غير ملائمة كأن يصبح خريجو الحقوق مزارعين. ويقول الفريوي انه اذا استمرت المشكلة فان العمل في الخارج لا يزال على الاقل وسيلة للتخفيف من وطأة البطالة. واضاف « اذا لم يتوفر أوكسجين في نفس البيت فمن الأفضل فتح منافذ أخرى للبقاء على قيد الحياة. » (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 6 جويلية 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الاستثمارات الاجنبية في تونس تنمو الى 275 مليون دولار في خمسة اشهر
تونس (رويترز) –أظهرت أحدث الارقام الرسمية أن الاستثمارات الاجنبية في تونس انتعشت خلال الاشهر الخمسة الاولى من هذا العام بشكل ملحوظ محققة زيادة بنسبة 15.8 مقارنة الفترة نفسها من العام الماضي. وذكر تقرير اقتصادي نشر يوم الاربعاء ان الاستثمارات زادت خلال هذه الفترة من العام الى 359 مليون دينار (275 مليون دولار امريكي). وتأتي هذه الانتعاشة لتؤكد توقعات الحكومة التونسية باستقطاب استثمارات بقيمة تتجاوز 1.2 مليار دينار (920 مليون دولار) حتى نهاية العام لاول مرة. وأوضحت البيانات أن الزيادة في الاستثمارات الاجنبية تعزى بالدرجة الاولى الى الانتعاشة التي حققها قطاع الطاقة الذي بلغت استثماراته قرابة 175 مليون دينار (133 مليون دولار) اي بزيادة تجاوزت 39 بالمئة. واشارت الى زيادة استثمارات القطاع السياحي الى 12.3 مليون دينار (9.4 مليون دولار). وكشف التقرير أيضا عن تراجع في قيمة استثمارات قطاع الصناعات الميكانيكية بنسبة 59 بالمئة الى 9.7 مليون دينار (7.42 مليون دولار). (الدولار يساوي 1.307 دينار تونسي) (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 5 جويلية 2006)
تعثر مفاوضات الصحة
أفادنا السيد زهير نصري عضو الجامعة العامة للصحة ومسؤول العلاقات الدولية والخارجية فيها أن الجامعة بدأت مجموعة من الجلسات لتأهيل قطاع الصحة. وشدد على ان الجلسات شهدت تقدما نسبيا في نقطتين فقط هما مجانية العلاج والترفيع في عدد الترقيات السنوية. أما أهم النقاط التي لا زالت المفاوضات بشأنها معطلة فهي سحب الفصل 2 من الوظيفة العمومية على أعوان الصحة، وهو ما يسمح لهذا القطاع بسن قانون أساسي خاص به. كما يبقى أيضا التعطل السمة المميزة للمفاوضات الخاصة بالترفيع في المنحة الخصوصية وحركة النقل الدورية وغيرها. (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 366 بتاريخ 30 جوان 2006)
عمال فنطازيا يتضورون جوعا
محمد الحمروني نظم أواسط هذا الأسبوع عمال شركة فنطازيا المعتصمين والمضربين عن الطعام تظاهرة أمام مغازة بريماكس بشارع باريس بتونس العاصمة. ورفع العمال شعارات منددة بلامبالاة الجهات المسؤولة تجاه وضعيتهم، وتؤكد تمسكهم بمطالبهم و حقوقهم وحقوق عائلاتهم، ومن تلك الشعارات: الحكومة التونسية ….ويني الديمقراطية الرشوة والمحسوبية …..والقضية هي هي طالبين حقوقنا…..طالبين حقوقنا. وتجمع العشرات منهم أمام المغازة حيث طوقتهم أعداد من الشرطة بالزي الرسمي والمدني ومنعت المواطنين، الذين كانوا يتساءلون عما يجري، من التجمع حولهم أو الاقتراب منهم كما قامت بمنع السيارات من التوقف بالمكان. ويأتي خروج عمال فنطازيا إلى الشارع بعد أكثر من شهر على دخولهم في اعتصام للمطالبة بالتعويضات التي اقرها حكم قضائي صدر على اثر اعلان صاحب الشركة عن فلستها. وقالت إحدى العاملات لجريدة « الموقف » » هناك إصرار من المسؤولين على عدم الاستجابة لمطالبنا ولذلك حولنا اعتصامنا إلى إضراب عن الطعام شارك فيه عدد من المرضى والحوامل ». وتابعت » هذا الاعتصام هو الثالث منذ إعلان الشركة عن إفلاسها وهو ما يؤكد أن الإدارة لا تفكر فينا ولا في حقوقنا حتى وان كانت تلك الحقوق منصوص عليها بحكم قضائي ». ويستغرب العمال استقالة جميع الأطراف من سلطة واتحاد شغل بما في ذلك الاتحاد الجهوي بتونس الذين نسوا أو هم يريدوا أن يتناسوا قضية عمال فنطازيا. ويتساءل العمال الآن عن الحل لقضيتهم: هل عليهم أن ينتظروا إلى أن يموتوا جوعا حتى تلتف السلط المحلية والجهوية إلى وضعيتهم؟ وهل يعقل ان يكون مصير الأحكام القضائية اللامبالاة في بلد كثيرا ما تباهى بسيادة القضاء واحترام القانون؟ وفي الأخير يهيب العمال بمنظمات المجتمع المدني وأحزابه وجمعياته أن تهب الى مساندتهم ولم لا الدخول في اعتصام تضامني معهم حتى ترفع هذه المظلمة وتعود الحقوق الى اصحابها . (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 366 بتاريخ 30 جوان 2006)
التجارة الموازية: تهريب أم حركة تحت أعين الرقيب
محمد الحمروني منذ أربعة أشهر تقريبا تحدث السيد وزير المالية عن ظاهرة التجارة الموازية، وقال حينها بالحرف » إن هياكل وزارة المالية ليست الآن في مرحلة التفكير لمكافحة هذه الظاهرة وإنما دخلت فعليا في مرحلة تجسيم خطة مجابهتها وتطويقها والحد من انعكاساتها ». ورغم أن كلام الوزير كان واضحا في الإشارة بان السلطة ممثلة في وزارة المالية ستقوم بحملة واسعة تضبط من خلالها منافذ عبور الأطنان من السلع المهربة إلى بلادنا، إلا أن عددا من المراقبين شككوا حينها في إمكانية نجاح الوزارة في هذا المسعى، لسبب بسيط وهو تأكدهم من أن التجارة الموازية في تونس ليست مرتبطة لا بقضايا التهريب عبر الحدود لبعض السلع، كما أنها ليست مرتبط بتجارة « الشنطة » كما هو الحال بالنسبة للأشقاء الجزائريين، بل هي شبكة تجارية كاملة لا يمكن بأي حال أن تتم في غفلة من الإدارة. فحجم السلع التي يتم إدخالها وتداولها في طول البلاد وعرضها وفي أسواق معلومة للعموم لا يمكن أن يكون مصدرها بعض عمليات التهريب، فهل يعقل أن ما يباع الآن في نهج سيدي بومنديل وسوق المنصف باي وأسواق ليبيا المنتشرة في كل مكان هي سلع مهربة؟ وإذا كانت مهربة هل يعقل أن لا تكتشفها مختلف مصالح المراقبة؟
الوزير أكد في نفس المناسبة على انه تم سنة 2005 حجز 358 ألف متر قماش( ما يغطي المسافة الفاصلة بين تونس وصفاقس) و 146 طن من الملابس المستعملة و 1.2 مليون قطعة ملابس جاهزة و 146 ألف حذاء رياضي و 47 الف حذاء عادي و 7 آلاف إطار عجلات و4000 بارابول. هذا ما تم حجزه وهذا ما تم الإعلان عنه، فماذا عن البضاعة التي لم تحجز وماذا عن البضاعة المعروضة في الأسواق بعد أن تم » تبييضها » الأكيد أن الأرقام ستكون خيالية والأحجام اكبر من أن يقع تصديق دعوى دخولها خلسة إلى البلاد. ولان حجم الظاهرة كان اكبر من توقعات الجهات المختصة بوزارة المالية تم بعد شهر من تصريحات الوزير أي في أواسط شهر ماي الماضي الإعلان عمّا سمي حينها بـ « تكتيك جديد » وهو عبارة عن خطة « لوضع المخالفين تحت المجهر وفضح أنماط التلاعب بتصاريح دخول البضائع والمسالك السوداء والمخازن المشبوهة » وتشترك في تنفيذ هذه الخطة خمس وزارات هي على التوالي الداخلية والتجارة والمالية والصحة والصناعة. وتأتي هذه الإجراءات استكمالا لترسانة القرارات والخطط التي أعلنت عنها مختلف الجهات الرسمية بالبلاد ومنها الخطة الوطنية لسنة 2000 التي عرفت بخطة « تجفيف المنابع » وشملت تشديد الرقابة المسبقة على نقاط العبور بتركيز آلات « السكانار » وتشديد الرقابة على البضائع العابرة للتراب التونسي…كما شملت إجراءات قانونية تمثلت في تنقيح قانون سنة 2001 المتعلق بحماية العلامات التجارية .
أردنا أن نستعرض وان بشيء من الإسهاب مختلف ما أعلنت عنه المصالح المعنية من قرارات وإجراءات تم التهليل والتكبير لها في حينه لنؤكد على أن قضية التجارة الموازية التي تنخر جسم الاقتصاد الوطني لا تحلّ بالمزيد من الخطط والإعلان دوريا عن إجراءات جديدة بل بتوفر إرادة سياسية للضرب على الأيادي التي تدير هذه التجارة وهي أياد متنفذة بشكل كبير. وهذا ما وافقنا عليه أحد أصحاب المغازات الذي قال للموقف » التجارة الموازية الان اصبحت تجارة منظمة وعلنية حتى وان أنكرت الجهات المختصة ذلك » واضاف » هناك الآن مورّدون يقومون على جلب هذه السلع من دول المصدر وإدخالها إلى البلاد ثم يقوم تجار الجملة، بعد ان يتم « تبييضها » بتوزيعه على نقاط البيع ». وشرح هذا التاجر كيفية « تبييض » هذه السلع أي ادماجها في دورة التداول العادية للسلع فقال « بعد ان يتم ادخال هذه السلع الى البلاد باشكال مختلفة يقوم البعض من تجار الجملة، المنخرطين في هذه العملية، باقتناء تلك السلع ووضعها في مخازنهم، وهي مخازن لا شبهة عليها، ويتم دمج السلع المهربة مع السلع الموردة بشكل قانوني ثم يتم بيعها » ولمزيد من التوضيح قال » اعرف من هؤلاء التجار من يورد 1000 حذاء رياضي وبنفس وثائق التوريد تلك يقوم بتسريب ملايين الاحذية الرياضية الى السوق وعندما يطالب بالوثائق التى تثبت صحة عملية التوريد يستظهر في كل مرة بالوثائق التى ورد بها الاحذية بشكل قانوني » هذه واحدة من أشكال التحايل على القانون وهي طريقة يعتمدها عادة التجار الغير مسنودين بشكل كبير. أما أصحاب النفوذ القوي فانهم يقومون بعمليات البيع و التوريد دونما سؤال او مراقبة ولا أحد يجرأ على الاقتراب من مخازنهم المعروفة جيدا لصغار التجار وباعة التفصيل فكيف عن أعين الرقيب. (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 366 بتاريخ 30 جوان 2006)
سفير فرنسا بتونس:
لا نرفض منح التأشيرات للمترشحين بالجامعات الفرنسية
تونس – (الشروق) عقد السيد سارج ديقالي سفير فرنسا بتونس أمس ندوة صحفية حضرها القنصل العام لفرنسا والمستشار الثقافي للسفارة وتمّ تخصيصها لتسليط الأضواء على نشاط مركز الدراسة الجامعية بفرنسا وعن تطوّر تقديم تأشيرات الدراسة للطلبة التونسيين المسجلين بالجامعات والمؤسسات الجاميعة الفرنسية. وقال السفير الفرنسي ان الجامعات الفرنسية تعدّ حاليا بين 270 و300 ألف طالب أجنبي في مختلف درجات ومستويات التعليم العالي وان أعلى نسبة لحضورهم توجد في المرحلة الثالثة حيث ان أكثر من ربع المسجلين هم من الطلبة الأجانب. وأكد السفير أن قرابة 10 آلاف طالب تونسي يدرسون حاليا في فرنسا وهو ما يجعل تونس في المرتبة الرابعة للطلبة الأجانب في الجامعات الفرنسية بعد الطلبة الجزائريين والمغاربة والصينيين وانهم مرسمون في اختصاصات هامة مثل الهندسة والتكنولوجيا المتقدمة. وأشار السفير الى تزايد عدد الطلبة التونسيين الراغبين في الدراسة بالجامعات الفرنسية ملاحظا أن ذلك يواكب تزايد أعداد الطلبة في تونس وانتقالهم من 50 ألف قبل 15 عاما الى أكثر من 360 ألفا الآن. ومنحت المصالح القنصلية الفرنسية خلال العام الفارط 2595 تأشيرة إقامة طويلة للدراسة بفرنسا ولم تتجاوز نسبة رفض المطالب المقدمة 23.5. وارتفعت أعداد التأشيرات الممنوحة للدراسة منذ انبعاث مركز الدراسة بفرنسا بنسبة 22 علما بأن هذا الهيكل يساعد الطالب على اختيار مجال الدراسة ودراسة ملفه مقابل 115 دينارا. وذكر السفير ان موقع مركز الدراسة بفرنسا الذي يتوجب المرور عبره للتسجيل بالجامعات الفرنسية ومن ثم الحصول على التأشيرة بعد استيفاء الشروط المطلوبة يتلقى في المعدل 60 رسالة الكترونية في اليوم ويرتفع المعدل الى 150 رسالة في الصيف (بعد اعلان نتائج الباكالوريا والتعليم العالي) ويتم معالجتها والردّ عليها في أجل أقصاه 48 ساعة. ويشترط في الطالب المتحصل على التأشيرة تأمين مبلغ مالي لا يقلّ عن 7 آلاف دينار قبل السفر. وردّا عن سؤال «الشروق» حول امكانية قيام أو تفكير بعض الجامعات الفرنسية في الانتصاب بتونس للاستجابة للطلبات المتزايدة قال السفير ان الفكرة مطروحة للتفكير والنقاش وإن الحسم فيها يبقى مرتبطا بالكلفة وبحجم الطلبات المتقدمة وبوجود الشركاء مضيفا بأنه يعلم أن هناك انتظارات تونسية في هذا المجال. نجم الدين العكاري (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
صرخة من الأخبار الواردة من الغرب ما يشبه المستحيل… كخبر البلد الأوروبي الذي يفكر في سحب سفيره من إسرائيل. بلد غربي لا صالح له في أن يبادر بهذا الاحتجاج الديبلوماسي… يفكر مع ذلك أمام ما يقاسي الفلسطيني من المآسي. انتابني شعور عميق بالألم!… كسرت القلم!… صرخت: وأنتم أينكم يا عرب؟! ثم تذكرت أنهم مصابون بالصمم… محمد قلبي (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
ٍ بسم الله الرحمان الرحيم
حوارات وراء القضبان
عبدالله الزواري
وراء القضبان، بدأت هذه الحوارات، في الغرفة على اكتظاظها حينا، و في ساحة الفسحة على ضيقها أحيانا أخرى، مع تلطٌف تقتضيه الحال، كما تقتضيه خسٌة ما كنت احسب أنها بلغت هذا المبلغ عند بعضهم من أبناء الجنوب، فان كان غيرهم يتٌخذ الوشاية مطيٌة لتحقيق مصالح و الوصول إلى غايات قد تكون تافهة، فإنهم هنا قد اتٌخذوها هواية، و تسابقوا إليها مجانا، ولم يخجل بعضهم من » قذف » نفسه بها.
و قد يتساءل البعض لمَ مثل هذه الحوارات؟ ما نفعها؟ ألم نجد من نحاور غير المساجين؟ أضاقت علينا الدنيا لنقرأ أحاديث مع هؤلاء؟
و لعل أول ما يمكن الإجابة به أن هؤلاء لا يقلون أهمية عن الفنانين الشعبيين و لاعبي كرة القدم في الدرجة الثالثة أو الرابعة و غيرهم كثير من الذين تخصص لهم بعض الجرائد نصف عدد صفحاتها تقريبا، ثم ألا يوجد بين المساجين من له درجة من الوعي و العلم تجعله مؤهلا للخوض في كثير من القضايا قبل غيره؟ و أعني بهذه القضايا ما يتعلق بالسجون و إصلاحها، و حقوق السجين و واجباته، و الواقع السجني و كيفية النهوض به، فضلا عن وجود من يمكن الاعتداد برأيه من أصحاب الكفاءات وراء القضبان. أليس من صميم الإصلاح اعتبار السجين مواطنا مؤهلا للإدلاء بدلوه في شأن، إن كان يهم غيره، فهو به أوْلى؟ و إن كان الشيخ محمد الطاهر بن عاشور، رحمه الله، قد استنجد بأحد « فطايرية » زمانه لمعرفة عدد « الفطاير » الممكن صنعها بكيس من القمح اللين »فارينة » عندما تحداه أحد أصدقائه من علماء اليهود بأن يجد في القرآن الكريم القائل » ما فرطنا في الكتاب من شيء » إجابة عن سؤاله، أفلا يعتبر المساجين من أولي الذكر عند الحديث عن السجن واقعا و آفاقا؟ ألا يجب علينا جميعا التخلص من النظرة الدونية إزاء فئات عديدة من مجتمعنا بدءا بالمساجين و المهمشين و الأميين و الحرفيين..؟ و كم وددت أن أتمكن من محاورة نماذج شتى من المساجين، بقطـع النظر عن قضاياهم و عن أعمارهم و مستوياتهم التعليمية و الاجتماعية، لكن « الإدارة » لا زالت تحول دون ذلك، و تعتبر مجرد تبادل الحديث بين سجين رأي وسجين حق عام من المحظورات/ المحذورات التي تغض عنها الطرف مكرهة، و لا تتوانى عن التفريق بين المساجين بتعلات مغلوطة إذا رأت، أو بالأحرى إذا أُبلغت، أن صلة بين سجين رأي و سجين حق عام بلغت من المتانة بحيث أصبحا يقضيان فترة مهمة من الوقت مع بعض يتبادلان الرأي أو يقومان ببعض الأنشطة الفكرية أو الترفيهية أو الرياضية معا أو يتبادلان الطعام و بعض الحاجيات اليومية الأخرى. أما إذا بلغ الأمر إلى إقـامة الصلاة و صيـام التطوع و حفظ القرآن و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و المطالبة بمتابعة بعض البرامج الهادفة في التـلفزة، فقد بلغ السيل الزبى، و لابد من تدخل حـاسم و سريـع، يعيـد » الأمور إلى نصابها ». هذا في الوقت التي تغض فيه النظر عن العلاقات المشبوهة بل توفر لها الظروف السانحة و تيسر إقامتها و ربطها.
و إن كان سجناء الرأي، مهما قل عددهم، يمثلون دائما مأساة شعب ونقطة سوداء في تاريخ البلاد و خزيا و عارا على الأنظمة الحاكمة و دليلا كافيا على الاستبداد و القهر و غياب الحوار و انعدام التسامح، فإن كل سجين من الحق العام يمثل مأساة في حد ذاته، يكفيك شيء من رحابة الصدر و حسن الاستماع مع كثير من الثقة في حفظك لأسراره و سترك لعيوبه و نقائصه حتى يفتح لك مكنونات القلب و خوالج النفس فتطلع على العذاب و الجحيم الذي يتخبط بين براثنه وتجد لديه من الاستعداد ما يشجعك على انتشاله من ذلك المستنقع الآسن.
كل ذلك شجعني على الاقتراب منهم و التلطف معهم و الاستماع إليهم و محاورتهم تخفيفا من وطأة السجن عليهم و فتحا لآفاق رحبة تشعرهم بأن لهم من الأهمية ما ليس لغيرهم للنهوض ببلدنا و التصدي لمصاصي الدماء وناهبي الثروات و فاقدي الضمائر و المستكبرين في الأرض. فكانت هذه الحوارات عفوية في منطلقها ثم آلت إلى ما هي عليه، فشملت من استطعت محاورته من سجناء الرأي و عامة السجناء عساني بذلك قد أبلغ أصوات من لا صوت لهم بل أصوات تعمل الإدارة جاهدة للحيلولة دونها و الرأي العام و المهتمين بحقوق الإنسان و الغيورين على هذا البلد و المخلصين له. ألا يكون الأجدر، و الأكفأ كذلك، بتبليغ أصواتهم و التحدّث باسمهم، و معرفة آمـالهم و آلامهم سجين مثلهم اكتوى بمثل ما اكتووا به من قهر و تسلّط، فعذّب كما عذّبوا، وعنّف كما عنّفوا، و جوّع كما جوّعوا، و أهين كما أهينوا، وذاق من التعسف ألوانا كما ذاقوا، و أبعد عن أحبّته كما أبعدوا، و حرم من احتضان فلذات كبده لسنوات طويلة كما حرموا، و استنسر عليه البغاث كما استنسر عليهم، و عانى من الاستفزازات و المضايقات و تحمّلها كما عانوا هم و تحمّلوا، و أحسّ بلسعات البرد في السيلونات كما أحسّوا، و هناك اقتسم مع الجرذان خبزه اليابس كما اقتسموا، أما أولائك الذين يجلسون على كراسيهم الوثيرة في مكاتبهم المكيفة، و يدخنون سجائرهم المستوردة في انتظار من يستنجد بهم لرفع مظلمة مسلطة على حبيب أو قريب أو عزيز، ثم ينظرون في تلك الصيحات و الاستغاثات أتتلاءم مع خططهم و تندرج ضمن برامجهم أم تعارضها، فيقررون على ضوء ذلك ما يناسبها، بل ما يناسبهم، فليعلم هؤلاء أن تردي حقوق الإنسان يرجع في جزء منه إليهم و إلى تصورهم لهذا العمل و كيفية الدفاع عن هذه الحقوق. و لا تزال فكرة بعث مرصد للسجون و المساجين تراود المرء فعساها ترى النور يوما[1]………
و مع ذلك وددت أن أحاور مستهلكي المخدرات و مروجيها ومستعملي الأقراص المخدرة و اللاهثين وراء الحصول عليها، كما وددت محاورة مروجي العملة المزيفة…. و ما أكثرهم! وددت محاورة سرحان و الزين و أخيه عميرة و هولاندة و هوندا و بيجو و ولد الحصان و ولد البهيم و البغل و الكبش و السردوك و الفروج و فلوسة و خنفوس و جريّنة و الفار و الزرقة و الكحلة و الروج و قرط و بصيلة و معدنوس و كسكروت و فرنك و فرانكو و فرنسيس و لازيرازو والترجي و بوناب و بوعكاز و عنف و لام و ولد اللبة و ولد الماجري و ولد عيشة و شالوم و ريمي و تورغت و ططو و غيرهم كثير. لكن ما كل ما يتمناه المرء يدركه…. فكان هذا العمل بين يديك عساه يقدم صورة صادقة عن واقع السجون التونسية كما هو دون « رتوش » ودون مبالغة …
[1] ° انظر مقال: العفو عن العفو من العفو أواخر مارس 2003
بسم الله الرحمان الرحيم
حوار مع أحمد الذهيبي
حوارات وراء القضبان
تقديـــــــــم
هو كاتب عام نقابة أساسية للتعليم الابتدائي بمارث، كما انه من المبادرين بتكوين » جمعية أحباء المكتبة و الكتاب بمارث » التي لم تمكن من الترخيص الإداري لمباشرة نشاطها رغم تواجد عدة عناصر تجمعية ضمن هيئتها التأسيسية، وقد تقدم المبادرون بمطلبين في الغرض، أحدهما قبل 7 نوفمبر 1987 و ثانيهما بعده، و كان مال المحاولتين واحد. وهو من المبادرين أيضا بتأسيس » جمعية قدماء المدرسة الابتدائية بدخيلة توجان » التي لم يرخص لها في النشاط كذلك رغم وجود ثلاثة عناصر من اللجنة المركزية للتجمع و أعضاء من جامعة مارث لنفس الحزب و رؤساء شعب تجمعية ضمن هيئتها التأسيسية، و عضو لجنة » مهرجان المرقوم بدخيلة توجان » في دورة 1989، عضو لجنة ثقافية محلية بدخيلة توجان في88 ـ 89.
أما نشاطه الحزبي فنكتفي بذكر أنه كان عضو مجلس جزء دار المعلمين العليا بتونس سنة 81 ـ 82 و عضو مكتب الدراسات بمنطقة قابس من 83 ـ 86 و ضمن القائمين على مشروع الاولويات في نفس المنطقة، و عضو مجلس جهة مارث منذ سنة 1986.
ملاحظة: هذا الحوار أنجز أواخر شهر أوت 2004
نص الحوار:
1) هل دار بخلدك يوما أنك قد تكون وراء القضبان؟
بل كنت متـأكدا من أني سأكون من نزلائه منذ بداية مشواري في العمل السياسي لان القناعة قد استقرت بان النظام الذي أواجهه نظام دكتاتوري و استبدادي من أشرس طراز وأردئه، لايمكن أن يقبل أي منافسة جدية وأي احتكام نزيه لصندوق الاقتراع، لأن مثل هذا الاحتكام مؤذن بضرب كل المصالح الشخصية لقياداته و المتمعشين الذين يدورون في فلكه، ولأن إسناد الأمر إلى أبناء الشعب و الغيورين عليه و إلى الوطنيين الصادقين و المخلصين الذين ارتفعوا شهداء في حوادث 9 أفريل 1938 مطالبين ببرلمان تونسي وقبل ذلك التاريخ مثل أحداث الجلاز والتراموي و بعده والذين قضوا في أحداث الخبز 1984 و في إضرابات ديسمبر 1977وجانفي 1978… وكيف لا يخطر ببالي دخول السجن ، و هامش الحريات يزداد ضمورا و تقلصا مع رجال سبعة نوفمبر رغم كونهم امتدادا طبيعيا للنظام السابق بل ترسيخ له مع تراجع جلي في أبرز مكاسب الحقبة البورقيبية و مفاخرها، مثل هامش الحريات الذي كان متاحا، فأين تلك الصحف التي نشطت الحياة السياسية و كانت متنفسا لكل احتقان سياسي و كانت تنشر و تتابع أنشطة كل المكونات السياسية للمجتمع على اختلاف تصوراتها و منطلقاتها، أين جريدة الرأي و المغرب العربي و المجتمع و المستقبل و المعرفة و غيرها؟ أليس من المضحكات المبكيات أن تكون الأحزاب السياسية قادرة قبل عشرين سياسية على إصدار صحفها رغم الإيقافات المتعددة و الخطايا المالية التي يحكم بها عليها ثم تصبح عاجزة عن فعل ذلك في عهد التغيير و الحال أن لها نواب في البرلمان و تتمتع بمنحة بعشرات الآلاف من الدنانير و مساعدات أخرى مختلفة تشجيعا لها على إصدار صحفها أو القيام بدورها في مسرحية الديمقراطية و حرية الإعلام في العهد السعيد، بل إن الصحف اليومية لم تكن تتردد في نشر بيانات الحركات المختلفة المتواجدة على الساحة بقطع النظر عن قانونيتها من عدمها. هذا بالنسبة للإعلام، كما وقع ضرب بعض المكاسب النقابية مثل حق الاجتماع في مواقع العمل بل وقعت محاولة تدجين الإتحاد، وهو من أبرز مفاخر الشعب التونسي، و كان النجاح في ذلك إلى حد بعيد بفعل تواطأ بعض قياداته، فرغم تدهور المقدرة الشرائية للمواطن و ارتفاع المعيشة واستفحال ظاهرة الطرد التعسفي نتيجة لسياسات الخوصصة و التأهيل… فإن عملية إحصائية بسيطة قد تثبت إن عدد الإضرابات التي شنها العمال منذ « التغيير »إلى الآن لا يتجاوز عدد الإضرابات التي كان يشنها العمال في سنة واحدة قبل ذلك التاريخ، ومغالط لنفسه و لغيره من يزعم أن مرد ذلك راجع إلى التفاعل الإيجابي بين الأعراف و السلطة من جهة و الكادحين من جهة أخرى، و لعله من نافلة القول هنا الإشارة إلى أن حرية الصحافة أصبحت مقتصرة بل إن حق التونسي في الإعلام اختزل في إعلامه عن التراجع عن الإضراب أو في أحسن الحالات في إعلامه عنه بعد وقوعه، مع فسح المجال لسلطة الإشراف فسيحا لتشويهه وتشويه المضربين وقلة المنخرطين فيه، و إن كلفت وسائل الإعلام العمومية أو الرسمية مشقة تغطية أنشطة الإتحاد فإن ذلك يقتصر على إحياء المناسبات( اغتيال حشاد…) أو بعض استقبالات تجديد الولاء، أما الهيئات الإدارية الساخنة وتجمعات ساحة محمد علي…. فلا يجدر بالتونسي الإطلاع عليها. و انظر كذلك إلى مجانية التعليم و إجباريته…
2 ) الصورة التي كانت منطبعة في ذهنك عن السجن: هل وجدت في الواقع ألسجني ما يرسخها أو ما يناقضها؟
كنت أحسب إنه سيكون أفضل مما هو عليه لأن الذين عاشوا تجربة السجن في العهد السابق و بقطع النظر عن خلفياتهم الفكرية من ماركسيين أو قوميين أو إسلاميين تحدثوا عن ظروف إقامة و معاملة أحسن مما عايشنا الآن بكثير و أستطيع أن أقول إن ذلك التراجع أو بالأحرى ذلك التردي إنما هو متوافق مع ما شهدته البلاد عموما بعد 7/11 من ترد و تدهور في العمل السياسي و في مجال الحريات و حقوق الإنسان جملة و تفصيلا، مع التأكيد هنا على أن هذا الكلام لا يعد تزكية للنظام في نسخته الأولى لكن المقارنة بين النسختين تبرز أن النسخة الأولى أقل سوءا و فظاعة من الثانية. كما أستطيع أن أسحب ما يقال عن السجن و المعاملة فيه وظروف الإقامة على ما يقع في مراكز الإيقاف… و قد كانت لي تجربة أولى حين أوقفت في شتاء1981( يوم الأربعاء 18 جانفي تحديدا) إثر الأحداث التلمذية و الطالبية التي عمت البلاد و رغم انتقالي من فرقة إلى أخرى ( الفرقة السابعة – أمن الدولة – فرقة العمران) فلا وجه للمقارنة بين أساليب التحقيق التي كانت مستعملة آنذاك مع ما حد ث في التسعينات. و لا بد هنا من الإشارة إلى أن شأن السجون كان أفضل بكثير مما هي عليه الآن رغم عدم وجود نصوص قانونية تنظم حياة السجين داخلها و تثبت حقوقه و واجباته… و هذا ما يؤكد أن تلك النصوص إنما وجدت للديكور و الدعاية لا غير….
3) السجون بين ما تسمعه في الإعلام الرسمي و الواقع ؟
« شتان بين الثرى و الثريا » و استئناسا بالمثل الشعبي الذي يقول »كل حلاف كذاب » فإني أضيف أن كل من يكثر الحديث في موضوع ما بمناسبة و بغير مناسبة فإنه يعلم أن المستمعين غير مصدقين له لكن شأن الإعلام شأن عظيم في قلب الحقائق وتزيين البشائع، ألم يقل أجدادنا » كلمة الصباح و كلمة العشية ترد المسلمة يهودية »
4) هل تشعر انك أهنت في مرة من المرات؟
الإهانة هي الخبز اليومي للسجين و الإذلال هو الماء الأجاج الذي يجرعه السجين كل حين، و أجزم أن أي سجين في تونس مهما كانت قضيته و مهما علا شأنه يكون كاذبا إن زعم أنه لم يتعرض للإهانة و الإذلال، و يكفي أن نعلم أن تلفزتنا الموقرة لم تجد في الأربعين ألف سجين الذين يملؤون سجون التغيير من يمكن الاطمئنان إلى محاورته في ملف تلفزي غير شاب تونسي قضى كامل عقوبته في السجون الفرنسية( نعم الفرنسية) حيث لا مجال للمقارنة بين السجون هنا والسجون هناك ولا بين السجانين هنا و السجانين هناك… و من مظاهر الإهانة ما يقع في مختلف السجون من تجريد السجين من ثيابه كلها قبل مقابلة المحامي و بعدها رغم أن هذه المقابلة تقع تحت المراقبة اليقظة للأعوان، كما يتم نفس الشيء قبل الذهاب إلى المحكمة و بعدها و قبل زيارة العائلة و بعدها رغم وجود حاجزين يفصلان بين السجين وذويه، ألا يعتبر الخضوع إلى هذا الإجراء البشع المعروف ب »طبس كح » و حرص الإدارة على ممارسته نهاية الإذلال و الإهانة؟
5) ألا يوجد في السجن ما نال إعجابك أو أثار حفيظتك؟
إن كان معنى الإعجاب هو الاستحسان فلا شيء يستحسن داخل السجن حتى وجود العدو فيه، و إن كان الإعجاب من الغرابة فالغرائب كثيرة مثل أنواع العقوبات و أسبابها و أنواع العلاقات بين النزلاء بعضهم بعضا وبين النزلاء و السجانين…فالعلاقة بين المساجين مؤسسة على المصلحة الآنية لا غير، لذلك قد يقع الانقلاب عليها في أي وقت و لأتفه الأسباب، و يعلل ذلك بخصوصية السجن الذي تقتضي، حسب هؤلاء، تصرفات لا تخضع لا للمنطق و لا للمبادئ ولا للقيم و لا حتى الشهامة و لا حديث هنا عن الشرائع…و من الصنف الثاني فإن العون في العموم لا يتردد في ابتزاز السجين ليقدم له أي خدمة، و لا غرابة أن يسمح بعضهم لنفسه أن يختلس من قفة السجين أو حتى من الوجبة الني تقدم إليه خصوصا عندما تكون « مزهمة » أي فيها شيء من اللحم أو السمك… ويكفي أن أذكر هنا من اشتهر باسم كسكروت و آخر بملوخية و آخر ببسيسة… و حدث في هذا المجال و لا حرج عن ابتزاز المديرين للمساجين و كمثال على ذلك سليم غنية الذي أوهم سجينا بإدراج اسمه في قائمة التأهيل مقابل 2000 دينار، و لعل مدير السجن الذي وافاه الأجل سجينا يمثل النموذج لمديري السجون في بلادنا، و لو سئل هؤلاء ذلك السؤال الخالد » من أين لك هذا » لأدين الكثير منهم.
6) ما هي أقسى اللحظات عليك في السجن؟
أقسى اللحظات فيه هي وقت التعداد لأنه دليل كاف على استحالة ألذات البشرية إلى مجرد رقم و لعل مقارنة بسيطة بين الراعي الذي يتفقد أغنامه أو أبقاره و بين العون الذي يقوم بعملية التعداد تبرز مدى فقدان الآدمي لكرامته، فالراعي يتفقد أبقاره و قبل أن بغلق عليها الإصطبل تراه يتثبت من جوعها و عطشها و مرضها أو شبعها و ارتوائها وصحتها، كما يتثبت من نظافة الإصطبل وحرارته، ولا شك أبدا أنه لن يغادر المكان حتى يطمئن على حالها و يتدارك النقص إن كان هناك، أما العون فإنه يعتبر مجرد توفر العدد المطلوب كافيا ليرجع إلى بيته مرتاح الضمير خالي البال و إن ترك المساجين جياعا عطاشا مرضى….
7) ما هي أبرز الظواهر السلبية في الحياة السجنية؟
أبرزها الشذوذ الجنسي و لعل التراتيب السجنية الحالية هي التي تعمل على تكريس هذه الظاهرة المرضية، مثل عدم وجود غرفة خاصة بالشواذ في كل السجون( باستثناء سجن العاصمة وسجن الهوارب)، الاكتظاظ المهول في كل السجون و ما اصطلح عليه « بالنوم في الاثنين » أو « النوم راس و ذنب »في فراش فردي واحد، عدم التصنيف الصارم للمساجين، تكليف من اشتهر بهذه الممارسة بمهام داخل السجن (مثل ناظر غرفة وناظر الدوش) وهو ما ييسر لهم ابتزاز المساجين و الاعتداء عليهم… و بذلك تستقر الحلقة المرعبة لهذا المرض، فإن المساجين كبار السن و المعيدين منهم يستغلون عوامل مختلفة ( تجربتهم السجنية، معرفتهم بالأعوان، صيتهم و غطرستهم…) لابتزاز صغار المساجين و المبتدئين منهم و الاعتداء عليهم و ما يلبث هؤلاء أن يعتدوا على الأصغر منهم و هكذا دواليك… و هنا تجدر الإشارة إلى كثرة الجعجعة عن حقوق الإنسان عموما وحقوق السجين خصوصا مع تجاهل جلي لأبرز الحاجات البشرية وهي غريزة الجنس وهي مكبوتة تماما في إطار القانون مما فسح المجال واسعا لتصريفها في الممارسات الشاذة مثل العلاقات المثلية و الاستمناء و الفحش اللغوي… و رغم أن دولا عربية و إسلامية، نحسب أنفسنا أفضل منها في هذا المجال، مثل ليبيا و السعودية و إيران قد أقرت تمكين السجين من إشباع هذه الغريزة الإنسانية بالسماح بالزيارات العائلية كما أقرت دول أخرى غرف الحب في سجونها حيث تزور الزوجة زوجها و يمكنان من الاختلاء ببعضهما لمدة معينة… و إن كان ذلك لا يعتبر حقا أو حاجة للسجين في المقاربة التونسية أفلا يكون من حقوق الزوجة(المرأة) إشباع تلك الحاجة مع زوجها السجين أم نشجعها على إشباعها على الأرصفة و في أوكار البغاء… وليعلم من لا بعلم أنه يوجد في بلادنا من لم يلمس يد زوجته منذ أكثر من عشرين سنة و تقع الزيارة تحت سمع الأعوان و بصرهم، يراقبون كل الحركات و الإشارات و يستمعون إلى كل الكلمات رغم وجود حاجزين يفصلان السجين عن زواره و في ذلك ما فيه من تجريد للسجين من أبسط ما تبقى له من إنسانية متمثلة في المشاعر الحميمية و التعبير عنها لزوجته… ومع ذلك وبكل وقاحة يتحدث قانون السجون عن المحافظة على الروابط العائلية…
8) هل تمكنت من تنمية قدراتك المهنية أو العلمية طيلة إقامتك في السجن؟
لا أبدا. بل القدرات العلمية والمهنية قد تراجعت و تقلصت بفعل عملية التجهيل المطبقة بحزم حيث حرمت الإدارة كل الكتب العلمية و الأدبية و المدرسية بل إن المصاحف في حد ذاتها ممنوعة، و هذا لم يقع في أي بلد في العالم، هل سمعت أن نظام حكم منع الكتاب المقدس عن السجناء في بلده؟ أنا شخصيا انتزع مني مصحفي يوم 30 أفريل 1994 بالقصرين تحت إدارة سليمان حسنون و لم أتحصل على مصحف آخر إلا بعد إضراب عن الطعام دام تسعة أيام و كان ذلك في جوان 1995 بسجن برج الرومي تحت إدارة بلحسن الكيلاني، فقد بعثت لي عائلتي مصحفا في طرد بريدي لكن الإدارة رفضت تسليمه لي فاضطررت إلى الإضراب، كما أني لم أتحصل إلى حد الآن على مصحفي الذي حجز في القصرين رغم مطالبتي به مرارا وتكرارا، لكن لا حياة لمن تنادي، علما كذلك بأنه لم يوضع ضمن أشيائي المؤمنة لدى الإدارة، و من المضحكات المبكيات أنه في بلد يرفع ساسته شعار التعليم مدى الحياة و مجتمع المعرفة و الجامعة المفتوحة و الجامعة الافتراضية و فتح الأفاق و هلم جرا من هذه الشعارات الجوفاء أجد نفسي مضطرا إلى شن إضراب جوع تواصل أربعين يوما(من يوم 10نوفمبر 2000 إلى يوم 20 ديسمبر2000) من أجل الحصول على كتاب مدرسي في مادة الإنكليزية، و هذا غيض من فيض…
9) ألآن و قد عرفت السجن و قضيت به ربيع عمرك و زهرة شبابك هل يمكنك أن تعود إليه؟
ما دام هذا النظام قائما فالعودة إليه واردة في كل حين لأني لن أتخلى عن معركة الإنعتاق و الحرية التي انطلقت منذ زمان، كما لا يمكنني أن ألعب دور بيدق لا مشيئة له، و لا يمكنني أن أجامل على حساب المبادئ الخالدة لديننا مثل حق التعبير و التنظم و التعليم و الصحة و العمل…و دعنا نتحدث بصراحة أكبر، ألا يعتبر الشعب التونسي كله سجينا مع تأجيل التنفيذ، فأهل السياسة أمام خيارات ثلاث لا رابع لها، أولها: السير في ركاب النظام و تزكية خياراته مهما كانت( الاستفتاء الدستوري أكبر دليل على ذلك…)، ثانيها: الهجرة، و ثالثها السجن، انظر ماذا حصل للتليلي ومواعدة و السحباني و هم الذين أيدوا النظام الحاكم طويلا بل منهم من نفذ سياساته، وما كان للنظام أن يحقق ما حقق بدونهم و مع ذلك لم يشفع لهم ذلك « فشرفوا » بالسجن المدني، و لا غرابة بعد ذلك أن يسجن المرزوقي و قسيلة و الشماري ، و لم يتردد بعض هؤلاء عن التعبير عن ندمهم على مباركتهم ضرب حركة النهضة لأنهم أدركوا أن النظام قد قدم لهم ما قدم من أجل حشد التأييد على ضرب حركة النهضة و محاصرتها لا غير من أجل التخلص من خصم سياسي جدي و عنيد والاستفراد بعدها بالساحة و لذلك و بمجرد أن حقق هدفه قلب لهم ظهر المجن، ولعل الأيام القادمة تأتينا بأسماء جديدة. أما المواطن العادي، أي العياش، فهو تحت وطأة الكمبيالات و الصكوك المؤجلة و الأقساط المخصومة مباشرة من مرتبه بحيث يكون مجبرا على الاشتغال بأعمال ثانوية في أوقات الفراغ و أيام العطل… أو الانزلاق، إن كان في موقع يسمح له بذلك، إلى الارتشاء…عساه يستطيع الوفاء بما في ذمته من ديون متخلدة، وكل نشاط سياسي غير مرضي عنه يعرض صاحبه إلى ما لا تحمد عقباه، هذا إن لم تدفعه حاجته إلى الانخراط في لجان اليقظة أو خلايا التجمع لا حبا فيه و لا اقتناعا بأفكاره إنما بحثا عن نوع من الحصانة من شأنها أن تحميه من التتبع العدلي عند ممارسة بعض الأنشطة الممنوعة قانونا…
10) هل حظيت بأي إحاطة من الإدارة أو من إحدى مصالحها طيلة هذه المدة؟
لا توجد أية إحاطة، بل كان السعي دؤوبا في سنوات 1992 ـ 1995 على الأقل لتأبيد المكث بالسجن أطول مدة ممكنة، لذلك حرم الإسلاميون من إجراءات العفو لسنوات طويلة و لا زالت نفس الممارسة متواصلة بصيغ أخرى مما أدى ببعض أخواننا إلى رفض العفو الصادر لفائدتهم، فالمحكوم عليهم بالمؤبد كانت تحط أحكامهم إلى عشرين سنة في أول عفو يسند إليهم، أما الإسلاميون فتحط أحكامهم إلى ثلاثين سنة. ولا عجب كذلك أن نجد كثيرا من المساجين يقضون مدة عقوبتهم كاملة و أنه لمن المهازل أن يتمتع أحدهم بالعفو عن بضعة أيام وهو المحكوم بأكثر من عشر سنوات، بل أن أحد شهدائنا أسند له العفو وهو في حالة موت سريري، و كأن الإدارة تريد تحميل عائلته مصاريف نقلته من مستشفى سهلول إلى بيته في حي التضامن…
11) هل وقع إطلاعك على قانون السجون؟ و هل تمتعت بما ورد فيه من حقوق؟
لم يقع إطلاعي على أي قانون أو حقوق أو تراتيب، بل اطلعت عليها عرضا عندما كان يفرض علينا اشتراء مجلة الأمل عند التزود من مغازة السجن و كان ضمن أحد أعدادها سنة 1993 كتاب ضم جملة القوانين المتعلقة بالسجون و الإيقاف التحفظي.. و عمليا فإن التراتيب يضعها ناظر الغرفة و يبلغها للمساجين بتزكية من المشرف على الجناح و مباركته… اما إجراءات التأديب فكثيرة و تجنبا للإطالة فإني اذكر بعضها فقط: إثر تبادلي الحديث مع سجين حق عام أصيل غار الدماء في غرفة 1 جناح ـ أ ـ و كان تبادل الحديث ممنوعا، وقعت نقلتي إلى غرفة 2 من نفس الجناح الذي كان يشرف عليه بوبكر الدريدي الذي أصدر تعليماته بمنع محادثتي ومآكلتي من قبل جميع المساجين بما فيهم سجناء الرأي كما حرمني من الفراش، وكان ذلك في ديسمبر 1993، فدخلت في إضراب عن الطعام، و عند تفطن الإدارة لذلك وقع إيداعي بالسجن المضيق بعد تعنيفي رغم أني طالبت بتسوية وضعيتي عدة مرات، و لم أتمكن من مقابلة المدير، و في اليوم التاسع من الإضراب أرجعوني إلى الغرفة و أعلمني الناظر أنه بإمكاني تناول الطعام مع أحد السجناء الرأي، وتبين بعد ذلك أن كل سجناء الرأي أصبحوا يأكلون أزواجا بحيث بقيت أكل بمفردي لأن عددنا كان فرديا، و مكثت كذلك إلى أن قدم معاقب جديد وهو فريد الخد يمي و أصبحنا نأكل معا. و بالمناسبة أجد من المفيد الحديث عن عقوبة أخرى لأن أسبابها غريبة وعجيبة و العقوبة أغرب و أعجب، كان المدير سيء الذكر سليم غنية يستعد لاستقبال رشيد إدريس في إطار زيارة » فجئية »، ذلك الفضل العظيم الذي امتن به على رئيس هذه الجمعية دون غيرها، و سعيا لتجنب كل مفاجأة غير سارة و كل ما من شأنه أن ينغص هذه الزيارة وكل من يمكن أن يفضح تجاوزاته و ممارساته أللإنسانية، عمد مدير السجن، بالتنسيق مع القاضي عبدالستار بنور المدير العام للسجون و الإصلاح، إلى نقلة بعض المساجين، نقلة وقتية إلى سجن قابس ( محيي الدين الفرجاني و وحيد السرايري )، حيث مكثا هناك أسبوعا واحدا ثم أعيدا إلى سجن المهدية، و لمزيد إحكام سير هذه الزيارة، تفتقت قريحة المدير على حيلة أخرى تتمثل في إخراج أربعة مساجين و وضعهم في سيارة السجن بدعوى حملهم إلى المستشفى دون أي داع صحي و مكثت السيارة تتجول في طرقات مدينة المهدية و ضواحيها إلى أن انتهت الزيارة الفجئية الميمونة، و قبل ذلك بيومين (يوم الخميس) قابل المدير كل مساجين الصبغة الخاصة، أي سجناء الرأي، و حل بعض الإشكاليات العالقة منذ أشهر، و مكنهم من طرودهم البريدية و محجوزاتهم، و رفع بعض التضييقات مثل منعهم دون غيرهم من ممارسة الرياضة، و استمرت المقابلات إلى ساعة متأخرة من الليل وهو الذي كان برفض مقابلة أي سجين منهم، و في حديثي معه اختلفنا… فما كان منه إلا أن عنفني في مكتبه. و في صبيحة يوم الجمعة، نقلني من غرفة 6 إلى غرفة » الشباب » بالمصحة، التي أخليت منهم بالمناسبة، وهذه غرفة معزولة تماما لا يمكن أن يتفطن لها الزائر، كما نقل إليها سبعا آخرين من سجناء الرأي، أذكر من بينهم الأسعد ط. و هشام ب. و حاتم بن ر.، وذلك في محاولة منه لإبعادنا، قدر المستطاع، عن المسلك الذي يمكن أن يسلكه رشيد إدريس في زيارته « الفجئية »، لكن المدير لم يهدأ بالا مع ذلك، فقرر إخراج أربعة منا في سيارة السجن قبل حلول رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان، لنمكث داخلها وهي تتجول بنا في شوارع مدينة المهدية وضواحيها إلى أن تمت الزيارة، ثم أعادونا إلى السجن بعد قضاء حاجتهم، وقد تعللوا عند إخراجنا بالذهاب إلى المستشفى رغم انعدام أي سبب لذلك، و عند عودتنا من « جولتنا » القسرية في المهدية، أرجعونا إلى الغرف التي كنا بها قبل تجميعنا في بيت » الشباب »، لكن مع حرماننا جميعا من فرشنا، فرفضنا هذا التعسف، فوقع إيداعنا بالسجن المضيق، و تداهمنا الحراسة الليلية و تقيد أيدينا و بدأت تعنيفنا واحدا واحدا لإجبارنا على قبول الإقامة في تلك الغرف دون أسرة، فكان لهم ما أرادوا بفعل الهراوات و السياط و الأغلال، و كان المدير نفسه مشرفا على عملية التعنيف، و باشرها الوكيل صدقي ب. و أعوانه، و كان ذلك عند غروب الشمس من نفس اليوم الذي أدى رشيد إدريس زيارته، وهو يوم الأحد 29 ديسمبر 1997، علما بأن « الملوخية » طبخت لأول مرة يومها. و في هذه الغرفة (6) بدأت إضرابي عن الطعام دون الإعلام عنه، و في اليوم الخامس منه، و كنا في شهر رمضان، و أثناء مشاهدة المساجين للكاميرا الخفية، تناولت خليطا متركبا من كيس اومو (350غرام) و كيس صغير من السعوط ( نفة) و4 علب كبريت(الجزء القابل للاشتعال)….و حملت إلى المستشفى الجامعي بالمهدية حيث أقمت به يومين لتنظيف المعدة و المثانة، أعادوني بعدها مباشرة إلى السيلون، ومكثت به خمسا و عشرين يوما دون مثول أمام لجنة التأديب، و لم أخرج منه إلا بمناسبة عيد الفطر، و قد تظاهر المدير بتجاهل أمري تماما، و نقلني إلى غرفة19، وهي غرفة تعرفها جيدا، لكن مع الفراش هذه المرة…
12) متى مكنت من فراش فردي؟ و متى عرضت على الفحص الطبي؟ و متى زارتك عائلتك أول مرة؟
مكنت من فراش فردي بعد عام و ثمانية أشهر، فقد سجنت في أفريل/……1991 و جاء دوري في الحصول على فراش في ديسمبر/… 1992، أما ما يعنيه ذلك من فضاء و كم الهواء النقي واستعمال دورة المياه و الفسحة فإن ذلك لم يحصل إلى حد الآن، و عرضت على الفحص الطبي بعد عام كامل من إيقافي، و ذلك عندما أعادتني فرقة الإرشاد في قابس إلى السجن في حالة يرثى لها من جراء التعذيب الذي مارسوه علي و كانت آثاره ظاهرة للعيان(كدمات، بقع زرقاء في أماكن مختلفة من جسدي…) و نظرا لتدهور صحتي أشفق علي رفاقي في الغرفة، فأعلموا عني ممرض السجن الذي خشي مزيد تعكر صحتي، فأسرع إلى المدير لإعلامه بالأمر، و المدير وقتها هو سليمان حسنون، الذي فزع بدوره عندما رأى آثار التعذيب بارزة جلية و اكتفى بالقول » لا أستطيع الآن فعل أي شيء أكثر من عرضك على الطبيب و توفير الدواء لكن في المستقبل سأنبه على الشرطة، إن قدموا لأخذك ثانية، بأني لن أقبلك في السجن إن وقع تعذيبك بهذه الطريقة « .
أما عائلتي فقد زارتني بعد إيداعي بالسجن ببضع أيام، خاصة وان العائلة كانت تتابع الأمر عن كثب إذ وقع إيقاف أختي(شؤون المنزل) و صهري( زوج أختي الثانية) جديد…
13) الزيارة الأولى؟ مشاعر الزوار؟
كانت والدتي تغالب البكاء، أما الوالد فلم يزرني إلا بعد عام و أربعة أشهر، وهو أشد الناس تأثرا، و لم يستطع إتمام وقت الزيارة- على قصره- في أي مرة طيلة أربعة عشر سنة، فسريعا ما تغالبه الدموع فلا يستطع كتمانها، و يغادر قاعة الزيارة متسللا لواذا…
14) لماذا تجلب العائلة القفة؟ هل تفتش بحضورك؟ هل حدث أن فقدت بعض محتوياتها؟ ماذا فعلت؟
العائلة تعتبر » القفة » واجبا تسديه إلى السجين، كما أنها تعلم أن أكلة السجن رديئة، لذلك كانت تستجيب للتوجيهات التي اقترحها عليها، فكانت تزودني بما يمكن أن يدخل تحسينا على أكلة السجن مثل القديد، الهروس، المرقاز…يوم كان ذلك مسموحا به، لكنهم سريعا ما منعوها. و لم تفتش بحضوري إلا في سجن قابس و ذلك اثر دخولنا في امتناع جماعي على الزيارة(جويلية 1991) مطالبين بتحسين المعاملة و ظروف الإقامة ومن ضمن المطالب أذكر الجرائد و تفتيش القفة بحضور صاحبها…و جاء هذا التحرك مباشرة إثر تعدي عون( الأزهر من قفصة)على مقام الجلالة، فاحتج بعضنا على هذا السلوك الشائن و التجاوز القانوني الصارخ، فما كان من الإدارة إلا أن انتصرت لمنظورها استخفافا بالقانون و تحديا لمشاعر السجناء، فعمدت الإدارة إلى معاقبة المحتجين بحلق أشعارهم بصفة مشوهة و إيداعهم بالسجن المضيق مع حرمانهم من الزيارة، و أذكر من هؤلاء مبروك قريرة و الأسعد قرصان و ألنوري النفاتي و قد كانوا ستا في الجملة، كما كان فقدان بعض محتويات القفة أمرا رائجا( مثل الغلال خاصة).
15) هل من إضافة حصلت لك في السجن؟
« الصبر على الأذى »………
التعرف على فئة من أبناء مجتمعنا من الصعب أن أخالطهم و أتعرف عليهم خارج القضبان، و اقصد المهمشين، وهم إفراز طبيعي من إفرازات المجتمع بل من ضحاياه، و هم نتيجة حتمية للعلاقات القائمة و المنهج التربوي و النمط الثقافي السائد، اهتماماتهم لا تتعدى الجسد، و لا يرى من الأنثى إلا رشاقة القد و غنج الصوت، و لا اعتبار عنده لرجاحة عقل أو رصانة تفكير أو وجاهة رأي و موقف…لم أكن احسب أنهم بهذه الأهمية، و هذا لا ينفي أبدا وجود استعداد لدى العديد منهم للخروج من واقع التهميش، و يبرز ذلك مثلا في استعداد بعضهم لتقديم خدماتهم نكاية في الإدارة و شعورا منهم بالظلم المسلط على سجناء الرأي وان كل ما قيل عنهم لا يعدو أن يكون دعاية مغرضة لتشويه صورتهم و تنفير من حولهم عنهم…
كما إن الإنسان عرف نفسه بصفة أدق و قد خاض تجربة تقتضي تضحيات وصبرا و حكمة، تجربة لا يمكن أن يعيشها خارج القضبان، كما عرف المرء رفاق دربه و خبرهم لأنه خالطهم مخالطة لصيقة طويلة المدى، معرفة تشمل لحظات الفرح و الحزن، الأمل و البأس، و السعة و الضيق… بينما كانت معرفتنا السابقة معرفة سطحية وليدة جلسات ببضع ساعات في الأسبوع، يستطيع المرء أن يتكيف فيها حسب مقتضيات الحال…
16) لنفترض أنك كلفت بإدارة هذا السجن، ماهي الإصلاحات التي تبادر بها؟
أرفض و لو افتراضا أن أكون مدير سجن، لكن كمهتم بشأن المساجين أقول: إن سجن حربوب في حاجة إلى إصلاحات ضرورية و فورية كثيرة، منها
(1) ساحات فسحة أوسع، فهل من المعقول أن تكون الغرفة أوسع من ساحة الفسحة، لا أرى الآن تفسحا في هذه الساحة، بل أرى ضيقا و تزاحما و تدافعا و اشتباكا.
(2) فهل من المعقول أن تكون غرفة مثل هذه(غرفة3) تأوي في المعدل أكثر من ثمانين سجينا، لا تزيد المساحة الخام لشبابيكها عن خمس أمتار مربعة.
(3) مجموعات صحية نظيفة و مناسبة لعدد النزلاء.
(4) تحسين الأكلة.
(5) تنظيم أفضل للقنوة و المشرب، و تعامل أفض و أرقى.
(6) إعادة رسكلة الأعوان و تحسين معاملتهم للمساجين.
بل أقول، إجمالا، كم أود أن يرتقي « حربوب العظيم » في مختلف مصالحه و خدماته إلى مستوى « أسوا » سجن في البلاد، أرأيت رسالة تصل صاحبها بعد شهرين من إيداعها في مصلحة البريد؟ أرأيت توقيت زيارة أقصر من حربوب رغم قلة سجناء الرأي فيه؟ أرأيت في سجن آخر سجينا لا يتسلم ما يقتنيه من دخان أو وصولات قنوة إلا بعد أسبوع أو أكثر؟….
17) وإن افترضنا انك أصبحت مديرا عاما للسجون و الإصلاح، ماهي الإصلاحات التي تحظى بالأولوية لديك؟
ينسحب على سؤالك هذا ما قلته عن سؤالك السابق، و أقول:
(1) الحزم في تصنيف المساجين سنا و حكما و جريمة و حالة جزائية.
(2) توفير تشغيل بمقابل مادي محترم يوفر للسجين عند الإفراج مبلغا ماليا يساعده على الاندماج في المجتمع.
(3) توفير رعاية و إرشاد ديني و أخلاقي و إحاطة يومية من أجل إنقاذ السجين من الانحراف.
(4) توفير عدد من المختصين في علم النفس و علم الاجتماع و الإجرام بعدد كاف للاحاطة بالسجين لان الإنسان لا يولد مجرما، و في غياب إحصائيات دقيقة و مفصلة فإني أستطيع أن أجزم بأن نمو الإجرام يفوق بكثير النمو الديمغرافي.
(5) فتح الآفاق بصفة جدية و دون تمييز أو استثناء لكل من يريد مواصلة دراسته سواء في العمومي أو الخاص مع اعتبار الدراسة و النجاح فيها من المؤشرات المعتبرة في إسناد العفو أو الحط من العقاب.
(6) العقوبات طويلة المدى و مهما تكن الجريمة لا يمكن أن تكون حلا، و لا بد من وضع سقف للمدة التي يقضيها السجين في السجن، لماذا يقضي الزين ولد القابسية 22 سنة – ولم يفرج عنه – وهو الذي دخله و لم يبلغ العشرين؟
(7) إيجاد معايير واضحة و معلومة للجميع لإسناد العفو أو الحط من العقاب لقطع سبل ابتزاز المساجين و عائلاتهم.
(8) السماح بقضاء بعض المناسبات خارج السجن(الأعياد مثلا) لمن تتوفر فيه مقاييس دقيقة و معلومة للجميع.
(9) التخلي عن المراقد الجماعية و العمل على بناء غرف صغيرة لا يتعدى عدد نزلائها العشرة.
18) بم تنصح سجينا جديدا؟
أن يطلب من عائلته توفير كل ضرورياته لان الحاجة في السجن قد تؤدي إلى انحرافات خطيرة ذات عواقب وخيمة جدا، و أن يطالب بكل حقوقه من اليوم الأول و أن لا بتردد في إعلام عائلته بكل مضايقة أو ابتزاز سواء كان من المساجين أو السجانين و أن لا يرضخ لذلك.
19) حكمة( أية قرانية، حديث نبوي، مثل شعبي، بيت شعر..) كثيرا ما ترددها!
« الصبر مفتاح الفرج « ، كما كتبت الآيات الثلاث الأخيرة من سورة الطور في أكثر من خمس عشر رسالة، وكلما تلوتها إلا وشعرت باني اقرأها لأول مرة في حياتي.
20) ممنوعات يجب مراجعتها دون تأخير؟
كل الممنوعات المتعارف عليها في التراتيب السجنية يجب أن تراجع، فهل يعقل مثلا أن لا يرى السجين وجهه في المرآة طيلة مدة حبسه و إن امتدت سنوات و سنوات، التخلي التام عن استعمال الأواني البلاستيكية لمضارها الثابتة و العودة على الأقل إلى استعمال أواني الاليمنيوم كما كان الشأن في السبعينات و الثمانينات أي قبل 7 نوفمبر، تمكين المساجين من اقتناء كل الجرائد و المجلات الصادرة بالبلاد، و المزري انه إلى حـد الآن ( في سنة2004) كثيرا يقع منع الجرائد الرسمية و شبه الرسمية، عدم اقتصار قائمة الزوار على الأقارب من الدرجة الأولى، مع تطبيق مبدأ الزيارة المباشرة آليا على الأطفال،
21) مباحات يجب التصدي لها بحزم؟
منع صارم لنوم سجينين في فراش واحد، عدم التساهل في إعطاء « أدوية الأعصاب »، تحديد الفارق العمري بين نزلاء الغرفة الواحدة (عشر سنوات مثلا).
22) حادثة عالقة بذهنك؟
في نهاية 1992 أو في بداية 1993 في سجن القصرين، و أثناء الزيارة وجدت طفلا صغيرا لم يبلغ ستة عشر سنة متهما بالنشاط في حركة النهضة، فأمضيت اغلب وقت الزيارة في طمأنة والدته الملتاعة، و في سنة 2004 في حربوب يوجد صبي لم يتعد نفس السن، و مع ذلك فهو مودع في غرفة تضم أكثر من 100 سجين منهم من دخل السجن أكثر من خمس عشر مرة، فلماذا وجدت الإصلاحيات و قضاة الأحداث و مجلة حقوق الطفل؟
23) هل تذكر اليوم الأول بالسجن؟ مشاعرك؟
هو يوم عادي، شعرت بنوع من الارتياح للابتعاد عن فرق الأمن المختلفة و أجواء التحقيق المرعبة لكنه تبين بعد ذلك انه كان سرابا خلبا، إذ يمكن إعادتك للتحقيق في أي وقت دون أدنى ضمان. لكن مع ذلك الارتياح كانت هناك نوع من الرهبة من المستقبل، فقد دخلت مرحلة جديدة لا اعرف نهايتها كيف تكون و متى تكون؟
24) هل من نصيحة توجهها لإخوانك في المهاجر؟
احرصوا على أن لا تتحول أهم حركة سياسية وجدت في تونس إلى جمعية أجتماعية وخيرية تسعى للم شمل المهجرين…..
25) رأيك في المحطات السياسية القادمة؟
المحطات السياسية لن تكون مغايرة للتي سبقتها في 94 و 95 ففي التشريعية لن تتجاوز حصة المعارضة مجتمعة عدد المقاعد الممنون بها عليها مقابل ولائها…أما الرئاسية فلنترك الحالمين يحلمون، و اربأ ببعض الفضلاء بان تزين بهم الصورة الانتخابية دون أدنى فائدة، فليس هناك في الواقع أي شرط من شروط الانتخابات الحرة و النزيهة و ليس هناك أي مؤشر للسير في هذا الاتجاه.
الاسم المستعار بين الحاجة والشغب
(الحلقة الاولـى)
الهادي بريك ــ ألمانيا أروي لمن يهمه الامر بداية حكايتي الشخصية مع الاسم المستعار . كان ذلك في ربيع عام 1987 بمخافر وزارة الداخلية التونسية . قذف بي المحقق هشام كريم إلى إبراهيم السباعي الذي يبدو أنه أعلى منه مرتبة إدارية هناك في مصحلة أمن الدولة ليستكمل معي التحقيق فكان أول ما باغتني به هو » ما هو إسمك الحركي » فأيقنت أن ما تجنبته طويلا من عذاب أليم حل أوانه يقرعني قرعا وذلك بسبب كوني الوحيد من بين عمال المناطق ضمن تنظيم حركة الاتجاه الاسلامي يومها الذي ليس لي إسم حركي . أجبت السباعي بأنه ليس لي إسم حركي فثار وهاج وماج وأصبح يجمع بين لكمة في وجهي كيفما إتفق وبين بحث في الاوراق المبعثرة على مكتبه ليواجهني بالحجة الدامغة حين يكتشف إسمي الحركي ولما أعياه الضرب والبحث معا ولم يظفر بطائلة أمر بإرجاعي إلى الطابق السفلي حيث أقيم في زنزانة رقم 4 وهي أدنى الزنزانات التسع على ما أذكر حينها سعة لولا أن نزلاءها بالعشرات . يومها ندمت فعلا على عدم تقمصي لاسم حركي إتساء ببقية زملائي ولكن كانت تلك هي المناسبة الوحيدة التي إحتجت فيها لاسم حركي يجنبني وجبة تعذيب دسمة زائدة وذلك برغم كوني لشعور داخلي طاغ لا أقوى على كبح جماحه لا أحتمل إتخاذ إسم حركي أو إستبدال إسم إختاره لي والدي مهما كانت الحاجة ويبلغ بي ذاك الامر حد النفور مما يستخدمه إخواننا في المشرق ـ سيما في الشام بمعناه الجغرافي الموسع ـ من تكن بأبي فلان ولكم أجد حرجا عندما تربطني بواحد من أولئك علاقة صداقة تجعله يلح علي في إثرها على تقديم نفسي بكوني أبو فلان أو علان وحين أحجم ولا يدرك هو سر نفوري يطلب إلي ذكر إسم بكري ليكون علما علي ولو شق على صدري لالفاه يصرخ فيه : من يدل على من ؟ أأكنى بإسم من كنت سببا فيه ولي عليه حق ولادة كما يقال فقهاء الفرائض ؟ وإذا كان لابد من تكنية ـ وبعض السذج من الناس يظنها سنة نبوية مسنونة ـ أفليس من الاحق أن أكنى بإسم من له علي حق وكان سببا في ـ والدي أو والدتي ـ ؟ . ذلك مبلغي من العلم ولعل المتهافتين اليوم على الاسماء المستعارة بحاجة وبغير حاجة يزيدونني علما وفوق كل ذي علم عليم . على كل حال أخذت نصيبي من التعذيب بسبب نفوري من الاسم المستعار يومها ولكن لما جاءت محنة نهاية التسعينات مجددا تترى ولزمت الاختفاء فرض علي أحد أكارم الاخوة وهو سعد مدلل حفظه الله في هجرته هذه المرة إتخاذ إسم مستعار فلما أبيت آلى على نفسه ألا يناديني سوى بإسم إختاره بنفسه وأنفقه بنفسه ولم أعد أذكر ورب الكعبة حتى ما هو تحديدا لفرط نفوري من الاسم المستعار داعيا المولى ألا تلجئني الكارهات عليه ما حييت . ولما خرجت من تونس خائفا أترقب حمدته سبحانه على تحرري من قبضة عصابة الفساد الحاكمة وأزلامها وكذا على تحرري من الحاجة إلى إسم مستعار . فاتني أن أذكر بمناسبة إعتقالات عام 1987 تأكيدا على ضرورة الاسم المستعار وأهميته عند الحاجة أن المحققين يومها ـ السباعي وكريم ورضا .. نسيت لقبه ـ كانوا حريصين جدا على معرفة من هو » عبد الله » وهو إسم مستعارإحتسى بسببه كل واحد من أعضاء القيادة المركزية للحركة يومها بدءا من عمال المناطق وسائر اللجان والمكاتب القيادية وجباته كاملة شهية من فاكهة التعذيب إما بسبب عدم معرفة صاحب الاسم المستعار ذاك » عبد الله » أو بسبب عدم البوح به . كان حرصهم يوحي بأن السيد عبد الله مفتاح القضية بطم طميمها والطريف أن الشيخ راشد كان يسأل هو الاخر عن السيد عبد الله ولكن بحكم تصديقهم له بكونه ليس على إطلاع كاف بتلك التفاصيل لم يبالغوا في تعذيبه على الطريقة الحضارية الانسانية التقدمية التي كان يعامل بها إخوانه . وكثيرا ما إكتفوا بوضعه في زنزانة إنفرادية ضيقة في أحدى الطوابق العلوية . وبعد لأي وئيد وعذاب شديد ظفر المجرمون : المنصف بن قبيله والسباعي وهشام ورضا وبوكاسا ـ القاسمي ـ وغيرهم بالسيد عبد الله ولم يكن البحث عليه على قدم وساق سوى لانه هو المسؤول عن الادارة المركزية للحركة يومها فهو مفتاح تنظيمها وعلاقاتها . ألفوا بحضرتهم رجلا وديعا مسالما جامعيا مثقفا متقدما في السن هادئا كأنه البحر في جماله . كان ذلك كفيلا بتغيير نظرتهم عن الحركة التي يحاربونها ولكن أشقى الاشقياء : حمار يحمل أسفارا . صادف يومها أن أحد الاخوة كان يعرف الاسم الحقيقي لبعض المحققين فناداه بإسمه الحقيقي ذاك في حضرة بعض الاخوة فتعرض للعقاب الاليم وتوعده لئن ناداه أخرى بغير إسمه الحركي المتداول يومها بشر وضر . وكان أغلب المحققين يومها يحملون أسماء حركية مستعارة لئلا تدركهم أقدار القصاص يوما إنتقاما من ذي الانتقام سبحانه ولكنهم جهلوا أنه يمهل حتى يمد للظالم مدا ويستدرج السفاح القاتل إستدراجا ولكنه لا يهمل بل لا يأتي العذاب في الدنيا للمعتدين على أبشار الناس بغير حق وأموالهم وأعراضهم إلا بغتة . يحل بهم العذاب يوما سواء كانوا آمرين بالتعذيب أو ساكتين عنه برضى أو بكره أو مزاولين له بحنق أو بتقدمية وتحضر تماما كما يحل بأحدهم النوم بغتة في أثناء قيادة سيارة أو نقاهة على شاطئ . أما حين يجتمع الخصوم عند الحاكم الاول والاخير في أشد غضبه يوم القيامة والكون بأسره يسبح » لمن الملك اليوم » ويرجع إليه صداه مجيبا » لله الواحد القهار » … أما يومها فلن يسأل عامل المنطقة و لارئيس حركة الاتجاه الاسلامي عن جريمة التنظيم ولكن يسأل المحقق وسائر شخوص المشهد من الشرطي والكاتب والرئيس والوزير » بأي ذنب قتلت تلك الموؤودة ؟ ». سيدي المحقق العزيز الكريم : هل أعددت جوابا قبل أن يقال لك » ذق إنك أنك العزيز الكريم « ؟. وإلى حلقة تالية أستودع القتلة والسفاحين والمعذبين في دولة حقوق الانسان إثم الشيطان .
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لطالما كان الإسلام..فى مرمى سهام السلطة التونسية
أريد للجمهورية التونسية والتى تحولت إلى عقار بيد طغمة الحكم أن تعيش إغتراب رهيب على محيطها المغاربى والعربى والإسلامى وعلى شعبها وعلى ثقافتها ودينها , فبلدنا الحبيب تونس تحت ظل حكم الجنرال بن على الذى إمتهن القمع والتزييف , تفوح منه كل يوم نتانة إسبداد مرضى بحق الإسلام وحريات الناس إنفرد به هذا النظام عن سائر الأنظمة التى فكت قبضتها الستالينية على شعوبها بدرجات متفاوتتة , ولقد مثل خبر(…) البطاقة المغناطيسية للصلاة التى تهكم فيها أحد التونسيين على النظام مشهدا يلخص فعلا تعاطى النظام مع الإسلام والشعب التونسى ولقد كان هذا التهكم مميزا وسيظل عالقا فى الأذهان خاصة وأنه دفع النظام إلى تكذيب خبر لم يكن خبر ونحن نهنىء وكالة صحابو بريس للبرقيات على هذا السبق ونعزى النظام على هذه العثرة وكل فضائحه التى إنتشرت وليس آخرها الإعتداء على كتاب الله تعالى ثم إنكار الفعل المشين كما أنكر نظام الجنرال بن على كل جرائمه بصفاقة إحترفها تأتى حادثة تدنيس القرآن الكريم من قبل السجان المجرم عماد العجمى ممارسة مكررة عرفها السجناء الإسلاميون من هذا المجرم بالذات ومن زبانية نظام الجنرال بن على وما أكثرهم , فقد أنتهكت حرمة المصحف الشريف فى السجون التونسية منذ مطلع التسعينات بلا حساب خاصة أثناء التفتيش المفاجىء (وهو ما يعرف فى السجن بـ : الفوي) , وليست هذه الممارسة بمعزولة أو هى من قبيل التصرفات الفردية بل هى سياسة رسمية منتهجة من قبل زبانية النظام التونسى تجاه المصحف والصلاة وسائر العبادت لإذلال المعتقلين الإسلاميين فى السجن خاصة وأن جلاوزة النظام متحققون من أن هذه الممارسات هى الأشد إيلاما ونيلا من المعتقلين , وليست للإقلام المأجورة التى تنادت لتبرئة النظام من جريمته الشنيعة إلا وجه العملة الآخر لهذا النظام الفاسد والمفسد والذى لم ينتج غير قلعة إستبداد جهنمى مفاتيح أقفالها بيد الجهل والفشل الذى إستوعبته وزارة اللا أمن الداخلى وقطعان الإنتهازيين الذين أجّروا ألسنتهم وأقلامهم بالدينار والإمتيازات . إن الحرب المعلنة على الإسلام فى تونس تحت أسماء مستعارة دشنها الجنرال بن على وجلاوزته منذ بداية تسعينات القرن الماضى حين وقع الإسلاميون فريسة لآلة قمعية متنمرة تكره بحقد متعاظم كل من يتنفس بالإسلام وقد كانت إرهاصات الحرب الموروثة عن بورقيبة المضى قدما فى تسييل ما أبقاه هذا الأخير من أثر من الزيتونة وتفعيل تجريم إرتداء الخمار(الحجاب) وإطلاق اللحية وإقتناء الكتب الدينية و تداولها ومنعها فى المكتبات وحضر الدروس فى المساجد وملاحقة كل من تظهر عليه علامات التدين وتوهين مادة التربية الإسلامية فى المقررات المدرسية بل إن البوليس كان يفتش فى دفاتر الطلبة والتلاميذ عساه يعثر على كتاب ليس فى المقررات المدرسية أو الطلابية ويكون موضوعه الدين وقد وصلت هذه الممارسات حدودا شائنة بلغت حد نزع خمار التونسيات فى الطريق العام وملاحقة الملتزمين والملتزمات بالإسلام فى المسجد والإدارة والمستشفى والمعهد والجامعة والعمل وفى سيارة الأجرة والسوق والمحلات التجارية وأثناء المرور أمام مراكز البوليس و فى البيت ووو… , ثم ما فتئت الهجمة أن طالت كل شيىء يحيل على الإسلام حتى البسملة فى الحديث وكلمات الحمد والتوكل المكتوبة على السيارات , وقد عومت السلطة الغاشمة هذه الحرب القذرة على الإسلام بحربها الشرسة على الحركة الإسلامية , وأحسب أن هذه الظاهرة لو طفنا اليوم العالم الإسلامى بل العالم كله سنعجز على أن نجد لها نظيرا إلا اللهم فى التاريخ , من مثل تاريخ جمهوريات الإتحاد السوفياتى سابقا على عهد ستالين أو تركيا على عهد كمال أتاتورك وكل هذه الدول اليوم هى ليست بحال مثل تونس الجنرال بن على أمد الله فى أنفاسه وأذاقه أضعاف ما يعانيه أخيه غير الشقيق شارون . لقد منع الإستبداد الذى يتبجح بدعاوى الحرية والديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان والمرأة وبقية القائمة من إسطوانته المشروخة, الطالبات الإسلاميات من الدخول إلى حرم الجامعات التونسية لإجتياز إمتحاناتهن وهن يحملن تاج رؤوسهن , وإكراههن على نزع الخمار(الحجاب) – كما فعل مع تلميذات المعاهد الثانوية – , الذى أمرهن الله تعالى بإرتدائه بما هو حكم ثابت متواتر مجمع عليه بيقين الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف والخلف لا ينكره إلا جاحدا لحقيقة إسلامية وفريضة ربانية وواجب دينى و ليس لدعاويه الكاذبة والواهنة غير تبرير هزيل للصد عن سبيل الله تعالى , وهل يبقى القول اليوم بأن خمار المرأة المسلمة هو « لباس طائفة , وافد , ونشاز » معنى غير محاربة الإسلام ,أليس »الجينز »و »البودى » و « المينى » ووو… هى الوافدة والنشاز؟؟؟ أم أنها « الحداثة » المغشوشة التى تتوسلها هذه اللوثة التى تحكمت فى البلاد بقوة البوليس لتنهتك ستر القيم التونسية المسلمة ولتحتفل بالميوعة والتفسيخ على كل المنابر الرسمية فى مخطط رهيب لتفسيخ البلاد والعباد وتمييع الناس ونشر قيم الرذيلة بعيون فضيلة من دعاوى العصرنة والحداثة الزائفة!!! وليس قناة تونس 7 منا ببعيد . إن الحرب على الإسلام التى تديرها طغمة الحكم فى تونس لم تبدأ اليوم ولكنها اليوم تتكشف معالمها للكثير من الأطراف خارج تونس , الشعبية منها والرسمية حتى ليجد النظام نفسه لأول مرة منذ أن أدار رحى هذه الحرب الصامتة فى موقف يصدر فيه ولأول مرة فى تاريخ الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بيان يكشف حادثة إنتهاك حرمة الإسلام فى بلد الزيتونة المعمور . إن الخبر الذى ورد عن المجرم مدير سجن برج الرومى عماد العجمى من تدنيسه للمصحف الشريف هو غيض من فيض من ممارسات داخل المعتقلات النوفمبرية , فقد منعت الصلاة بالليل ولفترات فى بعض السجون التونسية ناهيك عن صلاة الجماعة والجمعات وحلقات الذكر والتلاوة ووو…, أيها العقلاء من كل ملة لو كانت تونس إقليم تحت إمرة الإتحاد السوفياتى سابقا لأعتبرنا أن الأمرعادى فالمركز شيوعى والإقليم إسلامى أما فى تونس فماذا نقول فحامى الحمى والدين يسرق الحمى وينتهك حرمة الدين كالذئب يرعى الغنم فهل يكون أمينا ليرعاها . إن المرء ليألم لدينه وإخوته وأخواته ولحال البلد الحبيب تونس و ما آل إليه فى هذا العهد التعيس ولحال الإسلام والمسلمات المؤمنات الاتى تتربص بهن دوائر الإلحاد والإستبداد , نعم يدور القمع اليوم فى غير أجواء التسعينات وهذا ما تغير فى تونس اليوم فجرائم النظام لم تعد تجرى فى صمت , على أن مجارى النظام لم و لن تتوقف عن زكم أنوف التونسيين والعالم بروائح إستهداف الإسلام والناس خاصة وأن الخطاب الخشبى الذى يعتمده النظام ما يزال يستوعب حالة الفصام المزمن التى يعيشها , وليس منتظرا من الدكتاتورية أن تولى القهقرى قريبا بالرغم مما خسرته لدى الشعب التونسى وكذا بعض الأوساط الرسمية فى الخارج الذى تبقى بعض أطرافه هى رهانها الأهم بعد آلة القمع التى تنزع لها لحسم كل أزماتها مع المجتمع وهى الوسيلة الوحيدة التى يتعامل بها النظام مع كل خصومه وعلى رأسها الإسلام إن ما حدث ويحدث فى تونس الزيتونة سيظل عارا يلاحق التونسيين شائوا أم أبو , وستظل هذه المرحلة من تاريخ تونس ما بعد الإستقلال مرحلة حالكة لن يمحوها إلا إستقلال ثانى يتخلص فيه الشعب التونسى من طغمة الإنقلاب الأسود المتحكمة فى البلاد ومن الحزب الذى حكم التونسيين والتونسيات منذ جلاء فرنسا عن تونس حتى اليوم ويبقى سؤالا مهما جدا ومشروعا شاركنى فى طرحه محامى وناشط حقوقى تونسى قادم من تونس..ما الذى سيحرك الشعب التونسى بعد كل الذى حدث ويحدث؟؟؟!!! أم أننا سننتظر حتى يخلف النظام نفسه؟ دمتم طيبين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته صـابــــر : سويســـــرا
المونديال والحصاد المرّ
صــابر التونسي لشد ما آلمني اندحار فرقنا العربية والإفريقية مبكرا من تصفيات المونديال وتألمت أكثر لأن فريقنا التونسي لم يحرز أي نصر نرفع به رؤوسنا أمام « البيض المستبدين » رغم النعم الظاهرة والباطنة التي أسبغها عليهم السيد الرئيس من حر ماله! والتشجيع غير المحدود من كافة أطياف الشعب التونسي بمن فيهم من « مناوئين » ومهجّرين ومن لم ير تونس ولا يربطه بها غير أن أصله من مائها ودمها! قلّبتُ عن الأسباب وضربت بعضها ببعض فلم أجد غير « الدكتاتورية » والإستبداد بالرأي والوطنية « المضروبة » سببا للهزيمة! وأرجو أن لا يتهمني صائد في الماء العكر بأنني أتطاول على ولاة أمرنا فأنا لا أقصدهم وهم من هذه التهمة براء! إنما أقصد تصريحا لاتلميحا السيد « لومار » مدرب الفريق الوطني لأنه لم يفهم الدور المطلوب منه والذي نال بسببه الملايين المملينة من أقوات الشعب التونسي حتى الذين ليس لهم في لعبة « ركل الهواء » ناقة ولا جمل! فات السيد المدرب الدخيل على ثقافتنا أنه لا يحق لأحد تولى أمرا أن يخطط من تلقاء نفسه أو أن ينسب تخطيطه إليه وأن يكون له مشروع يسعى لتنفيذه! فاته أن دوره وظيفي لتنفيذ السياسات « العلية »! نسي الرجل نفسه وظن أن له حق « الحكم » على مجموعة من أبناء تونس وأن له عليهم حق السمع والطاعة في المنشط والمكره وإن كان على أرض الملعب فقط! وفاته أن طريق الولاء لدى بني وطني له مسار واحد واتجاه واحد! ألا يعلم هذا المسكين الذي غررت به ديمقراطية قومه « الملعونة » أن الأمور في بلادنا تدار على غير هذا النهج وأن لنا تقاليد عريقة في إرجاع كل أمر ذي أهمية إلى أولي الأمر! ألا يعلم أنه تطاول على صلوحيات غيره حين تجاهل استشارة ومباركة « ولي » نعمته في كل خطوة يخطوها أو قرار يتخذه من تعيين اللاعبين إلى خطة اللعب والهجوم! وكيف فاته أن قيادتنا لها من التحصيل الأكاديمي والتجارب العملية الكثير من الخبرة في مجال مواجهة الخصوم والإحاطة بهم وأن الأمر عندهم علم يدرس وقد تعلموا كيف ينصبون الكمائن وكيف يُغِيرُونَ عند الحاجة! وما أحسب أن الأمر موطن جدال حول من الأقدر على « الغزو » المدرب الرياضي أم الجنرال المحنك؟! لو علم هذا المدرب المغرور بثقافته الغربية التي تشجع الإبداع الحر على ما فيه من مخاطر قصة الوزير الذي كان يشرح خطة وزارته وبرنامجه للنهوض بالقطاع في إحدى الندوات، وقصة الهاتف الذي قطع عليه استرساله ليعود بعده متحدثا عن برنامج السيد الرئيس الذي هو مكلف بتنفيذه حرفيا ودون اجتهاد! لاستفاد من الأمر وعرف قدره وعلم أنه لا يحق له التطاول! إن كنت جاهلا فاعلم يا سيدي المدرب أن الأمور في بلادنا ترجع كلها بالنظر لولي الأمر! لأنه الأقدرُ والأعلمُ والأصلحُ في كل المجالات وأن الكوارث والهزائم تحل بنا كلما تجاهلنا هذا الأمر! و اعلم أنه لا يحق لأحد مهما كان منصبه أو علمه أو موقعه إلا أن يكون منفذا للتعليمات وفقط!! ولئن كنت متآمرا مع الأعداء أو سليل قوم قتلهم الدغباجي وبن سديرة والجربوعي رحمهم الله وأردت أن تثأر الآن فاعلم أن لا بقاء لك بيننا لأن أحفادهم أيضا لايزالون أحياء! وندعوك للمغادرة قبل أن نفتك بك! الغريب سيدي المدرب أنك تعلمت من « ثقافتنا » المحافظة على المنصب ومن حكامنا التمسك بالكرسي مهما كانت « الخيبات » وكان حري بك وقد سلمناك فلذات أكبادنا وخير ما نملك من الأحذية والأقدام علك تحقق لنا نصرا ولو موهوما، أن تقدم إستقالتك ويكن لك في زميلك مدرب الأرجنتين قدوة، حيث استقال مباشرة بعد هزيمة فريقه أمام ألمانيا! رغم أنه وصل بفريقه إلى ما لم تصل إليه! لو كنت مكانك سيدي المدرب لأسندت قيادة الفريق إلى « وليّ الأمر » ولو شرفيا حتى تحل البركة ولا يبقى مجال فيه قائد أو رئيس غيره ولا بأس أن تسمح له بالمشاركة ولو لدقائق حتى يصاب الخصوم بالرعب والإرتباك فيتمكن مهاجمونا من فتح الثغرة والنيل منهم! وإن قلت لي ما علاقة وليّ الأمر بالكرة حتى يسمح له بالمشاركة فيها أقول لك كعلاقته بشهائد الدكتوراه التي تسند له من حين لآخر تكريما لخدماته الإنسانية وقدرته متعددة الإختصاصات! وأواسي ولي أمرنا بهذه الطرفة علها تخفف عنه شيئا من مرارة الهزيمة! يحكى أن بائع حليب (لبن) كان يغش ويخلط حليبه بالماء، ولكنه لم يجد بركة لما جمع من المال وعلم بذنبه فأراد أن يتوب، ويتخلص من المال الحرام! لكنه لم يعرف كيف يقدر نسبة المال الذي جمعه من بيع الماء على أنه حليب، نصحه « شيخ » بأن يحمل كل ماله ويقف على حافة النهر ويلقي بماله في الهواء فما كان أصله الماء سيذهب إلى الماء وما كان أصله حليب سيقع على الأرض! وكذلك كان أمر زانتوس وكلايتن ولومار! سقطوا في الماء لأمر أراده الله وليس لتوبة « الراعي ». (المصدر: مجلة كلمة الإلكترونية العدد 43 بتاريخ 4 جويلية 2006) http://www.kalimatunisie.com/
المفكر حسن حنفي في منتدى الجاحظ
العرب في حاجة ملحّة إلى نظرية في التحرّر
آمال موسى تونس/الصباح بقليل من الذاتية التي لا بد منها وكثير من الموضوعية، فتح المفكر المصري المعروف حسن حنفي ذاكرة مشروع معرفي فلسفي امتد على اربعة عقود وجاب جغرافيات عديدة من الاسئلة ذات العلاقة باشكالية التراث والتجديد وما جاورها من محاور الاهتمام. هكذا اختار منتدى الجاحظ ومديره المثقف صلاح الدين الجورشي مصافحة حسن حنفي بعد طول غياب عن تونس دام قرابة سبعة عشر عاما: مصافحة المراجعة والنقد الذاتي لمشروع التراث والتجديد الذي يمثل العمود الفقري لاهتمامات الدكتور حسن حنفي. ولكن قبل التوقف عند ابرز ما قاله ضيف المنتدى وسط الحضور النوعي والغفير كالعادة، من الاهمية ان نضيء للقارئ بعض ملامح مشروع التراث والتجديد لحنفي. ان الدكتور حسن حنفي يعد من ابرز المشتغلين العرب في الفكر العربي والفلسفة المعاصرة. وهو متحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة باريس السوربون عام 1966 وعلاوة على اتقانه اصول اللغة العربية، فانه يجيد الانقليزية والفرنسية والالمانية الشيء الذي مكنه من العمل كأستاذ زائر في عدد من جامعات العالم مثل «تقبل» في فيلادلفيا وفي طوكيو. كما عمل مستشارا علميا لجامعة الامم المتحدة في طوكيو. وكما هو معروف استهل حسن حنفي مسيرته العلمية بنشر كتاب «المعتمد في اصول الفقه» لابي الحسين البصري والى جانب ترجمة اعمال لسبينوزا وسارتر وحول الفلسفة المسيحية، انطلقت مؤلفاته المعلنة عن مشروعه الخاص بالتراث والتجديد عام 1980 وعضده بعناوين اخرى مثل «الدين والثورة في مصر» و«من النقل الى الابداع» و«مقدمة في علم الاستغراب» وغيرها. اما جوهر مشروع الاستاذ الدكتور حسن حنفي فيتمثل في نظرته التي تقول ان التراث والتجديد يمثلان عملية حضارية هي اكتشاف التاريخ وهي حاجة ملحة ومطلب ثوري في وجداننا المعاصر. كما يكشفان ـ اي التراث والتجديد ـ عن قضية البحث عن الهوية عن طريق الغوص في الحاضر، اجابة عن سؤال: من نحن؟ واكتشاف ان الحاضر ما هو الا تراكمات للماضي بالاضافة الى واقع جديد هو نفسه نتيجة لضياع الجهاد القديم، والتخلف قد يكون نتيجة لضياع النظرة العلمية الحضارية القديمة، والفقر قد يكون نتيجة لغياب النظم الاقتصادية القديمة، واذا كان البحث في الهوية ياتي عن طريق تحديد الصلة بين الأنا والآخر، فان عملية «التراث والتجديد» هي الكفيلة بتحقيق ذلك لانها اكتشاف الأنا وتأصيلها وتحريرها من سيطرة الثقافات الغازية، الى جانب ان عملية «التراث والتجديد» تنقلنا من وضع التحصيل والنقل الى وضع النقد والخلق والابتكار. وعلى ضوء ذلك يرى حسن حنفي ان القضية هي ليست «تحديد التراث» او «التراث الجديد» لان البداية هي «التراث» وليس «التحرير» من اجل المحافظة على الاستمرار في الثقافة الوطنية وتأصيل الحاضر ودفعه نحو التقدم في قضايا التغيير الاجتماعي. اما في كتابه «مقدمة في علم الاستغراب» الذي يمثل في حقيقته مشروعا للتراث والتجديد في نفس الوقت، فان المقاربة تشتمل على جبهات ثلاث: الموقف من التراث القديم والموقف من التراث الغربي والموقف من الدافع. ويحاول الباحث من خلال علم الاستغراب ان ينقل الخطابة السياسية التي تعود عليها جيل الباحث الى مستوى الخطاب العملي الرصين، منطلقا من نقطة اساسية مفادها ان علم الاستغراب ليس فقط علما نظريا بل هو ممارسة عملية لجدل الأنا والاخر، تحرر الأنا ثقافيا وحضاريا وعلمنا من هيمنة الآخر. اي ان مشروع الدكتور حنفي يمثل اعادة تقييم مذاهب الاخر ابتداء من مقولات الأنا واعادة بناء اتجاهات الآخر العقلانية والتجريبية وفلسفة الحياة بناء على تراث الأنا واستعمال تراث الآخر كعلوم للوسائل واستعمال تراث الأنا كعلوم للغايات. هذه هي اهم اطروحات حسن حنفي التي خصص لها العناوين الكثيرة، فكيف كانت مراجعته لمشروعه في المداخلة التي قدمها في منتدى الجاحظ مساء الاثنين الماضي؟ لقد كان حسن حنفي وهو يستعيد بدايات مشروعه الفكري واطواره، كمن يفكر بصوت عال لذلك كان حميميا في حديثه وسلسا وقلقا ومتراوحا بين بعض اليقين وكثير التساؤلات التي تعكس فكرا لم يغلق ورشته بآلة الحسم القاتلة. قال في مستهل كلامه انه علم نفسه النقد الذاتي، متنقلا بعد ذلك الى وصف نفسه بانه ابن الهزائم الاربع: ـ هزيمة 1948 التي عاشها وعمره 13 سنة، حيث كان غير معني بالاطار النظري بقدر اهتمامه بالجانب العملي معلقا على الاحداث الاخيرة بانه يخاف ان تضيع فلسطين بين فتح وحماس. ـ العدوان الثلاثي سنة 1956 على مصر. ـ هزيمة 1967 ـ هزيمة الارادة التي تعكسها حسب حنفي قهر الانظمة للداخل وتبعيتها للخارج. واضاف الباحث الضيف ان ما يحتاجه العرب هو نظرية في التحرر وخاصة التحرر الثقافي والروحي متوقفا عند مجموعة القيود المكبلة للانسان العربي والتي على رأسها قيد القديم الذي يعيش فينا، مبينا انه لا يوجد لدينا فلاسفة، لأننا نعرف اجابات الاسئلة الكبرى والمتمثلة: ماذا يجب علي ان اعرف وماذا يجب علي ان أفعل، وماذا يجب علي ان آمل، ذلك ان الفلسفة لا تتراكم ولا تكون الا اذا حصل انكسار نظري بين الفيلسوف والعالم ثم اضاف الدكتور حسن حنفي ان قضيته الاولى هي كيف يفك القيد من الماضي أين روحه في عصره وجسده في زمن آخر، متسائلا عمن اوقف التاريخ ولماذا ينقل من القدامى: «لا بد من موقف من القدامى ونقل الروح القديمة الى هذا العصر. أنا استغرب ان تكون البرامج وخطب الجمعة عن رجال الماضي من الصحابة. لماذا يتم نقل الحاضر الى الماضي. وعبر حنفي عن خشيته من ان يتحرر من قيد الماضي فيسقط في قيد جديد هو قيد الغرب الحديث، ذلك انه لا فرق عنده بين من يقول، قال ابن تيمية ومن يقول قال كارل ماركس مضيفا ان ظاهرة التغريب تشمل النخبة تحديدا في حين ان الجماهير العربية تحت قيد الماضي. وكي لا يقع في اسر قيد الغرب واستبداله بقيد الماضي، اوجد الدكتور حسن حنفي نظرية الاستغراب التي كان منطلقها الخشية من الهجوم على الثقافة العربية والاسلامية ووصفها بانها ثقافة نص. وهو ما حاول تطبيقه حنفي نفسه عندما طرح سؤال ما اذا كان يستطيع كمفكر ان يرى الواقع رؤية مباشرة دون ان يكون النص وسيطا، اي النظر الى الواقع وتشخيص المرحلة وتحدياتها وابداع نص جديد لا يعيش في الماضي فيقع في السلفية ولا يرتمي في احضان التغريب فيسقط في العلمانية وهو خلاصة مشروع التراث والتجديد، الذي يسعى الى خوض المعارك التي لم نكسبها بعد كقضايا الثروة والتنمية والحرية. ومن منطلق اقتناع حسن حنفي من كون العقل العربي قادرا على الابداع وصياغة نصوص جديدة، تعطي الاولوية للمعاملات قبل العبادات، اذ ان الجميع يعرف العبادات وتفاصيلها في حين ان اسئلة مثل كيف يرى الاسلام السوق والعولمة وكل ما يتعلق بجانب المعاملات بحاجة الى نصوص ابداع واجتهاد جديدة. وفي نفس السياق انتقد حنفي اجندة الاصلاح في الشرق الاوسط الكبير وكيف انها تقفز على قضايا ذات اولوية مثل الفقر والتنمية وتنشغل على قضايا الاقليات والمرأة، طارحا سؤالا استنكاريا مفاده لماذا نرتهن بسبب المعونات فتكون النتيجة ان مليار وربع من المسلمين لا يستطيعون الدفاع عن فلسطين ضد 4 ملايين يهودي. وفي خصوص تأسيسه لنظرية الاستغراب قال حنفي ان تلك النظرية خضعت الى منطلقات واهدافها من اهمها التقريب من الهوة القائمة بيننا وبين الغرب كي لا تحدث حروب اهلية ثقافية. وختم الدكتور حسن حنفي مداخلته بالاشارة الى انه بصدد التفكير في الواقع خصوصا وانه يخطط لنا كي نكون فسيفساء عرق طائفي دون ان يغفل عن حقيقة ان مشروع التراث والتجديد يعيش الحصار في الداخل لاسيما وان اهم رهان مشروع التراث والتجديد هو التعرف على مَنْ يتحكم في العقل العربي، معبرا ان جهده الذي مضى والذي سيأتي يسعى من بين مساع كثيرة، الى ان يقطع الطريق امام الشعراوي وعمرو خالد وغيرهما كي لا يستفردوا بعقول الناس. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
بمبادرة من تونس:
جلسة طارئة لمجلس حقوق الانسان لبحث العدوان الاسرائيلي
تونس ـ « الشروق » عقد مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة أمس في جنيف جلسة استثنائية لبحث الوضع المتدهور في فلسطين المحتلة جراء الهجمة الصهيونية الشرسة التي زادت حدّتها منذ خطف جندي اسرائيلي قبل 10 أيام في عملية جريئة للمقاومة الفلسطينية. وعقدت هذه الجلسة بناء على طلب عن تونس التي ترأس المجموعة العربية في المجلس، وحظي المقترح التونسي بتأييد 20 دولة بينها 5 دول عربية هي الجزائر والمغرب والبحرين والأردن والمملكة العربية السعودية. وأكدت تونس والدول التي ضمت صوتها إليها أنها طالبت بعقد هذه الجلسة بسبب التصعيد الخطير الذي تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة والانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان التي ترتكبها قوات الاحتلال في عملياتها العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين الأبرياء. وبانعقاد هذه الجلسة تؤكد تونس مرة أخرى نجاحها في اسماع صوتها في أكبر المحافل الدولية ونصرتها لقضايا الأمة العربية ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني المناضل، حيث يعقد مجلس حقوق الانسان جلساته مرة كل أربعة أشهر إلا في حال طلب موافقة ثلث أعضائه على عقد جلسة طارئة، وهو ما قامت به تونس في هذا الظرف العصيب الذي يمرّ به الشعب الفلسطيني سعيا منها الى كشف جرائم الاحتلال وتقديم صورة حقيقية عما يجري في الأراضي المحتلة وما يرتكب فيها من مجازر وانتهاكات بحق المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال. لكن يبدو أن السفير الاسرائيلي في المجلس اسحاق ليفانون لم ترق له هذه الدعوة حيث انتقد ما اسماه بالاساليب القديمة المنسوبة الى لجنة حقوق الانسان (التي حلّ محلها الآن مجلس حقوق الانسان). وزعم السفير الاسرائيلي ان هذا المجلس يعتمد نفس اسلوب «الانتقائية» الذي انتهجته اللجنة السابقة وانه تحوّل الى اداة لإدانة اسرائيل. وقد تجاهل ليفانون ان اسرائيل حوّلت بدورها مجلس الامن وعدة منظمات دولية تابعة للامم المتحدة الى أداة بيدها تمتنع عن محاسبتها بل تتستّر على جرائمها وتنظر الى الوقائع الجارية بمنظارها. وقد جعلت بعض هذه المنظمات المحسوبة على المنظمات الحقوقية الدولية من اختطاف الجندي الاسرائيلي «أم القضايا» وانخرطت في الدعوات الى اطلاق سراحه متجاهلة آلاف الاسرى القابعين في سجون الاحتلال الاسرائيلي دون ذنب ارتكبوه سوى الدفاع عن ارضهم، بل ملايين الفلسطينيين المحاصرين الممنوعين من أبسط مقوّمات الحياة الكريمة بسبب الاجراءات الاسرائيلية العدوانية التي لم تشتثن احدا. وقد انتقدت عشر منظمات غير حكومية لحقوق الانسان موقف منظمة العفو الدولية التي طالبت بالافراج عن الجندي الاسرائيلي وغضّت الطرف عن معاناة اكثر من 10 آلاف اسير في سجون الاحتلال. واعتبرت هذه المنظمات ان محاولة تصوير العملية العسكرية الاسرائيلية الجارية على انها اخذ رهينة ليس وصفا غير صحيح فحسب بل يعني ان المنظمة الدولية ترفض حق الفلسطينيين في اي شكل من أشكال المقاومة. (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
تجاوزات خطيرة في قطاع كراء السيارات: عشرات السيارات تجوب قرى ومدن الجنوب تحت مسميات غريبة وشركات وهمية!
* تونس ـ الشروق : قالت مصادر مطّلعة من داخل قطاع كراء السيارات لـ «الشروق» إن تجاوزات خطيرة تجري هذه الايام على مستوى عدد من قرى ومدن الجنوب ابطالها أشخاص وشبكات وهمية وخفية وفّرت جميع الطلبات من السيارات المخصصة للكراء لكل الراغبين. ويشتكي أصحاب شركات كراء السيارات «الرسميون» من تفاقم الظاهرة وحصلت «الشروق» على عيّنة من أرقام السيارات التي تعمل في الخفاء في مجال الكراء، وقالت مصادر «الشروق» انه تم الى حد الآن رصد حوالي 300 سيارة مخصصة بعيدا عن اعين الرقابة وفي تجاوز مفضوح وخطير للقوانين الجاري بها العمل والتي تنظم القطاع حتى يكون مؤمّنا وسليما. وقال السيد نورالدين بتيتة رئيس الغرفة الجهوية لأصحاب محلات كراء السيارات بقابس ان السلط الجهوية والأمنية ما فتئت تقوم بمساع جبّارة ومحدودة لايقاف كل المخالفين ومتابعة كل السيارات المشبوهة والتي كثيرا ما تكشفها حوادث المرور والتجاوزات على الطرقات. وأشار المتحدث الى أن نهم البعض لم يتوقّف وأضافوا في المدّة الأخيرة العديد من السيارات الجديدة والفاخرة من مختلف الماركات المطلوبة لأسطولهم السابق وهم يعمدون الى اتّباع طرق ملتوية فيها الكثير من «الغش» و»التحيل» و»المغالطة» وهم لا ينفكّون عن تجاوز القانون خاصة مع دخول البلاد في الموسم السياحي الجديد الذي يتزامن مع بداية فصل الصيف الذي تكثر فيه الافراح والمناسبات العائلية ويتزايد الطلب على تأجير السيارات. وأضاف السيد بتيتة لـ «الشروق» أن عمل هؤلاء يجري في السوق السوداء وان مدينة قابس أصبحت نقطة مركزية في كراء السيارات على وجه غير قانوني وتحوّلت «التجارة السوداء» في هذا القطاع الى مقصد العديدين من جل مناطق الجنوب وخاصة جربة ومدنين وتطاوين وقبلي ودوز! وأوضح السيد منير الامام نائب رئيس الغرفة الجهوية لكراء السيارات بقابس ان هذا النوع من التجارة والسمسرة فاق كل التوقعات ناهيك وأن اصحابها اصبحوا يوفّرون سيارات فاخرة ومن آخر طراز تعجز الشركات والمحلات القانونية عن توفيرها وألمح المتحدّث الى أن القطاع المنظم بالجهة يشكو من صعوبات حقيقية وعملية ويهدّد بصفة جذرية مواطن رزق العديد من العملة والمشتغلين بالقطاع على وجه قانوني من ذلك أن احدى شركات كراء السيارات استغنت في الفترة القليلة الماضية عن 6 من عملتها من ضمن 13 عاملا كانت تصرف لهم كامل مستحقاتهم وهم مرسّمون بمنظومة الضمان الاجتماعي وأن الوضع المتفاقم من يوم الى آخر يهدد مواطن رزق من تبقى من زملائهم! وأشارت مصادر «الشروق» الى أن السلوكات المذكورة فتحت الباب أمام العديد من التجاوزات على الطريق وخاصة منها حوادث المرور التي كان بعضها قاتلا بالاضافة الى الاضرار بالممتلكات امام تفصّي اصحاب تلك السيارات غير القانونية من واجبات التأمين والتهرّب من كل الواجبات الجبائية والمالية الأخرى. خالد الحداد (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
قانون انتخابات 2007 يثير جدلاً واسعاً في المغرب .. معركة سياسية بين الأحزاب الكبيرة والصغيرة واتهامات بالإقصاء
الرباط – خدمة قدس برس لا يزال مشروع القانون الذي أصدرته وزارة الداخلية المغربية بالاتفاق مع الأحزاب المشاركة في الحكومة، يثير استياءً كبيرا في الشارع السياسي المحلي، ويزيد من توتر العلاقات بين أحزاب الأغلبية الحكومية، وبين أحزاب المعارضة والأحزاب الصغيرة، التي اعتبرت أنها ستكون ضحية لهذا القانون، في حالة الإصرار على تطبيقه. فقد فاجأ القانون التنظيمي، والذي من المفترض أن يقنن انتخابات العام المقبل 2007، المتتبعين، إذ حاولت أحزاب الأغلبية، أن تفصّل قانونا انتخابيا يضمن لها البقاء في الحكومة المقبلة، وفي المقابل يخرج العشرات من الأحزاب الصغيرة من حلبة المنافسة، مما سيجعل الناخب المغربي، أمام اختيارات محددة سلفا، حسب رأي عدد من المراقبين. وحسب القانون الجديد، فليس من حق الأحزاب التي تم تأسيسها مؤخرا أو تلك التي لم تحصل على نسبة 3 في المائة خلال الانتخابات الماضية، الترشح في أي دائرة انتخابية دون الحصول على مائة توقيع، من طرف أشخاص مسجلين في اللوائح الانتخابية. ومن البنود الأخرى التي أثارت عاصفة من الرفض اشتراط الحصول على 7 في المائة من الأصوات للمشاركة في توزيع المقاعد البرلمانية، إضافة إلى عدم إشراك الجالية المغربية المقيمة في الخارج في الانتخابات المقبلة. ووجهت الأحزاب التي ستتأثر بهذا القانون اتهاما، بصفة خاصة، لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إضافة إلى حلفائه حزب الاستقلال (يمين)، وحزب الحركة الشعبية (وسط)، معتبرة أن هدف الأحزاب الحكومية، من هذه الخطوة، هو ضمان استمرار وجودها في الحكومة المقبلة على حساب التعددية الحزبية. ولم يتردد عبد الكريم بنعتيق، زعيم الحزب العمالي المنشق عن حزب الاتحاد الاشتراكي، في التصريح خلال مهرجان خطابي أمام أنصاره قائلا: « لقد ظلمْنا الملك الراحل الحسن الثاني، لأنه كان أكثر رأفة بالمغاربة من الذين يحاولون الآن فرض ديكتاتورية الأغلبية، من خلال الضغط في اتجاه خرق الدستور، وتضييق الخناق على التعددية، والحق في المشاركة الانتخابية.. ». كما قارن أحد القيادات السابقة داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، بين ما كان يفعله العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني الذي يتهمه خصومه بالديكتاتورية، وبين رفاق الأمس، فاعتبر أنّ الحسن الثاني كان « يلعب مع الكبار » في حين أنّ الأحزاب التي وصلت إلى الحكومة، بعد سنوات طويلة من النضال في مواقع المعارضة « تلعب اليوم لعب الصغار »، في إشارة إلى القانون التنظيمي الذي أقرته لتأطير انتخابات الصيف المقبل. ووجه محمد الساسي، خلال ندوة حول موضوع نمط الاقتراع، انتقادا لا يقل حدة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان رئيس قطاعه الشبابي، قبل أن ينشق عنه ويصبح اليوم أمينا عاما للحزب الاشتراكي الموحد، فقال مخاطبا زعامات ما يسمى باليسار الحكومي « إنكم بعتم الإصلاحات الدستورية مقابل المشاركة السياسية، والآن تريدون بيع التعددية مقابل الوزارة الأولى »، وفق تعبيره. كما تحدث أحمد بنجلون، الأمين العام لحزب الطليعة، الذي سيشارك (إن سمح له رفاقه) لأول مرة بعد ثلاثين سنة من المقاطعة في الانتخابات المقبلة، في نفس السياق، محاولا تقديم تعريف لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد التطورات الأخيرة، « أنه حزب لم تعد له علاقة باليسار ولا بالديمقراطية، لأنه شارك في التناوب، فسقط في العمالة الطبقية.. ». على حد وصفه. وتستمر الانتقادات الحادة التي يوزعها كل أحزاب اليسار، بما في ذلك حزب التقدم والاشتراكية، المشارك إلى جانب حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة الحالية، إلى « اليسار الحكومي » بالأساس، على الرغم أن كل الأطراف الحكومية ذات الأغلبية ساهمت في إنتاج هذا القانون. وفي آخر التطورات التي رفعت من حرارة صيف المغرب، أقدم عدد من الأحزاب السياسية بالتهديد باللجوء إلى التحكيم الملكي، إذا لم ينصفها المجلس الدستوري، الذي تنتظر منه أن يلغي القانون المثير للجدل، على اعتبار أنه يخالف الفصل الثالث من الدستور المغربي، والذي يكفل المشاركة في الانتخابات لكل مواطن مغربي، دون أي شروط مسبقة. وفي انتظار توجيه طلب للملك محمد السادس لـ « ينصف الأحزاب الصغيرة، من رغبة الأحزاب الكبيرة في إخراجها من الحلبة قبل انطلاق المنافسات »، حسب ما يردده الشارع السياسي، أصدرت الأحزاب الرافضة لنمط الاقتراع المقترح من طرف الحكومة مذكرات إلى الرأي العام، إذ اعتبر الحزب الليبرالي المغربي « نمط الاقتراع مؤامرة لسلب الإرادة الشعبية »، مطالبا « المجلس الدستوري بأن يتحمل مسؤولياته عند طرح القانون الانتخابي على أنظاره، وممارسة صلاحياته في مراقبة مدى دستورية القانون، الذي يجب أن يكتسي طابعا تنظيميا ». (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 6 جويلية 2006)
العدل والإحسان تنقل معركتها مع النظام الملكي إلى أوربا لمواجهة عزلتها الداخلية .. تيارات إسلامية وقوى سياسية مغربية ترفض التضامن معها وتعتبرها خارج الإجماع الوطني
الرباط – خدمة قدس برس حولت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المحظورة، معركتها مع الدولة خارج الحدود، بعد أن بلغت مواجهة أنصارها مع الأجهزة الأمنية مرحلة قد تنفتح على كل الاحتمالات. كما أن العزلة السياسية الداخلية التي ضربتها بقية المكونات بما فيها تلك المحسوبة على التيار الإسلامي ساهمت في تحويل واجهات المعركة والرفع من إيقاعاتها من طرف الجماعة التي تعتبر أكبر تنظيم إسلامي مغربي من حيث عدد الأتباع. وفي سياق إستراتيجيتها الجديدة، نظمت « العدل والإحسان » عدة وقفات احتجاجية أمام السفارات المغربية بعدد من الدول الأوربية وبأمريكا، مما سبب إحراجا حقيقيا للنظام المغربي، وللصورة التي يحرص المغرب على تسويقها للخارج. ولم تكتف الجماعة بالوقفات الاحتجاجية، بل تجاوزت ذلك إلى تنظيم ملتقيات وأروقة، وندوات دولية توجه من خلالها رسائل قوية للنظام المغربي. كما سجلت التحركات الأخيرة للجماعة مجموعة من التصريحات النارية لنجلة زعيم الجماعة نادية ياسين تجاه الملكية المغربية، إذ طالبت باستبدالها بنظام جمهوري. وفي آخر تصريح لها نشرته أسبوعية /الجريدة الأخرى/ في عددها الصادر يوم (3/7) هاجمت كريمة الشيخ عبد السلام ياسين القصر الملكي من باريس، مؤكدة خلال إحدى تظاهرات الجماعة أن « الملكية ليس لها أي مشروع باستثناء رغبتها في البقاء ». وأسست الجماعة شبكة لمناصرتها والتعريف بقضيتها في أوساط الرأي العام الأوربي والأمريكي أطلقت عليها اسم « جمعية التحالف من أجل الحرية والكرامة »، وباسم هذه الجمعية تنظم « العدل والإحسان » مجموعة من الأنشطة، سيكون من بينها وقفة احتجاجية أمام السفارة المغربية بألمانيا الأربعاء (5/7) وقد نجحت الجماعة في استقطاب جهات حقوقية دولية للدفاع عنها في مواجهة الحملة الأمنية التي تستهدف أتباعها في الداخل. فقد أصدر « المجلس الأمريكي لحقوق الإنسان » تقريرا يدين ما تتعرض له الجماعة، مؤكدا أنه يتابع « عن كثب الشأن المغربي على هذا المستوى، ويعرب للرأي العام الدولي عن قلقه الشديد تجاه الخروقات السافرة لأبسط حقوق الإنسان التي تعرفها الساحة المغربية عموما، والاعتداءات الشنيعة التي تتعرض لها جماعة العدل والإحسان في الآونة الأخيرة، على وجه الخصوص ». ولم يتردد المجلس في إعلان تضامنه اللامشروط مع جماعة العدل والإحسان، باعتبارها جمعية قانونية ترفض كل أشكال العنف. كما دعا كل الهيئات والمنظمات الحقوقية، وسائر مؤسسات المجتمع المدني « إلى التنديد بهذه الخروقات، والتدخل من أجل الحد من هذه الممارسات القمعية، المخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان »، بحسب ما ورد في التقرير. وسينظم المجلس الأمريكي لحقوق الإنسان وقفة احتجاجية أمام السفارة المغربية بواشنطن الأربعاء (5/7)، رفضا لانتهاكات حقوق الإنسان في المغرب. وترفع الجماعة من حرارة المواجهة في الخارج كلما ارتفعت وتيرة المواجهة الأمنية في الداخل، إذ لا تزال السلطات الأمنية المغربية تشن حملة اعتقالات واسعة ضد أنصار الجماعة إثر أي نشاط يقومون به، في إطار ما يسمونه بـ »الأبواب المفتوحة » التي كانت سببا في انطلاق شرارة المواجهات. إذ اختارت الجماعة القيام بأنشطة مكثفة في فترات متقاربة، وفي كل أنحاء البلاد، مما رفع درجة التوجس لدى الجهات الأمنية التي تراقب تحركات العدل والإحسان منذ انتشار ما تقول الجماعة إنه « مبشرات »، والتي أكدت من خلالها أن عام 2006 سيشهد تحولا عميقا في المغرب، جعلت بعض أعضاء الجماعة يعتقدون أن تلك « المبشرات » هي مقدمات لقيام الخلافة وانتهاء عهد « الحكم الجبري » خلال العام الجاري. ومقابل التأييد الذي تحظى به الجماعة في الخارج، يسجل المراقبون أن عزلتها في الداخل تتزايد بعد أن تخلت معظم الأطراف السياسية عن دعمها، كما أن الشارع المغربي لم يبد اهتماما كبيرا للنداءات التي توجهها الجماعة، مما يجعلها وحيدة في معركتها مع الأجهزة الأمنية التي تلعب معها لعبة شد الحبل، واعتقلت لحد الآن الآلاف من أنصارها، كثيرا ما تطلق سراحهم بعد ساعات من الاستنطاق، ما عدى عدد محدود منهم يحالون على القضاء، ويتم إصدار أحكام بالسجن عليهم بتهم مختلفة. وما يؤكد العزلة الداخلية التي تعيشها جماعة العدل والإحسان، صمت أغلب التنظيمات السياسية والحقوقية على ما يجري، وفي أحسن الأحوال إصدار بيانات محتشمة للتنديد بخرق حقوق الإنسان، كما فعلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. بل إن أطرافا سياسية ومدنية لم تكتف بالحياد السلبي بل شنت هجوما على « الجماعة » متهمة إياها بتهديد استقرار البلاد، التي تمر بمرحلة حساسة، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية التي ستشهدها المغرب صيف العام 2007. فقد أسس عدد من الناشطين، من ذوي الأصول الأمازيغية، بمنطقة الريف بالشمال الشرقي للبلاد، تنظيما أطلقوا عليه اسم « لجنة الدفاع عن استقرار الناظور »، ووجهوا اتهامات قاسية لجماعة العدل والإحسان التي يعتبرونها مصدر التوتر في منطقة تحتاج إلى الاستقرار في المرحلة الحالية. ولم يتردد رئيس اللجنة في التأكيد خلال تصريح صحفي قوله « سنفضح أساليب العدل والإحسان الدعائية ». وفي افتتاحية يومية /الحركة/ الناطقة بلسان حزب الحركة الشعبية (وسط) في عددها ليوم الاثنين (3/7) اعتبرت الصحيفة أن الجرائم الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني تشجع التنظيمات المتطرفة كتنظيم القاعدة، مشيرة « وليست القاعدة وحدها بل تنظيمات أخرى إسلامية تنتعش من ذلك ومنها جماعة العدل والإحسان المغربية التي تتحين الفرص، وتستغل كل شيء، لإخراج أنيابها الدموية وتأتي على الأخضر واليابس في بلادنا وتصدير تجربتها إلى أسبانيا ودول البحر المتوسط »، على حد تعبيرها. ويعتبر المتتبعون سبب الرفض الداخلي لمساندة جماعة العدل والإحسان في محنتها الحالية، يعود بالأساس إلى موقفها من النظام الملكي، وتصريحات قادتها تجاه الملك محمد السادس، الذي يعتبره البعض يحظى بشعبية كبيرة، ويحظى بإجماع كل الأطراف السياسية المغربية. وفي الوقت الذي تلوم أطراف داخل الجماعة التنظيمات الإسلامية على مواقفها من الأحداث الأخيرة، تؤكد هذه التنظيمات ولأول مرة في تاريخها وبشكل علني عن قرارها باتخاذ مسافة بينها وبين جماعة العدل والإحسان. ففي تصريح لقيادي في حزب العدالة والتنمية الإسلامي لمراسلة « قدس برس » قال عبد الله بها إن حزبه لم يعد قادرا على مساندة « الجماعة » بشكل مطلق، خصوصا أن مواقفها من ثوابت البلاد ليست واضحة. وأكد بها « حزبنا له ثوابت هي الإسلام، والوحدة الوطنية، والملكية الدستورية. وجماعة العدل والإحسان مواقفها ملتبسة من قضية الصحراء، كما أن موقفهم من الملكية يخرج عن الإجماع العام، وقبل أن نعلن مساندتنا لمواقفهم، عليهم أن يوضحوا لنا هل هم على استعداد لكي يعملوا في إطار الثوابت العامة للبلاد ». وأوضح القيادي في العدالة والتنمية بالقول « لن نساندهم إذا كانوا ضد الملكية أو ضد الوحدة الترابية ». وعن الاعتقالات الأخيرة في صفوف « العدل والإحسان » قال بها « مبدئيا، أي طرف أراد أن ينظم أنشطة معينة عليه أن يحترم القانون، كما أن الدولة ملزمة باحترام حقوق الإنسان، وتجاوزات السلطات الأمنية غير مقبولة بتاتا »، على حد تعبيره. أما مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري الإسلامي فقد اعتبر خلال اتصال هاتفي معه أنه « ليس من حق جماعة العدل والإحسان أن تعاتب البديل الحضاري على عدم مساندته لها، فقد ساندناها طيلة سنوات الحصار الذي كان مفروضا على زعيمها الشيخ عبد السلام ياسين، وجريدة /الجسر/ الناطقة بلسان حركة البديل الحضاري آنذاك شاهدة على ذلك، لكن في المقابل عشنا نحن عشر سنوات من الحرمان والصراع من أجل الحصول على الترخيص القانوني ولم تلتف إلينا الجماعة، ورغم ذلك سجلنا موقفنا الذي نشرته الصحف ». وأضاف المعتصم في تصريحه لقدس برس بأن « البلاد تعيش مرحلة دقيقة، وكنا نتمنى من جماعة العدل والإحسان ومن الدولة التحلي بالتريث وبروح المسؤولية، وطالبنا الطرفين بالهدوء وضبط النفس، وإذا كان على الدولة أن تتصرف بشكل متوازن، وأن تحترم حقوق الإنسان، فإننا نطالب الجميع باحترام القانون، ونقول للجماعة بأن البلاد فيها قانون وعليها أن تناضل من داخل القانون لا من خارجه ». ومقابل مواقف أغلب التيارات السياسية وخصوصا ذات التوجه الإسلامي، تحفظ بعض قادة جماعة العدل والإحسان عن التعليق على هذه المواقف، وفضلوا عدم الرد على تساؤلات مراسلة « قدس برس » بهذا الخصوص. ومع انشغال الرأي العام الداخلي بالاستعداد للانتخابات المقبلة، وأمام اللامبالاة التي يعبر عنها الشارع المغربي، من المتوقع أن ترفع الجماعة من حرارة الصيف انطلاقا من الخارج بعد أن وسعت دائرة تحركاتها لتصل إلى القارة الأمريكية بعد أن غطت عددا من النقاط الأساسية وسط القارة الأوربية. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 5 جويلية 2006)
حقوقيون مغاربيون: مكافحة ظاهرة الإرهاب يجب أن تسير بشكل ملائم ومنسجم مع احترام حقوق الإنسان
الرباط، 5-7-2006- أكد حقوقيون مغاربيون أن مكافحة الدول لظاهرة الإرهاب يجب أن تسير بشكل ملائم ومنسجم مع احترام مقتضيات حقوق الإنسان، مؤكدين أن إعمال تلك الحقوق من شأنه أن يحصن المجتمع من كل النزعات الإرهابية. وأبرز حقوقيون من المغرب وتونس والجزائر وليبيا، على هامش مشاركتهم في الجلسات الإقليمية حول « الإرهاب ومناهضة الإرهاب وحقوق الإنسان » التي تواصل أشغالها اليوم الاربعاء بالرباط والتي يستمع خلالها خبراء قانونيون دوليون تابعون للجنة الدولية للحقوقيين، لعروض تقدمها هيئات حقوقية تهم سياسات مكافحة الإرهاب ومدى انسجامها مع احترام حقوق الإنسان في هذه البلدان، أن مكافحة الإرهاب » لا يمكن أن تشكل ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان « . وهكذا، أوضحت السيدة أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان أن المقاربة الأمنية، لا يمكن أن تشكل، لوحدها، الجواب الوحيد عن هواجسنا وانشغالاتنا فيما يخص دولة القانون، مبرزة أن » قوة الدول المغاربية تكمن في احترام القانون ووجود مؤسسات قوية تنصهر فيها كل الافكار والاختلافات، لكن مع خضوع الجميع للقانون « . أما السيد بوجاقجي محمد نجم الدين، عن جمعية « جزائرنا » لعائلات ضحايا الاختفاء، فقد اوضح أن » قدر نشطاء حقوق الإنسان كيفما كانت بلدانهم هو التفاهم والتعاون لضمان احترام حقوق الإنسان ». وأشاد السيد بوجاقجي بالمناسبة، بإحداث هيئة الانصاف والمصالحة بالمغرب، معتبرا أنها تجربة متميزة وفريدة على مستوى العالم العربي، و » سمحت للضحايا بعرض مأساتهم بشكل عمومي » مباشرة على القناة التلفزية. من جانبه، قال السيد الحسين خلدون عن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان الجزائرية، إن « الإرهاب هو النكران المطلق لحقوق الإنسان، وكل الدول من حقها القضاء على هذه الآفة التي تهدد كيان المجتمعات »، مؤكدا في المقابل أن هذه » المكافحة يجب أن تقنن من خلال الحرص عى المحاكمة العادلة وتمتيع المعنيين بالحقوق التي يخولها القانون في هذه المجالات ، بالإضافة إلى العمل على أن تكون وسائل الرد ملائمة للافعال المرتكبة « . وأضاف أنه يتعين على المنظمات والمؤسسات الحقوقية المغاربية الانكباب على الملف الحقوقي من خلال ثلاث مراحل تمر عبر تشريح وضعية حقوق الإنسان والتأكد من مدى ملاءمة المنظومة التشريعية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انخرطت فيها الدول، ومن ثم تكييف هذه المنظومة القانونية على ضوء هذه الالتزامات ». وقال السيد عبد الهادي لحويج أمين عام « اتحاد الشباب العربي »، وهي منظمة ليبية تهتم بحقوق الانسان، إن الاشكال الأساسي في التعامل مع ظاهرة الإرهاب يكمن في « ضرورة تحديد دقيق لماهية الإرهاب ومفهومه »، معتبرا أن معالجة الإرهاب تمر عبر معالجة أسباب وجذور الظاهرة. وشدد على ان مكافحة الارهاب يجب ان تكون « جماعية عالمية »، لأن خصائص الإرهاب الذي « لا لون له ولا دين « ، تهدد الانسان بشكل عام. ومن جانبه، أوضح السيد المختار الطريفي رئيس « الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان » أن مكافحة الارهاب تعد من صميم حقوق الإنسان، على اعتبار أن الحق في الحياة والحرية هي مكاسب أساسية، موضحا في المقابل أن » مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم بشكل جيد إلا باحترام قواعد حقوق الانسان، كما انها لا يمكن ان تبرر انتهاك تلك الحقوق ». وأضاف أن » التمتع بالحقوق الأساسية من شأنه أن يحصن المجتمع من الإرهاب، كما أن صيانة الحقوق من ضمن المظاهر التي تقضي على الإرهاب « . وشدد على أن « حماية حقوق الانسان تمثل رهانا حضاريا ومستقبليا لا يمكن النهوض به الا بتكتل الجهود بين النشطاء الحقوقيين على المستوى المغاربي »، موضحا ان « بناء المغرب العربي يكتسي اهمية كبرى في الدفع بهذا العمل المشترك التنسيقي ». ومن جهته، قال السيد الناجي مرزوق، عن » الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان » إن الحركة الحقوقية المغربية مطالبة بالعمل بشكل مستمر » لفضح كل القوانين التي تمس بحقوق الانسان بدعوى مكافحة الإرهاب « . أما السيد الحبيب بلكوش مدير مركز التوثيق والإعلام والتكوين في مجال حقوق الإنسان، فقد أكد أن تعاطي الحركات الحقوقية مع ظاهرة الإرهاب يجب ان ينطلق من « الرفض المطلق للعمل الإرهابي باعتباره يمس جوهر حقوق الانسان المتمثلة أساسا في الحق في الحياة، لكن مع الحرص على الا تكون مواجهة الارهاب ذريعة لدى الدول للمس بحقوق الإنسان وبالضمانات التي تحققت داخل المجتمع او تلك التي ينص عليها القانون الدولي ». (المصدر: وكالة المغرب العربي للأنباء (مغربية رسمية) بتاريخ 5 جويلية 2006)
خبراء وحقوقيون مغاربيون يبحثون الحرب على الإرهاب في بلدانهم ومدي تطابقها مع احترام حقوق الانسان
الرباط ـ القدس العربي من محمود معروف: تواصلت امس الاربعاء بالرباط جلسات اقليمية حول الارهاب ومناهضة الارهاب وحقوق الانسان استمع خلالها خبراء قانونيون دوليون تابعون للجنة الدولية للحقوقيين، لعروض قدمتها هيئات حقوقية من المغرب والجزائر وتونس، تهتم بسياسات مكافحة الارهاب ومدي انسجامها مع احترام حقوق الانسان في هذه البلدان. وتندرج هذه الجلسات التي تنظمها المنظمة المغربية لحقوق الانسان واللجنة الدولية للحقوقيين (مقرها جنيف)، في اطار مشروع أطلقته اللجنة الدولية للحقوقيين في تشرين الاول/أكتوبر 2005، للنظر في مدي ملاءمة تدابير مكافحة الارهاب لمقتضيات احترام حقوق الانسان.
ويقوم هذا المشروع علي تشكيل فريق من ثمانية من الخبراء القانونيين ذوي سمعة عالمية يعملون علي فحص طبيعة التهديدات الارهابية وأثر اجراءات مكافحة الارهاب علي حقوق الانسان ، كما يبحثون كيف يمكن لقوانيبن وسياسات مكافحة الارهاب أن تكون فعالة ومحترمة لحقوق الانسان وسيادة القانون في الآن ذاته، حسب ما جاء في ورقة تعريفية بالفريق وزعت بالمناسبة. وتتمثل آلية العمل الرئيسة للفريق، الذي تمتد ولايته علي مدي 18 شهرا، في اجراء سلسلة من الجلسات القطرية والاقليمية يستمع خلالها لهيئات حقوقية وحكومية وأمنية ومنظمات غير حكومية وصحفيين وجامعيين، وذلك في أفق اصدار تقرير نهائي حول الموضوع.
وقالت أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الانسان في افتتاح اللقاء ان العديد من المكتسبات الحقوقية أصبحت مهددة بالارهاب وبمكافحة الارهاب علي حد سواء وأن الدول مطالبة باتخاذ تدابير فعالة ضد الأعمال الارهابية لكن مع التقيد بمقتضيات القانون الدولي الذي يحدد حق وواجب الدول في حماية أمن الأفراد ، مؤكدة أن الدول باعتمادها التدابير الوقائية من الارهاب، يجب أن تلتزم حرفيا بمبادئ دولة الحق والقانون . وقالت بوعياش أنه ليس هناك أية تعارض بين واجب الدولة في حماية حقوق الأشخاص الذين يتهددهم الارهاب، وبين مسؤوليتها في التأكد علي أن حماية الأمن لا تعصف بالحقوق الأخري . وأوضحت أن المقاربة الأمنية، لايمكن أن تشكل، لوحدها، الجواب الوحيد عن هواجسنا وانشغالاتنا فيما يخص دولة القانون، مبرزة أن قوة الدول المغاربية تكمن في احترام القانون ووجود مؤسسات قوية تنصهر فيها كل الافكار والاختلافات، لكن مع خضوع الجميع للقانون
وقال سيتفان تريشيل (سويسرا) أحد الخبيران التابعان لفريق القانونيين البارزين المكلفان بادارة الجلسات الاقليمية الخاصة بشمال افريقيا، أن عمل الفريق لا ينطلق أبدا من أي نوع من التعاطف مع الارهابيين أو الأعمال الارهابية ، مؤكدا أنه نابع من قناعة مفادها أن احترام حقوق الانسان من شأنه أن يضمن ايجاد حل مستدام لاشكالية الارهاب . وأضاف تريشيل، الذي يترأس هذه الجلسات الاقليمية رفقة الخبير القانوني الدولي جورج أبي صعب (مصر)، أن احترام الحقوق الانسانية هو الكفيل بالخروج من من دوامة العنف والعنف المضاد الذي تتخبط فيه العديد من البلدان . وأكد الحقوقيون المغاربيون الذين شاركوا في جلسات الاستماع أن مكافحة الدول لظاهرة الارهاب يجب أن تسير بشكل ملائم ومنسجم مع احترام مقتضيات حقوق الانسان، مؤكدين أن اعمال تلك الحقوق من شأنه أن يحصن المجتمع من كل النزعات الارهابية وأن مكافحة الارهاب لا يمكن أن تشكل ذريعة لانتهاك حقوق الانسان . وقال بوجاقجي محمد نجم الدين، عن جمعية جزائرنا لعائلات ضحايا الاختفاء أن قدر نشطاء حقوق الانسان كيفما كانت بلدانهم هو التفاهم والتعاون لضمان احترام حقوق الانسان .
وقال الحسين خلدون عن اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان الجزائرية، ان الارهاب هو النكران المطلق لحقوق الانسان، وكل الدول من حقها القضاء علي هذه الآفة التي تهدد كيان المجتمعات ، مؤكدا في المقابل أن هذه المكافحة يجب أن تقنن من خلال الحرص علي المحاكمة العادلة وتمتيع المعنيين بالحقوق التي يخولها القانون في هذه المجالات، بالاضافة الي العمل علي أن تكون وسائل الرد ملائمة للافعال المرتكبة .
وأضاف أنه يتعين علي المنظمات والمؤسسات الحقوقية المغاربية الانكباب علي الملف الحقوقي من خلال ثلاث مراحل تمر عبر تشريح وضعية حقوق الانسان والتأكد من مدي ملاءمة المنظومة التشريعية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي انخرطت فيها الدول، ومن ثم تكييف هذه المنظومة القانونية علي ضوء هذه الالتزامات. واكد عبد الهادي لحويج أمين عام اتحاد الشباب العربي ، وهي منظمة ليبية تهتم بحقوق الانسان، ان الاشكال الأساسي في التعامل مع ظاهرة الارهاب يكمن في ضرورة تحديد دقيق لماهية الارهاب ومفهومه ، معتبرا أن معالجة الارهاب تمر عبر معالجة أسباب وجذور الظاهرة. وشدد علي ان مكافحة الارهاب يجب ان تكون جماعية عالمية ، لأن خصائص الارهاب الذي لا لون له ولا دين ، تهدد الانسان بشكل عام. وأوضح المختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أن مكافحة الارهاب تعد من صميم حقوق الانسان، علي اعتبار أن الحق في الحياة والحرية هما من المكاسب الأساسية، موضحا في المقابل أن مكافحة الارهاب لا يمكن أن تتم بشكل جيد الا باحترام قواعد حقوق الانسان، كما انها لا يمكن ان تبرر انتهاك تلك الحقوق . وأضاف أن التمتع بالحقوق الأساسية من شأنه أن يحصن المجتمع من الارهاب، كما أن صيانة الحقوق من ضمن المظاهر التي تقضي علــي الارهاب . وشدد علي أن حماية حقوق الانسان تمثل رهانا حضاريا ومستقبليا لا يمكن النهوض به الا بتكتل الجهود بين النشطاء الحقوقين علي المستوي المغاربي ، موضحا ان بناء المغرب العربي يكتسي اهمية كبري في الدفع بهذا العمل المشترك التنسيقي . وقال الناجي مرزوق، عن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، ان الحركة الحقوقية المغربية مطالبة بالعمل بشكل مستمر لفضح كل القوانين التي تمس بحقوق الانسان بدعوي مكافحة الارهاب . واكد الحبيب بلكوش مدير مركز التوثيق والاعلام والتكوين في مجال حقوق الانسان، أن تعاطي الحركات الحقوقية مع ظاهرة الارهاب يجب ان ينطلق من الرفض المطلق للعمل الارهابي باعتباره يمس جوهر حقوق الانسان المتمثلة أساسا في الحق في الحياة، لكن مع الحرص علي الا تكون مواجهة الارهاب ذريعة لدي الدول للمس بحقوق الانسان وبالضمانات التي تحققت داخل المجتمع او تلك التي ينص عليها القانون الدولي . ويشمل برنامج الجلسات التي افتتحت الثلاثاء واستمرت حتي مساء امس الاربعاء علي مدار يومين، تقديم هيئات حقوقية مغاربية لمداخلات وعروض حول سياسات مكافحة الارهاب واحترام حقوق الانسان هي المنظمة المغربية لحقوق الانسان والرابطة التونسية لحقوق الانسان، والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان وجمعية مناهضة التعذيب بتونس والجمعية المغربية لحقوق الانسان والجمعية الجزائرية لضحايا الاختفاء ايسويس ديسباري . وتضمن برنامج اللقاء، الاستماع لممثلين عن المجلس الاستشاري لحقوق الانسان (المغرب) واللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الانسان (الجزائر) بالاضافة الي جامعيين وخبراء حقوقيين وأعضاء سابقين من هيئة الانصاف والمصالحة المنتهية ولايتها. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
المغرب: آلاف المهاجرين غير الشرعيين على أبواب أوروبا
من الامين الغانمي الرباط (رويترز) – يقول المغرب ان الافا من المهاجرين الافارقة يختبئون في غاباته والاحياء الفقيرة بمدنه املا في دخول اوروبا عبر جيب اسباني بعد الهجوم الجماعي الاخير على الاسلاك الشائكة التي تفصل بين القارتين. ولقي ثلاثة افارقة على الاقل حتفهم هذا الاسبوع حين اقتحم ما يصل الى 70 شخصا جيب مليلية في محاولة لاختراق الحدود البرية لاوروبا الثرية من قبل أفقر قارة في العالم. كما عثرت السلطات المغربية على جثث 30 مهاجرا جرفت الى شاطيء الاطلسي بعد غرق زورق متداع يقل ما يصل إلى 70 مهاجرا من افريقيا جنوب الصحراء الى اسبانيا. وقال خالد زروالي مدير ادارة الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية المغربية لدى سؤاله عن الافارقة من افريقيا جنوب الصحراء الذين يختبئون في البلاد ويأملون في العبور بطرق غير مشروعة الى اسبانيا « هناك الاف من المهاجرين غير الشرعيين المتناثرين في شتى أنحاء المغرب. » وأضاف في مقابلة مع رويترز « من الصعوبة بمكان الحصول على رقم دقيق اذ أن الهجرة ديناميكية ومتقلبة لكن ضغط المهاجرين غير الشرعيين ما زال موجودا هنا معنا. » ويستضيف المغرب الواقع في شمال افريقيا أول مؤتمر أوروبي افريقي عن الهجرة الاسبوع القادم أملا في ردع الشبان الافارقة الباحثين عن فرص عمل عن القيام بمسعى يكون أحيانا مميتا من أجل حياة أفضل. والمغرب منذ فترة طويلة نقطة انطلاق للمهاجرين غير الشرعيين. ويريد الاوروبيون مساعدة في التعامل مع مسألة الهجرة عن طريق القضاء على تهريب البشر وحراسة السواحل بشكل أفضل بحيث يصل عدد ملائم من الناس الذين يتمتعون باكثر المهارات نفعا الى اوروبا. ويقول الافارقة إن الحل الوحيد الطويل المدى هو تضييق الهوة الكبيرة في الثروة من خلال خلق مزيد من فرص العمل في البلاد الاصلية ويطالبون اوروبا بتقديم مزيد من المساعدات في مجال التنمية. وقال زروالي إن المغرب نشر قوات قوامها نحو 11000 لاغلاق البوابات والمعابر إلى سواحل المحيط الاطلسي والبحر المتوسط فضلا عن الحدود البرية ومن بينها الحدود مع جيبي سبتة ومليلية على مدار العامين المنصرمين. وأضاف أن الاجراءات الصارمة التي اتخذها المغرب حدت من تدفق المهاجرين غير الشرعيين بنسبة 65 في المئة في العامين الماضيين مقارنة بعام 2003 حين شهدت المملكة زيادة في توافد المهاجرين وتعرضت لضغوط من اسبانيا لوقف تدفقهم. وزاد المغرب من دورياته ومراقبته للاراضي والحدود الساحلية لمحاولة احباط اكثر من خمسة الاف محاولة من قبل مهاجرين غير شرعيين للوصول الى اسبانيا في الاشهر الخمسة عشر الماضية. وتابع زروالي قائلا « من المتعذر الحديث عن العدد الدقيق للمهاجرين غير الشرعيين من خلال هذا الرقم وهو خمسة الاف لان كثيرين يعاودون الكرة » مضيفا أن الشرطة حلت 484 شبكة لتهريب المهاجرين غير الشرعيين في عام 2005 و160 شبكة في الاشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي. وفضلا عن هذا رحل المغرب اكثر من الفي مهاجر الى ديارهم في السنغال ونيجيريا ومالي ودول أخرى في الاشهر الاحد عشر الماضية. وذكر زروالي أن التعاون مع اسبانيا وفرنسا جيد لكن هناك حاجة إلى اليقظة « لان مهربي المهاجرين يغيرون تكتيكاتهم. » وقال زروالي ومسؤولون مغاربة اخرون يريدون أن يخرج مؤتمر اوروبا وافريقيا باستراتيجية واسعة النطاق ان الاجراءات الامنية الصارمة وحدها لن تحل مشكلة الهجرة غير المشروعة. وقال الدبلوماسي المغربي يوسف العمراني المسؤول عن تنظيم المؤتمر « مؤتمر اوروبا وافريقيا عن الهجرة هو رد على الضرورة والحاجة الملحة للتصرف حيال الهجرة غير المشروعة. نتطلع الى تصرفات ملموسة وعملية من المؤتمر الذي سيتجاوز مسألة اتخاذ مزيد من الاجراءات الامنية في مواجهة الهجرة. » (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 6 جويلية 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
مؤتمر مغاربي عن انفلونزا الطيور يُظهر تقصيراً اقليمياً في الوقاية
تونس – سميرة الصدفي ربما من باب المصادفة تزامنت الندوة الإقليمية التي أقامتها «منظمة الأغذية والزراعة» التابعة للأمم المتحدة حول مكافحة إنفلونزا الطيور في مدينة حمامات التونسية أخيراً، مع انطلاق نحو نصف مليون طائر من شمال أفريقيا إلى أوروبا في موسم الهجرة الصيفي. وجمعت الندوة التي استمرت 6 أيام خبراء من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وجيبوتي مع فنيين فرنسيين وبريطانيين أتوا لتدريبهم على وسائل أخذ العينات من الطيور المهاجرة للكشف عن احتمال إصابتها بأنفلونزا الطيور. وأظهرت الندوة أن البلدان المغاربية ما زالت غير مسيطرة بالكامل على وسائل الوقاية من تلك الإصابات ومكافحتها. وأوضح الدكتور علي الحيلي عميد كلية العلوم في تونس سابقاً والذي يرأس «جمعية أحباء الطيور» غير الحكومية التي شاركت بتنظيم الندوة مع «منظمة الأغذية والزراعة»، أن الطيور المهاجرة تسلك معبرين رئيسيين للإنتقال من القارة الأفريقية إلى القارة الأوروبية وهما السواحل التونسية والسواحل المغربية الشمالية بسبب قربها من السواحل الأوروبية. ويُعتبر الأمر مهماً جداً، لا بل حاسماً للبلدان الواقعة شمال القارة الأفريقية كون الطيور المهاجرة تتوقف فيها لدى عودتها من أوروبا في الخريف، اتقاء لبرودة الشتاء الأوروبي، قبل أن تتابع طريقها إلى البحيرات الأفريقية والمناطق الغابية جنوب الصحراء. وهي تعاود زيارتها متخذة إياها محطة استراحة في أواخر الربيع في الإتجاه العكسي بسبب ذوبان الثلوج في أوروبا. ورمت الندوة إلى تعزيز قدرة البلدان المعنية في الأمدين القريب والوسط على مراقبة إنفلونزا الطيور والوقاية منها ومكافحتها متى وُجدت بالإعتماد على خبرة فنيين بريطانيين وفرنسيين شاركوا في إدارة ورش التكوين والتدريب التي توزع عليها المشاركون في الندوة. وأفاد هشام زفزاف وهو مندوب منظمة غير حكومية هولندية شاركت في الندوة إلى جانب منظمات أوروبية أخرى أن الفنيين الأوروبيين المشاركين كانوا من المتخصصين بالأوبئة وطب الطيور والعلوم الزراعية والإعلام. وعلى رغم أن المحور الرئيسي كان مركزاً على منطقة شمال أفريقيا أكد مندوب «منظمة الأغذية والزراعة» في تونس «الحياة» أن البرنامج اعتمد على الخطة الدولية التي وضعتها المنظمة لمكافحة إنفلونزا الطيور، وتدريب خبراء محليين عليها من خلال مرافقتهم إلى مناطق تجمَع الطيور المهاجرة في البلد. وترمي الخطة الأممية إلى إيجاد مراكز إنذار مبكر تكتشف الإصابات قبل انتشارها. وتوجد في تونس خمس مناطق تتجمع فيها الطيور قبل الهجرة أكبرها محمية «إشكل» في شمال البلد التي تضم أصنافاً نادرة من الحيوانات والطيور، ويُقدر الخبراء أعداد الطيور المائية التي تلجأ الى المحمية في الشتاء بـ 200 ألف طير في كل موسم. إلا أن التونسيين أكدوا أنهم لم يسجلوا أي حالة من حالات الإصابة بإنفلونزا الطيور في بلدهم، كما لم يُعثر على أي حالة في كل البلدان المغاربية الأخرى. وفي هذا السياق رمت الندوة والورشات التي رافقتها لتدريب الخبراء المغاربيين ميدانياً على سرعة اكتشاف الإصابات من خلال زيارات لبحيرتين تقعان في محيطي مدينتي قُربة ومنزل تميم. وتدرب الخبراء على صيد الطيور من دون قتلها كي يتم إخضاعها للتحاليل. وطبقاً للمنظمين أظهرت الندوة الحاجة الى إيجاد مراكز إنذار أوروبية – مغاربية للوقاية من هذا الوباء ومنع انتشاره من خلال حركة الطيور المهاجرة. ورأى الخبراء أن البلدان المغاربية تملك كفاءات بشرية عالية في هذا المجال لكن تعوزها الإمكانات المالية لشراء معدات المخابر والتجهيزات والبرمجيات اللازمة لمراكز الرصد. وتقدر منظمة الأغذية والزراعة حجم الإعتمادات اللازمة للقارة الأفريقية من أجل وضع خطة محكمة لمكافحة إنفلونزا الطيور بـ 700 مليون دولار. ويأمل مسؤولون في منظمة الأغذية والزراعة أن يكون المؤتمر الدولي المنوي عقده في كانون الأول (ديسمبر) المقبل مناسبة لمعاودة طرح الموضوع على الصعيد الدولي بحثاً عن ممولين لخطة المنظمة الخاصة بإقامة مراكز رصد وإنذار مبكر وبنك معلومات لمكافحة أنفلونزا الطيور في أفريقيا. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جويلية 2006)
« الأوربي للإفتاء » يناقش علاقة الشورى والديمقراطية
إستانبول- د. رجب أبو مليح– إسلام أون لاين.نت في إطار فعاليات دورته السادسة عشرة بمدينة إستانبول التركية، ناقش المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء موضوع الديمقراطية وعلاقتها بالشورى، وما إذا كانت الديمقراطية تصلح كنظام للمسلمين بديلا عن الشورى. وقدمت في هذه الإشكالية ثلاثة أبحاث نوقشت مساء الأربعاء 5-7-2006 خلال رابع أيام المؤتمر، المخصص لبحث تأصيل الفقه السياسي لفقه الأقليات المسلمة في أوروبا. أول تلك الأبحاث قدمها الشيخ حسين حلاوة أمين عام المجلس حيث عرض باستفاضة لموضوع الشورى وتعريفها والتأصيل الشرعي لها. ورجح حلاوة كونها « ملزمة لا معلمة »، ثم عرض لموضوع الديمقراطية ونشأتها وتطورها وأنواعها وأوجه الاتفاق والافتراق بين الشورى والديمقراطية. ووقف حلاوة على « عيوب النظام الديمقراطي »، ثم خلص إلى أن المسلمين في الغرب « يستطيعون أن يقفوا على ما في الديمقراطية من خير ونفع وسبل للحياة الكريمة والاندماج الفعال من غير ذوبان تحت سقف حقوق الأقليات الدينية والسياسية والاجتماعية التي تضمنها مواثيق حقوق الإنسان ودساتير الدول الغربية ». ومن جانبه، قدم الدكتور صهيب حسن عبد الغفار سكرتير مجلس الشريعة الإسلامية بلندن بحثا بعنوان « الديمقراطية أو الخلافة »، تحدث عن الخلافة وصورها وأدلة وجوبها وآليات تحقيقها. كما تحدث أيضا عن الديمقراطية وأنواعها ومميزاتها وعيوبها وخلص إلى أن « المسلمين لم يعرفوا في تاريخهم سوى الخلافة »، وأن الديمقراطية « بحالها التي هي عليه لا تصلح نظاما للإسلام لأنها تتعارض معه في أشياء كثيرة »، على حد قوله. وألمح عبد الغفار إلى أنه « باسم الديمقراطية الآن تنتهك الحرمات وتسفك الدماء وتسلب الأرض ويغتصب العرض »، وهو ما يشير إلى أنه لا يوافق على الديمقراطية كنظام للأمة الإسلامية غير أنه لا يمانع في الاستفادة من بعض مميزاتها. الشورى والمؤسسات البحث الثالث قدمه الأستاذ الدكتور أحمد علي الإمام عضو المجلس بعنوان « الشورى والمؤسسات التشريعية الحديثة ». وبعد أن تحدث الإمام عن الشورى وأدلة وجوبها واهتمام القرآن والسنة بها، خلص إلى أن « الشورى لا تؤتي أكلها ولا تبلغ مقاصدها إلا إذا كانت في إطار نظام متكامل للعدل والعدالة ومن ذلك استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ». واختتم الإمام بحثه بقوله: إن « الأمة اليوم مدعوة أكثر من أي وقت مضى لأن تتوحد بكل مذاهبها تحت راية التوحيد نصرة للدين وإحقاقا للحق وإبطالا للباطل، وكل ذلك يؤدي إلى إحياء الشورى بين المسلمين أنفسهم ليمتد الحوار في صدق مع الآخرين ». الديمقراطية وسيلة وعقب فضيلة الشيخ العلامة يوسف القرضاوي على بحوث ومناقشات الحضور، بقوله: « نريد ديمقراطية مرتبطة بالمجتمع المسلم لا ديمقراطية معلقة في الهواء، إن مجتمعنا أحوج ما يكون إلى الديمقراطية حيث إننا ننظر إليها باعتبارها ضمانات وآليات ووسائل لتحقيق العدل والمساواة ». وأضاف فضيلته أن الديمقراطية « استطاعت أن تنقذ البشرية من المستبدين والمتألهين على هذه الأرض، فالإسلام جاء بالشورى كمبدأ عام دون الدخول في التفاصيل وترك الوسائل لاجتهاد المجتهدين في كل زمان ومكان ». وختم الشيخ تعقيبه بقوله: إن « الديمقراطية عندنا كمسلمين تختلف عنها عند الآخرين، فثمة ثوابت لا تعرض للتصويت ويلتزم بها الحاكم والمحكوم، أما المتغيرات فهي مجال خصب للاجتهاد وهي تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال ». وبدأت فعاليات الدورة السادسة عشرة للمجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء، يوم الإثنين 3-7-2006 وهي مخصصة بالكامل لبحث تأصيل الفقه السياسي لفقه الأقليات المسلمة في أوروبا. ومن بين المحاور التي تتناولها الدورة التي تستمر حتى التاسع من الشهر الجاري « السياسة والدين في الإسلام.. تأصيل ورد شبهات »، و »الانخراط السياسي للمسلمين في أوروبا.. دراسة واقعية »، و »الشورى والديمقراطية.. الوفاق والفراق ». (المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 6 جويلية 2006)
السعادة وفوهة التحجر في الفضاء الخانق
خميس الخياطي (*) لم نفاجأ نوعا ما حينما وجدنا علي الفضائية البحرينية (نايل سات، تردد 11823) الداعية المصري عمر عبد الكافي المقيم بالخليج يخطب ويفتي في السعادة. قلنا لم نفاجأ نوعا ما لأننا نعلم أولا أن السعادة هي مبحث من مباحث الإنسانية قديما وحديثا وشرقا وغربا ولا تختلف في ذلك أمة عن أخري، وثانيا أننا إعتدنا مشاهدته علي قناة الشارقة (نايل سات تردد 11785) حتي أصبح وجها من وجوهها البارزين وإمضاء من إمضاءاتها وخلناه حط الرحال بها نهائيا… وكانت المفاجأة في محلها لأننا من مجمل حديث الداعية الفضائي وأجوبته علي أسئلة المشاهدين والمشاهدات، لم نتوقع أن تميل الفضائية البحرينية إلي هذا الصنف من الخطباء، لا لسبب إلا لأن تكوينة المجتمع البحريني التاريخية والثقافية وحتي السياسية المعاصرة لا توجهه نحو التشدد والإقصاء. وخطاب الداعية المصري المهاجر كان شديد التجاهل للتواصل الذي من المفترض أن يكون هوية كل فضائية، ما بالك أن كانت فضائية دولة صغيرة لا بترول لها إلا تاريخ تمازج فئات شعبها.
نستسمح القارئ في أن نسوق له البعض القليل مما حصدنا من أجوبة الشيخ الدكتور عبد الكافي وله أن يحكم علي ما جاء فيها من سذاجة وتناس للمواجع. سألت أم سامي من المغرب (مع العلم أن مثل هذه الصيغ في أسماء المغاربية غير موجودة البتة) كيف العمل وزوجها يتمادي في المعصية ويصر عليها والمعصية هنا هي شرب الخمرة. سألت أمينة من سورية أحيانا، أحس حالي سعيدة وأحيانا لا… وتلتها أم علي من السعودية سائلة عن القدر (هل الإنسان مخير أو مسير؟) وعن السعادة الزوجية. وسأل اخرون. رد علي المغربية بأن علي كل واحد أن يحمل هم الإسلام، وأن عليها أن تنصحه بين الفينة والأخري ، قال للسورية التي تشكو صراحة من حالة تقلب الأهواء أن السعادة الحقيقية هي في طاعة الله ، أجاب علي السعودية التي ساورها الشك في علاقة الإنسان بمصيره إن فهمنا للقضاء والقدر هو سعادتنا… الفهم هو السعادة وأن السعادة الزوجية تقوم علي صلة كل واحد من الطرفين بالله …
هذه النماذج الثلاثة من ردود السيد الشيخ الدكتور عمر عبد الكافي علي أسئلة وتساؤلات النظارة ـ ومجملهم من النساء ـ مصبها واحد وهو أمر عادي أن يكون الله. لكن ما ضره لو استمع أكثر إلي مشاكل السائلات وخرج قليلا عن إطاره الديني ليضيف إليه بعض الزوايا العلمنفسية أو الإجتماعية مثلا. وإن لم يفعل، فذلك لأن همه الأساسي ليس الإستماع إلي الشكاوي بقدر ما هو التذكير بالإيمان بصفة ميكانيكية والتنكر للفرد المتألم. وعلامة ذلك ما أتي به في مفهومه للسعادة عبر أمثولة المرأة التي وصلت سنا معينة ظهرت معها التجاعيد علي الوجه، فرأت سعادتها في تنحية تلك الظواهر الجلدية المؤثرة علي نفسيتها… سيدنا عبد الكافي لا يوافقها في ذلك بل يقول لها بسخرية ذكورية كيف تبحثين عن الجمال والشباب و أنت أصبحت أما ـ كما لو أن الأم ما أن تكون أما إلا وتخلع عنها صفة الأنوثة ـ و أن السعادة الحقيقية هي في الإبتعاد عن معصية الله والتعجيل بالتوبة إليه . وراح يطرز قولا بأن المرأة التي تتزين ففي ذلك شكر لله ، أما التي تخلع التجاعيد، فذلك غير محبب إن لم يكن كفرا… وهو كلام ينم عن جهل بالحياة الإنسانية الدنيا وإن تغلف بغلاف إيماني أصبح اليوم بضاعة تطرح علي السوق العربية ـ الإسلامية ببلاش بتعلة نكران الفرد وجهله، وفقدان الهوية واهترائها، عداء الآخر وكراهيته للعروبة والإسلام. شاشة تأخذك للجنة مقارنة بما يوجد علي قنوات أخري، يظهر خطاب الشيخ الدكتور عبد الكافي خطابا مستنيرا او علي حد قول المثل الشعبي التونسي في الهم، عندك ما تختار … من هذه القنوات التي بدأ نجمها يسطع في سماء الفضائيات المتأسلمة قناة الناس (نايل سات، تردد 11919). خاصية هذه القناة أنها قناة عادية ولكن من زاوية دينية بمعني أن أصحاب تمويلها الخليجي وعلي رأسهم السيد منصور كدسة (يملك كذلك قناة الخليجية. نايل سات، تردد 12055، وهي غنائية طبعا) وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس إدارة شركة البراهين التي تملك القناتين، هؤلاء يريدونها قناة عادية موجهة لكل الناس و يغلب عليها الطابع الديني حتي أنها لا تقدم إلا المذيعات والمنشطات المحجبات (ولا تقدم منشطين ومذيعين بالهوركة والدشداشة واللحية المتدلية…). وحتي في اختبار اختيارهن، حصل أن اختاروا واحدة وبما أنها ليست محجبة، بعثوا بها إلي قسم الإخراج (طارق مرسي. روز اليوسف . العدد 4027. ص 100 وما يتبع وبالصور كذلك). بمشاهدة هذه القناة والعودة لما جاء في المصدر الذي ذكرنا، تتفتح آفاق أخري عن أخطبوطية الشبكة الفضائية الإيمانية/التجارية الخليجية التي تهدف الي أسلمة العالم العربي كما لو أنه فقد دينه يوما… من غرائب الأمور ومسخرتها أن هذه القناة، أسوة بقناة الإعلام الهادف، تقدم نفسها علي أنها شاشة تأخذك للجنة . وهو ضحك علي ذقون الناس الذين توهموا بأنها تتكلم بإسمهم وموجهة إليهم…
آخر صرعات هذه القناة برنامج فضفضة مع الشيخ محمود المصري ويخرجه محمد المدني، إن اعتبرنا ما جاء إخراجا… وكما يشير عنوانه فهو حديث مفتوح يضع فيه الشيخ السؤال وياتي بالجواب علي مثال الديك يغني وجناحه يرد عليه . حديث الشيخ المصري هذه المرة كان حول أفراح المسلمين والحلقة كانت عن الخطوبة الإسلامية وفيها يؤكد فضيلته أكثر من مرة ـ أمام ما تقشعر له خلايا الدماغ ـ أنا خايف عليكم من المعصية وماتقولوش الشيخ ده مقفل قوي. أقسم بالله أني لست متزمتا. وحينما يقسم، يكون التزمت بعينه.
في حلقة الخطوبة تطرق الشيخ محمود المصري إلي النقاط المكونة لها من زاوية أن فترة الخطوبة يقع فيها أكبر قدر من المعصيات . أي أننا نبدأ بالذنب والإتهام قبل أن نعرض للموضوع، مثل أن يحذر المشاهدة أنا خايف عليك يا أختي المسلمة، خذي بالك، ما تمكنيش من نفسك. فحينما يحصل علي ذلك في الخطوبة، لن تكون له رغبة في الزواج ويقول لأخيه المسلم إوعة تطلب حق مرحلة قادمة في مرحلة حالية … هذه النقاط هي مصافحة الخطيبة ، حفل الخطوبة ، دبلة الخطوبة ، الصراحة بين الطرفين ، عدم السؤال عن الماضي ، الفحص الطبي ، مسألة الهدايا في عدم الوفاق ، خطوبة من خطبها مسلم ، خطوبة من أهل الكتاب خطبها كافر ، الإتصالات الهاتفية ، إلخ… كما نقرأ، جاء الشيخ محمود المصري بالوصايا العشر لفترة الخطوبة… لن نثقل علي القارئ لو أعطيناه البعض القليل مما جاء علي لسان الشيخ وهو كله من زاوية الخوف من المعصية والرذيلة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء… يقول صاحبنا علي قناة الناس : لا تجوز مصافحة المخطوبة، فذلك حرام ويقول عن نفسه أنه لا يصافح النساء أ..ب..د..ن. من واقع الحياة، بلاش حفل الخطوبة حتي ولو كانت النساء في جهة والرجال في جهة وبدون مزيكا. من الناحية الشرعية ما فيش مشكلة. في الدبلة، من تشبه بقوم كان منهم لأن الدبلة عادة من عادات أهل الكتاب، يجب أن تلبس الخطيبة خاتما من الذهب والخطيب خاتما من الفضة لأن الرجل يحرم عليه الذهب. لا يجب السؤال عن ماضي الطرفين… الفحص الطبي ينفع ولكن لا يجب أن يلتقي الخطيب بالخطيبة لا عند الطبيب في الفحص ولا في قراءة نتائج الفحص… وفي حالة وجود عدم وفاق وإن هو فسخ الخطوبة، يمضمض عن الهدايا وإن هي فسخت، يكون الأمر كذلك… لا يجوز أن أتقدم لخطوبة من تقدم لخطوبتها مسلم إلا إذا رفضته… يجوز أن يتقدم المسلم لخطوبة غير المسلمة التي خطبها الكافر إلا أن الأفضل ألا يتقدم حتي لا يأخذ الكافر نفسه من الإسلام … لا مخابرات هاتفية ولا لقاء بين الخطيبين إلا بحضور محرم وكل ذلك حتي لا يلمسها ولا يقول لها كلاما عاطفيا وحتي لا يندس الشيطان بينهما … مسكين شيطاننا العربي لأن لا هم له إلا الإندساس بين المحبين… ألم تكتب قناة مماثلة (قناة زواج. نايل سات. تردد 12055) أنها ستعيد النيوز بار للتشات إلا أنها ستحذف من الرسائل كل الكلام العاطفي مثل أحبك ، فديتك … لا تنسي أنا خايف عليك يا أختي المسلمة، خذي بالك، ما تمكنيش من نفسك وأنت يا أخي المسلم إوعة تطلب حق المرحلة القادمة في المرحلة الحالية … ومع هذا، تريدون للعالم العربي ألا تحكمه سلالات الدكتاتوريين من الأسلاف حتي الحكام!!! (*) ناقد وإعلامي من تونس khemaiskhayati@yahoo.fr (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
الجملوكيات العربية تخلف نفسها: اليمن نموذجا
عادل الحامدي (*) ما أن أخمدت سيوف معارك الخبز الضارية وتماثلت للشفاء حتي هرعت الي مقهي آل دونالد البلوري لأستريح من عناء التفكير وكدر الأخبار وهي في غالبها سيئة هذه السنوات علي الرغم من التفاؤل الحذر الذي رافق صناديق الاقتراع في بلاد السواعد السمراء الشنقيطيين بعد الاستفتاء علي تعديل الدستور ودخول العهد الديمقراطي الجديد.. أرجو أن لا يفهم القارئ الذي أحترم ذوقه كثيرا أنني أقصد تكدير صفوه بأجواء ما تثيره هذه المعارك من غبار، فالصحافي المقتدر يعرف تماما كيف تنقل المعلومة والخبر والتحليل والكلمة بأكبر قدر من الأمانة والصدق حسب المسموح به قانونا والمعمول به مصلحة دون نكران للذات وما لها من أطماع ومصالح… ومعذرة أخري للقارئ باطلاق لترجمتي لـ Mac بآل، لا لعدم دقة المعني ولكن مخافة أن يتبادر الي البعض أنني أكتب من نجد أو من الربع الخالي، كلا وألف كلا هذه المرة فأنا انما أكتب من الجانب الأيمن لملعب ويمبلي الشهير في البقعة الباركة علي ضفة الشريان الأبهر الرابط بين قلب لندن النابض علي الدوام ورئتها الشرقية الصافية الخالية من مثل ما تفرزه عوادم سيارات طهران رغم أن الجمل واحد والعلف واحد فاختلف البعر فسبحان من خلق الابل! حلمك أيها القارئ الحصيف فاللبيب من أدرك أن من كثرت أعذاره ثقلت أوزاره، وهل ثمة وزر أثقل من الكتابة في الشأن السياسي العربي، ففي هذا المقهي الذي لم تشغلني فيه حتي عيون بلون مياه شط العرب قبل طميه بنفايات الحروب كنت أفخر علي بعض الأصحاب بأن علي بن صالح! هو القائد العربي المثال فاذا به وبحزبه يكررون مسرحية المخابرات المصرية والاتحاد الاشتراكي العربي أيام جمال عبد الناصر رحمه الله، يوم دحرت القوات الاسرائيلية في هجوم عنيف القوات المصرية والأردنية والسورية، فاحتلت سيناء والجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية، وكأي مسؤول أول عن الهزيمة أعلن عبد الناصر بجرأة القائد وشجاعة العسكري الجسور استقالته من منصب القيادة، فما كان من الجماهير المغلوبة علي أمرها الا أن خرجت في مظاهرات لتطالبه بالعدول عن الاستقالة فنزل عند رغبة الشارع وعاد لتولي المنصب الذي لم يتنازل عنه الا تحت ضربات قاهر اللذات، غير عابئ بقيم الجمهورية وما تمليه يومها حركة الضباط الأحرار من أقصي درجات الطهورية والانضباط.. تم اذا تأجيل الديمقراطية منذ ستينات القرن الماضي علي مستوي جملكياتنا العربية الي أجل غير مسمي حتي بلغنا مرحلة التوريث العرقي المباشر فغدا السيناريو المصري الناصري أقل سيناريوهات التداول السلمي علي السلطة بشاعة، فبيعة القائد الملهم علي قارعة الطريق من طرف الجماهير المؤطرة خير من تكريس حكم الفرد في ردهات البرلمان، وأسوأ من ذلك كله تزوير ارادة المواطن عبر صناديق الاقتراع المضمون النتائج وان كانت كل الطرق تؤدي الي كرسي الحكم! اذا كان لفظ الجملكية دخيل علي لغة الضادين (ظ ض) فان ثمة نخب حاكمة ومجموعات سياسية صغيرة مدعومة بكل أدوات الدولة ما تزال تصر علي تأبيد ليلنا العربي ورفض التغيير لصالح الجميع. عندما أعلن الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء قبل سنة تجاوبه السريع مع مطالب الاصلاح الديمقراطي في المنطقة بأن قرر عدم ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة اليمنية في أيلول (سبتمبر) المقبل مؤكدا بذلك تجاوبه مع متطلبات المرحلة التي قطعت مع مفهوم الرعية لصالح المواطنة، أقول عندما قرر الرئيس العدول عن خوض المعركة الرئاسية المقبلة ابتهج اليمنيون وبعض النخب العربية المتعطشة للتحول الي مواطنين يسألون ويسألون من أجل الاصلاح وترسيخ سنة التداول السلمي علي منصب الرئاسة. وظن أولئك أن اليمن يرسخ سنة سوار الذهب السوداني الأصيل الذي تنازل عن مركزه عن طيب خاطر، لكن خبراء السياسة اليمنية لم يكترثوا كثيرا بتلك التصريحات بل ان بعضهم اعتبرها مناورة سياسية ومحاولة للفت عدسات الكاميرا الدولية صوب المشهد السياسي العربي وحراك رموزه باتجاه التغيير المطلوب. مرت أشهر علي تصريحات الرئيس علي عبد الله صالح لينعقد مؤتمر حزب المؤتمر الشعبي الحاكم في اليمن ويعلن تمسكه بالرئيس كمرشح وحيد وفاء للثورة الناصرية المصرية التي أسهم جندها الثوري بطيرانه الشرقسفييتي في دك حصون النظام الامامي ومساعدة قادة ثورة 62 اليمنية علي ترسيخ أقدام الثورة وقبر النظام البائد بكل تفاصيله، دون الأخذ بعين الاعتبار للفارق الزمني بين ستيــــنات القرن الماضي ومطالع الألفية الثالثة، ثم جاءت المظاهرات المليونية لتدفع بالرئيس علي عبد الله صالح الي التراجع واعـــــتزام الترشح للانتخــــابات المقبلة. يحسب للرئيس اليمني الحالي أنه كان سباقا للوحدة عاملا من أجلها حين أسهم بفاعلية معية قيادات يمنية لم يقض عليها مثل غيره في توحيد شطري اليمن السعيد، وأنه كان من بين الرؤساء العرب القلائل الذين تعاملوا بعقلانية وروح عالية مع تيار الاسلام السياسي المشاكس حيث أشركه في الحكم وسمح له بتنظيم سياسي يراوح بين الحكم والمعارضة مجنبا بذلك البلاد مغبة صراع دموي كلف العالم العربي والاسلامي لا بل والعالم أجمع ثمنا باهظا، وهذا ليس هينا ولا متاحا، لكن عدن التي احتضنت مؤتمر الحزب الحاكم وشريكة الوحدة قبل أكثر من عشر سنوات يشتكي أهلها من وجود فوارق سياسية وشروخ اجتماعية غير خافية في الشطر اليمني التوأم ويطالبون باصلاحات عاجلة قبل فوات الأوان. ان آخر ما يخرج من رؤوس الصديقين هو حب الملك ولكن هذا الحب عندما يتضخم ليصبح أكبر من كل القيم ومن كل البلاد ومن كل المصالح القطري منها والقومي يصبح (الحب) مدعاة لاعادة النظر الفوري وهذا يحيلنا علي الحديث ولكن بالجد اللازم عن معضلة انتقال السلطة وممارستها منذ فجر الاسلام. ان المتفحص في التاريخ الاسلامي القديم والحديث لا يعدم وجود نماذج مشرقة حكمت الدولة الاسلامية واستطاعت أن تترجم سماحة الاسلام وعدله بين الناس علي اختلاف مشاربهم الدينية والعرقية، سواء تعلق الأمر بعهد الخلافة الراشدة أو ببعض ملوك العرب والمسلمين في العصور اللاحقة، الا أن ذلك لم يتحول الي نظرية متكاملة للحكم تحسم بشكل واضح مسألة التداول السلمي علي السلطة وادارة شؤون البلاد. وقد أسهم في استمرار هذا الغموض فقه المسلمين لتجربة أعظم نبي رفض الجمع بين النبوة ولقب الملك وفوقه أعظم كتاب عرفته البشرية تجد فيه كل ما يحتاجه الاجتماع الانساني من أحكام الا الزام المسلمين بشكل حكومة بعينها معولا بذلك علي الانسان واثقا من قدرته علي استنباط الشكل المتغير وفق الزمان والمكان، فليس مهما أن يكون الحكم ملكيا أو جمهوريا أو جملوكيا، فاعتقد نفر منهم بأن الحكم مسألة محسومة بالنص المقدس لآل البيت والأئمة المعصومين من بعدهم بينما أجمع معظم الأمة علي أن الشوري هي مبدأ راسخ وأصيل في رسم معالم الحكم الاسلامي. وقد عمق هذا الخلاف الذي أضر بالمسلمين كثيرا الانقسامات المذهبية والسياسية بين دولـــــة أوتوقراطية تعمل من خلال الاستحواذ عــــلي الدين علي ترسيخ أقدامها السيـــاسية والحفاظ علي أمنها واستقرارها في الحــــــكم وبين جماعات وحركات اسلامية تعتــــــقد أن الدولة والســـياسة جزء من الاسلام وعليه فلا صلاح لهذه الأمة الا بتديين سياستها وتطعيمها بأخلاق الاسلام. لا يزال الصراع السياسي الميداني محتدما لكن لا وجود علي المستوي النظري والعملي لنظرية متكاملة في الحكم لدي الفـــــريقين تحيل الطموح الشعاراتي القاضي بالرغبة في التداول السلمي علي السلطة وتقـــديم المصلحة العامة علي المصلحة الفردية الي أطروحات عملية تؤسس لنظرية متماسكة في الحكم تأخذ بمبدأ التوافق والمراكنة وتنهي زمن المغالبة السياسية والعسكرية الذي حصد أرواح آلاف الأبرياء من الفريقين. (*) كاتب وإعلامي من تونس يقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
كيف تنظر القيادة الإسرائيلية للفلسطينيين في الضفة والقطاع؟
د. بشير موسي نافع (*) منذ استطاعت مجموعة من المقاومين الفلسطينيين أسر جندي إسرائيلي في موقع للدبابات المطلة علي قطاع غزة والمنطقة والعالم يقفان علي أطراف أصابعهما. من العواصم الأوروبية إلي واشنطن، ومن القاهرة إلي دمشق، ومن رام الله إلي رفح، تتداخل قوي العمل الدبلوماسي، الضغوط والضغوط المضادة، وينتظر الجميع ان يتحول الهجوم المسلسل علي الحياة الفلسطينية إلي عاصفة شاملة من الموت والدمار أو ان يخضع المقاومون الفلسطينيون ويتم تسليم الجندي الأسير بلا مقابل. المشكلة في هذا التوتر المصحوب بدوي المدافع وقصف الطائرات الإسرائيلية انه لا يري في المشهد سوي الجندي الإسرائيلي. والمقصود هنا ليس الكيل بمكيالين في اعتبار ضحايا الصراع من الطرفين، وتجاهل حجم الخسائر الفلسطينية الهائلة التي سبقت أزمة أسر الجندي وكل أزمة في العلاقة بين القوة المحتلة والشعب تحت الاحتلال. فالكيل بمكيالين لم يعد يحتاج لا التذكير ولا الأدلة. المقصود هو في الحقيقة أمر آخر، يتعلق بالمنظار الذي يري الإسرائيليون من خلاله شركاءهم الفلسطينيين، الذين تكرر القيادات الإسرائيلية رغبتها في التوصل إلي سلام دائم معهم. مصر، الدولة العربية التي تتمتع بعلاقات حسنة بكل الأطراف، تبذل أقصي جهد ممكن لإطلاق سراح الجندي، حتي لو كان ذلك بدون استجابة إسرائيلية للمطالب الفلسطينية المتواضعة. كانت القاهرة، التي لم تشعر بسعادة خاصة لعقد الانتخابات الفلسطينية وللنتائج التي نجمت عنها، تعلق آمالاً علي الحوار الفلسطيني الداخلي وترغب في ان تجري حكومة حماس تغييراً ملموساً علي مواقفها السياسية. ولكن لا القاهرة، ولا العواصم العربية الأخري المعنية بعملية السلام كانت قادرة علي لجم مسلسل العدوان الإسرائيلي علي القوي الفلسطينية المختلفة وعلي الشعب الفلسطيني بمدنييه ومؤسساته. ثم جاءت عملية أسر الجندي لتضع مصر والدول العربية الأخري وجهاً لوجه أمام أزمة متفاقمة. الهدف الرئيسي للتحرك المصري هو محاصرة التصعيد وإعادة الأوضاع إلي ما كانت عليه؛ إذ ان التصعيد يهدد بخلق حالة من عدم الاستقرار في قطاع غزة اللصيق بمصر جغرافياً وبشرياً؛ وسيصبح رافداً جديداً للحراك السياسي الذي يزداد حدة في مصر نفسها؛ كما سيترك آثاره علي مجمل عملية السلام وارتباطات مصر الاقتصادية المتزايدة بها. زاوية الرؤية المصرية لمسألة الجندي الإسرائيلي هي زاوية مصرية بحتة، محددة بالكيفية التي يقدر بها الحكم مصالح مصر القطرية في الوقت الحالي. الولايات المتحدة، الحليف الأكبر للدولة العبرية، تتعامل مع أزمة الجندي الأسير علي عدة مسارات. فالأزمة من ناحية هي صنيعة عمل إرهابي فلسطيني ضد دولة لها الحق الكامل في الدفاع عن نفسها. الحل الوحيد لهذه الأزمة هو إطلاق الفلسطينيين الجندي بدون قيد أو شرط، وان تقوم السلطة الفلسطينية بمعاقبة المجموعات التي نفذت الهجوم علي وحدة الدبابات الإسرائيلية. الولايات المتحدة والعالم أجمع، من وجهة نظر واشنطن، في حرب ضد الإرهاب، وأي انتصار للإرهاب الفلسطيني هو انتصار للإرهاب في العالم. ولكن الأزمة، من ناحية أخري، توفر منفذاً جديداً للضغط علي دمشق والعمل علي تقويض الاستقرار في سورية. ومن هنا جاءت التصريحات الأمريكية والإسرائيلية التي تحمل دمشق مسؤولية أسر الجندي ومساعدة ورعاية الإرهاب. ولأن إيران أخذت أيضاً موقفاً داعماً للحكومة الفلسطينية التي تقودها حماس، فقد واجهت اتهامات مشابهة. وربما يجد الأوروبيون بعض الحرج في تبني لغة التصريحات الأمريكية، ولكن موقف لندن وباريس وبرلين لا يختلف كثيراً عن موقف واشنطن. بل ان الرئيس الفرنسي، الذي يخوض منذ فترة حرباً صليبية خاصة ضد سورية، شارك هو الآخر في التنديد بدمشق، علي أساس ان الجندي الإسرائيلي الأسير يحمل جنسية فرنسية ـ إسرائيلية مزدوجة. الفرضيات التي أقيمت عليها هذه المواقف جميعاً هي بالتأكيد فرضيات خاطئة. فعملية خطف الجندي لم تؤد بالضرورة إلي تصعيد التوتر في قطاع غزة والضفة الغربية؛ لأن الاوضاع في المنطقتين كانت وصلت إلي أسوأ ما يمكن ان تصل إليه قبل وقوع الجندي الإسرائيلي في الأسر. الحصار الذي فرضته الحكومة الإسرائيلية، وشاركت فيه الولايات المتحدة والدول الأوروبية، بل وبعض الدول العربية، علي الفلسطينيين خلق وضعاً غير إنساني بكل المقاييس. ومنذ تبنت القوي الفلسطينية سياسة التهدئة في القاهرة قبل خمسة عشر شهراً والقوات الإسرائيلية تواصل اغتيال النشطين الفلسطينيين، ولا تتورع عن التعرض للمراكز المدنية مودية بحياة أطفال ونساء وأسر بأكملها. وإن وضعنا في الاعتبار ان ممارسة الحق الديمقراطي وانتخاب حماس هو أحد أهم أسباب هذه الحرب غير المعلنة علي الوجود الفلسطيني، فلنا ان نتصور حجم المرارة التي يشعر بها الفلسطينيون وقطاعات واسعة من الشارع العربي. استندت السياسة الإسرائيلية إلي ان الفلسطينيين لا يفهمون إلا لغة القوة (وقال بعضهم انه حتي القوة غير كافية)، وان نجاح إسرائيل في تحقيق رؤيتها للتسوية غير ممكن بدون إيقاع هزيمة بالغة بالفلسطينيين، حتي إن تطلب الأمر تدمير أسس الحياة والاجتماع والوجود الفلسطيني. الرؤية التي طرحها المؤرخ الأمريكي اليهودي برنارد لويس بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 حول أزمة العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، والقائمة علي فرضية ان العالم الإسلامي لم يعترف مطلقاً بحقائق القوة في العالم، وأن علاقة صحية بين الغرب والإسلام غير ممكنة بدون إيقاع هزيمة ساحقة بالعرب والمسلمين، هي ذات الرؤية المؤسسة للسياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين جميعاً، بغض النظر عن توجهاتهم وخلفياتهم. الفلسطيني الجيد في نظر القيادة الإسرائيلية هو الفلسطيني الذي أقر بالهزيمة ووطن النفس علي قبول التسوية التي سيتكرم الجانب الإسرائيلي بعرضها. سياسة القوة والعنف هذه هي التي أدت إلي العملية التي انتهت بأسر الجندي الإسرائيلي، لأن افتراض إيقاع الهزيمة بالفلسطينيين هو افتراض هش في جوهره، لاسيما ان الصراع علي فلسطين مستمر منذ أكثر من قرن بدون ان تخفت وتيرته أو يصل إلي نهاية ما. بيد ان السؤال الذي ما يزال ينتظر الإجابة هو لماذا تدفع الحكومة الإسرائيلية قضية الجندي الأسير إلي الانفجار. الإدعاء بأن الدولة العبرية لا تفاوض إرهابيين هو بالطبع مجرد إدعاء؛ فمن وجهة النظر الإسرائيلية لا يمكن ان تكون الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، أو حزب الله، أقل إرهابية من حركة حماس ولجان المقاومة الشعبية. ومع ذلك فقد فاوض الإسرائيليون كليهما، وعقدوا مع كليهما صفقات لتبادل الأسري. والجندي الإسرائيلي لم يختطف من مقهي، بل هو بالتأكيد أسير حرب، وقع في يد الفلسطينيين إثر معركة حامية الوطيس شهدت خسائر في أرواح الجانبين. كما ان المطالب الفلسطينية هي مطالب متواضعة، تتعلق بأكثر جوانب مسألة الأسري إنسانية. إذ فوق ان هناك ما يزيد عن إثني عشر الف من الأسري الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بينهم عدد كبير من المعتقلين الذين لن يقدم أحد منهم للمحاكمة، فإن المئات بين هؤلاء الأسري من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ستة عشر عاماً، ومئات أخري من النساء. وحتي بدون قضية الجندي الأسير كان علي العالم ان يعمل منذ زمن طويل علي الإفراج عن الأطفال والنساء، وأن يضع حداً لسياسة الاعتقالات الإسرائيلية فوق القانونية. ولكن الموقف الإسرائيلي من مسألة الجندي الأسير لا تتعلق لا بقوانين الأسري ولا بالجانب الإنساني المتفاقم لجموع الأســري الفلسطينيين. الحقيقة ان هناك سياسة إسرائيلية لا يمكن إخفاؤها في التعامل مع الفلسطينيين في الضفة والقطاع علي أنهم رعايا أو عبيد، وفي رفض النظر إليهم علي قدم المساواة، شركاء أو خصوماً وسياسياً أو إنسانياً. الادعاء الإسرائيلي بأن هدف عملية السلام هو التوصل إلي قيام دولة فلسطينية لا يعني ان الإسرائيليين يقصدون دولة مساوية للدولة العبرية، لا علي مستوي السيادة ولا علي مستوي الاستقلال. وربما لم يعد من المجدي سياسياً العودة إلي اتفاق أوسلو والكوارث التي جرها علي القضية الفلسطينية؛ ولكن اتفاق اوسلو مثال واضح علي الطريقة التي ينظر فيها الإسرائيليون للفلسطينيين في الضفة والقطاع. فالفلسطينيون ليسوا شعباً بالمفهوم المتداول للشعب؛ والمستقبل الذي يعدهم به سادتهم من الإسرائيليين هو التمتع بحكم ذاتي تحت إشراف إسرائيلي شامل علي ان يقوموا بلعب الدور المنتظر منهم لفتح الطريق إلي المنطقة العربية. ثمة جدل كبير ولده توقيع اتفاق أوسلو حول ما إن كان الإسرائيليون قد أقروا أخيراً بأن دولتهم أقيمت علي أنقاض شعب آخر، وان هذا الآخر لا يزال متواجداً يقاوم محاولة إخراجه من التاريخ والبلاد. ولكن الحقيقة ان أوسلو كان نصاً للالتفاف علي حقيقة الوجود الوطني الفلسطيني وعلي حق الهوية الفلسطينية في التجلي علي أرض فلسطين. ولن يفيد تصنيف الفلسطينيين ضمن خانة الإرهاب كثيراً، لا في تخفيف حدة التوتر ولا في المساعدة علي التوصل إلي السلام. نجاح حماس الكاسح في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة كان لاحقاً للهجمة الإسرائيلية ـ الأمريكية الدعائية ضد القوي الفلسطينية المسلحة. وربما لم يكن الفلسطينيون في عمومهم، عندما أعطوا أصواتهم لحماس، يتوقعون بالفعل انتصارها الكبير في الانتخابات. ولكن المؤكد اليوم، وبعد مرور ستة شهور علي الانتخابات التشريعية، وبعد شهور من الحصار القاسي المفروض علي الحكومة والفلسطينيين في الضفة والقطاع، ليس ثمة من شك في ان شعبية حماس قد ازدادت عن شعبيتها في كانون ثاني (يناير) الماضي. من السهولة بمكان اتهام الفلسطينيين بالجنون الجماعي (وهي اتهامات توجهها كتابات عربية أيضاً)، وأنهم يخوضون معركة خاسرة لن تؤدي إلا إلي المزيد من فقدان الأرض والمعاش، ولكن هذا هو الواقع الذي ينبغي علي العالم التعامل معه وأخذه في الحسبان. بدون رؤية حقائق الصراع علي ما هي عليه، وبدون قراءة الواقع بكل تعقيداته، ستسير الأوضاع في هذه المنطقة من العالم من سييء إلي أسوأ، وستصحو القوي الدولية يوماً لتجد الصراع علي فلسطين وقد امتد ليطال مناطق اخري من العالم. ولعل هذا ما بات يحرك الموقف الروسي، الذي أخذ منذ استقبال قادة حماس في موسكو يبدي حساسية متجددة تجاه الوضع في الشرق الأوسط، لاسيما بعده الفلسطيني. لا يحمل قيام الحكومة الإسرائيلية بالتفاوض علي مصير الجندي دلالات خاصة بالحرب علي الإرهاب، ولا يمثل حتي تنازلاً لحكومة حماس. المعني المستبطن للتفاوض يتعلق من ناحية بالاعتراف بفشل سياسة الإخضاع بالقوة، ومن ناحية أخري بالتعامل مع الفلسطينيين علي قدم المساواة. وإن كانت الدول العربية المعنية، والقوي الأوروبية الرئيسية والولايات المتحدة قلقة فعلاً علي مصير المنطقة وعلي عملية السلام، فعليها ان تطلب من الإسرائيليين إعادة النظر في أسس رؤيتهم للفلسطينيين وبدء تفاوض جاد حول الجندي الأسير. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 6 جويلية 2006)
غطاء الرأس للفتيات والماكياچ للفتيان!
بقلم حلمي النمنم أصبح من النادر أن تري فتاة بدون غطاء للرأس، قد يكون الحجاب أو غيره، إلي جوار الجلباب الطويل أو أي بديل آخر يغطي الجسد كله، ومع هذا الزي هناك تبسط شديد سواء في استعمال أدوات الماكياچ والاكسسوارات، وعلي العكس من ذلك تجد الشبان أو الفتيان، فقد انتشرت البنطلونات القصيرة، أغلبها تحت الركبة وبعضها فوق الركبة، وهناك مبالغة في ارتداء السلاسل بالعنق، يمكن للشاب أن يرتدي أكثر من سلسلة ومع السلاسل لابد أن تكون أزرار القمصان مفتوحة حتي منتصف البطن وتكشف السلسلة بالكامل وفي اليد بعض الأساور أو الانسيالات، من الذهب أو الفضة أو حتي البلاستيك أو من القماش الملون، ويصحب ذلك تطويل للشعر وبعضهم يربطه من الخلف، ربطة ذيل الحصان التي انتشرت بين الفتيات في الستينيات وبعضهم قد يربطه في ضفيرة واحدة علي طريقة فتيات الريف من قبل.. تأمل ملامح الوجه جيداً تجد اعتناء بالغ في التخلص من شعيرات الوجه وما حولها.. وفي حالات نادرة تجد مظاهر ماكياج بوجه الشاب من مسحوق ما أو كريم معين أو.. أو…!! ويصبح المشهد محيراً حين تجد أحد هؤلاء الشباب بصحبة إحدي الفتيات اللاتي غطين أجسادهن بالكامل.. فتحاول أن تبحث له عن تفسير أو تفهمه، إذا كنت تقليدياً ومحافظاً سوف تتساءل كيف لفتاتين مختلفتين تتماسكان علي هذا النحو؟!! والواقع أن المجتمع المصري عرف تاريخياً غطاء الرأ« للجنسين، فكانت النساء محتشمات وتغطين الشعر وترتدين الجلباب أو العباءة الطويلة، فلا يبدو منها إلا الوجه والكفين وربما القدم حتي الكاحل، إبرازاً للجمال، ذلك أن الرجل تقليدياً كان يمكنه تبين مدي جمال ومفاتن المرأة من هذه الجوانب.. وكان الرجل أيضا يرتدي غطاء الرأس الذي تنوع بين العمامة والطربوش أو الطاقية، وكان من العيب الشديد أن يخرج الرجل إلي الشارع عاري الرأس حتي أن شرف الرجل في أحد معانيه كان يرتبط بعمامته أو طاقيته. في القرن العشرين حدث تحول كبير منذ ربعه الثاني، إذ بدأت الفتيات والسيدات في التخلص من غطاء الرأس وبدأ السفور ينتشر تدريجياً ومعه الملابس القصيرة نوعاًما، وشهد المجتمع المصري معركة ضارية في الثلاثينيات، عرفت باسم معركة السفور تدخل فيها الأزهر والأمير عمر طوسون ود. طه حسين، والحقيقة أن الجامعة المصرية لعبت دوراً مهماً في تلك المعركة إلي جوار السفور، وفي منتصف الخمسينيات كانت المعركة قد حسمت لصالح السفور، لكن توازي معها ما يمكن أن نسميه سفور الرجل، أي التخلص من غطاء الرأس متمثلاً في الطربوش الذي كان يرتديه الموظف العمومي والطالب، ولكن بقيت الطاقية في الأرياف، سواء في الوجه البحري أو في الصعيد. ومنذ السبعينيات بدأ السير في الاتجاه المعاكس، حيث تخلص الريفيون الرجال من غطاء الرأس وبات من النادر أن يضع أحدهم طاقية فوق رأسه، حتي أن طلاب الأزهر أنفسهم تخلصوا في معظم الحالات من العمامة الأزهرية، وفي المقابل كانت الفتيات تعود حثيثاً إلي غطاء الرأس وارتداء الحجاب والملابس الطويلة مع اختلاف مسمياتها وأشكالها.. وبدأ الشبان يتجهون إلي تطويل الشعر والاكسسوارات، وأظن لو أن فتاة ارتدت من قبل ما يرتديه بعض الشباب من اكسسوارات لأعتبرن خليعات!! ولست من أنصار تصنيف شخصية الإنسان وأخلاقه وقيمه وفقاً لملبسه ومظهره، فالفضيلة لا ترتبط بزي معين وكذلك الرذيلة، فكم من مظاهر تحمل سمات الورع والالتزام بينما يكون الباطن أو الداخل منغمساً في الانحلال والابتذال.. وفي حالات كثيرة يكون المظهر محاولة للتغطية علي حقيقة مخيفة أو غير مقبولة اجتماعياً وأخلاقياً، لكنني أسجل هذا التباين في المجتمع كحالة دالة علي اختلال كثير من الثوابت وأن المجتمع لا يتحرك في اتساق تام، فلدينا فوضي اجتماعية ولنقل اضطراب عام هو انعكاس لاضطراب اقتصادي وسياسي والأهم من ذلك اضطراب ثقافي، فلسنوات طويلة سيطر علينا خطاب من التدين الكاذب والزائف، تدين رأي أن تخلف المجتمع وكثرة أزماته تتركز في المرأة والفتاة وأن النساء قد ابتعدن عن الفضيلة، وربطن الفضيلة بالمظهر والزي، وذلك ليس جديداً ففي التاريخ المملوكي حين كان النيل يجف وتظهر الأزمات كانت الفتاوي تظهر بأن الله يعاقب المصريين بسبب انحراف نسائهم، وكان يتم عقاب النساء ولم تكن الأزمات تنتهي، وفي حالتنا الآن تحولت همومننا إلي أن ترتدي الفتيات الملابس الطويلة وغطاء الشعر، وامتلأت الشوارع والحواري بعبارات من قبيل «الحجاب فضيلة».. الحجاب عفة».. «الخمار وقار»… وغير ذلك، المهم نجحنا في أن ترتدي كل الفتيات والنساء تقريباً الحجاب والخمار وغيرهما من المسميات، ولأن المسألة لم تنطلق من تدين حقيقي، بل تدين المأزومين وجدنا الشباب والفتيات يتجهون في الزي والمظهر إلي الطريق المعاكس تماماً وترتفع معدلات الانحراف في المجتمع. ولابد للمتابع أن يندهش كيف يتعايش هؤلاء معاً في مجتمع واحد، إلا إذا كان المجتمع مليئاً بالتناقضات التي تؤكد تفسخه وربما انهياره من الداخل! (المصدر: صحيفة « المصري اليوم » بتاريخ 6 جويلية 2006) وصلة الموضوع: http://www.almasry-alyoum.com/article.aspx?ArticleID=22550
Home – Accueil – الرئيسية