إنا لله وإنا إليه راجعون .. رحم الله جميع الحجاج المتوفين وشفا الله كل المصابين وفرج عنهم
وفاة 4 حجيج تونسيين وجرح 6 في حادث انهيار عمارة سكنية بمكة المكرمة
أصدرت وزارة الشؤون الدينية بلاغا جاء فيه أنه جد اليوم حادث انهيار لعمارة سكنية ذات عدة طوابق بمنطقة الحرم المكي بالاراضي المقدسة أدى الى سقوط ضحايا من جنسيات مختلفة عدد منهم من المارة. وبعد التحرى من أعضاء البعثة الرسمية للحجيج التونسيين الذين تحولوا بتعليمات من الرئيس زين العابدين بن علي فور علمه بالحادث الى عين المكان فتبين وفاة 4 حجيج تونسيين وهم: – امنة الصادق بوغزالة – معيوفة الحنيفي جارعي – سالم أحمد عياد – عبد الغفار دشيشة كما أدى الحادث الى جرح 6 حجيج تونسيين تم نقلهم الى المستشفيات لتلقي الاسعافات الضرورية وهم: – بية علي الحرزى – هدى علي علية – صالحة فرح ضو – زينة الطاهر بوعلي – السيدة بوليمة – فطيمة بوغمورة وقد أسدى رئيس الدولة تعليماته لوزير الشؤون الدينية وأعضاء البعثة لصحية التونسية بمتابعة الحالات المذكورة وإحاطة المصابين بالرعاية والعناية الكاملتين. (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 5 جانفي 2006)
إنا لله وإنا إليه راجعون
السيد بوراوي الفرجاني في ذمة الله
ببالغ الأسى تلقينا نبأ وفاة السيد بوراوي الفرجاني والد المناضل في حركة النهضة واللاجيء السياسي ببريطانيا الأخ الفاضل السيد الفرجاني
. والفقيد العزيز يناهز عمره الثمانين وقد وافاه الأجل اليوم الخميس إثر معاناة طويلة مع المرض.
بهذه المناسبة الأليمة تتقدم حركة النهضة إلى الأخ السيد الفرجاني بخالص التعازي راجين من العلي القدير أن يرزقه والعائلة الكريمة جميل الصبر وقد حرمته الديكتاتورية من إلقاء نظرة الوداع على والده الذي حرم بدوره على مدى
17 سنة من رؤية ابنه بسبب امتناع السلطة عن مده بوثيقة سفر وحتى بطاقة تعريف قومية إضافة إلى ما تعرض له على مدى السنوات الماضية من تنكيل واعتداء من البوليس السياسي انتقاما من الأخ السيد الفرجاني.
نسأل الله للفقيد أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه وأن يغسله بالماء والثلج والبرد وان ينقيه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأن يجعل معاناته مع المرض ومع الديكتاتورية في ميزان حسناته يوم الحساب.
5
ذو الحجة 1426 الموافق 5 جانفي 2006
حركة النهضة بتونس
الشيخ راشد الغنوشي
(
المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 5 جانفي 2006)
ائتلاف تونسي يرفض التنسيق مع الإسلاميين
تونس – أ. ف. ب – أعلن معارضون لنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي للصحافيين اليوم الاربعاء عن انشاء « ائتلاف ديمقراطي » يرفض اجراء اي اتصال مع المعارضة الاسلامية.
ونشأ الائتلاف حول حزب « التجديد » الذي انطلق قانونيا قبل 12 عاما على ايدي شيوعيين سابقين وناشطين في اليسار الديمقراطي، وهو يضم شخصيات مستقلة ومجموعتين يساريتين صغيرتين.
ويميز المروجون للائتلاف انفسهم عن الاسلاميين عبر اعلان « رفضهم الكامل لاي عمل مشترك مع حاملي مشروع يقوم على استخدام واستغلال الدين ». وقد جاء هذا الاعلان في بيان مكتوب.
وقال رئيس التجديد محمد حرمل ان « تونس بلد مسلم ولا يمكن لاي حزب سياسي فيها ان يتحدث باسم الله »، مؤكدا معارضته لاي تنسيق سياسي مع حزب « النهضة » الاسلامي المحظور.وقال رئيس مجموعة « الشيوعيين الديمقراطيين » العضو في الائتلاف محمد كيلاني « الامر لا يتعلق بالدين وانما بمشروع سياسي »، مشيرا الى الخطر الذي تشكله اعادة النظر من جانب الاسلاميين في وضع المراة القانوني المتحرر المعمول به منذ خمسين سنة في تونس.
ويأتي انشاء هذا الائتلاف في وقت انضم النهضة الى صفوف المعارضة الديمقراطية اثر الاضراب عن الطعام الذي بدأه معارضون بينهم اسلاميون في 18 تشرين الاول(اكتوبر) مطالبين باحترام الحريات العامة والافراج عن معتقلين. وقد اوقف المضربون عن الطعام اضرابهم خلال انعقاد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات بين 16 و18 تشرين الثاني(نوفمبر) واعلنوا بعد ذلك تشكيل « مجموعة 18 تشرين الاول(اكتوبر) للحريات وحقوق الانسان ».
كما اشار حرمل الى ان دافع انشاء الائتلاف هو استمرار وجود « مناخ سياسي مغلق » في تونس، داعيا الى رفع « الحصار الامني والاعلامي » ومنح الاحزاب المطالبة بترخيص الصفة القانونية ووقف الضغوط على الجمعيات ونشر قانون عفو عام. وقال محمود بن رمضان الذي يمثل المستقلين في الائتلاف « لقد دعمنا تلك المطالب الشرعية وكنا متضامنين مع المضربين ولكننا نرفض اليوم ان نسير في حركة سياسية تضم النهضة ».
(المصدر: برقية صادرة عن وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 4 جانفي 2006)
ائتلاف تونسي معارض للإسلاميين
1219 (GMT+04:00) – 05/01/06
تونس (CNN)– تشكّل في تونس إئتلاف من المعارضين للنظام » يرفض اجراء اي اتصال مع المعارضة الاسلامية » وفق ما أعلن أعضاء فيه.
وقالت أسوشيتد برس إنّ الائتلاف يضمّ حزبا تعترف به السلطات التونسية ومستقلين ومجموعتين يساريتين صغيرتين غير معترف بهما.
وأضافت أنّ الائتلاف الجديد يساند أيّ « إصلاحات راديكالية في النظام الحاكم » غير أنّه يرفض أي علاقة لذلك بالإسلاميين.
وعبّر الائتلاف الذي يطلق عليه « الائتلاف الديمقراطي التقدمي » عن « استعداده لحوار جدّي » مع السلطات التونسية داعيا إلى « إصلاحات راديكالية تضع حدا للوضع الحالي المتأزم على مختلف الأصعدة. »
وقال رئيس التجديد محمد حرمل ان « تونس بلد مسلم ولا يمكن لاي حزب سياسي فيها ان يتحدث باسم الله »، مؤكدا معارضته لاي تنسيق سياسي مع حزب « النهضة » الاسلامي المحظور. ونشأ الائتلاف حول حزب « التجديد » الذي انطلق قانونيا قبل 12 عاما، على أيدي شيوعيين سابقين وناشطين في اليسار الديمقراطي، وهو يضم شخصيات مستقلة ومجموعتين يساريتين صغيرتين.
وهاتان المجموعتان هما حزب العمل الوطني الديمقراطي (غير المعترف به والذي ينشط أساسا داخل الجامعة التونسية) وتيار الشيوعيين الديمقراطيين الذي لم يعلن تأسيس حزب وإنما من المعروف أنه ينشط أيضا داخل الجامعة التونسية وكان في عقد الستينات يشكل وحدة مع الوطنيين الديمقراطيين بالجامعة.
وقال رئيس مجموعة « الشيوعيين الديمقراطيين » العضو في الائتلاف محمد كيلاني « الامر لا يتعلق بالدين وانما بمشروع سياسي »، مشيرا الى الخطر الذي تشكله اعادة النظر من جانب الاسلاميين في وضع المراة القانوني المتحرر المعمول به منذ خمسين سنة في تونس. وكان الكيلاني يعدّ بمثابة المنظّر لحزب العمال الشيوعي التونسي الذي يتزعمه حمة الهمامي، وهو حزب غير معترف به.
غير أنّه في السنوات الأخيرة نحا بنفسه عنه ونشط ضمن التجمع الديمقراطي التقدمي المعترف به والذي يرأسه المعارض المحامي أحمد نجيب الشابي.
وفي الآونة الأخيرة، نظّم كل من الشابي والهمامي، رفقة معارضين تونسيين آخرين، إضرابا للجوع لفت الأنظار إليه على الصعيد الدولي وأفرز قيام حركة تدعى 18 أكتوبر/تشرين الأول الذي يوافق اليوم الذي انطلق فيه ذلك الإضراب.
وكان من المشاركين في الإضراب أشخاص معروفون بقربهم من حركة النهضة، رغم نفيهم ذلك من ضمنهم المحامي سمير ديلو.
وبرر حزب العمال الشيوعي التونسي، وهو حزب ماركسي لينيني راديكالي علماني، ذلك بأنّ المرحلة تقتضي دفع جمود الحركة السياسية في البلاد.
وعلى المستوى الميداني، يحظى حزب العمال الشيوعي التونسي بقبول من أوساط كبيرة من المثقفين والنقابيين وداخل البلاد، بسبب مواقفه التي يرى فيها هؤلاء « الأكثر وضوحا والأقلّ انتهازية من الجميع. »
وعام 1988 قبلت عدة أطراف من اليسار والإسلاميين في تونس التنسيق مع النظام التونسي الحاكم، إبان الانقلاب الذي صعد بالرئيس زين العابدين بن علي إلى السلطة، في الوقت الذي رفض فيه حمة الهمامي أي « اعتراف بنظام انقلابي صوري يكرّس استنرار نظام بورقيبة الفاشستي. »
كما لحزب العمال الشيوعي التونسي عدة هياكل، لكنها تفضل العمل السري، من ضمنها فصيل النقابيين الثوريين في الجامعة التونسية وكذلك في الهياكل النقابية التونسية، واتحاد الشباب الشيوعي التونسي الذي ينشط في المعاهد. (المصدر: موقع ال سي ن ن العربي بتاريخ 5 جانفي2006 )
تونس في 04 جانفي 2006
بيـــــان
تابعنا ببالغ القلق ما تعرضت له الصحافية شهرزاد عكاشة من مضايقات بلغت حد إيقافها عن العمل بتعلات واهية، كتتويج لسلسلة الاستفزازات التي ما انفكت تتعرض لها سواء بالمضايقات الدائمة عبر الهاتف والتي شملت حتى أفراد عائلتها أو بالضغط عليها داخل مؤسستها بالحرمان من حق توقيع مقالاتها أو محاولة إجبارها على الكتابة في مسائل ضد قناعاتها أو بمنعها من أبسط استحقاقاتها كالتغطية الاجتماعية أو تنظير رتبتها وفقا للسلم الوظيفي الملائم لشهاداتها زيادة لحملة التشويه المنظمة ضدها من جهات أمنية وشبكة المتعاونين معها، علاوة على محاولات الترهيب المتكررة لإجبارها على التخلي عن حقها في الدفاع عن نفسها كإحالتها على القضاء بسبب إشكال حصل بينها وبين أستاذ أيام كانت طالبة بمعهد الصحافة أو إيقافها بمقر منطقة باب بحر وتهديدها بإحالتها بسبب العربدة والسكر.
ونحن باعتبارنا طلبة معهد الصحافة نتساءل عن جدوى تكويننا وعن الغاية من تدريسنا لننتهي إلى ما تتعرض له الآنسة شهرزاد عكاشة أو ما يعيشه غيرها من الصحافيين المستقلين مثل سليم بوخذير أو السيد لطفي الحجي أو غيرهما من الأقلام الحرة التي تجبر باستمرار إما على الهجرة أو على ملازمة الصمت.
وعليه فإننا نضم أصواتنا إلى جانب القوى المدافعة عن حقوق الصحفية شهرزاد عكاشة وزملائها للمطالبة بالكف عن كل أشكال المضايقة التضييق على الصحفيين من أجل دفعهم للحياد عن رسالتهم النبيلة أو الانحراف بهم إلى مستويات لا تخدم الصحافة ولا الوطن.
عن المكتب الفيدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس
معهد الصحافة وعلوم الأخبار
بلاغ إلى الرأي العام
يهمني أن أتوجه إلى الرأي العام الديمقراطي بهذا البلاغ لإعلامه بقرار تعليق الاعتصام آملة أن يكون قد حقق أغراضه حيث تم الاتفاق بين ممثلي الصحافيين والإدارة العامة لدار الأنوار على تسوية وضعيتي وإنهاء هذا الموضوع بما يؤمن عودتي إلى عملي ورفع كل المضايقات التي أتعرض لها
وبالمناسبة لا يفوتني أن أتوجه بالشكر الجزيل لكل من ساندني ووقف إلى جانبي طيلة ساعات الاعتصام ، كما لا يفوتني أن أثمن عاليا روح التضامن التي قادت زملائي وأصدقائي في دار الأنوار مما عمق لدي شعور أننا أسرة واحدة متآزرة ومتضامنة.
كما أسجل وقوف جمعية ونقابة الصحفيين من خلال الزملاء الذين واكبوا مشكلتي
هذا وإني أعبر عن أملي في أن لا أضطر مستقبلا لأي شكل للتحرك سواء للمطالبة بعودتي لعملي أو للاحتجاج على أي شكل من أشكال التعسف والمضايقة التي طالما قاسيت منها
شهرزاد عكاشة
صحفية بجريدة الشروق
يوم الاثنين 02 جانفي 2006 على الساعة 16
بلاغ اعتصام
أتقدم أنا شهرزاد عكاشة صحفية بجريدة الشروق للرأي العام الديمقراطي لإحاطته علما أنني أدخل اليوم الاثنين 02 جانفي 2006 على الساعة العاشرة صباحا في اعتصام في مقر جريدة الشروق كرد فعل أولي على إجراء تعسفي قامت به إدارة دار الأنوار يهدف إلى حرماني من حقي في العمل كتتويج لسلسلة مضايقات التي سبق أن تعرضت لها وانخرطت فيها جهات لا مصلحة لها في إعلام حر في بلادنا
هذا وإنني اصطحبت معي عدل منفذ لمعاينة رد فعل الإدارة المحتمل ولاستجوابها عن إشكالات قانونية لم تحترمها إدارة المؤسسة وتعمدت إهمالها
وعليه فإني أهيب بكل الزملاء الصحفيين للوقوف إلى جانبي لمواجهة هذه المظلمة التي سبق أن عاشتها عديد الأقلام الحرة وكانت سببا في إعاقة نهضة حقيقية لصحافتنا وخنق كفاءات وتعطيلها عن أداء رسالتها الصحفية كاملة.
شهرزاد عكاشة صحفية بجريدة الشروق.
تونس في 03 جانفي 2006
تقرير إعلامي
– دخلت إلى مقر الجريدة فأوقفني عون الاستقبال العامل بدار الأنوار ليعلمني بقرار إدارتها إيقافي عن العمل.
– عدت أدراجي بعد أن أيقنت أن لامناص من خوض المعركة فاستدعيت عدل تنفيذ طالبة منه استجواب الإدارة ومعاينة ما قد سيحدث عن عودتي كما قمت بتحرير بلاغ صحفي أعلنت فيه نيتي الاعتصام بمنى الجريدة كما اتصلت بزميلي محمود الذوادي الكاتب العام لنقابة الصحفيين التونسيين لإعلامه بما حدث.
– دخلت مقر الجريدة برفقة الأستاذ الحبيب كحوانة عدل تنفيذ وانطلقت المضايقة حال اجتيازنا باب البناية قبل أن يسمح له بالصعود إلى مكتب المدير العام المساعد لدار الأنوار.
– توجه عدل التنفيذ إلى مكتب المدير العام المساعد في حين توجهت إلى مكتبي أعلنت بداية الاعتصام.
– لم يمضي من الوقت أكثر من خمس دقائق حتى أقبل عونا حراسة تابعين للمؤسسة وطلبا من المغادرة وقد عاينت حجم الإحراج الذي يعيشانه، ولم يكن من السهل إقناعهما بحقيقة منطلقاتي ولا طبيعة تحركي حيث تم إجباري على النزول أمام بهتة وذهول زملائي في المكتب.
– نزلت إلى قاعة الاستقبال معلنة مواصلة الاعتصام مهما كانت النتائج. وقمت بإعلام بعض أصدقائي من زملاء صحفيين وشخصيات ديمقراطية بطبيعة ما جرى فانهالت المكالمات الهاتفية للتعبير عن المساندة من ناحية وللوم الإدارة العامة على طريقتها في التعامل مع الصحفيين.
– مباشرة إثر اتصالي به حضر الزميل محمود الذوادي والزميل محمد الفراتي الذين لم يسلما بدورهما من المضايقة.
– في تمام الحادية عشر حضر ممثلا جمعية الصحفيين التونسيين الزميلان فوزي بوزيان ومحسن عبد الرحمان ليتوجها رأسا إلى الإدارة العامة.
– عاينت تعاطفا ملموسا من جل زملائي بدار الأنوار حيث لم تنقطع زياراتهم لي طيلة فترة الاعتصام كما عاينت مساندة ملموسة من صحفيين في مؤسسات أخرى عبروا جميعهم عن تضامنهم معي واستعدادهم للوقوف إلى جانبي.
– في حوالي الساعة الواحدة بعد الزوال نزلا ممثلا الجمعية وأعلماني بنتائج المفاوضات وطلبا مني فك الاعتصام.
– كثرت الآراء والجدل في صفوف الزملاء الحاضرين بين من يدعو إلى فك الاعتصام و من ينادي بتواصله واستمر هذا الجدل ما يقارب الساعتين.
– وبالرغم من كوني لم أفهم طبيعة الحل المقترح ولست مقتنعة بالمهلة التي طلبتها الإدارة لحل الموضوع ولا طريقة الحل أصلا لكنني نزولا عند طلب أغلب المساندين قررت فك الاعتصام والانسحاب من مبنى الجريدة واضعة الجميع أمام مسؤولياتهم.
– لا يفوتني أن أوضح أنني لا أريد أن أكون زعيمة كما روج البعض ولا أريد افتعال أزمات، وكل ما يهمني أن أباشر حقي في العمل كصحفية مستقلة لا تلاحق من أجل قناعاتها ولا تحاصر من أجل أفكارها وآراءها، وفي سبيل تحقيق ذلك مستعدة إلى السير حتى النهاية للدفاع عن حقي وعن شرف الصحفيين.
أشكر جزيل الشكر كل الذين وقفوا إلى جانبي سواء بالحضور أو بالمهاتفة، كما أشكر كل الزملاء والأصدقاء الذين تابعوا موضوعي وهم خارج البلاد وعبروا عن رغبة صارخة في أن تسوى وضعيتي بما يحفظ كرامتي كصحفية حرة وما يؤمن حقي بالكامل في العمل في ظروف طبيعية وملائمة.
شهرزاد عكاشة صحفية بجريدة الشروق
موظفو شركة اتصالات تونس يضربون عن العمل احتجاجا علي طرحها للخصخصة
تونس ـ رويترز: أعلنت نقابة البريد والاتصالات في تونس امس الاربعاء عن اضراب كامل اليوم الخميس لموظفي شركة اتصالات تونس اكثر المؤسسات التونسية تحقيقا للارباح احتجاجا علي عرضها للخصخصة في أكبر عملية من نوعها في البلاد.
وقال الهادي صميدة الكاتب العام المساعد بنقابة البريد والاتصالات لرويترز ان كل موظفي شركة اتصالات تونس وعددهم نحو 7800 سيدخلون الخميس اضرابا عن العمل ليوم واحد احتجاجا علي خصخصة الشركة مما يعني تسريح اغلب الموظفين وتغير منتظر في وضعياتهم المهنية .
وطرحت تونس حصة 35 بالمئة من اسهم شركة الاتصالات للبيع يوم 29 آب (أغسطس) من العام الماضي في صفقة يتوقع ان تجمع منها مبلغا قد يتجاوز 1.5 مليار دولار. وتطالب نقابة البريد والاتصالات بايقاف كافة الاجراءات المتعلقة ببيع حصة من رأس مال الشركة والدخول في تفاوض عاجل حول مصير الموظفين وتوقيع ضمانات رسمية.
واضاف صميدة لرويترز نحن لم نتلقي خلال مفاوضتنا مع وزارة الاتصالات الا تطمينات شفاهية لن نثق فيها مجددا ونحن نعي جيدا مرارة تجارب خصخصة سعودية تيلكوم وماروكو تيلكوم وشركات اخري عدة .
ولدي شركة الاتصالات التونسية، وهي أكبر شركة من حيث الايرادات والارباح في تونس، نحو 4.2 مليون عميل للخطوط المحمولة والثابتة في بلد يبلغ تعداده عشرة ملايين نسمة، وتسيطر علي حصة 72 بالمئة من سوق الهاتف المحمول، وامامها فرص نمو لم تعد متاحة في أسواق أوروبا.
وهددت النقابة بمواصلة التحرك في حالة عدم حدوث استجابة فورية لمطالبها من الادارة العامة لاتصالات تونس او وزارة تكنولوجيات الاتصال.
وتقول وزارة تكنولوجيات الاتصال ان عملية خصخصة اتصالات تونس لن تسفر عن أي انعكاس سلبي علي جميع الحقوق المهنية والمكاسب الاجتماعية
بل ستعطيها قدرة تنافسية بما من شأنه ان يعزز الوضع الاجتماعي لموظفي الشركة.
وبلغت الارباح الصافية لشركة الاتصالات التونسية 258 مليون دينار تونسي (192 مليون دولار) وبلغت مبيعاتها 1.136 مليار دينار عام 2004.
وتتنافس عدة شركات اتصالات اوروبية معروفة للفوز بهذه الحصة.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)
تونس استوردت في 2005 أكثر من مليوني طن حبوب
تونس ـ يو بي أي: أظهرت بيانات احصائية ان حجم واردات تونس من الحبوب تجاوز خلال العام 2005 مليوني طن بقيمة تقدر باكثر من 412 مليون دينار(312.12 مليون دولار).
وبحسب تقرير صادر عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية نشرته امس الاربعاء صحيفة )الصباح) التونسية المستقلة، فان حجم واردات تونس من الحبوب خلال العام الماضي تجاوز بقليل حجم الانتاج التونسي المسجل خلال موسم 2004 /2005.
وعزا التقرير لجوء تونس، التي يقدر عدد سكانها بعشرة ملايين نسمة، الي استيراد هذه الكمية من الحبوب رغم المناخ الملائم، الي عاملين اثنين أولهما التخزين باعتبار انه يفترض توفير شهرين من الاستهلاك، وثانيهما انتهاز الاسعار العالمية للحبوب عند انخفاضها.
ويقدر انتاج تونس من الحبوب لموسم 2005-2006 بـ1.8 مليون طن، مما يعني ارتفاع الواردات الذي من شأنه زيادة العبء علي موازنة الدولة التي يقدر ان يصل عجزها الي 3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي .
الي ذلك توقع تقرير مجلس الوحدة الاقتصادية ان يبلغ العجز الغذائي في المنطقة العربية علي مستوي الحجم نحو 61 مليون طن من الحبوب بحلول 2010، منها 28 مليون طن من القمح. واشار الي ان هذا العجز يتسم بالتصاعد، ويشمل ايضا السكر (7 ملايين طن) والزيوت (5 ملايين طن) واللحوم (15 مليون طن) والالبان (17 مليون طن).
وارجع ذلك الي ما وصفه باستمرار معدلات نمو الانتاج الزراعي في وضعها الحالي علي الرغم من تزايد استهلاك المواد الغذائية بالدول العربية، وارتفاع عدد السكان المنطقة (نحو 250 مليون حاليا).
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)
نمو احتياطات تونس من العملة الأجنبية
تونس ـ رويترز: قال البنك المركزي امس الاربعاء ان احتياطي تونس من العملات الاجنبية ارتفع بشكل ملحوظ خلال العام الماضي مقارنة بعام 2004 حيث بلغ 5.87 مليار دينار (4.38 مليار دولار) مقابل 4.69 مليار دينار (3.5 مليار دولار).
واوضح البنك في بيان نشر امس أن هذا المبلغ يعادل 123 يوما من الواردات مقابل 108 ايام خلال العام الذي سبقه.
وارجع البنك الانتعاشة المسجلة الي ارتفاع عائدات السياحة التونسية الي ما يقارب 2.5 مليار دينار
(1.86مليار دولار) لاول مرة في تاريخ البلاد، ووصول تحويلات المغتربين الي 1.36 مليار دينار
(1.01 مليار دولار).
وتمثل السياحة المصدر الرئيسي لدخل البلاد بالعملة الاجنبية.
الدولار يساوي 1.339 دينار تونسي.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)
واقع الأحزاب السياسية في تونس خلال سنة 2005
علي بن سعيد
(*)
مقدمة عامة
:
الحديث عن الاحزاب السياسية في تونس يثير كثير من الإشكالات الواقعية والمنهجية وذلك لطبيعة جمود الحياة السياسية في ظل الوضع الراهن المتسم بالاحتقان والجمود وغياب الحريات والمس اليومي من حقوق الانسان مصحوبا بتعتيم اعلامي منهجي وقسري واطار ديكوري متكأ على مافيا مالية واقتصادية في خدمة سلطة الحزب الواحد المسخرة في خدمة الرجل الاول وحاشيته الامنية والاستشارية والعائلية وحاشية مختلف أصهاره
.
ويمكن تقسيم أحزاب المعارضة التونسية الى
:
أحزاب الموالاة
( حركة الديمقراطيين الاشتراكيين – حزب الوحدة الشعبية – الحزب الاجتماعي الديمقراطي التحرري – الاتحاد الديمقراطي الوحدوي …….)
أحزاب معترف بها قانونيا فقط
( حركة التجديد – الحزب الديمقراطي التقدمي – التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ……. )
أحزاب غير معترف بها
: ( حزب العمال الشيوعي – حركة النهضة الاسلامية – الوحدويون الناصريون – الحزب الوطني الديمقراطي – الخ …….)
الحلقة الأولى
: أحزاب الموالاة
ويسميها بعض السياسيين بأحزاب الديكور الديمقراطي وهي الاحزاب التي لا تعترض على سياسة السلطة بل وتسير على خطاها في كل القرارات والسياسات مهما كانت مجحفة ومذلة للشعب والبلد
( أستفتاء ماي 2002 المؤبد لبقاء بن علي في السلطة- دعوة شارون في مارس الماضي الى زيارة تونس – الخ …) ، وهي من الناحية التاريخية ذات اصول في أغلبها تابعة للحزب الاشتراكي الدستوري في العهد البورقيبي ( إذ تعود أصول حزب الوحدة الشعبية الى حركة الوحدة الشعبية التي أسسها السيد أحمد بن صالح الوزير الاول الاسبق سنة 1973 بينما أسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ثلة من الوزراء وقياديي الحزب الحاكم والاقرب الى التيار الليبرالي بقيادة السيد أحمد المستيري ، بينما أسس الاتحاد الديمقراطي الوحدوي السيد عبدالرحمان التليلي بعد مغادرته للجنة المركزية للحزب الحاكم ). وتشترك هذه الاحزاب في جملة من السمات العامة :
كثرة طرد المناضلين واتساع رقعة الغاضبين لسياسة الامانة العامة للحزب وغياب النشاط الدوري حتى للمكتب السياسي الذي عادة ما يرتبط بشخص الامين العام وارتباطاته المهنية وحالته الصحية مما افرغ هذه الاحزاب من مناضليها وكوادرها وجعلها بين ايدي جملة من الإنتهازيين و محترفي السياسة
….
غياب النشاط الفعلي لهذه الأحزب وممثلياتهم في الجهات بعد انقضاء المناسبات الانتخابية ، فتغلق المقرات ولا حديث الا عن من هو مقرب من الامين العام ومن يكون خليفته في المؤتمر القادم ومن سيحضى بالوجود ضمن قوائم الانتخابات
…..
تزكية قرارات رئيس الدولة وتوجهات الحزب الحاكم ، فعلى إثركل خطاب رئاسي او مؤتمر او حتى ندوة للحزب الحاكم يؤثث قادة هذه الاحزاب جملة من الصفحات في الجرائد الرسمية والصحف التابعة
(الشروق- الصريح- الملاحظ .. ) هي عبارة عن شكر وتزكية لما قيل والتنويه بالحس الاستراتيجي ومباركة للقادم في نوايا الرجل الاول للعهد…
ضعف الاداء داخل المؤسسات التنفيذية والتشريعية عددا ومضمونا
( 268 مستشارا في بلديات 2005 مثلا ، 3 سفراء ،4 أعضاء بمجلس المستشارين…) وحتى النائب الذي يتعرض لذكر حقائق يشكك في وطنيته او حضوره العقلي ( احد المتدخلين في مجلس المستشارين قيل انه تحت مفعول الادوية بل واعتذر امينه العام عن ما صدر منه…
1 – حركة الديمقراطيين الاشتراكيين :
بقي نشاط هذا الحزب بعد مغادرة اهم مناضليه وكوادره في التسعينات
( الدكتور حمودة بن سلامة ، السيد خميس الشماري ، الدالي الجازي، سعيد ناصر رمضان ….. ) ، مرتبطا بدورية المكتب السياسي ولجنة التنمية السياسية ورهن خلافات التسعينات بين مجموعتي مواعدة (المؤمن بتيار الوسط والتوجه القومي للحركة ) وبولحية ( ليبرالي ) وخطوات السلطة واجراءتها ( تعيين السيد جلال لخضر سفيرا في داكار والسيد عزالدين الشماري عضوا بمجلس المستشارين …..) ولم يفلح مؤتمر المصالحة في اوت 2004 في رأب الصدع فلم يقع حتى الاتفاق حتى على توزيع المهام داخل المكتب السياسي ولا تحديد سياسة الحركة بل اصبح اعضاء المكتب في صراع متواصل وصل الى حد المحاكم ( مشكلة السيد الحداد من جهة بنزرت ضد احد انصار بولحية ، الخلاف المتواصل بين السيد عزالدين الشماري وبقية أعضاء المكتب السياسي ) ، اضافة الى غياب الصوت الاعلامي : جريدة « المستقبل » – رغم دوريتها الاسبوعية – والتي لم يصدر منها في السنة المنقضية الا 3 اعداد تقريبا…
وتنقسم الحركة الى جملة من المجموعات لعل أهمها
:
مجموعة السيد اسماعيل بولحية الامين العام الحالي وهي خط اصلاحي بحت يؤمن باستثمار عطايا السلطة وهداياها ومسايرتها كليا
.
مجوعة الامين العام السابق السيد محمد مواعدة
( الذي تذبذبت علاقاته بالسلطة من الوفاق الى الصدام فالسجن فالمنفى فالوفاق فالمصالحة فالصمت الغامض …)
مجموعة السيد أحمد الخصخوصي والتي تؤمن بعدم شرعية المؤسسات الحالية وكل الحيثيات الجادة بعد سنة
1995 رغم ان هذه المجموعة منشقة موضوعيا عن مجموعة مواعدة .
مجموعة السيد الطيب الحسني والمقربة أكثر من الامين العام رغم محافظتها على تكتل عناصرها
.
تيار المستقبل والذي ينوي بعثه السيد محمد علي خلف الله اثر المجلس الوطني الاخير للحد من حالة الانخرام وعدم الوضوح المستقبلي لاستراتيجيا الحركة
.
عمليا يبدو مستقبل حركة الديمقراطيين الاشتراكيين غامضا رغم انه الحزب المعارض الاكثر تمثيلية داخل المؤسسات الرسمية
( مجلس النواب – مجلس المستشارين – المجالس الجهوية – مجلس الاتصال …. ) ومنعدما لطبيعة الازمة المزمنة داخلها والخلاف حول المؤتمر وموعد انعقاده وفشل سياسة المصالحة وحول المستقبل الفعلي لمؤسساتها الذي ستحدده طبيعة الحياة السياسية في البلاد وسبل تطورها من عدمه ، وفي صورة غياب الامين العام الحالي فان السيدين العروسي النالوتي أو المنجي كتلان مرشحين اكثر من غيرهما لتولي الامانة العامة في ظل الوضع الحالي للحركة والبلاد .
2 – حزب الوحدة الشعبية :
موضوعيا تحول هذا الحزب الى نموذج مصغر للحزب الحاكم رغم الادعاء بتحول الحزب من حزب قومي الى حزب يساري هدفه تجذير حركة اليسار في تونس والادعاء بأنه انه آخر معاقل الاشتراكية في ربوع تونس ، فالحزب عمليا هو حزب السيد بوشيحة الذي ابعد كل الرعيل الاول للحزب
( محمد بن عائشة – نصر بن عامر- عدنان بلحاج عمر … ) رغم انه لم يكن عضوا بالمكتب السياسي للحزب في بداية الثمانينات ، وهو قريب للسيدة الاولى في القصر- ابن عمتها – وتسلم الامانة العامة بعد ضغط السلطة واجهزتها على السيد بلحاج عمر بالمغادرة ( في علاقة – حسبما روج – في موضوع علاقة ابنه بالمخدرات ….. ) ، يعزل كل مخالفيه في الجهات ( القيروان ، اريانة ، سوسة..) يراقب تحركات اعضاء الحزب وتصريحاتهم الصحفية وادائهم النيابي ( السيد صالح السويسي الأمين لعام السابق لجامعة نابل لكثرة حضوره الاعلامي – ثريا بن سعيد وبعض مواقفها ….) بل و يعمد اعلاميا الى التنصل من المناضلين عند اعلان بعضهم عن استقالته ويغيب عن الواجهة ويترك الساحة في المواقف الحرجة ( دعوة بن علي لشارون لزيارة تونس بمناسبة قمة المعلومات….) هو الامين العام من الآن قبل ان ينعقد المؤتمر في مارس المقبل ( 10-11-12 مارس 2006 بنابل حسب بلاغ المجلس المركزي المنعقد في 11/12/2005 ).
للحزب دار نشر خاصة هي
: « شركة التقدم للنشر والتوزيع والخدمات » رغم نشاطها المحدود حيث اكتفت بالنسبة لادبيات الحزب بنشر كتاب » الديمقراطية طريق الاشتراكية ، رؤية حزب الوحدة الشعبية » بمناسبة الانتخابات التشريعية السابقة ، ويعتبر السيد هشام الحاجي الرجل الثاني في الحزب والمكلف بالاعلام والناطق الرسمي وهو اقرب الى السلطة اليوم وقد قطع خطوة الترشح الى الامانة العامة ثم تراجع ونفى ذلك – وهو المراوح تاريخيا من تيار يساري الى الاسلاميين التقدميين الى الوحدة الشعبية-
الصوت الاعلامي للحزب لا انتشار له وتقطع في الدورية وتعبير تام عن سياسة الموالاة واقرب للاهتمام القومي والدولي للتغطية على الأوضاع القطرية ، يديرها عمليا بعض المهنيين المستقلين وبعض الملتحقين الجدد بالحزب
.
والحزب اليوم هو اقرب الاحزاب موالاة واقرارا لخطوات السلطة وتوجهاتها ففي الوقت الذي اتفق فيه الجميع على حرج السلطة من مطالب حركة
18 اكتوبر السياسية أثناء انعقاد قمة المعلومات يؤكد الامين العام على لمسه من حرص واضح وارادة سياسية على قطع خطوات هامة على درب الاصلاح السياسي ، وهو ما تم التأكيد عليه في بلاغ المكتب السياسي المنعقد في 26/11/2005 : » يعتبر هذا الحرص تاكيدا متجددا على الرؤية الاصلاحية لرئيس الدولة ….بل يرى فيه مؤشرا اضافيا على اهمية التفاعل الايجابي بين السلطة السياسية والاحزاب الوطنية … » ويضيف البلاغ : » تقبل المكنب بارتياح بالغ تمكن القمة العالمية لمجتمع المعلومات من بلوغ اهدافها وينظر لهذا النجاح بوصفه قوة دفع هامة لتعميق الوفاق الوطني ….. »
مستقبل هذا الحزب هو الانحلال والتحول الى شكل ديكوري بلا مسميات ومرتبط بمستقبل الحزب الحاكم والنظام الحالي لانه افرغ من اطاراته ومناضليه فحركة الوحدة الشعبية رحم الحزب لم تعد موجودة سياسيا ، بينما غادر الحزب شق السيد جلول عزونة
– الرئيس الحالي لاتحاد الكتاب الاحرار – وغيَب السيد بوشيحة بقية مناضلي الحزب وكوادره رغم انتماء بعض مناضلي الانحاد الديمقراطي الوحدوي الى الحزب كالسيد فيصل الزمني ( احد اهم مناضلي تيار الوحدويون الاحرار المنشق تاريخيا عبر حركة تصحيحية على حزب التليلي ….) او السيد خليل الرقيق ( احد عناصر تيار المود في الجامعة وممثلهم في المؤتمر 18 ستة 1988 و مؤسس التيار الاشتراكي الناصري سنة 1991 في الجامعة ، وعضو المجلس الوطني للاتحاد الديمقراطي الوحدوي منذ سنة 1994 الى 2004 …)
3 –
الحزب الاجتماعي الديمقراطي التحرري:
تم تأسيس هذا الحزب بعد الانقلاب الابيض الحاصل في اعلى هرم السلطة بناء على مقترح الصحفي التونسي السيد المنصف بن مراد
– المدير المسؤول لصحيفة أخبار الجمهورية – وتولى الامانة العامة فيه السيد منير الباجي والذي برر ذلك بافتقار البلاد الى حزب يدافع عن الافكار التحررية بمفهومها الواسع ، عرف في البداية باسم » الحزب الاجتماعي للتقدم » ثم باسم » الحزب الاجتماعي التحرري » .
عقد الحزب مؤتمره الثالث في سنة
2005 – يوم الاحد 03 أفريل ببورصة الشغل بالعاصمة- حيث تمت المصادقة على :
تنقيح القانون الاساسي
: تغيير الاسم ليصبح : الحزب الاجتماعي الديمقراطي التحرري .
وكيفية تبديل الرئيس
: لا يتم تغييره الا في مؤتمر عادي بعد 5 سنوات.
أن ينظر المؤتمر بوصفه سلطة اعتراض في القرارات التاديبية الصادرة عن المكتب السياسي برسالة مضمونة الوصول توجه فرديا الى رئيس الحزب شهرا كاملا قبل انعقاد المؤتمر بالمقر الاجتماعي للحزب
.
رفع التجميد والطرد على كل المطرودين والمجمدين منذ تاسيس الحزب ، فقد قال الباجي
: » بامكان من اراد العودة للحزب ان ينشط صلب هياكله وان يشارك باسم التحرري في كافة المواعيد الانتخابية القادمة بما فيها الانتخابات البلدية المقبلة »
الا ان السيد الباجي لطبيعته الاصلاحية و الليبرالية ، يراوح بين فترة واخرى بين
:
نقد السلطة الى حد الراديكالية
: ورد في جريدة الافق لسان حال الحزب : » ولقد طالبنا نحن كحزب اجتماعي تحرري بعفو تشريعي عام اردنا به تجاوز المرحلة السابقة وفتح مرحلة جديدة نعطي من خلالها الفرصة لكل ذوي النويا الحسنة التعبير عن ارادو سلمية في حسم المشاكل ونبذ العنف وسياسات المواجهة التي تبحث عن حذف واقصاء الاآخر … »
وهو ما تعرض له المكتب السياسي في البلاغ الصادر يومها
» …. ويعتبر المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري ان الاوضاع السياسية في البلاد آلت الى وضع يستدعي كل الاطراف الوطنية الى حوار شامل لتحيين المميثاق الوطني وارساء الديمقراطية على قواعد ثابتة .. »
بل ان كاتب الافتتاحية اضاف قائلا
: » ونجدد هنا مطالبنا بتوفير انفراج سياسي عام يقوم على اساس برنامج سياسي واضح المعالم للدخول مباشرة في ارساء الديمقراطية الفعلية . ويبعد عنا …. »
بل ان قارئ العدد يومها يخال نفسه امام تيار راديكالي ونقد شامل لسياسة الدولة حتى في المجال الثقافي ، فتحت عنوان
« الثقافة والابتذال » كتب المحرر قائلا : » لا توجد بلاد مهددة في كيانها وفي مستقبلها كتلك التي قبلت الانتاج الثقافي على قاعدة الابتذال…… رغم ان وزارة الثقافة لا تزال على حالها دار لقمان تمارس سياسة ثقافية مغلقة مركزها بيروقراطية الدولة التي تبتلع 95% من الاموال العمومية المرصودة للثقافة »
»
وكان عليه أن يقاوم أيضا المناورات من الداخل والخارج والتي كانت ان تاتي عليه سواء كان من صنع عناصر معزولة او من قبل بعض المتشددين في السلطة والذين لم يقبلوا مبدأ تعدد الاحزاب فارسلوا افاعي اندست في الحزب واظهرت ما لم تبطن في البداية ولكنها تحت أوامر محددة تمكننا من التعرف على هوية اصحابها ونمتلك الحجج الدامغة التي تدينهم …… » ، اضافة الى كل ذلك عمد في الانتخابات البلدية الاخيرة الى المساومة عبر تصريح اعلامي قائلا انه سيجمد قائماته ولم يتراجع الا في اللحظات الاخيرة بعد تلبية مطالبه رغم الهجوم الاعلامي المنظم عليه من ابواق الدعاية الاعلامية الرخيصة ( الشروق – الصريح – ….)
المولاة الكاملة
: يعمد اليها السيد الباجي حسب ما يراه من ظرف مناسب او عندما تتازم حالة الحزب المادية ، ففي كلمته في المؤتمر الاخير رفع الباجي عبارات الوفاء والتقدير لبن علي » لما انجزه في تونس منذ 17 سنة » ثم تعرض الباجي لما » عرفته تونس منذ التحول سنة 1987 من انجازات رائدة على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والجغرا- سياسية بالتوازي مع ما عرفه الحزب الاجتماعي التحرري من وجود وحضور يتجسم يوما بعد اليوم » مشيرا الى » ما اتسمت به البلاد من تمش ديمقراطي سليم وصحيح » وقال في هذا السياق : » …نحن كحزب معارض لا نطالب الا بالاضافة ونحن حريصون على ذلك » .
وللحزب
18 جامعة مثلت في المؤتمر الاخير – حسب الندوة الصحفية الني اعقبت المؤتمر الاسرع في تاريخ الاحزاب ( 45 دقيقة ) – بينما تكون المكتب السياسي من السادة ( منجي الخماسي ،بوجمعة اليحياوي ،سهام جبر،محمد بوكثير،جميل السعيدي،الطاهر الكافي،أنيس الارياني،مراد معتوق،سامي القيطوني،محسن الخالدي،شهاب الارياني) وسرعان ما حدث الخلاف من جديد بعد اقل من شهر بين السيدين الخماسي والباجي في تسيير دواليب الحزب ولا يزال قائما الى اليوم …..
تعاملت السلطة مع هذا الحزب بنفس الطريقة حيث تعامل السيد الباجي كموال فتستدعيه للمناسبات وتغدق اليه الاموال وتتسامح مع الحزب في نشاطه بينما تعمد في احيان اخرى الى المحاصرة والاختراق ودفع مجموعة من مناضلي الحزب الى حد الانشقاق بل ووصلت المسألة الى انظار القضاء
.
توقف الصوت الإعلامي للحزب
– جريدة » الافق » ذات الصفحات الاربع – عن الصدور منذ سنة 2002 لطبيعة الخلاف والصراع بين الباجي والمنشقين عنه وغياب قاعدة نخبوية للحزب مما يدل على ان مستقبل هذا الحزب مرتبط بمؤسسه وامينه العام الحالي وعطايا السلطة للأحزاب الديكورية ومستقبلها السياسي كسلطة قائمة.
4 – الاتحاد الديمقراطي الوحدوي :
تأسس هذا الحزب في اعقاب وصول بن علي للرئاسة في نوفمبر
1987 وبعد اتهام الهادي البكوش لبعض القوميين – بعد الاجتماع ببعضهم – بانهم يتلقون اموالا من السفارات الاجنبية ومن ثم عمدت السلطة الى تكليف السيد التليلي بتكوين حزب يمثل القوميين ويؤطرهم فغادر اللجنة المركزية وادى المهمة وتحالف مع السلطة وخدم استراتيجيتها وترشح ديكوريا في انتخبات 1999 الرئاسية قبل ان تنقلب عليه السلطة وتودعه السجن بعد اسبوع واحد من انتحار زوجته في مطار قرطاج اي قريبا من مكتبه ، وكل ذلك في مؤامرة شارك فيها حسبما تردد ابن اخته – اليساري السابق في الحركة الطلابية والسفير الحالي بجينيف المدعو سمير العبيدي – وبعض مناضلي الحزب وعلى رأسهم السيد عبد السلام بن عائشة – سفير تونس بالسودان حاليا – ومن ثم دخل الحزب في متاهات وفي مسارات وصلت الى حد امر فيه السيد بن ضياء بضرورة اختيار امين عام جديد وقبل حتى أن يبت القضاء في قضايا السيد التليلي ، وفعلا تم اختيار امين عام جديد لم تقف الخلافات عند حدها بل ان الحزب وبمجرد خروجه من ازمة يدخل ثانية وثالثة ورابعة ولعل ايقاف المجلس الوطني الاخير وتكليف كتاب الجامعات بالتحضير للمؤتمر دليل على ذلك .
فعليا الرجل الاول في الحزب هو السيد المنصف الشابي وهو مناضل سابق بــ
« حزب الشعب الثوري القومي » ومقرب من عديد الاحزاب العربية والقيادات العسكرية الجزائرية وهو ممثل سابق لمركز دراسات الوحدة العربية في تونس – تم الخلاف بسبب إخلال السيد الشابي بتعهداته المالية تجاه المركز – ، كثير المناورات ويحبذ لعب الادوار من غير الظهور المباشر فهو بعثي عند الضرورة وناصري عند الاقتضاء ، عضو بمجلس المستشارين ومن الصعب ان تقبل السلطة بقيادتها الحالية بصعوده الى منصب الامانة العامة .
إعلاميا ، لم ترى جريدة
« الوطن » النور منذ سنوات بسبب ازمتها المالية وبسبب الخلافات المزمنة والمتواصلة داخل الحزب رغم ان مضمونها كان مقبولا من حيث الاخراج والطرح الفكري على الاقل .
مكونات الحزب يمكن تقسيمها
:
أنصار عقد المؤتمر بقيادة الامين العام السيد أحمد الاينوبلي وموضوعيا مقربون من السلطة صمتوا على دعوة شارون وباركوا ترشيح بن علي للرئاسة يحبذون سياسة اظهار الموالاة
.
أنصار تعطيل انجاز المؤتمر:
ويحبذون سياسة لعب دور وسطي بين السلطة والمعارضة الجذرية لها ، يعارضون سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني( بيان زيارة شالوم الممضى باسم عديد الجامعات – الاحتجاج على الامين العام لحضوره حفل السفارة الامريكية – …. ) ، وقد حاولت السلطة وربما بتنسيق مع الامين العام شق هذا الجناح عبر تعيين السيد عبد الملك العبيدي في مجلس الاتصال – المؤلف الحقيقي صحبة السيد البصيري العكرمي لكتاب » كيف نرى المستقبل ؟ » – كتاب منشور باسم السيد التليلي ( تمت معالجة السيد العبيدي ، عبر تدخل رئاسي توسط فيه السيد أحمد الغندور) ، مع العلم وان اغلب جامعات الجنوب تناصر هذا الجناح.
أما ايديولوجيا فالحزب مكون من يساريين وبعثيين وناصريين وعصمتيين و بعض القادة والانصار السابقين للتيار الطالبي
: » الطلبة العرب التقدميون الوحدويون » ، رغم مواقف التيارات القومية الاخرى من الحزب وسياساته وهي التيارات التي رفضت الدخول الى الحزب عند تأسيسه: حركة البعث(حزب البعث العربي الاشتراكي بتونس حاليا) – التجمع الديمقراطي الوحدوي الناصري(أو الوحدويون الناصريون حاليا)، حركة اللجان الثورية -……. ) او في ما بعد ( سنة 1994 عند التحق عديد القوميين بالحزب كالسيد عبد العزيز بن سليمان النائب السابق والرئيس السابق لجامعة قابس…. )
عمليا من الصعب أن يخرج الحزب من عواصفه الحالية فهو
« ولد وسط العواصف » حسب تعبير مؤسسه ، وبعد طرد أنصار التليلي وابعادهم عن المناصب القيادية والبلديات ومجلس النواب ستحرص أطراف الحزب والسلطة السياسية إلى صعود الإينوبلي للأمانة العامة عبر مؤتمر وهو ما يحاول بعض أنصار التليلي وآخرون دون حدوثه بل ودون انعقاد المؤتمر …
(*) كاتب وباحث من تونس
5
جانفي 2006
لماذا تصرّ بعض الأطراف اليسارية التونسية على تواصل محنة الإسلاميين؟
جمال عبد الرحمان* في بيان عاجل صادر عن حزب العمال التونسي تم نشره على الموقع الإلكتروني « Tunis-news » لـ » يوم 20 ديسمبر 2005 بانت لنا جملة من النقاط الهامةالتي تعكس نضالية هذا الحزب وحرصه على المحافظة على وحدة العمل من أجل الحريات وتطوّرها إثر انتهاء إضراب 18 أكتوبر لمجابهة النظام الدكتاتوري المتسلط على شؤون البلاد. لكن البيان كشف لنا، في سياق الردّ على بعض الرافضين لجبهة المعارضة التي ضمت في صفوفها التيار الإسلامي، عن موقف عدّة أطراف يسارية أخرى شكّلت ما يسمى بـ « الائتلاف الديمقراطي » وإصرارها على تواصل محنة عشرات الآلاف من الإسلاميين ومن تبعهم من الأسر والأبناء عاكسين بذلك نزعة اقصائية واستئصالية لا تقل حدّة عما ترتكبه الدكتاتورية الحاكمة تجاه معارضيها ومع من يختلفون معها في مشروعهم المجتمعي. لقد تناول هذا البيان العاجل جملة من النقاط الهامة مثل شرحه لعوامل نجاح إضراب 18 أكتوبر(تجاوز الحاجز الذي كان قائما بين الأحزاب والجمعيات وبين مختلف النزعات الفكرية والسياسية….) والمكاسب التي حققها هذا الإضراب(بداية ردم الهوّة التي كانت قائمة بين الحركة النقابية من جهة والأحزاب والجمعيات والمنظمات المستقلة من جهة أخرى/ استعادة القوى الوطنية للمبادرة سياسيا وميدانيا وحصر الدكتاتورية في زاوية ضيّقة وطنيّا ودوليا….) والتأكيد على ضرورة التقدم بثبات لإنجاح هذا التحرك الذي لم تشهد البلاد مثيلا له منذ زمن طويل.
لكن ما شد الانتباه في هذا البيان هو ما ورد فيه عن وجود اعتراضات على مواصلة وحدة العمل حول الحريات بسبب مشاركة عناصر إسلامية – نهضوية فيه فالبيان يذكر وجود معترضين لا يرون ضرورة للالتقاء مع هذه العناصر مثيرين المواقف التقليدية « للنهضويين » و »الإسلاميين » عامة من جملة من القضايا الخلافية . لقد جاء بيان حزب العمال التونسي ردا على هؤلاء المعترضين الممثلين في أطراف شيوعية محدودة التأثير على الساحة الشعبية (حزب التجديد/الشيوعيون الديمقراطيون/ حزب العمل الوطني/مستقلون) ومؤكّدا أنّ هذه الاعتراضات في غير محلّها شارحا أسباب الالتقاء الموضوعي مع التيار الإسلامي(النهضة تحديدا)، وهذه الرسالة تردّ دون شك على ما ورد في البيان الذي أصدره » الائتلاف الديمقراطي » المتشكّل يوم 18/12/2005 والرافض للانضمام إلى جبهة موحّدة ضد الدكتاتورية تضم في صفوفها التيار الإسلامي الذي ينعتونه بالرجعية ويصرّون على أنه يشكل خطرا على المجتمع وأن التناقض معه مبدئي ويستحيل الالتقاء معه.
لقد أكّد هذا الائتلاف أنّه يرفض « التحالف مع حركة النهضة وتأسيس هيكل سياسي قار يشملها للعمل المشترك في ميدان الحقوق والحريات » واعتبر أن التحالف مع الإسلاميين يمثل ّمنعرجا خطيرا تشهده الساحة السياسية في المدّة الأخيرة » وأن هذا الأمر ستنجر عنه انعكاسات خطيرة على الحركة الديمقراطية وعلى مستقبل بلادنا ». لقد كان ردّ حزب العمال التونسي، الذي يبدو أنه يتعرض لضغوط داخلية من الأوساط اليسارية لفك الارتباط مع جبهة المعارضة المتمحورة حول إضراب 18 أكتوبر، معبرا عن روح ديمقراطية صرفة تقبل بالآخر حتى وإن كان نقيضه الإيديولوجي ومعبِّرا كذلك عن روح وطنية مدركة لما أصاب البلاد في ظل هيمنة الدكتاتورية على جميع مناحي الحياة من تدهور للأوضاع الاقتصادية والإجتماعية وانتشار للبطالة وتفشي للفساد والرذيلة ومن تعطّل للحراك الاجتماعي و السياسي. لقد أدرك حمّة الهمامي وحزبه مدى الكارثة التي حلت بالبلاد نتيجة الحكم الدكتاتوري فكان مدّ الجسور مع الإسلاميين خطوة ضرورية للمّ شمل المعارضة التي بان عجزها بسبب تشتتها وإقصاء بعض الأطراف منها. فالإسلاميون لا يزالون يتمتّعون بثقل في الحياة السياسية حتى وإن غُيِّبوا عنها لأكثر من عقد من الزمن، والجميع باتوا يدركون عقم العمل السياسي المنفرد وضرورة التنسيق بين مختلف ألوان الطيف السياسي بما في ذلك الإسلاميون.
ويبقى التيّار الإسلامي، رغم المحنة الرهيبة التي مرّ بها، يتمتع بقاعدة جماهيرية متنوّعة يمكن أن توفر قاعدة خلفية للمعارضة مجتمعة تسندها للضغط على الدكتاتورية والحدّ من سطوتها لتوفير مناخ حرّ يتوافق فيه الجميع على الالتزام بقوانين اللعبة الديمقراطية على أن تتحدد قوانين اللعبة، مناخ يتعايش فيه الجميع جنبا إلى جنب دون إقصاء أو تهميش مع احترام إرادة الشعب في اختياراته والالتزام بها.
ومع إكبار عديد الإسلاميين في الداخل لما جاء في بيان حزب العمّال التونسي فإنهم عبروا عن استياءهم من تمسك عدّة أطراف يسارية بخطابها الإقصائي القديم الذي يشيع المخاوف تجاه التيار الإسلامي وهو الخطاب الذي ارتكز عليه النظام الحاكم ليبرر أمام جمهور التونسيين والأوساط الأجنبية سياسته الاستئصالية تجاه الإسلاميين طيلة عقد ونصف. فهذا الخطاب المتحنط وغير النزيه، حتى وإن ادعى أصحابه عدم صلتهم بالسلطة، يلتقي موضوعيا مع توجهاتها الاستبدادية والإستئصالية ولذلك فإن هذه الدعوة لفك التحالف مع الإسلاميين هي في الواقع دعوة لاستفراد سلطة السابع من نوفمبر بهم ولتواصل محنتهم التي لا تبررها لا الشرائع الدنيوية ولا الشرائع السماوية فهم قبل كل شيء بشر يستحقون الحياة وجديرون بالدفاع عن حقوقهم وبالعيش الكريم مهما كانت الاختلافات معهم.
إن القضايا التي يثيرها « الائتلاف » لتخويف الناس من الإسلاميين ولإثارة جهاز الدولة ضدهم تبقى قضايا قابلة للنقاش وتتطلب الحوار حولها لكنها لا تبرر الصمت الرهيب لمكونات هذا الائتلاف،الذي يدّعي الديمقراطية، تجاه المحن التي مرت بها مئات الآلاف من الأسر التونسية في مختلف أنحاء البلاد فاليوم لا تخلو مدينة ولا قرية ولا حي من وجود ضحايا مضطهدين دمّرت حياتهم وعطلت لسنوات عديدة بسبب سياسة الظلم والاستبداد. وهذه الأطراف التي تعلن خلسة وعلنا عدم استعدادها للالتقاء مع التيار الإسلامي نظرا لاختلافاتهم الجوهرية معه مدعوة بالمقابل، إن كان لها بقية من النضالية وقسط من الديمقراطية، للإصداح برأيها تجاه ما ارتكبه نظام السابع من نوفمبر تجاه هؤلاء التونسيين الذين يعانون إلى اليوم.
فهذا « الائتلاف الديقراطي » الذي يدّعي التزامه بالحقوق والحريات مدعو اليوم لإصدار بيان صريح تجاه ما تعرض له الإسلاميون من محن لا زالت آثارها متواصلة. وهو مدعو إلى بيان رأيه من المحاكمات التي تعرضوا ؟ وبيان موقفه من منعهم من الشغل والوظيفة ومن التجويع الممنهج الذي يتعرضون له ومنع العديد منهم من مواصلة الدراسة والمراقبة اللصيقة التي يتعرضون لها؟ كذلك ما هو رأي هذا الائتلاف من سياسة التمييع الممنهج ومن ضرب مقومات الهوية العربية الإسلامية وما ترتب عنها من شيوع لكل أشكال الفساد والرذيلة في البلاد؟
سؤال أخير نوجهه لهذا الائتلاف الاستئصالي : هل كان النظام سيقدر على تمرير سياسته الليبرالية ذات الآثار الكارثية على البلاد لو كان الإسلاميون موجودون باعتبارهم طرفا قويا في الساحة السياسية؟ ثم هل لكم القدرة بمفردكم اليوم للوقوف في وجه الفساد بمختلف أشكاله وضد نهب ثروات البلاد وضد تدهور التعليم وضد انتشار الرذيلة التي مسّت الجميع؟ ألا ترون أن توحّد جميع الأطراف بما في ذلك الإسلاميون يشكل فعلا منعرجا خطيرا على الساحة السياسية وذلك بحشر الدكتاتوريةالحاكمة والفاسدة في زاوية محليا ودوليا وهو ما يمكّن فعلا من حماية الوطن وحماية مصالح الناس؟ تساؤلات كثيرة تنتظر الإجابة دون تعقيد للأمور. أما عن القضايا الخلافية فالتجارب السابقة سواء على أعمدة الصحافة الحرة(الرأي، حقائقّّ، المغرب العربي..) أو بين منابر الجامعة التونسية وغيرها من الفضاءات الحرّة تؤكّد أن الحوار هو السبيل الوحيد لمعالجتها بينما الإقصاء وعدم الجلوس للحوار لتبيين وجهات النظر فهو لن يولد إلا الكراهية والبغضاء وسيجعل آفاق التعايش المستقبلي بين التونسيين مهددة وسيكون ذلك حتما في خدمة الدكتاتورية التي تنتعش في مثل هذه الأجواء.
وفي انتظار ردّ الائتلاف على هذه الأسئلة البسيطة أودّ التأكيد أني لا أشكّ لحظة مثل عديد المثقفين و التونسيين المتابعين للشأن السياسي أن هذه الأطراف المكوّنة للائتلاف تبقى محدودة العدد لا يتجاوز أفرادها بعض العشرات وهي بموقفها الرافض للالتحاق بجبهة المعارضة التي تضم النهضة تسعى إلى الحيلولة دون تشكل قوة ديمقراطية فعّالة تزعج النظام وتحدّ من سطوته وهي بذلك تقدّم خدمة جليلة للدكتاتورية. وستضل مكونات هذا الائتلاف تردد شعارات عامة تشكك من التزام الإسلاميين بالحريات والحقوق والحداثة وكأنهم هم الأنصار الحقيقيون لهذه القضايا والواقع يكشف أنهم بموقفهم هذا يعبرون عن سلوك لا ديمقراطي واستئصالي كما يكشف لنا التاريخ المعاش أن غياب الإسلاميين من الساحة السياسية منذ مطلع التسعينات قد أدى إلى كارثة حقيقية في البلاد مسّت أبسط شروط الحياة ومست مجمل القضايا التي يدّعي الائتلاف اليساري الدفاع عنها. كما أعتقد أن هذه الأطراف تعبر بهذا الموقف الإستئصالي عما يساور الأوساط اليسارية المستفيدة من نظام السابع من نوفمبر بتقلدها للمسؤوليات(معتمدين وكتاب عامين للجان التنسيق وولاة ووزراء ومستشارين وموظفين كبار في الوزارات) وتحقيقها لمنافع كثيرة تخشى أن تزول ببروز الإسلاميين وغيرهم من القوى الديمقراطية الحقيقية في الساحة السياسية.
ختاما تحية لحمة الهمامي ولحزب العمال التونسي على موقفه الوطني الشجاع، تحية لبقية الوطنيين المناضلين من أجل الحرية وكرامة والإنسان ومن أجل الوطن مهما تباينت مواقفهم الفكرية و مشاربهم السياسية.
*باحث وكاتب من تونس
2006 : طبيعة الأوضاع العامة في البلاد و تفاعل المعارضة مع متطلبات المرحلة ؟
علي عبد اللطيف
مع بداية السنة الجديدة يتجلى عالميا بوضوح اكبر الوجه الحقيقي للعولمة وذلك عبر تواصل حرب رأسمالية على الشعوب والأمم على أساس الهويات والأعراق – تواصل احتلال العراق والاعتداءات السافرة للصهاينة على الفلسطيننين والتهديدات المتواصلة لسوريا وايران …..- عبر مختلف الاشكال مما يستهدف الحريات العامة والفردية والتحول الى الديمقراطية واحترام حقوق الانسان ، ولم تشذ بلادنا من التاثر بذلك فتحولت كل مظاهر الحياة اليومية للمواطنين خاضعة لقانون السوق أي لقانون العرض والطلب حسب صيغته الليبرالية ومما يجسد ذلك :
إقتصاديا :
برامج الاصلاح الهيكلي والمراجعة غير المدروسة لدور الدولة الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي .
تحويل صناديق التامين على المرض والحيطة الاجتماعية الى ما يشبه البنوك الاستثمارية .
تعدد المشكلات على مستوى التضخم خلال العامين الاخيرين وبقاء نسبة الفقر في حدود 4% والبطالة في حدود 14% – حسب الارقام الرسمية- .
ارتفاع الدين العمومي إلى حوالي 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، فقد ارتفعت حجم المساعدات، التي يقدمها البنك الدولي- يملي تشريعات وإعانات وتوجيهات غير بريئة- منذ عام 2000 إلى أكثر من مليار دينار تونسي .
نسبة النمو المرتفعة للاقتصاد والتي لا تترجم في أرض الواقع فرص عمل هامة، وهو ما يمثل تحديا خاصة وأن هذه الوضعية ستخلق اختلالا في سوق الشغل، التي ستستقطب في المدة القادمة أكثر من 75 ألف طالب شغل، أغلبهم من خريجي الجامعات.
2-سياسيا : أ- تواصل سيطرة التجمع على مظاهر الحياة السياسية وعدم الفصل بينه كحزب وبين مؤسسات الدولة – ملك الجميع – .
ب – تواصل مضايقة الناشطين والحقوقيين وتردي وضع الصحافيين والغياب الفعلي للتعددية الاعلامية.
ت – تغاضي سلطة الاشراف عن مطلبي المصالحة الوطنية الشاملة و العفو التشريعي العام المطروح منذ بداية الثمانينات و إصرارها على مقولة » لا وجود لمساجين رأي .. »
ث- تراجع دور الحركة النقابية في البلاد والغياب شبه الكلي للحركتين التلمذية والطالبية والتراجع المذهل للمثقفين والكتاب والادباء والاساتذة الجامعيين في كل ما يهم الحراك السياسي على عكس الثمانينات وبداية التسعينات…
في مقابل كل ذلك تعيش المعارضة التونسية مرحلة هامة تتسم بالضبابية والتشتت وغياب البرنامج البديل ، نتيجة للواقع الوطني والاقليمي والدولي :
الاختلافات في المواقف بين القوى السياسية وهو الأمر الطبيعي لاختلاف منطلقاتها وحق كل طرف في مواصلة الصراع اليديولوجي والنظري والسياسي حول نقاط الاختلاف ، لكنها اختلافات ناتجة ايضا عن طبيعة الواقع السياسي وغياب تحليل دقيق للاوضاع العامة- أحد الركائز الاساسية التي تحدد السلوك السياسي لاي حركة سياسية –
وجود حالة من الانتظار والترقب لدى اغلب التنظيمات والأحزاب والنخب السياسية والفكرية كنتيجة طبيعية للحالة الراهنة ولما حدث في الحباة السياسية منذ بداية التسعينات حيث تكبدت الاحزاب خسائر كبيرة وفادحة ….
انحسار دائرة العمل المشترك في حدود التدخلات الظرفية حول قضايا بعينها – تعدد عوائق توحد الحركة الديمقراطية مثلا وعدم قدرتها على الارتقاء الى مستوى البديل السياسي –
عدم وصول مواقفها للعامة كنتيجة لمحاصرة اعلامها اوقصورها الذاتي – اعلام شهري او مغيب تماما – مما يجعل المواطن يواصل مبالاته وتشكيكه في قدرات المعارضة والنفور من كل ما هو سياسي .
غياب الديمقراطية الفعلية داخل اغلب هذه الاحزاب – اجراءات في حق المناضلين وطرد بعضهم لاختلافات بسيطة …..
حضور عقلية تزعم المعارضة واساسا تزعم الحركة الديمقراطية.
ورغم كل ذلك ونتيجة لطبيعة الاوضاع العامة في البلاد ، فان هذه المعارضة تستطيع تحقيق خطوات اساسية ومكاسب رئيسية وان تعطي للديمقراطية أبعادها الشعبية والاجتماعية والوطنية وللدولة كمالها وللحريات وحقوق الانسان طابعهما الاشمل وذلك بالعمل على :
اقناع العمال وجماهير الشعب بــمواجهة الاوضاع الصعبة بالنضال السلمي والتمسك بالحقوق والمكاسب التاريخية للتونسيين و ضرورة تخلي المواطن عن اسلوب » الضغط على النفقات وتدبير الراس »
تحسين شروط النضال ورفع شعارات يتقبلها الشعب والراي العام واقتراحات تتناسب والاستعدادات الفعلية للناس .
اقناع النخب والطلاب وكل القوى الطلائعية بالتخلي عن شعار : » تجنب العناية بالشان العام » والعمل على المواجهة السلمية لــ » مصادرة الحريات » .
اعتراف القيادات التاريخية للمعارضة بمسؤوليتها على ماآلت اليه اوضاع المعارضة التونسية والبلاد واجراء نقد ذاتي لتجاربها تكون نبراسا للاجيال الجديدة ويمكن آنيا من قطع خطوات ملموسة….
إعادة التفكير في مسار حزبي ثابت لكل تيار سياسي تتيح للاراء المختلفة ان تتعايش تحت الاطار الواحد
فتح نقاش صريح بين الجميع حول القضايا الراهنة وطنيا و التكامل مع مطالب الاحزاب العربية واساسا في بلدان المغرب العربي .
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 342 بتاريخ 6 جانفي 2006)
تونس تُرضي الغربَ بالحربِ على الحجاب
تقرير- رضا عبد الودود
على خُطى الغرب وفرنسا تُسرِع تونس الخُطى نحو المزيدِ من التغريبِ والتقارب مع الغربِ على حسابِ عروبتها وإسلامها، متذرعةً بالحريةِ والخصوصيةِ الثقافية بنهجٍ تطويعي لكل القيم والمعتقدات في سبيل إحكامِ السيطرةِ على المجتمعِ الذي صار أكثر تململاً ورفضًا لمحاولاتِ تهميشه أو السيطرةِ عليه من جانب الفئة الحاكمة والجاثمة على أنفاسِ الشعب التونسي.
وفي هذا الإطارِ وصف وزير الشئون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري الحجابَ بالدخيل والنَّشاز غير المألوف على المجتمعِ التونسي متوعِّدًا باجتثاثِ الحجاب وكل المظاهر الإسلامية من لحيةٍ وجلبابٍ أبيض في المجتمع التونسي.
وأكد الأخزوري- في حوارٍ مع صحيفةِ (الصباح) اليومية التونسية مؤخرًا- أن « الحجاب زيٌّ طائفي يخرج مَن يرتديه عن الوتيرة »، وأنه يرفض أيضًا ارتداء الرجال للجلباب الأبيض الخليجي الذي يُطلَق عليه في تونس « الهركة البيضاء » وإطالة اللحية، وقال إنَّ هذه المظاهر تُنبئ عن اتجاهٍ معين، وذلك في محاولةٍ لتسييس الزي تمهيدًا لتجريمه.
يُذكر أنَّ السلطات التونسية تحظر على الإناثِ الدراسةَ والعملَ في المؤسساتِ العمومية بالحجابِ؛ استنادًا إلى قانونٍ صدر سنة 1981م في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة يُعرف « بالمنشور 108 » ينعت فيه الحجاب بالزي الطائفي، ومع بدء العام الدراسي في سبتمبر الماضي شنَّ مسئولو التعليم في تونس حملةً واسعةَ النطاق لتطبيق القانون 108، وتمَّ منع الطالباتِ المتحجباتِ من دخولِ المدارس والكليات، وهو ما اضطرهن إلى تغييرِ شكل حِجابهن حتى يُوفِّقن بين الدراسة والتمسك بالحجاب.
كما مُنعت إحدى المحجباتِ من إجراءِ عملية ولادة في إحدى المستشفياتِ الحكومية التي رفضت مجرَّد التعامل معها حتى تخلع حجابَها في صورة لا إنسانية لا يُطيقها حتى عتاة التغريب في فرنسا أو أوروبا، ومع ذلك ترفض السلطات التونسية التهم الموجَّهة إليها بمحاربةِ الحجابِ أو أي شكلٍ من أشكال التدين، معتبرةً أن ما تقوم به يدخل في بابِ محاربة ما تصفه بملابس دخيلة على العادات والتقاليد التونسية!!
لماذا الحجاب مجددًا؟
ويحمل توقيت إثارة قضية الحجاب مجددًا في تونس عددًا من المغازي والأهداف السياسية أهمها:
– حصار بعيد عن المعارضة.
– ضرب جهود التقارب بين التياراتِ السياسية وقوى المعارضة الإسلامية والقومية والاشتراكية التي بدأ صوتُها يرتفع بصورةٍ غير مسبوقةٍ لمعارضةِ نظام الحكم الاستبدادي في تونس، وتُحاول الحكومة التونسية تسويقَ رسالة سياسية مفادُها أنَّ الإسلاميين خطرٌ على المجتمعِ المدني، وعلى قوى المعارضة العلمانية الابتعاد عن التيارِ الإسلامي.
– وعلى مستوى أعلى تستهدف تلك الحملة إدخالَ الدين إلى دائرة الجدل السياسي بعدما اقتنع الجميعُ بحرية الاختيار والاعتقاد؛ انطلاقًا من أنَّ المرأةَ حُرَّة فيما تختار أو تعتنق من أفكار ومعتقدات، فإذا كانت الأطراف الدينية لا تُمارس الوصاية على مرتديات الجينز أو التنُّورة الفاضحة، ومن ثَمَّ فإنَّ خُصوم الفكر الإسلامي مطالَبين أيضًا بالاعترافِ لها بحقِّها في الاختيار إذا ما اقتنعت بزيٍّ ترى أنه مُعبرٌ عن الحشمةِ أو القناعات الدينية التي تريد الالتزام بها.
– تأتي تلك الحملة الشرسة على الحجابِ كأحدِ المظاهر الإسلامية في إطارِ حملة أوسع للحرب على الإسلامِ، وذلك على حدِّ تعبيرِ الشيخ راشد الغنوشي في تصريحاته مؤخرًا مع قناةِ (الجزيرة)؛ حيث أكد أنَّ هذا الموقف من الحجاب ليس جديدًا بل هو جزءٌ من الحربِ على الإسلامِ التي بدأت كما قال زعيم النهضة مع دولة الاستقلال بقيادةِ الرئيس السابق الحبيب بورقيبة.
وأوضح أنَّ منعَ الحجاب بدأ عام 1981م، إلا أنَّ تطبيقه منذ ذلك الوقت شهد صعودًا أو انحدارًا حسب الظروف، ومنذ عام 1991م تحوَّل الأمرُ من حربٍ على الحركةِ الإسلامية التونسية بوصفها حركةً سياسيةً ليصبح حربًا على الإسلامِ نفسه وعلى كل ممارسة دينية، وتسببت تلك الحرب في هجرِ آلاف الشباب للمساجد ومنع الحجاب.. إضافةً لطردِ آلافِ الفتياتِ والعاملاتِ والموظَّفات، بل تم حظر المحجباتِ من التعامل مع مؤسسات الدولةِ لدرجة منع الحوامل من وضعِ أحمالهن بالمستشفيات حتى يخلعن الحجاب!!
وما يؤكد ذلك تصريحات الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في ذكرى إعلان الجمهورية في 25 يوليو الماضي، التي جاء فيها أنَّ الحربَ على الحجابِ مستمرةٌ، وأنه لا عودةَ للحجابِ الذي وصفه بالطائفي، وجاءت تأكيدات بن علي ردًّا على نداءاتٍ من داخلِ تونس وخارجها لإطلاقِ حريةِ المرأة في لبس الحجاب.
مغازلة الغرب وتلميع الديكتاتورية
وعلى صعيد آخر تبدو تصريحاتُ وزير الشئون الدينية وحملات الحكومة التونسية الأخيرة على المناهجِ الدراسية وتصفيتها لكل ما يمتُّ للإسلامِ بصلةٍ تحت شعاراتٍ أكل عليها الزمان وشرب من التنوير والإبداع كرسالةٍ ترغب في توصيلها لحكوماتِ الغرب الذي انفضح أمر الحكومة التونسية أمامها، من تضييقٍ على الصحفيين، والقضاء على هامش الحرية، بل والقضاء على المخالفين للنظام بسبلٍ لا إنسانية، وهو بالتالي يُوجِّه رسالةً للقوى الغربية التي بدأت بالضغطِ عليه من أجل تحقيقِ انفراجٍ يتعلق بحقوقِ الإنسان بتونس، معتقدةً أنَّ تحركَها ضد ما يُسمَّى بالأصوليةِ والإرهاب قد يُوفِّر لها فُرصةً لاستعادةِ رضا الدول الغربية عنها.
ولعلَّ انتقادات المشاركين في قمة المعلوماتية الأخيرة التي عُقدت بتونس مؤخرًا كانت آخر تلك الانتقادات، ومن ثَمَّ جاءت حملة التعبئة والتصعيد ضد الصحوة الإسلامية من قِبل أجهزة الدولة تعبيرًا عن استياءِ النظامِ من انكشاف صورته أمام المنظماتِ الدولية أثناء انعقاد قمته المعلوماتية وما تعرَّض له الصحفيون والمعارضون من قمعٍ لفت أنظار المنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية، فالسلطات التونسية تعتقد أن تحركها ضد ما يُسمَّى بالأصوليةِ والإرهاب قد يُوفِّر لها فرصةً لاستعادةِ رضا الدول الغربية عنها.
وفي النهاية لا بد من التأكيدِ على خطورةِ مَنحَى السلطاتِ التونسية التي تصرُّ على منهج الإقصاءِ، سواءٌ للإسلاميين أو المعارضة التونسية، بما يهدد دورها الحضاري في صياغةِ مستقبل تونس السياسي في ضوء من التقارب والتعاضد الوطني إزاءَ مشروعاتِ التغريبِ والشرق أوسطية التي تستهدف حصر الدول العربية والإسلامية في جزر منعزلةٍ عن بعضها لتسهيل فرض الأجندة الغربية على شعوبها؛ خدمةً لمصالح وأهداف غريبة عن تكوينها الثقافي ومصيرها السياسي.. فهل تستمع الإدارة التونسية لصوتِ العقل بإلغاء القوانين سيئة السمعة وقانون 108 الخاص بالزي الوطني؟!
(المصدر: موقع إخوان أون لاين بتاريخ 4 جانفي 2006)
وزير دخيل عن الشؤون الدينية وخطاب نشاز يدل على تدين أصحابه
الحبيب المبروك / زيتوني – مقيم بسويسرا
بحسرة كبيرة وبخيبة أمل مريرة وبيأس شديد وبأسف اشد وبخجل ليس له حد، تابعت وأنا ابن جامعة الزيتونة ما آل اليه مصير الدين بالبلاد و ذلك من خلال الحوار الذي أجرته صحيفة الصباح التونسية يوم الثلاثاء 27 ديسمبر2005 مع وزير الشؤون الدينية التونسي والذي أكد فيه بأن « الحجاب ظاهرة دخيلة على تونس » و » نشازا » و » زيا طائفيا » و » ظاهرة غير مقبولة في تونس » !!!
وكذلك تصريح الأستاذة المبجلة بجامعة الزيتونة 🙁 منجية السوائحي) التي فاض علمها وبلغت من الفتوى أشدها حتى تقول لقناة : ANB اللبنانية : » ان الحجاب من الموروثات الإغريقية والرومانية وليس أمرا إسلاميا أصيلا… » !!!
وكذلك ما صرح به السيد رئيس الجمهورية في خطاب عيد الجمهورية الأخير بأن : « غطاء رأس المرأة دخيلا على بلادنا » !!!
ولئن ترددت سابقا عن الرد والكتابة فان الأمر بلغ من الحد مالا يجب معه صمت ولا سكوت …
بدء :
أقول بأن غطاء الراس الذي ترتديه المرأة المسلمة والمعبر عنه بالحجاب أو الخمار انما هو أمر الاهي وواجب شرعي بنصوص قطعية الدلالة والورود وليس لأحد مهما كانت مكانته أن يتطاول على نص قطعي حتى وان كان ولي أمر وهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق …
وقد أوجب الله سبحانه وتعالى الخمار على المراة المسلمة بقوله تعالى
: ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمورهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن … ) — النور 30 –
وقد أوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله مخاطبا أسماء بنت أبي بكر :
( يا أسماء ان المرأة اذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها الا هذا وهذا وأشار الى وجهه وكفيه )
فوجوب الحجاب على المرأة المسلمة البالغة محسوم من قبل الشارع الحكيم شأنه شأن الصلاة والزكاة والحج والصوم فارتداءه طاعة وتركه معصية ( الا من أكرهت على ذلك : والضرورة تقدر بقدرها )
ثانيا :
لقد سار العالم على هذا الهدي شرقا وغربا امتثالا وخضوعا وطاعة لأمر الله سبحانه وتعالى …
ثالثا :
ان هذا الغطاء ليس دخيلا على بلادنا وفي القريب القريب كانت أمهاتنا وجداتنا من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب يرتدين غطاء الرأس وكان رمزا للحياء والحشمة والوقار …
ولن يكون دخيلا الا اذا كانت بلادنا تنصلت عن جلدتها وتخلت عن هويتها وتنكرت لدينها وحاشى بلاد عقبة بن نافع وأبي لبابة الأنصاري وأسد بن الفرات والامام سحنون والامام بن عرفة والشيخ محمد الطاهر بن عاشور أن ترتد عن دينها وتنكص على أعقابها …
رابعا:
يا رئيس تونس ويا وزير شؤون دينها ويا من نصبوا أو انتصبوا للفتوى فيها :
والله ، لقد وضعتمونا ( التونسيون ) محل سخرية الجميع : مشارقة ومغاربة ، صغارا وكبارا فالمسألة غير متعلقة بحق شخصي ولا بمصلحة ذاتية وانما هو أمر الاهي وواجب شرعي ينافح من أجله كل مسلم مهما كان تدينه…
فتوبوا الى الله جميعا قبل فوات الفوت واتعظواممن سبقكم قبل أن يحل بكم ما حل بهم واعلموا أن الله على كل شيء قدير…
وأخيرا : أهيب بالسادة العلماء شرقا وغربا وداخل البلاد وخارجها أن يسخروا أقلامهم وخطبهم ورسائلهم وهواتفهم ليقولوا كلمة حق في الموضوع ( والله انها لأمانة وانها يوم القيامة خزي وندامة )
سويسرا، 4 جانفي 2006
الأخزوري دق إسفينا! , والمطلوب ليس أكثر من جبهة حريات
مرسل الكسيبي (*)
توجه وزير الأوقاف والشؤون الدينية التونسي السيد الأخزوري الى مكة المكرمة على رأس الوفد التونسي الرسمي للحجاج بعد أن ترك وراءه قنبلة سياسية ودينية موقوتة هدفت الى تمزيق التقارب الحاصل في الفترة الأخيرة بين مكونات الطيف السياسي التونسي المعارض
ولئن حثنا الاسلام على توحيد الصفوف وتجنب الفرقة والنزاع وتدعيم عرى اللحمة الوطنية ,فان وزير أوقافنا قد عمل بعكس هذه القواعد الاسلامية المعلومة لدى الجميع يوم أن ألقى بتصريحاته المشبوهة لجريدة الصباح التونسية في السابع والعشرين من شهر ديسمبر من السنة المنصرمة
حنق واضح ألقى به من فيه وهو يصف الحجاب بتوصيفات لم نكن ننتظرها من سعادة القائمين على الشؤون الدينية ولكم أن تتأملوا في لفظ هذه العبارات « »ظاهرة دخيلة » على تونس، و »نشاز » و »زي طائفي » و »ظاهرة غير مقبولة في تونس »
وعندما تخرج هذه العبارات من فم الوزير الذي يفترض فيه تضلعا في الشؤون الفقهية والاسلامية ,لا عجب ولا عجاب أن نرى في تونس من تأخذه العزة بالحقد فيتداعى الى تشكيل جبهات سياسية على خلفية أن الظاهرة الاسلامية معادية للحداثة ولمكاسب الاستقلال ولما حققته المرأة التونسية من مكاسب تحررية
لقد فعلها الوزير الأخزوري وطار الى مكة المكرمة ونتمنى له من قلوبنا حجا مقبولا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا
ولكن ماذا يمكن أن نقول عن تفاعل النخبة السياسية مع تصريحات السيد الوزير ؟
هل يفترض فعلا أن تنجر أحزاب بأكملها الى التعليق على تصريحات السيد الوزير بمفردها كما سبق وأن حدث مع وزير التربية والتعليم العالي محمد الشرفي في بداية التسعينات ,أم أن الأمر كان يفترض الانتباه الى الفخ الذي وضعه من أوعز الى سعادة الوزير بهذه التصريحات ؟
بلا شك كانت بعض الأطراف الايديولوجية التي لاترى مصلحة في تعافي الساحة السياسية وعودة المساجين السياسيين والمنفيين الى حياتهم الطبيعية , تبحث عن القشة التي تقسم بها ظهر البعير ,وقد وجدوا في تصريحات الأخزوري وردة فعل النهضة الرسمية على لسان رئيسها تجاه تصريحات الوزير فرصة سانحة للاعلان عن « التحالف الديمقراطي » الذي جمع بين ثلاثة أطراف يسارية عرفت بمعاداتها العقائدية المتجذرة لكل ماهو اسلامي
ولئن حرصت هذه الأطراف يوم امس الأربعاء في ندوتها الصحفية على الظهور بمظهر غير المعادي للاسلام كعقيدة ودين ,الا أن الأطراف الفاعلة فيها عرفت بمعاركها السابقة مع التيار الاسلامي في ساحته القطرية والجامعية
ولعل تنسيبا للحلول ونزولا بالسياسة من عالمها المثالي الذي رسمه أفلاطون ,يحتم علينا الاقرار بأن حجم الخلاف الموجود بين التيارات اليسارية والشيوعية المكونة لهذا الائتلاف أو الأخرى التي لم تعلن عن الانضمام اليه ,يحتم علينا الاقرار بأن حجم المسافة التي تفصل بين الجسم الاسلامي المعارض والذي تمثله سياسيا وبحجمه الأكبر حركة النهضة والجسم اليساري الذي تمثله تشكيلات شيوعية مختلفة هو أكبر من أن يقلصه مشروع سياسي مشترك أو الحلم بجبهة سياسية معارضة
وهو مايعني في تقديري الشخصي وبعد حوارات أجريتها مع أكثر من طرف سياسي فاعل ومعارض أن المأمول في تونس وبعيدا عن كل طوباوية موغلة هو مجرد تكتل أو قل جبهة من أجل فرض الحريات بأبعادها التي رسمتها حركة الثامن عشر من أكتوبر ,ويعني ذلك أنه على المعارضة الاسلامية وأقصد النهضة أن تطلق بالثلاث فكرة جبهة سياسية على الشاكلة التي يطرحها المناضلون الأشاوس والمحترمون من أصدقائنا الأعزاء في المؤتمر من أجل الجمهورية
ولست هنا بصدد تخذيل الساعين الى العمل الوطني المشترك ,فلا يخفى عليكم أنني من بين الحالمين به ,ولكن المرء يسير على قدر الممكن المتاح وليس على قدر المخيال في أحلام اليقظة أو عوالم النوم
ينبغي أن تتجه الجهود اليوم في تونس وبلا شك الى معرفة الممكن والمتاح في عوالم السياسة وهو مانطلبه بالحاح من الذين لايريدون تضييع الأوقات والجهود فيما هو غير ممكن أصلا بحكم عمق الخلافات بين أصحاب المشاريع الفكرية والسياسية
ولكن من الواضح جدا أن الفرز في الساحة الوطنية لابد أن يعود الى مربع حركة الجوع ولا الخضوع وهو المربع الحقوقي والسياسي على أرضية أن الحرية والوطن والتمثيل السياسي للجميع دون نبذ او اقصاء ,وانه لابد أن نصارح بعضنا البعض بأن هيئة الحقوق والحريات لاتمثل هيكلا سياسيا جبهويا لتحقيق بديل سياسي بقدر ما أنها جسر يقرب الهوة بين الشعب والنخب وعوالم حرية الاعلام والتنظم والعفو التشريعي العام
ومثل هذا التطلع بلا شك يبقى محل مسؤولية الجميع الا من شذ وأبى فله ما اختار من خيارات وقناعات ,وكل ذلك يبقى في اطار المقبول والمعقول ما لم نخادع ونناور عند حديثنا عن الرغبة في رفع الحصار الأمني والاعلامي ومنح الأحزاب بلا استثناء صفة الترخيص القانوني ووقف الضغوط على الجمعيات واعلان قانون العفو العام
(*) كاتب واعلامي من تونس
(المصدر: قائمة مراسلات 18 أكتوبر بتاريخ 5 جانفي 2006)
البعـــــد الآخـــــر عــن الــزي الطائفـــي
بقلم: برهان بسيّس
ردود فعل متنوعة ومتباينة صنعها حديث وزير الشؤون الدينية لصحيفتنا الغرّاء «الصباح» وقد تركزت في مجملها على الموقف القديم/الجديد الذي ما فتىء الخطاب الرسمي يكرّره تجاه ما اصطلح على تسميته بالزي الطائفي وهو موقف قائم على الرفض والاحتراز تجاه ظاهرة يعتبرها هذا الخطاب مظهرا من مظاهر الوشم المتصل بدلالات سياسية أكثر منها دينية. ردود الفعل شهدت دخول فاعلين عدّة على خط النقاش والتعليق تباينت رؤاهم واختلفت مقارباتهم كل حسب مرجع الحماس والاهتمام بالموضوع من رافض شاتم إلى مكفّر متوعّد ومن مساند مبارك إلى متابع مبتهج وبين هذا وذاك فريق من الانتهازيين الحاضرين في كل المواكب والمناسبات للنديب والعويل مهما كان مضمون الموكب تحت وقع الحاجة الدائمة لإثارة الغبار استدراجا لأي شكل من أشكال الإثارة والمغالطة والتشويه في استعداد كامل لقيادة جوقة التنديد والوعيد ضدّ البلد سواء تعلق الأمر بموضوع له علاقة بالديمقراطية أو حقوق الإنسان أو الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو البوذيّة أو حتى الزواحف والطيور. لا شك أن ملامسة موضوع الحجاب هو اقتراب من دائرة حرارة سياسية وفكرية دقيقة وحساسة بالنظر لتراث ثقيل من العلاقة المعقدة التي تربطنا كمسلمين مع قضايا العقيدة والدين وقد تشكّلت على مرّ تجربتنا التاريخية في تقاطع مربك مع هموم السياسة وإدارة الشأن العام. لقد ظلّ الطموح العقلاني الإسلامي يتطلّع لاشتقاق تنويري حداثي يفتك العقيدة الإسلامية من دائرة الاحتكار النصّي المغلق الذي أنتج مجمل انحرافات التطرّف والماضوية والتعصّب بمسميات مذهبية مختلفة ليضعها على مسار التسامي العقائدي لروح وجوهر الإسلام كديانة انسانية راقية ومنظومة قيم سامية تعلو تفاصيل الاغراق في التنميط والتشييء والقوالب المصنعة في ورشة الاجماع والمطلق الذي يتلاعب بسلطة المقدس ليمرّر تأويله البشري الشخصي كمرجع وحيد للنطق باسم المقصد الإلهي حيث لا تأويل إلا تأويله ولا مرجع إلا مرجعه ولا نصّ إلا ذاك الذي يملك وحده قدرة فهمه وتفسيره. لقد جاهدت الرؤية العقلانية الإسلامية في أن تدفع لانجاز إصلاح ديني لمنظومة فهمنا واستبطاننا لقضايا العقيدة والحياة على شاكلة تستفيد من تراث الإصلاح الديني المسيحي الذي حقق الانسجام التاريخي النوعي بين مسيحية متآكلة لفرط الهرسلة الكنسية على مرّ القرون ومدنيّة جديدة صاعدة في أوروبا محتفية بعصر أعلن انبثاق نهضة الأنوار. وضع الإصلاح الديني المسيحي عالم الغرب على طريق تكامل بديع بين المعتقد الديني والالتزام المدني الجديد هو ما أعطى لهذا الغرب ولا يزال شرعية تقدمه وتفوقه ورفاهه الإنساني والجمالي في حين بقيت دعوات الإصلاح الديني الإسلامي خافتة ضامرة منذ نواتات انبثاقها الأول في عصر النهضة الموؤودة مع الأفغاني وعبدة والطهطاوي تلك التي تذبح دوما على مسالخ الأصولية المتعصبة بالرواج الذائع لفتاوي تكفير أصحابها ورموزها في الكتب والدراسات والمنابر بل وأيضا في شهادات الدكتوراه العلمية… المنجزة في الجامعات ذات الصيت والتأثير في أوساط التعصّب والتكلّس الديني المتحرك باسم الدفاع عن عقيدة الأمة ودينها. إن النقاش حول الموقف التونسي من الحجاب لا يمكن أن يخرج عن سياق هذه الخلفيّة الفكرية للتجاذب الحاصل بين رؤيتي الجمود والاجتهاد والنصيّة والتأويل تلك الخلفية التي تجثم على العقل الإسلامي منذ قرون بذات محاور الجدل والاختلاف بين مدارس النص والنمطيّة ومدارس العقل والاجتهاد محافظة على ذات ميزان القوى المائل لسوء حظ الأمة الإسلامية لفائدة قوى الجمود والانغلاق بما يعطي لكل الغافلين صورة من صور التفسير لأسباب تخلفنا المزمن. يتحدث الناقدون الساخطون على الرؤية التونسية تجاه موضوع الحجاب عن انكار تونسي مستهجن لواجب معلوم من الدين ولنلاحظ في هذا السياق أن الأمر برمّته يتعلق بنقاش عن لباس وزيّ لازلنا نناقش شكله ومضمونه وطريقة وضعه ولونه ومقاييسه في أمة تتباهى بأنها تعيش عصرها بامتلاء وقوّة!! لا أعتقد مغامرة وأنا لا أدعي اختصاصا أن فقها ثريا في الاختلاف والتنوع أنتج مدارس ومذاهب شتى في علوم العقيدة والشريعة والكلام اختلف في كل القضايا دون استثناء من قدم القرآن إلى ماهيّة الله ومن طريقة وضع اليد أثناء الصلاة إلى قضايا الجبر والاختيار والتشبيه والتأويل وطقوس الوضوء وغيرها من موضوعات الاختلاف والتنافر يأتي على قضية الزيّ الشرعي للمرأة لينتج رؤية واحدة موحدة لا يأتي غلافها النصي أي نوع من أنواع التأويل والاختلاف. لا أعتقد أن نصّا قرآنيا ثريا ومتعاليا ترك لأمة برمتها حرية اختيار نظام حكمها بل وحرية النظر في شأن الطبيعة والمخلوقات أن يخص زي المرأة دون غيره بقالب نمطيّ واحد مقدس يجعله البعض داخل ذات الدائرة النمطية مقياسا لإسلام صاحبته من عدمه!!! ما لم يفهمه البعض ألاّ أحد في تونس يملك موقف رفض أو منع لمن يريد الالتزام بالتأويل القرآني الخاص بغطاء الشعر والجسد النسائيين لكن الاختلاف في هذا المجال هو حول الطريقة والأسلوب وهنا مكمن النقاش ولبّ المسألة: هل يكون الاسلوب بصياغات غير وطنية مستوردة من فضاءات مغايرة لفضائنا التونسي التقليدي بل الأكثر من ذلك هل يكون الأسلوب برموز ارتبطت بنشأة تيار سياسي أصولي خرج إلى الساحة التونسية عشرية السبعينات كإمضاء سياسي بحث لمريديه وأتباعه عن وشم وعلامات تمييز؟! أم ينبغي أن نلتزم «لمن شاءت» في طريقة التغطية بتقليدنا التونسي الصميم بعيدا عن كل مظهر ناشز أو طائفي ذا ملمح سياسي حيث لا يملك أحد أن يمنع بناتنا من غطاء الرأس التقليدي وأزيائنا المحتشمة السائدة منذ قرون على أرض مدننا وقرانا الطيبة على امتداد شمالنا وجنوبنا الذي لم ينتظر قدوم موضة حجاب السبعينات على يد دعاة تيارات الإسلام السياسي ليعرفوا إسلامهم أو حتى ليعتنقوه!! ماذا يظن دعاة الحجاب الطائفي هل أن جداتنا وأمهاتنا اللاتي التزمن لباس الحشمة والتقليد المتوارث خرجن عن الملّة والإسلام عندما لم يعرف عنهن أي التزام بشكل هذا الحجاب الطائفي الذي تتم الدعوة له؟!! ثم إن المسألة أعمق من ذلك حين يتعلق الأمر بهؤلاء الذين يتباكون على الحرية والديمقراطية من مدخل قضية الزي الطائفي ومنعه في تونس لنطرح عليهم وعلى أنفسنا السؤال الأعمق والأكثر حرجا. هل إسلام المرأة وإيمانها يلخص هكذا وببساطة في طريقة لباسها قياسا وفاروقا بين المؤمنة والكافرة!! هل يجرؤ هؤلاء الذّارفين لدموع التماسيح البريئة على محنة المحجبات على الاصداع بفتاويهم الخفية في الحكم على إسلام غير المحجبات؟! تلك الفتاوى التي تصل إلى تكفير تمتد مسوغاته إلى تلخيص حدود الكفر والإيمان والجنّة والنار بطول الجلباب ولون قطعة القماش فوق الرأس للإناث وشرعية حلق اللحية والتعامل مع الذقن وكحل العين ولون العمامة للذكور!!! دون استهانة بهذه المسوّغات فإن اللعبة عادة ما تبدأ زورا وحيلة بالترفع والتعالي الظاهري عن الخوض في مثل هذه التفاصيل باسم أولويّات فقهية مغايرة وانفتاح عقائدي مزوّر لكن هذه اللعبة سرعان ما ترتد إلي ملمحها التكفيري الخطير كلما حلّت لحظة التمكين تماما كما تروي ذلك قصص طالبان في أفغانستان أو حكم الترابي في السودان أو الملالي في طهران. ثم لماذا يتغافل الذين يصرخون في وجوهنا باسم الهوية والنطق الصائب بلسان الإسلام عن مدنا بشكل الحجاب الأسلم عقيدة ودينا هل هو الجلباب الايراني الموشّح بالسواد أم النقاب الوهابي أم الغطاء الطالباني الذي أخرج للعالم صورة المرأة الأفغانية المضطهدة على يد عصابات طالبان دون أن نسمع ولو كلمة واحدة تنديدا وتعاطفا أو توضيحا لموقف الإسلام من هذه العصابات من قبل هذه الجهات التي هالها ما صرّح به وزير الشؤون الدينية التونسي؟!! في إيران الشيعية التي لا يملك أحد التشكيك في التزامها الإسلامي تمنع سلطات طهران أن تضع النساء الايرانيات حجابهن أو يسترن أجسادهن بنفس الطريقة التي تضع بها نساء تنظيم مجاهدي خلق الحجاب بمثل ما يظهرن به عادة وهنّ ملتفات حول زعيمة التنظيم السيدة مريم رجوي. ترى سلطات طهران أن حجاب اتباع رجوي من نساء مجاهدي خلق علامة انتماء سياسي لذلك تمنعه وتطارده في سياق قتالها لهذا التنظيم وأتباعه!! هل هي بدعة إذا أن ندعو هنا في تونس إلى مقاومة زيّ طائفي هو عبارة عن عنوان سياسي دون أن يكون ذلك في أي شكل من الأشكال منع لتغطية الرأس وستر الجسد؟!! هل يجرؤ أحد على منع السفساري التونسي أو غطاء الرأس التقليدي في قرانا ومدننا؟! بالتأكيد لا بل لا أحد دعا إلى ذلك أو لمّح إليه إنما فقط في بلد يؤمن بطريق مغاير لموجة الانغلاق والتطرف والغلو السارية في جسم الأمة منذ قرون والعائدة بقوة في لحظة الراهن كمظهر من مظاهر الازمة والمأزق. في هذا البلد بالذات، في تونس يتجرأ صوت الاجتهاد الذي أعطى للتونسيين مجلة أحوال شخصية رائدة وتشريعات تقدميّة ونظاما تعليميا عصريا أن يظلّ مسموعا مدافعا عن رسالة الإسلام المتسامية عن اسفاف الغلو والتطرف المغرم بشد العقيدة الإسلامية إلى أرض التضاريس المعقدة بالممنوع والمكبوت والقوالب الجاهزة لايمان جعله الإلاه الكريم العزيز قضية قلب وروح ومعاني وخير وتجعله عقيدة التطرّف قضية متدرّجة من لباس دون غيره إلى سيولة جارفة لفتاوى القتل والدم والذبح ولا أحد يتجرأ أن يقول لأصحابها ارفعوا أيديكم عن الإسلام وعقول المسلمين!! أيّهم الأقرب إلى الله حسب رأيكم أيها السادة الأم تريزا المسيحية التي أعطت حياتها لفقراء كالكوتا أم نساء قصور الذكورة السلطانية الملتزمة تماما بقوالب الزيّ والمظهر؟! في فسحة التفكير عن إجابــة لهذا السؤال تتلخّص عصارة المعضلة. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 5جانفي2006 )
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المدعين تونس في 5/01/2006
تعقيبا على تصريحات الدكتورة منجية السوائحي حول تهجمها على أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب الفاروق رضي الله عنه (الحلقة الثانية)
بقلم محمدالعروسي الهاني مناضل دستوري من الرعيل الثاني على بركة الله وعونه وتوفيقه أواصل الحلقة الثانية والأخيرة على تصريحات وزير الشؤون الدينية والدكتورة بكلية الشريعة وأصول الدين بالجامعة الزيتونية السيدة منجية السوائحي. وبعد التعقيب الصريح والواضح حول تصريحات الوزير التي نشرت بموقع الأنترنات « تونس نيوز » يوم 30/12/2005 والتي لقيت استحسانا في الشارع التونسي و لدى رجال الدين والنخبة المؤمنة بالله ورسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. هذا ومما تجدر ملاحظته إن مواطنا في المهجر في أوروبا -جزاه الله خيرا- أطلع على التعقيب وساهم بالتعليق عليه إيجابا. بارك الله فيه وجزاه خير الجزاء خدمة لدينا الإسلامي وغيرة على كتاب الله العزيز. وقد أثلج صدري ردّ السيد عبد الحميد العداسي الذي نزل بردا وسلاما على فؤادي. ومن شدّة الفرحة والانشراح أطلعت عليه مرارا وتكرارا لما احتوى عليه من عبارات صادقة وهادفة ومعاني نبيلة وسامية.. أما في خصوص التعقيب على الدكتورة السوائحي فإني أكتفي بالإشارة التي ذكرها الشيخ عبد الرحمان خليف شفاه الله وحفظه من كل مكروه. قال شيخنا خليف: « إن كلام الدكتورة تافه ولا يستحق الرّد… لأنه كلام غير دقيق وغير موضوعي ومردود على وجه صاحبه أو صاحبته بالأحرى… وفيما يتعلق بفضل وأثار وأعمال الصحابي الجليل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب الخليفة الراشد الثاني هو أمير المؤمنين الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام « اللّهم أعزّ الإسلام بأحد الـعُـمـربن ». واستجاب الله دعاء رسوله وأعز الله الإسلام بسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه والذي كان دخوله للإسلام نصرا لدين الله وتوليه إمارة المؤمنين رحمة لعبادة. هذا الرجل الشهم العادل، خصّه الله في كتابه الكريم وصدّق قوله في ثلاثة آيات وردت في سورة التوبة وسورة الأنفال وسورة النور حول الخمار، أي أن الله صدّق كلام سيدنا عمر بن الخطاب وأيده وأنزل آياته تأييدا وتصديقا للصحابي عمر بن الخطاب. ومن خصه الله وذكره في كتابه وصدّق أقواله فإنه من عباده الصالحين. أما خصاله فعلى سبيل الذكر لا الحصر أذكر منها سبعة خصال حدثت في عهده: 1) الحادثة الأولى: قاطعته عجوز في المسجد حول ما قاله حول المهر، قالت له العجوز « يا عمر هل تحرم ما حلّل الله » قال « صدقت العجوز وأخطأ عمر ». 2) الحادثة الثانية: قال لابن عمرو بن العاص والي مصر بعد أن اقتص منه ابن الرعية قال له قولته المشهورة « متى استعبدتم الناس وقد ولدتم أمهاتهم أحرارا ». 3) الحادثة الثالثة: قاطعه صحابي في المسجد وقال له « لا سمع ولا طاعة » في قضية توزيع الأقمشة حيث لاحظ أن قميص عمر بن الخطاب طويل وقميصه قصير، فأين العدل فنطق عبد الله ابن عمر بن الخطاب وقال « والله أعطيت والدي قطعة القماش التي أخذتها حتى يكون قميص والدي طويلا كما شاهدته » فقال الرجل « الآن السمع والطاعة يا عمر ». 4) الحادثة الرابعة: جاءه رسول من أمارة الفرس ليشهد عظمة عمر بن الخطاب في الحكم وحراسه وقصره الشاهق فلم يجد شيئا وأعياه البحث فسأل عنه في كل مكان فلم يجده، وأخيرا بحث عليه في المقبرة فوجده نائما فوقف أمام رأسه متأملا ثم قال قولته المشهورة هذا الرسول « آمنت فعدلت فاطمأننت يا عمر.. أشهد أن لا الله إلاّ الله وأن محمد رسول الله ». 5)الحادثة الخامسة: جاءه رسول يشتكي من صياح وخصام زوجته فطرق باب دار عمر فسمع الصياح والخصام من زوجة عمر وعندما خرج له عمر قال له أتيت لأشتكي من خصام زوجتي فوجدت زوجتك تصيح وتعارك أكثر من زوجتي، فقال له عمر « يا رجل النساء سيدات بيوتهن ومع بعولتهن » فاستغفر الرجل ورجع إلى داره مطمئن البال فارحا بقولة عمر الذي أنصف النسّاء. 6)الحادثة السادسة: في جولته للرّعية ليلا وجد امرأة فقيرة ليس لها طعام لأبنائها وسمع قولها لأولادها « عمر بن الخطاب غير مهتم بنا » فقال « ويحك يا عمر » ورجع وحمل الطعام وثنى الركبة وطها الطعام للأبناء المرأة المسكينة وهي لا تعلم أنه أمير المؤمنين .. ثم دعاها لبيت مال المسلمين وسلمها نصيبها من المال من بيت مال المسلمين. 7) الحادثة السابعة : قال « والله لو عثرت بغلة في بغداد لحاسبني الله عليها الله يوم القيامة ». هذه عينات صغيرة من أعمال وبصمات وأثار أمير المؤمنين رضي الله عنه الذي يعتبر الرجل القوي في الإسلام صاحب رسول الله وخليفته بعد سيدنا أبو بكر الصدّيق رضي الله عنهما. وهو الذي لقب بعمر الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل. و هو الذي شهدت له العرب والفرس والرومان والروم بعظمة شخصيته وقوة حجته وشدّة إيمانه. و هو الذي قال عند الطواف بالكعبة والوقوف عند الحجر الأسود قال قولته المشهورة « والله لو ما شاهدت رسول الله قبّلك ما قبلتك لأنك حجر لا تضر ولا تنفع ». هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكل كلام غير دقيق لا يليق مهما كان الشخص الذي قاله ولو كان يحمل سبعة أصناف من الدكتوراة ولو كان أيضا من أكبر الفلاسفة. هذا مع العلم إن رجالا من الغرب لهم وزن شهدوا لعمر بالحكمة وقوة الشخصية. فكيف تسمح امرأة من تونس أن تتجرا على أمير المؤمنين بأقوال سخيفة تافهة لا تستحق التعليق. وختاما أقول المعذرة المعذرة للفاروق فقد جاء التهجم من بلد مسلم وعريق في الإسلام وبه جامع الزيتونة المعمور. والله الهادي إلى سواء السبيل والسلام . محمد العروسي الهاني – تونس ملاحظة: قبل وصولي إلى مكة لأداء مناسك الحج أدعو الله المغفرة للدكتورة.
بسم الله الرحمان الرحيم
المشروع الديمقراطي العربي و المخاض العسير
يقول الدكتور المنصف المرزوقي
(…معنى هدا ان الامة قطعت شوطا هاما على درب الديمقراطية وهي لاتزال تعتقد نفسها مكبلة بالاستبداد المقيت كل هدا لان رؤيتنا للعالم مطبوعة بالثنائيات السادجة الابيض والاسود الموجود وغير الموجود الخير والشر
. لكن حياة المجتمعات اعقد من ان تصفها او تستنفدها الثنائيات).
ولكن رغم هده الخلاصة الواعدة لم يستطع الدكتور ان يتحرر من هده الثنائيات الضاغطة و اخطر من دلك انه رتب معادلات خاطئة ونتائج خطيرة.
اول هده الثنائيات التي مثلت البنية العميقة للنص ثنائية القطب الديمقراطي العربي من جهة و اصحاب الايديولوجيا من جهة ثانية حتى بدا الديمقراطيون كتلة تاريخية فوق القوى السياسية و نخب المجتمع السياسي و المدني بشكل يجعلها غير قابلة للتحدد الا في حركة افراد او مستقلين .
ان تاريخ الصراع الديمقراطي في المنطقة ليس الا تاريخ صراع الكتل السياسية و المشاريع الايديولوجية سواء كانت ليبيرالية او يسارية او اسلامية لتجاوزمواقع الانحطاط ومواجهة الاستبداد.
وفي تقديري ان التحدد بالسبعينات غير دقيق لانه يحدث قطيعة تاريخية و ابستمية مع جهد انساني ومراكمة جماعية وكاريزمية على امتداد القرنين بحيث يمكن اعتبار المشروع الديمقراطي العربي هو مشروع النهوض العربي كخلاصة لكل الاستجابات التي تمت في الفضاء العربي والاسلامي و صبت –بحسب الدكتور محمد جابر الانصاري-
في مسار تاريخي واحد عرف بالتوفيقية .الفكرية والسياسية. فادا كانت الديمقراطية مضمونا تاريخيا راقيا لتنظيم الصراع فلقد مثلت التوفيقية معادلة فاعلة في واقع الازمات المتلاحقة على المنطقة كما مثلت المشاريع الايديولوجية الشمولية اسهامات لتجاوز تلك الازمات.ولكن بدون طائل.
ان المشكلة ليست مع الغريم القوي(التيار الاسلامي)
وانما في هدا التناقض الغليظ بين الديمقراطية والشمولية التي عبرت عنها الايديولوجيا بكل تعبيرا تها في المنطقة العربية.
لقداوتينا من الشمولية سواء تمثل دلك في تجارب سلطوية انتهت بنا الى المازق الحالي او تجارب حركية تطرح نفسها بديلا ووريثا.
-الثنائيةالاخرى في اقامة مقارنة بين انساق تاريخية ووتائر تطور غير متكافئة فلست معك في فكرة الانتقال السريع نحو الديمقراطية في اوروباالشرقية وامريكا اللاتينية وبعض بلدان اسيا (لان فكرة الديمقراطية كانت البديل الوحيد) اولا لانه من وجهة جيواستراتيجية كانت مصالح الهيمنة الغربية منسجمة مع التطلعات الداخلية. ومن جهة ثانية جاءالتحول ثمرة زواج تاريخي طويل مع انساقها الاجتماعية والثقافية من منا يمكن ان يتجاوز دور اللاهوت المستنير في امريكا اللاتينية او الكنيسة الكاثوليكيةفي بولندا وفاعلية التحول الحضاري في ماليزيا على قاعدة الاسلام.
-بقدر ما كنت موفقا في ربط دقيق بين الديكتاتورية و العامل الخارجي (الاحتلال – الهيمنة الغربية) فان ترتيب نتائج خطيرة من نوع (…
لقد شكل التدخل الامريكي سواء عبر هدا الاحتلال او عبر ارادة فرض الحل الشرق الاوسطي الكبيراكبر ضربة للخيار الديمقراطي واكبر دعم للخيار الاسلامي والارهابي…)او (… و لاشك ان انهيار صورة الديمقراطية من الاسباب التي تعطي الاسلاميين اينما توفر الحد الادنى من الحرية الانتخابية القدرة علىاحتلال المواقع وتهميش القوى التي ناضلت من اجلها
) فضح ثنائية خطيرة و ثاوية في وعي الكاتب – لم تستطع رسائله الى النخب الديمقراطية المتوجسة من صعود النخبة الاسلامية بضرورة تجاوز تناقضها معها و التفرغ للاستبداد – لم تستطع ان تخفي توتره. فالربط الالى بين مشاريع الهيمنة الغربية في المنطقة و اخرها التدخل الامريكي في العراق و نجاحات المشروع الاسلامي ووضع مشروع النهوض الاسلامي في نفس الخانة مع (التورم الارهابي) قراءة تامرية للتاريخ تلغي تاريخ الرؤية الاسلامية و دور قطاعات عديدة من المدارس والعلماء والاتجاهات التي تنوعت فى اجتهاداتها.
ان الوقوف عند امثلة بعينها لتقييم مدى تقدم الديمقراطية يشكك في صحة النتائج التي انتهيت اليها وتثير تساؤلات في مدى نضج الجماهيرو استعدادها لتقبل الخيارات المطروحة وهي عين الدرائع التي دابت الانظمة على رفعها كلما تعلق الامر بخيار لايخدمها.
مخاوف النخبة اليوم قد تكون مشروعة تجاه نجاحات المشروع الاسلامي بحكم وجود مناطق ظل كثيرة تحتاج الى تسليط الاضواء ولكن الا يكشف دلك عزلتها كمجتمعات نخبة( انظر ما كتبه الاستاد برهان غليون بامتياز في كتابه مجتمع النخبة) وانزياح في مرجعيتها .
نجاحات الاسلاميين يجب ان ينظر اليها كنجاحات ديمقراطية كما ان توفير شروط لمشاركتهم سيضع مشروعهم امام تحديات حقيقية .
الاستاد عزالدين شمام
هدا المقال قراءة عامة في بعض ما جاء في مقال الدكتور المنصف المرزوقي بتاريخ15ديسمبر 2005.
عن زنوج فرنسا و كتاب تونس
خميس الخياطي (*)
مر الكلام، زي الحسام، يجرح مكان ما يمر/أما المديح، سهل ومريح وتعرفون البقية ـ أو علي الأقل يعرفها الجيل الذي عاش هزيمة 76 وحرب أكتوبر أو رمضان وحرب البترول وثورة حتي النصر و برة ياستعمار وغير ذلك من الزوابع والشعارات ـ من أغنية المرحوم الشيخ إمام عيسي… والتلفزات العربية ولكثرة حلاوة الكلام الذي تبثه نهارا وليلا تطبيلا ومديحا لجاه أصحاب الجاه من جميع النواحي، أصبحت كل كلمة يستشف منها درجة ولو بقدر قيراط من الحرية وكأنها ثورة علي الحرس القديم الذي، رغم ما يقال عن تبدل الأحوال وفتح الشبابيك ومجري الرياح، ما زال يحكم بحكمه ولو عن طريق المقص حتي في البرامج المباشرة كما حدث في برنامج اتكلم علي الأولي المصرية في حوار مع وزيرة القوي العاملة عائشة عبد الهادي كما إستجوبتها لميس الحديدي…
هل إنقرضت العبودية حقا؟
طبعا هذا غير موجود في قنوات شمال المتوسط، ليس لأن شعوبهم ومشاهدي قنواتهم أذكي من شعوبنا ومشاهدي قنواتنا. لا، وألف لا. ليس هذا جلد ذات، بل حقيقة يعرفها الشارع العربي المغلوب علي أمره من كسرة يومه. هل سمعتم مثلا عن أحد قادة شعوب الشمال سافر للإستشفاء في بلاد غير بلاده التي يرأسها وله صلاحية دعم أطبائها وتحسين مستشفياتها وتطوير صناعات الدواء بها؟ هل سمعتم عن قائد منهم سجل أطفاله في مدرسة الإرساليات الخاصة بعيدا عن المدارس العمومية وهو الذي بوسعه أن يحسن مناهج التعليم العمومي وتحسين وضعية المربين ولم يفعل، لأن مستقبل ذريته أهم من مستقبل ذرية رعيته؟ هل سمعتم عن قائد منهم يتستر عن القتلة والمجرمين الذين هم من حاشيته وبطانته إن لم يكونوا من أقرباء أقربائه؟ هل سمعتم…؟ قطعا لم يحدث ذلك لأن هناك توازنا بين النخب السياسية والمؤسسات العامة كما الخاصة في احترام وخدمة رغبات المواطن الناخب طبقا لما يسنه القانون وما يقول به الدستور. حتي وإن غيرت وجهة القانون، فإن الدستور لا يحور إلا بإستشارة شفافة للمواطن/الناخب…
هذا ما يمكن إستخلاصه من برنامج أربعة أعمدة علي الأولي (تعبير صحافي) الذي تبثه القناة المنطوقة الفرنسية (هوتبورد، تردد 10873) التابعة للبرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسيين والمخصص لإحدي إرهاصات البند الرابع من قانون إيجابيات الإستعمار وهو عن منزلة زنوج فرنسا بعد العبودية ومن إعداد آرنو آردونان وشارك فيه كل من كريستيان توبيرا (نائبة راديكالية يسارية)، كلود فالنتان ماري (عضو لجنة الذاكرة)، باسكال بلانشار (مؤرخ)، ستيفان بوكران (الناطق الرسمي السابق لحزب الخضر)، فيليكس تشيكايا (مساعد رئيس بلدية بوبينيي ـ ضاحية باريس). في ذات الفترة تقريبا كانت إحدي القنوات الفرنسية الأخري تبث فيلم أن تكون في الأوراس ولك من العمر 20 سنة للفرنسي من محافظة برتاني الشمالية روني فوتيي الذي ساعد جيش التحرير الوطني الجزائري علي تكوين أطره السينمائية في السنين الأولي من حرب التحرير… معني هذا، أن شيئا ما يتبدل في تعاطي الإعلام الفرنسي ـ وطبعا النخب الحاكمة الفرنسية ـ مع مسألة الفرنسيين من ذوي الأصول الإفريقية والعربية. خلاصة النقاش أن هناك عودة للعقد المدفونة وأن الذاكرة أصبحت اليوم صراعا شرعيا من أجل الإعتراف من طرف الآخر إن الشعور بالإنتماء إلي المجتمع الفرنسي تعارضه نظرة الآخر في حين يعبر البعض (مثل حفيد الشاعر سنغور) بأن الهوية القائمة علي الغضب ولون البشرة هي هوية مخيفة وانعزالية . لقد أكد المؤرخ باسكال بلانشار بأن اكثر من 33 مليون تذكرة بيعت لزائري متحف المستعمرات الذي غيرته الحكومة ليكون متحفا للهجرة عوض أن تجعل من بقايا مستعمراتها ألوانا متعددة تحيي بها فرنسا ويكون المتحف فرصة للتصالح بينها وتاريخها كل المتدخلين أكدوا بأن الفرنسيين البيض يتجاهلون تاريخهم ومنهم الرئيس شيراك (وتعطي النائبة اليسارية أمثلة مؤرخة عن ذلك قائلة الساحر الكبير لا يعرف تاريخه حينما يقول بأن هايتي لم تعرف الإستعمار ). من هنا ينزل إستنتاج النائبة بأن المجتمع الفرنسي الحالي لا يخيرك إلا بين الضحية أو الثائر .
كل المتدخلين وحتي الذين عبروا عن آرائهم في المساحة التوثيقية، أجمعوا أن الجمهورية الفرنسية لم تعد جمهورية الجميع، بل هي جمهورية البيض كما عبر عن ذلك جماعة فقراء الجمهورية في بيان لهم بتاريخ كانون الثاني (يناير) للعام 2005 المنصرم. وبالتالي لا علاقة جذرية بين التاريخ والذاكرة إذ هناك ذاكرة بدون تاريخ وهناك كذلك ذاكرة بدون تاريخ (الفارق بين الحركية والزنوج). فتكون المواطنة العرجاء لأن الأغلبية تريد تطبيق ذاكرة العبودية علي مواطنين هم مواطنون جدد. إن المقاربة الفرنسية هي مقاربة محو الإختلاف وبالتالي تنسي فرنسا بإنها لم تعد قوة عظمي وعليها بالتالي أن تفسح المجال لتعابير سياسية وثقافية جديدة ومختلفة تخص مهمشي الجمهورية وهم الفرنسيون من ذوي الأصول العربية والزنجية… نشعر من خلال هذا البرنامج أن قناة رسمية مثل قناة البرلمان ومجلس الشيوخ الفرنسيين la chane parl‚e وليست قناة خاصة تسمح برؤية ليست مغايرة فقط للسائد بل هي في صراع جذري معه هو مثال يجب أن تأخذه بعين الإعتبار القنوات الرسمية العربية التي بدأت ريح جديدة تهب عليها هذه الأيام…
الكاتب والكتاب العاطلون والمقاولون والدكاترة
التلفزة العمومية التونسية (تونس7) تعيش في الأسابيع الأخيرة ريحا تغييرية نأمل ألا تكون مثل ذاك السنونو الذي لا يعلن عن مجيء الربيع… ذلك أننا نستمع إلي لغة جديدة ليست تلك الخشبية التي ألفناها فحنطتنا. لغة تقارب اللغة الحرة في النقد وتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود. هذا لا يعني بأننا نعيش إنفتاحا كليا. لا. هي بوادر إنفراج نأمل أن تأخذها سلطات الإعلام مأخذا جادا حتي تحول دون قبضة الحرس القديم .
برهان هذا الإنفراج يتمثل في الملف الذي بثته السابعة التونسية (مسجلا) مساء الأول من أمس والخاص بإتحاد الكتاب التونسيين. أدار الملف الصحافي وليد التليلي وأخرجه توفيق العلايمي وحضره كل من صلاح الدين بوجاه (روائي ونائب في البرلمان ممثلا للحزب الحاكم والرئيس الجديد للإتحاد)، سوف عبيد (شاعر وعضو بالهيئة السابقة)، خالد الغريبي (ناقد وجامعي ورئيس فرع مدينة صفاقس)، عبد السلام لعصيلع (شاعر وصحافي بجريدة الحرية، لسان حال الحزب الحاكم)، ظافر ناجي (روائي وسيناريست وصحافي) والروائي حسن بن عثمان الذي عاش ساعاته الأخيرة كرئيس تحرير مجلة الحياة الثقافية التابعة لوزارة الثقافة والمحافظة علي التراث…
الحضور كان جيدا واللغة جديدة خاصة من طرف حسن بن عثمان وظافر ناجي وصلاح الدين بوجاه فيما بقي الشاعران سوف عبيد ولصيلع والناقد الجامعي الغريبي خارج الحلبة. إلا أن هذا الحضور ينقصه الحضور النسوي ولا ندري لماذا لم تدع التلفزة روائية أو شاعرة أو ناقدة وتونس تعج بالأسماء ذات القيمة الإبداعية والنقدية ولا داعي لذكر الأسماء؟ ثم لماذا تم تسجيل البرنامج وبثه عوض أن يكون مباشرا كما قيل للعديد من الضيوف وأخيرا ما الداعي لحمل الصحافي وليد التليلي سماعة عند إدارة الملف؟ مشاهدة البرنامج ورغم الحرية التي إتسم بها جل الحضور تبين أن المؤلف (المسنتير) أما أنه لم يعرف أبجدية مهنته أو أن المقص مر من هنا بسرعة غير متوقعة إذ ان هناك قطعين علي الأقل لم تقبلهما العين العادية…
دار الحوار حول ممارسات الماضي التي جعلت من إتحاد الكتاب تحت رئاسة الشاعر ـ الرئيس السابق والعضو الحالي لمجلس المستشارين السيد الميداني بن صالح خلية في خدمة أغراض سياسوية عوض أن يكون في خدمة الكتاب وهو ما قيل بمناسبة الحديث عن عودة المطرودين والمستقيلين من الإتحاد وعن جدوي جذب الأسماء الهامة مثل الناقد توفيق بكار والمؤرخ هشام جعيط… وهي، وخاصة الأخير، أسماء تذكر للمرة الأولي بالتلفزة وحسنا فعلت… تحدث ظافر ناجي عن الإئتلاف والإختلاف المطلوبين من الإتحاد وأن يهتم بالكاتب والكتاب وإن أثير نقاش حول مفهوم الكاتب ، وهو
نقاش هام بعث به الروائي المشاكس والذكي حسن بن عثمان ـ ونشعر أن كلامه ريشه المقص بحسب تعبير من شارك في الملف ـ في أكثر من مرة وأيده في ذلك الرئيس الجديد صلاح الدين بوجاه في إعتماد الكتابة كمقياس أساسي وليس الولاء، في الإنصات إلي الأدباء والإبداع…
وإذ نشكر التلفزة التونسية علي مثل هذه المبادرة ونطالبها بالمزيد، إلا أنها في موضوع العدد الأخير من مجلة الحياة الثقافية التي وعدنا المقدم بالحديث عنه ولم يفعل لأنه سحب من المطبعة ومن مكتب المجلة بسبب إفتتاحية لم ترق لوزير الثقافة والمحافظة علي التراث، فلم تقم التلفزة بعملها الذي أشعرتنا به فـ صنصرت الموضوع برمته… ورغم هذه الفعلة، نأمل أن الربيع الذي ذقناه ذلك المساء ليس سرابا من سرابات الآمال المعلقة في الحدود المفتوحة… وكل عام ونحن وأنتم بخير.
(*) ناقد وإعلامي من تونس
khemaiskhayati@yahoo.fr
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)
انطلاقاً من استقبال البابا رئيس إسرائيل…
أسئلة عن ديباجة الرسالة الحبرية
احميدة النيفر (*)
في رسالة المجلس البابوي للحوار بين الأديان إلى المسلمين بمناسبة عيد الفطر لهذا العام أكّد الأسقف مايكل فيتزجيرالد بعد التهاني إلى «الأخوة والأخوات المسلمين» – مواصلة العمل بتعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني في خصوص الحوار معهم.
أبرز ما حملته هذه الرسالة التي غدت تقليداً سنوياً أن البابا الجديد لا يعتزم إحداث أي تغيير بالنسبة إلى ما أرساه سلفه مع ممثلي الأديان الأخرى وأنه يعرب عن «رضاه لتقدّم الحوار بين المسلمين والمسيحيين». لا شك في أن هذا القول يطمئن جانب المسلمين ويشجّع الحريصين منهم على مواصلة العمل من أجل المزيد من تمتين العلاقات الروحية والفكرية. غير أن المسيرة الحبرية تواجه موضوعياً سياقاً مغايراً وتحديات لا تشبه ما كان عرفه الكرسي الرسولي في ربع القرن المنصرم. لا حيلة لأحد في هذا التغيير الواقعي المحلّي والعالمي. لذلك فإن البابا الجديد مُلزَم أن يرقم خطوط رسالة تميّزه بقدر من الأقدار عن سلفه.
بدأ في رسم ديباجة هذه الرسالة حين اختار أن يكون لقبه الحبري بينيديكتوس السادس عشر ولم يختر مثلاً يوحنا بولس الثالث. مثل هذه الجزئية تفيد أن البابا الخامس والستين بعد المئتين قد يواصل ما أقرّه من سبقه لكن بتفاعل مع ما استجدّ من حراك موضوعي عبر أولويات تتحدّد تدريجاً ضمن اختيارات لمواجهة معضلات الواقع الداخلي والخارجي.
هذا ما تبدّى في بداية حبرية البابا الجديد مثيراً بعض الأسئلة نطرح أهمها في ما يأتي: لم تنقض ستة أشهر على انتخاب الكاردينال يوسف راتزينجار لمنصب الحبر الأعظم القائم على الكرسي الرسولي حتى بدت خطوط رسالته تتضح من طريق جملة إشارات فيها ما يثير الحيرة.
ما ظهر في هذه السداسي الأول للبابا بينيديكتوس السادس عشر تجاه المسلمين يثير أكثر من سؤال. ذلك أن ثلاثة من مواقفه على الأقل بدت كأنها تعبّر عن موقف من المسلمين ينحصر بين حدّي الإهمال والتوجّس.
1 – في عِظته التي ألقاها ضمن أول قدّاس أشرف عليه – أواخر نيسان (أبريل) 2005- لم يذكر المسلمين بكلمة، بينما خصّ «الأخوة الأعزاء من الشعب اليهودي الذين يربطنا بهم تراث روحي مشترك تعود جذوره العريقة إلى الوعود الربانية الصادقة»، خصّ هؤلاء بعبارات المودّة والسلام مكتفياً بعد ذلك بعبارة عامة شملت كل الناس، «مؤمنين وغير مؤمنين».
2 – ما حصل في مدينة «كولونيا» الألمانية آخر شهر آب (اغسطس) الماضي أثناء تظاهرة «الأيام العالمية للشباب» أبرز تخوّفَ البابا مما يمكن أن يصدر من المسلمين بعد أن بيّن مرة أخرى حرصه على دعم الرابطة الروحية اليهودية المسيحية. تحقق هذا بحضور غير مسبوق في البَيعة اليهودية للمدينة الألمانية بمشاركة جمهور كبير إلى جانب بعض من عانى جراء المحرقة النازية. في الجهة الأخرى كان لقاؤه بممثلين عن الجالية المسلمة في أسقفية المدينة فرصة عبّر فيها عن بالغ انشغاله من تفشي الإرهاب الذي يطيح أقدس المقدسات: الحياة الإنسانية. أكّد في هذا اللقاء ضرورة نزع المسلمين «ما في قلوبهم من حقد ومواجهة كل مظاهر التعصب وما يمكن أن يصدر عنهم من عنف».
لا شك في أن مخاوف البابا من الإرهاب مشروعة، غير أن النبرة التوبيخية التي اعتمدها في لقائه مع المسلمين كانت ذات وقع سيئ لما أوحت به من تعميم يحصر منابت العنف في جهة واحدة ومن تصوّر تبسيطي للإرهاب.
لعل هذا ما نبّه إليه بصورة غير مباشرة رئيس الاتحاد التركي الإسلامي في ألمانيا أمام البابا عندما ذكّر بالتجربة التركية، «ذلك النموذج الناجح للتعايش السلمي بين الثقافات والأديان».
3 – ثالثة الأثافي تمثّلت في لقاء البابا أواخر آب بالصحافية الإيطالية أوريانا فالاتشي. هذه الكاتبة المقيمة في الولايات المتحدة التي عملت مراسلة حربية في الفيتنام وقّعت منذ خمس سنوات مقالات تتبرأ فيها من «استقالة الأوروبيين» أمام «الغزو العربي الإسلامي» للقارة الأوربية. إلى جانب مقالاتها النارية التي كانت نموذجاً لكتابة الثلب والبذاءة العنصريين، فإن كتابيها الأخيرين: «الغيظ والكبرياء» الصادر إثر أحداث أيلول (سبتمبر) 2001 و «قوة العقل» بعد تفجيرات مدريد 2004 سجّلا رقم مبيعات مذهلاً في إيطاليا (أكثر من مليون نسخة للعنوان الأول). ما يعنينا في هذا الضرب من الكتابة عنصران أساسيان يجعلان اجتماع الصحافية بالحبر الأعظم هذا الصيف مثيراً للاستغراب.
– هي تعتبر حمقاً القول بــ «إسلام معتدل وآخر متطرف»، كما ترى أن التناقض بين المسيحية والإسلام جوهري.
– لا تتورع فالاتشي عن إدانة عزم الكنيسة الكاثوليكية على مواصلة الحوار مع المسلمين، ذلك أن الإسلام – في رأيها – مصدر «شر مطلق في جوهره وتاريخه وحاضره».
ما الذي يقرّب بين من يصرّح بهذه الآراء وبأشد العبارات تجريحاً وبين الرجل الذي شارك عن قرب في أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني وساهم في بيان علاقات الكنيسة بالأديان غير المسيحية، ذلك البيان الذي ينصّ على أن «الكنيسة تنظر بعين الإكرام إلى المسلمين»…؟ إذا أضفنا إلى هذه المواقف الثلاثة مؤشراً رابعاً يتعلق برأي الكاردينال راتزينجار المناهض لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي جاز لنا القول إن تساؤل الطرف المسلم عن ديباجة الرسالة الحبرية له ما يسوّغه. أخيراً تأتي زيارة رئيس إسرائيل للفاتيكان، زيارة هي الأولى من نوعها سبقها اجتماع البابا أوائل شهر حزيران (يونيو) باللجنة اليهودية العالمية للتشاور في العلاقات بين الأديان ثم تلاها استقباله منتصف ايلول ربيّين كبيرين من إسرائيل. على رغم هذا، فإن مجرد الاقتصار على هذه المواقف المؤشرة لا يمكن أن يحدد الوجهة التي يمكن أن تنخرط فيها الكنيسة الكاثوليكية إزاء مشاغل العالم الإسلامي الكبرى وإزاء الحوار المسيحي – الإسلامي بخاصة.
إن طبيعة العلاقة التي يحرص الفاتيكان على إرسائها مع ممثلي الطائفة اليهودية في أوروبا وفي الدولة العبرية لها مسوّغات دينية وسياسية غير خافية، إضافة إلى أنها تمثّل اختياراً سبق إليه المجمع الفاتيكاني الثاني ثم جاء البابا الراحل فأكّده منذ زيارته القدس سنة 2000.
من ناحية ثانية يمكن أن يتنزّل اجتماع البابا بالصحفية فالاتشي ضمن سياق لمِّ الشمل الكاثوليكي، فقد تمّ في الفترة نفسها التي جمعته بوجهين كاثوليكيين بارزين يعلنان خلافهما مع الخط الرسمي للكنيسة: أولهما هانز كونج عالم اللاهوت السويسري وصاحب الطروحات التجديدية والنقدية المتصلة بالألوهية ويسوع والتثليث وعصمة البابا وهي الطروحات التي أدّت إلى إيقافه عن التعليم في كلية اللاهوت الكاثوليكية.
الأسقف برنار فيلاي كان الشخصية الثانية التي اجتمع بها البابا هذا الصيف في رغبة لرأب صدع الكنيسة مع الخط التقليدي الذي أعلن انشقاقاً عن قرارات يوحنا بولس الثاني سنة 1988 خصوصاً في وجهته المسكونية العاملة من أجل توحيد مختلف الكنائس. لكن هذه التعليلات على أهميتها لا تستطيع أن تحجب السؤال الأهمّ المتعلّق برؤية البابا الجديد للعالَم من حوله وللموقع الذي تحتّله الكنيسة في هذا العالم. إن مفتاح الإجابة عن أهم المسائل المتعلقة بالمسلمين (العنف – فلسطين – التجديد الإسلامي – انضمام تركيا…) وغير المسلمين من قبيل العلاقة مع الحركات البروتستانتية ومع التوسع التبشيري للإنجيليين، هذه المسائل وغيرها تظل متوقّفة على طبيعة رؤية الحبر الأعظم للهوية الكاثوليكية من جهة ولتراجع فاعليتها المتواصل في أوروبا؟ يمكن أن تتمّ معالجة هذه المعضلة المركّبة على أساس الاقتناع بأن الكاثوليكية هي مؤسسة أوروبية بالأساس في بنيتها وفكرها ومصيرها وأنها «مضطرة» أن تفكّر وتتصرف على اعتبار أنها ديانة أقلية ضمن مجتمعات تُعرِض أكثر فأكثر عن تعاليمها وقيمها وأنظمتها الطقوسية، إذا كانت هذه هي الرؤية التي تؤسس عليها الكنيسة رسالتها الجديدة، فالمرجّح أن الجوانب الأهم من وثيقة مجمع فاتيكان ستكون مهددة بالتجميد. أما إن تجنّبت الزعامة الروحية الرؤية الدفاعية للمركزية الأوروبية وهواجس الإحساس بالانحسار والتراجع المتواصلين، فإنها ستتعامل إيجابياً مع التحولات الكبرى التي يشهدها عالم اليوم وعلى رأسها الحراك الديني العام – المسيحي والمسلم – خصوصاً ذلك الصادر من بلدان الجنوب.
(*) كاتب تونسي
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 31 ديسمبر 2005)
بلحاج يبدأ إضراباً مفتوحاً عن الطعام داخل السجن
بدأ علي بلحاج الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر إضرابا مفتوحا عن الطعام داخل السجن رفضا للمعاملة التي يلقاها.
وقالت عائلة بلحاج وهيئة الدفاع عنه في اتصال مع الجزيرة إن أوضاعه الصحية تدهورت وإنه يعاني من أمراض مزمنة ويعيش في عزلة كاملة وتمنع عنه كل الكتب والمطبوعات.
كما وجه عبد الله أنس القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المقيم في لندن مناشدة عبر الجزيرة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للنظر في وضع بلحاج والمعتقلين المحجوزين معه والإسراع في تحديد التهم الموجهة إليهم إن وجدت، مشيرا إلى أنه إذا كانت التهمة الموجهة لبلحاج تتعلق بالمداخلة التلفزيونية التي طالب فيها بالإفراج عن رهائن جزائريين في العراق آنذاك فهي تهمة باطلة ولا يعتد بها.
وأكد أن بلحاج يعاني من ويلات المرض وبحاجة إلى علاج عاجل، مشيرا إلى أنه مواطن جزائري ومن حقه على الدولة الاهتمام بعلاجه كما اهتمت بعلاج الرئيس بوتفليقة.
ونوه عبد الله أنس إلى أن كل المناشدات السابقة لتحسين معاملة بلحاج لم تلق آذانا صاغية من السلطات
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 4 جانفي 2006)
بلحاج يضرب عن الطعام احتجاجا على « عزلته »
الجزائر – وليد التلمساني
دخل علي بلحاج الرجل الثاني في « الجبهة الإسلامية للإنقاذ » الجزائرية المحظورة رسميا في إضراب عن الطعام، تعبيرا عن تذمره من « عزلة قاتلة » يعاني منها داخل السجن الذي يقبع فيه دون محاكمة منذ 6 شهور، زيادة على معاناته من أمراض كثيرة أصيب بها بسبب سنوات الاعتقال التي تجاوزت في مجملها 20 سنة. وأصدرت هيئة محامي بلحاج الذي يوصف بـ »زعيم التيار السلفي بالجزائر »، بيانا اليوم الأربعاء 4 يناير 2006 حصلت « إسلام أون لاين.نت » على نسخة منه، جاء فيه أن « حالة الشيخ علي بلحاج الصحية مزرية، حيث يعاني من أمراض شتى منها الربو والروماتيزم وفقر الدم ».
وأشار المحامون إلى أن « إدارة سجن الحراش نقلت بلحاج في المدة الأخيرة، إلى زنزانة لا تتوفر على أدنى شروط الحياة والتي كان الاستعمار الفرنسي وضعها بغرض عقاب المحكوم عليهم بالإعدام من مجاهدي حرب التحرير ».
وأعلن المحامون الذين يوجد من بينهم مؤسس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ميلود إبراهيمي، وشقيق قيادي الإنقاذ حبيب بلحاج، أن السجين يشن إضرابا عن الطعام منذ الإثنين 2 يناير 2005، « وهو يدفع بمظلمته إلى القاضي الأول في البلاد السيد رئيس الجمهورية، ليرفع الظلم عنه ». وذكر عبد الحميد بلحاج شقيق السجين في تصريحات لـ »إسلام أون لاين.نت » أن أولاد بلحاج زاروه يوم الأحد الماضي بالمؤسسة العقابية بالحراش (الضاحية الشرقية للعاصمة) « فوجدوه في حالة يرثى لها حيث يشكو من مرضه القديم الذي أصابه بسجن البليدة العسكري الذي أمضى فيه 12 سنة ».
وأوضح المصدر نفسه نقلا عن أبناء بلحاج، أن قدميه « تشققتا دما، وكتفه يؤلمه ويكاد لا يحركه ». وذكر بأنه « يعاني من عزلة قاتلة، حيث لا يزال في عيادة السجن التي دخلها منذ أسابيع، وفي جناح خاص به معزول عن باقي المرضى ».
وتحدث شقيق بلحاج عن « حرمانه من كتب ووثائق قانونية طلبها بنفسه، منها دستور 1989، وقانون الإجراءات الجزائية، وقانون العقوبات. وقد منعت إدارة السجن أولاده من إدخال بعض الجرائد، مما دفعنا إلى تصعيد الاحتجاج قبل أن ترخص إدارة السجن بإدخال بعض الجرائد إلى زنزانته ».
سلسلة من الإضرابات
وصرح عبد الفتاح نجل بلحاج لصحفيين اليوم الأربعاء، عن أن الإضراب عن الطعام « هو آخر حل يلجأ إليه والدي ليلفت انتباه العالم إلى الظلم الذي تسلطه عليه حكومة بلده ».
وسبق لقيادي الإنقاذ أن أضرب عن الطعام مرات عديدة منتصف تسعينيات القرن الماضي في سجنه العسكري، احتجاجا على منع الزيارة عنه تارة، وحظر إدخال الكتب إليه تارة أخرى، كما احتج بشدة على ما سماه اختفاءه قسريا في نهاية التسعينيات، حيث يقول إن السلطات العسكرية نقلته من سجنه إلى معتقل في الصحراء بقي فيه 4 سنوات دون علم أهله بذلك.
ويقبع علي بلحاج بسجن الحراش منذ 31 يوليو الماضي، حيث اعتقلته قوات الأمن بسبب تصريح أدلى به لقناة « الجزيرة »، تحدث فيه عن اختطاف دبلوماسيين جزائريين على أيدي تنظيم قاعدة العراق في بلاد الرافدين الذي يتزعمه المتشدد الأردني أبو مصعب الزرقاوي. وقال في التصريح: إن حكم الدبلوماسيين الأجانب في العراق هو نفس حكم المحتل. وبعدها بدقائق داهمت قوات الأمن بيته واعتقلته بتهمة « التحريض على قتل الدبلوماسيين الجزائريين ».
لكن عائلة بلحاج تقول إنه كان سيوجه نداء للخاطفين لإطلاق سراحهما في آخر التصريح الذي كتبه قبل أن يقرأه، وأن القناة الفضائية لم تمهله ليكمله.
ويذكر المحامي ميلود إبراهيمي لـ »إسلام أون لاين.نت » أن التصريح « لا يزال موجودا ويتضمن دعوة لإطلاق سراح المختطفين، وهو دليل مادي على براءة الشيخ من التهمة المنسوبة إليه ».
ويقع بلحاج تحت طائلة عدة ممنوعات منذ خروجه من السجن في يوليو 2003، سماها « الممنوعات العشرة »، أهمها عدم الخطابة في المساجد أو الإمامة بالمصلين، فضلا عن عدم التصريح للصحف، وعدم المشاركة في أي تجمع أو مهرجان ذي طابع سياسي، وهي محظورات أعلن بلحاج عدم التقيد بها منذ اليوم الأول لخروجه من السجن العسكري.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 4 جانفي 2006)
البرلمان الجزائري يصادق على قانون محاربة الفساد ويرفض مادة تلزم النواب بالتصريح بممتلكاتهم
الجزائر ـ القدس العربي ـ من مولود مرشدي
رفض عدد كبير من البرلمانيين الجزائريين امس الاربعاء (4 جانفي، التحرير) اخضاعهم لشرط الاعلان عن ممتلكاتهم عند توليهم مهامهم النيابية وعند مغادرتهم لها.
جاء هذا الموقف المفاجئ من ممثلي الشعب الجزائري بالبرلمان لدي مناقشتهم مشروع قانون الوقاية من الفساد ومكافحته عرضه وزير العدل الطيب بلعيز.
ورفض النواب المادة السابعة من هذا القانون التي نصت علي ان المنتخبين في المجالس المحلية والوطنية مطالبون بالتصريح بممتلكاتهم وان اي تأخير او تزوير في المعلومات يعرض صاحبه لانهاء عهدته الانتخابية واحالته علي العدالة للاقتصاص منه.
وصمم النواب علي الرفض رغم ان المادة الرابعة من مشروع القانون نصت صراحة علي ان اعوان الدولة المنتخبين والمعينين، من ابسطهم الي رئيس الدولة، مطالبون بالتصريح بممتلكاتهم.
وصادق النواب الحاضرون علي القانون بدون المادة المذكورة.
واثار الغاء هذه المادة سخط وزير العدل، فقال في الجلسة البرلمانية انا اول من يحترم قرارات هذه الهيئة الموقرة (البرلمان) الا انه يجب ان يدرك الجميع ان المادة السابعة مرتبطة بالمادة الرابعة .
غير ان هذا التدخل لم يثر شيئا في النواب فصوتوا ضد المادة، باستثناء نواب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الحكومة احمد اويحيي الذين صوتوا لصالح المادة محل الخلاف. للاشارة ان القوانين المعمول بها تلزم كل مرشح لشغل منصب الرئاسة الجزائرية بتقديم جرد لكل ممتلكاته المنقولة والنقدية والعقارية كشرط قبل توليه منصبه والتصريح بها ايضا بعد انتهاء عهدته.
وبدأ الحديث امس في اروقة البرلمان الجزائري عن امكانية اقدام مجلس الامة (الغرفة الثانية) علي تجميد القانون لان حزب رئيس الحكومة يحوز علي الاغلبية المطلقة فيه.
ووجد الجزائريون في كشف العديد من المرشحين عن ممتلكاتهم وسيلة للتسلية والتنكيت وبتعليق شهير مساكين ما عندوهمش . وكثيرا ما كانت هذه الممتلكات لا تتعدي مسكنا من اربع غرف وسيارة قديمة وقطعة ارض جرداء، ايحاء الي ان صاحبها لم يستطع البناء فوقها. ولم يعد الجزائريون يثقون في مثل هذه القوانين بدليل ان قانونا مماثلا صودق عليه في عهد الرئيس السابق اليمين زروال ولكنه بقي حبرا علي ورق.
بل ان الرشوة والمحاباة وعقلية البزنسة ما انفكت تستفحل في المجتمع والادارات من ابسط مسؤول الي اعلاه وبين المواطنين انفسهم.. ظاهرة جعلت منظمة شفافية دولية تدرج الجزائر في اعلي قائمة الدول التي تنتشر فيها الرشوة او ما اصبح يسميه عامتهم بالتشيبة او القهوة.
ولا يفوت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مناسبة الا اثار فيها خطورة استفحال الرشوة ومخاطرها علي تجانس المجتمع. كانت اخر مرة خلال افتتاح السنة القضائية عندما حث القضاة علي مزيد من الصرامة في التعامل مع الرشوة التي تستفحل.
وذكرت صحيفة اليوم امس ان السلطات الجزائرية تسعي الي استعادة 40 مليار دولار تم تهريبها الي الخارج خلال السنوات الاخيرة. وقالت الصحيفة ان هذه الاموال حوّلها مسؤولون سابقون في الدولة الجزائرية.
واذا صدقت هذه الاخبار فان الامر سيكون بمثابة قنبلة اخري قد تعيشها الجزائر تماما بحجم تلك التي فجرها رئيس الحكومة الاسبق عبد الحميد الابراهيمي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد عندما كشف في محاضرة امام طلبة جامعة الجزائر العاصمة نهاية الثمانينات عن اختلاس 26 مليار دولار في الصفقات والتجارة مع الخارج بينما كانت الجزائر تعاني من ازمة اقتصادية حادة جعلتها علي وشك الافلاس.
وعاشت الجزائر خلال الاشهر الاخيرة علي وقع فضائح مالية متتالية تورط فيها مسؤولون في بنوك عمومية وحاصة ويُعتقد انها اسفرت عن تهريب اكثر من ملياري دولار الي الخارج.
وهي المبالغ التي تم تحويلها تباعا وعلي مدي سنوات دون ان يتم التفطن اليها.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)
مجلس حقوق الانسان المصري يطالب ببحث اضفاء الشرعية على جماعة الاخوان
القاهرة (رويترز) – طالب المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر التابع لمجلس الشورى الذي يخضع لهيمنة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ببحث اضفاء الشرعية على جماعة الاخوان المسلمين المحظورة. وقال في تقرير أصدره يوم الخميس عن الانتخابات التشريعية التي أجريت في شهري نوفمبر تشرين الثاني وديسمبر كانون الاول الماضيين انه يوصي بدراسة « وضعية الجماعات والتنظيمات السياسية المحظورة وفقا للقانون والتي تشارك رغما عن ذلك في العملية الانتخابية تحت شعاراتها التي تعبر عن أفكارها. » وأضاف أن خوض جماعات وأحزاب محظورة الانتخابات التشريعية وفق برامج لها « يخلق تناقضا بين عدم شرعيتها القانونية من ناحية ومشاركتها في الحياة السياسية من ناحية أخرى. » وبرزت جماعة الاخوان المسلمين المحظورة منذ عام 1954 كأقوى قوة معارضة في مصر بعد الانتخابات بحصولها على 88 مقعدا في مجلس الشعب وهو أكبر عدد من المقاعد تحصل عليه جماعة معارضة منذ أكثر من نصف قرن. وخاضت الجماعة الانتخابات التشريعية تحت شعارها التقليدي « الاسلام هو الحل ». ومن بين أحزاب وجماعات أخرى تخضع لحظر قانوني في مصر الحزب الشيوعي المصري وحركة « الاشتراكيون الثوريون » لكن الاخوان كانوا الجماعة الوحيدة المحظورة التي فازت بمقاعد في البرلمان. وأنشئ المجلس القومي لحقوق الانسان في عام 2003 في نطاق مبادرة اصلاحية من لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري. وفي عام 2004 عين مجلس الشورى بطرس بطرس غالي الامين العام السابق للامم المتحدة رئيسا للمجلس كما عين أحمد كمال أبو المجد وزير الاعلام الاسبق نائبا له. وطالب التقرير الذي أعلن في مؤتمر صحفي حضره غالي وأبو المجد ببحث مشاركة منظمات دولية في مراقبة الانتخابات العامة المصرية. وأضاف المجلس أنه يوصي باشتراك منظمات دولية في مراقبة الانتخابات لما يعنيه ذلك من « تأكيد لنزاهة وشفافية الانتخابات خاصة وأن العديد من المصريين يشاركون فعلا في عمليات المراقبة الدولية (في انتخابات بدول أخرى). » وكانت الحكومة رفضت طلبا أمريكيا بدخول مراقبين أجانب لكنها سمحت بوصول مراقبي منظمات المجتمع المدني المصرية الى مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس الشعب. وتضغط الولايات المتحدة على دول حليفة لها في الشرق الاوسط من بينها مصر لاجراء اصلاحات ديمقراطية لكن واشنطن تؤيد الحظر المفروض على جماعة الاخوان المسلمين التي تناهض التوجهات الاساسية للسياسة الامريكية في المنطقة خاصة دعم اسرائيل وغزو العراق. ودعا التقرير الى تمكين المصريين المقيمين في الخارج من التصويت في لجان انتخاب بالسفارات والقنصليات المصرية. ويقدر عدد المصريين العاملين في الخارج بملايين الاشخاص. وأوصى التقرير الذي يقع في 104 صفحات الى جانب عشرات الوثائق يالتحقيق الفوري في العنف الذي شاب الانتخابات التشريعية والذي وقع بعضه على قضاة يشرفون على الاقتراع ومندوبي مرشحين ومراقبي منظمات غير حكومية. كما أوصى بتعديلات في القوانين والسياسات بما يكفل انتخابات تتسم بدرجة أكبر من النزاهة. وتقول منظمات المجتمع المدني ان 14 شخصا على الاقل قتلوا وان مئات أصيبوا في العنف الذي شاب الانتخابات الماضية والذي شاركت فيه قوات مكافحة الشغب. وقال غالي في المؤتمر الصحفي بعد أن عرض للتوصيات التي تضمنها التقرير ان « المجلس القومي مجلس استشاري ليس له سلطة أن يفرض أي شيء على الحكومة ولكن يستطيع أن يقدم توصيات تعززها دراسات. » من محمد عبد اللاه Reuters (المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 5جانفي2006 )
الملف السوري .. متابعة
تجميد أموال وممتلكات عبد الحليم خدام
أصدرت وزارة المالية السورية قرارا يقضى بحجز « احتياطي » للأموال المنقولة وغير المنقولة لنائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام وزوجته وأولاده وأحفاده ذكورا وإناثا وأزواجهم وذلك ضمانا للمبالغ التي سيظهرها التحقيق القضائي.
وقالت صحيفة الثورة الرسمية إن إصدار القرار يأتي استجابة للمداولات التي تمت في آخر جلسات مجلس الشعب السوري التي عقدت في 31 ديسمبر/ كانون الأول الماضي التي طالب فيها أعضاء المجلس بالحجز على أموال وممتلكات خدام والتحقيق في مصادرة أمواله إلى جانب قرار مجلس الوزراء المتعلق بالبدء في إجراءات فتح ملفات فساده في مجموعة من القضايا التي ستقوم بها الجهات الحكومية المختصة.
وكان خدام الذي انشق عن النظام انتقد في مقابلة تلفزيونية أجراها من مقر إقامته الحالية في باريس يوم الجمعة الماضي الحكم في بلده ما دفع مجلس الشعب السوري إلى طلب محاكمته بتهمة « الخيانة العظمى ».
ويأتي قرار الحجز في صيغته المعلنة لافتا كما قال مراقبون، إذ إنها المرة الأولى التي يجري فيها حجز احتياطي قبل تحديد المبالغ المستوجبة أو المختلسة. ويعتبر الحجز الاحتياطي على أموال خدام وعائلته أكبر حجز من نوعه يطال شخصية من وزن النائب السابق لرئيس للجمهورية، إذ أن آخر حجز في هذا الإطار كان عام 2000 وطال 3 مسؤولين كبار بينهم رئيس الوزراء الراحل محمود الزغبي الذي أعلن عن انتحاره بسبب تداعيات قضية الفساد التي اتهم بها وترتبط بصفقة شراء طائرات ايرباص الفرنسية.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 5 جانفي 2006 نقلا عن وكالات)
الحياة: التيارات الاسلامية تتقدم في سورية والسلطات تشن «عمليات إستباقية» ضد بؤر تكفيرية (1 من 2)
دمشق – ابراهيم حميدي
يطرح اعلان السلطات السورية عن تفكيك عدد من « الخلايا التكفيرية » في الفترة الاخيرة العديد من الاسئلة, تبدأ من مدى جدية الخطر الاسلامي في هذا البلد الذي كان اتكأ نظامه السياسي « العلماني » في سنوات طويلة على العقيدة القومية الاشتراكية – اليسارية وتنتهي هذه الاسئلة بمدى قدرة السلطة على الحفاظ على المارد الاسلامي في القمقم.
وفي اول مرة منذ انتهاء المواجهات العنيفة بين السلطة والاسلاميين في منتصف الثمانينات، اعلنت الحكومة السورية في نهاية نيسان (ابريل) 2004 عن احباط محاولة « مجموعة تخريبية » للاعتداء على مقر قديم تابع للامم المتحدة في حي المزة جنوب دمشق. ثم بث التلفزيون الرسمي بعد ايام مقابلات مع اثنين من منفذي العملية، قالا فيها انهما ارادا « دفع الظلم عن المسلمين ». واكدت المصادر الرسمية ان ثلاثة من افراد المجموعة الاربعة، ذهبوا الى العراق للقتال بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين في ربيع عام 2003. وكان بين افراد المجموعة ايمن شلاش الذي رشح نفسه عن حزب « البعث » الحاكم الى انتخابات البرلمان السوري في ربيع عام 2003.
وكانت حادثة المزة بمثابة قرع ناقوس خطر يذكر بالخطر المحتمل من « العراقيين العرب » على غرار ما حصل في تجربة « الافغان العرب » الذين عادوا الى بلادهم بعد تجربة في « الجهاد » ضد السوفيات.
لكن رد عدد من الحكومات الغربية ومن الديبلوماسيين في دمشق، كان مشككاً بمدى جدية تعرض سورية الى « خطر الارهاب الاسلامي »، بل ان ناطقاً اميركياً قال ان العملية « صنعت محلياً » كي تقول الحكومة السورية انها « في خندق واحد مع العالم في مكافحة الارهاب، وليست مصدرة للارهاب »، بحسب التعريف الاميركي.
وبقيت هذه التساؤلات مرافقة الصحافيين والديبلوماسيين في كل اشتباك مسلح بين مجموعات متشددة و « قوات مكافحة الارهاب » السورية في النصف الثاني من عام 2005، لاسباب عدة بينها ان العمليات كلها « استباقية » من جانب الأمن ولان اسماء « الارهابيين » الذين سقطوا في العمليات غالباً ما ظلت غير معروفة، اضافة الى موضوع التوقيت السياسي، ذلك ان الاعلان عن العمليات تصادف في الغالب مع تعرض البلاد لذروة من الضغوط السياسية الخارجية.
وفي منتصف 2005، حصلت اولى العمليات، لدى محاصرة أجهزة الأمن « خلية ارهابية » في حي دف الشوك الدمشقي، تابعة لـ « تنظيم جند الشام للتوحيد والجهاد » الذي يظهر اسمه للمرة الأولى في الخطاب الرسمي السوري.
وفي منتصف حزيران (يونيو) الماضي، نشرت صحيفة « الثورة » الحكومية وبث التلفزيون الرسمي اعترافات لأشخاص قيل انهم اعضاء في « الخلية ». لكن اللافت، ان التلفزيون عرض للمرة الاولى منشورات لـ « جند الشام » تدل على ان هذا التنظيم يحمل « مشروعاً » عقائدياً وسياسياً وعسكرياً ضد الانظمة السياسية والقوانين الوضعية في « بلاد الشام » واقتراحاً عنفياً ودعوياً لتأسيس « امارة اسلامية » أو « خلافة » في كل من سورية، والأردن، ولبنان، وفي العراق بلاد الرافدين التي يحتلها « الصليبيون »، بحسب ما جاء في المنشورات التي تحدثت عنها المصادر الحكومية.
منذ ذلك الحين، بات الاعلام الرسمي يعلن بين الفينة والاخرى عن « عملية دهم » لتفكيك « خلية تكفيرية » بدءاً من دمشق ومروراً بمدنية حماة وانتهاء بمدينتي حلب وادلب في بداية كانون الأول (ديسمبر) الماضي. هذه المدن التي شهدت اعنف المواجهات بين السلطات الرسمية وتنظيم « الاخوان المسلمين » بين نهاية السبعينات وبداية الثمانينات.
والرابط بين جميع العمليات، هو اكتفاء السلطات باصدار بيان رسمي مقتضب تبثه « الوكالة السورية للانباء » (سانا) مع بث مجموعة من الصور لمخازن اسلحة واحزمة ناسفة ومتفجرات، مقابل صعوبة أو استحالة « التحقق » من مدى صدقية ما يحصل وتوقيت حصوله فبقي العمل الاعلامي محصوراً بالاستناد الى المصادر الرسمية وتردد شهود العيان بتقديم روايتهم.
وكان لافتاً ان البيانات الرسمية، انتقلت من وصف المجموعات المتطرفة بـ « المجموعات التخريبية » الى القول انها « خلايا ارهابية » تابعة لـ « تنظيم جند الشام ». ثم عادت وقالت بعد المواجهات الاخيرة انها « خلايا تكفيرية » كانت « تخطط لاعمال ارهابية ». ولم تعرف خلفية هذا التغيير في الخطاب الرسمي والفرق بين « التخريب » و « التكفير » و « الارهاب ».
ويعتقد خبراء عرب في الجماعات الاسلامية المتشددة، ان تنظيم « جند الشام » أسسه سوريون وفلسطينيون واردنيون في افغانستان في التسعينات، وانه مرتبط بتنظيم « القاعدة في بلاد الرافدين » في العراق بزعامة ابي مصعب الزرقاوي. ومن الصعب معرفة ما اذا كانت هناك أي علاقة بين « جند الشام » وتنظيمات اخرى تحمل اسماء مشابهة. اذ تبنى تنظيم يحمل اسم « جند الشام » العملية الانتحارية التي نفذت في مسرح مدرسة بريطانية في الدوحة في بداية اذار (مارس) الماضي.
واعلن عام 2004 عن تنظيم يحمل اسم « جند الشام » في مخيم عين الحلوة في لبنان. كما ان بياناً وزع باسم « جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام » بتبني اغتيال الرئيس الحريري في شباط (فبراير) الماضي، لم تصدقه جهات لبنانية وعربية ودولية.
مزرعة « تكفيرية » … وفيلسوف الشك
بحسب المصادر الرسمية، فان العملية الاخيرة التي حصلت في مزرعة في قرية الحامدية التابعة لمدينة معرة النعمان مسقط رأس الفيلسوف المتشكك ابو العلاء المعري في محافظة ادلب، كانت الاشد قسوة لأنها تناولت « مقراً رئيسياً للمجموعات الاصولية » الامر الذي ادى الى سقوط ثمانية قتلى، ثلاثة منهم فجروا انفسهم بـ « احزمة ناسفة » بالطريقة نفسها التي يستخدمها ارهابيو العراق وارهابيو التفجيرات المتزامنة في الفنادق الاردنية الثلاثة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005.
وقالت مصادر مطلعة ان قوات الامن السورية وصلت فجراً الى المزرعة الواقعة على الطريق السريع بين دمشق وحلب، وطوقت المكان ثم « طلبت من الجميع الاستسلام مرة أولى، فرفضوا. فتم طلب طائرة حوامة لاظهار القوة والجدية مع تقديم طلب اخر بالاستسلام. لكنهم رفضوا الاستسلام، بل باشروا بتوجيه كلمات حادة لقوات الامن ونعتهم بالكفرة ».
وهناك اعتقاد واسع ان الكشف عن هذا المقر جاء في اطار الجهود الرسمية السورية لـ « محاربة الجهاديين » الذي يريدون قتال الاميركيين في العراق، ذلك ان دمشق ارادت ارسال اشارات ايجابية الى الاميركيين والبريطانيين بأنها « تفكك شبكات دعم التمرد » في العراق، في وقت تتعرض فيه لضغوط دولية في شأن التحقيقات في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
واعرب مصدر ديبلوماسي غربي عن الاعتقاد « ان المقر كان يستخدم لتهريب الاسلحة الى العراق ». لكن المصادر الرسمية تقول ان اكتشاف هذا « المقر التابع لتنظيم اصولي عربي » جاء نتيجة اعترافات شخصين كانا اصيبا بجروح بالغة في عملية دهم أجريت قبل يومين من تلك العملية، في حي « النقارين » في حلب، الامر الذي ادى ايضاً الى اكتشاف مصنع للمتفجرات في تلك المنطقة التي تصل بين شمال سورية ووسط العراق. كما ان « الوكالة السورية للانباء » (سانا) اشارت الى ان مجموعة حلب كانت تخطط لاستهداف مسؤولين ومواقع رسمية في سورية.
وفي مقابل هذه العمليات المعلنة، يعتقد بوجود عمليات اخرى لم تعلن لاسباب امنية. لكن لا شك في انها بعض من الأدلة الملموسة على بدء بؤر متعصبة بالخروج من عباءة المجتمع المتأسلم في سورية العلمانية – القومية، مع الاشارة الى ان شهر حزيران (يونيو) سجل اغتيال الشيخ المتنور معشوق الخزنوي بعد نحو اسبوعين على خطفه من وسط دمشق.
ويضع النائب الاسلامي محمد حبش اغتيال الخزنوي ضمن سياق ميل السلفيين والمتشددين الى فرض الاجندة الخاصة بهم سواء في دائرتهم الاضيق من الاسلاميين ام في الدائرة الأوسع من غير المحافظين. ويقول حبش انه كان تلقى تهديداً بالقتل عبر هاتفه النقال، قبل ايام من خطف الخزنوي على خلفية « الافكار التنويرية والمناهضة للتعصب » التي يحملها ويدعو اليها سواء في كتاباته أم في منشورات « مركز الدراسات الاسلامية » التابع له أم حتى عبر خطب يوم الجمعة في جامع « الزهراء » في احد احياء المزة، جنوب دمشق. ويوضح ان الكشف عن « جند الشام » واغتيال الخزنوي « يقعان في السياق نفسه، أي التعصب الديني ».
في المقابل، اتهمت صحف غربية عدة بينها « كريستيان ساينس مونتور » في حزيران الماضي جهات امنية بعملية الخطف والاغتيال على خلفية لقاء الخزنوي مع المراقب العام لـ « الاخوان » في بروكسيل في شباط (فبراير) 2005، علماً ان تنظيم « الاخوان » محظور في سورية بموجب القانون 49 للعام 1980.
وعزت مصادر ديبلوماسية غربية التخلص من الخزنوي الى انه « نقطة التقاطع » بين ثلاثة عناصر: الشارع المتأسلم، و « المعارضة » السياسية التي تفتقر الى شعبية واسعة، والاكراد السوريين المنظمين في نحو 13 حزباً سياسياً غير مرخص والذين يتميزون ببعد اقليمي عبر المكاسب السياسية لهم في العراق ودولي عبر التأييد الشعبي لهم في دول أوروبية. غير ان الحكومة نفت ذلك، واكدت ان عملية خطف الخزنوي من دمشق ثم التعذيب والقتل كانت لاسباب جرمية وفق اعترافات خاطفي الشيخ قبل كشف جثته مدفونه في قبر في مدينة دير الزور شمال شرقي البلاد.
وحبش الذي أسس « مركز الدراسات الاسلامية »، واحد من الذين يتابعون التحول في المجتمع السوري نحو التأسلم في بلد طالما اعتبر علمانياً وكافح كي يكون قومياً وتقدمياً وعلمانياً.
وكان قال لـ « الحياة » انه يعتقد ان 80 في المئة من السوريين محافظون و 20 في المئة اصلاحيون وان واحداً في المئة فقط هم من المتعصبين. لكنه يحذر من ان « الثمانين في المئة ليس لديهم أي مشروع سياسي، وعندما يفكرون بالسيــــاسة يبحــــثون عن قائد أو شيخ، ربما يكون من الاصلاحيين أو المتشددين ». وقال خبير رسمي: « ليس كل المحافظين يبــــحثون عن قائـــــــد أو شــيـــــخ، فالتـــيار الذي يطالب بالتعددية والديـــموقراطية منــــتشر بين المحافظين والاصلاحيين على حد سواء ».
ويرى آخرون ان السوريين بطبيعتهم محافظون في الغالب وان الفكر القومي جاء في نهاية القرن التاسع عشر لدى ترهل « الرجل المريض أي تركيا العثمانية » وبدء انهيار الامبراطورية العثمانية التي يرى مفكرون اسلاميون انها مثلت نحو اربعة قرون من « امتداد الخلافة الاسلامية ».
دلالات رمزية
مراقبة التحولات الظاهرية على ملامح البلاد والعباد ترجح الاعتقاد بأن سورية الدولة ذات العقيدة العلمانية – القومية تزداد اسلامية، أفقياً وعمودياً. ويمكن ملاحظة ذلك بالدلالات الرمزية عبر ارتداء الحجاب وتحول الكثير من المكتبات الى اقتناء الكتب الاسلامية بدلاً من كتب التنظير الشيوعي والروايات « السوفياتية ». بل ان المكتبة الكبيرة التي تقع قبالة المركز الثقافي الروسي في « شارع 29 ايار » وسط دمشق، صارت الآن من اكبر المجمعات المختصة في بيع الكتب الدينية وأحدث وسائل الاتصال لنشر التربية الدينية، بعدما كانت مكتبات هذا الشارع زاخرة بالكتب الماركسية, ورواده متفلتون من الكثير من القيود الاجتماعية.
وبالتزامن مع تآلف السوريين مع مشهد شبان يرتدون الجلابية القصيرة ويطلقون اللحية كرمز لـ « السلفية الاسلامية »، استعجل معظم مطاعم نهر بردى ومنطقتي عين الخضراء وعين الفيجة في ضواحي العاصمة الاقلاع عن تقديم المشروبات الكحولية وتخصيص اماكن للعائلات احتراماً للتقاليد المحافظة، وتنافست هذه المطاعم في تعليق صور كبار شيوخ البلاد في صدر اماكن التسلية والطعام. كما ان شهر رمضان الاخير شهد للمرة الأولى قيام الدمشقيين في الاحياء الغنية بتعليق صور رموز دينية اسلامية على شرفات منازلهم، بينما كان رمضان العام الماضي سجل سجن مواطن في بلدة جرمانا التي يقطنها مسيحيون، لأنه كان « يخرق الآداب العامة » بتدخينه سيجارة خلال صيام الاخرين.
وتزداد هذه الدلالات وضوحاً كلما ابتعدنا عن دمشق، وكلما توغلنا في الريف السوري وفي تلك المناطق التي كانت ساحات للمواجهات بين تنظيم « الاخوان » والسلطة. وكانت « الحياة » سجلت بدء تلاشي الوان الشعار الذي كتب على احد الجدران الكالحة، بالأحمر: « سنسحق عصابة الاخوان المسلمين العميلة للامبريالية والصهيونية »، مقابل ظهور شعارات جديدة على الطريق السريع الذي يربط العاصمة بمدينة معرة النعمان. هذه الشعارات الجديدة التي كتبت بلون اخضر فاقع تحمل عبارات اسلامية مثل: « لا تنس ذكر الله » و « صلّ على النبي »، وحلت هذه العبارات مكان الشعارات التي تتحدث عن العلمانية والشيوعية والقومية مثل « لا حياة في هذا القطر الا للتقدم والاشتراكية ». والى جانب هذه اللافتات الجديدة، تزداد القبب الخضراء عدداً في القرى والمدن السورية، بل انها تزداد فخامة وضخامة على جانبي الطريق السريع. يضاف الى ذلك، ان اكرم الجندي، وهو من اهالي معرة النعمان واول سوري يحصل على ترخيص تلفزيون خاص منذ « التأميم الاعلامي » في بداية الستينات، متمسك ببث برامج تلفزيونية دينية في قناته التي حصل على رأسمالها البالغ 12 مليون دولار اميركي، من سنوات اغترابه في دول الخليج العربي.
ولدى الدخول الى احياء القرى والمناطق الريفية يساعد سماع قصص فردية على فهم ما يحصل. ففي قرية « اورم الجوز »، احدى قرى جبال الزاوية الوعرة التي كانت معقلاً لـ « الاخوان » ومسرحاً للمواجهات المسلحة، كان من الممكن للشاب محمد النوري ان يشهر شيوعيته مثلاً، وان يتجرأ على تحدي العادات والتقاليد في الملبس والمأكل. شعائر الصيام مثلاً لم تكن ملزمة، وحجاب الفتيات لم يكن شائعاً. أما الآن، فصار الشاب المتمرد نفسه، شيخاً أو على الاقل رجلاً محافظاً متمسكاً بالتقاليد، ويعتقد بأن « الاسلام هو الحل البديل » عن الشيوعية التي تعلمها سواء من الكتب الجامعية في الاتحاد السوفياتي المنحل ام من الكتب الرخيصة التي كانت تهدى الى الناشئة السورية.
قصة محمد، الذي بات الان في الخمسينات، تحكي قصة جيل بأكمله في سورية. محمد كان درس في موسكو في الثمانينات ثم عاد « الاستاذ » محمد محملاً بالتمرد لنشر « العلمانية » في قريته. لكن بعد عقدين، استسلم الى قوة المجتمع وسلطة العادات. بل ربما صار متقدماً في تدينه على صديق الشباب احمد يوسف، الذي عاد بعد عشر سنوات امضاها في السعودية، محملاً بالشعائر الاسلامية المحافظة مع بعض الملامح السلفية والكثير من العادات الخليجية في اللبس والممارسات اليومية.
في السابق، كانت المنافسة بين الشابين « المتمرديْن » محمد واحمد تقوم على الحفر في الجدار المتين للتقاليد والعادات لان الحماسة كانت عالية والحلم في التغيير اكبر من طاقة البيوت المتناثرة في القرية. اما الآن، فبات التسابق عكسياً، وهو باتجاه تدعيم جدار التقاليد والمزيد من الصرامة الدينية. وبالتالي اصبح الشاب « الفاضل » – بحسب تصنيف المجتمع المحلي – هو ذاك الذي يمضي وقتاً اكثر في الجامع الكبير الذي بني في السنوات الاخيرة قرب الطريق السريع ليراه كل من يعبر بسيارته بين اللاذقية الساحلية وحلب، ليحل بدلاً من مسجد قديم كان موجوداً في زاوية بعيدة في القرية، وليقول لملايين البشر الذي يعبرون بسياراتهم: انظروا كم نحن مسلمون.
« الحاج » احمد، كما سمي لدى عودته من الاغتراب الخليجي، كان سباقاً لجمع التبرعات لبناء مسجد « الايمان » الضخم على تلة في اورم الجوز. و « الشيخ » محمد يرسل ابناءه الأربعة الى هذا المسجد بعدما كان يطمح ببناء مركز ثقافي أو مستوصف كبير على احدى تلال القرية. الصغيران يصومان في رمضان. والفتاتان ارتدتا الحجاب قبل ان تبلغا العاشرة من العمر. وللتذكير فقط، فإن هذا « الشيخ » كان يخطط في شبابه في ثمانينات القرن الفائت للزواج من « سوفياتية » وانجاب فتيات سافرات أو ليبراليات، تماماً كما حصل مع بضعة آلاف من السوريين درسوا في دول الكتلة الشرقية.
ببساطة فإن مسيرتي هذين السوريين في العقدين السابقين هي نموذج لملاحظة التحول في أوساط جيل بذلت دولته مساعي حثيثة لتحويل المجتمع الى مدني وعصري، لكن تلك المساعي بقيت قاصرة وأدت في الواقع الى نتائج معاكسة.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
سقطت ورقة التوت… فلنعتذر للوطن
أحمد الخليل (*)
يحاول عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق عبر حديثه لقناة العربية استجداء الشعب السوري لمنحه صك البراءة وغفران ماضيه السياسي، حيث كان أحد أعمدة النظام السياسي في سورية طوال أكثر من ثلاثين عاما.
في المقابلة التي أحدثت ضجة في الشارع السوري واللبناني يتنصل خدام من الكوارث التي ارتكبها بحق الشعب السوري مع نظام حافظ الأسد بدءا من عام 1970 وحتي خروجه من السلطة عام 2005 إلي منفاه الاختياري في باريس.
خدام والقمع
حاول خدام إيهام المشاهد أن القيادة القطرية التي كان أحد أعضائها، لم يكن لها دور في السياسة الداخلية، أي أن القمع والإرهاب الذي مارسته أجهزة الأمن في سورية طوال ثلاثة عقود لم يكن يعلم به خدام، أو ربما لم يكن له علاقة به، أو لم يكن من مخططيه وداعميه!!
وربما نسي خدام تهديده لقوي المجتمع المدني الحديثة الولادة عام 2001 علي مدرج جامعة دمشق، ودوره في قمعها بالتواشج مع قوي السلطة الأخري، ونحن نتذكر كلمته التي قالها حينذاك (لا نريد الجزأرة في سورية) وهو تهديد مبطن يشبه فيه الوضع عام 2001 بالوضع في الجزائر !!
والطريف أنه يعترف في المقابلة بأنه طالب الرئيس بشار الأسد بقطع رقبة رستم غزالي، كون خدام نتاج نظام لا يعرف إلا قطع الرقاب بدون محاكمات كما في سجون تدمر والمزة…
خدام والفساد
بدا خدام في المقابلة منفطر القلب علي فقر الشعب السوري، وتحدث عن تمركز الأموال في يد فئة قليلة، وعن الفساد وجاء بأمثلة عليه، وكأن خدام لم يشارك في الإفقار الذي مارسته السلطة علي الشعب السوري، ولم يكن واحدا من الطغمة المالية التي أثرت علي حساب الشعب السوري، حيث تاجر هو وأولاده بكل شيء …(مرتديلا عافية- شركة الشام الدولية ـ استيراد وتصدير ـ عشرات العقارات في بانياس وغيرها من المدن العربية وفي البلاد الأجنبية..).
قصة النفايات النووية
عندما كنا معتقلين في سجن عدرا الجناح السياسي (بين عامي 1985 و1991)، جاء الأمن السياسي بأحد الأشخاص ووضعه في غرفة كبيرة قرب مفرزة الأمن السياسي، وجري تكتم شديد علي هذا الشخص، وحينما تحرينا الأمر وكان ذلك علي ما أعتقد عام 1987 إذا لم تخني الذاكرة، قال لنا أحد العناصر: أن هذا الشخص اسمه (طبالو) وهو صاحب باخرة متهم بالتعاقد مع أبناء خدام لنقل نفايات نووية إلي صحراء تدمر، لم نستطع التأكد من دفن نفايات أن في تدمر أو سواها، بقي طبالو ثلاثة أشهر في السجن، ثم خرج، كان خلالها معززا مكرما تزوره زوجته وأولاده في غرفته بشكل دائم، وله طعامه الخاص ….ولم يسمح له بالاختلاط معنا أبدا.
فيما بعد سمعنا أن الرئيس الراحل حافظ الأسد طلب من خدام إبعاد أبناءه إلي الخارج بضعة أشهر، حتي يتم نسيان الأمر ولفلفة الموضوع كما جرت العادة في سورية وحتي هذه اللحظة في القضايا التي تتعلق بالفساد.
خروج خدام من السلطة
خدام خرج من السلطة واستقال مرغما لان مدته وصلاحيته قد انتهت، فلابد من استبدال (الدواليب) وهذا ما دفعه للتحضير ومنذ أشهر للقنبلة الإعلامية التي فجرها مساء الجمعة (30/12/2005)، خاصة أن الضغوط الدولية اشتدت علي النظام في سورية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وأخذت مسألة تغيير النظام في سورية تظهر علي السطح، وبدأت القوي الديمقراطية بالتحرك لبلورة البديل، وهذا ما جعل خدام حسب ما أخبرته به (قرون استشعاره) يحاول حجز مقعد له في النظام السوري القادم، لذلك كان لابد أن يتبرأ من الماضي، ويبدأ بكشف ملفات النظام السوري التي شارك هو في إعدادها يوم كان أحد أهم صانعي القرار في سورية، وفي هذا يشبه خدام الفنانات اللواتي يتحجبن حين يصبحن في أرذل العمر، فهو يحاول أن يربح الدنيا والآخرة، حيث تنعم في ريش السلطان ومغانمه، والآن يقدم أوراق اعتماده كسفير نوايا حسنة إلي المعارضة السورية، فيجمع المجد من كل الأطراف (موائد السلطة وشرف المعارضة).
خدام ولبنان
من المعروف أن خدام أمسك بالملف اللبناني مع غازي كنعان لأكثر من عشرين عاما، وكان مع كنعان حكام لبنان الفعليان، وبالتأكيد لم يكونا يستخدمان الشعر والزهور في حوارهما مع الأطراف اللبنانية، فالنظام الأمني في لبنان بني (مجده) كنعان وخدام، ولم يولد مع رستم غزالي، لكن غزالي كان الوجه السافر للقمع في لبنان، وإذا كان خدام بهذا الرقي لماذا تأخر اعترافه عشرات السنين؟ أم أن اتجاهات الريح لم تكن مناسبة؟ إن حرمان خدام من كعكة النظام باعتباره ليس فردا في العائلة دفعه لان يعلن انشقاقه عن النظام الذي شارك هو في تأسيسه.
الموقف الرسمي من انشقاق خدام
بعد مضي عدة ساعات علي مقابلة خدام أتحفنا التلفزيون العربي السوري بتقرير هدي الزين مراسلته من باريس، وفيه ترد الزين علي تصريحات خدام ومواقفه وتتهمه بالفساد والإساءة للشعب السوري وبأن قصره في باريس بناه من دخله المحدود عندما كان في منصب حكومي رفيع!
الطريف بداية أنه لم يخرج أي موقف رسمي حول تصريحات خدام لا من القصر الجمهوري ولا من الحكومة، فكان الموقف عبر تقرير الزين من باريس، ومن جديد تؤكد السلطة علي مساخرها حيث تستورد موقفها من الخارج. لكن مجلس الشعب اغتنم جلسة إنهاء دورته صباح يوم السبت ليفسح المجال أمام بعض أعضائه ليصرخوا قليلا في وجه خدام الفاسد، وليربطوا بين خدام والخارج، كما هي العادة دائما، كما تشجع أعضاء مجلس النيام وتحدثوا عن فساد خدام الذي اكتشفوه فجأة!! ونسأل لماذا نهضت شجاعة أعضاء مجلس الشعب الموقرين فجأة وانهالوا علي خدام بهذه الحمية، وهم وزملاؤهم من الدورات السابقة كانوا يتوسلون لينالوا رضاه ومكرماته وحظوته؟ أتذكر هنا الشاعر بشارة ألخوري الذي انهال بقصائد الهجاء الشديدة اللهجة علي جمال باشا السفاح بعد موته، وهو الذي لم ينبس ببنت شفة حين كان السفاح علي قيد الحياة!! أما المحلل التكتيكي والاستراتيجي فيصل كلثوم، فقد جادت قريحته بشتم خدام ووصفه بالخائن والعميل، ونحن نقول هنيئا لنظام البعث الذي يضم كلثوم في صفوفه.
ورقة التوت
الآن تسقط أوراق التوت عن رموز النظام تباعا، ويصبح صراخهم الصوت المدوي في سوق الخراب الذي صنعه نظام خدام وأسياده وأزلامه، الآن ستتهم أطراف النظام بعضها البعض بالفساد وممارسة القمع، والجميع سيتنصل من أطنان الدماء التي أهرقت علي مذبح الفساد، والجميع سيخرج ملتحفا عباءة الشرف الفضفاضة التي تتسع لجميع رموز القتل والسرقة والتدمير الذي حل بوطن يرفعون أعلامه الآن حين توهموا أنهم هم الوطن، برحيلهم يرحل وببقائهم يبقي، فالوطن عند تجار الدم مجرد خيمة للصراخ سرعان ما تتهدم عند الاطمئنان علي بقاء الثروات والكراسي.
(*) كاتب من سورية
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 5 جانفي 2006)