الخميس، 22 يونيو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2222 du 22.06.2006

 archives : www.tunisnews.net


26 جوان اليوم العالمي لمناهضة التعذيب  معا ضد التعذيب حتى يسترد الإنسان كرامته

جمعيّة الصّحافيين التونسيين: بــيــان موقع جمعية الزيتونة: أعوان أمن الدولة في تونس يحضرون جنازة سجين سياسي الشرق القطرية : اعتقال الإمام ضوّ مسكين و16 من أقربائه إسلام أون لاين.نت : علماء يطالبون بالإفراج عن ضو مسكين القبس: استراتيجية جديدة للاستثمارات الكويتية في تونس  كاشف الغطاء: مضحكات مبكيات كاشف الغطاء المعري الاستــاذ فيصــل الزمنــى : عرض خـاص بالوضع الحـالي للمجلس البلدى بنـابل على ضوء الطعن المقدم بابطـال نتيجة الانتخابات البلدية محمد العروسي الهاني: الذاكرة الوطنية – تتذكر يوم 23 جوان 1956 : تونسة الإدارة الجهوية –سلك الولاة والمعتمدين أبو تسنيم : لماذا لا تقلد الحكومة التونسية نظيرتها الفرنسية في احترام مواطنيها ولو بصورة مشوّهة؟ الحبيب أبو وليد المكني: حديث التحالف بين الأموات والمعايير المختلة حقائق: المراهنة على العقل التونسي حقائق : في مسؤوليّة المؤسسة الدينيّة حقائق: الأستاذ سليم اللغماني: منزلة بين المنزلتين، بين الإسلام والحداثة حقائق :  وُجُـوه: هشـام جعيـط الراية:  الروائي التونسي كمال الرياحي لـ «الراية»: القارىء العربي يحتاج إلى صدمات كهربائية تدفعه للحركة! طارق الكحلاوي:عرض كتاب « المستشرقون د. أحمد القديدي: دخل إلى قصره فخرج من عصره ! الجزيرة نت: اتحاد المغرب العربي في مفترق الشراكات   الصباح : ندوة الجامعة العربية عن العلاقات المغاربية الأوروبية: مثقفـون وسيــاسيـون يتساءلــون ويقترحــــون الصباح: الوزير الأوّل لدى افتتاحه معرض صفاقس الدولي: مستوى مخصصات التعليم في تونس من أعلى النسب في العالم  إسلام أون لاين.نت : حماس: « فرق الموت » تحاول إسقاط الحكومة  العربية.نت : جزائريون في أوروبا يشتكون عراقيل  » لوبي » بالسلطة تمنعهم من العودة  د. بشير موسي نافع: حروب لم يعد لها من معني الا توليد الكراهية وعدم الاستقرار


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
 
26 جوان :  اليوم العالمي لمناهضة التعذيب
 
معا ضد التعذيب حتى يسترد الإنسان كرامته
 
تلتقي الفعاليات المدنية العربية والأوربية مرّة أخرى في ساحة حقوق الإنسان لشجب ممارسات التعذيب الشنيعة التي أصبحت سمة قارة لا للنظم الديكتاتورية و حسب بل و حتى الديمقراطية منها.
 
إن الملاحظ للعيان أن هذه الممارسات تتعاظم تحت مسميات مختلفة مما يحتم علينا جميعا الاستنفار لمواجهة الجريمة الجسيمة.
إن المنضمات والجمعيات المجتمعة مساء هذا السبت 24/6/2006 بمناسبة اليوم العالمي للدفاع عن ضحايا التعذيب لتوقد شمعات الأمل و تذكّر بكل الضحايا التعذيب  مؤكدة رغبتها في
·        متابعة النضال و  رفضها المطلق لكل تبريراته بحق أي إنسان مهما كان أصله أو دينه أو لونه..
  • المطالبة بمحاسبة الجلادين والمتواطئين معهم مهما كانت الحجة أو المبررات لممارستهم التعذيب.
  • عدم التساهل أو التهاون في وصف جرائم التعذيب التي أصبحت اليوم جرائم ضد الإنسانية في القانون والعرف الدوليين.
 
إن اجتماعنا في ساحة حقوق الإنسان في العاصمة الفرنسية، من عدة بلدان وعدة ثقافات، هو نداء لكل الأحرار من أجل متابعة النضال بحزم وقوة، من أجل عالم بلا تعذيب و لا انتهاكات للحقوق الأساسية للإنسان.
الممضون
 منضمة صوت حر- فرنسا-اللجنة العربية لحقوق الإنسان-هيئة 18 اكتوبر بباريس-التضامن التونسية- منظمة العدالة العالمية-حماية المدافعين عن حقوق الإنسان-اللجنة الدولية للدفاع عن تيسير علوني-جمعية مساعدة ضحايا التعسف في المنفى-فدرالية العمل المسيحي ضد التعذيب-جمعية الكرامة للدفاع هن حقوق الإنسان-جمعية المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي-لجنة مساندة الدكتور منصف بن سالم


 
جمعيّة الصّحافيين التونسيين تونس في 22 جـوان ‏2006‏  بــــــــيـــــان
تناولت الهيئة المديرة لجمعيّة الصّحافيين التونسيين خلال اجتماعها اليوم الخميس 22 جوان 2006 تطوّرات علاقاتها مع الفديرالية الدولية للصحافيين. وتسجّل الهيئة المديرة بارتياح قرار المكتب التنفيذي  للفيج خلال اجتماعه ليومي 27 و28 ماي الماضي والقاضي برفع التجميد عن جمعيّتنا مع التنفيذ الفوري للقرار وإحالة المصادقة عليه إلى المؤتمر المزمع عقده في موسكو العام القادم. – تؤكد الهيئة المديرة أن هذا القرار يندرج ضمن طبيعة الأشياء بحكم عراقة جمعية الصحافيين التونسيين ومصداقية نضالاتها من أجل الدفاع عن الحقوق المادّية والمعنوية للصحفيين ودفاعها عن حرّية الرّأي والتعبير عموما. – تجدّد الهيئة المديرة لجمعيّة الصحافيين التونسيين تمسّكها بمبدأ تضامن الصحفيين وطنيّا ودوليّا على قاعدة المشترك في المبادىء والقيم وعلى أساس احترام شرعيّة تمثيليّة جمعيّة الصحافيين التونسيين واستقلالية قرارها. – تؤكّد أيضا عزم الجمعيّة على تطوير العمل المشترك مع الفديرالية الدولية للصحافيين وتشكر كل الأصدقاء الذين ساهموا في إرجاع المياه إلى مجاريها. – تهيب بكل الصحافيين التونسيين لمزيد الالتفاف حول جمعيتهم حتى تقوم بدورها على أكمل وجه وبما يلبّي تطلّعاتهم المشروعة من أجل واقع إعلامي أرقى. عن الهيئة المديرة رئيـس الجمعيـّة فـتوزي بوزيـّان


أعوان أمن الدولة في تونس يحضرون جنازة سجين سياسي

علمنا من مصدر موثوق ان الأخ عبد الجواد عبود قد انتقل الى جوار ربه يوم 6 جوان 2006بمستشفى المنجي سليم بتونس. ولم يفت أعوان فرقة امن الدولة بتونس حضور جنازته ليباشروا بعد يومين منها  حملة اعتقال واسعة في صفوف الشباب شملت 18 شابا ولم يفرج عنهم الا يوم 18 جوان 2006. وتمحور التحقيق حول علاقتهم  بالمجموعة التي حُـوكمت  سنة 2004. و المرحوم عبد الجواد عبود  سجين سابق بلغ من العمر 47 سنة وكان قد حكم عليه بالسجن مدة 15سنة ضمن المحاكمة التي شملت الإسلاميين سنة  1991 وخرج من السجن ضمن من شملهم العفو الأخير في حالة سيئة يعاني من مرض القلب الذي ألزمه الفراش إلى أن توفي رحمه الله. (المصدر: موقع جمعية الزيتونة بسويسرا بتاريخ 22 جوان 2006) عنوان الموقع: www.tuniswiss.ch
 


 
في إطار تحقيق حول تمويل الإرهاب في فرنسا:

اعتقال الإمام ضوّ مسكين و16 من أقربائه

باريس – غسان الحلبي مددت السلطات الفرنسية ثمانية وأربعين ساعة أمس الفترة القانونية لاحتجاز الإمام ضوّ مسكين، الأمين العام لمجلس أئمة فرنسا، وستة عشر من أقربائه، تم اعتقالهم في اليومين الأخيرين في إطار تحقيق تقوم به في قضية تمويل «إرهاب إسلامي». ومن بين المعتقلين، إلى جانب الإمام مسكين الذي افتتح في عام 2001 أول مدرسة إسلامية خاصة في فرنسا، نجله مالك (23 عاماً) الذي يدير شركة عقارية مالكة لقصر ريفي في منطقة النورماندي الفرنسية، تستعمله إدارة المدرسة الإسلامية مقراً لإقامة مخيمات العطلات المدرسية لتلامذتها، وتقول أوساط مطلعة على ملف التحقيق إن تحقيقاً روتينياً للشرطة الفرنسية حول شبكة عمالة مأجورة لا شرعية، قادها إلى مراقبة القصر الريفي، حيث اكتشفت أشخاصاً يقومون بتمارين مشبوهة. وتشك السلطات القضائية في أن تكون عائدات هذه العمالة مخصصة لتمويل نشاطات «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية التي شكلها في عام 1998 منشقون عن «الجماعة الإسلامية المسلحة» المشتبه بصلاتها بمنظمة «القاعدة». وقد أوكل التحقيق في هذه القضية الجديدة إلى مديرية مكافحة الإرهاب، والإدارة المركزية لمكافحة الجرائم المالية، اللتين اكتشفتا أن مئات ألوف من اليورو قد تم تداولها في حسابات مصرفية لجمعيات وشركات يديرها ضوّ مسكين ونجله، وأن تحويلات مالية قد تم إصدارها لحساب منظمات غير حكومية. (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 22 جوان 2006)


 

علماء يطالبون بالإفراج عن ضو مسكين

 عقية الحميدي ـ إسلام أون لاين.نت أدان علماء وشخصيات إسلامية بارزة في أوروبا والعالم الإسلامي، اعتقال الأمين العام للأئمة بفرنسا الشيخ ضو مسكين، معربين عن خشيتهم من أن يكون القبض عليه لمجرد وشاية أو لتحقيق أغراض انتخابية. وطالب العلماء السلطات الفرنسية بالإفراج عن القيادي الإسلامي البارز ومعاملته معاملة تليق بأئمة ورموز دينية لها احترامها، وحذروا من أن ما أقدمت عليه الحكومة الفرنسية قد يلحق الضرر بعلاقات فرنسا بالعالم الإسلامي. وفي اتصال هاتفي مع « إسلام أون لاين.نت » أدان الدكتور عبد الله بن بية نائب رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو المجلس الأوروبي للافتاء اعتقال الشيخ ضو مسكين، وطالب السلطات الفرنسية « بضرورة التحري الدقيق »، في وقت وصفه بأنه « قد أصبح اتهام المسلمين فيه أمرا سهلا ». كما دعا « بن يبة » السلطات إلى « التحلي بروح المسئولية والقانون. مثل هذا التصرف لا يخدم مصلحة الأوربيين والفرنسيين مع العالم الإسلامي »، منبها إلى أن التعرض لرمز مثل الشيخ ضو مسكين « يعد أمرا خطيرا ». وناشد « بن بية » القضاء الفرنسي « إنصاف الشيخ مسكين حتى لا يكون ضحية الفوبيا (الخوف المرضي) من الإسلام »، معربا في الوقت نفسه عن أسفه لتوقيف الشيخ ضو « الذي يشهد له باعتداله وبعده عن التطرف ». الانتخابات والوشايات ومن جانبه أبدى الشيخ يوسف إبرام مدير وإمام المركز الإسلامي في زيوريخ استغرابه من اعتقال الشيخ ضو الذي وصفه بأنه « أهم مرجعيات فرنسا »، مضيفا أن الشيخ ضو « من بين الشخصيات القلائل المجمع عليها لدى الأقلية المسلمة على تعدد مشاربها، رغم أنه من النادر أن تجتمع الأقلية على رجل واحد ». وأكد إبرام أن الشيخ ضو « لم تكن السلطات الفرنسية تتجاوزه بحال من الأحوال »، مشيرا إلى علاقته المتميزة مع وزير الداخلية نيكولا ساركوزي الذي اجتمع به عدة مرات، ولا يقطع في أمر يخص المسلمين دون الرجوع إليه. وأبدى خشيته من يكون رواء القبض على الشيخ ضو « مصالح انتخابية ». وقال: « جرت العادة هنا في أوروبا أن من يريد أن يكون قريبا من قلوب الناخبين فعليه أن يظهر العداوة، وأن يكون لديه القدرة على إيذاء المسلمين »!. وأعلن أن التهمة التي وُجِّهت للشيخ ضو « تهمة إجرامية، قد يكون وراءها أشخاص يحسدون نجومية الشيخ ضو وإجماع الجميع عليه ». وأضاف: « هذا وارد فنحن تاريخنا حافل بمثل هذه الوشايات المغرضة فالرجل من الرموز التي لا تتجاوزها السلطات الفرنسية، وليس لأنه يجاملها ولكن لصدقيته ونصحه الأمين سواء للسلطات أو للأقلية، فهو رجل الساحة والعمل ». صناعة الأئمة كما أدان الشيخ حسين حلاوة الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء « الهجمة الشرسة على الأئمة في كثير من البلاد الأوروبية ». وقال: « بعض الدول الأوروبية تفكر في صناعة أئمة وفق المقاييس التي تريدها هي، لهذا السبب يعتقل الأمين العام للأئمة على خلفية وشايات مغرضة أو دسائس فارغة ليفتح الطريق لصناعة أئمة وفق المقاس وهو المشروع الذي وقف ضده الشيخ ضو مسكين بقوة ». كما طالب الشيخ مختار السلامي مفتي تونس السلطات الفرنسية « باحترام حقوق الشيخ ضو مسكين، وعدم ممارسة أي تمييز مع رمز إسلامي معروف ». وأضاف: « نطلب من السلطات الفرنسية أن يكون رائدها البحث عن الحقيقة، والحقيقة فقط، فلا انتهاك لحرمة الشيخ، والمأمول أن تعامل فرنسا الشيخ ضو وفق معايير حقوق الإنسان العالمية، فلا يظلم ولا يشهر به دون دليل ». وكانت وحدات من الأمن الفرنسي قد داهمت منزل الشيخ ضو مسكين يوم الإثنين 19-6-2006، واحتجزت أسرته في مطبخ المنزل الذي فتشته بالكامل قبل أن تغادره مصطحبة الشيخ ضو وابنه الأكبر مالك مسكين. وتوجهت الفرقة الأمنية، بعد ذلك إلى مقر مدرسة النجاح التي يديرها الشيخ ضو لتفتيشها هي الأخرى. وصرح نافع مسكين نجل الشيخ ضو لـ »إسلام أون لاين » أن السلطات الفرنسية تتهم الشيخ بغسيل الأموال والتعامل مع جماعات إرهابية. (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 22 جوان 2006)


استراتيجية جديدة للاستثمارات الكويتية في تونس

تونس- كونا- اكد رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي دعم بلاده للاستثمارات الكويتية الرائدة في تونس منذ عام 1979 . جاء ذلك فى اجتماع عقد امس بين الغنوشي ورئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمجموعة الاستثمارية العقارية الكويتية ورئيس مجلس إدارة المجموعة التونسية الكويتية للتنمية الشيخ محمد الجراح الصباح بحضور سفير الكويت في تونس الدكتور سهيل خليل شحيبر. ورحب الغنوشي خلال هذا اللقاء بتطوير الكويت للخدمات الفندقية التى حققتها المجموعة التونسية الكويتية للتنمية بإدخال شركات دولية لإدارة بعض هذه الفنادق وقد اطلع الشيخ محمد الجراح رئيس الوزراء التونسي على الإستراتيجية الجديدة لاستثمارات المجموعة التونسية الكويتية للتنمية في تونس وإعادة هيكلتها وتطويرها ومنهجية إدارة الفنادق المملوكة للمجموعة. كما أطلعه على دخول المجموعة باستثمارات عقارية جديدة كمشروع الساحل الشرقي السياحي في مدينة (سوسة) الذي يشمل إنشاء مجمع تجاري حديث وفندقين بتكلفة تقدر بنحو 54 مليون دولار. (المصدر: صحيفة « القبس » الكويتية الصادرة يوم 22 جوان 2006)


 

نزول اضطراري لطائرة تابعة لتونس الجوية في مطار روما نزلت احدى الطائرات التابعة لتونس الجوية الاحد الماضي بشكل اضطراري في مطار «فيوميشينو» بروما نتيجة خلل في الضغط الهوائي. وهذه الطائرة من صنف «ارباص أ 320» كانت تؤمن الرحلة رقم 642 المنطلقة من تونس في اتجاه العاصمة النمساوية وأثناء طيرانها فوق البحر الأبيـــــض المتوســـــط سجل خلل على مستوى الضغط الهوائي وقد نزلت هذه الطائرة بدون أضرار في مطار «فيوميشينو» بالعاصمة الايطالية.. وتم تخصيص طائرة معوضة لنقـــــــل ركاب هذه الطائرة ومواصلة السفرة في اتجاه فيانا.. قتيلة وجريحة في حادث مرور بشارع محمد الخامس بالعاصمة جد ظهر امس حادث مرور بشارع محمد الخامس على مستوى الحديقة الرياضية للترجي الرياضي التونسي وتمثل الحادث في اصطدام سيارة خفيفة تقودها امرأة بشاحنة صغيرة من نوع ازوزو 4×4 بعد ان فقدت توازنها اثر انزلاقها. وقد خلف هذا الحادث قتيلة وهي سائقة السيارة الخفيفة وجريحة وهي ابنة السائقة وقد تسبب الحادث في اضطراب وتعطيل حركة المرور رغم التدخل السريع لرجال الامن والحماية المدنية تواصل لمدة طويلة خاصة وانه وقع في اوقات الذروة. محمد يحيى بن رجب منشورات جديدة في إطار سلسلة منشوراته الدورية، اصدر المعهد الأعلى للقضاء بوزارة العدل وحقوق الانسان مؤخرا منشورات جديدة تحتوي على حصيلة ملتقيات انعقدت بدوائر محاكم استئناف مدنين وبنزرت وسوسة وتونس حول «السندات التنفيذية» و«رؤى قانونية في مجتمع المعلومات» و«النظام القانوني للتجارة الخارجية» و«المعلوماتية في التشريع التونسي». سبر آراء حول البرامج الدراسية الجديدة وضعت الادارة العامة للبرامج والتكوين المستمر بوزارة التربية والتكوين على شبكة الأنترنات جملة من البرامج التربوية الجديدة ودعت الأولياء والمربين والمهتمين بالقطاع التربوي الى إبداء مقترحاتهم حولها. والطريف في الأمر أن المدير العام للبرامج والتكوين المستمر السيد عمران البخاري طلب من المعنيين بالمسألة أن يتصلوا به عن طريق بريده الالكتروني وهو الآتي: omrane.boukkari@minedu.edunet.tn  لتقديم تلك المقترحات. فهل أن الادارة العامة للبرامج والتكوين المستمر متعطشة بالفعل لمعرفة آراء الآخرين حول البرامج الجديدة التي طبختها؟ وهل سيهتم التونسيون الآن بالبرامج في وقت ينتظرون فيه بشغف حلول العطلة الصيفية؟ وفي كل الحالات المسألة على غاية من الأهمية والدقة إن لم نقل مصيرية تحدد مستقبل الأجيال. حركة غير لائقة من الجمالي  قبل الحصة التدريبية لاول امس تم اختيار ثلاثة لاعبين من المنتخب الوطني لحضور الندوة الصحفية والاجابة عن اسئلة الصحافيين ومن بين الثلاثة لاعبين كان دافيد الجمالي الذي رفض ان يكون تحت ذمة الصحافيين وغادر القاعة التي احتضنت الندوة الصحفية وقام بحركة!!! (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 22 جوان 2006)  


مضحكات مبكيات كاشف الغطاء المعري (10)

 

1-   عاجل: حصل خلال وبداية من الأسبوع الثالث من شهر جوان تحول نوعي في مواجهة السلطة للشباب الإسلامي وتمثل ذلك في إرسال سيارات البوليس السياسي إلى العديد من المساجد أثر الصلوات لإيقاف الشباب واستنطاقهم وتسجيل هوياتهم أمام المساجد مباشرة عند خروجهم من الصلاة أو أثناء توجههم إليها، وقد وصل الأمر في مسجد مركز بن حليمة بالعين (بمدينة صفاقس) أن قام البوليس بتصيد كل الشباب الملتحي وإدخاله عنوة إلى سيارة رابضة  أمام المسجد وذلك بعد صلاة الجمعة التي شهدت تأخرا غير مفهوم لانطلاق خطبة الجمعة وقد حصلت هذه الحملة أمام مرأى  من كل المصلين إمعانا في الإرهاب ولترسيخ سياسة فرض واقع القهر وتكميم الأفواه.         2-     قامت مجموعة من الوجوه اليسارية وبمبادرة

من سناء بن عاشور والمنجي اللوز

عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي باجتماع خاص ومضيق بأحد المنازل بصفاقس وقد خصص الاجتماع الذي اتفق الحاضرون على كتمان أمره لمناقشة عودة الظاهرة الاسلامية للشارع والمجتمع بالرغم من الحملة الصارمة التي قادها نظام بن علي لتجفيف منابع التدين ومؤازرته في تلك المهمة من قبل كوادر اليسار الاستئصالي من أمثال الشرفي وغيره، وقد ناقش الحاضرون الوسائل الممكن اعتمادها لإيقاف المد الإسلامي الذي وصفوه بالرجعي والمشاركة في المجهود الرسمي لمحاصرة الارتداد عن الحداثة،  وقد كان لموضوع الحجاب نصيب الأسد في هذا الإجتماع التآمري على المجتمع، واحتار الجميع عن ما يمكن فعله لمقاومة ظاهرة الحجاب الإسلامي الذي وصفوه بالطائفي ,,,, لقد افتضح أمر هذا الاجتماع السري جدا بعد ربع ساعة من انقضائه من قبل الأطراف المستنيرة المختارة لهذا اللقاء والتي اتفقت على كتمان سره ويبدو أن كل المشاكل السياسية قد تم حلها لهذه الطائفة من المجتمع  ولم يبقى لها من مبرر للوجود إلا هذه الواجهة من الصراع الطائفي ومحوره الزي الطائفي. للقاء أهداف ثانوية بالنسبة للمنجي اللوز الذي يرغب في تقوية شقه داخل الحزب الديمقراطي التقدمي على حساب الشق القومي الإسلامي استعدادا لاختيار خليفة للأمين العام المنسحب نجيب الشابي في مؤتمر الحزب في الخريف القادم. 3- بموازاة مع التغييرات الأمنية الأخيرة قامت الجامعات الدستورية التابعة للتجمع الحاكم بتوزيع بيانات على الشعب الدستورية تدعو فيها

إلى ملازمة اليقظة

وقد ورد بالحرف الواحد في المنشور الذي أمضاه زهير عبيد كاتب عام جامعة ساقية الزيت « نؤكد على الجميع وخاصة الإطارات التجمعية للعمل عاجلا بما يلي:    

–         ملازمة اليقظة المستمرة والانتباه الشديد لما يحدث من تحركات وأنشطة مُسترابة خاصة من طرف أشخاص غرباء عن المنطقة.

–         فتح نادي الشعبة والعمل بالحصة المستمرة ورصد ما يجري في الفضاءات العامة وتحسس نبضات الشارع وما يدور من تعاليق لدى الرأي العام.
–         الإبلاغ فورا وفي كل وقت عن كل ما يلفت النظر والاتصال المباشر بالسيد المعتمد أو السيد الكاتب العام للجامعة أو مصالح الأمن لشرح الوضع. انتهى محتوى المنشور إن هذا المنشور لا يستحق أي تعليق ويعكس العقلية الاستخباراتية والتجسسية لقيادات التجمع وتوظيفها لقواعدها المسكينة كعناصر تجسس على المجتمع حتى تستمر عصابة النهب في تآمرها على المجتمع وعلى استنزاف خيراته بحراسة من هذه الفئة المرتزقة. ويأتي هذا المنشور كذلك في ظل ملل ملحوظ لقوات الأمن  التي تُـدفـع لمواجهة المجتمع المدني  والتي تعبر جهرا –لأول مرة– وباستمرار أنها تنفذ توصيات وأوامر فوقية وأنها مُجبرة على ذلك بالرغم من عدم اقتناعها بهذا المسلك الأمني. 4- اتصل مبعوثون أمنيون بمديري مختلف المعاهد الإعدادية والثانوية  في الشهر الماضي وطالبوهم بمدهم بقائمة التلميذات الملتزمات بغطاء الرأس في معاهدهم، مما أدى إلى امتعاض شديد لعدد منهم واعتبروا مطالبتهم بالوشاية بتلامذتهم وبعضهم في سن البراءة عملا دنيئا وحقيرا وينحرف بمهماتهم التربوية والإدارية ويحولها إلى مهمات بوليسية مجانية، وقد أصر المبعوثون الأمنيون أنهم ينفذون تعليمات ولا يمكن تحميلهم تبعات مهامهم، كما أكدوا أن الحملة ستتواصل وسوف يتم استهداف المؤسسات الصحية والفضاءات العمومية في المرحلة الموالية. كاشف الغطاء المعري جوان 2006  


 

عرض خـاص بالوضع الحـالي للمجلس البلدى بنـابل

على ضوء الطعن المقدم بابطـال نتيجة الانتخابات البلدية

الاستــاذ فيصــل الزمنــى :

على اثر اعـلان المشـاركين فى مؤتمر حزب الوحدة الشعبية المنعقد بمدينة نـابل أيـام 10 و 11 و 12 مـارس 2006 عن تبنيهم  الطعن الذى تقدمت به مجموعة نـابل ضد النتيجة المصرح بهـا ابـان الانتخـابات البلدية مـاي 2005 فى جلسة عـامة للمؤتمر , ومسـايــــــرة للنهـــــج الاصـلاحى العـام الذى تشهده البلاد و اسهـامـا منـا فى نقل الخلافـات ذات البعد الوطنى من الاطر المشحونة الـى أرضية النقـاش البنـاء الذى يمكن من التقدم بالبلاد و بالعبـاد و اعتبـارا للبعد الزمنى الذى صـار يفصلنـا عن الانتخـابات البلدية التى تمت فـى مـاي 2005 و هو مـا يمكن من اعـادة تنـاول الاحداث و الوقـائع بأكثر موضوعية و من غير تشنج .

فاننـا  .نتولى هنــا على بركة الله تعـالى  نشر الجزء الاول من الدراسة القانونية التى تقدمنـا بهـا بين يدي جـامعــــة نـابل للوحدة الشعبية و التى تتعلق بتطبيقات المجلة الانتخابية على مـا حصل بالانتخابات البلدية مـاي 2005 و تخصيصا على مثــال بلدية نـابل و هي دراسة تمت بطلب من منـاضلي حزب الوحدة الشعبية و المبادرة الشعبية بنـابل .

ان الغـاية من نشر هـذه الدراسة هي  اعـادة طرح الاشكـالات التى حفت بعملية الطعن فى الانتخـابات البلدية بمدينة نـابل و طريقة تعـامل السلطة الجهوية بالخصوص معهـا لكي نتفـادى بعض الاخلالات مستقبلا اعتبـارا و أن المسـار الديمقراطى لا يمكن أن يبنى الا بالنقد البنـاء و نحن اذ نحيي مـا جـاء على لسـان المحترمة السيـدة الموفق الاداري بالندوة الصحفية التى عقدتهـا أخيرا و المجهود البين لمصـالح الموفق الاداري و مـا اقترحه من تحيين للنصوص القـانونية و خـاصة منهـا تلك المتعلقة بمقاومة الرشــوة و الارتشـاء …  فاننـا نعتبر أن البنيـان الاداري عمومـا ببلادنـا يحتـاج الـى المزيد من معين العمـل الموضوعي  و التجرد و الغـاء عقلية سيطرة الحزب الحـاكم على الادارة و اعتبـارهـا جزء منه لكي تتمكن هـذه الادارة من توفيـــــر الارضية الوطنية لنشـاط جميع الافراد و المؤسسات بالبلاد مهمـا اختلفت مشـاربهم و ألوانهم .

من أجــــل كل ذلك فانـا نتوجه بالنداء الـى جميع الاطراف من أجل مزيد دفع حركية التـاريخ عبر تحريك  » العقد الاجتمـاعى  » الذى هو أسـاس العمل المتحضر و أرضية تركيز عقلية المجتمع المدنى الجـاد الذى لا يمكن من غير تدعيمه و تركيز أسسه السليمة النهوض بالبلاد . ان مـا جـاء صلب الندوة الصحفية للموفق الاداري انمـا يثلج الصدر و يجعلنـا نتفـاءل بالنسبة للمستقبل .  خـاصة فى هـذه المرحلة الدقيقة التى تمر بهـا البلاد علمـا و أن بلادنـا ليست بعـاقر و لا هي بالثكلــى …. لكن الاصلح هو أن يتم الدفع الـى الامـام بشكل يحـافظ على منـاعة البلاد و وحدتهـا .

.و انطـلاقـا منهـا و انتهـاءا اليهــا .

( الجـــــزء الاول )

السـادة أعضـاء الجـامعـة  .

يسعدنى أن أتقدم لـكم بهـذا العرض المتعلق بالطعن المقدم فـى نتيجة الانتخابات البلديـــة بنـابل مـاي 2005 و هي دراسة موضوعية تتعلق بظروف تقديم الطعن و الوضعية الحـالية للمجلس البلدى راجيـا أن أكون قد وفقت بقدر الامكـان فـى رسم الخطوط العريضة للوضع الحـالى لتتمكن الجـامعة على ضوء ذلك من اتخـاذ مـا تراه صالحـا .و أرجو أن أكون قد وفقت فـى عرض أفاق التجاوز بشكل موضوعى أو أقرب للموضوعيـة.

العــــــــــــــــــــــرض

ليس هناك من شك بكون العملية الانتخابية التي هي في الواقع وسيلة لتمكين المواطن من التعبير عن رايه وإختيار من يتولون التصرف في حقه في الشأن العام.  إنما هي في الواقع جملة من الإجراءات التي يجب أن تضمن سلامة التعبير عن إرادة الجماهير الحقيقية وذلك دون زيف ولا تحريف.

و تكون هـذه القـاعدة أكثر اطلاقـا عندما  يتعلق الامر بالانتخـابات البلدية علمـا و أن البلدية انمـا هي فـى الواقع طريقة لتمكين المواطن من تسيير شؤونه الذاتية اليوميـة  مباشرة و على العين . وهو مـا مكن من اطلاق تسمية الديمقراطية المحلية عليهـا .

إن الرقابة التي ترد على العملية الإنتخابية سواء مسبقة لدى إعداد الاطـار المـادى الذى يحف بالعملية الانتخـابية أو اعداد القـائمـات من تعليق .. الخ ..  مرورا بتكوين القائمات الانتخـابية أو تقديم الترشحات أو اللاحقــة أي بعد الاعلان عن النتائج و التصريح بالقائمـات أو الاسمـاء الفـائزة … ليست في الواقع الا ضمانا لحسن التعبير عن الارادة الشعبية وذلك تاسيسا على ان السيادة ليست الا للشعب وهي ملكه على سبيل الحصر وبدون شريك وعليه فان كل تلاعب او تدليس او غيره لارادة الشعب يجعل من الهيكل المنتخب فاقد للشرعية الجماهيرية والشعبية ويكون تبعا لذلك منصبا على رقاب الجماهير وبدون وجه شرعي.

ان المراجع للنصوص الواردة بالقانون الانتخابي  التونسي يقف على حقيقة تتمثل فـى أن المشرع التونسي لم يحد على هذا المنحى وقد جاءت المجلة الانتخابية التونسية بجملة من الضوابط الاجرائية المشفوعة بالجزاء المدنى و الجزائي …  من أجل تقنيين الإجراءات في المادة الإنتخابية ومعـاقبة الاخلالات بهـا .و لذلك فقد  سلطت جزاءا على المخالفة حسب نوع المخالفة وطبيعة المخالف ومكان المخالفة وورودها صلب عملية إنتخاب تشريعية او بلدية او غيرها.

وليس خافيا على احد ان اعضاء المبادرة الشعبية بمدينة نابل الذين تقدموا بطعن في نتيجة الانتخابات البلدية بالمدينة بعدما شكلوا قائمة تحالف مع قائمة حزب الوحدة الشعبية وبعد ان انتمى بعضهم بعد الطعن إلى حزب الوحدة الشعبية وبقي الباقي خارجه…  قد عاينوا صمت الادارة وعدم اتخاذ موقف من طعنهم المذكور بما جعلهم يتصلـــون بمقـــر ولاية نابـــل اين قابلوا المسؤول هناك ولا نرى ضرورة لتسميته لكون الامر يتجاوز الاشخاص لتعلقه بفراغ قانونى و تشريعى …  وقد أكد المسؤول بولاية نـابل …  بحضور المجموعة انه لا علم لـه  بوجود قرار في الغرض لا بقبول الطعن ولا برفضه وتأسيسا على ذلك فانه يتجه الاعتقاد الى ان الادارة خيرت السكوت على الطعن.

ان هذا الوضع النادر الذي حصل بمدينة نابل والمتمثل في سكوت الادارة وعدم اتخـاذ قرار لا بقبول الطعن ولا برفضه يحيلنا على عدة تساؤلات وتاويلات قانونية هي كالتالي :

                    1 – الاثر القانوني لسكوت الادارة على الطعن المقدم في العملية الانتخابية.

                    2- القيمة القانونية لاعمال المجلس البلدي المطعون في شرعيته.

                    3- الوضع القانوني للقوائم المترشحة امام سكوت الادارة.

                    4- افاق الحلول القانونية.

لقد مكن الفصل 155 من المجلة الانتخابية (م.ا ) من الطعن في العملية الانتخابية البلديـة بالبطلان ومكن من التقديم بالطعن  » كل ناخب «  مرسم بصفة قانونية بالقائمات الانتخابية حيث انه وكنتيجة لذلك فان الصفة في الطعن ليست نتيجة الترشح صلب قائمة انتخابات بل هي تعود الى الترسيم بالقائمة الانتخابية كما ان هذا الحق انما هو ملكا لكل ناخب بقطع النظر عن انتمائه لحزب سياسي من عدمه و بقطع النظر عن ترشحه صلب قائمة انتخابية من عدمه.

ان الجمع بين صفة الناخب من جهة وصفة المترشح من جهة اخرى لا يمكنه ان يسحب من المترشح الامتيازات التي علقها القانون على صفته كناخب.كما ان اشتراط المشرع لضرورة توفر صفة الناخب لدى الطاعن انما يعود الى ارادة واضحة لدى المشرع التونسي في الفصل بين الاختصاصات التي تعود إلى كل ناخب وبين الاختصاصات التي تعود لكل مترشح وفي الوقت الذي لا يحول فيه شيئ ضد تجميع كل هذه الاختصاصات لدى نفر واحد عندما يكون في نفس الوقت ناخب ومترشح.

 لكل ذلك  فان تأسيس هذا النفر منــا لبعض اعماله على صفة واحدة من تلك الصفتين لا يمكن الصفة الاخرى  الثانية من أن تنتصب  مانعا له من ممارسة تلك الاختصاصات وبشكــــل اوضح فان صفة الانتماء لحزب ما او لقائمة ما لا تمنع الناخب من ممارسة حقه في الطعن .

ونؤكد على أنه و كنتيجة لذلك فأنه ليس  لاحد غير ذلك الناخب التمسك بملكيته للطعن والتصرف فيه.لذلك فان الطعن الذي يقدم به الناخب لا يمكن ان يرجع فيه امينا عاما لحزب سيـــاسي مثلا او كاتب عام لجامعة حزبية أو غيره والا فان ذلك يكون مخالفا للفصل 155 م.ا. و يكون الطعن صحيحا لكن الرجوع فيه بـاطلا .

و بالرجوع الى الطعن الذي تقدم به ثلاثة عناصر من القائمة الذهبية بمدينة نابل ليسوا كلهم منظوين تحت لواء حزب الوحدة الشعبية, فاننا نعاين ان هذا الطعن قد تم تقديمه في الاجال القانونية حسب الفقرة 2 من الفصل 155 م.ا كما تم تبليغه بواسطة عدل تنفيذ الى كل من مكتب الضبط ببلدية نابل ومثيله بمقر ولاية نابل.

لقد إقتضى الفصل 156 م.ا أن الطعون تحال حالا على لجنة النزاعات التي تتركب من قاض وناخبين ويقع اعلام الاعضاء المنازع في صحة انتخابهم ودعوتهم للجواب على فحوى الطعن في ظرف خمسة ايام وعلى اللجنة ان تنطق بالقرار في اجل اقصاه خمسة عشر يوم ( 15 ) ابتداء من تقديم  » القضية «  لديها.

ان المشرع التونسي قد تعمد استعمال كلمة  » قضية«  عندما تعرض الى ملف الطعن بداية من وصوله الى أيـــادي اللجنة التي يتراسها قـــاض وتأسيسا على ذلك فان ما تصدره اللجنة يكون حكما قضائيا وهو ما اقر به المشرع صراحة عندما قال ان قرار اللجنة غير قابل للاستئناف دون ان يمنع عنه الطعن بالتعقيب.

 وكنتيجة لكل ذلك فانه لا خلاف في ان ما تقوم به لجنة الطعون التي يتراسها قاض انما هو من قبيل الاعمال القضائية بدليل تدخل المشرع بسحب امكانية الاستئناف فقط دون التعقيب.

 ولكل ذلك فان اعمال هذه اللجنة لا يمكن ان تكون سرية وكذلك طريقة تسمية اعضاءها وبأكثر وضوح فان القرارات القضائية الصادرة عنها لايمكن ان تكون سرية.

ان المبادئ العامة لتقاضي الواردة بمجلة الاجراءات المدنية والتجارية مثلها مثل حق الدفاع المقدس وحق التمتع بعلانية التقاضي وشفافية الاجراءات تجعل من :

                         1- عدم اعلام الطاعنين بدعوة لجنة الطعون الى الالتئام.

                         2- عدم اعلام الطاعنين بقرارات تسمية اعضاء اللجنة.

                         3- عدم دعوة جميع المطعون في انتخابهم للجواب على الطعن.

                         4- عدم دعوة الطاعنين للاطلاع على مضمون تلكم الردود.

                         5- عدم الاستماع الى الشهود.

                         6 ـ عدم استدعـاء الادارة المشرفة على الانتخـابات .

                         7- عدم الاعلان رسميا عن صدور قرار من لدن اللجنة سواء بقبول الطعن او برفضه.

   )    يتبـــــــــــــــــــع (


 

تونس في 17-6-2006

      بسم الله الرحمان الرحيم

         والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

بقلم محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

الحلقة الأولى

 

الذاكرة الوطنية – تتذكر يوم 23 جوان 1956

تونسة الإدارة الجهوية –سلك الولاة والمعتمدين

 

في مثل هذا الشهر جوان 1956- وعلى وجه التحديد يوم 23 -06-1956 قرر الرئيس الحبيب بورقيبة رئيس الحكومة الوطنية الاستقلالية إلغاء نظام سلك المراقبين والقياد والخلفوات  وإبدال هذا السلك بسلك الولاة والمعتمدين في إطار تونسة إدارة الأمن الوطني في 18 افريل 1956 وقد أقرت الحكومة تقسيم البلاد  الى 13 ولاية وتم تعيين الولاة من الوطنيين الدستوريين المخلصين الذين قدموا للوطن أسمى التضحيات وفي هذا الإطار تم تقسيم البلاد الى96 مندوبية ترابية وسمي 96 معتمدا على رأس المعتمديات الترابية وتوحيد القيادات والخلفوات والكواهي وأصبحت الخطة موحده خطة معتمد وتم تعيين المعتمدين في خيرة مناضلي الحزب الحر الدستوري التونسي وبعضهم من رؤساء الجامعات الدستورية ومن أعضاء المجلس الملي المنتخب في مؤتمر صفاقس – ثم تطور العدد من 96 في عهد الاستقلال الى 266 حاليا ومن 13 ولاية الى 24 حاليا وقد توج 17 واليا في عهد حكومة بورقيبة  الى رتبة وزير وكاتب دولة وسفير على النحو التالي في عهد الاستقلال : السادة الهادي البكوش –المنجي الكحلي – حسيب بن عمار – عبد الرزاق الكافي – زكريا بن مصطفى – محمد الناصر- منصور السخيري – المازري شقير- فؤاد المبزع : اصبحوا وزراء .

اما كتاب الدولة فهم :عبد العزيز بن الطيف واحمد بنور وعامر غديره , والسفراء هم قاسم بوسنينة – الهادي المبروك –عباس محسن –محسن نويرة وعمر شاشية.

في العهد الجديد 17

اما في العهد الجديد فارتقى من رتبة واليا الى رتبة وزير السادة الشاذلي النفاتي – عبد الرحيم الزواري – علي الشاوش – محمد بن رجب عبد الله الكعبي – رفيق الحاج قاسم – محمد سعد الحبيب الحداد , المبروك البحري ورافع دخيل                                   

والى رتبة كاتب دولة  كمال ساسي وقاسم بوسنينة و والسفراء الحبيب براهم –عبد العزيز شعبان –محمد الصحبي البصلي محمد الغرياني و حمادي الخويني رحمه الله.

ومن معتمد الى كاتب دولة السيد المنجي شوشان ومن رتبة كاتب عام ولاية  الى رتبة وزير وهو الاستاذ محمد جغام.

تكريما للسلك وفي 23 جوان 2006 يمر على ذكرى تونسة الإدارة الجهوية نصف قرن يوما بيوم ولحظة بلحظة وقد قام هذا الجهاز بواجبه الوطني وساهم بقسط وافر في تركيز دواليب الدولة والمؤسسات الدستورية وشارك في بناء الدولة العصرية والنظام الجمهوري وساهم في نجاح التشريعات الاجتماعية .

والنهضة الاقتصادية الشاملة والثورة ضد التخلف والجهل والخصاصة والحرمان وبناء المدارس ونشر العلم والتعليم وقبلها المشاركة في تصفية الاستعمار الفرنسي واستكمال البناء السياسي والجلاء العسكري والزراعي وتخليصر  البلاد من بقايا الاستعمار الفرنسي كل هذا تم بفضل هذا السلك العتيد  سلك الولاة والمعتمدين الذين ابلوا البلاء الحسن وناضلوا في مختلف المراصل وكانوا عند حسن الظن.

حظوظه اقل من ما يتصوره الناس

في احد المناسبات قال لي الاصدقاء الاوفياء  انتم محظوظين في هذا السلك ومرتباتكم عالية ولكم امتيازات كبرى كان يتصور ذلك وفي كل مناسبة يعيد لي الملاحظة ليعرف حقيقة المرتب ولكن الاخلاق الاسلامية والروح الوطنية تأبي اباحة السر … وحتى ان احدهم كان يعتقد ان اداء مناسك العمرة كان على نفقات الحكومة ولكن عندما عرف الحقيقة قال لي ارجوك ان تسامحني لاني اخطات في حقك وفي حق زملائك …

السلك على الصعيدين الجهوي والمحلي يقترح الاجدر والانفع .

وبعض المقترحين من المواطنين للمهام والمسؤوليات السامية في المؤسسات الدستورية وغيرها يتقاضون مرتبات ومنح أعلى من صاحب القرار الجهوي والمحلي وأكثر حضوضا وكذلك أصحاب المشاريع والشركات تسند لهم الرخص بدعم من السلطة الجهوية والمحلية بدعم كبير .

عناصر تحملوا المسؤوليات والامانة في سلك الولاة والمعتمدين

وخرجوا من السلك دون مكاسب ومنافع شخصية

بعضهم غادر السلك دون أن يكسب مسكنا وبعضهم غادر السلك دون ان يملك سيارة او حتى دراجة نارية او حتى عادية … وبعضهم ابنائه لم يجدوا شغلا قارا لحد اليوم .

الزيادة في الاجور

منذ سنوات عديدة قامت الحكومة والمنظمات المعنية بالامر الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الوطني للصناعة والتجارة .

وطيلة اعوام وقعت الزيادة في الاجور نتيجة الارتفاع في الاجور  نتيجة الارتفاع في الاسعار باستمرار ودون انقطاع –ولكن ارتفاع الاسعار ولهيبها في الاعوام الاخيرة لم يواكبه زيادة في الاجور سلك الولاة والمعتمدين بالخصوص منذ اعوام .

اخر زيادة كانت عام 2000

ان اخر زيادة لسلك الولاة والمعتمدين تمت في نوفمبر سنة 2000 ومنذ ذلك التاريخ لم يقع أي زيادة لهذا السلك العتيد ووقع التغافل والنسيان او الحرمان .

اما الزيادة في الأسعار ولهيبها فهي مستهم وشملتهم وذاقوا متعتها ولذتها واذا كان احدهم له سيارة او حتى دراجة نارية فهو محظوظ بارتفاع أسعار النفط وعليه واجب الدفع والطاعة وفعلا هو من صنف الطاعة ويموت من اجل الطاعة ويذوب في الطاعة ولكن اذا استمر الوضع على هذا الحال فبعضهم يقول والله اللفتة واجبه …والعناية واجبة … والاهتمام واجب وكما كان الواجب على ابناء السلك في احلك الظروف وأصعبها وأشدها فان واجب العناية والرعاية من الاوكد والاجدر وللحديث بقية اذا كان في العمرعشية…ان شاء الله.

رجال عاهدوا الله وأخلصوا للوطن

لا ننسى في هذه الذكرى الخالدة مرور نصف قرن على تونسة الادارة الجهوية دور المناضل عبد الحق الاسود الوالي السابق الصالح الذي جمع بين التدين والتقوى والوطنية الخالصة هذا الرجل المصلح اشترى من ماله الخاص خروفا وذبحه في عيد الاضحى بنفسه وأهداه الى أسرة فقيرة بقابس وأمأ بالناس في المسجد أعني صلى بهم وكذلك الشأن بالنسبة للمناضل الشيخ الحاج محمد زخامة معتمد المزونة في عهد الاستقلال الذي صلى بالناس وكان امامهم ومعتمدهم في الآن نفسه اقتداءا بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهناك معتمد في عهد التغيير شغل نفسه ليلا نهارا ببناء المساجد والمدارس بجهة محلية نائية بالشمال الغربي وأنجز في هذه المعتمدية في ضرف سنتين 5 مساجد وتوسعت جامعين وبناء 5 مدارس ابتدائية ومستوصف وتعبيد 2كلم بالجهود المحلية وانجز قاعة كبرى بالمعتمدية في اطار العمل الاجتماعي لمعاضدة جهود الدولة وتم ذلك في احسن الضروف وبحماس أهالي الجهة ومناضليها .

طرائف في السلك لن تنسى

تعلقت رغبة والي وطني ان يقترح معتمدا يعمل معه فس سلك الولاة وهذا المعتمد ناشط وكشاف قديم وقائد الكشافة والوالي كان على اتصال بالرئيس بورقيبة وله علاقة حميمة معه وأبدا الوالي رغبته في تتويج المعتمد ليصبح واليا لكن الرئيس بورقيبة قال للسيد الوالي « هذا المعتمد الذي تقترحه هو قصير القامة وأنا من عادتي اختار الولاة ذات القامة الطويلة والاناقة في كل شيء » ، فصمت الوالي وعاد الى مركز الولاية واخبر المعتمد بملاحظة رئيس الدولة ، فقال المعتمد الصريح « محسوب الرئيس طويل القامة ما هو قصير مثلي » فابتسم الوالي ، وفي مناسبة اخرى تذكر بورقيبة ما قاله الوالي حول تعيين المعتمد واليا فقال السيد الوالي مبتسما اريد ان اصارحكم يا سيادة الرئيس بأمانة ان المعتمد قال لي الكلام الذي ذكرته سلفا فابتسم الرئيس وقال « والله هذا المعتمد الشجاع يستحق ان يكون واليا نظرا لجرئته وشجاعته وانا احب الوالي الشجاع » وفعلا تمت تسميته واليا في حركة الولاة وناضل في السلك طويلا بفضل شجاعته وحنكته .

ومن النوادر والطرائف الاخرى

ان عمدة بجهة توزر اقترح ان تصبح عمادته معتمدية ترابية نظرا لقربها من الحدود التونسية الجزائرية وهي منطقة نائية ريفية وبعد اسبوع امضاء رئيس بورقيبة امر بإحداث المعتمدية التي اقترحها العمدة وعين على رئسها السيد العمدة الذي اصبح معتمدا بمنطقته تقديرا لخدماته الجليلة وتضحيته وشجاعته .

وفي مناسبة اخرى علم الرئيس بورقيبة بوفاة نجل معتمد القطار بلسعة عقرب عفانا وعفاكم الله ، وقرر المعتمد مغادرة الجهة نهائيا واعلم وزير الداخلية السيد الطيب المهيري رحمه الله باستقالته من السلك وبدوره اعلم وزير الداخلية رئيس الدولة بأمر الاستقالة فأذن الرئيس حالا بإحداث معتمدية بشربان ولاية سوسة المنطقة التي ينتمي اليها المعتمد المناضل الحاج بشير بن مصباح رحمه الله وعينه على رأس المعتمدية المحدثة تكريما لنضالاته ومواسات في فقدان نجله في القطار رحمه الله.

اطول فترة قضاها الولاة في المسؤولية

كان السيد عمر شاشية الذي عين الرئيس بورقيبة في عام 1956 واليا على القيروان ثم اسند اليه ولايتي سوسة ونابل وكان في سن 29 ويعتبر اقدم واليا قضى 13 سنة في السلك من 1956 الى 1969 وكذلك السادة عبد السلام غديرة والي قفصة ومنصف بالخيرية والي الكاف وصالح البحوري والي مدنين الذي بقى في مركز ولاية مدنين حوالي 8 اعوام واحمد بللونة المناضل الوطني الذي بقى فترة طويلة بقابس وسوسة .

ذكريات لن تمحى من الذاكرة

وبصمات أبناء السلك مشرفة للغاية

قمة الوفاء

في فوسانة المنطقة الحدودية على شريط 54 كلم حدودي مع الشقيقة الجزائر العمل له طعم خاص ولذة وطنية والابطال هناك مرابطين كالاسود في الحدود وفي ذكرى 12 مارس 1950 بمناسبة الزيارة التاريخية التي أداها المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله.

الى فوسانة والتي أحيتها المعتمدية يوم 12 مارس 1985 الذكرى 35 طهاطلت الامطار بعين عمارة أين كان سيتم الاحتفال وأكثر من 4000 مناضل ومواطن تجمعوا بالساحة رغم تهاطل الامطار لاستقبال مبعوث الحكومة في حماس من قطع النظير دون خوف من المطر وذلك في إطار الوفاء لزعيمهم .

في هذه الربوع المناضلة تتطوع أحدهم ببناء مسجد كبير وكتاب لتعليم القرآن ومكتبة دينية وتعهدت المعتمدية بتوفير الارض وتم ذلك يوم الاحد على عين المكان ومما يذكر إن المسجد وضع حجر أساسه السيد مصطفى المنيف يوم 17 ديسمبر 1984 ودشنه يوم 17 جوان 1985 ليلة 17 من رمضان في حفل جهوي ضمّ كافة إطارات الولاية تم الانجاز في ظرف 6 أشهر بمتابعة يومية وحرص شديد لاضفاء المصداقية على المشاريع الدينية والاجتماعية، كما تم بجهود الاطارات المحلية بناء دار الشعب في وسط المدينة وتظافرت جهود الجميع بحرص ومتابعة يومية من طرف السلطة المحلية وما يذكر أن كل منطقة من مناطق المعتمدية تتبرع بيوم عمل 15 عامل و3 بنائين مختصين وفي ظرف شهر ونصف تم البناء بفضل هذه الروح التضامنية .

وفي سجنان بالشمال الغربي

تمت توسعت الجامع المسجد وسط المدينة بـ400م أي نفس المساحة التي كانت سابقا بتكلفة أقل من ثلث المقدار الذي كان حسب تقديرات البلدية لاتمام التوسعة ومن النوادر هناك من أراد تعطيل الصبة وامتنع من بيع كمية تكميلية من الاسمنت مساء يوم 26 رمضان 1988 ولكن بدعم من السلطة المحلية وبعون الله تم قبل الساعة الواحدة صباحا ليلة القدر توفير الكمية وصبة السقف حتى صلاة الفجر وكانت معجزة للمواطنين وتمت الفرحة وأصبح المسجد الجامع يتسع لكل المصلين بفضل حرص السلطة المحلية

وفي جومين بالشمال الغربي

كانت البصمات الخالدة محل اهتمام الجميع وتم بعون الله بناء 5 مساجد جديدة وتوسعت جامعين في إطار العناية ببيوت الله وذلك خلال عامي 1988-1998 وبناء 5 مدارس ابتدائية جديدة بمجهودات محلية صرفة ومن النوادر كان مشروع الشمال الغربي يخصص 7000 دينار لبناء قاعة جديدة بمدرسة ابتدائية وبرعاية السلطة المحلية وحسن التصرف أصبح المقدار المخصص ينجز به قاعتين عوضا عن قاعة حتى قالوا ما هو السر يا ترى… كما تم بناء قاعة إظافية بالمعتمدية بمبلغ زهيد وقد لاحظ السيد الكاتب العام للحكومة الاستاذ حسين الشريف في احدى زيارته الى معتمدية جومين ماهو السر في بناء قاعة مساحتها 120 م بمبلغ زهيد بينما ورضة صغيرة بالعالية  فاق اعتمادها 5 مرات هذه القاعة السر في ذلك حسن التصرف والوفاء للوطن وللنضال .

العناية بالاحياء من أوكد الواجبات

إن رجال بررة قدموا خدمات جليلة للوطن وللنضال وللدولة الوطنية فس سلك الولاة والمعتمدين وتحملوا أنواع التضحية والنضال ورابطوا وصبروا وأخلصوا للوطن وهم اليوم في خريف العمر ولا بد من رفع معنوياتهم الادبية والعناية والرعاية بوضعهم الصحي والاجتماعي من أوكد الواجبات واذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر السيد محرز بالامين الذي تحمل مسؤوليات عديدة فس صلب الحزب والدولة وكان واليا بالوطن القبلي ثم واليا بصفاقس وهو الآن طريح الفراش يستحق العناية والرعاية وكذلك الاخ المناضل الهادي عطية الذي ناضل طويلا فس سلك الولاة وهو الآن في حالة صحية تتطلب العناية والاهتمام وقد عمل في سلك الولاة طويلا كذلك السيد عمر شاشية الذي كما أشرت قضى 13 سنة على رأس الولاية سواء بالقيروان وسوسة ونابل وهو الآن في حالة صحية تتطلب مزيد العناية والدعم وكذلك السيد فيصل شحدورة شفاه الله الذي عمل فس سلك الولاة طويلا وهو في حالة صحية تتطلب العناية وفي سلك المعتمدين نذكر بالخصوص عمر الزغلامي الذي ناضل في السلك طويلا وهو في وضعية اجتماعية حرجة وانجاله في حالة بطالة ومرض مزمن، ونذكر أخونا عبد العزيز السهيلي الذي له وضعية خاصة تتعلق بالتقاعد وهناك اشكالية ينبغي حلها حالا كما نذكر أخونا الكبير المناضل العزيز حسين العبيدي معتمد ساقية سيدي يوسف عام 1958 هذا المعتمد الذي أصابه الولع والم يوم 8 فيفري 1958 اثناء الاعتداء الغاشم على ساقية سيدي يوسف من طرف الجيش الفرنسي وقوى الاستعمار الغاشم هذا المعتمد الذي كان يوم 8 فيفري 1958 في سن 30 يستحق اليوم التكريم وتتويج وتوسيم وهو بحق مناضل صامت لا يتكلم ويعيش في الظل لانه من الرجال البررة الاوفياء والنزهاء وهو يعيش بالضاحية الجنوبية برادس مليان في مسكن متواضع كما نذكر أخونا محمد شعبان الذي ضحى بشبابه من عام 1950 في حضيرة الحزب مع والده المناضل محمد القيش وعمل بعدها في سلك المعتمدين طيلة 23 سنة وكان مناضل دستوري واصبح عام 1980 معتمد اول طيلة 10 اعوام وكان مثال الصمود والصبر والتزام واخيرا اذكر اخونا الفاضل محمد البشير الزاير الذي عرفته عام 1958 في معتمدية تطاوين والمعتمدية آنذاك بدون نور كهربائي وكانت منطقة ظل كما يقولونا اليوم وعمل الاخ البشير الزاير معتمد في سن 25 سنة وكان يتقد حماسا وحيوية وذكاء وقد اكرمنا يوم 20 سبتمبر 1958 عندما كنا آنذاك في الشبيبة الدستورية وشاركنا في ملتقى الشباب الدستوري لولايات الجنوب صفلقس قابس مدنين بقيادة القائد احمد بالاسود رحمه الله وزرنا منطقة رمادة ومكان المعركة بواد داكوك هذا المناضل يستحق العناية الادبية واللفة الكريمة مثل بقية الاخوة المذكورين في إطار ترابط الاجيال وتجسيما للشعار الخالد لو دامت لغيرك ما آلت إليك وهذا الشعار صالح لكل زمان ومكان.

 

الولاة الذين تحملوا مسؤولية خطة مدير عام آمر الحرس والوطني

هم السادة مصطفى بدر الدين الذي قضى 9 اعوام وشهر على رأس الادارة العامة للحرس الوطني من افريل 1988 الى 12 ماي 1997 ويليه عامر غديرة الذي عمل فترة بالادارة العامة للحرس الوطني وأخيرا عبد الرحمان الامام الذي سمي يوم 6 جوان 2006 وكان واليا بسوسة .

اما الوالي الذي عذب واضطهد في عهد الاستعمار الفرنسي اكثر من غيره حتى فقد اعز ما يتصف به الانسان وناضل اكثر من غيره هو المرحوم صالح عياش الذي سمي واليا في عهد الاستقلال على راس ولاية نابل ومن النوادر التي يذكرها السيد مصطفى البوغازلي الذي عين بعد التغيير واليا على نابل انه يقول ان اول واليا في عهد الاستقلال هو المرحوم صالح عياش رحمه الله واول واليا في عهد التغيير المتحدث تلك هي مرحلة من مرحلة النضال اسوقها في الحلقة الاولى في ذكرى تونسة الادارة الجهوية عسى ان تكون حافزا لمزيد دعم هذا السلك العتيد .

قالى الله تعالى : »وهل جزاء الاحسان الا الاحسان » .صدق الله العظيم

الخاتمة

نصيحتي حسب التجربة المتواضعة وبعد حماسا مفرطا وسرعة مذهلة وعملا جبارا ليلا ونهارا حتى بعضهم قال يقول اليك الساعة الواحدة والنصف ليلا تصبح على خير . ويقول لك الساعة الخامسة صباحا صباح الخير وقال بعضهم دمه من الكهرباء … نصيحتي أن لا تكون خطيبا مؤثر يحسدك على فصاحتك ولا تكن ناشطا كثيرا فيغيرون منك ولا تسرع في 150 في الساعة فالحفر كثيرة والمخاطر أمامك وقد قال والي رصين ناجح ووطني صادق جزاه الله خير الجزاء ومتعه بالصحة والعافية قال للمعتمدين في مناسبة وطنية أن من تخلفت مشاريعه ولم ينجزها وتعطلت أعماله سوف أكلف زميله بمركز الولاية لمساعدته على الانجاز والسرعة وشبه ذلك بمثال اضحك الجميع ولا فائدة في ذكره يعرفه اهالي الكاف في مشاريع تشغيل الشباب والقضاء على المساكن البدائية الاكواخ.

النصيحة التي اسوقها لاخواني خوفا من الحاسدين واشفاقا على المخلصين وتقديرا للعاملين والمثل يقول « اسهل لمجرب … » والله ولي الوفيق وللحديث بقية ان كان في العمر عشية .

قال تعالى : » فستذكورون ما اقول لكم وأفوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد « . صدق الله العظيم.

      محمد العروسي الهاني

 مناضل دستوري تونسي

معتمد متقاعد

 


 


 
تونس تحتفل بـ « عيد الموسيقى » على الطريقة الفرنسية

لماذا لا تقلد الحكومة التونسية نظيرتها الفرنسية في احترام مواطنيها ولو بصورة مشوّهة؟

أبو تسنيم – باريس     قد يغيب على الكثيرين أن  » عيد الموسيقى » من ابتكارات وزير الثقافة السابق والعضو البارز في الحزب الاشتراكي الفرنسي « جاك لانغ » Jack Lang. هذا الاحتفال الذي انتشر عالميا ليصبح عادة وعيدا تحتفل أثناءه أغلبية شعوب العالم بالموسيقى التي تبقى لغة الحوار بين الشعوب عندما تُصاب اللغة اللسانية بالعطالة. الشعوب تحتفل بالموسيقى لأنها تأمل دوما بعالم أفضل من الحاضر، إذ لا تجتمع الموسيقى مع اليأس أبدا. فهما ضدان ينفي كل منهما الآخر. لكن المشكل عندما تحشر الأنظمة الفاسدة أنفها دون استئذان. فالنظام التونسي تلميذ نجيب وبارع في سرقة أفكار الآخرين: « تعليم الكبار، الاعتناء بالبيئة، إنشاء الصناديق، الثقافة الرقمية… والقائمة تطول ». المشكل هو أن النظام التونسي لا يأخذ من تجارب الآخرين إلاّ الشكل فقط. فيحضر الاسم ويغيب المسمَّى ويحضر الشكل ليغيب المضمون وهكذا. لكن إذا أصاب النظام التونسي في إرساء « عيد الموسيقى » الذي أرساه « دماغ اشتراكي » فرنسي، فلماذا لا يُـرسي نظامنا « احترام المواطن والمواطنة »، فهي كذلك من إبداع الفرنسيين منذ قرنين من الزمن، أم أن نظامنا يفقد البصر أمام ما يفيد مواطنين حلموا ولا يزالون يحلمون بنظام يحترمهم ولا يسرق أموالهم ويرجع إليهم بالنظر في كل كبيرة وصغيرة. باريس – 22 جوان 2006
 


 

حديث التحالف بين الأموات والمعايير المختلة

« كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا »

الحبيب أبو وليد المكني علق بعض عرّافي السلطة على تحالف 18 أكتوبر بأنه تحالف ضد الطبيعة و قال آخرون أكثر بجاحة ووقاحة أنه تحالف بين الأموات… فالذين يتحدثون عن تحالف ضد الطبيعة مثل عبد العزيز بن ضياء كبير مستشاري الرئيس التونسي لا يستغرب منهم ذلك لأنهم فقدوا الصلة بالواقع التونسي منذ أن كانوا يتحملون مسؤولية الجامعة التونسية ويحاولون تمرير القوانين الفاشلة من مثل قانون أوت 1982 م الذي أسقطته نضالات الجماهير الطلابية في أحد الأعمال التي تعاون فيها الإسلاميون مع قوى اليسار لتحقيق الهدف المشترك ، ولو كان بن ضياء يعي دروس التاريخ لفهم أن الحركة الإسلامية في تونس لم تكن يوما تتأخر عن التفاعل مع قضايا الجماهير و تنبني مطالبها وهي بذلك لا تخشى اللقاء مع قوى اليسار التونسي و تعرف كيف تفرق بين واجب الانحياز لمطالب الجماهير في الحرية و العدالة الاجتماعية و نبذ الاستغلال وضرورة خوض الصراع العقائدي للدفاع عن هوية البلاد و إعادة الفعالية لتعاليم الإسلام السمحاء حتى تكون الأرضية الصلبة التي يقف عليها التونسيون وهم يدخلون أبواب الحداثة و يواجهون أخطار العولمة ودعاة الاستعمار الجديد . فالحركة الإسلامية في تونس بحكم نشأتها في أوساط الشباب التلمذي والطالبي لم ترفض يوما التحالف مع اليسار المناضل عندما يتعلق الأمر بحقوق الطلبة أو الشغالين أو مصالح الجماهير، و لعل المناضلين من الجانبين يذكرون التعاون بينهم أيام الانتفاضة التلمذية شتاء 1981م وما أشرنا إليه سابقا من التعاون من أجل إسقاط قانون بن ضياء 1982م و لابد أن التاريخ قد سجل صفحات كثيرة عن التعايش بين الجانبين ضمن هياكل اتحاد الشغل لما كان مدافعا صلبا عن مصالح الشغيلة أو في صلب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان منذ نشأتها ، فضلا عن المظاهرات المشتركة التي نظمت بالتعاون بين الجانبين للتضامن مع الشعب الفلسطيني أو التنديد بالحرب على العراق … أما الطرف الثاني الذي يتحدث عن التحالف بين الأموات في إشارة إلى أن عهد اليسار قد ولى بعد سقوط جدار برلين و أن تونس قد تخلصت من إسلامييها بعد مواجهة 1991م وردنا على ذلك أن القوم لا يعبرون بذلك إلا على آمال تراودهم بالتخلص من أعدائهم و منافسيهم ، لكنها آمال لا تستند إلى حقائق التاريخ و لا مفردات الجغرافيا : ــ أولا لأن بعض الذين يقولون هذا الكلام هم من بقايا اليسار الانتهازي أو اللبراليين الجدد الذين تنكروا لمبادئهم ووضعوا أيديهم في أيدي المستبدين و الطغاة ، يصنعون لهم خطط تجفيف المنابع ويزينون لهم أخطاءهم ويصورون لهم جرائمهم على أنها انتصارات كونية لم تنجح في تحقيقها الدول الكبرى ، وهم بذلك قد تنكروا لذواتهم ورفاق صباهم وأهدافهم الجميلة في الحرية والمساواة والاشتراكية و الوحدة العربية … و لا غرابة بعد ذلك في أن يتلذذوا بمشاهد التنكيل و الحصار والموت البطيء وهم يرفعون بكل صفاقة شعارات ، هم أول من يدرك زيفها و بطلانها . وهؤلاء في النهاية هم أدرى بأنفسهم أمواتا أم أحياء بدون كرامة أو حياء . ــ ثانيا لأنهم يعتمدون في قولهم هذا معاييرا متضاربة ويكيلون بمكيالين مختلفين و من يفعل ذلك فاشهدوا عليه بالتهافت و الكذب  فهم يستخدمون معيارا داخليا يؤكد لهم طبعا انحسار قوة الإسلاميين في الداخل و عجزهم الوقتي عن المشاركة بكل قواهم في الصراع الدائر بين الاستبداد و أطراف المجتمع المدني، وهو عجز نتج عن الحملات الهمجية التي تعرضوا لها على مدى السنوات العشرين الماضية وهي سياسة لو تعرض الانتهازيون إلى عشر معشارها لانتهى الحديث عنهم إلى أبد الآبدين . وهم بذلك يغمضون عيونهم عما يجري من حولهم في الدنيا من أحداث تؤكد كلها نجاح الإسلاميين في الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها فضلا عما يعيشونه في الداخل من مظاهر الصحوة الإسلامية الثانية . وهم يستخدمون معيارا قديما كان رائجا في زمن التحولات التي شهدتها أوروبا الوسطى و الشرقية بعد سقوط جدار برلين لكنه صار موضة قديمة مع الأحداث التي تشهدها أمريكا الجنوبية و التي تؤكد أن فكر اليسار بما هو انحياز لمصالح الشعوب و دفاع عن الشغالين و الأجراء ، وبما هو مقاومة للاستعمار بمختلف أشكاله سيبقى رافدا قويا يستلهم منه المستضعفون القوة اللازمة لمناهضة تيارات العولمة الجشعة و اتجاهات الهيمنة و الاستعمار الجديد وهكذا يتبين دون إطالة في التحليل أن الحديث عن تحالف ضد الطبيعة أو التقاء بين الأموات لا يعبر أصحابه إلا عن أمل زائف يراودهم .. ,وهو باختصار دعاية كاذبة … و دليل جديد على أن الذين يحترفون سياسة المغالطة والتشويه و رفع الشعارات الكاذبة سينتهون إلى خلل في المعايير , وانقطاع عن الواقع ثم يفقدون القدرة على فهم الأمور على حقيقتها ، وتلك علامات تهرم الاستبداد و بلوغه خريف العمر … (المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الألكترونية بتاريخ 22 جوان 2006)   
 


 

المراهنة على العقل التونسي

محمد حداد   إنّها لمبادرة متميّزة أن تقدم أسرة  »حقائق » على تحقيق ثلاثة مشاريع في آن واحد : فأوّلها أن تخصص مجلّة كاملة باللغة العربيّة التي هي لغة جميع التونسيين بمختلف مستوياتهم الثقافيّة والاجتماعيّة واختلافاتهم الفكريّة والسياسيّة، وذلك طريق الخروج نهائيّا من التقسيم غير المتكافئ الذي يجعل العربيّة لغة الصحافة الخفيفة والثقافة الجماهيريّة وقضايا الرياضة والصفحات الدينيّة بينما تخصص اللغة الفرنسيّة للحوارات الثقافيّة ذات المستوى الراقي وتحاليل الاقتصاد ومسائل المال والأعمال وآفاق التكنولوجيات الحديثة. إنّ من حقّ كلّ فئات المجتمع التمتّع بمستوى مرموق من المعلومات والتحاليل، واللغة العربيّة كفيلة بتوفير ذلك وتعميم الفائدة. فإذا برزت صعوبات فإنّها تذلل بالتجربة وتحدّ بالممارسة. وثانيها أن تعمل على فتح مجال للحوار الجاد الرصين في القضايا الاجتماعيّة ذات الاهتمام المشترك، وهي القضايا التي تحدد حاضرنا ومستقبلنا جميعا. فمن أجل ذلك كان الخوض فيها من حقّ الجميع بل هو واجب أيضا. وفي عصر المعلومات والعولمة والقنوات الفضائيّة عابرة القارات والمبادلات الالكترونيّة الحينيّة لم يعد من خيار سوى مواجهة القضايا الاجتماعيّة بالتحليل والتفكير والتعمّق. مراهنين على العقل التونسي ليحتفظ بتوازنه واعتداله ويتحفّظ على كلّ أشكال التطرّف التي تزداد انتشارا في العالم وتتخذ أشكالا شتّى وتخترق كلّ الأسوار. وثالثها أن تفتح جسر التواصل بين الجامعة والمجتمع كي تخرج الأبحاث العلميّة من غبار المكتبات المتخصصة إلى غمار الحياة اليوميّة. فالجامعة خزّان أفكار للمجتمع وهي لا تدّعي أنّها توجّه الناس أو ترشدهم لكن من وظائفها أن تخدم الرأي العام بأن تقدّم له ملخّصات الأبحاث العلميّة فتكون رصيدا ينطلق منه للتفكير والتأمّل حول القضايا الاجتماعيّة. ، وهل أفضل من الجامعة يعتمد عليه في تقديم المعطيات الموضوعيّة والمساهمة في توضيح صور الماضي واستشراف آفاق المستقبل ؟ أليس البحث العلمي جزءا من المجهود الوطني العام فهو يستفيد منه ويفيد ؟ تلك هي العلاقة الطبيعيّة الجديرة بمزيد الدعم والتشجيع كي يتواصل انفتاح الجامعة على المحيط بهذا المعنى الإيجابي الذي قصدنا. ولقد جسّمت الملفّات الجريئة التي خصصت لبعض القضايا الدينيّة في مجتمعنا مثالا جيّدا على ما نقول. فالقضايا الأكثر حساسيّة يمكن أن تطرح بهدوء وتعمّق فلا تثير الحزازات ولا تنزلق إلى المواقف الأيديولوجيّة السافرة أو المتخفية. وبذلك تعمّ الفائدة وينتفع بالمعرفة الجميع. وشتّان بين أسلوب الحجّة والحجاج وحوارات المشاكسة والعناد التي تحاكي صراعات الديكة فلا يخرج منها متابعها إلاّ بوجع الرأس من كثرة الصراخ وخواء المضمون. وكم نتمنّى أن يتفاعل بعض شبابنا مع تلك الملفّات كي يظلّ التديّن في مجتمعنا في الحدود المعقولة ولا ينزلق أحد إلى المزايدات التي لا طائل من ورائها. فليست المظاهر هي التي تحدد قوّة الإيمان. والأهمّ من ذلك أن يظلّ التديّن مرتبطا بالضمير الفردي ولا ينقلب إكراها أو تطرّفا. ولا أفضل لإقناع شبابنا وحمايته من كلّ انحراف من أن نخاطبه بالحجّة ونفتح أمامه فرص الاستماع والتفاعل والنقاش. وتلك بعض المهام الحقيقيّة الملقاة على عاتق الصحافة. فهي المدعوّة لمتابعة تطوّرات المجتمع والانتباه إلى حركاته وتعثّراته وتساؤلاته ومصادراته، فتبني فيه الرأي العام وتجعله متعوّدا على الحوار بدل تمسّك كلّ طرف فيه بما رسخ عنده من يقين والانسياق في معارك إيديولوجيّة زائفة تستنفد فيها طاقات بعض الشباب دون طائل. (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)  


الأستاذ سليم اللغماني:

منزلة بين المنزلتين، بين الإسلام والحداثة

الأستاذ سليم اللغماني أستاذ القانون الدولي وفلسفة القانون بكليّة العلوم القانونيّة بتونس. له مؤلّفات عديدة في فلسفة القانون. ولقد دفعته أبحاثه إلى التفكير بداية في التراث القانوني والكلامي والفلسفي الإسلامي عبر العصور فوجد نفسه كباحث وكمثقف وكمواطن في صلب النقاشات النظريّة التي شقت النخب العربيّة منذ بواكير عصر النهضة. وكانت عصارة تفكير الأستاذ سليم اللغماني كتابا في غاية الأهميّة أصدرته دار النشر المغربيّة  » Editions de Fennec  » في ديسمبر 2005 تحت عنوان  » le pensable et le possible  ». أين طور فيه الباحث أطروحة خاصّة أطلق عليها اسم المبدأ المعتزلي المشهور  »منزلة بين المنزلتين » ليتّخذ منه تمشيا منهجيّا للتفكير في إمكانات تحديث الثقافة الإسلاميّة دون قطيعة مع الذات ولا قطيعة مع العصر. حول هذه القضايا الجوهريّة في الفكر العربي الحديث كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذ سليم اللغماني: كيف تترجم عنوان كتابك  » Islam, le pensable et le possible إلى العربيّة ؟ طرحت مشكلة الترجمة فيما يخصّ مفهوم  » Le pensable  ». لم أرد أن أقول بهذا  »المفكّر فيه » لأننا عندما ندخل في المقابلة الأركونيّة (نسبة إلى المفكّر الجزائري محمد أركون) بين المفكّر فيه وغير المفكّر فيه.  » Le pensable  » يعني عندي ما يمكن أن نتصوّره، الإمكانات الفكريّة الموجودة والتي تجعل من الحداثة أمرا يمكن تصوّره في إطار فكر إسلامي. ما الفرق بين  »ما يمكن تصوّره » و  »الممكن » ؟  »ما يمكن تصوّره » شروطه فكريّة بينما  »الممكن » شروطه واقعيّة أي اجتماعيّة وسياسيّة وعالميّة. الإشكاليّة هي كيف يمكن للمفكّر أن يصل إلى فكرة الحداثة انطلاقا من التراث ثمّ ما هي العوائق التي تحول دون وصول الدول الإسلاميّة إلى الحداثة. هذا بصفة عامّة وإن كنت أهتمّ أكثر بالواقع التونسي والمغاربي لأنني أعتقد أنّ المغرب العربي الكبير قد قطع في مجال العقلانيّة شوطا لا يستهان به ويكفي أنّ نذكر على سبيل المثال فلاسفة كابن رشد وابن طفيل.. وهذا لم يشهده المشرق العربي بنفس الطريقة. الفلسفة في المشرق كانت عرفانيّة أكثر منها عقلانيّة. ما هي أطروحتك الأساسيّة في كتابك؟ ليس هنالك عائق  »جيني » (أي وراثي) لتحديث الدول العربيّة والإسلاميّة. ما أقصده بالجيني هو الثقافة. إنّه من الضروري تبيّن المعطيات التي تنحت العقل العربي ورأيي أنّ هذه المعطيات لا تحول دون الحداثة. لنركّز بصفة واقعيّة على العوائق الماديّة ونقلع عن التركيز المفرط فيه على العوائق الذاتيّة التي قد تمنعنا إلى الأبد من ولوج الحداثة. بالنسبة إليك لا وجود لعوائق جوهريّة في الثقافة العربيّة تعيق تحديث مجتمعاتنا… هذا هو موقفي. لاشكّ أنّ هنالك عملا فكريّا لابدّ من القيام به وهذا العمل لدينا الأدوات الفكريّة للقيام به من داخل المنظومة الإسلاميّة ذاتها. لابدّ في البداية من إعادة البناء لمنظومتنا الفكريّة على أسس جديدة. أنت لا توافق الأطروحة التي ترى أنّ هنالك خصوصيّة ثقافيّة تعيق تحديث المجتمعات الإسلاميّة ؟ قطعا، لا أقول هذا انطلاقا من منطلق فكري ضيّق، أي من تصوّري للإسلام وللثقافة الإسلاميّة، نقطة انطلاقي مختلفة تماما. الدين بصفته نصّا قابلا لعمليّة التأويل، بل كلّ نص، مفتوح للتأويل. ولابدّ أن نعي أنّ أيّ تصوّر للدين إنّما هو نتيجة لعمليّة التأويل هذه. نحن نعلم اليوم بالاستناد للألسنيّة الحديثة أنّ أيّ نصّ ليست له ماهية واحدة ومعنى واحد. فحتّى عندما يتراءى لنا أنّ معنى النصّ واضح فذلك أيضا نتيجة تأويله. منطلقي الفكري إذن لا يؤمن بتجوهر الثقافة العربيّة الإسلاميّة أي بأنّ لديها خصوصيّات ثابتة وواضحة وسرمديّة. منطلقي علمي ولكن قد يكون بنائي الفكري ليس علميّا… الذين يقولون بوجود عوائق ثقافيّة في المجتمعات الإسلاميّة لا ينطلقون، ضرورة، من تحديد ماهوي ثابت لهذه الثقافة. فالإشكال عند هؤلاء لا يكمن في الدين الإسلامي كدين بل في موقف وآراء ومعتقدات المسلمين، أي ثقافة المسلمين لا ثقافة الإسلام، هي التي قد تحول دون الحداثة. لقد لاحظت هذا في بعض ما يكتب ويبدو لي أنّ هذا الموقف مراوغ نوعا ما. لأنّ هذه الثقافة التي نقول عنها إنّها ليست قابلة للتحديث إنّما هي كذلك وليدة رؤية للنصّ، أي وليدة تأويل. عندما نقول إنّ الثقافة الإسلاميّة لا تقبل التحديث لسبب جوهري في هذه الثقافة، فأنت في الواقع تنظر من وراء هذه الثقافة إلى نصّ وتعتبر أنّ هذا النصّ يولّد تلك الثقافة. العائق ولاشكّ، بمعنى من المعاني، ثقافي لكن تلك الثقافة هي ثقافة نتجت عن تأويل. فالثقافة ليست وليدة للنصّ بل الثقافة هي التي تولّد النصّ… ثمّ إنّ سبب وجود تلك الثقافة ليس سببا جوهريّا بل تاريخي. لو نغيّر السؤال : هل إنّ تحديث المجتمعات العربيّة الإسلاميّة على النمط الصيني أو الهندي، ممكن الآن ؟ بمعنى نجاح تنمية اقتصاديّة كثيفة وكليّة في المجتمعات العربيّة دون توفير شروط ثقافيّة معيّنة. كان لي جدل ثريّ حول هذه النقطة بالذات بيني وبين زميلي علي المزغني، هو يؤمن بالدولة كأداة تحديث لكن الإشكال هو التالي : عندما تخفق الدولة في التحديث يتولّد عن ذلك اخفاق للحداثة كقيمة ويقع خلط عند الناس بين خطاب السلطة كسلطة وخطاب التحديث. التسلّط يعوق عمليّة التحديث نفسها. أظنّ أنّ المسألة بالأساس هي مسألة مجتمع مدني يعني ذلك أنّ التحوّل الثقافي لابدّ أن يقع في المجتمع المدني وهذا شرط للتحديث وهذا يفترض تصوّرا على مستوى التعليم وبرامجه -ولعلّ هذا هو الرّابط الوحيد بين الدولة والمجتمع في هذا المجال- ويفترض كذلك الحريّة في المجتمع. لو عدنا الآن إلى المثال الصيني أو الهندي. أنا عندي نقطة استفهام كبرى حول الصين : لاشكّ أنّ هذا البلد قطع خطوات كبرى في التحديث الاقتصادي، لكن بالنسبة إلى مستقبل الصين فهو غامض إلى حدّ كبير. هناك سيناريوهان : الأوّل، الصين قوّة عظمى تتحيّن الفرص للتربّع على عرش العالم وهذا هو التصوّر الغربي، لكن هذا التصوّر هو تصوّر قوّة دولة لاحداثة مجتمع وديمقراطيّة. أمّا السيناريو الثاني فلا أحد يعلم إلى ما ستفضي إليه التناقضات الصينيّة الصارخة بين شريط ساحلي شرقي شديد التطوّر ومناطق داخليّة مازالت ريفيّة وفقيرة. لكن لاشكّ أنّ الصين هي الآن بصدد تحديث اقتصادي لا نظير له في تاريخ البشريّة. وكلّ تحديث اقتصادي ينجرّ عنه تحديث ثقافي واجتماعي. بالنسبة إليّ المستقبل الصيني يبقى ضبابيّا. فكونها اليوم قوّة اقتصاديّة، هذا لا يجادل فيه أحد. أمّا كيف ستتمكّن من تجاوز تناقضاتها وأزماتها الداخليّة فهذا ما لا يمكن لي الإجابة عنه الآن. المثال الهندي مختلف تماما في رأيي، لأنّه على عكس الصين، الهند بصدد التطوّر والتنمية على أساس الاختلاف بين الثقافات والجهات لا نتيجة لمركزيّة الدولة كما هو الحال في الصين. ما قصدته من سؤالي هو أنّ الحداثة كانت في البداية أوروبيّة سواء بالجغرافيا أو بالقيم والأصول (أمريكا الشماليّة). أمّا اليوم فنحن نشاهد مناطق عديدة في العالم بصدد ولوج الحداثة : بالأمس كانت اليابان وكوريا الجنوبيّة واليوم الهند والصين والبرازيل. وبقي عالمان فقط بمنأى عن هذه السيرورة وهما إفريقيا السوداء والعالم العربي الإسلامي، فكيف تفسّر هذا الاستثناء ؟ هنالك في رأيي مستويان : الحداثة كقيم والحداثة كتقدّم مادي واقتصادي. السبب الأساسي في فشل العرب والمسلمين برأيي هو اجتماعي سياسي، وكذلك عدم توازن العلاقات الدوليّة بالنسبة إلى بلدان عديدة في الشرق الأوسط والتي لها مواقع استراتيجيّة في العالم اليوم. عندما استمع هذه الأسابيع الى أنّ القبائل والعشائر هي التي تعيّن المترشحين في الانتخابات، أقول: هنا الإشكال الحقيقي. إذ نحن امام استغلال المظهر الخارجي للحداثة السياسية (الانتخابات) في نمط اجتماعي ما قبل الحداثة… هذا مثال بسيط لكنه يبين ان التركيبة الاجتماعية لبعض الدول العربية في المشرق تركيبة قبلية تحول دون مشروع وطني للتحديث. هنالك تناقض اساسي بين التركيبة القبلية والتحديث الاقتصادي الذي يفترض وجود سوق وطنية. كيف يمكن ان نتصور سوقا وطنية والمجتمع مازال مؤسسا على القبيلة والعشيرة؟ واذا اضفنا الى هذا وجود دول المشرق العربي على مفترق الطرق العالمية، نصبح امام عائق خارجي للتحديث كذلك. عائق الحرية السياسية ليس محددا، لكنه يعين، ولا شك، على تحديث المجتمع. أنت ترى انني لم اذكر، بين كل هذه العوامل، عامل الدين او الثقافة لانني مقتنع أن الدين ، كدين، لا دخل له في العوامل التي اشرت اليها. عندما ندقق النظر في التصرفات اليومية للمواطنين العرب، يمكن ان نلحظ نوعا من العلمانية العادية. ولو ننظر للمعاملات الاقتصادية فاننا سوف نرى ان التصورات الدينية ليست محددة فيها. لقد انقسم الفكر العربي منذ ما يزيد عن القرن بين دعاة للعود الى الجذور مع الاستفادة من المظاهر الخارجية للحداثة الغربية ودعاة لنقد جذري لثقافتنا باعتبارها العائق الاساسي امام التحديث. ما هي الاطروحة التي تدافع عنها في كتابك؟ في هذا المجال ليس هنالك حقيقة واحدة ولسنا في باب الخطإ والصواب لاننا في مجال القيم. انا اقول بالمبدإ المعتزلي منزلة بين المنزلتين لأنني ارى ان له وجاهة منهجية. الاشكالية هي التالية: اذا اعتمدنا نظرية القطيعة مع التراث فستتحول هذه القطيعة الى قطيعة النخبة مع مجتمعها. واذا اعتمدنا مبدأ العود الى الماضي فسوف يؤدي ذلك الى قطيعة مع التاريخ. قطيعة مع ما يدور حولنا. هذا ما يمكن ملاحظته بكل بساطة. ما اريده هو تجاوز هذين الموقفين. التحديث مسألة حيوية للمجتمع ولا مناص منه ومن جهة اخرى ليس هناك عائق جيني يحول دوننا والتحديث. وككل خطاب يتأسس على مبدإ منزلة بين المنزلتين هو اقرب لاحد طرفي المعادلة. والواضح أن خطابي اقرب للحداثة منه الى مفهوم العودة الي الماضي. فموقفي تحديثي لكنه يحاول اجتناب قطيعتين: قطيعة النخبة مع مجتمعها، وقطيعة المجتمع مع عصره. اليس هذا هو موقف حركة الاصلاح العربية؟ صحيح المبدأ كان كذلك، لكن المنهج مختلف. الخطأ المنهجي الذي وقعت فيه حركة الاصلاح هو التمييز بين المجالات. ليس هنالك توفيق، على عكس ما يعتقد، بل هنالك تحديد اي مجالات لا تفتح مطلقا للحداثة ومجالات تفتح لها وكان التصور انذاك أنه لا علاقة بين هذه المجالات المختلفة. الاطروحة الجوهرية للفكر الاصلاحي هي التالية: كل ما هو مادى يمكن ان يحدّث أما كل ما هو روحاني وقيمي فلنتشبث به. فلنتشبث بأصولنا. هذا يؤدي، في بعض الاحيان، الى نتائج غريبة جدا. لو اخذنا مثلا القانون الدستوري نجد ان هنالك فصلا بين السلط واقرار مبدإ الانتخابات والتمثيلية . أمّا عندما نصل الى مفهوم السيادة كتأسيس للدولة فهنا ينتهي تدخل الحداثة ونعنى انه لا معنى للفصل بين السلط غير التمييز بين صاحب السيادة اي الشعب ومن يمارس السيادة يعني السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية. منهج الفصل بين الميادين ادى الى قطيعة بين مجالات يستحيل الفصل بينها فالمادي ينتج قيما وهي بدورها تتجسّد في أشكال مادية. هل انت من دعاة التحديث من الداخل الثقافي ام من دعاة تحديث الداخل الثقافي بأدوات الحداثة الغربية؟ أخيّر الصيغة الثانية اي التحديث بما افرزته الحداثة من ادوات فكرية كتصور للغة ولمفهوم التأويل والثقافة. لا يمكن تحديث الدّاخل انطلاقا من الداخل فقط. أين هي اذن المنزلة بين المنزلتين؟ هي بالرجوع الى ما يحتوي عليه تاريخنا من اسس للحداثة وكيف يمكن الكشف عنها بادوات الحداثة. يعني ان اميز مثلا بين التاريخ والتراث. لكي اصل الى هذه النتيجة بتبيان ان ما بقي حيا في ذاكرتنا، اي تراثنا، هو ليس كل تاريخنا وان الجانب النير قد وقع محوه من ذاكرتنا. كل هذه النتائج أصل اليها باستعمال الادوات الفكرية والمنهجية للحداثة. فللتّمييز بين التراث والتاريخ اي بين الذاكرة الحية والذاكرة المنسية لابد من الاعتماد على علم النفس وهذا هو ما اقصده بالادوات الفكرية والمنهجية للحداثة. فتحليل الواقع اجده في الحداثة لكن الاصول القيمية التي سأبني عليها عملية التحديث هي موجودة في تاريخنا . ألا توجد الاصول القيمية في الفكر الحداثي؟ هي موجودة في الفكر الحداثي منذ القرن السادس عشر. إذا كانت الأدوات الفكريّة والمبادئ القيميّة موجودة في الحداثة فأين هي، مرّة أخرى، المنزلة بين المنزلتين ؟ هدفي ليس الوصول إلى نقطة وسط هندسيّة بين التراث والحداثة. أنا أريد أن أقول إنّ قيم الحداثة ليست غريبة عنّا. في هذه المسألة بالذات يمكن أن نتحدّث عن منزلة بين المنزلتين. أنا أبحث في تراثنا عن قيم الحداثة كي نعيش التحديث كوعي بما يمكن أن تقدّم لنا الذاتيّة العربيّة الإسلاميّة لا كتغريب واغتراب. ألم يسع العديد من المثقفين العرب إلى القيام بهذا العمل منذ بواكير عصر النهضة ؟ السعي إلى التحديث من الداخل، بمناهج مختلفة، سعي قديم ومتواصل… لكن لابدّ من الإقرار بفشل هذا التوجّه. وأنا أقصد أنّ النخبة التحديثيّة العربيّة فشلت في تحويل نظريّاتها إلى أفكار عاديّة عند عامّة الناس. ونحن هنا أمام إشكال آخر وهو من يملك سلطة الخطاب في مجتمعاتنا ؟ المؤسسة الدينيّة التقليديّة هي التي تمتلك، في ربوعنا، سلطة الخطاب الديني. وهذه المؤسسة مازالت متشبّثة بتصوّر أشعري وأصولي للدين. والدولة العربيّة في عمومها، لها نفس الخطاب الأشعري في المجال الديني، وينتج عن ذلك أنّ النخبة التحديثيّة العربيّة لا تمتلك سلطة الخطاب وهذا هو السبب الرئيسي لتقوقع التيّار التحديثي العربي. كيف يمكن للتيّار التحديثي الحصول على سلطة الخطاب هذه ؟ هنالك طريقتان : الأولى طريقة الدولة والثانية هي طريقة المؤسسة الدينيّة وهذا هو عنوان كتابي : التحديث يمكن أن نتصوّره ( Pensable ) لكن هل يجعل هذا منه خيارا ممكنا ( Possible ) ؟ لقد كتبت بأنّ هذا الخيار ليس ممكنا اليوم لأنّ لا خطاب الدول ولا خطاب المؤسسة الدينيّة يسمحان بذلك. إنّ إعادة النظر في سلطة الخطاب الديني أو السياسي يتجاوز مجال التفكير النظري. ألم تنجح تركيا في هذا المضمار؟ إلى حدّ ما، إنّ الخروج من هذه الطريق المسدودة تاريخيّا يتمّ بإعادة النظر في الخطاب الديني نفسه. لقد تمكّنت تركيا من تجاوز الخطاب التقليدي الأصولي الأشعري دينيّا وسياسيّا، وهذا ما سمح بتحوّل تيّار سياسي أصولي إلى حدود ثمانينات القرن الماضي إلى تيّار إسلامي ديمقراطي لا كما يفهمه البعض عندنا بل على النمط الغربي للديمقراطيّة المسيحيّة. أنا لا أنكر وجود بعض البوادر في البلاد العربيّة لتغيير الخطاب الديني، لكن مقابل ذلك لابدّ من الإقرار بوجود نوع من الهروب إلى الإمام وأكبر دليل عليه النمو الملحوظ للخطاب الجهادي. هل يمكن أن نستخلص من كلامك أنّ مشروع المنزلة بين المنزلتين لن يصبح ممكنا في مجتمعاتنا إلاّ بحصول ثورة في المؤسسة الدينيّة ذاتها ؟ هذه قناعتي المطلقة. لو أخذنا المؤسسة الدينيّة المركزيّة في العالم العربي -الأزهر- نجدها قد أنتجت في نهاية القرن 19 محمد عبده، وهي تنتج اليوم متولي الشعراوي وأمثاله، فهل يدفعك هذا على التفاؤل ؟ لست متفائلا. العالم العربي في مأزق تاريخي ولا يمكن له تجاوزه إلاّ بطريقتين : بالدولة كسلطة أو بالمؤسسة الدينيّة أو بالإثنتين معا. أنا لا أرى أنّ المؤسسة الدينيّة هي بصدد الحراك اليوم، والدولة مازالت هشّة في العالم العربي ولا أراها رائدة لتحوّل ثقافي لأنّها قد تكون ضحيّته الأولى تماما كالمؤسسة الدينيّة. لابدّ إذن أن يتكاثر الأفراد المؤمنون بضرورة الخروج من هذه الطريق المسدودة. أنا لا أرى اليوم العوامل التي قد تدفع بمؤسسة ضخمة كالأزهر إلى تطوير خطابها، بل العكس هو الصواب تماما والأزهر قد نكص حتّى على أشعريّته فأصبح ينتج فقهاء لا علماء كلام. لو كانت الحداثة خارطة طريق للعالم العربي، فما هي برأيك الخطوات الأولى التي تجعل من ولوجها أمرا ممكنا ؟ الممكن، والذي لا يمكن طرحه جانبا، هو المرور بمرحلة تاريخيّة يسود فيها الخطاب الإسلامي الأصولي وهذا قد يجعل تجاوزه، في مرحلة لاحقة، أمرا ممكنا… عندما نرى نتيجة الانتخابات في فلسطين وبدرجة أقلّ في مصر لا يمكن لنا أن نسقط هذا السيناريو من حسابنا. أنت ترى أنّ وصول الخطاب الأصولي للحكم هو شرط تجاوزه؟ هذه إمكانيّة ولا يجوز للمحلل إهمالها. أمّا الإمكانيّة الثانية فهي نوع من الإصلاحيّة على المستوي الاقتصادي والثقافي، أي العمل على ترسيخ أركان الطبقات الوسطى بالمجتمعات العربيّة وتثقيفها. الطبقة الوسطى هي الركيزة الأساسيّة للحداثة بما هي تحرير الفرد فالطبقة الوسطى هي الحاملة للقيم الفرديّة وبالتالي بإمكانها حمل مشروع التحديث الثقافي وهذا يفترض دولة فاعلة تتجاوز الإشكالات الاجتماعيّة للتحديث الاقتصادي والتي أشرنا إليها في بداية حديثنا. وأنا لا أخفيك أنني لست متفائلا كثيرا بإمكانيّة نجاح هذا التمشّي الإصلاحي. ما يمكن أن يجمعنا هو بالأساس الخروج من حالة المحاصرة. لابدّ أن نتحادث ونتحاور كأطراف متساوية، فالتحديث الاقتصادي يمكن أن يجمع حوله النخبة العربيّة. ما يمكن أن يجمعنا هو تعريف لذاتنا تقبله الأغلبيّة : نحن عرب ومسلمون لكننا نعيش في القرن 21، أي نحن شعوب لها خصوصيّات ثقافيّة لكنّ هذه الخصوصيّات لا تمنعنا من الانخراط في الحداثة. خطاب كهذا يمكن أن يجمع جلّ النخب والمواطنين كذلك وهذا أمر ممكن تماما لأننا بذلك يمكن أن نخرج من عزلتنا النسبيّة عن العالم دون حرب أهليّة وذلك بحصول إجماع أو شبه إجماع حول أهداف لا حول أفكار ومعتقدات وهذا بطبيعة الحال يفترض إرادة سياسيّة وثقافيّة لبلورة هذه الأهداف المشتركة. لابدّ هنا من التنبيه بأنّ خطاب القطيعة والصراع موجود داخل نخبنا ومجتمعاتنا وهو خطاب خطير. ما هي أيسر السبل : أن يسعى العرب لولوج الحداثة وهم مجتمعون أم أن تسعى لها كلّ دولة على حدة؟ ما هو الهدف من وراء التحديث ؟ ما هو هدفي كمواطن تونسي ؟ أن أعيش في دولة كالنمسا أو سويسرا ؟ ليس هذا هدفي. هدفي أن أعيش في بلاد خرجت من الفقر وتتيسّر فيها سبل الحياة لأغلب النّاس. هدفي ليس هو الحصول على عناصر القوّة والغلبة كما مازال يحلم بذلك العديد من العرب والمسلمين. لأنّ هذا الهدف اليوم هو عائق أمام التحديث لا مساعد عليه. الهدف من التحديث هو العيش في مجتمع متماسك توحده قيم مشتركة ويكون أفراده متحابين وتجمع بينهم قواعد اللياقة والأدب. وهذا ما يكاد يكون مفقودا في مجتمعاتنا. إذا أردنا الوصول إلى العزّة والكرامة والقوّة فلابدّ أن نكون نحن العرب متّحدين. أمّا إذا كان هدفنا هو الوصول إلى مجتمع يحلو فيه العيش فالأيسر هو أنّ تسعى كلّ دولة لذلك منفردة. وهذا لا يعني البتّة الانغلاق ولا يتناقض مع البحث عن التكامل والتحاور بين الأفراد والمجموعات والدول. المهمّ هو أنّ المحدوديّة الديمغرافيّة والجغرافيّة لأيّة دولة ليست عائقا أمام الحداثة والعيش الكريم. زياد كريشان   (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)  


في مسؤوليّة المؤسسة الدينيّة

زياد كريشان   اللافت للانتباه هذه السنوات الأخيرة، وخاصّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، مركزيّة المسألة الدينيّة في الفكر والمجتمع العربيين. واللافت للانتباه كذلك تنامي الخطاب الأصولي المتطرّف -على الأقل ظاهريّا وعلى وسائل الإعلام وخاصّة منها الفضائيّات، وفي ذات الوقت التكاثر الهائل للندوات والملتقيات والكتب والدراسات التي تتحدث عن سماحة الإسلام ووسطيّته واعتداله… كيف نوفق بين هذا وذاك ؟ وكيف يتعايش هذا مع ذاك ؟ ! لا شكّ أنّ الظاهرة الدينيّة بصفة عامّة -وأيّا كان الدين- تُصْحب عادة على هامشها بنوع من التطرّف والغلوّ، وهذا لم تسلم منه أيّة حضارة… إذن لا غرابة أن يوجد اليوم تطرّف ينتسب للإسلام. الغريب هو أن يكون الغلو القاعدة العامّة في التفكير، والاعتدال استثناء. ولابدّ أن نشير كذلك إلى أنّ مجتمع الصورة المعولم يبرز الهامشي والمغالي لأنّه الأكثر إثارة وتأثيرا على نفوس وأذهان المتفرجين وهذا ما قد يعطي صورة مغلوطة عن حقيقة موازين القوى في الواقع. لكن مع كلّ هذا لا يمكن ألاّ نقف على الحيّز الإعلامي والاجتماعي المتزايد الذي يحظى به التطرّف في بلاد عربيّة عديدة ويبدو لنا أنّ للمؤسسة الدينيّة الرسميّة دورا ما في انتشار التطرّف والغلو… كيف هذا ؟ من نافل القول التذكير بأنّ الإسلام السنّي (أي 90 بالمائة من الإسلام العربي) لم يعرف في تاريخه مؤسسة شبيهة بالكنيسة، على عكس الإسلام الشيعي. لكن هذا لا يعني أنّ سلطة الخطاب والتأويل الدينيين هي متاحة للجميع في العالم السّنّي. صحيح أنّنا لم نعرف الكهنوت، لكن العالم، وخاصّة الفقيه، كان هو المتكلم والمؤوّل للنصوص المقدّسة بما يجعل منه المشرّع الدنيوي الاجتماعي للحلال والحرام ولكل حكم معياري ديني في السلوك اليومي للمسلم. لقد تحوّل العالم الفقيه في الإسلام السني تدريجيّا إلى مؤسسة وأصبح الفقهاء فئة اجتماعيّة تملك سلطة الخطاب الديني ولا ينازعهم في ذلك أحد، وحتّى السلطان الذي لم يكن يحضع لهذه السلطة، لم يسع مطلقا لافتكاك شرعيّة الحديث باسم الدين من هذه الفئة بل عمد، في الأغلب الاعمّ، على توظيفها لتشريع حكمه ليس إلاّ. خلاصة القول إنّ الإسلام السني عرف منذ بدايات الدعوة الإسلاميّة مؤسسة دينيّة رسميّة وأصبحت هذه المدرسة مهيمنة خاصّة بعد أن انتصر خلفاء بني العبّاس للمدرسة الفقهيّة الممثلة في الإمام أحمد بن حنبل على حساب علم الكلام العقلاني والذي كان المعتزلة أبرز دعاته وأعلامه. لابدّ من التذكير بهذا لأنّ المؤسسة الدينيّة السنيّة بقيت منذ ذلك الحين وفيّة لنشأتها الفقهيّة المحافظة ومرتابة -في الأغلب الأعمّ- من كلّ تمش عقلاني وهي لذلك عادت الفلسفة والتصوّف الفلسفي كذلك. فلا غرابة أن نجدها، بصفة عامّة، مناهضة للتجديد الفكري قديما وحديثا لكن المؤسسة الدينيّة لم تنخرط كذلك في الغلو السني القديم الذي كانت تمثّله المدرسة السلفيّة ورائدها الأوّل ابن تيميّة… لقد بقيت السلفيّة كصرخة في واد ولم تجد من يتلقفها أو يرعاها إلى حدود النصف الثاني من القرن العشرين. ولابدّ أن نذكر أنّ النقد الأساسي الذي كانت توجهه الحركات الأصوليّة للمؤسسة الدينيّة الرسميّة هو عدم تبنيها للفكر السلفي ولا غور كذلك أن يكون ابن تيميّة الكاتب الإسلامي القديم الأكثر مقروئيّة بين أتباع الحركة الأصوليّة. هنالك عوامل عديدة ومعقّدة جعلت من الإسلام الرسمي في عديد الدول العربيّة يقترب كثيرا هذا العقود الأخيرة من الفكر السلفي إلى درجة أنّه لم يعد هنالك فوارق إيديولوجيّة مهمّة بين كبرى الحركات الأصوليّة في العالم العربي (الأخوان المسلمون) وأهمّ الجامعات والمراكز الإسلاميّة الرسميّة كالأزهر وغيره. فالوسطيّة والاعتدال اللذان كثيرا ما نسمع عنهما إنّما هما في النهاية المحصّلة الفكريّة للتقارب بين الحركات الأصوليّة السلفيّة والمؤسسة الدينيّة الرسميّة، وهذا يعني أنّ علماء الدين السنّة اليوم لم يعودوا حصنا منيعا ضدّ التطرّف الفكري بل في حالات عديدة، دعاة له وإن كانوا يستنكفون من التبعات السياسيّة للغلو الفكري. وهذا ما يدفع جميع المهتمين بمآل ومصير الفكر والثقافة الإسلاميين إلى أن نعيد النظر بصفة جديّة في الدور المناط بعهدة المؤسسة الدينيّة الرسميّة إذ بيّنت التجربة التي لعب ويلعب فيها الدين دورا جوهريّا أنّه لا تحديث للفكر والثقافة والحياة الاجتماعيّة دون تحديث المؤسسة الدينيّة الرسميّة. ونحن نعتقد أنّه بإمكان المؤسسة الدينيّة المغاربيّة أن تلعب دورا مهمّا في هذا المجال شريطة أن تعيد النظر بعمق وجديّة في طرق التكوين والتدريس وفي المعارف المطلوبة من خرّيجي الكليات والجامعات الإسلاميّة حتّى يستعيد علماء الفقه المشعل الذي حمله علماء أفذاذ من قبلهم كالإمام محمد عبده والفاضل بن عاشور وعلالة الفاسي. (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)  


وُجُـوه: هشـام جعيـط

رضا الملولي   -1- – العقلانيّة ضروريّة، وهي مكسب شريطة أن تكون رحبة وغير جافّة تريد الإقصاء. – صار الإنسان كئيبا في كلّ الرقاع الثقافيّة بما في ذلك الولايات المتّحدة الأمريكيّة، كلّ ذلك بفعل الإقصاء الذي أتت به الليبراليّة وستزيد الهوّة اتّساعا مستقبلا. – الدولة القطريّة ليس لها السند الكافي لكي نعطيها ولاءنا تماما لأنّ هذه الدولة سلطويّة وفي بعض الأحيان تكون دينيّة، وهي إذا لم تقمع المثقّف، تقمع حريّة الكلمة باسم حداثة أخرى، حداثة مظلمة هي حداثة سلطويّة الدولة ! – أرجو أن نتخلّص من الأعداء الوهميين والحقيقيين ليعود إلينا الوعي ونحقق ذواتنا والحدّ الأدنى من السعادة الإنسانيّة، ومن جوانب هذا الحدّ الأدنى -وهو الأساس- تحرير الفرد لأنّ فلسفة المشروع الديمقراطي قائمة عليه. -2- هذه بعض آراء الدكتور هشام جعيط، من خلال حوارات عديدة أجريتها معه، في منازل عديدة كان يقطنها على وجه الكراء : في المرسى، سيدي بوسعيد وآخرها في حيّ الحكّام بمدخل مدينة المرسى، آخر شارع قبالة مقرّ السفير الانقليزي. قامة فكريّة مديدة، يحلو التحدّث إليها ومساءلتها عن أزمة الضمير والكيان العربي المغدور في تراثه وفي مستقبله. يستقبلك بترحاب مشوب بالحذر، خصوصا إذا كنت تزوره لأوّل مرّة، لكن عند التعارف والجوار الروحي والفكري الذي يمتدّ لسنوات طويلة، تنتفي الكلفة وتكتشف في هشام جعيط الوداعة والشغف بالمعرفة التاريخيّة التي يعتبرها أم المعارف. -3- في حوار معه، لا أتذكّر تاريخه بالضبط، كان يقطن بمنزل مجاور لسكّة قطار الأحواز الشماليّة وأثناء تسجيل اللقاء مرّ القطار فجأة فاهتزّ المنزل وخلت الأمر متمثلا في رجّة أرضيّة فانتفضت مذعورا ولم يحرّك الدكتور هشام ساكنا، بل انتابته نوبة من الضحك، أصبحت بعد فهمي لما حصل نوبة مشتركة. -4- جمعتنا زيارة إلى بغداد المحتلّة أيّام الحرب العراقيّة الإيرانيّة، لحظتها كان الوفد التونسي ضخما، إضافة إلى وفود عربيّة عديدة.  »أبو يعرب المرزوقي كان موجودا، المنجي الصيّادي الذي كان يدغدغه الأستاذ هشام بأسئلة متّصلة بالترجمة ودورها الحيوي في إحداث التقارب بين الثقافات والشعوب. الإخوة العراقيون أرادوا منّا زيارة البصرة، وامتطاء القطار اللّيليّ لكن في آخر لحظة ولكثافة القصف الإيراني الذي مسّ مدينة بغداد كذلك ألغيت زيارة البصرة وعوّضت في الصّباح بمدينة بابل الأثريّة. وزّع العراقيّون على الجميع بدلات عسكريّة لا ينقصها إلاّ الحذاء، يومها رفض هشام جعيط ارتداء اللّباس العسكري وعند تجوّلنا في أرجاء بابل الأثريّة : المسرح والجنان المعلّقة والمسلّة والباب الأثري كان رجل التاريخ يتأمّل الأرجاء باحثا عن عمق التكوين وما خلّفه البشر من مآثر، دمّرها الاستعمار الأمريكي بالطول وبالعرض. وأمام باب المدينة الأثري، تشبّثت بصورة للذكرى مع حفيد آل جعيّط،مازلت أحتفظ بها إلى اليوم ووشحت بها مدخل كتابي في الحداثة والتقدّم. -5- تمتّنت علاقتي بالدكتور هشام وأصبحت أزوره باستمرار لتصيّد جديده أو لأخذ رأيه في مسألة شائكة، سياسيّة أو تاريخيّة. أحيانا أحسّ بأنّه انعزل عن المحيط الخارجي فأتحيّن الفرصة المناسبة لاقناعه بوجوب التنقل إلى هذه المدينة أو تلك لإلقاء محاضرة أو لحضور حفل تكريمي على شرفه. أحمله في سيّارتي وكانت وجهتُنا مدنا داخليّة عديدة، القلعة الكبرى، كليّة الآداب بالقيروان، مدينة سوسة. -6- عند صدور كتابه بالفرنسيّة عن الفتنة الكبرى، نظّمت لقاء كبيرا بمقرّ اتّحاد الكتّاب التونسيين. وقدّم الكتاب أستاذي الرّاحل الذي بكيناه بمرارة الدكتور سعد غراب. يومها غصّ مقرّ الاتّحاد.. لكن اللقاء الذي نظّمته مع هشام جعيط -منذ سنين قليلة بفندق قصر الشرق- كان الأوفى للرجل ولقيمته الفكريّة حيث فاق عدد الحاضرين الألف وكان يوما استثنائيّا بكلّ المقاييس على صعيد نوعيّة الحاضرين أو على مستوى ما قيل يومها حول الإسلام المبكّر وشخصيّة الرّسول العربي. -7- عند دخول الجيش العراقي للكويت ترأّس هشام جعيّط لجنة أعتبرها خارج التاريخ والجغرافيا معا… يومها صرّح جعيط -وياليته ما فعل- أنّ تاريخا جديدا سيكتب وصفّق الشوفينيّون من كلّ الأنواع والأرهاط للرّجل لا احتراما لموقفه بل تكريسا لمنطق مغلوط، جلب الوبال لأنبل فكرة عرفها التاريخ العربيّ فكرة الوحدة العربيّة التي داسها ونكّل بها من يتظاهرون بالاستماتة في الدّفاع عنها! (المصدر: مجلة « حقائق » التونسية، العدد 5 بتاريخ 19 جوان 2006)  


الروائي التونسي كمال الرياحي لـ «الراية»:

** القارىء العربي يحتاج إلى صدمات كهربائية تدفعه للحركة! ** الحرية شرط أساسي للإبداع الذي يستحق أن يكون إبداعا بالفعل

تونس – الراية – إشراف بن مراد عن دار الجنوب للنشر وضمن سلسلة عيون المعاصرة التي يشرف عليها الناقد توفيق بكار، صدر مؤخرا للناقد والروائي التونسي كمال الرياحي رواية بعنوان « المشرط « التي قال عنها البعض إنها « رواية خطيرة » واعتبرها البعض الآخر « انجيل المهمشين ».إذ أن المشرط على حد تعبير آمال البجاوي يجسد  » قلم الروائي كمال الرياحي يمزّق به وقار المعهود ويصدم به رصانة كاذبة للمألوف, مشرط يشهره في وجه المجتمع الخامل والبشر النائمين بعيون مفتوحة غير أنها لا ترى. مشرط يلمع في وضح النهار ليبدّد سكينة الليل وما أخفى …فإذا لمعانه يٌعشي الأبصار .ونذكّر أنه كان قد صدر لكمال الرياحي عديد الدراسات النقدية والأعمال القصصية منها « نوارس الذاكرة »، »سرق وجهي » و »حركة السرد الروائي ومناخاته ».
عن رواية المشرط وغيرها من قضايا المشهد الثقافي التونسي والعربي ، تحدثنا مع الناقد والروائي كمال الرياحي فكان الحوار التالي: ** صدرت لك مؤخرا « رواية المشرط » التي رمت من خلالها كشف المستور وهو ما يتضح من خلال العنوان.هل تعتقد أن القارئ التونسي بصفة خاصة والعربي عموما بحاجة إلى كل تلك الحدة والصدمة التي سببتها له الرواية؟ -بالفعل القارئ العربي يحتاج إلى أكثر من ذلك ،إنه يحتاج إلى صدمات كهربائية وكهرروائية وكهر إبداعية ليتعرف على ذاته من جديد ولذلك ظهرت بعد نكسة 1967 مجموعة من الروايات تعيد النظر في الهوية والذات العربية.واليوم نحن نمر بفترة انتقالية أخرى فنحن لم نمرّ بعد 1967 لم نمر بنكسة فعلية إلا بعد 11 سبتمبر 2001 .لذلك فان المجتمعات العربية قد تغيرت ودخلت في دوامة جديدة من الانهزامية ومن المأساة التي يعيشها الوطن العربي بشكل عام والمواطن العربي بشكل خاص. لذلك كانت رواية المشرط منطلقة من هذا الجوّ السريالي الكفكاوي الذي نعيشه يوما بيوم. ** لقد نجحت رواية »المشرط » في تعرية الواقع التونسي من كل الأقنعة.لكن ألا ترى أنها جاءت موغلة في المحلية وكأنك كتبتها ليقرأها التونسي لا غير؟ -أنت هنا تفتحين موضوعا خطيرا جدا وهو ما معنى المحلية والعالمية. المسألة لا تطرح من هذا الجانب بل بالعكس تماما وكما يقول أحد عمالقة الرواية العالمية : »أنا أكون عالميا بقدر ما أكتب عن قريتي ». لذلك فليس صحيحا أن هذه المناخات التونسية بعيدة عن القارئ العربي. إن مهمة الكاتب التونسي أن ينقل مناخاته التونسية للقارئ أينما كان وحتى لا تكون الأعمال والروايات مستنسخة من بعضها فلا بد أن تنبت روايتي في بيئتها وفي مناخها. أما مسألة تعرية الواقع التونسي فأنا أعتقد أن همّ الرواية ليس بالأساس التعرية ،ربما الموضوع هو الذي استدعى ذلك وتطلب تلك الجرأة في الطرح. ربما أردت القول إنه إذا كان المجتمع التونسي الذي يعد من بين أكثر المجتمعات العربية حداثة،يعيش هذه المشاكل فما بالك بالمجتمعات العربية الأخرى. ** إلى أى مدى كان كمال الرياحي حرا في كتابة المشرط ؟أي إلى أي مدى خضت في ما يسمى « المسكوت عنه »؟ -طبعا ،الحرية هي شرط أساسي في الإبداع إذ لا إبداع دون حرية لذلك كتبت الرواية بقدر كبير من الحرية على مستويات كثيرة:لقد حاولت التخلص من كل التابواتtaboux  الممكنة أي من المحرمات والمقدسات الزائفة التي تحيط بالمبدع . طبعا هناك مقدسات لا سبيل إلى هتكها.لكني حاولت في الرواية وبأسلوبي المتهكّم السخرية من العقليات المتحجرة والأوضاع السياسية العربية المضحكة التي نعيشها ومن وضع الإعلام العربي… لذا كان هناك قسط من الحرية. ربما لو توفرت حرية أكبر، لغصنا في أعماق أخرى أكثر جرأة من هذا.وهذا هو المطلوب من الرواية أن تكون جريئة في مستوى طرحها الفني قبل أن تطرح المسالة الإيديولوجية. لقد خرجنا من مستوى الرواية باعتبارها حكاية مغامرة إلى الرواية باعتبارها مغامرة كتابة.إذ لم نعد نكتب للمغامرة بل أصبحنا نغامر في الكتابة على المستوى الفني.أما على المستوى الإيديولوجي، فأنا ضدّ الكتابة التي لا تقول شيئا وأرى أنه ليست هناك كتابة بيضاء بالمعنى المائع لذلك لا بد للكاتب أن يقول شيئا وأن يكون له موقف من واقعه وعصره وأن يعبر عن ألم الجماهير وتطلعاتها.على أن لا يتحول الخطاب الإبداعي إلى خطاب سياسي أو إيديولوجي. ** اعتمدت في « المشرط » مجموعة من الرموز مثل » المخاخ »، » شجرة الخروب »، » الهدهد « ، »المرأة »،  « ابن خلدون »..لكن ألا تلاحظ أن مشرطك قد توجه بالدرجة الأولى إلى المرأة وكأنك تحملّها مسؤولية ما حصل للمجتمع وهوانه؟ -بالعكس تماما ، فأنا أرى أن المرأة العربية بشكل عام منتهكة الحقوق. رغم أنها في بعض مجتمعاتنا ربما تكون قد تحصلت على بعض الحقوق إلا أنها أفقدتها هويتها الحقيقية لأنها ركضت وراء حقوق وهمية .أما القول إن الرواية كانت ضد المرأة فلا أعتقد ذلك، بل بالعكس لقد حاولت أن أبيّن أن المرأة هي الضحية الأولى لهذه المجتمعات الذكورية. لقد تحدثت مثلا عن الهزيمة في صورة امرأة مومس تحولت إلى محاكمة هذه المجتمعات وهؤلاء السياسيين.وفي الجزء الخاص بالمخاخ كانت المرأة ضحية في النهاية وكانت تستعبد بالإنجاب..وهذا واقع المرأة في المجتمعات العربية .وكما قلت فان الرواية ليست تونسية بمعنى « التونسية القحة « التي يمكن أن تعوق المحلّية انتشارها أو أن تفهم خارج مجالها. وإنما هي منفتحة عن المشهد الاجتماعي العربي لذلك فصورة المرأة في المخاخ هي صورة المرأة في المشرق وليست صورة المرأة في تونس.ومع ذلك أعتقد أن المجتمع العربي هو مجتمع واحد يعاني من نفس المشاكل .فالمرأة في القرى التونسية مثلا مازالت تعاني من الحس الذكوري بامتياز. ** قلت إن المرأة قد ركضت وراء حقوق وهمية.فماهي حسب رأيك الحقوق الحقيقية التي لم تطالب بها المرأة بعد؟ -أعتقد أن المرأة قد سقطت في الفخ الذي نصبه لها الرجل الذي أوهمها بأن هذا الذي تحصلت عليه هو حقوقها. في حين أنها في المقابل أهملت هويتها وكيانها فأصبحت المرأة كما نرى اليوم في الفضائيات والمجلات مجرد فتاة إشهار.وهذا ما أفقدها هويتها الحقيقية بصفتها إنسانا. لذلك فالرجل يغدق عليها هذه الحريات لتتحرر في خروجها وسفورها. ولكن لسائل أن يسأل لصالح من؟ في الحقيقة انه لصالح الرجل الفخور بحسه الذكوري الذي يريد أن يستمتع بالمرأة في مشهده، في واقعه في الإعلام، في التلفزيون…وهو ما جعل المرأة تسقط أسيرة جمالها الذي صنعته عين الرجل.  في حين أن جمال المرأة أكبر من تعرية جسدها في الفضائيات .لقد أصبحت بناتنا وأخواتنا في العالم العربي اليوم يحلمن بأن يكن مجرد عارضات أزياء أو مجرد إكسسوارات في فيديو كليب.وهو ما يعد إهانة لهوية المرأة الحقيقية التي لا بد أن تشارك الرجل وان تكون ندا له في العلم والأدب والمعرفة.وهنا أفتح معقفين للحديث عما يسمى بالأدب النسائي مثلا:لقد سقطت الرواية النسائية في الحس الذكوري للآخر فأصبحت المرأة وكأنها تستعير قلم الرجل لتكتب ما يريده وسقطت في ما يسمى بالشهرزادية لأن شهرزاد كانت تروي ما يريده شهريار. ** على ذكر ما يسمى بالرواية النسائية أو الرواية النسوية ،مازال هناك جدل هل هي الرواية التي تكتبها المرأة أم هي الرواية التي تتحدث عن قضايا المرأة.كيف تنظرون إلى هذه المسألة.؟ -طبعا،هناك مشكل مصطلحي كبير لم يحسم في الغرب فما بالك في الشرق .ويبقى السؤال مطروحا هل الرواية التي تكتبها المرأة هي رواية إمرأة فعلا؟ وهنا أعود إلى النقطة الأولى وهي أن المرأة كتبت رواية بانتظارات الرجل أو أنها كانت متطرفة فضحّت بإبداعها من أجل أن تتحول إلى مناضلة في حقوق الإنسان وحقوق المرأة. وهذا ما سقطت فيه نوال السعداوي ومشتقاتها.فالمستوى الفني ينزل ويتصاغر كثيرا عندما يصبح الهاجس هاجسا تحرريا ونضاليا وفي المقابل هناك بعض الكاتبات اللواتي جعلن من هتك المستور وسيلتهن للشهرة وهؤلاء كثيرات في العالم العربي ويطبل ويزمر لهن النقاد الرجال لمزيد تفشي هذه الظاهرة لأنها تبقى في صالحهم في النهاية عندما يقارن كتاب المرأة بكتاب الرجل.فتظهر عيوب هذه الكتابات الجديدة حتى أن المرأة غالبا ما تلتجىء للرجل ليقدم لها ما تكتب وهذا ما يؤكد أن المرأة مازالت تحس أنها بحاجة إلى الرجل أي في حاجة إلى التأشيرة الذكورية .وحتى لا نكون متحاملين على كتابة المرأة ، هناك من لهن أقلام محترمة ويكتبن على مستوى راق أفضل بكثير مما يحبر الرجال العرب. ** لقد اهتممت في » المشرط » بمجموعة من الشخصيات، قلت إنهم من المهمشين.لماذا هذا الاختيار؟ ولماذا اعتمدت على الفوضى كتقنية لكتابة الرواية؟ -أعتقد أن النظام يكمن في الفوضى وأنا ضد النظام في معانيه المختلفة .فالمبدع عادة هو ضد أي نظام يمكن أن يحاصره في العالم إيديولوجيا كان أو سياسيا أو فنيا..لذلك فهو بدّاع من بدّع وابتدع أي خرق ما هو موجود .وبالتالي أعتقد أن الفوضى كانت جمالية في الرواية، فوضى على مستويات عالم الفوضى بجماليته وبنظامه المحبوك على مستوى فني جيد أخذ مني وقتا . أما بالنسبة للمهمشين،فأنا اعتقد أن العالم العربي برمته هو عالم المهمشين :نحن مهمشون في هذا العالم.إضافة إلى أن المجتمعات العربية هي مجتمعات مهمشة من الداخل حيث نسبة التهميش فيها كبيرة في حين أن نسبة النخبة فيها مازالت صغيرة جدا. والباقي يعيش في فقر مدقع في الحواري والشوارع وفي قرى مسكوت عنها وهذا ما أشرت إليه إذ أن إحدى القرى التي تحدثت عنها تصوروها في تونس قرية عجائبية وغير موجودة.في حين أنها موجودة باسمها الذي ذكرت. إذن هذه هي الفضاءات الهامشية كما أن الهامشيين هم صناع الحضارة والمجتمعات.فأهم الكتاب خرجوا من الهامش وتناولوا الهامش كـ « جون جيني » و »هنري ميلر » وبول بولز الأمريكي الذي اشتغل على الهامش وجاء إلى المغرب ليعيش مع المهمشين.  أنا لا أقول ولا أدعي أني أول من اهتم بالهامش ولكن الهامشي يبقى ثريا جدا لأن الطبقات الثرية والراقية لا تهمك إلا نكدا .واعتقد أن شخصية الهامشي هي الشخصية المؤهلة لأن تكون شخصية روائية لأنها شخصية مركبة ومشحونة وكثيرة العمق. ** إلى أي مدى استطاع الرياحي الروائي أن يستفيد من أدواته النقدية؟ والى أي مدى يمكن لتطور الحركة النقدية أن يساهم في تطور الاتجاه الإبداعي؟ – لقد بدأت رحلتي مع الإبداع وقبل أن أخوض في النقد فقد نشرت مؤلفاتي القصصية قبل أن أدخل عالم النّقد. وهنا أطرح سؤالا هاما هل الناقد يمكن ومن الطبيعي أن يتحول إلى مبدع عندما يمتلك آليات الكتابة الروائية أو القصصية أو الشعرية؟؟ هذا طبعا مستحيل وضرب من الغباء لو يرتكبه الناقد وللأسف لقد ارتكبه بعض النقاد العرب. وبينوا فشلهم وخسروا قراءهم في جهة النقد الذي اشتهروا به لان الإبداع لا يتعلم في المدارس أو في الكليات.لذلك فالمعرفة النقدية بالأدوات السردية لا يمكن أن تخلق منك مبدعا ، ربما قد تخلق منك مدرسا وتبقى قارئا للرواية لكن لا يمكن أن تخلق منك روائيا أو شاعرا… لكن هذا لا يعني أن كل من جرّب النقد سيحول ذلك دون أن يرتكب الإبداع إذا ما كان بالفعل مبدعا واعتقد أن بدايتي كانت مع الإبداع ومعرفتي بتقنيات الكتابة السردية لا يمكن أن تؤثر إلا ايجابيا لأنك ستحاسب نفسك انطلاقا من هذه المعرفة بهذه المناخات والكتابات لتسأل نفسك أكثر من مرة عكس المبدع الجاهل بتقنيات الكتابة :وسيبقى هاجسك متعلقا بماذا ستضيف إلى هذا الكم الذي قرأت؟ وكيف ستغامر باسمك الذي ربما قد صنعته بعد جهد كبير في مجال النقد لتدخل مجالا آخر ستحاسب عليه أكثر من غيرك؟ نعم، لقد استفدت من معارفي النقدية ولكن لو نقلب السؤال بطريقة أخرى لماذا نسأل نحن عن جرم الإبداع ونحن بدأنا مبدعين؟ ولماذا لا نسأل « المبدعين » لماذا يكتبون النقد؟ أحيانا نقرأ مقالات سخيفة لبعض المبدعين لو اكتفوا بنصوصهم الإبداعية وسكتوا لكان أفضل لهم لأنهم غير مطلعين بتاتا على الإبداع ويريدون أن ينظروا له.  ** يقول أدونيس إن الجزع ينتابه مما يسمى أدب الواقع الزائف الذي انتشر هذه الأيام إذ أن الأدب الحقيقي في رأيه هو كشف واستبصار.ماهو مفهومك لأدب الواقع؟ وهل يمكن أن نصنف المشرط ضمن أدب الواقع؟ -طبعا مع احترامي الكبير لادونيس الذي أعشقه من دون بقية الشعراء العرب وقد وظفت في روايتي مقطعين من قصيدتين له . لكن أعتبر أن هذا القول جاء في سياق خاص بأدونيس لان الإبداع لا يمكن أن يتخلص من الواقع بتاتا إنما هو يبقى في جزء منه انعكاسا له . لكن كيف يمكن أن تحول هذا الواقع اليومي الذي نراه جميعا إلى عمل إبداعي؟  بالفعل الأدب اكتشاف وكشف واستبصار :كشف عما يجري في الواقع واستبصار له بطريقة فنية أدبية راقية لذلك فان الواقع هو الأصل وهو اللبنة الأولى للتخييل . إذ أني لم أر طائرا يطير هكذا مباشرة في السماء قبل أن ينطلق من الأرض إلى السماء. فأدونيس كان أيضا ينطلق من واقعه في أكثر من قصيدة ليجنّح بعيدا في الوجودية أو في غيرها،فحتى الفلسفات وغيرها كانت تنطلق من الواقع لتنظّر وإن كانت الفلسفة أحيانا تأتي لتفهم الواقع لا لتغيره. نحن أيضا لا نريد أن نغير الواقع فليست مهمتنا وإنما مهمة المبدع الكشف عن هذه الدمامل الموجودة في الواقع والإشارة إلى إمكانية وجود مشرط ما لاقتلاعها. **هل تعتبر أن الرواية العربية قد نجحت حقا في مقاربة الواقع خاصة وأن هناك من يرى أنها قد حققت التراكم النصي وعرفت تجديدا في مستوى الأسلوب وأيضا في مستوى مقاربتها للقضايا الراهنة؟ -ربما مازال الواقع العربي بكرا لم يفض المبدعون بكارته بعد، لذلك مازال الروائي العربي أو المبدع يمسح على هذا الواقع دون أن يغوص فيه ويفجره من الداخل.لذلك تبقى بعض الكتابات عن الواقع كتابات سياحية أو كتابات نوستالجية nostalgie / كتابة حنين إلى هذا الواقع…إذ ليس هناك من يقارب هذا الواقع ويصارعه من الداخل. علاوة على أن بعض الكتاب قد سقطوا في الدعائية والسياحية وبعضهم سقط في النظرة الاستشراقية الغربية كأن يتناولوا الواقع ببؤس شديد وكشف مشبوه وكأنهم يريدون أن يقدموا النص الذي ينتظره الغرب لهذه المجتمعات البائسة. ويبقى الواقع حمّال أوجه وحمّال إبداع لان المبدع العربي مطالب بأن ينكب على واقعه عوض أن يحلق بعيدا في استنساخ نصوص عالمية مثلما نرى كل يوم:هناك نص وجودي سارتري وهناك نص عجائبي ماركيزي وهناك نصوص أخرى تشبه نصوص كلود سيمون وغيره..لذا نحن مطالبون بأن نكتب ذواتنا وهويتنا الثقافية وأن نكشف عما يجب أن نكشف عنه. ** كيف تقيم المشهد الثقافي الأدبي التونسي مقارنة بما يكتب عربيا، خاصة وان هناك من يقول إن للأدب التونسي سمة خاصة نتبينها مثلا من خلال كتابات علي الدوعاجي وغيره ؟ – لو بقي الأدب التونسي يكتب على طريقة علي الدوعاجي(هذا العملاق في السرد العربي والذي يعتبر مرحلة جنينية في تكون الرواية العربية) وبشير خريف لكان أدبا عالميا ولكن مأساة الأدب التونسي بدأت منذ بداية الثمانينات مع ثقل كتابات محمود المسعدي في تونس التي حولت وجهة الكتابة التونسية إلى وجهة بعيدة جدا عن المجتمع التونسي ومناخاته .وهو ما جعل الكثيرين يسقطون في استنساخ روايات المسعدي لسنوات وهذا لم يعطنا إلا تراكما ورقيا فارغا ، حتى أن المسعدي في يوم من الأيام قال لكاتب أعطاه كتابه ليبدي رأيه فيه: » كن نفسك » أي لا تستنسخني. ومع ذلك نلاحظ الآن أنه توجد صحوة وعودة إلى كتابات خريف والدوعاجي لأنها كانت تونسية بالفعل .إذن المشهد التونسي يعاني من بعض المعضلات التي تعوق انتشاره عربيا. وبصراحة العديد من الكتاب التونسيين لا يقرأون أصلا حتى أن بعضهم قال إن مهمتي أن أكتب وليس أن أقرا وهذه فضيحة كبرى.هناك من يقرا 1000 صفحة ليكتب صفحة واحدة ،وهناك من يكتب 1000 صفحة حتى لا يقرأ شيئا وعندما يقرأ فانه يطالع خبرا كتب عنه في الانترنت.إن المبدع الذي لا يقرأ لا يمكن أن يكون مبدعا . **هل يعني ذلك أن المشهد التونسي منفصل عن المشهد العربي؟ -هو منفصل بطبعه لأن الهواجس التونسية بعيدة في جزء منها خاصة في ما يخص الحريات وحقوق المرأة ، فهذه غير مطروحة في المجتمع التونسي على نحو شبيه بالطرح المشرقي حتى انه في زياراتي إلى بلدان المشرق أو حتى إلى الجزائر والمغرب أشعر أنني قد انتقلت من حضارة إلى حضارة أخرى وليس من بلد إلى بلد آخر.لا بد أن نعترف أن العقلية التونسية مختلفة وهنا لا أعني التفاضلية . هناك مبدعون كبار في تونس لا بد من تسليط الضوء على تجاربهم، بقي أن ما يصل إلى المشرق ربما يصل عن طريق علاقات شخصية وغيرها.كما نعاني في تونس من سيطرة لأشباه الكتاب على القطاع الإعلامي.وهذه كارثة كبرى وظاهرة متفشية تهدد المشهد الإبداعي برمته.فهناك من يكتشف فشله الذريع في عالم الصحافة فيتحول إلى كتابة الشعر بين لحظة وضحاها ويرجمنا بكم ورقي لا يصلح حتى كورق صحي. وبالتالي، فان هؤلاء الذين يسيطرون على الإعلام في تونس يحزّ في أنفسهم أن يظهر مبدع بينهم لذلك فهم يصرون على التطبيل إلى أشباههم ويعظمون من شأن أشباههم ولا أذيع سرا إن قلت إن بعض الكتاب التونسيين فروا إلى أماكن أخرى للكتابة لان المساحة المعطاة لهم داخل تونس بمنابرها الصغيرة أصبحت لا تليق بأقلامهم وهذا معروف والعديد من الكتاب التونسيين خيّروا أن ينتشروا في أرض الحبر الواسعة من خلال مجلات وصحف مشرقية أو غربية. ** فزت سنة 2005 بجائزة لديوان العرب ضمن المسابقة القصصية العربية في مصر . من تلك التجربة القصصية إلى هذه التجربة الروائية ما الذي تغير في قناعات كمال الرياحي الإبداعية؟ – أعتقد أنه على عكس ما يرى المفكر الكبير « علي حرب » من أن الهويات متحولة ونامية فربما جانب كبير من هذه الهوية يبقى ثابتا دائما وخاصة في ما يتعلق بالمبادىء التي تحدثت عنها ..إذ لم يبق لنا إلا أن نتمسك بمبادئنا التي ولدنا بها. والحقيقة أننا نحن أبناء الريف من الصعب جدا أن نخلع قناعاتنا الأولى، لذلك مازلت احمل الوعود التي قطعتها لقريتي على أكتافي وامضي في هذا التيه المديني.أما في مستوى الإبداع،فالجانب الإبداعي لا بد أن يتطور لأن الشخص ينمو في تصوراته، في رؤيته للعالم في ماذا يمكن أن يضيف.لقد بدأت في كتابة الشعر وصدر لي ديوان ولكني وجدت نفسي لا أضيف شيئا كبيرا حتى لا أقول شيئا لأن ما أكتبه لا يمكن أن يتصدر القائمات المحترمة الكبيرة. إلى جانب أن الشعر أصبح مثل الحمار القصير سهل الركوب في هذا الواقع العربي المرير.لذلك أعفيت المشهد التونسي والقارىء التونسي من شعري الذي قيل فيه في وقت من الأوقات إنه جيد وأنا لا أكتفي بعبارة جيد في ميدان ما .لقد وجدت نفسي أكثر في السرد والسرديات فخيرت أن أركز على هذا النوع من الكتابة بعد أن جربت قبله المسرح والرسم. إن الشخص مطالب بأن يراجع نفسه في نوعية الإضافة التي يحققها .ليس مهما أن نكتب فالمسألة ليست منبرية ،لقد سقطت مرحلة المنبريات الشعرية والكلام الفارغ. أصبحنا مطالبين بأن نكتب أدبا يخضع لشروط فنية.ومن ثم، أعتبر أن إضافتي ستكون في السرد. ** قبل أن نبتعد مرة أخرى عن المشرط ،ألا توافقني القول إنك قد صبغت بداية المشرط بنوع من السريالية ثم بعد ذلك وسمت الجزء الثاني بنوع من الواقعية.ألم تخف من أن لا يواصل القارىء قراءة الرواية؟ ألا يمكن أن يجعلها هذا التمشي رواية نخبوية لا يفهمها الجميع؟ -سانطلق من الجزء الثاني من السؤال حول نخبوية الرواية لأؤكد أنها بالفعل نخبوية فصحيح أنها ظهرت في حقل المهمشين لذلك سميت بـ »الرومون » roman نسبة إلى اللغة الرومانية(بتسكين الواو) وهي لغة المهمشين .لقد كانت الرواية في وقت من الأوقات عورة وكان ينظر إليها باعتبارها مفسدة للأخلاق وأفيون الشعوب ، لأجل ذلك حوربت الرواية ومازالت تحارب ولكن لأسباب أخرى…لقد تحولت الرواية بعد مدة من هذا المناخ الهامشي إلى مناخات النخبة فمن يصبر على قراءة الرواية غير نخبة النخبة حتى الجامعيين اليوم لا يقرأون الروايات بنهم فما بالك بالإنسان العادي الذي يبحث عن التسلية التي أصبحت متوفرة بوسائل أخرى غير الرواية والمطالعة.لا بد أن لا نستغبي القراء لأن الذين يقدمون على قراءة الرواية في اعتقادي  , يحملون عقولا تؤهلهم لذلك .وبالتالي أنا ضد استغباء القارىء بكتابة أشياء ساذجة معتقدين أن القارىء لا يمكن أن يفهمها .وهذا ما قاله احدهم: أردت أن أعلم الناس القراءة شيئا فشيئا.ومن ثم، وجدت أن البداية السريالية في المشرط كانت ضرورية. لذلك أنا لم أفكر في القارىء إذ لا يعنيني إن كان القارىء مثقفا أو غير مثقف ،أن يفهم الرواية أو لا يفهمها لأننا بالأساس نكتب إبداعا. ومن يكتب الإبداع لا بد أن تكون له مؤهلات لفهمه إلى جانب أن هنالك مستويات عدة للقراءة :إذ هناك القراءة السطحية العادية التي تبحث عن قصة أو حكاية داخل الرواية وهناك من يبحث عن الفن وهناك من يبحث عن الاثنين معا ..كما أن هنالك القارىء الناقد والقارىء الصحفي والقارىء الطالب .لقد أردت أن انطلق من المناخ السريالي العجائبي في بعض الأحيان لأصل إلى الواقع. وأقول إن هذه العجائبية وهذه السريالية التي ترونها في الأول إنما هي شييء صغير مقارنة بعجائبية الواقع الذي نعيشه.إلى درجة أن الراوي في الرواية يقول ما جدوى ما أكتبه من هذه العجائبية والواقع أكثر عجائبية مما اكتب **أنت عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب. ألا يمكن ،حسب رأيك، للثقافة الرقمية أن تهدد بانفصال الكاتب عن واقعه خاصة وأن العالم العربي يعتبر الأقل حظا من التكنولوجيا؟ -لقد سبق أن بينت هذا في إحدى الندوات التي شاركت فيها حول مستقبل الأدب والكتاب في عصر الانترنت والمعلومات .وقد قلت إن الأدب بشكل عام لا تهدده أمية الشعوب لان هذا الأدب لا يتوجه إلى كل الشعوب والدليل على ذلك ما تعيشه اليوم رواية أمريكا اللاتينية من ازدهار إلى حد أنها وصلت إلى العالمية. فلماذا ازدهرت هذه الرواية ووصلت إلى العالمية في حين أن مجتمعات أمريكا اللاتينية تعاني من الفقر المدقع ومن التخلف والرجعية بشكل مهول. ومن ثم لا أعتبر أن الثورة الرقمية يمكن أن تهدد الأدب العربي. بل بالعكس،إنها من الممكن أن تكون وسيلة للكاتب العربي لينتشر ويصل كتابه وإبداعه إلى الآخر. وربما لكي يراهن على قارىء افتراضي آخر ويوسع من دائرة التلقي لأنه لا نبي في أهله. فأحيانا كثيرة يمكن للتعتيم على كاتب معين داخل بلده أن يجعله مجهولا لكن عندما يموت وبعد سنوات وعقود يقع اكتشاف أن هذا الرجل كان عظيما في بلاده لكن أمورا أخرى حالت دون أن يظهر. فالشابي مثلا لم يأخذ حقه إلا بعد أن أسهمت أبولو المصرية في انتشاره عربيا ومات وفي قلبه حسرة لان ديوانه لم يطبع وكاد يرمى بالحجارة عندما خرج كتابه » الخيال الشعري عند العرب ».وهذا ينسحب على الكثير من الكتاب في المشرق الذين قتلتهم محلية الإعلام والمحسوبية. بقي الحديث عن استفادة الأدب من الرقمنة ،في الحقيقة نحن مازالنا نتحسس هذه التجربة التي قام بها الصديق محمد سناجلة في الأردن إذ اصدر روايتين: »تشات »و « ظل الواحد ». وقد سبق لي أن تحدثت معه حول مستقبل الرواية العربية وقلت له متسائلا: هل في المستقبل سنكتب أدبا أم سنصنعه؟ لا بد أن يكون المبدع مبدعا أولا ثم يستعمل التقنيات ومثلما تحولنا من المخطوط إلى الطباعة والنشر الورقي سنتحول إلى النشر الالكتروني والرقمي وهذا ما لمسته عند الصديق المبدع محمد سناجلة . ومع ذلك فالمناخ التكنولوجي لا يمكن أن يصنع مبدعين إذا لم يصنعهم الحبر قبل ذلك. ** ماذا يمكن أن تقول للقارىء الخليجي والقطري بصفة خاصة حتى يقرأ المشرط وغيرها مما يكتبه مبدعو المغرب العربي؟ -أنا في علاقة مباشرة بعديد المبدعين في الخليج ونحن في المغرب العربي نقرأ العديد منهم بنهم كبير مثل عبد خال ورجاء عالم …إذ أن هناك في المغرب العربي ما يسمى بالمصالحة مع الكتاب العربي، نحن نقرأ الكتاب العربي خليجيا كان أو مصريا أو ليبيا لكن هناك قناعة يجب مراجعتها في المشرق وفي مصر تحديدا وهي أن هذا المغرب العربي مغرب نقد وهوامش وليس مغرب إبداع. وقد بدأ الكثير من المشارقة يلتفتون إلى المبدعين المغاربة خاصة بعد أن وصل الكثير من هؤلاء المبدعين إلى المشرق مثل حبيب السالمي من تونس وسالم حميش من المغرب و »أحلام المستغانمي « و »واسيني الأعرج » و » حبيب السائح » من الجزائر…ولنا من الأسماء الواعدة ما يمكن أن يمثل مفاجأة للقارىء الخليجي في اكتشافها لان هؤلاء لا يسافرون كثيرا وكتبهم لا تسافر.وأنا اعد القارىء القطري بأنه سيجد ضالته عندما يقرأ لهؤلاء الشبان مثل عمارة الاخوص من الجزائر وبشير مفتي حتى لا أسمي نفسي. (المصدر: صحيفة « الـراية » القطرية الصادرة يوم 22 جوان 2006)  


كتاب « المستشرقون »
عرض/طارق الكحلاوي أثار هذا الكتاب ولا يزال الكثير من التقريظ والثناء في عدد من الأوساط الأكاديمية خاصة في الولايات المتحدة.ورغم أنه يتعلق تحديدا باختصاص تاريخ الرسم وبفنانين غربيين فإنه يتلقى الكثير من التهليل من قبل مؤرخين ومختصين في مجالات أخرى، خاصة من الباحثين في الدراسات الشرق أوسطية وفي التاريخ الإسلامي. وإذا اختلفت أسباب التهليل بين قارئ وآخر حيث يركز البعض على الجوانب الشكلية مثل حسن توضيب الكتاب والعدد الكبير من الصور الملونة التي حواها، فإن البعض الآخر -خاصة أولئك الذين يولي المؤلف اهتماما خاصا بآرائهم- يروجون للكتاب بوصفه ردا حاسما على الآراء الناقدة للاستشراق وخاصة أفكار الباحث الفلسطيني الأصل الراحل إدوارد سعيد. -الكتاب: المستشرقون – المؤلف: كريستيان دافيس -عدد الصفحات: 303 -الناشر: دار لاينفاروه، نيويورك -الطبعة: الأولى 2005 ومن هنا يستحوذ الكتاب على اهتمام الكثير من القراء لما يعنيه الجدال حول مسألة الاستشراق من جاذبية خاصة في الولايات المتحدة والغرب في المرحلة الراهنة، خاصة إذا اقترن الترويج بتشجيع من قبل باحثين مشهورين بعدائهم لفكر « نقد الاستشراق » مثل برنارد لويس الذي كتب تعليقا احتفائيا للغاية عند نشر الكتاب ونصح بقراءته بوصفه « يصحح » الكثير من الأفكار حول الظاهرة الاستشراقية. والمؤلف كريستيان دافيس باحث شاب مستقل تلقى تكوينه في الولايات المتحدة وفرنسا في اختصاص تاريخ الفن، وله علاقة وطيدة بمجال مزادات القطع الفنية، وهو يكتب في عدد من الدوريات المختصة في هذا الشأن. إدوارد سعيد ورسوم الاستشراق يطرح دافيس مشروعه النقدي في مقدمة الكتاب، حيث يوضح أنه رغم تعلقه العاطفي بالرسوم الاستشراقية فإنه يهدف من وراء الكتاب إلى مسألة أكبر وهي زعزعة « السلطة المعرفية » التي فرضها إدوارد سعيد بين الأوساط الأكاديمية في علاقة الفن بالدراسات الاستشراقية منذ تأليفه كتابه الشهير « الاستشراق » (1978)، وهو العمل الذي أثر في أجيال كاملة من الباحثين مؤسساً تيار « ما بعد الاستشراق » الذي كان بدوره رافدا أساسيا في تيارات ما بعد الحداثة. وبمعنى آخر فإن كتاب دافيس ليس مؤلفا في الرسوم الاستشراقية إلا لأنها توفر مدخلا لتقويض الأطروحة « السعيدية » التي تعتبر أن أي عمل استشراقي -سواء كان تاريخيا أو أثريا أو فنيا أو موسيقيا- ليس سوى أداة في مشروع كولونيالي ثم إمبريالي. وقد تميز كتاب دافيس عن المؤلفات السابقة في نفس الموضوع بالتعرض لأسماء غير مألوفة، فعوضا عن التركيز على الرسامين الفرنسيين الاستشراقيين الأوائل أمثال أنقري ودي لاكروا ولو أنه تعرض لأحدهم أي جون ليون جيروم، فإنه عمل على التعريف في عدد من فصول الكتاب بأعمال من القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تآكلها النسيان من إنجاز أسماء غير مألوفة خاصة من أوروبا الشرقية وروسيا. وفي الحقيقة يقدم الكاتب هنا مساهمة جدية تركز على إحدى نقاط الضعف المعروفة في أطروحات إدوارد سعيد، إذ إن الأخير ولإحداث الانسجام في أطروحة أن الاستشراق خطاب كولونيالي إمبريالي اضطر للدفاع عن فكرة أن الاستشراق حصرا خطاب الأطراف الغربية التي كان يمكن أن تكون إمبريالية أي تحديدا فرنسا وبريطانيا. وبمعنى آخر همش سعيد استشراق الغرب الذي فشل في أن يكون كولونياليا ثم إمبرياليا، مثل ألمانيا وأقطار أوروبا الشرقية وروسيا جزئيا، فلم يتعرض بالتفصيل وبشكل مركز لتجارب طويلة وثرية في هذا المجال الجغراسياسي للاستشراق. وهكذا لم يتعرض سعيد وتلامذته للاستشراق من خلال التركيز عليه كموضوع بل من خلال التركيز على موضوع رأوا أنه إطاره الأساس أي الخطاب الكولونيالي، ولذلك يقع الخلط بين الاستشراق الكولونيالي والاستشراق بشكل عام. والنتيجة هي أن « نقد الاستشراق » في مشروع إدوارد سعيد هو في الواقع « نقد الاستشراق الكولونيالي فالإمبريالي » وليس « نقد الاستشراق » ككل. كما يتعرض دافيس من خلال استعراضه المكثف لأكثر من 300 صورة إلى أهمية « الدوافع الذاتية المحضة » لدى الرسامين الاستشراقيين الذين كانوا حسب رأيه يبحثون عن جمالية مشهدية لا غير، صادف أن وجدوها في المجال العربي الإسلامي. ويعتمد في إثبات ذلك على لوحات تركز على البساطة البدوية وانفتاح المشهد الطبيعي الصحراوي والانسجام اللوني بين الشخوص البشرية وقوافل الجمال مثل لوحة الفنان الفرنسي ليون بلي « حجاج ذاهبون إلى مكة » (1861). وفي الواقع فإن هذه النقطة تفتح المجال أمام مأزق آخر في الرؤية ما بعد الاستشراقية تستحق التوقف، إذ إن الخطاب الاستشراقي بالنسبة لإدوارد سعيد اختلق الشرق أو -بشكل أوضح- ألغاه. وهنا توجد فكرة مسكوت عنها ولكنها مشكلة للغاية في « الخطاب السعيدي » بشكل خاص وفي الخطاب ما بعد الكولونيالي العربي بشكل عام، وهي المصادرة التي تقول إن للغرب نواياه السياسية والإستراتيجية التي تفرض خطابا يشوه « الشرق » أو يخلق دائما شرقا بالمقاييس التي تستجيب للحاجة الغربية يستدعي -ضرورة- مصادرة موازية تقول إن خطاب « الشرق » عن نفسه منسجم، وإن « الشرق » لا يختلق شرقا وهميا ما دامت ليست له نوايا معادية لذاته. بمعنى آخر من خلال ربط الاختلاق أو التشويه هنا بالخلفية السياسية الإستراتيجية المعادية حصرا يتم الوقوع في مأزق العجز عن تفسير إنتاج « الشرق » خطابا مشوها عن ذاته. في الواقع يتجنب خطاب ما بعد الاستشراق حقيقة الدوافع الذاتية للوهم وهي دوافع عابرة للثقافات والمجالات الجغراسياسية، فلا يمكن التغافل مثلا عن أن من بين أكثر المظاهر وضوحا لحضور الدوافع الذاتية في الظاهرة الاستشراقية التشكيلية تحديدا، كان الارتباط الوثيق بين الظاهرة الرومانسية الأوروبية (المحلية) وحدة فلسفتها الذاتية من جهة ورواد الرسم الاستشراقي خاصة في المجال الفرنسي خلال القرن التاسع عشر من جهة أخرى. وهكذا فإن الدوافع الذاتية لإنتاج الوهم بالنسبة للفاعل الغربي ممكنة في الحالتين: في تمثل الذات (الرومانسية) أو في تمثل الآخر (الاستشراق)، وهي الخلفية التي يمكن أن تفسر مشاريع فنية تعرض لها دافيس لرسامين استشراقيين من أقطار كولونيالية (فرنسا) أو غير كولونيالية (تشيكيا مثلا) على حد سواء. إحياء الاستشراق الكولونيالي غير أن النقاط أعلاه لا يمكن أن تحجب حدود الكتاب وخلفياته، ومن معضلاته الطابع الهاوي في منهجية الباحث التي تبدو مفاجئة في الوقت الذي يتمتع فيه برواج هام بين الأوساط الأكاديمية، إذ يبدو ترتيب الأمثلة فوضويا وغير متناسق. فبينما يعتمد في بعض الفصول على وصف تجارب فنانين محددين يعتمد في فصول أخرى على عرض الأعمال الفنية على أساس محاور اعتباطية لا يمكن أن تختزل مدونة الرسوم الاستشراقية مثل « الرجل المسلح » أو « الإيمان »، دون أن يقدم تفسيرات أو تبريرات مفهومة عند الانتقال من هذا المنهج إلى ذاك بين فصول الكتاب. من جهة أخرى فإن المؤلف يغفل عن ملاحظة الطابع المتصنع والمركب الواضح في كثير من الرسوم الاستشراقية التي يعرضها والتي تبدو في نفس سياق الصور الفوتغرافية المعاصرة التي ساهمت في ترويج وجه تجاري غير أمين وكولونيالي في أحيان كثيرة للمنطقة العربية الإسلامية، بل إنه يصف بعضها بأنها واقعية. ومن جهة أخرى يقحم دافيس تجارب مختلفة جدا مثل رسوم الفنان التركي عصمان حمدي، التي لا يمكن وضعها ضمن الدائرة المتعارف عليها للرسوم الاستشراقية لأنها أصلا من صنع شرقي. غير أن ضعف الشخصية المنهجية لدافيس ليست هي أكبر مشاكله حيث إن ضعف شخصيته النظرية من خلال اتكاله المطلق على رؤى نقدية أخرى تبدو مثيرة للقلق وتنزع عنه طابع الأصالة، فهو في الواقع لا ينقد رؤى إدوارد سعيد من خلال قراءة مباشرة لكتاباته وإنما على أساس التسليم بنتائج الانتقادات العامة التي وجهها إليه ناقدوه الأساسيون. يستشهد دافيس خاصة بكتابات كل من برنارد لويس ومارتن كرامر الذي اختص بالنقد المستمر خاصة في التسعينات للأقسام الأكاديمية الأميركية المختصة في شؤون المنطقة العربية، معتبرا أنها سقطت في الديماغوجية ومعاداة أميركا وإسرائيل محملا كتابات إدوارد سعيد في نقد الاستشراق قسطا هائلا من ذلك. ويبدو كرامر متحمسا بشكل خاص لكتاب دافيس، إذ علق عليه مرارا معتبرا أنه بمثابة « الكلمة الأخيرة » في موضوع دحض رؤى تيار ما بعد الاستشراق. ولا يبدو أن صدور هذا الكتاب والحملة التي رافقته من قبل أوساط معينة يمكن أن تكون معزولة عن ظرفية تتميز بالدراسات المتوالية التي تحاول إعادة الاعتبار لمدرسة استشراقية محددة وهي المدرسة الكولونيالية. وفي نفس الوقت الذي يلقى فيه كتاب دافيس احتفاء كبيرا في الولايات المتحدة، يلقى كتاب آخر صدر هذا العام في بريطانيا من قبل الروائي والمستشرق روبرت إروين بعنوان « المستشرقون وأعداؤهم » (2006) حظوة مماثلة. وليس من الصدفة أن نقد إروين مثلما هو الحال مع دافيس متوجه -ولو أنه أحيانا صائب- بشكل كامل نحو إدوارد سعيد بشكل يتجاهل ميراث الاستشراق الكولونيالي، ما يجعله يسقط في التغطية عليه. ولا يبدو من الصدفة أيضا أن النزعة الإحيائية للاستشراق الكولونيالي مرافقة لظرفية دولية تشهد سياسيا إحياء استعماريا سواء من خلال العمل المسلح أو من خلال سن القوانين كالقانون الفرنسي الممجد للاستعمار الذي يشرع رسميا التاريخ الاستشراقي الكولونيالي بل ويمنحه سلطة الواجب القانوني. ولكن كل ذلك لا ينبغي أن يحجب نقطة أساسية في النقاش الملتهب والمتصاعد الراهن حول الاستشراق، المتمثلة في انعدام التوازن بين نقد ما هو كولونيالي في الظاهرة الاستشراقية وتمظهراتها المتجددة من جهة، والإقرار بأهمية الإسهامات الاستشراقية العديدة في تمثل وفهم « الشرق » أو بشكل أخص منطقتنا العربية والإسلامية. ومن زاوية المشهد الثقافي العربي هناك حاجة ملحة لنقد الخطاب ما بعد الكولونيالي المتكرر الذي مر عليه أكثر من خمسين عاما، وضرورة تفادي تقديس الرؤية ما بعد الاستشراقية التي يحولها البعض إلى منظومة تبريرية تشيطن الخارج بشكل شمولي وتقدس الداخل بشكل شمولي، وهو ما يفقدها حسها الفكري والنقدي العالي الذي لولاه لما كان لها الرواج. (*) كاتب وباحث تونسي مقيم بالولايات المتحدة (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 جوان 2006)  


دخل إلى قصره فخرج من عصره !

د. أحمد القديدي (*) في أواخر الستينات، التف الرئيس بورقيبة على أكبر وزرائه و الرجل الثاني في النظام آنذاك وزير الاقتصاد و المالية و التربية و التعليم و منظر الحزب الدستوري الاشتراكي و النقابي القديم أحمد بن صالح التفاف الذئب على الشاة ، وأودعه السجن و حاكمه بتهمة الخيانة العظمى، و دخلت تونس في دوامة التصفيات القضائية التي أطاحت بهيبة الدولة و مصداقية النظام، و دخل بورقيبة بسببها أيضا دوامة المرض البدني و النفسي، و بدأ العد العكسي لزعيم كبير أخذ المعول بيده ليحطم وحده ما بناه على مدى ربع قرن. و كان في مطلع السبعينات شاعر تونسي موهوب هو الحبيب الزناد يكتب قصائده المعبرة و الملتزمة و منها هذه القصيدة التي اعتبرناها أقصر قصيدة في اللغة العربية وهي تصف الزعيم بورقيبة و تقول بكل إيجاز و عمق و قوة تعبير: » دخل إلى قصره و خرج من عصره » . و بالفعل فالرئيس الذي حرر تونس من الاستعمار و أسس دولتها الحديثة و حقق لها من المكاسب ما تعتز به خرج من عصره أي انقطع عن الواقع و أصبح رهينة لبطانات طامعة في السلطة أو المصالح الدنيوية العاجلة و بدأ رحلة السقوط مع التقدم في العمر و تراكم العلل وسرعة التحولات الاجتماعية في وطنه و تغير المحيط العالمي بترابط المصالح الدولية. و هذه القصيدة تجسدت بعد ذلك في أكثر من نظام مع الأسف و بخاصة في الجمهوريات و قبلها في دول المعسكر الشيوعي المنهار من خلال التحولات التاريخية التي هزت شعوب رومانيا و بولونيا والمجر و بلغاريا و تشيكيا وسلوفاكيا و البلدان التي كانت منضوية تحت الوحدة اليوغسلافية المصطنعة، عندما انهار جدار برلين وأذن بالهزات العنيفة التي عصفت بدكتاتور رومانيا/ شاوشسكو و زوجته هيلينة. وهذا الطاغية الروماني شكل أبرز مثال حي للخروج من العصر والانفصال عن الواقع حين رجع برجليه من زيارة رسمية كان يؤديها إلى الصين فنزل في بوخارست و دخل قصره ومن شرفة ذلك القصر ألقى خطبته الأخيرة العصماء في آلاف الرومانيين محاولا قلب موازين التاريخ و تغيير مجرى الحضارة في حركة بائسة و يائسة، تدل على مدى استفحال الغيبوبة السياسية لدى هذا الرجل. و انتهت تلك المأساة بمهزلة المحاكمة السريعة الجائرة للرئيس /شاوشسكو و زوجته و التي أدت إلى إعدامه وإعدامها ذات ليلة صقيعية من ليالي ديسمبر 1989. فكيف غابت عن ذهن الرجل وهو ماسك بكل خيوط السلطة بأن العالم تغير و الشيوعية نسفت و الاتحاد السوفيتي انفجر و خريطة الدنيا أعيد رسمها و العالم الحر انتصر بدون حرب و الشعوب اشتاقت إلى الحرية؟ و مهما يكن تقييمنا لحكم الرئيس صدام حسين،و للكارثة التي حلت بالعراق معه ومن بعد اسقاطه ، فان الموضوعية في قراءة التاريخ الحديث تقتضي منا أن نسجل غياب معطيات الواقع عن ذهنه وأذهان مساعديه. وهو لم يستخلص الدرس القاسي من مأساة احتلال الكويت و الحرب الطويلة الدموية مع إيران، و لم يفهم بأن الزمن دار دورته و للزمن نواميس، فامتثل للاملاءات و دمر صواريخه بنفسه و لم يتوقع ما كان يتوقعه الجميع، و لم يستمع لنصائح الناصحين و لا لإنذار المنذرين و بالفعل شكل أدق ترجمة لقصيدة الشاعر فدخل إلى قصره و خرج من عصره. و بشكل مختلف كان الأمر بالنسبة للجنرال/ بينوشي دكتاتور التشيلي الذي قتل الرئيس المنتخب /جوزف ألندي و حصن نفسه بالدستور و هرب ملايين الدولارات لبنوك أمريكا و اليوم يجرجر للمحاكم الدولية لتقتص للآلاف من الضحايا. و نفس الظاهرة نجدها لدى حسين حبري الرئيس التشادي المخلوع الذي لجأ إلى السنغال بعد المذابح وانتهاكات حقوق و حياة مواطنيه، و اليوم هو في السجن بداكار ينتظر أن يحول ملفه الى محكمة الجنايات الدولية بلاهاي بهولندة. و قبله كان مصير ميلوسفتش الذي استحل لحم المسلمين من أبناء وطنه فانتهى أمره الى محاكمة مثيرة للجدل لكنها من سوء المصير لمن لم يحسب حساب التاريخ وهزاته المدمرة. و قائمة الداخلين للقصر والخارجين من العصر طويلة خلال النصف قرن الماضي، وأسباب السقوط متشابهة في جملتها تتلخص في صم الآذان و تغميض العيون عن التغيرات الجذرية التي تطرأ على الشعوب و محيطها العالمي فتكون القطيعة الكارثية عن الواقع و يمضي صاحب الشأن سعيدا فرحا مرحا على إيقاع مدائح المنافقين و المخادعين و المتمعشين من بطانات السوء التي لا تقول له إلا ما يود سماعه و ما يريحه من تعب التفكير و وجع الرأس و مواجهة الحقيقة، عادة على ايقاع بالروح والدم نفديك، و جاء يوم على بورقيبة و على السادات و على ولد الطايع ولم يفديهم واحد فقط حتى بقطرة ماء ! نواميس التاريخ تعلمنا بأن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج مهما تأخر الموعد. و المجد لكل من خدم الشعوب و لم يستخدمها و كان لأمته الحامي و المؤتمن. طوبى للعادلين الذين أدركوا حكمة العلامة ابن خلدون بأن العدل أساس العمران و أن الظلم مدمر البنيان وأن القهر عدو الإنسان. (*) كاتب وسياسي تونسي. (المصدر: صحيفة « ال شرق » القطرية الصادرة يوم 21 جوان 2006)  
 


اتحاد المغرب العربي في مفترق الشراكات

  

لطفي حجي (*)– تونس دعا نور الدين حشاد نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية لتجاوز العراقيل أمام الوحدة المغاربية والمتمثلة في غياب سبل توظيف الطاقات الاندماجية للشعوب والانخراط الفعلي لهياكل المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين في بناء الوحدة. جاء ذلك في الندوة التي نظمها مركز الجامعة بتونس بعنوان « المغرب العربي في مفترق الشراكات » واختتمت أعمالها أمس. وقال حشاد إن التجمعات القادرة على الاستمرار والتطور هي التي تحظى بدعم الشعب ومكونات المجتمع المدني وأنه حان الوقت لينفتح اتحاد المغرب العربي دستوريا ونظاميا وعلميا على المجتمع المدني المغاربي كخطوة جديدة داعمة لمجلس الشورى المغاربي. المغرب وأوروبا وعن علاقة اتحاد المغرب العربي بمحيطه الإقليمي اعتبر وزير الدولة التونسي المكلف بالشؤون الأوروبية حاتم بن سالم أن تدعيم علاقة المنطقة مع الاتحاد الأوروبي تعد في صدارة الأولويات حيث تحتل أوروبا مرتبة الشريك الفعلي الأول للدول المغاربية. وفي هذا الإطار يأتي حرص دول الاتحاد على دعم وتطوير الشراكة المغاربية الأوروبية متعددة الأوجه والأبعاد في مختلف أطر الحوار المتوسطي وفي مقدمتها مجموعة 5+5. ومع الحرص على تدعيم العلاقات المغاربية الأوروبية أشار بن سالم إلى أن التنسيق يتواصل بين الدول المغاربية بشكل مكثف للحد من انعكاسات إقامة المنطقة الأورومتوسطية للتبادل الحر في أفق عام 2010 على اقتصاديات دول الاتحاد والاستعداد لهذا الاستحقاق الهام من خلال تبادل المعطيات وإعداد دراسات قطاعية بإشراك الأكاديميين ومراكز البحوث.  عوائق و تحديات وأبرزت مداخلات الندوة الرهانات المختلفة أمام دول المنطقة مثل توزيع الشراكة البينية، وتحرير التبادل التجاري وإقامة مناطق حرة داخل الفضاء المغاربي، والعمل الحثيث من أجل احتلال الصدارة بمنطقة التبادل الحر المزمع إنشاؤها عام 2010 وفق اتفاقية برشلونة. ولم يخف حشاد وهو المسؤول الرسمي، المشاكل التي تعاني منها بلدان المغرب العربي معتبرا إياها مشاكل جماعية وتقتضي حلولا جماعية، مبرزا أن من أهمها البطالة وخاصة في صفوف أصحاب الشهادات، والعجز الغذائي، والهوة المعرفية، والهجرة. وفي السياق ذاته شدد عدد من الخبراء في الندوة على أن تكلفة اللامغرب في الفضاء الدولي المعولم ستكون باهظة الثمن على شعوب المنطقة وأنظمتها أيضا لأنها ستؤدي لفقدان الاستثمارات الأجنبية الضخمة كما ستؤدي لمحدودية التبادلات التجارية بين دول المنطقة وما ينتج عنها من تضاؤل فرص العمل في الفضاء المغاربي، ولضعف في التفاوض مع الشريك الأوروبي. واعتبر الباحث الموريتاني د. محمد الأمين ولد الكتاب أنه من أشد العوامل تعقيدا وعرقلة لقيام مغرب عربي منسجم ومندمج هي معضلة الصحراء الغربية، وشدد على أنه طالما لم يوجد حل لهذه المعضلة فسيظل من المستحيل قيام اتحاد مغاربي. وأشار إلى أن الانسداد السياسي الناجم عن هذه المعضلة سيفضي لأضرار بالغة بالمصالح الحيوية للشعوب المغاربية كافة. تفاؤل رسمي ورغم كثرة التحديات والرهانات أمام الاتحاد المغاربي التي بدت هياكله معطلة أو تكاد، والعديد من قراراته غير مطبقة، فإن الأمين العام للاتحاد المغاربي الحبيب بن يحيى الذي اختتم الندوة عبر عن تفاؤله بمستقبل الاتحاد وبنتائج اجتماع وزراء خارجية الدول المغاربية الذي انعقد مؤخرا بطرابلس في ليبيا. وأبرز أن العمل في السنوات القادمة سيرتكز على الجوانب الاقتصادية وهي المسألة التي أكد عليها حاتم بن سالم حين اعتبر في مداخلته أن الانطلاق الفعلي للمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية خلال مارس/آذار الماضي بمقره في تونس سيعطي الدفع المنشود لوتيرة الاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة ولتدفق رؤوس الأموال والاستثمارات والتبادل التجاري في الفضاء المغاربي. (*) مراسل الجزيرة نت (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 21 جوان 2006)  

 
ندوة الجامعة العربية عن العلاقات المغاربية الأوروبية: ما هي فرص تدارك الثغـرات والنقائـص؟

مثقفـون وسيــاسيــــــــون يتساءلـــــــون ويقترحــــــــون

تونس ـ الصباح اختتمت أمس بمركز جامعة الدول العربية في تونس أعمال الندوة السنوية الخامسة للمركزعن المغرب العربي وعلاقات الشراكة المغاربية العربية والمغاربية المتوسطية.. تحت عنوان «المغر ب العربي في مفترق الشراكات» بحضور السيد نورالدين حشاد نائب الامين العام لجامعة الدول العربية ورئيس مركز تونس. وقد خصصت جلسة بعد ظهر أمس لتقييم مسيرة بعض رموز النضال الوطني المغاربي. في هذا السياق قدمت الباحثة الجامعية جليلة المؤدب عرضاعن ثلاثة رموز في النضال الوطني في المنطقة المغاربية استشهدوا عام 1949 لما سقطت طائرتهم في كاراتشي خلال مهمة نضالية مشتركة للتعريف بنضال الوطنيين في تونس والجزائر والمغرب من أجل التحرر الوطني وبناء مغرب كبير موحد.. والزعماء الثلاثة هم: الحبيب ثامر من تونس وعلي الحمامي الجزائر ومحمد أحمد بن عبود المغربي. قراءة ثقافية  
وقدمت الباحثة الجامعية جليلة المؤدب بالمناسبة قراءة ثقافية أدبية للبعد المغاربي في كتابات الزعماء الثلاثة وبقية الزعماء الوطنيين في تلك المرحلة.. كما توقفت عند مرحلة تاسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة والمكاتب المماثلة في عدة عواصم والتي كان بعضها تابعا للاحزاب الوطنية لكنها كانت دوما مفتوحة لكل الزعماء الوطنيين المغاربيين.. واعتبرت الباحثة أن من بين ما يميز الفكرة القومية العربية في المشرق ارتباطها بالصراعات حول انهاء الخلافة العثمانية.. في المقابل لم يبرز في شمال افريقيا نفس التحمس للتناقض مع تركيا بل أكدت القوى الوطنية على الجسربين الهوية العربية والاسلامية مثلما تكشفه أدبيات عدة أحزاب وجمعيات مثل جمعية نجم شمال افريقيا وجمعية طلبة شمال افريقيا المسلمين والاحزاب الوطنية المغاربية.. وذكرت جليلة المؤدب بجذور الوحدة بين الشعوب المغاربية في عهود المرابطين والموحدين والمرينيين والحفصيين.. حتى مرحلة سقوط الخلافة العثمانية.. دور فرحات حشاد وقدم الاستاذ عثمان اليحياوي مداخلة تضمنت قراءة تاريخية مفصلة لحياة المناضل النقابي والوطني والمغاربي فرحات حشاد.. مع التوقف عند أهم المحطات النضالية في مسيرة الزعيم الكبيرفرحات حشاد ودوره في تأطير التحركات الوطنية في الدول المغاربية حيا وميتا.. حيا من خلال دوره في تأجيج تحركات النقابات والسياسيين المغاربيين وخلال مهمته مع السيد الهادي نويرة عام 1952 في الولايات المتحدة من خلال التنسيق مع الوطنيين الجزائريين والمغاربـــــــة.. تجربة المغرب الاقصـــى وفي اليوم الثاني للندوة افتتحت الجلسة العلمية بمداخلة قدمها السيد أحمد رشيد خطابي المستشار لدى الوزير المنتدب في وزارة الشؤون الخارجية والتعاون في المغرب.. وقد توقف المحاضر عند تجارب العمل المغاربي والشراكات بين دوله ودول الشمال وصولا إلى برنامج «ميدا» وسياسة الجوارمع الاتحاد الأوروبي.. التي ستمكن الدول المعنية بهذه المبادرة من اختيارمستوى وتيرة اندماجها مع الاتحاد الأوروبـي».. وقدم السيد أحمد رشيد خطابي قراءة لتجربة المملكة المغاربية في شراكته مع الاتحاد الأوروبي.. واعتبر أن «سياسة الجوار تتجاوب إلى حد كبيرمع الاقتراح الملكي الطموح بتبوء المغرب وضعا متقدما داخل الاتحاد الأوروبي يكون أكثرمن الشراكة وأقل من العضوية».. وتضمنت كلمة المسؤول المغربي عرضاعن الشراكة الامريكية المغاربية منذ مبادرة مساعد وزير المالية الامريكي سابقا ايزنستات في جوان 1996 الخاصة بثلاثة دول مغاربية هي تونس والجزائر والمغرب.. وقلل المحاضر من تأثير تلك المبادرة على المستوى البعيد.. وأشار إلى أن المغرب مضى في تطوير شراكته مع الولايات المتحدة عبر توقيع اتفاق للتبادل الحرمع الولايات المتحدة الامريكية «في سياق تنويع شراكاته الاقتصادية واستغلال فرص الاستثمار الاجنبي ».. واعتبرأن «الشراكات الثنائية للدول المغاربية سواء في الاطار المتوسطي أو خارجه تعتبرلبنات أساسية لدفع مسلسل الاندماج ورصيدا لاثراء المقاربات التشاركية المشتركة في انتظار دخول الاتحاد المغاربي مرحلة التاهيل الحقيقي».. تذبذب نسبي وتميزت مداخلة السيد صلاح الدين مبارك الوزير والسفير السابق بتقديم قراءة معمقة لواقع الاتحاد وشراكاته مع مختلف المجموعات الاقليمية والدولية.. واعتبر السيد صلاح الدين بن مبارك أن المرحلة القادمة تتسم بالتذبذب لان أولويات البلدان المغاربية تبدو مختلفة أحيانا إذ يتراوح انتماؤها من 6 شراكات (مع 6 مجموعات) إلى شراكة واحدة.. وسجل المحاضرتقدم مسيرة الشراكة المغاربية في سياق الاطار المتوسطي والمبادرة الامريكية وسجل أن الشراكة تتم في الغالب على الصعيد الثنائي.. واقر بن مبارك أن المنطقة المغاربية تشهد تنافسا بين الشراكة الأوروبية والشراكة الامريكية لكنه اعتبره تنافسا محدودا.. بل إن التنافس بين اوربا وامريكا حول الاقتصاد تطور غالبا الى نوع من التنسيق بسبب التركيز المشترك مجددا على العوامل الامنية  (وسياسة الحرب على الارهاب) وملف الهجرة وبعض الملفات المشتركة..   35 اتفاقية واعتبرالمحاضر أن آفاق المشروع المغاربي غير واضحة.. ورجح بن مبارك استمرار سيناريومرحلة عدم الاندماج المغاربي وهو ما يعني مزيد ارتفاع كلفة اللامغرب واضاعة فرصة الاستفادة من التمويلات المسندة لدول الجنوب من قبل الاتحاد الأوروبي مثلا والتي لا تسند الا في اطار جماعي (3دول مثلا).. وذكربن مبارك أن نحو35 اتفاقية وقع ابرامها تنتظر التطبيق للمضي في تكريس الاستراتيجية المغاربية للتنمية ودعا المحاضرإلى تمكين كل دولة مغاربية شقيقياتها المغاربيات بنفس الامتيازات التي منحتها لدول الاتحاد الأوروبي.. كما اقترح ادخال ديناميكية جديدة على الاندماج الاقتصادي المغاربي للاستفادة من ثروات الدول الخمسة الطبيعية والبشرية.. بصرف النظرعن نسق تطور البعد السياسي.. واعرب السيد صلاح الدين بن مبارك عن تفاؤله بنتائج اجتماع مجلس وزراء الخارجية المغاربيين الذي عقد مؤخرا في الشقيقة ليبيا وهو تطور يمكن أن يقلص مشاعر الاحباط وخيبة الامل التي انتشرت في صفوف الشباب  لكن السيد صلاح الدين بن مبارك ركز في خاتمة مداخلته على التفاؤل.. نزاع الصحراء الغربية ؟ وشمل النقاش العام دور المنظمات غير الحكومية العربية والمغاربية في تجسيم مشاريع الاندماج والبناء و الشراكة وانعكاسات عدم بناء المغرب العربي الكبير على دول جنو ب المتوسط وشماله في نفس الوقت.. واعتبر السيد نورالدين حشاد أن أوربا نفسها خسرت الكثير اقتصاديا وأمنيا وسياسيا بسبب عدم نجاح مشروع بناء الاتحادالمغاربي.. وتدخل السفير المغربي وممثل عن السفارة الجزائرية بتونس في النقاش العام فاعتبرا أن النزاع الصحراوي ليس العامل الذي يفسرتعثر بناء الاتحاد المغاربي.. واعتبر ممثل السفارة الجزائرية أن هذا النزاع من مشمولات الامم المتحدة وهو من مخلفات مرحلة الاستعمار.. واثيرت بالمناسبة أفكارعديدة منها تجنب تفسيرتعثر مشروع بناء الاتحاد المغاربي بعامل وحيد مع التأكيد على التطلع الى المستقبل والتركيز على البعد الاقتصادي وبوادر تطوير الشراكة المغاربية اقتصاديا.. مركز اقليمي ثان للجامعة العربية وكان المحورالاخير في الجلسات العلمية علاقة جامعة الدول العربية بالاتحاد المغاربي ودور مركز جامعة الدول العربية بتونس.. في هذا السياق قدم السيد عبد الله التركماني الباحث السوري في الشؤون الاستراتيجية قراءة تاريخية للعلاقة بين المغرب والمشرق العربيين والأبعاد الثقافية والاقتصادية والسياسية المشتركة من مرحلة مكافحة الاستعمار المباشر إلى اليوم.. وتناول السيد نورالدين حشاد في مداخلته التي اختتم بها الجلسات العلمية تجربة علاقة مركز تونس لجامعة الدول العربية ومنظمات العمل العربي المشترك التي يوجد مقرها الدائم بتونس ونوه بتجاوب الامين العام للجامعة العربية (منذ زيارة عصمت عبد المجيد الامين العام لتونس قبل تسعة أعوام ثم بعد تولي الاستاذ عمرو موسى مسؤولية الامانة العامة) مع جهود تطوير دور مركز تونس ليساعد الامانة العامة بالقاهرة في لعب دور إقليمي أكبر مغاربيا وفي العلاقة بالاتحاد الأوروبي وافريقيا ومتابعة ملف الهجرة.. ونوه حشاد بجهود 25 منظمة عمل عربي مشترك وبالمجالس الوزارية العربية المشتركة الكثيرة والتي تقوم حاليا بدورفعال بقيادة السيد عمرو موسى.. واقترح حشاد بعث مركز اقليمي ثان لجامعة الدول العربية في الخليج العربي وربما مركزا ثالثا في منطقة القرن الافريقي.. لتطوير اشعاع الجامعة العربية.. خاصة بعد نجاح تجربة تفعيل دور مركز تونس عبر مضاعفة عدد موظفيه وتنويع أنشطته.. كمال بن يونس (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 22 جوان 2006)  


الحبيـــب بـــن يحيــــى: « 114اجتمـاعـا مغاربيـا قطاعيـا فـي 2005»

المصــــرف المغاربــي للاستثمــار بتونــس سيكــون حدثـــا مهمــا

ألقى الاستاذ الحبيب بن يحيى الامين العام للاتحاد المغاربي الكلمة الختامية لندوة الجامعة العربية (في اول تدخل علني له منذ استلام مهامه الجديدة قبل 4 أشهر) وقد توقف خاصة عند العناصر التي تدعو إلى التفاؤل.. وأورد السيد الحبيب بن يحيى أنه خلال العام الماضي عقد 114 اجتماعا مغاربيا تم خلالها بحث مشاغل شعو ب المنطقة من التصحرالى المياه والثقافة والبنية الاساسية والنقل..الخ وتجتمع اسبوعيا لجنتان او اكثر في مقر الامانة العامة للاتحاد.. فمابالك عندما تجتمع لمجابهة كوارث طبيعية مثل أنفليونزا الطيور؟ هناك في المدة الاخيرة حركية مقارنة بالمدة الماضية وهنا أحيي جهود الامينين العامين السابقين الزميلين محمد عمامو والحبيب بولعراس على الدور الكبير الذي قاما به في وضع أسس عمل الامانة العامة قبلي.. صحيح أن العبرة ليست في عدد المؤتمرات بل في النتائج.. هناك حاليا شبكة مغاربية للعمل المشترك.. و نادي تعارف بين الخبراء والوزراء في الدول الخمسة.. واتصالات هاتفية لمواصلة التنسيق.. على اساس المصلحة المشتركة لكل الدول الاعضاء في الاتحاد.. وفاء لجهود رواد المشروع المغاربي من طنجة الى زيرالدة ومراكش والقمم المغاربية المتعاقبة.. وبالنسبة لاستئناف عقد القمم المغاربية نامل ان تتغيرالاوضاع ويمكن عقدها.. لكن حضور الوزراء حاليا يدل على وجود الارادة السياسية لمواصلةالعمل المشترك.. وقد سنحت لي فرصة مقابلة الرؤساء الخمسة ولمست حرصهم على بناء المشروع المغاربي.. بدءا من الرئيس زين العابدين بن علي الذي اعتبردوما ان الخيار المغاربي استراتيجي.. وهو نفس التمشي الذي لمسته لدى كل قادة المنطقة المغاربية.. ولا شك أن التحديات كثيرة والراي العام المغاربي والدولي يعتبر أحيانا ان الاتحاد معطل وانا لا أوافق على هذا التقييم.. فالاتحاد حي يرزق والعمل متواصل.. هناك الان ثقافة مغاربية نجدهاعند كل فريق عمل وكبار المسؤولين في دولنا يؤمنون بالتنسيق في عديد الملفات المغاربية الخارجية..  لكن لا بد من مزيد العمل فهناك تحد كبيرينتظرنا في 2010 هو بروز فضاء أوربي متوسطي للتبادل الحر بين 25 دولة اوربية و12 جنوب المتوسط.. ولدينا حاليا لجنة منكبة على تحضير موقف مغاربي استعدادا لهذا الحدث..» اجتماع رجال الاعمال المغاربيين في سبتمبر وذكر السيد الحبيب بن يحي بنضالات الوطنيين المغاربيين ودورهم في بلورة المشروع المغاربي مبكرا.. وحول الخطوات العملية الملموسة القادمة تعرض السيد الحبيب بن يحيى الى المصرف المغاربي للاستثماروالتجارة الخارجية الذي سينطلق بتونس العام القادم.. وأعلن بن يحيى بالمناسبة أن الامانة العامة قامت باتصالات برجال اعمال مغاربة ليجتمعوا في شهرسبتمبر القادم بمقرها في الرباط تحضيرا لاجتماع كبير لرجال الاعمال في المنطقة..يمهد لتفعيل آليات اقتصادية فعالة تحت مظلة الاتحاد المغاربي.. واعتبر بن يحيى أن المسار الجديد لن يبدا من الصفر فالعلاقات الثنائية الحالية مهمة من ذلك أن العلاقة بين تونس وليبيا مرت من اقل من 50 مليون دولار سنويا الى أكثرمن مليار و 300مليون والسقف أصبح ملياري دولار.. يضاف إلى هذاقيام علاقات تفاضلية في الميدان التجاري بين عدة دول مغاربية..  وأعلن بن يحيى أنه زار مؤخرافي مدينة فاس المغربية بيت العلامة عبد الرحمان بن خلدون الذي كتب الكثيرعن الدول المغاربية لا بد ان نعترف له بالكثير..  وأعلن بن يحيى أن الامانة العامة للاتحاد المغاربي طورت تعاونها مع الامانة العامة للجامعة العربية ومع مجلس التعاون الخليجي (الذي نجح في ابرام اتفاقية قمرقية) لنستفيد من تجاربهما.. ك. بن يونس (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 22 جوان 2006)  

 

 

Home – Accueil الرئيسية

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.