TUNISNEWS
8 ème année, N° 2921 du 22.05.2008
حــرية و إنـصاف:تواصل إضراب المطرودين عن العمل بالمتلوي
حــرية و إنـصاف : إعلام محمد الهمامي بقرب تسليمه إلى تونس
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة إلكترونيّة عــــــــــدد 55
جمال الدين:أخبار الإتحاد الجهوي بســــــــــــــــــــــــــــــــوسة
وات : رئيس الدولة يزور سجن المرناقية ولقطات حية من الزيارة …
وات: مجلس وزاري: إجراءات لفائدة منظومة السجون والإصلاح
الصباح : رئيس الدولة يهتم بنشاط جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم
الصباح:في جمعية المحامين الشبــــــــــــان
«الشروق» تنفرد بنشره: موقف اتحاد الشغل من الدخول إلى مجلس المستشارين
الجزيرة نت : آلاف الحجاج اليهود يتدفقون على أقدم كنيس بجربة التونسية
الصباح : بمناسبة الزيارة السنوية لمعبد الغريبة: جربة تستعد لاستقبال 3 آلاف زائر يهودي
يو بي أي : حزب تونسي معارض يشجب زيارة إسرائيليين إلى معبد ‘الغريبة’ بتونس
د ب أ : حاخام الماني: جربة التونسية أفضل مثال للتعايش بين المسلمين واليهود
قنا:بذور شعير واعلاف سورية لتـــــــونس
القدس العربي : الدورة الثانية لتظاهرة موسيقيون من تـــــــونس
الحوار.نت : الجزء الثّاني والأخير من الحوار المتميّز الذي أجراه الحوار نت مع الأستاذ بن عيسى الدّمني
صـابر التونسي : سـواك حـــــــار (82)
سامي بن غربية : قاطعو بلوغر إن كنتم صادقـــــــــين صلاح الدين الجورشي : نجح بورقيبة في دخول غرف نوم التونسيين ولكن.. برهان بسيس : إلى أيــــــــــن؟! آمال موسى : ميكروفونات كريهة الرائــــــــــــــــــحة الشيخ الهادي بريك : إيمانك رأس مالك
الجريدة : المخرج التونسي فاضل الجعايبي : رقابة الجمهور تنمِّط الذوق وتجذب الى أسفل!
د. علي بن العجمي العشي الحــوار الإســلامي المسيــحي – رؤيــة تأصيلية – الجزء الثاني
هيثم مناع : بين النكبة والميلاد.. خنجر الغرب في صدر العالمية
إسلام أونلاين : ليبيا تحظر النقاب ومساحيق الوجه بالجامعـــــــــــات
الأخبار: بعض المغالطات عن التبشير المسيحي في الجزائـــــــــــر محمد صادق الحسيني:الإخوان «الإيرانيون» وحزب الله «السني».. وجهان لعملة واحدة!
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- الصادق العكاري
22- هشام بنور
23- منير غيث
24- بشير رمضان
25 – فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5- الكريم بعلوش
|
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 22/05/2008 الموافق ل 17 جمادى الأولى 1429 تواصل إضراب المطرودين عن العمل بالمتلوي
يتواصل الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يشنه أربعة عشر مطرودا من العمل بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل بالمتلوي منذ 15 ماي 2008 للمطالبة بإرجاعهم إلى سالف شغلهم. و المضربون عن الطعام هم : – السيد محمد ساسي غومة ( مريض بالسكري ) ، عامل بالشركة التونسية للكهرباء و الغاز – السيد بناني المنصوري ( مريض بالسكري و القلب ) ، عامل بقطاع الصحة – السيد علي بن محمد صدراوي ، عامل بقطاع الصحة – السيد فتحي بن عمر سهيل ( مريض بالأمعاء ) ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد محمد علي التومي ( مريض بقرح في المعدة ) ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد مقداد ساسي ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد نايلي منير ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد شكري رمضاني ( مريض بالقلب و له كلية واحدة ) ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد بوزيان السحيمي ( مريض بالمعدة )، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد محمد العربي الخميلي ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد علي الطيب بويحي ( مريض بالسكري أدخل المستشفى ليلة 20/5/2008 )، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد ناجي الكيستي ( تضرر يده اليمنى جراء حادث شغل ) ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد حبيب الجريدي ( مريض بالقلب ) أدخل اليوم إلى المستشفى في حالة إغماء ، عامل بشركة فسفاط قفصة – السيد هشام رحالي ( مريض بالأمعاء ) ، عامل بشركة فسفاط قفصة و حرية و إنصاف تدعو السلطات الجهوية بقفصة و المتلوي لإعادة النظر في الوضعية الشغلية للمضربين عن الطعام و البحث عن حلول تنقذهم و تنقذ عائلاتهم من الحرمان خاصة و أنهم يعانون من أمراض مزمنة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 22/05/2008 الموافق ل 17 جمادى الأولى 1429
إعلام محمد الهمامي بقرب تسليمه إلى تونس
قالت عائلة الشاب محمد الهمامي المعتقل حاليا بسجن عوكر قرب مطار بغداد بالعراق أن السلطات العراقية أعلمت ابنها بقرب تسليمه للسلطات التونسية.علما بأن الشاب محمد الهمامي الذي اعتقلته قوات الاحتلال الأمريكي بعد غزو العراق و سقوط بغداد كان موجودا بسجن أبو غريب ثم تم نقله منذ أشهر إلى سجن عوكر. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الكاتب العام السيد زهير مخلوف
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة إلكترونيّة عدد 55
الملتقى الشيوعي الدولي: ساهم وفد من حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ في الملتقى الشيوعي الدولي السابع عشر، الذي انعقد ببروكسل من 16 إلى 18 ماي لمناقشة موضوع الطبقة العاملة وعلاقات الأحزاب الشيوعية والعمالية بالنقابات. حضر الملتقى 44 حزبا من اوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية والوطن العربي… وعلى هامش هذا الملتقى، وقٌع 42 حزبا على عريضة تطالب الحكومة التونسية بالإعتراف بحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ الذي قدم ملفا مستوفى الشروط القانونية، وعريضة اخرى عن الأوضاع في الوطن العربي. تونس – تنديد بالعنف المسلط ضد النساء: أصدرت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات بلاغا يوم 13/05/08، هو الرابع في ظرف 3 أشهر، تندد فيه بالعنف اللفظي والجسدي والتشويه في الصحف المأجورة التي تتعرض له النساء اثناء ممارسة حقوقهن كمواطنات، وصلت حد الإعتداء بالسلاح الأبيض على الشابة الناشطة في الجمعية « فداء العثمني » في مدينة سوسة، والتشويه الصحفي التي تعرضت له رئيسة الجمعية السيدة خديجة الشريف، والعنف الذي انجر عنه إجراء عملية جراحية للسيدة « جمعة الحاجي » أثناء مشاركتها في الحركة الإحتجاجية بالحوض المنجمي، وغيرها من الإعتداءات. تندد الجمعية بتصاعد استعمال العنف وتطالب بمقاضاة من قام بهذه الإعتداءات والعمل على ايجاد حلول لمشاكل المواطنين والمواطنات تكون في مستوى تطلعاتهم وآمالهم… تونس – زيارة تفقٌد: زار تونس وفد من البنك الدولي واجتمع مع وزير المالية بهدف « تكثيف وتنويع مجالات التعاون وإيجاد الآليات الضرورية لدفع نسق النمو وتقليص انعكاسات المتغيرات العالمية على التوازنات الكبرى للإقتصاد التونسي » وقدٌم الوزير بسطة عن الإجراءات التي اتخذها للمحافظة على التوازنات المالية… وات 17/05/08 تونس – أمريكا: اجتمعت اللجنة العسكرية المشتركة التونسية-الأمريكية، وبالمناسبة التقى يوم 12/05 وزير الدفاع التونسي كمال مرجان مع وزير الحرب الأمريكي روبرت غيتس الذي قال » تونس يمكنها أن تعوٌل دوما على مساندة الولايات المتحدة »، والتقى كذلك مع ديفيد ولش وستيفن مول مساعدي وزيرة الخارجية… تحدٌث الوزير التونسي عن الوضع في المتطقة المغاربية والمتوسٌطية، « وأكبر مخاطبوه جهود تونس في مجال مكافحة الإرهاب ». وات 13/05/08 تونس – مآسي الهجرة السرية: توفي غرقا ما لا يقل عن 50 شابا ونجا 16 إثر غرق مركب لا يتعدى طوله 5 أمتار في عرض السواحل التونسية كان يقل مهاجرين نحو جزيرة لمبدوزا الإيطالية. يبدو أن المركب انطلق من السواحل الليبية حاملا مهاجرين من الكامرون وكينيا ونيجيريا وساحل العاج وبعض التونسيين والمغاربة… اسوشيتد براس 11/05/08 تونس – أرقام رسمية: في الثلث الأول من السنة، بلغت الزيادة في الأسعار 4,1% وبلغت نسبة التضخم 8,5% في نفس الفترة… وبلغت كميات زيت الزيتون المصدٌرة (نحو ايطاليا وأسبانيا خصوصا) 123 ألف طن إلى غاية نهاية أفريل، منها 110 ألف طن من ميناء صفاقس. الصباح 18/05/08 . وأعلن المرصد الوطني للتجارة الخارجية ان الصادرات التونسية بلغت قيمتها في الأشهر الأربعة الأولى من السنة، 7,146 مليون دينار نحو ايطاليا و5,106 مليون دينار نحو فرنسا و2,32 مليون دينار نحو المانيا… الصباح 16/05/08 تونس – استثمارات طفيلية: بعد مشروع بحيرة تونس، تعتزم مجموعة إماراتية أخرى (مجموعة أبو خاطر) الإستحواذ على 257 هكتار لبناء « الحي الرياضي بتونس » وهو مجمع يحتوي على مركز تدريب ومركز طب رياضي متطور ومسابح وملاعب لكرة القدم وألعاب القوى والغولف والهوكي… من المتوقع انجاز المشروع على مرحلتين على مدى أكثر من 7 سنوات، بتكاليف تبلغ 5 مليار دولار، بمشاركة « مجموعة سيامانس » وأولمبيك مرسيليا وشركاء آخرين… أ.ف.ب. 16/05/08 تونس- سياحة: انخفضت مداخيل السياحة للأشهر الثلاثة الأولى من السنة (مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية)كما انخفض عدد السائحين الألمان والبريطانيين والإيطاليين…بسبب عدم تنويع النشاط السياحي وتدني مستوى الخدمات، وتنامي المنافسة… قدس براس 15/05/08 تونس – دين أم سياسة أم سياحة؟ تزامنا مع الذكرى 60 للنكبة، تستقبل تونس 1500 يهودي قادم من الأراضي المحتلٌة عام 1948 بجوازات سفر اسرائيلية إضافة إلى 4500 يهودي من مختلف مناطق العالم للمشاركة في الحج السنوي لكنيس « الغريبة » (22 و23 ماي) بجزيرة جربة وهو من أقدم المعابد اليهودية. هناك من عبر عن أسفه لعدم وجود خطوط نقل جوي مباشر (وعلاقات دبلوماسية معلنة) بين تونس وتل أبيب، الشيء الذي « حرمنا » من 20 ألف « حاج » ممن استحوذوا على أراضي ومنازل اللاجئين الفلسطينيين. من تصريح « بيريز الطرابلسي »، رئيس الطائفة اليهودية في جربة (بتصرف)، أوردته وكالة رويترز 15/05/08 تونس – مقر مجلس وزراء الداخلية العرب: « تمثل السياحة موردا هاما للعملة، وتوفر مواطن عمل في عديد من الدول العربية، لذلك لا يمكن التهاون مع الإرهابيين والمجرمين الذين يستهدفون السياحة والسياح » هذه خلاصة اجتماع عربي تم في تونس لمدة 3 ايام حول امن المناطق السياحية، اقترح في نهايته اجراءات امنية زجرية وعقوبات سيدرسها مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته المقبلة بتونس في بداية 2009. يونايتد براس انترناشيونال 15/05/08 المغرب: دعت أكثر من 15 منظمة وجمعية إلى وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل بالرباط، ضد ضرب الحريات والحقوق المدنية والسياسية، جابهتها السلطات بقمع شديد أدى إلى جرح عديد المتظاهرين ونقلهم إلى المستشفيات، كما تدخلت قوات الشرطة بعنف بمدينة مراكش في الحي الجامعي، حيث أصابت العديد من الطلبة بجروح وأوقفت عددا من مناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب. الجمعية المغربية لحقوق الإنسان 15/05/08 الجزائر – الإسلام دين الدولة: بعد احتجاج بعض نواب البرلمان على انقطاع بث الأذان، أكٌد وزير الإتصال على « إلزام القنوات التلفزية والإذاعية ببث الأذان في وقته المحدد، مهما كانت الظروف والبرامج ساعة البث، تطبيقا لدفتر الشروط الذي يحدد جملة من الإلتزامات، في المجالات الدينية والثقافية » الخبر 18/05/08 الجزائر – شهادة أمريكية: اثناء الإحتفال بتدشين مقر السفارة الأمريكية الجديدة بالجزائر، قرأ السفير « روبرت فورد » رسالة بعثت بها وزيرة الخارجية، كونزليسا رايس ركزت فيها على تطور التبادل والعلاقات المتطورة بين البلدين في مجالات التعليم والثقافة والتعاون القضائي والمال والأعمال، وركزت خصوصا على الجانب الأمني إذ وصفت الجزائر ببطلة الأمن الجهوي والدولي. وكالة الصحافة الجزائرية 20/05/08 فلسطين المحتلة عام 1948: في الذكرى 60 للنكبة، نظمت « اللجنة الشعبية » تظاهرة في حيفا، رفعت فيها الأعلام الفلسطينية والأعلام السوداء، وحوصر المتظاهرون بأعداد غفيرة من الشرطة التي فحصت أوراق المتجمهرين… كما نظم « الإتحاد القطري للطلاب العرب » اضرابا عاما وتظاهرات في جامعات حيفا وتل أبيب والقدس، في ذكرى النكبة، يوم 15/05/08. تدخلت الشرطة لمنع المتظاهرين من رفع الأعلام الفلسطينية، ثم لتفريقهم، في جامعتي القدس وتل أبيب، واعتقلت 3 طلبة صدر ضدهم قرار بالحبس المنزلي لمدة 15 يوم… العراق المحتل: يحتجز جيش الإحتلال الأمريكي حاليا في سجونه بالعراق، 500 قاصر، حسب تقرير رسمي قدمته الحكومة الأمريكية للأمم المتحدة، وأعلنت انها احتجزت ما مجموعه 2500 قاصر منذ الإحتلال حسب وزارة الدفاع الأمريكية. عن الجمعية الأمريكية للحريات المدنية 15/05/08 مصر – تطبيع مذلٌ ومهين: في ذكرى النكبة تدفق الغاز المصري المدعوم نحو الكيان الصهيوني (مع منع الطاقة عن غزة)، وبنت مصر جدارا ضخما بين غزة وسيناء، شهد الأمريكيون بمتانته وصعوبة اختراقه. وفي 15 ماي، أرسل الرئيس محمد حسني مبارك رسالة تهنئة لشمعون بيريس، بمناسبة « عيد الإستقلال »، كما يسمي عند الصهاينة يوم اعلان قيام دولة الكيان الصهيوني…. عن « الدستور » (مصر) 16/05/08 الكويت: جرت يوم 17/05/08 انتخابات تشريعية ثانية في ظرف سنتين بعد حل البرلمان من قبل السلطة التنفيذية. يبلغ عدد السكان الكويتيين مليون نسمة منهم 361700 مسجلين في قائمة الناخبين (200500 نساء و161200 رجال) سنهم فوق 21 سنة، لاختيار 50 نائب من جملة 274 مترشح ضمنهم 27 امرأة مترشحة. أ.ف.ب. 17/05/08 . فاز « التحالف الإسلامي السلفي » (فرع الإخوان المسلمين في الكويت) ب21 مقعد (من جملة 50) ولم تفز أية امرأة رغم عدد الناخبات الذي يفوق عدد الناخبين. ماليزيا – يزور ماليزيا سنويا 350 ألف سائح خليجي. تحاول السلطات الترفيع في عددهم إلى 450 ألف « لأن السائح الخليجي ينفق ما يعادل 7 أو 8 سياح من جنسيات أخرى، إذا وجد رغبته ». زار ماليزيا 21 مليون سائح عام 2007، وبلغت الإيرادات 15 مليار دولار. السياحة ثاني مورد للإقتصاد الماليزي بعد الصناعة (60 مليار دولار عام 2007). هناك 1800 فندق، بها 170 ألف غرفة، وتشغٌل السياحة نصف مليون عامل بشكل مباشر و3 ملايين بشكل غير مباشر. رويترز 15/05/08 الحبشة – أرقام ونسب خيالية: أعلن عن نتائج الإنتخابات البرلمانية والمحلية الأثيوبية، التي جرت يومي 13 و20 ابريل الماضي: شارك 93% من الناخبين البالغ عددهم 25,3 مليون ناخب. فاز الحزب الحاكم (الجبهة الشعبية) منذ 1991، ب97% من الأصوات… أثيوبيا تحتل الصومال نيابة عن أمريكا، مما جعل الإنتخابات ونتائجها لا تثير اهتمام « المنطمات غير الحكومية » ومنطمات حقوق الإنسان… أ.ف.ب. 17/05/08 البرازيل – اضراب عمال الموانئ: على اثر خصخصة الخدمات في الموانئ البرازيلية (في عهد الرئيس لولا دا سيلفا)، أصبحت الشركات تنتدب عمالا غير منخرطين بالنقابة وبرواتب أقل من الأجر الأدنى… شنت النقابات اضرابا منذ 14 ابريل وحكمت محكمة مدينة « ريو دي جنيرو » على أرباب العمل (الذين تساندهم الحكومة) بالتفاوض مع النقابات وعدم تجاوزها في قضايا الإنتداب والأجور. الكنفدرالية الدولية لعمال النقل 15/05/08 عولمة – ليت الشباب يعود يوما، فأخبره بما فعل المشيب: تعتبر « الأكاديمية الأمريكية لطب مكافحة الشيخوخة » (تجميل، تدليك، هرمونات، تغذية…) أن هذا القطاع « من أكبر الفرص التجارية، حيث يشهد متوسط نمو يبلغ 9,5% سنويا، إذ يبلغ حجم سوق مكافحة الشيخوخة 88,9 مليار دولار عام 2007، وسيفوق 150 مليار دولار عام 2013 ». هذا « المشروع التجاري » يستهدف 450 مليون شخص في العالم، قادرين على الدفع، بغرض استعادة شيء من الشباب. رويترز 15/05/08 فرنسا – اضرابات: منذ شهر، تكررت اضربات عمال الموانئ في خمس مدن ساحلية فرنسية، احتجاجا على خصخصة عديد الأنشطة والخدمات، وإهمال الدولة للبنية التحتية…تعطل النشاط كلية على إثر الإضراب الحالي. أ.ف.ب. 16/05/08 . وأضرب المدرٌسون يوم 15 أيار/ماي احتجاجا على غلق مدارس وعدم تعويض المدرٌسين المتقاعدين مما يكثف من عدد التلاميذ بالفصل الواحد… وللمرة الثالثة في ظرف شهر، يضرب الفنيون والمهندسون بشركات الخدمات الإعلامية والإ
أخبار الإتحاد الجهوي بسوسة
*هيئة إدارية أم إجتماع للوصية بعد مدة طويلة تكرم المكتب التنفيذي الجهوي بسوسة على هياكله بعقد هيئة إدارية يوم الإربعاء 21/05/2008 والغريب هو التكتم الشديد على هذه الهيئة حيث أن الإستدعاءات وقع توزيعها يوم الإثنين وقد أشرف على هذه الهيئة إبن عم الكاتب العام المنتظر وكانت مناسبة للتعبير عن تبعية المكتب لعلي رمضان فلم تكن المواضيع ذات أهمية ولا النقاش بل كانو بني وي وي وزخرف محمد الجدي الجلسة بعبارات خشبية وكيف لا وسي محمد بن رمضان كان قد إستدعى قبل ذلك بعض الفروع الجامعية على مأدبة عشاء ولهذا فإننا نقول لسي محمد كفاك مصاريفا من الإتحاد ونقول أيضا ما سر الخلاف الذي نشب بين محمد بن رمضان والمسؤول عن النظام الداخلي وحسن بن نصر املنا أن لايكون هذه المرة ملف سمسرة كالعادة والعوايد ونقول لسي محمد ما حكاية إستقالات أعضاء نقابة مستشفى فرحات حشاد ولماذا غيرت مقر الإجتماعات ولماذا صرحت منذ مدة بأنك لاتعرف كم في رصيدك وهل أن راتبك صرف أم لا …………………………….؟؟؟؟؟ أه نسيت يرحم من خلا………………… *عريضة بثلاث أوراق: وردت علينا عن طريق البريد الإلكتروني عريضة علمنا أنها وزعت على الكتاب العامين للنقابات الأساسية تكشف مهازل الإتحاد الجهوي بسوسة ولقد كانت محل نقاش في الهيئة الإدارية ولقد ورد بهذه العريضة نقاط عديدة وسنوردها عليكم في ملراسلة قادمة ونحن نقول لكمن وراء العريضة نحن على إستعداد لتقبل كتاباتكم نحن سنورد في المراسلات القادمة الفضائح المالية للإتحاد *سهرات ليلية: سهرات عديدة هذه اليام يقيمها اميم مال الجهوي ومنسق لجنة النظام الجهوية والأمين المال المنتظر فما حكايتها ربما هي لجان نظام قادمة…………. نلتقي في مراسلات قادمة جمال الدين Nakabi_soussi@yahoo.fr
رئيس الدولة يزور سجن المرناقية
قرطاج (وات) ـ اكد الرئيس زين العابدين بن علي الحرص على مقاومة ظاهرة العود للجريمة بالاحاطة الاجتماعية والنفسية بمن زلت بهم القدم وضرورة دراسة اسباب العود الى السجن والاهتمام بالمساجين المسرحين بما ييسر اندماجهم في المجتمع ويكرس البعد الاصلاحي للمؤسسة السجنية. كان ذلك بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس الدولة صباح امس الاربعاء الى سجن المرناقية الذي يعد معظم نزلائه من الموقوفين في انتظار محاكمتهم. وتعرف رئيس الدولة من خلال عرض بياني على مختلف مكونات واقسام هذا السجن وما يقدمه من خدمات صحية واجتماعية وثقافية ورياضية لنزلائه مستفسرا بالخصوص عن اصناف المساجين واسباب انحرافهم ومدى تواصلهم مع اسرهم واندماجهم في الحياة الاجتماعية بعد استفادتهم من برامج التأهيل والتكوين المهني في عديد الاختصاصات. واولى رئيس الدولة اهتماما خاصا بنسبة العود الى الانحراف واسبابه وما يبذل من جهود على مستوى الرعاية الاجتماعية والاحاطة النفسية لاسيما بالنسبة الى الشبان. واكد في ذات السياق على اهمية تكثيف الخدمات المساعدة على ضمان تواصل المساجين مع المحيط الخارجي وايلاء عناية خاصة كذلك بالتوعية ومحو الامية عن طريق البرامج التثقيفية وتعليم الكبار. واطلع رئيس الدولة في هذا الصدد على ظروف اقامة المساجين وما يتلقونه من تدريب وتكوين وتثقيف بالورشات وقاعات الدروس والمطالعة ومن خدمات رياضية وصحية في الوحدات المجهزة للغرض والتي يتولاها اطباء متفرغون ومتعاونون. وكانت الزيارة مناسبة ايضا تعرف خلالها رئيس الدولة على بعض الحالات من المساجين واصناف الجرائم التي ارتكبوها ومدة ايقافهم مؤكدا الحرص على متابعة مختلف هذه الجوانب قصد معالجتها وتوفير العوامل الملائمة لاعادة ادماج المساجين في الحياة الاجتماع
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
مجلس وزاري: إجراءات لفائدة منظومة السجون والإصلاح
قرطاج (وات) ـ على اثر الزيارة التي اداها الى سجن المرناقية اشرف الرئيس زين العابدين بن علي ظهر امس الاربعاء على مجلس وزاري خصص للنظر في معالجة بعض الجوانب المتعلقة باوضاع السجون واستمع المجلس الى عرض حول وضعية السجون من حيث عدد المساجين والبنية الاساسية والمرافق وبرامج الاصلاح والتأهيل وكذلك حول موضوع الايقاف قبل المحاكمة. ولاحكام منظومة السجون والاصلاح اقر المجلس ما يلي: ـ بالنسبة الى المساجين المبتدئين توسيع امكانيات ابدال عقوبة السجن بعقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة وذلك كلما تعلق الامر بجرائم لا تمثل خطورة على المجتمع. ـ مراجعة القانون المتعلق بالصلح بالوساطة الجزائية لتدعيم امكانيات الصلح مع الحفاظ على حقوق المتضرر ـ تدعيم امكانيات العفو التأهيلي لمضاعفة عدد المنتفعين وانشاء مراكز جديدة للتكوين داخل الوحدات السجنية ـ التعمق في دراسة اسباب العود للجريمة واقرار برامج ادماج ومتابعة خاصة للحد من هذه الظاهرة ـ متابعة اوضاع الموقوفين قبل المحاكمة بما يضمن عدم تجاوز المدة القانونية للايقاف التحفظي ومراجعة القانون ذي العلاقة لضمان اتمام التحقيق بدرجتيه في اقصر الآجال. واكد سيادة الرئيس على اهمية متابعة المساجين المسرحين ومساعدتهم على الاندماج في الحياة الاجتماعية ضمانا لتوازنهم النفسي والعائلي وبما يحد من ظاهرة العود.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 22 ماي 2008)
رئيس الدولة يهتم بنشاط جمعية إدماج المساجين المفرج عنهم
قرطاج (وات) ـ تشجيعا للناشطين في العمل الجمعياتي اهتم الرئيس زين العابدين بن علي لدى استقباله صباح امس الاربعاء للسيد حمادي بن سدرين رئيس جمعية ادماج المساجين المفرج عنهم بنشاط هذه الجمعية وبرامجها واطلع رئيس الدولة في هذا الاطار على مختلف اوجه انشطة الجمعية وجهودها الرامية الى تامين اندماج المساجين المفرج عنهم من خلال مساعدتهم على توفير مواطن الرزق. وعبر رئيس الدولة عن تقديره لما تبذله جمعية ادماج المساجين المفرج عنهم من جهود ترسيخا لثقافة التآزر والتضامن بين مختلف فئات المجتمع مؤكدا ضرورة توفير ظروف العمل الملائمة لفائدة هذه الجمعية حتى تقوم بدورها الانساني على افضل وجه. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
في جمعية المحامين الشبان
علمنا أن جمعية المحامين الشبان قد تمكنت مؤخرا من ابرام إتفاقية مع التجاري بنك، سيتم بمقتضاها تمكين المحامين الشبان من الحصول على قروض لفتح مكاتب محاماة. وتعتبر هذه الاتفاقية الاولى من نوعها التي تبرمها الجمعية مع مؤسسة بنكية خاصة. ومن مزايا هذه الاتفاقية أنها لا تحدد سقفا لمبلغ القرض الذي يسند للمحامي الشاب الراغب في فتح مكتب محاماة، عدا اشتراط تمويل ذاتي بنسبة 20 في المائة. كما يمكن تجاوز هذا الشرط على اعتبار أن الاتفاقية لا تحول دون الحصول على القرض. وفي هذا السياق كانت وزارة العدل وحقوق الانسان بالتعاون مع وزارة المالية قررت خلال سنة 2005 تمكين المحامين الراغبين في فتح مكاتب محاماة من قروض ميسرة من البنك التونسي للتضامن. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
«الشروق» تنفرد بنشره: موقف اتحاد الشغل من الدخول إلى مجلس المستشارين
سفيان الأسود
تونس ـ «الشروق» : أي موقف للاتحاد العام التونسي للشغل من تمثيله داخل مجلس المستشارين في الوقت الذي ستتم فيه عملية التجديد النصفي لأعضاء المجلس؟ هل سيبقى الاتحاد العام التونسي للشغل كممثل للأجراء خارج المجلس وتظلّ مقاعده شاغرة لدورة أخرى؟ ما هو موقف خبراء الاتحاد العام التونسي للشغل شكلا ومضمونا وما هي التبريرات التي قدموها بعد دراسة هذا الملف من مختلف جوانبه. وما هي الاقتراحات التي تمّ التوصل اليها لتجنب عدم تمثيل الأجراء داخل مجلس المستشارين؟ «الشروق» تنفرد بنشر موقف خبراء الاتحاد العام التونسي للشغل الكامل من مسألة التمثيل داخل مجلس المستشارين. ثلاثة اقتراحات لتحسين شروط تمثيل الأجراء في مجلس المستشارين جاء في موقف خبراء الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن تمثيله داخل مجلس المستشارين بأن الهيئة الناخبة في المجلس فيها مساس باستقلالية قطاع الأجراء وجرّه للتجاذبات الحزبية. ويؤكد الموقف بأن الواقع يكشف بأن هذه الهيئة الناخبة تتكون أساسا من منتخبين عن قوائم الأحزاب السياسية بناء على رؤى وتصورات وبرامج سياسية خاصة بكل حزب فإن اختيار ممثلي قطاع الأجراء في مجلس المستشارين والمفاضلة بينهم من قبل الهيئة الناخبة يؤول حتما الى الزجّ بمرشحي القطاع في أتون التجاذبات الحزبية والصراعات السياسية ولعبة الاستقطاب والتحالفات التي طالما حرص التنظيم المهني لقطاع الأجراء على البقاء بعيدا عنها حفاظا على استقلالية القطاع. مقاعد واعتبر الموقف أن عدد المقاعد المخصّص للأجراء لا يتناسب مع حجمهم الحقيقي في البلاد خاصة وأن القانون نفسه يطبق قاعدة النسبية عند تحديد حجم التمثيل الجهوي في المجلس. كما أن مساواة قطاع الأجراء بقطاع الأعراف وقطاع الفلاحين من حيث عدد المقاعد في المجلس فيه مساس ـ حسب هذا الموقف ـ بثوابت التمثيل المعتمد في منظومة الحوار الاجتماعي المعتمدة وطنيا والمكرّسة وطنيا على مستوى تشريعات الشغل وعدم مراعاة لحقيقة كون قطاع الفلاحين يشمل نسبة معتبرة من الأعراف أرباب العمل الفلاحي الذين يستخدمون الأجراء الفلاحين بما يؤدي الى اختلال المساواة بين قطاع الأجراء وقطاع الأعراف في المجلس. ويدعم الاتحاد تحليله بالتجارب المقارنة حيث يوجد شبه إجماع على خصوصية الهيئة الناخبة بحسب صنف التمثيل وذلك بأن يتم انتخاب الممثلين الجهويين سواء عن طريق الاقتراع المباشر من قبل أعضاء البرلمان والجماعات المحلية المنتخبين وانتخاب الممثلين القطاعيين عن طريق هيئات ناخبة قطاعية. اقتراحات ويقترح الموقف مراجعة توزيع الحصص في المجلس بين قطاعات الأعراف والفلاحين والأجراء بما يتّفق مع حجم ودور الأجراء ومراجعة القاعدة التي تفرض تقديم عدد مرشحين لا يقلّ عن عدد المقاعد المخصّصة للقطاع وإبدالها بقاعدة القوائم المغلقة على غرار ما هو مقرّر بالنسبة لقائمات مرشحي الولايات للمجلس. كما يقترح الاتحاد مراجعة تكوين الهيئة الناخبة وتخصيص هيئة ناخبة قطاعية تتولى انتخاب ممثل القطاع في المجلس. استثنائي ويقترح خبراء الاتحاد العام التونسي للشغل امكانية استصدار قانون دستوري استثنائي بهدف تحسين تمثيل قطاع الأجراء في مجلس المستشارين. المصدر: جريدة الشروق (يومية – تونس) بتاريخ 22 ماي 2008
آلاف الحجاج اليهود يتدفقون على أقدم كنيس بجربة التونسية
تواصل تدفق آلاف اليهود القادمين من أوروبا وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية الأربعاء على جزيرة جربة في تونس وذلك بمناسبة الزيارة السنوية لأقدم معبد يهودي في أفريقيا. وقال رئيس الطائفة اليهودية في جربة بيريز طرابلسي « يأتي الزوار بالمئات منذ الأحد وسيكون هناك نحو 6 آلاف بحلول موعد الزيارة السنوية » الخميس. ويشهد عدد الزوار اليهود للمناسبة زيادة سنوية يتوقع أن تبلغ هذا العام 40%، بينهم 1500 قدموا من إسرائيل وهو عدد غير مسبوق. وأوضح طرابلسي أنه سيستقبل للمرة الأولى كبير حاخامات برلين أبراهام هوس وعشرات اليهود القادمين من كندا. وتبقى فرنسا مع نحو أربعة آلاف زائر في طليعة الدول التي يأتي منها اليهود للمناسبة. ويأتي الباقون من إيطاليا وبريطانيا وألمانيا بحسب نجل رئيس الطائفة اليهودية في جربة رينيه طرابلسي الذي يتولى تنظيم الزيارة السنوية انطلاقا من باريس. وفتح أمس « كنيس الغريبة » الذي يعود إلى 2500 عام كما تقول الأسطورة وأعيد بناؤه في القرن الماضي، أمام الزوار في جزيرة جربة السياحية التي تشهد إقبالا سياحيا كبيرا على مدار العام. وتم بالمناسبة تزيين ساحات الجزيرة وشوارعها بأعلام تونس وصور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وسط إجراءات أمنية مشددة وحواجز أمنية نصبت عند أهم محاور الجزيرة. ونصبت بوابة إلكترونية لمراقبة كل الداخلين إلى محيط الكنيس. إجراءات أمنية مشددة وكانت الإجراءات الأمنية الخاصة عززت بهذه المناسبة بشكل كبير إثر العملية الانتحارية التي استهدفت الكنيس في 11 أبريل/ نيسان 2002 وتبناها تنظيم القاعدة وأوقعت 21 قتيلا بينهم 14 سائحا ألمانياً. وسيزور وزير السياحة التونسي خليل العجيمي جربة للمناسبة لاستقبال الزوار وتهنئة الطائفة اليهودية التونسية. وتعتبر الطائفة اليهودية التونسية الأكبر في العالمين العربي والإسلامي ويبلغ عدد أفرادها نحو 1500 شخص يقيم نصفهم في جربة. وكان عدد اليهود في تونس نحو مائة ألف شخص قبل إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 موزعين خصوصا بين جربة ومنطقة تونس العاصمة. وغادر معظمهم تونس إثر الاستقلال في 1956 في موجات ترافقت مع الحروب العربية الإسرائيلية، وتوجهوا خصوصا إلى فرنسا وإسرائيل. المصدر: موقع الجزيرة نت بتاريخ 21 ماي 2008
بمناسبة الزيارة السنوية لمعبد الغريبة: جربة تستعد لاستقبال 3 آلاف زائر يهودي
جربة – مدنين – الصباح: يتواصل توافد اليهود التونسيين والاوروبيين على جزيرة جربة بمناسبة الزيارة السنوية «لمعبد الغريبة» الكائن بمنطقة الرياض بجربة، هذه الزيارة انطلقت منذ يوم الخميس 15 ماي الجاري لتختتم يوم الأحد 25 ماي الجاري. وحرصت الدوائر المسؤولة على المستوى المحلي والجهوي والوطني على أخذ كل التدابير وتوفير أفضل الظروف لهذه الزيارة السنوية والتي تساهم في دعم الحركية السياحية والتجارية والتنشيطية بجزيرة الأحلام جربة… شخصيات هامة في الموعد وككل سنة وعلاوة على الزوار العاديين يستقبل «معبد الغريبة» العديد من الشخصيات الهامة في اختصاصات مختلفة وعددا آخر هام من اصدقاء تونس اليوم للمشاركة في هذه الزيارة السنوية والوقوف ميدانيا على ما تنعم به بلادنا من أمن واستقرار وتسامح وتعايش بين الأديان وتقدم في جميع القطاعات. ومن خلال مواكبة «الصباح» لهذا الموعد السنوي عبر العديد من الشخصيات عن اعجابهم بما وصلت إليه تونس خلال العشريتين من تطور وازدهار في مختلف المجالات بفضل السياسة الحكيمة للرئيس زين العابدين بن علي مؤكدين أن تونس البلد المسلم يجسم على أرض الواقع التعايش والحوار والتعلم والتسامح بين الأديان. على صعيد آخر نشير أن زوار «معبد الغريبة» من المنتظر أن يفوق عددهم هذه السنة 3000 جاؤوا من عديد البلدان والقارات والذين زيادة على قيامهم بهذه الزيارة السنوية اكتشفوا ثراء وتنوع المنتوج السياحي بهذه الجزيرة و«اقتنوا» هدايا تذكارية وعاشوا أيضا على وقع سهرات فنية موسيقية تراثية بالوحدات السياحية التي أقاموا بها… ودارت جميع هذه السهرات في أجواء احتفالية ومتوجهين بجزيل الشكر والامتنان لكل من عمل وساهم وسهر على أن تكون زيارتهم لجزيرة جربة تتم في أفضل وأحسن الظروف. تغطية إعلامية مكثفة وككل سنة وبمناسبة هذه الزيارة السنوية «لمعبد الغريبة» تم تسجيل حضور مكثف لمختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية العالمية للقيام بربورتاجات متعددة الاغراض ونقلوا صورة حية على أوجه الحياة بجزيرة جربة إضافة إلى مختلف الفقرات المتصلة بالزيارة السنوية «لمعبد الغريبة»… كما حضر العديد من الإعلاميين التونسيين العاملين في تونس لفائدة وسائل إعلامية من خارج أرض الوطن… وتجدر الإشارة إلى أن وزير السياحة السيد خليل العجمي سيتحول بعد ظهر اليوم الخميس 22 ماي 2008 إلى جزيرة جربة ليشرف بـ«معبد الغريبة» على احتفالات ستقام بالمناسبة… وبحضور الشخصيات الهامة التي حلت بجزيرة جربة على غرار السادة Pierre LELLOUCHE عضو مجلس النواب من فرنسا وAlbert MALLET رئيس منتدى باريس وSydney ASSOR شخصية يهودية بريطانية والسيدة Désireé Belaïche من جمعية Nèapolis. رحلات بحرية ونشير في الآخر إلى أنه تم تنظيم العديد من الرحلات البحرية إلى شبه جزيرة رأس الرمل لفائدة السياح اليهود وتمت في أفضل وأحسن الظروف. ميمون التونسي المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 22 ماي 2008
حزب تونسي معارض يشجب زيارة إسرائيليين إلى معبد ‘الغريبة’ بتونس
تونس / 22 مايو-أيار / يو بي أي: شجب الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي زيارة إسرائيليين إلى معبد « الغريبة » اليهودي بجزيرة « جربة » التونسية. وطالب الحزب المعارض والمعترف به في بيان حمل توقيع أمينه العام المساعد رشيد خشانة وزعه اليوم الخميس،الحكومة التونسية بوقف « تنظيم زيارات سنوية لمسؤولين وإعلاميين إسرائيليين إلى تونس بدعوى المشاركة في زيارة الغريبة بجزيرة جربة ». وبدأت في جزيرة « جربة » التونسية اليوم الاحتفالات السنوية ليهود تونس في معبد « الغريبة » اليهودي الذي يعتبر من أقدم المعابد اليهودية في منطقة شمال إفريقيا. ويشارك في هذه الإحتفالات أكثر من ستة آلاف يهودي يقيمون في تونس وفي بعض الدول الأوروبية، إلى جانب نحو 700 يهودي يقيمون في إسرائيل،وفق ما ذكره في وقت سابق بيريز الطرابلسي،رئيس الطائفة اليهودية بجزيرة « جربة » التونسية. وتقضي الطقوس الدينية لهذه المناسبة بإضاءة شموع في الكنيس مع توجيه دعاء والحصول على البركة من الحاخامات، وإجراء حفل مبيعات منوع يعود ريعه للجالية اليهودية في جربة. ومن جهة أخرى،دعا الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي الدول العربية، إلى « تقديم جميع أشكال الدعم التي يحتاجها الأشقاء في فلسطين،وإلى وقف التطبيع مع الكيان الصهيوني بجميع مظاهره ».وناشد المنظمات الإنسانية العربية والعالمية « العمل على الإفراج عن الأسرى والسجناء الفلسطينيين
المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 22 ماي 2008
حاخام الماني: جربة التونسية أفضل مثال للتعايش بين المسلمين واليهود
من منير السويسي جربة (تونس) 22 أيار/مايو (د ب أ) مدينة جربة التونسية أفضل مثال يحتذى به في عالم اليوم للتعايش السلمي بين المسلمين واليهود على حد قول أبراهام دوس حاخام العاصمة الألمانية برلين الذي يشارك لأول مرّة في مراسم دينية يهودية سنوية تقام يومي 22 و23 أيار/مايو الجاري في كنيس « الغريبة » بجزيرة جربة (500 كم جنوب العاصمة تونس). وأضاف الحاخام في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنّ « التعايش والانسجام الفريد من نوعه بين يهود ومسلمي جربة مثال يحتذى » ، مشيرا إلى أنه لا خيار اليوم أمام الحضارات والديانات والثقافات المتعددة سوى التعايش في سلام. وأشاد دوس بـ »تسامح وانفتاح » الشعب التونسي ، مذكرا بأن مسلمي تونس « وفروا الحماية لليهود » عند وصول النازيين الألمان إلى منطقة شمال أفريقيا إبان الحرب العالمية الثانية. وتبلغ مساحة جربة نحو 500 كيلومتر مربع ويعيش فيها أكثر من ألف يهودي في انسجام تام مع المسلمين وأقلية من المسيحيين. ويوجد في الجزيرة 11 كنيسا يهوديا وكنيستان مسيحيتان وعدة مساجد. ويرتاد أبناء اليهود والمسلمين نفس المدارس. وتمنح المدراس عطلة للتلاميذ اليهود يوم السبت باعتباره يوم عطلة في ديانتهم كما تعفيهم من دراسة مادة التربية الإسلامية. ويتعلم التلاميذ اليهود اللغة العبرية وتعاليم ديانتهم في مدرستين تلموديتين. ويتاجر يهود جربة مع المسلمين. ويشتري المسلمون الذبائح « الحلال » من عند محلات الجزارة اليهودية. وتتبادل العائلات اليهودية والمسلمة الزيارات في المناسبات السارة والسيئة على السواء. وأفاد الحاخام الالماني بأنه اتفق مع بيريز الطرابلسي رئيس الطائفة اليهودية في جربة ورئيس كنيس « الغريبة » على تكثيف التبادل الثقافي والاتصالات والزيارات بين يهود برلين وجربة. وخصّ اليهود التونسيون والأجانب الحاخام الألماني باستقبال حارّ قابله الأخير بترديد أناشيد توراتية داخل الكنيس وتوزيع الخبز والنبيذ على الزوار اليهود حسب العادات اليهودية. ووصف رينيه الطرابلسي منظم الرحلات الجوية بين أوروبا وجربة ونجل بيريز الطرابلسي مشاركة الحاخام الألماني بـ »الحدث التاريخي » ، مشيرا الى أن لالا سوسكند رئيسة الجالية اليهودية في برلين ستزور « الغريبة » في الفترة القادمة. وصرح الطرابلسي لـ (د.ب.أ) بأن 2000 يهودي ألماني منهم عدد هام من الناجين من المحرقة النازية سيشاركون في حج « الغريبة » الموسم القادم سنة 2009 ملاحظا أن تنظيم حج يهودي في بلد عربي « ما كان ليتحقق لولا الإرادة السياسية والدعم اللوجستي والأمني والمالي للسلطات التونسية ». من ناحيته قال الطرابلسي الاب الذي يرأس « الغريبة » منذ 45 عاما لـ(د.ب.أ) إن ستة آلاف يهودي بينهم ألف إسرائيلي والبقية من أوروبا وأمريكا الشمالية واستراليا يشاركون يومي 22 و23 أيار/مايو الجاري في « الهيلولة » وهي اسم الاحتفال الديني اليهودي السنوي بالكنيس. ولفت الحاخام التونسي إلى أن عدد حجاج العام الحالي ازداد بنسبة 40 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية. وأضاف أن اليهود يحجون إلى « الغريبة » منذ نحو 200 عام وأن أعلى نسبة من الحجاج تم تسجيلها سنة 2000 حيث زار الكنيس تسعة آلاف حاج ملاحظا أن تونس هي البلد الوحيد في العالم خارج إسرائيل الذي ينتظم فيه حج لليهود. وتابع: « نتوقع أن يبلغ عدد الحجاج نحو 30 ألفا بعد خمس أو ست سنوات. ولو تمّ فتح خط جوي مباشر بين إسرائيل وتونس لبلغ عدد الحجاج الإسرائيليين 20 ألفا ». ويصل الحجاج الإسرائيليون إلى جربة عبر مطارات أوروبية لعدم وجود علاقات دبلوماسية بين تونس وإسرائيل. وكان سيلفان شالوم وزير خارجية إسرائيل السابق قد طلب علانية عند مشاركته في 2005 في القمة العالمية لمجتمع المعلومات-التي نظمتها الأمم المتحدة بتونس- السلطات التونسية بإقامة علاقات دبلوماسية مع بلاده لكن تونس لم تستجب لطلبه. ويجري حج الغريبة وسط إجراءات أمنية مشددة للغاية منذ عام 2002 الذي شهد وقوع هجوم انتحاري تبناه تنظيم القاعدة استهدف كنيس « الغريبة » وخلف 21 قتيلا (14 سائحا ألمانيا وفرنسيان وخمسة تونسيين). وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قد أكد عقب الهجوم أن تونس « ستبقى مثلما كانت دائما منذ آلاف السنين بلد التسامح والتآخي والوفاق تتعايش فيها الأديان السماوية الثلاثة في أمان وطمأنينة ». ويقول مؤرخون إن أعدادا كبيرة من اليهود لجأوا إلى جزيرة جربة هربا من بطش نبوخذ نصر ملك بابل الذي دمر سنة 586 قبل الميلاد مدينة القدس وهيكل سليمان وسبى أكثر سكان المدينة. وحمل هؤلاء قطعا من حجارة هيكل سليمان الذي تم تدميره واستخدموها في بناء كنيس « الغريبة » وهو أول معبد يهودي يبنى خارج القدس. وتوجد في المعبد واحدة من أقدم نسخ التوراة في العالم. المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 22 ماي 2008
بذور شعير واعلاف سورية لتونس
تونس :اتفقت تونس مع سوريا لتزويدها بعينات من بذور الشعير والاعلاف المتحملة للجفاف والملوحة لتجربة زراعتها في المناطق التونسية الجافة وشبه الجافة0 وجاء ذلك خلال مباحثات بين الجانبين جرت في اطار زيارة رئيس الوزراء السوري السيد محمد ناجي عطري لتونس التي اختتمت امس . وتضمن المحضر اتفاق الجانبين ايضا على تبادل البحث العلمي الزراعي والاصول الوراثية في مجال استنباط اصناف البذور والزراعات التي تتماشى وظاهرتي الجفاف والملوحة والتشجيع على انجاز برامج بحث مشتركة بين الموءسسات البحثية في البلدين مع التركيز على المحاور التي تساعد على التأقلم مع المتغيرات المناخية والرفع من انتاجية قطاعي الحبوب والاعلاف كما نص المحضر على استفادة تونس من تجربة سوريا في مجال استصلاح الاراضي الزراعية في المناطق الصخرية والمرتفعة الى جانب تبادل التجارب في مجال حماية ومراقبة جودة المنتجات الزراعية والمكافحة اليولوجية للافات الزراعية. المصدر: وكالة الأنباء القطرية (قنا) بتاريخ 22 ماي 2008
الدورة الثانية لتظاهرة موسيقيون من تونس: طابع تونسي وانفتاح علي مدارس غربية ومشرقية
تونس ـ القدس العربي من سفيان الشورابي: ينظم مركز الموسيقي العربية والمتوسطية من 16 الي 25 ايار (ماي) 2008 الدورة الثانية لتظاهرة موسيقيون من تونس وذلك بمقر المركز في ضاحية سيدي بوسعيد. وابرز السيد مراد الصقلي مدير المركز في لقاء صحافي أن الدورة الجديدة ستكون ثرية بالتعبيرات الفنية المختلفة فهي تعكس بوضوح تمسك الفنانين بالطابع الموسيقي التونسي وصيغه المتعددة فضلا عن التفتح علي مدارس موسيقية أخري غربية كانت أو مشرقية. وتقترح الدورة الجديدة 13 موسيقيا أو مجموعة موسيقية مختلفة في تسع سهرات ستمكن جمهور النجمة الزهراء من اكتشاف عروض موسيقية تقدم لأول مرة. وستفتتح الفنانة شهرزاد هلال هذه التظاهرة الموسيقية من خلال عرضها قصيد الذي يضم مختارات من أروع القصائد العربية التي لحنت منذ مطلع القرن 20. أما حفل الاختتام فسيكون بامضاء مجموعة (رنين) بقيادة سفيان سفطة وذلك في عرض يحمل اسم (فرحة) وهو مخصص لتكريم الملحن وعازف الكمان الراحل قدور الصرارفي. كما يقام بالمناسبة معرض خاص بمسيرة هذا الفنان يحتوي علي مجموعة من الصور والوثائق الخاصة بحياته وأعماله وتتواصل سلسلة العروض المبرمجة كاللقاء مع الفنان والملحن عادل بندقة في عرض مشترك مع مجموعة ايقاع ألمانية. وقد اختار للعرض اسم ايقاعات نظرا لاشتماله علي لوحات ايقاعية تونسية وألمانية وتسجل الموسيقي العراقية التراثية حضورها في هذه الدورة من خلال عرض نسمات دجلاوية لمجموعة ثلاثي القسيس المتكونة من عازفين عراقيين علي آلتي العود والقانون وعازف ايقاع تونسي. كما يشارك في الجزء الثاني من السهرة ذاتها عازف العود التونسي المقيم بالمهجر حمدي مخلوف من خلال عرضه اثار الذي يندرج في سياق مسعاه البحثي في مجال المشاريع الموسيقية القائمة علي التمازج بين الثقافات الموسيقية المختلفة. وفي سهرة 20 ايار (مايو) يكون الموعد مع عرض لقاء مع بيتهوفن تصميم واخراج باولا كرافت برفقة عازف البيانو التونسي بسام مقني ويسلط العرض الذي يجمع بين السرد والعزف الضوء علي حياة الموسيقار بيتهوفن من خلال مختارات من رسائله ومذكراته الشخصية الي جانب مقتطفات من أعماله الموسيقية. ويخصص الجزء الأول من سهرة 21 ايار (مايو) الي مجموعة سمير الفرجاني في عرض قوس قزح الذي يشمل ألوانا موسيقية متعددة شرقية وغربية فيما يؤمن الجزء الثاني الثنائي نجوي بن عرفة غناء واحمد القلعي عود في عرض يحتوي علي أعمال من التراث العربي التونسي والمشرقي. ويلتقي الجمهور في سهرة 22 ايار (مايو) مع الثنائي التونسي البلغاري المنذر التمار عازف كلارينات وميروسلاف حفوزوف عازف بيانو في عرض موسيقي يحتوي علي مجموعة من القطع الموسيقية المستمدة من المدونة الكلاسيكية والحديثة الأوروبية. أما الجزء الثاني من السهرة فسيكون بامضاء المجموعة الاركسترالية التونسية بقيادة رشيد قوبعة وفي يوم 23 ايار (مايو) يكون الموعد مع مجموعة مالك اللوز التي تقترح في عرضها جذور قطعا مستندة الي قوالب كلاسيكية مثل السماعي والتحميلة واللونقة الي جانب عرض مرايا لسفيان سفطة ومجموعته وفي السهرة قبل الأخيرة من هذه الدورة 24 آيار (مايو) يقدم الفنان صلاح مصباح رفقة مجموعته عرضا جديدا اختار له اسم (خانة). المصدر: جريدة القدس العربي (يومية – بريطانيا) بتاريخ 21 ماي 2008
اليس كذلك؟ تحكيمنا في أحلك أيامه.. 18 طاقما أجنبيا.. والبقية تأتي!
لست بصدد فتح ملف التحكيم… … ولا أروم الحديث عن عباقرة التعيينات.. كما أنني لا أضمّ صوتي الى أصوات المنادين باستقالة عبد السلام شمام بدعوى أن من يخفق في تحقيق الأهداف التي خطّط لها عليه الانسحاب بشرف وبلا ضجيج. لا، إنني لا أضمّ صوتي الى اصوات هؤلاء ولا أرى الوقت مناسبا لتعرية كل الحقائق وكشف المستور.. وقد أفعل ذلك قريبا دون أن أخشى في الحق لومة لائم. أما ما أردت قوله اليوم فهو أننا جلبنا الى حد الآن 18 طاقما أجنبيا بالتمام والكمال ـ تبارك الله ـ والبقية تأتي مادامت أمامنا ثلاثة أدوار أخرى للكأس وهي ربع النهائي ونصف النهائي والنهائي، بحيث أن هذا الرقم مرشّح للارتفاع في موسم وضع ـ تبارك الله ـ تحت شعار القضاء على ظاهرة الاستنجاد بالحكام الأجانب أو الحدّ منها على الأقل. ففي 26 جولة لحساب البطولة ـ وبعد أن سحبت جل الأندية ثقتها من اللجنة الفيدرالية للتحكيم ـ جلبنا 16 طاقما أجنبيا، اضافة الى طاقمين آخرين لمقابلتي الكأس بين الترجي الرياضي والنادي الافريقي، ثم بين النادي البنزرتي والترجي الرياضي ليرتفع العدد الجملي للطواقم الأجنبية مبدئيا ـ وأقول مبدئيا لأن الموسم لم ينته بعد ـ إلى 18 ـ تبارك الله ـ! ولكن دون مراوغات أو لفّ ودوران، وقبل أن أتولى في فرصة أخرى بحول الله الكشف عن عيّنات مما حدث ويحدث، دعوني أعلن بكل امتعاض وبصريح العبارة أن تحكيمنا يعيش الآن أحلك أيامه.. فتلك حقيقة ثابتة وغير قابلة للتشكيك أو الطعن! وقديما قالوا من يرزع الرياح لا يجني غير العواصف! أليس كذلك؟ حسن عطية (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
سم الله الرّحمن الرّحيم الحوار.نت : الجزء الثّاني والأخير من الحوار المتميّز الذي أجراه الحوار نت مع الأستاذ بن عيسى الدّمني ولمن أراد الإطّلاع على الحورا كاملا يجده على الرّابط التاّلي: http://www.alhiwar.net/1/demni.htm
الحوار.نت : بوصفك أحد مؤسسي الحركة الإسلامية وأحد المنظرين لتوجهها القائم على الجمع بين الإسلام والحداثة كيف ترى مآل وتطور تلك الحركة بعد هذه الفترة الطويلة نسبيا من عمرها؟ هل حافظت على تلك الوسطية التي نشأت عليها أم أن ذلك مهدد بسبب ظهور الصحوة الجديدة أو بسبب التحالف الجديد القديم بينها وبين العلمانيين الذين يشترطون ما يسمونه عقدا ديمقراطيا أرضية للتحالف السياسي؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:لا بد من التوضيح ابتداء أن البحث في علاقة الإسلام بالحداثة يحتاج إلى تدقيق لا بد منه: فلو استندنا إلى الحديث النبوي القائل: « إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها » (أخرجه أبو داود في الملاحم، باب ما يذكر في قرن المائة)، و استأنسنا بمضمون الأثر الذي مفاده: « رحم الله امرئا عرف زمانه ثم استقام »، لقلنا جازمين إن صلاح الدين و الدنيا معا يتطلب الانخراط في حداثةٍ ما. (و لست أعني بالدين رسالة السماء – فهذه كاملة و خاتمة لما سبقها- و إنما أعني به تمثل تلك الرسالة من قِبل الناس في التاريخ، أو ما يمكن أن نسميه بالتدين). إلا أن الحداثة التي نقصد، من وجه آخر، ليست حالة جاهزة أعدها لنا الآخرون – أعني الغرب – على هيأة نهائية و مكتملة، بحيث لا يزيد دورنا إزاءها على استهلاك منتجاتها و أداء واجب الاحترام و التقديس لقيمها. فلو كان الأمر كذلك، لاقتصر دورنا في التاريخ على التأسي بالغرب و اتباع مسيرته الحضارية « شبرا بشبر و ذراعا بذراع » من غير إضافة و لا إبداع، و لوقعنا بالتالي في عكس مقتضى الحداثة ذاتها من أكثر من وجه. و هذا هو المأخذ الأساسي على مدرسة لطفي السيد و طه حسين (خصوصا في مؤلفه « مستقبل الثقافة في مصر ») و أدونيس (في كتابه « الثابت و المتحول »). فتقديس حداثة الآخر و استنساخها بعجرها و بجرها في بيئة حضارية غير بيئتها هو في الحقيقة عمل ماضوي و استلابي في آن: هو ماضوي لأنه يقوم على استقدام منجَز تحقق في سياق ينتمي بالضرورة إلى الماضي، بقطع النظر عن مدى قربه من الناحية الزمنية (و تلك من حيث التعريف مفارقة تاريخية-anachronisme- ). و هو استلابي لأن هذا الماضي هو ماضي غيرنا و ليس ماضينا. مع الإشارة إلى أن كثيرا من العرب و المسلمين الذين فهموا الحداثة بهذا المعنى المذموم – سواءً أكانوا ساسة أو مثقفين– سوغوا لأنفسهم الدعوة إلى المفاصلة مع ماضيهم الحضاري الخاص، و مارسوا عمليا ضروبا من التغريب القسري، في ظل قصورهم عن الرقي بمجتمعاتهم إلى مراتب القدرة الفعلية على إبداع حداثتها بذاتها. و أنىَّ لهم ذلك، و هم الذين ربما لم تتعدّ عقولهم، بحسب ذات منطقهم المتحفظ عليه، منزلة ما قبل فلسفة الأنوار (القرن: 18 م.) أو حتى ما قبل الديكارتية (القرن: 17 م.) في أوروبا.. و تلك مفارقة شنيعة ثانية تشهد عليها في تاريخ المسلمين المعاصر نماذجُ من الاستبداد السياسي تحت عنوان « الحداثة »!.. إن الانسلاخ عن الذات، و انتحال هوية الآخر، و استغلال السلطة فوق ذلك لفرض التغريب (occidentalisation) على شعوبنا العربية و الإسلامية، من شأنه أن يوقعنا في محذور إلغاء مبدأين هما من أفضل ما أنتجته الحداثة ذاتها، علاوة على كونهما شرطين ضروريين لأي تقدم حضاري مطلقا، أعني: مبدأ الحق في النقد و مبدأ الحق في الاختلاف. و لعل هذا المحذور هو الذي جعل بعض المفكرين، من أمثال محمد عابد الجابري، يميلون إلى اعتبار « الحداثة » ظاهرة خاصة بالغرب، و اعتبار أن غاية ما يمكن القيام به في واقع العرب و المسلمين تحديدا هو « التحديث »، بالمعنى الذي يتناسب مع مفهوم « الإصلاح » في أدب النهضة العربية. و لئن كان هذا الرأي قابلا للنقاش، إلا أن هذا الحيز من الحديث لا يسمح بالاستفاضة في ذلك. و حسبنا الإشارة إلى أنه لا لزوم في المطلق لربط موضوعة الحداثة بمرجعية تاريخية و قيمية وحيدة لا انفكاك عنها. و إلا للزم أن يكون التغريب هو السبيل إليها فعلا، و لوقعنا بالتالي في الاغتراب (Aliénation) الحضاري المرفوض.. بالمقابل، ليس ثمة مبدئيا ما يمنع من تصور حداثة بالدلالة اللغوية المجردة من أي إحالة قيمية، و بتنكير اللفظة لا بتعريفها (لأنها إذا عُرِّف نُكِّرت، كما يقول النحويون، و العكس صحيح)، و بحيث يكون كل شعب (بالمعنى الأنثروبولوجي) مؤهلا لنشدان حداثته الخاصة التي تنبثق من رحِم ثقافته و تتساوق مع أصوله الحضارية القابلة للانبعاث و التجدد؛ و يترجم ذلك في الواقع على هيأة يمكن أن تكون أرقى من حداثة الغرب على كل صعيد. في هذه الحالة، لن يكون ثمة ما يمنع من أن نأخذ بأفضل ما في حداثة الغرب – علما بأن لدى الغرب كثير مما هو جدير بالأخذ و الاقتباس على المستويين التقني و الإنساني- و أن نصهر ذلك ضمن بنائنا الحضاري الخاص، بما يخدم مصالحنا الوطنية و القومية و يساعدنا على التقدم، و لا يتصادم مع ثوابت هويتنا و ضوابط أخلاقنا. لا بل إن ذلك الاقتباس سيكون من أهم عوامل ربح الوقت و تقليص الكلفة و إثراء الذات. و هذه كلها شروط مطلوب توافرها في أي استراتيجية نهضوية تستهدف البلاد الإسلامية و البلاد النامية بشكل عام. إلا أن ما ينبغي الحذر منه بشدة هو أن يتسرب إلى وعينا، بقصد أو يغير قصد، منطق المركزية الغربية (Occidentalo-centrisme)، على غرار ما هو حاصل لدى بعض المتخلفين من المثقفين العرب الذين يتوهمون أن حداثة الغرب لا تُنتج أبدا إلا الديموقراطية لشعوبها و الأمن و السلام للعالم. فهذه فِرْيَة تصادم حجج العقل و شواهد الواقع و التاريخ معا. وإذا كنا نجد للبعض عذرا في عدم الاطلاع و الإفادة من اتجاه « ما بعد الحداثة » الذي برز كمحاولة للمراجعة و لتجاوز معايير النمذجة الحضارية، على نحو ما عبرت عن ذلك فلسفة هابيرماس و ما كتبه عموم فلاسفة مدرسة فرانكفورت و غيرهم ممن جاؤوا بآخرة؛ فإنه لا عذر في المقابل لمن ديدنُهم إغماض الأعين و صم الآذان عما كرسته حداثة الغرب الراهنة عمليا من تناقض فاجر بين خطاب يرفع مبادئ الديموقراطية و حقوق الإنسان و التسامح و السلام إلى مراتب القيم الكونية العليا، و بين ما أنتجته ذات الحداثة من ظواهر لا تمت إلى تلك المبادئ بصلة: كالاستعمار قديمه و جديده، و تشكل الأحزاب النازية و الفاشية، و الحربين العالميتين اللتين تسببت فيهما، و سياسات الغرب الهيمنية و التدميرية في عصر العولمة الراهن… إن عدم وضع هذه الظواهر في الحسبان، و رفض التصدي لها، رغم ما لحق العالم الإسلامي جراءها من كوارث، لا يمكن بحال أن تسوّغه دعاوى الحداثة و التحديث. بل هو موقف لا يُفهم إلا على أنه من قبيل الولاء و العمالة لأعداء الأمة. و الحاصل أن من يبتغي أن يكون حداثي الفكر بحق ينبغي أن يجعل التاريخ أمامه و ليس خلف ظهره، و أن يجعل مستقبله بين يديه لا بين أيدي غيره. فلا معنى لحداثة لا تمنح الإنسان كامل الحرية في أن يحقق إنيته دون ارتهان للغيرية، و لا تقر بحق الشعوب في أن تبني نهضتها متحررة من الضغوط السياسية و الإملاءات الاقتصادية الخارجية و من صور الثقافة النمطية و وصفات التنمية الجاهزة. فهل يجوز لنا أن نحلم بشهادة اليوم الذي ينجح فيه المسلمون و الصينيون و الهنود و غيرهم، كلٌّ من جانبه و باجتهاده، في رفع هذا التحدي، عسى أن تدخل البشرية منعطفا تاريخيا جديدا تتنوع فيه الحداثات بتنوع الهويات، و تتعددُ القوى و الأقطاب بتعدد المصالح و القوميات، حتى لا يستمر مصير البشرية مرتهَنا لإرادة غرب مهيمن؟ إذ لا سبيل إلى تصور أي سلام و لا استقرار في العالم إلا وفق هذا المنظور التعددي و التوازني. « يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا » (سورة الحجرات، الآية: 13): « و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض » (سورة البقرة، الآية: 251). و لا سبيل إلى التوقي من مخاطر الفضاء الاتصالي المعولَم إلا بحماية واقع اختلاف الثقافات في العالم، و الانطلاق منه لإرساء ثقافة الاختلاف، و تربية النشء عليها، و إشاعتها بكل الوسائل على أوسع نطاق كوني. ألم تصرَّ فرنسا على مبدأ « الاستثناء الثقافي » لمّا خشيت على هويتها – و هي المنتمية إلى الغرب – من غزو القيم الأمريكية الوافدة على محامل الإنتاج السمعي البصري الداهم؟ فما ظنك بحالنا نحن، و لمّا نصل بعد إلى ما وصل إليه القوم من تقدم و إشعاع… ! لو نظرنا الآن إلى مآل الحركة الإسلامية في ضوء هذه الأفكار التوضيحية، لأدركنا أن تقدمها يدور وجودا و عدما حول مدى حداثتها، بالمعنى الذي أسلفنا. و قد لا يختلف اثنان في أن تنظيماتها في العالم لم تعد تسير بسرعة واحدة: فالتي لم ترتهن منها لماضيها و لم تقف عند ما تعتبره « شرعيات تاريخية »، بل طعّمت نفسها بأجيال جديدة من المفكرين المؤمنين بضرورة إبداع حداثة إسلامية، و فتحت المجال أمام قيادات متوقدة ذكاء و متشبعة بروح التفتح و التجديد في تعاملها مع الواقع المحلي و العالمي ( مثلما هم الحال تقريبا في تركيا و إيران و ماليزيا و إندونيسيا و المغرب)، لاحظنا أنها تقدمت أشواطا هائلة على جميع المستويات و حققت للمشروع الإسلامي في أوطانها من المكاسب ما كان إلى وقت قريب يُعد من قبيل الأحلام، رغم أن بعض تلك التنظيمات حديثة النشأة نسبيا. بينما نرى أن تنظيمات عريقة مثل حركة الإخوان المسلمين في مصر التي تأسست منذ 1928، و التي تشكل حاليا أضخم تنظيم قطري، و تمتلك أكبر كتلة معارضة داخل البرلمان المصري، و لها حضور فاعل في تنظيمات المجتمع المدني، ظلت في المقابل تتقدم بسرعة أقل؛ رغم كونها تتحرك في بيئة اجتماعية و سياسية مهيأة للتغيير، و في ساحة إسلامية عامة تزخر بقامات محترمة في العلم و الذكاء و التجديد من قماشة محمد عمارة و طارق البشري و محمد سليم العوا و فهمي هويدي و عصام العريان (و الأخير قيادي في الإخوان) و كثيرين غيرهم… لا أخفِي أنني لما اطلعت على جوانب من وثيقة مشروع البرنامج السياسي « للإخوان »، الذي صدر مؤخرا، فوجئت بنزعته المحافظة، و تساءلت في نفسي: أين الاستفادة من علم هؤلاء و من ذكائهم و روح التجديد لديهم عند صياغة هذا المشروع؟ لكن الأمل يظل قائما في تدارك الأمر إذا علمنا أن الحركة لم تصادق على الوثيقة باعتبارها برنامجا نهائيا، بل طرحتها مشروعا لاستشارة علنية واسعة النطاق. و هذا سلوك ديموقراطي محمود يُحسب لها. و المرجو أن تثمر هذه الاستشارة المفتوحة مراجعات جوهرية تشمل بالخصوص جوانب في البرنامج ذات علاقة بالقانون الدستوري و بمنزلة غير المسلمين في المجتمع الإسلامي تحديدا، و أخرى تتصل ببعض الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية. إذ بدون هذه المراجعات، ربما تفقد حركة « الإخوان » في مصر رصيدا لا يستهان به من المساندة حتى في أوساط الإسلاميين أنفسهم، علاوة على أنها قد تبدو متخلفة عن بعض نظيراتها و حتى عن بعض امتداداتها المتطورة في البلاد العربية. أما الحالة التونسية، فتشهد الأدبيات و اللوائح على أن انخراطها في نهج تحديث الفكر و العمل الإسلامييْن كان مبكرا نسبيا. و قد ساعد على ذلك عوامل اجتماعية و ثقافية منها: أن نشأة الحركة الإسلامية قد تمت هنا ضمن جيلٍ من الشباب تكوّن داخل مؤسسات التعليم العصري التي حلت محل التعليم الزيتوني في مرحلة ما بعد الاستقلال. فكان رصيده من مناهج العقل و روح النقد و علوم الإنسان و المجتمع غير قليل. ثم إن الثلة من شيوخ الزيتونية الذين أسهموا في تلك النشأة و احتضنوها – و في مقدمتهم الشيخان عبد القادر سلامة و محمد صالح النيفر رحمهما الله – قد تحلى جل أفرادها بروح تحرر و شبابية نادرة. كل ذلك ساعد الإسلاميين التونسيين على أن يكونوا تاريخيا أسبق من نظرائهم في المشرق و المغرب إلى التجديد، لا سيما في مجال الفكر السياسي و الاجتماعي. لكنهم لم يفلحوا عمليا في ترجمة أطروحاتهم المتطورة نسبيا إلى واقع اجتماعي و سياسي عيني. و لئن كان لسياسات الحكومات المتعاقبة، و لمسانديها من أنصار مبدأ فصل الدين عن الدولة المنتشرين في الأوساط المثقفة و في عموم الطبقة السياسية التونسية، دور ثابت في ذلك؛ فإن ما ارتكبته « حركة النهضة » من أخطاء استراتيجية منذ أواخر الثمانينات قد أوقعها في مأزق حاد و حرمها و المشروعَ الإسلامي عامة من تحقيق ما بشرت به. و قد شكل هذا المآل في أعين كثير من الشباب التائق إلى التغيير دليلا عمليا ليس فقط على إخفاق تنظيم « النهضة » و إنما على إخفاق خيار التحديث داخل الحركة الإسلامية، و ما تولد عنه من نزعة للمشاركة السلمية و القانونية بشكل عام. و كان ذلك سببا في تقهقر الساحة الإسلامية العامة، و تسرب أساليب متنافرة من التفكير و العمل إليها؛ تنوعت بين المحافظة الفكرية، و التصوف الانعزالي، و التشدد التكفيري، و الخروج المسلح، و التشيع المذهبي. لكنّ حاصلَ الرأي عندي أن طبيعة البيئة التونسية الطاردة تاريخيا للغلو، من جهة؛ و ثبات أبناء « حركة النهضة » على النهج المدني السلمي، من جهة أخرى؛ إضافة إلى الانكماش الدراماتيكي السريع الذي اعترى الظاهرة المسماة ب « السلفية الجهادية » بعد أحداث مدينة سليمان الدامية التي مر الآن عليها أكثر من عام؛ كل ذلك قد جعل الساحة الإسلامية التونسية تتجه اليوم تدريجيا إلى استعادة توازنها و تقليص تشتتها و الاستواء وسطيا داخل المجتمع المدني للإسهام بدور ما في عملية الانتقال إلى الديموقراطية. و لست أرى داعيا، في هذا السياق، لتوجس بعض الإسلاميين خيفة من التنسيق و التعاون مع بقية الفعاليات و التنظيمات السياسية و المدنية المعارضة، بغاية صياغة عقد ديموقراطي جامع يساعد على أن يتم هذا الانتقال سلميا؛ خصوصا و أن التجربة قد بينت أن هذا العمل لا يمكن أن ينهض به طرف سياسي بمفرده. فأيّ مبادرة لتنسيق الجهود إنما تمثل فرصة ثمينة لتجاوز واقع التشتت في صفوف قوى المعارضة الحقيقية، و إطارا عمليا للحوار و بناء جسور الثقة، في المدى الراهن. و هي، فوق ذلك، من الضمانات العملية التي تكفل عدم تنكب أيّ طرف عن مستلزمات الديموقراطية أو انقلابه ضدها، في المدى البعيد. على أن غاية هذا المسعى التنسيقي ينبغي أن تكون هي الوصول إلى اتفاقِ حدٍّ أدنى يصلح لأن يشكل أرضية عمل مشترك، دون حرمان أيّ طرف شريك من إثبات خصوصيته فيما زاد على ذلك، و المضيّ في إنجاز مشروعه الفكري الخاص. الحوار.نت : إذا كنت مع الرأي القائل بأن الحركة الإسلامية في تونس تأخرت ـ سواء بسبب المحن أو لأسباب أخرى ـ عن إستكمال مشروعها الثقافي الفكري العام الذي يمكن أن يكون أساسا لبديل حضاري يساهم في تجديد الفكر الإسلامي ومواكبة فريضة الإجتهاد .. إذا كنت كذلك فهل يمكن أن تحدد لقرائنا الكرام أهم العناوين التي تتطلب إستكمالا وما هي المنهجية الأوفى في رأيك لملامسة ذلك الإستكمال؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:إذا نظرنا إلى الحركة الإسلامية من منظور كونها حزبا سياسيا بالمعنى الحديث للكلمة، يكون إنجاز البرنامج السياسي أوْلىَ، في رأيي، من الاشتغال على الجانب الفكري الخالص. لأن البرنامج يمثل أداة لازمة و قاعدة عمل أساسية لأي حزب بهذا المعنى. فهو الذي يتضمن مبادئ الحزب و أهدافه و وسائل عمله، و ما يطرحه على الرأي العام من حلول و مقترحات للنهوض بالبلاد سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا. و على أساسه يكون الانتماء السياسي، و به يخاض الصراع و تتم المشارك. لذلك فإن اقتحام أيّ حزب ساحة السياسة بدون برنامج من شأنه أن يجعله أسير العموميات و المتشابهات و الغموضُ، و يفتح الباب أمام أعضائه و مناصريه لمباشرة ضروب لا حصر لها من التأوّل في الفهم و الارتجال في العمل. و لنا أن نتخيل ما قد ينجر عن ذلك من ارتباك وتناقض في المسار العام، و من تصدعات داخلية و صراعات عبثية مع السلطة و مع عموم المخالفين. على أن الصفة السياسية للحركة الإسلامية لا تنزع عنها مرجعيتها الدينية. و هذا هو منطلق الإشكال الذي يحتاج إلى معالجة فكرية واضحة: إذ ليس يكفي الحركة أن تحدد هويتها بنسبتها إلى الدين الذي تشترك فيها مع كافة مكونات المجتمع (و الحديث هنا عن مجتمع تونس المسلم تحديدا، حيث لا نعلم أن تنظيما مدنيا أو سياسيا أعلن تخليه عن هذا الدين علنا، اللهم إلا أفرادا معدودين لا اعتبار لهم و لا شأن لنا بهم). ثم إن الصفة الإسلامية قابلة لتحديدات عديدة قد تتعارض فيما بينها كلما اقتربنا من المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية. فلا مناص إذن من توفير قدر محترم من الوضوح، دون المطالبة بأن تتحول الحركة إلى مركز دراسات فكرية. فلا مهماتها الأصلية تقتضي ذلك، و لا هي ذاتها بقادرة عليه. و لئن قطع الإسلاميون في تونس شوطا لا بأس به في اتجاه توضيح رؤيتهم الفكرية و منهجهم الأصولي، إلا أن الالتزامات العملية و المحن التي تعرضوا لها قد حالت دون أن يستمروا في ذلك الاتجاه، تطويرا لما أُنجز، و استكمالا للمشروع حتى يشمل الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي ظلت ثقافتهم السائدة بشأنها مجملة في اختيارات مبدئية هي إلى البلاغات و إعلانات المبادئ العامة أقرب منها إلى الفكر المنهجي المؤصل، مما تسبب في ظهور شتى المواقف و النزعات غير المنسجمة. و هنا لا بد من القول بصوت أرجو أن يكون مسموعا: إنه ما عاد من اللائق ولا من المقبول أن يظل أبناء الحركة الواحدة، و أحيانا قياديوها، إلى اليوم، على غير اتفاق بينهم فيما يتعلق بهوية حركتهم: أهي « حزب سياسي » أم « دعوة دينية »، أم « حركة مجتمع »؟ و هل هي مدنية التوجه أم غير ذلك؟… و يقيني أن السبب الأساسي لهذه الاختلافات، التي تتردد أصداؤها من حين إلى آخر، هو الاضطراب المفهومي و الاصطلاحي الحاصل في الأذهان نتيجة لعدم صدور الجميع عن أساس فكري واحد مكتمل الصورة. و لا يفوتني التنبيه إلى ضرورة أن يكون لأهل الذكر و التخصص المعرفي الدور الأول في الخروج من هذه الوضعية. مع الإشارة إلى أن ما أنجزه بعض السادة العلماء و المفكرين و المهتمين بالمسألة النظرية، في داخل الحركة الإسلامية و في محيطها العام، من دراسات و بحوث قيّمة، بجهد منفرد، هو من الأهمية بحيث يصلح لأن يكون مادة أساسية لاستكمال المشروع الفكري الجماعي و تطويره، لو توافر المناخ السياسي المناسب؛ إذ لا يخفى أن الفكر لا ينمو عادة في أجواء الصدام. و من المسائل التي ظلت تحتاج إلى بحث معمق و إلى مراجعة، تحت عنوان الفكر السياسي، أذكر بخاصة: – علاقة الدين بالدولة (فإذا كان من الغباء الفكري أن يطرح بعضهم سؤال: « هل في الإسلام دولة؟ »، على اعتبار أن الجواب بالإيجاب مفروغ منه، سواء بالرجوع إلى مباني النصوص و معانيها، أو بالرجوع إلى تجربة التاريخ في كل مراحلها؛ فإن السؤال الوجيه الذي يتطلب جوابا معمقا هو: ما نوع الدولة التي تكون أكثر وفاء لأحكام الإسلام و أكثر تعبيرا عن مقاصده؟ أنا على تمام الاقتناع بأنها دولة مدنية بلا شك. و إذا كان هذا لا يعني تبني مبدأ فصل الدين عن الدولة، فإنه لا مندوحة عن بيان أوجه التمييز الواضح بين المجالين الديني و السياسي على الصعيد المؤسسي، و على صعيد التخصص الوظيفي). – إشكالية الإسلام و الديموقراطية (إذا كانت الشورى مبدأ إسلاميا عاما، فإن الديموقراطية بمعناها الإجرائي المعاصر، المجرد من كل شحن مذهبي أيديولوجي، هي أفضل آلية تطبيقية لهذا المبدأ في المجال السياسي –أو لنقل، تحريا للدقة، إنها أقل الآليات سوء–). – الشريعة و القانون (لا بد من التأكيد على الصفة الرسالية (الجوهرية) للشريعة، و تمييزها عن الصفة التاريخية (العرَضية) للقانون: فالشريعة، باعتبارها جزء من الرسالة، ليست مجرد مدونة أحكام أو وصفة تشريعية جاهزة للتطبيق على هيأة نمطية واحدة أيا كان الزمان و المكان و الحال. فصلاحيتها لكل زمان و مكان لا يلزم عنها البتة تبنى هذه النظرة الميكانيكية القاصرة. لا شك أن الشريعة تتضمن أحكاما ثابتة. لكنها، في حقيقتها الشاملة، تنطوي أيضا على قيم عامة و أصول كلية؛ و هي تتشوف إلى مقاصد ينبغي استجلاؤها باستقراء مستفيض للنصوص؛ ثم إن كثيرا من أحكامها عام يحتاج إلى تخصيص أو مجمل يحتاج إلى تفصيل أو مطلق يحتاج إلى تقييد. مما ينبغي معه النهوض بجهد منهجي دقيق، يتم في جدل مع الواقع، وفق مقاييس الاجتهاد و شروطه العلمية، بغاية تطبيق الأحكام على الوقائع. و ينبغي أن يضطلع بهذا الجهد رجال تتوافر فيهم شروط العلم و الخبرة و الخلق القويم. و لا يمكن تصور القانون إلا من هذا المنظور و ضمن هذه الآلية. فالإقرار بمرجعية الشريعة في أي مجتمع ينتسب إلى الإسلام لا ينفي عن القانون صفته التاريخية اللازمة (بكل ما يعنيه ذلك من خصائص العرَضيّة و النسبية و القابلية الدائمة للتغيّر بتغير الأزمنة و الأمكنة و الأحوال). و بهذا المعنى، يمكن أن ننظر إلى الشريعة باعتبارها المثال الأعلى الذي يقدّم صورة نموذجية عن المجتمع الفاضل. و ما أظن أحدا ينكر البون الشاسع بين ذلك المثال الرسالي و بين واقع المسلمين الراهن على جميع المستويات. لا بل إن هذا البون سيستمر أبدا، ما استمر التغاير قائما أنطولوجيا بين المثال و الواقع،، بين الدين و التدين،، بين الإسلام و الفكر الإسلامي،، بين الحقيقة و التاريخ. و هذا ما اقتضى النسخ عند تنزيل القرآن، و التيسيرَ في التكاليف الشرعية، و غير ذلك من أوجه التبشير بدل التنفير، و أوجه رحمة الله بالعباد، مما يحفل به الكتاب و السنة. و إلا فما الحكمة من قول الله تعالى: « فاتقوا الله ما استطعتم » (سورة التغابن، الآية 16)؟ و ما الحكمة من قول رسول الله صلى الله عليه و سلم: « إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق »؟ أو قوله: « ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم… »؟ فنحن بقدر ما نؤمن بالكتاب كله و نتعبد بنصوصه جميعا و نرفض تعطيل أيّ حكم من الأحكام الشرعية الثابتة، فإننا نرى أن إنزال بعض الإسلاميين مبدأ « تطبيق الشريعة » منزلة البرنامج السياسي، هو أقرب إلى إعلان معتقد (Une profession de foi) منه إلى البرنامج العملي المستند إلى فقه صحيح. و لا بد من التنويه، في هذا الصدد، أن موقف الشيخ يوسف القرضاوي القائل بضرورة إعطاء الأولوية للمطالبة بالحرية بدل المطالبة بتطبيق الشريعة، كان خطوة متبصِّرة في تاريخ الفكر الإسلامي المعاصر، على اعتبار أن الإسلام في جوهره هو رسالة تحرر شاملة « من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة، و من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد » وفق عبارة الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه، و على اعتبار أن الطلب الأول الذي كان الرسول صلى الله عليه و سلم يواجه به أصحاب النفوذ و السلطان في عصره كان: « خلوا بيني و بين الناس ». و ما ينبغي التفكير فيه استصحابا لهذه الخطوة المستنيرة هو بيان أن تطبيق الشريعة لا يجوز أن يكون مسؤولية حزبٍ بعينه، يلتزم بمقتضى صفته الإسلامية بأن يفرضه على المجتمع فرضا، من أعلى، بمجرد ظفره بالسلطة. و أن التكليف بأحكام الشريعة موجه إلى جماعة المسلمين الحرة و ليس إلى حكومة إكراه. و عليه، فإن غاية ما يمكن لأي حركة إسلامية أن تقوم به هو الانطلاق من واقع دولتها الراهن، و من الأوضاع القانونية القائمة فيها، و الاجتهاد في تطوير كل ذلك تدريجيا، بهدي من الشرع الحنيف و وفق ما يستجيب لمتطلبات المرحلة التاريخية التي تعيشها – علما بأن الأوضاع القانونية في أكثر البلدان الإسلامية، هي في الأعم الغالب غير متعارضة مع أحكام الإسلام و مع مقاصده في الجملة –. – سلطة علماء الشريعة و آليات مراقبة دستورية القوانين (المطلوب تحت هذا العنوان بلورة صيغة لمراقبة دستورية القوانين تكفل الصفة المدنية للدولة الإسلامية، و تنحصر ضمن هيئة متكونة من ذوي الخبرات و الاختصاصات المتنوعة. و إذا كان من اللازم أن تضم هذه الهيأة الدستورية بين أعضائها علماءَ دين من ذوي الكفاءة العالية، فإن الأصل إسلاميا أن تتأدى وظيفة علماء الدين عبر مؤسسات المجتمع المدني و في كنف الحرية التامة، لا أن تنحصر في أقنية الحكومة و الأجهزة الرسمية. و ذلك صونا لاستقلال العلماء من أي هيمنة سلطوية، من جهة، و حماية للمجتمع من أي تسلط ثيوقراطي غريب عن الإسلام، من جهة أخرى). أما عنوان الفكر الاجتماعي و الاقتصادي، فتندرج تحته جملة من المسائل يتمحور جلها حول مسألة العدالة الاجتماعية. فقد اضطربت الأذهان في مقاربة هذه المسألة في السنين الأخيرة بفعل تراجع النظرية الاشتراكية، رغم تفوق نزعتها الإنسانية مبدئيا، و بفعل تفوق العالم الرأسمالي ماديا و صولة قيم العولمة الكاسحة. و هنا تجدر الإشارة بمنتهى الاختصار إلى أنه لا يمكن أن يعد إسلاميا، في نظري، أي فكر اجتماعي يستند إلى المرجعيات الرأسمالية سواء في صيغتها الأصلية التي وضعها « آدم سميث » و « ريكاردو » في القرن التاسع عشر الميلادي، أو في صيغتها الليبرالية المحدَثة. فكلا الصيغتين معا يقوم على مبادئ المنفعة و الربح و الاحتكار، و يستهين بمبادئ العدالة و المساواة و الكرامة الإنسانية، رغم براقع الحرية الزائفة. و لنا في النص المرجعي الإسلامي و في تراثنا الفكري الغزير غُنيَة عن ذلك: إذ فيهما من الثراء ما يصلح لأن يكون منطلقا لرسم مفردات فكر اجتماعي إسلامي ينتصر للعمل باعتباره قيمة، و للكادحين باعتبارهم قوة محركة للمجتمع و للتاريخ، و للمرأة باعتبارها مساوية للرجل في الحياة و صنوا له في الدين – عملا و جزاء –؛ دونما خشية من الوقوع في سلبيات الاقتصاد الموجه، و عسف المركزية السياسية، و تفسخ « الأخلاق البروليتارية »، و غير ذلك من مساوئ أنتجها الأنموذج الغربي للاشتراكية في وجهها الشيوعي. فالمسلم اليوم ما عاد في حاجة إلى كارل ماركس حتى يفهم مساوئ الرأسمالية، و يواجه مظالمها في مجتمعه، و يجد الحلول حتى للكوارث التي تسببت فيها على الصعيد الكوني الماكرو اقنصادي لا سيما في زمن العولمة الراهن، حيث تعاني الشعوب الفقيرة من اشتعال أسعار الأغذية و المواد الأولية، و يعاني ثلاثة مليارات من البشر، يعيشون على أقل من دولارين يوميا، من غائلة الفقر، و يموت ما بين 26 و 30 ألف طفل يوميا بسبب الجوع، و يُحرَم 1,6 مليار نسمة في العالم (أي حوالي ربع الإنسانية) من الكهرباء؛ بينما يعيش الغرب الرأسمالي رخاء اقتصاديا بلغ حد التخمة الفاحشة. و من العناوين التي أرى من اللازم صياغة تصور جماعي بشأنها في مجالي الاقتصاد السياسي و العدل الاجتماعي: – العلاقة بين رأس المال و قوة العمل (الملكية بين التخصيص و التعميم – حجم المبادرة الحرة و دورها في العملية الاقتصادية). – دور الدولة الاجتماعي ( واجب الدولة في التغطية الاجتماعية و في دعم مواد العيش الأساسية). – المجتمع المدني و آليات التكافل الأهلي. – المرأة و المجتمع (المنزلة القانونية للمرأة – المرأة و العمل السياسي). الحوار.نت : كيف يرى الأستاذ بن عيسى تأثير العولمة في تونس؟ هل لها من إيجابيات تذكر؟ ماهي؟ ما هي أكبر سلبياتها؟ كيف يمكن مواجهة ذلك؟ وماهي أسباب اختراق العولمة بآثارها المدمرة للمجتمع؟ هل هي أسباب ذاتية أم موضوعية؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:من المفيد أن نذكِّر بأن واقع العولمة هو محصلة مسار تاريخي حديث أخذت مفاعيله في التكاثف عبر السياسات الاقتصادية، و لا سيما المالية و التجارية، التي اعتمدتها البلدان الرأسمالية الكبرى منذ ثمانينات القرن الماضي، بدءً ب « برنامج التعديل الهيكلي » S.A.P. الذي أملاه البنك الدولي و صندوق النقد الدولي على بلدان العالم الثالث (ثم على بلدان أوروبا الشرقية بعد تحولها إلى الرأسمالية) لإجبارها على إعادة هيكلة اقتصاداتها المحلية باتجاه الخوصصة كشرط أساسي لإقراضها المال و إعانتها في مجال التنمية،، و مرورا باتفاقية « الغات » G.A.T.T.، و وصولا إلى « المنظمة العالمية للتجارة » O.M.C. حاليا. و كانت الابتكارات العملاقة في المجال التكنولوجي، لا سيما في المجال الاتصالي و المعلوماتي، حاسمة في تسريع وتيرة هذا المسار و إدخال الكون إلى حقبة العولمة. فقد مكنت تلك الابتكارات البلدانَ الرأسمالية الكبرى، و في المقدمة منها الولايات المتحدة الأمريكية من تقوية اقتصاداتها المتقدمة أصلا، و اكتساح الأسواق العالمية، و الاستئثار بالهيمنة كونيا على هذا القطاع الحيوي. و أمكن لهذا القطب الدولي المتخفف لتوه من أعباء الحرب الباردة، بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، أن يستغل تفوقه الإنتاجي في المجال السلعي ليفرض إرادته السياسية و العسكرية، و من ثم قيمَه الثقافية و الاستهلاكية على بقية الأمم. و هذا ما أحيى فلسفة الاستعمار لدى الغرب بصيغ جديدة، بعد أن كنا نظن أنها قد ولّت بلا رجعة. فكما كان يُطلب من شعوبنا في القرن 19 أن تُسلم قيادها للاستعمار الأوروبي، بدعوى « رسالته التمدينية »، ها هم دهاقنة العولمة يطلبون إلى الجميع اليوم الامتثال لشروط مؤسسات المال الدولية و « لقوانين السوق » التي تفرضها التروستات الأمريكية و الشركات الاحتكارية الكبرى في العالم؛ و يفرضون على الكافة الاستسلام لإرادتهم؛ لا بل الانخراط في حروبهم، تحت شعار « مقاومة الإرهاب » و « نشر الديموقراطية ». الأمر الذي بات يشكل خطرا عاما على سيادة الأوطان و على الاقتصادات المحلية و منظومات القيم الاجتماعية و الخصوصيات الحضارية لجميع بلدان العالم و أممه تقريبا، و خصوصا الأمة الإسلامية التي نحن من ضمنها. و لئن أمكن لمجتمعنا أن يستفيد، كغيره من المجتمعات النامية أو الصاعدة، ببعض المنتجات و الخدمات التي توافرت في ظل هذا الواقع المعولم، إلا أن ذلك لا يتم في الغالب في إطار تبادل متكافئ، بل يتم باعتبارنا مستهلِكين و ليس باعتبارنا منتجين. و ليس خافيا ما ينجر عن هذه الوضعية من كلفة مالية باهضة (في ظل اختلال الميزان التجاري الفادح لفائدة البلدان العظمى) و من اختراقات أكثر فداحة على الصعيدين الاجتماعي و الحضاري (في ظل اكتساح المنتوج الثقافي الغربي غبر الفضاء الاتصالي المعولم). فكما أننا في مجال السلع و المال نشتري أكثر مما نبيع و ندفع أكثر مما نقبض؛ فإننا في مجال القيم ننفعل بالآخرين – و بعضُهم أعداؤنا – أكثر مما نفعل فيهم، و يصنعنا التاريخ أكثر مما نصنعه. و تلك منزلة دونية لا تليق بحاكم و لا بمحكوم، بل تضع الجميع أمام تحديات حضارية و مصيرية، و تتطلب إرساء ثقافة إجماع وطني لا تشوش عليها المنازعات الأيديولوجية و السياسية و المصلحية الضيقة. فالبحث عن سبل الخلاص من مخاطر العولمة لا يتم إلا وفق حطة استراتيجية واضحة و بعيدة المدى، و ضمن فضاءات وطنية جامعة. و إذا كان لهذا الخلاص عناوين ثابتة من قبيل « توطين العلوم و التكنولوجيا » و « بناء الصناعة الوطنية » و « التحرر من التبعية الاقتصادية » و « النهوض بالتربية » و « إرساء قواعد الحكم الراشد » و « ضمان الأمن القومي » و « الاكتفاء الغذائي » و « الحفاظ على الاستقلال » و « توفير الفضاء الإقليمي الموحد »، فإن المسألة تستلزم بالتالي معالجةً جماعية في إطارٍ يتجاوز ليس حدود أحزابنا فقط، بل حدود أقطارنا أيضا… و الله المستعان. الحوار.نت : بوصفك أحد رجالات التعليم في مادة فكرية تعنى بطلب الحكمة وتعليمها الشباب المتأهب لتسلم مشعل قيادة البلاد في المستقبل. ماهو تقييمك الإجمالي للتعليم في تونس ما بعد الإستقلال سيما من حيث مساهمته في حفظ هوية البلاد ودعم خياراتها التنموية نحو العدل والنفع وما هو الدور المطلوب من مادة الفلسفة بصفة خاصة في معالجة الوضع العام للبلاد؟ وما هو تعليق الأستاذ بن عيسى بمناسبة الحديث عن التعليم في تونس على كون بورقيبة نشر المدارس الإبتدائية في كل مكان من ربوع البلاد النائية وبعد موته أغلق عدد غير يسير منها (مناطق في ولاية قفصة منذ خمس سنوات مثلا) بسبب عدم وجود ناشئة تؤمها وربما ستغلق مدارس أخرى أبوابها في المدى المتوسط بسبب حصد تونس في كل عام لجائزة العالم في تحديد النسل؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:لا شك أن تعليم الفلسفة بالسنتين الأخيرتين من المرحلة الثانوية هو أحد أوجه العقلانية التي تميز البرامج التعليمية في تونس. و لئن كان هذا الأمر إيجابيا من منظور تنمية الموارد البشرية، لما له من أثر إيجابي على تنشئة الأجيال على التفكير المنهجي الحر و غرس بذور العقل النقدي فيهم، إلا أن ذلك، على أهميته، ليس كافيا للحكم على مجمل الأداء التعليمي في البلاد. فهذا الأمر يحتاج إلى تقويم أشمل و أكثر تفصيلا. و إذا كان من غير الممكن في حديث مختصر أن نجري مثل هذا التقويم على مدى أكثر من نصف قرن، فحسبنا أن نشير إلى أن ما يشاع عادة من كون مكاسب التعليم في تونس هي ثمرة لإلغاء نظام التعليم الزيتوني منذ أواخر الخمسينات ليس أمرا دقيقا. صحيح أن المناهج الزيتونية كانت في حاجة إلى الإصلاح و التعصير في أواسط القرن الماضي – علما بأن عدة محاولاتٍ قامت في هذا الاتجاه، منها برنامج الإصلاح الذي دوّنه الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله في كتابه « أليس الصبح بقريب » – إلا أن تعلق همة القيادة العليا لحزب الدستور بالنموذج الثقافي الغربي و استهجانها لكل ما كان يمت بصلة للزيتونة هو الذي حال دون الإبقاء على ذلك النظام التعليمي و تطويره من الداخل، رغم أن تلك القيادة لم تكن قادرة عن الاستغناء كليا عن رجالاته في عملية بناء التعليم الجديد. فهي إذا كانت قد استبعدتهم من المناصب السياسية العليا، إلا أنها كانت في أمس الحاجة إلى خدماتهم الجليلة في مجال الوظيفة العمومية لا سيما في قطاعات مهمة مثل الإدارة و القضاء. فكما كان للزيتونيين أياد بيضاء في مجال بناء الدولة الوطنية، و إن لم يكن ذلك على مستوى القيادة، فإن التعليم في مرحلة ما بعد الاستقلال لم ينطلق قط من فراغ، بل استفاد كثيرا من الكادر البشري الزيتوني الذي اضطلع بدور أساسي في وضع المناهج و تدريس اللغة العربية و شتى العلوم الإنسانية الأخرى، في المستويين الابتدائي و الثانوي على وجه الخصوص. و قد كان لهذا الكادر التدريسي مزيّة عظمى في صيانة هوية البلاد الثقافية و التقليل من أضرار التغريب الداهم من بوابات المدارس و الجامعات الحديثة. و هذا ما يغفل عنه بعض دارسي تاريخنا المعاصر. ذلك أنه ما كان لطواقم « التحديث »، المحدودة من حيث العدد، أن تضطلع لوحدها بمهام التربية وقتها. و إن إصرار دولة الاستقلال على تدريس العلوم الدقيقة و بعض العلوم الإنسانية كالفلسفة و التاريخ و الجغرافيا باللسان الفرنسي قد استلزم الاستنجادَ في تلك المرحلة برجال تعليم فرنسيين وفق نظام للتعاقد حمّل ميزانية البلاد تكاليف مالية باهضة، قبل أن تبدأ سياسة التعريب في عهد الوزير محمد مزالي في أواخرَ السبعينات. لكن، من جهة أخرى، ينبغي أن نذكر أن العهد البورقيبي قد استثمر كثيرا في هذا القطاع الذي كان تمويله يستأثر بربع ميزانية الدولة تقريبا. و هو أمر يحسب لفائدة الدولة في تلك المرحلة، سواء بما توافر من بنية أساسية منتشرة على امتداد تراب البلاد، أو بما تأهل من كادر بشري متعلم كان له دور أساسي في النهوض باعباء إدارة عامة لم تكن بالغ السوء في الجملة، و الحق يقال. و قد ساهم انتشار التعليم في الأرياف و في الأوساط غير المحظوظة اقتصاديا في إحداث تغييرات على التركيبة الاجتماعية للبلاد. فغدت المعرفة – خصوصا في العقدين التاليين للاستقلال – سبيلا إلى ارتقاء كثير من أبناء الطبقات الدنيا و أبناء صغار الفلاحين في السلّم الاجتماعي و في سلّم الوظائف العمومية (و حتى في مجال الخطط السياسية بالنسبة إلى التكنوقراط). و تشكلت بذلك « بورجوازية جديدة صغرى و متوسطة »، بالتعبير اليساري، مِيزتُها الأساسية أنها ذات رأس مال معرفي. و كانت تلك الفئات الصاعدة تتمركز بشكل ملحوظ في الأحياء الجديدة الفاخرة التي أخذت في التشكل حول العاصمة و المدن الكبرى (مثل المنازه و غيرها). و ما كان لتلك التحولات الاجتماعية أن تحدث لولا اضطلاعُ دولة الاستقلال الناشئة بالدور الأكبر في تشغيل خريجي التعليم، بمن فيهم أولئك الذين لم يستكملوا دراساتهم العليا أو حصلوا على شهادات دون الباكالوريا كشهادات التعليم التقني، و تقنية الاقتصاد و التصرف T.E.G. ، و تقنية الاقتصاد و الإدارة،T.E.A. أو حصلوا حتى على مؤهلات مهنية أدنى (ثلاث سنوات بعد الشهادة الابتدائية)، نظرا إلى حاجة الدولة الملحة في تلك المرحلة إلى الكادر الوظيفي الصغير و المتوسط. و رغم أن التعليم لم يكن إجباريا، إلا أن مجانيته من ناحية، و ما كان يفتحه من آفاق تشغيل و ارتقاء اجتماعي من ناحية أخرى، كانا من أهم أسباب إقبال الفئات الشعبية على إرسال أبنائهم إلى المدارس و الجامعات، و التضحية في سبيل ذلك. أما الآن و قد نص التشريع التونسي على إجبارية التعليم، فقد صرنا نلحظ على العكس من ذلك تراجعا خطيرا لقيمة العلم و التعلم في أذهان العامة، تترجمه ظاهرة الانقطاع المبكر عن التعليم في صفوف البنات و البنين لعدة أسباب منها عدم القدرة على تسديد نفقات التعليم الباهضة، و حاجة الأسر الفقيرة أحيانا إلى تشغيل أبنائها حتى قبل أن يبلغوا سن السادسة عشرة، لمجابهة ضرورات الحياة؛ في ظل تراجع الدور التشغيلي للقطاع الحكومي لفائدة القطاع الخاص الذي لا يقدر هو الآخر على استيعاب كل حاملي الشهادات. (فقد جاء في دراسة حديثة قام بها البنك الدولي تحت عنوان: « The road not traveled : Education Reform in the Middle East and North Africa » نشِرت بتاريخ: 4 فيفري/شباط 2008، أن نسبة العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات في تونس تبلغ 42 بالمائة من مجموع العاطلين. و بذلك تكون هذه النسبة هي الأعلى في بلدان المغرب العربي، وفق ذات المصدر). فلا عجب، ضمن هذه الوضعية، أن يزهد كثير من الشباب في ارتياد المدارس مرددين شعار « تقرأ و إلا ما تقراش، المستقبل ما ثماش » (و هذا ما قد يفسر ما أشرت إليه من غلق بعض المدارس في بعض الجهات، إضافة إلى أسباب أخرى طبعا)،، و قد اقترن كل هذا بانتشار ظواهر « البيزنس » و » الشو- بيز » و مختلف أساليب الربح السريع من مثل الاحتراف الرياضي و ألعاب الحظ التي صارت تستهوي قطاعات متزايدة من الشباب و تشكل محط آمالهم و أمانيهم،، هذا في حال لم تساورهم فكرة خوض غمار البحر سِرّا نحو بلدان الشمال طلبا للرزق طبعا. بالإضافة إلى هذه المشاكل الوظيفية التي يرتبط كثير منها بعلاقة التعليم بسوق الشغل، يواجه التعليم في تونس تحديات أخرى نابعة من صميم هيكليته و مناهجه و مقرراته، نذكر منها: – تدني المستوى العام: فشهادة الباكالوريا التونسية مثلا، كانت في عقود الاستقلال الثلاثة الأولى من أكثر الشهادات اعترافا بها في جامعات العالم، و ذلك لكفاءة المتحصلين عليها و متانة تكوينهم و قدرتهم على متابعة تعلمهم بنجاح في أعرق الجامعات الأوروبية و الأمريكية و غيرها. و كانت تلك إحدى نتائج الاستقرار النسبي لنظام التعليم في ظل قانون الوزير محمود المسعدي الذي استمرت فاعليته من 1958 إلى أول التسعينات من القرن الماضي. لكن الآن، و بعد أن دخلنا منذ عهد الوزير محمد الشرفي دوامة ما سمي بإصلاح التعليم، ثم إصلاح الإصلاح، و إصلاح إصلاح الإصلاح… ! و خصوصا بعد اعتماد نظام احتساب 25 بالمائة من نتائج العام الدراسي في حساب نتيجة امتحان الباكالوريا، فقد اهتز ذلك الاستقرار، و كان ذلك على حساب الكفاءة، و صرنا بالتالي نسمع عن تزايد البلدان الأجنبية التي لا تعترف جامعاتها بالباكالويا التونسية، بل تطالب حاملي هذه الشهادة بالخضوع لاختبار محلي، أو باجتياز الباكالوريا الأجنبية، حتى تتثبت من مستواهم المعرفي. – توقف سياسة تعريب التعليم خصوصا بالنسبة إلى العلوم الدقيقة في منتصف الطريق، مما أثر سلبا على مستوى استيعاب التلاميذ لهذه العلوم و على مدى امتلاكهم للغة في آن. فقد صار من النادر أن نجد تلميذا أتم دراسته الثانوية يحذق واحدة من اللغات التي تعلمها في المدرسة بما في ذلك لغته العربية الأم. لأن العلوم الطبيعية و الرياضيات مثلا يتم تدريسها باللسان العربي طوال مرحلة التعليم الأساسي، ثم ما إن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانوية حتى تصير لغة تدريسها هي الفرنسية. بحيث صار من الشائع أن تجد تلاميذ الاختصاصات العلمية بالسنوات النهائية من التعليم الثانوي يتلعثمون حتى في النطق ببعض الأرقام، ناهيك عن سلاسة التعبير، باللغة الفرنسية التي ستكون هي المعتمدة في تدريس العلوم الدقيقة و الرياضيات في المرحلة الجامعية. و لا يخفى ما لهذا الاضطراب من آثار سلبية على شخصية الأجيال المقبلة و على شعورهم بالانتماء. و لست أرى من مبرر مقبول لتوقف عملية تعريب التعليم في منتصف الطريق رغم توافر الكادر البشري القادر على مواصلتها في المرحلتين الثانوية و الجامعية، و رغم وجودِ تجاربِ تعريبٍ ناجحة يمكن الاستفادة منها في الوطن العربي لو توافرت الإرادة السياسية لذلك. الحوار.نت : ما رأيك في نظرية تقوم على الجمع بين الإنفتاح الإقتصادي في الدولة الواحدة والبلد الواحد وبين الإنغلاق السياسي؟ هل أن ذلك ممكن وبأي شروط وما هي مخاطره؟ الأستاذ بن عيسى الدمني:لو رجعنا إلى التاريخ القريب، لأدركنا أن ما يسود حاليا من انفتاح اقتصادي، لا سيما في البلدان الفقيرة و النامية، لم يكن دائما قد حصل بمحض اختيار أنظمة الحكم فيها أو نتيجةً لتطورات خصوصية حدثت داخل البنى المجتمعية و الثقافية لتلك البلدان. فكل الأنظمة المعنية بهذه الظاهرة تقريبا، في إفريقيا و آسيا تحديدا، سبق لها أن اعتمدت السياسات الاشتراكية بصيغ مختلفة، و استبسلت في تبريرها و الدفاع عتها. لا بل إن بعضها قد حاولت حتى أن تبتكر لنفسها نظريات اشتراكية على مقاسها الخاص، في محاولة لتقديم نفسها على أنها صاحبة رأي في المسألة ! مجاراة منها لتيار عالمي عام ساد الحقبة التي كان فيها المعسكر الاشتراكي قِبلة للعالم الثالث، خصوصا في ستينات القرن العشرين و ردح من سبعيناته. لكن ذات الأنظمة لم تلبث أن انقلبت على اختياراتها الأولى أمام تفكك الاتحاد السوفييتي و تحت وطأة الضغوط الاقتصادية و السياسية الجديدة التي مارسها الغرب. و لأن تحولها إلى ما يسمى « الاقتصاد الحر » كان اضطراريا و محكوما بمنطق التبعية و آلياتها، فقد انحصرت تداعياته في حدود الاقتصاد السياسي و لا سيما في مجالي المال و التجارة، دون مجال الحكم. إذ ظلت أغلب تلك الأنظمة مستمسكة بما ورثته عن الحقبة الماضية من نهج سياسي مركزي و أحادي. و من ثم تشكل صلبها هذا التركيب الهجين بين انفتاح اقتصادي فرضه الأمر الواقع الدولي، و بين أسلوب منغلق في الحكم. و هي إن لم تبرر استبدادها صراحة بحاجة التنمية إلى « الأمن و الاستقرار »، و حاجة الإصلاح الاقتصادي إلى ما تسميه « حزما سياسيا »، تلطيفا للعبارة،، فإنها في أحسن الأحوال تلجأ إلى استخدام الانفتاح في خطابها كمفردة تضليلية تجمّل بها وجهها السياسي. و يستثنى من هذه المفارقة المفضوحة أنظمة كانت أكثر جدية من غيرها في الانتقال نحو الديموقراطية، ينتمي أغلبها إلى أمريكا اللاتينية. على أن النتائج التنموية الهزيلة التي حققتها البلدان التي هذا شأن أنظمتها كانت كفيلة ببيان أن الانفتاح الاقتصادي لا يؤتي أكله في أجواء الانغلاق السياسي. لأن هذه الأجواء لئن وفرت أمن الحكومات فإنها بالمقابل لا توفر دائما أمن المواطنين، و لا تنجح باستمرار في حماية أصاحب رؤوس الأموال من ظواهر القرصنة المالية و الرشوة و المحسوبية و من السرقات الحقيقية و المقنعة التي تجد في واقع الاستبداد خير مناخ للتفشي. و هذا لعمري من أخطر عوامل الانكماش الاقتصادي و حتى الانهيار أحيانا. علاوة على مخاطر الاحتقان السياسي و الاجتماعي التي تظل دائما مسلطة كسيف ديموقليس على الممتلكات و المنشآت الخاصة و العامة في ظل احتمالات ردود الأفعال الشعبية و الانتفاضات العنيفة و غير المنضبطة ، نتيجة لانعدام الأقنية التي من المفروض أن تؤطر التعبير الاجتماعي و السياسي ديموقراطيا.. و ما أحداث كينيا عنا ببعيدة. و في المقابل، يمكن أن نلاحظ أن البلدان النامية التي قرنت انفتاحها الاقتصادي بانفتاح سياسي نسبي (مثل البرازيل، و تركيا، و ماليزيا، و جنوب إفريقيا، و الهند) قد تحولت إلى بلدان صاعدة، و تفوقت على نظيراتها في مجال التنمية الاقتصادية بالخصوص. فهل من معتبر؟ الحوار.نت : آخر سؤال للأستاذ بن عيسى : هل تذكر لقرائنا الكرام أطرف موقف مر بك في حياتك وأعسر مشهد جرى عليك أو أمام عينيك في حياتك. الأستاذ بن عيسى الدمني:ربما يكون أحد أطرف المواقف التي عشتها قد تم في أحد فصول الدرس منذ عدة سنوات مع جمع من التلاميذ كانوا يزاولون تعلمهم بأحد المعاهد الثانوية الخاصة تهيؤا لاختبارات الباكالوريا. فبينما كنت منهمكا في بيان مبدأ السببية ضمن دراسة مبادئ المنطق الأرسطي، أزعجني ما لاحظت من شرود أذهانهم و انشغالهم عن الدرس همسا بوقائع دورة مباريات كرة القدم. لكن ما إن سمعني أحدهم أنطق بعبارة « لكل معلول علة »، حتى همس لزملائه قائلا: » انتبهوا..الأستاذ يتحدث عن معلول ! » (و قد كان أحد نجوم كرة القدم في تلك الفترة يُدعى نبيل معلول). فوجم الجمع وركزوا الانتباه تشوفا إلى معرفة علاقة معلول بدرس الفلسفة. لكن هذا التركيز ما لبث أن انقطع بمجرد أن أدركوا من سياق الكلام أن « المعلول » الفلسفي لم يكن « معلول » الذي يعرفون. آنذاك ضحكوا و ضحكتُ. لكنه كان ضحكا كالبكاء على حال جيل ينفق أولياؤه كل غال و نفيس من أجل تعليمه، لكن وسائل الإلهاء و التخدير تزج به في متاهات الضياع كل يوم. أما الحدث الأقسى على نفسي، فقد كان بلا شك وفاة أخي و صديقي منذ عهد التتلمذ: الأستاذ عبد الرؤوف العريبي أثناء اعتقاله في مطلع التسعينات. فقد كان حبل التواصل الأخوي بيننا متينا على امتداد عقدين من الزمن تقريبا. فعرفت فيه، رحمه الله، فوق كونه أستاذا للشريعة و أصول الدين، مثال المناضل الصادق، الجامع بين مبدئية المواقف و سعة الثقافة و رهافة الحس و التفتح الفكري و التوق الدائم إلى التجديد. عرف المنافي الأوروبية و هو في العشرينات من عمره، و بعد عودته إلى أرض الوطن عانى من التضييق و حُرم من الشغل و من حقوقه المدنية، دون أن يفت ذلك في عضده أو يدفعه إلى التخلي عن اتزان أفكاره و اعتدال سلوكه… لقد فُجعت بوفاته في تلك الظروف القاسية؛ و لا أزال أشعر أنني فقدت بغيابه صاحبا عزيزا، و أن البلاد قد خسرت بفقدانه و صحبه الذين توفوا في ظروف مشابهة نخبة من أخلص الكفاءات الوطنية. رحمهم الله جميعا. الحوار.نت : شكرا للأستاذ بن عيسى الدمني على ما أولانا به من حوار صريح.
(المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 18 ماي 2008) الرابط:http://www.alhiwar.net/1/demni.htm
استجوب القضاء التونسي الأخوين عماد ومعز الطرابلسي صهري الرئيس زين العابدين بن علي بتهمة سرقة يخوت فرنسية وتهريبها إلى تونس ضمن عصابة منظمة، حسبما ذكرت صحف فرنسية. (… ) ومن المنتظر أن يستجيب الأخوان الطرابلسي في وقت لاحق لطلب المثول أمام القضاء الفرنسي. (محمد أحمد: إسلام أون لاين) أشفق على هذا القاضي « المسكين » لأن الذي يسرق « يخوت » ويعبر بها البحار ويغير ألوانها ومالكيها قادر على أن « يسرق » قاضيا أو ينقله من عالم الحياة إلى عالم البرزخ!! ويتهم القضاء الفرنسي الأخوين الطرابلسي بالوقوف وراء سرقة ثلاثة يخوت من الجنوب الفرنسي، وذلك بعد الشهادة التي قدمها الوسطاء الذين نقلوا اليخوت إلى تونس خلال استجوابهم في ذات العام. (محمد أحمد: إسلام أون لاين) ماخفي كان أعظم!! وستكشف الأيام عِظمهُ عندما تُحرّرْ « صخرة المهربين » أو يستسلم القراصنة! مع توالي الإضرابات التي تقودها النقابات العمالية بالمغرب للمطالبة برفع الأجور وتحسين الظروف المعيشية، يبقى حياد السلطات الأمنية ملفتا لنظر المراقبين والنقابيين في التعامل معها؛ حيث لا تتعرض تلك الاحتجاجات لمظاهر قمع، ويقتصر التدخل الأمني النادر على حماية الممتلكات والأفراد من التجاوزات. (أحمد حموش: إسلام أون لاين) تلك منزلة بين المنزلتين، وهي خير من قتلهم مرتين، مرة بالجوع وأخرى بالعصا!! قال رئيس الطائفة اليهودية في تونس، بيريز الطرابلسي، ان آلاف اليهود من مختلف أنحاء العالم بينهم 1500 إسرائيلي، « سيحجون يومي 22 و23 مايو الجاري، إلى جزيرة جربة (جنوب شرقي العاصمة التونسية)، لأداء شعائر الحج اليهودي التي تقام سنويا بكنيس الغريبة اليهودي.. وعلمت « الشرق »، أن الطائفة اليهودية، استكملت جميع الاستعدادات من أجل استقبال أكثر من ستة آلاف حاج يهودي، سيحطون رحالهم من بلدان أوروبية مختلفة، بينها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، إلى جانب إسرائيل بالأساس.. (صالح عطية: الشرق القطرية) سي بيريز الطرابلسي، نزلتم أهلا وحللتم سهلا وتونس كلها على ذمة « الطرابلسية »! … رجاؤنا فقط أن تنصحوا حجيجكم بعدم القدوم على اليخوت المسروقة لأن ذلك يبطل حجهم ويسيء إلى سمعة البلد! وإنما أعرف أن فلاسفة عصر الأنوار في الغرب لم يكونوا ليتمكنوا من إنتاج النظرية الديمقراطية لو لم يحدثوا قطيعة ليس مع الكنيسة فقط بل وكذلك مع الإنجيل. فهم لم يختفوا وراء مقولة المسيح « أعط لقيصر ما لقيصر ولله ما لله » (إسماعيل دبارة نقلا عن سلوى الشرفي: تونس نيوز نقلا عن إيلاف) ولن يكون المسلمون ديمقراطيين حتى يقطعوا مع القرآن! … كما أن السيدة سلوى لن ترضى عن « الإسلاميين » ما لم يتبعوا « ملتها » في فهمها للنصوص ويذعنوا لتأويلاتها « المستنيرة »! وقد طالت الحرب على التدين في تونس، كتاب الله سبحانه تصريحا وفعلا. من ذلك أن الأستاذ الجامعي في اللسانيات الدكتور « العبدلي » يقول بمناسبة الإحتفال بالمولد النبوي الشريف في مارس من عام 1997 بحضرة الجنرال ووزيره للشؤون الدينية ومفتي البلاد : » لا يطمئن المرء إلى نسبة القرآن إلى الله بسبب إهتزاز شنيع في بنيته القصصية » ونقل ذلك في الصباح الأسبوعي. (عن كلمة حرة: الحوار نت) فشكلت على الأثر محكمة ومؤتمر، فقائل: « لقد كفر »، وقائل: « إلى سقر » ، وقائل: « امنحوه فرصة أخيرة لعله يعود للحظيرة »! … ولكن وقعت أحداث مثيرة فلم يرجع « الدكتور » ولكن لحقته الحظيرة! عشت في المعتقل كل ما لا يليق بحياة آدمية من أوساخ و رطوبة و قذارة و ضيق و منع للتهوئة و نقص الأكسجين .. إلخ ، و قد تحملت و سأتحمل المزيد ، و لن أمنح سجانيّ تونس دمعة واحدة أذرفها على عذاباتي مثلما يحلمون (حرية وإنصاف نقلا عن سليم بوخذير) أراك عصي الدمع شيمتك الصبر، وليس للهوى نهي عليك ولا أمر! … لا شك أنك مشتاق وعندك لوعة! ومع ذلك إذا أضناك الليل فلا تبسط يد الهوى ولا ترسل دمعك الذي من خلائقه الكبر، لأن سجانيك مزودون بأجهزة الرؤية الليلية على خلاف سجاني أبي فراس! سـواك: صـابر التونسي http://www.alhiwar.net/ المصدر(المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 21 ماي 2008)
قاطعو بلوغر إن كنتم صادقين
بقلم: سامي بن غربية لقد عودتنا طبيعتنا الإنفعالية و المتشنجة على « رفض » ما هو أمريكي أو غربي عند الحاجة و القبول به… عند الحاجة أيضا. أحسن مثال على هذا هو الدعوة التي أطلقها البعض- ممن أحترم فيهم مناصرتهم لقضايا الأمة العربية- لمقاطعة الندوة التي ستنظمها الإيراكس و ليس مبادرة الشرق الأوسط الكبير كما يوهم البعض. و كأن من سيشارك في هذه الورشة سيدخل « خيمة الإدارة الأمريكية الحالية » مباركا مخططات بوش و بني صهيون في منطقة الشرق الأوسط التي أحببنا أم كرهنا تحكمها أمريكا و ذيولها (باستثناء بعض جيوب المقاومة في لبنان و فلسطين و إيران). سخافة هذه الإتهامات و حماسة دعوة المقاطعة يأتي في الوقت الذي يستعمل فيه الداعون إليها خدمة تدوين بلوغسبوت أو بلوغر التي شارك مديرها التقني و مؤسس غوغل، سيرغي برين، قبل يومين في مراسم الاحتفالات بعيد ميلاد دولة إسرائيل حيث ألقى خلالها كلمة، و إلى جانبه مارك زوكربغ، مؤسس الشبكة الإجتماعية فايس بوك التي يطوفون حولها يوميا. فلماذا لا يقوم هؤلاء بمقاطعة خدمات التدوين الأمريكية و « المتصهينة » التي يدونون عليها و التي يحتفل مؤسسوها بقيام دولة إسرائيل على أنقاض حقوق الشعب الفلسطيني. لماذا لا ينتقل هؤلاء الحريصين على عدم دخول الخيمة الأمريكية إلى خدمات التدوين العربية مثل مكتوب و جيران و يقبلون بشروط الإستخدام التي صُممت على قياس “أولي الأمر” و يدخلوا خيمة الطاعة العربية التي يطبل لها البعض بصمته عن مناصرة مدون تونسي و هو سليم بوخذير سجن بسبب أرائه و دافعت عنه منصات أمريكية. لعل البعض ممن يتابع قضايا التدوين العالمي يتذكر جيدا الموقع الذي كان يحتله المدون الإيراني والأب الروحي لما يسمى بالبلوغستان، حسين درخشان. لقد كان من أشهر المدونين و أكثرهم حضورا في الندوات المهتمة بشؤون التدوين و حرية التعبير على الشبكة خاصة في المحافل الأمريكية الرسمية و الغير رسمية. نجم حسين درخشان « سقط » و تخلى عنه الكثيرون من أصدقائه و من المتشدقين بالدفاع عن حرية التعبير، بل باعوه و لم يساندوه عندما قرر مزود الخدمة الأمريكي شطب مدونته الشهيرة بسبب كتاباته الناقدة لبعض المعارضين الإيرانيين المتحالفين مع المحافظين الجدد بأمريكا. سبب هذا الإنقلاب على حسين و عزلته هو وقوفه مع حكومة إيران باعتبارها مـُنتخبة و على الرغم من صفته كلاجئ سياسي و دفاعه عن حق إيران في امتلاك التكنولوجية النووية و رفضه توظيف ملف حقوق الإنسان و حرية التعبير من أجل شن حرب على بلده إيران. فهل غيرت الندوات والإحتفالات و النزل الفخمة من قيم حسين درخشان و مبادئه؟ أم هل قاطع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد جامعة هارفارد التي تعد معقل المحافظين الأمريكيين عندما ألقى كلمته في حرمها و أمام جمهور يكن له العداء؟ لقد علمتنا الخمسون سنة الماضية من تاريخ النكبات و الهزائم العربية أن لغة الحماس و التخوين و »الذكورة السياسية » و المقاطعة العرجاء (تلك التي تقاطع باليمنى و تأكل باليسرى) لا تصمد أمام تعقيدات الواقع و أنها لم تحل يوما قضية و لم تنتصر في المعارك التي خاضتها. بل أن أولائك الذين أقاموا الدنيا و لم يقعدوها بـ « طزهم » الثورية ضد أمريكا هم أول من سلم عتاده و ماله إلى الأمريكان. فقاطعو بلوغر إن كنتم صادقين. (المصدر: مدونة « فكرة » الألكترونية (هولندا) لسامي بن غربية بتاريخ 17 ماي 2008) الرابط: http://www.kitab.nl/
نجح بورقيبة في دخول غرف نوم التونسيين ولكن..
صلاح الدين الجورشي (*) صدر قبل أيام كتاب جديد عن الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة تحت عنوان «بورقيبة والإعلام.. جدلية السلطة والدعاية» للزميل الصحافي خالد الحداد. والملاحَظ أن المكتبة التونسية تعززت منذ أكثر من عشر سنوات بعديد الدراسات والمؤلفات التي تناولت جوانب من شخصية هذا الرجل الذي شغل التونسيين منذ أواسط ثلاثينيات القرن الماضي إلى أن وافاه الأجل عن عمر قارب المئة عام. علاقة بورقيبة بالإعلام وثيقة جدا، إذ كانت الصحافة هي المدخل الذي مهَّد لنحت شخصيته كزعيم سياسي. كما أنه بعد عودته من فرنسا، حيث درس القانون وشيئا من الفلسفة، تفرغ للعمل الصحافي، حين اكتشف في ذاته قدرة واضحة على كتابة المقال، وإدارة الجدل، وتحريض الرأي العام وتوجيهه. وهي قدرة تعززت فيما بعد عندما اكتشف أيضا موهبته الخطابية، واتخذ ما سماه بـ «الاتصال المباشر» بالشعب منهجا قارا في مسيرته السياسية. فبورقيبة حكم التونسيين باللغة أكثر من أية وسيلة أخرى، ونجح في إعادة تشكيل الهوية الوطنية من خلال ذلك، وعبر التواصل المستمر بالتونسيين. ولهذا كان إعجابه بالتلفزيون عظيما، ورأى فيه اختراعا رائعا، لأنه مكّنه من بناء علاقة تواصلية يومية بأفراد شعبه الذين بشرهم بأنهم «في المستقبل لن يتجشموا مشقة الوقوف تحت لهيب الشمس في الاجتماعات، بل سيجدونني عوضا عن ذلك بينهم في بيوتهم، في قاعة الاستقبال أو الطعام، أو في غرف النوم، وأتحدث إليهم بنفسي». وإذا كان شافيز ينشط حاليا برنامجين تلفزيونيين في محطة خاصة به ضمن محطات أخرى، وذلك لتجنيد أنصاره بشكل دائم، فبورقيبة كان يعتقد أن «مؤسسة الإذاعة والتلفزيون» هي أشبه بالملك الخاص. وقد قال في يوم من الأيام «إنه تلفزيوني»، وهو لا يقصد الجهاز وإنما المؤسسة. ولهذا لم يكن مستعدا لكي يشاركه فيها الآخرون، خاصة من يختلفون معه في إدارة البلاد أو الاقتصاد. لكن بقدر ما قربه التلفزيون من الناس، بقدر ما أسهم هذا الجهاز في إبعاده عنهم وعن همومهم، وذلك بعد أن تكلس خطابه وانقطع عن الواقع، وأصبح مجرد صدى لماضٍ بعيد. فالإعلام عندما يصبح خطابا أيديولوجيا مملا، خاليا من التنوع والتعدد، ويعكس حالة مرضية من التشخيص وعبادة الفرد، يتحول إلى طعام مسموم يقتل صاحبه تدريجيا. وهو ما شهد به وزير الإعلام السابق في عهد بورقيبة الطاهر بلخوجة عندما أدرك في مطلع الثمانينيات أنه «قد ثبت أن ضغط الرأي الواحد والصورة مفجع وخطير». وكان مؤلف الكتاب موفَّقا عندما اختار في مقدمته مقولة منسوبة لنابليون «لو أنني تركت الصحافة تفعل ما تريد لخرجت من الحكم في غضون ثلاثة أشهر». لا يعني أن بورقيبة كان ضعيفا إلى هذه الدرجة، إذ كانت زعامته فعلية وقوية وممتدة، غير أن حرية الصحافة لو توافرت خلال الستينيات وتم تدعيمها في السبعينيات لاختلف التاريخ المعاصر لتونس، ولاضطر بورقيبة إلى تغيير أسلوبه في إدارة الحكم والشأن العام. المهم أيضا في الكتاب أنه أعاد التذكير بالمشهد الإعلامي الجديد الذي بلغ أوجه خلال الثمانينيات. فرغم هيمنة بورقيبة وأبوته الكاسحة، تمكنت النخب السياسية من افتكاك هامش حيوي في مجال حرية الصحافة والتعبير. هذا الهامش الذي -رغم النقائص الكثيرة- لا يزال يعتبره التونسيون بمثابة ربيع صحافتهم مقارنة بما سبق وما تقدم. لقد شهدت تلك المرحلة حيوية إعلامية غير مسبوقة ولا ملحوقة، كسرت خلالها حواجز كثيرة، وانتشرت ثقافة مغايرة، وصعد جيل جديد من الصحافيين الذين لا يزالون يمثلون أفضل ما أنتجته البلاد. وقد اضطر الكثير منهم فيما بعد إلى الهجرة، والعمل بمؤسسات عربية ودولية وفرت لهم شروطا عدَّة ما زالوا يفتقرون إليها في بلادهم، وفي مقدمتها حرية المبادرة وتراجع دور الرقيب. فتجربة الثمانينيات كشفت عن جانبين أساسيين، الأول: أنه مهما تصلبت السلطة، يبقى بإمكان الصحافيين اختراق الحواجز وافتكاك جزء من الهامش، وتمرير بعض الرسائل بأساليب متعددة. ولن يكونوا معذورين إذا استسلموا للرداءة، وقبلوا بدور النفخ في بوق الدعاية وترويج السياسات الرسمية. أما الجانب الثاني، فيتعلق بما أثبتته التجربة التي بينت أن الطبقة السياسية والمجتمع المدني لا يمكنهما الانتعاش والبروز على السطح إلا بفضل توافر الحد الأدنى من حرية الصحافة. فأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية التونسية التي تشكلت منذ أواسط السبعينيات ستبقى مدينة لتلك الهبة الإعلامية التي عرفتها الصحافة التونسية منذ تمرد صحيفة «الشعب» التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، والدور التاريخي الذي لعبته صحف عدَّة مثل «الرأي» و «المستقبل» و«المغرب العربي» و «الموقف» و «لوفار» و «الطريق الجديد» وغيرها من العناوين. وهي صحف مستقلة وحزبية، أثرت بدورها على بقية المؤسسات الصحافية القريبة تقليديا من السلطة، والتي اندفعت بدورها لتخرج الحراك السياسي والاجتماعي من المربعات الضيقة، وتدفع به إلى الساحة الوطنية العريضة. رغم أن الكتاب وقف عند نهاية العهد البورقيبي، فإن الصراع بين الرغبة في تحرير الإعلام وسلطة الرقابة استمرت بأشكال متعددة، بعد انتعاشة لم تستمر طويلا امتدت إلى حدود مطلع التسعينيات. وإذا كان هناك إجماع في تونس حول مسألة ما، فالمؤكد أن التونسيين يتفقون حول انتظار لحظة تقترب فيها صحافتهم وإعلامهم مما يجري في بلدان عربية عدَّة. وهي بلدان كانت نخبها ولا تزال تتمنى أن ترتقي شعوبها إلى مستوى التحديث الذي بلغته تونس في مجالات عدَّة، ولكن! (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
إلى أيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن؟!
بقلم: برهان بسيس لما كانت الأيادي المحمولة بثقل رموز المرحلة وتجاعيدها، تكتب بثبات طورا وارتعاش أطوارا أخرى شعار «الصلاة عماد الدين» على جدران شوارع وأزقة العاصمة ومدن الأعماق التونسية كانت الكتابة السرية على الجدران تفعل فعل التأريخ الرمزي لحقبة من الذاكرة الاجتماعية والسياسية للبلد. من «الصلاة عماد الدين» الى «الشعب مسلم ولن يستسلم» كان الطلاء على الحائط يشير الى قصة التونسيين مع الاسلام السياسي عشرية الثمانينات المنتقلة من انطلاقة الاسلام الحركي الدعوي الى صداميّة الاسلام السياسي الاحتجاجي.. تلك التي عرفت ذروتها صائفة 87 معمّدة بعرق المتظاهرين ورائحة الغاز المسيل للدموع. بين الشعارين احتفظت الجدران بحقّ باقي أطياف المجتمع في التعبير عن ذاتها من خلال الطلاء غير المعترف به. لم يكن الالهام التأسيسي لتجربة الاشهار الحائطي قد بدأ يتحسّس طريقه نحو اللاّفتات المضيئة لشركات عصر اقتصاد السوق الملوّن حين كان أعوان «الدردوري» يخيطون أرباض العاصمة وشوارعها بحبرهم الدهنيّ وهو يرسم بخطّ هامشي عريق: «الدردوري أحسن مصوّر». تغيرت المرحلة لكن كم يبدو مشوّقا ان تظل كتابة الهامش وشعار الهامش حقلا مغريا لفهم السائد وتشريح بنية تفكير فاعليه والانتباه الى مستندات ملفّه الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي يتزين عبر بوابة القول الشكلي المعترف به لكنه يتمظهر عاريا، صادقا، جريئا، وقحا، مؤذيا.. ببساطة، حقيقيا حين يسترسل عبر متن الهامش اللاّشكلي. لقد تحوّلت ملاعب الكرة في ظل خفوت بريق الفضاءات التقليدية للحراك السياسي والثقافي الى بوق هادر لخطاب المتن / الهامش.. تلك التراتيل العارية التي تلهج بها الحناجر والقبضات في حضرة أسياد المشهد وقد تراصّوا في منصتهم الشرفية (هو مكان أطلقت عليه صفة مشتقة من معنى الشرف) في كامل أناقتهم مطمئنين لهناء الجزيرة السعيدة الفائضة بانتاجها الخام لمادة الروح الرياضية والوحدة الوطنية والمستقبل المبشّر للأجيال. تقرع الطبول ايذانا ببدء حفل المشروع الثقافي المنتصر: «كومندو.. كومندو.. كالعادة جينا «…..».. والعاصمة بلادو.. بالكرتوش ندورو..» «احنا جمهور العاصمة.. يا مكشخ يا انتحاري.. في سوسة شفتو واش نديرو.. في باجة لرواح كي طاحو.. والعالم لكلو..( ) أمو.. واحنا هزونا لغوانتانامو». «عندنا جمهور كبير.. قيرة واحد وسبعين.. والله ماكم سالمين.. تعيشو منا خائفين.. كي قلنا حزب الله.. ماناشي هدّارة.. شفتونا في البياج.. كركر.. الحنشة.. باجة.. فيراج فدائيين.. واكتب يا صحافة فيراجنا ارهابي». «سكّروا بيبانكم.. (س) زادمين.. ديرو بالكم بالكارتوش رابحين.. يا جبري يا ريفي.. ما علبلناش بيكم….(س) كاميكاز.. قالوها ناس بكري». كم هو عميق ووقور خطاب الهامش حين يعرّينا ويريحنا مؤونة الثرثرة والكلام. سؤال واحد يستدعي حوارا وطنيا شاملا وجديا: إلى أين؟!! (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
بقلم: آمال موسى لا شيء يستغني عن رجاحة عقل الإنسان وجديته المسؤولة. لذلك يتحول المال في غياب العقل من نعمة إلى نقمة والقوة من سلاح إلى طاقة حيوانية . ونفس السيناريو المخيف ينطبق على مجال الإعلام، الذي نتفق جميعا على حساسيته وخطورة دوره. بمعنى أنه عندما تفتقد وسيلة الإعلام مكتوبة أو سمعية بصرية إلى الشعور العميق بالمسؤولية، يصبح الإعلام في هذه الحالة أداة خطيرة تشعل الفتنة وتحرض على العنف وهو أقصى ما يمكن أن يرتكبه الإعلام من جرائم . ذلك أنه على المستوى المهني يكشف عن انحياز مفضوح، يتعارض مع الحياد والموضوعية المطلوبين في العمل الإعلامي المسؤول والنزيه . اما على المستوى الجماهيري فإنه يخدع المشاهد ويقدم له مادة إعلامية سامة يشوبها الغش والاستخفاف بعقله. وفي المستويين فإن أي وسيلة إعلامية تعتمد هذه الأخلاقيات، خصوصا فيما يتعلق بإثارة البعد الطائفي ومحاولة تأجيجه لأغراض سياسية ،فإنها تكون لا علاقة لها في الحقيقة بمجال الإعلام ولا بوظائفه وأخلاقياته ولعل المتابع خلال هذه الأيام لبعض القنوات اللبنانية، يلمس مظاهر لا تحصى ولا تعد من التحريض الطائفي المباشر وغيره. فإذا بالخلافات السياسية بين مشروعين متعارضين لفريقين سياسيين هما فريق الأكثرية الموالاة وفريق المعارضة وكل هذه التمايزات السياسية جوهرا وظاهرا وأهدافا، تتحول بقدرة بعض وسائل الإعلام إلى وليمة لإذكاء فتيل الطائفية دون الاكتراث بما يمكن أن تأكله نيران الفتنة الطائفية من سلام واستقرار وأمل عند المواطن اللبناني، الذي ذهب في ظنه أن صفحة الحرب الأهلية قد طويت إلى غير رجعة. إن الخلافات السياسية مظهر صحة بالنسبة إلى أي دولة ديمقراطية تتنافس فيها البرامج السياسية والمواقف المتباينة من ادوار الدولة وأولوياتها . ولكن محاولة بعض الساسة في لبنان العزف على الوتر الطائفي الحساس، تبدو مسألة مضحكة وغير مقنعة ومحزنة في الآن نفسه. اما إذا تبنت جريمة الإثارة الطائفية وسائل الإعلام، فإنها لا تقضي فقط على مصداقيتها بل أنها تصبح قنوات ذات ميكروفونات كريهة الرائحة . ومثل هذه المظاهر هي مرآة نرى من خلالها عمق المأساة التي يعاني منها الإعلام في البلدان العربية حيث لم تشفع له الأموال الطائلة ولا عبق الحرية المتناثر في بعض الدول ولا القائمة الطويلة من الإعلاميين المحترفين العرب . لذلك فإنه دائما وفي كل مشكلة من مشاكلنا العربية ننتهي إلى نفس القناعة وهي أننا لم نتطهر بعد ثقافيا كما يجب ومازلنا متمزقين بين قيم متعارضة المنظومة والروح. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
المخرج التونسي فاضل الجعايبي: رقابة الجمهور تنمِّط الذوق وتجذب الى أسفل!
بيروت – ميشال معيكي قدم المخرج التونسي فاضل الجعايبي على مسرح «دوّار الشمس» في بيروت، رائعته الجديدة «خمسون». يضيء العمل على مسألة تنامي المدّ الأصولي الإسلامي والحركات المتطرّفة الممارسة للعنف القاتل في العالم العربي وفي جغرافيات الدنيا. ويسأل عن قيم التسامح الديني وعن مناهضة هذه الحركات لمفاهيم الحداثة والعصرنة وقبول الآخر، والإيمان بالحوار بعيداً عن الإكراه. من أعماله: «العرس»، «الأمثولة»، «غسّالة النوادر»، «سهرة خاصة». وكان قدّم في السنوات الماضية أمام جمهور بيروت أهمّ أعماله المسرحية: «فاميليا»، «عشاق المقهى المهجور»، «البحث عن عائدة»، وحديثاً، عمله الجديد «خمسون» والنص لجليلة بكار، الشخصية المحورية في العمل. لماذا خمسون، اليوم؟ لسببين: 1 ـ لأن أصدقاءنا في الكفاح وفي الحلم الطوباوي ليسار متقدم ديمقراطي يؤمن بقيم كبيرة، هؤلاء الأصدقاء يموتون واحداً اثر آخر، في صمتٍ رهيب وتجاهل كبيرين، بسبب تهميش السلطة السياسية لهم، والذين دفعوا ثمناً باهظاً لإيمانهم بأفكارهم. هؤلاء الرفاق تعذبوا في سجون بورقيبة وخرجوا منها مكسَّرين. لما مات أحمد بن عثمان ونور الدين بن خضر تحدثت مع جليلة (الممثلة ـ الكاتبة، زوجة الجعايبي) حول امكان تكريم روحيهما تذكيراً بما فعلاه لتونس منذ فجر الاستقلال. 2. الزحف «المقدس» للأصولية المتطرفة والتي يتنامى وجودها في تونس، ولا يدور كلام عليها. لقد قررنا أن نحكي عن المسكوت عنه في تونس وكأن هناك خيوطاً سحرية سرية، بين تراجع اليسار وخيباته وصعود هذه الأصولية الإسلامية. لكن تحليلنا يبقى منقوصاً إذا لم نضف عنصراً ثالثاً وهو النظام البورقيبي والنظام الحالي، الَّلذين يتحملان مسؤولية كبرى في تكسير اليسار وتنصيب التيار الإسلامي كبديل له. هل تصرّ على أن النظام السياسي التونسي هو الذي دفع بالإسلاميين الى الواجهة ليمثل مكان اليسار، أم أن طبيعة الأشياء لا تحتمل فراغاً، فسدَّه التيار الأصولي مع غياب اليسار؟ بالتأكيد، لكن كان من المفروض أن يتصدّى اليساريون العلمانيون لهذا المدّ الإسلامي، لإيمانهم بالفصل بين الدين والسلطة، لكن النظام قمع اليسار ومنع عنه حريات أساسية، ما سهَّل الأمر على الإسلاميين باحتلال مساحة كانت شاغرة في الحياة السياسية ـ الاجتماعية التونسية. إننا عبر هذا العمل نستعيد مشهد الحياة العامة في تونس خلال خمسين سنة (1956 ـ 2006). وصادف أن العرض الأول للمسرحية «خمسون» على خشبة مسرح الأوديون في باريس، كان في يونيو 2006.نحن نتناول هذه الحقبة من زاويتنا، كمواطنين، ديمقراطيين، عقلانيين، وأن نضع الجميع أمام مسؤولياتهم. إضافة الى ذلك نحن، نستعيد جانباً من الذاكرة الوطنية الحديثة المهمَّشة، بصيغة مسرحية، لأننا فنانون لا نلقي محاضرات ونصوغ بيانات شجب سياسية. حيال نص شرس، اقتحامي، سمّى الأمور بوضوح ومباشرة، كيف تعامَلَتْ معكم الرقابة في تونس، ومعروف أنها لا «تمزح» في المسائل الشائكة ذات الحساسية؟ في الواقع، منذ ثلاثين سنة لم يقع أيّ اصطدام مع الرقابة بصفة مباشرة ودعني أقول أننا لا نلجأ الى الرقابة الذاتية، لأنها أدهى من رقابة الرقابة، ورقابة الجمهور الذي ينّمط الذوق ويجذبك الى أسفل ويدفعك الى الرقابة الذاتية. على عكس ذلك، كنا دائماً نندفع الى الأمام ونفاجئ الجمهور بجرأة طروحاتنا المسرحية. هذه المرة يبدو أن السلطة في تونس لم تقبل أن نفضح على الساحة الفنية في باريس العنف الذي تمارسه على اليسار وعلى الإسلاميين، وأعتقد أن الأوديون وافق على العرض لأنناـ في مسرحناـ أعطينا الكلام للإسلاميين وندَّدنا بأشكال العنف الممارس من قبل النظام الماضي والحاضر. ثمة مفارقة غريبة في المواقف المتباينة بين الرقابة التي كانت متسامحة وموافقة على العمل وبين وزير الثقافة الذي طالبنا بحذف مقاطع كثيرة من النص الأصلي، ما كان سيفرغ النص من مضمونه الأساسي. تصدَّينا لمحاولة تشويه النص، ولم نقبل بأي حذف أو تعديل، ولعلها المرة الأولى منذ خمسين سنة يتصدى فنانون لقرار السلطة بهذه الجرأة. بالواقع كان يستحيل عليّ الرضوخ والتراجع عن مواقفي الفكرية والطروحات التي يجهر بها العمل، بخاصة أن المسرحية تقوم على فكرة حرية التفكير والديمقراطية والتعدد والقبول بالآخر. «خمسون» عمل مسرحي «مشاكس» بنظر النظام السياسي العربي. كيف تستطيع «العبور» به في مسارح المدن العربية، وتونس خاصة؟ يبدو لي أن لا مجال للمساومة مع الحرية ومع النزاهة الفكرية والسياسية ومع الوعي. اعتبر أن المواطن العربي له الحق بالتمتع بفرجة ذكية وعمل جدلي، لا يؤمن بالاقصاء والتهميش ويندِّد بالتضليل. ما يحصل عندكم في تونس شبيه بأحوال الكثير من المجتمعات العربية، فالمدّ الإسلامي الأصولي في تصاعد في غير عاصمة عربية. إنها حالة عامة، لماذا التركيز على تونس في هذا الموضوع؟ كنا نعتبر أن الحالة الإسلامية موجودة في أنحاء العالم العربي إلاّ في تونس. اكتشفنا متأخرين أن الواقع عكس ذلك تماماً، فهي متفشية في مجتمعنا التونسي، والخطورة في التعتيم عليها. لم يعد مسموحاً التعامي عن الموضوع. علينا أن نتحدث بصوت عالٍ وأن نفهم ماذا يحصل وما هي الأسباب والأهداف البعيدة لهذا المد الأصولي. ما حقيقة مخاوفك من هذا المد الإسلامي الأصولي؟ أنا إنسان علماني، أؤمن قطعياً بفصل السلطة عن الدّين. عندما كتبنا هذه المسرحية كنا نرى أموراً كثيرة مختلفة عن المفهوم السائد. عندما قلنا في المسرحية «كي لا تلبس ابنتنا الحجاب» لم نكن نعني الحجاب الظاهر. فالحجاب في نظري لا يصنع التطرّف، التطرّف أنواع والإسلام أيضاً أنواع. وطرحنا مشاكل متعلّقة بالإسلام الحنيف والمتصوّف والأصولي العنيف. كل ما أخشاه أن تتحوّل تونس التي قامت مع بورقيبة على مبادئ العلمانية، تأثراً بنهج تركيا الأتاتوركية، هذه الـ تونس التي تمتعت فيها المرأة بكامل حرياتها مثلاً. أخاف على ضياع هذه المكتسبات التي يحميها الدستور!!! تسألني عن مخاوفي؟ إذا وصل الإسلاميون الى السلطة أخشى أن يفرضوا «الشريعة» كدستور بديل لتونس العلمانية التي تمتعنا زماناً طويلاً بها. وبالتالي أخشى على التطور الذي تحقق ونصل الى إفلاس حقيقي على مستوى الإعلام والثقافة وحريات التعبير الفكرية والفنية. هل يمكن للفن أن يدافع عن هذه المكتسبات الإنسانية. هل تعتقد أن للمسرح عامة، ولفاضل الجعايبي تحديداً، امكان لعب دور في توعية ما، في نشر أفكار التسامح والديمقراطية، وكيف تفهم دور المسرح في عجلة تطور الحياة في تونس وخارجها؟ قال بيسكاتور إروين (مخرج سينمائي ومسرحي الماني 1893 ـ 1966 ـ أدخل تقنيات العصر كعناصر تجديدية على خشبة المسرح) أواخر العشرينات يوم بدأ في أوروبا الزحف النازي والفاشي ينتشران في ايطاليا والمانيا، قال: «لا يكفي أن يتحدث المسرح عن الواقع، من المفروض أن يساهم في تغييره». أتبنى هذه المقولة تماماً واعتبر أن المسرح يساهم في تغيير الواقع لا الاكتفاء بالإضاءة عليه، شرط أن يكون المسرح صادقاً، نزيهاً، يتحكم في آليات حديثة ويسمّي الأمور ويخاطب عقول الناس لا غرائزهم. المسرح، كالموسيقى، كالكتاب، كالسينما كسائر الفنون، يستطيع أن يطرد «الوحش» من الإنسان، وإلا سيموت العالم. في سبعينات القرن قمتم في تونس بمحاولة تطويرية حداثية للمسرح عبر «مسرح جنوب قفصة».اين أصبحت هذه الحركة اليوم، أين الجعايبي وسائر الرفاق، جليلة بكّار، توفيق الجبالي، محمد ادريس، وبن عمّار؟ حاولنا ولا نزال نحاول الدفاع عن مسرح رائد، راقٍ، متقدم، متجدّد يواصل ويقطع مع النماذج السائدة ويقترح البديل، أخشى أن نكون قد أخفقنا الى حدّ ما، في تسليم المشعل الى الجيل الجديد. حاولنا جاهدين وأخذنا على عاتقنا تثبيت الطروحات والجماليات الجديدة في السبعينات، لإرساء مسرح بديل، وأثبتنا أن الصعوبات لا تأتي من اشكاليات مادية فحسب بل من مسألة فكرية. لقد حرَّكنا سواكن الجمهور، وكنا نخاطب فئة قليلة من النخبة، اليوم أصبح المسرح الذي أدافع عنه مسرحاً نخبوياً وللجميع في آن، لأن «خمسون» و«جنون» و«سهرة خاصة» و«فاميليا»، كل هذه الأعمال المسرحية أكّدت أن جمهوراً واسعاً يقبل على حضور أعمالنا ويتفاعل معها، واستحدثنا منابر للنقاش بعد العروض، وأعطينا أهمية ضرورية لحرية التعبير. هذه أمور صارت واقعاً نمارسه بشكل دائم مع جمهورنا، غير أنني أعترف بأن الحال الميدانية للمسرح اليوم في تراجع. ثمة شركات انتاج كثيرة، الى فرق مسرحية متنوّعة، هناك دعم نسبي للانتاج والتوزيع لكن الكيف تقلّص. الا تتحمّلون قسطاً من المسؤولية عن هذا الوضع المأزوم؟ أليس في الأمر تقصير؟ بطبيعة الحال. نحن نعترف بمسؤوليتنا لأننا لم ندافع بالقدر المطلوب. لكن السلطة أيضاً لم تتحمّل معنا الأعباء بشكل كامل. نعم لقد قصّرنا في بعض المواقع، ربما كنا أنانيين، غافلين لكن نؤمن بالعمل النقابي، لكنني أنوه بأن مسرحية «خمسون» تسببت في تأسيس نقابة تدافع عن المهن الدرامية في العام 2007 على رغم أن نقابة مشابهة قامت في خمسينات القرن الماضي ثم اندثرت. فهمنا اليوم، أنه لم يعد يكفي الاهتمام بأعمالنا المسرحية وانتشارها وتيسير العروض فحسب، بل علينا السعي لإصدار قوانين تحمي البنى التحتية للمسرح والحريات الحقيقية، لأن المسرح كان ضحيّة القمع ومصادرة الحريات ودفعنا ثمناً باهظاً. لكن الفرق هو أننا دافعنا بكل قوانا، غيرنا استكان ومدّ يده أو خاف وهرب!! المسؤولية اصبحت جماعية لكي يتواصل ربيع المسرح الذي تشهده تونس. كيف يتعامل جمهور الإسلاميين مع مسرح الجعايبي؟ الإسلاميون الذين يعرفون مسرحنا، يعون تماماً أننا ضد الإسلام السياسي بكل أشكاله، لكنهم حضروا بكثافة لحضور عروضنا، لأننا أعطيناهم الكلام على خشبتنا، لأننا نريد سماع طروحاتهم ونتناقش بوضوح وحرية ولو لم نتفق. المصدر جريدة الجريدة ( يومية – الكويت) بتاريخ 22 ماي 2008
إيمانك رأس مالك – بقلم الشيخ الهادي بريك
جاء في الحديث أن النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام سأل يوما أصحابه الكرام فقال : » هل أنتم مؤمنون؟ » فلم يجبه أحد إلا الفاروق عمر الذي أطرق قليلا ثم قال : بلى. مؤمنون يا رسول الله. فقال عليه الصلاة والسلام : » فما بينة إيمانكم يا عمر؟ « . قال عمر : نؤمن بالقضاء ونشكر في السراء ونصبر على الضراء. فقال عليه الصلاة والسلام : » مؤمنون ورب الكعبة مؤمنون ورب الكعبة مؤمنون ورب الكعبة « . الإيمان شجــــــــــرة … أخصب مثل للإيمان ـ لمن أراد الفقه في الدين ـ هو مثل الشجرة. لكل شجرة جذر يختفي في الأرض لا يراه الناس ولكنهم يؤمنون بوجوده ويحكمون على الشجرة جودة أو رداءة بما يجدونه فيها من جذوع وأغصان وأوراق وثمار وظلال معتبرين أن حياة الشجرة فوق الأرض إنما مردها إلى حياة جذرها المختفي فيها دون أن يحتاج واحد منهم إلى فحص ذلك الجذر بيده أو ببصره فإذا ألفوا رداءة في ثمر الشجرة أو ورقها فإنهم لا يترددون في نسبة ذلك إلى الجذر. ( ما إختفى في الشجرة هو أصل حياتها وموتها وما ظهر منها هو ثمرة لتلك الحياة أو ذلك الموت ). ذلك هو مثل الإيمان. فهو جذر في القلوب لا يرى ولكن ترى آثاره وهي الدالة على حياته أو موته. لا يحتاج الناس إلى إجراء عمليات جراحية للكشف عن مناسيب الإيمان في القلوب ولكن يكفيهم الأثر في اللسان واليد ليعلموا ذلك بما يكفيهم في هذه الحياة أما العلم الحقيقي المطلق فهو عند ربك سبحانه لا يظهره قبل يوم القيامة. كلمات بينات في الإيمـــــــــــــان … الكلمة الأولى : الإيمان درجات وهذا هو الإيمان الحق. قال تعالى : » إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه « . وقال سبحانه : » إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون « .وقال في موضع ثالث : » إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله « .وقال في موضع رابع أخير : » إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون « . ثمرات الإيمان الحق هي : سماهم مرة بأنهم » المؤمنون حقا » ومرة بأنهم » الصادقون « . فهو الإيمان الحق الصادق. أ ــ الإيمان بالرسول إيذانا بإتباعه وبتحكيمه وإستئذانه سيما في مثل طوارئ الخندق. ب ــ وجل القلوب وإزدياد وتجدد مناسيب الإيمان فيها بذكر الله وذكر آياته. ج ــ التوكل. د ــ نبذ الإرتياب والإحتفاظ بإيمان حق صادق قوي يقهر الشدائد ولا تقهره الشدائد. ه ــ السجود والتسبيح والدعاء خوفا وطمعا وإيثار راحة الروح على راحة البدن في توازن. و ــ الصلاة. ز ــ الإنفاق ( سماه مرتين إنفاقا وسماه مرة أخرى جهادا بالمال ). ح ــ الجهاد بالنفس. ط ــ نبذ الإستكبار عن الله سبحانه بنبذ الخضوع له وعن الناس بإلتزام خلق التواضع وخفض الجناح. الكلمة الثانية : للإيمان حلاوة من وجدها تمرغ في الجنتين ومن حرمها له جنة واحدة. قال عليه الصلاة والسلام : » ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار ». أبلغ مثال لحلاوة الإيمان هي قالة البوصيري عليه رحمة الله سبحانه : قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد … وينكر الفم طعم الماء من سقم. أبلغ مثال لذلك هو الطعام الشهي اللذيذ المسيل للعاب الشبعان بله الجوعان ولكن يأكله المريض فلا يجد فيه حلاوة ولكن لا بد منه لإقام أوده. من وجد حلاوة الإيمان في هذه الدنيا ـ سيما في ذروات العسر ـ فقد تفتحت له جنة الدنيا فهو يتمرغ فيها والناس من حوله يتألمون لألمه لا يعرفون أنه يجد في ألمه نعيما. الكلمة الثالثة : أشقى المؤمنين من لم يكسب في إيمانه خيرا .. قال تعالى : » يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا « . آية ظهور الشمس من مغربها ( الصحيحان ). النفس الأولى التي لا ينفعها شيء يومها هي النفس التي آمنت عند ظهور تلك العلامة. النفس الأخرى هي التي آمنت قبل ذلك ولكن لم ينفعها إيمانها بسبب إنفصاله عن الطاعة والإتباع أو بسبب شبهات أثخنته. أي : إستوى يومها الكافر مع المؤمن الذي بذر جذرا فلم ينبت جذعا ولا غصنا ولا ورقا. الكلمة الرابعة : الإيمان عمل وهو عمل مفهوم معقول له حكمة وأثر .. لما سئل عليه الصلاة والسلام عن أفضل العمل قال مرة : » إيمان بالله ورسوله ثم الجهاد ثم حج مبرور » ولما سئل مرة أخرى في موضع آخر قال : » الصلاة لوقتها إلخ .. ». الإيمان إذن عمل وهو ليس كذلك في الحقيقة ولكن أنزل منزل أثره والحكمة منه فهو أمر يبعث على العمل. كما ينتج الجذر الحي ثمرة حية. قال عليه الصلاة والسلام في حديث طويل للترمذي عن الأشعري : » .. أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل إشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق وقال : هذه داري وهذا عملي فأعمل وأد إلي فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك .. ». الإيمان إذن عمل مفهوم معقول له حكمة وأثر .. بين هذ الحديث لبه وهو أن المؤمن الموحد لربه سبحانه توحيدا لا شرك فيه فهو عبده خلقا وهو عبده أمرا ( ألا له الخلق والأمر) وهو يعمل في » دار » سيده الحق في هذه الدنيا و يعمل ويؤدي ثمرة عمله وسعيه إلى ربه الحق سبحانه. ذلك هو مقصد الإيمان وتلك هي علته وحكمته وذاك هو أثره المطلوب .. الكلمة الخامسة : الإيمان زوجان لا يفترقان أو حبان خليلان .. قال عليه الصلاة والسلام : » الصبر نصف الإيمان » وقال كذلك : » الطهور شطر الإيمان ». مما يؤيد ذلك أن القرآن الكريم فصل في موضع واحد الإيمان عن العمل الصالح وعوضه بالصبر فقال : » إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات « . الصبر نصف الإيمان لأنه يجمل الباطن ويزين القلب ويصحح النية ثم يجيئ النصف الثاني ( الطهور ) ليجمل الظاهر ويزين القالب ويصحح البدن. المؤمن تاجـــــــــــــــــــــــــــر … لم يذكر القرآن الكريم التجارة بالمعنى المجازي إلا في موضعين هما : » إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور » و » يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم : تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم « . مادة التجارة الرابحة مع الله سبحانه : أ ــ تلاوة القرآن الكريم ( التلاوة مقصودة لذاتها زكاة ولأجل غيرها تدبرا وفقها ). ب ــ إقام الصلاة. ج ــ الإنفاق في كل الأحوال بحسب ما تقتضيه مصلحة المنفق عليه. د ــ الإيمان بالله ورسوله. ( الإيمان بالرسول معناه : إتباعه بعد الإيمان به ). ه ــ الجهاد في سبيل الله بالمال وبالنفس. هل إلتقطت الدرس؟ الإنفاق في سبيل الله سبحانه يقع عليه التركيز في الموضعين : موضع المؤمنين حقا كما مر بنا قبل قليل وموضع التجارة مع الله سبحانه. هناك ذكر 3 مرات واحدة منها بصيغة الجهاد بالمال وهنا ذكر مرتين واحدة منها بالصيغة ذاتها. التجارة مع الله سبحانه عمادها نفع الناس في هذه الدنيا ماديا ومعنويا. أركان التجارة في الدنيا هي أركان التجارة في الدنيا إبتغاء الآخرة. الركن الأول : الرساميل. يحتاج التاجر في الدنيا يبتغي الآخرة إلى رأس مال بمثل ما يحتاج التاجر في الدنيا يبتغي الدنيا. مصادر رأس مال تاجر الآخرة : أ ــمعرفة الله سبحانه. قال سبحانه : » إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده » وقال سبحانه : » ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله » وقال سبحانه على لسان لقمان : » يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله » وقال سبحانه في موضع آخر : » و يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء « . إلخ .. من أراد الفلاح في تجارته مع ربه سبحانه لا بد له أن يتعرف على مقام ربه سبحانه وكذلك في الدنيا لا يعقد التاجر عقدا مع طرف آخر إلا بعد أن يطمئن على ربحه. الله الذي » إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة » يعرف بنفسه ليطمئن المؤمن على مصير تجارته معه فهو يتاجر مع من يطوي السماء كطي السجل للكتب ومن كل شيء هالك إلا وجهه .. من يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ومن يقلب الليل والنهار .. ب ــ النظر في الكون. قال تعالى : » إن في خلق السماوات والأرض وإختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون « . كما أقسم سبحانه بكل مظاهر الكون والزمن وبث آياتها في كتابه بغرض التفكر من مثل الفجر والصبح والشمس والضحى والعصر والشفق والليل والقمر والنجم وبتضاريس الأرض من جبال شم وبالأنعام من إبل إلخ .. فالكون بخلقه المادي والإنساني والحيواني والزمني .. مادة يستقطع منها الإنسان رأس ماله. ج ــ النظر في التاريخ. أي في القصة والمثل بالتعبير القرآني. عقب على قصة يوسف عليه السلام بقوله » لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب » وقال في أولها » نحن نقص عليك أحسن القصص ». وأورد زهاء أربعين قصة .. من محور القصة والمثل في القرآن الكريم ينحت الإنسان له رأس مال يضارب به ويستمثر فيه. د ــ البرهان العقلي الباهر القاهر. قال تعالى : » أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة » وقال سبحانه في موضع آخر : » لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا » كما دعا إلى التعقل والتدبر والمقارنة وإتباع البرهان أبدا والكفر بالدجل فقال سبحانه » ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ».وقال عن الإمثال : » وما يعقلها إلا العالمون « . وقال معلقا الإيمان على العلم : » إنما يخشى الله من عباده العلماء » .. الركن الثاني : حقول الإستثمـــــــــــــــــــــار .. حقول الإستمثار لرأس المال لا تحصى ولا تعد لأنها تتجدد ولكن : أ ــ لها أصول قارة ثابتة منها إنبناء النفس على الحق. قال عليه الصلاة والسلام : » أوثق عرى الإيمان : الحب في الله والبغض في الله « . ومنها حديث عكاشة الطويل عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة دون حساب ولا عذاب » الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون « . ومنها تزكية النفس بالعبادة المفروضة » إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ». ومنها ما يتعلق بالجماعة وبالناس » وإعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا » وقوله » إنما المؤمنون إخوة » والجهاد بالقرآن الكريم لتحصيل مكرمات الأمة الواحدة الخيرية من مثل العلم والشورى والقوة والميزان والشهادة على الناس والتواصي بالحق وبالصبر وبالمرحمة وإقامة الإمامة العادلة أداء للأمانة وتوفير الأمن للناس إلا المحارب » المؤمن من أمنه الناس » إلخ .. ب ــ لها فروع لا تحصى لأنها تتجدد مع تجدد الإبتلاءات والأيام. وقد شملها قوله سبحانه » وإفعلوا الخير » وقوله » وتعاونوا على البر والتقوى » أدناها إماطة الأذى عن الطريق وهي بضع وستون شعبة أو أزيد من ذلك … الركن الثالث : تجارة توفر الأمن للمستقبــــــــــــــــــــــل .. بمثل ما يؤمن التاجر في الدنيا لنفسه ولذريته تقاعدا معيشيا هنيئا مريحا بعد عجزه وبعد موته .. يفعل التاجر مع الله سبحانه ولقد حدد النبي الأكرم ذلك عليه الصلاة والسلام في ثلاثة حقول إستثمارية مستقبلية عظمى من بناها في محياه ظلت تدر عليه الحسنات بعد عجزه وموته كذلك. قال عليه الصلاة والسلام : » إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعلم بثه في صدور الرجال وولد صالح يدعو له « . الصدقة الجارية هي الوقف ( الحبس ) ولو كانت على كلب كما فعل المسلمون في التاريخ الماضي حبسوا أوقافا على الكلاب السائبة كما تكون بالإشتراك بينهم » من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطا بنى الله له قصرا في الجنة » مفحص القطا لا يتسع لقدم واحدة لمصل واحد ولكن يشيد كل مسلم مفحص قطا ليتسع لآلاف من المصلين. مشاريع الإستثمار الدائم الذي لا ينقطع ريعه إذن بعد العجز وبعد الموت هي : أ ــ تقوية المجتمع الأهلي ليقوم على شأنه المادي بنفسه وينشئ مشاريع الخير بنفسه. ب ــ إشاعة العلم وما يستتبعه من فقه وبرهان وبحث وتقدم ورخاء وتطور مدني وعسكري. ج ــ الأسرة الصالحة وعمادها المرأة التي تلد الولد من أمشاجها وتغذيه بخلقها. أليست تلك هي دعائم التقدم والإزدهار والرقي في كل مجتمع؟ الركن الرابع : الإيمان رأس مال يتجدد فيزهر .. أو يبلى فيفلس بمثل ما يتعرض تاجر الدنيا للإفلاس ثم للسجن والعقوبة يفعل بتاجر الآخرة إذا أفلست قيمه الدينية ومثله الروحية وأبهر دليل على ذلك حديث المفلس المعروف » الذي يأتي ربه يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج .. يأتي وقد ضرب هذا ولطم ذاك وأكل مال هذا وظلم ذاك .. ». إفلاس التجارة مع الله سبحانه يكون بالإفلاس القيمي خلقا مع الناس وظلما لهم فليس المفلس من ظلم نفسه في تجارته مع الله سبحانه في صلاته وعبادته لأن ذلك مغفور ولكن المفلس من ظلم الناس في أعراضهم وأنفسهم وأموالهم .. وهو رأس مال قد يتعرض للنقض جملة وتفصيلا ولا يكون ذلك إلا بالشرك الأكبر ولكن تنقض منه كل كبيرة وصغيرة بقدرها عزما في القلب وقوة في الجارحة وقرائن أخرى .. فالشرك الأكبر ناقض والذنوب نواقص ( بالصاد لا بالضاد ). وهو إيمان يتعرض للتجديد كذلك. تجدده الطاعة ويجدده الإخلاص وتجدده الجماعة » .. فجددوا إيمانكم بلقاء بعضكم بعضا » إلى غير ذلك من مجددات رأس مال الإيمان. وأخيــــــــــــــــــــــــــــــــــرا … فإن الناس في تجارة الدنيا متفاوتون مختلفون وكذلك تجار الآخرة » فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات « . وبذا تكون منازلهم في الجنة تبعا لمنزلة تجارتهم في الدنيا مضافا إليها نياتهم » أصحاب الميمنة » و » السابقون « . وكذلك تختلف مقامات بعضهم عن بعض في تجارة الدنيا خوفا وأمنا وقوة وضعفا فهذا مؤمن آل فرعون وتلك إمرأة فرعون .. في يم مضارب الظلم الأكبر ولكنهم سادة تجار الآخرة لا يسبقهم صلاح الدين الذي أوتي من القوة ما جعله يصد الغزاة بقوة الحديد .. معنى ذلك هو أن الزمان لا يحدد الأجر ولكن يتحدد الأجر بالعمل أبدا وقبل ذلك بالإخلاص. وهذا شاب يهودي يرعى غنما لأهل خيبر أسلم ضحى ودخل الجنة بإستشهاده ظهرا ولم يصل ولم يصم وذاك مؤمن من الأصحاب رضع من الحلمة التي رضع منها ذو النورين وأبو السبطين فأرتد في آخر لحظة فذهب إيمانه وعمله سدى وهباء منثورا .. معنى ذلك أنه ليس للكم دور كبير ولكن العبرة بالخواتيم .. إيمانك إذن هو رأس مالك في حياتك وحياتك هي الفرصة الوحيدة الصغيرة القصيرة متاحة لك لتضمن سعادة لا شقاء فيها ولا بعدها أبدا أو شقاء لا سعادة فيه ولا بعده أبدا .. إيمانك .. رأس مالك .. إسأل عنه نفسك في الغداة والعشي وقل : هل أنا مؤمن؟ أين الدليل على إيماني؟ فإن قالت لك نفسك : تؤمن بالله و… أو تصلي و.. فقل لها : كذبت. لو كانت تلك أمارات إيمان لما أقر الفاروق على أمارات الحديث موضوع هذه الموعظة. إيمانك .. رأس مالك .. يقف في سبيله اليوم ما لم يقف في سبيله بالأمس فجدد أسلحة المقاومة إذ لم يفهم مسلم واحد أن رباط الخيل مقصودة لذاتها ولكن حيزت القوة المعاصرة في كل عصر. إيمانك .. رأس مالك .. مخه هو : إياك نعبد وإياك نستعين. فإن ضمنت لربك عبادة قلبية لا شرك فيها .. وإستعانة به وحده لا شريك له بلسانك وجارحتك في كل شأن من شؤون حياتك وفي كل حال من أحوال حياتك .. ضمن لك الجنة فلا تفرق بين العبادة والإستعانة. إيمانك .. رأس مالك ومكتوب عليك أن تكون تاجرا فأعرف من أين تأتي برأس مالك وأين تستثمره وكيف تجدده وتتجنب الإفلاس والإنقاض والإنقاص وكيف تبني لك تقاعدا هنيئا مريحا دائما بعد الممات. الهادي بريك المصدر: (المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 21 ماي 2008)
بسم الله الرحمن الرحيم الحــوار الإســلامي المسيــحي – رؤيــة تأصيلية – الجزء الثاني
كتبه : د. علي بن العجمي العشي الحوار مبدأ إسلامي : لم تعرض النظرة القرآنية موضوعات محددة للحوار، فكل شيء قابل للحوار، فلا مقدسات ولا محرمات في الحوار، حتى في وجود الله، وشخصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فنحن نعلم أن القرآن الكريم بسط كل هذه الموضوعات للحوار مع أهل الشرك والإلحاد؛ فقد عرض لكل المفردات التي اتهم بها النبي صلى الله عليه وسلم في شخصه وفي رسالته هل هو مجنون أم عاقل؟ ساحر أم نبي؟ كاذب أم صادق؟ قرآنه بشري أم إلهي؟… ثم عالج القرآن كل هذه المسائل بكل موضوعية وعلمية. قال تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النحل: 103]. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ [النحل: 24]. ولعل التحدي الكبير الذي ردّ القرآن عليه هو قولهم إنه لمجنون، فانظر كيف حاورهم في هذا المجال: قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ [سبأ: 46]. إن الإنسان وهو داخل اتجاه فكري جماعي لا يستطيع أن يكون محايداً بل سيكون متابعاً للكثرة وللجو الصاخب، ولكن القرآن يدعوهم أن يبتعدوا قليلاً عن مثل هذه الأجواء وأن يتفرقوا اثنين اثنين أو فرادى واحداً واحداً ثم يفكروا في كلمات الرسول صلى الله عليه وسلم وفي شخصه الكريم فسيرون عندها أنه ليس بمجنون.(1) إن القرآن عرض الحوار في كل شيء حتى في أصول العقيدة، فالله عرض الحوار في مسألة اليوم الآخر: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) [يس: 78-79]. بل إن الله تعالى حاور إبليس قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف: 12](2). وسمح للملائكة أن يحاوروه في خلق آدم(3) وذكر القرآن الحوار بين بعض الرسل والملائكة(4). والذين يرفضون الحوار، ويرونه تنازلاً عن مبادئ الإسلام، وهدماً لقاعدة الولاء والبراء نجيبهم بالقول: ما معنى أن لا نتحاور مع من لا يؤمنون بعقيدتنا؟ معناه أن نقاطعهم، ولا نتواصل معهم، ولا نتحدث معهم، وبكل بساطة نتساءل إذاً كيف ننفذ إلى عقولهم، وقلوبهم، وحياتهم؟ وعلى هذا الأساس لا بد من الحوار وبالأخص مع النصارى الذين نعيش معهم على أرض مشتركة. مشروعية الحوار الإسلامي المسيحي : لا بد من التأكيد على أن مبدأ الحوار الإسلامي – المسيحي بالنسبة للمسلمين مقرر بالنص الصريح في القرآن الكريم قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [آل عمران: 64]. فهذه دعوة مفتوحة للحوار والوصول إلى اتفاق حتى الحد الأقصى، وهو التوحيد في العقيدة. غير أن هذا الحوار أو هذا الجدال بل كل جدال يقتضي من المسلمين أن يمارسوه على أحسن أوجهه، فالله سبحانه وتعالى طالبنا بالأحسن في هذا المجال وليس بالحسن فقط قال تعالى وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت: 46]. وهذه الآية فضلاً عن مطالبتها بالجدال بالتي هي أحسن، كأنها تقول للمسلمين أيضاً: إذا لم يكن في جعبتكم الأسلوب الأحسن في الجدال فلا تجادلوا أهل الكتاب. وهي دعوة إذن للحوار مع أهل الكتاب، حوار يركز على الانطلاق من مواطن اللقاء في الفكر والرسالة، والقواسم المشتركة مع أهل الكتاب، وعلى هذا الأساس كانت الدعوة إلى بدء الحوار من قاعدة مشتركة في قضية الإيمان التي يمكن أن توحي بإمكانية اللقاء في القضايا الأخرى. بكلمة أخرى، إن الحوار بالنسبة للمسلمين مقرر شرعاً، وبابه مفتوح دائماً على مستوى الوصول إلى كلمة سواء في العقيدة، كما أن الجدال له باب مفتوح يتسم بالتي هي أحسن.(5) موضوعات الحوار الإسلامي – المسيحي: 1)الموضوع الأول الذي يمكن أن يكون ضمن موضوعات الحوار، بل هو الموضوع الأول الذي ذكر في القرآن الكريم بوصفه فاتحة للحوار مع أهل الكتاب، هو وحدانية الله تعالى، بحيث يستطيع الجميع أن يتحاوروا في كل الأمور على أساس هذا الخط التوحيدي وهذا هو ما تعكسه الآية الكريمة قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران: 64] غير أن باب الحوار الذي يمسّ العقيدة هو أبعد ما يكون في عصرنا الراهن عن حسابات أغلب الهيئات المسيحية التي تدعو للحوار، فالغايات هنا مختلفة تماماً، لكن على المحاور المسلم أن يسجل نقطة فيما يتعلق برغبته في الحوار على مستوى العقيدة، حتى لو كان بلا صدى مباشر في حينه، ولعل ما يمكن أن يدور خارج جدول أعمال أي ملتقى للحوار الإسلامي – المسيحي من لقاءات جانبية، قد تتيح فرصاً أكبر لعرض عقيدة التوحيد من وجهة النظر الإسلامية على المحاورين من النصارى. 2)الموضوع الثاني الذي عرضته الآية 64 من آل عمران وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ هو أن نتحاور مع النصارى لنصل إلى اتفاق في فكرة أن ((الإنسان واحد يعيش في موقع إنسانيته، ومن هذا الموقع فلا يتميز إنسان على إنسان آخر بسبب اللون، أو الجنس، والعرق، أو الأرض، أو المال، أو النسب))(6). ومن ثم يمكن أن يثير المحاور المسلم إشكالية العلاقة السياسية بين الغرب المسيحي الاستعماري والعالم الإسلامي، وهي المسألة التي تحمل في طياتها مسائل السيطرة الاستعمارية، وحروب العدوان الدولي، والحصار التجويعي، والاستغلال الاقتصادي، ومحاولات سحق الآخر، وعدم الاعتراف له بحقه في الاستقلال الثقافي والحضاري، وحقه في التنمية، بل حتى الاستقلال الذي هللت له الشعوب الإسلامية حوّله الغرب الاستعماري إلى شكل من أشكال الاستعمار غير المباشر، فانتهك بذلك الاستقلال السياسي من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بما قاما به من ممارسات خطيرة في هذا الصدد. والغرب هو المسؤول الأول عن طبيعة هذه العلاقة بيننا وبينهم، ولهذا فإن الحوار الإسلامي المسيحي مطالب بمواجهة شجاعة لهذه الإشكالية.(7) 3)الموضوع الثالث: يمكن أن يطال الحوار موضوع المفاهيم الأخلاقية العامة التي يلتقي فيها الإسلام بالمسيحية في معظم المواطن من أجل وضع القاعدة المشتركة التي تحكم الواقع السلوكي للإنسان المسلم والمسيحي، وهذا الإشكال الأخلاقي اليوم يواجه القيم التي تتعلق بالعائلة والأخلاق كما يؤدي إلى الاصطدام بالمفاهيم الوثنية المعاصرة التي تلبس لبوس العلمانية اللاّدينية، وتتخفى وراء شعارات الحرية، والتقدم، والتحرر من أي قيد آت من الدين أو التقاليد. وفي هذا الإطار تزداد الحاجة الملّحة للأمة الإسلامية في أن تخوض مواجهة عالمية ضد هذه التحديات التي تتهدّد العالم بأسره، ومن هنا يمكن أن تتشكل نقاطُ لقاءٍ فيما بين المتحاورين في الحوار الإسلامي – المسيحي، ويمكن أن يتحولوا إلى جبهة تعاون وتعاضد. وقد شاركتُ في ورشة عمل بوزارة الإرشاد بالتنسيق مع وزارة الصحة بالسودان لإجازة منهج لتدريب القيادات الدينية والإسلامية في مكافحة الإيدز يومي 9 و10/9/2003م وقد تحدث السيد وزير الصحة السوداني يوم الافتتاح فكان من بين ما قاله أن مؤتمراً انعقد في نيويورك في الأمم المتحدة عن ((الإيدز)) وأن المشاركين من المسلمين سجلوا وقفة قوية وشجاعة من الكرسي الرسولي في الفاتيكان ضد جمعيات حقوق الشواذ الذين كانوا يطالبون بإعطائهم الحق في مزيد من الحريات. ومن هنا يمكن أن تقوم جبهة الحوار الإسلامي – المسيحي بمواجهة مشتركة ضد دعاة الإجهاض والإباحية التي نادى بها بعض المشاركين في مؤتمر السّكان في القاهرة وبيكين(8). 4)الموضوع الرابع من موضوعات الحوار كذلك تضافر الجهود للدعوة إلى السلام العالمي، ومن ثم الوقوف ضدّ سباق التسلح، وتكديس أسلحة الدمار الشامل، والتعاون لوقف كثير من الحروب الطائفية والقبلية والدينية المشتعلة هنا وهناك، والتعاضد ضدّ كل ما يعرّض حياة الإنسانية، والطبيعة، والبيئة للخطر، ومحاربة الفقر، والمرض، والجريمة، والاتجار بالمخدرات، وإنقاذ بعض الشعوب من التدهور المستمر، لاسيما شعوب إفريقيا. 5)الموضوع الخامس من موضوعات الحوار أيضاً التوصل لتحديد تعريفات نهائية لبعض المصطلحات حتى لا تظل مائعة رجراجة تتدخل الأهواء والأيديولوجيات في تحديد معانيها، مثل مصطلح الإرهاب، والتطرف، والأصولية، وذلك من أجل اتخاذ مواقف مشتركة إزاءها، والوقوف ضد المتلاعبين بهذه المصطلحات لتحقيق سياساتهم الخبيثة. 6)الموضوع السادس مناصرة المستضعفين في الأرض. ومن النماذج المضيئة التي حدثت قبل البعثة حلف الفضول، يقول صلى الله عليه وسلم ((لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبت)) وفي رواية ((ما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم )) (9). فإذا كان اللقاء مع أهل الشرك من قريش في سبيل نصرة المظلومين استحسنه المصطفى ، ولو دعي إلى مثله في الإسلام فأجاب، فأولى أن تعقد الأحلاف مع النصارى فهم أقرب إلينا من اليهود، والملحدين، والمشركين لأجل نصرة المظلومين. 7)التعاون لمواجهة دعاة المادية الذين ينكرون الغيب، ودعاة الإلحاد الذين يجحدون وجود الله، ودعاة الإباحية الذين يروّجون للعري، والتحلل، والشذوذ الجنسي، والإجهاض. إن النقاط المشتركة بين المسلمين وبين النصارى كثيرة، والأخطار التي تتهدّدهم معاً ليست قليلة، ويمكن أن تشكل هذه القواسم المشتركة منطلقاً للتعايش، والتعاون، وأسساً للحوار. إشكالات معروضة أمام الحوار الإسلامي المسيحي: وهناك إشكالات قد تحمل في طياتها بذور فشل الحوار، أو نجاحه بسبب ما تثيره من حساسيات بين أطراف الحوار، ومن أمثلتها: 1-التبشير المسيحي في المجتمعات الإسلامية، والذي تقوده بعض المنظمات الكنسية، وتنفق في سبيله الأموال الطائلة، وتعدّ له المشاريع العملاقة، وتؤسس له المنظمات التبشيرية، وترسل البعثات للقيام بمهمة التبشير في العالم الإسلامي، لاسيما في إندونيسيا وإفريقيا، وتعقد المؤتمرات لتتكامل خططهم، وبرامجهم، وأعمالهم الرامية إلى إخراج المسلمين من دينهم.(10) 2-الاحتكاك بين التبشير المسيحي والدعوة الإسلامية في المناطق غير الإسلامية وغير المسيحية، لاسيما في أجزاء عدة من القارة الإفريقية. 3-إشكاليات الجاليات الإسلامية التي تعيش في الغرب وما راح يثار ضدها من قضايا لاسيما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م، وتعالي الصيحات هنا وهناك لمحاربة الإرهاب، ووصم بعض الجاليات الإسلامية التي تستوطن الغرب بوصمة الإرهاب، بل وصم الإسلام نفسه بالإرهاب. 4-القضايا المفتعلة في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في بعض الدول العربية مثل السودان ومصر وغيرهما. 5-من الإشكاليات ما يثار من حساسيات في مسألة أهل الذمة على الرغم من أن الموضوع في الفهم الإسلامي السليم بعيد عن المبالغات الموجودة في أذهان النصارى عن هذا المصطلح. فالذمة في اللغة: تعني العهد والأمان والضمان. وفي الشرع تعني: عقد مؤبد يتضمن إقرار غير المسلمين على دينهم، وتمتعهم بأمان الجماعة الإسلامية وضمانها، بشرط بذل الجزية وقبولهم أحكام دار الإسلام في غير شؤونهم الدينية. وهذا العهد يوجب لكل طرف حقوقاً، ويفرض عليه واجبات، وليست عبارة أهل الذمة عبارة تنقيص أو ذم، بل هي عبارة توحي بوجوب الرعاية والوفاء تديناً وامتثالاً للشرع، وإن كان بعضهم يتأذى منها فيمكن تغييرها، لأن الله لم يتعبدنا بهذا اللفظ، وقد غير سيدنا عمر لفظ الجزية رغم وروده في القرآن الكريم استجابة لعرب بني تغلب من النصارى الذين أنفوا من الاسم، وطلبوا أن يؤخذ منهم ما يؤخذ باسم الصدقة، وإن كان مضاعفاً، فوافقهم عمر وقال: ((هؤلاء قوم حمقى رضوا المعنى وأبوا الاسم)). فلا بأس أن يكون عهد المواطنة بديلاً عن مصطلح أهل الذمة. فهذه القضايا وغيرها ينبغي عرضها في الحوار الإسلامي المسيحي بشكل صريح وواضح لإيجاد الحلول لها بعيداً عن المبالغات والافتعال الذي لحق بها، فإن استعصى الحل في بعضها فلا أقل من تهدئة بعضها. ———————————————– الهوامش : 1.انظر: فضل الله، في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي، الحوار في القرآن الكريم، ص12. 2.وانظر: سورة الأعراف الآيات 10-17، الحجر 28-44، الإسراء 61-65. 3.سورة البقرة الآية 30. 4.سورة هود 77-83 والحجر 61-77 والعنكبوت 33-35 وسورة الذاريات الآية 14 وسورة آل عمران 38-41، ومريم 1-10. 5.شفيق، منير: حول الحوار الإسلامي المسيحي، مقال بمجلة الإنسان المعاصر، كتاب دوري يصدر عن مركز البيان الثقافي بيروت، لبنان، العدد الأول شتاء 1415هـ، 1995م، ص: 18. 6.فضل الله: في آفاق الحوار الإسلامي المسيحي: 27-28. 7.انظر: شفيق، منير: حول الحوار الإسلامي – المسيحي، مقال مجلة الإنسان المعاصر، كتاب دوري يصدر عن مركز البيان الثقافي، بيروت، لبنان، العدد الأول شتاء 1415هـ، 1995م، ص: 21-22. 8.انظر: جاد، د. الحسيني سليمان: وثيقة مؤتمر السكان والتنمية (رؤية شرعية)، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الدوحة، قطر، ط/1، 1417هـ، 1996م. 9.البستي، محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق : شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط/2، 1414هـ، 1993م، الأحاديث مذيلة بأحكام شعيب الأرنؤوط عليها، حديث رقم (4374)، 10/216.، وأخرجه: البيهقي، أحمد بن الحسين: السنن الكبرى، تحقيق : محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ، 1994م، حديث رقم (12859)، 6/367. 10.الميداني، عبد الرحمن حسن حبنكة: أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها (التبشير – الاستشراق – الاستعمار) دراسة وتحليل وتوجيه، دار القلم، دمشق، ط/4، 1403هـ، ص:27 وما بعدها. وانظر: غراب، أحمد عبد الحميد: رؤية إسلامية للاستشراق، منشورات المنتدى الإسلامي، لندن، ط/2، د.ت، ص: 50-54، وانظر: جريشة، علي: حاضر العالم الإسلامي، مكتبة وهبة، القاهرة، ط/5، 1420هـ، 1999م، ص: 41-43، وانظر: خلف، د. سعود عبد العزيز: دراسات في الأديان، مكتبة أضواء السلف، الرياض، ط/4، 1425هـ، 2004م. المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 20 ماي 2008
بسم الله الرحمن الرحيم الحــوار الإســلامي المسيــحي – رؤيــة تأصيلية – الجزء الثالث
كتبه : د. علي بن العجمي العشي شــــروط الحوار من شروط الحوار: 1- ضرورة توفير المعرفة في كل مفردات الفكرة التي يراد الحوار فيها , لأن الحوار من موقع انعدام الثقافة، وفقدان الرؤية الواضحة، يحوّل المسألة إلى مهاترات وكلمات غير مسؤولة، وهذا هو ما أشار إليه القرآن الكريم إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ [غافر: 56]. إن المتحاورين في إطار الحوار الإسلامي – المسيحي لابدّ أن يملكوا روحية الحوار، وثقافته، ومصداقيته، وحركيته، لأن الذين لا يتمتعون بهذه الخصائص، سوف يتحوّل حوارهم إلى حالة من السباب، والشتائم، والكلمات السلبية. 2- أن تتوفر إرادة الحوار، وإرادة الوصول إلى النتائج الايجابية بصدق وإخلاص. 3- يجب ألا يقتصر هدف الحوار على تحسين العلاقات, أو التوصل إلى نتائج واتفاقات على مستوى القيادات, وإنما لابدّ أن تنزل نتائج أي حوار إلى عامة الفئات الوسطى، وإلى القواعد الشعبية العريضة, ليحمل درجة أعلى من الرسوخ والمصداقية. فالدكتور طارق المتري(1) يرى ((أن من نافلة القول أن الحوار إذا ما أريد له أن يغني العيش المشترك مدعو ألاّ يقتصر على رجال الدين، وأهل الصفوة من المثقفين، أو قادة الرأي، فهو قبل أن يكون حدثاً، أو مبادرة روحية، أو يمّثل ثقافة، لا تفعل فعلها الحق إلا في اشتعالها على من يحسبون أنفسهم ممثلين لجماعاتهم، أو ناطقين باسمها، ومن لا يمثلون إلا أنفسهم، فتدخل عندئذ في نسيج حياة الناس اليومية، ونوعية علاقاتهم))(2). 4- أن يكون الحوار مع أهل الكتاب بالتي هي أحسن كما أوضحت آنفاً, إذ إن النص القرآني عام في كل جدل يمكن أن يحدث بيننا وبينهم، وأولى ما يتبع فيه حين يكون الجدل في أمر ديني فإنه يعصم من إيغار الصدر، ومن إيقاد نار العصبية، ومن زرع البغضاء, إن عفة اللسان واجبة حتى مع المشركين يقول تعالى: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ [ سورة الأنعام 108]، وعلى هذا فـ(بالتي هي أحسن) تقتضي ألا تسفّه آراء محاورك، وأن تظهر له الاحترام ولو كان على غير رأيك. 5- أن يكون المحاور – لاسيما من الطرف الإسلامي – مثالاً للأخلاق الصالحة، كي يؤثر في غيره، ويشكل قدوة حقيقية لمن يحاورهم، فإذا كان المولى – جل ثناؤه – قد أراد لنا أن نكون شهداء على الناس، فإن ديننا لا يقبل شهادة المجروح في أخلاقه وسلوكه.(3) 6- الحوار قد يعني شيئاً من التنازل عن بعض ما نعتقد أنه نهائي ولا يقبل الجدل، تنازلاً مؤقتاً، وقد علمنا القرآن أن هذا التنازل قد يكون في أكبر اليقينيات عند الفرد، وذلك في سبيل عدم قطع خيوط التواصل مع الآخرين.(4) كما قال سبحانه وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: 24] إن هذه الصفة في تقرير الحال تدعو الخصوم إلى الأرضية المشتركة المحايدة التي تصلح لتبادل الرأي والنظر من غير أحكام مسبقة، وهكذا كما يقول أحدنا لخصمه: أحدنا مخطئ، مع علم القائل بأن الحق معه، فهو لا يشك في ذلك، ولكنه لا يريد أن يترك الخصم دون إقناعه بما هو مقتنع به. (5) علماً أن الآية هنا للإبهام(6)، فالمسلم لا يشك أنه على الحق والهدى ولكنه يبهم الأمر حتى يُوجِدَ منطقة صالحة للأخذ والرد. من المستثنى من الحوار: قال تعالى: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت: 46]. فالله تعالى استثنى الظالمين من حركة الحوار، والظالمين هم الذين لا يمكن أن يتحدث الإنسان معهم باللغة الأحسن. لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة: 82]. إن الموقف السلبي من اليهود لا ينطلق من يهوديتهم وانتمائهم للتوراة، بل من خلال عدوانيتهم، وتمرّدهم على الخط التوحيدي، والقيم الروحية التي نادت بها التوراة، وجاء بها موسى عليه السلام، وعلى هذا الأساس حاربوا الإسلام منذ انطلاقته، وتحالفوا ضد بني الإسلام مع المشركين الذين يختلفون معهم في العقيدة، ولم يدّخروا أو يوفروا جهداً في حربهم المعلنة والخفية ضد الإسلام والمسلمين. وخلاصة القول: إن سلوك اليهود في نقض المواثيق، وقتل الأنبياء، والفساد في الأرض، والظلم بدون مبرر، واحتلالهم أرض فلسطين، وقتل أهلها، وتشريدهم في العصر الحاضر، إن سلوكهم هذا لا يشجع بل يجعل من المحال إقامة حوار معهم إلا في نطاق أن يتخلوا عن عدوانيتهم، وخططهم الماكرة، ويعيدوا أرض فلسطين، ويعود مهاجروهم من حيث جاءوا. إن وجودهم في فلسطين حالة عدوانية لا شرعية لها، ومن هذا المنطلق فإن الحوار معهم لا ينسجم مع المفهوم الإسلامي للحوار. فقد استثنتهم الآية 46 من العنكبوت. وما يسري على اليهود يصدق على بعض المنظمات الأصولية – المسيحية أو الإنجيليين الذين أعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين. والإنجيليون يؤمنون بعصمة التوراة وبقبول المسيح منقذاً، وبقدومه الثاني، ومعتقداتهم لا تختلف عما يعتقده الأصوليون المسيحيون من اتجاه متشدد في مسائل العقيدة والإيمان بالعصمة الحرفية للكتاب المقدس سواء العهد القديم أم الجديد (Old and new testament)، ويؤمن الإنجيليون بالنبوءات التي تشير إلى أحداث مستقبلية تقود إلى استعادة إسرائيل تمهيداً للعودة الثانية للمسيح (Second Coming of Christ)، والإنجيليون يعدّون إسرائيل الواردة في العهد القديم هي إسرائيل المعاصرة في فلسطين، وأنّ ميلاد إسرائيل عام 1948م علامة على اقتراب العودة الثانية للمسيح وتمهيد له، وبناءً عليه فهم يرون ضرورة دعمها والدفاع عنها بكل الوسائل ويعدون مباركتها من رضا الله الذي يلعن معارضيها ومنتقديها. ويقدّر عدد الإنجيليين الأمريكيين بأكثر من 40 مليوناً من البالغين الراشدين من بينهم حوالي 30 مليون أصولي مسيحي ينتشرون في معظم الطوائف البروتستانتية وكذلك بين بعض الكاثوليك(7). ولقد كتب الإنجيليون كثيراً عن هرمجدّون بل صاروا يطلقون عليها نظرية الهرمجدّون، حتى إنَّ بيلي غراهام حذّر في عام 1970م من أنّ العالم: « يتحرك الآن بسرعة كبيرة نحو هرمجدّون، وأنّ الجيل الحالي من الشباب قد يكون آخر جيل في التاريخ »(8). وينتظرون في أعقاب ذلك نزول المسيح عليه السلام الذي يحكمهم ألف سنة ينعمون فيها بالسعادة – كما يزعمون – في عالم خالٍ من كل من يحمل غير عقيدتهم!! ومتطرفو البروتستانتية هؤلاء، أو الأصوليون المسيحيون، أو أنصار الصهيونية المسيحية يدَّعون أنّ قيام دولة إسرائيل ثم احتلالها لكامل مدينة القدس عام 1967م هو علامة على اكتمال الزمان وإشارة للعودة الثانية للمسيح، حيث يتجمع تحالف دولي ويهجم على إسرائيل، إلاّ أنّ المسيح يعود بجيش من القديسين ليقضي على الكفرة ويحقق سيطرة شعب الله المختار على العالم، ويحكم الأرض لمدة ألف عام بعد أنْ يعتنق اليهود المسيحية(9). إنّ الهرمجدّون أو (الهولوكوست النووي) أو الحرب العالمية الثالثة هي المعركة المنتظرة التي يؤمن الإنجيليون بحتمية وقوعها، ولهذا يروّجون لها على أوسع المستويات في الغرب. ولقد صدرت في السنوات الأخيرة العديد من المؤلفات التي تتحدث عن حرب الهرمجدّون، ولاقى بعضها إقبالاً منقطع النظير لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية(11). وعلي أيّ حال فإنّ التيار الإنجيلي البروتستانتي المؤمن أشد الإيمان بنظرية هرمجدّون، والذي يطلق على نفسه (التحالف المسيحي الصهيوني) أصبح يقود حركة مدّ ديني متنامٍ في الولايات المتحدة وبات لا يكتفي بالتدخل في السياسة، بل يطمع في توجيهها، ويطمح إلى الإمساك بزمامها(12). وهناك عدد من القساوسة يسيطرون على هذا التيار ويوجهونه إلى خدمة إسرائيل من منطلقات عقدية(13). فمثل هذا التيار يَبعُدُ أن نجد مع أنصاره أرضية صالحة للحوار والحال ما ذكرناه عنهم، ومن ثم قد يكون من المفيد صرف الوقت في حوار من يثمر الحوار معهم. الخاتمة : إن الحوار الإسلامي المسيحي أخذ يكتسب في هذه المرحة الراهنة أهمية خاصة، لاسيما في ظل ظهور عدد من المنظرين لمرحلة نهاية التاريخ، أو انتهاء عصر الأيديولوجيات، أو مرحلة حرب الحضارات، أو صراعها، أو مرحلة المواجهة بين الإسلام والغرب لهذه الأسباب نشأت الحاجة لدى الطرف الإسلامي، والطرف المسيحي إلى الحوار لمواجهة جملة من التحديات الحاضرة كان من بينها ما شهده جدول أعمال مؤتمر السكان في القاهرة وبيكين من مواقف لاتجاهات إلحادية معادية للطرفين الإسلامي والمسيحي. ويتطلب الحوار أولاً وقبل كل شيء الاعتراف بالآخر المختلف، واحترام حقه في تبني رأي أو موقف مختلف، والإسلام يقرّر الاختلاف بوصفه حقيقة إنسانية طبيعية، ويتعامل معها على هذا الأساس، وفي ضوء الدروس القرآنية نتلمس احترام الإسلام لحرية الاختيار (لا إكراه في الدين قد تبيّن الرشد من الغي)، وأنه لا يضيق بتنوّع الانتماء العقدي. وإذا كان التنوّع من طبيعة البشر فإن الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى الوفاق، والتفاهم، والتعاون، ذلك أن البديل عن الحوار هو الحرب أو التعايش، ولأن خيار الحرب بلا شك سيتحول في حال اعتماده لحسم الخلاف إلى كارثة على المختلفين؛ فمن هنا جاءت أهمية الحوار بوصفه بديلاً عن الخيارين الآخرين. وخلاصة القول إن مبدأ الحوار الإسلامي المسيحي الذي عرضتُ له في هذا البحث ليس إلا فكرة قرآنية، وتوجيهاً ربانياً حدده رب العزة، وحدّد أسلوبه، ومنهجه، وبعض مضامينه، كما أنه ليس موضوعاً سياسياً قائماً على ردود الفعل، أو على اتّباع للنصارى لكسب رضاهم، وإنما هو خطاب المولى – جل ثناؤه – للمؤمنين عسى أن يكون من نتائج هذا الحوار أن يأتي هؤلاء النصارى إلى كلمة سواء دعاهم رب العزة إليها، ولا شك أنهم في هذا الزمان أشد ما يكونون ضمأً إليها، بل إن البشرية بأسرها اليوم ضامئة إلى سبيل الهداية وغذاء الأرواح، ولن يجدوا ذلك إلا في أحضان هذا الدين الكريم والشريعة السمحاء. ———————————————— الهوامش : 1.سكرتير مكتب علاقات الأديان في مجلس الكنائس العالمي، وأستاذ جامعي من لبنان. 2.متري، د. طارق: عن الدين والعيش المشترك (موقع الحوار في تعزيز العيش المشترك)، مقال بمجلة الإنسان المعاصر، كتاب دوري يصدر عن مركز البيان الثقافي، العدد1، شتاء 1415هـ، 1995م، ص:29. 3.الإبراهيمي، د. أحمد طالب: حوار الحضارات، مقال ضمن كتاب العربي (49): الإسلام والغرب، منشورات مجلة العربي، الكويت، ط/1، 2002م، ص:120. 4.بكار، أ.د. عبد الكريم، فصول في التفكير الموضوعي – منطلقات ومواقف، سلسلة الرحلة إلى الذات 1، دار القلم – دمشق، والدار الشامية بيروت – لبنان، ط/3، 1421هـ، 2000م، ص276. 5.يراجع الزمخشري: أبو القاسم جار الله (ت538هـ)، الكشاف عن ححقائق التنزيل، دار المعرفة، بيروت، لبنان، د.ت، 3/259، وقطب، سيد، في ظلال القرآن، دار دمشق، بيروت، لبنان، ط/8، 1399هـ، 1979م، 5/2905. 6.ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب، تحقيق د. مازن المبارك ومحمد علي حمد، دار الفكر، بيروت، لبنان، ط/5، 1979م، ص87. 7.انظر لمزيد معرفة أفكارهم ومعتقداتهم: Hal Lindsey, the late Great planet Earth ( New York : Bantam Books, =1970), pp. 32 – 47 .. Jerry Falwell – Listen America ( New York: Doubleday, 1980), p. 71 .. وانظر: د. يوسف الحسن: البعد الديني في السياسية الأمريكية تجاه الصراع العربي الصهيوني، مركز دراسات الوحدة العربية، ط/1، 1990م ، ص 10 – 12. 8. ». انظر: غريس هالسل: النبوءة والسياسة، ترجمة محمد السماك، نشر جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، طرابلس، ليبيا، طبع دار هايل للطباعة، الخرطوم، السودان، ط/1، 1989م، ص49. ولمزيد من التفصيل حول موضوع هرمجدّون انظر: البعد الديني في الصراع العربي الإسرائيلي للدكتور مهندس/محمد الحسيني إسماعيل، مكتبة وهبة، القاهرة، ط/1 ، 1421هـ ـ 2000م، ص 97 – 123، وانظر: رضا هلال: =المسيح اليهودي ونهاية العالم، مكتبة الشروق، القاهرة، ط/2، 1422هـ ـ 2001م، ص 42. وانظر: سفر بن عبد الرحمن الحوالي: القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى، مكتبة السنة، الرياض، ط/1 ، 1414هـ ـ 1994م، ص 32 – 74. وانظر: سعيد أيوب، المسيح الدجال قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى، دار الاعتصام، القاهرة، ص 166 – 167. 9.ياسر حسين: معركة آخر الزمان ونبوءة المسيح منقذ إسرائيل، دار الأمين، الجيزة، مصر، ط/1، 1413هـ – 1993م، ص 6 ـ 7. 10.ومن هذه الكتب: « دراما نهاية الزمن »: أوترال لوبرتس. و »الكرة الأرضية ذلك الراحل العظيم »: هال ليندسي. و »أسرار نهاية العالم »، مجموعة من العلماء. 11.العزيز: دراسات في الأديان، مكتبة أضواء السلف، الرياض، ط/4، 1425هـ، 2004م. 12.عبد العزيز بن مصطفى كامل: حمّى سنة 2000م « نظرات جديدة في مسيرة الصراع الديني ضد المسلمين »، كتاب المنتدى، مؤسسة دار السليم للنشر، الرياض، ط/1، 1420هـ ـ 1999م، ص 163 ـ164. 13.ومن أمثال هؤلاء: القس جيري فالويل، وهال ليندسي، وبات روبيرتسون، وبيلي غراهام وغيرهم. انظر: عبد العزيز بن مصطفى كامل، « قبل الكارثة: نذير .. ونفير » (كتاب المنتدى)، مؤسسة صلاح السليم للنشر، الرياض، ط/1، 1421هـ ـ 2000م، ص 207. المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 22 ماي 2008
ليبيا تحظر النقاب ومساحيق الوجه بالجامعات
طرابلس- في خطوة مفاجئة ومثيرة للجدل، قررت السلطات الليبية حظر ارتداء النقاب داخل الحرم الجامعي؛ بدعوى أن « بعض المنحرفين يستترون به لارتكاب أعمال منافية للآداب العامة ». جاء ذلك بعد اكتشاف شبكة لتجنيد بعض طالبات جامعة « قار يونس » للعمل في الدعارة، وفقا لما نقله موقع صحيفة « ليبيا اليوم » على الإنترنت عن مسئول جامعي رفيع الأربعاء 21-5-2008. وشدد القرار على أنه « يمنع منعا باتا ارتداء الخمار أو النقاب داخل الحرم الجامعي »، وعدم ارتداء القبعات والقمصان المكتوب عليها باللغة الإنجليزية والملابس الضيقة والأزياء الملونة والمزركشة والإكسسوارات. في المقابل قيد القرار الطلبة بشكل عام والطالبات خاصة بارتداء زي جامعي محتشم يراعى فيه الذوق العام، ومنع « وضع المساحيق على وجوه الطالبات المنافي لأخلاقنا وذوقنا العام، وإحداث ضوضاء أو التلفظ بكلمات غير مهذبة لوحظ أن الطالبات يستعملنها داخل دورات المياه »؛ وهو اعتبره مدرسون وطلاب بمثابة ملاحقة أمنية للطالبات داخل هذه الأماكن ذات الخصوصية الشخصية. طالع: وبوجه عام، حذر القرار من « وجود الطلبة والطالبات في الأماكن المغلقة والمنعزلة؛ مما يثير الشك ». قار يونس تطبق وعلى الفور، بدأت جامعة « قار يونس » -إحدى الجامعات الرسمية بمدينة بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا- في تطبيق القرار، حيث فوجئ الطلاب بمنشورات معلقة على كافة الجدران تحمل عنوان « تنبيه هام » وتضم 8 محظورات. من بين هذه المحظورات منع دخول سيارات الأجرة إلى الحرم الجامعي، وهو ما عزاه موظف رفيع بالجامعة -فضل عدم ذكر اسمه- لـ »ليبيا اليوم » إلى ضبط شبكة لتجنيد الطالبات للعمل في الدعارة، واكتشاف قيام بعض الطالبات تحت درج الجامعة وفي الحمامات بتغيير ملابسهن التي خرجن بها من المنزل بأخرى مبتذلة. فيما قال مصدر أمني -طلب عد ذكر اسمه أيضا-: إن جامعة قار يونس تعد « وكرا لتوزيع المخدرات وممارسة الدعارة ». لجان متابعة ولضبط المخالفين لهذه التعليمات، وإحالتهم إلى المجالس التأديبية المنصوص عليها في اللوائح المعمول بها، شكلت عدة كليات في الجامعة لجانا لحفظ النظام والمتابعة. وقال أحمد فوزي المانع -مسجل كلية الآداب بالجامعة ورئيس لجنة حفظ النظام بالكلية-: إن لجنته « تشكلت بموجب كتاب من الأخ مسجل عام الجامعة لمتابعة تنفيذ التعليمات الخاصة بالزى الجامعي وسلوكيات الطلبة ». وأضاف: « دورنا تربوي قبل أن نكون منبرا علميا، فقد لاحظنا مؤخرا ظواهر مشينة على مستوى السلوك الشخصي للطلبة والطالبات على مستوى اللباس الفاضح أو الأعمال المنافية للأخلاق ». وأكد فوزي أنه « لم نمنع الحجاب، وإنما منعنا النقاب؛ حرصا على سلامة الطالبات، خوفا من تستر عديمي الضمير بزي الطالبات لممارسة أعمال غير أخلاقية ». وتضم جامعة قار يونس نحو 50 ألف طالب وطالبة، 85% منهم إناث. وحول هذه المحظورات، انقسم الطلاب والمدرسون، فبينما اعتبرها بعضهم اعتداء على الحريات الشخصية للطلاب، رأى آخرون أنها ستساهم إلى حد كبير في ضبط الأمور داخل الحرم الجامعي، الذي عانى مؤخرا من اختلالات خطيرة رصدتها عدة أجهزة أمنية. (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 22 ماي 2008)
بعض المغالطات عن التبشير المسيحي في الجزائر
ياسين تملالي (*) لا يمضي يوم من دون أن تطالعنا بعض الصحف الجزائرية بآخر أنباء «المؤامرة التبشيرية» على البلاد، معتمدةً على الشائعات والأقاويل أكثر من اعتمادها على التحرّي الموضوعي (1). ولا تفسير لهذا التهويل الهستيري لـ «خطر التنصير» سوى أنه أداة من أدوات «الماركنتنغ» في المعركة التجارية المحتدمة بين هذه الصحف، مثله في ذلك مثل «الخطر الشيعي» أو «مسؤولية اليهود» عن العنف الطائفي بين المالكية والإباضية في مدن ميزاب الجنوبية (2). وتستند هذه الصحف في تنديدها بالتنصير إلى قانون «تنظيم ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين» الصادر في أواخر 2006 (3). كما أنّها تستغلّ لصبّ مزيد من الزيت على النار تصريحات رؤساء جمعيات مدنية (كجمعية العلماء المسلمين) مهووسة بمشكلة متخيّلة هي «انسلاخ الجزائريين عن دينهم». وبفضل تضافر جهود هذا الجمع الكريم، انتشر الكثير من الأفكار المبتسرة لا عن نشاط الكنائس الإنجيلية الحقيقي (4) فحسب، بل كذلك عن تورّط الكنيستين الجزائريّتين (الكاثوليكية والبروتستانتية) في «العمل التبشيري» وانتشار المسيحية بين أهالي المنطقة القبائلية الناطقة بالأمازيغية. والظاهر أنّ الكثيرين ممن يكتبون في هذا الموضوع لا دراية لهم بتاريخ المسيحية في البلاد ولا بتاريخ المنطقة القبائلية، لذا استحال التمييز في ما نقرأه لهم بين الحقيقة والخيال، بين الواقع و«فوبياهم» الشخصية المعبّرة عن «فوبيا» قسم من المجتمع. وزاد الطين بلّة تصديرهم لخزعبلاتهم إلى الأقطار العربية: تكفي نظرة عابرة إلى موقع «العربية» مثلاً لندرك حجم الصورة الزائفة التي يصوّرون بها الجزائر لباقي العالم العربي. ويمكن اعتبار مقال حياة خالد «تنصير يغذيه الإرهاب» (الأخبار، 11 نيسان 2008) مثالاً لبعض الأفكار المغلوطة عن التبشير في الجزائر. ولو أنها عنونته «شائعات عن التنصير» لصدقت بل ولاستحقّت الثناء. هذا عدا أنها لا ترى حرجاً في تقييد ممارسة المسيحيّين شعائرهم في ذات الحين الذي يطالب فيه المسلمون بحقهم المشروع في بناء مساجد لهم في كل أصقاع العالم. لن نتطرّق إلى هذا الجانب الأخير، فهو يستحق مقالاً مطوّلاً يحلّل أسباب التناقض بين نشدان الحرية لأنفسنا وسعينا الحثيث إلى حرمان غيرنا منها. ولن نتكلّم عن التأثير السلبي لمثل مقالات حياة خالد على صورة الأقليّتين المسيحية والقبائلية، ولا عمّا قد ينجم عنها من عنف يستهدف المسيحيّين وزرع لبذور الشقاق بين «العرب» والأمازيغ. سنكتفي بالتركيز على الكليشيهات المجترّة التي أتحفتنا بها هذه الصحفية عن الموضوع، وأهمها اثنان: وصف الاحتلال الفرنسي في 1830 بالـ «الحملة الصليبية» بغرض تصوير الكنائس الجزائرية على أنها امتداد طبيعي له، والربط المغرض بين الحركة التبشيرية والحركة الأمازيغية. هل كان الاستعمار الفرنسي للجزائر «حملة صليبية»؟ تقول حياة خالد: «مثلما تجذّر الإسلام في الجزائر وشمال أفريقيا من خلال الفتوحات، كانت للمسيحية جذور سابقة لا تزال قائمة إلى اليوم، حيث يستغلّها المبشّرون الجدد لنشر المسيحية». وتضيف: «يرى مؤرخون أن غزو البلاد عام 1830 كان حملة تبشيرية بالدرجة الأولى» المراد منها «إعادة مجد المسيحية الضائع في المنطقة». لنصرف النظر عن أن الكاتبة لم تقل لنا مَن هم هؤلاء المؤرخون، ولننظر في صلب الموضوع: ــ ليس صحيحاً أنّ المبشّرين حالياً يستغلّون في دعايتهم ماضي المسيحية في الجزائر. فقبل الاحتلال الفرنسي بقرون، كانت هذه الديانة قد انقرضت انقراضاً شبه تام، إلى درجة أن الكاثوليك الفرنسيين، لإنجاح حملاتهم التنصيرية إبان الفترة الاستعمارية، فكّروا في الاستعانة بقُسوس موارنة من بلاد الشام. ــ رافق الخطاب عن «استعادة مجد المسيحية الضائع في المنطقة» الاحتلال الفرنسي في بداياته كما رافقت أيديولوجيا «استرجاع أرض الميعاد» الاغتصاب الصهيوني لفلسطين ورافق الحديث عن «الحرب المقدسة» تنفيذ مخططات جورج بوش في أفغانستان. لكن هذا الاحتلال لم يكن «حملة تبشيرية بالدرجة الأولى». ولو كان كذلك لأمكن القول إنه فشل فشلاً ذريعاً، فمن «تنصّر» من الجزائريّين في غضون 132 سنة لم يتجاوز بضع مئات. ــ تميز موقف السلطات الاستعمارية من التبشير المسيحي بالتذبذب، فهي حظرته رسمياً في بداية الاحتلال خوفاً من أن يزيد من استثارة الجزائريين عليها ولم تسمح به في أوساط السكان المسلمين إلا في أواخر سنوات 1860. ــ لا يعني استخدام الحكم الاستعماري الكنيسةَ الكاثوليكية في مرحلة معينة لإحكام سيطرته على البلاد أن هذه المؤسسة كانت على الدوام موالية له، ومواقفها خلال حرب التحرير دليل على ذلك، فقد كان رئيسها آنذاك، الكاردينال دوفال، عدوّ أنصار «الجزائر الفرنسية» اللدود، وكان هؤلاء يسمّونه تهكّماً «محمد دوفال». كما التحق بصفوف الثورة التحريرية الكثير من الجزائريّين الكاثوليك من أصول أوروبية (5). أما المسيحيون في فرنسا، فالتفّ الكثير منهم حول الثورة (تيار Témoignage chrétien مثلاً) وجنّدوا وسائل إعلامهم لمناصرتها والتنديد بممارسة التعذيب ضد مناضليها. هل القضية الأمازيغية مطيّة للتنصير؟ تقول حياة خالد: «كذلك فإن فرنسا، بعد خروجها من الجزائر، نصبت الجمعية البربرية (أي الأمازيغية)، التي يرأسها الكاتب الأمازيغي الفرنكوفوني المعروف مولود معمري، للعمل على الحفاظ على المسيحية في الجزائر وإقناع الأمازيغ، وهم السكان الأصليون في الجزائر، بأن الإسلام والعربية هما السبب في طمس تاريخهم». ــ يبدو أن الكاتبة تقصد بـ «الجمعية البربرية» «الأكاديميةَ البربرية». لتعلم أن هذه الهيئة لم «تنصّبها» فرنسا بعد الاستقلال وإنما أنشئت في باريس في منتصف الستينات، وكان من مؤسّسيها أحد قدامى ضباط جيش التحرير الوطني، محند أعراب بوسعود، والمفكر المختص في التراث الإسلامي محمد أركون. ولا يبرر تطرف بعض أعضائها وشوفينيتهم وصفهم بالعملاء («العميل» محمد أعراب بوسعود مثلاً طُرد من فرنسا في أواخر السبعينيات بطلب من السلطات الجزائرية!). ــ لا ندري شيئاً عن مسيحية «الأكاديمية» ودورها المزعوم في التنصير. أما ما نعرفه بالتأكيد، فهو أن أحد النشطاء المؤمنين أشدّ الإيمان بأطروحاتها، هارون محمد، شرع في ترجمة القرآن إلى اللغة الأمازيغية. ــ لم يعرف عن مولود معمري أنه ترأس يوماً «جمعية بربربة» ولا أنه انتمى إلى الأكاديمية. ما نعرفه هو أن بعض مؤسّسي هذه الهيئة (مثل محمد أعراب بوسعود) عابوا عليه «قلّة التزامه بالقضية» أي بعبارة أخرى، عدم اقتناعه بأفكارهم المتطرفة. ــ أمّا عن وطنية هذا الكاتب الكبير، فيكفي التنويه بأنه صاحب رواية جميلة عن حرب التحرير وعمقها الشعبي في الجبال القبائلية. أيُعقل أن يكون صاحب «الأفيون والعصا» (1965) عميلاً ترأّس جمعية نصبتها فرنسا لنشر المسيحية في أوساط الجزائريّين؟ ألن ينتهي يوماً التشويه الذي يتعرّض له لا لذنب سوى لسعيه إلى إحياء إحدى لغتي الجزائر، الأمازيغية؟ ولا يكمن خطر هذه الكليشيهات في خطئها بقدر ما يكمن في استغلالها السياسي. ليس اعتبار الاحتلال الفرنسي للجزائر «حملة صليبية» مجرّد غلط علمي. إن له هدفاً محدداً: تضخيم دور «المقاومة الثقافية» (أي دور جمعية العلماء المسلمين بالتحديد) في نيل الاستقلال، وتشبيهه بدور التيارات المحافظة اليوم في الحفاظ على «مقومات الأمة المهدَّدة». أسهمت جمعية العلماء حقيقةً في حماية اللغة العربية وحقوق المستعمَرين الدينية إبان الفترة الاستعمارية. ولكنها، للأسف، لم تتعدَّ ذلك إلى المطالبة بالاستقلال عن فرنسا، ولم تلتحق بجبهة التحرير الوطني إلا سنتين بعد اندلاع الثورة، إثر تهديدها بتصفية قادتها. كذلك الأمر بالنسبة إلى بعض ورثتها الحاليّين: يدافعون عن الإسلام والعروبة ولا ينبسون بكلمة وهم يرون الاستعمار الجديد يستحوذ على ثروات البلاد ويسعى إلى تسيير اقتصادها بما يخدم مصالحه. بل على العكس، يلتصقون بالسلطة حتى نكاد نحسبهم منها، ويبرّرون سياساتها في الداخل والخارج، ويساعدونها على تجاوز أزماتها بشغل أنظار الجزائريّين بفزّاعة «الغزو الثقافي». ويبدو التلميح إلى أنّ المنطقة القبائلية «معقل من معاقل التبشير» جزءاً من المشروع نفسه الذي يخدم مصالح السلطة القائمة، إذ يستهدف هو الآخر لفت أنظار الجزائريّين عن مآسيهم، وشَغلهم بهوس «النزعة الانفصالية» القبائلية. أمّا ما يترتب عنه من تعميق للشرخ بين مكوّنات المجتمع، فلا يعني «المحافظين الجدد» الجزائريّين في شيء. ما يعنيهم هو زيادة وزنهم السياسي ولو كان ذلك على جثة «وحدة وطنية» متهافتة يتغنّون بها وهم يهدمونها بالمعاول ويرقصون على أنقاضها. (1) ــ يكفي «الشروق» أن تقابل إحدى صحفياتها شباناً مسيحيّين، وترى صليباً على جدار كنيسة لم تدخلها، وتسمع عن قدّاسات سرية في المطاعم كي نقرأ في صفحتها الأولى: «الشروق تخترق شبكات التجنيد حول المسيحية» (28 آذار 2008). (2) الشروق: «وزارة التربية توقف 11 شيعياً عن التدريس بالجزائر» (12 كانون الأول 2006) و«لفيف من اليهود يستثمر في أحداث بريان» (9 نيسان 2008). نقرأ في ثاني المقالين ما يلي: «كشفت مصادر مطلعة أنّ أحداث بريان (منطقة ميزاب) تصادفت وحضور مجموعة من الأقدام السوداء (قدامى أوروبيي الجزائر) برفقة جماعات يهودية أياماً قبل المولد النبوي الشريف». بالطبع، لا ذكر لهذه «المصادر المطلعة» ولا تفسير لقدرة مجموعة من السيّاح على إثارة فتنة طائفية. (3) منذ التصويت على هذا القانون، اعتقل جزائريون وأجانب بتهمة التبشير وأغلقت كنائس بروتستانتية بزعم عدم حصولها على إذن قانوني. كما حكمت العدالة بطرد راعي الكنيسة البروتستانتية الأسبق من الجزائر، هيوغ جونسون، ولم تشفع له إقامته في البلاد طوال 45 سنة. (4) نشاط الكنائس الإنجيلية في الجزائر حقيقة لا جدال فيها، والتخوف مشروع مما قد يرافقه من إثارة للفتن الدينية أو العرقية. إلا أنه من غير المقبول أن يتحول إلى ذريعة للتشكيك في وطنية الكنائس الجزائرية، وخصوصاً أنها تضرّرت منه كثيراً، كما أكّد ذلك مراراً الأب هنري تيسيي، رئيس الكنيسة الكاثوليكية. (5) لعلّ أشهرهم بيار شولي، أحد محرّري صحيفة «المجاهد»، لسان حال جبهة التحرير الوطني إبان الثورة التحريرية. (*) صحافي وكاتب جزائري (المصدر: صحيفة « الأخبار » (يومية – بيروت) الصادرة يوم 22 ماي 2008)
بين النكبة والميلاد.. خنجر الغرب في صدر العالمية
هيثم مناع (*) في المنتدى الاقتصادي الدولي الذي عقد في شرم الشيخ هذا الشهر عاد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن ليكرر ما قاله أمام الكنسيت، في نبوءته الغيبية للذكرى 120 لدولة إسرائيل، حيث لن يكون هناك إرهاب وقوى شر في المنطقة. وكأنه يرد على منتقديه ومنهم أقلام غربية وليس فقط عربية، لجأ إلى السلاح الذي استعمله الغرب منذ انطلاقته الثقافية والصناعية « ما أقوله ليس رؤية أميركية أو يهودية أو عربية، وإنما رؤية عالمية ». مسكينة هذه العالمية التي يُزج بأنفها في كل التصرفات الغربية التي تخجل من أن تسمي الأشياء باسمها. ما معنى هذه العالمية عندما يتوصل أحد أهم أصدقاء الدولة العبرية، جاك أتالي، مستشار الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران والمشهود له، بعكس الرئيس الأميركي، بالقدرة على الاستنباط الإستراتيجي البعيد الأمد، للقول « بالسلم أو بالحرب، إسرائيل كما هي لا مستقبل لها ». في لحظات « اليقين الديمقراطي التوراتي » هذا الذي هدّم العراق وغاص في المستنقع الأفغاني وسمّاهما انتصارا، شيطن المخالف وجمّل المطيع الموافق، نجد من الضروري لنا كأشخاص وشعوب، الابتعاد عن هذا المنطق الغوغائي، وتتبع الرموز الكبيرة للفكر والبحث التي تؤثر الابتعاد عن احتفالية مشهدية لتطلق سهام النقد على قرابة نصف قرن من البناء الإيديولوجي داخل الحركة الصهيونية وخارجها. بناء اكتفى بكتابة التاريخ العالمي من ثقب قراءة غربية محضة. هذه القراءة، لم تكن السبب وحسب في جعل الشك العامل الأول في التكوين الجمعي للذاكرة العربية تجاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الغربية، وإنما في وضع التصور السياسي والإستراتيجي الغربي برمته في قفص فكرة التآمر على العرب والمسلمين. فرغم كل طقوس الذكرى الستين، التي سعى الإعلام الغربي لإعطائها مكانة تذكرنا بالذكرى المئوية الثانية للثورة الفرنسية، لم يعد بالإمكان تغطية الخلل البنيوي في البنية والوظيفة والمشروع الإسرائيلي. وما دام هناك قوى كبرى في هذا العالم تدعم استمرار المشروع بما هو وكما هو، فنحن أمام تحليل جيو سياسي مختل الاتزان يذكرنا بتعريف الدكتور جمال الأتاسي للبارانويا حين قال يوما « هي المهندس الذي يقدم مشروعا كاملا لبناء الجسر بمعزل عن مجرى مياه النهر ». لقد نشأت العالمية مع ديانات التبشير وإمبراطوريات التوسع. وقد شكلت في نشأتها التاريخية، إضافة لكل طموحات تقاسم الجعبة الثقافية الذاتية مع الآخر أو فرضها عليه، الغطاء الأيديولوجي للغزو والهيمنة بالمعاني السياسية والعسكرية والاقتصادية. فقد تم اكتشاف ثقافة الآخر بعد هذا الفعل « القبيح » في أقدار البشرية، سواء في المرأة المسبية التي غزت بيت الغازي أو في الأمة المشتراة التي طّعمت الأبناء بثقافة هجينة وفي استثمار « مثقفي » الشعوب المغلوبة. هذا الفعل نفسه هو الذي خلق حالة دفاعية عند الثقافات المسودة. فأية ثقافة أو أخلاق، كما يقول إريك فايل, لا تظهر باعتبارها خاصة ما دامت تعاش بكل بساطة من قبل جماعة من الناس دون الشعور بالحاجة إلى الدفاع عنها ضد قيم أو معارف تهدد وجودها. ولحسن الحظ، لم تنجح أية منظومة فكرية أو دينية لا في إلغاء كل ما عداها مما أسمته بالكفار أو البرابرة أو الخوارج أو الهمج أو المتخلفين، ولا في الانغلاق الكامل على نفسها وعدم التفاعل مع غيرها. يمكن القول إن الحديث في قيم ومعارف ونظم تفكير لها طابع العالمية جاء بعد ذلك، وكان ابن عمل فلسفي وفكري محض. من هنا صعوبة الحديث عن العالمية في أثينا ميلاد الفلسفة، وبكين خان بالق التي يتحدث عنها ماركو بولو، وبغداد ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وباريس الثورة الفرنسية، بنفس الطريقة والمفهوم والمكونات. لم تحتج البشرية لطويل وقت لاكتشاف أن العالمي ليس بالضرورة وفقط ما يسمى عند جماعة بشرية بذلك. إذ إن سيرورة العالمية قضية نسبية في الزمان والمكان والمنطلق. ولعلنا نتحدث عن المفهوم براحة أكبر بكثير عند تناول الموضوع الذي تتقاسمه الجماعات البشرية بالفعل. ودون السقوط بالطبع في منطق « كل الجماعات دون استثناء ». ففي حين يصعب الحديث عن عالمية العلمانية أو الوحدانية في الثقافات البشرية كافة، رغم طموح أنصارها للوصول إلى كل إنسان وكل شعب، نجد النظام الثنائي قاسما ثقافيا مشتركا في الثقافات التي نعرفها، رغم هزيمة المانوية التي تبنتها في صلب اعتقادها. فأية ثقافة لا تخلو حسب المعطيات البشرية الحالية من المشابه والمختلف، الواحد والمتعدد، الاستمرارية والانقطاع، البسيط والمركب، اليسار واليمين، الحار والبارد، الجاف والرطب، الثقيل والخفيف، الأعلى والأسفل، الفارغ والملآن، الثواب والعقاب، الخصوبة والعقم.. الخ. ويمكننا القول اليوم إن علماء الألسنية والاتنولوجيا لم يكتشفوا بعد لغة لا تقيم الفارق بين النحن والآخر. انزرعت العالمية في الخطاب الثقافي الغربي لحقوق الإنسان مع فكرة الحق الطبيعي. وعندما نقول طبيعي، يفترض هذا تنصّب الحقوق فوق الجنس واللغة والبلد والمعتقد. وإن أكدت ثقافة عصر التنوير على تعابير أساسية عالمية الطابع كالحرية والمساواة والتسامح، فقد تداخل الاستعمار المباشر والثورة الصناعية ومفهوم الأمن القومي والسيادة للنحن في استعباد واستغلال للآخر، وبأحسن الأحوال، تأصلت نظرة تفوق وحرص على الهيمنة على هذا الآخر « البدائي » أو « البربري » أو « القاصر ». ومحاولة فرض تصور العتلة الفعلية لهذا الخطاب، الذي تم توظيفه في إعادة تقسيم مراكز القوى في العالم بعد الانهيار المتتابع لإمبراطوريات القرون الوسطى خاصة. لا ننسى أن إحدى أهم صفات الاستعمار الأوروبي تكمن في تزامن الصراع بين الأمم الأوروبية المتكونة حديثا مع الطموح غير المحدود عند كل منها للتوسع. أوروبا العائدة لاحتلال مركز العالم بعد ظلمات القرون الوسطى لم تلبث أن أعطت صفة العالمية لأهم ما أنتجت. ولم تنج من ذلك المؤسسات الثقافية أو المدارس الفكرية. وسواء تعلق الأمر بالبنى التحتية للثقافة (المؤسسات التعليمية والتخصص) أو التيارات الفكرية، لم تضع أي من المدارس الفكرية الكبرى، في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، « بداهة » عالميتها موضع شك. احتاج الأمر لزمن قبل وضع عالمية مفاهيم مركزية في الفكر الأوروبي على مشرحة النقد: مفهوم الصراع الطبقي عند ماركس وأنجلز، الأسرة الصغيرة النواة عند علماء الأنثروبولوجيا، أو عقدة أوديب عند فرويد، كم من المفاهيم احتاج لزمن قبل أن يصبح موضع تنقيب وبحث جديين داخل أو خارج حدود « الكنائس » الفكرية الحديثة، كم من الوقت احتاج علماء الإناسة من أجل وضع كلمة الشعوب البدائية بين قوسين؟ كم عقدا زمنيا مرّ قبل وضع فكرة الحقوق الطبيعية على طاولة البحث؟ خاصة عند ارتباط مفهوم الأنسنة الغربي أكثر فأكثر بالتاريخ والاجتماع البشريين، وبالتالي دخول الاكتساب والتحول والتكيف والاغتناء بين الثقافي في صلب تعريف الحقوق الإنسانية. من العدمية برأينا الحديث عن عالم الزي الموحد واللغة الموحدة والمطعم الواحد والفن الوحيد النغم باسم العالمية، مهما كانت خصائلها. فدراسة النفس والفرد تظهر مدى اختلاف الأفراد، وبالتالي صعوبة معالجة المرض نفسه بالطريقة ذاتها عند شخصين من بيئة واحدة. فكيف الحال في اختلاف البيئة والمحيط الاجتماعي والفضاء الثقافي؟ يحلو للصديق منصف المرزوقي أن يكرر دون ملل أو كلل بأن الخصوصية لا تقابل بالعالمية وإنما بخصوصية أخرى. هذه الواقعة بحد ذاتها تسمح لخصوصية راقية بأن تتسامى للعالمية أو تكون قابلة لها، هكذا فعلت كلمة الصفر التي عبرت القارات من الحساب الهندي إلى الجبر العربي فالتشفير الأوروبي والرقمية الأميركية. من جهة ثانية، ليست العالمية معطى إيجابيا باستمرار. فكما يمكن أن يكون التعذيب معطى عالميا، يمكن لمناهضته أن تكون عالمية، وإن وجد علماء الاجتماع في القبيلة معطى عالميا، فليس بالإمكان وصف قبيلة تميم أو طي بالعالمية. وبنفس القياس، يمكن للحلم اليهودي القومي أن يكون وعدا من إله أو حكومة، لكن هذا الإله ليس بالضرورة إلها يعترف به ستة مليارات إنسان، كما أن هذه الحكومة لا تمثل إلا بلدها في مكان وزمان محددين. أيضا يمكن لمشروع دولة يهودية في فلسطين أن يتقاطع مع مصالح الدول الغربية الكبرى، بوجود قاعدة استيطانية مرهونة بالضرورة لمصالح الغرب وإن بدت متحكمة بمن يستعملها. لكن لا يمكن لهذا المشروع أن يكون علبة حلويات تقدم هدية لشعب فلسطين، فيخرج مرحبا بعصابات الهاغانا وشتيرن. أما مفهوم الأمر الواقع، فلم يكن في التاريخ كذلك إلا عند إبادة الآخر الفيزيائية والثقافية. والآخر هنا ليس فقط الفلسطيني، بل صورة متعددة للطابع المقدس لفلسطين تتعدى اليهودية إلى المسيحية والإسلام. هذا إذا لم نتحدث عن تراث مشترك للبشرية لا يمكن اختزاله بأي حال من الأحوال في دولة يهودية. بتعبير آخر، خرج المشروع الصهيوني من العالم اليهودي إلى العالم الغربي في أتون الحرب العالمية الأولى. وتمكنت مجموعات الضغط الصهيونية من الحصول على وعد بريطاني بقيام وطن قومي لليهود في فلسطين في 1917. لكن مجرد طرح مشروع الدولة اليهودية على الأمم المتحدة لكسب تأييدها يعني أن الأمم المتحدة لم تعد طرفا عالميا بل طرفا يقرأ العالم قراءة غربية محضة، ثم يعتبر هذه القراءة قراءة عالمية بالقوة لا بالعدالة. من هنا سجلت ستينية ولادة إسرائيل احتفالية شمالية ونكبة جنوبية. تحقيق أسطورة عمرها أكثر من ألفي سنة (العام القادم في أورشليم) على حساب طموح شعب ينتظر التحرر من الاستعمار البريطاني ليشهد ابتلاع وجوده السياسي والثقافي والاقتصادي والمجتمعي بآن. كيف تطالب أوروبا، التي اعتادت مدنها القروسطية إغلاق أبواب الغيتو اليهودي قبل وقت العشاء، الفلاح الفلسطيني يتفهم المحرقة وهو في فوهة الحريق. كيف يطالب المثقف الأوروبي الآخر العربي بالقبول بدولة دينية وهو يناضل صبح مساء لتأكيد الهوية العلمانية للدولة في أوروبا؟ كيف يطالب الحزب الاشتراكي واليساري الأوروبي التقدميين العرب باستيعاب المشروع العنصري الصهيوني وهم يعدون إعلانا لمناهضة العنصرية في أوروبا؟ باختصار، كيف يطالب الغرب، المنتج للقراءة المعاصرة للقانون الإنساني الدولي، بإنتاج اللاجئين والمبعدين والمشردين بقرار من الأمم المتحدة انتزع منهم أكثر من 60% من أرضهم، وسلاح بريطاني سمح للعصابات الصهيونية بأخذ أكثر من 79% من هذه الأراضي؟ هل يمكن انطلاقا من القراءة الغربية للتاريخ أن نتوصل لحل عادل وشامل في المنطقة؟ هل يمكن لكيان سياسي شرقي المتوسط أن يعتبر مرجعيته الأولى في الشبيه الغربي عوضا عن ثقافة الجار وضرورة بناء الجسور الضرورية للتعايش البشري مع الجوار؟ هل يمكن لأي شعب في أية منطقة أن يعتمد لأمد طويل على البعيد من أجل السيطرة على القريب؟ أو أن يعتمد باستمرار سياسة البحث عن الأقوى من أجل ضمان التفوق على المحيط؟ أو جعل تفتيت وإضعاف كل خطر مفترض أو محتمل من دول الجوار وجوار دول الجوار سياسة ثابتة للدولة؟ أليست فكرة الإضعاف الدائم للفلسطيني بكل الوسائل اللا أخلاقية والتدميرية في صلب تعريف الإبادة الجماعية؟ ثم هل يمكن نسخ التجربة الأميركية مع السكان الأصليين في القرن الواحد والعشرين؟ وهل يمكن بعد سياسة التحطيم المنهجي للحجر والشجر والبشر في المناطق الفلسطينية المحتلة فتح صفحة جديدة مع القادم اليهودي إلى المنطقة؟ كل هذه الأسئلة لا تسمح العنجهية الإسرائيلية اليوم لنفسها بالاستماع لها. وفي الوقت نفسه، لا يقوم العالم الغربي في غمارها بدور يمكن أن يساعد الإسرائيلي على النظر لأبعد من أنفه. فلا ورقة حسن سلوك رسمية ولا اتفاقية أمنية ولا سفارات ولا مساعدات مالية للحكومات « المعتدلة » يمكن أن تؤسس لسلام. بعد ثلاثين سنة من اتفاقية كامب ديفد، يدخل الإسرائيلي مصر وأمله أن لا يعرف المصري جنسيته في شوارع المدينة. وبعد ثلاثين سنة من نهاية الحرب العالمية الثانية قام الاتحاد الأوروبي. فهل يمكن الحديث عن نهاية حرب وانتهاء حالة عداء في هذه الحالة وتلك؟ لقد أسست الدول الغربية الكبرى لشرخ كبير في مفهوم العالمية عندما وقفت مسبقا في المعسكر الإسرائيلي في تصورها وتعاملها ومعالجتها للقضية الفلسطينية. ولم تمتلك القدرة على الارتقاء بخصوصيتها إلى عالمية موضوعية وعقلانية، لذا وضعت خنجرا في صدر أية مقاربة عالمية عادلة لوضع حد للصراع على فلسطين. (*) كاتب سوري (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 ماي 2008)
الإخوان «الإيرانيون» وحزب الله «السني».. وجهان لعملة واحدة!
محمد صادق الحسيني (*) إن أجمل وأروع وأطرف وأظرف وأبلغ ما قرأت مؤخرا عن الأحداث الأخيرة في لبنان هو ما كتبه أحد الزملاء المختلفين معنا في إحدى الصحف العربية تحت عنوان: «الإخوان الإيرانيون!»، أنقل إليكم مقاطع أساسية منه كما هي تعميما للفائدة: «هل قال مرشد الإخوان المسلمين في مصر مهدي عاكف جديدا حينما انحاز إلى حزب الله اللبناني الشيعي في هذه الأزمة؟ قد يبدو الموقف للمراقب عن بعد عجيبا وغريبا، إذ كيف تؤيد جماعة إسلامية سنية توصف بالأصولية جماعة أخرى شيعية في معركة طرفها الآخر يغلب عليه الطابع السني «أهالي بيروت الغربية»! الحقيقة أن العلاقة بين نفس وروح التنظيم الإخواني هي علاقة ترابط بينه وبين الإسلام الشيعي بالنسخة الخمينية، والحجة دوما: مواجهة العدو الخارجي… ويشتركون في تقديس السياسة ورفعها إلى مرتبة الدين تماما كما يصنع حزب الله الإيراني في التعامل مع قضية السياسة الخارجية، وكأنها قضية الإيمان بالله، لا تقبل القسمة على اثنين. وهذا بالضبط هو نهج الإخوان المسلمين في النسخة السنية… وهو بالضبط المناخ الذي ولدت فيه الأصولية الشيعية المسيسة الحديثة، وعلى رأسها حزب الدعوة العراقي في الخمسينيات، لدرجة أن بعض قادة حزب الدعوة كانوا أساسا عاملين في حزب التحرير العراقي الذي أسسه سني فلسطيني منشق عن الإخوان هو الشيخ تقي الدين النبهاني. والسبب في هذا التدفق أو سهولة الانتقال من حزب التحرير أو الإخوان السنيين إلى حزب الدعوة الشيعي هو مساحة التفكير والأحلام الأيديولوجية السياسية المشتركة. وقد كان من مؤسسي حزب الدعوة الشيخ عارف البصري، وهو ناشط أصولي شيعي أتى إلى حزب الدعوة من حزب التحرير السني. يذكر الشيخ السوري، القريب من الإخوان، علي الطنطاوي في مذكراته كيف احتفى الإخوان السوريون بالناشط الإيراني الأصولي الثوري نواب صفوي زعيم حركة فدائيان مبارز -والصحيح فدائيان إسلام طبعا- حينما قدم للشام، وهو -أي صفوي- كان السلف الفكري والسياسي للخميني. الفكرة من هذا كله أن هناك «صلة رحم» سياسية بين حركة الإخوان المسلمين السنية وتوابعها ومن يدور في فلكها من كتاب وصحافيين وبين الحركة الشيعية الخمينية بكل تفرعاتها. والخيط الناظم لهذه العلاقة هو الاشتراك الكبير في تسييس الإسلام الكلاسيكي لصالح أجندة سياسية ورؤى محددة للحل والدولة والمجتمع، وتكاد لا تشعر بالفرق المنهجي الكبير بين أدبيات الإخوان المسلمين وجماعة كحزب الله لولا أنك تتذكر من حين لآخر أن هذه مجموعات شيعية وتلك سنية أثناء الإحالات التاريخية أو تذكر الأبطال الرموز أو اسم الفردوس السامي المرتجى، فهو تارة «الخلافة» وتارة دولة «صاحب الزمان»، فلدى الشيعة يبرز الحسين والعباس وزينب.. ولدى الإخوان السنة عمر بن الخطاب وصلاح الدين ونور الدين… إلخ. ومن أجل ذلك فلم يكن غريبا موقف كموقف مرشد الجماعة وهو يدافع بعنفوان وقوة عن الخط الإيراني الأصولي الثوري، تكاد معها تعتقد أنه ولد في قم أو في جبل عامل… متحدثا عن طبيعة التحالف بينهم وبين حزب الله: «هو تضامن وتحالف وتأييد وكل شيء»، وحينما طلب منه الجواب عن أجندة إيرانية للسيطرة، بادر بالقول: «ما يقال عن أجندة إيرانية يقوله أعداء الأمة»، ويبدي إعجابه باللغة الجدلية الإيرانية وتفكير ملالي طهران فيقول: «الإيرانيون عندما تتحدث معهم تجد كلامهم موزونا فيه المنطق والحجة». المرشد… هذه الأيام وبعد غزوة بيروت التي نفذها الحزب الإلهي عاد وجدد التأييد والدعم لهذا الحزب الخميني متناغما مع كلام مندوب حزب الله في حوار الدوحة محمد رعد، حينما ووجه بالحذر من سلاحه المصوب نحو أهالي بيروت والجبل بالقول: «سلاحنا مقدس». إن موقف الإخوان المسلمين من هذه الغزوة لحزب الله موقف خطير… وهم حتما يفكرون أن من يوصلهم إلى كرسي الخلافة السني ليس سوى الملا الصفوي في طهران في مفارقة عجيبة من مفارقات الزمن. الإخوان وحزب الله وجهان لعملة واحدة هي اختزال الدين في مشروع سياسي… والحجة الجاهزة العدو الخارجي…». بقي لي أن أضيف عبارة واحدة على كلام الزميل الآنف الذكر: ألم نقل لكم أنها ليست حربا طائفية وإنما هو صراع بين مشروعين… أرحتنا أيها الزميل وكفانا الله شر الفتن والتنازع! (*) كاتب ومحلل سياسي إيراني (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 ماي 2008)