الخميس، 22 أكتوبر 2009

TUNISNEWS

9 ème année, N 3439 du 22 .10 .2009

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو

ولقيادات إنتفاضة الحوض المنجي

ولضحايا قانون الإرهاب


حرية وانصاف:الناشط الحقوقي زهير مخلوف يضرب عن الطعام وزوجته تتضامن معه فتضرب بدورها

السبيل أونلاين:عاجل..وقع رفع الحصار الأمني على المعمورة التابعة لولاية نابل مسقط رأس زهير

لجنة صلب الحزب الديمقراطي التقدّمي للدفاع عن عضو الحزب زهير مخلوف:بــــــلاغ

السبيل أونلاين:عاجل..زوجة زهير تدخل في إضراب تضامني والبوليس يمنع عنها الزيارة

الحزب الديمقراطي التقدّمي:بــــــــــــــــيان

السبيل أونلاين:منطقة القيروان تحقق مع الشاب المهدي الوسلاتي حول زهير مخلوف

النقابة التونسية للإذاعات الحرة :دعوة لحضور ندوة صحفية

السبيل أونلاين:الشرطة التونسية تصادر معدات راديو 6 بإذن من وكيل الجمهورية

زياد الهاني:نص رسالة موجهة للسيد مدير عام دار الصباح للمطالبة بإعادة الزميلة هدى الطرابلسي إلى عملها

المنظّمة الدّوليّة للمهجّرين التّونسيّين:دعوة تجمّع المهجّرين التّونسيّين بباريس

السعد الغزواني و حسين شعبان:لا نريد لمنظمة المهجرين أن تكزن رقما شكليا

 السبيل أونلاين: إعلان..فقدان الآنسة الدكتورة لجين جورج سرحان في تونس

محمود الذوادي :بعد فك إرتباط نقابة الصحافيين بالنقابة الوطنية :المنزلة بين المنرلتين:موقع  يُرِيح السلطة

الشبكة العربيةلمعلومات حقوق الإنسان:انتهاكات بالجملة للحكومة التونسية ضد الصحفيين و النشطاء قبيل الانتخابات

برنامج لقاء اليوم على قناة الجزيرة يستضيف الأستاذ أحمد نجيب الشابي يوم الجمعة على الساعة 15 و 30 دقيقة بتوقيت تونس

العجمي الوريمي:الإسلاميون والسلطة في تونس قراءة في مسار الحياة السياسية وأفق تطويرها

أحمد قعلول:في مأزق العمل السياسي والحزب السياسي حركة النهضة التونسية نموذجا

نور الدين العويديدي :في زيف ادعاء التدرج نحو الديمقراطية والإصلاح السياسي…..

محمد فوراتي:في انتظار المجهول تونس 2009.. والأسئلة الحارقة

جلول عزّونة:في التخلّف السياسي في تونس

فهمي هويدي  :زفة مصرية لانتخابات تونس

الدكتور فتحي التوزري في حديث خاص بـ »مواطنون »:هذه رؤى وأهداف قوائم « الإصلاح والتنمية »

رافع القارصي:من وحي  » الحملة الإنتخابية »  وقفة مع مسرحية الماريشال

نقاش بين شبان تونسيين مؤيدين للتجمع وآخرين من حزبي معارضة على قناة فرانس 24

نصرالدين السويلمي :بورقيبة 86 بن علي 87 : الإخوة الاعداء حولوا الوطن إلى مساحيق

طارق عمارة:تونس-انتخابات :بن علي في طريقه لاعادة انتخابه رئيسا لتونس

الصباح :المستقلون: لأول مرة 15 قائمة في سباق التشريعية

رضا الملولي:تونـس فوقكـم جميعـا

العرب:في رد من السفارة التونسية بالدوحة:توقيف صحيفة «الطريق الجديد» تكريس للشفافية

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 119 – 22 أكتوبر 2009

عبد الحميد الحمدي:أفكار عن العودة والتسامح

الصباح:بعد انعقاد الجلسة العامة التأسيسية:السداسية الأولى للسنة القادمة.. الانطلاق الفعلي لمصرف الزيتونة

ا ف ب:صهر الرئيس التونسي يؤسس اول مصرف اسلامي في تونس

عادل الثابتي:كتب التاريخ المدرسية وثقافة السلّم عن أي سلم يمكن أن نتحدث؟

د. الحبيب المخ : » المقاصد الكليّة للشريعة الإسلامية « نظرة جديدة تقدميّة متطورة وعميقة

توفيق المديني:إيران والقنبلة النووية


 (Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي200

فيفري2009    
مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 
أفريل 2009     
جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 03 ذو القعدة 1430 الموافق ل 22 أكتوبر 2009

الناشط الحقوقي زهير مخلوف يضرب عن الطعام وزوجته تتضامن معه فتضرب بدورها والبوليس السياسي يحاصرون منزله ويمنعون المتضامنين من دخوله


شن الناشط الحقوقي والصحفي زهير مخلوف (عضو مؤسس بمنظمة حرية وإنصاف ) المعتقل حاليا بسجن المرناقية منذ مساء يوم الأربعاء 21 أكتوبر 2009 إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على اعتقاله وللمطالبة بإطلاق سراحه. وتضامنا مع زوجها، دخلت السيدة ماجدة المؤدب حرم الناشط الحقوقي زهير مخلوف في إضراب عن الطعام للمطالبة بإطلاق سراحه، وقد ضرب العشرات من أعوان البوليس السياسي طوقا أمنيا على منزل عائلة مخلوف بمسقط رأسه بالمعمورة ولاية نابل وأغلقوا النهج الوحيد المؤدي للمنزل المذكور بإحدى سياراتهم لمنع المتضامنين من الوصول إليه. كما حاصر أربعة من أعوان البوليس السياسي كانوا على متن سيارة منزل الناشط الحقوقي زهير مخلوف بحي برج الوزير ولاية أريانة، وعند زيارة وفد من الحزب الديمقراطي التقدمي لمنزل مخلوف ضم أعضاء من المكتب السياسي للحزب هم الأستاذ عصام الشابي والأستاذ منجي اللوز والسيد المولدي الفاهم والدكتور أحمد بوعزي وأعضاء من لجنة الحزب المذكور لمساندة الحقوقي مخلوف نذكر من بينهم المهندس حمزة حمزة والطالب وسام الصغير والسيد نزار بلحسن والسيد مراد اليعقوبي والأستاذة إيمان الطريقي، تضاعف عدد أعوان البوليس السياسي  ليبلغ عشرة يتقدمهم رئيس فرقة الإرشاد بمنطقة الشرطة بأريانة الشمالية الذي استعمل العنف لمنع الوفد من الدخول إلى منزل السيد زهير مخلوف وذلك بدفع السيد منجي اللوز بقوة وإبعاده عن المنزل، وهو ما اضطر السيدة ماجدة المؤدب للخروج لملاقاتهم بالشارع. وحرية وإنصاف: 1)    تندد بالحصار المضروب على منزل الناشط الحقوقي السيد زهير مخلوف المعتقل من أجل نشاطه الحقوقي والسياسي وتعتبر أن هذا الحصار يهدف إلى منع الزائرين وترويع أفراد العائلة. 2)    تدين الزج بالقضاء في تصفية حسابات السلطة السياسية مع الناشطين الحقوقيين والمناضلين السياسيين وتجدد دعوتها إلى إطلاق سراحه فورا.     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


عاجل..وقع رفع الحصار الأمني على المعمورة التابعة لولاية نابل مسقط رأس زهير

 


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   وصلنا الآن أن البوليس رفع الحصار الأمنى على منطقة المعمورة التابعة لولاية نابل ، مسقط رأس مراسلنا في تونس الحقوقي السجين زهير مخلوف .   وكان حوالي خمسون عونا بلباس مدني وأسطول من السيّارات البوليسية قد سيّروا دوريات في المعمورة ، بعد ورود أنباء عن دخول زهير في إضراب عن الطعام من أجل إطلاق سراحه و إحتجاجا على المظلمة التى يتعرض لها ، وهو ما أحدث قلقا لدى عائلته ، أمام حصار بوليسي غير مسبوق بالجهة .   ويرابط البوليس قبالة بيت زهير في منطقة برج الوزير التابعة لولاية أريانة ، وقد منع الزيارة لأسرته ، وصدّ وفد حقوقي من الزيارة . في الوقت الذى دخلت فيه السيدة ماجدة المؤدب حرم مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي السجين بالمرناقية زهير مخلوف في اضراب مفتوح تضامنا مع زوجها .   بالتعاون مع الناشط الحقوقي – السيد المبروك   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 22 أكتوبر 2009 )
 


بــــــلاغ  

تكونت لجنة صلب الحزب الديمقراطي التقدّمي للدفاع عن عضو الحزب زهير مخلوف الذي وُضع رهن الإيقاف منذ يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 وسيقدّم للمحاكمة يوم 3 نوفمبر 2009 بتهمة إزعاج الغير عبر شبكة الاتصالات العمومية وذلك على خلفية تحقيق نشره حول التلوث بالمنطقة الصناعية بنابل.   وتتكوّن اللجنة من:   د. أحمد بوعزّي عضو المكتب السياسي ورئيس اللجنة حمزة حمزة حبيب ستهم زهير عرفاوي نعيمة حسني مراد يعقوبي محمود البارودي أنور حاج عمر نزار بن حسن اسماعيل دبارة   وفي الاجتماع الأول لها الذي انعقد يوم الأربعاء 21 أكتوبر 2009 على الساعة السادسة مساء بالمقر المركزي للحزب اتخذت عدة قرارات من بينها: 1الدعوة لحضور اجتماع عام إخباري حول إيقاف زهير مخلوف يوم الاثنين القادم 26 أكتوبر على الرابعة والنصف بعد الزوال بالمقر المركزي للحزب. 
2إصدار بيان تجدونه صحبة هذا البلاغ  
 
بيــــــان  
 
إن لجنة الدفاع عن زهير مخلوف تدين إيقافه الذي تعتبره اعتداء يندرج ضمن التضييقات على مرشّحي الحزب للانتخابات التشريعية، وتذكّر أن زهير مخلوف قد ترشّح ضمن « قائمة الأمل » التي تقدّم بها الحزب بدائرة نابل والتي حصلت على الوصل النهائي، وأنه قام بتحقيقه حول التلوث في المنطقة الصناعية بنابل قبل أن يقرّر الحزب مقاطعة الانتخابات التشريعية، ويدخل إنجازه للشريط القصير في إطار الحملة الانتخابية والدعاية لقائمته التي يعتبر انها قادرة على إصلاح الأوضاع في دائرته إن وقع انتخابها، ويظهر أن هذا النوع من الدعاية الانتخابية لا يعجب السلطة.   واللجنة ترى أن هذه المحاكمة كيدية تتنزّل في إطار معاقبة الحزب على رفضه أن يكون شاهد زور على المهزلة الانتخابية، وهي تندرج في إطار تلجيم الصحافيين الأحرار والمستقلّين. واستعمال القضاء لمنع أي تحقيق يخالف الدعاية الرسمية ما هو إلا تعبير عن ضيق صدر الحكومة بالرأي المخالف وعن غياب حريّة الدعاية الانتخابية التي هي من أدنى شروط الانتخابات الحرة والديمقراطية والنزيهة.   وتطالب اللجنة السلطة بإطلاق سراح زهير مخلوف فورا والكف عن توظيف القضاء لضرب الخصوم السياسيين.   عن لجنة الدفاع عن زهير مخلوف رئيسها د. أحمد بوعزي  

عاجل..زوجة زهير تدخل في إضراب تضامني والبوليس يمنع عنها الزيارة


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   دخلت السيدة ماجدة المؤدب حرم مراسلنا في تونس الحقوقي السجين زهير مخلوف في إضراب مفتوح عن الطعام ، تضامنا مع زوجها الذى دخل منذ يوم أمس الإربعاء في إضراب مفتوح للمطالبة بإطلاق سراحه وإحتجاجا على المظلمة التى يتعرض لها . وتشكل وفد من المناضلين الحقوقيين والسياسيين لزيارة زوجة زهير مخلوف ، من بينهم : – عصام الشابي – المنجي اللوز – إيمان الطريقي – وسام الصغير – حمزة حمزة – المولدي الفاهم – أحمد بوعزي – نزار بلحسن – مراد اليعقوبي   غير أن البوليس منعهم من الزيارة . وقد تأكد لدينا أن لدى البوليس قرار بمنع الزيارة لبيت مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي السجين زهير مخلوف .   بالتعاون مع الناشط الحقوقي – السيد المبروك   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 22 أكتوبر 2009)


الحزب الديمقراطي التقدّمي
بــــــــــــــــيان


مُنع وفد من قيادة الحزب الديمقراطي التقدّمي مرفوقا بأعضاء من لجنة الدفاع عن زهير مخلوف من زيارة عائلته عند وصولهم لمنزله مساء اليوم الخميس 22 أكتوبر على الساعة السادسة مساء، إذ وجدوا المنزل محاصرا بعديد الأعوان باللباس المدني الذين منعوهم بدون وجه حق من الزيارة مستعملين التهديد باستعمال العنف. وهذا الحصار المخالف للقانون والذي لا علاقة له بالتهمة الموجّهة لزهير إنما هو داخل في سياسة التشفّي الذي تتبعه الحكومة تجاه الناشطين الحقوقيين وهو دليل واضح على أن التهمة الموجّهة له كيدية وسياسية. والحزب الديمقراطي التقدمي يطالب بإطلاق سراح زهير مخلوف ويندّد بهذا الحصار غير القانوني على عائلته ويطالب برفعه حالاّ.   عن الهيأة التنفيذية د. أحمد بوعزّي 22 أكتوبر2009  


منطقة القيروان تحقق مع الشاب المهدي الوسلاتي حول زهير مخلوف

الوسلاتي ظهر في وقت سابق في تسجيل فيديو نشره السبيل أونلاين

   


السبيل أونلاين – تونس – خاص   أكدت مصادر خاصة بالسبيل أونلاين الإربعاء 21 أكتوبر 2009 ، أن الشاب المهدي الوسلاتي أستدعي من قبل المنطقة بالقيروان ، وقضى اليوم بأكمله هناك ولا يُعلم إن كان عاد إلى البيت أم لا . وإبّان تواجده في المنطقة تحدث عبر الهاتف لطمأنة أشقائه وأسرته .   وقال المصدر أن البوليس سأل المهدي الوسلاتي عن مراسلنا في تونس المناضل الحقوقي زهير مخلوف السجين منذ يوم الثلاثاء 20 أكتوبر 2009 ، وكان الوسلاتي قد أدلى بشهادة مصورة حول المعاملة السيئة التي تعرض لها وأشقائه من قبل أفراد العدلية بالقيروان ، نشرها السبيل أونلاين في وقت سابق ، أعدها مراسلنا في تونس زهير مخلوف ، وجاء في بعض تلك الأسئلة الموجهة للوسلاتي اليوم :   – كيف تعرف على زهير مخلوف ؟ – كيف وصل إليه ؟ – من يعمل معه ؟ … إلخ   ونعيد نشر التقرير الكتابي وتسجيل الفيديو الخاص بشهادة الشاب المهدي الوسلاتي : ما حدث لعائلة الوسلاتي بالقيروان يثير السؤال حول تغوّل البوليس السبيل أونلاين – خاص – تونس   للإطلاع على شهادة المهدي الوسلاتي – الرابط على اليوتوب :   http://www.youtube.com/watch?v=0r0cwiy01No   جدّت بتاريخ 18 فيفري 2009 ، في مدينة القيروان التى تقع وسط البلاد التونسية ، واقعة مثيرة وخطيرة دللت على الهمجية التى تتعامل بها قوات البوليس التونسي مع المواطنين ، وكان ضحية الحادثة أربعة أشقاء وقع الزج بثلاثة منهم في السجن المدنى بالقيروان ، بعد أن إقتحمت فرقة من البوليس السياسي منزلهم العائلى وأعتقلتهم جميعا ، وتخلل عملية الإقتحام الإعتداء عليهم بالضرب والتعنيف .   وتسنى لأحد الإشقاء وهو الشاب المهدي الوسلاتي الإتصال بالسبيل أونلاين ، حيث تمكن من التصوير معه وتسجيل شهادته ، وقد سرد في البداية قصة شقيقه الأصغر ربيع الوسلاتي و التى وقعت ليلة 17 فيفري 2009 ، وذلك عند الساعة السابعة والنصف ليلا ، حيث كان واقفا أمام البيت فقدمت سيارة مدنية ، ترجل منها شخص وطلب منه مرافقته ، فإستفسر منه ربيع عن الجهة التى يتبعها ، فقام الشخص بمعية زميله بجره إلى داخل السيارة بالقوة ، فأبدى ربيع الوسلاتي إستعصاءا وإستنجد بشقيقه وليد الذى إنضم لأخيه ومنع الشخصان من إرغامه على ركوب السيارة ، وطالبهما بالإستظهار بإستدعاء رسمي والتعريف بالجهة التى ينتسبون إليها ، ولكن الشخصين غادرا المكان ، وقد أصيب ربيع الوسلاتي برضوض خطيرة خاصة في وجهه جراء التعنيف والضرب والجر الذى تعرض له ، مما إستوجب نقله للمستشفى الجهوي بالقيروان ، وقد منحه الطبيب راحة بـ 21 يوما .   وفي صباح اليوم التالي (18 فيفري 2009) ، قدمت فرقة من « العدلية » و »المختصّة » وإقتحمت منزل عائلة الوسلاتي وإعتقلت الأشقاء الأربعة – ربيع – حسام – وليد – والمهدي ، و إستخدمت تلك القوات التعنيف والضرب وأيضا نوع خاص من الغاز لشل حركتهم ، وقامت بنقلهم إلى مركز الإيقاف الواقع بالمقر القديم لولاية القيروان أين تعرضوا للتعذيب والإذلال ، وقد شرح المهدي الوسلاتي في التسجيل الذى ينشره السبيل أونلاين أشكال التعذيب التى مورست عليه وعلى أشقائه .   وقد دفعت المعاملة القاسية التى تعرض لها أبناء عائلة الوسلاتي إلى الدخول في إضراب عن الطعام داخل معتقلهم ، والذى تواصل ستة أيام أحيلوا على إثرها إلى حاكم التحقيق ، وقد أبلغوه بما تعرضوا له من تعذيب ، ومعاملة في غاية السوء .   وأحيل الأشقاء الثلاثة (ربيع – حسام – وليد) على السجن المدني بالقيروان بتاريخ 24 فيفري 2009 ، وأذن حاكم التحقيق بإطلاق سراح المهدي ، الذى تمكن من الإتصال بمراسلنا ليقص عليه الإنتهاكات التى تعرض لها وأشقائه على أيدي الفرقة المختصّة بالقيروان . وطالب المهدي الوسلاتي بالتحقيق في التجاوزات التى حفت بقضية أشقائه ، ومحاسبة الذين خلفوا لشقيقه ربيع أضرارا بدنية ، وإطلاق سراح إخوته لإنتفاء التهمة.   من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف / آخر تحديث: 06-04-2009   (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 21 أكتوبر 2009)


 

دعوة لحضور ندوة صحفية

 


تدعوالنقابة التونسية للإذاعات الحرة كل الصحافيين والمهتميين بقطاع الاعلام الى حضور الندوة الصحفية التي ستعقدها يوم الجمعة 23 أكتوبر 2009 على الساعة الحادية عشر و النصف صباحا بمقر النقابة الكائن بـ 34 نهج شارل ديغول تونس العاصمة وذلك لمزيد تسليط الضوء على الاعتصام الذي يخوضه أعضائها منذ 17 أكتوبر 2009 احتجاجا على احتكار السلطة لوسائل الإعلام السمعية البصرية. عن النقابة التونسية للإذاعات الحرة نزهة بن محمد البريد الإلكتروني: strl.info@gmail.com الهاتف: +216 23 90 89 57 الهاتف/الفاكس: +216 71 32 96 07
 


الشرطة التونسية تصادر معدات راديو 6 بإذن من وكيل الجمهورية


السبيل أونلاين – تونس – عاجل   أكّد مصدر مطلع أن معدّات راديو 6 تعرضت اليوم الخميس 22 أكتوبر 2009 للحجز ، من طرف الشرطة ، وذلك بإذن من وكيل الجمهورية .   ويخوض صحفيّو الراديو إعتصاما في مقرّ نقابتهم منذ 17 أكتوبر 2009 احتجاجا على احتكار القطاع السمعي البصري من قبل السلطة و إدانة للمحسوبية التي تطبع إسناد رخص إنشاء وسائل الإعلام الإذاعية و التلفزية في تونس .   و إذاعة تونس 6 أوّل مشروع إذاعة حرّة في تونس يبث عبر شبكة الإنترنت .   وحسب النقابة فإن تحركها يندرج ضمن النضال من أجل حرية التعبير . (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 22 أكتوبر 2009)


رسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس المدير العام لمؤسسة دار الصباح         نص رسالة موجهة للسيد مدير عام دار الصباح للمطالبة بإعادة الزميلة هدى الطرابلسي إلى عملها  


نحن الممضين أسفله ، صحافيين وصحافيات ،إعلاميين وإعلاميات ، ومهتّمين ومهتّمات  بقطاع الصحافة والإعلام باعتبار ما يتبوّؤه  من أهمية بالغة في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية في البلاد ،                                      وعلى إثر ما بلغنا من أخبار حول ما تعرضت له الصحفية هدى الطرابلسي  من ممارسات من طرف المسؤولين بمؤسسة دار الصباح بلغت حّد طردها من الشغل بصفة تعسفية وبدون أي مبرر قانوني…                                                  وانطلاقا من قناعتنا الراسخة أن مصير مؤسساتنا الإعلامية ،الخاصة منها والعمومية ، وتحقيق  ما نصبو إليه من إعلام ذي مستوى مهني رفيع يرقى إلى ما بلغته الصحافة في عالم  اليوم من تقدم وتنوع  ،يتطلب قبل كّل شيء الاحترام الكامل للصحافي ولكرامته ، وتمكينه من ظروف عمل طيبة وصيانة حقوقه وعلى رأسها حّقه في أجر محترم يتماشى مع مؤهلاته و مع الاتفاقيات القطاعية المبرمة ، إضافة إلى ضرورة التعامل معه ،ليس كبضاعة تستعمل بأبخس الأثمان ثم يلقى بها في سّلة المهملات ،بل على أساس أّنه يشّكل العنصر الأساسي في المؤسسة الإعلامية ،                                                         وعلى هّذا الأساس ، فإننا نطلب منكم اتخاذ القرار المناسب والعادل والذي يفرضه المنطق والقانون ،والمتمثل في تمكين الصحافية هدى الطرابلسي من العودة إلى شغلها مع تسوية وضعيتها المهنية وخلاص مستحقاتها . والسلام.                                        تونس -21 أكتوبر 2009                                                                 الاسم واللقب                          المهنة أو الصفة                         الامضاء

 

المنظّمة الدّوليّة للمهجّرين التّونسيّين دعوة تجمّع المهجّرين التّونسيّين بباريس

 


 

تدعو المنظمة الدولية للمهجرين التونسيين جميع أعضائها إلى التظاهر والاحتجاج يوم السبت 24 أكتوبر الجاري من أجل التعريف بمظلمتهم وذلك في كل دول الإقامة. وسيقع تجمع المهجرين التونسيين المقيمين بفرنسا، في العاصمة باريس، يوم السبت 24 أكتوبر 2009، أمام محطة المترو Couronnes بالدائرة 11 ابتداء من الساعة الثالثة بعد الظهر. وبهذه المناسبة، تناشد المنظمة جميع أبنائها الحضور والمساهمة في التحرك، كما تدعو كل أصدقائها من منظمات وجمعيات وفعاليات للدعم والمساندة. « عاشت نضالات المهجرين التونسيين » عن المكتب التنفيذي باريس، 20 أكتوبر 2009  


بسم ا الرحمان الرحيم لا نريد لمنظمة المهجرين أن تكزن رقما شكليا


لقد رافق ظهورالمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين على الساحة الحقوقية منذ تأسيسها الوقوع في بعض الأخطاء كان من الممكن تجنبها والإبتعاد عنها وأول هذه الأخطاء ما عمدت إليه قناة الجزيرة في تغطيتها العلمية المؤتمر في جنيف حيث وقع التركيز على رموزالمعارضة مما همش الدور الحقيقي للمؤتمرين الحاضرين. إن التركيز على المضمون الذي ورد في مداخلت رموزالمعارضة والذي اتسم بالحدة والإستعداء إلى حد الشتيمة أحيانا وعدم التعرض لا من قريب أو من بعيد لمضمون مداخلات المؤتمرين التي اتسمت بالعقلانية والهدوء والتأكيد على ضرورة التأسيس إلى خطاب جديد يقطع مع السب والشتم والتشنج. لقد عبر المؤتمرون بوضوح على عدم رضاهم لما ورد في مضمون مداخلات المعارضة من حدة وتشنج حيث ذهب بعض المؤتمرين إلى القول بوضوح : إن هذا المضمون لا يلزمنا في شيء.  وركز المؤتمرون على نقاط ثلاثة: 1 التأكيد على الصبغة المطلبية الحقوقية للمنظمة
2رفض التوظيف السياسي من أي جهة كانت لهذا الملف 3ضرورة التواصل مع السلطة باعتبارها الطرف الرئيسي في هذا الموضوع . وليس بسر أن نقول بأن إخراج المنظمة من دائرة التوظيف السياسي والتأكيد على صبغتها المطلبية الحقوقية والدعوة إلى التواصل مع أعلى هرم السلطة بهدوء ومسؤولية . لم يكن هذا أمرا يسيرا بل جاء بعد عملية مخاض انتصر فيها الجناح العقلاني على العقلية الحزبية التي ترغب في توظيف كل شيء. لذالك فنحن من موقع الإحساس بالمسؤولية ومن باب النصح و التوجيه إلى ما فيه مصلحة هذا الملف الحساس الذي لا يتحمل الولوج به في مطبات أخرى ندعو إخواننا في المنظمة إلى مراجعة رؤيتهم للتحرك بهذا الملف  حتى لا يلحق به أضرار يصعب اصلحها. إنه ليس من الحكمة أن يكون التعامل مع هذا الملف بمنطق الطفرة والقفز على المراحل وعدم التدرج في المطلبية. كنا نود أن يقع مراسلة رئيس الدولة بوصفه أعلى هرم السلطة في البلد وباعتباره الجهة التي لها صلحيات دستورية وقانونية لطي هذه الصفحة ويتم ذلك بخطاب هادئ ورصين وواضح نؤكد دعوتنا إلى عدم القفز على منهج التدرج في المسارالمطلبي حتى لا يزج بالمنظمة في أتون سياسة التوظيف والإستعداء. إن إبداءنا لهذا الموقف هو من باب النصح والتوجيه وليس من باب المزايدة والتشهير.  
ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين  
المضاء السعد الغزواني حسين شعبان  

يرجى الإتصال عند معرفة مكانها أو معرفة معلومات عنها   إعلان..فقدان الآنسة الدكتورة لجين جورج سرحان في تونس

 


السبيل أونلاين – تونس – خاص   أعلن عن فقدان الآنسه الدكتوره لجين جورج سرحان من مواليد 1982 تحمل الجنسيه الفرنسيه 0105721 ، وهي من سكنة تونس نهج ابن باديس . علما انها يتيمه (فأمّا اليتيم فلا تقهر) وليس لها أقارب أو ولي أمر سوى الحاج علاء الرماحي و الدكتور قيس هاشم ، وعلى من تتوفر لديه معلومات عنها الاتصال باحد العناوين التاليه وله مكافئه ماليه مجزيه ، وله الأجر والثوّاب .   معطيات الإتصال : * الحاج علاء الرماحي هاتف : 00963991318013 * فاكس : 00963116473801 * الدكتور قيس هاشم هاتف : 004552649111 * أو البريد الالكتروني : anhar_30@yahoo.com   alaaramahi@hotmail.com   أو الإتصال بإدارة السبيل أونلاين على بريد الموقع :   info@assabilonline.net   وجزى الله خيرا كل من أرشد عنها … والله لا يضيع أجر من أحسن عملا .   صورة الآنسه الدكتوره لجين جورج سرحان : http://www.assabilonline.net/images//legine-gorge.jpg   (المصدر : السبيل اونلاين ، بتاريخ 22 اكتوبر 2009)


بعد فك إرتباط نقابة الصحافيين بالنقابة الوطنية : المنزلة بين المنرلتين:موقع  يُرِيح السلطة


بقلم : محمود الذوادي  من يستلذ البقاء  خلف الخط الأحمر الذي رسمه النظام التونسي فليبقي حيث تُدبّر السلطة لإرتهاننا، ومن ينشد وحدة الصحفيين والدفاع عن مصالحهم فليستعد للحسم حين أصبح الحسم ضروريا .  أمّا وقد زادت هذه السلطة من مكرها في محاولة لفرض وصايتها فعلينا أن نستزيد من الحذر ، وبدافع الحرص على وحدة الصحفيين لا يمكن أن نقع في الفخ ونسمح بتحول تلك الوصاية إلى أمر واقع، فالمنزلة بين المنزلتين تريح النظام .  لكل هذا وبعد التطورات الخطيرة التي عاشها الصحفيون التونسيون على مدى أشهر والتي انتهت بالهيمنة على النقابة الوطنية في أوت الماضي من طرف مكتب تنفيذي موالٍ للسلطة كان لا بد من خطوة حاسمة لتبرئة ذمتنا ممّا حدث فقررنا إعلان فك الارتباط الذي تم سنة2008 بين هذه النقابة وبين نقابة الصحفيين التونسيين التي تأسست عام 2004 .  إذ لم يعدْ ممكنا مواصلة التواجد أو الإندماج مع هيكل إرتدّ  إلى أسوأ ممّا عاشته جمعية الصحفيين التونسيين حتى في سنواتها العجاف ، وهو اليوم مرشح للتعفن ما لم نتحرك .  كان لا بد من توضيح علاقتنا – كمؤسسين لأول نقابة مستقلة للصحافيين – مع نقابة أصبحت تتناقض تماما مع المبادئ التي قامت عليها نقابتنا .  لقد احتاج منا هذا الموقف وقتا طويلا من التفكير والنقاش وكان أسهل علينا- لو أن الأمر ذاتيا – أن نُلازم موقع المتفرج بوصفنا قمنا سابقا بواجبنا أي انشاء نقابة مستقلة، أو أن نكتفي بمساندة زملائنا .  وربّما كان موقعنا هذا سيُرضي البعض بل أجزم أنّه سيريح كثيرا النظام الحاكم خاصة عشية إنتخابات أرادها حفلا خاصا : أغلبية تابعة له تهيمن على النقابة وأقلية تنتقد وتستصرخ بشرط أن لا يتجاوز صراخها صفحات « الفايس بوك » وأن تظل إنتقاداتها خلف الجدران،هذا الوضع  في نظري لا   يُحرج بأي حال السلطة بلإنه  » يوسع عليها » وقد يكسبها مسحات تعزز وصايتها دون أن يكلفها ذلك شيئا .  لقد جرب النظام طويلا هذه اللعبة مع جمعية الصحفيين التونسيين وكانت التجربة ناجعة حتي تمكن الصحفيون من إفساد خطتة بانشاء نقابة مستقلة عام 2004 .  لقد كانت بحق ضربة موجعة لنظام لم يكن ليتسامح  مع هذه النقابة  فجرب كل الوسائل لوأدِها من تهديد للمنخرطين بقطع أرزاقهم إلى الملاحقات الامنية  وغيرهامن وسائل الترهيب والضغط ، ولكن كل هذه الأساليب لم تنجح في إجهاض مشروع النقابة المستقلة لدى أغلب الصحفيين التونسيين .  صحيح أنّ إمكانات السلطة كانت غاشمة ولم تكن لتسمح أو تحتمل هيكلا مستقلا يتعامل معها في  إطار القانون، فسرعان ما إهتدت الي حيلة خبيثة وماكرة لقطع الطريق أمام نقابتنا،، فإستنبطت بين عشية وضحاها نقابة موازية في ظرف مريب .  لقد أرادت السلطة بصنيعها هذا أن تُحدِث الفتنة وتتوّه الرأي العام المحلي والدولي تماما كما فعلت مع حزب الخضر الذي حاول أن ينبت خارج مظلتها فاستنبطت له بديلا .  ودون الخوض في التفاصيل لم تنطلِ هذه الحيلة ، أقامت عرسا لهذه النقابة في نزل مرصع بالنجوم ولكن الأمور لم تكن لصالحها . والآن وقد إستعادت السلطة السيطرة على النقابة الوطنية ، هاهي تراهن علي الوقت لذلك علينا أن لا نستكين أو ننتظر ما تُسطّر لنا ، قطعا نحن نقدّر تخوف بعض الزملاء وانشغالهم على وحدة الصحفيين ولكن ما الفائدة من إضفاء الشرعية على هيكل تُفرض عليه وصاية كاملة وقد يحسب على الصحفيين في الوقت الذي يحتاج فيه هؤلاء إلى من يمثلهم ويدافع عنهم ويمثلهم تمثيلا حقيقيا .


انتهاكات بالجملة للحكومة التونسية ضد الصحفيين و النشطاء قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية


القاهرة في 22أكتوبر 2009 أعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم عن قلقها المتزايد من الحملة المنظمة التي يتعرض الصحفيين والنشطاء فى تونس والتى تعبر عن رغبة الحكومة في تهيئة إسكات وتكميم الأقلام قبيل الانتخابات البرلمانية والتشريعية المقبلة في 25أكتوبر الحالي ، وهو عكس كل زعمته الحكومة التونسية منذ فترة قصيرة من ضرورة احترام حرية الرأي والتعبير. فقد أوقفت السلطات التونسية الصحفي والناشط الحقوقي « زهير مخلوف » مراسل جريدة السبيل اونلاين الإليكترونية في 20 أكتوبر الحالي عقب كتابته لبعض الموضوعات على موقع جريدة السبيل حول المشاكل البيئية في الحي الصناعي بمدينة « نابل » ووجهت له السلطات تهمة  » الإساءة للغير عبر شبكة الاتصالات العامة » ويأتي توقيت اعتقال مخلوف أثناء الحملة الانتخابية مؤشرا قويا على رغبة النظام التونسي فى إيقاف الصحفي الذي يفضح الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان ويكشف المخالفات اليومية التي تتعرض لها حقوق وحريات المواطنين ، وقد سبق ان تعرض في العديد من المناسبات السابقة للاعتداء بالعنف والتهديد بالقتل، كما تعرضت سيارته للتكسير وكُسرت يده في إحدى تلك الاعتداءات . كما تعرضت راضية النصراوي المحامية ورئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب لحصار منزلها ، وإرهاب موكليها كمحامية ، فضلا عن منعها من السفر إلى فرنسا للمشاركة في ندوة تعقد بالبرلمان الأوروبي بزعم وجود شكوى مقدمة ضدها وضد زوجها السيد حمة الهمامي أمين عام حزب العمال الشيوعي التونسي منذ 2008 ، دون أن تتمكن من معرفة اسم وهوية الشاكي. أيضا فلم يسلم الصحفي زياد الهانى من هذه الاعتداءات، حيث يتعرض لحملة تشويه حين بدأ بعض الصحفيين في جريدة الحرية حملة توقيعات للمطالبة بتجميد عضوية الهاني في نقابة الصحفيين وإحالته إلى القضاء بعد كتابته نصا عن تحرش مدير تحرير جريدة الحرية بإحدى الصحفيات. وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان عن رفضها الشديد لهذه الانتهاكات الفظة لحقوق الصحفيين والنشطاء ، وكأنها إعلان حرب من النظام التونسي ضد المعارضين له ، وهي الممارسات التي أساءت إلى سمعة الحريات فى تونس على مستوى الأوساط العربية والعالمية.

(المصدر: موقع الشبكة العربيةلمعلومات حقوق الإنسان بتاريخ 22 أكتوبر 2009)


يستضيف برنامج لقاء اليوم  على قناة الجزيرة

الأستاذ أحمد نجيب الشابي

يوم الجمعة 23 اكتوبر 2009 على الساعة 15 و 30 دقيقة بتوقيت تونس


الإسلاميون والسلطة في تونس قراءة في مسار الحياة السياسية وأفق تطويرها


العجمي الوريمي هذا البحث لأسباب منهجية لن يأخذ في الاعتبار دور المنظمات الاجتماعية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل ولا دور المجتمع المدني وبالاساس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ولا دور الأحزاب الوطنية وبدرجة أولى أحزاب المعارضة المعترف بها وغير المعترف بها ممانعة أو مسايرة وليس في ذلك تقليل من شأنها وتأثيرها انما سيركز فقط على تقديم تصور لمستقبل العلاقة بين حركة النهضة السياسية الإسلامية المحظورة وبين السلطة في تونس، منطلقا من مسلمة أن العلاقة بين الطرفين تشكل عقدة الحياة السياسية، ويرتبط بطريقة تسويتها نمط تطور الحياة السياسية عموما علما وأن صاحب البحث عبر في مقالات وحوارات سابقة عن اعتقاده بأن الحياة السياسية في تونس في حاجة الى اعادة هيكلة وبناء وصياغة لا كعملية فوقية أو ارادية فحسب بل كجزء من عملية تاريخية تضع البلاد (دولة ومجتمعا) في مدار الحداثة الحقيقية في اطار الثوابت الوطنية ومن ضمنها الهوية العربية الإسلامية. هوية الدولة مشروع لم يكتمل « من بين كل التشكيلات الاجتماعية القائمة اليوم، الدولة هي على الأرجح أكثرها قوة والأكثر ظهورا والأشد إكراها أيضا » [1] لقد تحددت هوية الدولة القطرية الجديدة بحسب طريقة الانتقال من الخضوع الى الاستعمار المباشر الى الحكم الذاتي أو الاستقلال المنقوص أو بحسب طبيعة النخبة التي فاوضت على الاستقلال وتصدرت لتسيير دواليب الدولة في طورها الجديد وبحسب القوى الاجتماعية التي شكلت قاعدة الحكم وحليفة الفئات الحاكمة. ولعله من ميزات هذه الدولة – التي تحتاج فعلا الى الدراسة من حيث أساسها القانوني وبنيتها وتكوينها ووظيفتها- أن الديمقراطية لم تكن شكلها الاساسي ولا هي في اجندتها وأولوياتها. ورغم ان الحركات الإصلاحية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر نادت بالحرية ونددت بالاستبداد اقتداءا بالتجربة الاوروبية وتلمسا لشروط النهضة فان الدولة المتولدة عن الاوضاع الجديدية والمتحولة وفق مقتضياتها كان هاجسها الاساس استكمال عملية التحرك ببناء سلطة وطنية قبل ان تصبح اسلوبا في الحكم ومنهجا في الحفاظ على السلطة، حتى صارت كل الجهود تبذل من أجل البقاء في الحكم واستمرارية السلطة. واذا كانت بعض التجارب قد بقيت منشدّة الى الماضي ومضامينه الدينية والثقافية فذلك لقرب عهدها للاستعمار الذي كان من بين أهدافه غربنة المجتمعات الواقعة تحت الاحتلال وطمس هويتها الثقافية، فان بعضها الاخر قد اخذ بالنموذج الغربي في استبعاد المحتوى الديني والثقافي وقد كان ثمن ذلك فقر في هوية الدولة الجديدة وشرخ ما فتئ يتسع بينها وبين مجتمعها وكان الغائب الابرز هو الديمقراطية لذلك وان بدا الامر لا يخلو من مفارقة كانت الحركات الإسلامية الاحتجاجية الحديثة من اشد الحركات السياسية الحاحا على مطلب الحرية بالرغم مما اتهمت به من عداء للديمقراطية وخطر عليها. وترتفع المفارقة في تقديرنا اذا افترضنا ان اثراء هوية الدولة الناشئة يكون بادماج البعدين الغائبين من مشروعها بعد الحرية والديمقراطية وبعد الهوية العربية الإسلامية، كبعدين متلازمين يمكن اعتبارهما الاضافة الاصيلة غير الواعية احيانا للتيار الإسلامي الوطني. « ان الفترة الاستعمارية لا تزال قريبة جدا ويشعر بها كجرح عميق بما يحول دون عدم استمرار النزعة الثقافوية مدة طويلة. وفي بحثها عن هويتها فان الدولة الجديدة ستنحو مدة أطول لتحديد نفسها عن طريق رفض الأخر »[2]. و في حال الدولة التونسية فان النقاش داخل المجلس التأسيسي المكلف باعداد دستور الجمهورية التونسية كان حادا والانقسام واضحا بين تيار أراد التأكيد على مكون الهوية وتيار يمنح الاولوية للمكون القانوني للدولة الشخصية « فوقع نقاش كبير بين التيارين المذكورين وتم حسم الجدل من قبل الرئيس بورقيبة »[3] بصيغة توفيقية هيأت الظروف للتمكين للطرف الموالي للغرب وتهميش الطرف المتمسك بالهوية لكن الجدل بقي قائما « حول مسائل أساسية من مثل الحريات الفردية وحقوق الإنسان وغيرها » [4]. وسيأخذ هذا الصراع حول الهوية والحريات بعدا جديدا مع صعود الحركة الإسلامية الحديثة ذات الخطاب الايديولوجي والسياسي المتميز عن الزيتونيين والعروبيين من خصوم بورقيبة وحلفائه كما ستتميز الحركة الإسلامية بشكلها التنظيمي الحديث وأساليبها الحركية التعبوية التي جعلتها مصنفة في عداد الاطراف المعارضة من خارج المنظومة وأغفل المراقبون صلتها بصراع الهوية الذي ليس الا صراعا حول محتوى النظام ومضمون مؤسسات الدولة لا صراعا حول مبدأ وجودها واستمرارها وسنحاول في هذا البحث التأكيد على قصور المنظومة وفقر هويتها الثقافية والسياسية معتبرين المعارضة الإسلامية طرفا وطنيا معنيا بتطوير النظام واخراجه من ازماته المتكررة تستوي في ذلك مع باقي المعارضات وتتميز ببصمتها الخاصة في موضوع الهوية العربية الإسلامية التي تعد قاسما مشتركا بين كل التونسيين. الهوية الغائبة والتعددية المؤجلة من الصعب ان نجزم بأن المطلب الديمقراطي كان مطلب الجماهير العريضة أو هو برنامج سياسي واضح ومفصل لدى قوى تحديثية وتنويرية وتجديدية بقدر ما هو دعوة نخبوية هدفها الإصلاح والحماية من مخاطر الانحراف. لقد كان المطلب الديمقراطي وصفة لإخراج النظام من ازماته اكثر مما هو بديل عنه تدعمه قوى تغييرية او جمعا تاريخيا مستجمعا شروط التناوب. فالمعارضة الديمقراطية ظاهرة هامشية نخبوية لم تهيئ لها ولم تسبقها حركة ثقافية حملت معها الافكار الجديدة والوعي بالحاجة الى التعددية والتداول والحاجة الى وجود سلطة مضادة ومجتمع مدني نشيط وحياة حزبية معبرة عن حقيقة القوى والمصالح والمطامح والانتظارات الموجودة صلب المجتمع « ان ضرورة وجود حزب واحد طليعي ودوره المهيمن في بلورة ومراقبة سياسة الامة هي المبادئ الاساسية التي حددت اختيار الحلول المقدمة لمختلف المسائل المطروحة على الدولة الجزائرية »[5]. و قد كان الاعتقاد سائدا لدى شريحة من النخب بأن الجماهير لم تنضج للديمقراطية وانه عوض ان يحدد المجتمع صيغة الدولة فإن الدولة هي الموكول اليها صياغة المجتمع « في افريقيا السوداء البناء الوطني وبناء الدولة كان ولا يزالان بالنسبة لحركة التحرر الوطني مهمتان متكاملتان. انه بواسطة الدولة تولد الامة »[6]. لا ندري بأي مسوغ نفت النخبة عن الجماهير بلوغها سن الرشد السياسي وحالت دونها ودون تقرير مصيرها بنفسها كما لو انها ليست هي التي دحرت الاستعمار بتضحياتها « ان الحزب الواحد بعيدا عن أن يشكل في كل الاحوال مصدرا للإستقرار السياسي يمكن على عكس ذلك أن يدعم الاستقرار. انه بتعطيله للمؤسسات السياسية الذي هو سبب فيه يهيئ للحلول العنيفة والانقلابات العسكرية والاغتيال السياسي »[7]. وقد وصل الأمر بوزير أول أسبق ان قال في احدى خطبه بأن الشعب اذا خير بين الحرية وبين الأمن فإنه يختار الامن، فمثل هذا الموقف يبين كيف ان الاولويات عند الدولة الجديدة والنخب الحاكمة كانت مرتبة ترتيبا معكوسا نتج عنه لا تغييب الجماهير فحسب بل انتاج الازمات االمتعاقبة. ان صراع الهوية والنضال من أجل الحرية في ظل التغيرات العالمية والاقليمية والتحديات الداخلية والخارجية من شأنه أن يعيد ترتيب الأولويات وبحسب شعور جميع الاطراف في السلطة وخارجها بحقيقة التحديات وكيفية التعاطي معها يمكن ان تقطع المسافة بنفس النسق والسرعة باتجاه بعضها البعض وتوحيد الوجهة المستقبلية حتى وان تعددت المقاربات والاجتهادات او ان تعمق الشرخ ويسير كل منها في الاتجاه المعاكس للطرف الآخر. دخول الإسلاميين في المعادلة، السياق والآفاق إن وجود التيار الإسلامي في الساحة الوطنية التونسية امر مسلم به من طرف الدولة والحزب الحاكم وبقية اطراف المعارضة، غير ان الاقرار بهذا الوجود الواقعي لا توافقه ارادة سياسية تقر بشرعيته وتقنينه. بل ان القانون المنظم لوجود الاحزاب السياسية تمت صياغته بطريقة تستبعد التيارات ذات المرجعية والخلفية الإسلامية. ومن المسلم به ان القوانين تنفرد الدولة بسنها وليس مجلس النواب الا الاداة الطيعة لتمريرها دون اعتبار لارادة الشعب ودون استفتاء رأيه، رغم انه يفترض في النواب ان يكونوا يعبرون بكل امانة عن تلك الارادة بعد ان يكون قد تم اختيارهم بصورة ديمقراطية لا لبس فيها عن طريق صندوق الاقتراع. « إن الدولة الجديدة على عكس (السلطة التي تتسم في المجتمعات السياسية التقليدية بالعطالة القانونية) ترتكز على فكرة السيادة. وباعتماد فكرة السيادة تم اقتحام الميدان السياسي والقانوني ووفرت للدولة بذلك نشاط قانوني كامل »[8] فمبادئ الدستور بما فيها الهوية الدينية أو اعتبار الدين مصدرا من مصادر التشريع أو مصدرا حصريا للتشريع لا معنى له ولا امكان لتجسيده في الواقع الا بقرار من الدولة (نفس المرجع نفس الصفحة). هذا التيار الإسلامي في تونس وان كانت لا تنفرد بتمثيله حركة سياسية واحدة فإن حركة النهضة تعد الطرف الاكثر تمثيلا والاوسع انتشارا في كافة قطاعات المجتمع التونسي. فالجماعة الإسلامية التي انطلقت في بداية السبعينات كجماعة دعوية تمارس التبشير بالفكرة الإسلامية وتعمل للاقناع بالمثال الإسلامي كصيغة ممكنة بل حصرية لتصحيح الانحرفات القيمية والاخلاقية التي جرها التغريب والتحديث والانحطاط والتي يعود مسؤولية جانب منها الى خيارات الدولة الثقافية والسياسية. ثم أصبحت الجماعة الإسلامية حركة سياسية بعد ان اعلنت عن نفسها اثر احداث اجتماعية وسياسية وطنية منها: 1 – أحداث « الخميس الاسود » 26 جانفي 1978 المتمثلة في مواجهات دامية بين الجماهير وبين اجهزة الامن التي اطلقت الرصاص على المتظاهرين العزل الذين سقط منهم العشرات. وقد جرت الاحداث اثر اعلان الاتحاد العام التونسي للشغل عن الإضراب العام بعد أزمة بين المركزية النقابية بزعامة الحبيب عاشور وبين حكومة الوزير الاول الليبرالي الهادي نويرة على خلفية حرب مفتوحة من اجل خلافة الرئيس بورقيبة بين اجنحة في السلطة وكتل داخل الحزب الدستوري الحاكم [9] / [10] 2 – عملية قفصة المتمثلة في دخول مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه قومي عربي من الحدود الليبية التونسية بدعم قيل آنذاك إنه من قبل النظامين الليبي والجزائري بغاية الاطاحة بالنظام التونسي الموالي للغرب والحليف للولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وقد مثلت تلك العملية تحديا أمنيا لم تعرفه الدولة التونسية من قبل وفرضت على السلطة تعديلا في سياساتها الداخلية باتجاه انفتاح سياسي محسوب ومحدود كما وفرت لتيارات المعارضة من اليمين واليسار فرصة للاعلان عن نفسها وعن برامجها بعد ان كانت تعمل في السرية أو تتحسس طريقها نحو المجاهرة بأنشطتها وايديولوجياتها. 3 – أحداث فيفري 1981 التلمذية والطلابية والتي كان للإسلاميين دور بارز فيها وقد ابانت الاحداث عن حدود تجربة الانفتاح السياسي وكشفت حاجة التونسيين للتنفيس ورغبتهم في التعبير على تشكل الساحة السياسية على اسس ايديولوجية وسياسية مع استمرار خلفية الصراع على السلطة واحتداد معركة الخلافة. 4 – حصول انكشاف أمني تأكد لدى السلطة من خلاله وجود تنظيم إسلامي مهيكل له مؤسسات قيادية مركزية وجهوية وتحكمه لوائح وقوانين. وقد كانت تلك التطورات في بنية الجماعة واسلوب عملها ثمرة الصدمة التي تعرضت لها عندما تفطنت انها كانت غائبة تماما وغافلة عما يجري حولها وعن الاحداث التي عصفت بالبلاد في جانفي 1978، وأيقنت أنه لا أحد من الاطراف القائمة والمتصارعة يمثلها سياسيا أو يعبر عن أهدافها الدعوية والإصلاحية الشاملة. وأنه عليها أن تأخذ مصيرها بيدها وتنتزع زمام المبادرة من الأطراف العلمانية ولا أقل من أن تصبح طرفا في المعادلة وقد ساعدها على ذلك استعداداتها الذاتية للتحول الى حركة احتجاجية بعد ان لاقى خطابها الدعوي السياسي الذي كانت تبثه في الخطب المساجدية والفضاءات الشبابية، التلمذية والطلابية رواجا فاق انتظاراتها ساعدها على ذلك انتصار الثورة الإسلامية ضد شاه ايران بزعامة شخصية دينية ثورية عرفت كيف تفعّل المذهب الديني وتحوله الى ايديولوجيا ثورية وثورة اجتماعية، سياسية وايديولوجية أفصحت عن ممكنات عقيدة دينية متغلغلة في النفوس وهي أوثق رابطة اجتماعية وروحية وأهم مخزون عند الأزمات. أزمة هوية، أزمة شرعية لقد امكن للدولة التونسية ان تتجاوز ازماتها الظرفية رغم حدتها فقد امتصت الازمة الاجتماعية السياسية الناتجة عن احداث جانفي 1978 وقفصة 1980 كما حاولت احتواء الصعود الإسلامي بمحاكمة قيادات حركة الاتجاه الإسلامي بتهم واهية وملفقة فتلك كانت طريقة النظام في تحييد وتصفية خصومه منذ حصول البلاد على الاستقلال في 20 مارس 1956. كما عمدت الى تزييف الانتخابات التشريعية لخريف 1981 بعد ان انهزم فيها الحزب الحاكم أمام حركة ناشئة ومنشقة عنه هي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة الوزير الاسبق « أحمد المستيري ». غير أن أزمة النظام ما لبثت أن تفاقمت بتفجر الاوضاع الاجتماعية واحتداد الضغوط الاقتصادية وقد بلغ الاحتجاج الاجتماعي أوجه بأحداث الخبز في 3 جانفي 1984 ودخلت حرب الخلافة بين شقوق السلطة ومراكز النفوذ أحد منعرجاتها الحاسمة وكشفت الاحداث ان التيار الإسلامي لم يتقهقر بل تحول رغم القمع والمحاكمات الى مد ثوري وإسلام احتجاجي باتت شعاراته السياسية صدى لمطالب كل الفئات الاجتماعية المتضررة من سياسة النظام كما تبنى جل مطالب المعارضة السياسية (ليبرالية ويسارية) وجعلها مطالبه الخاصة وبدا كأن البلاد تتجه الى استقطاب سياسي بين الإسلاميين والسلطة وكان من الممكن أن تجد السلطة أرضية التقاء معهم تجاه المعارضة اليسارية الراديكالية ذات الموقف العدائي من الدين والاقصائي للإسلاميين كما كان من الممكن أن يلتئم تحالف سياسي يضع التناقضات الايديولوجية بين قوسين ويجمع الإسلاميين والمعارضة العلمانية حول المطالبة بالحريات الديمقراطية والوقوف جبهة واحدة ضد الاستبداد، ولكن لأمر ما جرت الامور على خلاف السيناريو الاول والسيناريو الثاني، اذ دون سعي منهم وجد الإسلاميون أنفسهم يدخلون على خط الصراعات على السلطة ويتم اقحامهم كرقم مهم في حرب الخلافة وكما كان منهج تعاملهم مع النظام أهم اختبار لوحدة توجههم السياسي كانت مسألة كيفية التعامل معهم أهم اختبار لنوايا كل طرف داخل السلطة وخارجها على مستوى الرهان السياسي والثقافي المستقبلي. شهدت اواسط الثمانينات تحول ملف الإسلاميين الى قضية وطنية ذات أولوية تتعلق في ظاهرها بالاعتراف أو بعدم الاعتراف بهم وتتصل في جوهرها وحقيقتها بهوية الدولة التونسية وبتحول أزمة النظام الى أزمة هيكلية يرتبط بها استمراره أو زواله. فالصراع على السلطة بين أجنحتها أصبح سافرا ومكشوفا وسمم الاجواء السياسية وكشف افتقار الدولة الى أي مضمون اخلاقي وثقافي متصل بهوية المجتمع وافتقارها الى أي مضمون ديمقراطي متصل بطموحات القوى الحية بالبلاد وبشروط امكان تحول النظام الى نظام ديمقراطي. وكما لم تنجح النخبة الحاكمة والمجتمع المدني الناشئ والمعارضة المرتبكة في احداث مصالحة وطنية لم تتوفق الى ايجاد الآليات القانونية والسياسية الملائمة لتأمين انتقال السلطة بطريقة حضارية تضمن تطور الدولة من دولة الحزب الواحد الى دولة قانون ومؤسسات كما لم تنجح الدولة والمجتمع المدني وقوى المعارضة العلمانية والإسلامية في تحقيق وفاق سياسي حضاري حول نمط الحكم ونمط المجتمع. وتداخلت معطيات الحراك الثقافي والسياسي دون التوفق في احداث فرز سياسي ايديولوجي أو احداث خارطة طريق سياسية ثقافية تضمن الانتقال الديمقراطي والتعايش السلمي والتناوب على السلطة واقرار التعددية الفعلية والتمثيل الحقيقي للتيارات الايديولوجية والسياسية دون اقصاء ودون لجوء الاطراف المتنازعة الى اعتماد السلطة القائمة او السلطة القادمة أداة في حسم الصراع نيابة عن الشعب ودون أخذ التفويض والمشروعية منه. لذلك ساد منطق الاقصاء على مبدأ الاعتراف المتبادل حتى غدت الاستراتيجية والخطط والتكتيكات السياسية ترمي الى حسم القضايا المصيرية بالطرق غير الديمقراطية أملا في الحفاظ على المواقع وعلى موازين القوى القائمة. أو أملا في قلبها لذلك كان يتم في كل مرة ترحيل الأزمة دون حلها واعتماد الضربات الاستباقية والمباغتة لإجهاض البدائل الممكنة وسد المنافذ القانونية على الخصوم السياسيين، والتمترس داخل الاطر القانونية ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني حتى لا تفتك أو تصبح بين أيدي الطرف المقابل. يصدق هذا على من هم في السلطة أو خارجها لذلك نجد في كل مستويات هياكل السلطة والمجتمع المدني حرب مواقع معلنة وخفية من أجل الابقاء على سيطرة السلطة والحزب الحاكم وحلفائه أو الابقاء على الاستقلال عنهم ودعمهم؟، مما كيف الازمة وشعب مداخلها وعقد معطياتها، حتى تداخلت العوامل السياسية مع العوامل الثقافية والامنية ولم تعد الاهداف والادوار واضحة بينة عدا هدف السلطة وما يوصف به النظام من أنه تحول الى نظام امني بوليسي، ليس الا المظهر الصارخ لهذا التداخل الذي أفقد سياسة النظام أي معقولية. وأفقد أطراف المعارضة أي وضوح استراتيجي. وبث حالة من الخوف من المجهول والخوف على المستقبل وحالة من انعدام الثقة بين الدولة والمجتمع. واذا أخذنا بالاعتبار اختلال موازين القوى بين دولة توصف بالدولة المجهرية أو الدولة الراصدة أو دولة الثقب الأسود وبين مجتمع مدني ضعيف ومحكوم عليه بالتهميش نجد أن الجهاز الامني وروافده السياسية والاعلامية صار موكولا اليه تأمين اسمرار الجمود السياسي وابقاء كل طرف ضمن حدود المسموح به علما وأن الممنوع هو القاعدة والمباح هو الاستثناء مما جعل الفضاء العمومي مرتهنا الى التقديرات الامنية وليس مجالا للتعايش والتواصل والحوار. الإسلاميون والسلطة بين المواجهة والتهدئة والمراجعة مرحلة التسعينات هي المرحلة الأشد أثرا في حياة حركة النهضة التونسية اذ وضعت لأول مرة وجودها وأمنها وبقاءها محل امتحان غير مسبوق ووضعت خياراتها محل تمحيص مراجعة فبعد أن شارفت على الانتقال بنجاح من السرية الى العلنية ومن اللاشرعية القانونية الى الشرعية القانونية – وقد رغبت في ذلك وسعت اليه بكل جهدها – وجدت نفسها تعود الى المربع الأول في علاقة القطيعة والتأزم مع نظام اعتقدت أنها يمكن أن تتعايش معه دون أن تتخلى عن ثوابتها الفكرية ودون أن تقدم تنازلات جوهرية. واعتقد النظام أنه باعتماد سياسة سحب البساط والتشريك الجزئي وتأخير الاستجابة لطلبها الملح للتأشيرة القانونية يمكن أن يضعفها أو يقسمها ويضيق هامش فعلها ومجال تأثيرها وقد أدى تعارض أولويات كلا الطرفين الى تفويت فرصة تدشين تجربة سياسية قائمة على الحوار وميسرة لعملية الانتقال الديمقراطي ولا تزال البلاد التونسية تحمل آثار ذلك الفشل اذ حل الشك وانعدام الثقة محل الامل والوفاق في حين قطعت أقطار مجاورة (الجزائر والمغرب) بعد صدام أو بعد مفاوضات سياسية خطوات حاسمة باتجاه الوئام الوطني والوفاق السياسي ويغلب على الظن بأن مرحلة القطيعة والصراع العنيف صفحة طويت بدون رجعة في القطرين الجارين رغم عقبات الطريق وصعوبات التطبيق. ان عشرية التسعينات هي التي حصل فيها فرز داخل الساحة الإسلامية في العالم بأسره وليس في منطقة منه فحسب. إذ اختارت بعض التنظيمات الإسلامية طريق الجهاد كخيار استراتيجي وأسقطت ما سواه من الخيارات قبل أن يقوم بعضها بمراجعات عميقة تحت تأثير القمع والمنع والملاحقات الأمنية وتحت ضغط الأخطاء الحركية والتكتيكية والتطبيقية اذ وجدت نفسها تبتعد عن أصول تفكيرها وتحيد عن أهدافها أو تخوض مواجهة مفتوحة غير متكافئة لا يؤمن معها عدم انفلات زمام الامور أو الاساءة الى مشروعها لذلك كانت مراجعاتها تدخل في باب العودة الى الاصل مرورا بالاعتراف بالأخطاء وممارسة النقد الذاتي. أما بعض التنظيمات الاخرى فقد اختارت توسيع ساحة المعركة أو نقلها الى ساحة « العدو » (عملية 11 سبتمبر…) في حين اختارت تنظيمات أخرى طريق المشاركة السياسية وأعرضت نهائيا عن السرية والعنف وعملت بمبدأ التدرج والتعايش والمساندة النقدية للأنظمة أو المعارضة السلمية والبحث عن القواسم المشتركة ايديولوجيا أو سياسيا أو الاثنين معا. كما دخلت مرحلة التخصص والفصل بين مجالات العمل الإسلامي بحسب خصوصية كل حركة إسلامية وكل نظام قطري كما قبلت بضوابط العمل السياسي ألزمت نفسها بها أو حملت على الالتزام بها قبل أن تقتنع بجدواها وتجني ثمارها من ذلك الاعلان عن عدم احتكار التحدث باسم الإسلام وعدم احتكار الصفة الإسلامية وعدم الزج بالمقدسات والثوابت فالصراعات الحزبية والسياسية. لماذا تعثرت حركة النهضة وتقدمت الحركات الإسلامية الأخرى في المنطقة؟ لقد كانت تجربة الاعتقالات والمحاكمات والسجن والملاحقات وحتى تجربة المنفى التي تعرضت لها حركة النهضة التونسية طيلة عقد التسعينات تجربة مرة ومرحلة استثنائية من المواجهة المفتوحة والقطيعة السياسية وقد طالت الى الحد الذي صار معه من الصعب توقع سيناريو مغاير ومشهد مختلف لولا أن المناخ السياسي بحسب عديد المراقبين أفضل حاليا مما كان عليه طوال عقد التسعينات رغم ما يسجل من تراجع في واقع الحريات خلال الأشهر الأخيرة مما دفع بالناشطين السياسيين المعارضين والحقوقيين وهيئات المجتمع المدني الى الاحتجاج والتذمر والتشاؤم على خلفية ملفات سياسية واجتماعية وإنسانية (محاكمات السلفيين، أحداث الحوض المنجمي، محاصرة نشاط المعارضة) وقد كانت سنوات عقد التسعينات ثقيلة لا على الإسلاميين وحدهم بل كانت شديدة الوطء على المجتمع التونسي بأسره لذلك كانت كل علامات الانفراج وحتى مجرد التلويح به تحدث ارتياحا لدى الرأي العام وتقلل من الشكوك لدى النخبة التي لا تخفي تضايقها من الجمود والانسداد، ورغبتها في التعجيل بالأنفتاح والإصلاحات. وقد أدت سياسة القبضة الحديدية الى تلاحم الصف الداخلي لحركة النهضة التي صارت موزعة على ثلاثة دوائر تتحد في مشاعرها وتختلف في أوضاعها وهي دائرة السجن التي ضمت غالبية القيادات والمناضلين ودائرة المهجر التي صارت تضم القيادة والمؤسسات والمهجرين الذين وجدوا في بلدان اللجوء ملاذا من مصير ان لم يكن السجن فسيكون حتما الهرسلة والمتابعة. أما الدائرة الثالثة فدائرة الداخل التي غلب عليها الانتظار بعد أن صار الحظر واللاتنظم أمرا واقعا ومفروضا. وكأنما حشرت الحركة في زاوية ضيقت لديها الى الحد الأقصى مساحة الاختيار والمبادرة فصارت أولويتها الحفاظ على الوجود في مرتبة ما قبل الوجود السياسي أي الاكتفاء بالالتزام السلوكي الفردي الأخلاقي والتربوي الذي يميز العنصر النهضوي في كل حالاته وابداء التعاطف القلبي والصبر الايجابي المصحوب بالأسى على قلة الحيلة تجاه شدة المحنة، اذ أن الأمل في عودة الحركة ورفع القيود على أنشطتها وانصافها بعد مظلمة ظل قائما رغم محاولات التشكيك والتحذير. فايمان مناضلي النهضة بمشروعها على ما نعتقد لم تنل منه صعوبات الواقع وانقضاء الايام وهي في حالة الحظر واللاتنظم والعجز. الأزمة: المسؤولية والنتائج ان تقيما ما قد انجز عن تجربة التسعينات. ولكن من الصعب أن نعده تقيما نهائيا، ورغم أنه ليس بحوزتنا فيكفي أن يكون قد قام بانجازه دائرة المهجر وحدها. ولم يتيسر لأسباب موضوعية اشراك دائرة السجن ودائرة الداخل اللتان أصبحتا دائرة واحدة بعد الافراج عن آخر دفعة من قيادات النهضة في شهر نوفمبر 2008. لذلك يحتاج الامر الى فترة ليست بالقصيرة والى مناخ ملائم حتى يمكن أن نتوقع التوصل الى مقاربة تقييمية تحدد بدقة نتائج مرحلة أشرنا آنفا أنها الاشد أثرا في حياة حركة النهضة. ولكن بالعودة الى مرحلة ما قبل القطيعة بين حركة النهضة في تونس وبين نظام الرئيس بن علي يمكن أن نلاحظ بأن الحركة تريثت أكثر من اللازم في احداث إصلاحات داخلية وحسم قضايا تنظيمية. كما أبطأت في حسم أمر مشاركتها السياسية بضريبة القطع مع الماضي القريب. كما أن الحركة ظهرت بثقل شعبي وشبابي وحجم انتخابي ودائرة تعاطف واسعة أحدثت فزعا لدى خصومها ومنافسيها في الداخل. وتخوفات لدى أطراف خارجية ترى نفسها معنية بتطور الأوضاع وبموازين القوى السياسية الداخلية. كما أن الحركة تعجلت أكثر من اللازم اشتراط تسوية وضعيتها القانونية من طرف النظام ومعاملتها معاملة الشريك الكامل في الحقوق والواجبات. ولعلها تغافلت عن وجود متربصين بكل تقارب متهيئين لكل صراع ولكن هل كان من الممكن أن تحدث الحركة تعديلا جذريا في خياراتها وبنائها التنظيمي وخطها السياسي في ظرف عام ونصف أو عامين على أقصى تقدير دون أن تكون هناك ظروف ملائمة لقطع المرحلة الانتقالية بسلام. أي دون تصدع داخلي أو صدام مع النظام ؟ ألم تقم حركة الاتجاه الإسلامي بأكثر مما هو مطلوب منها اذ قامت بتغيير اسمها الى حركة النهضة واعادة صياغة أهدافها والاعلان عن هيأتها التأسيسية والتقدم بمطلب تأشيرة الى وزارة الداخلية ورفع أية قيود على الاتصال بين زعامتها وبين رأس النظام أو ممثليه، واصدار الأوامر لقواعدها وأنصارها بالتصويت لمرشح السلطة والحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية لسنة 1989 مقابل المشاركة بقائمات مستقلة تتضمن أسماء لبعض قيادات الصف الثاني. فهل تغلبت الخلافات حول القضايا العالقة على ارادة التجاوز وطي صفحة الماضي والرغبة في التهدئة والمصالحة أم أن آلية الحوار والاتصال المعتمدة لم تكن عاملا مساعدا على تحقيق تلك الارادة بل ساهمت في افشال الحوار واجهاض عملية التقارب؟ لقد كانت حركة النهضة قريبة من الاعتراف قريبة من الانزلاق ولعله كانت تحكمها رؤيتان احداهما وهي الرؤية السائدة عمادها الاقدام على المصالحة والمشاركة والوفاق واحسان الظن بالطرف المقابل والاخذ بعين الاعتبار وجود فئة متنفذة تعمل بكل قواها لعرقلة التغيير وهي قوة جذب الى الوراء لا قوة دفع الى الأمام. أما الرؤية الثانية وعلى الأرجح أنها لم تكن غالبة فقوامه ايجاد هدنة لاستعادة العافية لفرض أمر واقع على نظام لم يتخلص من ارث الحكم السابق وهو غير جاد في الاعتراف بالحركة الإسلامية وغير جاد في المصالحة مع الهوية العربية الإسلامية ويريد ربح الوقت لتثبيت وجوده والتمكين للخصوم الايديولوجيين والسياسيين لتيار الهوية ولحركة النهضة بالأساس. ولم تكن الرؤيتان مترجمتان الى مشروعين سياسيين يشقان الحركة بل كان الشخص الواحد يتردد بين الرأيين وينتقل بين الموقفين وقد كان سلوك السلطة سببا في استمرار هذا التردد اذ أنها أعطت اشارات متناقضة لم تساعد على تطور الجدل الداخلي باتجاه الانتقال الى طور جديد بل أنها زرعت الشك وعمقته داخل صفوف القيادة في وعود السلطة وفي صدق ارادة التغيير لديها. اذ كثيرا ما تواجه حركة النهضة من طرف النظام وشرائح من العلمانيين بعدائية غير مبررة وغير مفهومة من ذلك حملات التشويه والتشكيك والتحريض التي كانت تقودها أقلام محسوبة على السلطة أو بتحريض منها في وسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية في تعارض سافر مع مبدأ الوفاق ومشروع الميثاق الوطني. ولم يكن هناك داخل السلطة وخارجها من كان يملك اليقين الجازم بأن مستقبل العلاقة بين حركة النهضة الإسلامية وبين النظام سيؤول الى الوفاق أم الى الافتراق. كل ما كان يمكن متابعته وملاحظته وأن كل طرف سياسي حاكم أو معارض يعبر عن مخاوفه من تكرار مواجهة تدخل البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار لا تتحملها وتفتحها على المجهول أو « صفقة » تهدد المكتسبات « التقدمية » للمجتمع التونسي اذ كان على سطح الاحداث ما يعطي الانطباع بأن البلاد متجهة نحو استقطاب بين طرفين (الإسلاميون والحزب الحاكم) والحال أن حقيقة الأوضاع كانت ترشح البلاد لطريقين طريق الديمقراطية والهوية والحداثة والاستقرار وطريق الانغلاق والاقصاء والقطيعة. ولم يكن أحد يقدر بحق كلفة الحسم بين خيارين: خيار التحول الديمقراطي والاعتراف بجميع الأطراف دون تحفظ. وخيار الاستبعاد للطرف الإسلامي بعد فشل محاولات ترويضه واحتوائه وشقه ودمجه في منظومة كشفت عن ضيقها وجمودها. صراع النفوذ والسيطرة على المجال الرمزي لقد غذى صعود الإسلاميين صراعا على المجال الديني الذي لم تعرف السلطة منافسا لها عليه قبل ظهور الحركة الإسلامية الحديثة. فالنخب العلمانية داخل السلطة وخارجها كانت حازمة في تهميش بعد الهوية العربية الإسلامية. وقد قطعت في ذلك شوطا بعيدا صارت تشعر معه أنها مطلقة اليدين في صياغة مجتمع هجين غير واضح الانتماء تستنكف أن تبنى شخصيته على القيم العربية الإسلامية ظنا منها أنه كلما تجذرت القطيعة مع الماضي خيره وشره، كلما اقتربت من ركب الحضارة وقلصت الفجوة مع الدول المتقدمة وبقدر ما كانت عملية تهميش التدين التقليدي ورموزه عملية سهلة لنخبة رأت فيه تخلفا وانحطاطا وأفقدته كل فاعلية اجتماعية وتاريخية بقدر ما كانت محاولة تصويب المسار بعد ان قطعت خط الرجعة مع الهوية عملية على غاية من التعقيد. فكما كان التدين التقليدي ورموزه يفتقر على الأرجح الى مقومات الاستمرار والتطور كان نهوض النخبة التغريبية بعملية الاحياء الديني أمرا مستحيلا ففاقد الشيء لا يعطيه اذ لم تكن مؤهلة لذلك وليس بمستطاعها غير المزايدة بالمعطى الديني على شرائح شبابية أرادت أواسط السبعينات باسم انجاز الثورة ومناهضة الامبريالية الالغاء الكلي للدين كمعطى اجتماعي وثقافي وكرأس مال رمزي. لقد كانت الحركة الإسلامية التي نشأت على قاعدة التناقض مع السلطة واليسار الماركسي في نفس الوقت هي المرشحة لإعادة الفاعلية لدور الدين عقيدة وسلوكا وأخلاقا ونظاما اجتماعيا ولكن أن لها أن تؤدي ذلك الدور دون الاصطدام بسلطة، لئن كانت تتحمل المسؤولية في تشجيع الانسلاخ عن الهوية العربية الإسلامية لا تقبل البتة أن ينافسها طرف على مجال. اما أن تهمشه أو أن تسيطر عليه وتحتكره. لقد كان الفشل في ضبط الادوار بين الدولة وبين المجتمع في تنظيم المجال الديني عاملا من عوامل التوتر بين السلطة وبين الإسلاميين الذين ما فتئوا يؤكدون عدم احتكارهم للصفة الإسلامية واستعدادهم لتجنب تسييس المساجد دون أن ينسحبوا منها خاصة اذا فسح لهم مجال التعبير والمشاركة في الحياة العامة. لكن احتفاظهم بالصفة الإسلامية واصرارهم على الجمع بينها وبين الصفة الإسلامية جعل الدولة وحزبها الحاكم يتصرف بعقلية حروب الاسترداد وتستعمل سلطة القانون لإبعاد خصومها وطردهم خارج تلك المناطق المحرمة بل تجريم أي مبادرة مستقلة للنشاط في ساحتها. وبالمقارنة مع بعض التجارب المجاورة (مثل المغرب) التي تحرص الدولة على أن ترسي شرعيتها على الدين يبدو أنها كانت أكثر نجاحا وواقعية في تنظيم الأدوار بين المؤسسة الدينية الرسمية والمؤسسات الأهلية. وقد سهل لها ذلك عملية الادماج السياسي للتنظيمات الإسلامية وتقوية اللحمة الاجتماعية والجبهة الداخلية والمصالحة مع الهوية وتأهيل المؤسسة الدينية لأداء وظائفها الروحية والثقافية والاخلاقية والاجتماعية. وتخطي االتلازم العكسي بين قوة الدولة وضعف المجتمع أو ضعف الدولة وقوة المجتمع. لقد فشلت التجربة التونسية في تحييد المجال الديني من خطاب ودور عبادة واطار ديني وذلك رغم تسييجه بالاجراءات والتراتيب التي تجعله فاقدا لوظيفته الاجتماعية والاخلاقية والثقافية ملحقا بالوظيفة السياسية كجهاز من أجهزةالقمع الايديولوجي والسيطرة على مجال من أهم المجالات الرمزية التي تأخذ بعدها الحقيقي بالأشواق الروحية وبحرية التعبير والتلقائية سواء تعلق الأمر بالعبادة الفردية أو بالعبادة الجماعية في أبعادها الشخصية أو الاجتماعية الانتروبولوجية. وقد يكون اقتحام الدولة لهذا المجال واحتكاره وكبت أي تعبير حر ومستقل في فضائه الرحيب رغم أنها تعيب على خصومها الإسلاميين استعمال الدين لأغراض سياسية هو من أخطر الادوار التي تلعبها من أجل الحفاظ على هويتها الاصلية كدولة منتدبة للتغريب والتحديث لا مستأمنة على الدين والهوية. لذلك يرفض النظام تقديم أي تنازل أو أن يحيد عن هذا الصراع رغم دعوات المصالحة واشارات الطمأنة التي يرسلها الإسلاميون في حركة النهضة للتمايز عن اشارات التحذير والتهديد التي أرسلتها المجموعة السلفية التي لجأت الى المواجهة المسلحة مع السلطة في أحداث سليمان الأخيرة. وفي ظل عالم متغير لم يعد فيه يسمح للدولة أن تحتكر التدخل في قضايا المعتقد وحرية العبادة ويزداد الوعي بضرورة التمييز بين الخطاب السياسي المباشر والخطاب الديني المتعالي على الصراعات الفئوية قد يكون من واجبات الدولة اعادة تنظيم الادوار واحترام استقلالية الدعاة وتوفير شروط تأهيلهم العلمي وفتح دور العبادة أمام المؤمنين دون قيود الا الضوابط المنصوص عليها في الدين نفسه ومجمع عليها بين أهل العلم ومن أوكد واجباتها أيضا ضمان حرية العمل السياسي وحق التنظم للراغبين في ذلك. واعتبار الدفاع عن الهوية والصدور عنها حق مشترك لا اقصاء فيه، غير أننا لم نلمس لدى السلطة غير الاصرار سياسيا وأمنيا على ابقاء سقف طموحات حركة النهضة جد منخفض. وكلما سعت هذه الاخيرة الى رفع الطوق الا وووجهت بحزم تعده قسوة غير مبررة واستمرارا لسياسة جاوزت في أوج انتهاجها حدود المعقول في غطرستها واستخدامها المفرط للردع والكبت والهرسلة. إنهاء القطيعة بين الاستحالة والإمكان تعالت خلال السنوات الاخيرة الدعوات لطي صفحة الماضي وتنقية المناخ السياسي والاجتماعي وفتح آفاق في العلاقة بين السلطة والإسلاميين وبين الإسلاميين والعلمانيين. ان ثمة مراجعات متأكدة لدى كل الاطراف عدا السلطة التي لا تفصح عن حقيقة موقفها ولا يلمس لديها تغيير جوهري في السياسة وفي المواقف. ولكن يلاحظ تغير نسبي في اللهجة وفي المعاملة. فقد دعى الوزير السابق محمد الشرفي خصم الإسلاميين لسنوات وحليف السلطة في مشروع تجفيف المنابع الى الاعتراف بحركة النهضة في سنة 2002 معتبرا أن الدولة التونسية تحتمل وجود الإسلاميين ودافع عن تمثيل لهم في المؤسسات النيابية بما في ذلك البرلمان بنسبة تقارب النسبة التي حصلوا عليها في الانتخابات التشريعية لسنة 1989 والتي شاركوا فيها بقائمة مستقلة. كما حاول الهاشمي الطرودي أحد منظري اليسار البارزين في كتابه مأساة بغداد التأصيل الفكري والسياسي لإئتلاف إسلامي وطني ديمقراطي من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع وتكوين كتلة تاريخية تحمل على عاتقها مشروع النهضة الذي أخفق بسبب الفصام بين المهمة الديمقراطية والمهمة الوطنية. وقد وجد هذا التأصيل ترجمته الفعلية في تشكل هيأة 18 أكتوبر رغم تعثرها ورغم أن ما ورد في كتابه المذكور لم يأخذ حظه من النقاش. ونلاحظ تطورا نظريا وعمليا ملموسا في مواقف عديد الاحزاب وزعاماتها باتجاه الاقرار بحق الإسلاميين في الوجود السياسي شأنهم شأن باقي الاطراف. قد يشكك البعض في مبدئية بعض المواقف الداعية لانهاء الحظر والحصار على حركة النهضة واعتبارها طرفا وطنيا يعترف بحق الاختلاف ولا يحتكر الحقيقة ويعترف بحق الجميع في الوجود والتنظم والمشاركة ولكن تطور الاوضاع يتخذ مسارا نحو التعامل مع الإسلاميين كأمر واقع. والتواصل مع رموز حركة النهضة في حدود ما تسمح به الاوضاع الأمنية والسياسية بما لا يمنع امكان توقع المزيد من غض الطرف على الانشطة « غير المخلة بالنظام العام » وغير المؤدية الى انتزاع المبادرة من السلطة أو التأثير المحسوس في موازين القوى. ان عقد التسعينات كان هو الأسوأ في علاقة حركة النهضة بالسلطة اذ سخرت كل امكانيات الدولة من أجل تفكيكها وعزلها وفرض أعلى درجات الحظر على أنشطتها. بل وفك أية روابط اجتماعية وإنسانية بين أنصارها وقد تعرضت في هذا الاطار الى ما لم تتعرض له أي حركة سياسية وايديولوجية في البلاد منذ قيام « النظام الجمهوري ». وكأنما نسيت الدولة أن إسلاميي حركة النهضة مواطنون تونسيون لا يكنون لها عداوة بدائية بقدر ما كانوا يبحثون لهم عن مكان في ظل سلطتها التي ما فتئوا ينشدون اعترافها بهم حتى وان كانت شرعيتها تبدو لهم منقوصة. وان هاجسهم الأصلي لم يكن هاجسا سياسيا بقدر ما كان هاجسا أخلاقيا وثقافيا حتى وان لم تتبلور رؤيتهم الثقافية. وان ذلك الهاجس الاصيل على عمومه مهما بدا غير منسجم مع هوية الدولة المنتدبة للتغريب والتحديث يظل هاجسا لتيار من تيارات الاحياء الديني والحداثة ينشدها على غير الصيغة الغربية الحصرية والقسرية والتي يصعب فصلها عن سياقها التاريخي الاوروبي. وان المنضوين ضمن تيار الاحياء الإسلامي مهما كانت مرجعيتهم الفكرية هم الى حد ما ثمرة المنظومة التعليمية التونسية بهناتها وايجابياتها دون أن نتجاهل انهم نهلوا من معين ثقافة إسلامية لم تكن تقدمها المدرسة والجامعة التونسية. الا أن التدين المشوب بالهم الحضاري والممزوج بالبعد الحركي السياسي ليس فقط نتاج تلك الثقافة وانما هو حاجة اجتماعية وثقافية أصيلة وطارئة ملازمة للمجتمع ومتأثرة بتحولاته طامحة الى التأثير فيها وان صده والتنكيل به لن يجعله أقل تجذرا وخطورة أو أقل انتشارا الا بصفة مؤقتة. بل ان الضغط المستمر والمفرط اذا جاوز حدود الاحتمال والقدرة على التكيف من شأنه أن يولد الظاهرة الاستشهادية والعنفية منهجا في التعامل الوجودي مع الدولة والمجتمع. ان الدولة تجاهلت ان هويتها من هوية المجتمع وليس العكس وان تلك الهوية اذا كان ينبغي لها أن تستمر فهي في حاجة الى أن تثرى وتتطور. وان الابقاء عليها كهوية منفصمة (التغريب والتحديث القسري) سيضعها حتما على خط القطيعة مع الديناميكية الداخلية للمجتمع الذي أرادت صياغته تعسفا عكس مساره الطبيعي فتتحول بذلك الى دولة قانعة قاهرة لا دولة تحديثية ضامنة للحرية صانعة للتنمية. ومن المفارقة أن تصبح الدولة خطرا على السلم المدني والوفاق الأهلي عوض أن تكون مجسدة ومحققة له في أرقى مظاهره باعتبارها دولة كل مواطنيها لا قسم منهم فقط. النهضة والسلطة، حتمية المراجعة ان كلا من حركة النهضة والسلطة يشعران في تقديري بصعوبة ترتيب العلاقة بينهما في ما يمكن أن نسميه مرحلة ما بعد السجن. ويبدو أن الإسلاميين بعد سنوات القطيعة والمواجهة مع النظام وبعد ان يفترض فيهم أن يكونوا قد قاموا بتقييم تجربتهم السياسية وطبيعة علاقتهم بالسلطة وبقوى المجتمع وأطراف المعارضة واستحضارهم للتحديات الداخلية والتحولات الاقليمية والدولية ساعدهم على ذلك الاستقرار والاقامة لسنوات في بلدان اوروبية وغربية ديمقراطية متقدمة، صارو أكثر تفهما لحاجة البلاد الى الاستقرار والمصالحة وحاجة الدولة الى تطوير نفسها واثراء هويتها الوطنية دون فقدان مميزاتها الحداثية أو الذوبان في عولمة تكنس الهويات كنسا ولا تقيم اعتبارا لسيادة الدول. وان تحصين الجبهة الداخلية من مستلزمات الحفاظ على الوجود الوطني دون أن يكون ذلك على حساب حرية تمتعوا بمزاياها في بلدان الاقامة وحرم منها اخوانهم في وطنهم. لذلك اتسم الخطاب السائد لرموز النهضة في الداخل والخارج خلال السنوات الأخيرة بجعلهم المصالحة الوطنية الحقيقية ومناهضة العولمة الشرسة والهيمنة قضيتهم، دون أن يتنازلوا عن حق حركتهم في الوجود كطرف وطني الى جانب باقي الأطراف. ودون التخلي عن مطلب الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان ورفظ الاستبداد والالتزام بالدفاع عن الهوية العربية الإسلامية. كما يبدو أن الدولة والحزب الحاكم والاطراف الحليفة لهما تبدي اهتماما أكبر بالنقاشات الدائرة في الساحة الإسلامية والتي تنقلها مواقع الانترنت بغثها وسمينها وهي تعكس رغبة النهضة بالظهور في ثوب جديد ومساعي جدية لتطوير نفسها من الداخل وتأكيد حضورها ضمن المشهد السياسي الوطني في تعايش ووفاق مع الأطراف المستعدة للقبول بها والعمل المشترك معها ولا يمكن للسلطة أن تتجاهل ما تؤكده حركة النهضة وتبديه من استعداد مبدئي للإستمرار في خيار نبذ العنف والازدواجية والحرص على اظهار أكبر قدر ممكن من الوضوح في المواقف والبرامج، والواقعية في التعاطي مع الشأن الوطني لا باعتبار ذلك من شروط السلطة أو غيرها من الأطراف، وانما باعتباره من مقتظيات التطور الطبيعي لحركة كانت تتطلع حتى قبل محنة 1991 الى الانتقال الى وضع العلنية الكاملة، والقانونية ببدائل وبرامج واضحة ومفصلة. وقد أعاقت المحنة وملابساتها ذلك التطور الطبيعي ولكنها لم تحرف حركة النهضة عن سمتها الذي عرفت به فلم تفرخ داخل السجون وفي المنفى تكفيريين أو متشددين. لكن لا بد من الملاحظة بأن السلطة لم تبد الى الآن أي اشارة تفيد امكان قبولها بحركة النهضة في نسختها القديمة حتى وان كانت النهضة في الشكل والمضمون الذي عرفت به في الماضي ولا نتصوره واردا ولا ممكنا لا تمثل مشكلا داخل المجتمع التونسي الذي ألفها وألفته والذي يعرف اليوم أشكال تدين اجتماعي عفوي على درجة من التنوع يصعب معها مطابقته بأي نموذج سائد أو وافد أصيل أو دخيل. ويعتبر النموذج النهضوي بالمقارنة معها أشد أصالة وتماسكا وأكثر قدرة على التواصل والاستمرارية وان الدولة من مسؤوليتها مراعاة ذلك التنوع والتغاضي عنه الا اذا جاوز مبدأ التعايش والتسامح الذي يمكن أن يكون عنصرا أساسيا في هوية الدولة يعدل من غلواء التغريب المفروض والتطرف العلماني اللاديني ومن شراسة التحديث القسري. وبقدر ما تراجع الدولة خيار « الكل الأمني » في التعامل مع الإسلاميين وخيار الفرض التعسفي لنمط من التحديث لا يكون مخصبا خارج سياقه وتفسح المجال لحرية التعبير والابداع وتقحم مبدأ التسامح كلبنة في بناء هويتها، كلما أمكن تحول النظام نحو مزيد من الانفتاح وأمكن توفير شروط ارساء مصالحة وطنية يستفيد منها الجميع ويكون الإسلاميون أحد أطرافها. اذ لا تصور لمصالحة تحقق ثراء هوية الدولة وتحديث المجتمع بدونهم والا فسيستمر ترحيل الازمة ويتكرر سيناريو القطيعة. ان المشهد السياسي في تونس لم يتغير بعد مرور عشرين عاما من عمر نظام السابع من نوفمبر. ولكن معطيات كثيرة تغيرت. من ذلك أن رغبة حركة النهضة في الانفتاح على كل الأطراف خيار أكثر مما هو تكتيك مرحلي وسعي للتعايش مسار ومنهج بقدر ما هو حاجة ربما تقدر أنها حاجة وطنية واجتماعية لا حاجة حزبية فقط كما يمكن أن نستنتج من دفع رموزها وقادتها عن أنفسهم مسؤولية افشال محاولات التجاوز والقائها على النظام أو اعتبار القاء التبعة عليها في استمرار القطيعة عملية تسويق من سلطة تريد تأجيل المعالجة السياسية لملف الحركة من المؤشرات القوية على ان لديها الاستعداد لتقبل صيغة حل ممكنة تشابه من قريب أو بعيد صيغ المشاركة التي تم التوصل اليها في أقطار عربية أخرى. ان أحداث غزة الأخيرة وردة الفعل الشعبية في البلدان العربية والإسلامية بقدر ما أظهرت اتساع الفجوة وعمقها بين الأنظمة والشعوب فإنها كشفت مدى تجذر التيارات الإسلامية، وحدة الاحساس بتحدي الهوية ستشجع لا محالة على البحث عن سبل تجسير العلاقة بين الأنظمة والنخب والجماهير. وسيكون من أولويات السماح بحرية التعبير على أوسع نطاق ممكن تفاديا لانتفاضات شعبية وانفجارات اجتماعية لم تعد مستحيلة. ان تحولا ما بصدد الحصول داخل المجتمعات العربية مثل التقارب بين التيار الإسلامي والتيار العروبي وهو مقدمة لإعادة تشكل المشهد السياسي العربي كما أن تجربة تشريك الإسلاميين من موريتانيا الى ماليزيا والتي جاوزت العقد والنصف في بعض الأقطار وأثبتت جدواها في مواجهة التحديات ستكون بالتأكيد قابلة للتعميم مع بعض التأخير وخصوصية في التنزيل. و يرى بعض الباحثين بأن أسباب أخرى غير الاسباب الهيكلية التي أبرزناها في هذا البحث سترشح الحياة السياسية في تونس الى التطور في اتجاه المصالحة الوطنية مما نعده تفاؤلا مفرطا فيه قفز على الكثير من العقبات والصعوبات لكنه سيناريو نورده للقارئ على سبيل الاطلاع حتى لا نكون قد أغفلنا بعض الجوانب التي يراها البعض ذات تأثير في تطور الحياة السياسية في بلد كتونس له خصوصية ان لم نقل يحكمه منطق خاص. يقول الباحث العربي صديقي « ان ما سيكون مهما في تونس بين العامين 2009 و2014 ليس كيف جاء بن علي الى السلطة قبل اثنين وعشرين عاما ولا كيف فاز في انتخابات العام 2009، بل ما اذا كانت سنواته الخمس الأخيرة مكنت من تحقيق مصالحة وطنية وأفضت الى عملية تحول ديمقراطي وما اذا كان قادرا على الالتزام بخروج مشرف وديمقراطي في العام 2014 اذ أن مثل هذا الخروج سيضمن له مكانا مهما في تاريخ تونس السياسي » [11] * فصل من كتاب  » الإسلامية في تونس » الصادر عن مركز الدراسات الإماراتي المسبار [1] Jean Ziegler – Retournez les fusils! – Editions du seuil Paris 1981 (p111) [2] Yadh Ben Achour – L’état nouveau et la philosophie politique et juridique occidentale – Imprimerie officielle de la republique tunisienne 1980 (p443) [3] المستقبل العربي، حوار مع مصطفى الهلالي – تشرين الأول (أكتوبر) 2007 العدد 244 مركز دراسات الوحدة العربية (ص85) [4] نفس المرجع [5] ديباجة الدستور الجزائري سنة 1963 أورده عياض بن عاشور. مرجع سابق (ص321) [6] Jean Ziegler – Retournez les fusils ! (p150) مرجع سابق [7] عياض بن عاشور – مرجع سابق (ص351) [8] عياض بن عاشور – نفس المرجع (ص303) [9] Sophie Bessis, Souhayr Belhassen – Bourguiba – Jeune afrique livres 1988 [10] Habib Achour – Ma vie politique et syndicale – Alif 1989 [11] العربي صديقي – التحدي الديمقراطي في الولاية الأخيرة لزين العابدين بن علي
(المصدر: موقع أقلام اون لاين العدد الرابع والعشرون السنة السابعة/ أكتوبر – نوفمبر 2009)


في مأزق العمل السياسي والحزب السياسي حركة النهضة التونسية نموذجا

أحمد قعلول تعتبر مطالبة الحركة الإسلامية بالحق في المشاركة السياسية من خلال الواجهة الحزبية من أهم المآزق التي تتوقف عندها العديد من الساحات السياسية في العالم العربي. وقد أدى التوقف عند هذا الموضوع إلى تعطيل الحياة السياسية في عدد من الدول العربية، ومنها الساحة السياسية التونسية. يسعى هذا المقال إلى طرح رؤية حول موضوع العمل السياسي وسيحاول أن يبرهن على فكرة مفادها أن العمل والفعل السياسي غير مقتصر على التعبير الحزبي وأن هذا الأخير لا يمثل إلا مساحة ضيقة من مساحات ومجالات الفعل السياسي وينتهي المقال إلى أن المجال واسع أمام الحركة الإسلامية للفعل السياسي من خلال مساحات ومجالات متعددة يمثل العمل الحزبي جزءا، ربما كان هامشيا، منها. تقوم الحجة التي سيعتمدها هذا المقال على خلاصة مفادها ان الدولة القطرية الحديثة كيان غير أصيل في الأمة وأنه لا يمثل مطلبا للحركات التغييرية الوطنية بما أنه ينتج عكس المأمول منه في أغلب الحالات وعليه فإن الأنسب للحركات الإسلامية العمل في اتجاه المجتمع تمتينا لمؤسساته والعمل في اتجاه الدولة تقليلا من ضررها. سيقوم هذا المقال بالتقديم لحجته بعرض تعريفات إجرائية لمجموعة من التعبيرات منها الدولة القطرية والحزب السياسي والعمل السياسي والفعل والتأثير السياسي والحركة الإسلامية. الدولة القطرية الحديثة: تعتبر الدولة الحديثة من أهم منتجات الحداثة الأوربية، ومن أهم تعبيرات هذه الدولة آلية التنميط والإكراه التي أنتجتها،  وذلك أساسا من خلال  إنتاج مؤسسة بيرقراطية تحتكر شرعية وأدوات العنف. والقصد بالدولة القطرية الحديثة منظومة الحكم التي تحكم المجتمعات العربية والتي بنيت على أنقاض الجامعة السياسية التقليدية متمثلة في الخلافة العثمانية. وقد مثل نشوء الدولة الحديثة في نسختها القطرية أحد أهم التطورت التي عرفها العالم الإسلامي منذ قرون، إذ كان نشوء هذه الدولة إعلانا عن سقوط الرابطة الجماعية للأمة الإسلامية وتفكيكا للهوية الجامعة للشعوب التي انضوت تحتها،  وتأشيرا على نهاية التفوق التاريخي الذي تحقق للعرب بفضل السلطة التي امتدت على الرقعة الجغرافية والحضارية التي حكمها الإسلام. الحزب السياسي والعمل السياسي: تعتبر الأحزاب السياسية من أهم المؤسسات التي تمكن الدولة الحديثة من تجديد نخبها الحاكمة في أجهزتها البيرقراطية. وعلى هذا الأساس فإن كل تعبيرة حزبية تمثل، من حيث المبدأ، طموحا للتداول على السلطة والحكم وبالتالي امتلاك شرعية العنف والإكراه. وقد تمكنت العديد من المجتمعات الحديثة من تحقيق حدّ من الإجماع السياسي سمح لها بإنتاج نخب قابلة للتداول على السلطة. كما تمكنت هذه المجتمعات (وإن بأثمان باهظة جدا تمثلت في حروب دامية أهلية وعالمية) من تهميش نوع من النخب يعتبر بلوغها السلطة تهديدا للإجماع الذي تقوم عليه الدولة القومية الحديثة. والعمل السياسي هو وصف لمجموع النشاطات الحادثة في ما يتعارف عليه بالمجال السياسي، الذي يؤطره ويعرفه الإجماع السياسي، حيث تطرح الأجندة السياسية المكشوفة والمتعلقة بمجال التداول على السلطة أو اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن العام وتنظيم الحياة الجماعية وضبط حدود المجال الخاص. إلا أن الأحزاب السياسية وإن كانت تمثل المؤسسات الأساسية التي تؤطر العمل السياسي فإنها ليست الطرف الوحيد الذي يمارس الفعل السياسي وذلك أن العملية السياسية تحمل تعقيد المجتمع.  ولذلك فإن مجال الحراك الذي تسمح به القوانين المنظمة للحياة العامة يفتح المجال للعديد من المؤسسات المدنية للتأثير في المجال السياسي وتبلغ مساحة التأثير حدها في النموذج الأمريكي حيث يضعف دور المؤسسات المدنية لصالح المؤسسات المالية ومراكز ومؤسسات التأثير وصناعة الرأي العام، وقد أدى هذا الوضع إلى تطوير مجموعة من النظريات في الفكر السياسي تميز بين ما يمكن وصفه بالعمل السياسي والفعل السياسي. عن الفعل السياسي: القصد من الفعل السياسي العمل الذي ينتج تأثيرا في المجال السياسي ويمكن أن يكون هذا العمل فعلا مباشرا في المجال السياسي أو فعلا يؤثر بشكل غير مباشر في المجال السياسي. وقد اهتم الكثير من المختصين في الفكر السياسي خاصة من المدرسة الأمريكية بهذا الموضوع من مثل « روبرت دحل » و »نعيم تشومسكي » و »حنة أرند » ،  إلا أن من أهم النظريات التي درست هذا الموضوع هي النظرية التي بلورها البريطاني « دايفد لوكس » في كتابه عن « السلطة مقاربة راديكالية » حيث درس مجالات ممارسة السلطة ودوائرها كي يخلص إلى أن من أنفذ طرق ممارس السلطة هي عندما يقوم طرف « أ » بفعل ما، يدفع به الطرف « ب » إلى العمل على تحقيق مصالح « أ »، اعتقادا منه أو اقتناعا بأن فعله ذلك يخدم مصالحه الذاتية ومن ميزات هذا الفعل البالغ للسلطة هو أن الأطراف الفاعلة فيه تحقق مصالحها دون إثارة أسباب الصراع ودون إثارة الإنتباه أو الإحتجاج على مصالحها. تحيلنا هذه المقارنة بين الفاعلين السياسيين والمشاركين في العمل السياسي من خلال الأحزاب السياسية إلى الحديث عن الأحزاب السياسية والحركات الإسلامية في العالم العربي. وذلك أن الدولة القطرية العربية وإن كانت دولة حديثة بنيويا إلا أنها دولة معطلة لآلية التداول الحزبي وعادة ما تجدد الدولة نخبها من خلال آليات وإكراهات مختلفة تمثلت إلى حد الآن في الآليات الإنقلابية أو التوريثية. وهذا أمر يجعل الأحزاب السياسية تحمل تعريفا ودورا مختلفا عنه في الدول القومية الحديثة الأوربية مثلا أو بعض الدول الديمقراطية الإفريقية أو الآسيوية. تحيلنا هذه الملاحظة إلى التحدث عن فاعلين سياسيين أكثر من مشاركين سياسيين وذلك أن الممارسة السياسية المخالفة لأجندة النخب الحاكمة عادة ما تكون من خارج الإجماع السياسي الرسمي، وفي هذا الإطار تتصدر الحركات الإسلامية الفاعلين السياسيين في العالم العربي. الحركات الإسلامية: نقصد بالحركة الإسلامية المشاريع الحضارية التي تعود أصولها إلى المرحلة الإصلاحية والتي عبرت عن نفسها هيكيليا في مدرسة الإخوان المسلمين وما تفرع عنها من تنظيمات وتيارات مختلفة تأثرا بها أو تناقضا مع خطها الإصلاحي مع تبنّ لنفس الخلفية الحضارية. ومن أهم سمات الحركات الإسلامية عموما الطابع الشمولي لمشاريعها والبعد الحضاري لخطابها. تمثل الحركة الإسلامية مساحة واسعة من المصالح التي يمكن أن تتماه معها فئات واسعة من شعوب العالم العربي والإسلامي ولا ينازعها في تمثل مثل هذا المشروع إلا المشروع القومي. مقابل ذلك تمثل الدولة القطرية الحديثة انتصارا للمشروع العلماني مدعوما بالإكراهات الدولية على المشروع الإصلاحي الإسلامي. والحركات الإسلامية بحسب هذا التعريف هي تعبير متناقض في جوهره مع مشروع الدولة القطرية العربية وما أنتجته من اجماع سياسي، وذلك أن هدف الحركة الاسلامية الأساسي يتمثل في تغيير الإجماع السياسي الذي تأسست عليه الدولة القطرية الحديثة بما هو إجماع يؤسس نفسه، في الغالب، على شرعية تجاوز مرحلة الخلافة وعلى الروح القطرية العلمانية. ويستثنى في هذا السياق الأنماط التقليدية للحكم السلطاني التي نشأت بعد سقوط الخلافة وحافظت عل نفس بنية الحكم والسلطة. الحركات الإسلامية ومأزق الدولة القطرية وإذ تمكن المشروع القومي من بناء نماذجه فإن الحركة الإسلامية لا تزال تتلمس طريقها مع أنها فيما حققته لم يختلف مصيرها عن مآزق المشروع القومي حين تتلبس بالدولة القطرية. والقصد بالمأزق هنا هو ما وقع لأغلب حركات التحرر في العالم ولمشاريع النهوض عندما تلبست بالدولة الحديثة، بداية مما وقع للثورة الفرنسية وكذلك الثورة البلشفية ومن بعدها ما وقعت فيه التجربة القومية الناصرية وكذلك البعثية في سوريا والعراق، ومن بعدهم ما يحصل للتجارب الإسلامية السنية منها والشيعية، وذلك أن تلبس هذه التجارب بالدولة القومية الحديثة وآلياتها الإكراهية جعلها تقع في مأزق التناقض مع مساحة الحرية التي يطالب بها المجتمع الأهلي.  هذه المساحة التي تتناقض مع آليات التنميط والتهميش التي تعمل بها مؤسسات الدولة الحديثة، زد على ذلك إكراهات الوضع الدولي المعادي لطموحات الأمة والمعرقل لمساعي دولها الوطنية نحو أي جهد نهضوي مهما كانت خلفيته العقائدية. وهذا أمر جعل من الدول القطرية خاصة الصغيرة منها دولا محافظة وممثلة لمصالح الدول الراعية لها لا  لمصالح شعوبها. لا يسمح المقام هنا لمزيد من التوسع في هذا الموضوع ولكن القصد من هذه الإشارة التنويه على أن الدولة القومية الحديثة لا تتناسب في وضعها ولا بناها  مع الحلم النهضوي الذي تدعو له نخب الأمة بمختلف توجهاتها. على أن هذا لا يعني التخلي عن طلب الدولة أو مطالب التداول على نخب حكمها والسعي لتغيير الإجماع الذي تقوم عليه. بل المطلوب الإنتباه إلى إكراهات هذا الحل ومساوئه وحدود الحلول التي يمكن أن يقدمها لشعوب المنطقة خاصة في ظل اختلال ميزان القوة والنفوذ بين الدولة ومجتمعات المنطقة. وعليه فإن المطلوب مرحليا ليس بذل الوسع والجهد من أجل المشاركة في مثل هذه الدول أو اعتلاء كرسي سلطتها بل ربما يكون المطلوب دعم قدرات المجتمعات والمؤسسات الأهلية كي توازن ما أمكن مؤسسات الدولة وتروض قدراتها الفائقة على الإكراه. وهذا أمر وإن كان ملحا على جميع التيارات الوطنية فإنه ألح على الحركات الإسلامية والقومية التي من المفروض أن تقدم حلولا للأمة لا للأقطار. إن إلحاح الحركات التحررية والإسلامية منها بالذات على مطلب الدولة أو المشاركة في الحكم  قبل مطلب المجتمع أدى بالكثير منها إلى نقض مشاريعها وتحويلها إلى مشاريع استبدادية أو مشاريع عميلة للمحتل (مثلما يقع في العراق) أو إلى إفشال هذه المشاريع أو وضعها على شفى الإنهيار والتحلل، وتمثل الحالة التونسية نموذجا يصلح الإنتباه إليه في هذا السياق. عن الحالة التونسية: تعتبر حركة النهضة أولى الحركات الإسلامية التي عبرت نظريا وعمليا عن الإستعداد للدخول ضمن شروط الممارسة الحزبية للدولة القطرية وضمن سقف الإجماع الموضوع، إلا أن الحركة ووجهت بالرفض المتعنت ولمحاولة الإستئصال بالعنف. لا يتسع المقام هنا لتقييم مفصل لأداء حركة النهضة وفعلها تجاه خطة الإستئصال التي تعرضت لها، إلا أنه يمكن المسارعة إلى القول بأن أداء الحركة كان يمكن أن يكون أحسن بكثير مما كان عليه على الأقل على مستوى التقليل من الخسائر. ما نود التنويه عليه في هذا المقام هو أن الحركة الإسلامية في تونس، حسب رأينا وقعت في نفس المأزق الذي وقع فيه غيرها من الحركات الإصلاحية. إذ أعتبرت (على الأقل من خلال ممارستها) أن الدولة هي الحل المناسب للإصلاح ما ضخم من حجم المسألة السياسية والحزبية وبالتالي ضخم من مساحة التناقض مع النخب الماسكة بالحكم ، خاصة التحالف الإستئصالي العلماني الذي دخل الدولة والذي اعتبر أن وجوده وشرعيته قائمة على استئصال المشروع الإسلامي عموما. وقد أدت محاولة الإستئصال هذه إلى تدهور علاقة الحركة ومشروعها بالمجتمع التونسي. وذلك أن الدولة استعملت كل وسائل العنف والإكراه من أجل فرض عزلة قسرية على المشروع الإسلامي ورموزه المحليين بالسجون والتشريد والترويع. وقد أدت هذه الغربة المفروضة إلى قطع أواصر المجتمع مع المشروع الإسلامي المحلي ورموزه بحيث انتهى الأمر إلى مجتمع يطالب بالمشروعية الإسلامية التي افتقدها بسبب خطة التجفيف التي مارستها الدولة، ومشروع إسلامي مكمم ممنوع وعاجز عن مخاطبة شعبه. فأنتج هذا الوضع حالة مشوهة لشعب يبحث عن رمزية ورموز اسلامية في العالم الإفتراضي والقنوات الفضائية مقابل رموز إسلامية لها رصيد من مشروعها تعيش غربة قصرية عن المجتمع ممنوعة من التخاطب معه. وهو أمر شوه من الحالة الاسلامية وأنتج حالات من التطرف والميوعة لم يعرفها المجتمع التونسي من قبل. كما أن هذه الحرب الإستئصالية أفقدت الدولة مشروعها وعرت المشروع العلماني من أي شرعية اجتماعية وهو ما أوجد فراغا في الدولة ووضع أمامها تحديات حقيقية تحدق بقدراتها على التجديد. كل هذه العوامل تؤكد أن واقعا جديدا أصبح راهنا في تونس وأن هذا الواقع من حيث مشاكله وتحدياته وأسئلته الملحة وأجوبته الممكنة مختلف جوهريا عن التحديات التي كانت الدولة والحركة الإسلامية والمجتمع التونسي يواجهانها خلال نهاية الثمانيات وبداية التسعينات وهذا يعني أن تعاملا واستراتيجية جديدة يحتاجها كل طرف. وبما أن الحديث متعلق بالحركة الإسلامية فإني أرى أن استعادة الحركة الإسلامية لنفس الشعار الذي توقفت عنده في بداية الأزمة التي تعرضت لها (الحق في التعبيرة الحزبية) أمر يحتاج إلى إلى إعادة النظر في مشروعيته بل مناسبته مع الواقع الجديد الذي يعيشه الشعب التونسي. إن هذا الواقع الجديد يحتاج من الحركة الإسلامية في تونس السعي إلى استعادة رمزيتها الإجتماعية والثقافية والسياسية من خلال إعادة التعريف بنفسها وبرصيدها النضالي والثقافي ومن خلال تقديم تجربتها للشعب التونسي وشبابه كي يتعرف عليها ويزكيها. وهذا لا يعني التخلي عن مراكمة التجربة السياسية بل هناك حاجة لأن لا تتضخم هذه المسألة على غيرها من مساحات الفعل التي تبدو أكثر أهمية وأولوية مرحليا واستراتيجيا.  كما يسع الحركة الإسلامية أن تدخل غمار السياسة من بوابات عديدة ولكن مع الأخذ بعين الإعتبار أن المشروع الإسلامي لا يصح أن يرتهن بتعبيرة حزبية ضيقة وإن رفعت الشعار الإسلامي. فمن غير المناسب أن يرهن مشروع وطني جامع  بتعبيرة حزبية واحدة ووحيدة.  بل يجب أن يكون المشروع الإسلامي قادرا على أن يعبر سياسيا عن نفسه بما يناسبه كتيار عريض متنوع يخاطب جميع فئات المجتمع ومؤسساته بما في ذلك مؤسسات الحكم. فالمشروع الإسلامي لا ينازع طرفا معينا في البلاد بل يعمل من أجل تحقيق برامجه والدفاع عن المصالح الحيوية للشعب الذي يعبر عنه. كما أن ممارسة التأثير السياسي له أبواب ووسائل متعددة هذا إن كانت المسألة السياسية في هذه المرحلة تحضر بنفس الإلحاح الذي كانت عليه في نهاية الثمانينات. وأخيرا: إن المسألة الحزبية في المشروع الإسلامي مسألة ضيقة بالمقارنة مع اتساع المشروع وقد كان الخطأ الذي وقعت فيه الحركة منذ الإعلان عن تأسيس حزبها سنة 1981 هو أن سمحت لهذه الرقعة بالإتساع حتى أصبحت لسان المشروع والمعبر عنه وهو أمر انتهى حسب رأيي إلى هزيمة لهذه الواجهة وإن بيد القمع. وقد أدى هذا القمع الذي تعرضت له الحركة إلى الإخلال بكل الموازين السياسية والإجتماعية للبلاد، على أنه لم يمس من مشروع الحركة بشكل جوهري بل أكسبها تجربة ونضج وهذا هو الأمر الذي فشلت فيه الحملة الإستئصالية. إن وضع البلاد عموما مهيأ لتقبل نقلة تبدو حتمية ولكنها تحتاج لشيء من الحكمة من الأطراف السياسية،  ولتفهم من الحركة الإسلامية لحجم المجال السياسي في مشروعها ولحجم العمل الحزبي ضمن المجال السياسي. وستسمح هذه النقلة إن وقعت للدولة بتجديد نخبها دون أن تخسر مصالحها وللحركة الإسلامية من المساهمة في إعادة صياغة إجماع سياسي وطني لا يستثني الإسلام ، متصالح مع هوية الشعب، ويواكب الحداثة والتطور.
(المصدر: موقع أقلام اون لاين العدد الرابع والعشرون السنة السابعة/ أكتوبر – نوفمبر 2009)


في زيف ادعاء التدرج نحو الديمقراطية والإصلاح السياسي  الأنظمة العربية والحفاظ على مغانم الحكم .. بالانتخاب المزور أم بالقوة

 


  نور الدين العويديدي   على الرغم من أن الانتخابات التي تقام في البلاد العربية لا تأتي بجديد، والحاكم فيها تُجدد له دورات الحكم حتى الموت، ويرثه من آله من توفرت فيه الشروط، وجمع بين يديه رضا الأجهزة الأمنية وقبول القوى الخارجية.. فإن المدافعين عن إجراء تلك الانتخابات بشكل دوري يذهبون إلى أن تلك العملية ضرورية للحياة السياسية العربية، وأن لها أغراضا تربوية وأخرى سياسية، فهي تعتبر تدريبا على « الممارسة الديمقراطية »، وتعويدا لشعوب، لا تُعد الانتخابات من تقاليدها السياسية والاجتماعية الراسخة، على الممارسة الانتخابية، وتهييئها من ثم لحياة ديمقراطية حقيقية، تنضج مع الزمن.   ويرى هؤلاء المدافعون أن دورية الانتخابات تحمل في طياتها، إضافة إلى معاني التعود على الممارسة الانتخابية، معاني التدرج في الإصلاح السياسي، والتدرج في التمثيل الشعبي في مؤسسات الحكم والإدارة، ورفض فكرة الإصلاح المتعجل، باعتبار أن ذلك النوع من الإصلاح يؤدي في غالب الأحيان إلى نقيض الأهداف التي قام من أجلها. وفي هذا السياق يُعدّ ما حصل في الجزائر، في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، من اكتساح واسع للجبهة الإسلامية للإنقاذ لنتائج الانتخابات البرلمانية، التي عرفتها الجزائر في العام 1991، وانقلاب الجيش على تلك الانتخابات، ودخول البلاد فيما يشبه الحرب الأهلية، مثالا مفضلا يضربه هؤلاء على خطر التعجل المرفوض في عمليات الإصلاح الديمقراطي.   تتأسس مقولة التربية على الديمقراطية والتدرج في الإصلاح السياسي، في الواقع، على فكرتين رئيسيتين:   – أولاهما أن التطور في الحياة السياسية للمجتمعات، بخلاف الحياة الفردية، بطيء ويتم على مدى زمني طويل نسبيا، لأنه يقوم على استيعاب قيم ومعان جديدة، وإدماجها في النسق الاجتماعي. وهذا أمر قد يحتاج أجيالا حتى يتحقق ويؤتي ثماره.   – ثانيهما، وهي فكرة لم يعد ممكنا المجاهرة بها، من دون حرج ظاهر، في أوساط النخب العربية الموالية للسلطة، إلا قليلا، هي فكرة عدم نضج الشعوب العربية والمسلمة، بما يكفي لإقامة انتخابات تنافسية نزيهة وشفافة، تمثل فيها سائر العائلات الفكرية والسياسية، على قدم المساواة، على اعتبار أن تلك الشعوب لم تنضج لديها معايير الاختيار بين القوى المتنافسة، وأن أحكامها عاطفية وغير عقلانية، وأن هناك قوى ارتدادية تشد إلى الوراء، تهدد المكاسب المتحققة، وأن الشعوب الساخطة أو الطامحة للتغيير، يمكن أن تختار تلك القوى، بما يؤدي إلى نتائج كارثية على الأمن والاستقرار والقبول الدولي.   في الرد على فكرة التدرب اللانهائي على الانتخابات   1-    يلاحظ المراقب أن القائلين بفكرة المزيد من التدريب على الانتخابات في العالم العربي، بهدف « التربية على الديمقراطية » والتدرج في الإصلاح، هم من الكتاب والمثقفين السائرين في ركاب الأنظمة الحاكمة. فهذه الأفكار لا تعبر عن حاجة اجتماعية حقيقية، بقدر ما تعبر عن مصالح فئة ضيقة من الكتاب وأصحاب الرأي، هم في الغالب موظفون في أجهزة الحكم، أو مثقفون مسوغون لما تتخذه الحكومات من قرارات سياسية، بما فيها دورية الانتخابات، التي لا ترى فيها تلك الحكومات سوى عمليات مبايعة دورية، يمكن أن يتم تزيينها بإشراك بعض المنافسين الضعفاء المنتقين بعناية، لزوم الديكور الديمقراطي التعددي.   2-    ومما يسفه فكرة التدرج اللانهائي أنه لم توجد تجربة عربية واحدة، على مدى أكثر من نصف قرن منذ الاستقلال، تطورت فيها العملية الانتخابية بشكل تدريجي، من نقطة أدنى إلى نقطة أعلى. فالانتخابات العربية كانت وما تزال، ويرجح أن تستمر، باعتبارها عملية شكلية، جوهر الغرض منها هو عملية مبايعة معروف سلفا من هو المعني بها، ومن هو المستفيد منها. فلا يزيد الأمر عن كونه تجديد مبايعة الحاكم في كل دورة انتخابية جديدة، من دون أن يطرأ أي جديد، أو أن يحصل أي تقدم في الواقع، ولا أي تدرج في الإصلاح، فالحاكم هو الحاكم نفسه لا يتغير، والسياسات هي السياسات نفسها لا تتبدل، والحكم لا يزيد قربا من التمثيل الشعبي، والشعب لا يزيد قربا من السلطة التي تحكمه.. بل بعدا.   3-    لم يعد مقبولا بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلالات العربية القول بفكرة عدم نضج الشعوب العربية والمسلمة، بما يكفي لإقامة انتخابات تنافسية نزيهة وشفافة. فالحقيقة أن الأنظمة العربية والنخب الموالية لها والمدافعة عنها هي الأدنى نضجا من شعوبها. فالحاكم العربي ينظر إلى السلطة لا باعتبارها مؤسسة منظمة لقوى المجتمع، وممثلة له، ومدافعة عن مصالحه، وقائدة لتطوره، بل باعتبارها مغنما للحاكم وآله، لا يمكن التفريط فيه أو التنازل عنه. ولهذا تستخدم القوة لحفظه تارة، والانتخابات المزورة للإبقاء عليه تارة أخرى، وتستخدم الأقلام وأجهزة الدعاية للذب عنه، مثلما تستخدم العصا للمنافحة عنه. ووعي الحاكم العربي هنا أدنى من وعي رئيس قبيلة. فرئيس القبيلة يشاور من معه من شيوخ، ويرتهن مواقفه وقراراته لمصلحة قبيلته. أما الحاكم العربي فحكم فردي لا شورى فيه، والمصلحة الفردية الضيقة، أعني مصلحة البقاء في الحكم، ولو خرب البلد، أو مصلحة الأسرة النووية الصغيرة، لا أكثر ولا أقل، هي المرجع والمعتبر في القرارات والمواقف، التي يصدر عنها هذا الحاكم أو ذاك.   4-    في المقابل فإن شعوبنا وقواها الحية لمستعدة لو صدقت الحكومات إلى مواثيق تضمن التطور التدريجي للحياة السياسية، بما يقود إلى انتخابات حرة ونزيهة، وإلى حياة ديمقراطية حقيقية، المرجع والقول الفصل فيها للدستور والقانون، ولكن الحكومات هي أول من يحول دون ذلك، ويعمل على منعه، لأن رؤيتها للحكم باعتباره غنيمة رؤية ثابتة لم تتغير بعد، وهي للأسف ترى في الدستور والقانون كوابح تحول دون التمتع بشهوة الحكم، أو باحتكار ثماره دون الآخرين.   الحالة التونسية .. مبايعة وغنيمة وتطور للوراء   تعتبر الحالة في تونس خير تجسيد لما سبق من ملاحظات. فالانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية المقامة في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر 2009 لا تخرج عن سياق استمرار احتكار السلطة ومغانمها. فهذه هي الانتخابات الخامسة في عهد الرئيس ابن علي منذ وصوله إلى السلطة في العام 1987. وهي الانتخابات التي تتزامن وبلوغ ثروة الرئيس الشخصية 5 مليارات دولار هذا العام. وقد صممت هذه الانتخابات على مقاس الرئيس الحالي، ومعروف لمن له قدر يسير من الإلمام بالمشهد السياسي التونسي أنها انتخابات لا يمكن أن يفوز فيها غير الرئيس ابن علي، ما يعني أنها مجرد مبايعة خامسة له في السلطة، لا تزيد عن ذلك ولا تنقص.   فمع إقصاء أحمد نجيب الشابي ومصطفى بن جعفر عن المشاركة في العملية الانتخابية جملة، والتضييق الشديد على مرشح حركة التجديد و »المبادرة الوطنية » أحمد إبراهيم للانتخابات الرئاسية، لدرجة حرمانه من توزيع بيانه الانتخابي ومنعه من المشاركة في الدعاية التلفزيونية، يضاف ذلك حالة الانغلاق السياسي التي تعرفها البلاد، بما يحرم المجتمع من إنجاب قوى وأحزاب سياسية واسعة الحضور وممثلة للجمهور، ويمنع ظهور شخصيات سياسية كاريزمية قادرة على لف قطاعات واسعة من المجتمع خلفها، فنتائج الانتخابات الرئاسية معروفة سلفا قبل إجرائها. فهي انتخابات لا تنافس حقيقيا فيها، ولا تتوفر فيها أدنى شروط التشويق الانتخابي، وهي من شروط المشاركة الواسعة في أي انتخابات حقيقية. أما الانتخابات الصورية فلا فرق فيها بين مشاركة واسعة أو مشاركة محدودة، طالما أنه معروف سلفا من هو الفائز بها.   حتى الانتخابات التشريعية معروف من الفائز فيها حتى قبل إجرائها. فالتجمع الدستوري الديمقراطي ينافس نفسه على 75 في المائة من مقاعد البرلمان. أما الـ25 في المائة الباقية من المقاعد فتجري فيها منافسة بين أحزاب المعارضة. ومع مقاطعة الحزب الديمقراطي التقدمي بعد غسقاط معظم قوائمه الانتخابية، وكذلك إسقاط أكثر قوائم حركة التجديد، فالمنافسة ضاقت حتى بين المعارضة نفسها، فأحزاب المعارضة القانونية التي تتمتع بقدر من الاستقلالية والجدية في معارضة السلطة أقصيت من المنافسة، ما يعني أن السباق يجري بين « المعارضين » المرضي عنهم والمنتقين بعناية فائقة. ما يجعل نتائج الانتخابات البرلمانية معروفة هي الأخرى قبل إجرائها: فوز كاسح للحزب الحاكم، وشيء من فتات المقاعد موزع على القوى الدائرة في فلكه، ما يجعلنا أمام برلمان يمثل الحكم لدى الشعب، أكثر مما يمثل الشعب لدى مؤسسة الحكم.   الحالة التونسية نموذجية إذن في إثبات بطلان فكرة التطور التدريجي في الحياة السياسية العربية. إنه نموذج لا يسير إلا القهقرى، رغم مرور 53 عاما على استقلال البلاد، لم تعرف فيها تونس سوى حزب واحد حاكم ورئيسين، تم التداول بينهما بواسطة الانقلاب العسكري. إنه نموذج حكم القهر والغلبة الذي يستخدم القوة المفرطة أحيانا كثيرة للذب عن مغانم السلطة، مثلما يستخدم التزوير المتفنن فيه لتحقيق الهدف ذاته. فالانتخابات عملية شكلية أو مبايعة تأخذ شكل الانتخاب، لا لاختيار ممثلين للشعب في مؤسسات السلطة، بل لانتقاء ممثلي السلطة ثم فرضهم باعتبارهم ممثلين عن المجتمع. إنه النموذج الذي يبلغ فيه التزوير حده الأقصى، وتسير فيه الحياة السياسية من سيء إلى أسوأ.. وهذا هو التدرج الحقيقي والواقعي في الأوضاع العربية.   (المصدر: موقع أقلام اون لاين العدد الرابع والعشرون السنة السابعة/ أكتوبر – نوفمبر 2009)  

في انتظار المجهول  تونس 2009.. والأسئلة الحارقة

محمد فوراتي   لا يختلف اثنان على النتائج المتوقعة من الانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية التي سيعلن عنها يوم 26 أكتوبر الجاري. فالتجمع الدستوري الديمقراطي سوف يحصل على كل المقاعد المخصصة للبرلمان (161 مقعدا)، مع منح بعض أحزاب المعارضة الموصوفة (بالموالاة) مقاعد المحاصصة المنتظرة حسب القانون الاستثنائي (53 مقعدا)، والذي جعل المنافسة في التشريعية بين هذه الأحزاب الخمسة فيما بينها، وجعل كل من يترشح في قائمة التجمع يحتفل بدخوله البرلمان عند اعلان قائمته.   وفي الوقت الذي غادر فيه الديمقراطي التقدمي المنافسة محتجا وملتحقا بكل من النهضة والعمال الشيوعي والمؤتمر من أجل الجمهورية وحزب تونس الخضراء فإن كل البوادر تشير إلى التضييق على التجديد/ المبادرة والتكتل حتى يخرجا من السباق خاليي الوفاض.   سيكون المشهد في نهاية هذا الشهر كالآتي: سلطة تعلن عن فوزها الساحق في غياب منافسين أقوياء، وسعي لحسن إخراج المشهد، وخاصة على مستوى الرأي العام الدولي، وتجديد الدماء في شرايين الحزب الحاكم، حتى يواصل اضطلاعه بمهامه. ومعارضة مشتتة وحائرة وضعيفة ومتهمة، تبحث عن مخرج لأزمتها. وبين الطرفين طرف ثالث يحاول إقناع السلطة بضرورة الانفتاح والمبادرة بالقيام بالكثير من الاجراءات، سواء في المسار الديمقراطي أو حرية الإعلام والتعبير أو مكافحة الفساد وغيرها من الملفات.   وضمن هذا السياق المشابه لما عاشته البلاد في سنواتها الأخيرة، ستظل الكثير من الملفات صعبة الحلحلة حتى سنة 2014 في انتظار المجهول طبعا، ومنها ملف السجناء السياسيين وسجناء الرأي، وملف حقوق الإنسان، والتضييق على النشطاء والأحزاب والجمعيات المستقلة، وملف الفساد وتكدس الأموال والثروة في أيدي مجموعة صغيرة، وتفشي البطالة وخاصة في أوساط الشباب الجامعي، و ارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية، وبالإضافة إلى ذلك سيبقى الانغلاق سيد الموقف في المشهد الإعلامي، وخاصة بعد سيطرة الحكومة على النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. ولن ننسى طبعا ملفات التعليم والصحة والتفويت في المؤسسات العمومية، والواقع الاجتماعي الصعب للكثير من الفئات والجهات المتسم بتوسع رقعة الفقر والحرمان، وليست أحداث الحوض المنجمي ببعيدة عن الذاكرة.   مشهد مكرر   عدت إلى التغطيات الصحفية التي أعقبت الانتخابات السابقة وما حبرته بعض الأقلام عقب انتخابات 2004 فوجدت نفس المعطى، النتائج لم تكن مفاجأة، و ليس هناك أي تشويق والنتائج المعلنة كانت معروفة سلفا. إذا المشهد السياسي تقريبا هو نفسه، باسثناء بعض التغييرات الطفيفة، التي لا تعتبر إضافة للمشهد السياسي المعروف في تونس في العقدين الأخيرين. ومن هذه التغييرات الطفيفة مشاركة التكتل من أجل العمل والحريات لأول مرة في الانتخابات، ووجود قوائم مستقلة لطرفين (الأول الحزب الاشتراكي اليساري والثاني مجموعة الإسلاميين التقدميين بعد انسحاب المجموعة من الحزب الديمقراطي التقدمي)، بالإضافة إلى ارتفاع عدد المقاعد التي ستمنح للمعارضة إلى 53 مقعدا، والتي لا يعتبرها الكثير من الملاحظين انجازا، لأنها شكل من أشكال رشوة الأحزاب الصغيرة والفاقدة للمصداقية، حتى تساهم في الديكور الديمقراطي، مقابل إقصاء المكونات السياسية الحقيقية وتهميشها.   ومن جانب آخر يتواصل المشهد الإعلامي على نفس الوتيرة، بل إن الوضع الإعلامي هو الآن الأسوأ منذ وصول الرئيس ابن علي للسلطة، ويواصل الحزب الحاكم استغلال إمكانيات الإدارة وكل الفضاءات العمومية والخاصة لحشد الدعم، بشكل لم يسبق له مثيل، في حين تُحشر المعارضة في الزاوية، وتُتهم حينا بالتخوين، وأحيان أخرى بالاستقواء بالأجنبي، وفي حالات أخرى بالتهريج أو التطرف وغيرها من المصطلحات.   إن المشهد السياسي الذي لم يتغير طيلة أكثر من عشرين سنة، وإصرار الطرف الماسك بكل أدوات اللعبة على إقصاء كل نفس معارض، وأصحاب الرأي، ومن ثم الهيمنة على كل شيء: السياسة والإعلام والاقتصاد والثقافة وحتى الكرة…الخ، مقابل صناعة مشهد مقولب للتسويق الخارجي فقط، لهو مشهد مخيف وقاتل لكل مشروع للتنمية البشرية والاقتصادية، وهو سبب مزمن لبقاء أي دولة ضمن أسفل الترتيب على جميع المستويات، مقابل دول أخرى حققت الاستقرار الحقيقي، وخطت خطوات جادة في طريق الديمقراطية والتنمية.   كما إن خطاب المناكفة بين أطراف وطن واحد ولغة التخوين والتنديد والشجب، والتي تضع البلاد دائما على لائحة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان وحرية الصحافة والانترنت، وتعويد الكثير من الكفاءات التونسية على إعلان الولاء والتزلف مقابل الامتيازات، وذلك على حساب الكفاءة والشفافية والوطنية، يعتبر أكبر نزيف يمكن أن تعاني منه أي دولة، لأنه يقود إلى تخريب العقول والمؤسسات والاقتصاد، وهزّ الثقة بل انعدامها بين أبناء الوطن الواحد.   إن تغيير هذا المشهد السيء هو مسؤولية كل الأطراف وفي مقدمتها السلطة التي إن لم تعمل على تغيير الواقع الحالي ستجد نفسها في مواجة مشاكل، ومسؤولة مسؤولية مباشرة عن المستقبل الغامض للبلاد. كما إن المجتمع المدني والمعارضة، وهو طرف في الحقيقة يعتبر ضمانة المستقبل في أي دولة ديمقراطية، مطلوب منه تغيير أسلوبه واستراتيجيته في المرحلة المقبلة، والظهور بمظهر موحد، ومتناسق الخطاب أمام الحكومة والرأي العام.    مستقبل غامض   أكد تقرير صادر عن جامعة الدول العربية إن تونس إلى جانب الجزائر والمغرب أكثر الدول العربية التي « هجرتها الكفاءات ». واعتبر التقرير ويحمل عنوان « هجرة الكفاءات.. نزيف أم فرص » أن عدد الكفاءات المهاجرة من هذه البلدان بلغ حوالي نصف الكفاءات المولودة بالبلدان الأصلية، والمقيمة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتصل نسبتهم إلى 74 في المائة، إذا أضيف إليهم اللبنانيون والمصريون. وفي تقارير أخرى تحتل تونس المراتب الأولى في انتهاك حقوق الإنسان والتضييق على الإعلام والأنترنت، كما تظهر التقارير الإعلامية منذ سنوات تفاقم ظاهرة قوارب الموت والهجرة السرية لشبان من مختلف الفئات، بحثا عن فرص للشغل والعيش الكريم. ويمكن إضافة الكثير من التقارير الإعلامية والحقوقية التي تتحدث عن تفاقم الجريمة وظواهر الطلاق والعنوسة وتفشي التدخين والمخدرات والرشوة وغيرها من المظاهر المقلقة.   من نافلة القول إن أي دولة لا يمكنها أن تحقق تنمية وتطور اقتصادي سليم في ظل عدم استقرار سياسي واجتماعي، وليس هناك مستثمر أو صاحب مال سواء كان من داخل البلد أو من خارجه يمكن أن يجازف بأمواله في بلد سمعته سيئة في المجال السياسي أو الاجتماعي، ناهيك عن تواتر الأخبار عن الإثراء الفاحش لفئة محددة على حساب بقية أفراد الشعب. كما إن الاستقرار وتحقيق المجتمع الديمقراطي المتوازن يجعل الكفاءات الوطنية تستقر بالبلد، وتبذل كل ما في وسعها لخدمته، كما يمكن للبلد حينها استثمار كل طاقاته البشرية والإبداعية في كنف الطمأنينة والثقة المتبادلة.   ومن هذا المنطلق يظهر التلازم الضروري بين الإصلاح السياسي ودمقرطة المجتمع مع تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما تحتاج إليه تونس في هذه المرحلة.   في أفق 2014   لم يعد السؤال المقلق اليوم من سيفوز، ومن سيحصل على مقاعد في البرلمان، فهذا أصبح من المعلوم لدى الجميع في الداخل والخارج. ولكن السؤال الذي يجب على الجميع التفكير فيه: متى تتجاوز تونس هذه المرحلة؟ وما هي الضريبة التي ستدفعها تونس دولة وشعبا للوصول إلى مرحلة أفضل؟ ثم كيف يمكن الخروج من هذا الواقع إلى واقع أحسن؟   من المؤكد أن تحقيق الديمقراطية في مجتمع ما لا يمكن أن يتم بدون معارضة قوية ومسؤولة، وسلطة قوية ومسؤولة. وللأسف في تونس اليوم ليس لدينا معارضة قوية ولا سلطة قوية، كما إن العلاقة بينهما هي علاقة عدم ثقة، والخطاب المتداول في الساحة هو خطاب تخوين وإقصاء وترغيب وترهيب. وهذا مناخ سيء يمكن أن يُنتج أي مفاجآت غير سارة وغير متوقعة. فعندما يفقد الشعب ثقته في الحكومة والمعارضة في نفس الوقت، وتصبح العلاقة فقط هي البحث عن المصالح الذاتية، والخلاص الفردي، فتلك كارثة من الصعب معالجتها، وبيئة موبوءة يمكن أن تثمر الكثير من الأمراض.   لقد جربت المعارضة التونسية الكثير من السبل والمبادرات الفاشلة، ولكنها لم تجرب طريقا واحدا، وهو الجبهة السياسية الموحدة التي تلتقي حول مطالب موحدة وواضحة، تجمع حولها الجماهير وتعبئها لإحداث التوازن المطلوب، وبه يقع إعادة الثقة للشارع التونسي الملتف حول قيادات وطنية لا ولاء لها إلا للوطن، وتترفع عن الأبعاد الذاتية والحزبية الضيقة. وهذا الأسلوب هو الأسلم والأصوب، خاصة وأنه كان طريق النجاة للكثير من المجتمعات التي عاشت ظروفا مشابهة. وعلى جميع الشخصيات الوطنية الموجودة على الساحة التحلي بالمسؤولية والعمل بصدق لهذه القضية دون تجريح شخصي أو تهويل أو بحث عن تنمية الرصيد الشخصي أو الاستعانة بقوى خارجية لها نوايا خفية.   كما جربت السلطة التونسية كل الطرق الأمنية والمخابراتية، والسيطرة على قطاعات الصحافة والإعلام والاقتصاد والثقافة، وتفننت في إحداث الفرقة والانشقاقات، وصناعة الأحزاب المزيفة، والبحث عن الولاءات بأي ثمن، وإقناع القوى الدولية بصواب الخيار بمقابل غالي طبعا… ولكنها لم تجرب مسلكا واحدا وهو الأسلم والأصوب والأقل كلفة، وهو إعلان إصلاحات حقيقية، وإعادة الثقة للشعب، عبر منحه حرية التعبير والمبادرة، والالتقاء مع كل القوى الوطنية حول ميثاق وطني، وحول قانون يكون مرجعية للجميع، ومبادئ وطنية عليا يعمل من أجلها الجميع. وفي هذه الحالة سوف تغلق تلقائيا الكثير من الأبواب، ويتفرغ الجميع لتنمية وتطوير تونس بإخلاص، وتتحاور مختلف القوى ووجهات النظر على المنابر الإعلامية بدون خوف ولا احتقار ولا كراهية، ويتعلم الجميع احترام الرأي المخالف، كما تتنافس كل المشاريع من أجل مصلحة الوطن والمواطن تحت مظلة واحدة.   إن المرحلة القادمة من تاريخ تونس في غاية الأهمية والخطورة والدقة. وعلى جميع الوطنيين، مهما تعددت مرجعياتهم، العمل من أجل رفعتها، وتحصين شعبنا من مخاطر أو انزلاقات محتملة. فهذا الشعب بلغ فعلا درجة من النضج تؤهله لأن يعيش حياة عصرية وراقية ومستقرة وكريمة، كما جرب الكثير من الوصفات المغشوشة التي أفقدته الثقة بالقيادات والخطاب السائد، ودفعت قطاعات واسعة منه إلى العزوف عن العمل السياسي وعن الاشتغال بالشأن العام.   (المصدر: موقع أقلام اون لاين العدد الرابع والعشرون السنة السابعة/ أكتوبر – نوفمبر 2009)


في التخلّف السياسي في تونس

بقلم : جلول عزّونة نسمع طوال الوقت عن نجاحات تونس في ميادين كثيرة وتتوّلى الأجهزة الرسميّة من إذاعات وتلفزات وصحف ولافتات تملأ كلّ شوارع البلاد، خارج الحملات الانتخابية وقبلها وبعدها – الدعاية لذلك مع ما يلزم من تضخيم وتهويل وتفنّن في صيغ المبالغة والإطراء وتطويع للأرقام والإحصائيات والتي تعلن صباح مساء عن التفوّق والامتياز ويصاحب كلّ ذلك شهادات كلّ من هبّ ودبّ من مؤسسات أجنبيّة ونوادي وصحف لعلّها مأجورة، ومدفوعة الثمن مسبقا! ؟ ولم نسمع – أو نكاد – بأيّ بعد نقدي لمسارات بلادنا، وكأنّ ما يأتيه ساستنا والحزب الحاكم في تونس كلام منزّل معصوم من الخطأ لا يطاله الخطأ لا من أمام ولا من خلف – وهذا مطلق التخلّف السياسي ولا شكّ !! 2- ولعلّ أجلى مظاهر التخلّف الخلط المتواصل بين أجهزة الحزب والدولة – وإن كان ذلك مفهوما نوعا ما زمن بورقيبة والحزب الحاكم  » ونظريّة  »  » الوحدة القوميّة  » و  » الديمقراطية والحزب الواحد  » وضرورة تحلّق كلّ المنظمات الوطنية – في جوقة واحدة وحيدة حول الحزب الأوحد – فإنّ هذا المنطق المعوّج كان يجب أن يزول تماما منذ صيف 1981 حين أعلن عن إعادة التواجد القانوني للحزب الشيوعي التونسي ودخول مرحلة التعدديّة السياسيّة الحزبيّة ثمّ وبعد التأشيرة القانونيّة لحزبي الوحدة الشعبيّة والديمقراطيين الاشتراكيين سنة 1983،فمنطق التعدديّة الحزبيّة يفرض – وكما ينصّ على ذلك قانون الأحزاب وقانون المنظمات والجمعيات – تفرّغ كلّ نوع إلى ما يحدّده القانون . فأمر السياسة من شأن الأحزاب وأمر المنظمات إلى ما بعثت من أجله أي الدفاع عن مصالح المشتركين فيها مهنيّا واجتماعيا، فلا معنى إذن إلى الجوقة النشاز التي لا نزال نسمعها من مساندة تلك المنطقة لهذه الجهة السياسيّة أو تلك وخصوصا للحزب الحاكم. 3- فانحياز الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الحزب الحاكم – بتلك المسرحيّة الفاشلة الإخراج – نشاز خارج الزمن وخارج منظومة التقدّم التي تنشدها بلادنا منذ حقب متتالية، فموقف اتحاد الشغل ساهم – منذ مؤتمر قفصة 1981 وانضمامه للجبهة الانتخابية وإلى يوم الناس هذا – في تداخل الأوراق السياسيّة وبالخصوص في تأبيد التخلّف السياسي المطلق وجعل تونس منذ 28 سنة تراوح مكانها ولا تتقدّم ولو شبرا واحدا نحو التعدديّة السياسيّة الحقيقيّة. وإذا ما ذكرنا مثال اتحاد الشغل فذلك لمكانته وتمثيله لأغلب شرائح المجتمع التونسي، ولكن هذا المثال ينطبق كذلك على اتحاد الفلاحين واتحاد الصناعة والتجارة والاتحاد النسائي وغيرها من المنظمات المختصة كاتحاد الكتّاب ونقابة الصحفيين وجمعيّة القضاة …الخ. 4- كلّ هذه المواقف تجعل بلادنا تونس وكأنّها تخاف التغيير الحقيقي والعميق وذلك لوجود عناصر عدّة في كلّ المنظمات وخصوصا أصحاب المناصب والأموال النافذين والمنتفعين من هذا الخلط المفتعل في الأدوار الاجتماعية من لاهثين وراء المصالح الذاتية سواء كانت فعليّة أو متوّهمة. وقوى الشدّ إلى الوراء هذه تعمل على تكريس هذا التخلّف بكلّ قواها مسخرّة أجهزة الدولة من أمن وقضاء للبقاء في  » مناصبها  » رغم انتهاء المدّة القانونيّة لذلك … 5- ومن مظاهر تخلّفنا المفرط في السياسة ضيق صدر السلطة وحزبها الحاكم المتمكن من كلّ الأجهزة ودواليب الإدارة والاقتصاد والثقافة من الأصوات الحرّة والمعارضة، وتقنين القوانين لإبعادها من المعارك الانتخابية كما تمّ مع أحمد نجيب الشابي رغم انتخابه المرات تلو المرات من طرف هياكل حزبه المعترف به لرئاسته وكما تمّ مع مصطفى بن جعفر في قراءة منحازة وغير موضوعيّة لنصّ القانون وحرفه وكما تمّ لإسقاط القائمات الانتخابيّة العديدة أخيرا بدعاوي واهيّة كعدم التنصيص على القائمة الانتخابية للمرسم فيها في حين لا تحمل بطاقة الناخب إلا اسم مكتب الاقتراع وعدد تسجيل الناخب فيه أو عدم ذكر عنوان النائب ثامر إدريس كاملا الموجود في أروقة مجلس النواب منذ 10 سنوات كاملة… أصرامة في تطبيق القانون في اتجاه واحد!! 6- أما آن لتونسنا العزيزة القطع مع مظاهر التخلّف السياسي هذه؟ أيطول المخاض؟ أليس الصبح بقريب؟  
(المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد121    بتاريخ 14 أكتوبر 2009 )  


زفة مصرية لانتخابات تونس


فهمي هويدي  حين يأخذ المثقفون التونسيون راحتهم في الحديث عن أحوال بلدهم، فإنهم يتندرون قائلين: إن المواد الإعلامية الوحيدة التي تبث دون أن تخضع للرقابة والتدقيق المسبق هي البرامج الموسيقية. وأن التقدم الأكيد الذي حققه الرئيس بن على يتمثل في أنه تقدم في العمر حتى بلغ 73 سنة. أما الجائزة الكبرى التي بات ينتظرها الشعب منه بعد أن أمضى فى السلطة 22 عاما، فهي أن يرحل! استعدت هذا الشريط حين قرأت أن مؤسسة الأهرام استضافت قبل يومين (في 10/20) مؤتمرا حول «النموذج» الذي قدمته التجربة التونسية في مجالي الإصلاح السياسي والتنمية. وهو ما استغربت له، لأن سمعة البلد في هذين المجالين لا تشرف كثيرا. يشهد بذلك ما يحدث الآن في تونس من تضييق وقمع بمناسبة الانتخابات البرلمانية التي تعقد في 25 من الشهر الحالي، والرئاسية التي تتم في الشهر القادم. ويعلم الجميع مسبقا أن نتائجها ستؤكد فوز حزب التجمع الدستوري الذي يحتكر السلطة منذ الاستقلال (عام 1956). وهو ما دعا الحزب الديموقراطي التقدمي، أبرز أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات بشقيها، بعدما اعتبرت لجنته المركزية أن المشاركة في ظل تحكم السلطة في مسارها ونتائجها من قبيل «شهادة الزور»، التي تساعد على التستر على عمليات التلاعب والتزوير. فوزارة الداخلية هي التي تجيز المرشحين للانتخابات البرلمانية. كما أنه يتم التلاعب بمواد الدستور لاستبعاد أي مرشح للرئاسة يكون منافسا حقيقيا للرئيس الحالي. علما بأن الجنرال بن علي بعدما تولى السلطة فى عام 1987، أجرى تعديلا على الدستور ألغى بمقتضاه نص الرئاسة المؤبدة، وقرر أن ينتخب الرئيس مرتين فقط. لكنها حين راقت له، فإنه ألغى النص مرة ثانية واستبدل به نصا أعاد به الرئاسة المؤبدة إلى الدستور. بالمثل تم التلاعب في شروط الذين ينافسونه على منصب الرئاسة، لاستبعاد المنافسين الأقوياء بحيل شتى. وهو ما أدى هذه المرة إلى إغلاق الباب في وجه السيد نجيب الشابي الأمين العام السابق للحزب التقدمي، والدكتور بن جعفر رئيس التكتل من أجل العمل والحريات. وتم استبقاء ثلاثة من رؤساء الأحزاب الصغيرة، بما يضمن للرئيس الحالى فوزا كاسحا، كما حدث في انتخابات عام 2004، التي أعلن أن الرئيس حصد فيها 94 ٪ من الأصوات. اللافت للنظر أن حركات الاحتجاج على القمع ومصادرة الحريات العامة في تونس شهيرة بنظائرها في مصر. فحين ظهرت حركة «كفاية» عندنا عرفت تونس تجمعا باسم «يزِّي» وهى كلمة عامية تعنى «يكفي»، ومثلما تشكلت في مصر تجمعات باسم 9 مارس و6 أبريل، ظهرت في تونس حركة 18 أكتوبر. كما أن معاناة منظمات حقوق الإنسان عندنا، تكاد تكون صورة طبق الأصل لمعاناة المنظمات المماثلة في تونس. نموذج التنمية في تونس ليس أفضل كثيرا من نموذج «الإصلاح». حيث لا ينكر أحد أن ثمة مؤشرات على نهضة صناعية وسياحية، لكن الذين احتكروا السلطة تمددوا بمضى الوقت حتى احتكروا الثروة أيضا، بحيث لم يبق للناس سوى الفتات، وكانت النتيجة أن كثرت قوارب الموت التي ازدحمت بأجيال الشباب المهاجرين إلى أوروبا، وأن قبائل بأكملها نزحت من جنوب البلاد إلى الجزائر بحثا عن الرزق، كما أن منطقة «قفصة» الغنية بالفوسفات تمردت على الفقر، وأعلنت إضرابا احتجاجيا استمر ستة أشهر، فضته الشرطة بالقوة. وتضاعفت أعداد العاطلين، حتى أن الحكومة حين أعلنت عن حاجتها إلى ثلاثة آلاف مدرس، تقدم لها 80 ألفا. إن محاولة تجميل الوضع في تونس وتسويقه بمناسبة الانتخابات. من خلال عقد ندوة مدفوعة الأجر في القاهرة تشيد بنموذجها في الإصلاح والتنمية، تذكرنا بما كانت تفعله في السبعينيات حكومة الرئيس الكوري الراحل كيم إيل سونج. إذ كانت تنشر في الصحف المصرية صفحات إعلانية مدفوعة الأجر تستعرض إنجازات الرئيس المحبوب متعدد الألقاب والأوصاف. ثم تعود وتنشرها في الصحف الكورية باعتبارها شهادات مصرية أشادت بإنجازات الرئيس المحبوب، ولا أستبعد أن يتكرر ذلك مع الندوة التي رتبتها وكالة الإعلام الخارجي التونسية، واستأجرت لأجل انعقادها قاعة بخمسة آلاف جنيه في اليوم من مؤسسة الأهرام، لكي يقال فيها كلام ينقل في تونس باعتباره إشادة مصرية بإنجازات رئيسها المحبوب وتصويتا لمصلحته في الانتخابات! (المصدر:صحيفة الرؤية الكويتية-الخميس, 22 أكتوبر 2009 )  


الدكتور فتحي التوزري في حديث خاص بـ »مواطنون »: هذه رؤى وأهداف قوائم « الإصلاح والتنمية »

 


حاوره عادل الثابتي خلال الانتخابات المزمع تنظيمها يوم 25 أكتوبر الحالي تقدمت مجموعة من التونسيين بقوائم تحت مسمى « الإصلاح والتنمية  » تشكلت أساسا من مجموعة من المناضلين  كانت لها تجارب ثقافية وجمعوية وسياسية مختلفة. وستخوض هذه المجموعة الانتخابات في دائرة تونس 1 ودائرة زغوان بعد أن سقطت القائمة  التي تقدمت بها في دائرة توزر . ولمعرفة رؤى وأفكار هؤلاء المناضلين وماذا يعتزمون تقديمه من بدائل للناخبين اتصلت « مواطنو ن بالدكتور فتحي التوزري رئيس قائمة تونس 1 وكان لنا الحوار التالي معه : · »الإصلاح والتنمية « ،من هم أصحاب هذه القوائم وما هي خلفياتهم الفكرية ؟ – هذه القائم المستقلة متشكلة من مجموعة من نشطاء المجتمع المدني حاضرين في الساحة الوطنية تحملوا مسؤوليات في عديد الهياكل والجمعيات والنقابات والأحزاب ،أغلبهم تعرّف على بعضه البعض من خلال هذه الأنشطة وباعتبارنا خارج إطار الأحزاب رأينا أنه من الأفضل المشاركة في قوائم مستقلة، خاصة و أننا ساهمنا في السابق في طرح أفكار لتطوير الحياة السياسية وقدمنا مقاربة في ذلك . الانتخابات تمثل مناسبة لطرح الأفكار وتناول القضايا الكبرى بالبلاد ونحن رأينا أن الانتخابات فرصة لتعميق مقاربتنا للتنمية السياسية و فرصة لتكريس مبدأ المشاركة السياسية الذي نعتبره أساسيا في تطوير  المنظومة السياسية، وفرصة للدعوة إلى الحوار الوطني المتأكد. أما عن خلفياتنا الفكرية فنحن نعتبر أن الدين الإسلامي والهوية العربية الإسلامية ثوابت مشتركة بين كل التونسيين ونرى ضرورة إخراجها من دائرة الصراع السياسي. ·أين يموقع « الإصلاحيون التنمويون » – إذا جاز القول- أنفسهم من تجربة ما عرف في الثمانينات بتيار الإسلاميين التقدميين ،خاصة أن وجوها بارزة من هذا التيار توجد ضمن مرشحي قائمات الإصلاح والتنمية  ؟ -المجموعة متكونة من نشطاء لهم تجارب عديدة، سياسية وفكرية ونقابية. وفعلا مجموعة منهم من التيار الذي تحدثت عنه. والذي جمع أعضاء قوائم « الإصلاح والتنمية » هو الشأن السياسي. والرؤية السياسية للمجموعة قائمة على مقاربة سياسية شاملة فيها الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والإصلاح الاجتماعي . -في الجانب الذي يعني سؤالك نحن نعتبر أنفسنا ننتمي إلى حضارة عربية إسلامية عميقة وننتمي إلى بلد له تجارب تاريخية عديدة في الإصلاح والتحديث. ونحن نتواصل مع الإرث التنويري والتحديثي ونستفيد من المخزون الحضاري التنويري .لكن إلى جانب هذا نحن نعتبر أن عملية التحديث المرتبطة بدولة الاستقلال مكسب للبلاد كالتركيز على المعرفة والمساواة بين المرأة والرجل والتنويري. ونتبنى القيم الكونية التي تحفظ للإنسان كرامته. ونرى أن تجربة التحديث في تونس لا بد أن تكتمل في جانبها السياسي كالحريات مثلا وهذا جزء من عملية الحداثة والتحديث . ·كيف ينظر الإصلاحيون الذين كانوا إلى وقت قريب ضمن كوادر ومناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي إلى المشهد التونسي الحالي ؟  -تقيمنا للمشهد السياسي في البلاد ينطلق من رؤيتنا المستقبلية للبلاد .نحن نرى أن الدولة التنموية التي قامت بعد الاستقلال هي التي أنجزت التنمية. ولكن البلاد والمجتمع في حاجة إلى تقويم منظومتها السياسية ومؤسساتها.  ونحن نرى أن المؤسسات الحالية ومنظومة المشاركة القائمة لا تستجيب، ولا تلبي احتياجات الوطن الحالية ،وخاصة لا تستجيب إلى تحديات المستقبل .ونرى أن التحولات التي شهدتها البلاد والمشاكل المطروحة اليوم تتطلب مجهودا إصلاحيا، مفتاح التقدم فيه تنمية الحياة السياسية وإصلاح منظومة المشاركة وتوسيع الحريات . ·هناك شبه اتفاق بين كافة أطياف المعارضة الجادة في تونس على انسداد الوضع السياسي والذي من سماته استمرار وجود مساجين سياسيين ومنع العمل القانوني عن أحزاب عبرت عن التزامها بالعمل السياسي المدني  والتدخل في شؤون الجمعيات المستقلة من قبل أجهزة الدولة .كيف يرى تيار الإصلاح والتنمية الوضع ؟ -نحن نعتبر أن الوضع السياسي اليوم يتسم بالجمود والبطء في الإصلاح، إذ هناك تضييق على التنظم وعلى حرية الإعلام وهناك هيمنة سياسية للحزب الحاكم. وهذا ما دفعنا إلى دعوة كل الأطراف سلطة ومعارضة إلى حوار وطني حول تطوير الحياة السياسية في البلاد دون إقصاء، بما يسمح بتطوير منظومة سياسية تتحرك في اتجاه الديمقراطية والحريات .رؤيتنا أن هذا ممكن إذا توفرت الإرادة لدى كل الأطراف بما فيها المعارضة وإذا ما وقع بناء الثقة بين كل الأطراف.  ورؤيتنا تؤكد أن هذه الإمكانية في صالح البلاد . وترى أن التحديات التي تواجه جيل الشباب لا يمكن رفعها إلا بانجاز هذه المهمة الوطنية . ·بعد أن كثر الهمس حول إمكانية التحاق المجموعة المستقيلة من الحزب الديمقراطي التقدمي – التي هي مجموعتكم – بهذه التجربة السياسية أو تلك، هل نفهم من خلال تقدّمكم إلى الانتخابات التشريعية في قوائم مستقلة أنكم عزمتم على خوض تجربتكم السياسية بأنفسكم  والبحث عن إطار مستقل يجمع بينكم تحت لافتة خاصة بكم ؟ وهل أن الوضع السياسي في البلاد سمح بذلك؟ -قررنا أن نشارك كمستقلين لتعميق مقاربتنا السياسية ونشرها والتواصل مع الناخبين فيها  وقررنا المشاركة في الانتخابات لنكون جزء من المشهد السياسي.  وسنتفاعل مع هذا المشهد بعد الانتخابات.  وكل الخيارات ممكنة بما فيها الالتحاق بتجارب أخرى  وهذا سنقدره في الإبّان. ·بالنظر إلى عنوان قائماتكم نرى أن هناك تركيز على معنيي الإصلاح والتنمية ، إصلاح ماذا وأي تنمية ، خاصة وأن الدولة تقول إن تجربتها التنموية رائدة .فهل أنتم مساندون لبرنامج الدولة التنموي أم  لكم طرح جديد ؟ – رؤيتنا السياسية نعبر عنها ضمن ثلاث  خصائص: 1–خصائص في الخطاب 2خصائص في التمشي 3خصائص في الأسلوب وخطابنا يستبعد التنافي والإقصاء والإكراه ويدعو إلى التنافس السياسي النزيه  ونرى أنه لا بد من إبراز المشترك بين الفرقاء  والبناء عليه دون طمس الاختلافات.كما نرى لا بد من   دعم المكتسبات  والعمل على تطويرها. ونحن ننقد الأوضاع دون السقوط في السوداوية  ونقترح أجندة وطنية للإصلاح كخيار ونتوخى التدرج والواقعية  ونعمل بالأساس على تجسير العلاقة بين الدولة والمجتمع وبين السلطة والمعارضة حتى لا تكون هناك قطيعة  معيقة للتحوّل الديمقراطي .  أما ما نقصده بالإصلاح والتنمية، فهو أننا نعتبر أن هناك عنوان كبير للإصلاح هو الإصلاح السياسي، الذي يفضي إلى تطوير  المنظومة السياسية، وينهي الهيمنة السياسية للحزب الحاكم، ويوسّع المشاركة.  وهذا يتطلب إلى جانب الإرادة السياسية  تطوير القوانين المنظمة للحياة العامة. ويتطلب تنقيح الدستور   وتجديد مؤسسات الدولة . أما على المستوى الاقتصادي فإننا نعني بالإصلاح، إصلاح مناخ الأعمال بما يضفي الشفافية،  ويكرس دولة القانون،  ويشرِّك كل الأطراف في ضبط السياسات الاقتصادية والتأثير فيها. والتنمية التي نهدف إليها هي التنمية القائمة على الحقوق  وليست التنمية القائمة على الزبونية . وهي التنمية التي تعمل بالحرية وليس بالإكراه والإسقاط.  ونعني أيضا بذلك التنمية غير المركزية التي تؤمن باستقلالية المجتمع المدني،  وتكرس اللامركزية الفعلية بين الجهات ،وهي في النهاية تنمية تضمن للأجيال القادمة بلدا متوازنا وغير مثقل بالديون،  وتضمن بيئة سليمة، كما تضمن تكريس المواطنة في المجتمع بما يعطي فرصا متكافئة للجهات ، وتمكن الأفراد من المطالبة بحقوقهم وتحمّل مسؤولياتهم . ·بصراحة هل تعتبرون أن النهج التشاركي المساهم سالك اليوم لدى أصحاب القرار ؟ وإلى أي درجة تصل آمالكم ؟ -نحن آمالنا هي العمل  على تطوير الحياة السياسية وإنجاز الإصلاح  وتحقيق التنمية القائمة على الحرية.  وسنعمل على جعل الإصلاح مهمة سياسية وأولوية وطنية.  وسنتعامل مع كل الأطراف لتسهيل هذه الإصلاحات، بما يدفع مسار التقدم نحو الديمقراطية بأكثر واقعية وبأكثر جاذبية . ·إذا ما تجاوزنا مقولة انهيار الإيديولوجيات التي هي بدورها إيديولوجيا، واعتبرنا التقاء هذه المجموعة حول هذا المشروع (الإصلاح والتنمية ) دون عقائدية إيديولوجية، فهل لنا أن نتساءل حول مدى تأثركم بتجربة العدالة والتنمية في تركيا والمغرب  وما عرف عن هذه الأحزاب من خروج عن عباءة الإسلام السياسي التقليدي  إلى تيار يؤمن بالتشاركية عوض المواجهة ؟ -نحن أبناء هذا البلد وحريصون عليه. وأهدافنا وغاياتنا تتمثل في تطوير هذا البلد. ولكن في نفس الوقت منفتحين على العالم بما في ذلك الانفتاح الاقتصادي.  ونحن ندعم الخيارات الوطنية في بناء شراكة وتعاون وتضامن دولي .ولكن هذا يحد من انتباهنا إلى أن لكل بلد همومه التنموية  ولكل بلد واقعه السياسي . ونحن تسعى إلى تطوير ديمقراطية تونسية المنشأ، بمعنى أنه باعتبار انفتاح بلادنا وانخراطها في المنظومة الدولية اقتصاديا وسياسيا وباعتبار التحديات التي تفرضها العولمة على بلادنا نرى أنه لا يمكن الخروج إلى العالم دون التجذر في حضاراتنا  وهويتنا العربية والإسلامية مع انفتاحتنا على القيم الكونيّة. وانغراسنا في هويتنا وحضارتنا هو مسهل لحسن انفتاحنا على العالم ومكمل له . ·والتجربة التركية والمغربيّة ؟ -لكل بلد تجربته ونحن منفتحون ونطّلع بكل انفتاح على هذه التجارب ويبقى همنا الأساسي بلادنا ولا نستورد ديمقراطية ولا نستورد منظومة مشاركة. نطوّر حياتنا السياسية في بيئتنا وفي بلدنا كأبناء لهذا البلد. ·لنعد إلى الحراك الانتخابي ،كيف ترون هذه العملية إلى حد اليوم؟ -ما نلاحظه اليوم هو عدم تحرك  الشارع على وقع الانتخابات وهذا نأسف له .نحن كتبنا في وقت سابق أنه لا بد من العمل على جعل التونسي يهتم بالانتخابات . وفي تقديرنا لم يبذل جهدا في هذا الاتجاه إذ مازلنا نلاحظ العزوف  واللامبالاة  وغياب الشأن العام والشأن السياسي في الإعلام وفي الشارع  وهذا لا يسهل على التونسيين فهم القضايا والتحديات التي تهم بلادهم .ولا يعطي صورة للحيوية السياسية التي من المفروض أن تتوفر في هذه الاستحقاقات . – ولكن ماهي الأسباب دكتور فتحي ؟ -هذا الوضع هو نتيجة إحباطات الانتخابات السابقة ونتيجة عدم تطور منظوم المشاركة بما في ذلك المجلة الانتخابية والحملة  الانتخابية والإعلام السياسي والتنظم . والعديد مازال يعتقد، وخاصة الشباب أن هذه الانتخابات لن تغير من واقعه في شيء. ·أنتم تتقدمون في تونس العاصمة وزغوان ،ماذا أعددتم من برامج لناخبي العاصمة وكيف ترون الوضع في جهة زغوان ،وخاصة تأثر قطاع الصناعة الناشئ بالأزمة المالية العالمية ؟ -نحن تقدمنا للانتخابات في ثلاث دوائر كمشاركة رمزية في الانتخابات العامة لإيماننا بالمشاركة رغم الظروف الصعبة التي تجري فيها هذه الانتخابات. وذلك تكريسا لحقنا في المواطنة وإعطاء فرصة لطرح أرائنا في الأوضاع . الانتخابات فرصة للمساءلة والتقييم .وهناك عديد القضايا التي تهم البلاد اليوم مثل قضايا البطالة وخاصة بطالة أصحاب الشهائد وتداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية وتدهور الخدمات العمومية مثل الصحة والخدمات الاجتماعية وضعف التوازنات الجهوية والسياسات الموجهة إلى الشباب .وهذه القضايا من المفروض أن تكون الانتخابات فرصة لطرحها والتداول فيها . الاستحقاقات تفرض الحديث فيها لمدة خمسة عشر يوما وهذا مؤسف لأنه يجب الخوض فيها على مدار السنة .ويبقى من المهم إعطاء رأينا فيها.في دائرة تونس1  توجد أهم الأحياء الشعبية التي تحيط بالمدينة ومتاخمة لها وهي الفضاءات التي توجد فيها عديد الإشكالات التي تطرح قضية إدماج هذه الفضاءات في النسيج الحضري وهي الأحياء التي تكثر فيها البطالة والفشل المدرسي  وتتميز بضعف البنية التحتية والخدمات . أما الجهات التي اخترناها خارج العاصمة فهي جهات رمزية من الشمال والجنوب وهذا الاختيار تمّ للإشارة إلى وضع الجهات التي تتميز بضعف النسيج الصناعي  و فرص تشغيل الشباب و الخريجين ضعيفة والاستثمار العمومي فيها محدود  وهذه كلها قضايا سوف تطرح في الانتخابات وسوف يقع التداول فيها  ولا بد من إبراز اتجاهات الإصلاح والتنمية فيها. ·وبالنسبة للاستحقاق الرئاسي كيف ترون المسألة ؟ – نحن تحدثنا عن ضرورة أن تكرس التعددية في الانتخابات الرئاسيّة وعلى ضرورة أن يقع التنافس في الاستحقاق الرئاسي  كما دافعنا عن حق المترشحين في التقدم للانتخابات الرئاسية ووقعت دعوتنا لحضور موكبي تقديم الترشحات بالنسبة للأستاذ أحمد إبراهيم والدكتور مصطفى بن جعفر  فحضرنا  ونحن نعتبر أن التعددية في الانتخابات الرئاسية شكلا ومضمونا جزء من عملية تكريس التعددية في الواقع ونحن الآن بصدد مشاورات لإيجاد صيغة لمساندة مرشح يحمل مطالب الإصلاح السياسي . ·دكتور فتحي هناك مشاكل تهم المجتمع المدني والمجتمع السياسي والمواطنين بصفة عامة ،أي الناخبين لو تعطينا رأيك فيها ومن أهمها : حرية الإعلام وحرية التنظم والنشاط السياسي وقضية الحوض المنجمي ومطلب العفو التشريعي العام وإشكالية توزيع الثروة الوطنية ؟ -نحن نرى أن عملية الإصلاح السياسي التي ندعو إليها لا بد أن تنطلق بمرحلة انفراجية تتضمن ضرورة إطلاق سراح سجناء الحوض المنجمي وإطلاق سراح المساجين السياسيين وعودة المغتربين وتنقية المناخ السياسي وإصدار عفو تشريعي عام يلي هذا حوار وطني بين كل الأطراف يحدّد المصلحة الوطنية ويحدد التهديدات والتحولات التي تواجهها البلاد ويؤسس لمرحلة جديدة. وهي مرحلة لا بد أن يقع فيها رفع التضييقات على التنظم  وعلى الإعلام. هذا التمشي مُسَهِلٌ لإدخال عناصر الحكم الرشيد في النظام السياسي الحالي وإدخال البلاد في مرحلة جديدة على طريق تكريس المواطنة  وعلى تكريس المواطنة وعلى طريق التنمية المستديمة . (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد121    بتاريخ 14 أكتوبر 2009 )

بسم الله الرحمان الرحيم من وحي  » الحملة الإنتخابية »  وقفة مع مسرحية الماريشال  


بقلم: رافع القارصي لم يستقر عمل مسرحي تونسي في الذاكرة الجماعية لشعبنا كما إستقرت مسرحية الماريشال عمار في أواسط سبعينات القرن الماضي يومها كنا مازلنا صغارا و مازالت فينا بقايا طفولة بريئة تأبى الرحيل فكنا نحفظ مقاطع بأكملها و نردد بحماس و براءة الطفل فينا  » واو ياي الهيهة  واو ياي الهيهة  فنضحك و يضحك الجميع من حولنا . و كبرنا و كبرت معنا الذكريات و الأحلام و الآمال و الآلام و لم يفقد عم حمدة بن التيجاني  » الماريشال  » قدرته على إضحاكنا و إسعادنا كلما شاهدنا هذا العمل حتى كدنا ننسى زمن الرداءة و الأحزان و التراجيديا  النوفمبرية التى نعيش . لقد نجح فقيد المسرح التونسي  المخرج علي بن عياد إلى جانب المبدع عم حمدة بن التيجاني الذى قام بدور الماريشال و بقية الممثلين في تونسة النص حتى يخال من يشاهد العمل بأنه نتاج لنص تونسي ولبيئة تونسية و الحال أن المسرحية مقتبسة من المسرح العالمي وهذا ربما  هو العامل الذى جعل الجمهور التونسي لا يجدغربة بينه وبين مفردات السيناريو. إشتغلت ذاكرتي هذه الأيام كأثر ما يكون  فتحركت و راجعت أرشيفها و مخزونها و هي تتابع وقائع ما يسمي بالحملة الإنتخابية التى تقوم  بها  دولة البوليس في تونس و خاصة ما تجود به علينا قناة سبعة من نشرات إخبارية و تغطية يومية لتحركات و إجتماعات أحد المترشحين الفائزين  ألاوهو الجنرال بن علي فلم تجد المسكينة » ذاكرتي  » إلا مسرحية الماريشال عمار » لتستعين بها في تحليل ما يجري من كوميديا سياسية على ركح مسرح مملكة  قرطاج  .   إنه و إن كانت إبداعات الممثل عم حمدة بن التيجاني عليه رحمة الله قد جلبت له محبة الجمهور و إحترام النقاد من مختلف المدارس المسرحية لحسن تقمصه لشخصية الماريشال من حيث الأداء الركحي و خاصة من حيث براعته في إتقان اللهجة الريفية  على الرغم من إنتمائه إلى الوسط  » البلدي  » فإن مسرحية الماريشال في نسختها النوفمبرية وإن حافظت على طابعها الكوميدي إلاأن بطلها اليوم الجنرال بن علي  قد أساء لشعبه و لبلده و لنفسه حيث أضحك عليه النقاد و المراقبين للشأن السياسي التونسي بفعل ما يأتيه من حركات و سلوكيات و خطابات   على ركح مسرح مملكة قرطاج و خارجه و لسان حاله يردد  مع الماريشال عمار » هكة إدنوا البلدية و رؤساء الدول و إلا  لا   » بما يوحي للمتابع للحملة الإنتخابية بأننا أمام صناعة سياسية بدائية  تقوم على  الكوميديا السوداء و على إنتاج خطاب الرداءة و رداءة الخطاب  ولا تستثني أى و سيلة في تأكيد و تثبيت الحظور في المشهد السمعي و البصري حتى وإن كان ذلك بإستعمال التهريج و الصخب ومختلف آلآت النفخ و هذا ما ظهر جليا في إجتماعات المجالس الجهوية الأخيرة التي أشرف عليها بنفسه داخل مسرح المملكة الذي إحتوى  بالمناسبة على كل عناصر العمل الفرجوي من إضاءة و ديكور و جمهور على قلته و خاصة على سيناريو مكتوب بعناية كبيرة  أصر فيه الماريشال الجديد على الإلتصاق بمفرداته حيث بشر فيه الناخبين بتعشيب الملاعب  في قرية جبل  » بولحناش  » و بعث أكاديميات لفنون الحلاقة و التجميل في سبالة أولاد عمار  قصد تشغيل حاملى الشهادات  الذين طالت بطالتهم إلى جانب بناء مسبح في قرية العطش على أمل إدخال الماء الصالح للشراب  لكل بيت  في القرية بمناسبة الإنتخابات القادمة  و بعث ملاعب للغولف داخل الأحياء الفقيرة  للترفيه عن الشباب و ثنيه عن الحرقان للطليان أو الإهتمام بالشأن العام  و إرتياد المساجد عندها وقف و تحرك الجمهور في حالة هيجان تذكرك بجمهور  ملعب المنزه أيام زمان مرددا بصوت خشبي واحد  » الله أحد الله أحد الماريشال ما كيفوا حد  » و لم يرفع رأسه عن الورقة إلا ليرد عليهم التحية قائلا بصوت عسكري غليظ  » أيا أقعدوا … أقعدوا …بارك الله فيكم  …هاه …   هاه  …. .  . هكذا إذا يعيد التاريخ نفسه و لكن في شكل مهزلة و مأساة تعكس ضحالة الثقافة السياسية لسكان مملكة قرطاج و تروي قصة  مترشح فائز بأربعة تسعات رغم أنف شعبه و نخبه ورغم أنف الحداثة وثقافة العصر. رحم الله زمانا كان فيه عم حمدة بن التيجاني الماريشال عمار  » يضحكنا على خشبة المسرح البلدي أما ماريشال العهد الجديد فإنه وإن كان ما زال  يضحكنا إلا أنه بالتزامن مع ذلك  مازال يضحك على ذكاء شعبنا و وهو ما لا نسمح به لأنه ضحك كالبكاء .


نقاش بين شبان تونسيين مؤيدين للتجمع وآخرين من حزبي معارضة على قناة فرانس 24

بُـث يوم 14 أكتوبر 2009 تونس: الشباب ورهان الإستحقاق؟  


ستكون تونس في الـ25 من تشرين الأول/أكتوبر المقبل على موعد مع الانتخابات الرئاسية والنيابية. فما رأي الشباب التونسي المغترب من هذا الاستحقاق؟ الجزء الأول من الحوار (فيديو) http://www.france24.com/ar/20091013-arabic-debate-elections-tunisia-presidential-ben-ali-part-one الجزء الثاني من الحوار (فيديو) http://www.france24.com/ar/20091013-arabic-debate-elections-tunisia-presidential-ben-ali
(المصدر: موقع زياد الهاني الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 22 أكتوبر  2009)

بورقيبة 86 بن علي 87 : الإخوة الاعداء حولوا الوطن إلى مساحيق

نصرالدين السويلمي أمر غريب ذلك الذي تشهده الآلة الإعلاميّة التابعة للسلطة التونسيّة والنشريّات والتقارير والدراسات الصادرة عن جهاتها الاقتصاديّة والفلاحيّة والثقافيّة والرياضيّة التي دأبت على ضخّ أرقام خيالية لإنجازاتها على مدار السنة ثم تتضاعف هذه الأرقام مرات عدّة مع اقتراب محطة إنتخابيّة أو ذكرى عزيزة على النظام أو مناسبات أخرى من هذا القبيل . ليس هذا مدار الإستغراب لأنّ الذي يحتكر المعلومة ويرفض تعدّد مصادرها ويوكّل بها أهل الولاء دون أهل الإختصاص سوف لن يتوانَ في كنزها وشحنها ثم طلائها ومن ثمّة تقديمها في أبهى زينتها هيكلا ومظهرا… إنّما الإشكال المحيّر والمستهجن أنّ هذه الأرقام والمؤشرات لم تساق لذاتها تباهيا وتفاخرا بإنجازات وإن كانت وهميّة بل ساقتها ماكينة العهد الجديد على جمجمة العهد القديم …إنّنا أمام عقليّة مسكونة بهاجس الهيمنة، موغلة في احتكار أوسمة النجاح والمجد والسؤدّد، متخفّفة بل متخلّصة تماما من الفشل أو حتى ملامحه.  منذ 1988 والأرقام تتوافد علينا تباعا تتراقص على شاشاتنا وعبر أمواج الأثير وفوق صفحات الجرائد ، أرقاما تحكي قفزات نوعيّة خارقة، وإن غضّضنا أبصارنا عنها واستسلمنا لها تعففا على مجادلة النشاز فإنّه يصعب علينا التعايش والسكوت على نواياها، إنّه يتملكك الوجوم وأنت حائر فاشل عاجز في فك شفرة « الأنا » المتورّم المسرطن !!! « أنا » لا يفوّت فرصة قريبة أو بعيدة، كبيرة أو صغيرة حتى يجعل من تاريخ 1986 والأشهر العشرة الأولى لـــ 1987 هدفا لمطارقه ومعاوله وراجماته ، لقد عمدت ماكينة العهد الجديد للمرحلة البورقيبية فاستنسختها ثم ارتشفتها ثم استخدمتها مكبّا لنفاياتها…  إنّك وأنت تستمع إلى تواريخ «  » من ـــــ إلى «  » ، ومقارنات «  » بين ـــــ وبين «  »، وإنجازات «  » قبل ـــــ وبعد «  ».. تتعدى وجومك لتدخل في حالة قهر متقدمة ميئوس منها، كيف لا وأنت تستمع وتشاهد وتقرأ لوسائل إعلام سلطة « تمثّل » بلدك وهي ماضية تعبث بهيبته ومكانته التاريخيّة والحضاريّة.. وطن مكشوف على المعمورة ترمقه أعين عربها وعجمها ، سلطته منهمكة تتحدث دون خجل ولا حياء عن معجزات وهميّة نقلت تونس من الظلمات إلى النور.. كيف لا تغتاظ وأنت تشاهد بأمّ عينك إحصائيات وأرقام متورّمة خاصة بالعهد الجديد لم تدخل في مشاحنة واحتكاك وتجاذب مع مرحلة المقيم العام الفرنسي لوسيان سان أو مارسال بيروتون أو موريس روفيي أو بينوا ميركل ، ولا مع مرحلة البايات ولا حتى مرحلة بوبالة وعبيد الله المهدي وكسيلة والكاهية ولا حنبعل وعلّيسة …إنّما هو الإبن يجلد أباه، التجمع يسفّه حزبه، والدستوري يئد اشتراكيته، والديمقراطي يسلخ دستوره.. هكذا يأتي الشيء على بعضه، والنسل على ناسله، هكذا الجنس ينفي جنسه… كيف يمكن لمن يتفحص هذه الأرقام أن يمسك نفسه عن الحسرات؟!  ها قلّب نظرك في هذه المعطيات واصبر نفسك مع الصابرين:  *وبفضل التعديلات التي أدخلت على المجلة الانتخابية أمكن للمعارضة، لأول مرة منذ سنة 1956، دخول البرلمان خلال انتخابات 1994. *وارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 7.160 مليون دينار سنة 1986 إلى 44.254 مليون دينار سنة 2007. *وارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي من 100 مليون دينار سنة 1986 إلى 2.132 مليون دينار سنة 2007. *وبالتوازي مع هذا المجهود وقع الحرص على الحفاظ على التوازنات العامة كما يبرز ذلك من خلال التحكم في عجز الميزانية وميزان المدفوعات والمديونية وتراجع خدمة الدين إلى 15,4 بالمائة سنة 2007 مقابل 26,3 بالمائة سنة 1986. *وارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 7.160 مليون دينار سنة 1986 إلى 44.254 مليون دينار سنة 2007. وحقق تفتح الاقتصاد التونسي نجاحا مهما كما يتجلى ذلك من خلال تطور نسبة الصادرات من الناتج المحلي الإجمالي من 34,7 بالمائة سنة 1987 إلى 50,7 بالمائة سنة 2007 وارتفاع حجم الاستثمار الأجنبي من 100 مليون دينار سنة 1986 إلى 2.132 مليون دينار سنة 2007 *وزيادة عن ذلك وسع بصورة ملموسة التغطية الاجتماعية التي تتجاوز نسبتها حاليا 90 بالمائة مقابل 54.6 بالمائة سنة 1987  *. وسجل حجم الاستثمار الخارجي تطورا كبيرا ليبلغ 1000 مليون دينار سنة 2005 مقابل 100م د سنة 1986. *تضاعف عدد الطلبة المسجلين ثلاث مرات خلال عشرية واحدة فبلغ 155 ألف طالب سنة 1998 مقابل 41 ألف طالب سنة 1986. *عدد أسرة الفنادق من : 4.000 سرير سنة 1962 إلى 226.000 سري سنة 2004 عدد الاسرة تضاعف أكثر من 56 مرّة. . *وللنجاحات الاقتصادية في تونس مكاسب اجتماعية ذات أهمية في مجتمع تمثل الطبقة الوسطى ثلثيه حيث تتمحور الإنجازات الأخرى التي تحققت في تونس خلال العقدين الماضيين في مضاعفة الدخل الفردي أكثر من أربع مرّات ليبلغ أكثر من 4 الاف دينار تونسي اكثر من 3 الاف دولار في حين أنه لم يتجاوز 900 دينار نحو 700 دولار سنة 1986 *لم يكن إجماع كل العائلات السياسية والفكرية والأطراف التي تعرضت للقمع والاضطهاد قبل الإنقاذ على مباركة العهد الجديد سوى استجابة طبيعية لرغبة صادقة أعلن عنها بيان السابع من نوفمبر في التغيير وإعادة الاعتبار للنظام الجمهوري الذي يفقد معناه في غياب الديمقراطية والتعددية والمشاركة. *إن من مظاهر الأزمة التي استفحلت قبل الإنقاذ غياب الرؤية الوفاقية نتيجة حالة الاحتقان التي غذتها الصراعات وعمقها غياب النفس التعددي في البلاد. *فليس غريبا أن تصبح محاكمات الرأي ومصادرة حرية الصحافة وتعطيل التجربة التعددية الوليدة بكل السبل واستهداف الرأي المخالف العملة المتداولة في مرحلة لم تخلف تداعياتها سوى التشجيع على العنف والفرقة، «لقد عانى المشهد السياسي في عقدي السبعينات والثمانينات من ضعف التحاور والانغلاق على معتقدات ومسلمات… *فالتجمع ـ الحزب الاشتراكي سابقا ـ .. انعكس عليه سلبا «ما اتسمت به الحياة السياسية قبل التحول من جمود وما اعترى الحياة الحزبية من تخلف وتردّ تجلت مظاهره كالآتي: تكريس التشخيص الذي أضعف مؤسسات الدولة وبنية الحزب في نفس الوقت، تشويه العمل السياسي بإضعاف الروح النضالية وتحويل التحزّب الى ذريعة للمنفعية والمصلحية الضيقة، الانفراد بالرأي (…) إقصاء الشباب والكفاءات (…) فقدان المصداقية والشعبية وتحنّط الخطاب *لن يُقدّر ما أنجز وينجز حاليا في البلاد حق قدره إلا من عاش نقيضه وواكب المعاكس له….. ولن يثمّن مكاسب تونس التحول إلا من خبر أحداث بعضها معلوم وبعضها مجهول كانت بحاجة إلى حركة شجاعة من رجل مقدام ليتغير الوضع من حال إلى حال وتعيش تونس بأمان.  يا معشر المعارضة إذا كان هذا حقد نظام على نظامه، شقيقان توأمان تفصل بينهما ليلة بلا يومها.. هذا ابن آخر السادس من نوفمبر، وذاك ابن أول السابع من نفس شهر أخيه ، فكيف يكون الحال معكم وأنتم في أجندته،، يمينكم إرهابيّ عدو الحداثة حليف الرجعية، ويساركم كافر في بلد الدين الحنيف ومناراته ، وحقوقيّيكم مرتهنون مرتزقة.. على المعارضة أن تكون جادة وواقعية ومسئولة وتكفّ عن المطالبة بالإنتخابات والإصلاحات وتلتفّ وتلتفت لإنقاذ ماء الوجه فقد سلختنا هذه الحملات الإنتخابية أمام العالم ، حيث أصبح منافس الرئيس المفترض مديرا لحملته الإنتخابية..ووغيره من منافسي الرئيس على الرئاسة أحدهما يشتغل مروّج لإنجازات الرئيس « خصمه المفترض »، وآخر يبشّر بمشاريعه المستقبلية ..والعالم ترك الكاميرا الخفيّة والمستر بين، وشارلي تشابلن وجاء يتفرج على فضيحتنا….. إنّنا نهيب بالمعارضة والجمعيات الحقوقيّة والهيئات الإصلاحيّة أن تراعي مصلحة البلاد العليا وسمعتها وتاريخها وأن لا تستفز السلطة حتى لا تردّ الفعل بعنف فتنظم لنا انتخابات « نِتبهذلوا فيها قُدّام الدُول ويضحك علينا القاصي والداني »  لم يعد لنا حاجة للحرّيّة ولا الشفافيّة ولاالرخاء ولا النزاهة.. المهمّ « أخطونا من الفضايح أمام الدول، والله يرحم والديكم من فوق »… في أحد المدن الألمانية جنى طالب تونسي على نفسه حين أتى بزملائه المغاربة والمشارقة إلى بيته ليشاهدوا معا مقابلة وديّة بين تونس والسعودية، وكانت الكارثة حيث لم تبث قناة 7 المقابلة إنّما بثت خطاب من مدينة عقبة والأغالبة لمترشح للرئاسة يسبّ فيه المعارضة ويحشد الدعم والتأييد للرئيس الذي هو أصلا مترشحا لمنافسته !!! وبينما الشاب ابتلعه المطبخ يفتعل الانشغال كان الطلبة يضحكون ويتندرون ببلده!!!  لم يعد أمامنا إلا أن نطلب من النظام أن يكفّ عن البث اليومي لأرقامه وانجازاته ودروعه وجوائزه وسبقه وريادته … مقابل أن نُفَعِّل نحن خيالنا ونسرد سلسلة من الإنجازات الخرافيّة الخارقة للسلطة تعتمدها كوثيقة رسمية على أن تُبث مرة واحدة كل سنة وعلى القناة الأرضيّة دون الفضائيّة ، وهذا النصّ المقترح للغرض : « هذه صحراء قاحلة جافة موحشة شاهد على قساوتها تاريخ 1986 تحوّلت بقدرة قادر لتصبح في أواخر سنة 1987 واحة دوحاء يشقّها نهر جار تتخللها عراجين « الدقلة » الحلوة الصافية الشفافة حتى أنّك تلمح نواتها وأنت على مسيرة يوم وليلة. في سنة 86 ماتت المواشي وغوّرت الآبار ويبست المراعي وانتحر الرعاة حتى أنّه وفي مطلع 87 كادت الثروة الحيوانيّة بمجملها أن تندثر وما إن هلّت أواخر هذه السنة حتى كست الأعشاب الأرض وغمرها الكلأ وأصبحت الخرفان تتمايل لا تقوى على المشي من شدّة السمنة، وأكلت الحيوانات إلى حدّ التخمة فأصبحت تتقيأ عمدا لتتخفف قبل النوم لكي لا يصيبها الأرق ، وحتى أن الرعاة أصبحوا يشتكون تفشي غلظ الدم والسكر في صفوف مواشيهم.  في سنة 86 كان 95% من الشعب يعيش على الخبز وزيت الحاكم « صانقو » وفي مناسبات قليلة يحلي بالسفنّارية « جزر »، أمّا في أواخر 87 ومطلع 88 ومع تضاعف القدرة الشرائيّة عشر مرات فقد أصبحت رائحة الشواء تزكم الأنوف في المدن والقرى والأرياف، بل في كل شبر من ربوع الخضراء.  مع بدايات 87 كانت قد فقدت أغلب مواد البناء من البلاد وتضاعفت أسعار الأخرى وتوقفت تماما اليد العاملة عن البناء والتشيّيد، وأصيبت البنية التحتية بركود حادّ حتى أنّك وإن جبت الجمهورية من أقصاها لأدناها لا يمكنك العثور على « بار » حديد « ستة أو سبعة أو ستاش »، وما إن هلّت سنة 1999 حتى كان العمران قد ازدهر ومدّت الجسور وأغرقت مواد البناء الأسواق من اسمنت مسلّح جودة عالية إلى الحديد « إنوكس » حتى أنّ أحد الثقات جدا المترشحين للإنتخابات البلدية لحساب الحزب الحاكم في احد الجهات أقسم أنّه رأى بأمّ عينه بنّائين يصبوا في لاَنْطَاوَاتْ بذهب ذوق 24 ويصُبُّوا في العْرُصْ بالفضة ويْبَلْطوا بالحجر الكريم و ويْليْقُوا بالنحاس…  في 84 مات المئات من أجل قطعة خبز وهاجرت القطط والكلاب بعد أن فشلت في العثور على مؤونتها في حاويات المزابل الفارغة، أمّا اليوم ونحن على مشارف 2010 وبإلقاء نظرة أمام كل بيت على »بِيدُون الزبلة » فستجد فيه التريليا والبوري والقرنبيط والكلمار و الشوباي و المسكاي والكروفيت والقنّارية والفول « تونسي فرشك مشو مصري » واللحم هبرة والبندق والفزدق والرّمان… في أواخر 87 كان الولد يقتل أبيه، والبنت تئد أمّها والتونسي يتربّص بالتونسي للقضاء عليه وما إن هلّ نوفمبر هذه السنة حتى روى لنا ثقات من معتمدية بوسالم أنّهم رأوا ذيبة تولّد في نعجة ثم تأخذ المولود في يدها وترضعه من صدرها وتلتفت إلى وليدها -ذَيبْ صْغَيِّر- وتقول له هذا علوش صغير خوك في الرضاعة ألعب عليه ورد بالك توجعوا راني نْتَتَيْكْ « قالتهالو بلهجة الذْيُوبَة »…  في 86 كان معدل الأعمار في تونس 30 سنة للرجال و 30 ونصف للنساء، وبعد مخطط دقيق وعمل دؤوب وصل معدل أعمار الرجال سنة 2004 إلى 100 سنة ومعدل أعمار النساء إلى 100 « وشْوَيْ »، لكن من المتوقع أن يشهد قفزة نوعيّة مذهلة خلال 2009 . ذكر أحد شهود العيان من أهل الثقة أنّه وفي ليلة 7 نوفمبر 1987 شاهد نور يخرج من القصبة ويغمر قرطاج ثم يشعّ على كامل الجمهورية ليتمدّد بعدها إلى كامل الوطن العربيّ والأمّة الإسلاميّة والإنسانيّة قاطبة، وأيّد ذلك عالم آثار يوناني حين قال أنّه قرأ إشارات من هذا القبيل في أشعار طاغور.. كما يروى عن عالم الإحياء الفرنسي أنّه استقرئ شيئا من هذا في ملامح بعض ألواح سلفادور دالي.. ونقلت وكالات الأنباء العالميّة عن فريق غوص فرنسي أنّهم وبينما كانوا يفحصون بقايا سفينة في الأعماق إذ بعروس البحر غاية في الجمال والسحر تخرج لهم وقد وُشِمَ على خدّها الأيمن رقم سبعة وعلى خدّها الأيسر رقم إحدى عشر،، لم يقف الأمر على هذا الحدّ بل أشارت بكلتا يديها نحو الضفة الأخرى للمتوسط حيث المغرب العربي والله أعلم ماذا كانت تقصد!!!  اللوحة الزاهية متواصلة حيث هاتفت ام احد المهجرين إبنها وطالبته بالعودة فورا لأن الأمن والأمان عم البلاد كانت تخاطبه ودموع الفرح تسبقها وهي تقول  » هيا يا وليدي إزرب روح الدنيا بخيروالشر تنحى من لبلاد رَانِي البَارِحْ أنا وعمتك سالمة شاقين هِنْدِي خالك التهامي تلفتنا على غفلة نلقوا دجاجة مادة رجليها وثعلب تْحَنِّي ليها وهموما وكيخ كيخ بالضحك  »  انتهى النصّ المقترح لكن لم تنتهِ الحكاية…حكاية الحلم بالحرّيّة والحياة المدنيّة السليمة والمؤسسات والاستقلالية… حكاية الآمال التي تهشّمت وتقزّمت واختزلت لتصبح رجاءا ..رجاءا يتيما عليلا موحشا …رجاءا موجها إلى أصحاب القرار أن كفّوا عن الفضائح فقد ذهب ماء وجهنا !!!. (المصدر: « كلمة » (محجوبة في تونس) بتاريخ في 21 أكتوبر 2009)  


تونس-انتخابات :بن علي في طريقه لاعادة انتخابه رئيسا لتونس


من طارق عمارة     تونس 22 أكتوبر تشرين الأول(رويترز) – يدلي التونسيون يوم الأحد المقبل بأصواتهم في انتخابات الرئاسة التي من المتوقع على نطاق واسع ان يفوز بها دون عناء الرئيس زين العابدين بن علي الذي يحكم البلاد منذ 22 عام وهو حليف وثيق للغرب في مكافحة الارهاب.   ويتهم نشطاء في مجال حقوق الانسان بن علي (73 عاما) بالتضييق على معارضيه وتشديد الرقابة على الصحافة لكن مؤيدوه يفتخرون بأنه جعل من البلد الواقع شمال افريقيا الاكثر رخاء وازدهارا واستقرارا سياسيا وأمنيا في المنطقة وتعهدوا باعادة انتخابه.   وتقول فتحية وهي ربة بيت عمرها 45 عاما لرويترز  » ببساطة الشخص الذي تعرفه خير من الذي لا تعرفه. »   وتغطي صور كبيرة وأخرى أصغر لبن علي الشارع الرئيسي بالعاصمة والعديد من المباني. وتنتشر لافتات تعدد انجازات بن علي وتدعو التونسيين لتجديد العهد معه.   وقال ايمن وهو شاب نال الاستاذية في اللغة العربية منذ ثلاثة أعوام ولا يزال حتى الان عاطلا عن العمل » صحيح انني عاطل لكن ليس هناك بديل لبن علي يمكن ان اثق فيه ليحل مشكلتي..ساصوت له ».   وتحصد تونس الثناء من اوروبا والولايات المتحدة لجهودها في مكافحة الارهاب وتشديد الخناق على المتشددين الاسلاميين في الداخل والخارج وخصوصا بعد تفجير معبد الغريبة اليهودي الذي خلف 21 قتيلا عام 2002.   وتجري بتونس ايضا يوم الاحد انتخابات برلمانية بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية.ويسيطر حزب التجمع الدستوري الحاكم على نسبة 80 بالمئة من مقاعد البرلمان البالغ عددها 189.     وأطلق بن علي حملته الانتخابية الاسبوع الماضي متعهدا بتوفير 450 الف موطن شغل وتقليص البطالة وتحقيق مستوى أفضل لمعدل الدخل الفردي بنسبة 40 بالمئة الذي هو بالفعل من بين أرفع المعدلات في افريقيا.   وقال « خلال الخماسية المقبلة لا اسرة تونسية دون شغل او مورد رزق لأحد افرادها على الاقل قبل 2014 ».   وتعهد بن علي بتوسيع الديمقراطية وقال « ستكون الفترة القادمة مرحلة دعم أكبر من الدولة للاحزاب السياسية ولصحافتها وصحافة الرأي بصورة عامة ».   ويحكم بن علي تونس منذ 1987 بعد اعلان عجز الرئيس السابق الحبيب بورقيبة عن اداء مهامه. وفاز بن علي في انتخابات التي جرت في 2004 بنسبة 94.4 بالمئة امام ثلاثة مرشحين.   وأعلن الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض -وهو أبرز حزب معارض في البلاد- مقاطعته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وقال انه يرفض أن يكون شاهد زور على انتخابات مزيفة ولا معنى لها.   كما استعبد المعارض مصطفي بن جعفر الامين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات من سباق الرئاسية.وبرر المجلس الدستوري -الذي ينظر في شرعية الترشحات- قرار استبعاده بأنه ليس منتخب من حزبه الا منذ أشهر قليلة.   ومن بين ثلاثة معارضين ليس لهم وزن كبير على الساحة السياسية في تونس ترشحوا للانتخابات الرئاسية يرى محللون ان أحمد ابراهيم زعيم حركة التجديد اليسارية الاكثر مصداقية وجرأة في منافسة بن علي.   وقال ابراهيم في حملته الدعائية انه مستعد لمناظرة تلفزيونية مع كل المترشحين بمن فيهم بن علي وتعهد باصلاح سياسي شامل.   وانتقد معارضون الظروف التي تجري فيها الحملة الانتخابية ووصفوها بأنها غير متكافئة وان كل الظروف فيها تخدم مرشح الحزب الحاكم.     وقال السياسي المستقل فتحي التوزي « لاشيء يوحي ان هناك انتخابات في البلاد.. ليس هناك اي حراك اعلامي مثلا. »   ويضيف « كان من المفروض ان تكون هذه الانتخابات مناسبة لاستعراض وعي ونضج التونسيين لكنها فرصة اخرى مهدورة ».   ويتمتع بن علي بتأييد فئات واسعة في البلاد ويرى كثيرون انه الاقدر على حل مشاكلهم وأبرزها البطالة هذا بالاضافة الى انه لايواجه منافسة شرسة على المنصب في غياب معارضين بارزين عن السباق.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 22 أكتوبر 2009 )


المستقلون: لأول مرة 15 قائمة في سباق التشريعية

 


تونس – الصباح: عقدت القائمات المستقلة  »من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية » صباح امس بتونس العاصمة ندوة صحفية بحضور اعضاء القائمات من مختلف الدوائر الانتخابية التي ترشحوا بها.   ونظمت هذه الندوة للتعريف بهذه القائمات وبرامجها ورصد مختلف انشطتها طيلة ايام الحملة الانتخابية المخصصة للانتخابات التشريعية المقررة ليوم 25 اكتوبر 2009 الجاري.   وأكد السيد نوفل الزيادي باسم القائمة ان مشاركة مجموعة الاشتراكيين اليساريين في السباق الانتخابي تاتي في سياق تدعيم اسس النظام الجمهوري والسعي لتطوير الحياة السياسية في تونس صيانة للمكاسب وتعزيزا لها   وشدد الزيادي على ان هذه المحطة الانتخابية يجب ان تدار من قبل كفاءات ونخب وطنية دون غيرها، واعتبر ان برنامجهم اصلاحي تقدمي ويعتمد على الواقعية وتنسيب الامور دون انزالات ولا تقييمات متذبذبة. وقدم كل من منير خير الدين رئيس قائمة منوبة ومنى الوسلاتي (رئيسة قائمة تونس 1) بعض نقاط برنامج القائمات المستقلة مؤكدين على دور القطاع العام المنفتح والذي يعطي الأولوية للكفاءات الوطنية مقاوما كل أشكال البيروقراطية مع التشجيع للقطاع الخاص خدمة للشعب اولا قبل رأس المال. وفي اجابة عن اسئلة  »الصباح » اوضح السيد نوفل الزيادي ان انسحابه ورفاقه من  »المبادرة الديموقراطية » كان طبيعيا نظرا لطبيعة الالتقاء الانتخابي الذي جمعهم دون ان يكون مبنيا على برنامج مجتمعي، وأكد رفضه لكل تدخل في شؤون مجموعة  »اليساريين الاشتراكيين » الداخلية واعتبرها مناقضة لقواعد العمل المشترك..   ومن ناحية أخرى نوه نوفل الزيادي بعمل المرصد الوطني للانتخابات الذي وصفه بالمتعاون والمنصف لكل المشاركين في هذا الاستحقاق مهما كانت احجامه.   اختلافات   وكانت القائمات المستقلة التي تحمل عنوان  »من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية  » قد تقدمت بمطالب الترشح للانتخابات التشريعية ضمن  12 دائرة انتخابية هي: تونس 1 وتونس ,2 اريانة، منوبة، نابل، الكاف، باجة، جندوبة، سليانة، القيروان، زغوان والقصرين تحصلت منها تسع على الوصول النهائية لتتمكن من خوض غمار المعركة الانتخابية سياسيا – بغض النظر عن امكانية التمثيل في مجلس النواب – حسب رايهم وذلك وفق القانون الانتخابي الحالي، بينما رفضت ثلاث وهي كل من قائمة زغوان، باجة وجندوبة وتقدمت قائمة جندوبة بطعن لدى المجلس الدستوري واجيب عنه بالرفض. وتقدمت هذه القائمات بــ63 مرشحا نهائيا، تمثلت فيها المرأة بنسبة 16% وضمت منى الوسلاتي كاصغر عنصر نسائي ترأس قائمة الشباب بنسبة 50%.   حراك للمستقلين   وقامت قائمات  »من اجل الديموقراطية والعدالة الاجتماعية » بحملات لتوزيع بياناتها الانتخابية وذلك انطلاقا من اليوم الاول للاسبوع الثاني من الحملة. كما بدات في تعليق معلقاتها في الأماكن المخصصة للغرض.   15 قائمة   وشهدت بقية القائمات المستقلة السبع الأخرى بما فيها القائمتان الحاملتان لعنوان  »الإصلاح والتنمية » عن دائرة تونس 1 برئاسة الدكتور فتحي التوزري  ودائرة زغوان برئاسة محمد الحبيب المستيري حراكا دؤوبا خلال الاسبوع الثاني من انطلاق الحملة، فتعقد قائمات  »الاصلاح والتنمية » ندوة صحفية اليوم لتقديم آخر مستجداتها وتحضيراتها للانتخابات التشريعية. وشهدت هذه الانتخابات رقما قياسيا في عدد القائمات المستقلة المشاركة في هذه المحطة حيث بلغت 15 قائمة مقابل وصول 7 قائمات في 6 دوائر للسباق الانتخابي في انتخابات .2004 وتعبر هذه المشاركة النشيطة عن المناخ الطيب الذي تدور فيه هذه الانتخابات، وعن تقدم الحياة السياسية في تونس وفسحها المجال لكل الأصوات حتى تقدم برامجها للشعب مترجمة المناخ الديمقراطي الذي تعيشه البلاد منذ عقدين.   أيمن الزمالي     (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 22 أكتوبر 2009 )  


تونـــــــــس فوقكــــــــــم جميعــــــــــا

بقلم: رضا الملولي   يكون يوم 25 أكتوبر القادم يومًا وطنيًا بأتم معنى الكلمة حيث يجسم التونسيون إحساسهم الرفيع بالمواطنة وسيختارون الأجدر والأقدر على صيانة مكاسب البلاد بعيدًا عن الشعارات الجوفاء وانعدام البرامج الواقعية. هذه المواطنة التي ضحى من أجلها الشهداء، وفي سبيل تجسيمها تم الزج بعدد لا يستهان به من التونسيين داخل السجون في عهد الحزب الواحد والرأي الواحد.   وفي زمن تناسخ النعاج هذا، نرى اليوم من يسعى إلى العبث بهذه المواطنة وعدم إيلائها المكانة التي تستحق والأمثلة على ذلك عديدة منها الاجتماع ـ الفضيحة المنعقد مؤخرًا في باريس والذي تم وضعه تحت عنوان «المسألة التونسية»، وتخيلوا إلى ماذا يرمز العنوان وما يستحضره الضمير الجمعي من إحالات على الاستعمار وأذنابه المحليين. وبصرف النظر عن النوايا الطيبة للمنظمين، وهم من الطلبة التونسيين، فإن علاقتهم بالواقع التونسي ليست متينة وربما كان تأثير من اختار الاستيطان بفرنسا على هولاء أشد من الانتساب إلى أرض معلومة هي الأرض التونسية.   ما يهمني بدرجة أولى، رمزية مكان الاجتماع (باريس أي المستعمر القديم) وكأن الاختلاف بين التونسيين لا بد له من بصمة فرنسية إضافة إلى عدم قدرة من حضر مثل المترشحين المزعومين للرئاسة (الشابي وبن جعفر) على تقديم الإضافة المطلوبة والإقناع المطلوب على المستويين القانوني والسياسي.   وداخل مدرّج لا يتجاوز عدد الحاضرين فيه الخمسين نفرًا، استمعنا إلى سمفونية مشروخة، كلها نشاز وزادها إمتاعًا حضور أحد عتاة النهضويين (نسبة إلى الأصوليين) ممّن آثر التشبع بالقيم الغربية على طريقته الخاصة.   غالبية الحاضرين من طلبة العلوم السياسية مع حضور بارز (لفيجيل) فرنسيين، الأكيد لحماية المبنى من بعض الحاضرين داخله.   والسؤال الملح في هذه الحالة هو طبيعة الحركة التي يؤديها بعض المنتمين للمجتمع السياسي والذين يقدمون أنفسهم باستمرار كحماة للديمقراطية وحقوق الإنسان ووفق أي منظور يريدون تبليغ أصواتهم والتعبير عن اختلافهم مع السائد أو رفضهم الجذري له؟   لقد أثبتت الوقائع ومنذ سنوات أن الحريصين على التبجح بأنهم حماة الحقوق الإنسانية والمدافعون بشراسة عن الحريات الفردية والعامة، هم أول المنكلين بهذه الحقوق، بل إنهم داسوا على الفهم السليم للاختلاف وخربوا منظمات من الداخل عندما اعتبروها «قلاعًا محررة» والحال أنها «كعكة» تم اقتسامها بين النّحل الحزبية. والأمرّ من ذلك تحالفهم المشبوه مع دعاة الدولة الدينية من خلال هيئة شبيهة بهيئة علماء المسلمين. الفرق الوحيد بين الهيئتين أن الواحدة منهما تقع بين 17 و19 أكتوبر، ولأصحابها لحيّ مستعارة داخل جيوبهم، والثانية لحيّ أصحابها بارزة وقد احتكروا الفتوى باسم الدين وحوّلوه إلى أداة للتكفير وهو منهم أرحم وأنبل.   ومنذ يومين فقط، تجسّمت غرابة أخرى أمام عينيّ عندما استمعت إلى مناضلي آخر زمن، بصدد تشويه منجز بلادهم لإعلاميين غربيين دون وجاهة سياسية أو أخلاقية تذكر. فما الذي يجمع بين الطائفتين، الباريسية والمحلية؟   تعيش الطائفتان على وقع أوهام استبدال الوضع السياسي الحالي بضغوط خارجية، ويتوخّون في سبيل ذلك أرذل الطرق والأساليب بما فيها المسّ بالمصالح الحيوية لتونس. ألم يذكّر أحدهم (مترشح مزعوم للرئاسة) الأمريكان وأثناء قمة المعلومات التاريخية لسنة 2005 بوجوب إدراج تونس ضمن محور الشر وهو خاضع لقانون الأحزاب التونسي لا الأمريكي؟   ألم تدعو «ستّ الرياح» ذات الغنج والدلال خصوصًا عندما تتكلم بلكنة فيها من التذلل الشيء الكثير إلى مقاطعة السياحة التونسية لا الألمانية؟   فتحت غطاء الحقوق وطبيعتها الكونية، وأمام عجزها عن مواجهة الاختيارات التي تدعي معارضتها نتيجة ضمورها، تسعى بعض الفئات إلى تأليب أطراف خارجية على بلدانها بدءًا من السفارات وصولاً إلى التقارير والأخبار المدسوسة في أروقة بعض المنظمات الدولية التي حادت عن وظيفتها الطبيعية وتحولت إلى وكر للمزايدات السياسية دون إدراك لطبيعة الاختلاف وحدوده وأخلاقياته.   وأمام هذا الانخرام في سلم القيم، الوطنية منها بالخصوص أصبح الفرز ضروريًا بل واجبًا بين من ينتسبون إلى تونس روحًا وتصميمًا، حسًا ومعنى على حد عبارة ابن أبي الضياف وبين المتذيلين للأجنبي على جميع الأصعدة: اختيارات وتمويلات وأشكال إقامة ومهمات مشبوهة. لقد تحولت هذه العناصر إلى بيادق في إطار لعبة دولية واضحة المعالم، الغرض منها سلب استقلالية القرار الوطني الذي يعني في عرف هؤلاء الوصاية والاستقلال الشكلي باسم الخضوع للمعايير الدولية.   وعندما تستمع إلى بعض النماذج البشرية تكتشف بؤس الشعارات الجوفاء البعيدة عن الفعل والتأثير وطنيًا ولا يمكن أن يقبلها الناخب التونسي، فكيف بإمكانها أن تؤثر كونيًا في زمن التنافس وإثبات الذات؟   إن تونس فوقكم جميعًا، ومستقبلها لا يمكن أن ينحت بغير سواعد أبنائها وبناتها، وسيظل إيماننا بهذه الأرض معادلاً، موضوعيًا، لوجودنا برمته   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 22 أكتوبر 2009 )  


في رد من السفارة التونسية بالدوحة: توقيف صحيفة «الطريق الجديد» تكريس للشفافية


الدوحة – العرب  تلقت «العرب» رداً من السفارة التونسية بالدوحة حول موضوع «تونس: حركة التجديد تصر على المشاركة وترفض تضييقات السلطة»، المنشور بتاريخ 15/10/2009، والذي قالت السفارة التونسية إنه «تضمن جملة من المغالطات والادعاءات المرفوضة»، موضحة ما يلي: – أنه لا مجال في تونس للحديث عن تضييقات على أنشطة الأحزاب السياسية المعترف بها، باعتبار أن مسار الديمقراطية والتعددية الحزبية في تونس يستند إلى إرادة سياسية ثابتة لا رجعة فيها، فضلا عن وجود الضمانات القانونية الكفيلة بتوفير مناخ سياسي حر وتعددي. – أن حرية التعبير في تونس واقع قائم يكفله الدستور والقوانين ولا وجود لمحظورات فيما يتناوله الإعلام إلا ما يتنافى مع ضوابط القانون وأخلاقيات المهنة. – أما في ما يتعلق بحجز العدد 149 من صحيفة «الطريق الجديد» الناطقة باسم حركة التجديد، فقد جاء في رد السفارة أن ذلك تم بالاستناد إلى أحكام القانون، على إثر قيام المشرفين على الصحيفة بنشر البيان الانتخابي لمرشح الحركة قبل الآجال المنصوص عليها. فكان حجز العدد -تضيف السفارة- تكريساً للشفافية وترسيخاً لمبدأ المساواة بين مختلف الأحزاب السياسية التونسية المتنافسة في الانتخابات.
(المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 أكتوبر 2009)



حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 119 – 22 أكتوبر 2009

 


البطاقات الانتخابية: اصدرت وزارة الداخلية والتنمية المحلية بيانا تعلم فيه المواطنين المسجلين بالقوائم الانتخابية والذين لم تصلهم بطاقاتهم أنّ بامكانهم الحصول على تلك البطاقات يوم الاقتراع 25 أكتوبر في مقرّ البلدية او العمادة. المرصد: استقبل مرصد الانتخابات الذي يرأسه الاستاذ عبد الوهاب الباهي يوم الاربعاء 20 أكتوبر عددا من مراسلي الصحف الاجنبية الذين سيغطون الانتخابات يوم الأحد 25 أكتوبر. حملة نشيطة: في اطار الحملة الانتخابية للاستحقاقات التشريعية والرئاسية، يقوم مناضلو المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدّم وانصارها بتوزيع البيان الانتخابي بعشرات الآلاف من النسخ في عديد المدن التونسية مثل تونس وصفاقس وسوسة وسبيطلة ونابل والحمامات وبني خلاد واريانة والمهدية والقصرين وقفصة وأم العرايس وقبلي ودوز وسوق الاحد وتوزر وقابس وسليانة وجندوبة وباجة وزغوان ومارث وجرجيس والنفيضة وقرمبالية والمروج وحمام الانف وبن عروس… ملاحظون: كان يوم امس الاربعاء 21 أكتوبر آخر يوم لتقديم قوائم الملاحظين في مكاتب الاقتراع. ولقد نشط انصار المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدّم لتقديم القوائم في مختلف ولايات البلاد لضمان شفافية عملية الاقتراع. سبيطلة: في اطار الحملة الانتخابية للرئاسية، انعقد اجتماع بدار الثقافة بسيطلة حضره الاستاذ أحمد ابراهيم مرشح المبادرة للرئاسية واعضاء القائمة للتتشريعية بالدائرة التي يترأسها السيد حمادي الغيلاني، كما حضر الاجتماع الرفيق محمد جمور عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ. وتجدر الاشارة إلى أن مجموعة من العناصر المنفلتة حاولت التشويش على المجتمعين  كما حاولت افشال الجلسة واقناع المواطنين بالعدول عن الحضور. بن عروس: في اطار الحملة الانتخابية للتشريعية، انعقد يوم الثلاثاء 20 أكتوبر اجتماع بدار الثقافة ببن عروس حضره كامل اعضاء القائمة الانتخابية بالدائرة والتي يترأسها الرفيق محسن الخلفاوي. وكان الحضور كبيرا. وافتتح المهرجان الانتخابي بالقاء قصائد للشاعر سليم ساسي. وترأس الاجتماع الناشطة السياسية السيدة وسيلة العياشي وعضو مجلس النواب عن حركة التجديد السيد عادل الشاوش والرفيق عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ. وتحدث رؤساء الجلسة عن الوضع العام وعن اهداف الحملة الانتخابية. واختتمت الجلسة بتدخل رئيس القائمة بالجهة الرفيق محسن الخلفاوي الذي تطرّق إلى مشاغل عمال الولاية ومواطنيها وقدّم اقتراحات ملموسة لحلّ تلك المشاكل. جرجيس: في اطار الحملة الانتخابية للرئاسية، انعقد يوم أمس الاربعاء 21 أكتوبر اجتماع بدار الثقافة بالجهة بحضور الاستاذ أحمد ابراهيم مرشح المبادرة للرئاسية والرفيق محمد جمور عضو الهيئة التأسيسية لحزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ والسيد أحمد الورشفاني رئيس قائمة مدنين التي وقع اسقاطها. سليمان: في اطار الحملة الانتخابية للتشريعية، عقدت قائمة المبادرة بدائرة نابل التي يترأسها الرفيق محمد العقربي اجتماعا يوم الاربعاء 21 أكتوبر بقاعة الحفلات بسليمان حضره جل اعضاء القائمة كما حضره عضو مجلس النواب عن حركة التجديد السيد عادل الشاوش والرفيق عبد الرزاق الهمامي رئيس الهيئة التأسيسية لحزب العمل. وتدخل إلى جانب رئيس القائمة الاعضاء السادة مطير العوني وعبد الفتاح الدربلي والرفيقة فوزية الهمامي. أريانة: في اطار الحملة الانتخابية للتشريعية، عقدت قائمة المبادرة بدائرة أريانة اجتماعا يوم الاربعاء 21 أكتوبر بالمكنبة السمعية البصرية بالجهة. سوسة: ينتظم مهرجان انتخابي اليوم الخميس 22 اكتوبر على الساعة الخامسة والنصف مساء بالمركب الثقافي بسوسة، وذلك بحضور الاستاذ أحمد ابراهيم واعضاء قائمة الدائرة ومن ضمنهم الرفيق سمير بالريانة. وسيفتتح المهرجان بفقرة ثقافية يشارك فيها الشاعران المنصف الوهايبي ومحمد الصغير اولاد حمد والفنانة امال الحمروني والفنان رضا الشمك. تونس: تتختم الحملة الانتخابية يوم الجمعة 24 أكتوبر بدار الثقافة ابن رشيق. البرنامج يحتوي على جانب شعري وموسيقي وعلى تدخلات لمكونات المبادرة وعلى خطاب للاستاذ أحمد ابراهيم. تونس- فلسطين: بحث السفير سلمان الهرفي سفير فلسطين بتونس يوم الاثنين الماضي مع وزير الشباب والرياضة التونسي  خلال اجتماع بمقر الوزارة في العاصمة التونسية السبل الكفيلة بتعزيز التعاون في قطاعات الرياضة والشباب. وقال الهرفي لـ’وفا’ عقب الاجتماع إنه سلم الوزير التونسي رسالة خطية من اللواء جبريل الرجوب رئيس اللجنة الاولمبية الفلسطينية ورئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني، تتضمن دعوة الفريق الأولمبي التونسي لخوض مباراة في كرة القدم أمام شقيقه الفلسطيني خلال شهر نوفمبر القادم .وأوضح الهرفي أن الوزير التونسي وافق على تلبية الدعوة للمنتخب الأولمبي التونسي. عن وكالة الانباء الفلسطينية. 19 أكتوبر 2009. تونس، صابة الحبوب: وصفت اوساط حكومية محاصيل الحبوب التي خلال الموسم الزراعي 2008-2009 بأنها «قياسية»، باعتبارها ثالث أعلى مستوى محاصيل تحققه البلاد بعد موسمي عامي 1996و2003. ونقلت الإذاعة التونسية عن وزير الفلاحة والموارد المائية إن حجم محاصيل تونس من الحبوب خلال الموسم الزراعي الماضي، بلغ 25.4 مليون قنطار (2.54 مليون طن)، في مقابل 11.88 مليون الموسم السبق. وتتوزع أهم محاصيل الحبوب على 654.7 ألف طن من القمح الصلب، و158.6 ألف من القمح اللين، و277.1 ألف طن شعيرا .وعلى رغم هذا الارتفاع في المحاصيل، تبقي تونس من أكبر مستوردي الحبوب في شمال إفريقيا، لا سيما أن حجم هذه المحاصيل يساهم في تغطية 47 في المئة فقط من إجمالي حاجات تونس الاستهلاكية للحبوب خلال السنة الحالية. عن – يو بي أي- العالم، المهاجرون: أكدت الأمم المتحدة أن المهاجرين العاملين هم مصدر فائدة ومكاسب للدول التي يقصدونها وتلك التي يفدون منها، وأن الإنطباع الشائع بأنهم يمثلون أعباء سلبية علي المجتمعات التي تستقبلهم مبالغ فيه وغالبا لا أساس له من الصحة. جاء هذا في آخر تقرير التنمية البشرية لعام 2009 الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي يشير أساسا إلي أن التنمية البشرية من شأنها أن تحقق مكاسبا كبيرة من خلال رفع الحواجز المفروضة علي حركة تنقل المهاجرين العاملين.. عن موقع آي بي إس. قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE  للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها   http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ


بسم الله الرحمن الرحيم  أفكار عن العودة والتسامح


شغلني في الأسابيع الماضية التي أعقبت عودتي من تونس خلال الصائفة المنصرمة,  صوارف العمل وبعض الأنشطة الدعوية والاهتمامات الأسرية، عن التواصل مع الملاحظات التي أثارتها عودتي وانطباعاتي التي أدليت بها لبعض  المواقع الإخبارية  التونسية،في الداخل والخارج ولكني مع ذلك كنت أتابع  الكتابات التي وإن تباينت ,  ,فإنها تلتقي جميعا في سياق إحياء سنة الحوار الذي لايفسد للود قضية , والذي يمثل المحرك الأساسي والجوهري لأي تغيير منشود عندما زارني الأخ عبد الحميد العداسي واقترح علي بطلب من ادارة الحوار نت  مشكورة اجراء حوار حول الرحلة التي قمت بها الى تونس، ترددت في بداية الأمر وخشيت من تأ ويلات قرأت بعض تفاصيلها في التعليقات المنشورة عقب الحوار, لكنني غلبت رأي التجاوب مع  طلب اجراء الحوار ليس بهدف  الاشادة بجهة ما, وإنما بغاية فتح نقاش جدي عن ايجابيات العودة إلى الوطن وإزالة ما علق بهذا الملف من أفكار تبين لي أن أغلبها محض تخيلات ونظريات أبدعها خيال بعضه غربي وبعضه الآخر مرضي أفرزته طموحات السياسيين التي لا يقدر على مجاراتها أمثالي من عامة الناس. لقد راعني وأنا أخط أولى خطواتي على أرض مطار قرطاج الدولي وجوه لم أعرفها من قبل, مكتنزة بالنشاط والحيوية وتعلو شفاهها ابتسامات صادقة اشتقت اليها منذ سنوات طويلة, فلقد لفت انتباهي وأنا بصدد اتمام إجراءات الدخول الروتنية رجل يتوكأ على عصاه وهو يتجه نحوي بابتسامة عريضة مرددا عبارات الترحيب التقليدية التونسية، صافحني بحرارة، وكنت أجتهد في معرفة الصوت الذي طالما سمعته عبر الهاتف، إنه الدكتور الصحبي العمري الذي أراه لأول مرة, كانت مفاجأة سارة ومؤلمة, سارة لأني وجدت رجلا يحمل من قيم الرجولة والشهامة الكثير, ومؤلمة لأني ما كنت أعلم أنه سيأتيني متكئا على عصاه بعد أن فقد إحدى رجليه, عانقته بشوق كما لو أني أعرفه منذ سنوات طويلة,  فقد جرت بيننا اتصالات هاتفية قبل العودة سهل لي فيها هذا اللقاء ,ثم  ألتفت إلى أخي وصديقي الدكتور مختار زغدود الذي كان الى جانب الدكتور الصحبي بابتسامته المعهودة التي لم تغيبها المسافة التي قطعها من بنقردان بالطائرة  إلى تونس لاستقبالي، فعانقته عناق المحب العائد الى وطنه بعد طول غياب   مرت إجراءات الدخول وخرجت بصحبة الأخوين لأجد نفسي ضمن حشد عائلي وأصدقاء واحباء لم أستفق من نشوته الا بعد أن عدت الى الدنمارك, ونقلت اليكم بعضا مما خالجني من مشاعر وأحاسيس وتصورات عن تلك الرحلة. لقد فوجئت بكم التعليقات, والذي فاجأني أكثر أن جلها لم يبرح متردم الجدالات الكلاسيكية القديمة التي يفتش أغلبها في باطن القول  دون ظاهره, عللت النفس  بأن جزءا من أسباب تركيز بعض الأخوة على الخفي من القول دون ظاهره وتقديم سوء الظن على حسنه, يعود الى التربية القديمة, تربية السرية, وانتظرت لعلي أجد من القول ما يغري بالاستبشار, لكنني لم أجد ذلك الا لماما من بعض المنصفين, فأنا العبد الضعيف والفقير الى ربه لم أطلق على نفسي صفة الداعية ولا الشيخ ولم أطلب من أحد أن يمنحني هذا اللقب, ولذلك استأت لأن النقاش انحرف الى غير المأمول منه، وانصرف للتنقيب عن خصائص الشيخ وميزاته ومقارنة ذلك بما يعرفه البعض عني. ولقد كفاني الأخوان الفاضلان محمد العماري وعبد الحميد العداسي شر الاستمرار في تبرئة نفسي من هذه الصفة, ولذلك سأركز بعد الشكر والتقدير والثناء على كل من تجشم متابعة الحوار على النقاط التالية   1-  انني ممتن لكل من ساهم  في تهيئة مناخ العودة لي ولأمثالي, وإني أدعو الله سبحانه وتعالى في السر والعلن  أن يرزق كل هؤلاء ما يستحقونه  من المغفرة والثواب,كما أبتهل له عز وجل بأن يطال فتح باب العودة كل المغتربين من أبناء بلدي, أيا كانت أسباب غربتهم, فالغربة عن الأهل والأوطان نار لا يرضاها مسلم لمسلم   2 – ان شاء الله العهدة المقبلة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ترسخ  مفهوم فتح باب العودة للجميع  لتحقق خطوة كهذه  وحدة وطنية يعيش تحت ظلالها كل المواطنين بدون استثناء, وما ذلك على الله بعزيز . 3- لقد سرني أن الانتماء العربي والاسلامي لتونس هو أبرز المظاهر التي تلفت انتباه الزائرين, فالحجاب الاسلامي في أزهى حلله يزين شوارع الخضراء, والمساجد ممتلئة بشباب لم تغره مظاهر الحداثة المزيفة ولادعوات نظريات المادية الملحدة بقدر ما استهوت فطرته آيات الذكر الحكيم, وظلاله الوارفة, فقد امتلأت المساجد بمرتاديها من كافة الاعمار, ثم  ينشغلون بعد ذلك بتدبير شؤون حياتهم وتأمين لقة عيش كريمة بدأت تعز على القادرين من الناس في هذه السنوات العجاف من عمر الازمة المالية ضمن هذه الاجواء المتناغمة
4 بدأت أصوات   المعارضة لأي تسامح تخفت, فقد زارني ببيتي بمكثر رجال من كل طبقات المجتمع ولم ألحظ لدى أي منهم أي توجس أو خوف من الحديث الى رجل ذولحية ولايخشى من ارتياد المساجد, ولذلك راعني ما قرأته لإحدى دعاة الحداثة والتنوير والدمقرطة التونسيين في الغرب عندما أعلن صراحة وبدون خجل عن ضيقه بمساحة التسامح التي مضى فيها الرئيس بن علي وحذر من تحالف بينه وبعض الاسلاميين العائدين, أقول راعتني المخاوف التي أعرب عنها الناشط السياسي التونسي خميس الشماري في حوار له مع صحيفة اللموند الفرنسية لأنه نسي  وهو يخاطب الغرب عن مخاوفه من ضياع الدولة الحديثة في تونس, أن التونسيين لم يعرفونه الا في وسائل إعلام امتلكها الإسلاميون أو أداروها، ولعلي هنا أذكر الشماري بفضل قناة المستقلة عليه يوم ان اوصد الغرب والحداثيون ابوابهم في وجهه  ولذلك   فنصيحتي الى الأستاذ خميس الشماري ومن هو على شاكلته في الخوف على تونس الدولة بأن يطمئن, لأن تونس للتونسيين جميعا لافرق بين جنوبي وشمالي ولاساحلي أو صحراوي الا بالمواطنة الصالحة والولاء لتونس وهويتها الوطنية العربية والاسلامية   5- لقد كنت حذرت في الحوار من أن نزعة  حاقدة يعز عليها أن يعود كل أبناء تونس الى ربوع وطنهم الخضراء بعد أن كللت غربتهم بالنجاح فهم دكاترة وكتاب واعلاميون ناجحون وأساتذة جامعيون وخبراء في مراكز الأبحاث الدولية من خيرة ما أنجبت تونس, يساهمون في نقل ما ينفع الناس لإقرار السلم والتسامح والتعايش والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، وهذا ما أعلمه عمن عرفته  من التونسيين الذين أعرفهم، وهو مستوى لا أعتقد أنه مدعاة للخوف لا من الأستاذ الشماري ولا ممن هم على منواله في التفكير والتخمين.   6- كلمتي الأخيرة أوجهها لأولئك الذين انبروا في انصافي والذود عن عرضي الأخوة رضا التونسي وعبد الحميد العداسي وسالم العرفاوي, وآخرين بأسماء مستعارة, ولا أنسى هنا كلمات أخي وصديقي محمد العماري الذي  تربطني به علاقة أخوة ومحبة ومن حين لآخر أتواصل معه عبر الهاتف فأستمتع بكلامه الذي يدر من بين ثناياه فهما  عميقا ورؤية ثاقبة تدل على ثقافة واسعة اكتسبها من تجارب الحياة, لهؤلاء جميعا أقول جزاكم الله خيرا وأكثر من أمثالكم, وأرجو أن ينسج الآخرون على منوالهم في فتح آفاق النقاش والحوار على ملفات أخرى بعيدا عن قراءة النوايا والسباحة في أوهام لا أعتقد أنها تفيد قضايا ابناء الجيل الثاني والثالث من التونسيين في الغرب, فتلك أولوية مطلقة في الحوار أولى من التشكيك في إرادة التسامح التي أبداها الرئيس بن علي منذ سنوات وصدقها العمل، ولو كان في التسامح والعودة تحقيق مقصد واحد من مقاصد الشرع التي وردت في الحديث القدسي: « أنا الرحمن، خلقت الرحم , وشققت لها إسما من إسمي من يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبته »، لكفاني خيرا.   والله من وراء القصد   عبد الحميد الحمدي – الدنمارك


بعد انعقاد الجلسة العامة التأسيسية: السداسية الأولى للسنة القادمة.. الانطلاق الفعلي لمصرف الزيتونة

 


 تونس ـ الصباح:  بدعوة من السيد محمد صخر الماطري مؤسس مصرف الزيتونة، اجتمع يوم أمس مساهمو البنك في جلسة عامة تأسيسية بضاحية قمرت. تم على إثرها تعيين المسيرين الاولين، وأعضاء مجلس الادارة.   وقد تضمن جدول أعمال الجلسة النظر أساسا، في المصادقة النهائية على الانظمة الاساسية، التثبت وإقرار سلامة بلاغ الاكتتاب وإيداع مجموع مبالغ الاسهم المكونة لرأس المال الاجتماعي، تسمية المسيرين الاولين، وتسمية مراقبي الحسابات، فضلا عن التحقق من عملية التأسيس النهائي للشركة.    ويقدر رأس مال مصرف الزيتونة عند الانطلاق بـ30 مليون دينار، وهو رأس مال يضمن له صلابة مالية معتبرة على اعتبار كفاءة المساهمين فيه والمتكونة من مجموعات خاصة تونسية على غرار، مجموعة برنساس الماطري هولدينغ، المؤسس والمساهم الرئيسي بأكثر من 51 بالمائة من رأس المال، مجموعة  »لاكارت » ـ مجموعة بولينا ـ مجموعة  »ت.ت.اس »  (TTS) ـ مجموعة دليس دانون ـ مجموعة اتيك (عليسة للتجارة والصناعة) ومجموعة بوشماوي.    كما عينت الجلسة العامة التأسيسية كمسيرين أولين، السيد محمد صخر الماطري، شركة برنساس هولدينغ ممثلة في السيد منصف الماطري، شركة بورتفايل للاستثمار (Portefeuille Invest)، والسادة حسين دغري، عبد الوهاب بن عياد، عزيز ميلاد، حمدي مدب، نبيل شايبي ورفيق بوشماوي.    كما تم تسمية مكتبي KPMG  وBAC، الاعضاء بجدول الخبراء المحاسبين للبلاد التونسية كمراقبي حسابات مصرف الزيتونة.    وقد عقد أول مجلس إدارة لمصرف الزيتونة اجتماعا في نفس اليوم وقرر تسمية السيد محمد صخر الماطري رئيس مجلس إدارة، والسيد محفوظ باروني في خطة مدير عام، والسيد وليد قوبعة مدير عام مساعد للمصرف.    وقال السيد محمد صخر الماطري رئيس مجلس الادارة في كلمة ألقاها بالمناسبة أمام المساهمين وأعضاء المجلس بخصوص الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية لخطة تطوير المصرف:  »إن هذا المشروع تأكيد لتوجهات رئيس الدولة زين العابدين بن علي والحكومة التونسية، في مجال دعم المنظومة المصرفية والمالية الوطنية، في اتجاه توفير حلول بنكية جديدة ومتطورة لفائدة عموم التونسيين، وتعزيز ومساندة المؤسسات والمستثمرين التونسيين والدوليين الذين اختاروا تونس لتطوير أنشطتهم. ومن هذا المنطلق فإن مصرف الزيتونة سيكون بنكا وطنيا، عصريا ومنفتحا على محيطه العالمي ».    وأوضح مؤسس مصرف الزيتونة، قائلا: » لقد زودنا هذا المشروع بكل أسباب النجاح وقمنا للغرض بالاستعانة بأفضل الخبرات الدولية والكفاءات الوطنية في المجالات المالية والبنكية وخاصة منها المختصة في ميدان المالية الاسلامية ».    قبل أن يضيف:  »يتوفر المشروع إذن على أفضل مقومات النجاح التي تضمن تقدمه بسرعة وبخطى ثابتة، لكن تحفز فرق العمل وتفانيهم تجعلنا واثقين ومطمأنين في نجاح مصرفنا ».    تجدر الاشارة إلى أن موعد إنطلاق عمل مصرف الزيتونة ـ الذي حاز على رخصة بنك شمولي يقع مقره الاجتماعي بمنطقة البحيرة 2 ـ مقرر خلال نهاية السداسية الاولى لسنة ,2010 علما انه تم وضع برنامج واسع لفتح فروع للبنك ستشمل في مرحلة اولى المدن الرئيسية للبلاد.    رفيق بن عبد الله   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس)  بتاريخ 22 أكتوبر 2009 )  

صهر الرئيس التونسي يؤسس اول مصرف اسلامي في تونس


تونس (ا ف ب) – انشأ فهد محمد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي زين العابدين بن علي اول مصرف اسلامي في تونس اطلق عليه اسم « الزيتونة » وصفه « بالبنك العصري المنفتح على العالم ».   ومن المتوقع ان يبدا المصرف الذي تساهم فيه « مجموعة برانسيس غروب » التي يتراسها الماطري ب 51 بالمئة العمل مطلع حزيران /يونيو 2010. ويبلغ راس مال البنك 25 مليون دولار ومقره في بحيرة تونس في الضاحية الشمالية للعاصمة.   واوضح الماطري (29 عاما) وهو رجل اعمال خلال الجلسة التاسيسية الاربعاء « ان مصرف الزيتونة سيكون وطنيا وعصريا ومنفتحا على محيطه العالمي »   واضاف « يسعى البنك الى دعم المنظومة المصرفية والمالية الوطنية لتوفير حلول بنكية جديدة ومتطورة وتعزيز ومساندة المؤسسات والمستثمرين التونسيين والدوليين » مؤكدا على ان « البنك استعان بخبرات دولية ومحلية في المجالات البنكية والمالية الاسلامية ».   ويملك الماطري 70 بالمئة من راسمال « دار الصباح » اعرق المؤسسات الصحافية الخاصة في تونس كما يملك منذ تشرين الاول/اكتوبر 2007 الحصة الاكبر في اذاعة « الزيتونة للقران الكريم ».   وتواجه تونس نشطاء اسلاميين. وكانت شهدت في كانون الاول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير 2007 اشتباكات دامية قرب العاصمة بين قوات الامن وعناصر متطرفة اسلامية تسللت من الجزائر.   (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية بتاريخ 22 اكتوبر 2009 )  


كتب التاريخ المدرسية وثقافة السلّم عن أي سلم يمكن أن نتحدث؟

 


عادل الثابتي     أتت الندوة العلمية الدولية التي دأب المعهد العالي لأصول الدين التابع لجامعة الزيتونة بتونس مؤسسة كونراد أدناور الألمانية _فرع تونس على تنظيمها سنويا ،تحت عنوان « الدين وثقافة السلم في العالم « . ولئن أتت هذه الندوة التي دارت أشغالها بتونس العاصمة أيم 6 و7 و8 أكتوبر 2009 ضمن السياق العالمي في عن السلم في زمن يتم فيه صرف مئات مليارات الدولارات على الحرب والغزو (العراق افغانستان فلسطين المحتلة..)، مما يجعل التساؤلات تطرح بقوّة حول أي إمكان للحديث عن السلم في زمن تُحْتَلُ فيه الأراضي العربية والإسلامية ؟ وهل أن المقصود بالأمر هو حديث عن استسلام وليس عن سلم ؟ فإن عديد المداخلات والتعليقات عكست هذه التساؤلات للحقيقة للعرب والمسلمين. ومن بينها المحاضرة التي ألقاها الأستاذ يحي الغول أستاذ التاريخ المعاصر بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس تحت عنوان  « كتب التاريخ بتونس وثقافة السلم « ، إذ طرح المحاضر عدة إشكاليات وتساؤلات حول تدريس هذه المادة في علاقة بموضوع السلم، وذلك بعد أن بيّن الأهداف التي رسمها المبرمج التونسي لتدريس هذه المادة، والتي لخصها المحاضر بقوله: إن من أهداف تدريس مادة التاريخ الأساسية تكوين المواطن القادر على بناء الحاضر والمستقبل والمعتز بانتمائه. وشدّد الأستاذ الغول على الموضوعية التي التزم بها إطار التدريس لمادة التاريخ في تونس .كما أعطى صورة واضحة عن التعاون التي تمّ على مستوى دولي لتبادل الخبرات والمعلومات حول تدريس هذه المادة ، ولكن هذا التعاون يطرح حسب المحاضر عدة إشكاليات . مراجعة البرامج في الشرق والغرب : سياسة المكيالين أيضا  : تحدث الأستاذ يحي الغول فيما يشبه النقد الذاتي للمؤرخين التونسيين الذي هو عنصر منهم عندما عن تبعية الباحثين التونسيين في مادة التاريخ للمدارس الغربية ومناهجها   وعن الصعوبات التي يواجهها الباحثون للتخلص من هذه التبعية .وتخلص فيما بعد للحديث عن المراجعات التي تتم لكتب التاريخ المدرسية في العالم ضمن سياق تشجيع السلم العالمي، ليؤكد أن كتب التاريخ المدرسية في دول الجنوب (الوطن العربي والعالم الإسلامي وغيرها من الدول …) تخضع للتقييم الدائم في حين أن مثل هذه الكتب في الغرب لا تخضع للتقييم، وتحافظ تقريبا على نفس التصورات التي تعكس حساسيات تاريخية متأثرة بحروب أوروبا. وشدّد الأستاذ الغول على أن كتب التاريخ في الغرب لم تتخلص من أفكار الاستعمار وخاصة تلك الأفكار المرتبطة بالثقافة العربية و الإسلامية، كما أن هذه الكتب لم تأخذ موقفا من قضية الاستعمار وهو ما يمثل عقبة كبيرة تجاه ثقافة السلم . خدمة ثقافة السلم في البرامج المدرسية لمادة التاريخ تمت على حساب الحقائق التاريخية  ؟ وبيّن الأستاذ يحي الغول أن دولة الاستقلال في تونس التزمت بخيار الإصلاح الذي بدأه الرواد منذ القرن التاسع عشر مع الإصلاحات العثمانية وإصلاحات خير الدين في تونس في التمييز بين الظاهرة الثقافية والظاهرة الاستعمارية أي بين تقدم الغرب التقني والعلمي وبين الاستعمار كعمل تمّ على حساب الشعوب. وأوضح أن كتب التاريخ في تونس لها أحكام علميّة حول إنجازات أوروبا وفيها كثير من التسامح في النظر للغزوات الأوروبية للعالم،تلك الغزورات التي تمت على حساب شعوب وحضارات والمثال الواضح هو حضارة الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين .واعتبر المحاضر الأستاذ الغول أنه مع تقدم البحث العلمي سكت الباحثون التونسيون عن عديد القضايا التاريخية  واعتبر ذلك خطأ، مستشهدا بقول لابن خلدون : « السكوت هو الغلط الخفي « .وهذه الأخطاء مسكوت عنها لخدمة ثقافة السلم التي أصبحت تخدم مثالية صورة الغرب عندنا. ويخلص الأستاذ الغول  إلى أن الأمر تحوّل إلى قلبٍ للحقائق، فعندما تقدم حملة نابليون على مصر على أنها كانت منطلقا لدفع فكرة الإصلاح فإن ذلك يؤدي إلى تكريس النظرية الاستعمارية القائمة على فكرة تفوق الرجل الأبيض ، في حين نجد في الغرب بحوثا تؤكد أن هذه الحملة كانت وراءها دوافع شخصية للقائد الفرنسي مثلما كانت فيها مصالح خاصة بدولة فرنسا. وعدّد  الأستاذ الغول المواضيع التي تسكت عنها  الكتب المدرسية  لمادة التاريخ في تونس في تونس مثل  مأساة الأندلسيين إبان حروب الاسترداد و مأساة الهنود الحمر في أمريكا خلال الاكتشافات الكبرى  والعنف الثوري وحروب الثورة الفرنسية وطابعها الدموي ودور الدبلوماسية الأوروبية وتحالفاتها في إضعاف الدولة العثمانية . ونبه الأستاذ يحي الغول  إلى أن الانسياق وراء هذه المقاربة في دعم « السلم  » من خلال برامج  مادة التاريخ قد يؤدي إلى السقوط في تحريف التاريخ  المؤدي إلى التبعية والانحياز للغرب، وهو ما أدى ببعض المؤرخين حسب الأستاذ الغول إلى تبني أفكار معاكسة للحقيقة التاريخية في عديد الأحداث الكبرى التي شهدتها الإنسانية، إذ اعتبروا التاريخ الغربي مستقلا عن الديانات فتم تجريد الحروب الصليبية من هذا البعد، و أشادوا بالدور الإيجابي للتوسع الاستعماري وخففوا من حجم العنف الذي واجه به الاستعمار الأهالي وأضاف الأستاذ الغول بأن فريقا من مؤرخينا فضلوا العامل الاقتصادي في تفسير الظاهرة الاستعمارية معتبرين الآمر يحتمه قانون توسع السوق . وخلص الأستاذ يحي الغول في نهاية محاضرته إلى أنّ مثل هذا التمشي في تدريس التاريخ الذي يتجاهل السلبيات  يضر بثقافة السلم الحقيقية لأن التاريخ الذي يبنى على الانحياز قد يرفضه النشء ويجعل الأجيال تتبنى خيارات أخرى قد لا تكون دائما في خدمة السلم الحقيقي في العالم. (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد121    بتاريخ 14 أكتوبر 2009 )

 » المقاصد الكليّة للشريعة الإسلامية  » نظرة جديدة تقدميّة متطورة وعميقة

بقلم د. الحبيب المخ )مفكر عربي من تونس
أقول ما قاله الفيلسوف أبيقور اليوناني ليس الكافر من يحتقر آلهة الجمهور إنما الكافر من يتبنى تصوّر الجمهور عن الآلهة. عن كتاب  » جدلية القرآن الكريم  » للدكتور خليل أحمد خليل المسلم. هذا اجتهاد حقيقي لأحد المثقفين العرب مسلم الدين من مصر العربية ستقوم بعرضه لأهميته الاجتهادية الجديدة يقول في مقدمته من خلال علاقتها التركيبيّة ببعضها البعض من جهة، ومن خلال علاقتها بنصوص العقيدة والأخلاق من جهة أخرى، والمقصود بالعلاقات التركيبيّة للنصوص التشريعيّة : علاقات الإجمال والبيان والعموم والخصوص والنسخ وغير ذلك. وهي علاقات الدلالة الشرعيّة. فما أُجْمِلَ في نصّ من النصوص يكون مبيّنا ومفصّلا في نصوص أخرى، وكذلك ما كانت دلالته عامة قد يكون هناك نص آخر يحوّله من العموم إلى الخصوص، وكذلك هناك ظاهرة النسج لتشريعات واستبدالها  بأخرى للتدّرج أو للتخفيف مراعاة لتبدّل الأحوال وتغيّر في الظروف. هكذا قال هذا المفكر العربي الإسلامي الجريء في مقدّمة ما ذكرناه ينتج من هذه القراءة العميقة الشديدة التأنّي فهما للأحكام التفصيليّة الشرعيّة ومن هذه ينتج استنباط المقاصد المعروفة بـ  » الكليّة  » شرعيّا. إنّه منهج يَصْعَدُ من الجزئي إلى الكلّي ومنها نهبط من الكلّي إلى الجزئي في محاولة لفهم الجزئيات الفقهية وربما تعديلها في ضوء الكليات المستنبطة منها. والعلاقة بين الكلّي والجزئي تكون تفاعليّة تتجاوز التراكم أي  » الجمع  » بالمعنى الرياضي للكلمة. 1-منهج علماء الأصل : هذه القراءة الخطيرة تؤصل منهجا في قراءة النصوص لا في النصوص الدينيّة فقط، لأن ذلك تحقق بالفعل ولكنه منهج يمتد إلى كلّ النصوص القانونيّة والفلسفية وحتى الأدبيّة. وفي النصوص الدينيّة هو استنباط الكليات من الجزئيات ثمّ إعادة تنزيل الكليات لفهم الجزئيات فهما جديدا وهذا المنهج قابل للإضافة مع تطوّر الوعي وأدوات المعرفة والبحث في مجال  » قراءة النصوص  » . وهذا هو الدافع اليوم لاقتراح مشروع قراءة جديدة لما يعرف بالمقاصد الكليّة للشريعة. وهذه القراءة تسترشد بالقراءة المنهجية لمنهج علماء أصول الدين ولكن في إطار هموم عصرنا الذي نعيش فيه ومشكلاته الحيّة التي نقف أمامها حائرين لا نعرف ما العمل؟ نحن نقصد وعي عربي إسلامي جديد لما نتعرض له من عقبات العصر. 2-كليّة النص القرآني: في هذه القراءة سيقع تجاوز ثنائية الجزئي والكلّي دون إغفالها تماما هي قراءة تحاول أن تتناول النص الديني الإسلامي في كليته ذلك النص الذي جزأته العلوم الدينية فانشغل « علم الأصول « بالأحكام والتشريعات،وانشغل « علم الكلام »بالعقيدة  وانشغل « التصوف » بالأخلاق وهكذا كل واحد انشغل بجانب من جوانب النص الديني، واقتراح هذا المفكر في قراءة هذه الجديدة يعتمد على إدراك ثلاث مبادئ جوهرية وأساسية بحيث يمكن اعتبارها هي  » الكليات  » التي تستوعب  » الجزئيات  » إلى جانب استيعابها  » المقاصد الكلية  » الخمسة المعروفة التي استنبطها علماؤنا السابقون من خلال قراءة عميقة ولكنها ليست نهائية بحكم تركيز الإسلام على الاجتهاد الذي أصبح كلمة تلاك على الألسن دون مضمون معاصر لها. إن ما يساوي بين البشر هو  » العقل  » الذي قال عنه المعتزلة  » أعدل الأشياء قسمة بين البشر » هذا الكلي الأوّل الأساسي المناقض للجهل و » الجاهليّة « . 3-الحريّة نقيض العبوديّة: هذا المبدأ الأساسي الثاني وهو نقيض العبودية وهو شديد الالتصاق بالعقل من حيث الدلالة، ذلك أن الإنسان الحر هو الإنسان العاقل لأن العقل مركز فعاليّة النشاط الإنساني، إن الإنسان المتعصب تحركه مبادئ خارجيّة في الفكر والسلوك هذا منشأ العبوديّة الحقيقي لأن العبوديّة الاجتماعيّة منشؤها نسق اجتماعي معين، إذا تغيّر انتفت العبوديّة. أما عبودية العقل فهي أشد خطرا لسيطرتها على  » جوهر  » إنسانية الإنسان وتحوله إلى مرتبة الحيوان. في تظل العبودية الاجتماعية أيا كان شكلها من الاقتصادي إلى السياسي عبودية خارجيّة . فالعقل ملتصق  بمفهوم  » الحرية  » والنصوص التي يمكن الاستشهاد بها لإثبات أن  » حرية الاختيار  » المطلقة  » حرية الدين  » ويتجاهل المدعين والأوصياء على الدين الإسلامي أن جمع  » عبد  » هو  » عبيد  » واستعمل في القرآن الكريم إلا في سياق محدد هو سياق نفي  » الظلم  » عن الله تعالى .آل عمران 182. الأنفال 51. الجمعة 10 . فصلت 46. ق/29 والاستخدام المتواتر في الاستخدام القرآني المتواتر هو الصيغة  » عباد  » لا  » عبيد  » . هذا مع تناسي  » الحب  » بين الله وعباده. وإن الدين احترم قوانين الواقع والتاريخ في إلغاء العبودية من النظام الاجتماعي وتجنب عدم المجازفة والدين الذي حرّم الخمر على مراحل والذي نسخ بعض الأحكام تماما أو استبدلها بأحكام أخرى جرى على  » سنين  »  » التاريخ  » وهي التي تمثل القوانين الكليّة التي عبّر عنها بـ  » سنة الله  » التي لن تجد لها تبديلا وأنتهم تعرفون النوافذ التي وضعها الإسلام للتحرير من العبودية ويمكن أن نقول إذن أن الإسلام جعل معيار  » القيمة  » معيارا مخالفا للسائد الاجتماعي . 4-العدل: صفة الله تعالى التي لا تقف حدودها عند نفي الظلم فقط    بل هي مبدأ  » كلّي  » للوجود الإنساني، ونحن نعرف أن المعتزلة في تأكيدهم على صفة  » العدل الإلاهي  » هو الذي أفضى بهم إلى تأصيل صفة التوحيد فكريا وفلسفيا. إنّ الله عادل لأنه ليس صاحب مصلحة ولا تلحقه الحاجة ولا المنفعة التي تدفع البشر إلى الظلم دفعا للضرر أو استجلابا للنفع. إن هذا  » الاستغناء  » المطلق هو جوهر مفهوم  » الوحدانية  » التي تميّز الوجود الإلاهي عن الوجود الإنساني وهو ذاته جوهر مفهوم  » العدل  » . هل بالغ الفقهاء حين قالوا حيث يوجد  » العدل  » توجد شريعة الله إلى آخر أقوال أخرى تهدم كل ظلم سياسي أو اقتصادي. فالعدل إذن مبدأ كلّي ثالث بالضرورة في الدين الإسلامي. فالعقل والحرية والعدل هي المقاصد الكليّة الخمس التي استنبطها علماء أصول الفقه السابقون حسب درجة وعيهم وقراءاتهم للعلوم الإنسانية . هذا ملخص ما أشرت إليه في كتابي للدكتوراه من كون القرآن يحتاج إلى قراءة عصرية ليست  » عصرية  » د. مصطفى محمود ومن لفّ لفّه من المتعسفين على القرآن .هذه قراءة قومي تقدمي وصل إليها من خلال البحث والمعاناة فهذا فهمنا للدين  الإسلامي لنخرج من القراءات والتفسيرات التافهة التي يدعيها كلّ مدّع أثيم من أنه فهم القرآن في ضوء تفسير قاموسي لغوي تجاوزته أحداث تطور العلوم الإنسانية في عصرنا وهي طريقها دائما للمزيد من الاكتشاف والتطور وكتبنا هذا بوضوح واختصار شديد مدنين في 25 سبتمبر 2009 (المصدر: صحيفة « مواطنون »، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد121    بتاريخ 14 أكتوبر 2009 )  


إيران والقنبلة النووية

توفيق المديني  
هناك إتفاق عام في واشنطن يقوم على عدم السماح لإيران بإمتلاك السلاح النووي. وقد رأينا مؤخرا كيف أن واشنطن وتل أبيب تخوضان الحرب النفسية ضد طهران. فإيران تريد القنبلة النووية، رغم أن قادة طهران أكدوا للمجتمع الدولي مرارا وتكرارا أن هدفهم من وراء تخصيب اليورانيوم، يتمثل في توظيف التكنولوجيا النووية لخدمة الأغراض السلمية، وأن نزاهتهم في هذا الشأن لا يجوز أن يرقى إليها شك من جانب الحكومات الغربية. وتكمن المسألة في معرفة « ماهو غير مقبول » حقا، من وجهة نظر أوروبية وأميركية، هل إن إيران تريد صنع القنبلة النووية؟ وهل إن المسألة تكمن في « تغيير النظام » الحاكم في طهران، أم في منع إنتشار الأسلحة النووية؟ لأنه لا يوجد أي حزب سياسي إيراني، ولا حتى المعارضة الملكية الموالية للشاه والقريبة جدا من واشنطن، تعارض إمتلاك إيران القنبلة النووية. وهناك شبه إجماع في المشهد السياسي الإيراني ـ الذي ليس هو أحاديا ـ على ضرورة إمتلاك إيران السلاح النووي. وهذا الأمر ليس جديدا. ففي زمن حكم الشاه، الحليف السابق للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل في آن معا، حقق هذا الأخير أولى خطواته نحو تطوير البرنامج النووي الإيراني في أواسط السبعينات، بفضل المساعدة العلمية والتكنولوجية التي قدمها له الكيان الصهيوني، الذي تلقى بدوره مساعدة كبيرة علمية وتكنولوجية من فرنسا مكنته من إمتلاك السلاح النووي. وبما أن إيران كانت تشكل قلعة حصينة وركيزة أساسية للإمبريالية الأميركية في المنطقة، لم تجد الولايات المتحدة الأميركية أي شيء تقوله في هذا المجال. ومنذ ذلك العهد بدأت الشكوك تنتاب مسؤولي الوكالة الدولية للطاقة النووية، رغم توقيع إيران على معاهدة عدم تطوير التكنولوجيا النووية لخدمة أغراض عسكرية منذ بداية السبعينات، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش من قبل المؤسسة الدولية. وجاءت الثورة الإسلامية في عام 1979 لتضع حدا للبرنامج النووي الذي طورته إيران مع فرنسا. وقد استبعد آية الله الخميني الخيار النووي العسكري، بوصفه خيارا لا يتماشى مع التعاليم الدين الإسلامي. الحرب العراقية ـ الإيرانية وضرورة التزود بالسلاح النووي بعد ثلاث سنوات من اندلاع الحرب العراقية ـ الإيرانية، التي تكبد فيها الجيش الإيراني خسائر كبيرة، في مواجهةجيش عراقي مجهز بأحدث الوسائل الحربية، ، غيّر النظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية رأيه. فقد أعادت الحرب العراقية ـ الإيرانية الطويلة (1980 ـ 1988) طرح البرنامج النووي الإيراني مجددا. فأمام الهجمات العراقية بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيماوية التي استخدمها نظام الرئيس صدام حسين المدعوم في ذلك الوقت من قبل فرنسا والولايات المتحدة الأميركة والإتحاد السوفياتي، تساءل الإيرانيون: لو كانوا يمتلكون القنبلة النووية، أو بداية السلاح النووي، لما استطاعوا ردع العراق من إستخدام الغازات… ومنذ العام 1984، أصبحت الوكالة الدولية للطاقة النووية تشك في إيران، لجهة معاودة تفعيل برنامجها النووي لإنتاج أسلحة نووية. هذا ما يوضحه لنا، الكاتب برونوتيترايس، المتخصص في مسائل الانتشار النووي، والباحث في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية، في كتابه الجديد، الذي يحمل العنوان التالي: » السوق السوداء للقنبلة »، حيث يكشف الطريق الذي سلكته إيران للتوصل إلى امتلاك التكنولوجيا لصنع القنبلة النووية، انطلاقا من السلسلة الباكستانية. يقول الكاتب: « حصلت المناقشات الأولى بين إيران وباكستان بداية من عام 1984. وتم التوقيع على اتفاق مبدئي بين البلدين في عام 1985. وفي شباط 1986، تم تقديم السيد عبد القدير خان (لمهندس الباكستاني وأب القنبلة النووية الباكستانية، والشخصية المركزية في الشبكة السرية لبيع التكنولوجيا النووية، التي استفادت منها على وجه الخصوص إيران ن وليبيا وكوريا الشمالية في عقد التسعينيات) إلى أحد المسؤولين الرئيسيين في الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد إسلامي. ويضيف المؤلف، أن العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان قام بزيارة لطهران في كانون الثاني 1987، بدعوة من الحكومة الإيرانية للمشاركة في ندوة علمية عالية المستوى في معهد أمير خبير. وكان الإيرانيون يريدون معرفة إن كانت المحطة النووية بوشاور يمكن أن تستخدم لصنع القنبلة النووية. غير أن عبد القدير خان اقترح عليهم أن يسلكوا طريقاً آخر للحصول على القنبلة، طرق تخصيب اليورانيوم. وقد توجت هذه اللقاءات باتفاق رسمي للتعاون بين الحكومتين في عام1987، وصادق عليه شخصيا الجنرال الراحل ضياء الحق رئيس باكستان آنذاك. ومنذ شهر أكتوبر من السنة عينها، أرسلت الوكالة الإيرانية للطاقة النووية « متدربين »إلى إسلام اباد لفترات طويلة. وكان خان في قلب هذا المشروع. ومع انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في صيف عام 1988، أصبح الإيرانيون أكثر تحمساً لتخصيص من الآن فصاعداً مزيداً من الأموال لبرنامجهم النووي. وجاء رحيل الإمام الخميني التي كانت له مواقف متناقضة حول المشروع النووي، ليزيل عقبة أمام تسريع البرنامج النووي الإيراني. وكان الرئيس الإيراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي انتخب في تموز 1989 رئيساً للبلاد من أكثر المتحمسين للبرنامج النووي الإيراني. ويقول المؤلف برونو، أنه من الجانب الباكستاني تعمق التعاون مع طهران بفضل الدعم الذي قدمه الجنرال بيغ، الذي صعد إلى مركز القائد العام للقوات البرية في آب 1988، عقب مقتل الجنرال ضياء الحق في حادث طائرة. وحاول الجنرال بيغ إقناع رئيسة الحكومة الباكستانية الراحلة بنازير بوتو التي استلمت السلطة في 2 كانون الأول 1988، بالسماح لتصدير التكنولوجيا النووية إلى الخارج ومن دون شك بعد موافقة الجنرال علي امتياز المستشار العسكري لبوتو، غير أن هذه الأخيرة رفضت ذلك. وهذا ما جعل القيادات العسكرية الباكستانية تتصرف من تلقاء نفسها، إذ وقعت هيئة أركان الجيش الباكستاني والحرس الثوري الإيراني اتفاقا مبدئيا للتعاون النووي الثنائي. وفي نهاية العام 1989، عقب انعقاد مؤتمر دولي في طهران، قال الرئيس رفسنجاني لبنازير بوتو المذهولة ـ لأنها لم تكن تعلم بأسرار الجنرال بيغ ـ أنه يدعم كليا تطبيق ذلك الاتفاق. وفي أواسط عام 1990، وأمام ضغط الرئيس رفسنجاني الذي أعطى موافقته للتعاون النووي بين إيران وباكستان، رفضت بنازير بوتو الموافقة على ذلك، فأجبرت على الاستقالة. ويضيف المؤلف قائلا: أنه مع تولي نواز شريف رئاسة الحكومة في شهر تشرين الثاني 1990، أُحِيطَ علماً بموضوع التعاون السري من قبل الجنرا ل بيغ، حيث كان نواز شريف معجبا بعبد القدير خان ومتحمسا للتعاون الاستراتيجي الكبير مع إيران… ومرة أخرى يتصرف الجنرال بمفردده ـ إذ يقترح على طهران عرضا شاملاً في ربيع 1991، يقضي مد إيران بمخططات الأسلحة ـ التي تمكن إيران من الوصول إلى صنع الأسلحة النووية ـ مقابل مبلغ خيالي يتراوح ما بين 10 إلى 12 مليار دولار حسب بعض المصادر. غير أن الرئيس الباكستاني غلام إسحاق خان مثله في ذلك مثل الرئيس ضياق الحق، كان لا يثق بإيران. وكانت القيادات الباكستانية محتارة بين التعمق في التعاون النووي مع طهران، وبين المحافظة على شراكتها الاستراتيجية مع الرياض. وعلى الرغم من ذلك، فإن عبد القدير خان المحمي من قبل رئيس هيئة اركان جيش البر بقيادة الجنرال بيغ، استمر في تقديم خدماته لطهران من أجل أن تحصل على التكنولوجيا المعقدة لتخصيب اليورانيوم، حيث وفرت له الحكومة إيرانية فيلا فاخرة على شاطئ بحر قزوين في شمال إيران، إضافة إلى المخصصات المالية التي تقدر بعشرات الملايين من الدولارات. وطبقاٌ للاتفاق الموقع في عام 1994، قدم خان مخططات غاية في الدقة تتعلق بأجهزة الطرد المركزي للإيرانيين. ويقول الكاتب غن العلاقات السرية بين باكستان وإيران في المجال النووي، لم تكن خافية عن اعين أجهزة الاستخبارات الغربية، لكن المشكلة انفجرت على مستوى عالمي، عندما عقد فريق من المعارضة الإيرانية مؤتمرا صحافيا في واشنطن يوم 14 آب 2004، لكي يقدم صورا ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تظهر منشآت نووية سرية في ناتنز وآراك. ويعتقد المؤلف أن هؤلاء المعارضين يعملون لصالح الاستخبارات الأميركية، التي كانت تعلم منذ سنوات عن حقيقة تلك المحطات السرية، ولا سيما محطة ناتانز التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بواسطة الطرادات المركزية. وكانت الحكومة الأميركية تعلم قبل ثلاث سنوات عن تلك المحطات النووية، لكنها لم تكشف ذلك بصورة علانية، لأنها لم ترد إحراج حكومة برويز مشرف: لأنها تعرف جيدا أن باكستان هي المصدر الرئيس لبرنامج تخصيب اليورانيوم في إيران. وما يؤكد هذه الحقيقة أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين زاروا محطة ناتانز في تشرين أول 2003، اكتشفوا أن الطرادات المركزية الإيرانية هي نسخة طبق الأصل للطرادات المركزية الباكستانية. الإجماع الوطني حول البرنامج النووي يتساءل المحللون في الغرب لماذا هذا الإجماع في إيران حول إمتلاك السلاح النووي؟ إن تطوير البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يذهل العديد من المراقبين، في ظل وجود كثافة سكانية في إيران بنحو 72 مليون نسمة، وإمتلاك البلاد ثروات نفطية وغازية هائلة. إن الجواب عن هذا التساؤل يعبر عنه الإيرانيون في حلقاتهم الخاصة على النحو التالي: من الناحية الجيوبوليتيكية إيران تجد نفسها بجوار قوتين نوويتين هما إسرائيل وباكستان. وفضلا عن ذلك، فإن إسقاط نظام الرئيس صدام حسين من قبل الولايات المتحدة الأميركية، بينما تستمر واشنطن في الوقت عينه محاورة كوريا الشمالية(القوة النووية السرية) في إطار المفاوضات السداسية ـ رغم أن الرئيس بوش صنفها ضمن دول « محور الشر »، بل دولة مارقة، ومعادية للولايات المتحدة الأميركية، ودولة موصوفة بالإرهاب، وتوتاليتارية، وتطور برامج أسلحة الدمار الشامل حيث أعلنت مؤخرا أنها تمتلك أسلحة نووية ـ هذه التطورات أقنعت القيادة الدينية والسياسية الإيرانية أن إمتلاك السلاح النووي هو الضمانة الحقيقية والوحيدة لتجنب الضربة الأميركية. لقد هاجمت الولايات المتحدة الأميركية العراق واحتلته بسبب عدم إمتلاكه قوة ردع سواء أكانت نووية أو سواها من أسلحة الدمار الشامل الأخرى، في حين أنها لم تهاجم كوريا الشمالية. ومن يتابع ردود الأفعال الأميركية على الإعلان الكوري الشمالي الأخير سوف يصاب بالدهشة، إذ أجمعت معظم التعليقات الأميركية على المطالبة بإستئناف المفاوضات السداسية، وفي الذهن أن مايحصل مجرد ابتزاز وأن رفع درجة الإغراء يمكنه أن يؤدي إلى تسوية. وقد لاتتأخر الولايات المتحدة في الإعلان أن حربها ضد الطغيان تقف عند السد النووي الكوري، وأن الشعار البديل الخاص بنشر الديمقراطية لن يطبق على كوريا الشمالية بسبب إمتلاكها السلاح النووي. في القماشة الخلفية للسياسة الإيرانية منذ سنوات السبعينات، ونظرا للإجماع الوطني الذي تثيره، تبرز إيران كقوة إقليمية معترف بهيمنتها. وأصبحت المطالبة بهذه الوضعية واحدة من عناصر الهوية الوطنية الإيرانية. إضافة إلى ذلك يجمع الطيف السياسي الإيراني على مسألة إمتلاك إيران السلاح النووي بوصفه ضمانة للإستقلال والإحترام والهيبة. ويقول الإيرانيون في مجالسهم الخاصة، أنظرو لباكستان. فهذا البلد الذي خلق تنظيم طالبان الأفغاني، والذي حمى وغذى تنظيم القاعدة، والذي لا يتوانى اليوم عن مكافحة الأصولية، هذا البلد يكاد لا يشار إليه حتى بالأصبع. هل تعرفون لماذا؟ لأنه يمتلك قوة ردع نووية. ويجمع المحللون الغربيون أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية مسألة أكثر تعقيدا من ذلك الهجوم الذي قادته « إسرائيل » لضرب المفاعل النووي العراقي « أوزيراك » في حزيران عام 1981. فتلك العملية تمت التهيئة لها في كنف السرية المطلقة، وفاجأت الجميع في العالم، أما العملية المقترحة ضد إيران فيتم الخوض فيها علنا وفي وضح النهار، ولا يمكن أن تفاجئ أحداً. وفضلا عن ذلك، المسافة التي قطعها الطيران الصهيوني للوصول إلى بغداد هي قصيرة نسبيا، والهدف يتمثل بمفاعل نووي واحد. أما المنشآت النووية الإيرانية، فهي موزعة على طول وعرض البلاد (وتقدر ما بين 30 إلى 50 موقعاً)، وهي بكل تأكيد محمية. وأخيرا، لم يكن عراق صدام حسين يمتلك أسلحة الردع الكافية التي تمتلكها إيران اليوم ـ ليست الأسلحة المباشرة فقط ـ وإنما من خلال تسخين حزب الله جبهة شمال فلسطين، وتكثيف دعمها للحركات الإسلامية الجهادية التي تقاتل إسرائيل، خاصة أن الصراع العربي الصهيوني، والإحتلال الأميركي للعراق، لهما إسقاطات مدمرة على بلدان الشرق الأوسط كلها. بيد أنه من السذاجة بمكان الإعتقاد، أن هذه الصعوبات، والأخطار المترتبة عنها، هما كافياتان لردع إسرائيل عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. فالقيادات الإسرائيلية لم تكن في يوم من الأيام تعير إهتماما لتهديدات الرأي العام الدولي، عندما تكون مقتنعة بأن ما تقوم به يخدم المصالح الحيوية للكيان الصهيوني. بيد أن المسألة الجوهرية تكمن في معرفة هل أن العملية العسكرية الصهيونية (او الأميركية) هي ملحة وضرورية، وخاصة مناسبة.؟ المناهضون للضربة العسكرية ولا تزال واشنطن غائصة بسبب تورطها الكبير في وحل المستنقع العراقي والأفغاني.. فهي تؤيد المفاوضات مع الإيرانيين بهدف التوصل إلى اتفاق ما يحول دون استمرار إيران في سعيها لصنع قنبلة نووية. وكانت الولايات المتحدة الأميركية وعت خطر البرنامج النووي الإيراني قبل سنوات. وهي تبحث اليوم عن تحديد إستراتيجية للتعامل مع هذا الخطر، مع العلم أن ترك الأمور تسير كماهي عليه ليس خيارا. ويرتكز موقف واشنطن على إفتراضين: الأول أن النظام الحالي مصمم على تطوير السلاح النووي، ولا يجوز أن يكون هناك وهم لدى المجموعة الدولية حول سياسة الإلتزام هذه.الثاني، هذا المشكل لا يمكن معالجته إلابالديبلوماسية، فإن لم تنجح فواسطة إحلال نظام عقوبات صارم يجبر إيران على التخلى عن البرنامج النووي، أو يجعله أقل تهديدا. إن آفاق رؤية إيران تمتلك القنبلة النووية اعتبرت « غير مقبولة » من قبل الغرب. كما أنها اعتبرت محفوفة بالمخاطر من جانب غالبية المتخصصين، سواء من المقربين من الحكومة الأميركية أم لا. ولا يعتقد المسؤول السابق عن الخليج في مجلس الأمن القومي في عهد إدارة كلينتون، والمتخصص السابق في الشؤون الإيرانية لدى وكالة المخابرات المركزية « سي.أي.إيه »، السيد كينيث بولاك، الذي يعمل الآن في مؤسسة بروكينغس، « أن السلاح النووي يحمل التعقل إلى طهران فجأة، كما يعتقد أولئك الذين تخلوا في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، عن منع إيران من إمتلاكه. بل على العكس من ذلك، فإن هذا البلد لين موقفه منذ ثماني سنوات، خشية من أن يتعرض لضربة عسكرية أميركية ولعقوبات إقتصادية. ومع إمتلاكه القنبلة النووية، لن يعود يخشى شيئا ». المراقبون الدوليون الذين يبدون تعاطفا قليلا مع إيران، ليسوا مع الخيار الأميركي الصهيوني. فهم يقولون إن « النظام الإيراني ظلامي »، بيد أن مسلكه السياسي الذي يحدده الواقع على الأرض، هو عقلاني. فإيران محاصرة من جميع الجهات من قبل دول تتمركز فيها قوات أميركية. ولا شك أن الحرب الأميركية على العراق قد زادت من مخاوف النظام الإيراني. المتشددون داخل القيادة الإيرانية يريدون أن تتصرف إيران كقوة إقليمية كبرى، وأن تلعب دورا مؤثرًا في المنطقة وفي الساحة الدولية، وأن تحولها إلى قوة نووية يعزز موقعها ويمنحها المزيد من القوة والاستقلالية. فبعد أن أصبحت إيران المستفيد الأول من سقوط عدويها اللدودين: نظام طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق، وبعد ان استفادت من عواقب السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، (رغم أنها فقدت كثيرا من رصيدها الأخلاقي في العالم الإسلامي جراء التقائها الموضوعي مع أميركا)، وبعد أن باتت لطهران اليوم التأثير الأكبر في العراق، إضافة إلى أن إيران تشكل الدولة الثانية المصدرة للنفط في الأوبك. ومن وجهة النظر الأميركية الخلاف مع إير ان يتعدى برنامجها النووي، إذ إنه من الصعب إيجاد أرضية مشتركة مع حكومة تعتقد أن إسرائيل يجب أن تزول وتساند حزب الله والمنظمات الفلسطينية المناهضة لمسيرة التسوية للصراع العربي ـ الصهيوني. لقدعمل برونوتيرترايس لمدة أكثر من عشر سنوات على الملف النووي الإيراني، واستطاع أن يحصل على الوثائق السرية والحساسة جداً وعلى شهادات رئيسية مرتبطة بهذا الملف النووي الإيراني. ومع صدور كتابه: »السوق السوداء للقنبلة »، فإنه يزيل الغطاء عن أسرار منع الانتشار النووي. وفي هذا الكتاب الغني جداً بالمعلومات، يتجاوز الواقع أحيانًا القصص الخيالية، إذ يشرح كيف أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية « سي.آي.إيه » نجحت في اختراق « شبكة عبد القدير خان » بعد أن أغمضت أعينها عن عمليات تهريب المخططات النووية الباكستانية لتخصيب اليورانيوم إلى إيران. إنه يقوم بوصف دقيق لتشعب المركب النووي الباكستاني، ويحلل بمرونة خطر الإرهاب النووي. [ الكتاب: LE MARCHE NOIR de la BOMBE [ الكاتب: BRUNO TERTRAIS [ الناشر: Buchet ـ Chastel,260p, septembre2009   (المصدر: جريدة المستقبل(يومية – لبنان) الخميس 22 تشرين الأول 2009 – العدد 3460 – ثقافة و فنون – صفحة 21)

 

Home – Accueil الرئيسية

 

أعداد أخرى مُتاحة

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.